حاجتنا إلى الهداية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

حاملة اللواء مسلمة اكتشف المزيد حول حاملة اللواء
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حاملة اللواء
    مشرفة شرف المنتدى
    عضو مجموعة الأخوات

    • 24 ديس, 2010
    • 1969
    • طاعة الله
    • مسلمة

    #1

    حاجتنا إلى الهداية



    حاجتنا إلى الهداية


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

    وبعد:
    فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليلِ افتَتَح صلاته: ((اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السَّموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكُمُ بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدِني لِما اختُلف فيه من الحق بإذنك؛ إنك تهدي مَن تشاءُ إلى صراط مستقيم)).

    هذه مقدمة صلاتِه - عليه الصلاة والسلام - وهو يستقبل ربَّه في جوف الليل، ولسانُه يلهَجُ بقوله: "اهدني"، وعند النسائي وغيره بسند صحيح من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتَح الصلاة كبَّر، ثم قال: ((إن صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين، لا شريكَ له، وبذلك أُمرتُ وأنا أول المسلمين، اللهم اهدِني لأحسنِ الأعمال، وأحسنِ الأخلاق، لا يهدي لأحسنِها إلا أنت))، وهو - بأبي هو وأمي - يكرِّر قولَه: "اهدني".

    رسولك - صلى الله عليه وسلم - الذي شرَح اللهُ له صدرَه، ووضَع عنه وِزرَه، ورفَع له ذِكْرَه، رسولك - صلى الله عليه وسلم - الذي أيَّده - جل وعلا - بوحيه، ونصَره بجُنده، يُلِحُّ على ربه بسؤال الهداية، ويؤكد - صلى الله عليه وسلم - على مفهوم الهداية وحاجتنا إليها حين يقول: ((لا صلاةَ لِمَن لم يقرَأْ بفاتحة الكتاب))، والتي مدارها حول قوله - سبحانه -: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، فلا تُقبَل ركعة لمسلم إلا حين يسأَلُ ربَّه فيها الهداية.



    ما أحوجَنا اليوم إلى سؤال الهداية بصدق، وخصوصًا في زمان قلَّ فيه العلماء، وكثيرٌ فيه السفهاءُ! ما أحوجَنا إلى سؤال الهداية في زمان قال فيه مَن شاء ما شاء، وفي زمان يُصدَّق فيه الكاذبُ، ويكذَّبُ فيه الصادق، ويؤتمن فيه الخائنُ، ويخوَّنُ فيه الأمين!

    ما أحوجنا إلى سؤال الهداية في زمان الكذب والتضليل والركام الهائل من الزيف!

    ما أحوجَنا إلى سؤال الهداية والأمَّةُ تعيش في ركام متلاطم من تلبيس الحق بالباطل.

    فكم من طاعاتٍ نحن بحاجة فيها إلى الهداية! وكم من أعمال نقدِّمها نحتاج فيها إلى الهداية! وكم من قُرُبات نحتاج إلى الثبات عليها! وكم من الآراء والمواقف التي تستوقف طريقَ سَيْرِنا إلى الله ونحتاج فيها إلى الهداية!



    فيا ترى ممن نطلبها؟ وعند من سنجدها؟ وكيف السبيل إليها؟


    تأمَّل في ردِّ نبي الله موسى - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - يومَ أنْ سأله فرعون فقال: ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 49، 50]، نعم ربُّنا الذي هدى، هذا مختصرُ ما قاله موسى - عليه السلام - وآمَن به، فتراه حين أراد الذهاب إلى مَدْيَنَ قال: ﴿ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [القصص: 22]، يقول أهل التفسير: إن نبيَّ الله موسى لم يكن يعرفُ طريق مَدْيَنَ، لكنه توجه تلقاء تلك القرية، وسأَل ربه الهداية، فكانت المعجزةُ مباشرة بعدها: ﴿ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ ﴾ [القصص: 22]، فوصَل القرية بعد أن سأل اللهَ الهداية إليها، ويوم أن أدرَكه فرعونُ بجنوده: ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 61، 62]، فمَن هداني يوم أن خلَقني، وأنجاني وأرشدني، لن يُضيعَني؛ فهو الهادي - سبحانه.

    تأمَّل في أحوال أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيسمع - عليه الصلاة والسلام - بأحوال بعضهم يوم أن قالوا: نصوم ولا نُفطر، ونقوم الليل ولا ننام، ولا نتزوَّج النساء، فيرد - عليه الصلاة والسلام - ويُرشِد ويصوِّب، ويسمَعُ عن أبي إسرائيل الذي نذَر أن يقومَ ولا يستظل، ولا يتكلم، وأن يصوم، فيرد - عليه الصلاة والسلام - ويُرشِد ويصوب، ويرى حبلاً في المسجد بين ساريتين، فيقال له: إنه حبل فلانةَ تربط نفسها لتقوم الليل، فيرد - عليه الصلاة والسلام - ويُرشِدُ ويصوِّب، فإذا كان جيلُ الصحابة مع طهارته وقُربه من الوحي يحتاجُ إلى مَن يُسدِّدُه ويهديه ويوفِّقه، فكيف بمن بعدهم؟



    أخي المسلم، أختي المسلمة:


    الهداية هي قصة حياتك، ولا ينالُها إلا من سعى إليها؛ ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التغابن: 11]، ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [العنكبوت: 69]، ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101]، وكما جاء في الحديث القدسي: ((يا عبادي، كلُّكم ضالٌّ إلا من هدَيْتُه؛ فاستهدوني أَهْدِكم)).

    لتلهَجْ ألسنتُنا بسؤال الهداية؛ فقد قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعليٍّ - رضي الله عنه -: ((يا عليُّ، سَلِ اللهَ الهدى والسداد، واذكُرْ بالهدى هدايتَك الطَّريقَ، وبالسَّداد تسديدَك السَّهمَ)).

    والله من وراء القصد، وصلَّى الله على سيدنا محمد، وعلى آله، وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


    د. حسام الدين السامرائي


    روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
    وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



مواضيع ذات صلة

تقليص

  • Shebl Al Saqar
    البراهين العقلية في حاجتنا للنبوة (16)
    بواسطة Shebl Al Saqar
    سلسلة نقد المذهب الربوبي (16):

    البراهين العقلية على حاجتنا للنبوّة:

    ونأتي إلى استعراض الأدلة على ضرورة النبوّة بما يبطل أساس الفكر الربوبي ويهدم بنيانه. ويمكننا في هذا السياق طرح البراهين التالية التي تثبت حاجة
    ...
    6 ديس, 2021, 08:39 م
  • الفقير لله 3
    تفسير الآية 2 من سورة البقرة من مصادر متعدد
    بواسطة الفقير لله 3
    ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة : 2]
    سيتم سرد أحد اسباب نزول سورة البقرة (الآيات الأولى)
    وتلك القصة تتناسب مع التأويل المتعلق بالحروف المقطعة في اول سورة البقرة وانها رموز لليهود ليتأكدوا ان القرآن ايضا من عند الله
    ولقد جعل الله كلمة آلم مجموعها 71 وعند قراءة اية 71 في نفس السورة ستجد ان تنفيذ اليهود توصية موسى بذبح البقرة ادى لمعرفة الحق
    {
    ...
    14 أكت, 2024, 04:59 ص
  • كريم العيني
    تيموثاوس الأولى 3 : 16 دراسة تحليلية - التاعب شاهين
    بواسطة كريم العيني
    تيموثاوس الأولى 3 : 16 دراسة تحليلية
    رداً على القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير كاهن كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد

    بقلم العبد الفقير إلى الله أبو المنتصر شاهين الملقب بـ التاعب
    ﴿ قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾[الأنعام : 149]


    الحمد لله نحمده , ونستعين به ونستغفره , ونعوذ بالله...
    9 يون, 2024, 02:30 ص
  • ديدات
    الهداية إلى الضلال
    بواسطة ديدات
    الهداية إلى الضلال*



    سوء التصور طريق إلى الحيرة:

    الحائر لا بد أن يحتار في المسائل الفرعية إذا كان تصوره عن الأصل غير صحيح، فمناقشة قضايا الإسلام والتشكيك حولها، ومن ثم الدفاع عنها لا يجدي نفعا إذا كان الحائر لا يؤمن بالله!!،...
    19 ماي, 2008, 01:58 ص
  • د.أمير عبدالله
    تدوين الفقه
    بواسطة د.أمير عبدالله
    تدوين الفقه

    أ) حال الأمة العربية حين البعد:
    بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمة العربية أمة بادية، لا تقرا ولا تكتب إلا نادراً ، وفى أطراف الجزيرة، حيث كانت بقايا الحضارة الحميرية، وحيث يكثر الاختلاط بالفرس وبالروم، أما سائر...
    16 يول, 2019, 03:09 ص
  • د.أمير عبدالله
    محاضرة أسانيد التفسير ومنهجية الحكم عليها - للشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني
    بواسطة د.أمير عبدالله
    محاضرة أسانيد التفسير ومنهجية الحكم عليها
    للشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني







    لا شك أن هذا الموضوع مهم جدا ، وتبدأ أهميته من عبارة مشكلة يعرفها الجميع وهي عبارة الإمام أحمد التي يقول فيها " ثلاثة كتب ليس لها أصول : المغازي والملاحم والتفسير " هذه العبارة...
    1 أغس, 2023, 06:55 م
  • جار التحميل...
  • لا مزيد من المواد

مواضيع من نفس المنتدى الحالي

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ثابت: صحح أقوالك
بواسطة ام مريم
ابتدأ بواسطة ام مريم, 2 ماي, 2007, 03:57 م
ردود 167
43,998 مشاهدات
1 رد فعل
آخر مشاركة عاشق طيبة
بواسطة عاشق طيبة
ابتدأ بواسطة رسالة حق, 30 أكت, 2006, 06:04 م
ردود 126
23,414 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة نصرة الإسلام
ابتدأ بواسطة محب المصطفى, 22 ينا, 2014, 07:44 م
ردود 117
13,818 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة محب المصطفى
بواسطة محب المصطفى
ابتدأ بواسطة (((ساره))), 2 أكت, 2012, 04:51 م
ردود 110
27,468 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عاشق طيبة
بواسطة عاشق طيبة
ابتدأ بواسطة محب المصطفى, 6 ديس, 2013, 05:28 م
ردود 21
8,009 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة أحد الأنام
بواسطة أحد الأنام
يعمل...