فقال للملك: إنك لن تستطيع قتلي إلا إذا فعلت ماآمرك به.
ونرى في كلمات الغلام شيئين .. إثبات عجز الملك.. والأمر الذي سيأمر الملك به.. ولعل هذا أول أمر يتلقاه الملك في حياته ويجد نفسه مضطراً إلى تنفيذه.
وبذلك ينهي الغلام ادعاء الربوبية الذي يدعيه الملك بإثبات عجزه واضطراره إلى تنفيذ الأمر الذي يصدر إليه.
ولقد حرص الغلام على إنهاء هذا الإدعاء في ذلك الموقف لأنه الموقف الأخير الذي يجب أن ينتهي معه هذا الإدعاء الفظيع.
ويكون الأمر هو (أن تجمع الناس في صعيد واحد) حتى يشهدوا الأحداث ويفهموا معناها، ولقد بدأ الغلام أوامره بهذا الأمر لأنه يعلم أن مثل هؤلاء الحكام يخفون الحقائق التي تفيد الناس وتساعدهم على الإيمان ومعرفة الحق.
وهذا هو ماقصده موسى عندما طلب من فرعون أن يكون موعد المواجهة بينه وبين السحرة: يوم اجتماع الناس {يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى} [طه: 59].
ويستمر الغلام في إصدار الأوامر إلى الملك العاجز (وتصلبني في جذع شجرة) حتى يكتمل ضعف الغلام في إحساس الناس فيكون غلاماً صغيراً مصلوباً في جذع شجرة،حتى يسهل على الناس الانطلاق بإحساسهم نحو الإيمان بالقوة التي قهرت الملك والتي تقف مع ذلك الغلام الصغير المصلوب.. قوة الله رب الغلام.
(ثم تأخذ سهماً من كنانتي ) واشتراط أن يكون السهم من كنانته هو؛ فيكون سبب القتل من عنده وتتأكد رغبته في القتل.
(ثم تضع السهم في كبد القوس) ولقد كان من الطبيعي أن يوضع السهم في كبد القوس ولكن الغلام جعل التصرف الطبيعي تنفيذاً لأمر منه حتى لايتحرك الملك أي حركة من تلقاء نفسه ليكون خضوعه كاملاً ونهائياً لأوامر الغلام التي جعلها الله صياغة لإرادته هو سبحانه.
(ثم قل بسم الله رب الغلام) وبهذا يكون الغلام قد أعطى للناس تفسيراً للموقف فيكون قتله رغبة منه وسبباً من عنده.. يتحقق بقدر الله بعد أن عجز الملك.
ويستجيب الملك لأوامر الغلام استجابة الضعيف المضطر فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: (بسم الله رب الغلام).
استجاب الملك لأوامر الغلام لأنه وجد نفسه أمام ثلاثة أمور: إما أن يترك الغلام يدعو بدعوته كيفما شاء.. وكان هذا الحال سينتهي بإيمان الناس. وإما أن يستمر في تأكيد عجزه عن ذلك وتتأكد للناس قوة الله الذي يحمي الغلام وكان هذا الحال أيضاً سينتهي بإيمان الناس.
والأمر الثالث وهو ما اختاره الملك، والذي انتهى بقتل الغلام وأيضاً آمن الناس، فقد أراد الله أن يؤمن الناس وأن تعلو كلمته وقضى بذلك سبحانه وحكم ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه. وعلى أساس هذا الموقف نفهم قول الله الذي جاء في سورة البروج: {والله من ورائهم محيط} [البروج: 20].
(ثم رماه في صدغه فوضع يده في صدغه فمات) وهذه العبارة تتضمن حقيقة قدرية هائلة.. حقيقة الربط بين السبب والنتيجة وهي لحظة الفرق بين الضرب بالسهم وموت الغلام حيث تقول العبارة (ثم رماه فوقع السهم في صدغه..).. فلم يمت..لم يتحقق ربط السبب بالنتيجة.. (فوضع يده في صدغه ..).. (فمات).
وقد كانت هذه الحقيقة القدرية الأخيرة التي تتحدد بها العلاقة السبب والنتيجة. سبقها عدة حقائق.
ففي القصة النتيجة التي تتحقق بعكس مقصود البشر من السبب فنفس الغلام الذي أراد البشر أن يكون داعية للضلال. يريد الله أن يكون داعية للحق، وفي نفس طريق الغلام إلى الساحر يلتقي بالراهب ويجلس إليه ويسمع منه ويعجبه كلامه.
وفي القصة النتيجة الهائلة بالسبب البسيط.. مثلما قتل الغلام الدابة التي كانت تسد على الناس الطريق بحجر صغير.
وهو المعنى المتحقق كذلك بهزيمة الملك ووقوع ما كان يحذره بسبب هذا الغلام الصغير.
وفي القصة المختلفة بالسبب الواحد وذلك عندما كان الغلام وأصحاب الملك فوق الجبل فرجف بهم الجبل وجاء إلى الملك وكذلك عندما كان الغلام وأصحاب الملك في السفينة فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك.
ومن مجموع هذه الحقائق نفهم من سورة البروج قول الله سبحانه : {فعال لما يريد} [البروج: 16].
لأن هذه الآية هي حقيقة كل الحقائق.
ولقد كان آخر ما قاله الغلام هو أمره للملك بأن يقول: (بسم الله رب الغلام) وبهذه الكلمة فتح الغلام للناس باب الإيمان. فقد كانوا يعرفونه محباً لهم وساعياً لمنفعتهم ومداوياً لأدوائهم وما بقي إلا أن يعرف الناس أن للغلام رباً هداه إلى محبتهم وأذن لـه بشفائهم.
باسمه تحقق عجز الملك وباسمه سيموت الغلام راغباً من أجل إيمانهم وهنا نشعر بمدى القهر الذي انتهى إليه الملك. فبعد أن كان يدعي الربوبية ويعذب ويقتل من لا يدَّعيها لـه، يقول في النهاية بنفسه.. (باسم الله رب الغلام).
ولذلك لم يكن الغلام خائفاً من أن تنعكس رؤية الناس لـه وهو يموت خوفاً من الملك بعد قهره بهذا الموقف.
كما أن الغلام لم يكن خائفاً لأنه استطاع أن ينشئ تعاطفاً كاملاً لـه في نفوس هؤلاء الناس بسلوكه معهم قبل ذلك وبموقف الموت ذاته حيث تحدد الفارق بينه كغلام صغير مصلوب على جذع شجرة وبين الملك الظالم.
وعندما انتهى الخوف من الملك المقهور وبدأ التعاطف مع الغلام الداعية بدأ الناس في الإحساس الصحيح بالموقف.
غلام صغير يحب الناس ويقدم بهم المنافع والخير.. يموت برغبته من أجلهم.. بعد أن أثبت عجز الملك وضعفه من أجل أن يؤمنوا بالله رب الغلام.
واستجاب الناس.. فاندفعوا من كل مكان بلا خوف يرددون نداءات الإيمان (آمنا برب الغلام).. (آمنا برب الغلام).
ففي لحظة الانطلاق من قيود الوهم والجهل..
وفي لحظة العزة بعد القهر والذل..
وفي لحظة القوة بعد الوهن والضعف.. يؤمن الناس.
(فأتى الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد والله وقع بك حذرك).
وتغيرت ملامح المجتمع وأنهت الجماهير ادعاء الحاكم الكاذب فجاء إلى الملك من يقسم لـه بالله على هزيمته وعجزه ويقول له: (قد والله وقع بك حذرك).
(فأمر بالأخاديد في أفوه السكك فخدت وأضرم فيها النيران).
ورغم هذا لم يتوقف اندفاع الناس من كل طريق وفي كل السكك وواصلوا الاندفاع حتى أخاديد النيران.
وواصل الملك مواجهة الجماهير المندفعة فقال: (من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها أوقيل لـه اقتحم) ليقاوم كل إنسان بنفسه حب البقاء في نفسه فيكون أقل مقدار للضعف كافياً وسبباً للارتداد وقد كانت هذه الفكرة آخر ما أفرزته رأس هذا الملك المهزوم من سموم المكر. ولكن الإيمان أبطل أثرها، وعالجت قوة الاندفاع الأصيل إلى الموت أثر أي ضعف كان كامناً في النفوس.
ويلتقط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهداً لمعالجة الإيمان لإحساس التعلق بالحياة فيه (جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: ياأمه، اصبري إنك على الحق).
جاءت الأم بولدها متمسكة به إلى النهاية لم تفصلها أهوال الأحداث عنه حتى جاءت إلى حافة الأخدود واشتعلت مشاعر الأمومة وكراهية الموت فيها فترددت أن تقع بابنها ولكن الطفل يطفئ في إحساس أمه لهيب النار ذات الوقود لتلقي بنفسها وتنجو من الضعف والتقاعس، وكان حديث هذا الصبي هو آخر كلمات القصة عند حافة الأخدود. قصة الانتصار للحق.
وتبقى مشاهد العذاب وأخاديد النيران بشررها المتطاير ولهيبها ترتفع ألسنته بأجساد المؤمنين الطاهرة. ويبقى أثر تلك النار في قلب كل مؤمن استضعافاً في الأرض وجاهلية في الحياة ترتفع ألسنتها كلما استشهد شهيد في سبيل تلك الدعوة من أجل التمكين لها في الأرض وهذه الحياة.
وفي ذلك جاء قول الله تعالى: {والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على مايفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد} [ البروج].
ونرى في كلمات الغلام شيئين .. إثبات عجز الملك.. والأمر الذي سيأمر الملك به.. ولعل هذا أول أمر يتلقاه الملك في حياته ويجد نفسه مضطراً إلى تنفيذه.
وبذلك ينهي الغلام ادعاء الربوبية الذي يدعيه الملك بإثبات عجزه واضطراره إلى تنفيذ الأمر الذي يصدر إليه.
ولقد حرص الغلام على إنهاء هذا الإدعاء في ذلك الموقف لأنه الموقف الأخير الذي يجب أن ينتهي معه هذا الإدعاء الفظيع.
ويكون الأمر هو (أن تجمع الناس في صعيد واحد) حتى يشهدوا الأحداث ويفهموا معناها، ولقد بدأ الغلام أوامره بهذا الأمر لأنه يعلم أن مثل هؤلاء الحكام يخفون الحقائق التي تفيد الناس وتساعدهم على الإيمان ومعرفة الحق.
وهذا هو ماقصده موسى عندما طلب من فرعون أن يكون موعد المواجهة بينه وبين السحرة: يوم اجتماع الناس {يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى} [طه: 59].
ويستمر الغلام في إصدار الأوامر إلى الملك العاجز (وتصلبني في جذع شجرة) حتى يكتمل ضعف الغلام في إحساس الناس فيكون غلاماً صغيراً مصلوباً في جذع شجرة،حتى يسهل على الناس الانطلاق بإحساسهم نحو الإيمان بالقوة التي قهرت الملك والتي تقف مع ذلك الغلام الصغير المصلوب.. قوة الله رب الغلام.
(ثم تأخذ سهماً من كنانتي ) واشتراط أن يكون السهم من كنانته هو؛ فيكون سبب القتل من عنده وتتأكد رغبته في القتل.
(ثم تضع السهم في كبد القوس) ولقد كان من الطبيعي أن يوضع السهم في كبد القوس ولكن الغلام جعل التصرف الطبيعي تنفيذاً لأمر منه حتى لايتحرك الملك أي حركة من تلقاء نفسه ليكون خضوعه كاملاً ونهائياً لأوامر الغلام التي جعلها الله صياغة لإرادته هو سبحانه.
(ثم قل بسم الله رب الغلام) وبهذا يكون الغلام قد أعطى للناس تفسيراً للموقف فيكون قتله رغبة منه وسبباً من عنده.. يتحقق بقدر الله بعد أن عجز الملك.
ويستجيب الملك لأوامر الغلام استجابة الضعيف المضطر فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: (بسم الله رب الغلام).
استجاب الملك لأوامر الغلام لأنه وجد نفسه أمام ثلاثة أمور: إما أن يترك الغلام يدعو بدعوته كيفما شاء.. وكان هذا الحال سينتهي بإيمان الناس. وإما أن يستمر في تأكيد عجزه عن ذلك وتتأكد للناس قوة الله الذي يحمي الغلام وكان هذا الحال أيضاً سينتهي بإيمان الناس.
والأمر الثالث وهو ما اختاره الملك، والذي انتهى بقتل الغلام وأيضاً آمن الناس، فقد أراد الله أن يؤمن الناس وأن تعلو كلمته وقضى بذلك سبحانه وحكم ولا راد لقضائه ولا معقب لحكمه. وعلى أساس هذا الموقف نفهم قول الله الذي جاء في سورة البروج: {والله من ورائهم محيط} [البروج: 20].
(ثم رماه في صدغه فوضع يده في صدغه فمات) وهذه العبارة تتضمن حقيقة قدرية هائلة.. حقيقة الربط بين السبب والنتيجة وهي لحظة الفرق بين الضرب بالسهم وموت الغلام حيث تقول العبارة (ثم رماه فوقع السهم في صدغه..).. فلم يمت..لم يتحقق ربط السبب بالنتيجة.. (فوضع يده في صدغه ..).. (فمات).
وقد كانت هذه الحقيقة القدرية الأخيرة التي تتحدد بها العلاقة السبب والنتيجة. سبقها عدة حقائق.
ففي القصة النتيجة التي تتحقق بعكس مقصود البشر من السبب فنفس الغلام الذي أراد البشر أن يكون داعية للضلال. يريد الله أن يكون داعية للحق، وفي نفس طريق الغلام إلى الساحر يلتقي بالراهب ويجلس إليه ويسمع منه ويعجبه كلامه.
وفي القصة النتيجة الهائلة بالسبب البسيط.. مثلما قتل الغلام الدابة التي كانت تسد على الناس الطريق بحجر صغير.
وهو المعنى المتحقق كذلك بهزيمة الملك ووقوع ما كان يحذره بسبب هذا الغلام الصغير.
وفي القصة المختلفة بالسبب الواحد وذلك عندما كان الغلام وأصحاب الملك فوق الجبل فرجف بهم الجبل وجاء إلى الملك وكذلك عندما كان الغلام وأصحاب الملك في السفينة فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك.
ومن مجموع هذه الحقائق نفهم من سورة البروج قول الله سبحانه : {فعال لما يريد} [البروج: 16].
لأن هذه الآية هي حقيقة كل الحقائق.
ولقد كان آخر ما قاله الغلام هو أمره للملك بأن يقول: (بسم الله رب الغلام) وبهذه الكلمة فتح الغلام للناس باب الإيمان. فقد كانوا يعرفونه محباً لهم وساعياً لمنفعتهم ومداوياً لأدوائهم وما بقي إلا أن يعرف الناس أن للغلام رباً هداه إلى محبتهم وأذن لـه بشفائهم.
باسمه تحقق عجز الملك وباسمه سيموت الغلام راغباً من أجل إيمانهم وهنا نشعر بمدى القهر الذي انتهى إليه الملك. فبعد أن كان يدعي الربوبية ويعذب ويقتل من لا يدَّعيها لـه، يقول في النهاية بنفسه.. (باسم الله رب الغلام).
ولذلك لم يكن الغلام خائفاً من أن تنعكس رؤية الناس لـه وهو يموت خوفاً من الملك بعد قهره بهذا الموقف.
كما أن الغلام لم يكن خائفاً لأنه استطاع أن ينشئ تعاطفاً كاملاً لـه في نفوس هؤلاء الناس بسلوكه معهم قبل ذلك وبموقف الموت ذاته حيث تحدد الفارق بينه كغلام صغير مصلوب على جذع شجرة وبين الملك الظالم.
وعندما انتهى الخوف من الملك المقهور وبدأ التعاطف مع الغلام الداعية بدأ الناس في الإحساس الصحيح بالموقف.
غلام صغير يحب الناس ويقدم بهم المنافع والخير.. يموت برغبته من أجلهم.. بعد أن أثبت عجز الملك وضعفه من أجل أن يؤمنوا بالله رب الغلام.
واستجاب الناس.. فاندفعوا من كل مكان بلا خوف يرددون نداءات الإيمان (آمنا برب الغلام).. (آمنا برب الغلام).
ففي لحظة الانطلاق من قيود الوهم والجهل..
وفي لحظة العزة بعد القهر والذل..
وفي لحظة القوة بعد الوهن والضعف.. يؤمن الناس.
(فأتى الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد والله وقع بك حذرك).
وتغيرت ملامح المجتمع وأنهت الجماهير ادعاء الحاكم الكاذب فجاء إلى الملك من يقسم لـه بالله على هزيمته وعجزه ويقول له: (قد والله وقع بك حذرك).
(فأمر بالأخاديد في أفوه السكك فخدت وأضرم فيها النيران).
ورغم هذا لم يتوقف اندفاع الناس من كل طريق وفي كل السكك وواصلوا الاندفاع حتى أخاديد النيران.
وواصل الملك مواجهة الجماهير المندفعة فقال: (من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها أوقيل لـه اقتحم) ليقاوم كل إنسان بنفسه حب البقاء في نفسه فيكون أقل مقدار للضعف كافياً وسبباً للارتداد وقد كانت هذه الفكرة آخر ما أفرزته رأس هذا الملك المهزوم من سموم المكر. ولكن الإيمان أبطل أثرها، وعالجت قوة الاندفاع الأصيل إلى الموت أثر أي ضعف كان كامناً في النفوس.
ويلتقط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهداً لمعالجة الإيمان لإحساس التعلق بالحياة فيه (جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: ياأمه، اصبري إنك على الحق).
جاءت الأم بولدها متمسكة به إلى النهاية لم تفصلها أهوال الأحداث عنه حتى جاءت إلى حافة الأخدود واشتعلت مشاعر الأمومة وكراهية الموت فيها فترددت أن تقع بابنها ولكن الطفل يطفئ في إحساس أمه لهيب النار ذات الوقود لتلقي بنفسها وتنجو من الضعف والتقاعس، وكان حديث هذا الصبي هو آخر كلمات القصة عند حافة الأخدود. قصة الانتصار للحق.
وتبقى مشاهد العذاب وأخاديد النيران بشررها المتطاير ولهيبها ترتفع ألسنته بأجساد المؤمنين الطاهرة. ويبقى أثر تلك النار في قلب كل مؤمن استضعافاً في الأرض وجاهلية في الحياة ترتفع ألسنتها كلما استشهد شهيد في سبيل تلك الدعوة من أجل التمكين لها في الأرض وهذه الحياة.
وفي ذلك جاء قول الله تعالى: {والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على مايفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد} [ البروج].
تعليق