المأزق اللائكي الخـامس : مأزق التدبير العقلاني للدولـة/ زعموا
مـا فتئ اللائكيون يُجـارون العقلاء بادعـاء حكمتهم في حسن تدبير الدولـة ، إذ كثيرا مـا يتفاخرون في أدبياتهم بميزة الإدارة العقلانية للدولة عبر الحديث عن مجال فصل السلطات و احترام الكفاءات و الاحتكـام إلـى القانون و فسـح المجال لحريـة الإعـلام و العدل بين النـاس في المنـازعـات و الاستناد إلــى المسطرة القضائية في محـاكمة الجنـاة...فهـذا الطوفان الجميل من الترسانة اللغوية العريقة تُمـثِّـل في الحقيقة عـالمـا قائمـا بذاته مفصولا عن التطبيق اللائكي للأمـاني و التعبيرات إذ تتحول سريعـا إلـى كيان من المعكوسات تترجمه عمومـا الإدارة السيئة و الفاسدة للائكيين علـى مدار عقود من الزمن .إن النـظر المقتضب حول الأداء اللائكي في تحكمه للدولة يحيل مباشرة إلـى وضع كـارثي آلت إلـى انهيارات متتالية في مفاصل الدولة و المجتمع و إلـى انسدادات كبيرة في قطـاعات التنمية الاجتمـاعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية و الإعـلامية و الفنية ممـا استدعـى الثورة علـى المسئولين اللائكيين و البحث عـن بديل حقيقي يعيد الاعتبار للكوادر الشريفة الغيورة علـى وطنهـا و للمـمارسة السياسية النزيهـة في مستوياتهـا الإجرائية و التطبيقية ، كـان لابدّ من وضع حــدٍّ ليس فقط للاستبداد في تجلياته المـادية و إنمـا أيضا للعقليات اللائكية المؤسسة لقيم الخَوَر السياسي و المنتجة لكل أشكـال الانحلالات و الأوبئة الطـاحنة لجسد الأمـة ، لكـن لمـا قامت تباشير الثورة على الظلم اللائكي بتهشيم رأس الطـاغية مبارك و البدء في عملية البنـاء التدريجي لمؤسسات الدولة أسقــطَ الثوار من حسابهـم كون هـذا الرأس لا زال حيا يتعـافـى حتـى اشتد عوده من جديد فتحركت اللائكية للدفاع عـن قلاعهـا عبر تسخير دهـاقنة الدولة العميقة بافتعـال الأزمـات و خنق موارد الاقتصاد ليأتي بعد ذلك دور القراصنـة المتمردين لاستكمـال عمليات الشغب المـادي و العنف الإرهابي الوضيع . كـان التدليس اللائكي للدولة سواء عندمـا قادهـا أصحـابهـا بالفعل أو عندمـا أداروهـا من الخارج كـان لاعقلانيا قائمـا علـى النهب الماكر و زرع مـافيات و لوبيات التحكم في كل شيء و تمركزَ حول إطـلاق أيادي أباطرة الفساد في القضاء و الإعـلام، بكلمة : كـانت اللائكية الاستبدادية العروبية هي الدولـة ذاتهـا.
بعد أن نجحت عصابات قيادات الجيش و الداخلية في إعـادة أنياب اللائكية إلـى مقراتهـا و عشهـا الرئيسي و بدأت طوابير المثقفين اللائكيين تصفق للآلـة الإرهابية و تشارك في قتل قيم التعددية و مبادئ الانتقال السلمي للسلطة كـان طبيعيا أن تثمـر سلسلـة من الميكـانيزمـات الفاسدة لتدبير الدولة المُغتَصَـبة، فقد سـارعَ كبير السفـاحين إلـى وضع مخطط شيطـاني –شأنه شأن كل الطغاة – لتصفية المؤسسات المنتخبة و إعـادة الفاشلين الفاشيين الرئاسيين (موسى،الصباحي،أبو الفتوح،البرادعي) و الحشاشين (تمرد) إلـى أجهـزة الدولـة ، و حتـى تكون عملية التجميل مقبولـة و مخضرمـة لا بأس بتطعيم المجـالس بعمـامـة فقيه العسكر و مشعوذ الطـائفة القبطية و تعيين الأمي في الدستور عدلي منصور الموسوم بالطرطور شعبيا . إن التدبير الأعرج للائكيي الثورة المضادة للدولة دلّ علـى عودة اللعب السياسي في تعيين الشخصيات و اختيار الزعـامـات، فحركـة التعيينـات اللائكية العسكرية للمحـافظين لـم تكن تخضع في الحقيقة إلا لمنطق إرادة العسكر و لم يكن لهـا من غرض سوى إحكـام السيطرة الكـاملة علـى مفاصل الدولة بمـا يمكِِّـن الخونـة العسكرية من إدارتهـا حسب الطلب، كمـا أن تعيين "لجنـة الخمسين" للنظر في التعديلات الدستورية لـم يعتمد علـى الكفاءة القانونية كمـا أنهـا لم تمثل الطيف المجتمعـي المتنوع من أساسه، فنظرة فاحصة لكراكيزهـا يُسنتَج منهـا حجم حضور الأمية السياسية و القانونية المتخصصة فضلا عـن الهيمنـة المطلقة لجبهـة "الإنقاذ" التي لا تترك أي مجـال للحديث عن النزاهـة القانونية و الموضوعية المطلوبة ، لــكــن و مـع ذلك لا يُعــدَم فيهـا جهبـوذ يُـعدّ من فطـاحـلة فقهـاء القانون و الضليع في الدراسات القانونية حتـى صار مرجعـا دوليا و خبيرا عـالميا في شؤون القضاء و الدستور ، يتعلق الأمـر بطبيعة الحال بالمتمرد الشهير و المرموق محمود بدر !
إن الانقلاب لا يمكن لـه بأي حـال من الأحـوال أن يتعـايش مـع أهـل الاختصاص و الكفاءات و لا يمكن إلا أن يسفر عن تدمير العقول و المؤسسات لا تدبيرهـا ، و لأنـه بنية قامت فلسفتـه أساسا علـى أنقاض الدولـة العـادلة فإن الحتمية الاستبدادية تفرض عليهـا التمـاس طريق الأشلاء و الدمـاء و الملاحقات و احتكـار مصادر القوة في الدولة و تحويلهـا إلـى إطـارات خاوية يسهـل قضمهـا و توجيهــها بمـا يضمن للطـاغية البقاء الأطول و الأمثل . إن الدولـة اللائكية الظالمة الانقلابية تصنـع لنفسهـا دولـة خـاصة تعينهـا في المنـاسبات علـى تجديد ذاتـها تمـامـا كمـا فعلت مؤسسات مبارك عندمـا قامت بإحيائه و انتشالـه من المشنـقة و الإفراج عن كبار اللصوص بأحكام قضائية ملعوبـة بإتقان.
إن مقارنـة خـاطفة بين الطـاقم البشري المتخصص في اللجنـة التأسيسية التي تكلفت بصياغـة دستور لعرضـه علـى الاستفتـاء و بين كراكيز اللجنة الخمسينية لا يسع المرء إلا أن يُقــبِّـح الانقلاب و أهلــه .
علــى سبيـل الختم
إذا كـانت الأسطوانـة الدائمة للائكيين تدور حول إبراز تخوفاتهم من التطبيقات التي ستنجم عنهـا محـاولات الأسلمـة عند وصول الإسلاميين للسلطة فإن الأجدى النظر إلـى تنزلات العقل اللائكي علـى الواقع و مـآلاته الخطيرة التي كرست حـالة من الضياع الجمـاعي للدولة و المجتمع و وصلت درجتهـا إلـى مهالك الاحتمـاء بالانقلاب و دفعه لشن غارات علـى المخالفين في الرأي السياسي، نحتـاج لنضج سياسي فارق لكي تفيق النخب اللائكية من وهمهـا في الانفراد بالقرار في إدارة الدولـة ، نحتـاج إلـى نضج يُفهٍـمُ المنهزمين في معركـة الديمقراطية التنافسية بأن الرهـان يكون في تعبئة الشعب و العمل الجاد لخدمة الوطن لكسب الثقة و احترام قواعد التنظيم السياسي و التعاقدي و لا يتحقق البتة في شحن العصبيات العروبية و الزعـامات الوهمية، النضج الذي يؤمن بحق الأغلبية في تدبير برامجهـا وفق رؤيتهـا و منظورهـا الخاص دون أن يُحجَّـر عليهـا في حقهـا التي بهـا رشحهـا الشعب للقيادة ، و مـا اختراع فريـة "الشرعية الشعبية" إلا بدعـة سياسية لائكية مسمومة وُضِعت أساسـا لخدمـة مشروع الانقلاب الدموي فلمـا انتهـى دورهـا تحرك فلول القضاة لاستصدار قرار منع إسقاط أي رئيس بالحراك الشعبي . لعبــة قذرة !
إن هذا الوعـي يمثل شرطـا فيصليا لا بديل عنه إذا مـا أُريدَ لسفينـة النجـاة الوصول إلـى بر السلام و إلا فاضطرابات الأمواج العـاتية لـن تدعهـا ترسو بأمـان البتة، و لـن ينفـع الرهـان علـى الغرب في استتباب الاستقرار و تحقيق الاستقلال فالأنياب الغربية قدمت الدليل في تجربتهـا مع الجزائر و أثبتت عدائهـا للخيارات الشعبية في تولية رؤسائها المنتخبين، و قد صدق الراحل عبد السلام ياسين رحمه الله عندمـا سطر هاته الكلمات في كتابه النفيس (الإسلام و الحداثة ) قائلا : " يجب أولا أن نكون واثقين من أن الغرب لن يفتح ذراعيه لأية حكومـة إسلامية مـادام قادرا علـى منعهـا من الوصول إلـى الحكم، لـن ينشر الغرب البساط الأحمـر ليستقبل لجنـة مكونة من إسلاميين،بل سيحـاول – إذا مـا تهورت الصنـاديق و منحت الفوز للإسلاميين – أن يزرع الألغـام و يدعـم العمليات القذرة المستوحـاة من الطريقة الجزائرية " ( ص 313) .
مـا فتئ اللائكيون يُجـارون العقلاء بادعـاء حكمتهم في حسن تدبير الدولـة ، إذ كثيرا مـا يتفاخرون في أدبياتهم بميزة الإدارة العقلانية للدولة عبر الحديث عن مجال فصل السلطات و احترام الكفاءات و الاحتكـام إلـى القانون و فسـح المجال لحريـة الإعـلام و العدل بين النـاس في المنـازعـات و الاستناد إلــى المسطرة القضائية في محـاكمة الجنـاة...فهـذا الطوفان الجميل من الترسانة اللغوية العريقة تُمـثِّـل في الحقيقة عـالمـا قائمـا بذاته مفصولا عن التطبيق اللائكي للأمـاني و التعبيرات إذ تتحول سريعـا إلـى كيان من المعكوسات تترجمه عمومـا الإدارة السيئة و الفاسدة للائكيين علـى مدار عقود من الزمن .إن النـظر المقتضب حول الأداء اللائكي في تحكمه للدولة يحيل مباشرة إلـى وضع كـارثي آلت إلـى انهيارات متتالية في مفاصل الدولة و المجتمع و إلـى انسدادات كبيرة في قطـاعات التنمية الاجتمـاعية و الاقتصادية و السياسية و الثقافية و الإعـلامية و الفنية ممـا استدعـى الثورة علـى المسئولين اللائكيين و البحث عـن بديل حقيقي يعيد الاعتبار للكوادر الشريفة الغيورة علـى وطنهـا و للمـمارسة السياسية النزيهـة في مستوياتهـا الإجرائية و التطبيقية ، كـان لابدّ من وضع حــدٍّ ليس فقط للاستبداد في تجلياته المـادية و إنمـا أيضا للعقليات اللائكية المؤسسة لقيم الخَوَر السياسي و المنتجة لكل أشكـال الانحلالات و الأوبئة الطـاحنة لجسد الأمـة ، لكـن لمـا قامت تباشير الثورة على الظلم اللائكي بتهشيم رأس الطـاغية مبارك و البدء في عملية البنـاء التدريجي لمؤسسات الدولة أسقــطَ الثوار من حسابهـم كون هـذا الرأس لا زال حيا يتعـافـى حتـى اشتد عوده من جديد فتحركت اللائكية للدفاع عـن قلاعهـا عبر تسخير دهـاقنة الدولة العميقة بافتعـال الأزمـات و خنق موارد الاقتصاد ليأتي بعد ذلك دور القراصنـة المتمردين لاستكمـال عمليات الشغب المـادي و العنف الإرهابي الوضيع . كـان التدليس اللائكي للدولة سواء عندمـا قادهـا أصحـابهـا بالفعل أو عندمـا أداروهـا من الخارج كـان لاعقلانيا قائمـا علـى النهب الماكر و زرع مـافيات و لوبيات التحكم في كل شيء و تمركزَ حول إطـلاق أيادي أباطرة الفساد في القضاء و الإعـلام، بكلمة : كـانت اللائكية الاستبدادية العروبية هي الدولـة ذاتهـا.
بعد أن نجحت عصابات قيادات الجيش و الداخلية في إعـادة أنياب اللائكية إلـى مقراتهـا و عشهـا الرئيسي و بدأت طوابير المثقفين اللائكيين تصفق للآلـة الإرهابية و تشارك في قتل قيم التعددية و مبادئ الانتقال السلمي للسلطة كـان طبيعيا أن تثمـر سلسلـة من الميكـانيزمـات الفاسدة لتدبير الدولة المُغتَصَـبة، فقد سـارعَ كبير السفـاحين إلـى وضع مخطط شيطـاني –شأنه شأن كل الطغاة – لتصفية المؤسسات المنتخبة و إعـادة الفاشلين الفاشيين الرئاسيين (موسى،الصباحي،أبو الفتوح،البرادعي) و الحشاشين (تمرد) إلـى أجهـزة الدولـة ، و حتـى تكون عملية التجميل مقبولـة و مخضرمـة لا بأس بتطعيم المجـالس بعمـامـة فقيه العسكر و مشعوذ الطـائفة القبطية و تعيين الأمي في الدستور عدلي منصور الموسوم بالطرطور شعبيا . إن التدبير الأعرج للائكيي الثورة المضادة للدولة دلّ علـى عودة اللعب السياسي في تعيين الشخصيات و اختيار الزعـامـات، فحركـة التعيينـات اللائكية العسكرية للمحـافظين لـم تكن تخضع في الحقيقة إلا لمنطق إرادة العسكر و لم يكن لهـا من غرض سوى إحكـام السيطرة الكـاملة علـى مفاصل الدولة بمـا يمكِِّـن الخونـة العسكرية من إدارتهـا حسب الطلب، كمـا أن تعيين "لجنـة الخمسين" للنظر في التعديلات الدستورية لـم يعتمد علـى الكفاءة القانونية كمـا أنهـا لم تمثل الطيف المجتمعـي المتنوع من أساسه، فنظرة فاحصة لكراكيزهـا يُسنتَج منهـا حجم حضور الأمية السياسية و القانونية المتخصصة فضلا عـن الهيمنـة المطلقة لجبهـة "الإنقاذ" التي لا تترك أي مجـال للحديث عن النزاهـة القانونية و الموضوعية المطلوبة ، لــكــن و مـع ذلك لا يُعــدَم فيهـا جهبـوذ يُـعدّ من فطـاحـلة فقهـاء القانون و الضليع في الدراسات القانونية حتـى صار مرجعـا دوليا و خبيرا عـالميا في شؤون القضاء و الدستور ، يتعلق الأمـر بطبيعة الحال بالمتمرد الشهير و المرموق محمود بدر !
إن الانقلاب لا يمكن لـه بأي حـال من الأحـوال أن يتعـايش مـع أهـل الاختصاص و الكفاءات و لا يمكن إلا أن يسفر عن تدمير العقول و المؤسسات لا تدبيرهـا ، و لأنـه بنية قامت فلسفتـه أساسا علـى أنقاض الدولـة العـادلة فإن الحتمية الاستبدادية تفرض عليهـا التمـاس طريق الأشلاء و الدمـاء و الملاحقات و احتكـار مصادر القوة في الدولة و تحويلهـا إلـى إطـارات خاوية يسهـل قضمهـا و توجيهــها بمـا يضمن للطـاغية البقاء الأطول و الأمثل . إن الدولـة اللائكية الظالمة الانقلابية تصنـع لنفسهـا دولـة خـاصة تعينهـا في المنـاسبات علـى تجديد ذاتـها تمـامـا كمـا فعلت مؤسسات مبارك عندمـا قامت بإحيائه و انتشالـه من المشنـقة و الإفراج عن كبار اللصوص بأحكام قضائية ملعوبـة بإتقان.
إن مقارنـة خـاطفة بين الطـاقم البشري المتخصص في اللجنـة التأسيسية التي تكلفت بصياغـة دستور لعرضـه علـى الاستفتـاء و بين كراكيز اللجنة الخمسينية لا يسع المرء إلا أن يُقــبِّـح الانقلاب و أهلــه .
علــى سبيـل الختم
إذا كـانت الأسطوانـة الدائمة للائكيين تدور حول إبراز تخوفاتهم من التطبيقات التي ستنجم عنهـا محـاولات الأسلمـة عند وصول الإسلاميين للسلطة فإن الأجدى النظر إلـى تنزلات العقل اللائكي علـى الواقع و مـآلاته الخطيرة التي كرست حـالة من الضياع الجمـاعي للدولة و المجتمع و وصلت درجتهـا إلـى مهالك الاحتمـاء بالانقلاب و دفعه لشن غارات علـى المخالفين في الرأي السياسي، نحتـاج لنضج سياسي فارق لكي تفيق النخب اللائكية من وهمهـا في الانفراد بالقرار في إدارة الدولـة ، نحتـاج إلـى نضج يُفهٍـمُ المنهزمين في معركـة الديمقراطية التنافسية بأن الرهـان يكون في تعبئة الشعب و العمل الجاد لخدمة الوطن لكسب الثقة و احترام قواعد التنظيم السياسي و التعاقدي و لا يتحقق البتة في شحن العصبيات العروبية و الزعـامات الوهمية، النضج الذي يؤمن بحق الأغلبية في تدبير برامجهـا وفق رؤيتهـا و منظورهـا الخاص دون أن يُحجَّـر عليهـا في حقهـا التي بهـا رشحهـا الشعب للقيادة ، و مـا اختراع فريـة "الشرعية الشعبية" إلا بدعـة سياسية لائكية مسمومة وُضِعت أساسـا لخدمـة مشروع الانقلاب الدموي فلمـا انتهـى دورهـا تحرك فلول القضاة لاستصدار قرار منع إسقاط أي رئيس بالحراك الشعبي . لعبــة قذرة !
إن هذا الوعـي يمثل شرطـا فيصليا لا بديل عنه إذا مـا أُريدَ لسفينـة النجـاة الوصول إلـى بر السلام و إلا فاضطرابات الأمواج العـاتية لـن تدعهـا ترسو بأمـان البتة، و لـن ينفـع الرهـان علـى الغرب في استتباب الاستقرار و تحقيق الاستقلال فالأنياب الغربية قدمت الدليل في تجربتهـا مع الجزائر و أثبتت عدائهـا للخيارات الشعبية في تولية رؤسائها المنتخبين، و قد صدق الراحل عبد السلام ياسين رحمه الله عندمـا سطر هاته الكلمات في كتابه النفيس (الإسلام و الحداثة ) قائلا : " يجب أولا أن نكون واثقين من أن الغرب لن يفتح ذراعيه لأية حكومـة إسلامية مـادام قادرا علـى منعهـا من الوصول إلـى الحكم، لـن ينشر الغرب البساط الأحمـر ليستقبل لجنـة مكونة من إسلاميين،بل سيحـاول – إذا مـا تهورت الصنـاديق و منحت الفوز للإسلاميين – أن يزرع الألغـام و يدعـم العمليات القذرة المستوحـاة من الطريقة الجزائرية " ( ص 313) .
تعليق