ورقة بن نوفل وسمعان الشيخ وحنة النبية وعلماء الهيكل !
لا نزال نقرأ في كتب أعداء الإسلام , أن ورقة بن نوفل وكذا الراهب بحيرا توليا أمر النبي عليه الصلاة والسلام وعلماه القراءة والكتابة , وصاغا له القرآن الكريم , بالرغم من أنهما ماتا قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم بعشرات السنين !
كما اتفقت كل كتب السيرة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلتق بورقة أو بحيرا في يوم من الأيام غير الذي ذكر في صحيح سيرته صلى الله عليه وسلم .
لكن قساوسة النصارى لا يزالون يصرون على تعلم النبي عليه الصلاة والسلام على يد ورقة وبحيرا وغيرهم ممن أشارت كتب السيرة النبوية إلى شيء من ذكرهم كدليل من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم .
وإذا سألت أي قسيس عن حقيقة دعواه يقول لك : إن هذا ثابت عن طريق العقل , لأن ورقة كان صاحب علم كما أشار البخاري في صحيحه , وكذا بحيرا فهو راهب على قدر كبير من العلم , وقد ثبت إلتقاء نبيكم بهما في كتب السيرة , فعلم من ذلك أنه تعلم منهما ولازمهما , حتى وإن لم يكن ذلك في كتب السيرة !
إن لكل نبي إرهاصات وبشارت قبل دعوته ومبعثه , وهذا ما نعتقده , وقد كان هذا مع النبي عليه الصلاة والسلام , عندما أخبر بحيرا الراهب وكذا ورقة بن نوفل وكذا صاحب عمورية في قصة إسلام سلمان الفارسي بمبعثه صلى الله عليه وسلم ونبوته العالمية , مصداقا لقول الله عز وجل : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الأحقاف10.
لكن النصارى كعادتهم يكيلون بمكيالين !
من اليسير جدا , أن نثبت أن يسوع تعلم من البشر , وأول هؤلاء البشر هو سمعان الشيخ الذي إلتصق به يسوع منذ نعومة أظفاره , فعلمه القراءة والكتابة والنقل من العهد القديم , فصاغ له الأناجيل , ولهذا كثرت إقتباسات الأناجيل من العهد القديم , فلقد ورد في إنجيل لوقا( 2/25- 35 ) قصة سمعان الشيخ الذي كان على قدر كبير من العلم :
(( وكان رجل في اورشليم اسمه سمعان وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية اسرائيل والروح القدس كان عليه . وكان قد أوحي إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب . فأتى بالروح إلى الهيكل وعندما دخل بالصبي يسوع أبواه ليصنعا له حسب عادة الناموس . أخذه على ذراعيه وبارك الله وقال : الأن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام . لأن عيني قد ابصرتا خلاصك . الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب . نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك اسرائيل . وكان يوسف وأمه يتعجبان مما قيل فيه . وباركهما سمعان وقال لمريم أمه ها أن هذا قد وضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ولعلامة تقاوم . وأنت أيضا يجوز في نفسك سيف لتعلن أفكار من قلوب كثيرة)) لو 2 : 25-35 .
بل لقد تعلم يسوع أيضا من حنة النبية التي كانت تعيش في زمنه ولازمها :
(( وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط أشير وهي متقدمة في أيام كثيرة قد عاشت مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها . وهي أرملة نحو أربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلا ونهارا . فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم )) لو 2 : 35 – 38 .
كل هؤلاء قد شاركوا في تكوين الشخصية ******ية , وقد استفاد يسوع أيضا من علماء الهيكل , حتى أنه كان يترك أبواه لكي يتعلم منهم , ولقد استغل علماء الهيكل نجابته وسرعة استجابته وحسن أجوبته في تلقينه تعاليم العهد القديم :
(( ولما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد . وبعدما أكملوا الأيام بقي عند رجوعهما الصبي يسوع في اورشليم ويوسف وأمه لم يعلما . وإذ ظناه بين الرفقة ذهبا مسيرة يوم وكانا يطلبانه بين الأقرباء والمعارف . ولما لم يجداه رجعا إلى أورشليم يطلبانه . وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم . وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته )) لو 2 : 43– 47 .
ومن هنا نرى أن يسوع أدخل تعاليم العهد القديم في وعظاته متأثرا بمن علموه !
جاء في مقدمة الترجمة الكاثوليكية : ( كان العهد القديم الكتاب الوحيد بالنسبة إلى يسوع وإلى الكنيسة في أول أمرها . وهو بصفته كتاب التربية اليهودية , قد هذب إلى حد ما نفس يسوع , ويسوع بدوره تبنى قيمه وأدخلها في إنجيله , لأنه لم يأت " ليبطل " الشريعة والأنبياء , بل "ليكملها" ... وبناء على كل ذلك , وجدت الكنيسة الرسولية في كتب العهد القديم نقطة الإنطلاق للتبشير بيسوع ) ( الترجمة الكاثوليكية ص 55) .
ويقول الباحثون في مركز بيت عنيا للدراسات المسيحية : ( ... كما أنه لا يجب أن ننسى أن الرب يسوع نفسه وكذلك كتبة العهد الجديد إقتبسوا أيضًا من الترجمة السبعينية , والتي هى الترجمة اليونانية من العبرانية للعهد القديم , وقد إقتبس منها في الكتاب ) (مقدمة للكتاب المقدس ص 119).
بالطبع , عند قراءة المسيحي لهذا الإستدلال سيقول لي : مهلا يا أبا عبيدة !
إن سمعان الشيخ هذا قد بلغ من الكبر عتيا , وما أطال الله عمره إلا لإبلاغ مريم بمكانة ابنها في بني سرائيل , وللتبشير بنبوته ورسالته , ثم إنه لم يثبت في الكتاب المقدس إلتقاء يسوع بسمعان ليتعلم منه , وكذا حنة النبية , أما عن ذهاب يسوع وهو فتى إلى المعلمين في الهيكل , فكان بنعمة الروح القدس يـبهت بتعاليمه عقولهم , ولم يثبت أنه تعلم منهم طيلة عمره , بل كان الروح القدس يحل عليه في مواقف مختلفة جاء ذكرها في الأناجيل , فهو الذي هاجمهم وشهد على انحلالهم وتزويرهم لرسالة موسى في غير موضع من إنجيله !
أما عن إقتباسه ونقله من العهد القديم على حد قولك فهذا تصديق للحق الذي جاء فيه وليس نقلا بالمعنى الحرفي , فالأناجيل مصدقة لما بين يديها من أسفار , وهذا معنى كلام رب المجد " ما جئت لأنقض بل لأكمل " .
فأقول للنصراني : عفوا .. أتتحدث عن يسوع أم محمد – صلى الله عليه وسلم - ؟!
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
تعليق