س180- لقد أكد يسوع أنه ذكرهم باسم الله، وعرفه لهم.
(6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. ..... 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ) يوحنا 17: 6، 26
(... أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ. 12حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي) يوحنا 17: 11-12
وفى الترجمة المشتركة: (أظهرتُ لهم اسمك ، وسأظهره لهم)
والإظهار لا يتم إلا من بعد الإخفاء. والتعريف بالشىء يكون من بعد جهله.
فأين هو اسم الله؟ لقد ضاع من اليهود ، وضاع من المسيحيين؟
فلماذا تجنب كتاب الأناجيل ذكر اسم الله تعالى؟
(26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ) يوحنا 17: 6، 26
فمعرفة اسم الله إذن تتسبب فى حب الله لمن يعرف اسمه، كحبه ليسوع. فهل محبة الله فى طمس اسمه أو إخفائه؟ أهكذا بكل بساطة ضيعوا اسمه؟ قولوا لى بالله عليكم: ماذا كان الشيطان سيفعل غير ذلك؟
(7طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ.) متى 5: 7
فمن هو هذا الإله الذى سيرحمهم؟ لماذا بنيت الجملة للمبنى للمجهول، ولم يُذكر فيها اسم الله صراحة؟ ولا أعنى هذه الجملة بالذات، بل إن طمس اسم لله جاء عمدًا، ولم يُذكر فى طول الكتاب وعرضه. ور يغتر القارىء البسيط بوجود كلمة (الله) فى التراجم العربية، فهى فى لغات المخطوطات التى بين أيديهم إما (يهوه) وإما (زيوس) باليونانية. وهو اسم الإله الذى كان يُعبد من قبل الوثنيين اليونان. ومع ذلك لم يتورع المترجم من ترجمة اسم زيوس إلى الله، واسم يهوه إلى الله.
وحتى لو ذكرت بلفظة أبانا أو أبى أو أبوكم، فما هو اسم ذلك الأب؟ فهل ضنَّ يسوع على نفسه أن ينطق صراحة باسم إلهه؟ أم اتبع عادة اليهود فى طمس اسم الله؟ كيف؟ وهو القائل: وعلمتهم اسمك الأعظم الذى علمتنى؟
(45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ .... ) متى 5: 45
(48فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.) متى 5: 48
(وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.) متى 6: 6
(9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) متى 6: 9
فهل هذه الأناجيل امتداد لما يؤمن به اليهود وانتقده يسوع، وحكم على تقاليدهم بأنها تحريف لأوامر الله؟
(6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
(6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
لقد دعا يسوع الله قائلا: (28أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ وَأُمَجِّدُ أَيْضاً».) يوحنا 12: 28
فما هو اسم الآب هذا الذى مجده؟ وكيف مجده وقد طُمس من الكتاب بأكمله؟ فهل أخفى النسَّاخ بأوامر من جهة ما اسم الله من الكتاب؟ أم كتب هذه الكتب أعداء يسوع من اليهود وطبقوا تقاليدهم التى هاجمها فى الكتاب الذى نسبوه للرب؟
يقول الرب فى كتابه: (لأَنَّهُ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا اسْمِي عَظِيمٌ بَيْنَ الأُمَمِ .. .. وَاسْمِي مَهِيبٌ بَيْنَ الأُمَمِ) ملاخى 1: 11 ، 14
فهل لم يعلم يسوع أن اسم الرب مهيب؟ فهل طمسه يسوع أم طمسه الكتَّاب؟
ألم يخبر الرب موسى عليه السلام أنه أرسله ليُخبر باسمه فى كل الأرض؟
(16وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا أَقَمْتُكَ لِأُرِيَكَ قُوَّتِي وَلِيُخْبَرَ بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ.) خروج 9: 16
ألم يكن يسوع تابعًا لموسى عليه السلام؟ فلماذا لم يسر على نفس دربه ويخبر أمته على الأقل باسم الرب؟؟
لقد قال الرب لدانيال: (لِيَكُنِ اسْمُ اللَّهِ مُبَارَكاً مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ لأَنَّ لَهُ الْحِكْمَةَ وَالْجَبَرُوتَ) دانيال 2: 20
فما هو اسم الرب هذا الذى ينبغى أن يكون مباركًا من الأزل إلى الأبد؟
عزيزى المسيحى: إن عباد الله المؤمنين هم الذين يعرفون اسم الله كما قال إشعياء. (6لِذَلِكَ يَعْرِفُ شَعْبِيَ اسْمِي.) أشعياء 52: 6 فهل أنت من شعب الله؟ لا. وكيف تكون من شعب الله وأنت لا تعرف اسمه؟
عزيزى المسيحى: هل أنت من الهالكين أم من المخلصين؟ إن الهالكين لا يعرفون اسم الله، ومن عرف اسم الله نجَّاه الله من كل هم وضيق: (14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزامير 91: 14-16
س181- هل تم تعميد يسوع أم لا؟ ومن الذى عمَّده؟ تقول الأناجيل:
(9وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ.) مرقس 1: 9
(13حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ. 14وَلَكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلاً: «أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!» 15فَقَالَ يَسُوعُ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ لأَنَّهُ هَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرٍّ». حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ.) متى 3: 13-15
(21وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضاً. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ) لوقا 3: 21
(29وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ. 30هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ يَأْتِي بَعْدِي رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي. 31وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ. لَكِنْ لِيُظْهَرَ لِإِسْرَائِيلَ لِذَلِكَ جِئْتُ أُعَمِّدُ بِالْمَاءِ». 32وَشَهِدَ يُوحَنَّا: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. 33وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لِأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 34وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هَذَا هُوَ ابْنُ اللَّهِ».) يوحنا 1: 29-34
لقد اختلفت الأناجيل فى إعطاء إجابة واحدة على هذا السؤال، ومن ثم أصبح لدينا أربع إجابات مختلفة كالآتى:
1- تبعًا لمرقس 1: 9 تُذكر بصورة مقتضبة جدًا أن تعميد يسوع حدث فى وقت قدومه من ناصرة الجليل إلى الأردن.
2- وتبعًا لمتى 3: 13-15 قال له يوحنا المعمدان (أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!)، وفى النهاية سمح له يسوع أن يعمِّده لإكمال كل بر. ويقول المفسرون إن يسوع غُمِّد على الرغم من أنه بار، لا يحتاج للتعميد، الذى هو بمثابة التطهُّر من الذنوب السابقة، وبداية عهد جديد مع الله.
3- وتبعًا للوقا 3: 21 عُمِّد يسوع، ولكن لا يُعرف من الذى عمَّده. فقد أدخل يسوع نفسه فى زمرة الشعب، واعتمد مثلهم. ولا يمكن أن يكون تعميده قد حدث على يد المعمدان، لأنه كان فى تلك اللحظات فى السجن: (19أَمَّا هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ فَإِذْ تَوَبَّخَ مِنْهُ لِسَبَبِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ وَلِسَبَبِ جَمِيعِ الشُّرُورِ الَّتِي كَانَ هِيرُودُسُ يَفْعَلُهَا 20زَادَ هَذَا أَيْضاً عَلَى الْجَمِيعِ أَنَّهُ حَبَسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ.) لوقا 3: 19-20، وهذا يُخالف ما قاله متى مُخالفة صريحة.
4- وتبعًا ليوحنا 1: 29-34 فبمجرد رؤية يوحنا ليسوع عرف أنه حمل الله، وابنه الذى يرفع الله به خطايا العالم. فلو كانت المعمودية ترفع الخطايا وتزيلها لكان صلب يسوع غير مبرر وزائد عن الحاجة، ويكون الرب قد ضحى بنفسه هباءً منثورا، وفى نفس الوقت اعتراف ضمنى بعدم قيمة المعمودية. ولو كان الصلب هو الذى خلص العالم من الخطيئة الأزلية، فما جدوى معمودية يسوع؟ وما جدوى استمرار التعميد حتى الآن؟ ولم يتبق لهم إلا طريق واحد وهو أن يقروا أن يسوع كان مخطئًا، وأن هذه المعمودية لغفران ذنوبه هو الشخصية، الأمر الذى ينفى عنه الألوهية.
وفى الحقيقة هناك احتمال آخر، وهو ما يراه القرآن الكريم من أن الاستغفار هو نوع من العبادة، فيه من التوحيد ما فيه، حيث يعترف المستغفر أن الله هو وحده الذى يغفر الذنوب، فلا إله غيره، ولا قادر غيره، ولا صافح أو رؤوف أو ودود أو ... أو ... غيره. وكان استغفار الأنبياء لمعرفتهم قدر الله تعالى بصورة أكبر من الناس. فهو يعرف أن صلاته ليست الصلاة التى تليق بجلال الله تعالى وقدره. فيستغفر الله تعالى أنه لم يصلى أفضل من ذلك أو أكثر من ذلك. وأن هذه الصلاة لا تليق به، فهو يستحق صلاة وعبادة أفضل من ذلك، لكن حيلة العبد أقل من أن تُعطى الله تعالى حقه، الذى يليق به فى العبادة. وفى كل هذه الحالات السابقة يجب الإقرار أن يسوع عبدًا من عباد الله تعالى. لأن التعميد وطلب التوبة من الله لا يكون إلا من العبد. فهل كان يسوع كإله يطلب التوبة من نفسه؟ أم أن أقنوم الابن كان يطلب المغفرة من أقنوم الآب؟ فلو حدث ذلك لكان هناك تمايز بين الأقانيم، وكان أحدهم إله الآخر، والآخر عبد للأول.
وقد ذكر يوحنا فى الإنجيل المنسوب إليه أن يسوع جاء إلى يوحنا، ولكنه لم يذكر أنه عمَّده. أضف إلى ذلك أن هذا الإنجيل كتب ليرفع قدر (ألوهية؟) يسوع. لذلك جعل الإنجيل تعميد الناس بالماء على يد المعمدان، ولكن تعميد الناس بالروح القدس على يد يسوع نفسه.
وفى النهاية لم يذكر إنجيل يوحنا أن المعمدان قام بتعميد يسوع، واتفق فى ذلك مع لوقا. وخالف مرقس ومتى.
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا: هل عمَّد يوحنا المعمدان يسوع أم لا؟
ويمكننا طرح السؤال بصورة مغايرة: هل عمَّد يوحنا المعمدان من الأساس؟ وكيف عمَّد يسوع الناس بالروح القدس؟ فالتعميد بالماء مفهوم، ويمكن تخيله، لكن كيف يتم التعميد بالروح القدس هذا؟ أليس هذا هو يوحنا الذى ذكر فى إنجيله أن يسوع لم يكن يعمِّد بل تلاميذه؟ فمتى عمَّد يسوع سواء بالماء أم بالروح القدس؟ (2مَعَ أَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ يُعَمِّدُ بَلْ تلاَمِيذُهُ) يوحنا 4: 2
يقول البروفيسور بينكاس لابيدى أستاذ العهد الجديد فى كتابه (هل ترجم الكتاب المقدس بصورة صحيحة؟) ص70: لم يكن المعمدان يعمِّد أحدًا، بل كان ينادى بأن على كل إنسان أن يتوب بنفسه ويتطهَّر. فإن ما يحدث اليوم من وجهة النظر المسيحية بعيدًا عن الواقع، وتؤكد نسخة الإنجيل المنتسب إلى لوقا فى مجلد بيزا وجهة النظر هذه، وهو الأمر الذى لم يقبله قانون الكتاب المقدس، على الرغم من وجودها فى أحد المخطوطات الهامة له، بل أحد أهم مخطوطات العهد الجديد. فلا يوجد فى النسخة اليونانية شىء عن مُعمِّد أو مُعمَّد، وغالبًا ما يوصف المعمدان أنه هو الذى عمَّدَ نفسه، ولم يكن ليوحنا المعمدان دورًا غير أنه سيكون شاهدًا على التعميد. فقال النص اليونانى: (وعمَّدوا أنفسهم أمام يوحنا) لوقا 3: 7 نسخة بيزا، وهى باليونانية (enopion) وتعنى تعميد الذات، أو تعميد النفس أمام ..
والآن: هل عُمِّد يسوع أم لا؟ وهل عمَّده المعمدان؟ وإن لم يكن المعمدان قد عمَّده، فمن الذى عمده؟ أم عمَّد يسوع نفسه وكان المعمدان شاهدًا عليه؟
ويبدو أن تعميد الإنسان لنفسه كانت عادة منتشرة آنذاك.
وعلى أحسن الفروض، وهو ما تعترف يه الكنيسة القبطية وغيرها أيضًا من الكنائس، أن المعمدان هو الذى قام بتعميد يسوع: ألا يدل هذا على سمو مكانة المعمدان وأهميتها عن يسوع؟ فكيف يكون النبى أعلى قدرًا من إلهه؟ ولو عرف المعمدان أن يسوع إلهه وإله البشر وعمَّده، لحكمنا بكفر المعمدان نفسه، إذ لا يليق بنبى أو إنسان أن يضع إلهه فى منزلة أقل من منزلته هو نفسه!
وإن قالوا: إن هذا يُعد نوع من تواضع الإله. لقلنا لا يليق بالإله أن يحقر نفسه باسم التواضع، ويحط من شأن نفسه ويصغرها أمام عبيده، حيث سينفى هذا عنه صفات الألوهية فى بعض الأوقات، حتى ولو كانت النية ظهوره بمظهر المتواضع. فهو فى لحظة تعميده على يد البشر لم يكن الإله الأعظم، ولا الأكبر.
س182- يقول مرقس 6: 32 و45 و53 (1وَخَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى وَطَنِهِ وَتَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. .... 32فَمَضَوْا فِي السَّفِينَةِ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِدِينَ. ... 45وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوا إِلَى الْعَبْرِ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا حَتَّى يَكُونَ قَدْ صَرَفَ الْجَمْعَ. ... 53فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ وَأَرْسَوْا.)
فبعد أن أطعم يسوع الخمسة آلاف فى شرق الأردن، أرسل تلاميذه إلى بيت صيدا الواقعة على الجانب الغربى. فموقع المدينة إذن كان بالقرب من الشاطىء الغربى لبحر الجليل فى منطقة كفرناحوم وكورزين، حيث يوجد الآن رديم وأطلال.
وإذا ما قارنا ما ذكره مرقس أعلاه بما قاله لوقا فى (10: 9-17) نجد مدينة أخرى تُدعى أيضًا بيت صيدا، تقع بالقرب من الشاطىء الشمالى الشرقى لبحيرة طبرية. وفيها قام يسوع بإشفاء الأعمى (مرقس 8: 22). وجرت أيضًا معجزة إطعام الخمسة آلاف نفس بالقرب من هذه المدينة (لوقا 9: 10-17؛ متى 14: 13-21؛ مرقس 6: 31-44؛ يوحنا 6: 1-14).
وسميت هذه المدينة فيما بعد باسم (جوليا)، وهى ابنة الإمبراطور أغسطس (وقيل زوجته). وذلك بعد أن قام أميرها فيليب بتوسعتها، وتُسمى هذه المدينة اليوم باسم التل، وبها عدة صخور قديمة، وبعض الكهوف. ومازال الأمر لم يُحسم بعد.
الأمر الذى يعنى أنه من المستحيل أن تكون الأحداث المذكورة أعلاه قد حدثت فى بيت صيدا الواقعة على الجانب الغربى أو حتى بالقرب منها.
وعلى ذلك نجد بيت صيدا فى مكانين مختلفين تمامًا عن بعضهما البعض. فماذا يفعل شارحو الكتاب المقدس أمام هذا المأزق، الذى وضعهم فيه كاتب الأناجيل الذى لا يعرف جغرافية فلسطين؟
لقد ادعوا وجود مدينتين بنفس الاسم، أحدهما على الشاطىء الشرقى لنهر الأردن قرب مصبه في بحر طبرية، وتقع بيت صيدا الأخرى (وأسموها صيدا الجليل) على الجانب الغربى لنهر الأردن قرب بحيرة طبرية.
ذكرت بيت صيدا فى العهد الجديد سبع مرات: خمس منها فى الأناجيل الثلاثة المتوافقة (متى 11: 21؛ مرقس 6: 45، و8: 22؛ لوقا 9: 10، و10: 13)، ومرتين عند (يوحنا 1: 44 و12: 21).
وقد أشار يوحنا فى إنجيله أن بيت صيدا كانت منشأ التلاميذ (أندريا وسيمون بطرس وفيليب) يوحنا 1: 44، 12: 21.
ويرتبط بيت صيدا عند مرقس أو لوقا بثلاث معجزات قام بها يسوع: مشيه على الماء (مرقس 6: 45-52)، وشفاء الأعمى (مرقس 8: 22-26) وإطعام الخمسة آلاف (لوقا 9: 10-17).
لقد وضع يوحنا وبلينيوس بيت صيدا (جوليا) فى الجليل. وهو أمر غير دقيق؛ لأن الجليل تنتهى على شاطىء الأردن، وكانت بيت صيدا تقع فى منطقة بتنية Batanنa [بيت عنيا] فى جولانتيس Gaulanitis [الجولان]. ويُذكر أيضًا أن بيت صيدا ذُكرت فى مرقس ومتى ويوحنا 1: 44 دون معطيات جغرافية محددة.
وقد أقر يوسيفوس فلافيوس فى (الحرب اليهودية 3: 10: 7) أن بيت صيدا تقع على الضفة الشرقية لنهر الأردن. ونعلم ذلك أيضًا من التلمود (شيكاليم 4: 2)؛ لأنها كانت تقع ضمن منطقة نفوذ الحاكم فيليب، وكان نهر الأردن يكوِّن حدود منطقة نفوذ الحاكم هيرودس أنتيباس (العاديات اليهودية 18: 2: 1)، ثم طواها النسيان منذ زمن الحروب الصليبية.
إلا أن موقع المدينة قد طواه النسيان، وذلك بعد أن حدث زلزال مدمِّر عام 363م دُمِّرت المدينة على أثره، وأصبحت أثرًا بعد عين، وصار موقعها أمر غير مؤكد. لذلك كان يبحث حجاج العصور الوسطى عن بيت صيدا الإنجيلية فى منطقة كفرناحوم. وفى بعض خرائط الحجاج أبدلوا موقع الاثنين ببعضهما البعض. أما حديث بعض الحجاج عن زيارتهم لبيت صيدا، حيث كانوا، فلم يعد فى مقدور العلم اليوم توضيح ذلك الموقع.
ولكن إن تدمير هذه المدينة فى زلزال عام 363م وطمسه لموقعها ليدل على أن الأناجيل كتبت بعد هذا الزمن، حيث لم يحدد الكاتب بدقة موقعها، ولم يتفقوا على مكان محدد لهذه المدينة. وقد حددت خرائط فلسطين الأوروبية الحديثة موقع بيت صيدا على جانبى بحيرة جنيسرات الشرقى والغربى.
لكننى أتخيل لو حدث زلزال ودمر جزيرة الزمالك التى تقع على الجانب الشرقى للنيل، ومحاها من الوجود (حفظها الله وأهلها!). فهل سيختلط على الناس أو العلماء موقعها بالضبط، ويظن البعض أنها كانت فى الغرب بدلا من الشرق؟ فى الحقيقة إن هذه التبريرات مثيرة للعجب، وأعتقد أن هذا نتيجة للتخبط، وعدم رغبتهم فى مصارحة قراء هذا الكتاب، والمؤمنين به بحقيقة الأمر، وهو أن كُتَّاب هذه الأناجيل لم يكونوا من تلاميذ يسوع، ولم يعرفوا فلسطين، أو يزوروها مرة فى حياتهم، وأنها كتبت فى القرن الرابع بعد أن طمست معالم فلسطين الجغرافية!!
ففى القرن الـ 19 بدأت حوارات نكثفة حول موقع بيت صيدا، تبعًا لما ذكره يوحنا 12: 21. إذ لا يُعقل أن يقوم يسوع بعدة معجزات فى بيت صيدًا التى تقع على الجانب الشرقى للبحر، ثم يرسل تلاميذه للجانب الغربى، فى الوقت الذى يقول فيه أحد الأناجيل الأخرى إن بيت صيدا يقع على الجانب الغربى من البحر. الأمر الذى يعنى إما أن المعجزات التى تمت فى الجانب الشرقى ما هى إلا رواية كاذبة، غير تاريخية، ولم تحدث، وهى من اختراع كاتب لا يعرف فلسطين ولا جغرافيتها، وبالتالى فهو ليس من التلاميذ، ولا حتى من أتباعهم. وإما إرسال التلاميذ بعد إتمام المعجزات أمر كاذب لم يحدث، وبالتالى فإن كاتب هذا الكلام لا يتورع أن يضع على لسان يسوع ما يريده هو، ولا علاقة للروح القدس فى كل الأحوال بهذه الرواية. لأنه لا يُعقل أن يُخطىء وحى الرب فى معلومة ما. ولا يتبق لنا إلا أن الكاتب لا يعرف موقع المدينة بالضبط، ففبركها.
وافترض الباحثون وجود مكانين باسم بيت صيدا: وهما بيت صيدا العهد الجديد، وبيت صيدا الذى ذكره يوسيفوس فلافيوس باسم (جوليا). وافترضوا لبيت صيدا العهد الجديد الأماكن الآتية: العرج، وخربة المنجة، وتبغا. وافترضوا أيضًا أن بيت صيدا (جوليا) هى موقع (التل) اليوم.
وحسمت لجان المناقشة والبحث الأمر على أن منطقة التل هى المكان الذى كانت تقع به مدينة بيت صيدا. وهو الأمر الذى ينفيه ويرفضه جانب آخر من الباحثين.
وفى نهاية القرن التاسع عشر تزايدت المطالبة بالإقلاع عن الحديث عن وجود مدينتين باسم بيت صيدا، وقالوا بوجود مدينة واحدة فقط هى (التل) اليوم. حيث عثروا على كميات كبيرة من الفخار، الذى يرجع إلى العصر الرومانى.
وجاءت موسوعة قاموس الكتاب المقدس مادة (بيت صيدا شرق نهر الأردن) فى العصر الحديث لتكذب هذا فقالت: (اسم ارامي معناه "بيت الصيد" (مت 11: 21) يطلق هذا الاسم على مدينتين: كانت أحداهما على الشاطئ الشرقي من نهر الأردن قرب مصبه في بحر طبرية. وبقربها كانت برية بيت صيدا (مت 14: 15-20 ولو 9: 10). وهي مدينة في شرقي الاردن في منطقة خلاء (أي ارض غير مزروعة تستخدم للرعي) وفيها اشبع يسوع الجموع من خمس خبزات وسمكتين (مر 6: 32 44، لو 9: 10 17) ولا شك في انها هي قرية "بيت صيدا" في جولونيتس السفلى، رفعها فيلبس رئيس الربع إلي مرتبة المدينة ودعاها "جولياس" تكريما لـ"جوليا" ابنة اوغسطس قيصر. وهي تقع بالقرب من ملتقى نهر الاردن ببحيرة جنيسارت ولعلها تقع عند "التل". وهو تل من الاطلال إلي الشرق من الأردن على مرتفع يبعد ميلا واحدا عن البحر. ولما كان هذا الموقع بعيدا عن البحر، فان شوماخر يرى ان بيت صيدا كقرية اشتهرت بالصيد كانت تقع عند "العرج" (el Arag) .... ولا يمكن ان تكون "بيت صيدا جولياس" هي نفسها "التل" وذلك لان ما بالربوة من أوان فخارية، يرجع إلي العصر البرونزي، فهي اذا لم تكن مسكونة في زمن ربنا يسوع المسيح. ومازال موقع بيت صيدا غير محدد تماما، الا انه من المحتمل جدا انه كان قريبا من الركن الجنوبي الشرقي لذلك السهل الواسع (يو 6).)
يقول قاموس الكتاب المقدس مادة (بيت صيدا الجليل): (..... وكانت الأخرى تدعى بيت صيدا الجليل، في الجهة الغربية من نهر الأردن قرب بحيرة طبرية بقرب خان منيه. وهي مدينة اندراوس وبطرس وفيلبس (يو 1: 44) أما "طمسن" فيظن أن ليس إلا بيت صيدا واحدة، وأنها عند أبي زاني الحالية، بجانب مصب الأردن في بحيرة طبرية وذلك لأن الكلمات "لمدينة صيدا" محذوفة من بعض النسخّ. وهى المدينة التي عاش فيها فيلبس وأندراوس وبطرس (يو 1: 44، 12: 21)، وربما عاش فيها ايضا يعقوب ويوحنا. ويبدو ان منزل أندراوس وبطرس لم يكن يبعد كثيرا عن مجمع كفر ناحوم، ولعل بيت صيدا كانت قرية الصيد لمدينة كفر ناحوم. ولكنا لا نعلم موقعها على وجه التحديد. وتوجد قرية على قمة جبلية صخرية إلي الشرق من بلدة "خان منيا" تسمى "الشبخ على الصيادين" (او على شيخ الصيادين) وهى كا يبدو من الاسم تحمل في شقها الاول اسم احد الاولياء، وتحتفظ في شقها الثاني بما يدل على أنها "بيت الصيادين" (أي بيت صيدا). ويوجد بالقرب منها موقع " عين التبغة " التي يظن كثيرون انها " بيت صيدا الجليل". وتندفع المياه الدافئة من العيون الغزيرة نحو خليج صغير في البحيرة، حيث تتجمع الأسماك باعداد هائلة، وهو ما ينشده الصيادون. فان كانت كفر ناحوم عند "خان منيا" فمعنى ذلك انهما كانتا متجاورتين. وقد اندثر الكثير من الأسماء القديمة للمدن، كما تغيرت مواقع البعض الأخر مما يجعل من الصعب تحديد أماكنها بالضبط.)
فلك أن تتخيل أن اسم المدينة التى نشأ فيها يسوع وتسمَّى باسمها غير معروفة، وهى الناصرة، ولم يذكرها التلمود أو المؤرخ فيلو أو غيره حتى القرن الرابع!!
ولك أن تتخيل أنهم لا يعرفون إلام تشير النبوءة التى تقول إنه سيدعى ناصريًا!
ولك أن تتخيل أنهم يفترضون أن متى هو لاوى جامع الضرائب!
ولك أن تتخيل أن تفاسيرهم أجمعت على أن متى نسخ معظم إنجيل مرقس، وأضاف عليه من مصادر أخرى، على الرغم من أن متى المفترض هنا هو التلميذ الذى كان يرافق يسوع فى كل مكان، فهو شاهد العيان، وأن مرقس (كما يقولون) فهو مترجم بطرس. فلك أن تتخيل أن شاهد العيان ينسخ حوالى 85% من كتاب آخر!!
ولك أن تتخيل أن يوحنا الأمى، عديم العلم، الذى لم يكن يقرأ ولا يكتب، كتب إنجيله بلغة يونانية، لا عيب فيها ولا خطأ!!
(13فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 4: 13 الفاندايك
(فَتَعَجَّبَ الْمُجْتَمِعُونَ مِنْ جُرْأَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَلِّمَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ عَامَّةِ الشَّعْبِ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ) ترجمة كتاب الحياة
(فلمَّا رأى أعضاءُ المَجلِسِ جُرأةَ بُطرُسَ ويوحنَّا، تَعَجَّبوا لأنَّهُم عَرَفوهُما أُمِّيَّينِ مِنْ عامَةِ النّـاسِ. ولكنَّهُم عَلِموا أنَّهُما كانا قَبلاً معَ يَسوعَ) الترجمة المشتركة
(فلمَّا رأََوْا جُرْأََةَ بُطرسَ ويوحنَّا، وعَلِموا أَنَّهما رَجُلانِ مِنْ عامَّةِ الشَّعبِ وأُمِّيَّانِ، تَعَجَّبوا. وكانوا يَعْرفونَ أَنَّهما كانا مَعَ يَسوع؛) الترجمة البولسية
(فلَمَّا رَأَوا جُرأَةَ بُطرُسَ ويوحَنَّا وقَد أَدركوا أَنَّهما أُمِّيَّان مِن عامَّةِ النَّاس، أَخَذَهُمُ العَجَب، وكانوا يَعرِفونَهما مِن صَحابَةِ يسوع،) الترجمة الكاثوليكية
ولك أن تتعجب أنهم لا يعرفون موقع (وادى بكة) فأسموه وادى البكاء، على الرغم من أنه اسم علم، وأسماء الأعلام لا تُترجم! (مزمور 84: 6)
ولك أن تتخيل أنهم نسبوا لهيرودس قتل 200 أو 2000 من أطفال بيت لحم، ولا يوجد فى التاريخ من يُدعم هذه القصة!!
ولك أن تتخيل أنهم لا يعرفون كيف ذهب يوسف النجار مع خطيبته ليكتتبا فى بيت لحم، وهما لم يعلنا زواجهما بعد، أى ذهبا بأنفسهما ليثبتا على أنفسهما جريمة زنى!!
ولك أن تتعجب أنهم لا يعرفون اسم إلههم، فيقولون الآب أو أبانا!
ولك أن تتخيل أن اسم يهوه ليس اسمه الحقيقى، فقد فُقدَ اسم الله الحقيقى، ومن ثم فقدت صفاته الدالة عليه، فاخترعوا له هذه الحروف الأربعة.
ولك أن تتخيل أنهم لا يعرفون موقع المدينة التى أقام فيها يسوع عدة معجزات منها إطعام خمسة آلاف من البشر!!
س183- يقول لوقا فى افتتاحيته: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4
وهذا يعنى أنه كانت هناك عمليات كثيرة لتدوين قصة يسوع، يقوم بها أناس مختلفى المشارب، منهم من يكتب عن علم، ومنهم من يُضلل، أو نقول بحسن نية إنه يكتب عن جهل، الأمر الذى سيتسبب فى ضلال الكثيرين. وأن شهود العيان من التلاميذ لم يكتبوا إنجيلا، بل أعطوا لوقا الوثائق التى لديهم ليكتب بدقة. فهذا اعتراف من لوقا أن التلاميذ لم يكتبوا إنجيلا. فمن أين جاءت هذه الأناجيل التى سبقت لوقا، وأعنى بهم مرقس ومتى؟
س184- رفض يسوع أن يأذن للكاتب أن يذهب ليدفن أبيه المتوفى: (21وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَا سَيِّدُ ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 22فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ».) متى 8: 21-22
ومن هذه الفقرة نفهم أن الكاتب يعلم أن أباه قد مات، وينتظر الإذن من يسوع ليذهب ليدفنه. ويرفض يسوع طلب الرجل الذى أراد أن يبر أباه، ويدفنه. قائلا له عبارة لا تُفهم إلا على سبيل المجاز: (اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ).
إن الموتى لا يَدفنون، بل يُدفنون. وعلى ذلك فقد شهد يسوع على أهل هذا الرجل بأنهم من الفاسدين، الذين سيرثون الموت، أى سيخلدون فى نار جهنم. وعلى ذلك فإن المفهوم لابد أن يكون دع هؤلاء الهالكين (أهلك أو جيرانك أو الاثنين معًا) يدفنون موتاهم.
إن اتباعه ليسوع ليتعلم منه البر والصلاح، فأين البر الذى سيتعلمه الرجل من هذا الموقف؟
لكن فى الحقيقة يقول البروفيسور بينكاس لابيدى أستاذ العهد الجديد: إن كلمة مدينة تعنى matta، بينما تعنى كلمة ميت metta، فأخطأ الكاتب فى نقل هذا الحرف المختلف بين الكلمتين، فجاءت الترجمة على هذا النحو. وعلى ذلك يجب أن يكون قول يسوع: دع المدينة تدفن ميتها. لأن هذا واجب من الواجبات التى تفرضها تعاليم موسى والأنبياء على المؤمنين بهم.
لكن كيف فات هذا على كل المترجمين طوال ألفين سنة؟
فى الحقيقة إن تفسير البروفيسور بينكاس لابيدى قد يكون مقنعًا لولا النصوص الأخرى التى تشير إلى أن يسوع جاء ليهدم الأسرة ويفرق أفرادها عن بعضهم البعض، وليقوِّض كل بر، منها: (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 26
(34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. 37مَنْ أَحَبَّ أَباً أَوْ أُمّاً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي وَمَنْ أَحَبَّ ابْناً أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي) متى 10: 34-37
س185- من الأخطاء غير القابلة للتأويل أو الإصلاح هو الخطأ الحادث بين مرقس ويوحنا فى تحديد موعد موت يسوع. فبينما يكون وقت صلب يسوع فى الساعة الثالثة عند مرقس 15: 25 (25وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ.)، يكون صلبه فى الساعة التاسعة عند يوحنا 19: 14-16 (14وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «هُوَذَا مَلِكُكُمْ». 15فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ اصْلِبْهُ!» قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟» أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرُ». 16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ.)
ومعنى ذلك أنه بينما كان يسوع يقف أمام الكهنة يحققون معه عند يوحنا، كان يسوع على الصليب عند مرقس. فمن الذى أخطأ من الكاتبين: مرقس أم يوحنا؟ أم أخطأ الاثنان ولم يُصلب كما تقول الأناجيل التى ترجع إلى القرون الأولى من التوقيت، وترفضها الكنيسة؟
لقد أجمع علم اللاهوت على أن الأناجيل كتبت بعد وقوع الأحداث التى تصورها بعدة عشرات من السنين. ومن هنا كان لابد أن يحدث عدم اتفاق فى رواية الأحداث.
وهنا تتبع الكنيسة هذا التأويل: تبعًا لبلينوس الأكبر (بفرض صحة كلامه) إن اليوم يبدأ عند البابليين مع شروق الشمس، وينتهى عن شروق شمس اليوم التالى. ويخالفهم الأثينيون ويحسبون يومهم من غروب الشمس إلى غروب شمس اليوم التالى. يُخالفهم المصريون والرومانيون، فقد كان اليوم عندهم يبدأ من منتصف الليل، وينتهى بقدوم منتصف الليل التالى. ومن المعروف أن إنجيل يوحنا له الطابع الرومانى فى أفكاره.
فلو تكلم يوحنا عن الساعة السادسة فمعنى هذا أنها الساعة السادسة تبعًا للحساب الرومانى، أى ست ساعات بعد منتصف الليل أى فى السادسة صباحًا. وكان يسوع فى هذا الوقت مقبوضًا عليه قيد التحقيق والاستجواب. وتبعًا للكهنة العبرانيين العبرى يبدأ يوم العمل فى السادسة صباحًا.
وتبعًا لمرقس فإن يسوع صلب فى الساعة الثالثة أى فى التاسعة صباحًا تبعًا للحساب اليهودى، حيث يتم حساب يوحنا تبعًا للتوقيت الرومانى، بينما يحسب عند مرقس تبعًا للحساب اليهودى. وعلى ذلك فإنه بعد ثلاث ساعات من التحقيق مع يسوع عند يوحنا، تم إعدامه عند مرقس.
لكن هذا سوف يوقع الكنيسة فى عدة مآزق: ما الذى جعل يوحنا اليهودى يتمسك بتقاليد الرومان دون تقاليد اليهود، على الرغم من أنه يكتب كتابًا دينيًا لليهود أتباع يسوع الجدد؟ بل ما الذى جعل الروح القدس (المتحد مع يسوع والآب) الذى أوحى هذا الكتاب يتمسك عند مرقس بالتقاليد اليهودية، ويخالفه بالحساب الرومانى عند يوحنا؟ فهل كان يسوع يميل إلى التقاليد الرومانية أكثر من التقاليد اليهودية؟ فكيف يكون المسِّيِّا ومن المفترض أنه سيقضى على الإمبراطورية الرومانية بتراثها الآسن الظالم؟
وهل كان من المنطق أن يُخالف يوحنا نظم الرومان وتقاليدهم وقوانينهم ويتركونه حيًا؟ أم كتب هذا الإنجيل فى القرن الرابع بعد إصدار قانون التسامح الدينى، ورفع يد الرومان عن المسيحيين لعتنقوا ما يريدون؟
لقد كان يسوع فى حياته يخاف من قيصر، ويدفع له الجزية، ولم يستطع أن يتفوَّه ضده بكلمة واحدة تغضبه. فهل بعد موته أثبت شجاعة منقطعة النظير وخالف قيصر وقوانينه وغيَّر من تقاليد الرومان عند مرقس وحسب بالحساب العبرى؟ وهل لم يعلم الروح القدس أنه بعد عدة سنوات أو مئات السنوات سيحدث هذا اللغط، وسيظن الناس فى الكتاب الظنون؟ فلماذا لم يفرض على الكاتب حساب محدد وأفكار ثابتة بين الأناجيل الأربعة؟ ولماذا لم يكتف بإنجيل واحد حتى لا تظهر مثل هذه الاختلافات البينة بينها؟
كيف يكون فى بلد ما توقيتان؟ إن هذا جنوح يجانب الصواب، ويجافى العقل ويأباه المنطق؟ وكل هذا كان بفرض وجود ثلاث طرق لحساب التوقيت فى فلسطين أو فى الإمبراطورية الرومانية!!
س186- نادى يوحنا المعمدان بالعودة إلى الله قائلا: (تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.) متى 3: 2، وهو نفس ما نادى به يسوع نفسه: (17مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ : «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ».) متى 4: 17، وهى مع الأسف ترجمة خاطئة، ظهرت واستمرت منذ أيام مارتن لوثر، فالكلمة اليونانية المذكورة فى المخطوطات هى (metanoiete) وترجمتها الصحيحة هى (عودوا) أو (ارجعوا). ومن بالغ ذكاء مارتن لوثر أن غير فى الترجمة تجنبًا للمأزق الذى سنراه الآن.
وكانت هذه الأوامر موجهة لليهود. فإلى أى عقيدة كان يطالبهم المعمدان بالعودة إليه؟ فهل كان يطالبهم بالعودة إلى الوثنية؟ لا أعتقد ذلك. وإلى أى عقيدة كان يطالبهم يسوع بالعودة إليه؟ إنهما طالبا اليهود إلى العودة إلى ناموس الرب وتوراته، ونبذ تقاليد الكهنة، التى أبدلوا شرع الله بتقاليدهم.
(6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
(6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
س187- ما هى تهمة الذين صُلبوا مع يسوع؟
لقد ذكر يوحنا أن اثنين صلبا مع يسوع بصورة عابرة، دون أن يُحدد تهمة ما لأى منهما. (18حَيْثُ صَلَبُوهُ وَصَلَبُوا اثْنَيْنِ آخَرَيْنِ مَعَهُ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا وَيَسُوعُ فِي الْوَسْطِ.) يوحنا 19: 18
أما لوقا فقد أدانهما بقوله (الْمُذْنِبَيْنِ)، ولكنه لم يُحدد أيضًا تهمة أى منهما بدقة: (33وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى «جُمْجُمَةَ» صَلَبُوهُ هُنَاكَ مَعَ الْمُذْنِبَيْنِ وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ.) لوقا 23: 33
وأقر كل من متى ومرقس أنهما كانا لصين: (38حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ وَاحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ.) متى 27: 38
(27وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ. 28فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».) مرقس 15: 27-28
إلا أن هناك تراجم أخرى لمتى 27: 38 ومرقس 15: 27 تذكر أنهما كانا من القتلة أو من المتمردين الثائرين أو من المجرمين بدلا من لصوص، وذلك لاختلافهم فى ترجمة الكلمة اليونانية (Lنstai):
Then were there two thieves crucified with him, one on the right hand, and another on the left. (KJV, WEB)
Then two robbers were crucified with Him, one on the right and another on the left. (NKJV, NIV, ESV, NASB, RSV, ASV, YLT, DBY, HNV)
Two revolutionaries* were crucified with him, one on his right and one on his left. (NLY) Footnote: * Or criminals; also in 27:44.
إلا أن هذه التهمة تثير اليوم أفكار قارىء اليوم، فيذهب نفر منهم إلى أنهما ربما كانا من قاطعى الطريق، الذين يسرقون المارين بالإكراه. إلا أن أمثال هؤلاء اللصوص لم يثيروا العدالة الرومانية قيد أنملة، ولم يحضرهم أحد للمحاكمة، بل كانت محاكمتهم تُعقد فى نفس مكان السرقة أو القبض عليهم بصورة سريعة. ولم تكن عقوبتهم الصلب. وهو السبب الذى من أجله يتم التلاعب فى تهمتهما. إذ كيف جاءوا باثنين هذه تهمتهما ليُصلبا مع يسوع؟ إن هذا الأمر لتزوير للحقائق التاريخية، وتأييف لنصوص الأناجيل لتقابل نبوءة ما فى العهد القديم!!
وهو ما تفرَّد مرقس، إذ يُحدد السبب الذى من أجله جاءوا بهذين الاثنين فيقول: (28فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».) مرقس 15: 28، ولا تعرف الأناجيل الأخرى هذه الجملة، الأمر الذى يشير إلى أنها ربما تكون إضافة فى وقت لاحق.
لذلك حذفت الترجمة الكاثوليكية اليسوعية الجملة رقم (28) من النص نهائيًا، وأبقت فقط على الرقم فى نسختها على النت، بينما فى نسختها الطبعة السادسة عام 2000 ذكرت فى هامش الصفحة 175 تحت رقم 21 الآتى: (فى بعض المخطوطات، هذه الآية: «فتمَّت الآية التى ورد فيها "وأُحصِىَ مع المجرمين». وهى استشهاد بـ أش 53/12 (راجع لو 22/37). هذه الطريقة فى الاستشهاد لا تتفق مع عادة مرقس فى استعماله نصوص العهد القديم. إنه لأمر مدهش أن لا تتضمَّن رواية الآلام عند مرقس أى استناد صريح إلى صورة العبد المتألم الوارد ذكره فى اش 53.)
ووضعتها الترجمة العربية المشتركة (مرقس 15: 28) بين قوسين معكوفين، أى أخرجتها من متن النص المقدس، وكتبت فى هامشها (لا ترد هذه الآية فى معظم المخطوطات القديمة رج لو 22: 37؛ اش 53: 12).
(12لِذَلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.) إشعياء 53: 12
وهذا لا يعنى إلا أن هناك من تدخَّل، وعدَّل كلمة الرب، غير المتفقة هنا مع ما تؤمن به الكنيسة، ليحدث إنسجام، وتتطابق كلمة الرب مع ما تدين به الكنيسة وتعتقد فى صحته.
والأغرب من ذلك أن هذا القول لا يتفق مع نبوءة إشعياء نفسها. فلم يسكب يسوع نفسه للموت، بل كان يصلى بأشد لجاجة أن يذهب الله عنه كأس الموت، بل نزل له ملاك من السماء يهديه، حيث نزلت قطرات عرقه كقطرات من الدماء: (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
ودُفِعَ دفعًا للموت عن طريق خيانة يهوذا الإسخريوطى، ولم يذهب طواعية للموت: (48فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟») لوقا 22: 48
أما كونه حمل (خطايا كثيرين)، فهناك نص يشير إلى أنه حمل خطايا العالم كله، وليس كثيرين فقط:
فيقول بولس: (23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.) رومية 3: 23-25
ويقول إن الخطية أصابت كل الناس: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32
ويقول: (18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ) رومية 5: 18
وبقوله: (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
إذن فهى لا تصيب يسوع، لأن يسوع حمل خطايا العالم كله، وليس كثيرين، وشفع فى مذنبين، وليس فى جميع الناس، الأمر الذى يعنى أن هناك من الأبرار الذين لم تصيبهم على الأقل لعنة الخطيئة الأزلية، فلم يحتاجو إلى شفاعته: (وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.) إشعياء 53: 12
إن كلمة (Lنstai) أخذت من لغة الرومان الخاصة بالدعاية، واستعملها متى ومرقس دون نقد أن تعديل. وكانت منطقة الجليل قبل مجىء هيرودس للحكم تعج بالمتمردين على الحاكم الرومانى. هذا وقد استعمل هيرودس هذه الكلمة لوصف المتمردين على حكمه، بقوله (هذه العصابة)، التى قد تعنى مجموعة من الناس، وقد تعنى أيضًا عصابة من اللصوص القتلة، وكان ذلك قبل مولد يسوع بزمن كبير. وكان هدفه من استعمال هذه الكلمة تفريق الناس الطيبين عن هذه المجموعة المتمردة، بوصفه لها أنها من اللصوص القتلة.
إن كلمة (Lنstai) هذه تعنى التمرد على كل حكم إلا حكم الله، فهى تعنى (لا حاكم علينا إلى الله)، فهم مجموعة إذن من المؤمنين الذين لا يقبلون غير حكم الله عليهم. ومعنى ذلك أنهما ليسا من اللصوص أو السرَّاق أو القتلة، بل من المتمردين على حكم الرومان، المطالبين بحكم الله. راجع أيضًا (العاديات) 14: 9: 4
فلماذا صلبوا هذين المؤمنين مع يسوع؟ ولماذا جدف أحد هذين المؤمنين على يسوع؟ ألم يكن يعلم أنه إلهه المتجسد؟ ألم يعلم أنه نبى الله الذى أرسله إليهم؟ أم كان يحتقره لأنه من المنادين بحكم الله على أرض الله، بينما هادن يسوع قيصر، وأمر أن يُعطى ما لقيصر لقيصر؟ أم كفر بيسوع وأحس أنهم أحق منه بالألوهية أو النبوة لأنه كان يدفع لقيصر الجزية واستسلم له؟ فلماذا يُصلب يسوع المهادن لقيصر مع الشهداء؟ وهل الشهداء يحتاجون إلى شفاعة؟
وعلى ذلك فإن ترجمة هذه الكلمة بعبارة (لصين) هى ترجمة خاطئة، لأنهما كانا من المتمردين المجاهدين الأصوليين.
س188- يقول متى إن الرب إله أحياء وليس بإله الأموات: (31وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ: 32أَنَا إِلَهُ إِبْراهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ. لَيْسَ اللَّهُ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ».) متى 22: 31-32
فمن هو إله الأموات؟ هل ينادى متى بوجود إلهين: إله للأحياء وآخر للموتى؟ وإلى أى نص يشير يسوع فى العهد القديم عن قيامة الأموات هذه؟ أم كان النص موجودًا وحُذف من بعده؟
وتفسيرهم فى هذا القول غريب حقًا فهم يقولون إن يسوع يجيب الصدوقيين على عدم إيمانهم بالقيامة بالجسد فى الآخرة، فطمأنهم يسوع بقوله هذا. لكن لم يردوا على كيف نفى يسوع إلاهية الرب على الأموات: فهو عندهم إله للأحياء فقط وليس بإله للأموات. ومن ناحية أخرى فهو ليس بإله هذا العالم، عالم الأحياء أيضًا، بل إلهه هو الشيطان. (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
(11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
(2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2
وبالتالى فالرب ليس بإله أموات، ولا بإله أحياء. فهل قال الرب ذلك فى كتابه؟ وماذا تتوقع أن يقول الشيطان ويمجد نفسه غير ذلك؟
والنص المشار إليه هنا ذُكر فى الخروج 3: 6، وفيه يقدم الرب نفسه لموسى، متكلمًا من العليقة: (6ثُمَّ قَالَ: «أَنَا إِلَهُ أَبِيكَ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ». فَغَطَّى مُوسَى وَجْهَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى اللهِ.) خروج 3: 6، فما علاقة هذا بالقيامة من الأموات، التى استهل بها يسوع حديثه لتلاميذه قائلا (أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ) متى 22: 31؟ فأين نبوءة القيامة من الموتى التى يستشهد بها يسوع هنا؟ لقد أساء الكاتب الاستشهاد، ونسبها ليسوع كباقى الكتاب!!
ونكرر مرة أخرى أن هناك العديد من الاستشهادات، التى تشير فى العهد الجديد إلى العهد وهى فى الحقيقة لا وجود لها فى العهد القديم، مثل نبوءة متى 4: 14-15 مقارنة بإشعياء 8: 23 أو 9: 1).
لكن هل هذه النبوءة تنطبق على يسوع وحياته؟ لماذا لا نقل إن كتبة حياة يسوع كتبوها وفقًا لما يعلموه من العهد القديم لتنطبق على يسوع؟
فالنبوءة تكون دائمًا لحدث ما خارج عن الطبيعة، وسوف يحدث فى المستقبل. وبعض النبوءات المنتسبة ليسوع لم تتحقق. ففى إنجيل متى يذكر أن يسوع تنبأ عن موته وقيامته، لأنه مثل يونان، الذى جلس فى باطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال فى باطن الأرض. أى سيمكث يسوع 72 ساعة فى باطن الأرض، ثم يغادر عالم الأموات والقبر حيًا. (40لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ.) متى 12: 40
وهذا الحدث لم يُذكر فى يونا 2: 1 مطلقًا كنبوءة، حتى نقول إنها تحققت فى يسوع. بل جاء الحدث كحدث تاريخ مر عليه أزمان، وصوِّر بصورة عادية جدًا. (1فَصَلَّى يُونَانُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِهِ مِنْ جَوْفِ الْحُوتِ) يونان 2: 1
فهل كان يصلى يسوع فى جوف الأرض لإلهه؟ لا. بل كان ميتًا، ولم يستجب له إلهه فى تضرعه أن يُذهب عنه كأس الموت هذا؟ هل ليسوع إله؟ لماذا يقلد يسوع الإله عندكم أحد أنبيائه؟
ومن المسلم به أن يسوع لم يمكث فى باطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال، بل مكث على أقصى تقدير 36 ساعة. فقد مات يوم الأربعاء أو الجمعة، ويرى البعض كحل وسط أنه مات الخميس، وخرج من قبره يوم الأحد قبل شروق الشمس. فلو مات الأربعاء لكان مكوثه فى باطن القبر أربعة أيام وأربع ليال.
لكن يكذب هذه النبوءة التى تتعلق بثلاثة أيام وثلاث ليال أن يسوع قال للمصلوب معه: (... إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ.) لوقا 23: 43، فكيف كان فى نفس اليوم فى ملكوته فى الجنة، بينما تقول النبوءة إنه سيكون فى باطن الأرض، إلا إذا كان الله قد أنقذه من الموت ورفعه إليه؟ أليس هذا ما قاله كاتب سفر العبرانيين؟ (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ،) عبرانيين 5: 7
كذلك يكذبها قول بولس بنزول يسوع إلى الأراضى السفلى لكى يخلص من بها من العذاب: (9وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضاً أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى.) أفسس 4: 9
فكيف مكث فى قبره ثلاثة أيام وثلاث ليال، ومثلهم فى باطن الأرض، أى بقى ستة أيام قبل قيامته من باطن الأرض، والأناجيل تخبرنا أنه قام فى اليوم الثالث، والنبوءة تخبرنا أنه مكث ثلاثة أيام وثلاث ليال مثلما فعل يونا؟
ولو أن نبوءات يسوع عن حياته الشخصية ومستقبله لم تتحقق، فكيف نؤمن أن نبوءاته عن مستقبل غيره سوف تتحقق؟
ومثال آخر من مرقس: (17وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 18فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. 19أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلِبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 20فَأَجَابَ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 21فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». 22فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِيناً لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ.
23فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!» 24فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَقَالَ يَسُوعُ أَيْضاً: «يَا بَنِيَّ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! 25مُرُورُ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!» 26فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 27فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ».
28وَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَقُولُ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». 29فَأَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ 30إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ بُيُوتاً وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَداً وَحُقُولاً مَعَ اضْطِهَادَاتٍ وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. 31وَلَكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ وَالآخِرُونَ أَوَّلِينَ».) مرقس 10: 17-31، ولوقا 18: 18-27
وفيها يذهب شاب غنى إلى يسوع يسأله عن كيفية دخول الجنة. فيخبره يسوع بالتمسك بوصايا الله تعالى لبنى إسرائيل، والتى أخبرهم بها موسى عليه السلام، ثم عليه أن يبيع كل ما يملك، ويعطيه للفقراء، ثم يتبعه.
ثم قال لتلاميذه: (28فَقَالَ بُطْرُسُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». 29فَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتاً أَوْ وَالِدَيْنِ أَوْ إِخْوَةً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ اللهِ 30إِلاَّ وَيَأْخُذُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ».) لوقا 18: 28-30، ومرقس 10: 28-30
وهنا يتملك الإنسان المتدبر فى هذه التعاليم من عدة أشياء:
1- ما جدوى هذه التعاليم للتلاميذ وهم أساسًا من الفقراء؟
2- وكيف سيترك الإنسان والديه ثم يكون له مائة والدين أيضًا فى هذا الزمان؟
3- وهل لو ترك الإنسان زوجة من أجل الملكوت سيكون له مائة زوجة فى هذا الزمان أو فى الآخرة؟ أليس هذا موافقة على تعدد الزوجات؟ وأليس هذا ما يسميه المسلمون الحور العين أو زوجات الجنة الجميلات؟
4- وأليس من يترك مالا من أجل الملكوت ويتضاعف ماله إلى مائة ضعف إشارة وإغراء إلى طريق الثراء والغنى الفاحش؟ فلماذا انتهر الغنى، وأمره بالتبرع بكل ما يملك؟ وكيف ستتضاعف النقود إلا عن طريق وجود نقود واستثمارها؟ إذن لا يمكن للإنسان أن يبيع كل ما يملك، ولكن استثمار أمواله، والعطف على الفقراء بإخراج الزكاة، والتصدق عليهم.
5- ألم يكن من الأجدى أن يعلم يسوع أتباعه الأغنياء أنه لا ينقص مال من صدقة؟ وأنه عليهم أن يحصنوا أموالهم بالزكاة والفروض الشرعية الواجبة عليهم؟ وأنهم سيكونون باتباعه أكثر غناءً فى الدنيا والآخرة، بدلا من تنفيرهم وأفقارهم؟
6- ألم يعلم يسوع أن المال كان وسيكون وسيظل عنصرًا من عناصر القوة؟ فلماذا أراد إضعاف أتباعه، وتقليصهم من عناصر القوة؟ ألم يكن فى علمه أنه بالمال الوفير تقوم المشروعات التى يستظل بالعمل فبها هؤلاء الفقراء، ليغنيهم عن مد أيديهم أو انتظار المساعدة؟
7- ألم يندم يسوع على اجتذاب الفقراء، والتخلص من كل مال، حينما أمر تلاميذه ببيع ملابسهم وشراء سيوفًا للدفاع عنه وعن أنفسهم، فلم يجدوا إلا سيفين فقط، واضطر إلى التعذيب والإهانة والموت؟
8- ألم ترفض الكنيسة تعاليم يسوع المتعلقة ببيع كل الممتلكات والتمسك بالفقر؟ ألا تسعى الكنيسة لامتلاك المال الذى هو أهم عنصر من عناصر القوة؟ ألم يرد يسوع كنيسة ضعيفة وفقيرة؟ أم لم يقل يسوع هذا بالمرة وهذه كانت رغبة اليهود ليسهل عليهم القضاء على أتباع يسوع بالتدريج وهدم دعوته؟
9- ولو قال يسوع هذا الكلام لنمَّ ذلك عن إنسان لا يفهم الدنيا، وبالتالى نفت عنه الألوهية.
10- ولو أخذنا قوله مأخذ الجد لكانت نبوءة بهدم الكنيسة وإضعافها، وتقويض دعوته!!
مازال أتباع الكنيسة والعهد الجديد يبحثون منذ القرن الأول عن نبوءات فى العهد القديم تؤيد دعواهم فى يسوع أنه المسِّيِّا، كما قال عالم اللاهوت مرقس بارت.
س189- إن النقاب فرض على نساء بنى إسرائيل والمسيحيين أيضًا، لأن يسوع لم يأت لينقض أو يُخالف تعاليم موسى أو الأنبياء:
(وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ فِي الْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ الْمَسَاءِ فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا جِمَالٌ مُقْبِلَةٌ. 64وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. 65وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: «مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟» فَقَالَ الْعَبْدُ: هُوَ سَيِّدِي. فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ) التكوين 24: 63-65
(خُذى الرَّحَى وَاطْحَنِي دَقِيقاً. اكْشِفِي نُقَابَكِ) إشعياء 47: 2
(1هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ) نشيد الأناشيد 4: 1، وها هو يغازل حبيبته التى لم ير من وجهها شيئًا إلا عينيها.
(31وكانَت سوسَنَّةُ لَطيفَةً جِدّاً جَميلَةَ المَنظَر. 32ولَمَّا كانَت مُبَرقَعَة، أَمَرَ هذانِ الفاجِرانِ أَن يُكشَفَ وَجهُها، لِيَشبَعا من جَمالِها.) دانيال 13: 31-32، ومعنى هذا أن كشف وجه المرأة كبيرة من الكبائر عندهم، ومن تفعل هذا فهى فاجرة، ومن يفعل هذا بهن فهو أيضًا فاجر.
ويقول كتاب الدسقولية الذى هو بمثابة تعاليم الرسل يقول ص27: (إذا مشيت فى الطريق فغطي رأسك بردائك "عب 10 : 26- 29 " فإنك إذا تغطيت بعفة تصانين عن نظر الأشرار لا تزيني وجهك الذى خلقه الله فليس فيه شئ ينقص زينة لأن كل ما خلقه الله فهو حسن جدا ولا يحتاج إلى زينة وما زيد على الحسن فإنه يغير نعمة الخالق .يكون مشيك ووجهك ينظر إلى أسفل وأنت مطرقة مغطاة من كل ناحية وإذا غطت وجهها فتغطيه بفزع من نظر رجال غرباء)
والآن لماذا تصورون السيدة مريم العذراء مرتدية دائمًا الحجاب، بينما النقاب هو الزى الشرعى لنساء بنى إسرائيل؟
(6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. ..... 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ) يوحنا 17: 6، 26
(... أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ. 12حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي) يوحنا 17: 11-12
وفى الترجمة المشتركة: (أظهرتُ لهم اسمك ، وسأظهره لهم)
والإظهار لا يتم إلا من بعد الإخفاء. والتعريف بالشىء يكون من بعد جهله.
فأين هو اسم الله؟ لقد ضاع من اليهود ، وضاع من المسيحيين؟
فلماذا تجنب كتاب الأناجيل ذكر اسم الله تعالى؟
(26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ) يوحنا 17: 6، 26
فمعرفة اسم الله إذن تتسبب فى حب الله لمن يعرف اسمه، كحبه ليسوع. فهل محبة الله فى طمس اسمه أو إخفائه؟ أهكذا بكل بساطة ضيعوا اسمه؟ قولوا لى بالله عليكم: ماذا كان الشيطان سيفعل غير ذلك؟
(7طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ.) متى 5: 7
فمن هو هذا الإله الذى سيرحمهم؟ لماذا بنيت الجملة للمبنى للمجهول، ولم يُذكر فيها اسم الله صراحة؟ ولا أعنى هذه الجملة بالذات، بل إن طمس اسم لله جاء عمدًا، ولم يُذكر فى طول الكتاب وعرضه. ور يغتر القارىء البسيط بوجود كلمة (الله) فى التراجم العربية، فهى فى لغات المخطوطات التى بين أيديهم إما (يهوه) وإما (زيوس) باليونانية. وهو اسم الإله الذى كان يُعبد من قبل الوثنيين اليونان. ومع ذلك لم يتورع المترجم من ترجمة اسم زيوس إلى الله، واسم يهوه إلى الله.
وحتى لو ذكرت بلفظة أبانا أو أبى أو أبوكم، فما هو اسم ذلك الأب؟ فهل ضنَّ يسوع على نفسه أن ينطق صراحة باسم إلهه؟ أم اتبع عادة اليهود فى طمس اسم الله؟ كيف؟ وهو القائل: وعلمتهم اسمك الأعظم الذى علمتنى؟
(45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ .... ) متى 5: 45
(48فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.) متى 5: 48
(وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.) متى 6: 6
(9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) متى 6: 9
فهل هذه الأناجيل امتداد لما يؤمن به اليهود وانتقده يسوع، وحكم على تقاليدهم بأنها تحريف لأوامر الله؟
(6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
(6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
لقد دعا يسوع الله قائلا: (28أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ وَأُمَجِّدُ أَيْضاً».) يوحنا 12: 28
فما هو اسم الآب هذا الذى مجده؟ وكيف مجده وقد طُمس من الكتاب بأكمله؟ فهل أخفى النسَّاخ بأوامر من جهة ما اسم الله من الكتاب؟ أم كتب هذه الكتب أعداء يسوع من اليهود وطبقوا تقاليدهم التى هاجمها فى الكتاب الذى نسبوه للرب؟
يقول الرب فى كتابه: (لأَنَّهُ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا اسْمِي عَظِيمٌ بَيْنَ الأُمَمِ .. .. وَاسْمِي مَهِيبٌ بَيْنَ الأُمَمِ) ملاخى 1: 11 ، 14
فهل لم يعلم يسوع أن اسم الرب مهيب؟ فهل طمسه يسوع أم طمسه الكتَّاب؟
ألم يخبر الرب موسى عليه السلام أنه أرسله ليُخبر باسمه فى كل الأرض؟
(16وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا أَقَمْتُكَ لِأُرِيَكَ قُوَّتِي وَلِيُخْبَرَ بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ.) خروج 9: 16
ألم يكن يسوع تابعًا لموسى عليه السلام؟ فلماذا لم يسر على نفس دربه ويخبر أمته على الأقل باسم الرب؟؟
لقد قال الرب لدانيال: (لِيَكُنِ اسْمُ اللَّهِ مُبَارَكاً مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ لأَنَّ لَهُ الْحِكْمَةَ وَالْجَبَرُوتَ) دانيال 2: 20
فما هو اسم الرب هذا الذى ينبغى أن يكون مباركًا من الأزل إلى الأبد؟
عزيزى المسيحى: إن عباد الله المؤمنين هم الذين يعرفون اسم الله كما قال إشعياء. (6لِذَلِكَ يَعْرِفُ شَعْبِيَ اسْمِي.) أشعياء 52: 6 فهل أنت من شعب الله؟ لا. وكيف تكون من شعب الله وأنت لا تعرف اسمه؟
عزيزى المسيحى: هل أنت من الهالكين أم من المخلصين؟ إن الهالكين لا يعرفون اسم الله، ومن عرف اسم الله نجَّاه الله من كل هم وضيق: (14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزامير 91: 14-16
س181- هل تم تعميد يسوع أم لا؟ ومن الذى عمَّده؟ تقول الأناجيل:
(9وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ.) مرقس 1: 9
(13حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ. 14وَلَكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلاً: «أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!» 15فَقَالَ يَسُوعُ لَهُ: «اسْمَحِ الآنَ لأَنَّهُ هَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرٍّ». حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ.) متى 3: 13-15
(21وَلَمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أَيْضاً. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ) لوقا 3: 21
(29وَفِي الْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ اللَّهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ. 30هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ يَأْتِي بَعْدِي رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي. 31وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ. لَكِنْ لِيُظْهَرَ لِإِسْرَائِيلَ لِذَلِكَ جِئْتُ أُعَمِّدُ بِالْمَاءِ». 32وَشَهِدَ يُوحَنَّا: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. 33وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لِأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. 34وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هَذَا هُوَ ابْنُ اللَّهِ».) يوحنا 1: 29-34
لقد اختلفت الأناجيل فى إعطاء إجابة واحدة على هذا السؤال، ومن ثم أصبح لدينا أربع إجابات مختلفة كالآتى:
1- تبعًا لمرقس 1: 9 تُذكر بصورة مقتضبة جدًا أن تعميد يسوع حدث فى وقت قدومه من ناصرة الجليل إلى الأردن.
2- وتبعًا لمتى 3: 13-15 قال له يوحنا المعمدان (أَنَا مُحْتَاجٌ أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ!)، وفى النهاية سمح له يسوع أن يعمِّده لإكمال كل بر. ويقول المفسرون إن يسوع غُمِّد على الرغم من أنه بار، لا يحتاج للتعميد، الذى هو بمثابة التطهُّر من الذنوب السابقة، وبداية عهد جديد مع الله.
3- وتبعًا للوقا 3: 21 عُمِّد يسوع، ولكن لا يُعرف من الذى عمَّده. فقد أدخل يسوع نفسه فى زمرة الشعب، واعتمد مثلهم. ولا يمكن أن يكون تعميده قد حدث على يد المعمدان، لأنه كان فى تلك اللحظات فى السجن: (19أَمَّا هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ فَإِذْ تَوَبَّخَ مِنْهُ لِسَبَبِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ وَلِسَبَبِ جَمِيعِ الشُّرُورِ الَّتِي كَانَ هِيرُودُسُ يَفْعَلُهَا 20زَادَ هَذَا أَيْضاً عَلَى الْجَمِيعِ أَنَّهُ حَبَسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ.) لوقا 3: 19-20، وهذا يُخالف ما قاله متى مُخالفة صريحة.
4- وتبعًا ليوحنا 1: 29-34 فبمجرد رؤية يوحنا ليسوع عرف أنه حمل الله، وابنه الذى يرفع الله به خطايا العالم. فلو كانت المعمودية ترفع الخطايا وتزيلها لكان صلب يسوع غير مبرر وزائد عن الحاجة، ويكون الرب قد ضحى بنفسه هباءً منثورا، وفى نفس الوقت اعتراف ضمنى بعدم قيمة المعمودية. ولو كان الصلب هو الذى خلص العالم من الخطيئة الأزلية، فما جدوى معمودية يسوع؟ وما جدوى استمرار التعميد حتى الآن؟ ولم يتبق لهم إلا طريق واحد وهو أن يقروا أن يسوع كان مخطئًا، وأن هذه المعمودية لغفران ذنوبه هو الشخصية، الأمر الذى ينفى عنه الألوهية.
وفى الحقيقة هناك احتمال آخر، وهو ما يراه القرآن الكريم من أن الاستغفار هو نوع من العبادة، فيه من التوحيد ما فيه، حيث يعترف المستغفر أن الله هو وحده الذى يغفر الذنوب، فلا إله غيره، ولا قادر غيره، ولا صافح أو رؤوف أو ودود أو ... أو ... غيره. وكان استغفار الأنبياء لمعرفتهم قدر الله تعالى بصورة أكبر من الناس. فهو يعرف أن صلاته ليست الصلاة التى تليق بجلال الله تعالى وقدره. فيستغفر الله تعالى أنه لم يصلى أفضل من ذلك أو أكثر من ذلك. وأن هذه الصلاة لا تليق به، فهو يستحق صلاة وعبادة أفضل من ذلك، لكن حيلة العبد أقل من أن تُعطى الله تعالى حقه، الذى يليق به فى العبادة. وفى كل هذه الحالات السابقة يجب الإقرار أن يسوع عبدًا من عباد الله تعالى. لأن التعميد وطلب التوبة من الله لا يكون إلا من العبد. فهل كان يسوع كإله يطلب التوبة من نفسه؟ أم أن أقنوم الابن كان يطلب المغفرة من أقنوم الآب؟ فلو حدث ذلك لكان هناك تمايز بين الأقانيم، وكان أحدهم إله الآخر، والآخر عبد للأول.
وقد ذكر يوحنا فى الإنجيل المنسوب إليه أن يسوع جاء إلى يوحنا، ولكنه لم يذكر أنه عمَّده. أضف إلى ذلك أن هذا الإنجيل كتب ليرفع قدر (ألوهية؟) يسوع. لذلك جعل الإنجيل تعميد الناس بالماء على يد المعمدان، ولكن تعميد الناس بالروح القدس على يد يسوع نفسه.
وفى النهاية لم يذكر إنجيل يوحنا أن المعمدان قام بتعميد يسوع، واتفق فى ذلك مع لوقا. وخالف مرقس ومتى.
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا: هل عمَّد يوحنا المعمدان يسوع أم لا؟
ويمكننا طرح السؤال بصورة مغايرة: هل عمَّد يوحنا المعمدان من الأساس؟ وكيف عمَّد يسوع الناس بالروح القدس؟ فالتعميد بالماء مفهوم، ويمكن تخيله، لكن كيف يتم التعميد بالروح القدس هذا؟ أليس هذا هو يوحنا الذى ذكر فى إنجيله أن يسوع لم يكن يعمِّد بل تلاميذه؟ فمتى عمَّد يسوع سواء بالماء أم بالروح القدس؟ (2مَعَ أَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ يُعَمِّدُ بَلْ تلاَمِيذُهُ) يوحنا 4: 2
يقول البروفيسور بينكاس لابيدى أستاذ العهد الجديد فى كتابه (هل ترجم الكتاب المقدس بصورة صحيحة؟) ص70: لم يكن المعمدان يعمِّد أحدًا، بل كان ينادى بأن على كل إنسان أن يتوب بنفسه ويتطهَّر. فإن ما يحدث اليوم من وجهة النظر المسيحية بعيدًا عن الواقع، وتؤكد نسخة الإنجيل المنتسب إلى لوقا فى مجلد بيزا وجهة النظر هذه، وهو الأمر الذى لم يقبله قانون الكتاب المقدس، على الرغم من وجودها فى أحد المخطوطات الهامة له، بل أحد أهم مخطوطات العهد الجديد. فلا يوجد فى النسخة اليونانية شىء عن مُعمِّد أو مُعمَّد، وغالبًا ما يوصف المعمدان أنه هو الذى عمَّدَ نفسه، ولم يكن ليوحنا المعمدان دورًا غير أنه سيكون شاهدًا على التعميد. فقال النص اليونانى: (وعمَّدوا أنفسهم أمام يوحنا) لوقا 3: 7 نسخة بيزا، وهى باليونانية (enopion) وتعنى تعميد الذات، أو تعميد النفس أمام ..
والآن: هل عُمِّد يسوع أم لا؟ وهل عمَّده المعمدان؟ وإن لم يكن المعمدان قد عمَّده، فمن الذى عمده؟ أم عمَّد يسوع نفسه وكان المعمدان شاهدًا عليه؟
ويبدو أن تعميد الإنسان لنفسه كانت عادة منتشرة آنذاك.
وعلى أحسن الفروض، وهو ما تعترف يه الكنيسة القبطية وغيرها أيضًا من الكنائس، أن المعمدان هو الذى قام بتعميد يسوع: ألا يدل هذا على سمو مكانة المعمدان وأهميتها عن يسوع؟ فكيف يكون النبى أعلى قدرًا من إلهه؟ ولو عرف المعمدان أن يسوع إلهه وإله البشر وعمَّده، لحكمنا بكفر المعمدان نفسه، إذ لا يليق بنبى أو إنسان أن يضع إلهه فى منزلة أقل من منزلته هو نفسه!
وإن قالوا: إن هذا يُعد نوع من تواضع الإله. لقلنا لا يليق بالإله أن يحقر نفسه باسم التواضع، ويحط من شأن نفسه ويصغرها أمام عبيده، حيث سينفى هذا عنه صفات الألوهية فى بعض الأوقات، حتى ولو كانت النية ظهوره بمظهر المتواضع. فهو فى لحظة تعميده على يد البشر لم يكن الإله الأعظم، ولا الأكبر.
س182- يقول مرقس 6: 32 و45 و53 (1وَخَرَجَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى وَطَنِهِ وَتَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. .... 32فَمَضَوْا فِي السَّفِينَةِ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِدِينَ. ... 45وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوا إِلَى الْعَبْرِ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا حَتَّى يَكُونَ قَدْ صَرَفَ الْجَمْعَ. ... 53فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ وَأَرْسَوْا.)
فبعد أن أطعم يسوع الخمسة آلاف فى شرق الأردن، أرسل تلاميذه إلى بيت صيدا الواقعة على الجانب الغربى. فموقع المدينة إذن كان بالقرب من الشاطىء الغربى لبحر الجليل فى منطقة كفرناحوم وكورزين، حيث يوجد الآن رديم وأطلال.
وإذا ما قارنا ما ذكره مرقس أعلاه بما قاله لوقا فى (10: 9-17) نجد مدينة أخرى تُدعى أيضًا بيت صيدا، تقع بالقرب من الشاطىء الشمالى الشرقى لبحيرة طبرية. وفيها قام يسوع بإشفاء الأعمى (مرقس 8: 22). وجرت أيضًا معجزة إطعام الخمسة آلاف نفس بالقرب من هذه المدينة (لوقا 9: 10-17؛ متى 14: 13-21؛ مرقس 6: 31-44؛ يوحنا 6: 1-14).
وسميت هذه المدينة فيما بعد باسم (جوليا)، وهى ابنة الإمبراطور أغسطس (وقيل زوجته). وذلك بعد أن قام أميرها فيليب بتوسعتها، وتُسمى هذه المدينة اليوم باسم التل، وبها عدة صخور قديمة، وبعض الكهوف. ومازال الأمر لم يُحسم بعد.
الأمر الذى يعنى أنه من المستحيل أن تكون الأحداث المذكورة أعلاه قد حدثت فى بيت صيدا الواقعة على الجانب الغربى أو حتى بالقرب منها.
وعلى ذلك نجد بيت صيدا فى مكانين مختلفين تمامًا عن بعضهما البعض. فماذا يفعل شارحو الكتاب المقدس أمام هذا المأزق، الذى وضعهم فيه كاتب الأناجيل الذى لا يعرف جغرافية فلسطين؟
لقد ادعوا وجود مدينتين بنفس الاسم، أحدهما على الشاطىء الشرقى لنهر الأردن قرب مصبه في بحر طبرية، وتقع بيت صيدا الأخرى (وأسموها صيدا الجليل) على الجانب الغربى لنهر الأردن قرب بحيرة طبرية.
ذكرت بيت صيدا فى العهد الجديد سبع مرات: خمس منها فى الأناجيل الثلاثة المتوافقة (متى 11: 21؛ مرقس 6: 45، و8: 22؛ لوقا 9: 10، و10: 13)، ومرتين عند (يوحنا 1: 44 و12: 21).
وقد أشار يوحنا فى إنجيله أن بيت صيدا كانت منشأ التلاميذ (أندريا وسيمون بطرس وفيليب) يوحنا 1: 44، 12: 21.
ويرتبط بيت صيدا عند مرقس أو لوقا بثلاث معجزات قام بها يسوع: مشيه على الماء (مرقس 6: 45-52)، وشفاء الأعمى (مرقس 8: 22-26) وإطعام الخمسة آلاف (لوقا 9: 10-17).
لقد وضع يوحنا وبلينيوس بيت صيدا (جوليا) فى الجليل. وهو أمر غير دقيق؛ لأن الجليل تنتهى على شاطىء الأردن، وكانت بيت صيدا تقع فى منطقة بتنية Batanنa [بيت عنيا] فى جولانتيس Gaulanitis [الجولان]. ويُذكر أيضًا أن بيت صيدا ذُكرت فى مرقس ومتى ويوحنا 1: 44 دون معطيات جغرافية محددة.
وقد أقر يوسيفوس فلافيوس فى (الحرب اليهودية 3: 10: 7) أن بيت صيدا تقع على الضفة الشرقية لنهر الأردن. ونعلم ذلك أيضًا من التلمود (شيكاليم 4: 2)؛ لأنها كانت تقع ضمن منطقة نفوذ الحاكم فيليب، وكان نهر الأردن يكوِّن حدود منطقة نفوذ الحاكم هيرودس أنتيباس (العاديات اليهودية 18: 2: 1)، ثم طواها النسيان منذ زمن الحروب الصليبية.
إلا أن موقع المدينة قد طواه النسيان، وذلك بعد أن حدث زلزال مدمِّر عام 363م دُمِّرت المدينة على أثره، وأصبحت أثرًا بعد عين، وصار موقعها أمر غير مؤكد. لذلك كان يبحث حجاج العصور الوسطى عن بيت صيدا الإنجيلية فى منطقة كفرناحوم. وفى بعض خرائط الحجاج أبدلوا موقع الاثنين ببعضهما البعض. أما حديث بعض الحجاج عن زيارتهم لبيت صيدا، حيث كانوا، فلم يعد فى مقدور العلم اليوم توضيح ذلك الموقع.
ولكن إن تدمير هذه المدينة فى زلزال عام 363م وطمسه لموقعها ليدل على أن الأناجيل كتبت بعد هذا الزمن، حيث لم يحدد الكاتب بدقة موقعها، ولم يتفقوا على مكان محدد لهذه المدينة. وقد حددت خرائط فلسطين الأوروبية الحديثة موقع بيت صيدا على جانبى بحيرة جنيسرات الشرقى والغربى.
لكننى أتخيل لو حدث زلزال ودمر جزيرة الزمالك التى تقع على الجانب الشرقى للنيل، ومحاها من الوجود (حفظها الله وأهلها!). فهل سيختلط على الناس أو العلماء موقعها بالضبط، ويظن البعض أنها كانت فى الغرب بدلا من الشرق؟ فى الحقيقة إن هذه التبريرات مثيرة للعجب، وأعتقد أن هذا نتيجة للتخبط، وعدم رغبتهم فى مصارحة قراء هذا الكتاب، والمؤمنين به بحقيقة الأمر، وهو أن كُتَّاب هذه الأناجيل لم يكونوا من تلاميذ يسوع، ولم يعرفوا فلسطين، أو يزوروها مرة فى حياتهم، وأنها كتبت فى القرن الرابع بعد أن طمست معالم فلسطين الجغرافية!!
ففى القرن الـ 19 بدأت حوارات نكثفة حول موقع بيت صيدا، تبعًا لما ذكره يوحنا 12: 21. إذ لا يُعقل أن يقوم يسوع بعدة معجزات فى بيت صيدًا التى تقع على الجانب الشرقى للبحر، ثم يرسل تلاميذه للجانب الغربى، فى الوقت الذى يقول فيه أحد الأناجيل الأخرى إن بيت صيدا يقع على الجانب الغربى من البحر. الأمر الذى يعنى إما أن المعجزات التى تمت فى الجانب الشرقى ما هى إلا رواية كاذبة، غير تاريخية، ولم تحدث، وهى من اختراع كاتب لا يعرف فلسطين ولا جغرافيتها، وبالتالى فهو ليس من التلاميذ، ولا حتى من أتباعهم. وإما إرسال التلاميذ بعد إتمام المعجزات أمر كاذب لم يحدث، وبالتالى فإن كاتب هذا الكلام لا يتورع أن يضع على لسان يسوع ما يريده هو، ولا علاقة للروح القدس فى كل الأحوال بهذه الرواية. لأنه لا يُعقل أن يُخطىء وحى الرب فى معلومة ما. ولا يتبق لنا إلا أن الكاتب لا يعرف موقع المدينة بالضبط، ففبركها.
وافترض الباحثون وجود مكانين باسم بيت صيدا: وهما بيت صيدا العهد الجديد، وبيت صيدا الذى ذكره يوسيفوس فلافيوس باسم (جوليا). وافترضوا لبيت صيدا العهد الجديد الأماكن الآتية: العرج، وخربة المنجة، وتبغا. وافترضوا أيضًا أن بيت صيدا (جوليا) هى موقع (التل) اليوم.
وحسمت لجان المناقشة والبحث الأمر على أن منطقة التل هى المكان الذى كانت تقع به مدينة بيت صيدا. وهو الأمر الذى ينفيه ويرفضه جانب آخر من الباحثين.
وفى نهاية القرن التاسع عشر تزايدت المطالبة بالإقلاع عن الحديث عن وجود مدينتين باسم بيت صيدا، وقالوا بوجود مدينة واحدة فقط هى (التل) اليوم. حيث عثروا على كميات كبيرة من الفخار، الذى يرجع إلى العصر الرومانى.
وجاءت موسوعة قاموس الكتاب المقدس مادة (بيت صيدا شرق نهر الأردن) فى العصر الحديث لتكذب هذا فقالت: (اسم ارامي معناه "بيت الصيد" (مت 11: 21) يطلق هذا الاسم على مدينتين: كانت أحداهما على الشاطئ الشرقي من نهر الأردن قرب مصبه في بحر طبرية. وبقربها كانت برية بيت صيدا (مت 14: 15-20 ولو 9: 10). وهي مدينة في شرقي الاردن في منطقة خلاء (أي ارض غير مزروعة تستخدم للرعي) وفيها اشبع يسوع الجموع من خمس خبزات وسمكتين (مر 6: 32 44، لو 9: 10 17) ولا شك في انها هي قرية "بيت صيدا" في جولونيتس السفلى، رفعها فيلبس رئيس الربع إلي مرتبة المدينة ودعاها "جولياس" تكريما لـ"جوليا" ابنة اوغسطس قيصر. وهي تقع بالقرب من ملتقى نهر الاردن ببحيرة جنيسارت ولعلها تقع عند "التل". وهو تل من الاطلال إلي الشرق من الأردن على مرتفع يبعد ميلا واحدا عن البحر. ولما كان هذا الموقع بعيدا عن البحر، فان شوماخر يرى ان بيت صيدا كقرية اشتهرت بالصيد كانت تقع عند "العرج" (el Arag) .... ولا يمكن ان تكون "بيت صيدا جولياس" هي نفسها "التل" وذلك لان ما بالربوة من أوان فخارية، يرجع إلي العصر البرونزي، فهي اذا لم تكن مسكونة في زمن ربنا يسوع المسيح. ومازال موقع بيت صيدا غير محدد تماما، الا انه من المحتمل جدا انه كان قريبا من الركن الجنوبي الشرقي لذلك السهل الواسع (يو 6).)
يقول قاموس الكتاب المقدس مادة (بيت صيدا الجليل): (..... وكانت الأخرى تدعى بيت صيدا الجليل، في الجهة الغربية من نهر الأردن قرب بحيرة طبرية بقرب خان منيه. وهي مدينة اندراوس وبطرس وفيلبس (يو 1: 44) أما "طمسن" فيظن أن ليس إلا بيت صيدا واحدة، وأنها عند أبي زاني الحالية، بجانب مصب الأردن في بحيرة طبرية وذلك لأن الكلمات "لمدينة صيدا" محذوفة من بعض النسخّ. وهى المدينة التي عاش فيها فيلبس وأندراوس وبطرس (يو 1: 44، 12: 21)، وربما عاش فيها ايضا يعقوب ويوحنا. ويبدو ان منزل أندراوس وبطرس لم يكن يبعد كثيرا عن مجمع كفر ناحوم، ولعل بيت صيدا كانت قرية الصيد لمدينة كفر ناحوم. ولكنا لا نعلم موقعها على وجه التحديد. وتوجد قرية على قمة جبلية صخرية إلي الشرق من بلدة "خان منيا" تسمى "الشبخ على الصيادين" (او على شيخ الصيادين) وهى كا يبدو من الاسم تحمل في شقها الاول اسم احد الاولياء، وتحتفظ في شقها الثاني بما يدل على أنها "بيت الصيادين" (أي بيت صيدا). ويوجد بالقرب منها موقع " عين التبغة " التي يظن كثيرون انها " بيت صيدا الجليل". وتندفع المياه الدافئة من العيون الغزيرة نحو خليج صغير في البحيرة، حيث تتجمع الأسماك باعداد هائلة، وهو ما ينشده الصيادون. فان كانت كفر ناحوم عند "خان منيا" فمعنى ذلك انهما كانتا متجاورتين. وقد اندثر الكثير من الأسماء القديمة للمدن، كما تغيرت مواقع البعض الأخر مما يجعل من الصعب تحديد أماكنها بالضبط.)
فلك أن تتخيل أن اسم المدينة التى نشأ فيها يسوع وتسمَّى باسمها غير معروفة، وهى الناصرة، ولم يذكرها التلمود أو المؤرخ فيلو أو غيره حتى القرن الرابع!!
ولك أن تتخيل أنهم لا يعرفون إلام تشير النبوءة التى تقول إنه سيدعى ناصريًا!
ولك أن تتخيل أنهم يفترضون أن متى هو لاوى جامع الضرائب!
ولك أن تتخيل أن تفاسيرهم أجمعت على أن متى نسخ معظم إنجيل مرقس، وأضاف عليه من مصادر أخرى، على الرغم من أن متى المفترض هنا هو التلميذ الذى كان يرافق يسوع فى كل مكان، فهو شاهد العيان، وأن مرقس (كما يقولون) فهو مترجم بطرس. فلك أن تتخيل أن شاهد العيان ينسخ حوالى 85% من كتاب آخر!!
ولك أن تتخيل أن يوحنا الأمى، عديم العلم، الذى لم يكن يقرأ ولا يكتب، كتب إنجيله بلغة يونانية، لا عيب فيها ولا خطأ!!
(13فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 4: 13 الفاندايك
(فَتَعَجَّبَ الْمُجْتَمِعُونَ مِنْ جُرْأَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَلِّمَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ عَامَّةِ الشَّعْبِ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ) ترجمة كتاب الحياة
(فلمَّا رأى أعضاءُ المَجلِسِ جُرأةَ بُطرُسَ ويوحنَّا، تَعَجَّبوا لأنَّهُم عَرَفوهُما أُمِّيَّينِ مِنْ عامَةِ النّـاسِ. ولكنَّهُم عَلِموا أنَّهُما كانا قَبلاً معَ يَسوعَ) الترجمة المشتركة
(فلمَّا رأََوْا جُرْأََةَ بُطرسَ ويوحنَّا، وعَلِموا أَنَّهما رَجُلانِ مِنْ عامَّةِ الشَّعبِ وأُمِّيَّانِ، تَعَجَّبوا. وكانوا يَعْرفونَ أَنَّهما كانا مَعَ يَسوع؛) الترجمة البولسية
(فلَمَّا رَأَوا جُرأَةَ بُطرُسَ ويوحَنَّا وقَد أَدركوا أَنَّهما أُمِّيَّان مِن عامَّةِ النَّاس، أَخَذَهُمُ العَجَب، وكانوا يَعرِفونَهما مِن صَحابَةِ يسوع،) الترجمة الكاثوليكية
ولك أن تتعجب أنهم لا يعرفون موقع (وادى بكة) فأسموه وادى البكاء، على الرغم من أنه اسم علم، وأسماء الأعلام لا تُترجم! (مزمور 84: 6)
ولك أن تتخيل أنهم نسبوا لهيرودس قتل 200 أو 2000 من أطفال بيت لحم، ولا يوجد فى التاريخ من يُدعم هذه القصة!!
ولك أن تتخيل أنهم لا يعرفون كيف ذهب يوسف النجار مع خطيبته ليكتتبا فى بيت لحم، وهما لم يعلنا زواجهما بعد، أى ذهبا بأنفسهما ليثبتا على أنفسهما جريمة زنى!!
ولك أن تتعجب أنهم لا يعرفون اسم إلههم، فيقولون الآب أو أبانا!
ولك أن تتخيل أن اسم يهوه ليس اسمه الحقيقى، فقد فُقدَ اسم الله الحقيقى، ومن ثم فقدت صفاته الدالة عليه، فاخترعوا له هذه الحروف الأربعة.
ولك أن تتخيل أنهم لا يعرفون موقع المدينة التى أقام فيها يسوع عدة معجزات منها إطعام خمسة آلاف من البشر!!
س183- يقول لوقا فى افتتاحيته: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4
وهذا يعنى أنه كانت هناك عمليات كثيرة لتدوين قصة يسوع، يقوم بها أناس مختلفى المشارب، منهم من يكتب عن علم، ومنهم من يُضلل، أو نقول بحسن نية إنه يكتب عن جهل، الأمر الذى سيتسبب فى ضلال الكثيرين. وأن شهود العيان من التلاميذ لم يكتبوا إنجيلا، بل أعطوا لوقا الوثائق التى لديهم ليكتب بدقة. فهذا اعتراف من لوقا أن التلاميذ لم يكتبوا إنجيلا. فمن أين جاءت هذه الأناجيل التى سبقت لوقا، وأعنى بهم مرقس ومتى؟
س184- رفض يسوع أن يأذن للكاتب أن يذهب ليدفن أبيه المتوفى: (21وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَا سَيِّدُ ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 22فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ».) متى 8: 21-22
ومن هذه الفقرة نفهم أن الكاتب يعلم أن أباه قد مات، وينتظر الإذن من يسوع ليذهب ليدفنه. ويرفض يسوع طلب الرجل الذى أراد أن يبر أباه، ويدفنه. قائلا له عبارة لا تُفهم إلا على سبيل المجاز: (اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ).
إن الموتى لا يَدفنون، بل يُدفنون. وعلى ذلك فقد شهد يسوع على أهل هذا الرجل بأنهم من الفاسدين، الذين سيرثون الموت، أى سيخلدون فى نار جهنم. وعلى ذلك فإن المفهوم لابد أن يكون دع هؤلاء الهالكين (أهلك أو جيرانك أو الاثنين معًا) يدفنون موتاهم.
إن اتباعه ليسوع ليتعلم منه البر والصلاح، فأين البر الذى سيتعلمه الرجل من هذا الموقف؟
لكن فى الحقيقة يقول البروفيسور بينكاس لابيدى أستاذ العهد الجديد: إن كلمة مدينة تعنى matta، بينما تعنى كلمة ميت metta، فأخطأ الكاتب فى نقل هذا الحرف المختلف بين الكلمتين، فجاءت الترجمة على هذا النحو. وعلى ذلك يجب أن يكون قول يسوع: دع المدينة تدفن ميتها. لأن هذا واجب من الواجبات التى تفرضها تعاليم موسى والأنبياء على المؤمنين بهم.
لكن كيف فات هذا على كل المترجمين طوال ألفين سنة؟
فى الحقيقة إن تفسير البروفيسور بينكاس لابيدى قد يكون مقنعًا لولا النصوص الأخرى التى تشير إلى أن يسوع جاء ليهدم الأسرة ويفرق أفرادها عن بعضهم البعض، وليقوِّض كل بر، منها: (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 26
(34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. 37مَنْ أَحَبَّ أَباً أَوْ أُمّاً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي وَمَنْ أَحَبَّ ابْناً أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي) متى 10: 34-37
س185- من الأخطاء غير القابلة للتأويل أو الإصلاح هو الخطأ الحادث بين مرقس ويوحنا فى تحديد موعد موت يسوع. فبينما يكون وقت صلب يسوع فى الساعة الثالثة عند مرقس 15: 25 (25وَكَانَتِ السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ فَصَلَبُوهُ.)، يكون صلبه فى الساعة التاسعة عند يوحنا 19: 14-16 (14وَكَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ وَنَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَقَالَ لِلْيَهُودِ: «هُوَذَا مَلِكُكُمْ». 15فَصَرَخُوا: «خُذْهُ! خُذْهُ اصْلِبْهُ!» قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «أَأَصْلِبُ مَلِكَكُمْ؟» أَجَابَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ: «لَيْسَ لَنَا مَلِكٌ إِلاَّ قَيْصَرُ». 16فَحِينَئِذٍ أَسْلَمَهُ إِلَيْهِمْ لِيُصْلَبَ.)
ومعنى ذلك أنه بينما كان يسوع يقف أمام الكهنة يحققون معه عند يوحنا، كان يسوع على الصليب عند مرقس. فمن الذى أخطأ من الكاتبين: مرقس أم يوحنا؟ أم أخطأ الاثنان ولم يُصلب كما تقول الأناجيل التى ترجع إلى القرون الأولى من التوقيت، وترفضها الكنيسة؟
لقد أجمع علم اللاهوت على أن الأناجيل كتبت بعد وقوع الأحداث التى تصورها بعدة عشرات من السنين. ومن هنا كان لابد أن يحدث عدم اتفاق فى رواية الأحداث.
وهنا تتبع الكنيسة هذا التأويل: تبعًا لبلينوس الأكبر (بفرض صحة كلامه) إن اليوم يبدأ عند البابليين مع شروق الشمس، وينتهى عن شروق شمس اليوم التالى. ويخالفهم الأثينيون ويحسبون يومهم من غروب الشمس إلى غروب شمس اليوم التالى. يُخالفهم المصريون والرومانيون، فقد كان اليوم عندهم يبدأ من منتصف الليل، وينتهى بقدوم منتصف الليل التالى. ومن المعروف أن إنجيل يوحنا له الطابع الرومانى فى أفكاره.
فلو تكلم يوحنا عن الساعة السادسة فمعنى هذا أنها الساعة السادسة تبعًا للحساب الرومانى، أى ست ساعات بعد منتصف الليل أى فى السادسة صباحًا. وكان يسوع فى هذا الوقت مقبوضًا عليه قيد التحقيق والاستجواب. وتبعًا للكهنة العبرانيين العبرى يبدأ يوم العمل فى السادسة صباحًا.
وتبعًا لمرقس فإن يسوع صلب فى الساعة الثالثة أى فى التاسعة صباحًا تبعًا للحساب اليهودى، حيث يتم حساب يوحنا تبعًا للتوقيت الرومانى، بينما يحسب عند مرقس تبعًا للحساب اليهودى. وعلى ذلك فإنه بعد ثلاث ساعات من التحقيق مع يسوع عند يوحنا، تم إعدامه عند مرقس.
لكن هذا سوف يوقع الكنيسة فى عدة مآزق: ما الذى جعل يوحنا اليهودى يتمسك بتقاليد الرومان دون تقاليد اليهود، على الرغم من أنه يكتب كتابًا دينيًا لليهود أتباع يسوع الجدد؟ بل ما الذى جعل الروح القدس (المتحد مع يسوع والآب) الذى أوحى هذا الكتاب يتمسك عند مرقس بالتقاليد اليهودية، ويخالفه بالحساب الرومانى عند يوحنا؟ فهل كان يسوع يميل إلى التقاليد الرومانية أكثر من التقاليد اليهودية؟ فكيف يكون المسِّيِّا ومن المفترض أنه سيقضى على الإمبراطورية الرومانية بتراثها الآسن الظالم؟
وهل كان من المنطق أن يُخالف يوحنا نظم الرومان وتقاليدهم وقوانينهم ويتركونه حيًا؟ أم كتب هذا الإنجيل فى القرن الرابع بعد إصدار قانون التسامح الدينى، ورفع يد الرومان عن المسيحيين لعتنقوا ما يريدون؟
لقد كان يسوع فى حياته يخاف من قيصر، ويدفع له الجزية، ولم يستطع أن يتفوَّه ضده بكلمة واحدة تغضبه. فهل بعد موته أثبت شجاعة منقطعة النظير وخالف قيصر وقوانينه وغيَّر من تقاليد الرومان عند مرقس وحسب بالحساب العبرى؟ وهل لم يعلم الروح القدس أنه بعد عدة سنوات أو مئات السنوات سيحدث هذا اللغط، وسيظن الناس فى الكتاب الظنون؟ فلماذا لم يفرض على الكاتب حساب محدد وأفكار ثابتة بين الأناجيل الأربعة؟ ولماذا لم يكتف بإنجيل واحد حتى لا تظهر مثل هذه الاختلافات البينة بينها؟
كيف يكون فى بلد ما توقيتان؟ إن هذا جنوح يجانب الصواب، ويجافى العقل ويأباه المنطق؟ وكل هذا كان بفرض وجود ثلاث طرق لحساب التوقيت فى فلسطين أو فى الإمبراطورية الرومانية!!
س186- نادى يوحنا المعمدان بالعودة إلى الله قائلا: (تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.) متى 3: 2، وهو نفس ما نادى به يسوع نفسه: (17مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ : «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ».) متى 4: 17، وهى مع الأسف ترجمة خاطئة، ظهرت واستمرت منذ أيام مارتن لوثر، فالكلمة اليونانية المذكورة فى المخطوطات هى (metanoiete) وترجمتها الصحيحة هى (عودوا) أو (ارجعوا). ومن بالغ ذكاء مارتن لوثر أن غير فى الترجمة تجنبًا للمأزق الذى سنراه الآن.
وكانت هذه الأوامر موجهة لليهود. فإلى أى عقيدة كان يطالبهم المعمدان بالعودة إليه؟ فهل كان يطالبهم بالعودة إلى الوثنية؟ لا أعتقد ذلك. وإلى أى عقيدة كان يطالبهم يسوع بالعودة إليه؟ إنهما طالبا اليهود إلى العودة إلى ناموس الرب وتوراته، ونبذ تقاليد الكهنة، التى أبدلوا شرع الله بتقاليدهم.
(6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
(6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
س187- ما هى تهمة الذين صُلبوا مع يسوع؟
لقد ذكر يوحنا أن اثنين صلبا مع يسوع بصورة عابرة، دون أن يُحدد تهمة ما لأى منهما. (18حَيْثُ صَلَبُوهُ وَصَلَبُوا اثْنَيْنِ آخَرَيْنِ مَعَهُ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا وَيَسُوعُ فِي الْوَسْطِ.) يوحنا 19: 18
أما لوقا فقد أدانهما بقوله (الْمُذْنِبَيْنِ)، ولكنه لم يُحدد أيضًا تهمة أى منهما بدقة: (33وَلَمَّا مَضَوْا بِهِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُدْعَى «جُمْجُمَةَ» صَلَبُوهُ هُنَاكَ مَعَ الْمُذْنِبَيْنِ وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ.) لوقا 23: 33
وأقر كل من متى ومرقس أنهما كانا لصين: (38حِينَئِذٍ صُلِبَ مَعَهُ لِصَّانِ وَاحِدٌ عَنِ الْيَمِينِ وَوَاحِدٌ عَنِ الْيَسَارِ.) متى 27: 38
(27وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ وَاحِداً عَنْ يَمِينِهِ وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ. 28فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».) مرقس 15: 27-28
إلا أن هناك تراجم أخرى لمتى 27: 38 ومرقس 15: 27 تذكر أنهما كانا من القتلة أو من المتمردين الثائرين أو من المجرمين بدلا من لصوص، وذلك لاختلافهم فى ترجمة الكلمة اليونانية (Lنstai):
Then were there two thieves crucified with him, one on the right hand, and another on the left. (KJV, WEB)
Then two robbers were crucified with Him, one on the right and another on the left. (NKJV, NIV, ESV, NASB, RSV, ASV, YLT, DBY, HNV)
Two revolutionaries* were crucified with him, one on his right and one on his left. (NLY) Footnote: * Or criminals; also in 27:44.
إلا أن هذه التهمة تثير اليوم أفكار قارىء اليوم، فيذهب نفر منهم إلى أنهما ربما كانا من قاطعى الطريق، الذين يسرقون المارين بالإكراه. إلا أن أمثال هؤلاء اللصوص لم يثيروا العدالة الرومانية قيد أنملة، ولم يحضرهم أحد للمحاكمة، بل كانت محاكمتهم تُعقد فى نفس مكان السرقة أو القبض عليهم بصورة سريعة. ولم تكن عقوبتهم الصلب. وهو السبب الذى من أجله يتم التلاعب فى تهمتهما. إذ كيف جاءوا باثنين هذه تهمتهما ليُصلبا مع يسوع؟ إن هذا الأمر لتزوير للحقائق التاريخية، وتأييف لنصوص الأناجيل لتقابل نبوءة ما فى العهد القديم!!
وهو ما تفرَّد مرقس، إذ يُحدد السبب الذى من أجله جاءوا بهذين الاثنين فيقول: (28فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».) مرقس 15: 28، ولا تعرف الأناجيل الأخرى هذه الجملة، الأمر الذى يشير إلى أنها ربما تكون إضافة فى وقت لاحق.
لذلك حذفت الترجمة الكاثوليكية اليسوعية الجملة رقم (28) من النص نهائيًا، وأبقت فقط على الرقم فى نسختها على النت، بينما فى نسختها الطبعة السادسة عام 2000 ذكرت فى هامش الصفحة 175 تحت رقم 21 الآتى: (فى بعض المخطوطات، هذه الآية: «فتمَّت الآية التى ورد فيها "وأُحصِىَ مع المجرمين». وهى استشهاد بـ أش 53/12 (راجع لو 22/37). هذه الطريقة فى الاستشهاد لا تتفق مع عادة مرقس فى استعماله نصوص العهد القديم. إنه لأمر مدهش أن لا تتضمَّن رواية الآلام عند مرقس أى استناد صريح إلى صورة العبد المتألم الوارد ذكره فى اش 53.)
ووضعتها الترجمة العربية المشتركة (مرقس 15: 28) بين قوسين معكوفين، أى أخرجتها من متن النص المقدس، وكتبت فى هامشها (لا ترد هذه الآية فى معظم المخطوطات القديمة رج لو 22: 37؛ اش 53: 12).
(12لِذَلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.) إشعياء 53: 12
وهذا لا يعنى إلا أن هناك من تدخَّل، وعدَّل كلمة الرب، غير المتفقة هنا مع ما تؤمن به الكنيسة، ليحدث إنسجام، وتتطابق كلمة الرب مع ما تدين به الكنيسة وتعتقد فى صحته.
والأغرب من ذلك أن هذا القول لا يتفق مع نبوءة إشعياء نفسها. فلم يسكب يسوع نفسه للموت، بل كان يصلى بأشد لجاجة أن يذهب الله عنه كأس الموت، بل نزل له ملاك من السماء يهديه، حيث نزلت قطرات عرقه كقطرات من الدماء: (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
ودُفِعَ دفعًا للموت عن طريق خيانة يهوذا الإسخريوطى، ولم يذهب طواعية للموت: (48فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟») لوقا 22: 48
أما كونه حمل (خطايا كثيرين)، فهناك نص يشير إلى أنه حمل خطايا العالم كله، وليس كثيرين فقط:
فيقول بولس: (23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.) رومية 3: 23-25
ويقول إن الخطية أصابت كل الناس: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32
ويقول: (18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ) رومية 5: 18
وبقوله: (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
إذن فهى لا تصيب يسوع، لأن يسوع حمل خطايا العالم كله، وليس كثيرين، وشفع فى مذنبين، وليس فى جميع الناس، الأمر الذى يعنى أن هناك من الأبرار الذين لم تصيبهم على الأقل لعنة الخطيئة الأزلية، فلم يحتاجو إلى شفاعته: (وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.) إشعياء 53: 12
إن كلمة (Lنstai) أخذت من لغة الرومان الخاصة بالدعاية، واستعملها متى ومرقس دون نقد أن تعديل. وكانت منطقة الجليل قبل مجىء هيرودس للحكم تعج بالمتمردين على الحاكم الرومانى. هذا وقد استعمل هيرودس هذه الكلمة لوصف المتمردين على حكمه، بقوله (هذه العصابة)، التى قد تعنى مجموعة من الناس، وقد تعنى أيضًا عصابة من اللصوص القتلة، وكان ذلك قبل مولد يسوع بزمن كبير. وكان هدفه من استعمال هذه الكلمة تفريق الناس الطيبين عن هذه المجموعة المتمردة، بوصفه لها أنها من اللصوص القتلة.
إن كلمة (Lنstai) هذه تعنى التمرد على كل حكم إلا حكم الله، فهى تعنى (لا حاكم علينا إلى الله)، فهم مجموعة إذن من المؤمنين الذين لا يقبلون غير حكم الله عليهم. ومعنى ذلك أنهما ليسا من اللصوص أو السرَّاق أو القتلة، بل من المتمردين على حكم الرومان، المطالبين بحكم الله. راجع أيضًا (العاديات) 14: 9: 4
فلماذا صلبوا هذين المؤمنين مع يسوع؟ ولماذا جدف أحد هذين المؤمنين على يسوع؟ ألم يكن يعلم أنه إلهه المتجسد؟ ألم يعلم أنه نبى الله الذى أرسله إليهم؟ أم كان يحتقره لأنه من المنادين بحكم الله على أرض الله، بينما هادن يسوع قيصر، وأمر أن يُعطى ما لقيصر لقيصر؟ أم كفر بيسوع وأحس أنهم أحق منه بالألوهية أو النبوة لأنه كان يدفع لقيصر الجزية واستسلم له؟ فلماذا يُصلب يسوع المهادن لقيصر مع الشهداء؟ وهل الشهداء يحتاجون إلى شفاعة؟
وعلى ذلك فإن ترجمة هذه الكلمة بعبارة (لصين) هى ترجمة خاطئة، لأنهما كانا من المتمردين المجاهدين الأصوليين.
س188- يقول متى إن الرب إله أحياء وليس بإله الأموات: (31وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ: 32أَنَا إِلَهُ إِبْراهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ. لَيْسَ اللَّهُ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ».) متى 22: 31-32
فمن هو إله الأموات؟ هل ينادى متى بوجود إلهين: إله للأحياء وآخر للموتى؟ وإلى أى نص يشير يسوع فى العهد القديم عن قيامة الأموات هذه؟ أم كان النص موجودًا وحُذف من بعده؟
وتفسيرهم فى هذا القول غريب حقًا فهم يقولون إن يسوع يجيب الصدوقيين على عدم إيمانهم بالقيامة بالجسد فى الآخرة، فطمأنهم يسوع بقوله هذا. لكن لم يردوا على كيف نفى يسوع إلاهية الرب على الأموات: فهو عندهم إله للأحياء فقط وليس بإله للأموات. ومن ناحية أخرى فهو ليس بإله هذا العالم، عالم الأحياء أيضًا، بل إلهه هو الشيطان. (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
(11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
(2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2
وبالتالى فالرب ليس بإله أموات، ولا بإله أحياء. فهل قال الرب ذلك فى كتابه؟ وماذا تتوقع أن يقول الشيطان ويمجد نفسه غير ذلك؟
والنص المشار إليه هنا ذُكر فى الخروج 3: 6، وفيه يقدم الرب نفسه لموسى، متكلمًا من العليقة: (6ثُمَّ قَالَ: «أَنَا إِلَهُ أَبِيكَ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ». فَغَطَّى مُوسَى وَجْهَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى اللهِ.) خروج 3: 6، فما علاقة هذا بالقيامة من الأموات، التى استهل بها يسوع حديثه لتلاميذه قائلا (أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ) متى 22: 31؟ فأين نبوءة القيامة من الموتى التى يستشهد بها يسوع هنا؟ لقد أساء الكاتب الاستشهاد، ونسبها ليسوع كباقى الكتاب!!
ونكرر مرة أخرى أن هناك العديد من الاستشهادات، التى تشير فى العهد الجديد إلى العهد وهى فى الحقيقة لا وجود لها فى العهد القديم، مثل نبوءة متى 4: 14-15 مقارنة بإشعياء 8: 23 أو 9: 1).
لكن هل هذه النبوءة تنطبق على يسوع وحياته؟ لماذا لا نقل إن كتبة حياة يسوع كتبوها وفقًا لما يعلموه من العهد القديم لتنطبق على يسوع؟
فالنبوءة تكون دائمًا لحدث ما خارج عن الطبيعة، وسوف يحدث فى المستقبل. وبعض النبوءات المنتسبة ليسوع لم تتحقق. ففى إنجيل متى يذكر أن يسوع تنبأ عن موته وقيامته، لأنه مثل يونان، الذى جلس فى باطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال فى باطن الأرض. أى سيمكث يسوع 72 ساعة فى باطن الأرض، ثم يغادر عالم الأموات والقبر حيًا. (40لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ.) متى 12: 40
وهذا الحدث لم يُذكر فى يونا 2: 1 مطلقًا كنبوءة، حتى نقول إنها تحققت فى يسوع. بل جاء الحدث كحدث تاريخ مر عليه أزمان، وصوِّر بصورة عادية جدًا. (1فَصَلَّى يُونَانُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِهِ مِنْ جَوْفِ الْحُوتِ) يونان 2: 1
فهل كان يصلى يسوع فى جوف الأرض لإلهه؟ لا. بل كان ميتًا، ولم يستجب له إلهه فى تضرعه أن يُذهب عنه كأس الموت هذا؟ هل ليسوع إله؟ لماذا يقلد يسوع الإله عندكم أحد أنبيائه؟
ومن المسلم به أن يسوع لم يمكث فى باطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال، بل مكث على أقصى تقدير 36 ساعة. فقد مات يوم الأربعاء أو الجمعة، ويرى البعض كحل وسط أنه مات الخميس، وخرج من قبره يوم الأحد قبل شروق الشمس. فلو مات الأربعاء لكان مكوثه فى باطن القبر أربعة أيام وأربع ليال.
لكن يكذب هذه النبوءة التى تتعلق بثلاثة أيام وثلاث ليال أن يسوع قال للمصلوب معه: (... إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ.) لوقا 23: 43، فكيف كان فى نفس اليوم فى ملكوته فى الجنة، بينما تقول النبوءة إنه سيكون فى باطن الأرض، إلا إذا كان الله قد أنقذه من الموت ورفعه إليه؟ أليس هذا ما قاله كاتب سفر العبرانيين؟ (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ،) عبرانيين 5: 7
كذلك يكذبها قول بولس بنزول يسوع إلى الأراضى السفلى لكى يخلص من بها من العذاب: (9وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضاً أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى.) أفسس 4: 9
فكيف مكث فى قبره ثلاثة أيام وثلاث ليال، ومثلهم فى باطن الأرض، أى بقى ستة أيام قبل قيامته من باطن الأرض، والأناجيل تخبرنا أنه قام فى اليوم الثالث، والنبوءة تخبرنا أنه مكث ثلاثة أيام وثلاث ليال مثلما فعل يونا؟
ولو أن نبوءات يسوع عن حياته الشخصية ومستقبله لم تتحقق، فكيف نؤمن أن نبوءاته عن مستقبل غيره سوف تتحقق؟
ومثال آخر من مرقس: (17وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ إِلَى الطَّرِيقِ رَكَضَ وَاحِدٌ وَجَثَا لَهُ وَسَأَلَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 18فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. 19أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلِبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 20فَأَجَابَ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 21فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ». 22فَاغْتَمَّ عَلَى الْقَوْلِ وَمَضَى حَزِيناً لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ.
23فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!» 24فَتَحَيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَقَالَ يَسُوعُ أَيْضاً: «يَا بَنِيَّ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! 25مُرُورُ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!» 26فَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 27فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ».
28وَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَقُولُ لَهُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». 29فَأَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ 30إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ بُيُوتاً وَإِخْوَةً وَأَخَوَاتٍ وَأُمَّهَاتٍ وَأَوْلاَداً وَحُقُولاً مَعَ اضْطِهَادَاتٍ وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. 31وَلَكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ وَالآخِرُونَ أَوَّلِينَ».) مرقس 10: 17-31، ولوقا 18: 18-27
وفيها يذهب شاب غنى إلى يسوع يسأله عن كيفية دخول الجنة. فيخبره يسوع بالتمسك بوصايا الله تعالى لبنى إسرائيل، والتى أخبرهم بها موسى عليه السلام، ثم عليه أن يبيع كل ما يملك، ويعطيه للفقراء، ثم يتبعه.
ثم قال لتلاميذه: (28فَقَالَ بُطْرُسُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». 29فَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتاً أَوْ وَالِدَيْنِ أَوْ إِخْوَةً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ اللهِ 30إِلاَّ وَيَأْخُذُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ».) لوقا 18: 28-30، ومرقس 10: 28-30
وهنا يتملك الإنسان المتدبر فى هذه التعاليم من عدة أشياء:
1- ما جدوى هذه التعاليم للتلاميذ وهم أساسًا من الفقراء؟
2- وكيف سيترك الإنسان والديه ثم يكون له مائة والدين أيضًا فى هذا الزمان؟
3- وهل لو ترك الإنسان زوجة من أجل الملكوت سيكون له مائة زوجة فى هذا الزمان أو فى الآخرة؟ أليس هذا موافقة على تعدد الزوجات؟ وأليس هذا ما يسميه المسلمون الحور العين أو زوجات الجنة الجميلات؟
4- وأليس من يترك مالا من أجل الملكوت ويتضاعف ماله إلى مائة ضعف إشارة وإغراء إلى طريق الثراء والغنى الفاحش؟ فلماذا انتهر الغنى، وأمره بالتبرع بكل ما يملك؟ وكيف ستتضاعف النقود إلا عن طريق وجود نقود واستثمارها؟ إذن لا يمكن للإنسان أن يبيع كل ما يملك، ولكن استثمار أمواله، والعطف على الفقراء بإخراج الزكاة، والتصدق عليهم.
5- ألم يكن من الأجدى أن يعلم يسوع أتباعه الأغنياء أنه لا ينقص مال من صدقة؟ وأنه عليهم أن يحصنوا أموالهم بالزكاة والفروض الشرعية الواجبة عليهم؟ وأنهم سيكونون باتباعه أكثر غناءً فى الدنيا والآخرة، بدلا من تنفيرهم وأفقارهم؟
6- ألم يعلم يسوع أن المال كان وسيكون وسيظل عنصرًا من عناصر القوة؟ فلماذا أراد إضعاف أتباعه، وتقليصهم من عناصر القوة؟ ألم يكن فى علمه أنه بالمال الوفير تقوم المشروعات التى يستظل بالعمل فبها هؤلاء الفقراء، ليغنيهم عن مد أيديهم أو انتظار المساعدة؟
7- ألم يندم يسوع على اجتذاب الفقراء، والتخلص من كل مال، حينما أمر تلاميذه ببيع ملابسهم وشراء سيوفًا للدفاع عنه وعن أنفسهم، فلم يجدوا إلا سيفين فقط، واضطر إلى التعذيب والإهانة والموت؟
8- ألم ترفض الكنيسة تعاليم يسوع المتعلقة ببيع كل الممتلكات والتمسك بالفقر؟ ألا تسعى الكنيسة لامتلاك المال الذى هو أهم عنصر من عناصر القوة؟ ألم يرد يسوع كنيسة ضعيفة وفقيرة؟ أم لم يقل يسوع هذا بالمرة وهذه كانت رغبة اليهود ليسهل عليهم القضاء على أتباع يسوع بالتدريج وهدم دعوته؟
9- ولو قال يسوع هذا الكلام لنمَّ ذلك عن إنسان لا يفهم الدنيا، وبالتالى نفت عنه الألوهية.
10- ولو أخذنا قوله مأخذ الجد لكانت نبوءة بهدم الكنيسة وإضعافها، وتقويض دعوته!!
مازال أتباع الكنيسة والعهد الجديد يبحثون منذ القرن الأول عن نبوءات فى العهد القديم تؤيد دعواهم فى يسوع أنه المسِّيِّا، كما قال عالم اللاهوت مرقس بارت.
س189- إن النقاب فرض على نساء بنى إسرائيل والمسيحيين أيضًا، لأن يسوع لم يأت لينقض أو يُخالف تعاليم موسى أو الأنبياء:
(وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ فِي الْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ الْمَسَاءِ فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا جِمَالٌ مُقْبِلَةٌ. 64وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. 65وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: «مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟» فَقَالَ الْعَبْدُ: هُوَ سَيِّدِي. فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ) التكوين 24: 63-65
(خُذى الرَّحَى وَاطْحَنِي دَقِيقاً. اكْشِفِي نُقَابَكِ) إشعياء 47: 2
(1هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ) نشيد الأناشيد 4: 1، وها هو يغازل حبيبته التى لم ير من وجهها شيئًا إلا عينيها.
(31وكانَت سوسَنَّةُ لَطيفَةً جِدّاً جَميلَةَ المَنظَر. 32ولَمَّا كانَت مُبَرقَعَة، أَمَرَ هذانِ الفاجِرانِ أَن يُكشَفَ وَجهُها، لِيَشبَعا من جَمالِها.) دانيال 13: 31-32، ومعنى هذا أن كشف وجه المرأة كبيرة من الكبائر عندهم، ومن تفعل هذا فهى فاجرة، ومن يفعل هذا بهن فهو أيضًا فاجر.
ويقول كتاب الدسقولية الذى هو بمثابة تعاليم الرسل يقول ص27: (إذا مشيت فى الطريق فغطي رأسك بردائك "عب 10 : 26- 29 " فإنك إذا تغطيت بعفة تصانين عن نظر الأشرار لا تزيني وجهك الذى خلقه الله فليس فيه شئ ينقص زينة لأن كل ما خلقه الله فهو حسن جدا ولا يحتاج إلى زينة وما زيد على الحسن فإنه يغير نعمة الخالق .يكون مشيك ووجهك ينظر إلى أسفل وأنت مطرقة مغطاة من كل ناحية وإذا غطت وجهها فتغطيه بفزع من نظر رجال غرباء)
والآن لماذا تصورون السيدة مريم العذراء مرتدية دائمًا الحجاب، بينما النقاب هو الزى الشرعى لنساء بنى إسرائيل؟
تعليق