مآزق العقل اللائكي الانقلابــي ج 1

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الطلحاوي الإسلام اكتشف المزيد حول الطلحاوي
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الطلحاوي
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 30 مار, 2013
    • 119
    • أستـاذ
    • الإسلام

    مآزق العقل اللائكي الانقلابــي ج 1

    الانقـلاب مفهـوم عـام لا يمكن اختـزالـه في حدث سياسـي أو فكري أو وجدانـي أو سلوكي إذ أن مجالاته يمتد إلى ساحـات مختلفـة تجتمع لتعبِّر عن حـالـة مرضيـة ثائرة بـلا تعقل أو تخطيط ، فالانقلاب السياسي علـى نظام مـا -خصوصا إذا كان هذا النظام شرعيا زكـاه الشعب بأصواته الحرة – يمثل حـالة هياج تنبعث دوافعـه من اللانظام السياسي الذي يعتري أصحـابه، كمـا يمثل أسلوبا عبثيا لا يدل علـى النضج السياسي و لا علـى الرزانـة الفكرية في التعـاطي مع القضايا الكبرى، و الانقلاب الفكري الذي يؤدي إلـى تغييرات حـادة في أعراض تفكيره فينجم عن سطحياتِ معـانقة إيديولوجية مـا أو رأي اعتقادي معين لا يمكن لـه إلا أن ينتـج كوارث فكريـة تذهب برجـاحـة عقلـه و سعـة صبره فيتطرف نـظره و ينعدم سمعـه . و في هـذه المقالـة السريعـة سنتعرض إن شـاء الله إلـى أشد أنـواع الانقلابات السياسية التـي ابتليت بهـا الأمم العروبـة المتخلفة و اكتوت بهـا الشعوب فردا فردا نـاظرين في مـآزق الخطـاب اللائكي الانقلابي و تناقضات فكره و تنزيلاته المدمِّرة للدولة و المجتمع معا .

    لكـن، من المهم التذكير هنـا بداية بأن نقدنـا لأصول الفكر اللائكي في الوطن العروبي الراهن يجد مبرره في اعتبارين أساسين : الأول يتعلق بشرود هـذا العقل عن منطق الشرع و التـاريخ و الثاني في تنـاقضاته الواقعية بين الخطاب و الممارسة حيث لم يعد لـه من سند غير الثرثرة السياسية و التقولات الجدلية التي حفظهـا كترانيم تُـتـلـى . و إذا كنـا قد تعرضنـا في مقالات سابقة عن الاعتبار الأول حيث ذهبنـا غير مـا مرة إلـى إثبات عجز هـذا العقل –عبر مفكريهم المرموقين – عن تبرير خيار الألْـيَـكـة تاريخيا و دينيا فإننا هنـا سنركز كـلامنا بحول الله علـى الآفـة الثانية التي وسمت عقل اللائكي بالازدواجية و التنـاقضية و وقعت أسيرة النزعة التبريرية الاستبدادية في مسعـى لفرض أسلوب سلطة الأمـر الواقع بعيدا عن المفردات و الخطـابات السياسية المدنية المعاصرة، و في محـاولتنـا هـاته لن نـجد وسيلة أمضى نجـاعـة من استخدام متواليات الحدث الانقلابي اللائكي المصري لرصد مآزق العقل اللائكي إذ يمثل درسـا بليغـا للثرثارين السياسيين و المثقفين اللائكيين .

    المأزق اللائكي الأول : حقوق الإنسـان/زعموا

    لا يكف العقل اللائكي من الدعـاوى الخطابية حول احترام حقوق الإنسان و تكريمه باعتباره إنسانـا، و لا تكـاد تغطي نقاشـاته غير الحديث عن تعداد الحقوق الإنسانية و ضرورة تحققهـا بصرف النظر عن الانتمـاء العرقي أو الديني أو اللغوي ،فحقوق الطفل و المرأة و الإنسان عمـومـا تكتسي عندهم –نظريا- حُلة سـاحرة تُزَخرَفُ لهـا و بهـا الكتب و المقالات السياسية و الفكرية و تتصدر واجهـات نضالات اللائكيين في منتديات الجدل الفكري و المنـاظرات الإيديولوجية، كيف لا و قد صـار الحديث عن حقوق الإنسان في هـذا الزمن الصاخب بضاعـة تجارية ارتزاقية و ماركة مسجلة تستدعي تزيين لغة الخطاب و تحسين اختيار مضامينه لتسويقه ! كيف لا و قد صار حقوق الإنسان مشروعـا مربحا يجني وراءه اللائكي مكاسب مادية سيادية نفوذية أو مـالية نقودية ! فلاعقو المنـاصب والواجهـات الإعلامية في زمن البهرجـة السياسية لا يخلُ لهم مكـان خصوصـا إذا كان هـذا المكان موطنـا لائكيـا سلطويا بامتياز يُنتِجُ عبر آليات الدولة اللائكية القمعية العميقة نُخَبًا مخدرة من حُفّاظ المفردات المُستَورَدة و نُسخـًا من تجار الأوهـام و بائعي اللغـة المُجمَّلـة ، كمـا أن المشعوذين السياسيين الذين جعلـوا مَهمتهم منـاطحة الإسلاميين لـن يبخلوا البتة في تحريك ملف "حقوق الإنسان" لاستدعـاء و استعداء الدولة البوليسية راعية "الحقوق" لضرب التيار الإسلامي الصاعد، فهاته الطفيليات التي تتغذى من دمـاء الإنسان لتنـاضل عن حقه وهْمـاً لا تلبث أن تقدم للعـالم حقيقة مواقفها النفاقية عندمـا تجد نفسهـا متحـالفة مـع مصاصي الحقوق و المتمثلة في الدولة الديكتـاتورية التي تؤمن بحق العري و تشرد الإنسان و تكفر بحق السّتـر و كرامـة الإنسان، و لـعل مجريات الفعل الثوري المصري و مـا أفرزه من مشاهـد بئيسـة من الخزي في حق المتظاهرين السلميين يعطي لنـا صورة واقعية مشهودة عن طبيعـة السلطـة اللائكية المستبدة الغشومـة في قتل الشرف الآدمـي و سحق حقوقـه الاجتمـاعية و السياسية و الفكرية ، إذ تحولت الثورة المضادة متجسدة في الانقلاب اللائكي الدموي إلـى مغولٍ مَهـولٍ أجهـزَ علـى كل الحقوق و حوَّل "الفاعلين السياسيين" إلـى أدوات لاغتصاب حق التظاهر و قتل للحرائر و اعتقال للأطفال و قنص منظم للثوار و ملاحقات للقادة السياسيين و التمثيل بهم و عسكرة للجـامعات العلمية و قطع لأوصـال المدن و منع للاحتشاد في السـاحات، بكلمة، صـارت الدولـة فوق المجتمع من جديد ، و مـع ذلك نـافحَ العبيد اللائكيون عن إجراءات القمع لإهدار الكرامة الإنسانية و منهم من زكـوا سفك دمـاء الربعاويين و النهضويين و برروا للسلطة اللائكية العسكرية كـل الأفعـال الطـاغوتية الإجرامية، و أقصـى مـا قام به البعض أن غـادرَ المشهد هـاربا بجلده من بطش حليفه دون أن تكون لـه القدرة علـى التكفير عن أخطـائه القاتلة و مآزقه الفاحشة (البرادعي، حمزاوي، خالد داوود..) .

    1-1 مأزق حق التظاهـر :

    شتـان بين من يؤمن حقيقة بين هـذا الحق و بين الدجـال المستبد، فعندمـا كـان الرئيس مرسي حـاكمـا للبلاد- و لو بشكل جزئي- مـارسَ هـذا الحق بكل جدارة و فسحَ المجـال لسـاحة التدافعـات الحرة لتعبر عن نفسهـا دونمـا عنف، و كانت الساحات مرتعا لاستقبال المعارضين دونمـا حصار أو قمع رغم أساليب العنف و الإرهاب التي تصاحب عادة تصرفات القوى "المدنية" و رغم ظهور تيارات فاشية (بلاك بوك) تستعمل التحريب و التخريب كأدوات لممارسة الضغط، و واصلت "المليونيات" تحركـاتهـا فلم تنصب الدولة مشانقًا عبر زرع قنـاصات عبر السطوح أو عبر اقتحـامات دموية و إنمـا دعت في أكثر من منـاسبة إلـى احترام حق التظاهر السلمي و التعبير عن الرأي رغم التحريض المسعور من اللائكيين الإعلاميين و السياسيين المُرتزقين علـى اقتحام المؤسسات السيادية و استعمال كل الطرق العنيفة لتحقيق مطلب المعارضة الكشكولية، ظل العقل الإسلامي محترمـا لكل أشكـال حق التظاهر و تجنبت القوى الإسلامية النزول للمظاهرات رغم الاستفزازات و الاعتداءات و عبَّرت الرئاسة عن وفائهـا لمبدأ احترام المعارضة في حق التظاهر المشروع فقدمت الدليل علـى قدرتها لاستيعاب الجميع بالطرق السلمية و الحوارات العقلانية حتـى صـارت أسلوبها السياسي تتسم بالمبالغة في التعـامل مـع المخربين عند بعض الإسلاميين .

    في مقابل ذلك نحت المؤسسة اللائكية العسكرية منحى خطيرا فبدأت انقلابها علـى كل الحقوق فكممت الأفواهَ مبكرا و رحّلت المعارضة إلـى السجون الانفرادية و قامت باستعمـال القتل البشع للمتظاهرين في الاعتصامين الشهيرين عبر الحرق و إخـفاء مـعالم الجريمة و قامت بعسكرة الميادين بقوة الجيوش و خنـافسة الأمن المركزي و أطلقت الذخـائر الحية بشكل مباشر علـى المعارضين في المساجد و الشوارع و منعت كل حركة و إشارة و زُجَّ بالأطفال إلـى المخافر و أعادت جهـاز الشرطـة البوليسية للجامعات و كل شيء فعلـوه . صـارَ الوضع الآن واضحـا و بدأ الجميع يتحدث عن النخبة اللائكية الليبرالية الخـائنة لمبادئهـا دون أن يدركوا أصول الاغتراب الثقافي الذي يحرك الأطمـاع و يبرر المجازر الآدمية بلا هوادة ، و لا يمكن بأي حـال من الأحوال فهم خلفيات هـذا الهَـوس اللائكي تجاه قمع المعـارضة الإسلامية و حرمـانهـا من حق التظاهر السلمي إلا باستحضار بُعدين:
    الأول مرتبط بمحدودية القاعدة الشعبية للقوى اللائكية الانقلابية إذ لـو أمكن لهـا فسح المجـال للمعارضة للنزول للميادين لكـان ذلك تعبيرا واضحـا عن انكشاف أقلية أطراف القوى المسمـاة زورا بالمدنية و لأصبحَ الانقلاب العسكري مفضوحـا أمـام الحشود الغفيرة التي ستملأ الميادين بالملايين ، الشيء الذي يجعل العسكر و حذاءه اللائكي حريصـا علـى منع المتظاهرين للوصول إلـى ساحـة التحرير و رابعة العدوية . و مـع ذلك ينبهـر كل يوم هـذا العقل بحجم الحشود في المسيرات اليومية و يضطر معهـا باستخدام أساليب الاستخفاف و الدجل الإعلامي المفضوح من طرف الإعـلام الحر ( شبكة رصد، الجزيرة، الحوار...)

    الثانــي مرتبط بطبيعة العقلية اللائكية نفسهـا التي شبّت علـى مخـاصمة الإسلام (و ليس الإسلاميين) و نـاصبت لأهلهـا العداء بكل الشنـاعات، فهـاته العقلية العروبية صـارت عندها منطق التنـاد الحـاد هدفـا أساسيا في معركتهـا المركزية مع الإسلاميين إذ هي دائمـا على استعداد تام لتبرير كل الممارسات و الأشكـال التعسفية في حق الخصوم مـا دام شعـارها الميكيافلي يسمح لها بذلك ، و هـذا مـا يفسـر قلة الكوادر اللائكية التي نددت بالانقلاب الدموي و رفضت الظلم في حق المعارضة و التحجيم علـى حرياتهم السياسية و الاجتمـاعية.

    إن القاعـدة المحورية التي تتحكم في العديد من تلك القوى للأسف تتمثل أساسا في احتكـار حق التظاهر عندمـا يكون ذلك في صالح الايدولوجيا و تجريمـه و عسكرته عندمـا يصبح في يد الآخرين و كأن النزعـة الانتهـازية و المصلحية المقيتة لا زالت تقود هـذا الفكر المريض و تحدد صفته الحقيقية في التعامل مع المخالفين. و تتكرر الصور و المشاهـد في هـذا الشأن حيث لاحظنـا النظام اللائكي التونسي المتشدد في عقد بورقيبة و بن علي يمـارس أشد الأنواع همجية في التعامل مـع المتظاهرين المعارضين و عندمـا حكمت الصنـاديق بصعود النهضة بأغلبية لم تتحرك لقمع المعارضة و لا لملاحقة كوادرهـا بل كـان لهم من الحرية في التظاهر مـا صار بارزا لكل ذي عينين رغم فساد الأطروحـات الداعية لحل الحكومـة و المجلس التأسيسي و غلبة الأسلوب الاستعجالي المدفوع بأموال البترودولار و عقلية التناد مع القوى الإسلامية ..

    1-2 مــأزق حق المرأة :

    من السهـل جدا التسويق لحقوق المرأة و الحديث عن معـانـاتهـا في المجتمع، لكن من الصعب أن يقبل اللائكي حقوق المرأة عندمـا يتعلق الأمـر بالمرأة الإسلامية الملتزمة، فبحكم تكوينه الاغترابي المفصول عن أصولـه يرسل الكلام عن حقوق المرأة و في مخيالـه صورة المرأة المتحررة من وصايـا الدين و من كل مروءة أخـلاقية إذ تشدّ عقله شدا و تجعـل صورة المرأة المحتجبة العفيفة في مخياله كابوسـا لا يوحي إلا بالرعب و التخلف ، و هكـذا فعندمـا تنـاضل المرأة الملتزمـة بقيم دينهـا فتمـارس حق الدفع والإنكـار لاسترجـاع صوتهـا المسلوب بالمدفع و الدبابـة أو لاختيار من تـراه جديرا بالحكم تصبح هنـا قيمـة عددية تفضي إلـى ديمقراطية "عددية" صورية لا تمت بصلـة بروح الفلسفة الديمقراطية و ثقافتهـا المدنية عند "العقلانيين"، أمـا عندمـا تنتخب المرأة المنحـلة من تراه حاكما أو نـائبا برلمـانيا تتحول هنـا العملية إلـى قيمـة "تنويرية" جديرة بالاحترام وجبَ الخضوع لنتائجهـا إلزامـا . و عندمـا تُهـان امرأة غير ملتزمـة على يد قوات الأمـن مثلا كمـا فُعِلَ بإحداهن إبـان حكم الرئيس مرسي بتجريدهـا من ثيابهـا قامت كـل القوى "المدنية" تستنفر النكير حول حقوق المرأة تُطـالب الاقتصاص من سوء التصرف ( و هو أمـر مطلوب بلا شك )الذي لحق كرامة المرأة جراء الإهـانة وإهـدار الشرف الآدمي ، لكن عندمـا تُقتـل النساء المنقبات في المنصورة علـى يد بلطجي شهير و تُعتقلُ المتظاهرات المنددة بالانقلاب الهمجي يبتلـع العقل اللائكي ريقه سريعـا و يبدأ في سرد محفوظات تحميل المسؤولية لهذا التنظيم أو ذاك ، حقوق المرأة هنـا مشروعـة و هنـاك مرفوضـة !

    إن كثرة التغريدات حول حقوق المرأة لا يقوم دليلا علـى التزام أصحـابهـا لهـا لأن النفاق كمـا يكون في ازدواجية الموقف حول حق التظاهـر يكون أيضا حول حقوق الإنسان عمومـا، و الوقائع علـى الأرض هـي التي تحدد الفئـة الصـادقة في طرحهـا المبدئي من الفئـة البـاغية المنتهزة و المستغلة لكرامـة المرأة و أنوثتهـا .

    يُتــبع إن شاء الله...

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
ردود 0
211 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
ردود 0
42 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
ردود 0
61 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
ردود 0
98 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
ردود 3
113 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
بواسطة Ibrahim Balkhair
يعمل...