هام لكل مسلم مُوَحِّد : 200 سؤال وجواب في العقيدة

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:25 م

- 151 -

والقيام بها وأعظم منه في أسباب معاشه ومصالح دنياه وقد فقه هذا كل الفقه من قال من الصحابة لما سمع أحاديث القدر : ما كنت أشد اجتهاداً مني الآن . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز" (1) ، وقال صلى الله عليه وسلم لما قيل له : أرأيت دواء نتداوى به ورقى نسترقيها هل ترد من قدر الله شيئاً ؟ قال "هي من قدر الله" (2) يعني أن الله تعالى قدر الخير والشر وأسباب كل منهما .

س149 : ما دليل المرتبة الثالثة وهو الإيمان بالمشيئة ؟

جــ : قال الله تعالى : [وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ] (3) ، وقال تعالى : [وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ] (4) ، وقال تعالى : [مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] (5) ، [وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً] (6) ، وقال تعالى : [وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً] (7) ، وقال تعالى : (7) وقال تعالى : [وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ] (8) ، وقال تعالى : [فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ] (9)

ــــــــــــــــــــــــ
1 سبق تخريجه
2 رواه ابن حبان (6100) عن كعب ، والطبراني (3090) والحاكم (4/402) وهو حسن بشواهده .
3 الإنسان : 30
4 الكهف : 23-24
5 الأنعام : 39
6 النحل : 93
7 الشورى : 8
8 محمد : 4
9 البروج : 16

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:26 م

- 152 -

[إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ] (1) ، [إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ] (2) ، [فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ] (3) ، وغير ذلك من الآيات ما لا يحصى . وقال صلى الله عليه وسلم : "قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها كيف يشاء" (4) ، وقال صلى الله عليه وسلم في نومهم في الوادي : "إن الله تعالى قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء" (5) ، وقال "اشفعوا تؤجروا ويقض الله على لسان رسوله ما شاء الله وحده" (6) ، وقال صلى الله عليه وسلم : "من يرد الله تعالى به خيراً يفقه في الدين" (7) ، "وإذا أراد الله تعالى رحمة أمة قبض نبيها قبلها وإذا أراد الله هلكة أمة عذبها ونبيها حي" (8) ، وغير ذلك من الأحاديث في ذكر المشيئة والإرادة ما لا يحصى .

ـــــــــــــــــــــــ
1 يس : 82
2 النحل : 40
3 الأنعام : 125
4 رواه أحمد (2/168-173) ومسلم (2654) عن ابن عمرو .
5 رواه أحمد (5/307) والبخاري (7471-595) وأبو داود (439-440) والنسائي (2/105-106) عن أبي قتادة .
6 رواه أحمد (4/400-406) والبخاري (7476-6028) ومسلم (2627) .
7 البخاري (71-3316-7312-7460) ومسلم (1037)
8 رواه مسلم (2288) وابن حبان (6647) والبيهقي دلائل (3/76) عن أبي موسى .

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:26 م

- 153 -

س150 : قد أخبرنا الله تعالى في كتابه وعلى لسان رسوله بما علمنا من صفاته أنه يحب المحسنين والمتقين والصابرين . ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا يحب الكافرين ولا الظالمين ولا يرضى لعباده الكفر ولا يجب الفساد مع كون كل ذلك بمشيئة الله وإرادته وأنه لو شاء لم يكن ذلك ، فإنه لا يكون في ملكه ما لا يريد فما الجواب لمن قال : كيف يشاء ويريد ما لا يرضى به ولا يحبه ؟

جــ : اعلم أن الإرادة في النصوص جاءت على معنيين :
إرادة كونية قدرية هي المشيئة ولا ملازمة بينهما وبين المحبة والرضا ، بل يدخل فيها الكفر والإيمان والطاعات والعصيان والمُرضي والمحبوب المكروه وضده ، وهذه الإرادة ليس لأحد خروج منها ولا محيص عنها كقوله تعالى : [فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا] (1) ، وقوله تعالى : [وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ

ــــــــــــــــــــــــ
1 الأنعام : 125

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:26 م

- 154 -

شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ] (1) .

وإرادة دينية شرعية : مختصة بمراضي الله ومحابه وعلى مقتضاها أمر عباده ونهاهم كقوله تعالى : [يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ] (2) ، وقوله تعالى : [يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] (3) ، وغيرها من الآيات . وهذه الإرادة لا يحصل أتباعها إلا لمن سبقت له ذلك الإرادة الكونية فتجمع الإرادة الكونية والشرعية في حق المؤمن الطائع وتنفر الكونية في حق الفاجر العاصي ، فالله سبحانه دعا عباده عامة إلى مرضاته وهدى لإجابته من شاء منهم كما قال تعالى : [وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] (4) ، فعمم سبحانه الدعوة وخص الهداية بمن شاء : [إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ] (5) .

س151 : ما دليل المرتبة الرابعة من الإيمان بالقدر وهي مرتبة الخلق ؟

جــ : قال تعالى : [اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ] (6) ، وقال تعالى : [هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ

ــــــــــــــــــــــــ
1 المائدة : 41
2 البقرة : 185
3 النساء : 26
4 يونس : 25
5 القلم : 7
6 الزمر : 62

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:26 م

- 155 -

السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ] (1) ، وقال تعالى : [هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ] (2) ، وقال تعالى : [اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ] (3) ، وقال تعالى : [وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ] (4) ، وقال تعالى : [وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا] (5) ، وقال تعالى : [مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ] (6) ، وقال تعالى : [وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ] (7) ، وغير ذلك من الآيات . وللبخاري في (خلق أفعال العباد) عن حذيفة مرفوعاًَ : "أن الله يصنع كل صانع وصنعته" (8) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "اللهم آتِ نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها إنك أنت وليها ومولاها" (9) ، وغير ذلك من الاحاديث .

ــــــــــــــــــــــ
1 فاطر : 3
2 لقمان : 11
3 الروم : 40
4 الصافات : 96
5 الشمس : 7-8
6 الأعراف : 178
7 الحجرات : 7
8 صحيح ــ رواه البخاري في "خلق أفعال العباد" (ص73) وابن أبي عاصم (357-358) وابن عدي (2/263) والحاكم (1/31) والبيهقي أسماء (ص26-388) عن حذيفة وصححه الشيخ الألباني في "الصحيحة" (1637) وصحيح الجامع (1777) .
9 رواه ابن أبي شيبة (10/186) وأحمد (4/371) ومسلم (2722) والترمذي (3643) والنسائي (8/260-285) والطبراني (5058-5086-5087-5088) والبغوي (1358) عن زيد بن أرقم .

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:27 م

- 156 -

س152 : ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : "والخير كله في يديك والشر ليس إليك" مع أن الله سبحانه خالق كل شيء ؟

جــ : معنى ذلك أن أفعال الله عز وجل كلها خير محض من حيث اتصافه بها وصدورها عنه ليس فيها شر بوجه ، فإنه تعالى حكم عدل ، وجميع أفعاله حكمة وعدل ، يضع الأشياء مواضعها اللائقة بها كما هي معلومة عنده سبحانه وتعالى وما كان في نفس المقدور من شر فمن جهة إضافته إلى العبد لما يلاحقه من المهالك وذلك بما كسبت يداه جزاءًا وفاقاً كما قال تعالى : [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ] (1) ، وقال تعالى : [إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ] (2) ، وقال تعالى : [وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ] (3) .

س153 : هل للعباد قدرة ومشيئة على أفعالهم المضافة إليهم ؟

جــ : نعم للعباد قدرة على أعمالهم ولهم مشيئة وإرادة وأفعالهم تضاف إليهم حقيقة وبحسبها كُلفوا وعليها يثابون

ـــــــــــــــــــــــ
1 الشورى : 30
2 يونس : 44
3 الزخرف : 76

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:27 م

- 157 -

ويُعاقبون ولم يكلفهم الله إلا وسعهم وقد أثبت لهم ذلك في الكتاب والسنة ووصفهم به ولكنهم لا يقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليه ولا يشاءون إلا أن يشاء الله ولا يفعلون إلا بجعله إياهم فاعلين كما تقدم في نصوص المشيئة والإرادة والخلق ، فكما لم يوجِدوا أنفسهم لم يوجدوا أفعالهم ، فقدرتهم ومشيئتهم وإرادتهم وأفعالهم تابعة لقدرته ومشيئته وإرادته وفعله ، إذ هو خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم ومشيئتهم وأفعالهم وليس مشيئتهم وإرادتهم وقدرتهم وأفعالهم هي عين مشيئة الله وإرادته وقدرته وأفعاله كما ليسوا هم إياه ، تعالى الله عن ذلك ، بل أفعالهم المخلوقة لله قائمة بهم لائقة بهم مضافة إليهم حقيقة ولهذا أضاف كلاً من الفعلين إلى من قام به فقال تعالى : [مَن يَهْدِ اللهُ] فالله فاعل حقيقة والعبد منفعل حقيقة ، والله هادٍ حقيقة ، والعبد مهتد حقيقة ، ولهذا أضاف كلاً من الفعلين إلى من قام به فقال تعالى : [مَن يَهدِ اللهُ فهو المُهتَدي] ، فإضافة الهداية إلى الله حقيقة وإضافة الاهتداء إلى العبد حقيقة ، فكما ليس الهادي هو عين المهتدي فكذلك ليس الهداية هي عين الاهتداء ، وكذلك يضل الله من يشاء حقيقة ، وذلك العبد يكون ضالاً حقيقة ، وهكذا جميع تصرف الله في

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:27 م

- 158 -

عباده فمن أضاف الفعل والانفعال إلى العبد كفر ، ومن أضافه إلى الله كفر ، ومن أضاف الفعل إلى الخالق والانفعال إلى المخلوق كلاهما حقيقة فهو المؤمن حقيقة .

س154 : ما جواب من قال : أليس ممكناً في قدرة الله أن يجعل كل عباده مؤمنين مهتدين طائعين مع محبته ذلك منهم شرعاً ؟

جــ : بل هو قادر على ذلك كما قال تعالى : [وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً] (1) الآية ، وقال تعالى [وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا] (2) ، وغيرها من الآيات ، ولكن هذا الذي فعله بهم هو مقتضى حكمته وموجب ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته ، فقول القائل : لِمَ كان من عباده الطائع والعاصي كقول من قال : لِمَ كان من أسمائه الضار النافع والمعطي المانع والخافض الرافع والمنعم والمنتقم ونحو ذلك إذ أفعاله تعالى هي مقتضى أسمائه وآثار صفاته ، فالاعتراض عليه في أفعاله اعتراض عليه في أسمائه وصفاته ، بل وعلى إلهيته وربوبيته [فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ] (3) .

ــــــــــــــــــــــ
1 المائدة : 48
2 يونس : 99
3 الأنبياء : 22-23

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:28 م

- 159 -

س155 : ما منزلة الإيمان بالقدر من الدين ؟

جــ : الإيمان بالقدر نظام التوحيد كما أن الإيمان بالأسباب التي توصل إلى خيره وتحجز عن شره هي نظام الشرع ، ولا ينتظم أمر الدين ويستقيم إلا لمن آمن بالقدر وامتثل الشرع كما قرر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالقدر ثم قال لمن قال له : أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل ؟ قال : "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" (1)

فمن نفى القدر زاعماً منافاته للشرع فقد عطل الله عن عمله وقدرته وجعل العبد مستقلاً بأفعاله خالقاً لها فأثبت مع الله تعالى خالقاً ، بل أثبت أن جميع المخلوقين خالقون ، ومن أثبته محتجاً به على الشرع محارباً له به نافياً عن العبد قدرته واختياره التي منحه الله تعالى إياها وكلفه بحسبها زاعماً أن الله كلف عباده ما لا يُطاق كتكليف الأعمى بنقط المصحف فقد نسب الله تعالى إلى الظلم وكان إمامه في ذلك إبليس لعنه الله تعالى إذ يقول : [قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ] (2) ، وأما المؤمنون حقاً فيؤمنون بالقدر خيره وشره ، وأن الله خالق ذلك كله وينقادون للشرع أمره ونهيه ، ويحكمونه في أنفسهم سراً وجهراً ، والهداية والضلال بيد الله يهدي من يشاء بفضله ،

ــــــــــــــــــــــ
1 سبق تخريجه
2 الأعراف : 16

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:28 م

- 160 -

يضل من يشاء بعدله وهو أعلم بمواقع فضله وعدله [هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى] (1) ، وله في ذلك الحكمة البالغة والحجة الدامغة ، وأن الثواب والعقاب مترتب على الشرع فعلاً وتركاً لا على القدر وإنما يعزون أنفسهم بالقدر عند المصائب فإذا وفقوا لحُسنه عرفوا الحق لأهله فقالوا : [وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ] (2) ولم يقولوا كما قال الفاجر : [إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي] (3) ، وإذا اقترفوا سيئة قالوا كما قال الأبوان [رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ] (4) ، ولم يقولوا كقول الشيطان الرجيم : [رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي] (5) ، وإذا أصابتهم مصيبة : [قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ] (6) ولم يقولوا كما قال الذين كفروا : [وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] (7)

ـــــــــــــــــــــ
1 النجم : 30
2 الأعراف : 34
3 القصص : 78
4 الأعراف : 23
5 الحجر : 39
6 البقرة : 156
7 آل عمران : 156

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:28 م

- 161 -

س156 : كم شعب الإيمان ؟

جــ : قال الله تعالى : [لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ] (1) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "الإيمن بضع وستون" وفي رواية "بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان" (2) .

س157 : بمَ فسر العلماء هذه الشعب ؟

جــ : قد عدها جماعة من شراح الحديث وصنفوا فيها التصانيف فأجادوا وأفادوا ، ولكن ليس معرفة تعدادها شرطاً في الإيمان بل يكفي الإيمان بها جملة ، وهي لا تخرج عن الكتاب

ـــــــــــــــــــــــ
1 البقرة : 177
2 رواه ابن أبي شيبة (11/40) والبخاري (9) وفي "الأدب المفرد" (598) ومسلم (35) وأبو داود (4676) والترمذي (2614) والنسائي (8/110) وابن ماجة (57) عن أبي هريرة .

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:29 م

- 162 -

والسنة فعلى العبد امتثال أوامرهما واجتناب زواجرهما وتصديق أخبارهما وقد استكمل شعب الإيمان والذي عدوه حق كله من أمور الإيمان ، ولكن القطع بأنه هو مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث يحتاج إلى توقيف (1) .

س158 : أذكر خلاصة ما عدوه ؟

جــ : قد لخص الحافظ في الفتح ما أورده ابن حبان بقوله : إن هذه الشعب تتفرع من أعمال القلب وأعمال اللسان وأعمال البدن .
فأعمال القلب : المعتقدات والنيات على أربع وعشرين خصلة ، الإيمان بذاته وصفاته وتوحيده بأنه [لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ] (2) ، واعتقاد حدوث ما دونه والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره والإيمان باليوم الآخر ويدخل فيه المسألة في القبر والبعث والنشور والحساب الميزان والصراط والجنة والنار ومحبة الله والحب والبغض فيه ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم واعتقاد تعظيمه ويدخل فيه الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم واتباع سنته والإخلاص ويدخل فيه ترك الرياء والنفاق والتوبة والخوف والرجاء والشكر والوفاء والصبر

ـــــــــــــــــــــــــ
1 راجع كتاب "شعب الإيمان" للبيهقي رحمه الله
2 الشورى : 11

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:29 م

- 163 -

وترك التكبر والعجب وترك الحسد وترك الحقد وترك الغضب .

وأعمال اللسان : وتشتمل على سبع خصال : التلفظ بالتوحيد وتلاوة القرآن وتعلم العلم وتعليمه والدعاء والذكر ويدخل فيه الاستغفار واجتناب اللغو .

وأعمال البدن : وتشتمل على ثمان وثلاثين خصلة منها ما يتعلق بالأعيان وهي خمس عشرة خصلة : التطهر حساً وحكماً ، ويدخل فيه إطعام وإكرام الضيف والصيام فرضاً ونفلاً ، والاعتكاف والتماس ليلة القدر والحج والعمرة والطواف كذلك ، والفرار بالدين ويدخل فيه الهجرة من دار الشرك والوفاء بالنذر والتحري في الإيمان وأداء الكفارات .

ومنها ما يتعلق بالاتباع وهي ست خصال : التعفف بالنكاح والقيام بحقوق العيال ، وبر الوالدين ويدخل فيه اجتناب العقوق وتربية الأولاد وصلة الرحم وطاعة السادة والرفق بالعبيد .

ومنها ما يتعلق بالعامة وهي سبع عشرة خصلة : القيام بالإمارة مع العدل ومتابعة الجماعة وطاعة أولي الأمر والإصلاح بين الناس ويدخل فيه قتال الخوارج والبغاة والمعاونة على البر ويدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود والجهاد ومنه المرابطة وأداء الأمانة ومنه أداء الخـُمس والقرض مع وفائه وإكرام الجار وحسن المعاملة ويدخل

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:30 م

- 164 -

فيه جمع المال من حِله وإنفاقه في حقه ، ويدخل فيه ترك التبذير والإسراف ورد السلام وتشميت العاطس وكف الضرر عن الناس واجتناب اللهو وإماطة الأذى عن الطريق .

فهذه تسع وستون خصلة ويمكن عدها سبعة وسبعين خصلة باعتبار إفرادها ضم بعضه إلى بعض مما ذُكِر والله أعلم .

س159 : ما دليل الإحسان من الكتاب والسنة ؟

جــ : أدلته كثيرة منها قوله تعالى : [وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ] (1) ، [إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ] (2) ، [وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى] (3) ، [لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ] (4) ، [هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ] (5) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله كتب الإحسان على كل شيء" (6) ، وقال صلى الله عليه وسلم : "نعما للعبد أن يتوفى يُحسن عبادة الله وصحابة سيده نعما له" (7)

ــــــــــــــــــــــــ
1 البقرة : 195
2 النحل : 128
3 لقمان : 22
4 يونس : 26
5 الرحمن : 60
6 رواه الطيالسي (119) وعبد الرزاق (8604) وأحمد (4/123-124) ومسلم (1955) وأبو داود (2815) والترمذي (1409) والنسائي (7/227) عن شداد بن أوس
7 رواه البخاري (2546-2550) ومسلم (1667) والترمذي عن أبي هريرة

**نصرة الإسلام** · 12 أكت, 2013, 11:30 م

- 165 -

س160 : ما هو الإحسان في العبادة ؟

جــ : فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سؤال جبريل لما قال له : "فأخبرني عن الإحسان ؟ قال أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (1) ، فبين صلى اله عليه وسلم أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين : أعلاهما : عبادة الله كأنك تراه ، وهذا مقام المشاهدة وهو أن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه وهو أن يتنور القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان ، وهذا هو حقيقة مقام الإحسان .

والثاني : مقام المراقبة وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة اله إياه وإطلاعه عليه وقربه منه ، فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله تعالى وإرادته بالعمل . ويتفاوت أهل هذين المقامين بحسب نفوذ البصائر .

س161 : ما ضد الإيمان ؟

جــ : ضد الإيمان الكفر ، وهو أصل له شعب كما أن الإيمان أصل له شعب ، وقد عرفت مما تقدم أن أصل الإيمان هو التصديق الإذعاني المستلزم للانقياد بالطاعة . فالكفر أصله الجحود والعناد

ـــــــــــــــــــــــ
1 سبق تخريجه

المواضيع	إحصائيات	آخر مشاركة
ذكر بناء البيت العتيق .. بواسطة فارس الميـدان ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, 5 أغس, 2024, 07:27 م	ردود 2 41 مشاهدات 0 معجبون	آخر مشاركة بواسطة فارس الميـدان 5 أغس, 2024, 08:05 م
(النصيحة الذهبية للأشاعرة المعاصرين ) .. للشيخ عبدالرحمن الوكيل - رحمه الله - سليمان بن صالح الخراشي بواسطة د.أمير عبدالله ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 26 يول, 2024, 03:53 م	ردود 0 20 مشاهدات 0 معجبون	آخر مشاركة بواسطة د.أمير عبدالله 26 يول, 2024, 03:53 م
مسند الربيع بن حبيب الإباضي - دراسة نقدية بواسطة د.أمير عبدالله ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 26 يول, 2024, 03:41 م	ردود 0 70 مشاهدات 0 معجبون	آخر مشاركة بواسطة د.أمير عبدالله 26 يول, 2024, 03:41 م
الصحيح من الآثار في ذكر المسيخ الدجال بواسطة كريم العيني ابتدأ بواسطة كريم العيني, 17 ماي, 2024, 09:16 ص	ردود 0 28 مشاهدات 0 معجبون	آخر مشاركة بواسطة كريم العيني 17 ماي, 2024, 09:16 ص
المَيتَ الصَّالحَ يرَى المُبشِّراتِ قبْلَ دفْنِه بواسطة اسلامي عزي ابتدأ بواسطة اسلامي عزي, 14 يول, 2023, 02:56 ص	ردود 0 17 مشاهدات 0 معجبون	آخر مشاركة بواسطة اسلامي عزي 14 يول, 2023, 02:56 ص

هام لكل مسلم مُوَحِّد : 200 سؤال وجواب في العقيدة

عن الكاتب

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

تعليق

مواضيع ذات صلة