بسم الله الرحمن الرحيم
والثاني: ظلم بينه وبين الناس
وذلك بأكل أموال الناس بالباطل، وظلمهم بالضرب والشتم والتعدي والاستطالة على الضعفاء، قال الله تعالى ( وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ) إلى قوله ( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) قال الله تعالى ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ ) الشورى: 42.
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه
وذلك باتباع الشهوات وإهمال الواجبات، والوقوع في أنواع الذنوب والمعاصي والسيئات ، قال الله تعالى (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ) فاطر: 32،
وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس؛ فإنَّ الإنسان في أول ما يهمُّ بالظلم فقد ظلم نفسه، قال تعالى ( وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) النحل:33
و من يعين الظالم فهو ظالم مثله، مشارك له في الإثم، والله سبحانه وتعالى أمر بالتعاون على البرِّ والتقوى، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان فقال ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة:2
وقال ميمون بن مهران: (الظالم، والمعين على الظلم، والمحب له سواء) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
منقول بتصرف من 1- تفسير ابن كثير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه (إمَّا بنقصان أو بزيادة؛ وإما بعدول عن وقته أو مكانه)، و الظلم انحراف عن العدل إذ فيه جور ومجاوزة للحد
والله تعالى نزه نفسه عن الظلم، قال تعالى( وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ ) غافر: 31، وقال( وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) فصلت: 46
(أي : لايظلم أحدامن خلقه،بل هوالحكم العدل،الذي لا يجور ؛ لأنه القادر على كل شيء، العالم بكل شيء، فلا يحتاج مع ذلك إلى أن يظلم أحدًا من خلقه) .
وقال سبحانه ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) يونس: 44
قال القرطبي: (أي لا يبخسهم ولا ينقصهم من ثواب عملهم وزن ذرة، بل يجازيهم بها ويثيبهم عليها. والمراد من الكلام أنَّ الله تعالى لا يظلم قليلًا ولا كثيرًا) .
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا؛ فلا تظالموا...)) .
قال ابن تيمية: (هذا الحديث قد تضمن من قواعد الدين العظيمة في العلوم والأعمال والأصول والفروع؛ فإن تلك الجملة الأولى وهي قوله: ((حرمت الظلم على نفسي)). يتضمن جلَّ مسائل الصفات والقدر إذا أعطيت حقَّها من التفسير، وأما الجملة الثانية وهي قوله: ((وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)) فإنها تجمع الدين كله؛ فإنَّ ما نهى الله عنه راجع إلى الظلم، وكل ما أمر به راجع إلى العدل) .
وقد توعد الله الظالمين بعقوبات في الدنيا والآخرة، يقول تعالى ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) هود: 102، (أي وكما أهلكنا أولئك القرون الظالمة المكذبة لرسلنا كذلك نفعل بنظائرهم وأشباههم وأمثالهم، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) .
وعن جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة)) .
وندم الظالم وتحسره بعد فوات الأوان لا ينفع، قال تعالى: {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا} (سورة الفرقان:27).
وكان شريح القاضي يقول: (سيعلم الظالمون حقَّ من انتقصوا، إنَّ الظالم لينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر النصر والثواب) .
والظلم يجلب غضب الرب سبحانه، وهو يخرب الديار، وبسببه تنهار الدول، قال تعالى ( فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ) الحج:45، وما دمرت الممالك إلا بسبب الظلم، قال تعالى: {فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين} (سورة الأنعام:45)، وقال تعالى عن فرعون: {فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين} (سورة القصص:40)، وما ضاعت نعمة صاحب الجنتين إلا بظلمه، {ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا} (سورة الكهف:35-36)
والظالم مصروف عن الهداية قال تعالى ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة: 51، و الظالم لا يفلح أبدًا قال تعالى ( إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) الأنعام:21، والظالم يُحْرَمُ شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى ( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) غافر: 18 (أي ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم، ولا شفيع يشفع فيهم، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كلِّ خير)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم، وكل غالٍ مارق)
ووصف الله المعاصي بالظلم، قال الله تعالى ( وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) الطلاق: 1 ، وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من ظلم قِيد شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أرضين ) .
والظلم من المعاصي التي تعجل عقوبتها في الدنيا، فهو متعدٍ للغير وكيف تقوم للظالم قائمة إذا ارتفعت أكف الضراعة من المظلوم، فقال الله عزَّ وجلَّ: «وعزَّتي وجلالي لأنصُرنَّكِ ولو بعد حين»، وقال عليه الصلاة والسلام: ((واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) .
و الظلم ثلاثة:
الأول، ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى
ويكون بإنكار وجوده أو بالشرك في عبادته وذلك بصرف بعض عبادته لغيره سبحانه وتعالى، قال الله تعالى ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) لقمان:13، وقال تعالى ( وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة:254
الأول، ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى
ويكون بإنكار وجوده أو بالشرك في عبادته وذلك بصرف بعض عبادته لغيره سبحانه وتعالى، قال الله تعالى ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) لقمان:13، وقال تعالى ( وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة:254
والثاني: ظلم بينه وبين الناس
وذلك بأكل أموال الناس بالباطل، وظلمهم بالضرب والشتم والتعدي والاستطالة على الضعفاء، قال الله تعالى ( وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ) إلى قوله ( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) قال الله تعالى ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ ) الشورى: 42.
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه
وذلك باتباع الشهوات وإهمال الواجبات، والوقوع في أنواع الذنوب والمعاصي والسيئات ، قال الله تعالى (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ) فاطر: 32،
وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس؛ فإنَّ الإنسان في أول ما يهمُّ بالظلم فقد ظلم نفسه، قال تعالى ( وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) النحل:33
و من يعين الظالم فهو ظالم مثله، مشارك له في الإثم، والله سبحانه وتعالى أمر بالتعاون على البرِّ والتقوى، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان فقال ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة:2
وقال ميمون بن مهران: (الظالم، والمعين على الظلم، والمحب له سواء) .
ختاما
فإن الظلم مرتعه وخيم وعاقبته وبيلة، يأكل الحسنات ويمحق البركة ويجلب الويلات، يورث العداوات ويسبب القطيعة والعقوق، و متى فشا الظلم في أمة وشاع فيها أهلكها، ومتى حل في قرية دمرها.
لاتظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد و آله وصحبه أجمعين
منقول بتصرف من
2- موسوعة الأخلاق
3- الظلم عاقبته وخيمة د/سعيد عبد العظيم
4- الظلم وعاقبته الشيخ محمد المنجد
5- الظلم ظلمات يوم القيامة لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
تعليق