رد: لآلىء متجددة و ( دعوة للمشاركة )
الدكتور إياد قنيبى الصفحة الرسمية
لا مزاح بآيات الله-أمثلة مما يجوز وما لا يجوز من ذكر تعبيرات قرآنية في الكلام:
بعد المنشورات السابقة سأل كثير من الإخوة عن اقتباسات متنوعة لآيات من القرآن إن كانت مما يجوز أو لا يجوز. فأود هنا أن أنقل كلاما لابن تيمية. قال رحمه الله تعالى:
(ليس لأحد استعمال القرآن لغير ما أنزله الله له، وبذلك فسَّر العلماء الحديث المأثور: (لا يناظر بكتاب الله) ؛ أي: لا يجعل له نظير يُذكر معه، كقول القائل لمن قدم لحاجة: لقد ((( جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى )) [طه : 40] ، وقوله عند الخصومة: ((مَتَى هَذَا الْوَعْدُ)) [الملك : 25] ، أو: ((وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)) [الحشر : 11] . ثم إن خرَّجه مخرج الاستخفاف بالقرآن والاستهزاء به كفر صاحبه، وأما إن تلا الآية عند الحكم الذي أنزلت له أو كان ما يناسبه من الأحكام فحسن، كقوله لمن دعاه إلى ذنب تاب منه: ((مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا)) [النور : 16] ، وقوله عند ما أهمه: ((إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ)) [يوسف : 86] (المستدرك على مجموع الفتاوى لابن قاسم (1 / 172) ).
وكذلك قال إبراهيم النخعي فيما أورده الزبيدي في (تاج العروس): (كانوا يكرهون أن يذكروا الآية عند الشيء يعرض من أمر الدنيا كقول القائل للرجل : (جئت على قدر يا موسى) لمسمى بموسى إذا جاء في وقت مطلوب الذي يريد صاحبه. هذا وما أشبهه من الكلام مما يتمثل به الجهلة من أمور الدنيا وفي ذلك ابتذال وامتهان)
لاحظوا أيها الأحبة أنه في الأمثلة التي ذكرها ابن تيمية والنخعي فإن فيه ذكرا للفظ الآية في غير موضعها.
1. فالذي يقول لصاحبه (جئت على قدر يا موسى)، ليس موسى هذا هو موسى عليه السلام الذي ذكره القرآن. وما مجيئه لمناجاة ربه تعالى كمجيء موسى اليوم لأصحابه.
2. والذي يهدده إنسان فيرد عليه: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين)، فالوعد الذي في الآية هو يوم القيامة، لا وعيد إنسان من خصومه. والأهم من ذلك أن قول (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) كانت ما يقوله الكافرون إنكاراً واستبعاداً لوقوع الوعد الذي هو وعد الله لهم بالبعث والحساب. فاستعمال اعتراضات الكفار على وجه المحاججة بها وقد ابطلها الله هو من نوع الاستهانة بآيات الله.
3. والذي يقول في قوم: (والله يشهد إنهم لكاذبون) في أناس معينين –وقد يكونون من المسلمين- ما أدراك أن اللهم يشهد عليهم بالكذب؟ إنما كانت الآية شهادة على الذين نافقوا في حادثة نزلت فيها الآية.
فهذا كله استعمال للقرآن في غير ما أنزل له كما سماه ابن تيمية، وسمى النخعي مثله ابتذالا وامتهانا للآيات.
4. ويشبهه في أيامنا ما يفعله البعض عند المزاح إذ يناول صديقا له كتابا فيقول: (يا يحيى خذ الكتاب بقوة). بينما لو قيل لرجل على سبيل النصح والتذكير والاستدلال (يا يحيى خذ الكتاب بقوة)، أي: تمسك بأمر الله بقوة، فهذا جائز بلا شك، بخلاف الذي خرج مخرج المزاح.
وكذلك المثلان الآخران الجائزان في كلام ابن تيمية، فنلاحظ فيهما الجدية لا الهزل، وكذلك الاقتباس في موضع مناسب لا يخرج الآية عن مثل ما أُنزلت له.
فمن يُدعى إلى ذنبٍ تاب منه كالغيبة فيقول: (ما يكون لنا أن نتكلم بهذا)، فهو يقتبس الآية في مثل ما أنزلت له من تحريم قذف المحصنات. وكذلك قول المهموم المحزون: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) متمثلا قول يعقوب عليه السلام.
فالجِدِّية ومناسبة الآية للحال الذي تقتبس له ضابطان يفرقان بين الاقتباس المشروع والاقتباس المحظور، والله تعالى أعلم.
#لا_مزاح_بآيات_الله
الدكتور إياد قنيبى الصفحة الرسمية
لا مزاح بآيات الله-أمثلة مما يجوز وما لا يجوز من ذكر تعبيرات قرآنية في الكلام:
بعد المنشورات السابقة سأل كثير من الإخوة عن اقتباسات متنوعة لآيات من القرآن إن كانت مما يجوز أو لا يجوز. فأود هنا أن أنقل كلاما لابن تيمية. قال رحمه الله تعالى:
(ليس لأحد استعمال القرآن لغير ما أنزله الله له، وبذلك فسَّر العلماء الحديث المأثور: (لا يناظر بكتاب الله) ؛ أي: لا يجعل له نظير يُذكر معه، كقول القائل لمن قدم لحاجة: لقد ((( جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى )) [طه : 40] ، وقوله عند الخصومة: ((مَتَى هَذَا الْوَعْدُ)) [الملك : 25] ، أو: ((وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)) [الحشر : 11] . ثم إن خرَّجه مخرج الاستخفاف بالقرآن والاستهزاء به كفر صاحبه، وأما إن تلا الآية عند الحكم الذي أنزلت له أو كان ما يناسبه من الأحكام فحسن، كقوله لمن دعاه إلى ذنب تاب منه: ((مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا)) [النور : 16] ، وقوله عند ما أهمه: ((إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ)) [يوسف : 86] (المستدرك على مجموع الفتاوى لابن قاسم (1 / 172) ).
وكذلك قال إبراهيم النخعي فيما أورده الزبيدي في (تاج العروس): (كانوا يكرهون أن يذكروا الآية عند الشيء يعرض من أمر الدنيا كقول القائل للرجل : (جئت على قدر يا موسى) لمسمى بموسى إذا جاء في وقت مطلوب الذي يريد صاحبه. هذا وما أشبهه من الكلام مما يتمثل به الجهلة من أمور الدنيا وفي ذلك ابتذال وامتهان)
لاحظوا أيها الأحبة أنه في الأمثلة التي ذكرها ابن تيمية والنخعي فإن فيه ذكرا للفظ الآية في غير موضعها.
1. فالذي يقول لصاحبه (جئت على قدر يا موسى)، ليس موسى هذا هو موسى عليه السلام الذي ذكره القرآن. وما مجيئه لمناجاة ربه تعالى كمجيء موسى اليوم لأصحابه.
2. والذي يهدده إنسان فيرد عليه: (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين)، فالوعد الذي في الآية هو يوم القيامة، لا وعيد إنسان من خصومه. والأهم من ذلك أن قول (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) كانت ما يقوله الكافرون إنكاراً واستبعاداً لوقوع الوعد الذي هو وعد الله لهم بالبعث والحساب. فاستعمال اعتراضات الكفار على وجه المحاججة بها وقد ابطلها الله هو من نوع الاستهانة بآيات الله.
3. والذي يقول في قوم: (والله يشهد إنهم لكاذبون) في أناس معينين –وقد يكونون من المسلمين- ما أدراك أن اللهم يشهد عليهم بالكذب؟ إنما كانت الآية شهادة على الذين نافقوا في حادثة نزلت فيها الآية.
فهذا كله استعمال للقرآن في غير ما أنزل له كما سماه ابن تيمية، وسمى النخعي مثله ابتذالا وامتهانا للآيات.
4. ويشبهه في أيامنا ما يفعله البعض عند المزاح إذ يناول صديقا له كتابا فيقول: (يا يحيى خذ الكتاب بقوة). بينما لو قيل لرجل على سبيل النصح والتذكير والاستدلال (يا يحيى خذ الكتاب بقوة)، أي: تمسك بأمر الله بقوة، فهذا جائز بلا شك، بخلاف الذي خرج مخرج المزاح.
وكذلك المثلان الآخران الجائزان في كلام ابن تيمية، فنلاحظ فيهما الجدية لا الهزل، وكذلك الاقتباس في موضع مناسب لا يخرج الآية عن مثل ما أُنزلت له.
فمن يُدعى إلى ذنبٍ تاب منه كالغيبة فيقول: (ما يكون لنا أن نتكلم بهذا)، فهو يقتبس الآية في مثل ما أنزلت له من تحريم قذف المحصنات. وكذلك قول المهموم المحزون: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) متمثلا قول يعقوب عليه السلام.
فالجِدِّية ومناسبة الآية للحال الذي تقتبس له ضابطان يفرقان بين الاقتباس المشروع والاقتباس المحظور، والله تعالى أعلم.
#لا_مزاح_بآيات_الله
تعليق