موسوعة أخطاء الكتاب المقدس - البهريز فى الكلام اللى يغيظ الجزء الخامس

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 6 (0 أعضاء و 6 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • abubakr_3
    مشرف عام

    • 15 يون, 2006
    • 849
    • مسلم

    #16
    س118- كم كان عدد المشرفين على خدمة العمال المسخرين لتنفيذ أعمال سليمان؟
    550 (23هَؤُلاَءِ رُؤَسَاءُ الْمُوَكَّلِينَ عَلَى أَعْمَالِ سُلَيْمَانَ خَمْسُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ، الَّذِينَ كَانُوا يَتَسَلَّطُونَ عَلَى الشَّعْبِ الْعَامِلِينَ الْعَمَلَ.) ملوك الأول 9: 23
    250 (10وَهَؤُلاَءِ رُؤَسَاءُ الْمُوَكَّلِينَ الَّذِينَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ مِئَتَانِ وَخَمْسُونَ الْمُتَسَلِّطُونَ عَلَى الشَّعْبِ.) أخبار الأيام الثاني 8: 10
    س119- كم كان عدد المحاربين فى إسرائيل؟
    800,000 محارب (9فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى الْمَلِكِ، فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ ذِي بَأْسٍ مُسْتَلِّ السَّيْفِ، وَرِجَالُ يَهُوذَا خَمْسَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ.) صموئيل الثانى 24: 9
    1,100,000 محارب (5فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِإِلَى دَاوُدَ, فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِلْيُوناً وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ,) أخبار الأيام الأول 21: 5
    س120- وكم كان عدد جيش يهوذا؟
    500,000 محارب (9فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى الْمَلِكِ، فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ ذِي بَأْسٍ مُسْتَلِّ السَّيْفِ، وَرِجَالُ يَهُوذَا خَمْسَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ.) صموئيل الثانى 24: 9
    470,000 محارب (5فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِإِلَى دَاوُدَ, فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِلْيُوناً وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ,) أخبار الأيام الأول 21: 5
    مازلنا نؤكد أن هذا الكتاب لم يوح به أحد لا إنس ولا جن ولا إله، وإلا لاتفقت المخطوطات والتراجم. ومازلنا نؤكد على المبالغات الرقمية فى الكتاب وعدم دقتها.
    س121- كم كان عدد القتلى الذين أرداهم يُشيْب بَشَّبَث التحكمونى دفعة واحدة بهزة من رمحه؟
    800 (8هَذِهِ أَسْمَاءُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يُشَيْبَ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ رَئِيسُ الثَّلاَثَةِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً.) صموئيل الثانى 23: 8
    300 (11وَهَذَا هُوَ عَدَدُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يَشُبْعَامُ بْنُ حَكْمُونِي رَئِيسُ الثَّوَالِثِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَلاَثِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً.) أخبار الأولى 11: 11
    س122- ما حجم الحوض الذى بناه سليمان؟ أى كم عدد البراميل التى يستوعبها؟
    3000 (يَأْخُذُ وَيَسَعُ ثَلاَثَةَ آلاَفِ بَثٍّ.) أخبار الأيام الثانى 4: 5
    375 حرفتها الترجمة العربية المشتركة وجعلتها (5وكانَ سُمْكُ الحَوضِ شِبْرًا، وحافَّتُهُ كحافَّةِ كأسٍ شبيهٍ بِزَهرِ السَّوسَنِ، وكانَ يَسَعُ ثَلاثَ مئَةٍ وخمسةً وسبعينَ برميلاً.)
    2000 (يَسَعُ أَلْفَيْ بَثٍّ.) ملوك الأول 7: 26
    250 حرفتها الترجمة العربية المشتركة وكتبتها (26وكانَت سَماكَةُ الحَوضِ شِبرًا، وحافَّتُهُ كحافَّةِ كأسٍ على مِثالِ زَهْرِ السَّوسَنِ، وكانَ يَسَعُ مئتينِ وخمسينَ برميلاً.)
    س123- وفى خطأ آخر فى الجمع يقول (هَذِهِ هِيَ عَشَائِرُ الجَرْشُونِيِّينَ. 22المَعْدُودُونَ مِنْهُمْ بِعَدَدِ كُلِّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً المَعْدُودُونَ مِنْهُمْ سَبْعَةُ آلافٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ.) العدد 3: 21-22 ، أى كانوا (7500 ذكرًا)
    و(هَذِهِ عَشَائِرُ القَهَاتِيِّينَ 28بِعَدَدِ كُلِّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً ثَمَانِيَةُ آلافٍ وَسِتُّ مِئَةٍ حَارِسِينَ حِرَاسَةَ القُدْسِ.) العدد 3: 27-28 ، أى كانوا (8600 ذكرًا)
    و(هَذِهِ هِيَ عَشَائِرُ مَرَارِي. 34وَالمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ بِعَدَدِ كُلِّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً سِتَّةُ آلافٍ وَمِئَتَانِ.) العدد 3: 33-34، أى كانوا (6200 ذكرًا)
    إلا أنه جمعهم بشكل خاطىء فقال: (39جَمِيعُ المَعْدُودِينَ مِنَ اللاوِيِّينَ الذِينَ عَدَّهُمْ مُوسَى وَهَارُونُ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ بِعَشَائِرِهِمْ كُلُّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً اثْنَانِ وَعِشْرُونَ أَلفاً.) العدد 3: 39، أى (22000) والمفروض أن يكونوا (22300)
    فمن الذى أخطأ فى هذا الجمع؟ هل هو الرب أم الكاتب أم الناسخ؟ ولماذا لم يحفظ الرب مخطوطاته من الخطأ أو التحريف أو التلاعب العمدى وغيره أثناء النسخ؟
    وقلنا من قبل: يستحيل أن ينجب أربع ذكور (العدد 3: 19) وهم أبناء قهات 8600 ذكرًا فى جيل واحد، فما بالكم أن جرشون كان له ولدان فقط (العدد 3: 18). فهل من ولدين ينتج 7500 ذكرًا، غير الإناث؟ وكذلك كان لمرارى ابنان (العدد 3: 20) أنجبا له 6200 ذكرًا غير الإناث
    س124- يحكى لنا سفر التكوين أن تارح أبى إبراهيم أنجب ابنه إبراهيم، عندما بلغ من العمر 70 سنة (26وَعَاشَ تَارَحُ سَبْعِينَ سَنَةً وَوَلَدَ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ.) التكوين 11: 26، وتوفى عن عمر 205 عام (32وَكَانَتْ أَيَّامُ تَارَحَ مِئَتَيْنِ وَخَمْسَ سِنِينَ. وَمَاتَ تَارَحُ فِي حَارَانَ.) التكوين 11: 32
    وذهب إبراهيم إلى كنعان تاركًا حاران عن عمر يبلغ 75 عامًا (4فَذَهَبَ أَبْرَامُ كَمَا قَالَ لَهُ الرَّبُّ وَذَهَبَ مَعَهُ لُوطٌ. وَكَانَ أَبْرَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَارَانَ. 5فَأَخَذَ أَبْرَامُ سَارَايَ امْرَأَتَهُ وَلُوطاً ابْنَ أَخِيهِ وَكُلَّ مُقْتَنَيَاتِهِمَا الَّتِي اقْتَنَيَا وَالنُّفُوسَ الَّتِي امْتَلَكَا فِي حَارَانَ. وَخَرَجُوا لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ.) التكوين 12: 4-5، وهذا يعنى أن أباه كان وقتها قد بلغ من العمر 145 عامًا، ولم يكن قد مات بعد.
    ويؤكد سفر أعمال الرسل 7: 4 (4فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ. وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمُ الآنَ سَاكِنُونَ فِيهَا.)، أى كان عمر إبراهيم وقتها 205 – 70 = 135 سنة وليس 75 كما أخبر كاتب سفر التكوين. وعلى ذلك لابد أن يكون إبراهيم قد أنجب إسماعيل وإسحاق.
    فمتى هاجر إبراهيم إلى أرض كنعان؟ هل فى حياة أبيه أم بعد مماته؟ أى هل كان عمر إبراهيم وقتها 75 سنة أم 135 سنة؟
    س125- تقول الرواية الكتابية إن فرعون وافق أن يخرج موسى وبنو إسرائيل من مصر، وقد كانت هذه أمنية الشعب المصرى أيضًا بعد الضربات العديدة التى مناهم بها الله. وما إن خرج بنو إسرائيل (ولم يُطردوا كما يقول النص أسفله) حتى جيَّش فرعون جيشًا وخرج وراءهم، وتكمن المشكلة فى أعداد بنى إسرائيل النازحين من مصر، وهو يتوقف على طول مدة إقامتهم فيها: (31فَدَعَا مُوسَى وَهَارُونَ لَيْلاً وَقَالَ: «قُومُوا اخْرُجُوا مِنْ بَيْنِ شَعْبِي أَنْتُمَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعاً وَاذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ. 32خُذُوا غَنَمَكُمْ أَيْضاً وَبَقَرَكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ وَاذْهَبُوا. وَبَارِكُونِي أَيْضاً». 33وَأَلَحَّ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى الشَّعْبِ لِيُطْلِقُوهُمْ عَاجِلاً مِنَ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «جَمِيعُنَا أَمْوَاتٌ». 34فَحَمَلَ الشَّعْبُ عَجِينَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْتَمِرَ وَمَعَاجِنُهُمْ مَصْرُورَةٌ فِي ثِيَابِهِمْ عَلَى أَكْتَافِهِمْ. 35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ. 37فَارْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ رَعَمْسِيسَ إِلَى سُكُّوتَ نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ مِنَ الرِّجَالِ عَدَا الأَوْلاَدِ. 38وَصَعِدَ مَعَهُمْ لَفِيفٌ كَثِيرٌ أَيْضاً مَعَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ مَوَاشٍ وَافِرَةٍ جِدّاً. 39وَخَبَزُوا الْعَجِينَ الَّذِي أَخْرَجُوهُ مِنْ مِصْرَ خُبْزَ مَلَّةٍ فَطِيراً إِذْ كَانَ لَمْ يَخْتَمِرْ. لأَنَّهُمْ طُرِدُوا مِنْ مِصْرَ وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَتَأَخَّرُوا. فَلَمْ يَصْنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ زَاداً. 40وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 41وَكَانَ عِنْدَ نِهَايَةِ أَرْبَعِ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ أَنَّ جَمِيعَ أَجْنَادِ الرَّبِّ خَرَجَتْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.) خروج 12: 31-41
    أى كان عدد الرجال حاملة السلاح 600,000 إضافة إلى النساء وما هم دون العشرين من الأطفال والرضع وغيرهم، إضافة إلى اللاويين.
    وهذا العدد المذكور يُخالفه نص آخر فى سفر العدد بفارق 3550 رجلا غير اللاويين والنساء والأطفال: (45فَكَانَ جَمِيعُ المَعْدُودِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداً كُلُّ خَارِجٍ لِلحَرْبِ فِي إِسْرَائِيل 46سِتَّ مِئَةِ أَلفٍ وَثَلاثَةَ آلافٍ وَخَمْسَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ. 47وَأَمَّا اللاوِيُّونَ حَسَبَ سِبْطِ آبَائِهِمْ فَلمْ يُعَدُّوا بَيْنَهُمْ 48إِذْ قَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 49«أَمَّا سِبْطُ لاوِي فَلا تَحْسِبْهُ وَلا تَعُدَّهُ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيل.) العدد 1: 46-49
    وجاءت تفصيلات عدد كل سبط فى الإصحاح الأول من سفر العدد 1: 21-43
    إذن فالخطأ الأول هنا فى أعداد النازحين بمحض إرادتهم، وهم غير مطرودين كما يقول النص، بل كانت هذه أمنيتهم، وإرادة الرب.
    الخطأ الثانى: لك أن تتخيل أنه بعدد الرجال حاملين السلاح عددًا مثله من زوجاتهم، أى 600,000 أو 603,550 ، ويكون فى بنى إسرائيل قابلتان فقط لهن، على الرغم من اعتراف النص أن بنى إسرائيل كان ينمو بسرعة كبيرة! إن المجتمع وقتئذ لابد أن يكون مجتمعًا صغيرًا، يسهل التحكم فيه، ومعرفة كل صغيرة وكبيرة.
    الخطأ الثالث: إذا كان الملك قد رغب فى التخلص من الذكور من بنى إسرائيل، فلماذا أبقى على الفتيات، التى سينجبن ذرية تُحسب من بنى إسرائيل، لأن النسل عندهم ينتمى للأم وليس للأب؟ وهل كان الملك بالغباء الذى جعله يثق فيه قابلتين عبرانيتين؟ فلماذا لم يحرم ممارسة هذه المهنة إلا على المصريات، ليتمكن من تنفيذ أوامره؟ وما علاقة قوة المرأة بميعاد ولادتها؟ وكيف ومتى عرف فرعون أن القابلتين لم تنفذا أمره فى وجود هذه الأعداد الكبيرة؟ وإذا كان بنو إسرائيل أصبحوا بالفعل أكثر منهم قوة ونماءً، فلماذا لم يقتل فرعون منهم ليقلل العدد، بدلا من أن يقتل الأجنة الصغار؟ وهل هذا العدد القليل من المصريين استطاع تسخير هذا الجيش الجرار من الرجال والنساء والأطفال؟ وهل من يُستعبد يملك ماشية وأبقار وأغنام وغيره؟ هل من يُستعبد يملك بيوتًا؟ وهل من يُستعبد يطلب من سيده الحلى والذهب والفضة للإحتفال بعيدهم؟
    (6وَمَاتَ يُوسُفُ وَكُلُّ إِخْوَتِهِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ الْجِيلِ. 7وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَأَثْمَرُوا وَتَوَالَدُوا وَنَمُوا وَكَثُرُوا كَثِيراً جِدّاً وَامْتَلأَتِ الأَرْضُ مِنْهُمْ. 8ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. 9فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. ....... 15وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ 16وَقَالَ: «حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ - إِنْ كَانَ ابْناً فَاقْتُلاَهُ وَإِنْ كَانَ بِنْتاً فَتَحْيَا». 17وَلَكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا اللهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ بَلِ اسْتَحْيَتَا الأَوْلاَدَ. 18فَدَعَا مَلِكُ مِصْرَ الْقَابِلَتَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا فَعَلْتُمَا هَذَا الأَمْرَ وَاسْتَحْيَيْتُمَا الأَوْلاَدَ؟» 19فَقَالَتِ الْقَابِلَتَانِ لِفِرْعَوْنَ: «إِنَّ النِّسَاءَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لَسْنَ كَالْمِصْرِيَّاتِ فَإِنَّهُنَّ قَوِيَّاتٌ يَلِدْنَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهُنَّ الْقَابِلَةُ». 20فَأَحْسَنَ اللهُ إِلَى الْقَابِلَتَيْنِ وَنَمَا الشَّعْبُ وَكَثُرَ جِدّاً. 21وَكَانَ إِذْ خَافَتِ الْقَابِلَتَانِ اللهَ أَنَّهُ صَنَعَ لَهُمَا بُيُوتاً. 22ثُمَّ أَمَرَ فِرْعَوْنُ جَمِيعَ شَعْبِهِ قَائِلاً: «كُلُّ ابْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي النَّهْرِ لَكِنَّ كُلَّ بِنْتٍ تَسْتَحْيُونَهَا».) خروج 1: 6-22
    إن عدد النازحين الكلى لبنى إسرائيل قد يصل إلى مليونين ونصف. فإذا حسبنا لكل شاب زوجة وطفلين (لأن العدد كان فى نماء سريع جدًا يصعب معه افتراض طفل واحد لكل رجل)، ناهيك عن أن البعض كان له أكثر من زوجة وأكثر من طفلين، فسوف يتضاعف العدد ثلاث مرات، ناهيك عن الأرامل من النساء، وعدد اللاويين.
    ومازلنا نناقش: هل من الممكن أن يصل تعداد بنى إسرائيل فى مدة إقامتهم فى مصر إلى 2 إلى 3 مليون نفسًا. فهل صحيح كان معدل الإنجاب فى بنى إسرائيل عاليًا بحيث يحدث إنفجار سكانى كما تتكلم نصوص سفر الخروج؟
    هل كان إنجاب بنو إسرائيل مبارك فيه من الرب، ونماه الرب وزاده زيادة غير المعتاد؟ لا. لم يحدث. لأن الرب بعلمه الأزلى يعلم أنهم سوف يخرجون بعد كذا سنة، وأن كثرتهم بصورة مبالغ فيها ستضطر فرعون إلى قتل جماعات منهم، وأن هذ سوف يكون عائقًأ لهم عند الخروج، وعند عبور البحر. وإلا كان تخطيط الرب لعملية نزوحهم من مصر وعبورهم البحر تخطيط ساذج عشوائى غير مدروس، بل يُقصد منه تعذيب بنى إسرائيل حتى فى نزوحهم لعبادة ربهم. ومعدل نمو بنى إسرائيل هم المعدل الطبيعى فى مدن مصر حاليًا، وليس فى قراها. فلنرى معدل إنجاب ذرية يعقوب فى مصر:
    ما هى أجيال بنى إسرائيل التى عاشت فى مصر؟
    يؤكد الكتاب ما توصلت إليه، فلا يذكر تناميًا مبالغ فيه لبنى إسرائيل: فقد أنجب موسى، وأنجب يوسف اثنين (التكوين 46: 20)، وأنجب لاوى ثلاثة (الخروج 6: 16)، وأنجب جرشون اثنين (الخروج 6: 17)، وأنجب قهات أربعة (الخروج 6: 18)، وأنجب مرارى اثنين (الخروج 6: 19)، وأنجب عمرام اثنين (الخروج 6: 20)، وأنجب يصهار ثلاثة (الخروج 6: 21)، وأنجب عُزِّيئِيلَ ثلاثة (الخروج 6: 22)، وأنجب هارون أربعة (الخروج 6: 23)، وأنجب عُزِّيئِيلَ ثلاثة (الخروج 6: 22)، وأنجب وَأَلِعَازَارُ ابنًا واحدًا (الخروج 6: 25). كل هؤلاء ولم نرى إنجاب مبالغ فيه. وإن كان يعقوث أنجب اثنى عشر ولدًا فهم من أربع زوجات، أى متوسط الزوجة أربعة أبناء فى عمرها.
    ولك أن تتخيل كيف يهرب هذا العدد الضخم (2 مليون مثلا) من فرعون! فلو مشوا فى صفوف أربعات بجوار بعضهم البعض، لبلغ عدد الصفوف 400000 صفًا، ولو وضعنا مسافة 25سم بين كل صفين، لوصل طول الطابور إلى 100كم. ولو ضاعفنا المسافة بين كل صف والآخر إلى متر، حيث يسحب كل منهم أكثر من حيوان معه من الأبقار وغيرها، لوصل طول الطابور الذى يمشون فيه إلى 400كم. ولو افترضنا قوة كل النازحين بدنيًا، وأنهم كانوا يقطعون 20كم فى اليوم، لاحتاج آخر الطابور إلى 20 يومًا ليصل إلى ما وصل إليه أول الطابور من قبل. فهل عبر موسى وجنوده البحر وانتظرا على الجانب الآخر 20 يومًا أو أكثر حتى يعبر الكل دون أن يلحق بهم فرعون وجنوده؟ وكيف كانت تصل إليهم الأوامر؟
    وعلى الجانب الآخر كيف كانوا يشربون لمدة 55 يومًا حتى وصلوا إلى عيون موسى؟ من أين أتوا بماء عذب يشربون؟ وكيف كانوا يحملون كميات الماء هذه التى تكفى شعبًا كاملا؟ بل هل من المنطق لمن يهرب من فرعون وجنوده يأخذ معه ماشية لتعيقه أثناء الهرب؟ وكيف كانوا يطعمون ماشيتهم؟ فلم يأخذوا معهم إلا الحلى الذى سرقوه من المصريين بأمر الرب، والعجين، وماشيتهم. إن ما حدث لا يمكن أن يتعدى أكثر من بضعة ساعات. (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ».) الخروج 3: 21-22
    يؤيدنا فى ذلك أن عملية عبور بنى إسرائيل فى البحر استغرقت من الليل إلى ظهور ضوء النهار، ومع هذا العدد يحتاج الهاربون شهرًا للعبور: (21وَمَدَّ مُوسَى يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَأَجْرَى الرَّبُّ الْبَحْرَ بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ شَدِيدَةٍ كُلَّ اللَّيْلِ وَجَعَلَ الْبَحْرَ يَابِسَةً وَانْشَقَّ الْمَاءُ. 22فَدَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ وَالْمَاءُ سُورٌ لَهُمْ عَنْ يَمِينِهِمْ وَعَنْ يَسَارِهِمْ. 23وَتَبِعَهُمُ الْمِصْرِيُّونَ وَدَخَلُوا وَرَاءَهُمْ جَمِيعُ خَيْلِ فِرْعَوْنَ وَمَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانِهِ إِلَى وَسَطِ الْبَحْرِ. 24وَكَانَ فِي هَزِيعِ الصُّبْحِ أَنَّ الرَّبَّ أَشْرَفَ عَلَى عَسْكَرِ الْمِصْرِيِّينَ فِي عَمُودِ النَّارِ وَالسَّحَابِ وَأَزْعَجَ عَسْكَرَ الْمِصْرِيِّينَ 25وَخَلَعَ بَكَرَ مَرْكَبَاتِهِمْ حَتَّى سَاقُوهَا بِثَقْلَةٍ. فَقَالَ الْمِصْرِيُّونَ: «نَهْرُبُ مِنْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ يُقَاتِلُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْهُمْ». 26فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مُدَّ يَدَكَ عَلَى الْبَحْرِ لِيَرْجِعَ الْمَاءُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ عَلَى مَرْكَبَاتِهِمْ وَفُرْسَانِهِمْ». 27فَمَدَّ مُوسَى يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَرَجَعَ الْبَحْرُ عِنْدَ إِقْبَالِ الصُّبْحِ إِلَى حَالِهِ الدَّائِمَةِ وَالْمِصْرِيُّونَ هَارِبُونَ إِلَى لِقَائِهِ. فَدَفَعَ الرَّبُّ الْمِصْرِيِّينَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ. 28فَرَجَعَ الْمَاءُ وَغَطَّى مَرْكَبَاتِ وَفُرْسَانَ جَمِيعِ جَيْشِ فِرْعَوْنَ الَّذِي دَخَلَ وَرَاءَهُمْ فِي الْبَحْرِ. لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ وَلاَ وَاحِدٌ.)الخروج 14: 21-28
    ويستحيل أن يكون بالأعداد التى يذكرها الكتاب المقدس، فلك أن تقسم هذه الأعداد (2 مليون على أقل تقدير) على 12 وهو عدد أسباط بنى إسرائيل، فيكون الناتج 166,666 للسبط الواحد. ولو انتخبوا واحدًا من كل أربعة أفراد (أى أسرة)، ليملأ لهم الماء اللازم لشربهم وشرب حيواناتهم، لكان عدد الواقفين فى الطابور 41,666 فردًا. فكم يحتاجه السبط ليملأ كل واحد منهم ماءً؟ فلو احتاج كل منهم إلى 5 دقائق فقط لوقف آخرهم 208,333 أى 3472 ساعة أى 144 يومًا، ليأتى عليه الدور مرة أخرى ليسقى أهله وماشيته. وما المدة التى قضاها الهاربون فى عيون موسى؟ وهل لم ينم أو يصلى أو يقضى حاجته أو يستحم لمدة 144 يومًا ليشرب أو ليملأ مياهًا ليسقى ذويه أو ماشيته؟ وهل انتظر آخر الطابور 144 يومًا ليشرب ويسقى ماشيته؟ هل من الممكن أن يتحمل الإنسان أو الحيوان العطش طوال هذا الوقت؟ ضرب من الاستحالة أن يكون هناك وعاء يحتفظ بماء يكفى لمدة 4.8 شهرًا، ويُملأ هذا الوعاء فى 5 دقائق فقط. ومن المستحيل أيضًا أن ينتظر البشر أو الحيوان طوال هذا الوقت دون ماء، فى انتظار أن يأتى دوره للشرب!! وعلى ذلك يستحيل أن يكون بنو إسرايل بهذه الأعداد!
    لقد كان عدد بنى إسرائيل صغير، حتى جيَّش فرعون جيشًا صغيرًا لملاحقتهم: (7وَأَخَذَ سِتَّ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ مُنْتَخَبَةٍ وَسَائِرَ مَرْكَبَاتِ مِصْرَ وَجُنُوداً مَرْكَبِيَّةً عَلَى جَمِيعِهَا.) الخروج 14: 7، فـ 600 مركبة فقط، كانت تحمل كل مركبة على أقصى تقدير اثنين من الجنود، أى 1200 جندى، أو حتى 1500.
    والغريب فى القصة أن فرعون نفسه هو الذى أمرهم بالخروج من مصر، وألح عليه المصريون فى طردهم، ثم فوجىء فرعون بعدها أنهم خرجوا: (31فَدَعَا مُوسَى وَهَارُونَ لَيْلاً وَقَالَ: «قُومُوا اخْرُجُوا مِنْ بَيْنِ شَعْبِي أَنْتُمَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعاً وَاذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ. 32خُذُوا غَنَمَكُمْ أَيْضاً وَبَقَرَكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ وَاذْهَبُوا. وَبَارِكُونِي أَيْضاً». 33وَأَلَحَّ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى الشَّعْبِ لِيُطْلِقُوهُمْ عَاجِلاً مِنَ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «جَمِيعُنَا أَمْوَاتٌ».) الخروج 12: 31-33
    (5فَلَمَّا أُخْبِرَ مَلِكُ مِصْرَ أَنَّ الشَّعْبَ قَدْ هَرَبَ تَغَيَّرَ قَلْبُ فِرْعَوْنَ وَعَبِيدِهِ عَلَى الشَّعْبِ. فَقَالُوا: «مَاذَا فَعَلْنَا حَتَّى أَطْلَقْنَا إِسْرَائِيلَ مِنْ خِدْمَتِنَا؟» 6فَشَدَّ مَرْكَبَتَهُ وَأَخَذَ قَوْمَهُ مَعَهُ.) الخروج 14: 5-6
    تقول الباحثة الكندية (أنَّا رويز) فى كتابها (روح مصر) إن تعداد السكان فى مصر كان فى ذلك الوقت حوالى ثلاثة ملايين نسمة. وتزيده بعض الدوائر العلمية إلى ما بين الثلاثة والأربعة ملايين. وبناءً على ما قاله ملك مصر وقتها: (9فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا.) الخروج 1: 9 ، يجب أن يكون عدد بنى إسرائيل أكبر من ذلك. فهل أخطأ الرب فى تقدير عدد بنى إسرائيل، أم أخطأ الكاتب؟
    والآن نحدد كم من الزمن مكث بنو إسرائيل فى مصر، لنؤكد مرة أخرى أن عدد النازحين المذكور غير منطقى ومبالغ فيه بصورة كبيرة جدًا:
    يقول سفر التكوين 15: 13 (13فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيباً فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ. 14ثُمَّ الأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا أَنَا أَدِينُهَا. وَبَعْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُونَ بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ. 15وَأَمَّا أَنْتَ فَتَمْضِي إِلَى آبَائِكَ بِسَلاَمٍ وَتُدْفَنُ بِشَيْبَةٍ صَالِحَةٍ.)
    ومعنى ذلك أن مدة إقامة بنى إسرائيل فى مصر كانت 400 سنة.
    ويقول سفر الخروج 12: 40 (40وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً.)
    وهذا يعنى أن مدة إقامة بنى إسرائيل الفعلية فى مصر هى 430 سنة. ولا يُلتفت لمحاولات الدكتور القس منيس عبد النور فى إضافة مدة مكوث إبراهيم فى حاران أو كنعان. فالرب يحدد مكوث بنى إسرائيل فى مصر، فى بلد ليست لهم. وبين النبوءتين خلاف ظاهر، فنبوءة سفر التكوين تحدد المدة ب 400 سنة، وتغيرت فى سفر الخروج إلى 430 سنة. إلا أن علماء التفسير للكتاب المقدس أجمعوا على أن المدة الفعلية التى قضاها بنو إسرائيل فى مصر كانت 210 سنة.
    ونحسب سويًا مدة إقامتهم من وقت دخولهم مصر إلى وقت خروجهم:
    إن يعقوب أنجب لاوى ويوسف، وهو الابن الأصغر ضمن 12 ابنًا، وأنجب لاوى قهات، وهو الابن الأوسط له، وأنجب قهات عمرم الذى أنجب موسى. فقد عاصر يوسف ثلاثة أجيال: يعقوب وأبناء يعقوب (أى اخوته) وأبناءهم (قهات)، وأحفادهم (عمرام) وعاصر موسى فى صباه: (22وَأَقَامَ يُوسُفُ فِي مِصْرَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِ أَبِيهِ. وَعَاشَ يُوسُفُ مِئَةً وَعَشْرَ سِنِينَ، 23حَتَّى شَهِدَ الجِيلَ الثَّالِثَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَفْرَايِمَ، وَكَذَلِكَ أَوْلاَدَ مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى الَّذِينَ احْتَضَنَهُمْ عِنْدَ وِلاَدَتِهِمْ.) التكوين 50: 22-23
    ومعنى أن يوسف شهد ثلاثة أجيال أى إنه عاصر الطفل قهات عند دخله مصر: (16وَهَذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي لاَوِي بِحَسَبِ مَوَالِيدِهِمْ: جَرْشُونُ وَقَهَاتُ وَمَرَارِي. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ لاَوِي مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 17اِبْنَا جَرْشُونَ: لِبْنِي وَشَمْعِي بِحَسَبِ عَشَائِرِهِمَا. 18وَبَنُو قَهَاتَ: عَمْرَامُ وَيِصْهَارُ وَحَبْرُونُ وَعُزِّيئِيلُ. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ قَهَاتَ مِئَةً وَثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 19وَابْنَا مَرَارِي: مَحْلِي وَمُوشِي. هَذِهِ عَشَائِرُ اللاَّوِيِّينَ بِحَسَبِ مَوَالِيدِهِمْ. 20وَأَخَذَ عَمْرَامُ يُوكَابَدَ عَمَّتَهُ زَوْجَةً لَهُ. فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُونَ وَمُوسَى. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً.) الخروج 6: 16-20
    فإذا علمنا أن يعقوب وبنيه دخلوا مصر عندما كان يوسف ابن 35 سنة، فمعنى ذلك أنه عاش 75 سنة عاصر فيها يعقوب ولاوى وقهات الذى كان وقتها طفلا، قيل إنه كان ابن سنتين. وكان سن الزواج للرجل أقل من 20 سنة، (13 سنة للشاب و12 سنة للفتاة – وقد اخترته 20 سنة على أساس تحديد الرب لسن الجندية والرجولة وتحمل المسئولية للدفاع عن الدولة والعقيدة). وعلى ذلك فبعد 18 سنة من دخول قهات مصر تزوج، وأنجب بكره عمرام، أى يتبقى على نهاية حياة يوسف 75 – 20 = 55 سنة، ونطرح منهم 20 سنة أخرى لنضوج عمرام وزواجه وإنجابه موسى، يكون الفارق 35 سنة عاصر فيهم يوسف موسى عليهما السلام.
    مع الأخذ فى الاعتبار أن سن الزواج كان أقل من 20 سنة بكثير جدًا، خاصة بالنسبة للأنثى. فالسن الذى يسمح به الحاخامات لزواج الأنثى هو 3 (ثلاث) سنوات، وحجتهم فى ذلك ما فعله إسحاق نفسه مع فقة. إلا أن القانون الحالى المدنى يحرم زواج الأنثى إلا فى سن 17.
    لقد ولدت سارة إسحاق وهى ابنة 90 سنة: (17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟».) التكوين 17: 17
    وولدت رفقة عندما بلغت سارة 127 سنة، وبالتالى يكون عمر إسحاق وقتها 37 سنة: (23وَوَلَدَ بَتُوئِيلُ رِفْقَةَ. هَؤُلاَءِ الثَّمَانِيَةُ وَلَدَتْهُمْ مِلْكَةُ لِنَاحُورَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ. ... 1وَكَانَتْ حَيَاةُ سَارَةَ مِئَةً وَسَبْعاً وَعِشْرِينَ سَنَةً سِنِي حَيَاةِ سَارَةَ.) التكوين 22: 23 و23: 1
    وبعد ثلاث سنوات من ولادة رفقة تزوجها إسحاق، أى عندما بلغ هو الأربعين: (20وَكَانَ إِسْحَاقُ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمَّا اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ زَوْجَةً رِفْقَةَ بِنْتَ بَتُوئِيلَ الأَرَامِيِّ أُخْتَ لاَبَانَ الأَرَامِيِّ مِنْ فَدَّانَِ أَرَامَ.) التكوين 25: 20
    وذلك على الرغم من وجود نص آخر (التكوين 24: 64-67) يشير إلى نضخ رفقة وأنها تعرفت على إسحاق عن كبر ونضج، وليست ابنة ثلاث سنوات)
    وبعد أن عاد موسى من مدين أمره الرب أن يكلم فرعون أن يترك بنى إسرائيل تخرج معه من مصر، وكان عمره حينئذ 80 سنة: (7وَكَانَ مُوسَى ابْنَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَهَارُونُ ابْنَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً حِينَ كَلَّمَا فِرْعَوْنَ.) خروج 7: 7
    ومات موسى وهو ابن 120 سنة، بعد أربعين سنة قضاها فى الصحراء (5فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. ... 7وَكَانَ مُوسَى ابْنَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ وَلمْ تَكِل عَيْنُهُ وَلا ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ.) التثنية 34: 5-7
    وبعد وفاة يوسف بحوالى 45 سنة (فرق ال 80 سنة التى قضاها موسى فى مصر كما يقول الكتاب) خرج موسى مع بنى إسرائيل. وبجمع 75 (عمر يوسف مع الأجيال الثلاثة) و45 عمر موسى إلى خروجه، يكون بنو إسرائيل قد قضوا فى مصر 120 سنة فقط، وليس 400 أو 430 كما قال الرب فى الكتاب المنسوب إليه.
    وبحساب آخر:
    عاش يوسف بعد دخول إسرائيل مصر 75 سنة (تكوين 50: 23) كان موسى من الجيل الثانى الذى ولد فى مصر، وقد عاصر يوسف لمدة 35 سنة، وعاش موسى بعده فى مصر 45 سنة، حتى بلغ الـ 80 من عمره، وخرج بنو إسرائيل معه. ومعنى ذلك أن مدة إقامة بنى إسرائيل فى مصر هى 75 + 45 = 120 سنة.
    فهل من الممكن أن يزداد عدد الرجال فقط فى بنى إسرائيل فى 120 سنة حوالى 5000 مرة على أساس عدد الرجال المقاتلين فقط (600,000) أو 17 ألف مرة على حساب 2 مليون؟
    وإذا بدأنا حساب إقامتهم فى الذل والاستعباد من بعد موت يعقوب فتكون مدة إقامتهم فى هذا الهوان 120 – 17 (قضاها يعقوب مع يوسف فى مصر قبل موته، فقد بدأ استعبادهم بعد موت يعقوب)= 103 سنة.
    وبحساب آخر:
    دخل قهات مصرمع أبيه لاوى، عندما كان طفلا صغيرًا، يُقدر بحوالى سنتين. وأنجب أربعة ذكور: (18وَبَنُو قَهَاتَ: عَمْرَامُ وَيِصْهَارُ وَحَبْرُونُ وَعُزِّيئِيلُ. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ قَهَاتَ مِئَةً وَثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً.) الخروج 6: 18
    كما عاش ابنه عمرام أبو موسى 137 سنة (وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً.) الخروج 6: 20، وخرج موسى من مصر على رأس الـ 80 عامًا. ولكن لا ننسى أنهم اشتركوا فى باقى عمرهم سويًا فى التواجد فى مصر، باستثناء الفترة التى قضاها الأب قبل أن ينجب الابن.
    ونطرح منها 20 سنة تقريبًا، وهو الوقت الذى أنجب فيه قهات ابنه عمرام. ولو أنجب عمرام موسى عندما بلغ 25 سنة، (حيث أنجب هارون قبله بثلاث سنوات).
    وبالجمع: 80 سنة (قضاها موسى) + 25 سنة (وقت أن أنجبه أبوه عمرام) + 20 سنة (وقت أن أنجب قهات ابنه عمرام) = 125 سنة. وهى الفترة التى قضاها بنو إسرائيل فى مصر. وباقى عمر كل منهم منفردًا اشترك فيه الثلاثة، فهو محسوب من الـ 80 سنة التى عاشها موسى فى مصر وما بعدها. فمثلا عاش أبو موسى (عمرام) 137 سنة: أنجب موسى وهو ابن 25 سنة، أى يتبقى من عمره 112 سنة، عاش منهم 80 سنة فى مصر مع ابنه موسى، وخرج مع بنى إسرائيل عندما كان عمره 105، وعاش بعد الخروج 32 سنة.
    وبحساب آخر:
    إن موسى بن عمرام بن قهات بن لاوى بن يعقوب. دخل قهات مع يعقوب وهو ابن سنتين، عاش 18 سنة تقريبًا وأنجب عمرام، الذى عاش 25 سنة هو الآخر وأنجب موسى، وعاش موسى 80 سنة فخرج من مصر مع بنى إسرائيل: 18 + 25 + 80 = 123 سنة. وهذا بفرض أن موسى خرج وهو ابن 80 سنة، وهو افتراض بعيد أيضًا، إذا لابد أن يكون أصغر من ذلك بحوالى 40 سنة.
    لقد قتل موسى المصرى وهو صغير السن، ثم هرب وقضى فى أرض مدين 10 سنوات، أضف إليها عشر سنوات أخرى قضاها فى مصر إلى أن وصل للثمانين المزعومة. بمعنى أن موسى قتل المصرى وهو ابن 60 عامًا. فهل من المعقول أن يُقال على ابن ستين سنة (وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى)؟ (11وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ فَرَأَى رَجُلاً مِصْرِيّاً يَضْرِبُ رَجُلاً عِبْرَانِيّاً مِنْ إِخْوَتِهِ 12فَالْتَفَتَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ. 13ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِذَا رَجُلاَنِ عِبْرَانِيَّانِ يَتَخَاصَمَانِ فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: «لِمَاذَا تَضْرِبُ صَاحِبَكَ؟» 14فَقَالَ: «مَنْ جَعَلَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً عَلَيْنَا؟ أَمُفْتَكِرٌ أَنْتَ بِقَتْلِي كَمَا قَتَلْتَ الْمِصْرِيَّ؟» فَخَافَ مُوسَى وَقَالَ: «حَقّاً قَدْ عُرِفَ الأَمْرُ!» 15فَسَمِعَ فِرْعَوْنُ هَذَا الأَمْرَ فَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ مُوسَى. فَهَرَبَ مُوسَى مِنْ وَجْهِ فِرْعَوْنَ وَسَكَنَ فِي أَرْضِ مِدْيَانَ وَجَلَسَ عِنْدَ الْبِئْرِ.) الخروج 2: 11-15 من هنا يتضح التطويل المتعمَّد للقصة الكتابية لمكوث بنى إسرائيل فى مصر.
    هناك من يظن أن بنو إسرائيل دخلوا مصر مع جيش من عبيدهم، وهذا يستحيل، لأنه كانت هناك مجاعة، ولم تكن مصر تسمح لهم بالبقاء فى الدولة، على الأقل ف هذا الوقت. ولا ننسى أنه ليدخل بنو إسرائيل فى مصر ويقيمون فيها بصورة استثنائية استأذن يوسف لأبيه واخوته، وأخبر الملك أنهم جاءوا مع ماشيتهم وكل أموالهم (التكوين 47: 1). وظل يوسف يطعم أباه واخوته (12وَعَالَ يُوسُفُ أَبَاهُ وَإِخْوَتَهُ وَكُلَّ بَيْتِ أَبِيهِ بِطَعَامٍ عَلَى حَسَبِ الأَوْلاَدِ.) التكوين 37: 12
    ولا يحق لنا أن نضرب المثل مثلا بجيش إبراهيم من العبيد أو غلمانه (التكوين 14: 14)، وذلك لسببين: فإن أخبر الرب أن عددهم 318 فهم هكذا، إضافة لنسائهم وأطفالهم. وبالمثل أخبر الرب أن عدد من دخل وقت المجاعة إلى مصر كانوا 70 رجلا من بنى إسرائيل، فهم أيضًا يجب أن يكونوا هكذا، بل إن الكتاب ذكرهم بالاسم ولم يذكرمعهم عبيدًا (التكوين 46: 8-27).
    وذكر أن عددهم كان 66 نفسًا، ثم أضاف ابنى يوسف، فيجب أن يكون العدد 68، وليس 70 (26جَمِيعُ النُّفُوسِ لِيَعْقُوبَ الَّتِي أَتَتْ إِلَى مِصْرَ الْخَارِجَةِ مِنْ صُلْبِهِ مَا عَدَا نِسَاءَ بَنِي يَعْقُوبَ جَمِيعُ النُّفُوسِ سِتٌّ وَسِتُّونَ نَفْساً. 27وَابْنَا يُوسُفَ اللَّذَانِ وُلِدَا لَهُ فِي مِصْرَ نَفْسَانِ. جَمِيعُ نُفُوسِ بَيْتِ يَعْقُوبَ الَّتِي جَاءَتْ إِلَى مِصْرَ سَبْعُونَ.) التكوين 46: 26-27
    والسبب الثانى أن عبيد إبراهيم هم عماله، الذين يعملون لديه بأجر، فمن الممكن أن يترك يعقوب عماله، حيث كانت تعم المجاعة البلاد، ولا يوجد لهم عمل، وبالتالى ليس لهم أجر. فقد كانت كلمة عبد تُطلق على العبيد الحقيقيين، وعلى العمال لدى رؤسائهم، وعلى رعية الملك. فقد قال أخوة يوسف ليوسف عن أبيهم يعقوب: (28فَقَالُوا: «عَبْدُكَ أَبُونَا سَالِمٌ. هُوَ حَيٌّ بَعْدُ». وَخَرُّوا وَسَجَدُوا.) التكوين 43: 28
    وأيضًا قال يهوذا لأخيه يوسف فى مصر قبل أن يتعرف عليه إنه عبده هو واخوته: (18ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ يَهُوذَا وَقَالَ: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. لِيَتَكَلَّمْ عَبْدُكَ كَلِمَةً فِي أُذُنَيْ سَيِّدِي وَلاَ يَحْمَ غَضَبُكَ عَلَى عَبْدِكَ لأَنَّكَ مِثْلُ فِرْعَوْنَ. 19سَيِّدِي سَأَلَ عَبِيدَهُ: هَلْ لَكُمْ أَبٌ أَوْ أَخٌ؟ 20فَقُلْنَا لِسَيِّدِي: لَنَا أَبٌ شَيْخٌ وَابْنُ شَيْخُوخَةٍ صَغِيرٌ مَاتَ أَخُوهُ وَبَقِيَ هُوَ وَحْدَهُ لِأُمِّهِ وَأَبُوهُ يُحِبُّهُ. 21فَقُلْتَ لِعَبِيدِكَ: انْزِلُوا بِهِ إِلَيَّ فَأَجْعَلَ نَظَرِي عَلَيْهِ. 22فَقُلْنَا لِسَيِّدِي: لاَ يَقْدِرُ الْغُلاَمُ أَنْ يَتْرُكَ أَبَاهُ. وَإِنْ تَرَكَ أَبَاهُ يَمُوتُ. 23فَقُلْتَ لِعَبِيدِكَ: إِنْ لَمْ يَنْزِلْ أَخُوكُمُ الصَّغِيرُ مَعَكُمْ لاَ تَعُودُوا تَنْظُرُونَ وَجْهِي. 24فَكَانَ لَمَّا صَعِدْنَا إِلَى عَبْدِكَ أَبِي أَنَّنَا أَخْبَرْنَاهُ بِكَلاَمِ سَيِّدِي. 25ثُمَّ قَالَ أَبُونَا: ارْجِعُوا اشْتَرُوا لَنَا قَلِيلاً مِنَ الطَّعَامِ. 26فَقُلْنَا: لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَنْزِلَ. وَإِنَّمَا إِذَا كَانَ أَخُونَا الصَّغِيرُ مَعَنَا نَنْزِلُ لأَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَنْظُرَ وَجْهَ الرَّجُلِ وَأَخُونَا الصَّغِيرُ لَيْسَ مَعَنَا. 27فَقَالَ لَنَا عَبْدُكَ أَبِي: أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ لِي اثْنَيْنِ 28فَخَرَجَ الْوَاحِدُ مِنْ عِنْدِي وَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ قَدِ افْتُرِسَ افْتِرَاساً. وَلَمْ أَنْظُرْهُ إِلَى الْآنَ. 29فَإِذَا أَخَذْتُمْ هَذَا أَيْضاً مِنْ أَمَامِ وَجْهِي وَأَصَابَتْهُ أَذِيَّةٌ تُنْزِلُونَ شَيْبَتِي بِشَرٍّ إِلَى الْهَاوِيَةِ. 30فَالْآنَ مَتَى جِئْتُ إِلَى عَبْدِكَ أَبِي وَالْغُلاَمُ لَيْسَ مَعَنَا وَنَفْسُهُ مُرْتَبِطَةٌ بِنَفْسِهِ 31يَكُونُ مَتَى رَأَى أَنَّ الْغُلاَمَ مَفْقُودٌ أَنَّهُ يَمُوتُ فَيُنْزِلُ عَبِيدُكَ شَيْبَةَ عَبْدِكَ أَبِينَا بِحُزْنٍ إِلَى الْهَاوِيَةِ 32لأَنَّ عَبْدَكَ ضَمِنَ الْغُلاَمَ لأَبِي قَائِلاً: إِنْ لَمْ أَجِئْ بِهِ إِلَيْكَ أَصِرْ مُذْنِباً إِلَى أَبِي كُلَّ الأَيَّامِ. 33فَالْآنَ لِيَمْكُثْ عَبْدُكَ عِوَضاً عَنِ الْغُلاَمِ عَبْداً لِسَيِّدِي وَيَصْعَدِ الْغُلاَمُ مَعَ إِخْوَتِهِ. 34لأَنِّي كَيْفَ أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَالْغُلاَمُ لَيْسَ مَعِي؟ لِئَلَّا أَنْظُرَ الشَّرَّ الَّذِي يُصِيبُ أَبِي!».) التكوين 44: 18-34
    بل أقر يعقوب وبنوه أنهم عبيد لفرعون أن خدامًا أو أجراء تحت إمرته: (3فَقَالَ فِرْعَوْنُ لإِخْوَتِهِ: «مَا صِنَاعَتُكُمْ؟» فَقَالُوا لِفِرْعَوْنَ: «عَبِيدُكَ رُعَاةُ غَنَمٍ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا جَمِيعاً».) التكوين 47: 3، وهذا التعبير دارج اليوم حتى بين الزوجة وزوجها، وبين الأصدقاء أو المتواضعين، فإذا ناديت فلان، يقول لك أُأمر، خدامك! أو فى خدمتك!
    وحدد الكتاب أيضًا أنه كان لبيت يعقوب جاريتان فقط، وليس جيش من العبيد، ولا يُعلم إن أتيتا معه أم لا: (1وَرَفَعَ يَعْقُوبُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا عِيسُو مُقْبِلٌ وَمَعَهُ أَرْبَعُ مِئَةِ رَجُلٍ فَقَسَمَ الأَوْلاَدَ عَلَى لَيْئَةَ وَعَلَى رَاحِيلَ وَعَلَى الْجَارِيَتَيْنِ 2وَوَضَعَ الْجَارِيَتَيْنِ وَأَوْلاَدَهُمَا أَوَّلاً وَلَيْئَةَ وَأَوْلاَدَهَا وَرَاءَهُمْ وَرَاحِيلَ وَيُوسُفَ أَخِيراً.) التكوين 33: 1-2
    وعلى ذلك فالداخلون من الذكور من بنى إسرائيل هم 70 نفسًا ، أو 68 فقط، يُضاف إليهم النساء من الزوجات والخادمات، فلن يتعدى الداخلون أكثر من 170 نفسًا على أعلى تقدير، وهو تقديرمبالع فيه أيضًا.
    والآن: كم من الوقت احتاجه بنو إسرائيل ليصلوا لهذا العدد؟
    تقول موسوعة الويكيبيديا (مصر القديمة): (وكان عدد سكان مصر قبل عصر الأسرات (5000ق.م. – 3000ق.م.) لايتعدى مئات الآلاف وأثناء المملكة القديمة (2575ق.م. – 2134 ق.م.) بلغ عددهم 2 مليون نسمة).
    أى من عام 3000 ق.م. إلى عام 2134ق.م. (أى فى 866 سنة على أقل تقدير) أو من عام 5000ق.م.إلى عام 2134 ق.م. (أى فى 2866 سنة على أعلى تقدير) وصل المصريون من بضعة مئات الآلاف إلى 2 مليون. ولو افترضنا أنهم كانوا نصف مليون، فيكون العدد قد تضاعف ثلاث مرات فى ألف سنة تقريبًا إلى لم يكن ثلاثة آلاف سنة. فهل من الممكن أن يصل سبعون شخصًا فى 120 سنة إلى 600,000 نسمة؟ أما العدد الذى يقوله سفر الخروج أن عدد بنى إسرائيل تضاعف من 170 (أضفت 100 من النساء زوجات الرجال الذى استثناهم النص من التعداد) شخص إلى أكثر من 3 مليون تقريبًا (أى أكثر من تعداد الشعب المصرى نفسه وقتها)، إضافة إلى عدد الخدم والعبيد. أى تضاعف العدد 16 ألف مرة ونصف.
    ولو كان تعدادهم ازداد فى 210 سنة (على حساب 3 مليون) 15 ألف ضعف، فكم يُفترض أن يصل اليوم تعدادهم بعد مرور حوالى 4000 سنة؟
    فى تعداد اليهود فى العالم تقول الإحصائيات "أن عدد اليهود ازداد منذ العام 1970، وحين كان عددهم 12,633 نسمة، وحتى العام الماضي 2007 (13,155) بنسبة 4,1% فقط". أى ازدادوا فى 37 سنة بنسبة 4,1%. فلو ضربنا اثنين فى 4 لنصل إلى 148 سنة (وهو أكثر مما توصلنا إليه) فتكون نسبة الزيادة 16% (نزيدها إلى 20%). فتكون نسبة الزيادة هو 34 شخصًا من 170. أى سيصل عددهم الإجمالى 204 شخصًا.
    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=126569
    ويقول نفس التقرير السابق: "وحسب تلك الإحصائيات فإن عدد اليهود في كل العالم في العام 2007 كان 13,155 مليون نسمة، بزيادة 60 ألف نسمة عن العام 2006،". ومعنى ذلك أن عددهم كان عام 2006 هو 13,095000، وازداد بنسبة 0.005 (خمسة من الألف فى المائة) تقريبًا فى سنة واحدة.
    وعودة مرة أخرى للنبوءات، فلم يصدق الرب فى مدة استعبادهم فى أرض مصر، وأنها حوالى ربع المدة التى ذكرها الرب، وكذلك لم يصل عددهم إلى الرقم الذى قالته أسفار العهد القديم.
    س126- من الأقوال المتهافتة، والتى يدعون أنها نبوءة، وهى لا علاقة لها بالنبوءات، ما ذُكر عند عاموس 9: 8-15 (8هُوَذَا عَيْنَا السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَى الْمَمْلَكَةِ الْخَاطِئَةِ وَأُبِيدُهَا عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ. غَيْرَ أَنِّي لاَ أُبِيدُ بَيْتَ يَعْقُوبَ تَمَاماً يَقُولُ الرَّبُّ. 9لأَنَّهُ هَئَنَذَا آمُرُ فَأُغَرْبِلُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ بَيْنَ جَمِيعِ الأُمَمِ كَمَا يُغَرْبَلُ فِي الْغُرْبَالِ وَحَبَّةٌ لاَ تَقَعُ إِلَى الأَرْضِ. 10بِالسَّيْفِ يَمُوتُ كُلُّ خَاطِئِي شَعْبِي الْقَائِلِينَ: لاَ يَقْتَرِبُ الشَّرُّ وَلاَ يَأْتِي بَيْنَنَا. 11«فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ مَظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ وَأُحَصِّنُ شُقُوقَهَا وَأُقِيمُ رَدْمَهَا وَأَبْنِيهَا كَأَيَّامِ الدَّهْرِ. 12لِيَرِثُوا بَقِيَّةَ أَدُومَ وَجَمِيعَ الأُمَمِ الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ يَقُولُ الرَّبُّ الصَّانِعُ هَذَا. 13«هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ يُدْرِكُ الْحَارِثُ الْحَاصِدَ وَدَائِسُ الْعِنَبِ بَاذِرَ الزَّرْعِ وَتَقْطُرُ الْجِبَالُ عَصِيراً وَتَسِيلُ جَمِيعُ التِّلاَلِ. 14وَأَرُدُّ سَبْيَ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ فَيَبْنُونَ مُدُناً خَرِبَةً وَيَسْكُنُونَ وَيَغْرِسُونَ كُرُوماً وَيَشْرَبُونَ خَمْرَهَا وَيَصْنَعُونَ جَنَّاتٍ وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 15وَأَغْرِسُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ وَلَنْ يُقْلَعُوا بَعْدُ مِنْ أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ» قَالَ الرَّبُّ إِلَهُكَ.)
    والدارس لتاريخ بنى إسرائيل سيعرف أنهم كلما كرهوا دولة ما أو حقدوا عليها، أطلقوا النبوءات مُأملين أنفسهم أن هذه النبوءة سوف تتحقق يومًا ما، وتريح ما فى صدورهم، وتطفى لهيب نيران أحقادهم التى نسبوها للرب إلههم، الذى كان يحلو له أن يعدهم بأرض تفيض لبنًا وعسلا، يسكنون فيها (وَيَغْرِسُونَ كُرُوماً وَيَشْرَبُونَ خَمْرَهَا وَيَصْنَعُونَ جَنَّاتٍ وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا).
    إن عاموس أطلق نبوءة ونسبها للرب، وهى ترمى بأن يبيد الله المملكة الخاطئة، وهى مملكة إسرائيل الشمالية، لأنها كانت مكروهة من مملكة إسرائيل الجنوبية لسببين: أولاهما أن سكان إسرائيل الشمالية كانوا أيس حالا من أهل المملكة الجنوبية، وثانيهما أن أهل الشمالية لا يؤمنون بيهوه كإله أحد، بل أشركوا معه آلهة أخرى.
    ففى الجملة (10) تنطلق نبوءة الرب بقتل كل خاطىء من بنى إسرائيل بالسيف. وهذا لم يحدث فى التاريخ بالمرة. فربما كانت أمنية الكاتب أن ينتقم الرب من أهل الشمال عُبَّاد الأوثان، الذين أشركوا مع يهوه آلهة أخرى.
    والغريب أنه فى كل العصور التى مرت على بنى إسرئيل نجد خطاة وعابدى الأوثان، والمشركين بيهوه، فمتى أبادهم الرب بالسيف؟ حتى إن عبدة أشيرة كما ذكرنا من قبل لم يبيدهم الرب، بل اكتفى بقتل عبدة البعل، وترك تمثال أشيرة فى المعبد، ولم يقترب من عبادها. كما لو كان هناك ثأر شخصى مُبيَّت بينه وبين البعل. فهذا الصنم بالذات محرم عليه التواجد فى معبد يهوه، أو أن يُعبد بجواره دون الأصنام الأخرى. بل إلى الآن يوجد فى إسرائيل عدد كبير جدًا من العلمانيين المنكرين لوجود يهوه، الكافرين بالكتاب الذى ينسبه إليه اليهود والمسيحيون.
    وفى العدد (11) يقول الرب (11فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ مَظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ وَأُحَصِّنُ شُقُوقَهَا وَأُقِيمُ رَدْمَهَا وَأَبْنِيهَا كَأَيَّامِ الدَّهْرِ.) فأى يوم هذا قصده الرب بقوله (فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ)؟ إن الوقت الذى قبلت فيه هذه النبوءة كانت دولة داود قد انتهت منذ زمن بعيد. وكان بنو إسرائيل يجهدون أنفسهم بأمنية إقامتها مرة أخرى، وهذا هو الهدف الذى أرادت دعاية الكتاب المقدس أن تصل إليه.
    فتبعًا للباحث الإسرائيلى (فينكلشتاين وآخرون) كان الكتاب المقدس يخدم أغراض مجموعة من الناس يعملون على توحيد الإسرائيليين، وإقامة (مَظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ).
    وبتعبير آخر: إن أجزاء من النبوءة هذه كانت قد تمت بالفعل قبل كتابة هذا السفر. فهى تحكى إذن تاريخ حدث بالفعل على أنه نبوءة، ولا يمكننا اعتبارها نبوءة يريدون تكرارها وإعادتها مرة أخرى للواقع. فهى لم تتك فى كل تفاصيلها، ويمكن اعتبارها نوع من الدعاء على أهل الشمال أن يموتوا بالسيف، ويبيدهم الرب بددًا.
    وعلى ذلك فإن العدد (15) يُعد من النبوءات الكاذبة، وهى تقول (15وَأَغْرِسُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ وَلَنْ يُقْلَعُوا بَعْدُ مِنْ أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ» قَالَ الرَّبُّ إِلَهُكَ). لأنه لم يتمكن الإسرائيليون مطلقًا من احتلال كل الشعوب التى (دعى اسم الرب عليها). ولم تكن حجم إسرائيل يومًا ما بهذا الحجم الكبير الذى تصوره الرب.
    ويمكننا القول بصورة أخرى: إن النص كاملا يتكون من: أولا نبوءة عن وضع سابق لكتابة هذا السفر، وهو قد تم بالفعل. أى تحكى عن حدث تاريخى كان قائمًا يومًا ما، وتنسبه للمستقبل. وثانيًا: تتكلم عن آمال إسرائيل فى احتلال عدة قوى عظمى البابليين، الأشوريين، والحيثييين، ثم الإمبراطورية الرومانية). وعلى الرغم من ذلك لم يتخل اليهود مطلقًا عن هذا الأمل، وذلك لأنهم يؤمنون إيمانًا رايخًا بنبوءات الكتاب المقدس، حتى فى المناطق التى كانوا فيها أقلية، بعد تشرذمهم فى العالم.
    وعلى كل حال يمكننا القول أنه بناءً على إيمان اليهود بهذه النبوءة أسست إسرائيل عام 1948. فكانت النبوءة هذه هى أساس قيام إسرائيل. لذلك لم ينشر المحافظون، الذى على قناعة تامة بوحى الكتاب المقدس كلمة كلمة، عدد كبير من النبوءات الخاطئة!! وهذا ما ذكره كونفوزيوس ونشره دينيس ماكنزى فى موسوعة
    The Encyclopsdia of Biblical Errancy
    س127- من صفات الرب التى لا يختلف عليها المؤمنون، الذين يعرفون قدر الله تعالى أنه إله كامل، على كل شىء قدير، بل شىء عليم:
    (3وَقَالَ يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ: «اللهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرَ لِي فِي لُوزَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَبَارَكَنِي.) تكوين 48: 3
    (3وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الْإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ) خروج 6: 3
    (49لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ) لوقا 1: 49
    (27فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ») مرقس 10: 27
    (عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الْإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.عَادِلَةٌ وَحَقٌّ هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ) رؤيا يوحنا15: 3
    ونقرأ على لسان يسوع أنه لم يأت ناقضًا للناموس أو تعاليم الأنبياء: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
    ومعنى ذلك أن صفات الله هذه قد أقر يسوع بصحتها.
    والآن نحاول أن نفهم هذه الصفات فى ضوء إيمان المسيحيين بأن الرب يتكون من ثلاثة أقانيم، تكوِّن مع بعضها إلهًا واحدًا. فهم يؤمنون أن الآب والابن والروح القدس ثلاثة أقانيم تكون إلهًا واحدًا. فما هى وظيفة كل منهم؟ وهل لا يستطيع أى منهم القيام بعمل الآخر؟ وهل يعتمد أحدهم على الآخر؟
    مع الأخذ فى الاعتبار أن عدم استطاعة أى منهم القيام بشىء أو اعتماد أحدهم على الآخر يخرجه من دائرة الألوهية، أى ينفيها عنه.
    س128- يقول الكتاب المقدس: (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ) مزامير 78: 65
    وهذه استفسارات طفل يعرف قدر الله تعالى، قد سمع هذا النص: من الذى يقوم بدور الإله عند نومه؟ هل تنفصل الأقانيم ويسهر أحدهم مكان الباقين؟ وماذا يفعل تجاه أحد واجبات الإله الآخر؟ هل يقوم بها، أم لا يستطيع إلى ذلك سبيلا، فيضطر إلى إيقاظه وإزعاجه؟ أم يظلوا متحدين وينام الكل، أى الإله المتحد؟ ومن الذى يوقظ الرب من النوم؟ ومتى يستيقظ؟ ومتى يتعاطى هذا الخمر: هل بعد العمل أم أثنائه؟ وأى نوع من المناديل يستعملها لتجفيف دموعه؟
    س129- يحكى الكتاب المقدس عن حكمة أتان (ترجمة الفاندايك – أو جحش فى الترجمة المشتركة) وسفاهة نبى، فيقول: (21فقامَ بَلعامُ في الصَّباحِ وركِبَ جحشَتَهُ وذهَبَ معَ رُؤساءِ موآبَ. 22فاَشتَدَ غضَبُ اللهِ لذهابِهِ، ووقَفَ ملاكُ الرّبِّ في الطَّريقِ تُجاهَهُ وهوَ راكِبٌ جحشَتَهُ ومعَهُ خادِماهُ. 23فرَأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ واقفًا في الطَّريقِ، وسَيفُه مَرفوعٌ بيدِهِ، فمالَت عَنِ الطَّريقِ وسارَت في الحقلِ. فضَربَها بَلعامُ ليَرُدَّها إلى الطَّريقِ. 24فوقَفَ ملاكُ الرّبِّ في ممَرٍّ ضيِّقٍ بينَ الكُرومِ، لَه حائطَ مِنْ هُنا وحائطَ مِنْ هُناكَ. 25فلمَّا رَأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ، صدَمَتِ الحائطَ فضغَطَت رِجلَ بَلعامَ بالحائطِ فزادَ في ضَربِها. 26ثُمَ عادَ ملاكُ الرّبِّ وتقدَّمَ إلى الأمامِ ووقَفَ في موضِعِ ضيِّقٍ، لا سبيلَ فيهِ للتَحَوُّلِ يمينًا أو شمالاً. 27فلمَّا رأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ اَستَلْقَت تَحتَ بَلعامَ، فاَشتَدَ غضَبُهُ وضرَبَها بالعصا. 28ففتَحَ الرّبُّ فَمَ الجحشَةِ فقالَت لبَلعامَ: ((ماذا صنَعْتُ بكَ حتى ضرَبْتَني ثَلاثَ مرَّاتٍ؟)) 29فقالَ لها بَلعامُ: ((لأنَّكِ اَسْتَهزَأتِ بي، ولو كانَ في يَدي سيفٌ لكُنتُ قتَلْتُكِ)). 30فقالَت لَه الجحشَةُ: ((أما أنا جحشَتُكَ التي ركِبْتَها طولَ حياتِكَ إلى اليومِ؟ هل عَوَّدْتُكَ أنْ أفعَلَ بكَ هكذا؟)) قالَ بَلعامُ: ((لا)). 31فكشَفَ الرّبُّ عَنْ بصَرِ بَلعامَ، فرَأى ملاكَ الرّبِّ واقفًا في الطَّريقِ وسيفُهُ مَسلولٌ بيدِهِ، فوقَعَ ساجدًا على وجهِهِ. 32فقالَ لَه ملاكُ الرّبِّ: ((لماذا ضرَبْتَ جحشَتَك ثَلاثَ مرَّاتٍ؟ أنا اَعترضْتُ طريقَكَ لأنَّه معوَج أمامي، 33فرأتني الجحشَةُ فمالَت مِنْ أمامي ثَلاثَ مرَّاتٍ ولو لم تمِلْ عنِّي لقَتَلْتُكَ في الحالِ وأبقَيتُها)). 34فقالَ بَلعامُ لمَلاكِ الرّبِّ: ((خطئْتُ لأنِّي ما عرَفْتُ أنَّكَ وقَفْتَ تُجاهي في الطَّريقِ. والآنَ فإنْ ساءكَ أنْ أتابعَ طريقي، فإنِّي أرجعُ)). 35فأجابَهُ الملاكُ: ((إذهَبْ معَ القوم ولا تَقُلْ إلاَ ما أقولُ لكَ)). فذهَبَ بَلعامُ معَ رُؤساءِ بالاقَ) عدد 22: 21-35 الترجمة العربية المشتركة
    لقد نهى الرب بلعام من قبل أن يذهب معهم: (13فقامَ بَلعامُ في الصَّباحِ وقالَ لرُسُلِ بالاقَ: ((إنْصَرِفوا إلى أرضِكُم، لأنَّ الرّبَ رفَضَ أنْ يأذَنَ لي في الذَّهابِ معَكُم)).) عدد 22: 13، ثم أذن له فى الخروج معهم: (20فأتى اللهُ بَلعامَ ليلاً وقالَ لَه: ((إنْ كانَ هؤلاءِ القومُ جاؤوا ليَدعوكَ، فَقُمْ واَذهَبْ معَهُم، لكنْ لا تفعَلْ إلاَ ما أقولُهُ لكَ)).) عدد 22: 20
    فما الجريمة التى اقترفها بلعام إذن؟ إنه نبى مطيع لربه! وإذا كان الرب قد غير رأيه بينه وبين نفسه، دون علم بلعام، فلماذا يتحمل الحمار نتيجة تغيير الرب رأيه دون أن يُعلم بلعام بعدم موافقته؟
    فهل لم يعرف الرب أن نبيه أحمق لا يطيعه وأنه سوف يضرب الحمار؟ فلماذا تسبب الرب فى ضرب الحمار؟ لماذا لم يكشف ملاك الرب له عند نزوله وقبل أن يضرب بلعام الحمار؟ أين جمعيات الرفق بالحيوان؟ هل لم يجد الرب طريقة أخرى غير هذه ليُرجع نبيه عن الذهاب مع رؤساء مواب؟
    وهل تعلم أن عين الحمار لا ترى الملائكة، لأنها مخلوقة من نور، وهى الآشعة فوق البنفسجية، بينما يرى الحمار الشيطان، المخلوق من نار، من الآشعة تحت الحمراء؟ وهذا خطأ علمى فى الكتاب لم يكن يعلمه بالطبع الكاتب، لأنه لم يوح الله إليه شيئًا.
    س130- يحكى سفر يشوع من الكتاب المقدس أن الرب أمر يشوع أن يدور حول أسوار أريحا سبعة أيام، وينفخ الكهنة فى الأبواق، فيهتف بنو إسرائيل عند سماعهم صوت البوق، فيسقط سور المدينة من مكانه: (1وَكَانَتْ أَرِيحَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً بِسَبَبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لاَ أَحَدٌ يَخْرُجُ وَلاَ أَحَدٌ يَدْخُلُ. 2فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «انْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ أَرِيحَا وَمَلِكَهَا جَبَابِرَةَ الْبَأْسِ. 3تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ, جَمِيعُ رِجَالِ الْحَرْبِ. حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً. هَكَذَا تَفْعَلُونَ سِتَّةَ أَيَّامٍ. 4وَسَبْعَةُ كَهَنَةٍ يَحْمِلُونَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ التَّابُوتِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ, وَالْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. 5وَيَكُونُ عِنْدَ امْتِدَادِ صَوْتِ قَرْنِ الْهُتَافِ عِنْدَ اسْتِمَاعِكُمْ صَوْتَ الْبُوقِ, أَنَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ يَهْتِفُ هُتَافاً عَظِيماً, فَيَسْقُطُ سُورُ الْمَدِينَةِ فِي مَكَانِهِ, وَيَصْعَدُ الشَّعْبُ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ». ...... 20فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافاً عَظِيماً, فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ, وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ, وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ...... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 1-5 و20-24
    وهنا تكمن عدة مشاكل تاريخية: إن البوق هو آلة نفخ نحاسية، ولم يكن معروفُا وقت يشوع، وكان ما ينفخون فيه يسمى قرن الكبش، ولم يفطن لهذه النقطة إلا الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، لذلك غيرت فى ترجمتها جزئيًا كلمة البوق إلى كلمة قرن الكبش، بل وأضافت كلمة من قرون الكباش بعد أبواق: (4ويَحمِلُ سَبعةُ كَهَنَةٍ سَبعَةَ أَبواقٍ مِن قُرونِ الكِباشِ أَمامَ التَّابوت، وفي اليَومِ السَّابع تَطوفونَ حَولَ المَدينةِ سَبعَ مَرَّات، وَينفُخُ الكَهَنَةُ في الأَبْواق. 5ويَكونُ إِذا امتَدَّ صَوتُ قَرنَ الكَبْش، إِذا سَمِعتُم صَوتَ البوق، أَنَّ كُلَّ الشَّعبِ يَهتِفُ هُتافًا شَديدًا ، فيسَقُطُ سورُ المَدينةِ في مَكانِه، فيَصعَدُ الشَّعبُ، كُلُّ واحِدٍ على وَجهِه.) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
    أما بالنسبة لسقوط حائط من شدة الصوت، فهذا ثابت علميًا، أنه من شدة الصوت تتصدع الجدران، وتسقط اللأسوار. وقد أثبت ذلك علميًا العالم فلاديمير جافرو فى مرسيليا عام 1964، مستخدمًا فى ذلك مدافع تصدر أصواتًا عالية جدًا. لكن هل من الممكن أن يكون صوت قرن الكبش أو حتى البوق عاليًا بنفس درجة دافع الصوت أو حتى قريبًا منها؟
    ومن المتعارف عليه أن بنى إسرائيل اتجهوا عام 1200 ق.م. تجاه الأرض المقدسة. ولو حدث هذا فى ذلك الزمن اكان من السهل على علماء الآثار العثور على أى دليل، يؤكدون به هذا الحدث، الذى يؤكد بدوره وجود بنى إسرائيل فى أريحا. ولكنهم دون جدوى لم يعثروا على ما يؤكد وجودهم فى كل الحفريات التى قامت فى المنطقة.
    ولا عجب فى ذلك، فقد ضرب زلزال مدمر أريحا قبل ذلك الوقت بعدة قرون، مما أسفر عن سقوط السور. وترى العالمة كاتلين كيفيون أن مدينة أريحا كانت مهجورة قبل أن يدخلها بنو إسرائيل على الأقل بثلاثة قرون. بل كانت عبارة عن رديم.
    وعلى ذلك فإن حكاية التوراة وتفاعل الرب لإسقاط سور أريحا وغزوها، ما هى إلا قصة مختلقة، أراد كاتبها أن يظهر بطولة كاذبة لبنى إسرائيل، ومجد زائف. وقد أظهر للأسف مع ذلك، وبسبب غبائه، جهل الرب وعدم علمه الأزلى أو الأبدى بأن ذلك سوف يُكتشف أمره يومًا ما، ويفتضح أمر الرب. وبالتالى اعتقد أن الرب سوف يدلس على ما يقوله، وسيعتبره وحيًا، ويسكت عليه، لكن الله فضحهم وفضح ممارساتهم، وكذبهم عليه، فقال: (32هَئَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هَذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً يَقُولُ الرَّبُّ].) إرمياء 23: 32
    وقال: (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31
    وقال: (3هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِلأَنْبِيَاءِ الْحَمْقَى الذَّاهِبِينَ وَرَاءَ رُوحِهِمْ وَلَمْ يَرُوا شَيْئاً. 4أَنْبِيَاؤُكَ يَا إِسْرَائِيلُ صَارُوا كَـالثَّعَالِبِ فِي الْخِرَبِ.) حزقيال 13: 3
    وقال: (6رَأُوا بَاطِلاً وَعِرَافَةً كَـاذِبَةً. الْقَائِلُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ, وَانْتَظَرُوا إِثْبَاتَ الْكَلِمَةِ.) حزقيال 13: 6
    وقال: (7أَلَمْ تَرُوا رُؤْيَا بَاطِلَةً, وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَـاذِبَةٍ, قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟) حزقيال 13: 7
    وقال: (كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ, وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ, وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفاً لِسَفْكِ الدَّمِ, لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ, رَائِينَ بَاطِلاً وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِباً, قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
    وقال: (16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ) إرمياء 23: 16
    وحدث بعد ذلك أن بنى إسرائيل هُزموا هزيمة كبيرة أمام شعب عاى. ولم يُعرف على وجه اليقين إلى اليوم موقع عاى الحقيقية، فهى بلا أدنى شك غير على التى يحددها لنا اليوم أطلس أو خرائط الكتاب المقدس. وذلك كما قال ألبرايت وليام فوكسويل. (Die Bibel im Licht der Altertumsforschung, 1957, S. 124) وكان ذلك بسبب سرقة عخان الإسرائيلى لبعض الغنيمة التى أخذوها من أعدائهم، واعترف عخان قائلا: (20فَأَجَابَ عَاخَانُ يَشُوعَ: «حَقّاً إِنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ وَصَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا. 21رَأَيْتُ فِي الْغَنِيمَةِ رِدَاءً شِنْعَارِيّاً نَفِيساً, وَمِئَتَيْ شَاقِلِ فِضَّةٍ, وَلِسَانَ ذَهَبٍ وَزْنُهُ خَمْسُونَ شَاقِلاً, فَاشْتَهَيْتُهَا وَأَخَذْتُهَا. وَهَا هِيَ مَطْمُورَةٌ فِي الأَرْضِ فِي وَسَطِ خَيْمَتِي, وَالْفِضَّةُ تَحْتَهَا».) يشوع 7: 20-21
    وكانت عقوبة الرب له ولأسرته وماشيته الموت، حتى يهدأ الرب ويذهب عنه غضبه: (24فَأَخَذَ يَشُوعُ عَخَانَ بْنَ زَارَحَ وَالْفِضَّةَ وَالرِّدَاءَ وَلِسَانَ الذَّهَبِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَبَقَرَهُ وَحَمِيرَهُ وَغَنَمَهُ وَخَيْمَتَهُ وَكُلَّ مَا لَهُ, وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ, وَصَعِدُوا بِهِمْ إِلَى وَادِي عَخُورَ. 25فَقَالَ يَشُوعُ: «كَيْفَ كَدَّرْتَنَا؟ يُكَدِّرُكَ الرَّبُّ فِي هَذَا الْيَوْمِ!» فَرَجَمَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِالْحِجَارَةِ وَأَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ وَرَمُوهُمْ بِالْحِجَارَةِ 26وَأَقَامُوا فَوْقَهُ رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. فَرَجَعَ الرَّبُّ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ. وَلِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُ ذَلِكَ الْمَكَانِ «وَادِيَ عَخُورَ» إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.) يشوع 7: 24-26
    فما ذنب بنيه وبناته فى هذه السرقة؟ بل ما ذنب ماشيته؟
    ألأم يقل الرب فى ناموسه أن النفس التى تُخطىء هى تموت؟ فلماذا أمات البرىء بذنب غيره؟
    قال موسى وهارون لله: («اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟») العدد 16 : 22
    ألم يقل الرب لموسى إنه: (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16؟
    ألم يقل الرب لكاتب سفر الأخبار الثانى: (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4؟
    ألم يقل الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30؟
    ألم يقل الرب لإرمياء: (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ.) إرمياء 32: 19؟
    ألم يقل الرب لحزقيال: (20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ.) حزقيال 18: 20؟
    ألم يقل الرب لإشعياء: (حَسَبَ الأَعْمَالِ هَكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطاً وَأَعْدَاءَهُ عِقَاباً) إشعياء 59: 18؟
    ألم يقل الرب لداود: (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12؟
    ألم يقل الرب لداود: (5الرَّبُّ يَمْتَحِنُ الصِّدِّيقَ. أَمَّا الشِّرِّيرُ وَمُحِبُّ الظُّلْمِ فَتُبْغِضُهُ نَفْسُهُ. 6يُمْطِرُ عَلَى الأَشْرَارِ فِخَاخاً نَاراً وَكِبْرِيتاً وَرِيحَ السَّمُومِ نَصِيبَ كَأْسِهِمْ. 7لأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ. الْمُسْتَقِيمُ يُبْصِرُ وَجْهَهُ.) مزمور 11: 5-7؟
    ألم يقل الرب لأيوب: (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-13؟
    فهل عوَّج الرب القضاء هذه المرة وقضى على كل أسرة عخان وماشيته من أجل سرقته؟ إن الكاتب أراد أن يُشدد على عدم سرقة أى شىء من بيت الرب، سواء قد ذهب إليه أم كان فى طريقه إليه، ولكن بذكائه المعهود سبَّ الرب، واتهمه بالظلم والجور على عباده، ومخالفة ناموسه!!
    ومرة أخرى يدعى الكاتب جرأة بنى إسرائيل وقوتهم وعظمة إمكانياتهم الحربية، فقال له أن يذهب بكل رجاله ويحارب مدينة عاى، ويبديها وأهلها تحت سمع وبصر الرب، بل وبتخطيطه: (1فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ. خُذْ مَعَكَ جَمِيعَ رِجَالِ الْحَرْبِ, وَقُمِ اصْعَدْ إِلَى عَايَ. انْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ مَلِكَ عَايٍ وَشَعْبَهُ وَمَدِينَتَهُ وَأَرْضَهُ, 2فَتَفْعَلُ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا كَمَا فَعَلْتَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا. غَيْرَ أَنَّ غَنِيمَتَهَا وَبَهَائِمَهَا تَنْهَبُونَهَا لِنُفُوسِكُمُ. اجْعَلْ كَمِيناً لِلْمَدِينَةِ مِنْ وَرَائِهَا».) يشوع 9: 1-2
    ومن الجدير بالذكر أن مدينة عاى تقع على تل (خربة التل)، وكانت خربة قبل فتح الجيش الإسرائيلى له، الذى يزعمه الكتاب، بحوالى ألف عام. وعلى ذلك فإن قصة فتح عاى ككقصة غزو أريحا. فالاثنان من خيال المؤلف، الذى رأى أن يعلم الأجيال القادمة شيئًا آخرًا، غير خزى الأجداد من بنى إسرئيل، فتوهم حربًا ضروسًا مع الهواء، وحلم بغنائم وأسلاب ترضى ميوله الداخلى وأمنياته الدفينة، وتنفس عن أحقاده على ثروات بعض البلاد الأخرى، ورسم موقعًا للحرب فى هذه الأماكن الخربة، خوفًا من تخيل مدينة حقيقية، فيعلم أهلها، فيلقونهم درسًا، قد تكون فيه إبادتهم.
    لقد أكد هذا الهراء المؤرخ مانفريد كلاوس من جامعة فرانكفورت الواقعة على نهر الماين. كما قام عالم الآثار الإسرائيلى يوحانان أهرونى بعمل حفريات مكثفة لمدة 15 عامًا فى الأماكن التى يدعى سفر يشوع أن الجيش الإسرائيلى قام بغزوها، وكانت النتيجة: إنه لا توجد مدينة من هذه المدن فتحها بنو إسرئيل.
    ويقول الباحث السورى فراس سواح فى حواره مع جريدة ”الوطن“ السورية عن سؤال المحاور القائل: «تروي التوراة في سفر يشوع عملية تدمير ثلاث مدن كبرى وإحراقها وقتل سكانها عن بكرة أبيهم وهي مدن أريحا وعاي وحاصور. فماذا تقول نتائج التنقيب الاركيولوجي في هذا؟»
    يجيب فراس سواح قائلاً: «فيما يتعلق بأريحا، تعطي التوراة وصفًا دراميًا حيًّا لاقتحام المدينة وتدميرها. فبعد الدوران حول السور ست مرات حاملين تابوت العهد، تسقط الأسوار من تلقاء ذاتها أمام الإسرائيليين الذين يدخلون المدينة ويقتلون من فيها من رجل وامرأة وطفل وشيخ وبقر وغنم وحمير.
    وقد فسر بعض المؤرخين سقوط أريحا على أنه نتيجة زلزال نسبه المهاجمون إلى معجزة من الرب. ولكن لعلم الآثار رأيًا مختلفًا في هذا الموضوع. فرغم أن الزلازل كانت متكررة الوقوع في فلسطين. وأن سور أريحا قد تصدع بسببها أكثر من مرة، إلا أن كلا من آثار الدمار الزلزالية في أريحا تعود إلى أزمنة سابقة بكثير للتاريخ المفترض لاجتياح الإسرائيليين. وقد ثبت أن آخر الزلازل المدمرة قد وقع في العصر البرونزي الأول حوالي عام 2300ق.م وأن المدينة قد بنيت مجددًا في العصر البرونزي الوسيط حوالي عام 1900 حيث استمرت الحياة فيها إلى عام 1560 ثم هجرت تمامًا. وعندما عادت الحياة إليها في العصر البرونزي الأخير انتعشت جزئيًا لفترة قصيرة، ولكن دون أسوار أو تحصينات ، فتهجر قبل نهاية عام 1300ق.م ، ويغمرها النسيان إلى ما بعد العصر الحديدي الأول خلال مطلع الألف الأول ق.م أي أنه لم يكن هناك مدينة اسمها أريحا عندما دخل الإسرائيليون إلى فلسطين حوالي 1200ق.م.
    وفيما يتعلق بمدينة عاي تشير البينات الآثارية إلى أن المدينة قد انتهت تمامًا قبل ألف عام من وصول الإسرائيليين، وعلى ذلك فإن أوائلهم لم يسمعوا إلا بذكرى تلك المدينة العظيمة التي ازدهرت في مطلع العصر البرونزي. وتم الكشف في المستويات العليا لموقع المدينة على قرية صغيرة غير ذات شأن تعود إلى عصر الحديد الأول، أي بعد فترة لا بأس بها من دخول الإسرائيليين.
    أما مدينة حاصور ، فتدل التنقيبات الأثرية في الموقع على أن المدينة قد دمرت تماماً في نهاية القرن الرابع عشر ق.م. وهو التدمير الذي يتطابق في تاريخه مع حملة الفرعون سيتي على سوريا الجنوبية ثم أعيد بناء المدينة مباشرةً لتحترق وتدمر بعد فترة قصيرة دون أن تصل حياتها إلى أواخر القرن الثالث عشر، وتعاصر فترة دخول الإسرائيليين، وقد كشف في موقع المدينة على قرية صغيرة تعود إلى العصر الحديدي الأول. في مطلع الألف الأول ق.م.
    من هذه الأمثلة الثلاثة ومن مطابقة بقية الرواية التوراتية لاقتحام فلسطين على نتائج التنقيب الاركيولوجى. نستنتج أن مؤلفي التوراة قد ضموا في رواية واحدة أزمنة وأحداثاً متباعدة لا يربطها رابط، وصاغوها ضمن تسلسل زمني فشكلوا منها رواية متماسكة من بدايات توافدهم في أرض كنعان.»
    يواصل المحاور لفراس سواح بسؤال عن مدى صدق ما يحكيه الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص عن كيفية اقتحام بنى إسرائيل أرض كنعان واستيلائهم على فلسطين، فيقول: «بعد سفر يشوع الذي وصف اقتحام القبائل الإسرائيلية الإثني عشر أرض كنعان واستيلائها على فلسطين الداخلية كاملة، نجد سفر القضاة يعطينا صورة مختلفة عن تلك القبائل المنتصرة؟»
    فأجاب فراس سواح قائلا: «بعد الاستقرار في الأرض الجديدة ، نجد أن القادمين الجدد ليسوا إلا جماعات مفككة منقسمة إلى فريقين متخاصمين هما القبائل الشمالية والقبائل الجنوبية، وأن خطاً من المدن الكنعانية القوية تشكله أورشليم وجازر وعجلون ، يفصل بين المجموعتين ويمنع اتصالهما ، وإن كثيراً من المدن الكنعانية التي من المفترض أنها وقعت أيدي الإسرائيليين إبان اجتياحهم ، تعيش حياتها الطبيعية كمدن مستقلة، كما نجد أن منتصري الأمس ليسوا إلا فرقاً مستضعفة واقعة تحت نير جيرانهم الفلستيين، يضطهدونهم ويسومونهم سوء العذاب.
    ويفسر المؤرخون من ذوي الاتجاه التوراتي هذا الواقع المتناقض تفسيرات أكثر تناقضاً وأقرب إلى النفس اللاهوتي منها إلى المنطق التاريخي. ولنقرأ على سبيل المثال ما يقوله عالم اللغات القديمة اللامع البروفيسور سيروس هـ. غوردن في كتابه الشرق الأدنى القديم الذي أفرد ثلثيه لتاريخ بني إسرائيل في معرض تفسيره لأحوال الإسرائيليين في عصر القضاة يقول غوردن: عند اقتحام أرض كنعان لم يمارس الإسرائيليون عملية إبادة كاملة للكنعانيين ولم يطردوهم من أرضهم ومدنهم.»
    فقارن هذا بما يقوله الكتاب من إبادة جماعية لأهل البلاد الأصليين: (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ.) يشوع 6: 21
    يواصل فراس سواح قائلاً: «لقد دام عصر القضاة أكثر من قرنين من الزمان، ومع ذلك لم يستطع علم الآثار تقديم أي دليل على وجود الإسرائيليين خلال هذه الفترة في فلسطين. فإما أن يكون القادمون الجدد على جانب كبير من الهمجية والتخلف إلى درجة لم تمكنهم من التأثير بجيرانهم المتطورين وتطوير ثقافة خاصة بهم خلال قرنين من الزمن وهذه فرصة أقرب إلى المستحيل ، أو أن هؤلاء القادمين المفترضين لم يكن لهم وجود تاريخي قط.»
    أما ”كيث وايتلام“ أستاذ العلوم الكتابية فى قسم الدراسات اللاهوتية في جامعة "ستيرلينغ" في سكوتلاندا، أصدر كتابه "اختراع (إسرائيل) وحجب فلسطين" سنة 1996 في كلّ من نيويورك ولندن في نفس الوقت. اتفق فيه مع طومسون في كثير من الاستنتاجات ويشير إلى أن هناك عمليّة طمس ممنهجة لكثير من الدلالات التاريخية للمكتشفات الأثرية ومحاولة لتفسيرها بطريقة مغلوطة في أغلب الأحيان.
    كما يُركِّز وايتلام على البعد السياسي من وراء محاولات الطمس والتفسير المغلوط للتاريخ ، حيث يذكر «أن تاريخ (إسرائيل) المخترَع في حقل الدراسات التوراتية كان وما زال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون الممالك اليهودية عليه، وليس ما كانت عليه في الواقع».
    وبهذا قال أيضًا هذا السيد بروشى المسئول المتقاعد عن مخطوطات البحر الميت فى (كذبة السامية وحقيقة الفينيقية) ص32، الذى أكد أن مدينة أريحا أُخليت من بداية القرن 15 ق.م إلى نحو القرن 11 ق.م ، أى لم تكن مأهولة بالسكان الذين قتلهم الرب ورماهم بالحجارة كما تدع رواية يشوع (10: 11-)، وأنه لم تكن هناك مدن باسم عاى وجازور وأريحا، بل لم يكن الداخل بحاجة إلى تدمير وقتل الآهلين!!! وذلك بسبب وجود جفاف طويل الأمد حل على المنطقة فى العصر البرونزى الأخير، مما تسبب فى مجاعات وإنهيار إقتصادى وسياسى واسع النطاق فى الحوض الساحلى للبحر المتوسط، توافق بدوره مع تغيير عالمى فى المناخ. وذلك كما ينقل أحمد الدبش عن توماس طومسون ص167 من (التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى).
    ويواصل الدبش استشهاداته بعلماء الآثار ص79 من كتابه السابق قائلاً: فهذا هو جيمس بريتشارد يؤكد بعد تنقيبه فى فلسطين: «أن كل التناقضات الواضحة التى كشفت عنها نتائج التنقيب الأثرى فى (أريحا) وغيرها من المواقع التى تحدث عنها سفر يشوع تدل على أننا نسير فى طريق مسدود فى محاولة العثور على شواهد أثرية لإثبات الروايات التقليدية عن الفتوحات الإسرائيلية».
    وهذا ما أكده عالم الآثار الإسرائيلى بجامعة تل أبيب البروفيسور الإسرائيلى يسرائيل فنكلشتاين ونشرته جريدة القدس العربى ، بتاريخ 15/4/1999. وأقره ”لامك“، وعالم الآثار الإسرائيلى ”زئيف هرتسوغ“، والدكتور ”عفيف بهنسى“ المدير العام السابق للآثار فى سورية، والأب ”مايكل برير“ الذى يرى أن الرواية التوراتية لا يمكن الدفاع عن صدقها، ويؤكد أكثر من ذلك على أن هناك ثمة إجماع علمى بأن القصة الكتابية التى تصف فترة الاحتلال التوطنى جاءت عن طريق المؤلفين الذين كتبوها بعد عدة قرون.
    لذلك خلص البروفيسور توماس طومسون فى كتابه (التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى) ص277 وما بعدها إلى أن: «أى محاولة لكتابة تاريخ فلسطين فى أواخر الألف الثانية قبل الميلاد، أو بدايات الألف الأولى قبل الميلاد، على الضوء التام لمصادر الكتاب المقدس، لتبدو على الفور محاولة فاشلة وميئوس منها، بل يُمكن اعتبارها محاولة هزلية بالكامل، وتبعث على الضحك والفكاهة. إن قصص العهد القديم ما هى إلا مأثورات وحكايات كتبت أثناء القرن الثانى قبل الميلاد. وإنه مضيعة للوقت أن يحاول أى إنسان أن يُثبت مثل هذه الأحداث التوراتية من خلال علم الآثار القديمة، فالعهد القديم ليس له أى قيمة كمصدر تاريخى.»
    وقد توصل العلامة كيث وايتلام بعد أن راجع المؤلفات التى تعاملت مع تاريخ فلسطين القديم، وأدرك مدى توغل يد الاستشراق فى هذه الكتابات أى «أن صورة إسرائيل كما وردت فى معظم فصول الكتاب العبرى، ليست إلا قصة خيالية، أى تلفيق للتاريخ»، وذلك ص49 فى كتابه (تلفيق إسرائيل التوراتية .. طمس التاريخ الفلسطينى). نقلا عن أحمد الدبش (كنعان وملوك بنى إسرائيل فى جزيرة العرب)
    وفى ص19 من الكتاب السابق يقول الدبش: (لقد تم إخضاع اللقى الآثارية فى المشرق العربى، وبالتالى تاريخ بلادنا فلسطين، لمصلحة الخطابين السياسى والكتابى وهدفهما بعدما ثبت لنا أن «أصول التنقيبات الآثارية الحديثة، منذ دخول نابليون إلى مصر، على أنها مكيدة دولية، استخدمت القوى الغربية من خلالها الماضى الكتابى والكنوز الأثرية التى فى المنطقة من أجل سعيها لتحقيق المكاسب السياسية، ولإضفاء الشرعية على مصالحها الإمبريالية» وذلك نقلا عن كيث وليتلام فى كتابه (تلفيق إسرائيل التوراتية .. طمس التاريخ الفلسطينى) ص37.
    ونكتفى بما أثبتناه من علماء الآثار الإسرائيليين وغيرهم، ونؤكد ما ذهبنا إليه من الكتاب المقدس نفسه: ويحكى لنا سفر القضاة عن قصة أخرى عن دخول بنى إسرائيل إلى أرض فلسطين، فيقول: (19وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يَهُوذَا فَمَلَكَ الْجَبَلَ, وَلَكِنْ لَمْ يُطْرَدْ سُكَّانُ الْوَادِي لأَنَّ لَهُمْ مَرْكَبَاتِ حَدِيدٍ.) القضاة 1: 19
    وهذا يؤكد ما قلناه من قبل: إنه كان حلم الجبناء أن يغزو قومًا، وخافوا منهم، فكتبوا حلمهم على أنه حقيقة. فلم يهزم بنو إسرائيل هذه المدن، ولم يدخلوا معهم فى حرب. كما يؤكد أن المدن التى تكلم عنها يشوع كانت عبارة عن قرى ونجوع صغيرة، ودخل بنو إسرائيل كأسر رعاة متفرقة، ومر قرنان من الزمان، حتى نشأ من الأسر والقبائل المختلفة ما يمكننا أن نسميه دولة.

    تعليق

    • abubakr_3
      مشرف عام

      • 15 يون, 2006
      • 849
      • مسلم

      #17
      س127- من المعروف أن بيلاطس كان من المعاندين سفاكى الدماء. ولا توجد غير إشارتين فقط عن ذلك فى العهد الجديد: (1وَكَانَ حَاضِراً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَوْمٌ يُخْبِرُونَهُ عَنِ الْجَلِيلِيِّينَ الَّذِينَ خَلَطَ بِيلاَطُسُ دَمَهُمْ بِذَبَائِحِهِمْ.) لوقا 13: 1، (37بَعْدَ هَذَا قَامَ يَهُوذَا الْجَلِيلِيُّ فِي أَيَّامِ الاِكْتِتَابِ وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْباً غَفِيراً. فَذَاكَ أَيْضاً هَلَكَ وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا.) أعمال الرسل 5: 37
      ولا توجد إشارة إلى قسوته وظلمه وبطشه غير فى هذين الموضعين. لماذا؟ هل كتبت هذه الكتب تحت إشرافه أو إشراف الرومان؟ هل تعلمون أنه لا يوجد نص واحد فيما يُسمى بالعهد الجديد يُدين القيصر أو الرومان أو حتى يحرض المؤمنين ويثيرهم على قتال الأعداء والتخلص من ربقة العبودية للعدو؟ بل على العكس نجد نصوصًا تدفع إلى محبة الأعداء والخنوع لهم، والاستسلام للشر والشريرين: (.... لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ. 43«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ.) متى 5: 39-44
      فهل نعتبر هذا تشريع لاحتلال أراضى الغير مثلما فعلت كل الدول المسيحية الكبرى؟ أم هذا تشريع للخضوع وتسليم أراضى المؤمنين للعدو دون مقاومة؟ أم كتب هذه النصوص العدو نفسه وأراد أقل خسارة عند مقاومة المؤمنين أم أرادها دون مقاومة بالمرة باسم إله المحبة الذى يمنح أرادى الغير لمن يريد؟
      أم هادن يسوع الرومان خوفًا على نفسه من القتل؟ ولو حدث هذا، ألا تعتبر رسالته ناقصة، ولم يُضمِّنها ما يجب أن يقال خوفًا من بطش أعدائه؟ فكيف غفل يسوع عن هذا؟ أم هادن كتبة الأناجيل الرومان اتقاء شرورهم، وابتغاء مرضاتهم وعطاياهم؟
      ولماذا هاجم يسوع اليهود وسبهم ولعنهم، لو كانت رسالته رسالة للمحبة فقط؟ إن من يقرأ الإصحاح الثالث والعشرين من متى ليقف على كم الاتهامات والسباب والتحقير التى كالها يسوع لليهود: (.... لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ. 4فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ 5وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ 6وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ 7وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي! .... 13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. ... تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً! 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ ... 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ .... وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. ... 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ! .... تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! .... تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! .... 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. .... 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ ... 37«يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ) متى 23: 1-37
      فهل الذى لم يخش جيش الكتبة والكهنة والفريسيين يخشى الرومان وجيوشهم؟ فالكاتب إذن عدو للاثنين: اليهود ويسوع وتلاميذه!
      س128- ولو عدنا مرة أخرى للنصين الذين يشيران إلى قسوة بيلاطس: (1وَكَانَ حَاضِراً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَوْمٌ يُخْبِرُونَهُ عَنِ الْجَلِيلِيِّينَ الَّذِينَ خَلَطَ بِيلاَطُسُ دَمَهُمْ بِذَبَائِحِهِمْ.) لوقا 13: 1، (37بَعْدَ هَذَا قَامَ يَهُوذَا الْجَلِيلِيُّ فِي أَيَّامِ الاِكْتِتَابِ وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْباً غَفِيراً. فَذَاكَ أَيْضاً هَلَكَ وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا.) أعمال الرسل 5: 37
      فبقراءة النص الثانى يتبين لنا أن بيلاطس لم يكن يوقفه شىء يريد أن يقوم به. ولا يذعن إلى ضغوط اليهود، فقد أهلك شعبًا غفيرًا أزاغه يهوذا الجليلى. وقد كلن هيرودس أيضًا بنفس هذه القسوة، فقد قتل أطفال اليهود كما يحكى لنا متى، دون أدنى حسبان لليهود رؤساء ومرؤسين. فهل تعتقد أن حكاية هتاف اليهود بصلب يسوع بعد أن أعلن بيلاطس براءته حكاية صحيحة، تصمد أمام النقد؟ كيف لم يتحمل هذا الإنسان المعاند ذو الجبروت هتاف اليهود بقتل يسوع؟
      (17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَداً. 19وَإِذْ كَانَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيراً فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». 20وَلَكِنَّ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخَ حَرَّضُوا الْجُمُوعَ عَلَى أَنْ يَطْلُبُوا بَارَابَاسَ وَيُهْلِكُوا يَسُوعَ. 21فَسَأَلَ الْوَالِي: «مَنْ مِنَ الاِثْنَيْنِ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟» فَقَالُوا: «بَارَابَاسَ». 22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلَبْ!» 23فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخاً قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!» 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئاً بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ». 25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». 26حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ.) متى 27: 17-26
      ألست معى أنه طالما أن بيلاطس ذى ضمير حى، ويخشى الظلم لدرجة أنه غسل يديه من ذنبه (فلو حدث هذا، فلن يعفيه هذا من المسؤولية، فهى مسؤوليته وحده، سواء غسل يديه أم استحم بأكمله)، وترجته امرأته، وأسمته البار، وصدق هو على كون يسوع بار غير مذنب، فلماذا لم يسلمه لليهود ليرجمونه، كما تقتضى شريعتهم، ويتحملوا هم بأنفسهم مسؤولية ما يحدث؟
      س129- يقول يوحنا 18: 2-3 (2وَكَانَ يَهُوذَا مُسَلِّمُهُ يَعْرِفُ الْمَوْضِعَ لأَنَّ يَسُوعَ اجْتَمَعَ هُنَاكَ كَثِيراً مَعَ تلاَمِيذِهِ. 3فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّاماً مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ.)
      وقال متى 26: 55 (55فِي تِلْكَ السَّاعَةِ قَالَ يَسُوعُ لِلْجُمُوعِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي! كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ أَجْلِسُ مَعَكُمْ أُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ وَلَمْ تُمْسِكُونِي.)
      وقال مرقس 14: 43 (43وَلِلْوَقْتِ فِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ أَقْبَلَ يَهُوذَا وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَالشُّيُوخِ.)
      وقال لوقا 22: 52 (52ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَقُوَّادِ جُنْدِ الْهَيْكَلِ وَالشُّيُوخِ الْمُقْبِلِينَ عَلَيْهِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ!)
      اتفقت الروايات الأربعة على أن الذين قبضوا على يسوع كانوا يحملون أسلحة،وحددتها الأناجيل المتوافقة أنها سيوف وعصى. فهل كان يسمح الرومان للشعب بحمل السلاح؟ أترك الإجابة عليها للقارىء!!
      ونعود مرة أخرى لقول يوحنا (3فَأَخَذَ يَهُوذَا الْجُنْدَ وَخُدَّاماً مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ وَجَاءَ إِلَى هُنَاكَ بِمَشَاعِلَ وَمَصَابِيحَ وَسِلاَحٍ) يوحنا 18: 3
      لنرى ترجمة كلمة الجند فى التراجم المختلفة لتعلم أى جند هؤلاء، وكم كان عددهم: تقول الترجمة الكاثوليكية اليسوعية (فجاءَ يَهوذا بِحَرَسِ الهَيكَلِ والحَرَسِ الَّذينَ أَرسَلَهم عُظماءُ الكَهَنَةِ والفِرِّيسِيُّونَ حتَّى بَلغَ ذلكَ المكان، ومعَهُمُ المَصابيحُ والمَشاعِلُ والسِّلاح.)
      وتقول الترجمة العربية المشتركة (فجاءَ يَهوذا إلى هُناكَ بِجُنودٍ وحَرَسٍ أرسَلَهُم رُؤساءُ الكَهنَةِ والفَرِّيسيُّونَ، وكانوا يَحمِلونَ المَصابـيحَ والمشاعِلَ والسِّلاحَ.)
      اتفقت تراجم عديدة على أن كلمة (جنود) فقط، وغيرت بعض التراجم كلمة (جنود) واعتبرتهم حراس الهيكل،
      3Er nahm also die Soldaten der rِmischen BesatzungE und einige Gerichtspolizisten*, die von den führenden Priestern* und den Pharisنern* mitgeschickt wurden, und kam dorthin. Die Mنnner waren bewaffnet und trugen Fackeln und Laternen. (GNB)
      وكتبت فى تعليقها أن أصل كلمة (الجنود) هى كلمة (Kohorte)، وعلى ذلك فإن الجنود المعنيين هنا هم جنود الرومان، الذين تمركزوا فى قلعة أنطونيا، والذين يمتلكون هذه القوة بناءً على رتبة قائدهم (قائد الجند) (انظر الآية 12 كلمة "قائد".
      يؤخذ فى الاعتبار أنهم حذفوا نصوص التعليقات أن تظهر للقارىء العادى فى بعض تراجم الموقع http://www.diebibel.de، وهى لا تظهر إلا إذا نسخت النص، ولصقته فى أى صفحة، فيظهر لك النص والتعليق. أى لا يظهر إلا للباحث، وليس للقارىء العادى، حفاظًا على إيمان لعوام والبسطاء.
      die Soldaten ...: wِrtlich die Kohorte. Damit ist offenbar die Truppe gemeint, die stنndig auf der Burg Antonia stationiert war und die nach dem Rang ihres Kommandanten (siehe Vers 12 und Sacherklنrung »Hauptmann« ) genau diese Stنrke besaك.
      وأكدت ذلك ترجمة (Neue Genfer ـbersetzung) بقولها أن هؤلاء الجند من الجيش الرومانى:
      3Jetzt kam er dorthin, begleitet von Soldaten der rِmischen BesatzungstruppeA und von den Mنnnern der TempelwacheB, die ihm die führenden Priester und die Pharisنer zur Verfügung gestellt hatten. Sie waren bewaffnet und trugen Laternen und Fackeln.
      von der Kohorte (eine rِmische Heereseinheit; nach anderer Auffassung handelt es sich hier um eine jüdische Milizeinheit).
      und von den Dienern.
      فترجمتها بجنود من جيش الإحتلال الرومانى، وعلقت عليها قائلة: من الكتيبة (وهى وحدة من وحدات الجيش الرومانى، وتبعًا لنسخة أخرى تجد المعنى يدور حول وحدة من ميليشيات اليهود). فهل كان يسمح الرومان بوجود وحدات مجيشة وتحمل السلاح من اليهود؟ تفسير غريب، لا يتفق مع الواقع التاريخى!!
      وترجمها البعض بأن يهوذا أخذ الفرقة أو الجماعة معه، ولم يحدد أن هذه الجماعة أو العصابة أو الشلة هى كتيبة الجند:
      Als nun Judas die Schar und von den Hohenpriestern und Pharisنern Diener genommen hatte, kommt er dahin mit Leuchten und Fackeln und Waffen. (Elberfelder 1871, 1905, Luther 1912, 1984)
      ووافقتها ترجمة Schlachter 1951 ولكن غيرت كلمة Schar إلى كلمة Rotte ليظل نفس المعنى وهو فرقة. ثم غيرتها فى ترجمتها لعام 2000 وكتبتها Truppe والتى تعنى أيضًا فرقة.
      وأوضحت ترجمة Menge أنها كانت كتيبة الجند:
      3Nachdem nun Judas die Abteilung Soldaten und von den Hohen-priestern und Pharisنern Diener erhalten hatte, kam er mit Fackeln, Laternen und Waffen dorthin. (Menge)
      وزادت فى إيضاحها ترجمة NLB قائلة إن يهوذا أخذ معه فرقة أو كتيبة وحدة من جيش الرومان وحراس المعبد، وهذا ما قالته أيضًا الترجمة الإنجليزية NLT:
      3Die obersten Priester und Pharisنer hatten Judas einen Trupp rِmischer Soldaten und Tempelwنchter mitgegeben, die ihn begleiten sollten. Nun marschierten sie mit lodernden Fackeln, Laternen und Waffen dorthin. (NLB)
      وتركتها ترجمة Zürcher Bibel الألمانية وترجمة NASB الإنجليزية (cohort) كما هى Kohorte بدون ترجمة:
      3Judas nun holt die Kohorte und die Gerichtsdiener der Hohen Priester und Pharisنer und kommt dorthin mit Fackeln und Lampen und Waffen.
      وترجمتها الترجمة الإنجليزية CEV إلى بعض الجنود الرومان:
      Judas had promised to betray Jesus. So he went to the garden with some Roman soldiers and temple police, who had been sent by the chief priests and the Pharisees. They carried torches, lanterns, and weapons.
      وقالتها ترجمة (Holman Christian Standard Bible) وحدة أو كتيبة من الجنود: 3 So Judas took a company of soldiers
      وقالتها ترجمة الملك جيمس للقرن 21 (KJ21.) فرقة من الرجال، ليتوه القارىء ولا يعرف أى رجال قصدهم النص اليونانى، بعد أن أضافت (من الرجال)، التى وضعتها فى ترجمتها القديمة بين قوسين:
      3Judas then, having received a band of men and officers from the chief priests and Pharisees, came thither with lanterns and torches and weapons. (KJ21.)
      Judas then, having received a band [of men] and officers from the chief priests and Pharisees, cometh thither with lanterns and torches and weapons. (KJV)
      وقالتها فى ترجمة (NKJV) وهى ترجمة الملك جيمس الحديثة إلى فرقة من القوات، ولا أعرف إذا كانت هذه الترجمة أحدث من ترجمة القرن 21 أم العكس :
      3 Then Judas, having received a detachment of troops, and officers from the chief priests and Pharisees, came there with lanterns, torches, and weapons. (NKJV)
      وقالتها ترجمة (Message) الجنود الرومان والشرطة:
      So Judas led the way to the garden, and the Roman soldiers and police sent by the high priests and Pharisees followed. They arrived there with lanterns and torches and swords.
      ونُجمل ما قلنا: إن يهوذا أخذ كتيبة من جنود الرومان، واختلفوا فى ترجمتها، وحاولوا طمس كلمة كتيبة، وخففوها بكلمة فرقة أو فصيلة أو جزء، أو ذكروا جنودًا دون تحديد حجمهم، وذلك لأنهم يذكرون أن من ضمن معانى الكلمة أنها تعنى كتيبة أو فصيلة أو فرقة. وتجنب معظمهم القول بأنها كتيبة، وذلك لأن عدد أفراد الكتيبة يصل إلى حوالى 600 فردًا من الجنود. أما لو تُرجمت على أنهم من المساعدين لوصل العدد بين 500 و 1000 من المساعدين.
      فهل من المعقول أن يصطحب يهوذا جيشًا به أكثر من ألف من الجنود وحرس المعبد وغيرهم للقبض على رجل واحد؟ مبالغ فيه جدًا!! ألا يدل اختلافهم وتعديلهم لكلمة كتيبة على عدم اقتناعهم بحجم هذا العدد، ومحاولتهم تقليصه إلى عدد أقل؟ ثم ما حكمة الرومان وهدفهم أن يرسلوا هذا الجيش مع يهوذا؟ لو كان يسوع يمثل خطرًا عليه لأحكموا قبضتهم عليه هو وتلاميذه، حيث خطورة يسوع ليست فيه بمفرده، ولكنها بجماعته، وهذا لم يحدث. لقد أنقذهم الرب فى الوقت المناسب، وترك ابنه الوحيد الذى به سُرَّ، يلقى الذل والهوان على أيدى الرومان واليهود!!
      وكل هذا على الرغم من قول الرب من قبل: (9لأَنَّكَ قُلْتَ: [أَنْتَ يَا رَبُّ مَلْجَإِي]. جَعَلْتَ الْعَلِيَّ مَسْكَنَكَ 10لاَ يُلاَقِيكَ شَرٌّ وَلاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ. 11لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ فِي كُلِّ طُرْقِكَ. 12عَلَى الأَيْدِي يَحْمِلُونَكَ لِئَلاَّ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. 13عَلَى الأَسَدِ وَالصِّلِّ تَطَأُ. الشِّبْلَ وَالثُّعْبَانَ تَدُوسُ. 14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزمور 91: 9-16
      فهل أنقذ الرب يسوع ولم يدعه يُصلب؟ أم حنث الرب فى وعده وتركه يُصلب ولم يريه خلاصه، على الرغم من أنه عرف اسمه؟ هل أرسل ملائكته له لكى يحفظونه فى كل طرقه؟ أم اكتفى بأن أرسل له ملاكًا واحدًا يواسيه ويقنعه أن يُصلب ويلقى الهوان، وينسى ما وعده به الرب؟
      لقد أنقذ الله يسوع ورفعه إليه دون أن يلقى الموت أو الهوان، ولو كنت مسيحيًا لفرحت بهذا أيما فرح، وهذا باعتراف العهد الجديد نفسه، ولن أتكلم عن الأناجيل التى كتبت بين القرن الأول والثانى وأقرت أن يسوع لم يُصلب، ومنها إنجيل برنابا وإنجيل يهوذا الإسخريوطى.
      لقد علمنا أن يسوع كان يتضرع لله أن يُذهب عنه كأس الموت والهوان الذى ينتظره على يد أعدائه: (37ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَابْنَيْ زَبْدِي وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ. 38فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ. امْكُثُوا هَهُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي». 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ».) متى 26: 37-39
      (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
      وقد رجى يسوع الله أن ينجيه من هذه الساعة، فقال: (... أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ.) يوحنا 12: 27
      كما علم يسوع وتلاميذه، وأعلم كل المحيطين به فى مواقف عدة أن الله يستجيب له فى كل وقت، لأنه يعمل دائمًا على مرضاته: (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. ...) يوحنا 11: 41-42
      (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 29
      فهل استجاب الله له ونجَّاه أم تخلى عنه، ولم يستجب له، وتركه يُصلب؟
      إن الرسالة إلى العبرانيين 5: 7 تُجزم أن يسوع لم يُصلب، وأن الله تعالى استجاب لدعاء عبده البار من أجل تقواه، وكما وعد مسبقًا بإنقاذ عباده المؤمنين، ورفعه فلم يذق إهانة أو تهزىء أو موتًا على الأرض: (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ.)
      فكيف تقوم ديانة بأكملها على شىء لم يحدث؟ إن بولس مازال مصرًا ألا يعرف شيئًا عن يسوع أو تعاليمه، ولا يريد إلا أن يعرف يسوع المصلوب: (2لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً)كورنثوس الأولى 2: 2
      وأن أساس دينه هو الصلب والفداء، فإن بطُلَ الصلب إنهار الدين بأكمله: (14وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ) كورنثوس الأولى 15: 14
      س130- كم عدد الموتى من عابدى الأوثان زمن موسى؟
      موسى: العدد 25: 9 (9وَكَانَ الذِينَ مَاتُوا بِالوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلفاً.)
      بولس: كورنثوس الأولى 10: 7-8 (7فَلاَ تَكُونُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ كَمَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «جَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ». 8وَلاَ نَزْنِ كَمَا زَنَى أُنَاسٌ مِنْهُمْ فَسَقَطَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً.)
      س131- إن ابن الإنسان إشارة فى العهد القديم والعهد الجديد على المسِّيِّا، النبى الملك، الحاكم، القاضى، المحارب، الذى سيخلص بنى إسرائيل والعالم كله من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. وعلى الرغم من نفى يسوع عن نفسه المسِّيِّانية، إلا أن أهل العهد الجديد ينسبونه له قسرًا. فقد رأينا أنه ذكر أن المسِّيّا لن يكون من نسل داود، وأعلن لليهود أن ملكوت الله أى شريعته سوف تُنزع منهم، وتُعطى لأمة أخرى تعمل أثماره: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ») متى 21: 42-44
      وتكلم عنه بصيغة الغائب: (وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
      بل إن يسوع نفسه كان آخر أنبياء بنى إسرائيل، حيث جفف شجرة النبوة، بتجفيفه شجرة التين، التى ترمز لبنى إسرائيل: (18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ. 20فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذَلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟») متى 21: 18-19
      وفى حديث له تكلم عن إنقاذ الله تعالى له من الموت والعذاب والإهانة على يد اليهود، فقال: (32وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ». 33قَالَ هَذَا مُشِيراً إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يَمُوتَ.) يوحنا 12: 32-33
      لاحظ أنه تكلم عن رفع الله تعالى له، ولم يذكر كلمة ابن الإنسان.
      وفى النص الذى يليه ألحق به السامعون أنه ابن الإنسان جهلا، وتعجبوا كيف سيرفع، وهم يعلمون أن المسِّيِّا سيبقى معهم إلى الأبد! وهم هنا قد أساءوا الفهم عن عمد، إذ المقصود شريعته ستبقى إلى الأبد، ولا ناسخ لها. فهذا فهمهم هم. ولكنه أكد لهم أن النور (هو وتعاليمه) معهم مدة قليلة. ومعنى هذا أنه نفى عن نفسه المسِّيِّانية، لأن المسِّيِّا (النور الباقى للأبد) سيبقى معهم إلى الأبد: (34فَأَجَابَهُ الْجَمْعُ: «نَحْنُ سَمِعْنَا مِنَ النَّامُوسِ أَنَّ الْمَسِيحَ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَفِعَ ابْنُ الإِنْسَانِ؟ مَنْ هُوَ هَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» 35فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «النُّورُ مَعَكُمْ زَمَاناً قَلِيلاً بَعْدُ فَسِيرُوا مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ لِئَلَّا يُدْرِكَكُمُ الظّلاَمُ. وَالَّذِي يَسِيرُ فِي الظّلاَمِ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَذْهَبُ. 36مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ آمِنُوا بِالنُّورِ لِتَصِيرُوا أَبْنَاءَ النُّورِ». تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا ثُمَّ مَضَى وَاخْتَفَى عَنْهُمْ.) يوحنا 12: 34-36
      س132- يقول يوحنا 16: 29-30 (29قَالَ لَهُ تلاَمِيذُهُ: «هُوَذَا الآنَ تَتَكَلَّمُ علاَنِيَةً وَلَسْتَ تَقُولُ مَثَلاً وَاحِداً! 30اَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَلَسْتَ تَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَكَ أَحَدٌ. لِهَذَا نُؤْمِنُ أَنَّكَ مِنَ اللَّهِ خَرَجْتَ».)
      اقرأ هذه الفقرة مرة أخرى! ثم اقرأ اعتراف يسوع نفسه عندما سأل يسوع رئيس الكهنة أنه لم يتكلم أبدًا فى الخفاء، ولكنه كان يعلم كل الناس علانية: (20أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ.) يوحنا 18: 20
      كيف يقولون إنه يتكلم فقط الآن علانية؟ فهل أرادوا إثبات تهمة التعليم فى الخفاء عليه، وأنه له تعاليم سرية؟ وهل كان يتكلم من قبل فى السر؟
      ومعنى قولهم (هُوَذَا الآنَ تَتَكَلَّمُ علاَنِيَةً وَلَسْتَ تَقُولُ مَثَلاً وَاحِداً!) أنه كان يقول أمثاله فى الخفاء، وهذا لم يحدث. أو أنهم لم يكونوا يفهمون أمثاله بالمرة. وهذا أفصحت عنه بعض المواضع فى الأناجيل، منها:
      ولم يفهموا مثل الزوان: (36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ».) متى 13: 36
      (27وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ.) يوحنا 8: 27
      (6هَذَا الْمَثَلُ قَالَهُ لَهُمْ يَسُوعُ وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا هُوَ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ.) يوحنا 10: 6
      وأقر بطرس أنه والتلاميذ لا يفهمونه: (15فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هَذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟) متى 15: 15-16
      (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
      وتضجَّر منهم ووصفهم بالإلتواء وعدم الإيمان: (16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 16-21
      ومعنى ذلك إما اختارهم يسوع أغبياء، لا يمكنهم حمل لواء الدعوة من بعده، وعلى ذلك لا يُعتد بكتاباتهم – إن وجدت – أو كتابات من تعلم على أيديهم. كما ينفى هذا عنه الألوهية، لأن هذا نقص وسوء تقدير منه ينفى عنه الألوهية، بل والنبوة أيضًا.
      أو أنهم كفروا بدعوته وتعاليمه، وادعوا الغباء وعدم الفهم. وفى هذه الحالة لا يُعتد أيضًا بكتاباتهم – إن وجدت – أو كتابات من تعلم على أيديهم. وهذا ينفى عنه الألوهية لعدم علمه بكفرهم، واستمرارهم تلاميذ له. أو يثبت تعمده إضلال البشر عامدًا متعمدًا، بسبب سوء اختياره لتلاميذ أغبياء لا يفهمونه.
      وإما كان هو معلم فاشل، يتعمد الكلام بأسلوب يصعب على صيادى السمك فهمه، الأمر الذى سيترتب عليه فيما بعد إضلالهم لتلاميذهم، وهلم جرًا. ومثل هذه التصرفات لا يليق أن تُنسب لله تعالى. الأمر الذى ينفى عنه أيضًا الألوهية.
      أما قولهم (30اَلآنَ نَعْلَمُ أَنَّكَ عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَلَسْتَ تَحْتَاجُ أَنْ يَسْأَلَكَ أَحَدٌ. لِهَذَا نُؤْمِنُ أَنَّكَ مِنَ اللَّهِ خَرَجْتَ) يوحنا 16: 30
      فلا أرى فيه إلا التناقض. فنحن نحتاج النبى أو العلم بكل شىء لنستزيد منه علمًا، فكيف لا يحتاج أن يسأله أحد. اللهم إلا إذا كانوا يعنون أنه لا يحتاج أن يسأله أحد أن يثبت لهم نبوته، وأنه رسول الله تعالى إليهم، وهذا مصداقًا لقولهم بعدها (لِهَذَا نُؤْمِنُ أَنَّكَ مِنَ اللَّهِ خَرَجْتَ)، ومصداقًا لقول يسوع لله تعالى قبل أن يقوم بمعجزة إحياء لعازار بإذن الله أمام جموع الناس، إن هذه المعجزة الغرض منها إثبات نبوته لله تعالى وأنه عبد الله ورسوله: (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».) يوحنا 11: 41-42
      س133- اتفقت الأناجيل المتوافقة على أن يسوع كان يتضرع إلى الله تعالى أن يُذهب عنه كأس الموت، وينقذه من هذه الساعة فى ضيعة جَثْسَيْمَانِي (متى 26: 36-46، مرقس 14: 32-42)، بينما قال لوقا إن هذا تم فى جبل الزيتون (لوقا 22: 39-46)، مع الأخذ فى الاعتبار أن اسم هذه الضيعة لم يُذكر عند يوحنا أو لوقا مطلقًا، وقال يوحنا إنهم كانوا فى أورشليم (يوحنا 12: 12-29).
      واختلفت أيضًا صيغة الصلاة، كما اختلف رد فعل إلهه تجاه يسوع، كما اختلف رد فعل يسوع فى تقبل الموت كالآتى:
      فعند يوحنا طلب يسوع من الله تعالى أن ينجيه من هذه الساعة، ويمجِّد يسوع، ويُمجِّد اسمه، وجاء رد من السماء أن الله مجَّد، وسوف يُمجِّد. وقد كان يسوع رابط الجأش، واستمر بعدها فى دعوته وتعليمه للتلاميذ.: (27اَلآنَ نَفْسِي قَدِ اضْطَرَبَتْ. وَمَاذَا أَقُولُ؟ أَيُّهَا الآبُ نَجِّنِي مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ. 28أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ وَأُمَجِّدُ أَيْضاً». 29فَالْجَمْعُ الَّذِي كَانَ وَاقِفاً وَسَمِعَ قَالَ: «قَدْ حَدَثَ رَعْدٌ». وَآخَرُونَ قَالُوا: «قَدْ كَلَّمَهُ ملاَكٌ».) يوحنا 12: 27-29
      اختلفت صيغة الصلاة عند يوحنا عن صلاة يسوع لينقذه الله عند الأناجيل الثلاثة الأخرى. وبينما كان يسوع رابط الجأش، واثق من إنقاذ الله له، واستجاب الله له فورًا، تجده خائر القوى عند الأناجيل الأخرى، وبالغ لوقا فأنزل له ملاكًا من السماء ليقويه، واتفق متى مع مرقس فى أن يسوع كان حزينًا جدًا حتى الموت، ومكتئب، وأخذ يرجوا تلاميذه أن يُصلوا، وأن يسهروا معه ليعضدوه نفسيًا على الأقل، إلا أن أعينهم كانت ثقيلة، وناموا، وهو الأمر الذى لم يعجب لوقا، حيث أظهرا التلاميذ باللامبالاة بمعلمهم، وبرودة الشعور تجاهه. فغيرها إلى أنهم ناموا من الحزن، الأمر الذى يستحيل طبيًا وعلميًا أو حتى واقعيًا. إذ أن الحزن والخوف يطردان النوم، الذى يحتاج إلى الهدوء النفسى والسكينة والاطمئنان. وعلى ذلك فقصة النوم من الحزن هى قصة مخترعة ذات عناصر أسطورية، كما يصفها رودولف بولتمان. بل يصف هانس كونتسلمان وأندرياس لينديمان القصة بأكملها أنها قصة خرافية، وهو ما توصل إليه أيضًا الدكتور جيرد لوديمان: (36حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ». 37ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَابْنَيْ زَبْدِي وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ. 38فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ. امْكُثُوا هَهُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي». 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». 40ثُمَّ جَاءَ إِلَى التَّلاَمِيذِ فَوَجَدَهُمْ نِيَاماً فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «أَهَكَذَا مَا قَدَرْتُمْ أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً؟ 41اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ». 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». 43ثُمَّ جَاءَ فَوَجَدَهُمْ أَيْضاً نِيَاماً إِذْ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ثَقِيلَةً. 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضاً وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذَلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ. 45ثُمَّ جَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا. هُوَذَا السَّاعَةُ قَدِ اقْتَرَبَتْ وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ. 46قُومُوا نَنْطَلِقْ. هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُنِي قَدِ اقْتَرَبَ».) متى 26: 36-46 ومرقس 14: 32-42
      (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. 45ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ فَوَجَدَهُمْ نِيَاماً مِنَ الْحُزْنِ. 46فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ».) لوقا 22: 41-46
      ولو تم القبض بعدها مباشرة على يسوع، لكان تم اعتقاله فى هذه الضيعة، بينما استمر فى الدعوة والتعليم عند يوحنا، وكان وقتها فى أورشليم. وتم القبض عليه فيما بعد، ودون ذكر للصلاة ونوم تلاميذه وحالته النفسية السيئة، فى الضيعة الواقعة فى وادى قدرون، وهى لصيقة به، كما يقولون.
      ولو أخذنا بما اتفقت عليه الأناجيل المتوافقة من بكاء يسوع وضعفه وانهياره وبكائه، حتى نزل ملاك من السماء يقويه لتساءلنا:هل فقد الثقة بالله؟ أم ضاع إيمانه؟ أم لم يحدث أن استجاب له الرب مباشرة وسمع الصوت القادم من السماء مع تلاميذه؟ فلو حدث هذا لكان عليه أن يثق فى قدرة الله تعالى على إنقاذه ونصره! أم أراد كتبة الأناجيل نزع الإيمان عنه، وإظهاره بمظهر فاقد الثقة بالله، الأمر الذى ينفى عنه النبوة!
      ألم يقل إن الله يستجيب له دائمًا لأنه كان يعمل دائمًا على مرضاته؟ (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. ...) يوحنا 11: 41-42
      (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 29
      مرة أخرى: لقد تقبل يسوع أمر الموت صلبًا عند الأناجيل المتشابهة بحالة من الذعر والهلع، فكان يصلى بأشد لجاجة طالبًا من الله أن ينقذه من كأس الموت هذه، ولم يستجب له الله وتركه يُصلب. بينما لا توجد مثل هذه الصلاة فى إنجيل يوحنا، ولكن دعاء إلى الله واستجاب الله له، ولم يدعه يُصلب كما جاء على لسان يسوع نفسه:
      لقد أعلم يسوع أن تعاليمه ليست نابعة منه شخصيًا، بل هى تعاليم الله له، وأمره أن يبلغها لهم: (تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 7: 16
      فعندما سمع الفريسيين يتناجون ليمسكوه: (33فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً يَسِيراً بَعْدُ ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي. 34سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا».) يوحنا 7: 33-34
      وكررها عليهم مرة أخرى: (21قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا» 22فَقَالَ الْيَهُودُ: «أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ: حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟» 23فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. 24فَقُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». 25فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضاً بِهِ. 26إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ».) يوحنا 8: 21-26
      وبطبيعة الحال أضاف الكاتب فهم التلاميذ بعدها، أن يسوع كان يتكلم عن الآب. فهو مايزال يُصر على إظهار التلاميذ بمظهر الأغبياء، على الرغم من قول يسوع عنهم إنهم نور العالم ملح الأرض (متى 5: 13-16)
      فإذا ما صدقنا الأناجيل المتشابهة لكان يسوع قد قضى تلك الليلة فى أكبر خيبة أمل، ويكون قبل موته قد فقد الثقة فى الله، أو أنه أستسلم لأمر الله، بعد أن خاب ظنه فيه وفى تقبله لدعائه. الأمر الذى يخرجه من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر، حيث لا ييأس من روح الله إلا الكافرون. وخيبة الأمل هذه فى عدم تقبل الله لدعائه أو وعده له بإنقاذه، أو فى إمكانية أن يقف بجواره أى من تلاميذه أو محبوه، سواء من المرضى الذين قام بإبرائهم بإذن الله، نلمسه فى قوله لهم (38فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ. امْكُثُوا هَهُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي».) متى 26: 38، مرقس 14: 34
      وعلى الرغم من قوله لهم إنه حزين، وإفصاحه عن خوفه، وطلبه مساندتهم، ولو معنويًا، تخلوا عنه. إن كاتب هذه الرواية ليطعن فى حب وتبعية التلاميذ ليسوع. إنه يريد أن يفهمنا أنهم كانوا يؤمنون أن هذا ما استحقه يسوع، ولم يكن يستحق أدنى اهتمام به وبحياته، لذلك قابلوه باللامبالاة، كما لو كان شيئًا نكرة فى حياتهم، أو يتمنون الخلاص منه بفارغ الصبر.
      وبينما يطلب يسوع من الله أن يعبر عنه كأس الموت فى مرقس ومتى ولوقا، تجده عند يوحنا يسلم أمره لله راضيًا سعيدًا قائلا: (الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ ألاَ أَشْرَبُهَا؟) يوحنا 18: 10
      ولو كانت هذه القصة بخلاف ما قاله عنها بعض العلماء من أنها قصة أسطورية، لم تحدث، فقد علم يسوع إذن أنه لا فرق بين تلاميذه وأعدائه، وأن هؤلاء التلاميذ لا يُعتمد عليهم فى أى موقف، فكيف مازال يثق بيوحنا ويعهد إليه برعاية أمه؟ فقد قال له على الصليب: («هُوَذَا أُمُّكَ») يوحنا 19: 27
      فهل لم يتعلم يسوع من الدرس؟ وهل لم يتمكن كإله من معرفة موقفهم قبل هذه اللحظات؟ أم أنه فقد عقله فى تلك اللحظات ونسى كل ما تعلمه وعرفه عنهم؟
      ثم ما الذى كان يقوله يسوع فى صلاته لله غير هذا الدعاء المأثور؟ لم تخبرنا الأناجيل به. حذفوه لعلمهم أن يسوع كان يهوديًا (؟) من بنى إسرائيل، وكانت صلاته مثل صلاة اليهود. أم إنهم حذفوها ليتسنى لهم تأليه يسوع، وتحويلهم إلى فرقًا متنازعة، يقتل بعضهم بعضًا؟ أم حذفوها لأنها تثبت أنه كان عبد الله ورسوله؟
      لكن تُحمد طبعة الكاثوليك اليسوعية والطبعات الأوربية التى تكتب صراحة أن يسوع كان عبدًا لله: فتقول الترجمة الكاثوليكية اليسوعية (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه، ) أعمال الرسل 3: 13
      (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) أعمال الرسل 3: 26
      (27تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه،) أعمال الرسل 4: 27
      13Der Gott Abrahams, Isaaks und Jakobs, der Gott unserer Vنter, hat seinen Knecht Jesus verherrlicht, den ihr verraten und vor Pilatus verleugnet habt, obwohl dieser entschieden hatte, ihn freizulassen. (Einheitsübersetzung, Elberfelder 1871, Elberfelder 1905, Luther 1912) وأكتفى بهذا من التراجم الألمانية
      The God of Abraham, and of Isaac, and of Jacob, the God of our fathers, hath glorified his Servant Jesus; whom ye delivered up, and denied before the face of Pilate, when he had determined to release him. (ASV, AMP, CEV, NKJV, NRSV)
      وهناك من ترجمها إلى ابنه، ثم عدلها فى ترجمته الحديثة، كما فعلت ترجمة الملك جيمس KJV ، والملك جيمس للقرن الواحد والعشرين KJ21. ، وغيرتها فى NKJV إلى عبده. ومنهم من كتب الاثنين AMP، وعلق فى الهامش أن الكلمة تحتمل المعنيين.
      لمن كان يبكى يسوع لكى يحفظه ويعبر عنه كأس الموت؟ لمن كان يصلى يسوع؟ فهل من الممكن أن يسجد أحد الأقانيم أو يتعبد لأقنوم آخر؟ وهل من الممكن أن يكون أحد الأقانيم الثلاثة المتحدة إلهًا لباقى الأقانيم؟ ولمن طالبهم أن يصلوا؟ فهل كانوا سيصلون لنفس الإله الذى كانوا يتعبدون باسمه، ويصلون له فى المعبد؟ فلو كان هذا صحيح، فهو لم يخبرهم أنه إله، ولم يطلب منهم العمل لمرضاته، أو الصلاة لأجله. فهو إذن ليس بإله، وأن تأليهه لاحق على دينه، حدث فيما بعد فى مجامع تصنيع الآلهة أو غيرها. أو نسى أن يخبرهم، فالنسيان لا يليق فى حق الله، الأمر الذى ينفى عنه الألوهية.
      ألا يدل بكاء يسوع لله وتضرعه له، على أنه ليس الله، وأن العزيز الذى لا يُهزم هو غيره، وأن الناصر القادر هو آخر غيره، الذى يشهد له بتقواه: (31«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً. 32الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ.) يوحنا 5: 31-32
      ألا تدل صلاة يسوع على أنه عبد لله، الذى كان يصلى له؟
      ألا يدل على خذلان تلاميذه له، على أنهم باعوه، ولم يهتموا لأمره؟ أم يدل على أن كاتب هذه الكتب من أعداء يسوع وأراد تشويه صورته، وإظهار أنه لم يهتم به أحد، حتى تلاميذه، لم يكن يهمهم أن يقبض عليه أو حتى يُعدم؟ فوقت احتياجه لهم نفسيًا ومعنويًا كانوا نيام، ووقت أن احتاجهم ليخلصوه من براثن أعدائه هربوا، بل أنكره بطرس.
      هل سمعت من قبل عن إله خائر القوى، محطمًا نفسيًا، يرجوا عبيده أن يصلوا من أجله أو من أجل أنفسهم، وأن يظلوا مستيقظين لتدعيمه نفسيًا؟
      من الذى أرسل الملاك إلى يسوع ليواسيه؟ فلو أرسله الله تعالى، لكتن يسوع من عباد الله. أو قلنا إنكم تعددون الآلهة، وأن يسوع إله مع الله، حيث لابد أن تكون الأقانيم قد انفصلت، فكان أحدهم خائر القوى، وكان الآخر رابط الجأش، يقوى الأول ويعضده. ولو نزل الملاك من نفسه ليواسى إلهه، لكانت كارثة أن الإله نفسه يحتاج لمن يواسيه، ويدفع عنه الأذى النفسى والمعنوى، وكارثة أكبر أن لا يجد يسوع من يقف بجواره فى العلم العلوى أو الأرضى إلا ملاك واحد، وفى هذه الحالة يكون كل جند السماء والأرض قد تخلوا عنه.
      س134- إن اليهودى التقى الورع ليتخذ من العهد القديم قاعدة ينطلق منها فى فهم مراد الرب منه، ويسير عليها فى حياته. ولم يكن يسوع بدعًا من ذلك، ولم يختلف (؟) عما كان عليه هذا اليهودى التقى فى حياته. كذلك كان تلاميذه المقربون. فقد كانت وجهتهم دائمًا التوراة فى المسائل الدينية. وبالطبع لم يكن هناك ما يُسمَّى اليوم بالعهد الجديد. وربما كتب بعض تلاميذه بعضًا من تعاليم هذا الرِّبىّ التى كان يلقيها على مسامع مريديه. ولو فرض أن مثل هذه النصوص كانت موجودة بالفعل، فقد فقدت كلها، ولم يتبق منها شىء.
      لقد تمسَّكَ عيسى  بالناموس وبكتب الأنبياء فى كل مواقفه، وتبعه تلاميذه فى ذلك، ولم يكن لهم مكان مخصّص للعبادة غير الهيكل الذى كان يدرِّس فيه كل الأنبياء قبله. بل أنبأ مستمعيه أن يتمسّكوا به ولا يتركون منه حرفًا واحدًا ، فقال: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
      وأخبرهم أن موسى  هو الذى سيتبرأ منهم ويشكوهم لله تعالى، لأنهم شعبه الذى جاءهم بالكتاب، فإن كانوا لا يؤمنون بكتب موسى، فكيف سيصدقونه وهو التابع له ولما جاء به؟ أى لو كانوا يصدقون موسى والتوراة، لكانوا صدقوه أيضًا، الأمر الذى يشير إلى أنه لم يأت بجديد غير الذى فى التوراة! وهذا أكبر دليل على أنه كان يتبع تعاليم التوراة المنزلة على موسى عليهما السلام. (45«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي أَشْكُوكُمْ إِلَى الآبِ. يُوجَدُ الَّذِي يَشْكُوكُمْ وَهُوَ مُوسَى الَّذِي عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ. 46لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي. 47فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كلاَمِي؟».) يوحنا 5: 45-47
      بل جاء مؤيدًا كتب الأنبياء والناموس وقد طبَّقَ ذلك فى تعاليمه ، فكان يذكر تأييد كلامه من أقوال الناموس والأنبياء، فقال: (13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا.) متى 11: 13
      وقال: (12فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ لأَنَّ هَذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.) متى 7: 12
      وقد سأله أحد أتباع الناموس الغيورين عليه ليجربه قائلا: (36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 36-40
      بل هاجم الكتبة والفريسيين دفاعًا عن الناموس ، فقال: (23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ.) متى 23: 23
      وتمسَّكَ هو نفسه بتعاليم موسى، فقال لمن شفاه بإذن الله: (3فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدَّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ») متى 8: 3-4 ، راجع أيضاً مرقس 1: 40-44
      وأيَّد يعقوب تعاليمه فقال: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
      وأكَّد كاتب الرسالة إلى العبرانيين الناموس فقال: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
      وقال سفر الأمثال: («لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا. 5اِقْتَنِ الْحِكْمَةَ. اقْتَنِ الْفَهْمَ. لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي.) أمثال 4: 4-5
      وقال: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيماً صَالِحاً فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
      وقال: (20يَا ابْنِي أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذْنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. 22لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ.) الأمثال 4: 20-22
      وقال (30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا!) مزمور 18: 30-31
      وقال: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيماً. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 7-10
      وقال الرب إن وصيته تلزم أتباعه إلى ألف جيل: (9فَاعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكُمْ هُوَ اللهُ ، الإِلَهُ الأَمِينُ الْوَفِيُّ بِالْعَهْدِ وَالإِحْسَانِ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ إِلَى أَلْفِ جِيلٍ.) تثنية 7: 9، فهل تغيير الناموس فيه وفاء بعهد الله؟
      ولعن الرب من يعرض عن هذا الناموس وكلامه: (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
      ولعنه أيضًا فقال: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
      وأعلن الرب غضبه على من يعرض عن شريعته التى أنزلها على موسى، واتبعها كل الأنبياء، فقال: (12بَلْ جَعَلُوا قَلْبَهُمْ مَاساً لِئَلاَّ يَسْمَعُوا الشَّرِيعَةَ وَالْكَلاَمَ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّ الْجُنُودِ بِرُوحِهِ عَنْ يَدِ الأَنْبِيَاءِ الأَوَّلِينَ. فَجَاءَ غَضَبٌ عَظِيمٌ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْجُنُودِ.) زكريا 7: 12
      وعلى ذلك علينا أن نتساءل أين الإنجيل الذى تركه يسوع للتلاميذ وسلمه للرسل، وكان مصدِّقًا لما بين يديه من التوراة، كما أخبرنا القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير فى كتابه (الوحى الإلهى وإستحالة تحريف الكتاب المقدس) ص97-98 ؟: إن القديس اكليمندس الرومانى (30-100م) الذى كان أسقفاً لروما وأحد تلاميذ ومساعدى القديس بولس قد «أشار فى رسالته التى أرسلها إلى كورنثوس ، والتى كتبها حوالى سنة 96م ، إلى تسليم السيد المسيح الإنجيل للرسل ومنحه السلطان الرسولى لهم فقال "تسلم الرسل الإنجيل لنا من الرب يسوع المسيح ، ويسوع المسيح أرسل من الله.....».

      تعليق

      • abubakr_3
        مشرف عام

        • 15 يون, 2006
        • 849
        • مسلم

        #18
        س135- ينتشر معنى كلمة "إنجيل" على أنها البشارة السارة، والخبر المفرح، انتشار النار فى الهشيم. ويعنون بهذه البشارة المفرحة (موت الإله تكفيرًا لخطاياهم، ومغفرة للخطيئة الأولى التى ارتكبتها حواء). فلك أن تتخيل أن موت إله المحبة والمغفرة والعطاء يكون خبر سار، وبشارة مفرحة. وهذا على الرغم أن يسوع فى حياته لم يتكلم عن خطيئة حواء وآدم، ولا عن غفران الذنوب بموت الإله.
        فلا يعرف مسيحى، ويكاد يتبعهم معظم المسلمين فى ذلك. ويقولون إنها مشتقة من الكلمة اليونانية (افاجليون). وتناسوا أن هذا ليس له علاقة بلغة يسوع نفسه الذى كان يتكلم الآرامية.
        لكن ما هى علاقة يسوع وتلاميذه باللغة اليونانية؟ وما هى الكلمة التى كان ينطق بها يسوع؟ فإن كانت قد ضاعت فلماذا تتحدثون عن حفظ الله لكتابكم، وقد ضاعت لغة معلمكم التى بها يتضح المراد، لأن الترجمة تغير من المعنى.
        وألا تعتقد أنها قمة الأنانية التى يضعها فيكم التقليد؟ أتقبل أن يُضحى غيرك، بل إلهك، واهب النعم لتنعم أنت بالخلاص؟ ولكن المسيحى أيضًا معذور فى هذا، فإلهه هو الذى لم يغفر، ورفض الصفح إلا بإراقة دم ابنه، وأن يكون ملعونًا، ويموت ميتة الملاعين من أجل أكل امرأة من الشجرة المحرمة عليها، فماذا يفعل إن كانت هذه إرادة الرب التى علمها لهم بطرس، اقتباسًا من الديانات الوثنية، ومخالفة لتعاليم الله الغفور الرحيم، الذى نهى بنى إسرائيل أن يأخذوا بهذا المبدأ أو يتقوَّلوا به على الله:
        فها هو يقول لموسى: (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
        وقال الرب لسليمان: (14فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.) أخبار الأيام الثاني 7: 14
        وقال الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30
        وقال الرب لحزقيال: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
        وقال الرب لحزقيال: (11قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ, بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. إِرْجِعُوا ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 12وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَقُلْ لِبَنِي شَعْبِكَ: إِنَّ بِرَّ الْبَارِّ لاَ يُنَجِّيهِ فِي يَوْمِ مَعْصِيَتِهِ, وَالشِّرِّيرُ لاَ يَعْثُرُ بِشَرِّهِ فِي يَوْمِ رُجُوعِهِ عَنْ شَرِّهِ. وَلاَ يَسْتَطِيعُ الْبَارُّ أَنْ يَحْيَا بِبِرِّهِ فِي يَوْمِ خَطِيئَتِهِ.13إِذَا قُلْتُ لِلْبَارِّ حَيَاةً تَحْيَا, فَـاتَّكَلَ هُوَ عَلَى بِرِّهِ وَأَثِمَ, فَبِرُّهُ كُلُّهُ لاَ يُذْكَرُ, بَلْ بِإِثْمِهِ الَّذِي فَعَلَهُ يَمُوتُ. 14وَإِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتاً تَمُوتُ! فَإِنْ رَجَعَ عَنْ خَطِيَّتِهِ وَعَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ, 15إِنْ رَدَّ الشِّرِّيرُ الرَّهْنَ وَعَوَّضَ عَنِ الْمُغْتَصَبِ وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِ الْحَيَاةِ بِلاَ عَمَلِ إِثْمٍ, فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 16كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً.) حزقيال 33 :11-16
        فالله يطلب منهم إذن التوبة من ذنوبهم ، لكى يُدخلهم جنات الخلد ، فالطريق إلى البر والخلود فى جنات النعيم هو إذن الإستقامة وليست الإيمان بالمصلوب من أجل ذنب آدم وحواء. ويطالبهم بالتوبة كما فعل آدم فأنقذته، وكان بذلك حكيمًا: (هي التي حفظت أول من جُبِلَ أبًّا للعالم لما خُلق وحده، وأنقذته من زلته وآتته قوة ليتسلط على الجميع) الحكمة 10: 1-2
        ونص سفر الحكمة يشير إلى توبة الله تعالى على آدم، فلم تُذكر عليه زلته، وآتته قوة يتسلط بها على الجميع. فأين هذا من أقوال بولس الذى ضرب بتعاليم يسوع والأنبياء من قبله عرض الحائط، وقرر من تلقاء نفسه: (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
        وقال الرب لداود: (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ)مزمور 62: 12
        وقال لأيوب: (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-13
        بل إن هناك أقوال تنسب لبولس يتبرأ فيها من الخطيئة الأزلية: (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.) غلاطية 6: 4-5
        وقال ليسوع: (8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. .. .. فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.) متى 3: 8-10
        وقال: (من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية)يوحنا 5: 24
        وقال: (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.) يوحنا 17: 3
        وقال لتلاميذه قبل الصلب المزعوم: (13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 13-16
        فلا يعرف يسوع تجسد ولا فداء من أجل خطيئة حواء، بل كل سيحاسب على قدر أعماله: (وحينئذ يحاسب كل إنسان على قدر أعماله) متى 16: 27
        فانتزع بولس من الله صفة الرحمة والمحبة، وجعلها لا تتم إلا بجريمة قتل يرفضها العقلاء والأمناء من الأمة: (18مَنْ هُوَ إِلَهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنْبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحْفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِـالرَّأْفَةِ. 19يَعُودُ يَرْحَمُنَا يَدُوسُ آثَامَنَا وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ.) ميخا 7: 18-19
        فالبداية إذن خاطئة!! فالإنجيل لا علاقة له بالخلاص الكفارى الذى يتحدثون عنه، لأنه لا وجود له فى الواقع، ولا علاقة لعيسى  بمثل هذه الخرافة. التى جعل البعض منها إلغاء للرسالة كلها، كما محو من قبل اسم الله واسم يسوع، ولم يتبق غير إنجيله. فهل يُعقل أن يقتلوا يسوع ويتركوا تعاليمه؟ فقال لوثر نقلا عن دائرة المعارف الكتابية مادة (إنجيل): «أما الإنجيل فهو تعليم كلمة الله الذى لا يطلب أعمالنا ولا يأمرنا بفعل أى شئ بل يعلن لنا النعمة الممنوحة لنا لغفران الخطايا والخلاص الأبدى فنحن هنا – فى الإنجيل – لا نفعل شيئا سوى أن نأخذ ما وهب لنا بالكلمة.» وقال ملانكثون عن نفس المرجع: «الإنجيل هو الوعد المجانى لغفران الخطايا من أجل المسيح.»
        والبشارة بهذا المفهوم لم يعلمها يسوع، ولم يَعلمها تلاميذه ولا أتباعه من النصارى الأول. ومثل هذه البشارة لا تحتاج لتعاليم. فهى تتلخص فى كملتين: آمن بتجسد يسوع، وأنه صلب ليتحمل الإثم عنك، تفوز بالحياة الأبدية. وهى عند العقلاء محبى الله تعالى ليست بشارة ولكنها فاجعة أن يموت من أحبه ويحبنى.
        ومع أهمية هذه الدعوة للإنجيل، وأنها هى يسوع نفسه يتملكك العجب أنك لا تجد لكلمة (إنجيل) وجود بالمرة عند متى ولوقا ويوحنا وأعمال الرسل. ولا تجد كلمة (إنجيلى) إلا فى ثلاث رسائل تُنسب لبولس، أى لا يعرفها كتبة الأناجيل متى أو مرقس أو لوقا أو يوحنا، ولا سفر أعمال الرسل الذى يحكى لنا أعمال التلاميذ. ولا تجد كلمة (الإنجيل) عند لوقا ويوحنا. وهذا يعنى أن لوقا ويوحنا لا يعرفون شيئًا عن رسالة يسوع، فلماذا كتبوا ما تسمونه أناجيل وتنسبونها لهم؟ ولو كان يوحنا هذا هو التلميذ الذى يحبه يسوع، ألا ترى أنه قد ضل وكتب ما هو ضد يسوع حيث لم يذكر لا كلمة إنجيل ولا كلمة ملكوت الله، التى هى لب رسالة يسوع؟ (يؤخذ فى الاعتبار أن البحث تم على نسخة الفاندايك).
        فإن كان يسوع أو أحد التلاميذ لا يعرفون الإنجيل بالمعنى الذى تشرحونه، فما هى إذن رسالة يسوع؟ لقد ضاعت كما ضاع اسمه واسم الله!!
        وإن كان لم يكتبها ولم يعرفها إلا مرقس، ونعلم أن متى ولوقا قد نقلا من مرقس وكان أحد مصادرهم الأساسية فى كتابة أناجيلهم، فلماذا تجنب الاثنان كلمة إنجيل التى وردت عند مرقس؟
        ويستوقفنا هنا قول يسوع: فى مرقس 8: 35 (35فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا.)، وتكررت نفس هذه الفكرة فى مرقس 10: 29 (29فَأَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً لأَجْلِي وَلأَجْلِ الإِنْجِيلِ)
        فإذا دققنا المعنى فى قول يسوع (مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإِنْجِيلِ)، نرى أن المعنى قد تضارب، إذ أن الواو تعنى الإضافة والمغايرة، فلا يمكن أن أقول أتى أحمد وعلى، ويكون الاثنان شخصًا واحدًا. وعلى ذلك فالإنجيل ليس يسوع، مخالفة لما قاله معجم اللاهوت الكتابى ص113، حيث لا يُعقل أن يكون الشخص المبشِّر هو نفس موضوع البشارة. يؤكد ذلك أن تعاليمه لم تتناول شيئًا عن حياته الخاصة ولا طفولته ولا شبابه،ولا علاقاته الأسرية أو مع الجيران. فلا نعرف شيئًا عن يسوع إلا نسبًا فرضوه عليه، وهو نسب يوسف النجار. ولا تُعرف من تعاليمه إلا البشارة بملكوت الله، وقرب قدوم إيليا الذى سيأتى بعده (متى 11: 14)، والتوبة من أجل مرضاة الله تعالى وحسن التعامل مع الآخرين بالمحبة والغفران.
        ويستوقفنا قول مرقس فى بداية كتابه: (1بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللَّهِ) مرقس 1: 1، فمرقس نفسه اعتبر أن ما يكتبه هو إنجيل أى كتاب، ونسبه ليسوع، فإذا كان معنى كلمة إنجيل كتاب عند أقدم إنجيل، فكيف قصر التقليد المعنى على يسوع وعلى الخبر السار؟ فهل فعلوا ذلك لأنهم أخفوا إنجيل عيسى الحقيقى، وجعلوه فى طى النسيان بسبب تعاليمه التى كانت تتعارض مع ممارستهم تقاليدهم؟
        (6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
        (الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟) أعمال الرسل 7: 53 فكيف لم يحفظوا الناموس ، إلا إذا أدخلوا تقاليدهم واستبدلوا بها تعاليم الله؟ (... أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟) رومية 3: 2-3
        وإذا كان يسوع لم يتكلم اليونانية، فما هى الكلمة الآرامية التى نطق بها؟ ألا يدل ضياع هذه الكلمة سواء عن عمد أو غيره على عدم حفظ الله تعالى لكتابه؟ وإذا كان الإنجيل ليس بكتاب، فلماذا يُدافعون عن هذا الكتاب الذى ما كتبه يسوع ولا رآه أو أقره؟
        ويستوقفنا أيضًا قول متى 26: 13 (13اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِهَذَا الإِنْجِيلِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ يُخْبَرْ أَيْضاً بِمَا فَعَلَتْهُ هَذِهِ تَذْكَاراً لَهَا».) وتكررت فى مرقس 14: 9، ألا يدل هذا على وجود كتاب قريب منه أشار إليه وكان يعنيه بالذات؟ لذلك غيرتها الترجمة اليسوعية والترجمة العربية المشتركة إلى كلمة (هذه البشارة)، لترفع عن الكنيسة ورجالها حرج السؤال عن هذا الإنجيل.
        ويستوقفنا أيضًا قول بولس فى تسالونيك الثانية 1: 8 (..... مُعْطِياً نَقْمَةً لِلَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ اللهَ وَالَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ)
        وقول بطرس فى رسالته الأولى 4: 17 (... فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟)
        فكيف يطيع المرء إنجيل الله، أو إنجيل يسوع إذا لم يكن هناك إنجيل مكتوب مادى يرجع الناس إليه عند اختلافهم؟
        ويستوقفنا أيضًا قول بولس فى كورنثوس الأولى 9: 23: (23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) فلو كان الإنجيل يعنى البشارة بالتجسد والصلب والفداء، فأين موقع بولس من هذه البشارة وما علاقته بالصلب والفداء؟ إن ما فعله بولس أصبح شريكًا بالفعل فى إنجيلكم أى فى كتابكم. فالإنجيل تعنى إذن الكتاب. وإنجيل الله تعنى كتاب الله الذى به تعاليمه من أوامر ونواهى، ووعد ووعيد.
        وقد أقلعت التراجم الحديثة عن كتابة كلمة الإنجيل واستبدلتها فى الكثير من المواضع بكلمة البشارة. وتترجمه التراجم الإنجليزية بكلمة Gospel
        وفى سابقة غير مسبوقة أغفلت ترجمة الفاندايك كلمة صحيفة أو إنجيل أو كتاب إبراهيم الأولى (سَبَقَ فَبَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ) وذلك فى غلاطية 3: 8 (8وَالْكِتَابُ إِذْ سَبَقَ فَرَأَى أَنَّ اللهَ بِالإِيمَانِ يُبَرِّرُ الأُمَمَ، سَبَقَ فَبَشَّرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ «فِيكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ الأُمَمِ».)
        والترجمة الإنجليزية ذكرتها فبشر الإنجيل مسبقًا إلى إبراهيم ، ومنهم من جعل (الإنجيل) البشارة السارة، وهى بالمفهوم المسيحى، الذى لا يعرف عنها العهد القديم ولا الأنبياء شيئًا. فلا تجسد ولا صلب ولا فداء ولا خطيئة أزلية يعرفها العهد القديم. وعلى ذلك إن ترجمتهم بالبشارة السارة لهو تدليس كبير على المسيحيين. وكلمة الكتاب تعنى الكتاب نفسه كتاب التوراة، أو تعنى محتواه كما يقول Thayer فى شرحه لمعنى كلمة Scripture برقم G1124.
        proclaimed the Gospel beforehand to Abraham, (ALT, ASV, EMTV, ESV, Geneva, (ISV, KJV, KJV+, KJV-1611, KJVA, KJVA, KJVR, LITV, MKJV, Webster)
        sent beforehand the Good News to Abraham, (CEV, BBE, Darby, Bishops, WNT, YLT)
        ومنهم من عرف حجم المشكلة، ووخزه ضميره أن يُحرف فى الترجمة، فحذفها وتغاضى عن ذكر البشارة والإنجيل معًا مثل:
        (DRB) told unto Abraham before
        (Murdock) he preannounced it to Abraham
        ومنهم من ترجم كلمة Gospel بالكتاب، مثلها مثل أول كلمة فى هذه الفقرة:
        (GW) Scripture saw ahead of time that God would give his approval to non-Jewish people who have faith. So Scripture announced the Good News to Abraham ahead of time when it said, "Through you all the people of the world will be blessed." غلاطية 3: 8
        وهو نفس المعنى الذى نريد أن نصل إليه أن الإنجيل كتاب وليست بشارة. ولو أردنا أن نجمع المعنيين سويًا كما فعلت التراجم لكان المعنى يُقصد بها الكتاب الذى يحتوى على التعاليم والبشرى السارة لمن يتبع هذه التعاليم.
        وكيف يكون عيسى هو المبشر به فى (التثنية 18: 15-18) والذى تعتبرونه موسى الثانى، ويكون أقل منه، فلا يكون صاحب شريعة وليس عنده كتاب؟
        وكيف تكون رسالة يسوع البشارة السارة بموته وصلبه عن خطيئة آدم وهو لم يذكر آدم مطلقًا فى الأناجيل المنسوبة إليه؟
        وكيف تكون رسالة يسوع البشارة بملكوت الله الذى تدعون أنه تحقق فى شخصه، ولم يعرف بولس أو يوحنا أو يعقوب أو بطرس شيئًا يُذكر عن هذا الملكوت أو عن أمثاله التعليمية التى ضربها له؟
        وكيف يقول عيسى  أنه لم يأت لينقض الناموس أو الأنبياء (متى 5: 17)، وتنقضونها أنتم بقولكم إن رسالته تعنى خبر تجسده وموته الكفارى؟
        ويستوقفنا أيضًا قول سفر العبرانيين 4: 2 (2لأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضاً قَدْ بُشِّرْنَا كَمَا أُولَئِكَ، .....) فهل هى بشارة أو فعل بُشِّرنا فى اليونانية؟ إن الكلمة المستخدمة هى الكلمة التى يترجمونها (الإنجيل)، ومعنى ذلك أنهم يسمون العهد القديم إنجيلاً كما يسمون الرسالة التى وصلتهم. فهى إذن كتاب الله الذى أوحى إليهم.
        For we also have had the Gospel proclaimed [to us], even as they (ALT)
        And, truly, the good news came to us, even as it did to them; (BBE)
        For unto us was the gospel preached, as well as unto them (KJV, KJV +, KJV 1611, KJVR, MKJV,)
        For, indeed, we have had the gospel preached to us, even as they also (LITV)
        ويستوقفنا أيضًا نص كلام مرقس 1: 14-15 (14وَبَعْدَ مَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللَّهِ 15وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ».)
        فلماذا اختلفت الكلمتان فى الترجمة العربية إذا كانتا تحملان نفس الكلمة فى اليونانية؟ لماذا ترجموا الأولى (بِشَارَةِ) والثانية (الإِنْجِيلِ)؟ فتقول ترجمة KJV:
        Mar 1:14 Now1161 after3326 that John2491 was put in prison,3860 Jesus2424 came2064 into1519 Galilee,1056 preaching2784 the3588 gospel2098 of the3588 kingdom932 of God,2316
        Mar 1:15 And2532 saying,3004 The3588 time2540 is fulfilled,4137 and2532 the3588 kingdom932 of God2316 is at hand:1448 repent3340 ye, and2532 believe4100 the3588 gospel.2098
        والغريب أن ترجمة الفقرة 14 التى يقولون إنها (بشارة ملكوت الله) تترجم فى أناجيل أخرى (إنجيل الله)، وتلافى البعض هذا المأزق فترجموها بشارة الله السارة:
        (ESV, ASV, NASB, RSV, ) Now after John was arrested, Jesus came into Galilee, proclaiming the gospel of God
        (Einheitsübersetzung) 14 Nachdem man Johannes ins Gefنngnis geworfen hatte, ging Jesus wieder nach Galilنa; er verkündete das Evangelium Gottes
        (WNT) Then, after John had been thrown into prison, Jesus came into Galilee proclaiming God's Good News.
        (GW, Basic Eng., TNIV eng., ) After John had been put in prison, Jesus went to Galilee and told people the Good News of God.
        والكلمة المستعملة بمعنى إنجيل فى الفقرة 14 و15 تحت رقم G2098 هى εὐαγγέλιον euaggelion وتعنى كتاب، على التلاميذ أن ينشروا تعاليمه التى سمعوها وتعلموها من يسوع. وهذه التعاليم ليس بها شىء عن الخطيئة والفداء أو التجسد، وكل ما هناك استنتاجات قامت بها الكنيسة انتقاءً لبعض التقاليد. ويؤكد ما ذهبت إليه من أن الإنجيل كتاب يُقرأ على الناس، وعليهم اتباع تعاليمه قول بطرس فى سفر الأعمال (7فَبَعْدَ مَا حَصَلَتْ مُبَاحَثَةٌ كَثِيرَةٌ قَامَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنْذُ أَيَّامٍ قَدِيمَةٍ اخْتَارَ اللهُ بَيْنَنَا أَنَّهُ بِفَمِي يَسْمَعُ الْأُمَمُ كَلِمَةَ الإِنْجِيلِ وَيُؤْمِنُونَ.) أعمال الرسل 15: 7
        فهل تعلم أن يوحنا ولوقا لا يعلمان شيئًا عن هذا الإنجيل، ولم تُذكر كلمة εὐαγγέλιον عندهم مرة واحدة؟
        فهل تعتقد عزيزى المسيحى الباحث عن الحق أن إنجيل يسوع (مرقس 1: 1) أو إنجيل المسيح (غلاطية 1: 7) يختلف فى الشكل والمضمون عن تعاليم موسى عليهما السلام، ولا يحتوى إلا على البشارة المفرحة الخاصة بتجسده وصلبه وقيامته وفدائه البشرية من خطيئة حواء؟ فأين ذكر حواء أو الخطيئة الأزلية فى كلامه؟ وهل تحتاج بشارة عدد 27 سفرًا؟ فأخبرنا أين تكلم يسوع اليونانية، ليقصد البشارة السارة؟
        وهل من يريد أن يُصلب ليتحمل خطايا البشر يتضرع لله طالبًا منه ألا يتركه يتجرع كأس الموت؟ (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
        وهل يبكى وتتساقط دموعه كقطرات دماء رهبًا ورفضًا وتضرعًا للقادر أن يُخلصه من الموت؟
        وها هو قد استجاب الله له ونجَّاه من هذا المصير الذى تدَّعوه عليه، إذ كيف يكون الله قد سمع له من أجل تقواه، لو لم ينجه؟: (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ) عبرانيين 5: 7
        وهذا مصداقًا لقول يسوع لليهود وتحديه لهم أنهم لن يقبضوا عليه، لأنه سيكون مضى إلى الذى خلقه، ولن يقتلوه، وعندما يرفعون شخص ما لم يذكره على الصليب، حينئذ سيؤمنون أن هذا الشخص يسوع. وذلك لعلة بسيطة جدًا على المؤمنين، وهى أنه يطيع الله فى كل شىء، ولذلك فسوف يرضيه الله تعالى. هل قرأت هذا النص من قبل فى إنجيل يوحنا؟ فاقرأوه بتمعن!
        (21قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا» 22فَقَالَ الْيَهُودُ: «أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ: حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟» 23فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. 24فَقُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». 25فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضاً بِهِ. 26إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ». 27وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ. 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. 29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 21-29
        لكن هذا الكلام لا يرضى بولس ولا أتباع بولس الكارهين ليسوع، وذلك لأن بولس قد قرر أنه لا يريد أن يعرف شيئًا إلا المسيح وإياه مصلوبًا: (2لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً.) كورنثوس الأولى 2: 2
        على الرغم من أنه يرى أن هذا العمل سُبة فى جبين الرب، فقد وصفه بالقسوة ونزع منه المحبة، فقال: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32
        ولم يكتفِ بهذا، بل وصف يسوع بالملعون من أجل هذا الميتة، وكان من الممكن أن تُقطع رقبته مثل ما يقولون فى المعمدان أو حتى يُنشر أويُرجم كما فعل اليهود بأنبياء آخرين: (اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ») غلاطية 3: 13
        وقال لهم: حتى لو أرسل الله نفسه إليكم ملاكًا من السماء، فلا تسمعوا له: (8وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا».) غلاطية 1: 8
        وها هو يفصح عن كرهه للناموس: (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ.) غلاطية 5: 4
        (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
        (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.) عبرانيين 7: 18-19
        (2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً!)غلاطية 5: 2
        وذلك على الرغم من ادعائه الأمانة وأنه يتبع أقوال موسى والأنبياء وكتبهم فقال: (لاَ أَقُولُ شَيْئاً غَيْرَ مَا تَكَلَّمَ الأَنْبِيَاءُ وَمُوسَى). أعمال الرسل 26: 22
        وعلى الرغم من قول يسوع الواضح فى متى أنه لم يأت ليهدم الناموس أو الأنبياء، وظل طوال حياته يحكم بالناموس، ويُعلمه اليهود فى معبدهم: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
        فمن الذى كذب .. هل هو يسوع أم بولس؟ هل تحققت نبوءة يسوع بأنه لن تنقص نقطة واحدة من الناموس أم لا؟
        ويُأسفنى أن أقرأ كلمات الأب متى المسكين فى اعترافه بعجز الناموس وفشله، الأمر الذى يدين يسوع نفسه، فلماذا جاء به إذن؟ فهذا يدل على إطاحتهم بيسوع ورفضه وقبول بولس وتفضيلهم له على حساب بولس. يقول الأب متى المسكين فى تفسيره لإنجيل متى ص19: (لذلك أصبح منوطًا به أن يحل لغز الناموس الذى كان قد احتل قاعدة اللاهوت فى العهد القديم وأخفق إخفاقًا ذريعًا فى التعرُّف على المسيح "كمسيَّا" رجاء الناموس وقوته وكماله.)
        وقال أيضًا ص19: (كان الناموس عاجزًا عجزًا فاضحًا، لا يستطيع أن يطيِّب قلب الخاطىء ولا يرد الأثيم عن إثمه، إذ لم يكن فى يديه إلا عقوبة الموت.)
        وفى الوقت الذى يقول فيه الأب متى المسكين هذا، يقول له الرب، رب إبراهيم وموسى ويسوع: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيماً. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 7-10
        ويقول له: (...مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
        ويقول له: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
        بل تقول له أسفار العهد الجديد نفسها: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
        وأكَّد كاتب الرسالة إلى العبرانيين الناموس فقال: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
        بل ضد تعاليم يسوع نفسه الذى قال إنه لم يأت لينقض الناموس أو الأنبياء: راجع النص فى الصفحة السابقة (متى 5: 17-19)
        وقال ص20: (لأن الناموس بلغت قسوته على أيديهم أنه كان يدوس على الخاطىء، أمَّا الإنجيل فيحمِّله بالنعمة «لستم تحت الناموس بل تحت النعمة» (رو 6: 14)؛)
        ثم وصل الأمر ببولس إلى أنه ظن أنه سيدين الملائكة فى الآخرة وسيحاكمها: (3أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا سَنَدِينُ مَلاَئِكَةً؟ فَبِالأَوْلَى أُمُورَ هَذِهِ الْحَيَاةِ!) كورنثوس الأولى 6: 3
        وهل من المنطق أن يبدأ يسوع كلامه فى إنجيل مرقس 1: 14-15 بأمره لهم بالتوبة والإيمان بالإنجيل؟ فأى إنجيل يقصد إن لم يكن بيديه كتاب ويعلمون هم أنفسهم محتوياته؟ وأى بشارة هذه التى قالها ليؤمنوا بها؟
        وإذا كانت تعاليمه تختلف عن تعاليم موسى والأنبياء فهل نفهم بذلك أنه كذب عندما قال إنه لم يأت لينقض الناموس والأنبياء؟ وهل ضل تلاميذه الذين ظلوا فى المعبد يعلمون اليهود ويدرسون التوراة لهم؟
        عليك أيها الباحث عن الحق أن تسأل عن إنجيل عيسى  الذى سلمه للتلاميذ باعتراف قساوستكم وعلمائكم؟
        يقول القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير فى كتابه(الوحى الإلهى وإستحالة تحريف الكتاب المقدس) ص97-98: إن القديس اكليمندس الرومانى(30-100م) الذى كان أسقفاً لروما وأحد تلاميذ ومساعدى القديس بولس قد ”أشار فى رسالته التى أرسلها إلى كورنثوس، والتى كتبها حوالى سنة 96م، إلى تسليم السيد المسيح الإنجيل للرسل ومنحه السلطان الرسولى لهم فقال "تسلم الرسل الإنجيل لنا من الرب يسوع المسيح ، ويسوع المسيح أرسل من الله....“.
        إنه إذن كتاب. لكن يصعب عليهم الاعتراف بالحق، فتذهب مكانتهم بين الناس وبين رجال الدولة هباءً منثورًا. إن الحق الذى يجب عليكم الاعتراف به أن إنجيل عيسى  قد ضاع، فُقد، ونُسبت إليه تعاليم أخرى مجهولة المصدر نسبوها لبولس، ويبرىء يوسابيوس القيصرى بولس من هذه الكتابات حيث يقول إنه لم يكتب إلا بضعة أسطر: قال يوسابيوس عن بولس ورسائله الأربعة عشر ناقلاً عن أوريجانوس: ”أما ذاك الذى جعل كفئاً لأن يكون خادم عهد جديد ، لا الحرف بل الروح، أى بولس، الذى أكمل التبشير بالإنجيل من أورشليم وما حولها إلى الليريكون، فإنه لم يكتب إلى كل الكنائس التى علمها، ولم يرسل سوى أسطر قليلة لتلك التى كتب إليها.“ (يوسابيوس 6: 25)
        وأكد نفس الكلام المؤرخ يوسى بيس فى الباب الخامس والعشرين من الكتاب السادس من تاريخه: ”قال أُريجن فى المجلد الخامس من شرح إنجيل يوحنا: إن بولس ما كتب شيئاً إلى جميع الكنائس ، والذى كتبه إلى بعضها فسطران أو أربعة سطور“. ومعنى ذلك أنَّ أُريجن يؤكد أن هذه الرسائل المنسوبة لبولس ما كتبها بولس، ولكن كتبها آخر ونسبها إليه. (إظهار الحق ج1 ص164)
        والدليل الأخير هو تنبؤ يسوع بمجىء الإنجيل الخالد، أى الكتاب الخالد، وهو إنجيل الملكوت (شريعة الله) الذى سيأتى به صاحب الملكوت. إلا أن ترجمة الفاندايك ترجمتها هنا بكلمة بشارة، وتخلت عن كلمة إنجيل εὐαγγέλιον ، التى ترجمتها من قبل بكلمة إنجيل. فلماذا؟ أتركها للقارىء الذكى ليفهمها بمفرده: (14وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى.) متى 24: 14
        لكننى لن أبتر هذه الجملة عن باقى النص ليتضح مفهوم إنجيل الملكوت هذا: (3وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هَذَا وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟» 4فَأَجَابَ يَسُوعُ: «انْظُرُوا لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. 5فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 6وَسَوْفَ تَسْمَعٌونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُروُبٍ. اُنظُرُوا, لا تَرتَاعُوا. لأَنَّهُ لا أَن تَكُونَ هَذِهِ كُلُّها, وَلكِن لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعدُ. 7لِأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلازِلُ فِي أَمَاكِنَ. 8وَلَكِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ. 9حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيقٍ وَيَقْتُلُونَكُمْ وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي. 10وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً. 11وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 12وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ. 13وَلَكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهَذَا يَخْلُصُ. 14وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى.) متى 24: 3-14
        وكلمة يكرز جاءت بمعنى يُعلم (preach)، الأمر الذى يشير إلى وجود كتاب يتم التعليم والتعلم منه، ويرد اسم هذا الإنجيل فى بعض التراجم الكتاب الخالد: (6ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكاً آخَرَ طَائِراً فِي وَسَطِ السَّمَاءِ مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ، لِيُبَشِّرَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ) رؤيا 14: 6
        فلو تعنى هذه الكلمة بشارة كما ترجموها، فكيف رآها يوحنا مع الملاك؟
        Mat 24:14 And2532 this5124 gospel2098 of the3588 kingdom932 shall be preached2784 in1722 all3650 the3588 world3625 for1519 a witness3142 unto all3956 nations;1484 and2532 then5119 shall the3588 end5056 come.2240
        Rev 14:6 And2532 I saw1492 another243 angel32 fly4072 in1722 the midst of heaven,3321 having2192 the everlasting166 gospel2098 to preach2097 unto them that dwell2730 on1909 the3588 earth,1093 and2532 to every3956 nation,1484 and2532 kindred,5443 and2532 tongue,1100 and2532 people,2992
        وإذا كان رأى الأب شربنتية فى كتابه من الإنجيل إلى الأناجيل ص101-102 أن إنجيله لا علاقة له بالسماء، فلا يبق إلا التسليم بأن الإنجيل الخالد هو كتاب الله الخالد وهو القرآن الكريم: (ليست المسيحية ديانة كتاب، بل ديانة شخص هو (يسوع) المسيح، فالقرآن بالنسبة إلى المسلم هو كتاب إلهى، والله هو مؤلفه، ونسخته الأصلية فى السماء، وكل لفظ فيه نزل على محمد  بواسطة الملاك جبرائيل. أما للمسيحى فالكتاب المقدس هو كتاب بشرى لأن الله صار بشرًا ...... فالأمر لا يتعلق بإنجيل نزل من السماء، بل بإنجيل بحسب القديس متى والقديس مرقس ...) (عن "الإنجيل كتاب أم بشارة" ص93).
        وما يسمونها أناجيل هى كتب بشرية باعتراف الدكتور القس فاضل سيداروس، فيقول فى كتابه (يسوع المسيح فى تقليد الكنيسة) ص18: (نحن لا نعرف (يسوع) المسيح ولا نصل إليه إلا بواسطة التقليد الكنسى ... فالأناجيل نفسها بنيت على التقليد، فهى مجموعة تقاليد جماعية جمعها الإنجيليون بحسب هدف لاهوتى خاص بكل واحد منهم. وفى ذلك اختلاف عن القرآن مثلا، فليس هو ثمرة تقليد جماعى، بل هو بالنسبة إلى المسلمين، كلام الله الذى أنزله من دون أن يكون للإنسان أى دور فيه، ويقتصر دور محمد  على تبليغه فقط.) (عن المرجع السابق ص94)
        وأتعجب فماذا كان عيسى  غير ذلك؟ ألم يقل:
        (.... وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...) يوحنا 8: 40
        (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ.) يوحنا 12: 49
        (... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.) يوحنا 4: 34
        (20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.) يوحنا 5: 20
        وإليكم دليل آخر على أن الإنجيل كلمة عربية، لا علاقة لها بالكلمة اليونانية التى تتمسكون بها، فلم يتكلم يسوع اليونانية، ولكنه تكلم الآرامية، وهى من اللسان العربى. فهى لها اشتقاقات عربية لغوية، بغض النظر عن قول علمائنا السابقين. فكل يؤخذ منه ويرد إلا الرسول .
        قال الله تعالى فى كتابه المكنون: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} (192-195) سورة الشعراء
        وانطلاقًا من هنا أشار العميد مهندس جمال الدين شرقاوى، والذى أعتمد فى بحثه هذا على كتابه (الإنجيل كتاب أم بشارة؟)
        من المعروف أن اسم الله فى اللسان العربى القديم كان إيل، فسمَّى الله تعالى الملائكة ناسبًا أسمائهم له، فكان جبرائيل، إسرافيل، وميكائيل وغيرهم. وكان من أسماء الأنبياء وأبنائهم: هابيل، قابيل، إسماعيل، وإسرائيل، وصموئيل، وميخائيل، ورفائيل، وراحيل، وعمانوئيل وغيرهم. ومنها صرخة المصلوب (إيلى إيلى أى إلهى إلهى).
        ومن الأسماء التى نسبت لله تعالى أيضًا كلمة إنجيل التى نحن بصددها، وهى تعنى إنج يل. وعلمنا الآن معنى كلمة (يل أو إيل) وأنها تعنى الله. وكلمة إنج مشتقة من كلمة (نجو) التى تأتى منها النجاة، والمناجاة. وعلى ذلك فكلمة إنجيل تعنى كتاب خلاص الله أو كتاب مناجاة الله.
        وعلى ذلك فهى كلمة عربية أصيلة، يريدون التخلص من معناها حتى لا يطالبهم أتباعهم بإنجيل يسوع الذى جاء به هدى ورحمة ويحتوى على الأحكام، التى أمرهم الله تعالى أن يحكموا بها.
        س136- مرة أخرى: إن اليهودى التقى الورع ليتخذ من العهد القديم قاعدة ينطلق منها فى فهم مراد الرب منه، ويسير عليها فى حياته. ولم يكن يسوع بدعًا من ذلك، ولم يختلف (؟) عما كان عليه هذا اليهودى التقى فى حياته. فقد كان يتمسك بالتوراة تمسك الفاهم الواعى لمراد الله تعالى، كما يخبره الوحى بذلك، كذلك كان تلاميذه المقربون ليس لديهم كتاب أو شريعة إلا شريعة التوراة. وكانت وجهتهم دائمًا التوراة فى المسائل الدينية. وعلى ذلك فكل من كتب كتابًا خلاف التوراة وتعاليمها، كان بمثابة خطاب، يُعطى فكرة للمؤمن برسالة يسوع عن حياة يسوع هذا، وشيئًا غير مفصل عن تعاليمه، حيث توجد تعاليمه الأساسية فى التوراة، التى كان يُعلمها الناس، ويستشهد بها، ويفسرها للناس، ويعطى الحلول الفقهية مبنية على نصوصها، المنزلة من عند الله.
        لذلك نمت الحاجة وتطلع الناس إلى معرفة حياة يسوع، خاصة بعد ظنهم فى موته ميتة دموية على جذع شجرة، ثم ظهوره مرة أخرى بينهم، لذلك أنتج لوقا كتابه قائلا بدافع شخصى، مقلدًا أقرانه المنتشرين آنذاك فى المجتمع، ويخبرنا أنه تتبع كل شىء بالتدقيق، من واقع كتب أو أوراق تركها له، الذين كانوا خدامًا للكلمة منذ البدء، ولا توجد هذه الأوراق التى تركوها له، ولا نعرف من هم الذين كانوا منذ البدء معاينين للكلمة والأحداث، وكيف حصلوا بدورهم على ما قدموه للوقا، ومدى دقتهم فى النقل والفهم والإستيعاب: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4
        وكلنا يعلم أن التلاميذ أنفسهم كانوا سيئى الفهم، كما يصورهم العهد الجديد، وكان منهم الأمى، الذى لا يقرأ ولا يكتب، ولا يأتيه الوحى: (13فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 4: 13 (ترجمة الفاندايك)
        (فلمَّا رأى أعضاءُ المَجلِسِ جُرأةَ بُطرُسَ ويوحنَّا، تَعَجَّبوا لأنَّهُم عَرَفوهُما أُمِّيَّينِ مِنْ عامَةِ النّـاسِ. ولكنَّهُم عَلِموا أنَّهُما كانا قَبلاً معَ يَسوعَ.) .) أعمال الرسل 4: 13 (الترجمة العربية المشتركة)
        (فلمَّا رأََوْا جُرْأََةَ بُطرسَ ويوحنَّا، وعَلِموا أَنَّهما رَجُلانِ مِنْ عامَّةِ الشَّعبِ وأُمِّيَّانِ، تَعَجَّبوا. وكانوا يَعْرفونَ أَنَّهما كانا مَعَ يَسوع؛) أعمال الرسل 4: 13 (الترجمة البولسية)
        (فلَمَّا رَأَوا جُرأَةَ بُطرُسَ ويوحَنَّا وقَد أَدركوا أَنَّهما أُمِّيَّان مِن عامَّةِ النَّاس، أَخَذَهُمُ العَجَب، وكانوا يَعرِفونَهما مِن صَحابَةِ يسوع،) أعمال الرسل 4: 13 (الترجمة الكاثوليكية اليسوعية)
        (فَتَعَجَّبَ الْمُجْتَمِعُونَ مِنْ جُرْأَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَلِّمَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ عَامَّةِ الشَّعْبِ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 4: 13 (كتاب الحياة)
        فقد كانا بطرس ويوحنا عاميان أو أميان أو جاهلان أو عديما العلم. فهل كان يوحنا من الذين تركوا تراثًا ولو شفاهيًا؟
        نعم. يُنسب إليه إنجيل يوحنا، ورسائل ثلاثة، وسفر الرؤيا. وتنسب لبطرس رسالتان، كما أنه كان مصدر مرقس فى كتابة إنجيله، حيث كان مرقس مترجم بطرس، ومرافقه. ومن المعلوم أن إنجيل مرقس كان المصدر الرئيسى لإنجيلى متى ولوقا. وهذا يعنى أنه يوجد أربعة أناجيل، وخمس رسائل، وسفر الرؤيا، ينسبوا إلى اثنين من الجهلاء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
        يقول الكتاب المقدس: (27بَلِ اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ وَاخْتَارَ اللهُ ضُعَفَاءَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الأَقْوِيَاءَ) كورنثوس الأولى 1: 27
        فهل هذا ما قال عنه بولس أن الرب اختار جهلاء العالم ليخزى بهم الحكماء؟ فمن هم هؤىء الجهلاء الذين اصطفاهم الرب؟ ومن هم الحكماء، الذين أراد الرب خزيهم؟ ولماذا؟ وهل يسوع الحكيم كان أحدهم؟ وهل بطرس ويوحنا الجاهلان من الجهلاء الذين اصطفاهم الرب لخزى يسوع أو الحكماء؟ وما علاقة ما فعله الرب هذا بتحريم الأكل من شجرة معرفة الخير من الشر، شجرة الحكمة؟
        لقد قرر الرب أن يغلب الجاهل الحكيم فى العلم والحكمة!! هل هذا إله يريد العلم وينميه، ويدفع خلقه للتعلم؟
        ألم يسفه الرب الجهل والجهلاء قائلا: (أَمَّا الْجَاهِلُونَ فَيَحْتَقِرُونَ الْحِكْمَةَ وَالأَدَبَ) أمثال 1: 7 ؟
        ألم يقل الرب إن الجاهل ينشر الحمق؟ (وَالْجَاهِلُ يَنْشُرُ حُمْقاً) أمثال 13: 16
        ألم يقل إن شفتا الجاهل مهلكة؟ (7فَمُ الْجَاهِلِ مَهْلَكَةٌ لَهُ وَشَفَتَاهُ شَرَكٌ لِنَفْسِهِ) أمثال 18: 7
        فما هى حكمة الرب أن يُخزى الحكماء لصالح الجهلاء؟
        ومن الممكن أن يكون فى العقود الأولى بعد موت يسوع أن تكون هناك تقارير أخرى قد كتبت عن حياة يسوع وكيفية موته وأعماله. منها أناجيل نجع حمادى، وإنجيل يهوذا ، وغيرها من الوثائق التى عثر عليها فى أماكن أخرى. وبجانب ذلك كتبت خطابات فى بداية المسيحية تقدم مشورة ونصائح للجماعات المسيحية المتناثرة ومنها الخطابات المنسوبة لبولس. وربما أرسلت النصوص الأخرى، التى تحكى عن حياة يسوع وأعماله فى شكل رسائل هى الأخرى، ونعنى بها الأناجيل، وهذا واضح من افتتاحية إنجيل لوقا، الذى كان يرسل خطابًا شخصيًا لصديقه ثاوفيليس.
        لقد أرادوا اعلام أتباعهم الإيمان الجديد المنبثق من اليهودية، وهو ما اعتبروه أساس اعتقادهم الدينى. وتكون ما يُسمى بالعهد الجديد تدريجيًا، بين قبول بعض الكتب، ورفض الأخرى، ومن ثم كفرت الكنيسة فيما بعد من رفض كتبها، أو جاء بإنجيل أو تعاليم تُخالف ما اتفق عليه التقليد.
        لقد اختلف إنجيل مارقيون عن إنجيل إيريناوس أسقف ليون. ففى عام 190م أعلن إيريناوس فى كتابه "ضد الهرطقات" قانونًا آخر يضاد قانون مارقيون، رفض فيه السرالة إلى فيلمون، وأخرجها من قانون العهد الجديد، وأضاف رسالة واحدة لبطرس، ورسالتين ليوحنا.
        وأخرج القانون الموراتورى رؤيا يوحنا من القانون الذى سبقه، واعتبرها مشكوكًا فى صحتها. ولم يذكر رسالة يعقوب، وأضاف رؤيا بطرس، التى حذفت من قانون الكتاب المقدس الحالى.
        وليس قبل بداية عام 405م كتب البابا ايونوسنت الأول إلى أسقف طواوز، وذكرتلك الكتب التى تكون العهد الجديد الحالى. وقد أمن مجمع فلورانس عام 1442 على هذا الاختيار، وأكده مجمع ترينت عام 1546م.
        فهل إلى عام 1546 كان هناك تباحث فى محتويات كتب العهد الجديد حتى يؤكده مجمع ترينت؟ إنها كارثة بكل المقاييس!! وللأسف لا يعرف المسيحى البسيط أن محتويات العهد الجديد، بل الكتاب المقدس كله تختلف من طائفة إلى أخرى:
        فالكتاب المقدس هو الكتاب الذى يقدسه اليهود والمسيحيون ، ويتكون من جزأين: جزأ خاص باليهود ، وهو ما يسمونه بالعهد القديم ، وهو يؤمن به اليهود والمسيحيون. ويتكون من 39 سفرًا ، كما يؤمن به المسيحيون البروتستانت (الإنجيليون) واليهود العبرانيون. ويختلف فيه اليهود بين أنفسهم. فاليهود السامرة يؤمنون فيه فقط بخمسة كتب (أسفار) ، وهى الخمس الأولى التى تُنسب لموسى، (كما يدَّعون) مع وجود اختلافات كبيرة بينهم فى التراجم ، بل وفى اتجاه الصلاة، التى يتخذها كل فريق مُخالفًا للآخر. ومنهم طائفة تؤمن زيادة على الأسفار الخمسة أيضًا بسفرى يشوع والقضاة ، وهم فى ذلك مثل اليهود الصدوقيون.
        أما بالنسبة للكتاب المقدس الحبشى فتقول عنه دائرة المعارف الكتابية مادة (إثيوبيا ـ 6- الأدب الحبشى): ”يتكون الكتاب المقدس الحبشي من 46 سفرًا في العهد القديم ، 35 سفرًا في العهد الجديد فعلاوة على الأسفار القانونية (المعترف بها) ، فإنهم يقبلون [كتاب] راعي هرماس وقوانين المجامع ورسائل أكليمندس والمكابيين وطوبيا ويهوديت والحكمة ويشوع بن سيراخ وباروخ وأسفار أسدراس [عزرا] الأربعة ، وصعود إشعياء وسفر آدم ويوسف بن جوريون وأخنوخ واليوبيل.“
        وعلى ذلك فإن قائمة الروم الكاثوليك من العهد القديم تضم 46 سفرًا ، وتضم قائمة الأرثوذكس 49 سفرًا، فهم يؤمنون بأسفار عزرا الأول والمكابيين الثالث والرابع. وتضم قائمة الكتاب المقدس الأثيوبى 46 سفرًا ، وتضم قائمة اليهود والبروتستانت 39 سفرًا فقط.
        http://de.wikipedia.org/wiki/Altes_Testament
        وتتفق الطوائف المسيحية على قائمة الكتب التى يقدسونها فيما يُسمَّى بالعهد الجديد، وعددها 27 سفرًا، باستثناء الكنيسة السريانية فهى تؤمن فقط ب 22 سفرًا، فهم لا يؤمنون بقدسية الرسالة الثانية لبطرس ، ولا بالرسالة الثانية والثالثة ليوحنا ، ولا برسالة يهوذا ، ولا بسفر الرؤيا. أما الكنيسة الإثيوبية فعدد كتبها غير ثابت إلى الآن ، ويصل فى بعض الأحيان من 35 إلى 38 سفرًا.
        http://de.wikipedia.org/wiki/Kanon_des_Neuen_Testaments
        وعلى ذلك فإن الكتاب المقدس كاملاً للمسيحيين الكاثوليك يحتوى على 73 سفرًا، وللأرثوذكس 76 سفرًا، وللبروتستانت 66 سفرًا ، وللأثيوبيين بين 81 و84 سفرًا، ويصل كتاب المسيحيين السريان إلى 68 سفرًا.
        إن نص العهد الجديد اليوم جاء نتيجة تطور استمر مئات السنين، بينما نجح قانون الكنيسة المسيحية تدريجيًا، وعلى الرغم من ذلك كان يُستخدم فى القداس كتابات أخرى. وتبعًا لما تبقى من كتابات جوستين فقد كانت تُستخدم فى روما فى القرن الثانى الميلادى أناجيل أخرى فى القداس بصورة رسمية، بجانب نصوص الأناجيل والكتب المستعملة اليوم فى العهدين القديم والجديد. وعلى الرغم من انتماء إنجيل يوحنا إلى قانون العهد الجديد إلا أنه لم يكد يستخدم فى القداس إلا نادرًا.
        لقد كان هناك تطور لكتابات العهد الجديد حتى تم الاعتراف بكتاب موحد. ومن الواضح أنه كان يوجد بجوار القانون كتابات أخرى، كانت غالبًا ما تُستخدم فى نفس الوقت فى القداس. وفى القرن السابع كتب كاتب غيور قائمة لا تحتوى فقط على كتب العهد الجديد الشهيرة، بل ذكر أيضًا كتابات أخرى منها (قصة يعقوب)، و(رؤيا بطرس)، و(طرق وتعاليم الرسل)، و(خطاب برنابا)، و(أعمال بولس)، و(رؤيا بولس)، و(تعاليم كليمنت)، و(تعاليم اغبناتيوس)، و(تعاليم بوليكارب)، و(إنجيل برنابا)، و(إنجيل متى).
        أى إن المؤمنين المسيحيين كانوا يقدسون بجانب الكتب القانونية للعهد الجديد فى الكنيسة المسيحية كتبًا أخرى،وصفت بأنها أبوكريفا، أى الخفية. وهو وصف مُضلِّل، حيث لم تكن هذه الكتب مخفية مطلقًا، لذلك ترجمها البروفيسور جورج فورر بأنها الكتب القانونية الثانية. فهل الفرق بين هذه الكتب القانونية والكتب الأبوكريفا (القانونية الثانية) كبير؟
        وقرب نهاية القرن الرابع تم التصويت من قبل أمراء الكنيسة على أى الكتب التى يجب اعتبارها كتبًا مقدسة، وأيهما يجب رفضها. ولم يصلنا، ولا نعرف ما هى الأسس والمعايير التى بنوا عليها حكمهم على قداسة أى منها؟
        وبذلك أعلنت الكتب التى وقع الاختيار عليها كتبًا مقدسة، وكانت نسبة التصويت 568 إلى 563. أى إن الفرق بين القبول والرفض كان خمسة أصوات فقط. وبعبارة أخرى: كان يمكن للتصويت الذى تم لصالح هذه الكتب التى يتضمنها اليوم العهد الجديد منحى آخر، ولو حدث هذا لكان لدينا اليوم كتابًا مقدسًا آخرًا كأساس للقداس الكنسى والعقيدة المسيحية. وحتى يومنا هذا فقد تبقى جبل من الكتب التى لم تُقبل فى قانون العهد الجديد، والتى يتضاعف أحجامها حجم الكتاب المقدس نفسه.
        ونتساءل مرة أخرى: ما هى قيمة هذه النصوص الأخرى؟ اختلفت فيه الكنيسة لما يقرب من ص2000 سنة. وماذا يقول علم اللاهوت؟ لم يتفقوا أيضًا على رأى واحد، فمنهم من ينزلها منزلة الكتب القانونية فيما يتعلق بحياة يسوع مثل (Kِster, Lameron, Mayeda)، ومنهم من يُشكك فى قيمتها التاريخية ومنهم Evans, Charlesworth).
        ويسأل رجال الدين: ألا يمكن لعلم اللاهوت أن يحلل نصوص يسوع غير الموجودة بالكتاب المقدس ويقيمها؟ فى الحقيقة هذا ممكن الحدوث، بل حدث بالفعل. والنتيجة: يوجد فى نصوص العهد الجديد كلمات حقيقية ليسوع، وأخرى محرفة، وهذا يسرى أيضًا على نصوص الكتب الأبوكريفا.
        ومن الثابت أن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية حددت فى مجمع ترينت (155-57، 547، و551-1552) معظم الكتب الأبوكريفا الخاصة بالعهد القديم ككتب قانونية، وأنزلتها منزلتها، بل وساوتها بها. وعلى ذلك لا يمكننا ان نفرق بين كلام يسوع من كلام غيره. وهذا يعنى: أنه كما أن الكتاب المقدس كلام إنسانى عن المسائل الإيمانية، فهذا ينطبق أيضًا على النصوص خارج الكتاب المقدس. فمن الخطأ أن تعتقد أنه لا تُؤخذ معلومات صحيحة عن يسوع الجليلى من الكتاب المقدس فقط. ومن الخطأ أن تظن أن النصوص الأبوكريفا لم يدخلوها فى القانون، لأنها لا تحتوى إلا معلومات خاطئة عن يسوع.

        تعليق

        • abubakr_3
          مشرف عام

          • 15 يون, 2006
          • 849
          • مسلم

          #19
          س137- من الذى قام بشراء حقل الدم؟ هل هو يهوذا نفسه كما يحكى (أعمال الرسل 1: 18) أم كهنة المعبد كما يحكى (متى 27: 3-)؟
          (18فَإِنَّ هَذَا اقْتَنَى حَقْلاً مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ وَإِذْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسَطِ فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا.) أعمال الرسل 1: 18
          (3حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ 4قَائِلاً: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَماً بَرِيئاً». فَقَالُوا: «مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!» 5فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. 6فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: «لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ». 7فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ.) متى 27: 3-7
          س210- يحتار قارىء الكتاب الذى يدعونه الكتاب المقدس من صفات الرب، فهل هو إله رحيم حرَّم القتل إلا بالحق؟ أم أباح القتل وسفك الدماء دون مبرر؟ وقد يتفهم الإنسان أن يُشرِّع الرب قتل القاتل، أو عابد الأوثان، أو يُعاقب المخالف لتعاليم الرب بعقوبة تتناسب مع مخالفته. لكن ما ذنب الأطفال أو الأجنة فى بطون أمهاتهم أن يقتلوا فى حرب يشنها بنو إسرائيل على مخالفيهم؟
          لماذا يأمر الرب بقتل الأطفال والأجنة فى بطون أمهاتهم؟ أين الجمعيات التى تُدافع عن المرأة أو الأطفال؟ أليس من حق المجتمع أن تُلغى هذه الفقرات من هذا الكتاب الذى يدعونه مقدسًا؟ ألم يكن برنارد شو على حق عندما طالب المجتمع الدولى بوضع هذا الكتاب فى خزانة حديدية لا تُفتَح مُطلقًا؟ أليس من العدل أن يفهم كل الناس المؤمنين بهذا الكتاب أنه يستحيل أن يأمر إله المحبة والرحمة بمثل هذه الأوامر؟
          أتمنى أن أقرأ كتابًا لدكتور فى علم النفس يُحلل شخصية يهوه ويسوع فى هذا الكتاب!!
          (6فَحَرَّمْنَاهَا كَمَا فَعَلنَا بِسِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ مُحَرِّمِينَ كُل مَدِينَةٍ: الرِّجَال وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَال. 7لكِنَّ كُل البَهَائِمِ وَغَنِيمَةِ المُدُنِ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا.) تثنية 3: 6- 7
          (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 21-24
          (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً»)صموئيل الأول15: 3
          (وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: [اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!] 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَداً.) ملوك الثانى 2: 23-24
          (13لِذَلِكَ أُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَتَتَزَعْزَعُ الأَرْضُ مِنْ مَكَانِهَا فِي سَخَطِ رَبِّ الْجُنُودِ وَفِي يَوْمِ حُمُوِّ غَضَبِهِ. 14وَيَكُونُونَ كَظَبْيٍ طَرِيدٍ وَكَغَنَمٍ بِلاَ مَنْ يَجْمَعُهَا. يَلْتَفِتُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شَعْبِهِ وَيَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَرْضِهِ. 15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ. 17هَئَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْهِمِ الْمَادِيِّينَ الَّذِينَ لاَ يَعْتَدُّونَ بِالْفِضَّةِ وَلاَ يُسَرُّونَ بِالذَّهَبِ 18فَتُحَطِّمُ الْقِسِيُّ الْفِتْيَانَ ولاَ يَرْحَمُونَ ثَمَرَةَ الْبَطْنِ. لاَ تُشْفِقُ عُيُونُهُمْ عَلَى الأَوْلاَدِ)أشعياء 13: 13-18
          (22لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: [هَئَنَذَا أُعَاقِبُهُمْ. يَمُوتُ الشُّبَّانُ بِالسَّيْفِ وَيَمُوتُ بَنُوهُمْ وَبَنَاتُهُمْ بِالْجُوعِ. 23وَلاَ تَكُونُ لَهُمْ بَقِيَّةٌ لأَنِّي أَجْلِبُ شَرّاً عَلَى أَهْلِ عَنَاثُوثَ سَنَةَ عِقَابِهِمْ) إرمياء 11: 22-23
          (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
          (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
          ([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
          فهل من صفات يهوه، الذى أصبح يسوع فيما بعد، أنه إله رحيم؟ لم أسمع ببلطجى قتل طفلا رضيعًا، فهل الرب أقسى من البلطجى؟ ما حكمة الرب من هذا الإرهاب؟ هل لكى يعتنقوا دينه، ويؤمنوا أنه هو الرب؟ وهل هذه صفات إله يطلب أو يأمر الناس بالإيمان به؟ أين حسن الدعوة فى الدين؟ ومن هم الذين سيُكلَّفون بهذه المهمة؟ إنهم بنو إسرائيل الذين لعنهم الرب فى كل مواقفهم تقريبًا، وكانوا دائمى التوجه إلى الوثنية وعبادة آلهة الكنعانيين. فبأى حق يتسلط عابدو الأوثان على عابدى الأوثان، إلا بحق البلطجة والإكراه فى الدين أو تصفية الرب للظالمين بالظالمين؟
          س138- لقد نزل يسوع إلى الجحيم بعد موته، وهذا من ثوابت الإيمان المسيحى:
          (9وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أيضًا أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. 10اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أيضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلَأَ الْكُلَّ.) أفسس 4: 9-10
          وقال الكتاب أيضًا: (31سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَاداً.) أعمال الرسل 2: 31
          وقال بطرس: (18 فَإِنَّ الْمَسِيحَ أيضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ، 19الَّذِي فِيهِ أيضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ) رسالة بطرس الأولى 3: 18-19
          وقال القديس كريستوم فى سنة 347 م: ”لا ينكر نزول المسيح إلى الجحيم إلا كافر“. (ص 152)
          وقال القديس كليمندس السكندرى فى أوائل القرن الثالث الميلادى: ”قد بشَّرَ يسوع فى الإنجيل أهل الجحيم، كما بشَّرَ به وعلَّمه لأهل الأرض، كى يؤمنوا به ويخلصوا أينما كانوا. فإذا نزل الرب إلى الجحيم توفيقًا لبشارة الإنجيل ، أيكون نزوله من أجل الجميع، أم من أجل اليهود خاصة؟ فإذا كان من أجل الجميع فكل من آمن به نجا، وإن كان من أجل الأمم التى طالما اعترفت به هنالك تكون الطامة على غيرها.“ ووافق عليه القديس أوريجن ، فقال بنزوله إلى الجحيم!! (ص152)
          وقال بنزوله إلى الجحيم أيضًا القديس نيكوديموس فى إنجيله الذى لا تعترف به الكنيسة، وذكر الحديث الذى دار بينه وبين رئيس الشياطين فى الإصحاح 15 و17، الذى كان من أهل الجحيم، وخلَّصَ من فيها من النساء والأطفال والرجال!(ص152)
          ولن أسأل هل كان الشيطان فعلا فى الجحيم محبوسًا مع الأشرار؟ إنهم يقولون نعم. فما حاجة يسوع أن يتكلم معه؟ وكيف كان فى الجحيم وهو من بضعة أشهر كان قد حبس يسوع فى البرية وأخذ يجربه (يمتحنه)، ولم يتركه إلا بعد أربعين يومًا؟ فمتى حُبس الشيطان فى الوقت الذى كان فيه الإله متجسدًا فى صورة رجل؟ وكيف يكون الشيطان إله مملكة العالم السفلى، وإله هذا العالم؟ فهل انتزع الألوهية والسيطرة على هذه البقاع من الرب؟
          هل تعرفون من هو أسعد المذنبين فى الدنيا، وأوفرهم حظًا؟
          إنه يهوذا الإِسْخَرْيُوطِيّ. فقد مات مباشرة قبل يسوع. وبموت يسوع نزل إلى الأراضى السفلية وخلص من كان بها من المذنبين. أى مكث الأنبياء والشهداء والصالحين هذا العمر الطويل الذى يمتد آلاف السنوات فى انتظار تجسد إلههم وموته ليكفر عنهم الذنب الذى لم يقترفوه، وهو ذنب عصيان آدم وحواء من الشجرة المحرمة عليهما، بينما خان يهوذا الرب نفسه، ودفعه للصلب، وأسلمه ليد أعدائه، ولم يمكث إلا بضعة ساعات، ثم حرره من النار، كما حرر غيره.
          وبذلك بُرِّىء يهوذا من ذنب يستحق عليه العذاب الأبدى، بينما بُرِّىء الآخرون من ذنب لم يقترفوه.
          س139- قال يسوع (40لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا.) مرقس 9: 40
          وأكد لوقا قول يسوع هذا بقوله: (50فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا».) لوقا 9: 50
          وهذا بديهى، وبذلك يثبت أنه جاء من أجل السلام، وأن الله محبة. وهذا ما أكده القرآن أيضًا بقول الله تعالى لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8]
          وعارض لوقا بعد ذلك ما قاله يسوع من قبل، وما أكده هو نفسه بقوله: (23مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.) لوقا 11: 23
          وهنا المشكلة.
          فلو أُطلقت هذه الجملة الأخيرة دون تأصيل إسلامى لكانت مشكلة، ويُتهم الكتاب ويسوع بالتعصب، وعدم تحمل رأى الآخر، أو المعايشة مع المخالفين لهم فى العقيدة والفهم. وهو عين ما حدث منهم فى كل تاريخهم القديم مع مخالفيهم من اليهود والمسلمين، بل مع المسيحيين المخالفيهم لهم فى العقيدة.
          لكن لو فهمنا أنه من لا يجمع معى الناس على كتاب الله، ويُحكم شريعته الغراء، السمحة، ويدعو إلى تمكين الله وحده من حكم ملكوته على الأرض (ملكوت الله)، من أجل إسعاد الناس الأغنياء والفقراء، لتتمكن الفضيلة والعدل من كل ما يحيا على الأرض، فمن لا يفعل كل هذا، فهو ضدنا، لأن هذه هى إرادة الله، إله المحبة والسلام، والعدل، والفضيلة، والتقوى، أن تسعد كل مخلوقاته فى ظل شريعته. فمن لا يريد هذا فهو ضد الله، وضد المجتمع، وضد السلام، وضد العدالة.
          وللأسف لا يمكن للمسيحيين اتخاذ هذا المعنى لإنقاذ هذين القولين المتعارضين، لأنهم لا يؤمنون بوجود إنجيل مع يسوع، ولا نزول إنجيل من الأساس عليه. وتكوَّن هذا الكتاب الذى بين أيديهم والمُسمَّى بالعهد الجديد بعد رفعه بعدة قرون، كما أوضحنا من قبل.
          س140- يقول بولس فى أحد الرسائل المنسوبة إليه إن يسوع ظهر أولا لصفا، ثم ظهر للتلاميذ الاثنى عشر. وهنا تتناقض الروايات بهذا الشأن، الأمر الذى دفع البعض من علماء الغرب وعلمانييهم إلى إنكار حادثة القيامة من أساسها: فلمن ظهر أولا؟ هل ظهر لصفا؟ أم لمريم المجدلية فى البستان؟ أم ظهر لمريم المجدلية فى طريقها إلى التلاميذ؟ أم ظهر لتلميذين أثناء توجههما إلى قرية عمواس (لوقا 24: 16-20)؟ على الرغم أنه عند لوقا يقول التلاميذ إن يسوع ظهر لسمعان، ولكن ظهوره له كان على اليقين بعد ظهوره للتلميذين الذين اتجها إلى عمواس. (34وَهُمْ يَقُولُونَ: «إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ!») لوقا 24: 34، لأن رواية التلميذين المتجهين إلى عمواس، تمت مباشرة بعد أن أخبرت مريم المجدلية التلاميذ الأحد عشر، ثم ذهب بطرس ونظر المقبرة، ثم جاءت بعدها رواية لقاء يسوع بالتلميذين: (9وَرَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهَذَا كُلِّهِ. ...... 12فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ فَانْحَنَى وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً وَحْدَهَا فَمَضَى مُتَعَجِّباً فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ.) لوقا 24: 9 و12
          فعند مرقس ظهر للمجدلية وحدها أولا، بالقرب من المقبرة، وهو أمر لا يعرف عنه لوقا شيئًا: (9وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِراً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ.) مرقس 16: 9
          وعند متى ظهر للمجدلية ومريم الأخرى أولا: (7وَاذْهَبَا سَرِيعاً قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا». 8فَخَرَجَتَا سَرِيعاً مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ. 9وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ.) متى 28: 7-9
          وعند لوقا ظهر للتلميذين المتجهين إلى قرية عمواس أولا، ولا يعرف أحد من الكتاب الآخرين شيئًا عن هذا اللقاء (لوقا 24: 16-20)
          عند يوحنا ظهر للمجدلية وحدها أولا: (14وَلَمَّا قَالَتْ هَذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ وَأَنَا آخُذُهُ». 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ.) يوحنا 20: 14-16
          فمَن من الإنجيليين الأربعة يقول الحق؟ فلو صدقنا بولس فى روايته، لكذبنا الإنجيليين الأربعة. فعند بولس ظهر لصفا أى بطرس أولا: (5وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ.) كورنثوس الأولى 15: 5، فكيف تُحل هذه المشكلة؟
          ثم كيف ظهر للاثنى عشر، وقد انتحر يهوذا على قولهم أثناء محاكمة يسوع، ولم يختاروا التلميذ الاثنى عشر إلا بعد اليوم الأربعين؟ (26ثُمَّ أَلْقَوْا قُرْعَتَهُمْ فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى مَتِّيَاسَ فَحُسِبَ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ رَسُولاً.) أعمال الرسل 1: 26
          ولماذا لم يختر يسوع بنفسه التلميذ الثانى عشر الذى سيحل محل يهوذا، على الرغم من أنه جلس معهم بعد قيامته أربعين يومًا؟
          س141- لم يصدق التلاميذ قيامة يسوع، بل ذهب بطرس والتلميذ الآخر ليتأكدا من خبر بعث الله تعالى له. نعم أكرر لقد بعثه الله. لقد بعث الله عبده يسوع من الموت، لأن الله حى لا يموت:
          1- (24اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ الْمَوْتِ ...) أعمال الرسل 2: 24
          2- (32فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِكَ.) أعمال الرسل 2: 32
          3- (15وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذَلِكَ.) أعمال الرسل 3: 15
          4- (26إِلَيْكُمْ أَوَّلاً إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ».) أعمال الرسل 3: 26 ، ولا أعرف سبباَ لاختيار المترجم كلمة (فتاه) بدلاً من عبده ، إلا تضليل شعب الكنيسة. فقد جاءت فى الكثير من التراجم كلمة عبده:
          Act 3:26 To you, first, God sent his servant, blessing you by turning every one of you from his sins. (BBE)
          Unto you first God, having raised up his Servant, sent him to bless you, in turning away every one of you from your iniquities. (ASV)
          Euch zuerst hat Gott, als er seinen Knecht erweckte, ihn gesandt, euch zu segnen, indem er einen jeden von euren Bosheiten abwendet. (GEB)
          Euch zuvِrderst hat Gott auferweckt seinen Knecht Jesus und hat ihn zu euch gesandt, euch zu segnen, daك ein jeglicher sich bekehre von seiner Bosheit. (GLB)
          وتترجمها الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، التى أصرت على ترجمة فتاه إلى عبده، لعلمها أن الفتى عبد وخادم لعبد لله من البشر، أما العبد فهو عبد لله وخادم له، وبذلك وأنقذت يسوع ورفعته من كونه فتى (عبد لعبد من عباد الله) إلى عبد (من عباد الله) قائلة: (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) أعمال الرسل 3: 26
          وتكررت فى الترجمة الكاثوليكية اليسوعية (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه) أعمال الرسل 3: 13
          وفى أعمال الرسل 4: 27 (27تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه،) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
          وفى أعمال الرسل 4: 30 (30باسِطًا يدَكَ لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
          وهذا يتطابق مع النصوص المذكورة أعلاه، ومع النصوص القادمة:
          5- (10فَلْيَكُنْ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِذَاكَ وَقَفَ هَذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحاً.) أعمال الرسل 4: 10
          6- (30إِلَهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ)أعمال الرسل 5: 30
          7- (40هَذَا أَقَامَهُ اللهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَأَعْطَى أَنْ يَصِيرَ ظَاهِراً) أعمال الرسل 10: 40
          8- (30وَلَكِنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ.) أعمال الرسل 13: 30
          9- (24بَلْ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضاً الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ.) رومية 4: 24
          10- (9لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ.) رومية 10: 9
          11- (12مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا اقِمْتُمْ ايْضاً مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي اقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ.) كولوسى 2: 12
          12: (21أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْداً، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ.) بطرس الأولى 1: 21
          والله العزيز لا يمكن أن يموت، وهذا تبعًا لأقوال الكتاب المقدس نفسه:
          (10أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ....) إرمياء 10: 10
          (26مِنْ قِبَلِي صَدَرَ أَمْرٌ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ سُلْطَانِ مَمْلَكَتِي يَرْتَعِدُونَ وَيَخَافُونَ قُدَّامَ إِلَهِ دَانِيآلَ لأَنَّهُ هُوَ الإِلَهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ وَمَلَكُوتُهُ لَنْ يَزُولَ وَسُلْطَانُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى) دانيال 6: 26
          (13أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاِعْتِرَافِ الْحَسَنِ: 14أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 15الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، 16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.) تيموثاوس الأولى 6: 13-16
          الأمر الذى يثبت عبودية يسوع لله تعالى ، وينفى ألوهيته الزائفة، ويثبت أن الله غنى عن الشركاء، وأنه هو الحى المحيى المميت، والحى الذى لا يموت.
          ويصف بولس الذين اتخذوا انساناً إلهاً وعبدوه بعد أن أنعم الله عليهم بنعمة العقل وعرفوا الإله الحقيقى الذى يُدينُ ولا يُدان، الحى الذى لا يُصلَبُ ولا يموت، القدوس الذى لا يُهان، بأنهم من الأنجاس الخالدين فى أتون النار: (21لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. 22وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ 23وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى وَالطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ وَالزَّحَّافَاتِ. 24لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضاً فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. 25الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 26لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ) رومية 1: 21-26
          فيقول يوحنا إنهم لم يكونوا يعرفوا الكتب: (8فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ وَرَأَى فَآمَنَ 9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ.) يوحنا 20: 8-9
          ويقول لوقا إن الرجلين الذين وجدتاه مريم ومريم المجدلية ذكرهما بما قاله يسوع إنه ينبغى أن يموت ويدفن فى باطن القبر ثلاثة ليالى، ثم يقوم: (4وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذَلِكَ إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ. 5وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ قَالاَ لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ 6لَيْسَ هُوَ هَهُنَا لَكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ 7قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ وَيُصْلَبَ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». 8فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ) لوقا 24: 4-8
          بل وفى لوقا أيضًا وبَّخ يسوع التلميذين وذكرهم بكل ما قاله عن موته وقيامته. لماذا يصر كتبة الأناجيل على تهميش دور التلاميذ، وإظهارهم بمظهر غير المؤمنين، الشكاكين، الجهلاء بالكتب، غير العالمين بتعاليم يسوع، غير متذكرين لتعاليمه، بل فاقتهم النساء فى هذا الأمر؟
          (22بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِراً عِنْدَ الْقَبْرِ 23وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. 24وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ فَوَجَدُوا هَكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضاً النِّسَاءُ وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ». 25فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ 26أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» 27ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ.) لوقا 24: 22-27
          أما عند متى فلا يوجد بعد قيامته وظهوره لهم شىء عن الكتب وعن تعاليم يسوع لهم أنه ينبغى أن يُصلب وفى اليوم الثالث يقوم، أو تذكر التلاميذ لشىء من قبيل هذا قد سبق وقاله لهم.
          (11فَلَمَّا سَمِعَ أُولَئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ وَقَدْ نَظَرَتْهُ لَمْ يُصَدِّقُوا.) مرقس 16: 11
          س142- من يقرأ رواية يوحنا فى ظهور يسوع لمريم المجدلية دون بطرس ويوحنا، يتملكه العجب. فلماذا لم يقابل يسوع هذين التلميذين، وآثر أن يظهر لمريم المجدلية دونهما؟ (1وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِراً وَالظّلاَمُ بَاقٍ. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعاً عَنِ الْقَبْرِ. 2فَرَكَضَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ وَقَالَتْ لَهُمَا: «أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ». .... 10فَمَضَى التِّلْمِيذَانِ أَيْضاً إِلَى مَوْضِعِهِمَا. 11أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجاً تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ 12فَنَظَرَتْ ملاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِداً عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعاً. 13فَقَالاَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟» قَالَتْ لَهُمَا: «إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ». 14وَلَمَّا قَالَتْ هَذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ وَأَنَا آخُذُهُ». 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ. 17قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ». 18فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هَذَا.) يوحنا 20: 1-18
          ولماذا لا يعرف مرقس شيئًا مسبقًا عن قيامته المزعومة هذه بدلا من المريمتين؟ فهل من المنطق أن تعرف المريمتان عن قيامته من قبل، حتى لو كانتا قد نسيتا، ولا يعرف مرقس كاتب أول إنجيل؟
          وهل من الطبيعى أن تتذكر المريمتان قيامة يسوع بعد تذكير الملاك أو الملاكين لهما، ولا يتذكر أى من تلاميذه عند تذكير المريمتان لهم بأنه قام، فيذهب بطرس ويوحنا ولم يعثرا عليه؟
          والأغرب من ذلك هو قول يوحنا أنه وبطرس لم يعرفا أن الكتب قالت عن قيامته، ولم يتذكرا أيضًا أو حتى يذكرا أن يسوع قال شيئًا فى تعاليمه عن قيامته. (8فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ وَرَأَى فَآمَنَ 9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ.) يوحنا 20: 8-9
          س143- يقول يوحنا عن قيامة يسوع: (8فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ وَرَأَى فَآمَنَ 9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ.) يوحنا 20: 8-9
          فإذا لم يكن يعلم التلاميذ عن قيامته من الأموات، فكيف تحدَّث يسوع عن آية يونان، التى سيموت بمقتضاها لمدة ثلاثة أيام ثم يُبعث؟ (39فَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. 40لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ.) متى 12: 38-40
          وبالمناسبة إن آية يونان لم يعرفها مرقس ولا يوحنا، لذلك لم يذكراها فى الأناجيل المنسوبة إليهما!!
          وكذلك يكون متى قد كذب عندما كتب أن يسوع أخذ الاثنى عشر معه وأخبرهم عن موته، ثم قيامته بعد ثلاثة أيام: (17وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِداً إِلَى أُورُشَلِيمَ أَخَذَ الاِثْنَيْ عَشَرَ تِلْمِيذاً عَلَى انْفِرَادٍ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ لَهُمْ: 18«هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ 19وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».) متى 20: 17-19؛ لوقا 9: 22؛ مرقس 10: 32-34؛ ولا يعرف يوحنا عن ذلك شيئًا.
          وهل من الطبيعى أن يعرف الصياد الأمى الكتاب وما يحتويه؟ (فلَمَّا رَأَوا جُرأَةَ بُطرُسَ ويوحَنَّا وقَد أَدركوا أَنَّهما أُمِّيَّان مِن عامَّةِ النَّاس، أَخَذَهُمُ العَجَب، وكانوا يَعرِفونَهما مِن صَحابَةِ يسوع،) أعمال الرسل 4: 13 (الترجمة الكاثوليكية اليسوعية)
          (فَتَعَجَّبَ الْمُجْتَمِعُونَ مِنْ جُرْأَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَلِّمَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ عَامَّةِ الشَّعْبِ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 4: 13 (كتاب الحياة)
          ثم إن قول الكتاب (9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: ...) يوحنا 20: 9، لدليل على أنهما كانا كتعلمان، ويعرفان الكتب ويتدارسونها، لكن لم يشمل علمهم بعد هذه النقطة. فإذا كان الصلب والفداء هو لب تعاليم يسوع، ويجهلها التلاميذ، ألا يدل ذلك على فشل يسوع كمعلم؟ أو فشله كإله فى انتقاء من يكون مؤهلا لحمل لواء الدعة من بعده؟ أو كذب الكتب فيما تناقلته عن قيامته المزعومة؟
          ثم أين هذه الكتب وأية شواهد هذه التى ذكرت شيئًا عن موت يسوع وقيامته؟
          إن الشواهد التى يتكلم عنها المسيحيون فى منتدياتهم وكتبهم ليست إلا تأويلاتهم للعهد القديم، وهى تأويلات فاسدة لا يقرها اليهود أصحاب هذه الكتب، ولا عقائدهم فى الله.
          أما استشهادهم على صحة قيامة يسوع من العهد الجديد فهى أيضًا غير مقبولة، لأن هذه الكتب عملت فيما بعد، أى بعد قول هذه النصوص التى نحن بصدد الحديث عنها. فمن المستحيل أن يُقصد بقولهم (9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: ...) كتب وأسفار العهد الجديد، أنها جاءت بعد هذه ألأحداث بعشرات السنين، هذا لو أحسنا الظن وصدقنا قولهم فى وقت كتابتها.
          س144- خرج يسوع من القبر تاركًا كفنه كدليل للبعض على أنه كان مقبورًا، فكيف ترك كفنه، دون وجود ملابس أخرى بديلة لديه يرتديها ليظهر بها وسط الناس؟ ومن أين حصل على ملابس ليرتديها؟ فهل كان يرتدى ملابس البستانى، بدليل ظن مريم المجدلية فى يسوع فى بادىء الأمر أنه البستانى؟ وأين كان البستانى وقتها؟ لقد كان وقت ظهور الشمس، أو قبلها. أى لم يكن البستانى قد أتى للعمل لعد. ومعنى ذلك أن يسوع سرق ملابسه. أو جعله يخلع ملابسه وتركه عريانًا وارتدى ملابسه! وهل قبل أن يمشى عريانًا بدون ملابس حتى وصل إلى مكان ملابس البستانى؟ ولو افترضنا أنه أخذ ملابس احتياطية كانت لدى البستانى، فكيف ظهر له واستأذنه وهو عارى بدون ملابس؟ وهو نفس ما نفهمه من خروج القديسين من مقابرهم، عرايا دون ملابس. ولا يفكر مسيحى: كيف ظهر هؤلاء القديسون للناس؟ وكيف مشوا وسط النساء والبنات والأطفال والرجال؟ ولو حدث ذلك، لكان هذا دليل على صدق ما يدين به اليهود عن المسيحيين، حيث إن القديسين الذين ظهروا كانوا من أتباع اليهودية التى سبقت يسوع، وجاء يسوع ليؤكدها، ولم ينقض نقطة واحدة أو حرف واحد منها.
          س145- ما هى أول معجزة قام بها يسوع؟ وأين كانت؟
          كانت معجزة يسوع الأولى هى تحويل الماء الطاهر إلى خمر معتقة، ولا يعرف هذه المعجزة إلا يوحنا، وكانت فى قانا بالجليل: (7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلَأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلَأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْراً وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ - لَكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا - دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ». 11هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ.) يوحنا 2: 7-11
          بينما يرى مرقس أن أول معجزات يسوع كانت إخراج روح نجسة من أحد الحاضرين بالمجمع فى كفرناحوم، وهى قرية تقع شمال غرب بحر الجليل. وتبعد نحو 50كم من الناصرة: (21ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ. 22فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ. 23وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ فَصَرَخَ 24قَائِلاً: «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ! أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ قُدُّوسُ اللَّهِ!» 25فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «اخْرَسْ وَاخْرُجْ مِنْهُ!» 26فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ.) مرقس 1: 21-25، ووافه لوقا 4: 31-37
          بينما قال متى إن أول معجزة ليسوع كانت شفاء حماة بطرس،وكانت فى كفر ناحوم: (14وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ بُطْرُسَ رَأَى حَمَاتَهُ مَطْرُوحَةً وَمَحْمُومَةً 15فَلَمَسَ يَدَهَا فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى فَقَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ.) متى 8: 14-15
          فهل كانت أول معجزة ليسوع هى تحويل الماء إلى خمر، كما يرى يوحنا، أم شفاء حماة بطرس، كما يرى متى، أم إخراج روح نجسة فى المجمع، كما يرى مرقس ولوقا؟ وهل هذه المعجزة تمت فى عرس قانا فى الجليل، كما رأى يوحنا، أم أثناء الصلاة فى المعبد، كما رأيا مرقس ولوقا، أم فى بيت بطرس، كما رأى متى؟
          س146- إذا سألت علماء النصارى عن ابن الإنسان، قالوا لك إنه يسوع. وإن سألت من هو الروح القدس؟ قالوا إنه الأقنوم الثالث فى الثالوث المتحد. ولو سألت هل هم ثلاثة؟ قالوا لك لا. إن الآب إله، والابن إله، والروح القدس إله، لكنهم ليسوا ثلاثة آلهة، ولكنهم إله واحد.
          ويقول متى على لسان يسوع: (31لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ. 32وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ لاَ فِي هَذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي.) متى 12: 31-32
          ويقول مرقس: (28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. 29وَلَكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً».) مرقس 3: 28-29
          فكيف يُغفر التجديف على ابن الإنسان، وهو الأقنوم الثانى فى الثالوث المتحد، ولا يُغفر التجديف على الأقنوم الثالث؟ ولو كان الثلاثة واحدًا، فكيف نفهم التمييز بينهما، حيث يُشير التمييز إلى اختلاف الأشخاص، وأهميتهم، وقدراتهم؟ ولو كان الثلاثة واحدًا، فكيف يغفر الرب لمن يجدف عليه بصفة واحدة من صفاته الأزلية، ويغفر للتجديف على الأخرى؟ ألا يدل هذا على كذب موضوع الأقانيم، وأنه لا يمكن أن يكون الثلاثة واحد مطلقًا؟
          ومن الملاحظ أن التجديف على الآب غير داخل فى منطقة عدم المغفرة، فكيف يُغفر التجديف على الآب، ولا يُغفر التجديف على الروح القدس؟ فهل الروح القدس أقدس وأعلى من الآب؟ فلماذا إذن تبدأون بسم الآب، وتثنُّونه بالابن، وتقدمونهما على الروح القدس، الذى تذهبون به فى أخر البسملة؟ فهل جار يسوع بذلك على حق الآب فى عدم الغفران لمن يجدف عليه؟
          يقول ناموس موسى: (15وَقُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ مَنْ سَبَّ إِلَهَهُ يَحْمِلُ خَطِيَّتَهُ 16وَمَنْ جَدَّفَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ رَجْماً. الْغَرِيبُ كَالْوَطَنِيِّ عِنْدَمَا يُجَدِّفُ عَلَى الاسْمِ يُقْتَلُ.) لاويين 24: 16
          ويقول: (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.) الخروج 20: 7، تثنية 5: 11
          فإذا كان الرب لا يغفر لمن يجدف عليه أو يكذب باسمه، فكيف يجور يسوع على حق الآب، ويلغى ما قاله الرب، وما يكون فيه رفعة وسمو لاسمه؟ أليس هذا هو الناموس الذى جاء يسوع ليؤكده ويعمل به؟ ألم يقل: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19؟ فلماذا نقض هذه الوصية؟ كيف لا ينتصر للآب، وهو قد جاء ليعمل فقط ما يرضيه؟ فهل لم يرض الرب فى الماضى بالتجديف على اسمه، ورضى فى المسيحية بالتجديف على اسمه وإهانته؟ وهل رضى يسوع أن يُدعى أصغر بسبب نقضه لهذه الوصية؟ إنهم أعداء يسوع، الذين كتبوا كل ما يشينه!
          إن الله لا يسمع إلا لمن يتقيه ويعمل مشيئته! أليس ما ذُكر فى وصاياه هى مشيئته؟ فلماذا لم يفعلها يسوع؟ إنهم أعداؤه الذين نسبوا إليه هذا الكلام! لقد كان يسوع لا يعمل إلا ما يأمره به الله، ولا يبتغى إلا مرضاته: يوحنا 9: 31 (31وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْمَعُ لِلْخُطَاةِ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَفْعَلُ مَشِيئَتَهُ فَلِهَذَا يَسْمَعُ.)
          يوحنا 8: 29 (...... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
          يوحنا 5: 30 (..... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
          يوحنا 17: 4 (......... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
          يوحنا 4: 34 (......... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
          يوحنا 12: 49-50 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».)
          وكيف يُغفر التجديف عليه هو نفسه ولا يُغفر التجديف على الروح القدس على الرغم من أن الابن يسبق الروح القدس فى البسملة؟ وإذا كان الروح القدس أقدس من الابن أو أهم منه، فلماذا أعطى الآب الابن الدينونة وملكوت السموات والأرض دون الروح القدس؟ فهل ما قاله يسوع يُعد مثلا تطيب خاطر للروح القدس على تهميشه وتهميش الآب له؟
          س147- يقول مرقس: (15وَفِيمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِهِ كَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَتَّكِئُونَ مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ لأَنَّهُمْ كَانُوا كَثِيرِينَ وَتَبِعُوهُ. 16وَأَمَّا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ يَأْكُلُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا بَالُهُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟» ....».) مرقس 2: 15-16
          فما هو حجم بيت يسوع هذا الذى يستوعب يسوع وتلاميذه وكثيرين من العشارين والخطاة والكتبة والفريسيين؟ أليس هو القائل: (...وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ) متى 8: 20 ؟
          وهذا يضعنا أمام احتمالات عديدة:
          1- أما أن يسوع لم يكن فقيرًا، بل كان غنيًا، ليكون بيته بهذا الحجم الذى يُمكِّنه من استضافة هذا العدد الغفير من الناس، وبالتالى فهو لم يتبرع هو بكل ما يملك للفقراء، ليدخل الملكوت، خلافًا لكل تعاليمه: (21قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِيناً لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ. 23فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 24وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضاً: إِنَّ مُرُورَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ».) متى 19: 21-24
          2- وإما لم يهاجم الأغنياء، ويكون كتبة الأناجيل قد كذبوا ليبعدوا أغنياء بنى إسرائيل من اتباع يسوع، وتكوين فرقًا تمكنهم بنفوذهم المادى من إنجاح دعوة يسوع.
          3- وإما هاجم الأغنياء، وكان هو أحدهم، وبالتالى يُتهم بالنفاق والكذب.
          4- وإما كان فقيرًا واغتنى من دعوته، فهو لم يكن له عمل غيره ذكرته الأناجيل، إلا قول إنه النجار ابن النجار. ولم يؤثر عنه أنه صنع أى أثاث أو قام بإصلاح أى أثاث.
          5- وإما أن يكون يسوع قد كذب فى ادعائه أنه ليس له أين يسند رأسه، لسبب لا نعلمه، أو كذب فى ادعائه أنه لن يدخل الملكوت غنيًا.
          6- وإما أن يكون ابن الإنسان شخصًا آخر غيره، كان يتكلم عنه بصيغة الغائب.
          إلا أن لوقا يصدمنا بأنه حكى هذه القصة، إى أن البيت لم يكن بيت يسوع، بل بيت اللاوى نفسه: (27وَبَعْدَ هَذَا خَرَجَ فَنَظَرَ عَشَّاراً اسْمُهُ لاَوِي جَالِساً عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». 28فَتَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ وَقَامَ وَتَبِعَهُ. 29وَصَنَعَ لَهُ لاَوِي ضِيَافَةً كَبِيرَةً فِي بَيْتِهِ. وَالَّذِينَ كَانُوا مُتَّكِئِينَ مَعَهُمْ كَانُوا جَمْعاً كَثِيراً مِنْ عَشَّارِينَ وَآخَرِينَ. 30فَتَذَمَّرَ كَتَبَتُهُمْ وَالْفَرِّيسِيُّونَ عَلَى تَلاَمِيذِهِ قَائِلِينَ: «لِمَاذَا تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مَعَ عَشَّارِينَ وَخُطَاةٍ؟») لوقا 5: 27-30
          ويحكيها متى بتقاصيل أخرى: (9وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ رَأَى إِنْسَاناً جَالِساً عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ. 10وَبَيْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي الْبَيْتِ إِذَا عَشَّارُونَ وَخُطَاةٌ كَثِيرُونَ قَدْ جَاءُوا وَاتَّكَأُوا مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ. 11فَلَمَّا نَظَرَ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟») متى 9: 9-11
          بغض النظر عن الخلاف فى اسم الضيف، وهل هو لاوى (كما جاءت عند مرقس ولوقا) أم متى (كما جاءت عند متى)، حيث لا يمكن التوفيق بينهما بجعل متى هو اللاوى، حيث لا يوجد دليل على ذلك.
          فما معنى قول يسوع له اتبعنى، ثم نجدهما فى بيت اللاوى؟ فهل دعا يسوع اللاوى ليذهب به إلى بيته (بيت اللاوى)؟ أى هل فرض يسوع نفسه على اللاوى وبيته؟ وإن وافقنا على هذا بفرض أنهما يعرفان بعضهما، فهل من المنطق السليم أن يدعوا يسوع نفسه ثم يأخذ كل التلاميذ والعشارين والكتبة والفريسيين معه؟
          لذلك كانت الدعوة عند متى فى بيت يسوع، حيث لا يُعقل أن يعرف العشارون والخطاة والفريسيون والكتبة أن يسوع فى بيت اللاوى، ويفرضون أنفسهم عليه!! وإلا لكان يسوع هو الذى تبع اللاوى، وليس العكس.
          ثم كيف ترك اللاوى جامع الضرائب كل شىء فى مكانه؟ فهل ترك النقود التى يحصلها من أجل الرومان؟ هل ترك السجلات التى تشير إلى الدافعين من غيرهم والمبالغ التى دفعونها والمبالغ المتبقية على البعض منهم؟ فلماذا لم يلفت يسوع نظره إلى هذه السجلات التى تحفظ حقوق العباد؟ ولماذا لم يأخذ معه النقود المتحصلة من الدافعين ليسلمها للرومان، وتركه يفرط فى عمله؟
          ولو كان اللاوى ذو عمل غير مقبول، وتُعد نقوده من عمل مُحرَّم، فهل قبل يسوع أن يأكل من مال حرام؟ أم كان يسوع غنيًا وكانت الدعوة فى بيته، وكل ما قام به اللاوى هو إعداد الطعام فقط؟ ولك أن تفكر كم كانت تتكلف مثل هذه الدعوة! ومن أين أتى يسوع بهذا المال؟ ولماذا لم يتبرع به للفقراء، كما أمر من أراد دخول الملكوت من قبل؟ ولماذا لم يأمر اللاوى أن يعطى هذا الطعام أو ثمنه للفقراء؟
          وقد يصلح الأمر بأن يبيع الإنسان كل ما يملك ويعطيه الفقراء مع إنسان كان مقتنعًا بأن القيامة وشيكة، ويأس من إصلاح العالم، وينتظر آخرة أفضل من دنياه التى عانى فيها. وهو نفس ما كان يؤمن به يسوع: فقد كان يؤمن أن اليوم الآخر وشيك الحدوث قبل أن ينتهى جيله الذى كان يخاطبهم:
          (29«وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 33هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً مَتَى رَأَيْتُمْ هَذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هَذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ. 35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.) متى 24: 29-35، لوقا 21: 25-33، مرقس 13: 24-31
          بل أكد يسوع على هذا المعنى بقوله: (27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. 28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ هَهُنَا قَوْماً لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي مَلَكُوتِهِ».) متى 16: 27-28
          وأكده أيضًا بقوله: (26لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فَبِهَذَا يَسْتَحِي ابْنُ الإِنْسَانِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِهِ وَمَجْدِ الآبِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ. 27حَقّاً أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ هَهُنَا قَوْماً لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا مَلَكُوتَ اللهِ».) لوقا 9: 26-27
          وها هى السنون قد مرت والقرون قد ولَّت، ولم يأت يسوع بعد، ومات كل تلاميذه ومعاصروه. فهل صدق يسوع فى هذه الأقول؟ لا. وهل عدم صدقه وسوء تنبؤه يدل على أنه إله؟ لا. وما حكم الكتاب المقدس فى الإنسان الذى يتنبأ بأقوال خاطئة وينسبها للرب؟ القتل.
          (20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ. 21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».) التثنية 18: 20-22
          لكن هل كان يسوع يتكلم بوحى من الرب؟ أو هل ادعى أن أقواله وأفعاله هى من عند الرب؟ أى هل نسب أقواله وأفعاله للرب، حتى يصدق هذا الحكم عليه؟ نعم، لقد قال: (... وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...) يوحنا 8: 40
          وقال إن كل ما علمه الناس أو أخبرهم به هو من عند الرب: (7وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ 8لأَنَّ الْكلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِيناً أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.) يوحنا 17: 7-8
          وهذا النص يثبت للأسف أنه (عليه السلام) نبى كاذب (وحاشاه) استحق الموت قتلا (كما يؤمنون)، وأنه ليس بإله، لأن الرب صادق فى كل ما يقوله، أو يثبت تحريف الكتاب، وأن كتبته ينسبون للرب والأنبياء ما لم ينزل الله به من سلطان.
          لكن ما سبب قولهم بنهاية الزمان وقرب يوم القيامة، على الرغم من أن النص يتكلم عن قرب ظهور ابن الإنسان بملكوت الله؟ فهل أرادوا إحباط الناس وجعلهم يزهدون فى الدنيا ومشاكلها، حتى يتم لهم التخلص من أتباع يسوع؟ أم أرادوا زهد الناس وعدم قيامهم بمحاولات تعاكس كهنة المعبد فيما يرمون إليه، فى انتظارهم القريب لهذا المخلِّص؟ أم أرادوا أن يتوقع الناس قرب ظهور النبى الخاتم (المسِّيِّا) فى زمن غير زمانه، ويسبقه بعدة قرون، حتى ييأس الناس من ظهوره، ويعتبرونه قد ظهر أو يكفروا بقدومه، أو يأولوا قدومه وملكوته على أنه ملكوت روحانى؟
          وهل تصلح نصوص (إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ ..... إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ) فى حياتنا المعاصرة اليوم؟ وهل تصلح هذه النصوص لقيام دولة ذات اقتصاد قوى؟ هل الفقر هذا يساعد على قيام دولة حديثة متطورة صناعيًا وتكنولوجيًا وطبيًا وزراعيًا وعلميًا واقتصاديًا وحربيًا؟ ولو باع كل غنى كل ما يملك وأعطاه الفقراء، فهل ستنتهى مشكلة الفقر فى العالم، أم سيتحول كل الناس فقيرهم وغنيهم إلى فقراء؟
          س148- يقول متى على لسان يسوع: (18وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ جُمُوعاً كَثِيرَةً حَوْلَهُ أَمَرَ بِالذَّهَابِ إِلَى الْعَبْرِ. 19فَتَقَدَّمَ كَاتِبٌ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». 20فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». 21وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَا سَيِّدُ ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 22فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ».) متى 8: 18-20
          كان التلاميذ حاضرون هذا اللقاء. وأتعجب أنه عندما قال يسوع (وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ)، أنه لم يدعوه أحدهم لبيته، ليسترح فيه! فهو موقف غريب حتى من الكاتب الذى قال له (يَا مُعَلِّمُ أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي)! فهل فهموا كما نفهم نحن اليوم أن ابن الإنسان غير يسوع؟
          والأغرب من ذلك الجملة التى تليها، فيقول له أحد الأتباع، الذى لم يُذكر اسمه، مستئذنًا أن يذهب ويدفن أباه! ويرفض يسوع قائلا: (اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ). ما هذا؟ وما علاقة الفقرة الأولى (19-20) بالفقرة الثانية التى تلها (21-22)؟ والمدقق فى فهم الجملة يجد أن من يدفن الميت هم أهله. وعلى ذلك فالموتى الذين سيدفنون أبا هذا التلميذ هم اخوته وأعمامه وأقربائه. وبالتالى فقد شتم يسوع أهل هذا التلميذ، الذين لم يؤمنوا به! ويستحيل على العقل أن يفهم جملة يسوع (اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ) على حقيقة الأمر، حيث لا يدفن الميت ميتًا!
          والأغرب من ذلك أن يترك هذا التلميذ من الأساس أباه وأسرته التى تحتاج إليه فى مثل هذا الوقت لمؤازرتها!! فهل هذا من بر الإنسان بأبيه أو بباقى أسرته؟ هل الفظاظة فى المعاملة هو طريق قويم للدعوة؟
          والقارىء المتدبر هنا على أحد هذين الاحتمالين:
          1- إما أن يسوع كان يعرف (كإله) بموت أبى الرجل، وتركه يتبعه، ورفض أن يذهب ليدفنه، وهذا ينفى عنه الألوهية، إذ أن الله تعالى يأمر بالعدل والإحسان والبر، ويأمر الشيطان بعكس كل هذه الفضائل.
          2- وإما أنه لم يكن على علم بذلك، وهذا ينفى عنه الألوهية لجهله، فلا يجهل الإله شيئًا.
          وعلى الجانب الآخر لماذا ذهب يسوع إلى العبر؟ هل كان يتفادى الجموع الكبيرة ليخبرهم عن دعوته؟
          س149- ينسب يوحنا إلى يسوع القول: (13وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.) يوحنا 3: 13
          ونقف هنا عدة وقفات تظهر أن هذه الجملة يستحيل أن تكون من أقوال يسوع للأسباب الآتية:
          1- لو اعتبرنا أن يسوع هو ابن الإنسان، فهو كان يخاطبهم على الأرض، وهو الذى نزل من السماء، ولم يكن بعد قد صعد. فكيف يستخدم صيغة الماضى فى أن ابن الإنسان صعد إلى السماء؟
          2- إن عبارة (الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ) أضافتها أيدى النساخ فيما بعد، فهى غير موجودة فى أقدم المخطوطات، لذلك حذفتها الترجمة العربية المشتركة بين الكنائس الثلاثة الكبرى: الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية، والترجمة الكاثوليكية اليسوعية. وأبقت عليها ترجمة كتاب الحياة، والترجمة البولسية.
          (13ما صَعِدَ أحَدٌ إلى السَّماءِ إلاَّ اَبنُ الإنسانِ الّذي نزَلَ مِنَ السَّماءِ.) يوحنا 3: 13 (الترجمة العربية المشتركة)
          (13فما مِن أَحَدٍ يَصعَدُ إِلى السَّماء إِلاَّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء وهو ابنُ الإِنسان.) يوحنا 3: 13 (الترجمة الكاثوليكية اليسوعية)
          3- كاتب هذه العبارة لا يعلم شيئًا عن العهد القديم، ولا عن الرسالة إلى العبرانيين. فهو لا يعرف أنه صعد إلى السماء من قبل اثنان: أخنوخ وإيليا
          (24وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.) تكوين 5: 24
          (5بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ - إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ.) عبرانيين 11: 5
          (11وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.) ملوك الثانى 2: 11
          س150- اتفقت الأناجيل على أن المجمع حاكم يسوع وأدانه واتهمه بالتجديف على الله. وإن الهيئة التى لها صلاحية القبض على إنسان ما ومحاكمته، تملك أيضًا تنفيذ الحكم عليه. وهكذا كان بالفعل مجمع الكهنة، ففى القضايا الدينية لم يكن للرومان أى تدخل فيها. فلماذا صُلب يسوع إذن بحكم من الرومان، ولم يُرجم بحكم الكتاب ومجلس الكهنة؟
          إن الصلب ليس له أدنى معنى إلا اتهام يسوع بمحاولة الانقلاب على الامبراطورية الرومانية. ومن هنا يمكنهم أن يخلعوا عليه لقب المسِّيِّا. ولكنهم نسوا أنه تبعًا لنبوءة دانيال فإن المسِّيِّا لن يُصلب، ولكنه سينتصر على الإمبراطورية الرومانية، وستكون نهايتها على يديه. ومن ناحية أخرى أرادوا تحقير يسوع عند المؤمنين من بنى إسرائيل، إذ إن المعلَّق على خشبة ملعون: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13

          تعليق

          • abubakr_3
            مشرف عام

            • 15 يون, 2006
            • 849
            • مسلم

            #20
            س137- من الذى قام بشراء حقل الدم؟ هل هو يهوذا نفسه كما يحكى (أعمال الرسل 1: 18) أم كهنة المعبد كما يحكى (متى 27: 3-)؟
            (18فَإِنَّ هَذَا اقْتَنَى حَقْلاً مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ وَإِذْ سَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسَطِ فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا.) أعمال الرسل 1: 18
            (3حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ 4قَائِلاً: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَماً بَرِيئاً». فَقَالُوا: «مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!» 5فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. 6فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: «لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ». 7فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ.) متى 27: 3-7
            س210- يحتار قارىء الكتاب الذى يدعونه الكتاب المقدس من صفات الرب، فهل هو إله رحيم حرَّم القتل إلا بالحق؟ أم أباح القتل وسفك الدماء دون مبرر؟ وقد يتفهم الإنسان أن يُشرِّع الرب قتل القاتل، أو عابد الأوثان، أو يُعاقب المخالف لتعاليم الرب بعقوبة تتناسب مع مخالفته. لكن ما ذنب الأطفال أو الأجنة فى بطون أمهاتهم أن يقتلوا فى حرب يشنها بنو إسرائيل على مخالفيهم؟
            لماذا يأمر الرب بقتل الأطفال والأجنة فى بطون أمهاتهم؟ أين الجمعيات التى تُدافع عن المرأة أو الأطفال؟ أليس من حق المجتمع أن تُلغى هذه الفقرات من هذا الكتاب الذى يدعونه مقدسًا؟ ألم يكن برنارد شو على حق عندما طالب المجتمع الدولى بوضع هذا الكتاب فى خزانة حديدية لا تُفتَح مُطلقًا؟ أليس من العدل أن يفهم كل الناس المؤمنين بهذا الكتاب أنه يستحيل أن يأمر إله المحبة والرحمة بمثل هذه الأوامر؟
            أتمنى أن أقرأ كتابًا لدكتور فى علم النفس يُحلل شخصية يهوه ويسوع فى هذا الكتاب!!
            (6فَحَرَّمْنَاهَا كَمَا فَعَلنَا بِسِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ مُحَرِّمِينَ كُل مَدِينَةٍ: الرِّجَال وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَال. 7لكِنَّ كُل البَهَائِمِ وَغَنِيمَةِ المُدُنِ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا.) تثنية 3: 6- 7
            (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 21-24
            (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً»)صموئيل الأول15: 3
            (وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: [اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!] 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَداً.) ملوك الثانى 2: 23-24
            (13لِذَلِكَ أُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَتَتَزَعْزَعُ الأَرْضُ مِنْ مَكَانِهَا فِي سَخَطِ رَبِّ الْجُنُودِ وَفِي يَوْمِ حُمُوِّ غَضَبِهِ. 14وَيَكُونُونَ كَظَبْيٍ طَرِيدٍ وَكَغَنَمٍ بِلاَ مَنْ يَجْمَعُهَا. يَلْتَفِتُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شَعْبِهِ وَيَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَرْضِهِ. 15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ. 17هَئَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْهِمِ الْمَادِيِّينَ الَّذِينَ لاَ يَعْتَدُّونَ بِالْفِضَّةِ وَلاَ يُسَرُّونَ بِالذَّهَبِ 18فَتُحَطِّمُ الْقِسِيُّ الْفِتْيَانَ ولاَ يَرْحَمُونَ ثَمَرَةَ الْبَطْنِ. لاَ تُشْفِقُ عُيُونُهُمْ عَلَى الأَوْلاَدِ)أشعياء 13: 13-18
            (22لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: [هَئَنَذَا أُعَاقِبُهُمْ. يَمُوتُ الشُّبَّانُ بِالسَّيْفِ وَيَمُوتُ بَنُوهُمْ وَبَنَاتُهُمْ بِالْجُوعِ. 23وَلاَ تَكُونُ لَهُمْ بَقِيَّةٌ لأَنِّي أَجْلِبُ شَرّاً عَلَى أَهْلِ عَنَاثُوثَ سَنَةَ عِقَابِهِمْ) إرمياء 11: 22-23
            (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
            (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
            ([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
            فهل من صفات يهوه، الذى أصبح يسوع فيما بعد، أنه إله رحيم؟ لم أسمع ببلطجى قتل طفلا رضيعًا، فهل الرب أقسى من البلطجى؟ ما حكمة الرب من هذا الإرهاب؟ هل لكى يعتنقوا دينه، ويؤمنوا أنه هو الرب؟ وهل هذه صفات إله يطلب أو يأمر الناس بالإيمان به؟ أين حسن الدعوة فى الدين؟ ومن هم الذين سيُكلَّفون بهذه المهمة؟ إنهم بنو إسرائيل الذين لعنهم الرب فى كل مواقفهم تقريبًا، وكانوا دائمى التوجه إلى الوثنية وعبادة آلهة الكنعانيين. فبأى حق يتسلط عابدو الأوثان على عابدى الأوثان، إلا بحق البلطجة والإكراه فى الدين أو تصفية الرب للظالمين بالظالمين؟
            س138- لقد نزل يسوع إلى الجحيم بعد موته، وهذا من ثوابت الإيمان المسيحى:
            (9وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أيضًا أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. 10اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أيضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلَأَ الْكُلَّ.) أفسس 4: 9-10
            وقال الكتاب أيضًا: (31سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَاداً.) أعمال الرسل 2: 31
            وقال بطرس: (18 فَإِنَّ الْمَسِيحَ أيضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتاً فِي الْجَسَدِ وَلَكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ، 19الَّذِي فِيهِ أيضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ) رسالة بطرس الأولى 3: 18-19
            وقال القديس كريستوم فى سنة 347 م: ”لا ينكر نزول المسيح إلى الجحيم إلا كافر“. (ص 152)
            وقال القديس كليمندس السكندرى فى أوائل القرن الثالث الميلادى: ”قد بشَّرَ يسوع فى الإنجيل أهل الجحيم، كما بشَّرَ به وعلَّمه لأهل الأرض، كى يؤمنوا به ويخلصوا أينما كانوا. فإذا نزل الرب إلى الجحيم توفيقًا لبشارة الإنجيل ، أيكون نزوله من أجل الجميع، أم من أجل اليهود خاصة؟ فإذا كان من أجل الجميع فكل من آمن به نجا، وإن كان من أجل الأمم التى طالما اعترفت به هنالك تكون الطامة على غيرها.“ ووافق عليه القديس أوريجن ، فقال بنزوله إلى الجحيم!! (ص152)
            وقال بنزوله إلى الجحيم أيضًا القديس نيكوديموس فى إنجيله الذى لا تعترف به الكنيسة، وذكر الحديث الذى دار بينه وبين رئيس الشياطين فى الإصحاح 15 و17، الذى كان من أهل الجحيم، وخلَّصَ من فيها من النساء والأطفال والرجال!(ص152)
            ولن أسأل هل كان الشيطان فعلا فى الجحيم محبوسًا مع الأشرار؟ إنهم يقولون نعم. فما حاجة يسوع أن يتكلم معه؟ وكيف كان فى الجحيم وهو من بضعة أشهر كان قد حبس يسوع فى البرية وأخذ يجربه (يمتحنه)، ولم يتركه إلا بعد أربعين يومًا؟ فمتى حُبس الشيطان فى الوقت الذى كان فيه الإله متجسدًا فى صورة رجل؟ وكيف يكون الشيطان إله مملكة العالم السفلى، وإله هذا العالم؟ فهل انتزع الألوهية والسيطرة على هذه البقاع من الرب؟
            هل تعرفون من هو أسعد المذنبين فى الدنيا، وأوفرهم حظًا؟
            إنه يهوذا الإِسْخَرْيُوطِيّ. فقد مات مباشرة قبل يسوع. وبموت يسوع نزل إلى الأراضى السفلية وخلص من كان بها من المذنبين. أى مكث الأنبياء والشهداء والصالحين هذا العمر الطويل الذى يمتد آلاف السنوات فى انتظار تجسد إلههم وموته ليكفر عنهم الذنب الذى لم يقترفوه، وهو ذنب عصيان آدم وحواء من الشجرة المحرمة عليهما، بينما خان يهوذا الرب نفسه، ودفعه للصلب، وأسلمه ليد أعدائه، ولم يمكث إلا بضعة ساعات، ثم حرره من النار، كما حرر غيره.
            وبذلك بُرِّىء يهوذا من ذنب يستحق عليه العذاب الأبدى، بينما بُرِّىء الآخرون من ذنب لم يقترفوه.
            س139- قال يسوع (40لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا.) مرقس 9: 40
            وأكد لوقا قول يسوع هذا بقوله: (50فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا».) لوقا 9: 50
            وهذا بديهى، وبذلك يثبت أنه جاء من أجل السلام، وأن الله محبة. وهذا ما أكده القرآن أيضًا بقول الله تعالى لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8]
            وعارض لوقا بعد ذلك ما قاله يسوع من قبل، وما أكده هو نفسه بقوله: (23مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.) لوقا 11: 23
            وهنا المشكلة.
            فلو أُطلقت هذه الجملة الأخيرة دون تأصيل إسلامى لكانت مشكلة، ويُتهم الكتاب ويسوع بالتعصب، وعدم تحمل رأى الآخر، أو المعايشة مع المخالفين لهم فى العقيدة والفهم. وهو عين ما حدث منهم فى كل تاريخهم القديم مع مخالفيهم من اليهود والمسلمين، بل مع المسيحيين المخالفيهم لهم فى العقيدة.
            لكن لو فهمنا أنه من لا يجمع معى الناس على كتاب الله، ويُحكم شريعته الغراء، السمحة، ويدعو إلى تمكين الله وحده من حكم ملكوته على الأرض (ملكوت الله)، من أجل إسعاد الناس الأغنياء والفقراء، لتتمكن الفضيلة والعدل من كل ما يحيا على الأرض، فمن لا يفعل كل هذا، فهو ضدنا، لأن هذه هى إرادة الله، إله المحبة والسلام، والعدل، والفضيلة، والتقوى، أن تسعد كل مخلوقاته فى ظل شريعته. فمن لا يريد هذا فهو ضد الله، وضد المجتمع، وضد السلام، وضد العدالة.
            وللأسف لا يمكن للمسيحيين اتخاذ هذا المعنى لإنقاذ هذين القولين المتعارضين، لأنهم لا يؤمنون بوجود إنجيل مع يسوع، ولا نزول إنجيل من الأساس عليه. وتكوَّن هذا الكتاب الذى بين أيديهم والمُسمَّى بالعهد الجديد بعد رفعه بعدة قرون، كما أوضحنا من قبل.
            س140- يقول بولس فى أحد الرسائل المنسوبة إليه إن يسوع ظهر أولا لصفا، ثم ظهر للتلاميذ الاثنى عشر. وهنا تتناقض الروايات بهذا الشأن، الأمر الذى دفع البعض من علماء الغرب وعلمانييهم إلى إنكار حادثة القيامة من أساسها: فلمن ظهر أولا؟ هل ظهر لصفا؟ أم لمريم المجدلية فى البستان؟ أم ظهر لمريم المجدلية فى طريقها إلى التلاميذ؟ أم ظهر لتلميذين أثناء توجههما إلى قرية عمواس (لوقا 24: 16-20)؟ على الرغم أنه عند لوقا يقول التلاميذ إن يسوع ظهر لسمعان، ولكن ظهوره له كان على اليقين بعد ظهوره للتلميذين الذين اتجها إلى عمواس. (34وَهُمْ يَقُولُونَ: «إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ!») لوقا 24: 34، لأن رواية التلميذين المتجهين إلى عمواس، تمت مباشرة بعد أن أخبرت مريم المجدلية التلاميذ الأحد عشر، ثم ذهب بطرس ونظر المقبرة، ثم جاءت بعدها رواية لقاء يسوع بالتلميذين: (9وَرَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهَذَا كُلِّهِ. ...... 12فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ فَانْحَنَى وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً وَحْدَهَا فَمَضَى مُتَعَجِّباً فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ.) لوقا 24: 9 و12
            فعند مرقس ظهر للمجدلية وحدها أولا، بالقرب من المقبرة، وهو أمر لا يعرف عنه لوقا شيئًا: (9وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِراً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ.) مرقس 16: 9
            وعند متى ظهر للمجدلية ومريم الأخرى أولا: (7وَاذْهَبَا سَرِيعاً قُولاَ لِتَلاَمِيذِهِ إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا». 8فَخَرَجَتَا سَرِيعاً مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ. 9وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ.) متى 28: 7-9
            وعند لوقا ظهر للتلميذين المتجهين إلى قرية عمواس أولا، ولا يعرف أحد من الكتاب الآخرين شيئًا عن هذا اللقاء (لوقا 24: 16-20)
            عند يوحنا ظهر للمجدلية وحدها أولا: (14وَلَمَّا قَالَتْ هَذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ وَأَنَا آخُذُهُ». 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ.) يوحنا 20: 14-16
            فمَن من الإنجيليين الأربعة يقول الحق؟ فلو صدقنا بولس فى روايته، لكذبنا الإنجيليين الأربعة. فعند بولس ظهر لصفا أى بطرس أولا: (5وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ.) كورنثوس الأولى 15: 5، فكيف تُحل هذه المشكلة؟
            ثم كيف ظهر للاثنى عشر، وقد انتحر يهوذا على قولهم أثناء محاكمة يسوع، ولم يختاروا التلميذ الاثنى عشر إلا بعد اليوم الأربعين؟ (26ثُمَّ أَلْقَوْا قُرْعَتَهُمْ فَوَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى مَتِّيَاسَ فَحُسِبَ مَعَ الأَحَدَ عَشَرَ رَسُولاً.) أعمال الرسل 1: 26
            ولماذا لم يختر يسوع بنفسه التلميذ الثانى عشر الذى سيحل محل يهوذا، على الرغم من أنه جلس معهم بعد قيامته أربعين يومًا؟
            س141- لم يصدق التلاميذ قيامة يسوع، بل ذهب بطرس والتلميذ الآخر ليتأكدا من خبر بعث الله تعالى له. نعم أكرر لقد بعثه الله. لقد بعث الله عبده يسوع من الموت، لأن الله حى لا يموت:
            1- (24اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضاً أَوْجَاعَ الْمَوْتِ ...) أعمال الرسل 2: 24
            2- (32فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِكَ.) أعمال الرسل 2: 32
            3- (15وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذَلِكَ.) أعمال الرسل 3: 15
            4- (26إِلَيْكُمْ أَوَّلاً إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ أَرْسَلَهُ يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ».) أعمال الرسل 3: 26 ، ولا أعرف سبباَ لاختيار المترجم كلمة (فتاه) بدلاً من عبده ، إلا تضليل شعب الكنيسة. فقد جاءت فى الكثير من التراجم كلمة عبده:
            Act 3:26 To you, first, God sent his servant, blessing you by turning every one of you from his sins. (BBE)
            Unto you first God, having raised up his Servant, sent him to bless you, in turning away every one of you from your iniquities. (ASV)
            Euch zuerst hat Gott, als er seinen Knecht erweckte, ihn gesandt, euch zu segnen, indem er einen jeden von euren Bosheiten abwendet. (GEB)
            Euch zuvörderst hat Gott auferweckt seinen Knecht Jesus und hat ihn zu euch gesandt, euch zu segnen, daß ein jeglicher sich bekehre von seiner Bosheit. (GLB)
            وتترجمها الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، التى أصرت على ترجمة فتاه إلى عبده، لعلمها أن الفتى عبد وخادم لعبد لله من البشر، أما العبد فهو عبد لله وخادم له، وبذلك وأنقذت يسوع ورفعته من كونه فتى (عبد لعبد من عباد الله) إلى عبد (من عباد الله) قائلة: (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) أعمال الرسل 3: 26
            وتكررت فى الترجمة الكاثوليكية اليسوعية (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه) أعمال الرسل 3: 13
            وفى أعمال الرسل 4: 27 (27تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه،) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
            وفى أعمال الرسل 4: 30 (30باسِطًا يدَكَ لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
            وهذا يتطابق مع النصوص المذكورة أعلاه، ومع النصوص القادمة:
            5- (10فَلْيَكُنْ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِذَاكَ وَقَفَ هَذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحاً.) أعمال الرسل 4: 10
            6- (30إِلَهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ)أعمال الرسل 5: 30
            7- (40هَذَا أَقَامَهُ اللهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَأَعْطَى أَنْ يَصِيرَ ظَاهِراً) أعمال الرسل 10: 40
            8- (30وَلَكِنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ.) أعمال الرسل 13: 30
            9- (24بَلْ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضاً الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ.) رومية 4: 24
            10- (9لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ.) رومية 10: 9
            11- (12مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا اقِمْتُمْ ايْضاً مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي اقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ.) كولوسى 2: 12
            12: (21أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْداً، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ.) بطرس الأولى 1: 21
            والله العزيز لا يمكن أن يموت، وهذا تبعًا لأقوال الكتاب المقدس نفسه:
            (10أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ....) إرمياء 10: 10
            (26مِنْ قِبَلِي صَدَرَ أَمْرٌ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ سُلْطَانِ مَمْلَكَتِي يَرْتَعِدُونَ وَيَخَافُونَ قُدَّامَ إِلَهِ دَانِيآلَ لأَنَّهُ هُوَ الإِلَهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ وَمَلَكُوتُهُ لَنْ يَزُولَ وَسُلْطَانُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى) دانيال 6: 26
            (13أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاِعْتِرَافِ الْحَسَنِ: 14أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 15الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، 16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.) تيموثاوس الأولى 6: 13-16
            الأمر الذى يثبت عبودية يسوع لله تعالى ، وينفى ألوهيته الزائفة، ويثبت أن الله غنى عن الشركاء، وأنه هو الحى المحيى المميت، والحى الذى لا يموت.
            ويصف بولس الذين اتخذوا انساناً إلهاً وعبدوه بعد أن أنعم الله عليهم بنعمة العقل وعرفوا الإله الحقيقى الذى يُدينُ ولا يُدان، الحى الذى لا يُصلَبُ ولا يموت، القدوس الذى لا يُهان، بأنهم من الأنجاس الخالدين فى أتون النار: (21لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. 22وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ 23وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى وَالطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ وَالزَّحَّافَاتِ. 24لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضاً فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. 25الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 26لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ) رومية 1: 21-26
            فيقول يوحنا إنهم لم يكونوا يعرفوا الكتب: (8فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ وَرَأَى فَآمَنَ 9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ.) يوحنا 20: 8-9
            ويقول لوقا إن الرجلين الذين وجدتاه مريم ومريم المجدلية ذكرهما بما قاله يسوع إنه ينبغى أن يموت ويدفن فى باطن القبر ثلاثة ليالى، ثم يقوم: (4وَفِيمَا هُنَّ مُحْتَارَاتٌ فِي ذَلِكَ إِذَا رَجُلاَنِ وَقَفَا بِهِنَّ بِثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ. 5وَإِذْ كُنَّ خَائِفَاتٍ وَمُنَكِّسَاتٍ وُجُوهَهُنَّ إِلَى الأَرْضِ قَالاَ لَهُنَّ: «لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ 6لَيْسَ هُوَ هَهُنَا لَكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ 7قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ وَيُصْلَبَ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». 8فَتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ) لوقا 24: 4-8
            بل وفى لوقا أيضًا وبَّخ يسوع التلميذين وذكرهم بكل ما قاله عن موته وقيامته. لماذا يصر كتبة الأناجيل على تهميش دور التلاميذ، وإظهارهم بمظهر غير المؤمنين، الشكاكين، الجهلاء بالكتب، غير العالمين بتعاليم يسوع، غير متذكرين لتعاليمه، بل فاقتهم النساء فى هذا الأمر؟
            (22بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِراً عِنْدَ الْقَبْرِ 23وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. 24وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ فَوَجَدُوا هَكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضاً النِّسَاءُ وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ». 25فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ 26أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» 27ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ.) لوقا 24: 22-27
            أما عند متى فلا يوجد بعد قيامته وظهوره لهم شىء عن الكتب وعن تعاليم يسوع لهم أنه ينبغى أن يُصلب وفى اليوم الثالث يقوم، أو تذكر التلاميذ لشىء من قبيل هذا قد سبق وقاله لهم.
            (11فَلَمَّا سَمِعَ أُولَئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ وَقَدْ نَظَرَتْهُ لَمْ يُصَدِّقُوا.) مرقس 16: 11
            س142- من يقرأ رواية يوحنا فى ظهور يسوع لمريم المجدلية دون بطرس ويوحنا، يتملكه العجب. فلماذا لم يقابل يسوع هذين التلميذين، وآثر أن يظهر لمريم المجدلية دونهما؟ (1وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ إِلَى الْقَبْرِ بَاكِراً وَالظّلاَمُ بَاقٍ. فَنَظَرَتِ الْحَجَرَ مَرْفُوعاً عَنِ الْقَبْرِ. 2فَرَكَضَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ وَقَالَتْ لَهُمَا: «أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ». .... 10فَمَضَى التِّلْمِيذَانِ أَيْضاً إِلَى مَوْضِعِهِمَا. 11أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجاً تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ 12فَنَظَرَتْ ملاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِداً عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعاً. 13فَقَالاَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟» قَالَتْ لَهُمَا: «إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ». 14وَلَمَّا قَالَتْ هَذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفاً وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ فَقَالَتْ لَهُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ وَأَنَا آخُذُهُ». 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ. 17قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ». 18فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هَذَا.) يوحنا 20: 1-18
            ولماذا لا يعرف مرقس شيئًا مسبقًا عن قيامته المزعومة هذه بدلا من المريمتين؟ فهل من المنطق أن تعرف المريمتان عن قيامته من قبل، حتى لو كانتا قد نسيتا، ولا يعرف مرقس كاتب أول إنجيل؟
            وهل من الطبيعى أن تتذكر المريمتان قيامة يسوع بعد تذكير الملاك أو الملاكين لهما، ولا يتذكر أى من تلاميذه عند تذكير المريمتان لهم بأنه قام، فيذهب بطرس ويوحنا ولم يعثرا عليه؟
            والأغرب من ذلك هو قول يوحنا أنه وبطرس لم يعرفا أن الكتب قالت عن قيامته، ولم يتذكرا أيضًا أو حتى يذكرا أن يسوع قال شيئًا فى تعاليمه عن قيامته. (8فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ وَرَأَى فَآمَنَ 9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ.) يوحنا 20: 8-9
            س143- يقول يوحنا عن قيامة يسوع: (8فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ وَرَأَى فَآمَنَ 9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ.) يوحنا 20: 8-9
            فإذا لم يكن يعلم التلاميذ عن قيامته من الأموات، فكيف تحدَّث يسوع عن آية يونان، التى سيموت بمقتضاها لمدة ثلاثة أيام ثم يُبعث؟ (39فَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. 40لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ.) متى 12: 38-40
            وبالمناسبة إن آية يونان لم يعرفها مرقس ولا يوحنا، لذلك لم يذكراها فى الأناجيل المنسوبة إليهما!!
            وكذلك يكون متى قد كذب عندما كتب أن يسوع أخذ الاثنى عشر معه وأخبرهم عن موته، ثم قيامته بعد ثلاثة أيام: (17وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِداً إِلَى أُورُشَلِيمَ أَخَذَ الاِثْنَيْ عَشَرَ تِلْمِيذاً عَلَى انْفِرَادٍ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ لَهُمْ: 18«هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ 19وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ».) متى 20: 17-19؛ لوقا 9: 22؛ مرقس 10: 32-34؛ ولا يعرف يوحنا عن ذلك شيئًا.
            وهل من الطبيعى أن يعرف الصياد الأمى الكتاب وما يحتويه؟ (فلَمَّا رَأَوا جُرأَةَ بُطرُسَ ويوحَنَّا وقَد أَدركوا أَنَّهما أُمِّيَّان مِن عامَّةِ النَّاس، أَخَذَهُمُ العَجَب، وكانوا يَعرِفونَهما مِن صَحابَةِ يسوع،) أعمال الرسل 4: 13 (الترجمة الكاثوليكية اليسوعية)
            (فَتَعَجَّبَ الْمُجْتَمِعُونَ مِنْ جُرْأَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَلِّمَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ عَامَّةِ الشَّعْبِ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 4: 13 (كتاب الحياة)
            ثم إن قول الكتاب (9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: ...) يوحنا 20: 9، لدليل على أنهما كانا كتعلمان، ويعرفان الكتب ويتدارسونها، لكن لم يشمل علمهم بعد هذه النقطة. فإذا كان الصلب والفداء هو لب تعاليم يسوع، ويجهلها التلاميذ، ألا يدل ذلك على فشل يسوع كمعلم؟ أو فشله كإله فى انتقاء من يكون مؤهلا لحمل لواء الدعة من بعده؟ أو كذب الكتب فيما تناقلته عن قيامته المزعومة؟
            ثم أين هذه الكتب وأية شواهد هذه التى ذكرت شيئًا عن موت يسوع وقيامته؟
            إن الشواهد التى يتكلم عنها المسيحيون فى منتدياتهم وكتبهم ليست إلا تأويلاتهم للعهد القديم، وهى تأويلات فاسدة لا يقرها اليهود أصحاب هذه الكتب، ولا عقائدهم فى الله.
            أما استشهادهم على صحة قيامة يسوع من العهد الجديد فهى أيضًا غير مقبولة، لأن هذه الكتب عملت فيما بعد، أى بعد قول هذه النصوص التى نحن بصدد الحديث عنها. فمن المستحيل أن يُقصد بقولهم (9لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: ...) كتب وأسفار العهد الجديد، أنها جاءت بعد هذه ألأحداث بعشرات السنين، هذا لو أحسنا الظن وصدقنا قولهم فى وقت كتابتها.
            س144- خرج يسوع من القبر تاركًا كفنه كدليل للبعض على أنه كان مقبورًا، فكيف ترك كفنه، دون وجود ملابس أخرى بديلة لديه يرتديها ليظهر بها وسط الناس؟ ومن أين حصل على ملابس ليرتديها؟ فهل كان يرتدى ملابس البستانى، بدليل ظن مريم المجدلية فى يسوع فى بادىء الأمر أنه البستانى؟ وأين كان البستانى وقتها؟ لقد كان وقت ظهور الشمس، أو قبلها. أى لم يكن البستانى قد أتى للعمل لعد. ومعنى ذلك أن يسوع سرق ملابسه. أو جعله يخلع ملابسه وتركه عريانًا وارتدى ملابسه! وهل قبل أن يمشى عريانًا بدون ملابس حتى وصل إلى مكان ملابس البستانى؟ ولو افترضنا أنه أخذ ملابس احتياطية كانت لدى البستانى، فكيف ظهر له واستأذنه وهو عارى بدون ملابس؟ وهو نفس ما نفهمه من خروج القديسين من مقابرهم، عرايا دون ملابس. ولا يفكر مسيحى: كيف ظهر هؤلاء القديسون للناس؟ وكيف مشوا وسط النساء والبنات والأطفال والرجال؟ ولو حدث ذلك، لكان هذا دليل على صدق ما يدين به اليهود عن المسيحيين، حيث إن القديسين الذين ظهروا كانوا من أتباع اليهودية التى سبقت يسوع، وجاء يسوع ليؤكدها، ولم ينقض نقطة واحدة أو حرف واحد منها.
            س145- ما هى أول معجزة قام بها يسوع؟ وأين كانت؟
            كانت معجزة يسوع الأولى هى تحويل الماء الطاهر إلى خمر معتقة، ولا يعرف هذه المعجزة إلا يوحنا، وكانت فى قانا بالجليل: (7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلَأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلَأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْراً وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ - لَكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا - دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ». 11هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ.) يوحنا 2: 7-11
            بينما يرى مرقس أن أول معجزات يسوع كانت إخراج روح نجسة من أحد الحاضرين بالمجمع فى كفرناحوم، وهى قرية تقع شمال غرب بحر الجليل. وتبعد نحو 50كم من الناصرة: (21ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ. 22فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ. 23وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ فَصَرَخَ 24قَائِلاً: «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ! أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ قُدُّوسُ اللَّهِ!» 25فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «اخْرَسْ وَاخْرُجْ مِنْهُ!» 26فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ.) مرقس 1: 21-25، ووافه لوقا 4: 31-37
            بينما قال متى إن أول معجزة ليسوع كانت شفاء حماة بطرس،وكانت فى كفر ناحوم: (14وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى بَيْتِ بُطْرُسَ رَأَى حَمَاتَهُ مَطْرُوحَةً وَمَحْمُومَةً 15فَلَمَسَ يَدَهَا فَتَرَكَتْهَا الْحُمَّى فَقَامَتْ وَخَدَمَتْهُمْ.) متى 8: 14-15
            فهل كانت أول معجزة ليسوع هى تحويل الماء إلى خمر، كما يرى يوحنا، أم شفاء حماة بطرس، كما يرى متى، أم إخراج روح نجسة فى المجمع، كما يرى مرقس ولوقا؟ وهل هذه المعجزة تمت فى عرس قانا فى الجليل، كما رأى يوحنا، أم أثناء الصلاة فى المعبد، كما رأيا مرقس ولوقا، أم فى بيت بطرس، كما رأى متى؟
            س146- إذا سألت علماء النصارى عن ابن الإنسان، قالوا لك إنه يسوع. وإن سألت من هو الروح القدس؟ قالوا إنه الأقنوم الثالث فى الثالوث المتحد. ولو سألت هل هم ثلاثة؟ قالوا لك لا. إن الآب إله، والابن إله، والروح القدس إله، لكنهم ليسوا ثلاثة آلهة، ولكنهم إله واحد.
            ويقول متى على لسان يسوع: (31لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ. 32وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ لاَ فِي هَذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي.) متى 12: 31-32
            ويقول مرقس: (28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. 29وَلَكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً».) مرقس 3: 28-29
            فكيف يُغفر التجديف على ابن الإنسان، وهو الأقنوم الثانى فى الثالوث المتحد، ولا يُغفر التجديف على الأقنوم الثالث؟ ولو كان الثلاثة واحدًا، فكيف نفهم التمييز بينهما، حيث يُشير التمييز إلى اختلاف الأشخاص، وأهميتهم، وقدراتهم؟ ولو كان الثلاثة واحدًا، فكيف يغفر الرب لمن يجدف عليه بصفة واحدة من صفاته الأزلية، ويغفر للتجديف على الأخرى؟ ألا يدل هذا على كذب موضوع الأقانيم، وأنه لا يمكن أن يكون الثلاثة واحد مطلقًا؟
            ومن الملاحظ أن التجديف على الآب غير داخل فى منطقة عدم المغفرة، فكيف يُغفر التجديف على الآب، ولا يُغفر التجديف على الروح القدس؟ فهل الروح القدس أقدس وأعلى من الآب؟ فلماذا إذن تبدأون بسم الآب، وتثنُّونه بالابن، وتقدمونهما على الروح القدس، الذى تذهبون به فى أخر البسملة؟ فهل جار يسوع بذلك على حق الآب فى عدم الغفران لمن يجدف عليه؟
            يقول ناموس موسى: (15وَقُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ مَنْ سَبَّ إِلَهَهُ يَحْمِلُ خَطِيَّتَهُ 16وَمَنْ جَدَّفَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ رَجْماً. الْغَرِيبُ كَالْوَطَنِيِّ عِنْدَمَا يُجَدِّفُ عَلَى الاسْمِ يُقْتَلُ.) لاويين 24: 16
            ويقول: (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.) الخروج 20: 7، تثنية 5: 11
            فإذا كان الرب لا يغفر لمن يجدف عليه أو يكذب باسمه، فكيف يجور يسوع على حق الآب، ويلغى ما قاله الرب، وما يكون فيه رفعة وسمو لاسمه؟ أليس هذا هو الناموس الذى جاء يسوع ليؤكده ويعمل به؟ ألم يقل: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19؟ فلماذا نقض هذه الوصية؟ كيف لا ينتصر للآب، وهو قد جاء ليعمل فقط ما يرضيه؟ فهل لم يرض الرب فى الماضى بالتجديف على اسمه، ورضى فى المسيحية بالتجديف على اسمه وإهانته؟ وهل رضى يسوع أن يُدعى أصغر بسبب نقضه لهذه الوصية؟ إنهم أعداء يسوع، الذين كتبوا كل ما يشينه!
            إن الله لا يسمع إلا لمن يتقيه ويعمل مشيئته! أليس ما ذُكر فى وصاياه هى مشيئته؟ فلماذا لم يفعلها يسوع؟ إنهم أعداؤه الذين نسبوا إليه هذا الكلام! لقد كان يسوع لا يعمل إلا ما يأمره به الله، ولا يبتغى إلا مرضاته: يوحنا 9: 31 (31وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْمَعُ لِلْخُطَاةِ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَفْعَلُ مَشِيئَتَهُ فَلِهَذَا يَسْمَعُ.)
            يوحنا 8: 29 (...... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
            يوحنا 5: 30 (..... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
            يوحنا 17: 4 (......... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
            يوحنا 4: 34 (......... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
            يوحنا 12: 49-50 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».)
            وكيف يُغفر التجديف عليه هو نفسه ولا يُغفر التجديف على الروح القدس على الرغم من أن الابن يسبق الروح القدس فى البسملة؟ وإذا كان الروح القدس أقدس من الابن أو أهم منه، فلماذا أعطى الآب الابن الدينونة وملكوت السموات والأرض دون الروح القدس؟ فهل ما قاله يسوع يُعد مثلا تطيب خاطر للروح القدس على تهميشه وتهميش الآب له؟
            س147- يقول مرقس: (15وَفِيمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِهِ كَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَتَّكِئُونَ مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ لأَنَّهُمْ كَانُوا كَثِيرِينَ وَتَبِعُوهُ. 16وَأَمَّا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ يَأْكُلُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «مَا بَالُهُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟» ....».) مرقس 2: 15-16
            فما هو حجم بيت يسوع هذا الذى يستوعب يسوع وتلاميذه وكثيرين من العشارين والخطاة والكتبة والفريسيين؟ أليس هو القائل: (...وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ) متى 8: 20 ؟
            وهذا يضعنا أمام احتمالات عديدة:
            1- أما أن يسوع لم يكن فقيرًا، بل كان غنيًا، ليكون بيته بهذا الحجم الذى يُمكِّنه من استضافة هذا العدد الغفير من الناس، وبالتالى فهو لم يتبرع هو بكل ما يملك للفقراء، ليدخل الملكوت، خلافًا لكل تعاليمه: (21قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِيناً لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ. 23فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 24وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضاً: إِنَّ مُرُورَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ».) متى 19: 21-24
            2- وإما لم يهاجم الأغنياء، ويكون كتبة الأناجيل قد كذبوا ليبعدوا أغنياء بنى إسرائيل من اتباع يسوع، وتكوين فرقًا تمكنهم بنفوذهم المادى من إنجاح دعوة يسوع.
            3- وإما هاجم الأغنياء، وكان هو أحدهم، وبالتالى يُتهم بالنفاق والكذب.
            4- وإما كان فقيرًا واغتنى من دعوته، فهو لم يكن له عمل غيره ذكرته الأناجيل، إلا قول إنه النجار ابن النجار. ولم يؤثر عنه أنه صنع أى أثاث أو قام بإصلاح أى أثاث.
            5- وإما أن يكون يسوع قد كذب فى ادعائه أنه ليس له أين يسند رأسه، لسبب لا نعلمه، أو كذب فى ادعائه أنه لن يدخل الملكوت غنيًا.
            6- وإما أن يكون ابن الإنسان شخصًا آخر غيره، كان يتكلم عنه بصيغة الغائب.
            إلا أن لوقا يصدمنا بأنه حكى هذه القصة، إى أن البيت لم يكن بيت يسوع، بل بيت اللاوى نفسه: (27وَبَعْدَ هَذَا خَرَجَ فَنَظَرَ عَشَّاراً اسْمُهُ لاَوِي جَالِساً عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». 28فَتَرَكَ كُلَّ شَيْءٍ وَقَامَ وَتَبِعَهُ. 29وَصَنَعَ لَهُ لاَوِي ضِيَافَةً كَبِيرَةً فِي بَيْتِهِ. وَالَّذِينَ كَانُوا مُتَّكِئِينَ مَعَهُمْ كَانُوا جَمْعاً كَثِيراً مِنْ عَشَّارِينَ وَآخَرِينَ. 30فَتَذَمَّرَ كَتَبَتُهُمْ وَالْفَرِّيسِيُّونَ عَلَى تَلاَمِيذِهِ قَائِلِينَ: «لِمَاذَا تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ مَعَ عَشَّارِينَ وَخُطَاةٍ؟») لوقا 5: 27-30
            ويحكيها متى بتقاصيل أخرى: (9وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ رَأَى إِنْسَاناً جَالِساً عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ: «اتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ. 10وَبَيْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي الْبَيْتِ إِذَا عَشَّارُونَ وَخُطَاةٌ كَثِيرُونَ قَدْ جَاءُوا وَاتَّكَأُوا مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ. 11فَلَمَّا نَظَرَ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟») متى 9: 9-11
            بغض النظر عن الخلاف فى اسم الضيف، وهل هو لاوى (كما جاءت عند مرقس ولوقا) أم متى (كما جاءت عند متى)، حيث لا يمكن التوفيق بينهما بجعل متى هو اللاوى، حيث لا يوجد دليل على ذلك.
            فما معنى قول يسوع له اتبعنى، ثم نجدهما فى بيت اللاوى؟ فهل دعا يسوع اللاوى ليذهب به إلى بيته (بيت اللاوى)؟ أى هل فرض يسوع نفسه على اللاوى وبيته؟ وإن وافقنا على هذا بفرض أنهما يعرفان بعضهما، فهل من المنطق السليم أن يدعوا يسوع نفسه ثم يأخذ كل التلاميذ والعشارين والكتبة والفريسيين معه؟
            لذلك كانت الدعوة عند متى فى بيت يسوع، حيث لا يُعقل أن يعرف العشارون والخطاة والفريسيون والكتبة أن يسوع فى بيت اللاوى، ويفرضون أنفسهم عليه!! وإلا لكان يسوع هو الذى تبع اللاوى، وليس العكس.
            ثم كيف ترك اللاوى جامع الضرائب كل شىء فى مكانه؟ فهل ترك النقود التى يحصلها من أجل الرومان؟ هل ترك السجلات التى تشير إلى الدافعين من غيرهم والمبالغ التى دفعونها والمبالغ المتبقية على البعض منهم؟ فلماذا لم يلفت يسوع نظره إلى هذه السجلات التى تحفظ حقوق العباد؟ ولماذا لم يأخذ معه النقود المتحصلة من الدافعين ليسلمها للرومان، وتركه يفرط فى عمله؟
            ولو كان اللاوى ذو عمل غير مقبول، وتُعد نقوده من عمل مُحرَّم، فهل قبل يسوع أن يأكل من مال حرام؟ أم كان يسوع غنيًا وكانت الدعوة فى بيته، وكل ما قام به اللاوى هو إعداد الطعام فقط؟ ولك أن تفكر كم كانت تتكلف مثل هذه الدعوة! ومن أين أتى يسوع بهذا المال؟ ولماذا لم يتبرع به للفقراء، كما أمر من أراد دخول الملكوت من قبل؟ ولماذا لم يأمر اللاوى أن يعطى هذا الطعام أو ثمنه للفقراء؟
            وقد يصلح الأمر بأن يبيع الإنسان كل ما يملك ويعطيه الفقراء مع إنسان كان مقتنعًا بأن القيامة وشيكة، ويأس من إصلاح العالم، وينتظر آخرة أفضل من دنياه التى عانى فيها. وهو نفس ما كان يؤمن به يسوع: فقد كان يؤمن أن اليوم الآخر وشيك الحدوث قبل أن ينتهى جيله الذى كان يخاطبهم:
            (29«وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 33هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً مَتَى رَأَيْتُمْ هَذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هَذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ. 35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.) متى 24: 29-35، لوقا 21: 25-33، مرقس 13: 24-31
            بل أكد يسوع على هذا المعنى بقوله: (27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ. 28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ هَهُنَا قَوْماً لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً فِي مَلَكُوتِهِ».) متى 16: 27-28
            وأكده أيضًا بقوله: (26لأَنَّ مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فَبِهَذَا يَسْتَحِي ابْنُ الإِنْسَانِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِهِ وَمَجْدِ الآبِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ. 27حَقّاً أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ هَهُنَا قَوْماً لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوْا مَلَكُوتَ اللهِ».) لوقا 9: 26-27
            وها هى السنون قد مرت والقرون قد ولَّت، ولم يأت يسوع بعد، ومات كل تلاميذه ومعاصروه. فهل صدق يسوع فى هذه الأقول؟ لا. وهل عدم صدقه وسوء تنبؤه يدل على أنه إله؟ لا. وما حكم الكتاب المقدس فى الإنسان الذى يتنبأ بأقوال خاطئة وينسبها للرب؟ القتل.
            (20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ. 21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».) التثنية 18: 20-22
            لكن هل كان يسوع يتكلم بوحى من الرب؟ أو هل ادعى أن أقواله وأفعاله هى من عند الرب؟ أى هل نسب أقواله وأفعاله للرب، حتى يصدق هذا الحكم عليه؟ نعم، لقد قال: (... وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...) يوحنا 8: 40
            وقال إن كل ما علمه الناس أو أخبرهم به هو من عند الرب: (7وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ 8لأَنَّ الْكلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِيناً أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.) يوحنا 17: 7-8
            وهذا النص يثبت للأسف أنه (عليه السلام) نبى كاذب (وحاشاه) استحق الموت قتلا (كما يؤمنون)، وأنه ليس بإله، لأن الرب صادق فى كل ما يقوله، أو يثبت تحريف الكتاب، وأن كتبته ينسبون للرب والأنبياء ما لم ينزل الله به من سلطان.
            لكن ما سبب قولهم بنهاية الزمان وقرب يوم القيامة، على الرغم من أن النص يتكلم عن قرب ظهور ابن الإنسان بملكوت الله؟ فهل أرادوا إحباط الناس وجعلهم يزهدون فى الدنيا ومشاكلها، حتى يتم لهم التخلص من أتباع يسوع؟ أم أرادوا زهد الناس وعدم قيامهم بمحاولات تعاكس كهنة المعبد فيما يرمون إليه، فى انتظارهم القريب لهذا المخلِّص؟ أم أرادوا أن يتوقع الناس قرب ظهور النبى الخاتم (المسِّيِّا) فى زمن غير زمانه، ويسبقه بعدة قرون، حتى ييأس الناس من ظهوره، ويعتبرونه قد ظهر أو يكفروا بقدومه، أو يأولوا قدومه وملكوته على أنه ملكوت روحانى؟
            وهل تصلح نصوص (إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ ..... إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ) فى حياتنا المعاصرة اليوم؟ وهل تصلح هذه النصوص لقيام دولة ذات اقتصاد قوى؟ هل الفقر هذا يساعد على قيام دولة حديثة متطورة صناعيًا وتكنولوجيًا وطبيًا وزراعيًا وعلميًا واقتصاديًا وحربيًا؟ ولو باع كل غنى كل ما يملك وأعطاه الفقراء، فهل ستنتهى مشكلة الفقر فى العالم، أم سيتحول كل الناس فقيرهم وغنيهم إلى فقراء؟
            س148- يقول متى على لسان يسوع: (18وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ جُمُوعاً كَثِيرَةً حَوْلَهُ أَمَرَ بِالذَّهَابِ إِلَى الْعَبْرِ. 19فَتَقَدَّمَ كَاتِبٌ وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». 20فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». 21وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَا سَيِّدُ ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 22فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ».) متى 8: 18-20
            كان التلاميذ حاضرون هذا اللقاء. وأتعجب أنه عندما قال يسوع (وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ)، أنه لم يدعوه أحدهم لبيته، ليسترح فيه! فهو موقف غريب حتى من الكاتب الذى قال له (يَا مُعَلِّمُ أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي)! فهل فهموا كما نفهم نحن اليوم أن ابن الإنسان غير يسوع؟
            والأغرب من ذلك الجملة التى تليها، فيقول له أحد الأتباع، الذى لم يُذكر اسمه، مستئذنًا أن يذهب ويدفن أباه! ويرفض يسوع قائلا: (اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ). ما هذا؟ وما علاقة الفقرة الأولى (19-20) بالفقرة الثانية التى تلها (21-22)؟ والمدقق فى فهم الجملة يجد أن من يدفن الميت هم أهله. وعلى ذلك فالموتى الذين سيدفنون أبا هذا التلميذ هم اخوته وأعمامه وأقربائه. وبالتالى فقد شتم يسوع أهل هذا التلميذ، الذين لم يؤمنوا به! ويستحيل على العقل أن يفهم جملة يسوع (اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ) على حقيقة الأمر، حيث لا يدفن الميت ميتًا!
            والأغرب من ذلك أن يترك هذا التلميذ من الأساس أباه وأسرته التى تحتاج إليه فى مثل هذا الوقت لمؤازرتها!! فهل هذا من بر الإنسان بأبيه أو بباقى أسرته؟ هل الفظاظة فى المعاملة هو طريق قويم للدعوة؟
            والقارىء المتدبر هنا على أحد هذين الاحتمالين:
            1- إما أن يسوع كان يعرف (كإله) بموت أبى الرجل، وتركه يتبعه، ورفض أن يذهب ليدفنه، وهذا ينفى عنه الألوهية، إذ أن الله تعالى يأمر بالعدل والإحسان والبر، ويأمر الشيطان بعكس كل هذه الفضائل.
            2- وإما أنه لم يكن على علم بذلك، وهذا ينفى عنه الألوهية لجهله، فلا يجهل الإله شيئًا.
            وعلى الجانب الآخر لماذا ذهب يسوع إلى العبر؟ هل كان يتفادى الجموع الكبيرة ليخبرهم عن دعوته؟
            س149- ينسب يوحنا إلى يسوع القول: (13وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.) يوحنا 3: 13
            ونقف هنا عدة وقفات تظهر أن هذه الجملة يستحيل أن تكون من أقوال يسوع للأسباب الآتية:
            1- لو اعتبرنا أن يسوع هو ابن الإنسان، فهو كان يخاطبهم على الأرض، وهو الذى نزل من السماء، ولم يكن بعد قد صعد. فكيف يستخدم صيغة الماضى فى أن ابن الإنسان صعد إلى السماء؟
            2- إن عبارة (الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ) أضافتها أيدى النساخ فيما بعد، فهى غير موجودة فى أقدم المخطوطات، لذلك حذفتها الترجمة العربية المشتركة بين الكنائس الثلاثة الكبرى: الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية، والترجمة الكاثوليكية اليسوعية. وأبقت عليها ترجمة كتاب الحياة، والترجمة البولسية.
            (13ما صَعِدَ أحَدٌ إلى السَّماءِ إلاَّ اَبنُ الإنسانِ الّذي نزَلَ مِنَ السَّماءِ.) يوحنا 3: 13 (الترجمة العربية المشتركة)
            (13فما مِن أَحَدٍ يَصعَدُ إِلى السَّماء إِلاَّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء وهو ابنُ الإِنسان.) يوحنا 3: 13 (الترجمة الكاثوليكية اليسوعية)
            3- كاتب هذه العبارة لا يعلم شيئًا عن العهد القديم، ولا عن الرسالة إلى العبرانيين. فهو لا يعرف أنه صعد إلى السماء من قبل اثنان: أخنوخ وإيليا
            (24وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ.) تكوين 5: 24
            (5بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ - إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ.) عبرانيين 11: 5
            (11وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.) ملوك الثانى 2: 11
            س150- اتفقت الأناجيل على أن المجمع حاكم يسوع وأدانه واتهمه بالتجديف على الله. وإن الهيئة التى لها صلاحية القبض على إنسان ما ومحاكمته، تملك أيضًا تنفيذ الحكم عليه. وهكذا كان بالفعل مجمع الكهنة، ففى القضايا الدينية لم يكن للرومان أى تدخل فيها. فلماذا صُلب يسوع إذن بحكم من الرومان، ولم يُرجم بحكم الكتاب ومجلس الكهنة؟
            إن الصلب ليس له أدنى معنى إلا اتهام يسوع بمحاولة الانقلاب على الامبراطورية الرومانية. ومن هنا يمكنهم أن يخلعوا عليه لقب المسِّيِّا. ولكنهم نسوا أنه تبعًا لنبوءة دانيال فإن المسِّيِّا لن يُصلب، ولكنه سينتصر على الإمبراطورية الرومانية، وستكون نهايتها على يديه. ومن ناحية أخرى أرادوا تحقير يسوع عند المؤمنين من بنى إسرائيل، إذ إن المعلَّق على خشبة ملعون: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13

            تعليق

            • abubakr_3
              مشرف عام

              • 15 يون, 2006
              • 849
              • مسلم

              #21
              س151- يُنسب إلى يسوع القول: (17وَهَذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. 18يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئاً مُمِيتاً لاَ يَضُرُّهُمْ وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ».) مرقس 16: 17-18
              ويُنسب إليه أيضًا القول (12اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضاً وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا لأَنِّي مَاضٍ إِلَى أَبِي.) يوحنا 14: 12
              قبل أن أتطرق إلى نص مرقس أحب أن أنوِّه أن هذا النص (مرقس 16: 9-20) دخيل على مرقس ولا يوجد فى أقدم المخطوطات. بل توجد نهاية أخرى غير هذه يسمونها النهاية الأقصر.
              لقد وضعته الترجمة العربية المشتركة بين قوسين معكوفين، أى أخرجته من دائرة كلام الله، وقالت فى هامشها: «ما جاء فى الآيات 9-20 لا يرد فى أقدم المخطوطات».
              وقالت الترجمة اليسوعية: «المخطوطات غير ثابتة فيما يتعلَّق بخاتمة إنجيل مرقس هذه (الآيات 9-20)».
              ووضعتها ترجمة NLV على النت أيضاً بين قوسين
              وفى نسخة الملك جيمس الحديثة علقوا فى هامش الترجمة قائلين: إن الآيات 9-20 توضع فى نص NU بين قوسين [وهو يمثل النص السكندرى أو المصرى] معتبرين إياها ليست من أصل النص، وهى تنقص كذلك من النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية ، ولكنها موجودة فى كل المخطوطات الأخرى.
              Mark 16:20 Verses 9–20 are bracketed in NU-Text as not original. They are lacking in Codex Sinaiticus and Codex Vaticanus, although nearly all other manuscripts of Mark contain them.
              وكذلك وضعتها الترجمة الأمريكية القياسية الجديدة NASB بين قوسين معكوفين أى أخرجتها من كونها مقدسة إلى كونها تحريف بالزيادة. وأضافت فى الهامش قائلة: إن المخطوطات المتأخرة أضافت فيما بعد الآيات من 9-20.
              Mark 16:9 Later mss add vv 9-20
              وكذلك وضعتها ترجمة MSG بين قوسين معكوفين ، أى أخرجتها من كونها مقدسة إلى كونها تحريف بالزيادة.
              ووضعتها الترجمة الإنجليزية القياسية ESV بين قوسين معكوفين ، دلالة على إخراجها لهذا النص من الألوهية إلى البشرية. ووضعت هذا التعليق فى هامشها:
              Mark 16:9 Some manuscripts end the book with 16:8; others include verses 9-20 immediately after verse 8. A few manuscripts insert additional material after verse 14; one Latin manuscript adds after verse 8 the following: But they reported briefly to Peter and those with him all that they had been told. And after this, Jesus himself sent out by means of them, from east to west, the sacred and imperishable proclamation of eternal salvation. Other manuscripts include this same wording after verse 8, then continue with verses 9-20
              وتقول هذه الملحوظة: إن بعض المخطوطات تُنهى الكتاب ب 16: 8 ،
              والبعض يحتوى على الآيات 9-20 مباشرة بعد الآية الثامنة.
              وبعض المخطوطات القليلة تُضيف بعد الآية 14 مادة أخرى.
              ومخطوطة لا تينية واحدة تُضيف الآتى بعد الآية الثامنة: «ولكنهم أخبروا بطرس والذين معه بصورة مختصرة كل ما أُمروا به ، ثم بعد ذلك أرسل يسوع نفسه بواسطتهم الإعلان المقدس الخالد الخاص بالتخلص من الخطيئة الأبدية من الشرق إلى الغرب.»
              [والملاحظ للترجمة يجد أن النص لم يقل بالمرة (ظهر يسوع نفسه) كما تدعى الترجمة الحديثة ص229!!]
              وبعض المخطوطات الأخرى تحتوى على نفس الكلمات بعد الآية الثامنة ، ثم أضافت بعدهم الآيات من 9-20.” أ.هـ
              فهل هذا دليل على أن النسَّاخ كانوا ذوى ضمائر صالحة؟ ألا يدل هذا على تدخل الكنيسة وقت نسخ هذه المخطوطات بآرائها الشخصية لتمرير عقائدها؟ ألا يدل هذا على عدم اعتبار الكتَّاب والنسَّاخ والآباء هذه المخطوطات من وحى الله؟ لأنهم لو كانوا يدَّعون أنها من وحى الله وقاموا بهذه التحريفات، لكانوا من الكفّار ويجب رفض كل عقائدهم المخالفة لدين الله الذى أنزله على أنبيائه!!
              ولو كانوا يعدونها من الكتابات العادية التوضيحية لعقائدهم ، فهذا غير ملزم لكم، ولكنتم أنتم المدلسين أو المخدوعين باعتباركم هذا الكتاب الذى بين أيديكم كتابًا مقدسًا!! فما المعيار عندكم إذن لتقديس هذا الكتاب؟ متى ستصارحون مستمعيكم وقراءكم بهذه الحقائق؟ ومتى يفيق كل مسيحى ويقرأ بوعى ويبحث عن الحق؟
              ويقول التفسير الحديث للكتاب المقدس: «إن هذا القسم وهو الذى ندعوه “النهاية الأطول” لإنجيل مرقس، محذوف من بعض المخطوطات، ووُصف بأنه زائف من بعض الكتَّاب القدامى من أمثال يوسابيوس وجيروم، وهذا الأمر يجعلنا أمام مشكلة، ومن أجل الفائدة يتحتم أن نعرضها على النحو التالى. إن اختتام إنجيل مرقس عند الآية الثانية [يقصد الثامنة] ليس فحسب نهاية فجائية مبتسرة من الناحية اللغوية. بل إنه أيضاً نهاية فجائية من الناحية اللاهوتية. ومع ذلك فإن هذه الخاتمة الأطول الخاصة لم توجد فى بعض الشواهد الهامة، فى حين تم استبعادها عمداً بواسطة آخرين.»
              وقال الأب متى المسكين فى تفسيره لإنجيل مرقس ص622: «أمَّا الآيات الاثنتا عشرة الباقية (9:16-20) فقد أثبتت أبحاث العلماء المدققين أنها فُقدت من الإنجيل، وقد أُعيد كتابتها بواسطة أحد التلاميذ السبعين المسمَّى بأريستون. وهذا التلميذ عاش في القرن الأول. وهذه الآيات الاثنتا عشرة جمعها أريستون من إنجيل ق. يوحنا وإنجيل ق. لوقا ليكمِّل بها القيامة.»
              وهكذا حكم رجال اللاهوت على كلمة الرب، بأنها نهاية فجائية مبتسرة من الناحية اللغوية. واعترفوا بأنه تم استبعادها عمدًا بواسطة آخرين. وأرجو أن تقرأها مرات ومرات، فهذا لا يوجد رد عليه سوى التسليم بتحريف الكتاب الذى تقدسه!!
              وتُعلق الجريد النقدية على النت فى الإصدار الثالث (دراسات نقدية فى الكتاب المقدس) تحت عنوان (نظرة نقدية فى تعليقات الأب متى المسكين) قائلا:
              «أكاديمياً فإن ذلك ذلك التصريح يمكن تقسيمه الي نقطتين في غاية الأهمية:
              1- النقطة الأولي:
              إعتراف علماء النقد " المدققين " علي وصف الأب متي المسكين بفقدان خاتمة إنجيل مرقس وأن الخاتمة الموجودة حالياً في التقليد المخطوطي غير صحيحة.
              بروس متزجر أشهر علماء النقد النصي الراحلين مؤخراً يعترف في طبعته الرابعه: (( كيف ختم مرقس إنجليه ؟ لسوء الحظ لا يمكننا معرفة ذلك ، أقصي ما يمكن ان يقال أنها واحده من الأربعة نهايات المختلفة الموجودة بالمخطوطات ، لكن من المحتمل انه ولا واحده من هذه الأربعة نهايات تقدم خاتمة مرقس المنشودة ))[38]
              مشكلة تلك النقطة تتمثل في الإنهيار الحاد لمفهوم العصمة داخل التقليد الكنسي ، وخصوصاً ذلك المعني بصحة النص المحفوظ داخل التقليد المتواصل. فوفقاً لإحصائيات علماء النقد النصي فإن خاتمة مرقس مفقود من ثلاثة مخطوطات يونانية فقط.[39]
              في حين فإن التقليد ( خاتمة مرقس الحالية ) المرفوض من قبل معظم علماء النقد النصي مدعوم من قبل ما يقرب من 1600 مخطوط يوناني!! أي اننا نتحدث عن نسبة حذف للإضافة بما لا يزيد عن الواحد بالمئة (0.18%) !!
              إلا انه وفقاً لأول قاعده نقدية مسلم بصحتها بين علماء النقد النصي وخصوصاً عند أصحاب الإنتقائية النصية أمثال (NA27 و UBS4 وإيهرمان بارت ودانيال والاس وإلدون إيب وديفيد باركر وجوردون دي في ومايكل هولمز وبيتر هيد وغيرهم ) فإن تأصيل صحة قراءة من عدمها لا يكون من خلال كمية المخطوطات التي تحوي تلك القراءة وإنما في القيمة النقدية الداخلية والخارجية لتلك المخطوطات او ما يعرف بـ " وزن المخطوطات "
              ولذا فليس من الغرابة ان نجد " مايكل هولمز " مثلاً يصف تلك الثلاثة مخطوطات اليونانية التي تحذف نهاية إنجيل مرقس في مواجهه الـ1600 مخطوط الأخري التي تحوي الخاتمة الطويلة بالقول:
              (( معظم النقاد النصيين يتفقون علي ان المخطوطات الداعمة للشكل الأقصر [ يقصد حذف نهاية مرقس ] تزن أكثر من المخطوطات الداعمة للشكل الأطول ))[40]
              بشكل أكثر واقعية فإن النقد النصي المقدم من قبل الأب متي المسكين في خاتمة مرقس هو عبارة عن إعتراف صريح بأن التقليد النسخي للمخطوطات اليونانية يمكن ان يكون فاسد بنسبة %99.9 من إجمالي التقليد النسخي المتاح.
              2- النقطة الثانية
              وهي نقطة ان كاتب النهاية الحالية بخاتمة إنجيل مرقس هو من يُسمي بأريستون الشيخ.
              حيث يقول الاب متي المسكين: (( وقد أُعيد كتابتها بواسطة أحد التلاميذ السبعين المسمَّى بأريستون.))[41]
              وهي فكره عمد إليها بعض العلماء للتقليل من حده الإعتراف بعدم صحة تلك الخاتمة ولتقديم إجوبه سهله للمؤمنين الذين سيشعرون بالدهشة والهزة الإيمانية عندما يعلمون ان خاتمة مرقس الموجودة بكتابهم وظلوا يرددونها علي مدار قرون هي في الحقيقة لا تمت لمرقس الإنجيلي بصله !!
              تفاصيل هذا الحل " الهزلي " تتمثل في أن علماء النقد النصي عثروا علي مخطوط باللغة الأرمينينة يرمز لها بـ ArmE229 وتعود للقرن العاشر حيث العام 989م.
              هذه المخطوطه عثر علي تعليق صغير فيها قبل الأعداد الختامية لنهاية مرقس وتحديداً بعد العدد الثامن[42] ، يقول فيها المُعلق كلمتين "- Ariston eritsou [ بواسطة ] القس أريستون"
              من هنا فإن العالم F. C. Conybeare مكتشف تلك المخطوطة إلتقط أول الخيوط لهذا الحل السحري ليخرج بالقول بأن أريستون المذكور بتلك المخطوطة هو نفسه أريستون المذكور في كلام بابياس الذي نقله عنه يوسابيوس القيصري في تاريخه "إذا، ثمّ، أي واحد من الذين حَضرَوا على الشيوخِ جاؤوا، سَألتُ كل دقيقة عن أقوالِهم , الذي أندراوس أَو بطرس قالاه، أَو الذي قِيل مِن قِبل فيلبس، أَو مِن قِبل توما، أَو مِن قِبل يعقوب، أَو مِن قِبل يوحنا، أَو مِن قِبل متى، أَو بأيّ آخر مِنْ توابعِ السيد: اى الأشياء اريستون و يوحنا القس قالاِ. لأنى تَخيّلتُ بأنّ الذي كُنْتُ سأُحصل عليه مِنْ الكُتُبِ ما كَان مربحا جداً لي كالذي جاء مِنْ الصوتِ الحيِّ والدائمِ".[43]
              بإختصار شديد فإن هذا الحل معناه ان كاتب تلك الأعداد بخاتمة نهاية مرقس هو أريستون الشيخ والدليل علي ذلك وجود إسم مشابهه له فقط في مخطوط أرميني يعود للقرن العاشر !!
              وحيث ان اسمه يشابه اسم واحداً من الرسل السبعين فطبعا هو أوحي اليه بها ولم يكتبها من نفسه ، إذاً حتي ولو قلنا انها ليست من كتابه مرقس فهي من كتابه قديس أخر مُلهم.[44]
              هزلية هذا الإفتراض واضحه للغايه من عده وجوه أهمها بإختصار:
              1- جادل علماء المخطوطات علي ان هذا التعليق ليس من وضع الناسخ الأصلي نفسه بل هو من وضع مُعلق مجهول من القرن الثالث عشر او الرابع عشر او حتي الخامس عشر !![45]
              2- هذا التقليد الذي ظهر الي الوجود فجأة في القرن العاشر [ مع التنبية للإشارة السابقة من نقض علماء المخطوطات لفكرة القرن العاشر ] لا يحمل أي قيمة نقدية ذات أهمية في ذاته كما يقول العلماء لسببين ، أولاً : لتأخر زمنه جداً والإنفراد به وهو الأمر الذي دعاً بروس متزجر للقول : (( إحتمالية ان يكون المُعلق الأرميني إستطاع الوصول الي تقليد تاريخي ثمين في ذلك الموضع هو تقريباً لا [ يساوي ] شئ ))[46] ، وثانياً: هو ان التقليد النصي في الكنيسة الأرمينية لا يعترف اصلاً بصحة خاتمة مرقس الطويلة لأنه ما كان يعرفها أصلاً في قرونه الأولي ، يخبرنا بذلك عالم النقد والمخطوطات الشهير دانيال والاس: (( ما يقرب من 100 مخطوط أرميني تتضمن كل المخطوطات [ الأرمينية ] القديمة لا تحوي خاتمة مرقس الطويلة ، وهو ما يبرهن بشكل حاسم من أن النص الأرميني الأصلي ما كان يحوي تلك الخاتمة ))[47]
              3- بعض اباء الكنيسة القدامي ممن تعرضوا بالتعليق لنهاية مرقس الحالية لم يذكروا من قريب او بعيد أن هناك تقليد سواء منتشر او غير منتشر يفيد بأن أريستون التلميذ هو كاتب تلك الخاتمة. فمثلاً نجد ان يوسابيوس القيصري يعلق علي تلك المشكلة قائلاً: (( يمكن ان تحل تلك [ المشكلة ] من وجهين. الشخص الذي لا يريد ان يقبل [ هذه الأعداد ] سيقول انها لا توجد في كل مخطوطات إنجيل مرقس. في الحقيقة ان أدق المخطوطات تنهي القصة وفقاً للقديس مرقس عند الكلمات : كن خائفات. تلك النهاية التي توجد تقريباً في كل مخطوط إنجيل مرقس ))[48] ، وعلي الجانب الأخر نجد أن القديس جيروم ( علي الرغم من إدراجه للخاتمة الطويلة في ترجمتة الفولجاتا ) يعلق علي تلك الحالة النقدية بالقول:(( كل المخطوطات اليونانية لا تحوي تلك الفقرات ))[49] ، وهو ما يكشف ان أباء الكنيسة الأولي ما كانوا يعرفون شيئاً عن تقليد إريستون المزعوم هذا.
              4- ليس هناك أي دليل مباشر او غير مباشر علي ان أريستون هذا هو نفسه أريستون الشيخ في كلام بابياس فليس في تشابه الأسماء اي دليل من اي نوع ، ولذا حكم المفسر " ويليام لاني " علي نسبه تلك الخاتمة الي أريستون الشيخ بـأنه: (( مجرد تخمين مثير ))[50]، ولا غرابة ان نجد تخمين أخر يفيد بأن أريستون هذا ليس هو أريستون الشيخ في كلام بابياس وإنما هو " Aristo of Pella- إريستو من بلا " المشار اليه في تاريخ يوسابيوس.[51] ، وهو إختيار العالمين[52] B. W. Bacon & Clacrence R. Wiiliams
              بشكل او بأخر بعيداً عن المحاولات الضعيفة للدفاع عن الأب متي المسكين فإن الأخير ما كان يؤمن بفكره إلهامية تلك الخاتمة وبدا واضحاً بدون أدني شك من أنه غير مقتنع بتلك الفكرة من الأصل وهو ما يظهر في قوله:
              (( وهذه الآيات الاثنتا عشرة جمعها أريستون من إنجيل ق. يوحنا وإنجيل ق. لوقا ليكمِّل بها القيامة. ))
              فلو كان الأمر متعلقاً بالإلهام والوحي لما تردد الاب متي المسكين في نسبة تلك الكتابه الي أريستون من خلال الوحي وليس من خلال جمع مواد وثائقيه معاصره ، مع الاخذ في الإعتبار ان فكره التجميع تلك تعني وبكل بساطة ان خاتمة القديس مرقس نفسها قد ضاعت فعلاً !!»
              [38] The Text Of The New Testament, Bruce Metzger, P322
              [39] السينائية والفاتيكانية ومخطوط 304 ويعود للقرن الثاني عشر !!
              [40] M. Holmes, To Be Continued... the Many Endings of the Gospel of Mark , Bible Review 17 , 22
              [41] تفسير إنجيل مرقس ، الأب متي المسكين ، ص622
              [42] أحد المناقشين فيما سماه بحثاً نقدياً في أصاله نهاية مرقس نقل في كتابه صورة لهذا المخطوط الأرميني والتي يظهر فيها التعليق بعد الفراغ بنهاية العدد الثامن وقبل خاتمة مرقس لكنه أتحف القارئ بجملة مدهشة تنم عن انه لا يفقه شئ مما يذكره: , و قد كتب ناسخها بعد العدد 20 "النص الاخير كُتب بواسطة الشيخ (القس) اريستون" خاتمة مرقس بين النقد ودحض النقد– فادي الكسندر ص327 !!
              [43] تاريخ الكنيسة – يوسابيوس القيصري- 3:39:4
              [44] هي إحدي العشوائيات المسيحية الواضحه في تحديد مفهوم الوحي ومصدره ، فإن أسهل التوثيقات في الفكر المسيحي هي ربط الحدث بالوحي بصورة مجرده ليكون الناتج عمل إلهي !!
              [45] ذكر في كتاب متزجر – نص العهد الجديد- الإصدار الرابع ص325 بأنها كتبت في القرن الثالث او الرابع عشر
              وذكر في كتاب متزجر – النسخ المبكرة للعهد الجديد Early versions of the New Testament ص163 بأنها كتبت في القرن الرابع او الخامس عشر !!
              [46] The Text Of The New Testament, Bruce Metzger, p325
              [47] Perspectives on the Ending of Mark, Daniel Wallace, p19
              [48] Ad Marinus, NPB 4.255ff
              [49] Letter to Hedibia, in Epistola 120, PL 22.980-1006
              [50] The Gospel According to Mark , William L Lane, p605
              [51] تاريخ الكنيسة – يوسابيوس القيصري- 4:6:3
              [52] Early versions of the New Testament, bruce Metzger, p163
              ورابط المقال: http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/articles/14.htm
              (33وَإِذَا سَأَلَكَ هَذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: [مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟] فَقُلْ لَهُمْ: [أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ - هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ.) إرمياء 23: 33-34
              (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
              فكيف تدعون أنكم لديكم شريعة الرب (حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
              لقد (رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. ..13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ.) مرقس 7: 9 ، 13
              وبعد أن رأينا ما للنص من ناحية السند، نأتى إليه من ناحية المتن. كم من المسيحيين فى العالم مات بسبب سموم الثعابين أو العقارب؟ هل قام أحد من الآباء الذين يُشهد لهم بالإيمان بشرب السم وعاش؟ وأى آباء الكنيسة يقصد يسوع: هل الأرثوذكس أو الكاثوليك أم البروتستانت أم .. أم ..؟
              لماذا يحتفظ البابا بفريق من أكفأ الأطباء والمتخصصين لعلاجه، إن كان مؤمنًا ويتبع يسوع فعلا، ويمكنه أن يضع يدي على أسقامه فيشفى منها؟ ولماذا يلجأ الأنبا شنودة وبابا الفاتيكان إلى السفر إلى أمريكا وإنجلترا، وهى بلاد لا تدين بالأرثوذكسية ويُعالج هناك على أيدى أطباء منهم اليهودى ومنهم الكاثوليكى أو البروتستانتى أو الملحد؟ فهل رؤوس الديانة المسيحية غير مؤمنين؟ أم إن هذا الكلام لم يتفوه به يسوع؟
              ولماذا لا يستغلون هذه الإمكانات، باسم المحبة، ويشفون مرضى السرطان، ومرضى الفشل الكلوى، والكبد الوبائى وغيره من الشلل والصم والبكم والعمى؟ لماذا يستعين مرضاهم بالأطباء بدلا من المؤمنين من رجال الدين؟ ما قيمة التحاليل الطبية والفحوصات والعمليات الجراحية فى وجود ملائكة الرحمة (رجال الدين المسيحى المؤمنين)، الذين يمكنهم لمس المريض فيبرأ؟ وهل عدم قيامهم بهذا يعد من باب المحبة؟ أم إن الموجودين حاليًا غير مؤمنين، وعلينا انتظار جيل آخر من المؤمنين، الذين يمكنهم لمس المريض فيشفى فى الحال، أو إحياء الموتى أو عمل معجزات أكبر من ذلك؟
              ثم ما هى المعجزة التى تكبر معجزة إحياء الموتى؟ ومن فى العالم أتى بمعجزة لم يأت بها نبى؟ ومن الذى يمكنه عمل معجزة تفوق معجزة إلهه؟ ألا ينفى هذا الألوهية عن يسوع؟ وهل من الممكن حقًا أن يساند الرب شخصًا، ويرفعه فوقه أو فوق رسوله الذى أرسله؟ وما الغرض؟
              هل كان يسوع ينتظر من أتباعه إحياء الموتى فى أماكن دفن موتاهم؟ لقد أحيا هو ثلاثة فقط بإذن الله. وإذا كان هو قد أحيا ثلاثة فقط، فهل كان ينتظر أن يحيوا هم الموتى فى جماعات باسمه؟
              أكرر أنه لم يقدر أن يفعل من نفسه شيئًا. لقد أجرى كل المعجزات بإذن الله، وحوله وقوته:
              يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ...)
              لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.)
              متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!)
              وقال أيضاً: يوحنا 5: 36 (36وَأَمَّا شأَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
              يوحنا 5: 20 (20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.)
              وقال أيضًا: يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
              وها هو بطرس يقول فى أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
              وها هو نيقوديموس رئيس اليهود يقول ليسوع: يوحنا 3: 2 («يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
              ونشعر بطلبه لتأييد الله تعالى له بهذه المعجزات فقط ليؤمنوا أنه رسول الله إليهم، وليس استعراضًا لألوهية مزعومة:
              يوحنا 11: 41-42 (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
              مرقس 7: 32-36 (32وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. 33فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ 34وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيماً. 36فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ.)
              فعندما أراد إطعام الجمع: متى 14: 19 (أَخَذَ الأَرْغِفَةَ لْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ.)
              وهل لو كان يعمل المعجزات بلاهوته لفشل واحتاج إلى تجربة ثانية ليشفى الأعمى؟ هل يوجد إله يقول بتجارب يفشل منها ما يفشل، وينجح فى النهاية فى إشفاء أعمى؟
              مرقس 8: 22-26 (22وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَعْمَى وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَهُ 23فَأَخَذَ بِيَدِ الأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ هَلْ أَبْصَرَ شَيْئاً؟ 24فَتَطَلَّعَ وَقَالَ: «أُبْصِرُ النَّاسَ كَأَشْجَارٍ يَمْشُونَ». 25ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضاً عَلَى عَيْنَيْهِ وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحاً وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيّاً. 26فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلاً: «لاَ تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ وَلاَ تَقُلْ لأَحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ»)
              ودليل آخر على أن المعجزات لا يفعلها بمحض قوته أو إرادته، فقد رفع الله عنه تأييده، فلم يتمكن من إجراء أية معجزة فى وقت ما:
              مرقس 6: 5 (5وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصْنَعَ هُنَاكَ وَلاَ قُوَّةً وَاحِدَةً غَيْرَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَرْضَى قَلِيلِينَ فَشَفَاهُمْ.)
              بل إن لدينا نصوص تشكك أساسًا فيما نسب إليه من معجزات، فقد قال بنفسه إنه لن يعط لهم آية إلا آية يونان:
              متى 12: 38-39 (38حِينَئِذٍ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ: «يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً». 39فَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ.)
              متى 7: 21-23 (21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!)
              وهذا واضح جدًا: فمن عمد باسم يسوع فهو كافر، ومن أقام معجزة أو أخرج شياطين باسم يسوع فهو كافر، سيستبعده يسوع من زمرة أتباعه فى الآخرة، يوم يتقدم أتباعه للوقوف أمام حضرة الله تعالى، الذى سيخضع له يوم الحساب كباقى البشر: (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.) كورنثوس الأولى 15: 28
              بل إن المعجزة ليست دليلاً على أن فاعلها إلهٌ أو حتى نبى: متى 24: 24، (24لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً.) ومرقس 13: 22
              ونخلص من هذا أنه لم يفعل أحد منهم نفس معجزات يسوع، ولا معجزة أكبر منها، الأمر الذى ينفى عنهم الإيمان به، واتباع تعاليمه الحقة!
              س152- يُنسب إلى يسوع سبه لليهود وتحقيره لهم والدعاء عليهم:
              («لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ ...) متى 23: 13
              (16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ ...) متى 23: 16
              (17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ ...) متى 23: 17
              (26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى ...) متى 23: 26
              (28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً!) متى 23: 28
              (33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 33
              (... أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالْقَصْعَةِ وَأَمَّا بَاطِنُكُمْ فَمَمْلُوءٌ اخْتِطَافاً وَخُبْثاً. 40يَا أَغْبِيَاءُ ...) لوقا 11: 39-40
              كما يُنسب إليه القول: (22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 22
              فهل التزم يسوع بتعاليمه؟ وهل استوجب الحكم أم المجمع أم نار جهنم؟
              لذلك حذفتها الكثير من التراجم العربية والأجنبية الأخرى، منها من علق فى الهامش، ومنها من حذفها دون تعليق. يقول هامش ترجمة الملك جيمس الحديثة: هناك بعض المخطوطات ذات الطراز السكندرى تحذف كلمة (باطلا) أى (بدون سبب). لذلك حذفتها الترجمة العربية المشتركة، وأضافت كلمة القاضى (أمَّا أنا فأقولُ لكُم: مَنْ غَضِبَ على أخيهِ اَستَوجَبَ حُكمَ القاضي، ومَنْ قالَ لأخيهِ: يا جاهلُ اَستوجبَ حُكمَ المجلِسِ، ومَنْ قالَ لَه: يا أحمقُ اَستوجَبَ نارَ جَهَنَّمَ.)
              وحذفتها الترجمة الكاثوليكية اليسوعية (أَمَّا أَنا فأَقولُ لَكم: مَن غَضِبَ على أَخيهِ استَوجَبَ حُكْمَ القَضاء، وَمَن قالَ لأَخيهِ: ((يا أَحمَق)) اِستَوجَبَ حُكمَ المَجلِس، ومَن قالَ لَه: ((يا جاهِل)) اِستَوجَبَ نارَ جَهنَّم.)
              وحذفتها الترجمة البولسية (أَمَّا أَنا فَأَقولُ لكم: إِنَّ كلَّ مَنْ غَضِبَ على أَخيهِ يَسْتَوْجِبُ المحاكمَة؛ ومَنْ قالَ لأَخيهِ "راقا!" يَسْتَوجبُ حُكمَ المحِفل؛ ومَن قالَ لهُ: "يا مَعْتوه!" يَستَوجِبُ جَهَنَّمَ النَّار)
              وحذفتها ترجمة الحياة (أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ هُوَ غَاضِبٌ عَلَى أَخِيهِ، يَسْتَحِقُّ الْمُحَاكَمَةَ؛ وَمَنْ يَقُولُ لأَخِيهِ: يَاتَافِهُ! يَسْتَحِقُّ الْمُثُولَ أَمَامَ الْمَجْلِسِ الأَعْلَى؛ وَمَنْ يَقُولُ: يَاأَحْمَقُ! يَسْتَحِقُّ نَارَ جَهَنَّمَ!)
              أما عن قول متى (وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 22، فقد تم التلاعب بها أيضًا حتى لا يكون يسوع قد عرض نفسه لنار جهنم، وخالف التعاليم التى جاء بها. لذلك أضاف (كما يقول فالتر يورج لانجباين فى كتابه قاموس أخطاء العهد الجديد ص182-183) مارتن لوثر فى احدى تراجمه [لم أعثر عليها بعد] كلمة (كافر) بعد أحمق، وعضدت هذا المعنى ترجمة Elberfelder 1871 فقالت بجواز هذا المعنى إلى جانب أحمق أو مجنون:
              Ich aber sage euch, daك jeder, der seinem Bruder ohne Grund zürnt, dem Gericht verfallen sein wird; wer aber irgend zu seinem Bruder sagt: Raka! (Ein Ausdruck der Verachtung: Tor, Taugenichts) dem Synedrium verfallen sein wird; wer aber irgend sagt: Du Narr! (O. Verrückter; auch: Gottloser) der Hِlle des Feuers verfallen sein wird.
              http://www.unboundbible.org/index.cf...erfelder_1871_...
              لذلك أعلن الدكتور Gerd Lüdemann أن الكلمات التى يسب بها يسوع غيره غير تاريخية. أى لم تثبت عنه على وجه الحقيقة لتضارب مفهوم النص مع تعاليمه. قائلا: «بعد التحليلات التى قام بها رجال اللاهوت تبين لهم بكل تأكيد أنها إضافات أو إكمالا للنص قامت به الكنيسة [فى العصور الأولى]، فلم يقترف يسوع نفسه، ما نهى الناس عنه. فقد افترت عليه الجماعة [الكنيسة] فى أولى عصورها.»
              س153- لقد قرر لوقا أن يسوع جاء من نسل داود مارًا بناثان، خلافًا لما قرره الرب من قبل. وخلافًا لما ذكره متى أنه جاء من داود مارًا بسليمان. لقد أعلن داود نفسه أن سليمان سيكون خليفته على العرش، مؤسسًا كلامه على مشورة الرب: (1وَقَالَ دَاوُدُ الْمَلِكُ لِكُلِّ الْمَجْمَعِ: «إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنِي الَّذِي وَحْدَهُ اخْتَارَهُ اللَّهُ ....) أخبار الأيام الأول 29: 1
              وعلى ذلك فإن قول كاتب الإنجيل المنسوب إلى لوقا قد أخطأ بذكر ناثان، أو لم يكن من اليهود الذين يعرفون الكتاب، أو أراد أن يبعد المسِّيِّانية عن يسوع. وللقائلين بوحى هذا الإنجيل نقول لهم: إن هذا الخطأ يحتمل احد المعنيين:
              1- إن هذا الخطأ بمفرده لينفى عن يسوع الألوهية، لأنه لا يوجد إله ينسى، فلو قرر ذلك فى الماضى لداود، لما كان له أن ينسى ذلك فى عصر يسوع! ولو نساه لما استحق الألوهية، أو لكان كاذبًا مدعيًا لها!
              2- إن هذا الخطأ ينفى عن لوقا أنه كتبه بإلهام الروح القدس، ولا يرفعه إلى مستوى الكتب السماوية!
              3- لو صدقنا لوقا لنفى هذا عن يسوع المسِّيِّانية، لأن المسِّيِّا سيأتى من نسل ملوك تنحدر من داود، وناثان لم يكن ملكًا، ولم يأت ملك من سلالته.
              والأكثر غرابة فى الموضوع أنه فى عصر مريم ويوسف كان نسل داود قد انقطع منذ زمن بعيد، حيث أقسم الرب نفسه ألا يأتى من نسل يكنيا (اللابن (الحفيد) السابع عشر من نسل سليمان). فحتى لو لم ينقطع النسل، فيكفى أن يكون يسوع من نسل يكنيا. فهذا فقط يحرمه من وراثة عرش داود.
              س154- كثيرًا ما قام يسوع بمعجزات، وشفى فيها كثير من الناس بإذن الله، وبحوله وقوته، وهذا ما أقر به يسوع نفسه: (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ...) يوحنا 5: 30 فهل نكذب يسوع ونصدق القساوسة؟
              وقال أيضًا: (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي) يوحنا 8: 28 فهل كان يسوع يمثل أو يكذب، أم إنه صادق فى كونه عبد الله ورسوله؟
              وأخذ المرضى ينتظرونه أينما ذهب. وقد سأله تلاميذه مرة عن سبب ولادة هذا الرجل أعمى، فأجاب: (1وَفِيمَا هُوَ مُجْتَازٌ رَأَى إِنْسَاناً أَعْمَى مُنْذُ وِلاَدَتِهِ 2فَسَأَلَهُ تلاَمِيذُهُ: «يَا مُعَلِّمُ مَنْ أَخْطَأَ: هَذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟» 3أَجَابَ يَسُوعُ: «لاَ هَذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ لَكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللَّهِ فِيهِ.) يوحنا 9: 1-3
              بغض النظر عن فهم اليهود وقتها عن توارث الخطيئة من الأبوين، وأن هذا ما نفاه يسوع فى هذا النص، كما نفاه العهد القديم والجديد فى مواضع عديدة، منها:
              قال الرب لموسى: (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
              وقال الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30
              أى (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)) سورة النجم 38-41
              وقال الرب لهوشع: (15«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. ...) هوشع 4: 15
              وقال الرب لأيوب: (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-13
              وقال الرب لحزقيال: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
              وقال بولس (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ) غلاطية 6: 4-5
              (34فَقَالَ بُطْرُسُ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. 35بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ.) أعمال الرسل 10: 34-35
              (8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. .. .. فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.) متى 3: 8-10 ، إذن فالنجاة من النار هو رهن الثمار الجيدة التى تنتجها أنت فى حياتك ، وليست رهن الإيمان بيسوع وإياه مصلوباً.
              (من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية)يوحنا 5: 24
              لكن كيف نفهم هذا الهدف العظيم الذى قاله يسوع من ولادة الأعمى (لَكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللَّهِ فِيهِ.) يوحنا 9: 3؟
              فلو كان هذا على زمن يسوع فقط وسيشفيه الله بمعجزة على يد أحد أنبيائه، فهو مقبول منطقيًا. لكن ما هو سبب من ولد أعمى قبل يسوع أو بعده؟ وبالطبع لم يقم يسوع بشفاء كل أعمى فى عصره، فما هى الحكمة الإلهية من ولادة هذا الأعمى الذى ظل أعمى؟ وكيف ستظهر فيه أعمال الله؟ إن إجابة يسوع لم تكن كافية، ولم تغطى كل جوانب السؤال. وذلك إما لأنه لم يعرف غير ذلك، أو لم يفهم السؤال بدقة، أو تحايل وقصَّر السؤال على جانب واحد لعدم علمه بباقى الجوانب. وهذا كله ينفى عنه الألوهية.
              اعتاد يسوع على أمر من يشفيه بعدم إخبار أحد بما تم على يديه بقدرة الله: (40فَأَتَى إِلَيْهِ أَبْرَصُ يَطْلُبُ إِلَيْهِ جَاثِياً وَقَائِلاً لَهُ: «إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي!» 41فَتَحَنَّنَ يَسُوعُ وَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ وَقَالَ لَهُ: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». 42فَلِلْوَقْتِ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ ذَهَبَ عَنْهُ الْبَرَصُ وَطَهَرَ. 43فَانْتَهَرَهُ وَأَرْسَلَهُ لِلْوَقْتِ 44وَقَالَ لَهُ: «انْظُرْ لاَ تَقُلْ لأَحَدٍ شَيْئاً بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ».) مرقس 1: 40-44؛ لوقا 5: 12-16
              فكيف سيذهب للكاهن ويقدم القربان عن تطهيره، فى الوقت الذى يعرف فيه الكاهن أنه كان من قبل أبرصًا؟ هل سيكذب على الكاهن ويحكى له حكاية وهمية عن شفائه؟
              (27وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ تَبِعَهُ أَعْمَيَانِ يَصْرَخَانِ وَيَقُولاَنِ: «ارْحَمْنَا يَا ابْنَ دَاوُدَ». 28وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَيْتِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ الأَعْمَيَانِ فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «أَتُؤْمِنَانِ أَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هَذَا؟» قَالاَ لَهُ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ». 29حِينَئِذٍ لَمَسَ أَعْيُنَهُمَا قَائِلاً: «بِحَسَبِ إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا». 30فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا. فَانْتَهَرَهُمَا يَسُوعُ قَائِلاً: «انْظُرَا لاَ يَعْلَمْ أَحَدٌ!» 31وَلَكِنَّهُمَا خَرَجَا وَأَشَاعَاهُ فِي تِلْكَ الأَرْضِ كُلِّهَا.) متى 9: 29-31
              فهل كان يعلم يسوع أنهما سيخيان ظنه، وسيفشيان الأمر بين كل الناس؟ فهو إذن ليس بإله!
              أم كان يسوع كإله يعلم أنهما سيقومان بإفشاء الأمر للناس كلهم، ومع ذلك طلب منهما أمر لن يحققاه؟ إذن فكلامه لغو لا قيمة له، وهذا ينفى عنه الألوهية. ولماذا طلب منهما عدم إفشاء قدرة الله تعالى فيهما؟ هل كان ينوى طمس قدرة الله تعالى وعدم إظهارها، ليؤمن الناس؟ أى هل كان عائقًا بأمره هذا بين إيمان الناس بربهم؟
              ثم كيف نفهم هذا الهدف العظيم فى ضوء منع يسوع الذين شفاهم من نشر خبر شفائهم على يديه؟ فهل أراد أن يمنع الجهلاء، وهم الأكثرون وقتها، من تأليهه؟ أم أراد أن يخفى ألوهيته وإمكانياته؟ أم أراد ألا تظهر قدرة الله تعالى، وهو ما يُخالف إجابته على السؤال؟ أم أراد الكاتب طمس نبوته وعدم انتشار معجزاته؟ أم نسى يسوع أن منع الناس من نشر معجزاته هو تحجيم لانتشار قدرة الله تعالى وأعماله؟
              وهل نسى ذلك بلاهوته أم بناسوته؟ ولا تتعجبوا فقد نسى الرب وندم وتحسر بلاهوته:
              (6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ».) تكوين 6: 6-7
              (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) تكوين 8: 20-21، وهكذا ندم يهوه، وقرر ألا يبيد البشرية، مضحيًا بعزته وكرامته ومبادئه الأولى، وغير مكترث بما يقترفوه من كفر ورفض له، حتى لا يُحرم من رائحة الشواء!!
              (14فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ.) خروج 32: 14
              اقرأ: الرب يندم على تنصيب شاول نبياً لأن النبى لم يُطع الله وقتل الشعب كله فقط وأبقى على خيار الغنم والبقر والخراف: صموئيل الأول 15: 7-11 (7وَضَرَبَ شَاوُلُ عَمَالِيقَ مِنْ حَوِيلَةَ حَتَّى مَجِيئِكَ إِلَى شُورَ الَّتِي مُقَابَِلَ مِصْرَ. 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ, وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً, لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي». فَاغْتَاظَ صَمُوئِيلُ وَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ اللَّيْلَ كُلَّهُ.)
              وهل تخيل يسوع أنه يمكن لإنسان ولد أعمى أو حتى فقد بصره بعد أن رأى النور وعرف قيمته، أو إنسان ولد مشلولا أو أصيب بالشلل فشفاه الله تعالى على يد نبيه، هل تخيل يسوع أن مثل هذا الإنسان يمكنه أن يكتم فرحته، فلا يخبر أحد أو لن يتحدصث أحد من معارفه عنه؟
              ثم لماذا اشترط يسوع إيمان اليهودى الأعمى أو غيره ليشفيه؟ لأن هذا المريض اليهودى يؤمن بالله وحده، دون إيمان بالابن والروح القدس، وإشاركهما مع الله، أى دون تجسد أو أقانيم. وعلى ذلك يضمن يسوع أن شفاء هذا الرجل لن يفتنه، ويجعله يشكر الله نفسه على هذه الرحمة والنعمة، وليس يسوع. فإخفاء أمر الشفاء هذا ينفى به يسوع الألوهية عن نفسه، ويمنع المرضى والمخربين بالقول بألوهيته أو حتى الظن فيها.
              إضافة إلى تأكيد أنه ليس المسِّيِّا، حيث لم يشف إلا اليهود فقط، وسوف يأتى المسِّيِّا للعالمين، وتطبيقًا لقوله: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.) متى 5: 17
              وتطبيقًا لقوله: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-6
              وتطبيقًا لقوله (لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ) متى 15: 24
              لذلك كان ينظر إلى السماء ويطلب من الله أن يُجرى المعجزة على يديه إثباتًا لنبوته لبنى إسرائيل: يوحنا 11: 41-42 (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».).
              وأفهمهم أن ما يفعله ليس بحوله ولا قوته: (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ...) يوحنا 5: 30
              وقال أيضًا: (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي) يوحنا 8: 28
              وقد تعلم معاصروه وتلاميذه هذا الدرس ووعوه جيدًا: فها هو بطرس يقول فى أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
              وها هو نيقوديموس رئيس اليهود يقول ليسوع: يوحنا 3: 2 («يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
              فلو كانت نية يسوع إخفاء أمر شفائه للناس بإذن الله، فكيف كان يقوم علانية بمعجزات الشفاء هذه أمام أعين كل الحاضرين؟ أليس هذا قمة النتاقض؟
              ومازلنا نتساءل عن الحكمة فى إخفاء ثلاثة أو أكثر ممن شفاهم بإذن الله لهذه المعجزة إن كان صيته قد وصل إلى سورية وغيرها من البلاد؟ (23وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْبِ. 24فَذَاعَ خَبَرُهُ فِي جَمِيعِ سُورِيَّةَ. فَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ السُّقَمَاءِ الْمُصَابِينَ بِأَمْرَاضٍ وَأَوْجَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ وَالْمَجَانِينَ وَالْمَصْرُوعِينَ وَالْمَفْلُوجِينَ فَشَفَاهُمْ. 25فَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْجَلِيلِ وَالْعَشْرِ الْمُدُنِ وَأُورُشَلِيمَ وَالْيَهُودِيَّةِ وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ.) متى 4: 23-25
              وحكاها مرقس بشىء من التفصيل أكثر: (7فَانْصَرَفَ يَسُوعُ مَعَ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْبَحْرِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْجَلِيلِ وَمِنَ الْيَهُودِيَّةِ 8وَمِنْ أُورُشَلِيمَ وَمِنْ أَدُومِيَّةَ وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ. وَالَّذِينَ حَوْلَ صُورَ وَصَيْدَاءَ جَمْعٌ كَثِيرٌ إِذْ سَمِعُوا كَمْ صَنَعَ أَتَوْا إِلَيْهِ. 9فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ أَنْ تُلاَزِمَهُ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ لِسَبَبِ الْجَمْعِ كَيْ لاَ يَزْحَمُوهُ 10لأَنَّهُ كَانَ قَدْ شَفَى كَثِيرِينَ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهِ لِيَلْمِسَهُ كُلُّ مَنْ فِيهِ دَاءٌ. 11وَالأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ حِينَمَا نَظَرَتْهُ خَرَّتْ لَهُ وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: «إِنَّكَ أَنْتَ ابْنُ اللَّهِ!» 12وَأَوْصَاهُمْ كَثِيراً أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ.) مرقس 3: 7-12
              وقال أيضًا: (22وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَعْمَى وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَهُ 23فَأَخَذَ بِيَدِ الأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ هَلْ أَبْصَرَ شَيْئاً؟ 24فَتَطَلَّعَ وَقَالَ: «أُبْصِرُ النَّاسَ كَأَشْجَارٍ يَمْشُونَ». 25ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضاً عَلَى عَيْنَيْهِ وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحاً وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيّاً. 26فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلاً: «لاَ تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ وَلاَ تَقُلْ لأَحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ».) مرقس 8: 22-26
              وبغض النظر عن موقع بيته داخل القرية أم خارجها، فهل لن تعرف القرية التى أتى إليها أو القرية التى كان يسكن بها بخبر شفائه، وهو قد قام بهذا العمل أمام الجموع كما تخبرنا معظم النصوص الأخرى؟
              (وَنَزَلَ مَعَهُمْ وَوَقَفَ فِي مَوْضِعٍ سَهْلٍ هُوَ وَجَمْعٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَأُورُشَلِيمَ وَسَاحِلِ صُورَ وَصَيْدَاءَ الَّذِينَ جَاءُوا لِيَسْمَعُوهُ وَيُشْفَوْا مِنْ أَمْرَاضِهِمْ 18وَالْمُعَذَّبُونَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ. وَكَانُوا يَبْرَأُونَ. 19وَكُلُّ الْجَمْعِ طَلَبُوا أَنْ يَلْمِسُوهُ لأَنَّ قُوَّةً كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْهُ وَتَشْفِي الْجَمِيعَ.) لوقا 6: 17-19
              وعلى ذلك نرى تناقضًا أيضًا بين اتباع جموع كثيرة ليسوع، حيث شفاهم وأوصاهم ألا يظهروه أو يقولوا هذا لأحد: (... وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ جَمِيعاً. 16وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ) متى 12: 15-16، إنه أشبه بمن يقول سرًا فى التلفاز ويطالب المستكعين بألا يخبروا أحدًا به! فمن من الناس من لم يعلم به وبنبوته وبمعجزاته؟
              فبما يوحى هذا الخلاف؟ هل أراد يسوع إظهار عظمة الرب وقدرته أم أراد إخفائها؟ وكيف أراد إخفاء عظمة الله وهى قد حدثت أمام جموع غفيرة من البشر؟ فهل كتب كل سفر أشخاص مختلفة وتم تجميعها بدون دراسة؟ أم كان هناك أكثر من طريق وردت عنهم هذه الأخبار وتم جمعها دون فحص أو دراسة؟ ومن من الرواة هو الذى أخطأ فى روايته؟ أم أخطأ يسوع نفسه وكانت تصرفاته متضاربة؟ أم أراد كتبة الأناجيل إظهار يسوع بصورة الشخص المجنون أو غير المتزن فى تصرفاته لإجهاض دعوته، وتفريق أتباعه أو لهدم دينه بالكلية؟

              تعليق

              • abubakr_3
                مشرف عام

                • 15 يون, 2006
                • 849
                • مسلم

                #22
                س155- لماذا لا يستطيع المسيحى الزواج بامرأة على غير ملته؟ هل لهذا القانون أصل فى الكتاب المقدس؟ لا. العكس تمامًا. فالكتاب يرى أن تطيع المرأة المؤمنة زوجها إن كان على غير دينها. وهو مقدس فيها، حتى لو كان غير مؤمنٍ. فلماذا تقصر الكنيسة الأرثوذكسية هذا الفهم على المتزوجين بالفعل وآمن أحدهم؟ فلو كانت تراعى تربية الأولاد على الأرثوذكسية، فكان منعه أفضل من الأساس.
                بل كيف توصلت الكنيسة إلى زواج المرأة المؤمنة (أى اليهودية على دين يسوع) من رجل غير مؤمن أى غير يهودى، ومثل هذا الزواج من الأساس ممنوع؟ ولو تم لكان زنى ورُجن الاثنان.
                (13وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا فَلاَ تَتْرُكْهُ. 14لأَنَّ الرَّجُلَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ الْمُؤْمِنَةِ مُقَدَّسَةٌ فِي الرَّجُلِ - وَإِلاَّ فَأَوْلاَدُكُمْ نَجِسُونَ. وَأَمَّا الآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ.) كورنثوس الأولى 7: 13-14
                س155- يقول كاتب إنجيل يوحنا، إن يسوع أعطى التلاميذ وصية جديدة مفادها أن يحبوا بعضهم البعض: (34وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضاً بَعْضُكُمْ بَعْضاً. 35بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ».) يوحنا 13: 34-35
                فهل وصية الحب هذه وصية جديدة؟ أم أن الكاتب جمع هذه الوصية من العهد القديم وادعى أنها وصية جديدة؟
                (5فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ.) التثنية 6: 5
                (وليَكنْ عِندَكُمُ الغريبُ النَّزيلُ فيما بَينكُم كالأصيلِ مِنكُم. أحِبُّوه مِثلما تُحبُّونَ أنفسَكُم لأنَّكُم كُنتُم غُرَباءَ في أرضِ مِصْرَ. أنا الرّبُّ إلهُكُم.) اللاويين 19: 34 (الترجمة العربية المشتركة)
                فالعهد القديم كانت دعوته فى المحبة أكبر من الدعوة المنتسبة إلى يسوع فى الأناجيل من محبة التلاميذ لبعضهم البعض، فقد شملها الرب فى العهد القديم بمحبة الغريب وليست محبة القريب فقط. وهو ما أكد عليه يسوع بقوله: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
                كما ذكرها كُتَّاب الأناجيل الأخرى بصيغ مختلفة ولم يدع أى منهم أنها وصية جديدة، فقد أقر يسوع أن الناموس كله ووصايا الأنبياء تتعلق بالمحبة: بحب العبد لله وللناس: (34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعاً 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 34-40، مرقس 12: 29-31، لوقا 10: 27
                بل وطالب يسوع بمحبة الأعداء (أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ) متى 5: 44، وألا يغضب أخ على أخيه، أو يتفوَّه بكلمة تأفف أو أكبر من ذلك عليه (إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 22، وألا نقاوم الشر (لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.) متى 5: 39-42
                وبعد كل ما قاله يسوع من اعترافه الكامل بالعهد القديم وتعاليم الأنبياء، وما قاله هو نفسه فى محبة القريب والعدو، لماذا خصَّ التلاميذ بالذات بأن يحب كل منهم الآخر؟ ألم يكونوا من اليهود وهذه تعاليم كتابهم؟ ألم يكونوا من أتباع يسوع وهذه تعاليمه؟ فلماذا خص التلاميذ بهذه الوصية؟ ولماذا ادعى أنها وصية جديدة؟
                فهل طالب يسوع تلاميذه بأن يحب كل منهم الآخر بسبب تصارعهم على الرئاسة وانتهاز كل منهم الفرصة للإنقضاض على زعامة التلاميذ؟
                فلم يهتموا لسماعهم عن موته وفراقهم له، بل تنازعوا على الزعامة: (21وَلَكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ». 23فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا؟». 24وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضاً مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ.) لوقا 22: 21-24
                وفى مرقس 10: 41 بسبب الجلوس على يمينه ويساره غضبوا على يعقوب ويوحنا وحقدا عليهما بسبب مكانتهما من يسوع:
                (وَلَمَّا سَمِعَ الْعَشَرَةُ ابْتَدَأُوا يَغْتَاظُونَ مِنْ أَجْلِ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا) الفاندايك
                (...، فغَضِبوا على يَعقوبَ ويوحنَّا.) الترجمة العربية المشتركة
                (وسَمعَ العشَرةُ فأَخَذوا يَغْضَبونَ على يَعقوبَ ويوحنَّا.) الترجمة البولسية
                (...، أَخَذُوا يَسْتَاءُونَ مِنْ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا.) كتاب الحياة
                (... اسْتاؤُوا مِن يَعقوبَ ويوحَنَّا) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                أم أراد كتبة الأناجيل اللمز والهمز فى التلاميذ ومكانتهم عند يسوع وفيما بينهم؟ لقد أوضح يسوع أنهم نور العالم وملح الأرض، فقال: (13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 13-16
                فمن الذى قال على لسان يسوع عنهم جيل ملتوى ونفى عنهم الإيمان؟
                (17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 17-21
                ومن الذى قال على لسان يسوع عنهم إنهم قليلو الإيمان؟
                (فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟») متى 8: 26
                ومن الذى وصف بطرس على لسان يسوع أنه قليل الإيمان؟
                (31فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟») متى 14: 31
                ومن الذى قال على لسان يسوع عن التلاميذ إنهم غلاظ القلوب؟
                (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
                ومن الذى أظهرهم كأغبياء؟
                فأقر بطرس أنه والتلاميذ لا يفهمونه: (15فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هَذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟) متى 15: 15-16
                (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
                (44«ضَعُوا أَنْتُمْ هَذَا الْكَلاَمَ فِي آذَانِكُمْ: إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ». 45وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا هَذَا الْقَوْلَ وَكَانَ مُخْفىً عَنْهُمْ لِكَيْ لاَ يَفْهَمُوهُ وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ.) لوقا 9: 44-45
                ولم يفهموا مثل الزوان: (36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ».) متى 13: 36
                (27وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ.) يوحنا 8: 27
                (6هَذَا الْمَثَلُ قَالَهُ لَهُمْ يَسُوعُ وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا هُوَ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ.) يوحنا 10: 6
                (16وَهَذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تلاَمِيذُهُ أَوَّلاً وَلَكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هَذِهِ لَهُ.) يوحنا 12: 16
                ومن الذى قال لبطرس على لسان يسوع إنه شيطان؟
                (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 23
                ألا تشم معى رائحة اليهود وأعداء دعوة يسوع فى تحريف هذا الكتاب ورموزه؟
                س156- يقول يسوع: (34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعاً 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 34-40، مرقس 12: 29-31، لوقا 10: 27
                وقال أيضًا: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
                فإذا كانت الوصية الأولى والثانية والناموس والأنبياء كله يتعلق بوصية المحبة، فلماذا قام بولس بإلغائها، ووصفها أنها لم تصلح شيئًا وأنها عديمة النفع؟
                (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ». 11وَلَكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا». 12وَلَكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، بَلِ «الإِنْسَانُ الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا». 13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ، .. .. .. 19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ .. .. .. لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 10-21
                (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
                (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
                (5لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ.) رومية 7: 5
                (20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. 21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ.) رومية 3: 20-21
                (13فَإِذْ قَالَ«جَدِيداً» عَتَّقَ الأَوَّلَ.وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الاِضْمِحْلاَلِ) عبرانيين 8: 13
                (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7
                (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.) عبرانيين 7: 18-19
                (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
                وهل نفهم من ذلك أن بولس استبدل وصية المحبة بوصية مضادة لها، حيث لم تنفع المحبة ولم تصلح شيئًا؟
                وأية محبة يقصدها فى (غلاطية 5: 4-6) فى قوله (الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ)؟ لقد سبق لنا وأوضحنا أن العهد القديم يحث على محبة الرب والقريب والغريب (للاويين 19: 34)، وهذه وصية باطلة، ضعيفة لم تعجب بولس، فقام بإلغائها، فأى وصية من وصايا المحبة استبدل بها الوصية القديمة؟
                وهل أن تحب (الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ.) التثنية 6: 5، من الوصايا الضعيفة، غير النافعة التى استبدلها بولس؟
                وكيف نوفَّق بين اعتراف يسوع بها وتعليمها الناس وبين قول بولس فيما بعد أنها من الوصايا التى شاخت وقربت من الإضمحلال، وأصبحت عديمة النفع؟
                س157- يوسف الذى من الرامة من الشخصيات المقربة ليسوع فى الأناجيل القانونية. فهل كان سمعان القيروانى هذا من تلاميذ يسوع المقربين أم كان شخصية وهمية اخترعها كتبة الأناجيل مثل شخصيات كثيرة أخرى منها يوسف النجار؟
                يقول يوحنا: (38ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ وَلَكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ.) يوحنا 19: 38، ودفنه مع نيقوديموس (عند يوحنا فقط) فى قبر جديد فى البستان.
                ويقول متى: (57وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ - وَكَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ. 58فَهَذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ. 59فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ 60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَراً كَبِيراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ وَمَضَى.) متى 27: 57-60
                ويقول مرقس: (42وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ إِذْ كَانَ الاِسْتِعْدَادُ - أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ - 43جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ مُشِيرٌ شَرِيفٌ وَكَانَ هُوَ أَيْضاً مُنْتَظِراً مَلَكُوتَ اللَّهِ فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. 44فَتَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعاً. فَدَعَا قَائِدَ الْمِئَةِ وَسَأَلَهُ: «هَلْ لَهُ زَمَانٌ قَدْ مَاتَ؟» 45وَلَمَّا عَرَفَ مِنْ قَائِدِ الْمِئَةِ وَهَبَ الْجَسَدَ لِيُوسُفَ. 46فَاشْتَرَى كَتَّاناً فَأَنْزَلَهُ وَكَفَّنَهُ بِالْكَتَّانِ وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ مَنْحُوتاً فِي صَخْرَةٍ وَدَحْرَجَ حَجَراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ.) مرقس 15: 42-46
                ويقول لوقا: (50وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ وَكَانَ مُشِيراً وَرَجُلاً صَالِحاً بَارّاً - 51هَذَا لَمْ يَكُنْ مُوافِقاً لِرَأْيِهِمْ وَعَمَلِهِمْ وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ مَدِينَةٍ لِلْيَهُودِ. وَكَانَ هُوَ أَيْضاً يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ اللهِ. 52هَذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ 53وَأَنْزَلَهُ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ.) لوقا 23: 50-53
                فلم يكن يوسف من تلاميذ يسوع عند مرقس ولوقا، على خلاف ما أقر به يوحنا ومتى. ولم يكن خائفًا من اليهود على خلاف ما ذكره يوحنا صراحة، وأوضحه مرقس.
                فلماذا لم يكن خائفًا من طلب جثمان يسوع، على الرغم من أنه من تلاميذ يسوع، وكان اليهود يبحثون عنهم أيضًا؟ ونلتمس بحثهم عن تلاميذ يسوع من هربهم جميعًا وقت القبض على يسوع، بل ترك أحدهم رداءه وهرب عريانًا خوفًا أن يمسكون به، وكذلك من قول جارية رئيس الكهنة لبطرس أنه كان من تلاميذ يسوع، الأمر الذى جعله ينكر ويقسم على هذه الكذبة: (69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِساً خَارِجاً فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضاً بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ أَيْضاً مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» ....) متى 26: 69-74
                إلا أننا نجد يوسف الذى من الرامة فى إنجيل بطرس الأبوكريفا (غير المعترف به فى قانون الكنائس)، من تلاميذ بيلاطس نفسه، الأمر الذى لا داع معه لخوفه من التقدم وطلب جثمان يسوع. أى إن صداقته لبيلاطس تذهب بخوفه طلب الجثمان موافقًا لمتى ولوقا، ومخالفًا ليوحنا ومرقس.
                أما وصف مرقس ولوقا له أنه كان مشيرًا، فهذا يعنى أنه كان أحد أعضاء السنهدرين اليهودى، وعلى ذلك فقد كان يوسف من اليهود الذين لم تتغير عقيدتهم فى المسِّيِّا، وأن هذا المسِّيِّا لم يكن يسوع بأى حال من الأحوال. حيث سيأتى المسِّيِّا بالملكوت الجديد، والشريعة الأبدية، الأمر الذى لم يفعله يسوع، وهذا ما فهمه يوسف الرامى وبعض التلاميذ.
                فكيف فهم بعض التلاميذ أن يسوع ليس هو المسِّيِّا، ومنهم يوسف الذى من الرامة، بينما فهم الآخرون أن هو المسِّيِّا نفسه (منهم بطرس مى 16: 16)؟ وناقض الذين اعتبروا يسوع المسِّيِّا قولهم فى يسوع مرة أخرى، وذلك بأن جعلوا تلاميذ يسوع، ومنهم يوسف الذى من الرامة، ينتظرون ملكوت الله، أى لم يؤمن إذن أن يسوع جاء بالملكوت، بل بشَّر لقرب قدومه. (17مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ : «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ».) متى 4: 17
                فكيف يكون يوسف الرامى من السنهدرين ويخشى بيلاطس، ولا يخش المجمع نفسه، لو علم أنه من تلاميذ يسوع؟
                وكيف يكون من السنهدرين ويعلم ما حاكه المجمع ضد يسوع للقبض عليه، ولم يحذره لكى يهرب، ولا يشرب كأس الموت الذى كان خائفًا من تجرعه، ويهرب من ملاقاته، مصليًا متضرعًا إلى الله أن يذهبه عنه؟ وكيف لا يقف مرة واحدة يدافع عنه ويحاول إقناع اليهود بتقبل دعوته؟
                وإذا كانت علة يسوع وتهمته أنه المسِّيِّا، ملك اليهود، وقد علم التلاميذ كلهم والسنهدرين كله، منهم يوسف الرامى، أن يسوع ليس المسِّيِّا، فكيف كان يؤمن بعض تلاميذ يسوع أنه المسِّيِّا؟ فهل كانت ليسوع تعاليم سرية غير التى كان يجاهر بها؟ (19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ.) يوحنا 18: 19-20
                الأمر الذى دعا اللاهوتى دومينيك كروس أن يقول: "إن شخصية يوسف هذه شخصية مخترعة". (يسوع التاريخى، ط2، ص 517-518)
                كما يشكك فيه اللاهوتى هربرت براون فى كتابه (الرجل الذى من الناصرة وعصره، ط1988، ص41) قائلا: إن قصص الدفن الحالية فى الأناجيل ليس لها أصل تاريخى بالمرة. لقد أُعدمَ يسوع من أعدائه، لأنه كان عندهم من المجرمين، فأماتوه ميتة الملاعين (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
                ولم يكن البر والإحسان يشمل المجرمين الذين تم اعدامهم. فقد كانت تتولى الدولة مسؤولية دفنهم سريعًا، والتخلص من جثامينهم. فهل من الممكن أن يُقدَّم يسوع كمجرم، ويموت ميتة الملاعين على الخشبة المصلوب عليها، ثم يتركه أعداؤه اليهود يُكرَّم، ويُدهن بالأطياب (يوحنا 19: 38-40) ويُدفن معززًا مكرمًا؟
                وهل يترك اليهود أعداؤه يقومون بدفنه فى مقبرة يعرفونها، ليجهض كل ما عملوه معه، ويقم بعد ثلاثة أيام، كما أخبر هو من قبل؟ ألم يأت اليهود بعد ثلاثة أيام وحرسوا المقبرة خوفًا من قيامته؟
                ثم كيف وصلت الجثة المعلقة إلى يوسف الرامى؟ فمن الذى أنزلها من على الخشبة وخلصها من المسامير المدقوقة فى جسده ليناولها ليوسف أو لنيقوديموس؟ ولو تتخيل معى: إذا كانت هناك جثة مثبتة بمسامير فى جذع شجرة، فلو خلصنا المسامير المثبتة فى الجانب الأيمن، فكم من الأشخاص نحتاج حتى يرفعوا الجثة ليتمكن أخر أو أخرون من تخليص الجثة من المسامير المثبتة فى الجانب الأيسر؟ وكم من الأشخاص نحتاجهم ليلقفوا منا الجثة بعد تخليصها من كل المسامير؟ إن هذا العمل ليحتاج على أقل تقدير أربعة رجال أقوياء. أم تركوا الجثة تقع على الأرض وترتطم بها بعد أن خلصوها من المسامير؟ فهل كان هؤلاء يعتبرون يسوع إلهًا وهم يعاملون جثته بهذه الطريقة؟
                وهذا هو الأمر الذى حدا بدومينيك كروس أن يظن أن سخصية يوسف الرامى شخصية مخترعة، فلم يكن له عمل إلا التوسل إلى بيلاطس أن يعطيه جثمان يسوع الميت ويدفنه فى قبر، لم يخطط هو نفسه له، فلم يقل أحد إنه قبر يوسف نفسه الجديد إلا (متى 27: 60).
                والغريب أن نيقوديموس هذا لا يعرف أحد من كتبة الأناجيل الثلاثة عنه شيئًا. فلم يذكره لا متى، ولا مرقس، ولا لوقا. وعلى ذلك قام يوسف الذى من الرامة عند الأناجيل الثلاثة المتوافقة بإنزال يسوع من على الشجرة المسمَّر بها ودفنه بمفرده. وعند يوحنا ساعده نيقوديموس فى هذا. لأن يوحنا أدرك أن هذا العمل لا يمكن أن يقوم به إنسان بمفرده.
                إلا أن القبر الذى دفن فيه يسوع عند يوحنا لم يكن قبر يوسف الذى من الرامة، الذى أعده لنفسه، بل كان قبرًا جديدًا استحسنه يوسف لدفن يسوع، أى فى قبر سرقه يوسف الذى من الرامة: (41وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ. 42فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيباً.) يوحنا 19: 41-42،
                فكيف يكون من تلاميذه ويرضى له أن يُدفن فى مقبرة مسروقة؟ وكيف يذهب لأخذ الجثمان، دون أن يُخطط لمكان سيدفنه فيها؟ والأغرب من ذلك أن هذا البستان لم يكن به إلا مقبرة واحدة، لا يُعرف مالكها، فسرقها يوسف، ولم يوجهه الرب (يسوع) إلى حُرمانية ما يفعله، لأنه كان ميتًا، الأمر الذى ينفى عنه الألوهية، أو يُشركه فى السرقة مع يوسف الرامى؟
                وغريب جدًا أن يسمح له اليهود بتكريم مجرم أهانوه ثم أماتوه ملعونًا!! والأغرب من ذلك أن يسوح له اليهود بأخذ الجثمان ودفنه فى مكان لا يعلمونه مسبقًا، ليفاجئهم بقيامته فيما بعد!
                وغريب أن يرسل اليهود فيما بعد حراسة للقبر ليمنعوا يسوع من القيامة!! وعجيب جدًا أن يؤمن اليهود بقيامة يسوع أو أى إنسان ما بعد ثلاثة أيام من موته!! والأغرب من ذلك أن السنهدرين نفسه كان يسيطر عليه طائفة من اليهود الصدوقيين الذى يكفرون بالبعث. تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (الصدوقيون): (وكان الصدوقيون لا يعتقدون أن للإنسان نفسًا خالدة، لان النفس تموت بموت الجسد، وعليه فلم يكونوا يؤمنون بالدينونة في المستقبل، أى كانوا لا يؤمنون بالبعث أو الحساب، لأنها غير موجودة فى التوراة، ويرون أن الله يُحاسب الإنسان فى حياته على أعماله، وليس بعد موته. كما كانوا ينكرون وجود الملائكة والأرواح (أع 23: 8) لان ذلك يدخل في دائرة الغيب. أما ذكر الملائكة في العهد القديم، فكانوا يعتبرونها ظهور إلهي في صور غير مادية.)
                فهل كفر السنهدرين والكهنة بعقيدتهم لقول رجل يكذبونه، ويعتبرونه من المجرمين أنه سيقوم بعد ثلاثة أيام؟ وكيف لم يحاول الشعب الإنتقام من كل كهنة السنهدرين الذى علمهم تعاليم باطلة تقضى بأنه لا توجد قيامة للأجساد، بعد إثبات يسوع لكذبهم وقيامته هو من الموت؟ ثم كيف اختفى يوسف الرامى مرة واحدة، مثل الكومبارس الذى جاء ليؤدى دورًا واحدًا فقط، ثم يختفى بعد ذلك؟
                والأغرب من ذلك أن يكون يوسف هذا أحد أعضاء السنهدرين الصدوقيين وفى نفس الوقت من تلاميذ يسوع!! أليس اتباع يسوع يخرجه من السنهدرين، حيث يكون قد كفر بمعتقداتهم؟ ألا يؤمن الصدوقيون بكتب موسى الخمس فقط، بينما كان يؤمن يسوع إضافة إلى ذلك بما جاء به الأنبياء السابقون أيضًا؟ فقد أقر قائلا: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. ...) متى 5: 17
                ألم ير الكتبة والفريسيون أو خدام المعبد وحراسه يوسف الرامى مرة مجتمعًا مع يسوع يستمع إليه ويرافقه؟ أم كان يوسف ينافق اليهود، فيبطن الإيمان بيسوع، ويجاهر بالكفر به؟
                والغريب حقًا أن يحاول كتبة الأناجيل توجيه أنظارهم إلى العهد القديم عند كتابتهم هذه النصوص، ليجعلوا من يسوع المسِّيِّا الذى بشرت به الكتب السابقة، ويحعلوا منه يسوع تاريخى ذكر من قبل، وتنبَّأ به الأنبياء الأقدمون. فيذكر إشعياء 53: 9 (9وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. ...)، وهو لا ينطبق على يسوع، فهو لم يُدفن مع الأشرار. لقد بحث الرجل الغنى عن مقبرة تليق بمكانته الإجتماعية والمادية. وبالطبع فإن الرجل البار الصالح أحد أعضاء السنهدرين وتلميذ يسوع لن يبحث عن مقبرة له وسط الأشرار والكفار. وبذلك تبعد النبوءة عن يسوع.
                والأمر فى غاية البساطة، فكاتب الإنجيل اختلط عليه الأمر فى "الأشرار" و "الغنى". ففى النص العبرى ذكر (وقد أعطاه قبره عند الكفار وفاعلى الإثم)، وقد قرأها الكاتب خطأً وذكر بدلا من (فاعلى الإثم) (الأغنياء).وهذا الخطأ تداركه يوحنا فى إنجيله، فقد جعل دفن يسوع فى مقبرة فى البستان بالقرب من مكان الصلب، أى مع الأشرار والكفار، الأمر الذى يُكذب الأناجيل الأخرى. إذن لم يبحث الرجل المؤمن البار يوسف الرامى عن مكان ليدفن فيه وسط الكفار والأشرار.
                أما من المخطىء فى هذه القراءة، فهو أمر يصعب تحديده. فهل أخطأ مرقس فى القراءة وتبعه باقى كتبة الأناجيل الذين نقلوا منه، وتأييفها ليكون لها جذور فى العهد القديم؟ أم تكرر خطأ القراءة عند الكل، وأطلق كل منهم لنفسه العنان فى دباجة القصة كما يفهمها؟ أم أخطأ الرب الذى أوحى هذا؟ أم فشل الرب فى إفهام كتبة الأناجيل مراده، ففهمها الثلاثة الآخرون غير يوحنا فهمًا خاطئًا؟
                س158- يقول متى: (69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِساً خَارِجاً فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضاً بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ أَيْضاً مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» ....) متى 26: 69-74
                فما معنى قول الناس لبطرس: (فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ)، على الرغم من أن بطرس كان صيادً أميًا؟ أى كان جاهلا. فما هى هذه اللغة التى اجتمع عليها يسوع وتلاميذه؟
                إن المسلم المثقف يعلم اللغة التى يسمعها إن كانت آية قرآنية أم حديثًا نبويًا. فهل كانت لغة بطرس هى لغة الإنجيل الموحى به، والتى رأى القديس اكليمندس الرومانى يسوع وهو يسلم تلاميذه هذا الإنجيل؟
                يقول القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير فى كتابه(الوحى الإلهى وإستحالة تحريف الكتاب المقدس) ص97-98: إن القديس اكليمندس الرومانى(30-100م) الذى كان أسقفاً لروما وأحد تلاميذ ومساعدى القديس بولس قد ”أشار فى رسالته التى أرسلها إلى كورنثوس، والتى كتبها حوالى سنة 96م، إلى تسليم السيد المسيح الإنجيل للرسل ومنحه السلطان الرسولى لهم فقال "تسلم الرسل الإنجيل لنا من الرب يسوع المسيح ، ويسوع المسيح أرسل من الله....“.
                س159- يقول متى: إن يوسف الذى من الرامة كان قد أعد قبرًا لنفسه، وأنه دفن يسوع فى هذا القبر: (60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَراً كَبِيراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ وَمَضَى.) متى 27: 60
                فلماذا لم يُعدّ يسوع لنفسه قبرًا؟ هل لم يؤمن بالموت؟ أم كان يعرف أن الله تعالى سينقذه ويرفعه إلى السماء دون موت أو تعذيب؟
                س160- يقول متى: (57وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ - وَكَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ.) متى 27: 57
                واتفق كل من مرقس ولوقا أن يوسف الرامى كان ينتظر ملكوت الله: فيقول مرقس: (43جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ مُشِيرٌ شَرِيفٌ وَكَانَ هُوَ أَيْضاً مُنْتَظِراً مَلَكُوتَ اللَّهِ فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ.) مرقس 15: 43، ولوقا 23: 51
                فكيف كان غنيًا وهو من أتباع يسوع؟ وكيف كان ينتظر ملكوت الله، وهو يعلم أنه لن يرث الملكوت غنىٌ؟ ألم يسمع قول يسوع لمن يريد أن يرث الحياة الأبدية: («... بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 23فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ حَزِنَ لأَنَّهُ كَانَ غَنِيّاً جِدّاً. 24فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ قَدْ حَزِنَ قَالَ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! 25لأَنَّ دُخُولَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!».) لوقا 18: 18-25
                أم سمع قول يسوع ولم يفهمه كباقى التلاميذ؟ أم أخطأت الأناجيل فى وصفه بالرجل البار؟ أم كان فقيرًا مثل يسوع وباقى التلاميذ وفبرك كتبة الأناجيل هذه الحكاية ليسيؤا إلى يسوع وتلاميذه، ويظهروهم بمظهر غير لائق، ويُخالف تعاليم معلمهم؟
                ألم يعلم قول يسوع: (29وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.) متى 19: 29، فلماذا لم يتخل عن كل ما يملك من أجل الملكوت؟
                فهل كان يعلم يسوع أن الذى سيدفنه هو يوسف الرامى الغنى، فتركه ليدفن فى هذه الأُبهة بدلا من دفن الفقراء؟ لماذا كان هو الغنى الوحيد الذى يُصاحب يسوع، ويُعد من تلاميذه؟
                إن المعتاد فى مثل هذه الأمور أن يُدفن الإنسان فى مقبرة الأسرة، وإن كان فقيرًا يُدفن فى مقابر الصدقة. فهل سرق يوسف البار وتلميذ يسوع الآخر نيقوديموس هذه المقبرة ليدفنا فيها يسوع؟ وهل هذه سنة تُتبع لليوم من المسيحيين: أى لا يعرفون شيئًا عن الملكية الشخصية، ولا يحترمونها، أو يعدون الاعتداء عليها اتباعًا لسنة الرب الذى وافق تلميذاه على سرقة مقبرة لا يمتلكانها؟
                من أين أتى متى بمعلومة خالفها كل كتبة الأناجيل قبله وبعده، وهى أن القبر كان ملكًا ليوسف الرامى؟
                لم يفطن لهذه المشكلة إلا متى الذى حوَّر قول مرقس (الذى نقل منه ما يقرب من 91.6%. فقد صرح الدكتور وليم باركلى فى تفسيره لإنجيل متى ص17 أن متى اقتبس 606 عددًا (93 فقرة) من أصل 661 عددًا (105 فقرة) من مرقس) ونسب القبر إلى يوسف الرامى نفسه، فقال: (60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَراً كَبِيراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ وَمَضَى.) متى 27: 60
                س161- يقول يوحنا: (39وَجَاءَ أَيْضاً نِيقُودِيمُوسُ الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرٍّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَناً. 40فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا.) يوحنا 19: 39-40
                هل تعرف كم هو حجم المئة منًا من العطور بمكيال اليوم؟ إنها تساوى تبعًا لهامش الترجمة الكاثوليكية اليسوعية 571 جم، وتبعًا للترجمة العرية المشتركة 680 جم. ومنهم من يظن أنها 354 جم، ومنهم من يقول إنها 327 جم أى لقد أتى نيقوديموس بـ 57 أو 68 كجم ليدهن جثمان يسوع!! فهل من المنطق أن يدهن جثمان ما بعطور تبلغ خمسة أضعاف هذا الجثمان؟ وكم من الزمن يحتاجه ليشرب الجلد كل هذا الدهن؟ ولن أسأل كيف حمل هذا الوزن الضخم بمفرده أولا، ثم مع الجثمان ثانيًا، فهو واضح للقارىء الواعى!
                الأمر الذى حدا بالقديس باسيليوس الكبير أن يقول: (يُستخدم المزيج من المر والعود لحفظ الجسم مدة طويلة. يرى البعض أن المائة من المزيج يكفي لتطييب ٢٠٠ جسمًا من الراقدين. وقد ظنوا أن في ذلك خطأ في النسخ. لكن هكذا كانت العادة بالنسبة للشخصيات الهامة أو المحبوبة.) وهذا يعنى أن المن الواحد يكفى لتطيب جثتين، أى كان يكفيه شراء نصف من، أو منًا واحدًا ليتمكن من إنزال الجثة وحملها مع المن!
                لذلك تخلصت ترجمة كتاب الحياة من هذه المشكلة وكتبتها مخافة للنص الأصلى باللترات: (وَجَاءَ أَيْضاً نِيقُودِيمُوسُ الَّذِي كَانَ قَدْ أَتَى مِنْ قَبْلُ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً، وَأَحْضَرَ مَعَهُ حَوَالَيْ ثَلاَثِينَ لِتْراً مِنْ طِيبِ الْمُرِّ الْمَخْلُوطِ بِالْعُودِ.)
                والأغرب من ذلك أنهم يدَّعون فى عصرنا الحالى أنهم وجدوا كفن يسوع وعليه مكان البصق، الذى تفله الجندى الرومانى عليه!! فلم يكفى أكثر من نصف طن من العطور لتخليصه من هذه البصقة!! ألا تعتقد معى أن هذه البصقة لو كانت من النابلم لغيرت مفعوله ولأزاحته من الوجود!!
                س162- يحكى سفر الأعمال أن: (1وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ بَاعَ مُلْكاً 2وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذَلِكَ وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. 3فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا حَنَانِيَّا لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ 4أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ». 5فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ. 6فَنَهَضَ الأَحْدَاثُ وَلَفُّوهُ وَحَمَلُوهُ خَارِجاً وَدَفَنُوهُ. 7ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَ مُدَّةِ نَحْوِ ثَلاَثِ سَاعَاتٍ أَنَّ امْرَأَتَهُ دَخَلَتْ وَلَيْسَ لَهَا خَبَرُ مَا جَرَى. 8فَسَأَلَهَا بُطْرُسُ: «قُولِي لِي أَبِهَذَا الْمِقْدَارِ بِعْتُمَا الْحَقْلَ؟» فَقَالَتْ: «نَعَمْ بِهَذَا الْمِقْدَارِ». 9فَقَالَ لَهَا بُطْرُسُ: «مَا بَالُكُمَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا أَرْجُلُ الَّذِينَ دَفَنُوا رَجُلَكِ عَلَى الْبَابِ وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجاً».) أعمال الرسل 5: 1-9
                فهل يقبل كل ما تملك، ولا يقبل أن يترك لك شيئًا؟ أليس هذا التصرف يحول الناس إلى شحاتين عالة على الدولة أو المجتمع؟ وهل من يحتفظ بجزء من ثمن منزله يكون قد اختلسه؟ أليس المال ماله، وله مترك الحرية أن يتبرع بالجزء الذى يريده؟ فهل من المنطق أو العدل أن يأخذ الرب الكل أو يميت الشخص المتبرع؟
                ويمقارنة النصوص وجدت أن الترجمة البولسية قد أضافت الجملة الآتية بعد الجملة الأولى، ولا يعرف عنها الباقون شيئًا. (وجَرَتْ على أَيدي الرُّسُلِ آياتٌ وعجائِبُ كثيرَةٌ في الشَّعب؛ وكانوا كلُّهم مَعًا في رِواقِ سُلَيمانَ) أعمال الرسل 5: 2 الترجمة البولسية
                فهل هى من أصل الكتاب وحذفها الباقون؟ أم اخترعها المترجم وأضافها من عنده؟ فهل كذب على الرب وننتظر منه قتله؟ أم لا يهم الرب هذا الكتاب، فسيتركه يعيش؟ أم لا يحدث هذا إلا مع من يبق شيئًا فقط من نقوده ولا يقدمها كلها للرب؟ أم وجدها المترجم فى مخطوطة ولم تحتويها المخطوطات الأخرى، الأمر الذى يدل على أن المخطوطات تختلف عن بعضها البعض، الأمر الذى ينفى كتابتها بتأثير من الروح القدس وحفظ الله وعنايته؟
                س163- يقول سفر أعمال الرسل 4: 13 (13فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.)، ومن هذا النص نعلم أنهم عرفوا من كلامهما وجهلهما أنهما من تلاميذ يسوع. فانظر إلى التراجم الحديثة التى تخفف من وطأة هذا الفهم:
                (فَتَعَجَّبَ الْمُجْتَمِعُونَ مِنْ جُرْأَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَلِّمَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ عَامَّةِ الشَّعْبِ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ) ترجمة كتاب الحياة
                (فلمَّا رأى أعضاءُ المَجلِسِ جُرأةَ بُطرُسَ ويوحنَّا، تَعَجَّبوا لأنَّهُم عَرَفوهُما أُمِّيَّينِ مِنْ عامَةِ النّـاسِ. ولكنَّهُم عَلِموا أنَّهُما كانا قَبلاً معَ يَسوعَ) الترجمة العربية المشتركة
                (فلمَّا رأََوْا جُرْأََةَ بُطرسَ ويوحنَّا، وعَلِموا أَنَّهما رَجُلانِ مِنْ عامَّةِ الشَّعبِ وأُمِّيَّانِ، تَعَجَّبوا. وكانوا يَعْرفونَ أَنَّهما كانا مَعَ يَسوع؛) الترجمة البولسية
                (فلَمَّا رَأَوا جُرأَةَ بُطرُسَ ويوحَنَّا وقَد أَدركوا أَنَّهما أُمِّيَّان مِن عامَّةِ النَّاس، أَخَذَهُمُ العَجَب، وكانوا يَعرِفونَهما مِن صَحابَةِ يسوع،) الترجمة الكاثوليكية
                وهذا يعنى أنهما غير متعلمين، ومن أسلوب كلامهما عرفا بجهلهما. فما الذى فعلته الروح القدس بهما إذن فى اليوم الخمسين؟ ألم تغير منهم وتعلمهم ما يقولون، أو على الأقل تُظهرهم بمظهر المتعلمين؟ وماذا يملك الجاهل ليقدمه لعلماء الأمة من اليهود وغيرهم؟ (1وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعاً بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ 2وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ 3وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. 4وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا.) أعمال الرسل 2: 1-4
                وهل اختار يسوع فعلا جهلاء ليقودوا الدعوة من بعده؟ هل قصد يسوع أن هذه العقيدة التى أنتم عليها اليوم لا يفهمها ولا يتبناها إلا الجهلاء؟ وهل كان يشجع يسوع بذلك العلم، أم أنه حبَّذ الجهل والجهلاء لنقل دعوته دون فهم؟ أم هى حملة التشويه التى قام بها كتبة هذا الكتاب لينالوا من يسوع وتلاميذه الشرفاء؟
                س164- كم مرة نزل الوحى على كتبة الأسفار التى يؤمن بها معظم المسيحيين؟
                فتبعًا للكاثوليك والبروتستانت يؤمنون بـ 27 سفرًا، أما الكنيسة السريانية فهى تؤمن فقط ب 22 سفرًا، فهم لا يؤمنون بقدسية الرسالة الثانية لبطرس، ولا بالرسالة الثانية والثالثة ليوحنا، ولا برسالة يهوذا، ولا بسفر الرؤيا. أما الكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية فعدد كتبها غير ثابت إلى الآن ، ويصل فى بعض الأحيان من 35 إلى 38 سفرًا.
                فهل نزل الوحى 27 مرة أم أكثر أم أقل؟ وأى من هذه الكنائس التى ينزل إليها الروح القدس، وأيها تنزل عليه الروح الشيطانية المضللة؟ أى رجال دين فى هذه الكنائس يقودون إلى الخلاص، وأيهم يقود إلى التهلكة؟
                لماذا لم يترك معلمهم كتابًا يسترشدون به فى معرفة الحق؟ وكيف لا يترك يسوع كتابًا، كما يؤمنون، على الرغم من معرفته معرفة اليقين أن تلاميذه من الأغبياء الجهلاء، الذين لم يفلح الرب نفسه معهم فى تحويلهم إلى أناس تفهم وتعى ما يقوله؟ فهل سيفلح الأقنوم الثالث بعد فشل الأقنوم الثانى فى إفهامهم؟ أم إن هذه الصورة السوداء للتلاميذ هى ما أرادنا كتبة الأناجيل، أعداء يسوع، أن نفهمه عنهم؟
                ثم ما الحكمة أن يوح الرب إلى أناس اشتهر عنهم الغباء وعدم فهم معلمهم؟ لماذا لم يترك كتابًا يجتمعون عليه، ولا يختلفون إلا فى تأويله؟
                لقد أكد يسوع أن عمله وتعاليمه قد أُكملت، وذلك بقوله: (قَدْ أُكْمِلَ) يوحنا 19: 30، فهل بعد أن أكمل يسوع كل شىء، يحتاج الوحى إلى النزول؟ وكيف ينزل الرب بنفسه متجسدًا على الأرض، ولا تكتمل رسالته، ويحتاج لنزوله مرات ومرات كأقنوم الروح القدس، ليخبرهم بما يجب عليهم أن يكتبوه ، حتى قررت الكنيسة أى الكتب التى يجب أن يشملها قانونها، تفرضه بالقوة على أتباعها؟ لماذا لم يُكمل رسالته وهو على الأرض؟ هل فشل فى الإله فى ذلك، فأوكل الأمر إلى الجهلاء من تلاميذه؟ أم إنه حكم على رسالته بالتفاهة وعدم الجدوى حتى يترك الجهلاء لنقلها؟ أم لم يدرك حاجة البشر من قبل إلى كتاب يجتمع عليه المؤمنون به؟ أم ترك عمله ناقصًا كالمعتاد؟ فهو لم يحدثهم عن الخطيئة الأزلية، ولا عن آدم أو حواء، ولا عن توارث الخطيئة الأصلية، ولا عن نسخه للناموس، وعدم جدواه، ولا عن تنظيم الدرجات الكهنوتية، ولا عن خضوع المرأة لزوجها كالرب، ولا عن عقوبة السيدة التى تدخل الكنيسة غير مغطاة الرأس.
                وأليس نزوله كان ينبغى أن يكون على تلاميذه فقط؟ فلماذا أوحى إلى مرقس ولوقا وهما ليسا من تلاميذه؟ ولماذا احتاج متى أن ينقل من مرقس، والمفروض أن يكون العكس؟ ولماذا لم يملى عليهم ما يريد بدقة، بدلا من كتابة كل منهم بأسلوبه؟ فهل هم أدق من الرب وأفصح منه فى اختيار الألفاظ والتعبيرات التى لا تخل بمراد الرب؟ ولو كان الروح مراقبًا لما يكتبون، ويغير ما يخطئون فيه، فلماذا لم يوفر الوقت ويملى من البداية ما يريده؟
                ثم ما الدليل على أنهم نزل عليهم الروح القدس، وأخبرهم بما ينبغى عليهم كتابته؟ فهل كانوا أنبياء أو رسلا لله تعالى؟ ولمن أرسلوا؟ وما الدليل على ذلك من أقوالهم وأفعالهم؟ ألم يقل الرب أنه لا تقم شهادة إلا على فم اثنين أو أكثر؟ (16وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَخُذْ مَعَكَ أَيْضاً وَاحِداً أَوِ اثْنَيْنِ لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.) متى 18: 16 (راجع أيضًا تثنية 17: 6)، (عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ وَثَلاَثَةٍ تَقُومُ كُلُّ كَلِمَةٍ) كورنثوس الثانية 13: 1. فمن هم شهود هؤلاء الكتبة بنزول الروح القدس عليهم وإبلاغهم بما يريده منهم كتابته؟
                ألم يكن يسوع آخر أنبياء بنى إسرائيل؟ ألم يؤكد ذلك بأن جفف شجرة التين، التى هى رمز للأمة اليهودية؟ قائلا: («لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 19، فكيف يوحى إليهم وهم من بنى إسرائيل؟ هل هم من قصدهم يسوع بالأنبياء الكذبة؟ وما الدليل على أنهم ليسوا هم؟ ألم يقل يسوع إننا نعرفهم من أثمارهم؟ فما هى ثمارهم غير أن أحدهم وضع على لسان يسوع استحسان أن يخصى الرجل نفسه، وآخر فضل عدم الزواج، وآخر استحسن عدم الطلاق، وأجبر الرجل والمرأة المتنافرين على النكد الأبدى، والكيد المتبادل غير المنتهى، وحبذ أن يُكبَّل الرجل امرأة لا يطيقها، وسجن المرأة فى سجن رجل تكرهه وتتمنى موته، وأمر آخر بصمت المرأة المطبق داخل الكنيسة حتى لو لم تفهم أو أرادت الاعتراض على فهم المحاضر أو الخطيب لما يقوله، وآخر أمر بخضوعها التام لزوجها، مثل خضوعها للرب، وأمر آخر بقتل كل من لم يتخذ يسوع إلهًا ملكًا (لوقا 19: 27)، واستحسن آخر ضرب الأعداء وإهانتهم له، وأمر آخر بمخالفة الناموس، وإلغاء الختان، ويدعى أنه لم يأت بخير، ولم يكن نافعًا، وقال آخر بأن يسوع حوَّل الماء الطاهر إلى خمر معتقة مسكرة، مذهبة للعقل، لا يشربها إلا الهالكون.
                اقرأ رأى الناموس فى الخمر وشاربها، لتعرف أية منزلة أنزلوها يسوع بقولهم هذا:
                (6أَعْطُوا مُسْكِراً لِهَالِكٍ وَخَمْراً لِمُرِّي النَّفْسِ. 7يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ وَلاَ يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ.) أمثال 31: 6-7
                (1الخمرُ مُجونٌ والسُّكْرُ عَربَدَةٌ، ومَنْ يَهيمُ بِهِما فلا حِكمةَ لهُ.) أمثال 20: 1 الترجمة العربية المشتركة
                (13فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ: «مِنْ كُلِّ مَا قُلْتُ لِلْمَرْأَةِ فَلْتَحْتَفِظْ. 14مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ, وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ تَشْرَبْ, وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهَا».) القضاة 13: 13-14
                (4لَيْسَ لِلْمُلُوكِ يَا لَمُوئِيلُ لَيْسَ لِلْمُلُوكِ أَنْ يَشْرَبُوا خَمْراً وَلاَ لِلْعُظَمَاءِ الْمُسْكِرُ.) أمثال 31: 4، فهل كان يسوع وضيوفه من الصعاليك، الذى لا يشملهم أمر شرب الخمر والمسكر؟
                (8أَمَّا دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ وَلاَ بِخَمْرِ مَشْرُوبِهِ ....) دانيال 1: 8، إذن فالخمر تنجس شاربها. فلماذا شربها يسوع؟ ولماذا صنعها فى عرس قانا؟
                (29لِمَنِ الْوَيْلُ؟ لِمَنِ الشَّقَاوَةُ؟ لِمَنِ الْمُخَاصَمَاتُ؟ لِمَنِ الْكَرْبُ لِمَنِ الْجُرُوحُ بِلاَ سَبَبٍ؟ لِمَنِ ازْمِهْرَارُ الْعَيْنَيْنِ؟ 30لِلَّذِينَ يُدْمِنُونَ الْخَمْرَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي طَلَبِ الشَّرَابِ الْمَمْزُوجِ. 31لاَ تَنْظُرْ إِلَى الْخَمْرِ إِذَا احْمَرَّتْ حِينَ تُظْهِرُ حِبَابَهَا فِي الْكَأْسِ وَسَاغَتْ مُرَقْرِقَةً. 32فِي الآخِرِ تَلْسَعُ كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوانِ. 33عَيْنَاكَ تَنْظُرَانِ الأَجْنَبِيَّاتِ وَقَلْبُكَ يَنْطِقُ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ. 34وَتَكُونُ كَمُضْطَجِعٍ فِي قَلْبِ الْبَحْرِ أَوْ كَمُضْطَجِعٍ عَلَى رَأْسِ سَارِيَةٍ. 35يَقُولُ: «ضَرَبُونِي وَلَمْ أَتَوَجَّعْ. لَقَدْ لَكَأُونِي وَلَمْ أَعْرِفْ. مَتَى أَسْتَيْقِظُ أَعُودُ أَطْلُبُهَا بَعْدُ!») أمثال 23: 29-32، ما يحدث لمدمن الخمر بكثير من الخمر، يحدث لشارب الخمر المعتقة بقليل منها!
                على الرغم من أنه يعلم أن روح القداسة تكون فى الإنسان الطاهر الذى يتجنب الخمر: (15لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ الرَّبِّ وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ يَشْرَبُ وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.) لوقا 1: 15، فهل كان المعمدان أقدس من الرب نفسه؟
                وجعل آخر يسوع يرفع كأس الخمر قائلا: هذا دمى، على الرغم من أن تذوق الدماء من المحرمات فى العهد القديم منذ زمن موسى، الذى جاء يسوع مؤكدًا لدينه، عاملا به، معلمًا إياه، وليس ناقدًا لنقطة واحدة منه، وأقر آخر أن يسوع ملعونًا، لأنه مات مصلوبًا على خشبة (غلاطية 3: 13).

                تعليق

                • abubakr_3
                  مشرف عام

                  • 15 يون, 2006
                  • 849
                  • مسلم

                  #23
                  س155- لماذا لا يستطيع المسيحى الزواج بامرأة على غير ملته؟ هل لهذا القانون أصل فى الكتاب المقدس؟ لا. العكس تمامًا. فالكتاب يرى أن تطيع المرأة المؤمنة زوجها إن كان على غير دينها. وهو مقدس فيها، حتى لو كان غير مؤمنٍ. فلماذا تقصر الكنيسة الأرثوذكسية هذا الفهم على المتزوجين بالفعل وآمن أحدهم؟ فلو كانت تراعى تربية الأولاد على الأرثوذكسية، فكان منعه أفضل من الأساس.
                  بل كيف توصلت الكنيسة إلى زواج المرأة المؤمنة (أى اليهودية على دين يسوع) من رجل غير مؤمن أى غير يهودى، ومثل هذا الزواج من الأساس ممنوع؟ ولو تم لكان زنى ورُجن الاثنان.
                  (13وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا فَلاَ تَتْرُكْهُ. 14لأَنَّ الرَّجُلَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ الْمُؤْمِنَةِ مُقَدَّسَةٌ فِي الرَّجُلِ - وَإِلاَّ فَأَوْلاَدُكُمْ نَجِسُونَ. وَأَمَّا الآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ.) كورنثوس الأولى 7: 13-14
                  س155- يقول كاتب إنجيل يوحنا، إن يسوع أعطى التلاميذ وصية جديدة مفادها أن يحبوا بعضهم البعض: (34وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضاً بَعْضُكُمْ بَعْضاً. 35بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ».) يوحنا 13: 34-35
                  فهل وصية الحب هذه وصية جديدة؟ أم أن الكاتب جمع هذه الوصية من العهد القديم وادعى أنها وصية جديدة؟
                  (5فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ.) التثنية 6: 5
                  (وليَكنْ عِندَكُمُ الغريبُ النَّزيلُ فيما بَينكُم كالأصيلِ مِنكُم. أحِبُّوه مِثلما تُحبُّونَ أنفسَكُم لأنَّكُم كُنتُم غُرَباءَ في أرضِ مِصْرَ. أنا الرّبُّ إلهُكُم.) اللاويين 19: 34 (الترجمة العربية المشتركة)
                  فالعهد القديم كانت دعوته فى المحبة أكبر من الدعوة المنتسبة إلى يسوع فى الأناجيل من محبة التلاميذ لبعضهم البعض، فقد شملها الرب فى العهد القديم بمحبة الغريب وليست محبة القريب فقط. وهو ما أكد عليه يسوع بقوله: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
                  كما ذكرها كُتَّاب الأناجيل الأخرى بصيغ مختلفة ولم يدع أى منهم أنها وصية جديدة، فقد أقر يسوع أن الناموس كله ووصايا الأنبياء تتعلق بالمحبة: بحب العبد لله وللناس: (34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعاً 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 34-40، مرقس 12: 29-31، لوقا 10: 27
                  بل وطالب يسوع بمحبة الأعداء (أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ) متى 5: 44، وألا يغضب أخ على أخيه، أو يتفوَّه بكلمة تأفف أو أكبر من ذلك عليه (إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 22، وألا نقاوم الشر (لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.) متى 5: 39-42
                  وبعد كل ما قاله يسوع من اعترافه الكامل بالعهد القديم وتعاليم الأنبياء، وما قاله هو نفسه فى محبة القريب والعدو، لماذا خصَّ التلاميذ بالذات بأن يحب كل منهم الآخر؟ ألم يكونوا من اليهود وهذه تعاليم كتابهم؟ ألم يكونوا من أتباع يسوع وهذه تعاليمه؟ فلماذا خص التلاميذ بهذه الوصية؟ ولماذا ادعى أنها وصية جديدة؟
                  فهل طالب يسوع تلاميذه بأن يحب كل منهم الآخر بسبب تصارعهم على الرئاسة وانتهاز كل منهم الفرصة للإنقضاض على زعامة التلاميذ؟
                  فلم يهتموا لسماعهم عن موته وفراقهم له، بل تنازعوا على الزعامة: (21وَلَكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ». 23فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا؟». 24وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضاً مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ.) لوقا 22: 21-24
                  وفى مرقس 10: 41 بسبب الجلوس على يمينه ويساره غضبوا على يعقوب ويوحنا وحقدا عليهما بسبب مكانتهما من يسوع:
                  (وَلَمَّا سَمِعَ الْعَشَرَةُ ابْتَدَأُوا يَغْتَاظُونَ مِنْ أَجْلِ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا) الفاندايك
                  (...، فغَضِبوا على يَعقوبَ ويوحنَّا.) الترجمة العربية المشتركة
                  (وسَمعَ العشَرةُ فأَخَذوا يَغْضَبونَ على يَعقوبَ ويوحنَّا.) الترجمة البولسية
                  (...، أَخَذُوا يَسْتَاءُونَ مِنْ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا.) كتاب الحياة
                  (... اسْتاؤُوا مِن يَعقوبَ ويوحَنَّا) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                  أم أراد كتبة الأناجيل اللمز والهمز فى التلاميذ ومكانتهم عند يسوع وفيما بينهم؟ لقد أوضح يسوع أنهم نور العالم وملح الأرض، فقال: (13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 13-16
                  فمن الذى قال على لسان يسوع عنهم جيل ملتوى ونفى عنهم الإيمان؟
                  (17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 17-21
                  ومن الذى قال على لسان يسوع عنهم إنهم قليلو الإيمان؟
                  (فَقَالَ لَهُمْ: «مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟») متى 8: 26
                  ومن الذى وصف بطرس على لسان يسوع أنه قليل الإيمان؟
                  (31فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟») متى 14: 31
                  ومن الذى قال على لسان يسوع عن التلاميذ إنهم غلاظ القلوب؟
                  (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
                  ومن الذى أظهرهم كأغبياء؟
                  فأقر بطرس أنه والتلاميذ لا يفهمونه: (15فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هَذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟) متى 15: 15-16
                  (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
                  (44«ضَعُوا أَنْتُمْ هَذَا الْكَلاَمَ فِي آذَانِكُمْ: إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ». 45وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا هَذَا الْقَوْلَ وَكَانَ مُخْفىً عَنْهُمْ لِكَيْ لاَ يَفْهَمُوهُ وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ.) لوقا 9: 44-45
                  ولم يفهموا مثل الزوان: (36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ».) متى 13: 36
                  (27وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ.) يوحنا 8: 27
                  (6هَذَا الْمَثَلُ قَالَهُ لَهُمْ يَسُوعُ وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا هُوَ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ.) يوحنا 10: 6
                  (16وَهَذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تلاَمِيذُهُ أَوَّلاً وَلَكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هَذِهِ لَهُ.) يوحنا 12: 16
                  ومن الذى قال لبطرس على لسان يسوع إنه شيطان؟
                  (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 23
                  ألا تشم معى رائحة اليهود وأعداء دعوة يسوع فى تحريف هذا الكتاب ورموزه؟
                  س156- يقول يسوع: (34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعاً 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 34-40، مرقس 12: 29-31، لوقا 10: 27
                  وقال أيضًا: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
                  فإذا كانت الوصية الأولى والثانية والناموس والأنبياء كله يتعلق بوصية المحبة، فلماذا قام بولس بإلغائها، ووصفها أنها لم تصلح شيئًا وأنها عديمة النفع؟
                  (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ». 11وَلَكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا». 12وَلَكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، بَلِ «الإِنْسَانُ الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا». 13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ، .. .. .. 19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ .. .. .. لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 10-21
                  (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
                  (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
                  (5لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ.) رومية 7: 5
                  (20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. 21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ.) رومية 3: 20-21
                  (13فَإِذْ قَالَ«جَدِيداً» عَتَّقَ الأَوَّلَ.وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الاِضْمِحْلاَلِ) عبرانيين 8: 13
                  (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7
                  (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.) عبرانيين 7: 18-19
                  (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
                  وهل نفهم من ذلك أن بولس استبدل وصية المحبة بوصية مضادة لها، حيث لم تنفع المحبة ولم تصلح شيئًا؟
                  وأية محبة يقصدها فى (غلاطية 5: 4-6) فى قوله (الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ)؟ لقد سبق لنا وأوضحنا أن العهد القديم يحث على محبة الرب والقريب والغريب (للاويين 19: 34)، وهذه وصية باطلة، ضعيفة لم تعجب بولس، فقام بإلغائها، فأى وصية من وصايا المحبة استبدل بها الوصية القديمة؟
                  وهل أن تحب (الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ.) التثنية 6: 5، من الوصايا الضعيفة، غير النافعة التى استبدلها بولس؟
                  وكيف نوفَّق بين اعتراف يسوع بها وتعليمها الناس وبين قول بولس فيما بعد أنها من الوصايا التى شاخت وقربت من الإضمحلال، وأصبحت عديمة النفع؟
                  س157- يوسف الذى من الرامة من الشخصيات المقربة ليسوع فى الأناجيل القانونية. فهل كان سمعان القيروانى هذا من تلاميذ يسوع المقربين أم كان شخصية وهمية اخترعها كتبة الأناجيل مثل شخصيات كثيرة أخرى منها يوسف النجار؟
                  يقول يوحنا: (38ثُمَّ إِنَّ يُوسُفَ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ وَهُوَ تِلْمِيذُ يَسُوعَ وَلَكِنْ خُفْيَةً لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ سَأَلَ بِيلاَطُسَ أَنْ يَأْخُذَ جَسَدَ يَسُوعَ فَأَذِنَ بِيلاَطُسُ. فَجَاءَ وَأَخَذَ جَسَدَ يَسُوعَ.) يوحنا 19: 38، ودفنه مع نيقوديموس (عند يوحنا فقط) فى قبر جديد فى البستان.
                  ويقول متى: (57وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ - وَكَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ. 58فَهَذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ. 59فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ 60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَراً كَبِيراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ وَمَضَى.) متى 27: 57-60
                  ويقول مرقس: (42وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ إِذْ كَانَ الاِسْتِعْدَادُ - أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ - 43جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ مُشِيرٌ شَرِيفٌ وَكَانَ هُوَ أَيْضاً مُنْتَظِراً مَلَكُوتَ اللَّهِ فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. 44فَتَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعاً. فَدَعَا قَائِدَ الْمِئَةِ وَسَأَلَهُ: «هَلْ لَهُ زَمَانٌ قَدْ مَاتَ؟» 45وَلَمَّا عَرَفَ مِنْ قَائِدِ الْمِئَةِ وَهَبَ الْجَسَدَ لِيُوسُفَ. 46فَاشْتَرَى كَتَّاناً فَأَنْزَلَهُ وَكَفَّنَهُ بِالْكَتَّانِ وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ كَانَ مَنْحُوتاً فِي صَخْرَةٍ وَدَحْرَجَ حَجَراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ.) مرقس 15: 42-46
                  ويقول لوقا: (50وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ وَكَانَ مُشِيراً وَرَجُلاً صَالِحاً بَارّاً - 51هَذَا لَمْ يَكُنْ مُوافِقاً لِرَأْيِهِمْ وَعَمَلِهِمْ وَهُوَ مِنَ الرَّامَةِ مَدِينَةٍ لِلْيَهُودِ. وَكَانَ هُوَ أَيْضاً يَنْتَظِرُ مَلَكُوتَ اللهِ. 52هَذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ 53وَأَنْزَلَهُ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ وَوَضَعَهُ فِي قَبْرٍ مَنْحُوتٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وُضِعَ قَطُّ.) لوقا 23: 50-53
                  فلم يكن يوسف من تلاميذ يسوع عند مرقس ولوقا، على خلاف ما أقر به يوحنا ومتى. ولم يكن خائفًا من اليهود على خلاف ما ذكره يوحنا صراحة، وأوضحه مرقس.
                  فلماذا لم يكن خائفًا من طلب جثمان يسوع، على الرغم من أنه من تلاميذ يسوع، وكان اليهود يبحثون عنهم أيضًا؟ ونلتمس بحثهم عن تلاميذ يسوع من هربهم جميعًا وقت القبض على يسوع، بل ترك أحدهم رداءه وهرب عريانًا خوفًا أن يمسكون به، وكذلك من قول جارية رئيس الكهنة لبطرس أنه كان من تلاميذ يسوع، الأمر الذى جعله ينكر ويقسم على هذه الكذبة: (69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِساً خَارِجاً فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضاً بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ أَيْضاً مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» ....) متى 26: 69-74
                  إلا أننا نجد يوسف الذى من الرامة فى إنجيل بطرس الأبوكريفا (غير المعترف به فى قانون الكنائس)، من تلاميذ بيلاطس نفسه، الأمر الذى لا داع معه لخوفه من التقدم وطلب جثمان يسوع. أى إن صداقته لبيلاطس تذهب بخوفه طلب الجثمان موافقًا لمتى ولوقا، ومخالفًا ليوحنا ومرقس.
                  أما وصف مرقس ولوقا له أنه كان مشيرًا، فهذا يعنى أنه كان أحد أعضاء السنهدرين اليهودى، وعلى ذلك فقد كان يوسف من اليهود الذين لم تتغير عقيدتهم فى المسِّيِّا، وأن هذا المسِّيِّا لم يكن يسوع بأى حال من الأحوال. حيث سيأتى المسِّيِّا بالملكوت الجديد، والشريعة الأبدية، الأمر الذى لم يفعله يسوع، وهذا ما فهمه يوسف الرامى وبعض التلاميذ.
                  فكيف فهم بعض التلاميذ أن يسوع ليس هو المسِّيِّا، ومنهم يوسف الذى من الرامة، بينما فهم الآخرون أن هو المسِّيِّا نفسه (منهم بطرس مى 16: 16)؟ وناقض الذين اعتبروا يسوع المسِّيِّا قولهم فى يسوع مرة أخرى، وذلك بأن جعلوا تلاميذ يسوع، ومنهم يوسف الذى من الرامة، ينتظرون ملكوت الله، أى لم يؤمن إذن أن يسوع جاء بالملكوت، بل بشَّر لقرب قدومه. (17مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ : «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ».) متى 4: 17
                  فكيف يكون يوسف الرامى من السنهدرين ويخشى بيلاطس، ولا يخش المجمع نفسه، لو علم أنه من تلاميذ يسوع؟
                  وكيف يكون من السنهدرين ويعلم ما حاكه المجمع ضد يسوع للقبض عليه، ولم يحذره لكى يهرب، ولا يشرب كأس الموت الذى كان خائفًا من تجرعه، ويهرب من ملاقاته، مصليًا متضرعًا إلى الله أن يذهبه عنه؟ وكيف لا يقف مرة واحدة يدافع عنه ويحاول إقناع اليهود بتقبل دعوته؟
                  وإذا كانت علة يسوع وتهمته أنه المسِّيِّا، ملك اليهود، وقد علم التلاميذ كلهم والسنهدرين كله، منهم يوسف الرامى، أن يسوع ليس المسِّيِّا، فكيف كان يؤمن بعض تلاميذ يسوع أنه المسِّيِّا؟ فهل كانت ليسوع تعاليم سرية غير التى كان يجاهر بها؟ (19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ.) يوحنا 18: 19-20
                  الأمر الذى دعا اللاهوتى دومينيك كروس أن يقول: "إن شخصية يوسف هذه شخصية مخترعة". (يسوع التاريخى، ط2، ص 517-518)
                  كما يشكك فيه اللاهوتى هربرت براون فى كتابه (الرجل الذى من الناصرة وعصره، ط1988، ص41) قائلا: إن قصص الدفن الحالية فى الأناجيل ليس لها أصل تاريخى بالمرة. لقد أُعدمَ يسوع من أعدائه، لأنه كان عندهم من المجرمين، فأماتوه ميتة الملاعين (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
                  ولم يكن البر والإحسان يشمل المجرمين الذين تم اعدامهم. فقد كانت تتولى الدولة مسؤولية دفنهم سريعًا، والتخلص من جثامينهم. فهل من الممكن أن يُقدَّم يسوع كمجرم، ويموت ميتة الملاعين على الخشبة المصلوب عليها، ثم يتركه أعداؤه اليهود يُكرَّم، ويُدهن بالأطياب (يوحنا 19: 38-40) ويُدفن معززًا مكرمًا؟
                  وهل يترك اليهود أعداؤه يقومون بدفنه فى مقبرة يعرفونها، ليجهض كل ما عملوه معه، ويقم بعد ثلاثة أيام، كما أخبر هو من قبل؟ ألم يأت اليهود بعد ثلاثة أيام وحرسوا المقبرة خوفًا من قيامته؟
                  ثم كيف وصلت الجثة المعلقة إلى يوسف الرامى؟ فمن الذى أنزلها من على الخشبة وخلصها من المسامير المدقوقة فى جسده ليناولها ليوسف أو لنيقوديموس؟ ولو تتخيل معى: إذا كانت هناك جثة مثبتة بمسامير فى جذع شجرة، فلو خلصنا المسامير المثبتة فى الجانب الأيمن، فكم من الأشخاص نحتاج حتى يرفعوا الجثة ليتمكن أخر أو أخرون من تخليص الجثة من المسامير المثبتة فى الجانب الأيسر؟ وكم من الأشخاص نحتاجهم ليلقفوا منا الجثة بعد تخليصها من كل المسامير؟ إن هذا العمل ليحتاج على أقل تقدير أربعة رجال أقوياء. أم تركوا الجثة تقع على الأرض وترتطم بها بعد أن خلصوها من المسامير؟ فهل كان هؤلاء يعتبرون يسوع إلهًا وهم يعاملون جثته بهذه الطريقة؟
                  وهذا هو الأمر الذى حدا بدومينيك كروس أن يظن أن سخصية يوسف الرامى شخصية مخترعة، فلم يكن له عمل إلا التوسل إلى بيلاطس أن يعطيه جثمان يسوع الميت ويدفنه فى قبر، لم يخطط هو نفسه له، فلم يقل أحد إنه قبر يوسف نفسه الجديد إلا (متى 27: 60).
                  والغريب أن نيقوديموس هذا لا يعرف أحد من كتبة الأناجيل الثلاثة عنه شيئًا. فلم يذكره لا متى، ولا مرقس، ولا لوقا. وعلى ذلك قام يوسف الذى من الرامة عند الأناجيل الثلاثة المتوافقة بإنزال يسوع من على الشجرة المسمَّر بها ودفنه بمفرده. وعند يوحنا ساعده نيقوديموس فى هذا. لأن يوحنا أدرك أن هذا العمل لا يمكن أن يقوم به إنسان بمفرده.
                  إلا أن القبر الذى دفن فيه يسوع عند يوحنا لم يكن قبر يوسف الذى من الرامة، الذى أعده لنفسه، بل كان قبرًا جديدًا استحسنه يوسف لدفن يسوع، أى فى قبر سرقه يوسف الذى من الرامة: (41وَكَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صُلِبَ فِيهِ بُسْتَانٌ وَفِي الْبُسْتَانِ قَبْرٌ جَدِيدٌ لَمْ يُوضَعْ فِيهِ أَحَدٌ قَطُّ. 42فَهُنَاكَ وَضَعَا يَسُوعَ لِسَبَبِ اسْتِعْدَادِ الْيَهُودِ لأَنَّ الْقَبْرَ كَانَ قَرِيباً.) يوحنا 19: 41-42،
                  فكيف يكون من تلاميذه ويرضى له أن يُدفن فى مقبرة مسروقة؟ وكيف يذهب لأخذ الجثمان، دون أن يُخطط لمكان سيدفنه فيها؟ والأغرب من ذلك أن هذا البستان لم يكن به إلا مقبرة واحدة، لا يُعرف مالكها، فسرقها يوسف، ولم يوجهه الرب (يسوع) إلى حُرمانية ما يفعله، لأنه كان ميتًا، الأمر الذى ينفى عنه الألوهية، أو يُشركه فى السرقة مع يوسف الرامى؟
                  وغريب جدًا أن يسمح له اليهود بتكريم مجرم أهانوه ثم أماتوه ملعونًا!! والأغرب من ذلك أن يسوح له اليهود بأخذ الجثمان ودفنه فى مكان لا يعلمونه مسبقًا، ليفاجئهم بقيامته فيما بعد!
                  وغريب أن يرسل اليهود فيما بعد حراسة للقبر ليمنعوا يسوع من القيامة!! وعجيب جدًا أن يؤمن اليهود بقيامة يسوع أو أى إنسان ما بعد ثلاثة أيام من موته!! والأغرب من ذلك أن السنهدرين نفسه كان يسيطر عليه طائفة من اليهود الصدوقيين الذى يكفرون بالبعث. تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (الصدوقيون): (وكان الصدوقيون لا يعتقدون أن للإنسان نفسًا خالدة، لان النفس تموت بموت الجسد، وعليه فلم يكونوا يؤمنون بالدينونة في المستقبل، أى كانوا لا يؤمنون بالبعث أو الحساب، لأنها غير موجودة فى التوراة، ويرون أن الله يُحاسب الإنسان فى حياته على أعماله، وليس بعد موته. كما كانوا ينكرون وجود الملائكة والأرواح (أع 23: 8) لان ذلك يدخل في دائرة الغيب. أما ذكر الملائكة في العهد القديم، فكانوا يعتبرونها ظهور إلهي في صور غير مادية.)
                  فهل كفر السنهدرين والكهنة بعقيدتهم لقول رجل يكذبونه، ويعتبرونه من المجرمين أنه سيقوم بعد ثلاثة أيام؟ وكيف لم يحاول الشعب الإنتقام من كل كهنة السنهدرين الذى علمهم تعاليم باطلة تقضى بأنه لا توجد قيامة للأجساد، بعد إثبات يسوع لكذبهم وقيامته هو من الموت؟ ثم كيف اختفى يوسف الرامى مرة واحدة، مثل الكومبارس الذى جاء ليؤدى دورًا واحدًا فقط، ثم يختفى بعد ذلك؟
                  والأغرب من ذلك أن يكون يوسف هذا أحد أعضاء السنهدرين الصدوقيين وفى نفس الوقت من تلاميذ يسوع!! أليس اتباع يسوع يخرجه من السنهدرين، حيث يكون قد كفر بمعتقداتهم؟ ألا يؤمن الصدوقيون بكتب موسى الخمس فقط، بينما كان يؤمن يسوع إضافة إلى ذلك بما جاء به الأنبياء السابقون أيضًا؟ فقد أقر قائلا: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. ...) متى 5: 17
                  ألم ير الكتبة والفريسيون أو خدام المعبد وحراسه يوسف الرامى مرة مجتمعًا مع يسوع يستمع إليه ويرافقه؟ أم كان يوسف ينافق اليهود، فيبطن الإيمان بيسوع، ويجاهر بالكفر به؟
                  والغريب حقًا أن يحاول كتبة الأناجيل توجيه أنظارهم إلى العهد القديم عند كتابتهم هذه النصوص، ليجعلوا من يسوع المسِّيِّا الذى بشرت به الكتب السابقة، ويحعلوا منه يسوع تاريخى ذكر من قبل، وتنبَّأ به الأنبياء الأقدمون. فيذكر إشعياء 53: 9 (9وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. ...)، وهو لا ينطبق على يسوع، فهو لم يُدفن مع الأشرار. لقد بحث الرجل الغنى عن مقبرة تليق بمكانته الإجتماعية والمادية. وبالطبع فإن الرجل البار الصالح أحد أعضاء السنهدرين وتلميذ يسوع لن يبحث عن مقبرة له وسط الأشرار والكفار. وبذلك تبعد النبوءة عن يسوع.
                  والأمر فى غاية البساطة، فكاتب الإنجيل اختلط عليه الأمر فى "الأشرار" و "الغنى". ففى النص العبرى ذكر (وقد أعطاه قبره عند الكفار وفاعلى الإثم)، وقد قرأها الكاتب خطأً وذكر بدلا من (فاعلى الإثم) (الأغنياء).وهذا الخطأ تداركه يوحنا فى إنجيله، فقد جعل دفن يسوع فى مقبرة فى البستان بالقرب من مكان الصلب، أى مع الأشرار والكفار، الأمر الذى يُكذب الأناجيل الأخرى. إذن لم يبحث الرجل المؤمن البار يوسف الرامى عن مكان ليدفن فيه وسط الكفار والأشرار.
                  أما من المخطىء فى هذه القراءة، فهو أمر يصعب تحديده. فهل أخطأ مرقس فى القراءة وتبعه باقى كتبة الأناجيل الذين نقلوا منه، وتأييفها ليكون لها جذور فى العهد القديم؟ أم تكرر خطأ القراءة عند الكل، وأطلق كل منهم لنفسه العنان فى دباجة القصة كما يفهمها؟ أم أخطأ الرب الذى أوحى هذا؟ أم فشل الرب فى إفهام كتبة الأناجيل مراده، ففهمها الثلاثة الآخرون غير يوحنا فهمًا خاطئًا؟
                  س158- يقول متى: (69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِساً خَارِجاً فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضاً بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ أَيْضاً مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» ....) متى 26: 69-74
                  فما معنى قول الناس لبطرس: (فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ)، على الرغم من أن بطرس كان صيادً أميًا؟ أى كان جاهلا. فما هى هذه اللغة التى اجتمع عليها يسوع وتلاميذه؟
                  إن المسلم المثقف يعلم اللغة التى يسمعها إن كانت آية قرآنية أم حديثًا نبويًا. فهل كانت لغة بطرس هى لغة الإنجيل الموحى به، والتى رأى القديس اكليمندس الرومانى يسوع وهو يسلم تلاميذه هذا الإنجيل؟
                  يقول القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير فى كتابه(الوحى الإلهى وإستحالة تحريف الكتاب المقدس) ص97-98: إن القديس اكليمندس الرومانى(30-100م) الذى كان أسقفاً لروما وأحد تلاميذ ومساعدى القديس بولس قد ”أشار فى رسالته التى أرسلها إلى كورنثوس، والتى كتبها حوالى سنة 96م، إلى تسليم السيد المسيح الإنجيل للرسل ومنحه السلطان الرسولى لهم فقال "تسلم الرسل الإنجيل لنا من الرب يسوع المسيح ، ويسوع المسيح أرسل من الله....“.
                  س159- يقول متى: إن يوسف الذى من الرامة كان قد أعد قبرًا لنفسه، وأنه دفن يسوع فى هذا القبر: (60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَراً كَبِيراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ وَمَضَى.) متى 27: 60
                  فلماذا لم يُعدّ يسوع لنفسه قبرًا؟ هل لم يؤمن بالموت؟ أم كان يعرف أن الله تعالى سينقذه ويرفعه إلى السماء دون موت أو تعذيب؟
                  س160- يقول متى: (57وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ - وَكَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ.) متى 27: 57
                  واتفق كل من مرقس ولوقا أن يوسف الرامى كان ينتظر ملكوت الله: فيقول مرقس: (43جَاءَ يُوسُفُ الَّذِي مِنَ الرَّامَةِ مُشِيرٌ شَرِيفٌ وَكَانَ هُوَ أَيْضاً مُنْتَظِراً مَلَكُوتَ اللَّهِ فَتَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ.) مرقس 15: 43، ولوقا 23: 51
                  فكيف كان غنيًا وهو من أتباع يسوع؟ وكيف كان ينتظر ملكوت الله، وهو يعلم أنه لن يرث الملكوت غنىٌ؟ ألم يسمع قول يسوع لمن يريد أن يرث الحياة الأبدية: («... بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 23فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ حَزِنَ لأَنَّهُ كَانَ غَنِيّاً جِدّاً. 24فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ قَدْ حَزِنَ قَالَ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! 25لأَنَّ دُخُولَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!».) لوقا 18: 18-25
                  أم سمع قول يسوع ولم يفهمه كباقى التلاميذ؟ أم أخطأت الأناجيل فى وصفه بالرجل البار؟ أم كان فقيرًا مثل يسوع وباقى التلاميذ وفبرك كتبة الأناجيل هذه الحكاية ليسيؤا إلى يسوع وتلاميذه، ويظهروهم بمظهر غير لائق، ويُخالف تعاليم معلمهم؟
                  ألم يعلم قول يسوع: (29وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.) متى 19: 29، فلماذا لم يتخل عن كل ما يملك من أجل الملكوت؟
                  فهل كان يعلم يسوع أن الذى سيدفنه هو يوسف الرامى الغنى، فتركه ليدفن فى هذه الأُبهة بدلا من دفن الفقراء؟ لماذا كان هو الغنى الوحيد الذى يُصاحب يسوع، ويُعد من تلاميذه؟
                  إن المعتاد فى مثل هذه الأمور أن يُدفن الإنسان فى مقبرة الأسرة، وإن كان فقيرًا يُدفن فى مقابر الصدقة. فهل سرق يوسف البار وتلميذ يسوع الآخر نيقوديموس هذه المقبرة ليدفنا فيها يسوع؟ وهل هذه سنة تُتبع لليوم من المسيحيين: أى لا يعرفون شيئًا عن الملكية الشخصية، ولا يحترمونها، أو يعدون الاعتداء عليها اتباعًا لسنة الرب الذى وافق تلميذاه على سرقة مقبرة لا يمتلكانها؟
                  من أين أتى متى بمعلومة خالفها كل كتبة الأناجيل قبله وبعده، وهى أن القبر كان ملكًا ليوسف الرامى؟
                  لم يفطن لهذه المشكلة إلا متى الذى حوَّر قول مرقس (الذى نقل منه ما يقرب من 91.6%. فقد صرح الدكتور وليم باركلى فى تفسيره لإنجيل متى ص17 أن متى اقتبس 606 عددًا (93 فقرة) من أصل 661 عددًا (105 فقرة) من مرقس) ونسب القبر إلى يوسف الرامى نفسه، فقال: (60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَراً كَبِيراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ وَمَضَى.) متى 27: 60
                  س161- يقول يوحنا: (39وَجَاءَ أَيْضاً نِيقُودِيمُوسُ الَّذِي أَتَى أَوَّلاً إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَهُوَ حَامِلٌ مَزِيجَ مُرٍّ وَعُودٍ نَحْوَ مِئَةِ مَناً. 40فَأَخَذَا جَسَدَ يَسُوعَ وَلَفَّاهُ بِأَكْفَانٍ مَعَ الأَطْيَابِ كَمَا لِلْيَهُودِ عَادَةٌ أَنْ يُكَفِّنُوا.) يوحنا 19: 39-40
                  هل تعرف كم هو حجم المئة منًا من العطور بمكيال اليوم؟ إنها تساوى تبعًا لهامش الترجمة الكاثوليكية اليسوعية 571 جم، وتبعًا للترجمة العرية المشتركة 680 جم. ومنهم من يظن أنها 354 جم، ومنهم من يقول إنها 327 جم أى لقد أتى نيقوديموس بـ 57 أو 68 كجم ليدهن جثمان يسوع!! فهل من المنطق أن يدهن جثمان ما بعطور تبلغ خمسة أضعاف هذا الجثمان؟ وكم من الزمن يحتاجه ليشرب الجلد كل هذا الدهن؟ ولن أسأل كيف حمل هذا الوزن الضخم بمفرده أولا، ثم مع الجثمان ثانيًا، فهو واضح للقارىء الواعى!
                  الأمر الذى حدا بالقديس باسيليوس الكبير أن يقول: (يُستخدم المزيج من المر والعود لحفظ الجسم مدة طويلة. يرى البعض أن المائة من المزيج يكفي لتطييب 200 جسمًا من الراقدين. وقد ظنوا أن في ذلك خطأ في النسخ. لكن هكذا كانت العادة بالنسبة للشخصيات الهامة أو المحبوبة.) وهذا يعنى أن المن الواحد يكفى لتطيب جثتين، أى كان يكفيه شراء نصف من، أو منًا واحدًا ليتمكن من إنزال الجثة وحملها مع المن!
                  لذلك تخلصت ترجمة كتاب الحياة من هذه المشكلة وكتبتها مخافة للنص الأصلى باللترات: (وَجَاءَ أَيْضاً نِيقُودِيمُوسُ الَّذِي كَانَ قَدْ أَتَى مِنْ قَبْلُ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً، وَأَحْضَرَ مَعَهُ حَوَالَيْ ثَلاَثِينَ لِتْراً مِنْ طِيبِ الْمُرِّ الْمَخْلُوطِ بِالْعُودِ.)
                  والأغرب من ذلك أنهم يدَّعون فى عصرنا الحالى أنهم وجدوا كفن يسوع وعليه مكان البصق، الذى تفله الجندى الرومانى عليه!! فلم يكفى أكثر من نصف طن من العطور لتخليصه من هذه البصقة!! ألا تعتقد معى أن هذه البصقة لو كانت من النابلم لغيرت مفعوله ولأزاحته من الوجود!!
                  س162- يحكى سفر الأعمال أن: (1وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ بَاعَ مُلْكاً 2وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذَلِكَ وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. 3فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا حَنَانِيَّا لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ 4أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ». 5فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ. 6فَنَهَضَ الأَحْدَاثُ وَلَفُّوهُ وَحَمَلُوهُ خَارِجاً وَدَفَنُوهُ. 7ثُمَّ حَدَثَ بَعْدَ مُدَّةِ نَحْوِ ثَلاَثِ سَاعَاتٍ أَنَّ امْرَأَتَهُ دَخَلَتْ وَلَيْسَ لَهَا خَبَرُ مَا جَرَى. 8فَسَأَلَهَا بُطْرُسُ: «قُولِي لِي أَبِهَذَا الْمِقْدَارِ بِعْتُمَا الْحَقْلَ؟» فَقَالَتْ: «نَعَمْ بِهَذَا الْمِقْدَارِ». 9فَقَالَ لَهَا بُطْرُسُ: «مَا بَالُكُمَا اتَّفَقْتُمَا عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا أَرْجُلُ الَّذِينَ دَفَنُوا رَجُلَكِ عَلَى الْبَابِ وَسَيَحْمِلُونَكِ خَارِجاً».) أعمال الرسل 5: 1-9
                  فهل يقبل كل ما تملك، ولا يقبل أن يترك لك شيئًا؟ أليس هذا التصرف يحول الناس إلى شحاتين عالة على الدولة أو المجتمع؟ وهل من يحتفظ بجزء من ثمن منزله يكون قد اختلسه؟ أليس المال ماله، وله مترك الحرية أن يتبرع بالجزء الذى يريده؟ فهل من المنطق أو العدل أن يأخذ الرب الكل أو يميت الشخص المتبرع؟
                  ويمقارنة النصوص وجدت أن الترجمة البولسية قد أضافت الجملة الآتية بعد الجملة الأولى، ولا يعرف عنها الباقون شيئًا. (وجَرَتْ على أَيدي الرُّسُلِ آياتٌ وعجائِبُ كثيرَةٌ في الشَّعب؛ وكانوا كلُّهم مَعًا في رِواقِ سُلَيمانَ) أعمال الرسل 5: 2 الترجمة البولسية
                  فهل هى من أصل الكتاب وحذفها الباقون؟ أم اخترعها المترجم وأضافها من عنده؟ فهل كذب على الرب وننتظر منه قتله؟ أم لا يهم الرب هذا الكتاب، فسيتركه يعيش؟ أم لا يحدث هذا إلا مع من يبق شيئًا فقط من نقوده ولا يقدمها كلها للرب؟ أم وجدها المترجم فى مخطوطة ولم تحتويها المخطوطات الأخرى، الأمر الذى يدل على أن المخطوطات تختلف عن بعضها البعض، الأمر الذى ينفى كتابتها بتأثير من الروح القدس وحفظ الله وعنايته؟
                  س163- يقول سفر أعمال الرسل 4: 13 (13فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ.)، ومن هذا النص نعلم أنهم عرفوا من كلامهما وجهلهما أنهما من تلاميذ يسوع. فانظر إلى التراجم الحديثة التى تخفف من وطأة هذا الفهم:
                  (فَتَعَجَّبَ الْمُجْتَمِعُونَ مِنْ جُرْأَةِ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا، لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَلِّمَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ عَامَّةِ الشَّعْبِ، فَأَدْرَكُوا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ) ترجمة كتاب الحياة
                  (فلمَّا رأى أعضاءُ المَجلِسِ جُرأةَ بُطرُسَ ويوحنَّا، تَعَجَّبوا لأنَّهُم عَرَفوهُما أُمِّيَّينِ مِنْ عامَةِ النّـاسِ. ولكنَّهُم عَلِموا أنَّهُما كانا قَبلاً معَ يَسوعَ) الترجمة العربية المشتركة
                  (فلمَّا رأََوْا جُرْأََةَ بُطرسَ ويوحنَّا، وعَلِموا أَنَّهما رَجُلانِ مِنْ عامَّةِ الشَّعبِ وأُمِّيَّانِ، تَعَجَّبوا. وكانوا يَعْرفونَ أَنَّهما كانا مَعَ يَسوع؛) الترجمة البولسية
                  (فلَمَّا رَأَوا جُرأَةَ بُطرُسَ ويوحَنَّا وقَد أَدركوا أَنَّهما أُمِّيَّان مِن عامَّةِ النَّاس، أَخَذَهُمُ العَجَب، وكانوا يَعرِفونَهما مِن صَحابَةِ يسوع،) الترجمة الكاثوليكية
                  وهذا يعنى أنهما غير متعلمين، ومن أسلوب كلامهما عرفا بجهلهما. فما الذى فعلته الروح القدس بهما إذن فى اليوم الخمسين؟ ألم تغير منهم وتعلمهم ما يقولون، أو على الأقل تُظهرهم بمظهر المتعلمين؟ وماذا يملك الجاهل ليقدمه لعلماء الأمة من اليهود وغيرهم؟ (1وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعاً بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ 2وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ 3وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. 4وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا.) أعمال الرسل 2: 1-4
                  وهل اختار يسوع فعلا جهلاء ليقودوا الدعوة من بعده؟ هل قصد يسوع أن هذه العقيدة التى أنتم عليها اليوم لا يفهمها ولا يتبناها إلا الجهلاء؟ وهل كان يشجع يسوع بذلك العلم، أم أنه حبَّذ الجهل والجهلاء لنقل دعوته دون فهم؟ أم هى حملة التشويه التى قام بها كتبة هذا الكتاب لينالوا من يسوع وتلاميذه الشرفاء؟
                  س164- كم مرة نزل الوحى على كتبة الأسفار التى يؤمن بها معظم المسيحيين؟
                  فتبعًا للكاثوليك والبروتستانت يؤمنون بـ 27 سفرًا، أما الكنيسة السريانية فهى تؤمن فقط ب 22 سفرًا، فهم لا يؤمنون بقدسية الرسالة الثانية لبطرس، ولا بالرسالة الثانية والثالثة ليوحنا، ولا برسالة يهوذا، ولا بسفر الرؤيا. أما الكنيسة الإثيوبية الأرثوذكسية فعدد كتبها غير ثابت إلى الآن ، ويصل فى بعض الأحيان من 35 إلى 38 سفرًا.
                  فهل نزل الوحى 27 مرة أم أكثر أم أقل؟ وأى من هذه الكنائس التى ينزل إليها الروح القدس، وأيها تنزل عليه الروح الشيطانية المضللة؟ أى رجال دين فى هذه الكنائس يقودون إلى الخلاص، وأيهم يقود إلى التهلكة؟
                  لماذا لم يترك معلمهم كتابًا يسترشدون به فى معرفة الحق؟ وكيف لا يترك يسوع كتابًا، كما يؤمنون، على الرغم من معرفته معرفة اليقين أن تلاميذه من الأغبياء الجهلاء، الذين لم يفلح الرب نفسه معهم فى تحويلهم إلى أناس تفهم وتعى ما يقوله؟ فهل سيفلح الأقنوم الثالث بعد فشل الأقنوم الثانى فى إفهامهم؟ أم إن هذه الصورة السوداء للتلاميذ هى ما أرادنا كتبة الأناجيل، أعداء يسوع، أن نفهمه عنهم؟
                  ثم ما الحكمة أن يوح الرب إلى أناس اشتهر عنهم الغباء وعدم فهم معلمهم؟ لماذا لم يترك كتابًا يجتمعون عليه، ولا يختلفون إلا فى تأويله؟
                  لقد أكد يسوع أن عمله وتعاليمه قد أُكملت، وذلك بقوله: (قَدْ أُكْمِلَ) يوحنا 19: 30، فهل بعد أن أكمل يسوع كل شىء، يحتاج الوحى إلى النزول؟ وكيف ينزل الرب بنفسه متجسدًا على الأرض، ولا تكتمل رسالته، ويحتاج لنزوله مرات ومرات كأقنوم الروح القدس، ليخبرهم بما يجب عليهم أن يكتبوه ، حتى قررت الكنيسة أى الكتب التى يجب أن يشملها قانونها، تفرضه بالقوة على أتباعها؟ لماذا لم يُكمل رسالته وهو على الأرض؟ هل فشل فى الإله فى ذلك، فأوكل الأمر إلى الجهلاء من تلاميذه؟ أم إنه حكم على رسالته بالتفاهة وعدم الجدوى حتى يترك الجهلاء لنقلها؟ أم لم يدرك حاجة البشر من قبل إلى كتاب يجتمع عليه المؤمنون به؟ أم ترك عمله ناقصًا كالمعتاد؟ فهو لم يحدثهم عن الخطيئة الأزلية، ولا عن آدم أو حواء، ولا عن توارث الخطيئة الأصلية، ولا عن نسخه للناموس، وعدم جدواه، ولا عن تنظيم الدرجات الكهنوتية، ولا عن خضوع المرأة لزوجها كالرب، ولا عن عقوبة السيدة التى تدخل الكنيسة غير مغطاة الرأس.
                  وأليس نزوله كان ينبغى أن يكون على تلاميذه فقط؟ فلماذا أوحى إلى مرقس ولوقا وهما ليسا من تلاميذه؟ ولماذا احتاج متى أن ينقل من مرقس، والمفروض أن يكون العكس؟ ولماذا لم يملى عليهم ما يريد بدقة، بدلا من كتابة كل منهم بأسلوبه؟ فهل هم أدق من الرب وأفصح منه فى اختيار الألفاظ والتعبيرات التى لا تخل بمراد الرب؟ ولو كان الروح مراقبًا لما يكتبون، ويغير ما يخطئون فيه، فلماذا لم يوفر الوقت ويملى من البداية ما يريده؟
                  ثم ما الدليل على أنهم نزل عليهم الروح القدس، وأخبرهم بما ينبغى عليهم كتابته؟ فهل كانوا أنبياء أو رسلا لله تعالى؟ ولمن أرسلوا؟ وما الدليل على ذلك من أقوالهم وأفعالهم؟ ألم يقل الرب أنه لا تقم شهادة إلا على فم اثنين أو أكثر؟ (16وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَخُذْ مَعَكَ أَيْضاً وَاحِداً أَوِ اثْنَيْنِ لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.) متى 18: 16 (راجع أيضًا تثنية 17: 6)، (عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ وَثَلاَثَةٍ تَقُومُ كُلُّ كَلِمَةٍ) كورنثوس الثانية 13: 1. فمن هم شهود هؤلاء الكتبة بنزول الروح القدس عليهم وإبلاغهم بما يريده منهم كتابته؟
                  ألم يكن يسوع آخر أنبياء بنى إسرائيل؟ ألم يؤكد ذلك بأن جفف شجرة التين، التى هى رمز للأمة اليهودية؟ قائلا: («لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 19، فكيف يوحى إليهم وهم من بنى إسرائيل؟ هل هم من قصدهم يسوع بالأنبياء الكذبة؟ وما الدليل على أنهم ليسوا هم؟ ألم يقل يسوع إننا نعرفهم من أثمارهم؟ فما هى ثمارهم غير أن أحدهم وضع على لسان يسوع استحسان أن يخصى الرجل نفسه، وآخر فضل عدم الزواج، وآخر استحسن عدم الطلاق، وأجبر الرجل والمرأة المتنافرين على النكد الأبدى، والكيد المتبادل غير المنتهى، وحبذ أن يُكبَّل الرجل امرأة لا يطيقها، وسجن المرأة فى سجن رجل تكرهه وتتمنى موته، وأمر آخر بصمت المرأة المطبق داخل الكنيسة حتى لو لم تفهم أو أرادت الاعتراض على فهم المحاضر أو الخطيب لما يقوله، وآخر أمر بخضوعها التام لزوجها، مثل خضوعها للرب، وأمر آخر بقتل كل من لم يتخذ يسوع إلهًا ملكًا (لوقا 19: 27)، واستحسن آخر ضرب الأعداء وإهانتهم له، وأمر آخر بمخالفة الناموس، وإلغاء الختان، ويدعى أنه لم يأت بخير، ولم يكن نافعًا، وقال آخر بأن يسوع حوَّل الماء الطاهر إلى خمر معتقة مسكرة، مذهبة للعقل، لا يشربها إلا الهالكون.
                  اقرأ رأى الناموس فى الخمر وشاربها، لتعرف أية منزلة أنزلوها يسوع بقولهم هذا:
                  (6أَعْطُوا مُسْكِراً لِهَالِكٍ وَخَمْراً لِمُرِّي النَّفْسِ. 7يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ وَلاَ يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ.) أمثال 31: 6-7
                  (1الخمرُ مُجونٌ والسُّكْرُ عَربَدَةٌ، ومَنْ يَهيمُ بِهِما فلا حِكمةَ لهُ.) أمثال 20: 1 الترجمة العربية المشتركة
                  (13فَقَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ لِمَنُوحَ: «مِنْ كُلِّ مَا قُلْتُ لِلْمَرْأَةِ فَلْتَحْتَفِظْ. 14مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ, وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ تَشْرَبْ, وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهَا».) القضاة 13: 13-14
                  (4لَيْسَ لِلْمُلُوكِ يَا لَمُوئِيلُ لَيْسَ لِلْمُلُوكِ أَنْ يَشْرَبُوا خَمْراً وَلاَ لِلْعُظَمَاءِ الْمُسْكِرُ.) أمثال 31: 4، فهل كان يسوع وضيوفه من الصعاليك، الذى لا يشملهم أمر شرب الخمر والمسكر؟
                  (8أَمَّا دَانِيآلُ فَجَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ بِأَطَايِبِ الْمَلِكِ وَلاَ بِخَمْرِ مَشْرُوبِهِ ....) دانيال 1: 8، إذن فالخمر تنجس شاربها. فلماذا شربها يسوع؟ ولماذا صنعها فى عرس قانا؟
                  (29لِمَنِ الْوَيْلُ؟ لِمَنِ الشَّقَاوَةُ؟ لِمَنِ الْمُخَاصَمَاتُ؟ لِمَنِ الْكَرْبُ لِمَنِ الْجُرُوحُ بِلاَ سَبَبٍ؟ لِمَنِ ازْمِهْرَارُ الْعَيْنَيْنِ؟ 30لِلَّذِينَ يُدْمِنُونَ الْخَمْرَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي طَلَبِ الشَّرَابِ الْمَمْزُوجِ. 31لاَ تَنْظُرْ إِلَى الْخَمْرِ إِذَا احْمَرَّتْ حِينَ تُظْهِرُ حِبَابَهَا فِي الْكَأْسِ وَسَاغَتْ مُرَقْرِقَةً. 32فِي الآخِرِ تَلْسَعُ كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوانِ. 33عَيْنَاكَ تَنْظُرَانِ الأَجْنَبِيَّاتِ وَقَلْبُكَ يَنْطِقُ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ. 34وَتَكُونُ كَمُضْطَجِعٍ فِي قَلْبِ الْبَحْرِ أَوْ كَمُضْطَجِعٍ عَلَى رَأْسِ سَارِيَةٍ. 35يَقُولُ: «ضَرَبُونِي وَلَمْ أَتَوَجَّعْ. لَقَدْ لَكَأُونِي وَلَمْ أَعْرِفْ. مَتَى أَسْتَيْقِظُ أَعُودُ أَطْلُبُهَا بَعْدُ!») أمثال 23: 29-32، ما يحدث لمدمن الخمر بكثير من الخمر، يحدث لشارب الخمر المعتقة بقليل منها!
                  على الرغم من أنه يعلم أن روح القداسة تكون فى الإنسان الطاهر الذى يتجنب الخمر: (15لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ الرَّبِّ وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ يَشْرَبُ وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.) لوقا 1: 15، فهل كان المعمدان أقدس من الرب نفسه؟
                  وجعل آخر يسوع يرفع كأس الخمر قائلا: هذا دمى، على الرغم من أن تذوق الدماء من المحرمات فى العهد القديم منذ زمن موسى، الذى جاء يسوع مؤكدًا لدينه، عاملا به، معلمًا إياه، وليس ناقدًا لنقطة واحدة منه، وأقر آخر أن يسوع ملعونًا، لأنه مات مصلوبًا على خشبة (غلاطية 3: 13).

                  تعليق

                  • abubakr_3
                    مشرف عام

                    • 15 يون, 2006
                    • 849
                    • مسلم

                    #24
                    س165- يذكر الإنحيل المنسوب لمتى أن يسوع قال لتلاميذه: (18فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ 19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.) متى 28: 19
                    وفى الحقيقة توجد ثلاث صيغ مختلفة لهذا النص فى كتاباته:
                    1- ”اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم ... وعلموهم أن يتمسكوا ..“ (7 مرات)
                    2- ”اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسمى.. وعلموهم أن يتمسكوا..“ (17 مرة)
                    3- ” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمِّدوهم باسم الأب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يتمسكوا ..“ (5 مرات)
                    والمدقق لهذه الصيغ الثلاثة يجد أن الصيغ التى كانت قبل مجمع نيقية ، والتى لا تشير لا من قريب أو من بعيد إلى التثليث، قد تجاهلت التعميد، ولم تظهر صيغة التعميد هذه إلا فى النص الذى صيغ بعد مجمع نيقية. وهذا يتطابق مع أفعال عيسى  لأنه لم يكن يُعمِّد أحد، بل كان تلاميذه هم الذين يقومون بهذا العمل: (2مَعَ أَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ يُعَمِّدُ بَلْ تلاَمِيذُهُ) يوحنا 4: 2
                    هذا على الرغم من وجود نص آخر يتعارض مع النص الذى ذُكر، ويؤكد أن يسوع كان يُعمِّد ، فهو يقول: (22وَبَعْدَ هَذَا جَاءَ يَسُوعُ وَتلاَمِيذُهُ إِلَى أَرْضِ الْيَهُودِيَّةِ وَمَكَثَ مَعَهُمْ هُنَاكَ وَكَانَ يُعَمِّدُ.) يوحنا 3: 22
                    ويوضح الجدول القادم عدد المرات التى استخدم فيها يوسابيوس كل صيغة واسم المؤلَّف الذى ذُكرت فيه، نقلاً عن Wolfgang Schneider من الموقع الأتى:
                    http://www.bibelcenter.de/bibel/trin..._allgemein.php
                    اسم المؤلَّف عدد المرات التى ذُكرت بها
                    الصيغة (1) الصيغة (2) الصيغة (3)
                    Demonstratio euangelica 3 5
                    Commentarius in Psalmos 2 4
                    Commentarius in Isaiam 2
                    Historia ecclesiastica 1
                    De laudibus Constantini 1
                    Theophania 1 4 1
                    De ecclesiastica theologia 1 1
                    Der Brief nach Caesarea 1
                    Contra Marcellum 2
                     الإجمالى 7 مرات 17 مرة 5 مرات
                    شهادة القديس أفراتس Aphraates:
                    توجد شهادة أخرى جديرة بالاعتبار وهى شهادة القديس الأرامى السورى أفراتس والذى كتب بين عامى 337 و345م ، ويستشهد بالنص بصيغته الرسمية قائلاً: ”تلمذوا جميع الأمم وسوف يؤمنون بى“ ، وتشير كلماته الأخيرة (كما يرى عالم الكتاب المقدس Wolfgang Schneider) إلى صيغة (باسمى) التى تجدها عند يوسابيوس. وكيفما كان الحال فإنها لا تحتوى على صيغة التثليث التى جاءت فى النص المستلم، فلو كان استشهاد أفراتس هو استشهاد شاذ عن المألوف فماذا نقول عن استشهادات يوسابيوس والقديس جوستين الشهيد، وهو مطابق لاستشهاده؟ (المرجع السابق ص107) (مجموعة التراث العربى المسيحى)
                    وبهذا نجد أيضًا أن أفراتس الذى ترجع كتاباته إلى بدايات القرن الرابع لم يذكر ولو لمرة واحدة صيغة التثليث هذه ، تمامًا مثل جوستين الشهيد فى ذلك.
                    شهادة القديس باسيليوس: (329-379)
                    يقر القديس باسيليوس الكبير (329-379م) بأن التعميد بصيغة التثليث إنما هو مجرد تقليد ، لأنه من أسرار الكنيسة غير المكتوبة التى تسلمها الآباء من المسيح ، وتوارثوها شفاهًة بالتتابع، ويتحفظون من إعلانها أو حتى كتابتها، كى لا يطلع أعداؤهم على أسرار ديانتهم. وهم يقسرون الإنجيل على ضوء هذه التقاليد وليس العكس .. وبدون ذلك لا يصح التفسير فى نظرهم. فهو يقول:
                    But the object of attack is faith. The one aim of the whole band of opponents and enemies of “sound doctrine” is to shake down the foundation of the faith of Christ by levelling apostolic tradition with the ground, and utterly destroying it. So like the debtors,—of course bona fide debtors— they clamour for written proof, and reject as worthless the unwritten tradition of the Fathers. But we will not slacken in our defence of the truth. We will not cowardly abandon the cause. The Lord has delivered to us as a necessary and saving doctrine that the Holy Spirit is to be ranked with the Father. Our opponents think differently, and see fit to divide and rend asunder, and relegate Him to the nature of a ministering spirit ... "
                    http://www.ccel.org/ccel/schaff/npnf208.vii.xi.html
                    ويُعرِّب د. جورج حبيب بباوي ما قاله القديس باسيليوس الكبير (القديس باسيليوس الكبير: الروح القدس) ف10 ص91 قائلاً: إن الموضوع المتنازع عليه هو مسألة إيمان. وإن هدف عصابة خصوم التعليم الشفاهية [التقليد الشفاهى] وأعدائه هو: ”هدم التسليم الرسولي ومحوه ليصبح في مستوى تراب الأرض وهم مثل الذين عليهم دين واقترضوا من آخرين، ولكنهم يطلبون الإبطال،أي الوثيقة المكتوبة ويرفضون تسليم الآباء غير المكتوب كأنه بلا قيمة. أما نحن فلن نتأخر عن الدفاع عن الحق ولن نهرب مثل الجبناء لقد سلمنا الرب كأساس للخلاص [وهو] التعليم بأن الروح القدس يُحسب مع الآب في جوهر واحد. أما المقاومون فهم يقولون عكس ذلك ويُعبرون عن رأيهم بفصل الروح القدس عن الآب واعتباره في مرتبة الأرواح الخادمة“ (نقلاً عن الدكتور أمير عبد الله)
                    إن باسيليوس هذا هو صاحب كتاب يتبنى فيه تأليه الروح القدس. فهل تتخيلون أن من يُنادى بتأليه الروح القدس يعترف أنه لا يوجد لديه نص فى الكتاب بما يقوله، وأن ما ينادى به هو تقليد شفاهى فقط؟ وهذا يعنى أنه إلى الربع الأخير من القرن الرابع لم يكن هذا النص قد أُدخل إلى إنجيل متى!!
                    وإذا كانت موجودة فى الإنجيل فكيف لم يعرفها التلاميذ أو الآباء المذكوين؟ وإذا جاز للتلاميذ أن يُخطئوا فى عقيدة مهمة مثل عقيدة التثليث فكيف تأمنون على باقى العقائد التى أتت عن طريقهم؟ وإذا أخطأ باسيليوس وغيره من الآباء الذين قرروا عدم معرفتهم بصيغة التثليث، فعليكم أن تضربوا عرض الحائط بكل ما أتى عن طريق هؤلاء القديسين!! وإذا قبلتم التثليث كتقليد شفاهى ، فلماذا رفضتم الكثير من التقاليد الشفاهية الأخرى ، ومنها التوحيد الذى كان آريوس يتبنَّاه؟
                    وقد جاء إقرار باسيليوس بذلك فى رده على المعترضين فى زمنه على تأليه الروح القدس من آريوسيين وغيرهم حيث كان هؤلاء يحتجون بأن تأليه الروح لم يرد فى أى أصل مكتوب ويطالبون من يؤلهونه بتقديم السند الكتابى من الإنجيل أو غيره من أصولهم المدونة الذى يبرر دعواهم .. وهو ما يعنى أن صيغة التثليث، أو تأليه الروح القدس حتى ذلك الوقت من القرن الرابع لم تكن قد دونا بعد فى الإنجيل وإلا لكان استشهد بها باسيليوس أو أثناسيوس فى مناظراته ضد آريوس!!
                    وقد يُعلِّل هذا سبب اختفاء نهاية إنجيل متى من المجلد السينائى والفاتيكانى: إنه التخريب المتعمَّد من قِبَل أُناس فقدوا ضمائرهم أو لم يعتبروا هذه الكتب كتبًا إلهية أوحى الله بها. وهو الأمر الذى دعا مترجمو الكتاب المقدس للآباء اليسوعيين أن يقدموا كتابهم موضحين أن نصوص الكتاب المقدس وعلى الأخص العهد الجديد قد أضاف عليه النسَّاخ فقرات جديدة ، أسموها زخارف وشوائب، تؤيد هذه الفقرات بالطبع وجهة نظر الكنيسة التى ينسخون لها. فقد قال تحت عنوان (نص العهد الجديد): ”فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نسَّاخ صلاحهم للعمل متفاوت ، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التى تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت ، مهما بُذِلَ من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذى أُخذت عنه.“
                    ”يُضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحيانًا، عن حُسن نية، أن يصوِّبوا ما جاء فى مثالهم وبدا لهم أنه يحتوى أخطاء واضحة أو قلّة دقة فى التعبير اللاهوتى. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأً.“
                    ”ثم يمكن أن يُضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد فى أثناء إقامة شعائر العبادة أدّى أحيانًا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ.“
                    ”ومن الواضح أن ما أدخله النسَّاخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر ، فكان النص الذى وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلاً بمختلف ألوان التبديل ظهرت فى عدد كبير من القراءات. والمثال الأعلى الذى يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يُمحِّص هذه الوثائق لكى يقيم نصًّا يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول ، ولا يُرجى فى حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه“.
                    ”يُضاف إلى مراجعة الكتب المخطوطة باليونانية والترجمات القديمة أن علماء نقد النصوص يحاولون الاستفادة مما فى مؤلفات آباء الكنيسة من شواهد كثيرة جداً أُخذت من العهد الجديد. .. .. .. غير أن لهذه الشواهد محذورَيْن. فالأمر لا يقتصر على أن كلاً منها لا يورد إلا شيئًا يسيرًا من النص، بل كان الآباء على سوء طالعنا، يستشهدون به فى أغلب الأحيان عن ظهر قلبهم ومن غير أن يراعوا الدقة مراعاة كبيرة. فلا يمكننا ، والحالة هذه ، أن نثق تمامًا بما ينقلون إلينا.“
                    ويقول المدخل ص14 عن النص الاسكندرى: ”يكاد يُجمع أهل الإختصاص كلهم على أن لهذا النص قيمة عظيمة من جهة الدقة .. .. وتعتمد طبعات العهد الجديد منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر هذا المثال للنص وهى محقة فى ذلك وإن كان لا يمكن عدَّه خاليًا من الشوائب“.
                    وكما يقول الدكتور القس منيس عبد النور فى كتابه المترجم (فى علم اللاهوت) ج1 ص35: ”لا يوجد مقياس لمعرفة صحيح التقاليد من خاطئها .. فقد دخل فى الأزمنة الغابرة فى الكنيسة كثير من التقاليد التى تمسكوا بها. ثم تبين أنها كاذبة فرفضوها.“ (راجع المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس حول صحة الكتاب المقدس)
                    فالتحريف إذن ليس بجديد على الآباء أو النسَّاخ ، والكثيرون قد حاولوا زخرفة النصوص بما يتفق مع تقاليد كنيستهم ، سواء كان هذا تخريبًا عن عمد ، أم عن حُسن نية، كما تقول مقدمة الكتاب ، حتى إن علماء نصوص الكتاب المقدس اليوم لا يمكنهم تحديد التقاليد الصحيحة من غيرها!!
                    ثم يستكمل باسيليوس دفاعه مؤكدًا أن التعميد بصيغة التثليث لم يرد مطلقا فى أى أصل مكتوب فى الإنجيل أو غيره .. وإنما هو مجرد تقليد أو تسليم يُسلَّم شفاهًا من الأباء عن المعمودية: فيقول باسيليوس: ”وسوف أحتاج لوقت طويل جدًا إذا حاولت أن أسرد (أسرار) الكنيسة غير المكتوبة. أما عن باقى الموضوعات فلا يجوز لى أن أقول عنها أى شىء .. أما عن الاعتراف بإيماننا بالأب والابن والروح القدس فما هو المصدر المكتوب لهذه العقيدة؟ إذا كان حقا أننا اعتمدنا فإن التسليم الخاص بالمعمودية يحتم الإيمان والاعتراف بصيغة معروفة عند معموديتنا….“ (القديس باسيليوس الكبير: الروح القدس ف27 ص163 تعريب د. جورج حبيب بباوى).
                    كان هذا من ناحية السند، أما من ناحية فهم النص نفسه، فعلينا قراءة النص فى سياقه يقول النص: (.... «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ 19فَاذْهَبُوا ...) متى 28: 18-19 وهذا النص بمفرده ينفى أن يكون عيسى  إلهًا من ناحية، لأن الدافع هو الإله الخالق الأقوى ، ولا اتحاد بين المالك الأقوى والمملوك الضعيف.
                    وينفى وجود الثالوث من ناحية أخرى، لأنه لو كان هناك اتحاد بين الثلاثة لما كان هناك داع للكلام عن هذا الإتحاد ، لأنه بكونه متحدًا فهو واحد ، فلا داع للكلام عن المكونات الأساسية لهذا الإله. ومن ناحية أخرى فلو كان هناك اتحاد لما قال (دُفِعَ إلى) ، بل لكان قال قررت أو أمرت؛ لأن الدافع غير المدفوع له ، والراسل غير المرسل إليه.
                    وإذا كان الأب والابن والروح القدس إله واحد، فما الحكمة من أن ينتقل الملكوت من الرب بصفته أقنوم الاب ، إلى الرب نفسه بصفته أقنوم الابن. أى أخذ بيمينه ووضعها فى يساره. فمثل هذه الألعاب الأكروباتية لا تُسمى دفع أو انتقال للملكوت، وليست دليل إلا على وجود ثلاثة، تنازل صاحب الملكوت فيهم عن ملكوته إلى شخص آخر.
                    ولو كان الراسل هو المرسل إليه لكان هذا خداع لكل أتباعه ، ولكان قصد من ذلك أن يخدع عباد الصليب ويوهمهم أنه والأب اثنان وليسا واحدًا.
                    ومع ذلك نرى ظلم الإله فى استئثار الابن بملكوت السماوات والأرض دون الروح القدس! ونرى سكوت الروح القدس على هذا الظلم ، مع أنه إله ولا يجب على الإله السكوت على الظلم ، حيث إن الساكت على الظلم شيطان أخرص! الأمر الذى ينفى ألوهية كل من الأب والابن والروح القدس!!! أو قلنا إن الآب نسى أن يقسم الملكوت بين الابن والروح القدس، وهذا ينفى الألوهية عن ألاب، لأن الله لا ينسى، وينفى الألوهية عن الروح القدس، لعدم وجود سلطان بين يديه، وينفى الألوهية عن الابن، لأنه ظالم ورضى أن يستأثر بكل ما أعطاه له الآب دون الروح القدس، واستغل نسيان الآب! وبذلك لا يوجد إله مثلث، ولا مربع، ولا يوجد تساوى بين الثلاثة لا فى القوة، ولا فى المجد، ولا فى السلطان. وهو ما توصل إليه الملحدون فى الغرب، ورفضوا الدين والله بسبب وجود مثل هذه النصوص.
                    ولو اتحد الناسوت باللاهوت لأمكنهم عبادة يسوع فى حياته (كناسوت)، لأنهم على زعمهم لا ينفصلون. ولو لم ينفصل اللاهوت عن الناسوت طرفة عين، كما يقول قانون الإيمان، لكان الضرب والبصق فى الوجه والإهانات التى تعرض لها يسوع، قد أصابت الآب والروح القدس أيضًا، ولكان الموت وقع على الثلاثة، ولكان عليكم المناداة بإله رابع أحيا الثلاثة من الموت.
                    ألم يقل إنه مرسل من الله إلى بنى إسرائيل؟
                    («الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 12: 44
                    (... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 5: 30
                    (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.) يوحنا 17: 3
                    ألم يصرخ فى وجوه من حاولوا تأليهه قائلا إنه لا يوجد رسول أعظم من مرسله؟ (13أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً، وَقَدْ صَدَقْتُمْ، فَأَنَا كَذَلِكَ. 16الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.) يوحنا 13 و16
                    ألم يقل يسوع إن الله أبيه أعظم منه؟ (... لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.) يوحنا 14: 28
                    ألم يرفض نسبة الصلاح لنفسه، ونسبها لله خالقه؟
                    (18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.) لوقا 18: 18-19
                    ألم يسمى الكتاب يسوع عبدًا لله؟
                    أعمال الرسل 3: 26 (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                    أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                    ألم يكن يصلى لله، ويتعبد له؟ فهل يوجد إله يتعبد لإله آخر؟ أم كان يصلى بصفته الابن لنفسه بصفته الآب؟
                    (12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.) لوقا 6: 12
                    (36حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ». ......... 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». ......... 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». ...... 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضاً وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذَلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ.) متى 26: 36-44
                    (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
                    ألم يعمل على مرضاة إلهه خالقه بالصلاة والعمل الصالح؟
                    يوحنا 8: 29 (...... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
                    يوحنا 4: 34 (......... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
                    يوحنا 17: 4 (......... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
                    ألم ينفى عن نفسه المقدرة على عمل شىء إلا بإذن الله؟ ألم ينسب كل الأعمال التى يعملها لله؟
                    (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 5: 30
                    (19فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ. 20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.) يوحنا 5: 19-20
                    ألم يتشرف بإكرام الله له؟
                    (... مَنْ لاَ يُكْرِمُ الاِبْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ. 24«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.) يوحنا 5: 23-24
                    ألم يؤكد أن شهادته ليست حق، وأن شهادة الله هى الحق؟
                    الم يصرح أن الأعمال التى عملها هى عطية من الله تعالى؟
                    (31«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً.32الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ. 33أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلْحَقِّ. 34وَأَنَا لاَ أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ وَلَكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ. .... 36وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي. 37وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ) يوحنا 5: 31-37
                    فمن هو هذا الآخر الذى يشهد له؟ إنه الله. إذن ليس يسوع هو الله، ولكن الله غير يسوع. وإلا لما تمت الشهادة، لأن شهادة يسوع ليست شهادة حق.
                    ألن يخضع يسوع لإلهه فى الآخرة؟ فبم يستحق التأليه؟: (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.) كورنثوس الأولى 15: 28
                    فاسمعوا قوله: (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...) يوحنا 8: 40
                    كما أنه لم يعمد بهذه الصيغة أحد من التلاميذ، بل لم يعرفونها من الأساس، إذ لم عرفوها لعمدوا بها! ولم تكن معروفة حتى مجمع نيقية 325م.، ولإلا لاستشهد بها أثناسيوس وأتباعه فى مناظراتهم ضد أريوس، ولا يعرفها يوسابيوس القيصرى من القرن الرابع، فقد ذكرها فى كتابه (تاريخ الكنيسة) هكذا: (وعمدوهم باسمى)، وهذا ما فعله بطرس وبولس وغيرهما.
                    وفى الحقيقة لا يوجد أثر لهذا النص ليس فقط عند التلاميذ أو عند يوسابيوس القيصرى، بل لا تحتوى عليه مخطوطة من مخطوطات الكتاب المقدس، التى ترجع إلى ما قبل القرن الرابع. وإذا وجدت فى أى مخطوطة بعد مجمع نيقية لا يُعتد بها، لأنها فى هذه الحالة ستكون مضافة ومن أعمال المجمع، وما توصلوا فيه إلى ألوهية يسوع، ومشاركته للأب.
                    كما أن من يستشهد على أصالة النص، يستشهد من المخطوطات المتأخرة لإنجيل متى اليونانى، ولا يوجد النص الأصلى الأرامى، الذى اختفى بدوره، ولا سبيل لنا لنتأكد من صحة الترجمة، وعدم الفبكرة.
                    يُضاف إلى ذلك أن هذه الصيغة لم يعرفها كاتب إنجيل آخر، أو رسالة فى هذا الكتاب الذى يقدسونه، فهل غاب عن الكل هذه الصيغة أو عقيدة التثليث، وهى أصل من أصول دينهم؟
                    وحتى لو أخذنا هذا النص كنص أصيل، فلا يمكن أن يُستنبط منه مُطلقًا فكرة أن الرب يتكون من ثلاثة أقانيم متحدين، حيث يُخالف ذلك محتويات الكتاب المقدس بعهديه، ويُخالف اللغة والمنطق.
                    فهل قول بولس هذا يعنى اتحاد الرب مع يسوع مع الملائكة المختارين؟ (21أُنَاشِدُكَ أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْمُخْتَارِينَ أَنْ تَحْفَظَ هَذَا بِدُونِ غَرَضٍ، وَلاَ تَعْمَلَ شَيْئاً بِمُحَابَاةٍ.) تيموثاوس الأولى 5: 21
                    بل إن إرسال يسوع للتلاميذ لجميع الأمم يُخالف تعاليم يسوع نفسه للتلاميذ أثناء رسالته. فقد أوصى التلاميذ قائلا: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-6
                    (4وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي) أعمال الرسل 1: 4
                    وكانوا بالفعل فى أورشليم، وفى المجمع حاكموا بولس على ضلاله، وتعليمه للمؤمنين عقائد باطلة، لإأرسلوا من يُصحح هذه لتعاليم، ولم يأمروهم إلا بالحفاظ على أنفسهم من الذبح للأصنام، ومن الدم والمخنوق والزنا: (... وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».) أعمال الرسل 21: 20-25
                    وأقر بطرس أن مخالطة اليهودى لغير اليهود محرم عليهم: (42وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ ...) أعمال الرسل 10: 42
                    (28فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُلٍ يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ.) أعمال الرسل 10: 28، وبدون أن نناقش هذا النص، فقد قال بطرس إن الله هو الذى أراه، ولم يقل إن هذه تعاليم يسوع.
                    بل حاكموا بطرس على اختلاطه بغير اليهود (1فَسَمِعَ الرُّسُلُ وَالإِخْوَةُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْيَهُودِيَّةِ أَنَّ الْأُمَمَ أَيْضاً قَبِلُوا كَلِمَةَ اللهِ. 2وَلَمَّا صَعِدَ بُطْرُسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ خَاصَمَهُ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ 3قَائِلِينَ: «إِنَّكَ دَخَلْتَ إِلَى رِجَالٍ ذَوِي غُلْفَةٍ وَأَكَلْتَ مَعَهُمْ».) أعمال الرسل 11: 1-3
                    فهل هذه أدلة على أن التلاميذ سمعوا صيغة التعميد المثلثة هذه؟ بالطبع لا.
                    وإلى هنا نكون قد أثبتنا أن صيغة التثليث غريبة على التلاميذ، ولم يستعملها أحد قط من أتباع يسوع، حتى آباء ما قبل مجمع نيقية رفضوها، ولم يعرفها أحد منهم إلا عن لسان الهراطقة. ويتبق لنا جزء من هذا القول التثليثى، وهو قول يسوع لهم أن يذهبوا إلى العالم كله. فهل كان يسوع مرسل إلى العالم كله؟
                    س166- إن من يقرأ عن عادة إطلاق سراح أسير أو محكوم عليه بالإعدام فى عيد الفصح فى الأناجيل الأربعة، ليجد أنها كانت عادة رومانية عند يوحنا ومرقس ولوقا، إلا أنه عند لوقا لم تكن كذلك بالمرة، فقد كان الوالى مضطرًا لأن يُطلق لهم سراح أحد المجرمين:
                    (39وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِداً فِي الْفِصْحِ. ...) يوحنا 18: 39
                    (6وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيراً وَاحِداً مَنْ طَلَبُوهُ.) مرقس 15: 6
                    (15وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَاداً فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيراً وَاحِداً مَنْ أَرَادُوهُ.) متى 27: 15
                    (17وَكَانَ مُضْطَرّاً أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِداً) لوقا 23: 17
                    وقد أضاف فى الترجمة العربية المشتركة كلمة (مِنَ السُّجناءِ)، ثم حذف الفقرة كلها: ]وكانَ على بِـيلاطُسَ أنْ يُطلِقَ لهُم في كُلِّ عيدٍ واحدًا مِنَ السُّجناءِ. [
                    لقد وضعتها الترجمة العربية المشتركة بين قوسين، أى تُمهد لحذفها من الكتاب، وعلقت عليها فى هامش الصفحة قائلة: (لا ترد هذه الآية فى عدة مخطوطات قديمة. رج مت 27: 15؛ مر 15: 6).
                    فما علاقة إطلاق سراح مجرم قاتل أو سارق بعيد دين اليهود، الذى يُصر على قتل القاتل والسارق بالإكراه؟ فهل يحتفل اليهودى المؤمن بكسر وصايا الناموس، عن طريق العفو عن مجرم يستحق فى الناموس القتل؟ هل كان يشكر اليهودى ربه بالإفساد فى الأرض، وإتلاف ملكوته، وإطلاق سراح من يقتلهم أو يسرقهم أو يروعهم؟
                    لقد أخطأ كاتب إنجيل يوحنا أن جعلها عادة يهودية، والأغرب من ذلك أن يسألهم صاحب الأمر والنهى فى البلد، ويفرضوا عليه إطلاق سراح المجرم وصلب البرىء البار، الذى يؤمن هو نفسه وامرأته ببراءته! فهل سمعتم عن قاض يخير المختصمين بين إطلاق سراح من يؤمن هو ببراءته وبين مجرم يخشاه هو نفسه على أهل بلدته؟!
                    (19وَإِذْ كَانَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيراً فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ».) متى 27: 19
                    (22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلَبْ!» 23فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخاً قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!» 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئاً بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ». 25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». 26حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ.) متى 27: 22-26
                    (13فَدَعَا بِيلاَطُسُ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ 14وَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ قَدَّمْتُمْ إِلَيَّ هَذَا الإِنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ. وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هَذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ.) لوقا 23: 13-14
                    والأمر من ذلك أن يكتب لوقا أن الحاكم الرومانى بيلاطس كان مضطرًا! فهل سمعتم عن صاحب السلطة الذى بيده الحل والعقد أن يكون مضطرًا من بعض رعاياه ذليل منهم، يضطروه أن يُطلق لهم سراح المجرم، ويصلب البرىء البار، ويحول سمعة الحاكم فى كل الإمبراطورية الرومانية من حاكم عادل إلى حاكم ظالم، ومن سيد إلى عبد ذليل، كرة كاوتشوك فى يد رعاياه؟
                    لم يذكر متى تهمة للأسير الذى أراد اليهود إطلاق سراحه بدلا من يسوع، غير أنه كان شهيرًا: (16وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ.) متى 27: 16
                    وأكد يوحنا أن باراباس كان لصًا: (...وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصّاً.) يوحنا 18: 40
                    ويقول مرقس ولوقا عن الأسير أنه سُجن بسبب فتنة وقتل حدثا فى المدينة: (7وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقاً مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلاً.) مرقس 15: 7
                    (19وَذَاكَ كَانَ قَدْ طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ حَدَثَتْ فِي الْمَدِينَةِ وَقَتْلٍ. ... 25فَأَطْلَقَ لَهُمُ الَّذِي طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ وَقَتْلٍ الَّذِي طَلَبُوهُ وَأَسْلَمَ يَسُوعَ لِمَشِيئَتِهِمْ) لوقا 23: 19، 25
                    ومعنى قول مرقس ولوقا أنه لم يكن قد تم التحقيق معه بعد، أو على الأقل لم توجه له التهمة، وبمفهومنا اليوم أنه مشتبه فيه ضمن باقى المتهمين. فهل خدعهم بيلاطس وأطلق بريئًا وصلب مكانه برىء آخر؟ وهل أفسد بيلاطس كل قضية الفتنة والقتل بإطلاق أسير مشهور دون التحقيق معه؟
                    هذا بالإضافة إلى نقطة لا يمكن تجاهلها مطلقًا: ففى بعض مخطوطات إنجيل متى، كان يُدعى كل من الرجل الذى من الناصرة وباراباس يسوع. الأمر الذى يشير إلى أن اسم يسوع كان اسمًا شائعًا فى ذلك العصر. وعلى ذلك خيرهم بيلاطس بين يسوعين، أطلق سراح أحدهما وصلب الثانى. فهل قام بيلاطس بخدعة ما وأنقذ الرجل البار، وأرضى زوجته، وأراح ضميره، وأقام العدل فى مدينته، فاستبدل أحدهما بالآخر، فأنقذ يسوع، وسلم الأسير الشهير للصلب؟
                    أليس من العجيب أن يكون يسوع وباراباس هما نفس الشخص؟ لقد تسبب خطأ واحد فى ذلك، إلا أنه فى الحقيقة لا يوجد إجماع عليه:
                    1- فمن (بارناس) ابن الإنسان جاءت (بارباش) التى أصبحت (بارباس)
                    2- ومن (بار ربان) أى ابن المعلم أو ابن الرب، إلى (بارباس)
                    فهل قُدِّم يسوع بمفرده للعفو عنه فى أيام الفصح؟ أم كان هناك يسوعان؟
                    فى الحقيقة لم يوجد قط هذا العفو عن أحد المجرمين فى عيد الفصح، الذى تتكلم عنه الأناجيل. ولا يعرف التاريخ شيئًا عن هذه الأحداث إلا من خلال الأناجيل الأربعة الرسمية، وقد حاول علماء اللاهوت منذ مئات السنين العثور على مصدر تاريخى لهذه الرواية، ولكن دون جدوى.
                    وقد نجح عالم اللاهوت أدولف دايسمان (Licht vom Osten, S. 228) أن يجد حالة مشابهة. ففى عام 85م أفرج عن مجرم (وليس فى عام 33م كما حدث ليسوع)، ولم يُجلد (على خلاف ما حدث ليسوع) بسبب مطالبة الشعب بإطلاق سراحه. وحدثت هذه الواقعة فى برية فلورنتينوس فى مصر، وليست فى اليهودية كما تحكى الأناجيل. ومن الصعب الحكم على أن هذه كانت عادة الرومان فى فلسطين من حادثة مفردة، حدثت فى مكان وزمان مغايرين لما تحكيه الأناجيل.
                    ويحكى ميخائيل هيزمان (Die Jesus-Tafel, S. 94) أنه فى اليهودية ثم إطلاق سراح بضعة سجناء من حاكم يُدعى ألبينوس. ويقول إنها حوادث فردية، لا ترق لمستوى الاعتياد أو العُرف.
                    كذلك لا يجب أن نستخدم كلمة عفو، بل كلمة طلب الإفراج عن المتهم من قبل مناداة الشعب بذلك.
                    وهل كان فى إمكان الحاكم التابع للإمبراطور الرومانى أن يعفو عن إنسان متهمًا بإحداث فتنة وقتل، دون الوقوف على حقيقته، لربما تكون الفتنة تتعلق بالإمبراطور نفسه؟
                    وهل كان الإمبراطور ليترك حاكمًا تابعًا له وهو بهذا الضعف الذى أظهروا فيه بيلاطس، يدفعه عبيده لما يريدوه، من قتل برىء وإطلاق سراح لص خطير؟ ألا يُعد هذا مشاركة من بيلاطس والشعب فى استمرار هذا المجرم الذى أطلقوا سراحه فى جرائمه؟
                    وخلاصة ما قلناه: إن عفو عيد الفصح هذا غير تاريخى، وقد اخترعه أحد أعضاء الجماعة المسيحية الأولى، لكى يحمِّل اليهود ذنب صلب يسوع، وتبرئة الرومان من المسئولية. وأن تصوير الأناجيل لهذا الموقف الدرامى لا وجود له فى واقع الأمر، وهو من أخطاء مؤلفى الأناجيل للأسباب التى ذكرت من قبل.
                    كما أنه كان فى إمكان الشعب اليهودى إنقاذ يسوع من الموت، فهو من قام بمعجزات الشفاء من أمراضهم التى استحال شفاؤها، سواء كانت أمراض مزمنة أم أمراض مؤقتة، كما قام بإطعامهم. وقد تم كل هذا بحول الله وقدرته، وهو نفس ما أقره يسوع، ومعاصروه:
                    يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً.)
                    وتؤيد باقى الأناجيل أقوال يسوع هذه: لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.)
                    متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!)
                    وأن الله هو الذى يرشده ويعلمه: يوحنا 5: 20 (20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.)
                    يوحنا 5: 36 (....... لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
                    يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
                    وشهد بذلك تلميذه بطرس: أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
                    وشهد بذلك رئيس اليهود الفريسيين نيقوديموس: يوحنا 3: 1-2 (1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
                    س167- تقول ترجمة الفاندايك (14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ.) متى 23: 14، وجاءت الترجمة البولسية وترجمة كتاب الحياة قريبة منها، إلا أن الترجمة الكاثوليكية قد حذفتها تمامًا من النص، ووضعتها الترجمة العربية المشتركة بين الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت بين قوسين معكوفين، أى أخرجتها من كونها عبارة مقدسة قالها يسوع، وجعلتها تعليقًا من المترجم تمهيدًا لحذفها فى طبعة قادمة.
                    وعلقت الترجمة المشتركة بقولها: (هذه الآية لم ترد فى معظم المخطوطات القديمة).)
                    وعلقت الترجمة الكاثوليكية على هذا الحذف التام قائلة: (فى بعض المخطوطات آية يذكر نصها بـ مر 12/40 ولو 20/47، لكنها لا توافق سياق الكلام هذا: "الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون، فإنكم تأكلون بيوت الأرامل، وأنتم تُظهرون أنكم تطيلون الصلاة. سينالكم العقاب الأشد".)
                    والآن: هناك علماء قالوا بأنها لم ترد فى معظم المخطوطات. ألا يعنى هذا أنه لا توجد دقة فى نسخ المخطوطات، كما يدعون؟ ألا يؤيد هذا أن كتابة المخطوطات وتحريرها تم بحرية كبيرة من النساخ أو الجهة الآمرة بالنسخ؟ لكن ما السبب الذى جعلهم يحذفونها الآن، ويؤمنون أنها لا توافق سياق الكلام؟ وما سبب اعتراض رجال اللاهوت على صحتها، وانتمائها لنص متى؟
                    لأن هذا لا يتفق من ناحية مع أقوال يسوع الداعية للمحبة، والقائلة من قال لأخيه يا أخمق، يكون مستوجب نار جهنم: (21«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 21-22
                    ويسوع قد نسخ فقرة من الناموس، وهى أمر الرب أن يكون القصاص العين بالعين، والسن بالسن، ويكون قد شدد من قول الأمر بمنع القتل، إلى النهى عن الغضب والسب، وإلا سيكون جزاء من يفعل ذلك نار جهنم. فهل لم يسب يسوع الفريسيين؟ ألم يتهمهم أنهم يأكلون أموال اليتامى دون أن يقدم الدليل والشهود على ذلك؟
                    ولو كانوا قد فعلوا ذلك ويملك الدليل فلماذا لم ينتصر لناموس الرب، كما انتصر لبيته من قبل وطرد الباعة والصيارفة وطردهم منه؟ (13وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيباً فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ 14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. 15فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا. لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ». 17فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».) يوحنا 2: 13-17
                    أليست عقوبة القتل هى جزاء المسىء إلى الأرامل واليتامى، كما أمر الرب: (22لاَ تُسِئْ إِلَى أَرْمَلَةٍ مَا وَلاَ يَتِيمٍ. 23إِنْ أَسَأْتَ إِلَيْهِ فَإِنِّي إِنْ صَرَخَ إِلَيَّ أَسْمَعُ صُرَاخَهُ 24فَيَحْمَى غَضَبِي وَأَقْتُلُكُمْ بِالسَّيْفِ فَتَصِيرُ نِسَاؤُكُمْ أَرَامِلَ وَأَوْلاَدُكُمْ يَتَامَى.) الخروج 22: 22-24
                    ألم يأمر الرب أنه لا توقع عقوبة على إنسان ما إلا بناءً على وجود بيِّنة. فما هى البيِّنة التى قدمها يسوع ضد الفريسيين؟ لا توجد.
                    ويدافع اللاهوتيون عن هذه الفقرة التى حذفت من كتاب الرب قائلين: يكذب التاريخ هذه الصورة التى تعكس اغتناء الفريسيين على حساب الأرامل والأيتام. كما أنه من المعلوم أن الفريسيين كانوا شديدى التمسك الحرفى بالناموس، وكانوا مقربين من قلوب الشعب، متضامنين مع الفقراء واليتامى منهم، ولم يكن لهم مؤسسات تجارية مثل الأغنياء، ولا أصحاب رؤوس الأموال، بل كان جزء كبير منهم من الفقراء. لذلك فقد وقع يسوع فى خطأ كبير فى إلصاق مثل هذه التهمة بهم.
                    ويحكى لنا المؤرخ اليهودى يوسيفوس فى (عادياته) أنهم كثيرًا ما عاداهم الأغنياء وهاجموهم بعنف (13: 10: 298). لذلك نتعجب أن نجد الفريسيين إيجابيين، ينتظرون المسِّيِّا كمخلص من ناحية، وأن يكون فى صفوفهم محاربون، يعادون المسِّيِّا، من ناحية أخرى. اللهم إلا إذا كانوا قد تيقنوا أو سمعوا من يسوع نفسه اعتراف بأنه ليس المسِّيِّا، الذى ينتظرونه.
                    وكما يُوصف الفريسيون بهذه الصفات السلبية، يُنعت أيضًا الكتبة فى العهد الجديد. فدائمًا ما كانوا يتحدون يسوع. ففى أحد المرات سُئل يسوع عن أكبر الوصايا: (29فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 30وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. 31وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ».) مرقس 12: 29-31؛ متى 22: 35-40؛ لوقا 10: 25-28
                    وهذه التعاليم تُطابق تمامًا التعاليم الفريسية (تثنية 6: 4-5)، وتبعًا لتعاليم الفريسيين يكفى أن تقول هذه المقولة مرتين يوميًا، لتغنيك عن باقى الوصايا. أما عن باقى تعاليم يسوع عن حب الجار كالنفس، فهى أيضًا من تعاليم العهد القديم، ومن وصايا موسى، ومن تعاليم الفريسيين. فقد سُئل الربى هيلل Hillel أن يوجز تعاليم ووصايا موسى بقدر الإمكان، فقال: ما لا ترضاه لنفسك، لا تفعله لجارك. وهى تتطابق مع تعاليم يسوع. ويتساءل علماء اللاهوت واليهود: لماذا صورت الأناجيل الفريسيين بهذه الصورة السلبية؟ فهل كان كتبة الأناجيل من الرومان أو أشياعهم، فى الوقت الذى كان الفريسيون فيه يعادونهم؟
                    س168- يقول يوحنا على لسان يسوع: (39فَقَالَ يَسُوعُ: « لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هَذَا الْعَالَمِ حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ».) يوحنا 9: 39
                    أليس من الغريب أن يكون يسوع قد أتى إلى هذا العالم من أجل دينونة، ولم يُدن المرأة الزانية على الرغم من وجود شهود عيان عليها؟ ألم يعطه الآب كل الدينونة؟ (22لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَداً بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ) يوحنا 5: 22، فإذا كان يسوع رفض أن يدين الزانية، ولا يدينها الآب، فهل نفهم من ذلك أن الرب نسخ أمره برجم الزانية؟
                    هل تعرفون أن الترجمة العربية المشتركة بين الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت وضعت قصة المرأة الزانية بين قوسين معكوفين تمهيدًا لحذفها فى الطبعات القادمة (يوحنا 7: 53 إلى 8: 11)؟ وعلقت فى هامشها قائلة: (لا نجد: 53 - 8: 11 فى المخطوطات القديمة وفى الترجمات السريانية واللاتينية. بعض المخطوطات تجعل هذا المقطع فى نهاية الإنجيل.) كما حذفتها التراجم الآتية من إنجيل يوحنا أو وضعتها بين قوسين أو كتبتها وعلقت فى هامشها أنها غير موجودة فى بعض أو معظم المخطوطات: Einheitsübersetzung, ESV, NASB,
                    CEV, HCSB, French BS, Italian LM,
                    ونقلا عن (قصة المرأة الزانية) للشيخ عرب، يقول: (لم ترد هذه القصة في المخطوطات الآتية: "بردية 66(القرن الثاني) - بردية 75 (القرن الثالث)– بردية 45 (أقدم برديات إنجيل يوحنا) - السينائية (القرن الرابع)– الفاتيكانية(القرن الرابع)– السكندرية (القرن الخامس) – الإفرامية (القرن الخامس) – مخطوطة واشنطن (القرن الخامس) - القبطية الصعيدية – القبطية الحرية – الإخميمية – الأرمينية – الجورجية – السلافية – الدياتسرون – دلتا - ثيتا – أغلب المخطوطات السريانية - W - T – N – L – 567 – 157 – 70 – 2193 – 1253 - 33 – 0141 – 1424 – 1333 – 1241- 22 – 0211- 124 – 1242 – 1230 – 828 – 788 – 209"
                    وأنقل عن الدكتور شريف حمدي: "ويقول متزجر:
                    "In the East the passage is absent from the oldest form of the Syriac version (syrc.s. and the best manuscripts of syrp)
                    فى الشرق فإن هذه الفقره غير موجوده فى أقدم النسخ السريانية (الاراميه) مثل SYR-C Syr-S Syr"-P" ويقول أيضا:
                    as well as from the Sahidic and the sub-Achmimic versions and the older Bohairic manuscripts
                    وايضا غير موجوده فى المخطوطات الصعيديه، والاخميميه، وأقدم النسخ البحيريه ....
                    حسنا ماذا عن المخطوطات التى تحوى النص ومدى علاقتها بالنص الحالى؟
                    فى الحقيقه ان كثير من المخطوطات التى تحويه ، اما تحوى اختلافات فى القراءات كثيره وسنوضحها ، واما تحذف اجزاء كامله من الفقره ، واما لا تحوى فى الحقيقه الا عدد او عددين فقط منها مثل
                    المخطوطه 047 تحذف الاعداد 7: 53 الى 8: 2
                    المخطوطه F لا تحوى الا اخر عدد (8: 11)
                    المخطوطه باى لا تحوى الا الفقره حتى 8 : 6
                    المخطوطه 0233 يقول العلامه روبنسون ان الفقره لم يستطع قراءتها لتلفها ، وفشل حتى باستخدام الاشعه فوق البنفسجية
                    هذه المخطوطات التى تحوى النص تحوى أيضا علامات تستخدم للإشارة إلى أنه غير أصلى وأنه مشكوك فى صحته مثل المخطوطات E , M , S , (ما بين القرن الثامن الى العاشر الميلادى) والمخطوطه لمدا (القرن التاسع باكسفورد وتسمى تشايندروفيانوس)، المخطوطه باى (بيتروبوليتانوس القرن التاسع فى لننجراد) ، أوميجا (القرن التاسع ومحفوظه باليونان) وغيرهم وليس هذا كل شىء
                    فهناك مخطوطات أخرى تحوى النص فعلاً لكن فى أماكن أخرى غير مكانه الحالى فيقول متزجر فى هذه المسألة:
                    Western church and which was subsequently incorporated into various manuscripts at various places. Most copyists apparently thought that it would interrupt John's narrative least if it were inserted after 7.52 (D E F G H K M U G P 28 700 892)
                    الكنائس الغربيه والتى أضافت النص إلى مخطوطات مختلفه بصورة متعاقبه وفى مواضع مختلفه من الإنجيل ، معظم النساخ بوضوح ظنوا أن اقل مكان يمكن إضافة هذا النص فيه فى يوحنا بأقل اثار انقطاع تسلسل الاحداث فى يوحنا كان بعد 7 : 52 وهذا فى المخطوطات D E F G H K M U G P 28 700 89
                    ويكمل كلامه:
                    Others placed it after 7.36 (ms. 225) or after 7.44 (several Georgian mss.) or after 21.25 (1 565 1076 1570 1582 armmss) or after Luke 21.38 (f13).
                    البعض الاخر وضعها بعد 7: 36 ( مخطوطه 225) او بعد 7: 44 (العديد من المخطوطات الجورجيه) او بعد 21: 25 مثل المخطوطات 1 565 1076 1570 1582 والمخطوطات الارمينيه او بعد لوقا 21 : 38 (تصور وضعوها بداخل نص لوقا نفسه هل رأيت هذا الخلط) وهذا فى عائلة المخطوطات f13 وليس فى مخطوطه واحده. وسأضيف إلى ما ذكره متزجر أشياء اضافيه
                    فالبعض وضعها فى نهاية إنجيل يوحنا مثل بعض مخطوطات عائلة المخطوطات
                    f1 و 565 و al 23
                    بعد 8 :12 مثل al17
                    بعد 8: 14 مثل 2691
                    بعد 8 : 20 مثل 981
                    البعض وضعها فى نهاية انجيل لوقا بعد نهاية المخطوطة بحبر مختلف مثل 1333 والتى لا تحوى نص القصه الا فى هذا الموضع أما إنجيل يوحنا فخالى منها".) انتهى الاقتباس
                    وتقول مقدمة إنجيل يوحنا للكاثوليك اليسوعيين ص286: (لابد من الإضافة أن العمل يبدوا مع كل ذلك ناقصًا، فبعض اللحمات غير محكمة وتبدوا بعض الفقرات غير متصلة بسياق الكلام (3/13 – 21 ، 3/31-36 ، 1/15) يجرى كل شىء وكأن الكاتب لم يشعر قط بأنه وصل إلى النهاية. وفى ذلك تعديل لما فى الفقرات من كل الترتيب فمن الراجح أن الإنجيل كما هو بين أيدينا أصدرهبعض تلاميذ الكاتب فأضافوا عليه الإصحاح 21 ولا شك أنهم أضافوا أيضاً بعض التعليق مثل (4/2) وربما (4/1، 4/44) (7/39) (11/2) (19/35) أما رواية المرأة الزانية (7/53 ) إلى ( 8/11) فهناك إجماع على أنها من مرجع مجهول فأدخلت فى زمن لاحق. (وهى مع ذلك جزء من «قانون» الكتاب المقدس))
                    فما مصير من اقترف الزنى على أنه ليست بجريمة يُعاقب عليه المسيحى أسوة بما فعلته المرأة الزانية، ورفض إدانة يسوع لها، قبل أن يكتشفوا عدم وجودها فى كل المخطوطات؟ وأين كان علماء المخطوطات القدماء؟ ألم يعرفوا هذا من قبل؟ أم حبَّذوا تضليل الناس عن مواجهتهم بالحقيقة؟ وإذا كانت كل هذه الفقرة غير موجودة فى المخطوطات، فكيف جاءت فى التراجم؟ هل ألفوا كتابًا آخرًا أو كتبوا لكم فقرات غير الموجودة فى المخطوطات؟
                    أم كان يقصد أن الدينونة أى الحكم والنبوة ستكون من نصيب المسِّيِّا، ابن الإنسان، شخص آخر، تكلم عنه بصيغة الغائب؟ (27وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ.) يوحنا 5: 27
                    وكيف نفهم قوله هذا مع قوله بأنه لم يات ليدين؟ (17لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.) يوحنا 3: 17، فهل كان يسوع يتكلم عن شخص آخر سيأتى ملك حاكم، له سلطان أن يدين، ولن يُعاقب العالم، بل سيخلصه من الوثنية ومن نار جهنم التى تنتظره إن عرفه ولم يؤمن به؟
                    فهل تتخيل أنه يقول فى موضع من الإنجيل، بل فى نفس الإنجيل إنه جاء ليدين، وأن هذا واجبه، ثم ينفى هذا فى موضع آخر، ويرفض إدانة الخارجين على القانون؟ فهل يُمكن للجنس البشرى أن يعيش دون محاكم أو إدانة أو أخذ على يد الخارج على القانون، حتى يكون عبرة لغيره؟ فما مصير الضعفاء والمسالمين بجوار المجرمين والخارجين على القانون؟ ولماذا أنزل الرب قوانين لعقاب الخارجين على قانونه، إذا كان عدم الإدانة أو المحاكمة هو الطريق السليم لتقويم البشر؟
                    وهل برفضه إدانة أحد نعتبره قام بنسخ وإلغاء كل تشريعات العهد القديم الجنائية؟ فكيف جاء إذن مؤيدًا لناموس موسى والأنبياء؟
                    وهنا لا يتعرض الموضوع لغفران المرء لزلات أخيه فى حقه، لأن هذا من الفضائل الكبرى التى تتفق عليها كل الأديان السماوية والوضعية. لكن ندين (إن جاز لنا ذلك بعد أن حذفته الكثير من التراجم) أن يغفر يسوع على سبيل المثال جريمة زنى مكتملة الأركان. فهذا من التفريط فى شرع الله، الذى أمر برجمها، وإفراط فى حق المجتمع، بل إفساد لشعب الله، حيث سنتشر الرذيلة والجريمة، وليس من حق أحد أن يدين الجانى، لأنه لا يوجد إنسان بلا خطية: (لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يُخْطِئُ) أخبار الأيام الثانى 6: 36
                    لقد أحجم يسوع على الحكم على المرأة الزانية، لأنه لو حكم عليها لاستحق الاعدام صلبًا. لأن من يضع حكم التوراة فى ذلك الوقت فوق القانون الرومانى وتعاليمه، كان يُعد من المتمردين على قيصر المتظاهرين ضد دولته.
                    ألم يخطر ببالك عزيزى القارىء لماذا لم يذهب الكتبة والفريسيون إلى رئيس الكهنة يتحاكمون إليه بدلا من يسوع؟
                    فلو أصدر يسوع حكمًا لكان نصَّب نفسه قاضيًا، وأعلن بذلك التمرد على الإمبراطورية الرومانية، وقام بعمل المسِّيِّا النبى الخاتم. فكان ذكاء اليهود أنهم أرادوا إعدامه بعمل وقيعة بينه وبين الحاكم الرومانى، أو أن يرجموه هم أنفسهم لو حكم على هذه المرأة. لكنه كان بفضل الله أذكى منهم. فأحجم عن الإجابة، وأفهمهم أنه ليس هو المسِّيِّا. وبذلك لم يتعرض لقيصر أو يمكنهم من نفسه.
                    لكن بفرض أن يسوع هو المسِّيِّا: فهل أنقذ يسوع نفسه على حساب دينه؟ هل كان المعمدان، الذى قدم حياته ثمنًا لتمسكه بكتاب الله وشريعته، أشجع منه أوكثر ولاءً للتوراة من يسوع؟

                    تعليق

                    • abubakr_3
                      مشرف عام

                      • 15 يون, 2006
                      • 849
                      • مسلم

                      #25
                      س165- يذكر الإنحيل المنسوب لمتى أن يسوع قال لتلاميذه: (18فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ 19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.) متى 28: 19
                      وفى الحقيقة توجد ثلاث صيغ مختلفة لهذا النص فى كتاباته:
                      1- ”اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم ... وعلموهم أن يتمسكوا ..“ (7 مرات)
                      2- ”اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسمى.. وعلموهم أن يتمسكوا..“ (17 مرة)
                      3- ” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمِّدوهم باسم الأب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يتمسكوا ..“ (5 مرات)
                      والمدقق لهذه الصيغ الثلاثة يجد أن الصيغ التى كانت قبل مجمع نيقية ، والتى لا تشير لا من قريب أو من بعيد إلى التثليث، قد تجاهلت التعميد، ولم تظهر صيغة التعميد هذه إلا فى النص الذى صيغ بعد مجمع نيقية. وهذا يتطابق مع أفعال عيسى  لأنه لم يكن يُعمِّد أحد، بل كان تلاميذه هم الذين يقومون بهذا العمل: (2مَعَ أَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ يُعَمِّدُ بَلْ تلاَمِيذُهُ) يوحنا 4: 2
                      هذا على الرغم من وجود نص آخر يتعارض مع النص الذى ذُكر، ويؤكد أن يسوع كان يُعمِّد ، فهو يقول: (22وَبَعْدَ هَذَا جَاءَ يَسُوعُ وَتلاَمِيذُهُ إِلَى أَرْضِ الْيَهُودِيَّةِ وَمَكَثَ مَعَهُمْ هُنَاكَ وَكَانَ يُعَمِّدُ.) يوحنا 3: 22
                      ويوضح الجدول القادم عدد المرات التى استخدم فيها يوسابيوس كل صيغة واسم المؤلَّف الذى ذُكرت فيه، نقلاً عن Wolfgang Schneider من الموقع الأتى:
                      http://www.bibelcenter.de/bibel/trin..._allgemein.php
                      اسم المؤلَّف عدد المرات التى ذُكرت بها
                      الصيغة (1) الصيغة (2) الصيغة (3)
                      Demonstratio euangelica 3 5
                      Commentarius in Psalmos 2 4
                      Commentarius in Isaiam 2
                      Historia ecclesiastica 1
                      De laudibus Constantini 1
                      Theophania 1 4 1
                      De ecclesiastica theologia 1 1
                      Der Brief nach Caesarea 1
                      Contra Marcellum 2
                       الإجمالى 7 مرات 17 مرة 5 مرات
                      شهادة القديس أفراتس Aphraates:
                      توجد شهادة أخرى جديرة بالاعتبار وهى شهادة القديس الأرامى السورى أفراتس والذى كتب بين عامى 337 و345م ، ويستشهد بالنص بصيغته الرسمية قائلاً: ”تلمذوا جميع الأمم وسوف يؤمنون بى“ ، وتشير كلماته الأخيرة (كما يرى عالم الكتاب المقدس Wolfgang Schneider) إلى صيغة (باسمى) التى تجدها عند يوسابيوس. وكيفما كان الحال فإنها لا تحتوى على صيغة التثليث التى جاءت فى النص المستلم، فلو كان استشهاد أفراتس هو استشهاد شاذ عن المألوف فماذا نقول عن استشهادات يوسابيوس والقديس جوستين الشهيد، وهو مطابق لاستشهاده؟ (المرجع السابق ص107) (مجموعة التراث العربى المسيحى)
                      وبهذا نجد أيضًا أن أفراتس الذى ترجع كتاباته إلى بدايات القرن الرابع لم يذكر ولو لمرة واحدة صيغة التثليث هذه ، تمامًا مثل جوستين الشهيد فى ذلك.
                      شهادة القديس باسيليوس: (329-379)
                      يقر القديس باسيليوس الكبير (329-379م) بأن التعميد بصيغة التثليث إنما هو مجرد تقليد ، لأنه من أسرار الكنيسة غير المكتوبة التى تسلمها الآباء من المسيح ، وتوارثوها شفاهًة بالتتابع، ويتحفظون من إعلانها أو حتى كتابتها، كى لا يطلع أعداؤهم على أسرار ديانتهم. وهم يقسرون الإنجيل على ضوء هذه التقاليد وليس العكس .. وبدون ذلك لا يصح التفسير فى نظرهم. فهو يقول:
                      But the object of attack is faith. The one aim of the whole band of opponents and enemies of “sound doctrine” is to shake down the foundation of the faith of Christ by levelling apostolic tradition with the ground, and utterly destroying it. So like the debtors,—of course bona fide debtors— they clamour for written proof, and reject as worthless the unwritten tradition of the Fathers. But we will not slacken in our defence of the truth. We will not cowardly abandon the cause. The Lord has delivered to us as a necessary and saving doctrine that the Holy Spirit is to be ranked with the Father. Our opponents think differently, and see fit to divide and rend asunder, and relegate Him to the nature of a ministering spirit ... "
                      http://www.ccel.org/ccel/schaff/npnf208.vii.xi.html
                      ويُعرِّب د. جورج حبيب بباوي ما قاله القديس باسيليوس الكبير (القديس باسيليوس الكبير: الروح القدس) ف10 ص91 قائلاً: إن الموضوع المتنازع عليه هو مسألة إيمان. وإن هدف عصابة خصوم التعليم الشفاهية [التقليد الشفاهى] وأعدائه هو: ”هدم التسليم الرسولي ومحوه ليصبح في مستوى تراب الأرض وهم مثل الذين عليهم دين واقترضوا من آخرين، ولكنهم يطلبون الإبطال،أي الوثيقة المكتوبة ويرفضون تسليم الآباء غير المكتوب كأنه بلا قيمة. أما نحن فلن نتأخر عن الدفاع عن الحق ولن نهرب مثل الجبناء لقد سلمنا الرب كأساس للخلاص [وهو] التعليم بأن الروح القدس يُحسب مع الآب في جوهر واحد. أما المقاومون فهم يقولون عكس ذلك ويُعبرون عن رأيهم بفصل الروح القدس عن الآب واعتباره في مرتبة الأرواح الخادمة“ (نقلاً عن الدكتور أمير عبد الله)
                      إن باسيليوس هذا هو صاحب كتاب يتبنى فيه تأليه الروح القدس. فهل تتخيلون أن من يُنادى بتأليه الروح القدس يعترف أنه لا يوجد لديه نص فى الكتاب بما يقوله، وأن ما ينادى به هو تقليد شفاهى فقط؟ وهذا يعنى أنه إلى الربع الأخير من القرن الرابع لم يكن هذا النص قد أُدخل إلى إنجيل متى!!
                      وإذا كانت موجودة فى الإنجيل فكيف لم يعرفها التلاميذ أو الآباء المذكوين؟ وإذا جاز للتلاميذ أن يُخطئوا فى عقيدة مهمة مثل عقيدة التثليث فكيف تأمنون على باقى العقائد التى أتت عن طريقهم؟ وإذا أخطأ باسيليوس وغيره من الآباء الذين قرروا عدم معرفتهم بصيغة التثليث، فعليكم أن تضربوا عرض الحائط بكل ما أتى عن طريق هؤلاء القديسين!! وإذا قبلتم التثليث كتقليد شفاهى ، فلماذا رفضتم الكثير من التقاليد الشفاهية الأخرى ، ومنها التوحيد الذى كان آريوس يتبنَّاه؟
                      وقد جاء إقرار باسيليوس بذلك فى رده على المعترضين فى زمنه على تأليه الروح القدس من آريوسيين وغيرهم حيث كان هؤلاء يحتجون بأن تأليه الروح لم يرد فى أى أصل مكتوب ويطالبون من يؤلهونه بتقديم السند الكتابى من الإنجيل أو غيره من أصولهم المدونة الذى يبرر دعواهم .. وهو ما يعنى أن صيغة التثليث، أو تأليه الروح القدس حتى ذلك الوقت من القرن الرابع لم تكن قد دونا بعد فى الإنجيل وإلا لكان استشهد بها باسيليوس أو أثناسيوس فى مناظراته ضد آريوس!!
                      وقد يُعلِّل هذا سبب اختفاء نهاية إنجيل متى من المجلد السينائى والفاتيكانى: إنه التخريب المتعمَّد من قِبَل أُناس فقدوا ضمائرهم أو لم يعتبروا هذه الكتب كتبًا إلهية أوحى الله بها. وهو الأمر الذى دعا مترجمو الكتاب المقدس للآباء اليسوعيين أن يقدموا كتابهم موضحين أن نصوص الكتاب المقدس وعلى الأخص العهد الجديد قد أضاف عليه النسَّاخ فقرات جديدة ، أسموها زخارف وشوائب، تؤيد هذه الفقرات بالطبع وجهة نظر الكنيسة التى ينسخون لها. فقد قال تحت عنوان (نص العهد الجديد): ”فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نسَّاخ صلاحهم للعمل متفاوت ، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التى تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت ، مهما بُذِلَ من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذى أُخذت عنه.“
                      ”يُضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحيانًا، عن حُسن نية، أن يصوِّبوا ما جاء فى مثالهم وبدا لهم أنه يحتوى أخطاء واضحة أو قلّة دقة فى التعبير اللاهوتى. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأً.“
                      ”ثم يمكن أن يُضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد فى أثناء إقامة شعائر العبادة أدّى أحيانًا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ.“
                      ”ومن الواضح أن ما أدخله النسَّاخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر ، فكان النص الذى وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلاً بمختلف ألوان التبديل ظهرت فى عدد كبير من القراءات. والمثال الأعلى الذى يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يُمحِّص هذه الوثائق لكى يقيم نصًّا يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول ، ولا يُرجى فى حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه“.
                      ”يُضاف إلى مراجعة الكتب المخطوطة باليونانية والترجمات القديمة أن علماء نقد النصوص يحاولون الاستفادة مما فى مؤلفات آباء الكنيسة من شواهد كثيرة جداً أُخذت من العهد الجديد. .. .. .. غير أن لهذه الشواهد محذورَيْن. فالأمر لا يقتصر على أن كلاً منها لا يورد إلا شيئًا يسيرًا من النص، بل كان الآباء على سوء طالعنا، يستشهدون به فى أغلب الأحيان عن ظهر قلبهم ومن غير أن يراعوا الدقة مراعاة كبيرة. فلا يمكننا ، والحالة هذه ، أن نثق تمامًا بما ينقلون إلينا.“
                      ويقول المدخل ص14 عن النص الاسكندرى: ”يكاد يُجمع أهل الإختصاص كلهم على أن لهذا النص قيمة عظيمة من جهة الدقة .. .. وتعتمد طبعات العهد الجديد منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر هذا المثال للنص وهى محقة فى ذلك وإن كان لا يمكن عدَّه خاليًا من الشوائب“.
                      وكما يقول الدكتور القس منيس عبد النور فى كتابه المترجم (فى علم اللاهوت) ج1 ص35: ”لا يوجد مقياس لمعرفة صحيح التقاليد من خاطئها .. فقد دخل فى الأزمنة الغابرة فى الكنيسة كثير من التقاليد التى تمسكوا بها. ثم تبين أنها كاذبة فرفضوها.“ (راجع المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس حول صحة الكتاب المقدس)
                      فالتحريف إذن ليس بجديد على الآباء أو النسَّاخ ، والكثيرون قد حاولوا زخرفة النصوص بما يتفق مع تقاليد كنيستهم ، سواء كان هذا تخريبًا عن عمد ، أم عن حُسن نية، كما تقول مقدمة الكتاب ، حتى إن علماء نصوص الكتاب المقدس اليوم لا يمكنهم تحديد التقاليد الصحيحة من غيرها!!
                      ثم يستكمل باسيليوس دفاعه مؤكدًا أن التعميد بصيغة التثليث لم يرد مطلقا فى أى أصل مكتوب فى الإنجيل أو غيره .. وإنما هو مجرد تقليد أو تسليم يُسلَّم شفاهًا من الأباء عن المعمودية: فيقول باسيليوس: ”وسوف أحتاج لوقت طويل جدًا إذا حاولت أن أسرد (أسرار) الكنيسة غير المكتوبة. أما عن باقى الموضوعات فلا يجوز لى أن أقول عنها أى شىء .. أما عن الاعتراف بإيماننا بالأب والابن والروح القدس فما هو المصدر المكتوب لهذه العقيدة؟ إذا كان حقا أننا اعتمدنا فإن التسليم الخاص بالمعمودية يحتم الإيمان والاعتراف بصيغة معروفة عند معموديتنا….“ (القديس باسيليوس الكبير: الروح القدس ف27 ص163 تعريب د. جورج حبيب بباوى).
                      كان هذا من ناحية السند، أما من ناحية فهم النص نفسه، فعلينا قراءة النص فى سياقه يقول النص: (.... «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ 19فَاذْهَبُوا ...) متى 28: 18-19 وهذا النص بمفرده ينفى أن يكون عيسى  إلهًا من ناحية، لأن الدافع هو الإله الخالق الأقوى ، ولا اتحاد بين المالك الأقوى والمملوك الضعيف.
                      وينفى وجود الثالوث من ناحية أخرى، لأنه لو كان هناك اتحاد بين الثلاثة لما كان هناك داع للكلام عن هذا الإتحاد ، لأنه بكونه متحدًا فهو واحد ، فلا داع للكلام عن المكونات الأساسية لهذا الإله. ومن ناحية أخرى فلو كان هناك اتحاد لما قال (دُفِعَ إلى) ، بل لكان قال قررت أو أمرت؛ لأن الدافع غير المدفوع له ، والراسل غير المرسل إليه.
                      وإذا كان الأب والابن والروح القدس إله واحد، فما الحكمة من أن ينتقل الملكوت من الرب بصفته أقنوم الاب ، إلى الرب نفسه بصفته أقنوم الابن. أى أخذ بيمينه ووضعها فى يساره. فمثل هذه الألعاب الأكروباتية لا تُسمى دفع أو انتقال للملكوت، وليست دليل إلا على وجود ثلاثة، تنازل صاحب الملكوت فيهم عن ملكوته إلى شخص آخر.
                      ولو كان الراسل هو المرسل إليه لكان هذا خداع لكل أتباعه ، ولكان قصد من ذلك أن يخدع عباد الصليب ويوهمهم أنه والأب اثنان وليسا واحدًا.
                      ومع ذلك نرى ظلم الإله فى استئثار الابن بملكوت السماوات والأرض دون الروح القدس! ونرى سكوت الروح القدس على هذا الظلم ، مع أنه إله ولا يجب على الإله السكوت على الظلم ، حيث إن الساكت على الظلم شيطان أخرص! الأمر الذى ينفى ألوهية كل من الأب والابن والروح القدس!!! أو قلنا إن الآب نسى أن يقسم الملكوت بين الابن والروح القدس، وهذا ينفى الألوهية عن ألاب، لأن الله لا ينسى، وينفى الألوهية عن الروح القدس، لعدم وجود سلطان بين يديه، وينفى الألوهية عن الابن، لأنه ظالم ورضى أن يستأثر بكل ما أعطاه له الآب دون الروح القدس، واستغل نسيان الآب! وبذلك لا يوجد إله مثلث، ولا مربع، ولا يوجد تساوى بين الثلاثة لا فى القوة، ولا فى المجد، ولا فى السلطان. وهو ما توصل إليه الملحدون فى الغرب، ورفضوا الدين والله بسبب وجود مثل هذه النصوص.
                      ولو اتحد الناسوت باللاهوت لأمكنهم عبادة يسوع فى حياته (كناسوت)، لأنهم على زعمهم لا ينفصلون. ولو لم ينفصل اللاهوت عن الناسوت طرفة عين، كما يقول قانون الإيمان، لكان الضرب والبصق فى الوجه والإهانات التى تعرض لها يسوع، قد أصابت الآب والروح القدس أيضًا، ولكان الموت وقع على الثلاثة، ولكان عليكم المناداة بإله رابع أحيا الثلاثة من الموت.
                      ألم يقل إنه مرسل من الله إلى بنى إسرائيل؟
                      («الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 12: 44
                      (... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 5: 30
                      (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.) يوحنا 17: 3
                      ألم يصرخ فى وجوه من حاولوا تأليهه قائلا إنه لا يوجد رسول أعظم من مرسله؟ (13أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً، وَقَدْ صَدَقْتُمْ، فَأَنَا كَذَلِكَ. 16الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.) يوحنا 13 و16
                      ألم يقل يسوع إن الله أبيه أعظم منه؟ (... لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.) يوحنا 14: 28
                      ألم يرفض نسبة الصلاح لنفسه، ونسبها لله خالقه؟
                      (18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.) لوقا 18: 18-19
                      ألم يسمى الكتاب يسوع عبدًا لله؟
                      أعمال الرسل 3: 26 (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                      أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                      ألم يكن يصلى لله، ويتعبد له؟ فهل يوجد إله يتعبد لإله آخر؟ أم كان يصلى بصفته الابن لنفسه بصفته الآب؟
                      (12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.) لوقا 6: 12
                      (36حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ». ......... 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». ......... 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». ...... 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضاً وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذَلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ.) متى 26: 36-44
                      (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
                      ألم يعمل على مرضاة إلهه خالقه بالصلاة والعمل الصالح؟
                      يوحنا 8: 29 (...... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
                      يوحنا 4: 34 (......... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
                      يوحنا 17: 4 (......... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
                      ألم ينفى عن نفسه المقدرة على عمل شىء إلا بإذن الله؟ ألم ينسب كل الأعمال التى يعملها لله؟
                      (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 5: 30
                      (19فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ. 20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.) يوحنا 5: 19-20
                      ألم يتشرف بإكرام الله له؟
                      (... مَنْ لاَ يُكْرِمُ الاِبْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ. 24«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.) يوحنا 5: 23-24
                      ألم يؤكد أن شهادته ليست حق، وأن شهادة الله هى الحق؟
                      الم يصرح أن الأعمال التى عملها هى عطية من الله تعالى؟
                      (31«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً.32الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ. 33أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلْحَقِّ. 34وَأَنَا لاَ أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ وَلَكِنِّي أَقُولُ هَذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ. .... 36وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي. 37وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ) يوحنا 5: 31-37
                      فمن هو هذا الآخر الذى يشهد له؟ إنه الله. إذن ليس يسوع هو الله، ولكن الله غير يسوع. وإلا لما تمت الشهادة، لأن شهادة يسوع ليست شهادة حق.
                      ألن يخضع يسوع لإلهه فى الآخرة؟ فبم يستحق التأليه؟: (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.) كورنثوس الأولى 15: 28
                      فاسمعوا قوله: (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...) يوحنا 8: 40
                      كما أنه لم يعمد بهذه الصيغة أحد من التلاميذ، بل لم يعرفونها من الأساس، إذ لم عرفوها لعمدوا بها! ولم تكن معروفة حتى مجمع نيقية 325م.، ولإلا لاستشهد بها أثناسيوس وأتباعه فى مناظراتهم ضد أريوس، ولا يعرفها يوسابيوس القيصرى من القرن الرابع، فقد ذكرها فى كتابه (تاريخ الكنيسة) هكذا: (وعمدوهم باسمى)، وهذا ما فعله بطرس وبولس وغيرهما.
                      وفى الحقيقة لا يوجد أثر لهذا النص ليس فقط عند التلاميذ أو عند يوسابيوس القيصرى، بل لا تحتوى عليه مخطوطة من مخطوطات الكتاب المقدس، التى ترجع إلى ما قبل القرن الرابع. وإذا وجدت فى أى مخطوطة بعد مجمع نيقية لا يُعتد بها، لأنها فى هذه الحالة ستكون مضافة ومن أعمال المجمع، وما توصلوا فيه إلى ألوهية يسوع، ومشاركته للأب.
                      كما أن من يستشهد على أصالة النص، يستشهد من المخطوطات المتأخرة لإنجيل متى اليونانى، ولا يوجد النص الأصلى الأرامى، الذى اختفى بدوره، ولا سبيل لنا لنتأكد من صحة الترجمة، وعدم الفبكرة.
                      يُضاف إلى ذلك أن هذه الصيغة لم يعرفها كاتب إنجيل آخر، أو رسالة فى هذا الكتاب الذى يقدسونه، فهل غاب عن الكل هذه الصيغة أو عقيدة التثليث، وهى أصل من أصول دينهم؟
                      وحتى لو أخذنا هذا النص كنص أصيل، فلا يمكن أن يُستنبط منه مُطلقًا فكرة أن الرب يتكون من ثلاثة أقانيم متحدين، حيث يُخالف ذلك محتويات الكتاب المقدس بعهديه، ويُخالف اللغة والمنطق.
                      فهل قول بولس هذا يعنى اتحاد الرب مع يسوع مع الملائكة المختارين؟ (21أُنَاشِدُكَ أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْمُخْتَارِينَ أَنْ تَحْفَظَ هَذَا بِدُونِ غَرَضٍ، وَلاَ تَعْمَلَ شَيْئاً بِمُحَابَاةٍ.) تيموثاوس الأولى 5: 21
                      بل إن إرسال يسوع للتلاميذ لجميع الأمم يُخالف تعاليم يسوع نفسه للتلاميذ أثناء رسالته. فقد أوصى التلاميذ قائلا: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-6
                      (4وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ بَلْ يَنْتَظِرُوا «مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي) أعمال الرسل 1: 4
                      وكانوا بالفعل فى أورشليم، وفى المجمع حاكموا بولس على ضلاله، وتعليمه للمؤمنين عقائد باطلة، لإأرسلوا من يُصحح هذه لتعاليم، ولم يأمروهم إلا بالحفاظ على أنفسهم من الذبح للأصنام، ومن الدم والمخنوق والزنا: (... وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».) أعمال الرسل 21: 20-25
                      وأقر بطرس أن مخالطة اليهودى لغير اليهود محرم عليهم: (42وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ ...) أعمال الرسل 10: 42
                      (28فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُلٍ يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ.) أعمال الرسل 10: 28، وبدون أن نناقش هذا النص، فقد قال بطرس إن الله هو الذى أراه، ولم يقل إن هذه تعاليم يسوع.
                      بل حاكموا بطرس على اختلاطه بغير اليهود (1فَسَمِعَ الرُّسُلُ وَالإِخْوَةُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْيَهُودِيَّةِ أَنَّ الْأُمَمَ أَيْضاً قَبِلُوا كَلِمَةَ اللهِ. 2وَلَمَّا صَعِدَ بُطْرُسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ خَاصَمَهُ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ 3قَائِلِينَ: «إِنَّكَ دَخَلْتَ إِلَى رِجَالٍ ذَوِي غُلْفَةٍ وَأَكَلْتَ مَعَهُمْ».) أعمال الرسل 11: 1-3
                      فهل هذه أدلة على أن التلاميذ سمعوا صيغة التعميد المثلثة هذه؟ بالطبع لا.
                      وإلى هنا نكون قد أثبتنا أن صيغة التثليث غريبة على التلاميذ، ولم يستعملها أحد قط من أتباع يسوع، حتى آباء ما قبل مجمع نيقية رفضوها، ولم يعرفها أحد منهم إلا عن لسان الهراطقة. ويتبق لنا جزء من هذا القول التثليثى، وهو قول يسوع لهم أن يذهبوا إلى العالم كله. فهل كان يسوع مرسل إلى العالم كله؟
                      س166- إن من يقرأ عن عادة إطلاق سراح أسير أو محكوم عليه بالإعدام فى عيد الفصح فى الأناجيل الأربعة، ليجد أنها كانت عادة رومانية عند يوحنا ومرقس ولوقا، إلا أنه عند لوقا لم تكن كذلك بالمرة، فقد كان الوالى مضطرًا لأن يُطلق لهم سراح أحد المجرمين:
                      (39وَلَكُمْ عَادَةٌ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ وَاحِداً فِي الْفِصْحِ. ...) يوحنا 18: 39
                      (6وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيراً وَاحِداً مَنْ طَلَبُوهُ.) مرقس 15: 6
                      (15وَكَانَ الْوَالِي مُعْتَاداً فِي الْعِيدِ أَنْ يُطْلِقَ لِلْجَمْعِ أَسِيراً وَاحِداً مَنْ أَرَادُوهُ.) متى 27: 15
                      (17وَكَانَ مُضْطَرّاً أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِداً) لوقا 23: 17
                      وقد أضاف فى الترجمة العربية المشتركة كلمة (مِنَ السُّجناءِ)، ثم حذف الفقرة كلها: ]وكانَ على بِـيلاطُسَ أنْ يُطلِقَ لهُم في كُلِّ عيدٍ واحدًا مِنَ السُّجناءِ. [
                      لقد وضعتها الترجمة العربية المشتركة بين قوسين، أى تُمهد لحذفها من الكتاب، وعلقت عليها فى هامش الصفحة قائلة: (لا ترد هذه الآية فى عدة مخطوطات قديمة. رج مت 27: 15؛ مر 15: 6).
                      فما علاقة إطلاق سراح مجرم قاتل أو سارق بعيد دين اليهود، الذى يُصر على قتل القاتل والسارق بالإكراه؟ فهل يحتفل اليهودى المؤمن بكسر وصايا الناموس، عن طريق العفو عن مجرم يستحق فى الناموس القتل؟ هل كان يشكر اليهودى ربه بالإفساد فى الأرض، وإتلاف ملكوته، وإطلاق سراح من يقتلهم أو يسرقهم أو يروعهم؟
                      لقد أخطأ كاتب إنجيل يوحنا أن جعلها عادة يهودية، والأغرب من ذلك أن يسألهم صاحب الأمر والنهى فى البلد، ويفرضوا عليه إطلاق سراح المجرم وصلب البرىء البار، الذى يؤمن هو نفسه وامرأته ببراءته! فهل سمعتم عن قاض يخير المختصمين بين إطلاق سراح من يؤمن هو ببراءته وبين مجرم يخشاه هو نفسه على أهل بلدته؟!
                      (19وَإِذْ كَانَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيراً فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ».) متى 27: 19
                      (22قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «فَمَاذَا أَفْعَلُ بِيَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» قَالَ لَهُ الْجَمِيعُ: «لِيُصْلَبْ!» 23فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخاً قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!» 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئاً بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ». 25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا». 26حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ.) متى 27: 22-26
                      (13فَدَعَا بِيلاَطُسُ رُؤَسَاءَ الْكَهَنَةِ وَالْعُظَمَاءَ وَالشَّعْبَ 14وَقَالَ لَهُمْ: «قَدْ قَدَّمْتُمْ إِلَيَّ هَذَا الإِنْسَانَ كَمَنْ يُفْسِدُ الشَّعْبَ. وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هَذَا الإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ.) لوقا 23: 13-14
                      والأمر من ذلك أن يكتب لوقا أن الحاكم الرومانى بيلاطس كان مضطرًا! فهل سمعتم عن صاحب السلطة الذى بيده الحل والعقد أن يكون مضطرًا من بعض رعاياه ذليل منهم، يضطروه أن يُطلق لهم سراح المجرم، ويصلب البرىء البار، ويحول سمعة الحاكم فى كل الإمبراطورية الرومانية من حاكم عادل إلى حاكم ظالم، ومن سيد إلى عبد ذليل، كرة كاوتشوك فى يد رعاياه؟
                      لم يذكر متى تهمة للأسير الذى أراد اليهود إطلاق سراحه بدلا من يسوع، غير أنه كان شهيرًا: (16وَكَانَ لَهُمْ حِينَئِذٍ أَسِيرٌ مَشْهُورٌ يُسَمَّى بَارَابَاسَ.) متى 27: 16
                      وأكد يوحنا أن باراباس كان لصًا: (...وَكَانَ بَارَابَاسُ لِصّاً.) يوحنا 18: 40
                      ويقول مرقس ولوقا عن الأسير أنه سُجن بسبب فتنة وقتل حدثا فى المدينة: (7وَكَانَ الْمُسَمَّى بَارَابَاسَ مُوثَقاً مَعَ رُفَقَائِهِ فِي الْفِتْنَةِ الَّذِينَ فِي الْفِتْنَةِ فَعَلُوا قَتْلاً.) مرقس 15: 7
                      (19وَذَاكَ كَانَ قَدْ طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ حَدَثَتْ فِي الْمَدِينَةِ وَقَتْلٍ. ... 25فَأَطْلَقَ لَهُمُ الَّذِي طُرِحَ فِي السِّجْنِ لأَجْلِ فِتْنَةٍ وَقَتْلٍ الَّذِي طَلَبُوهُ وَأَسْلَمَ يَسُوعَ لِمَشِيئَتِهِمْ) لوقا 23: 19، 25
                      ومعنى قول مرقس ولوقا أنه لم يكن قد تم التحقيق معه بعد، أو على الأقل لم توجه له التهمة، وبمفهومنا اليوم أنه مشتبه فيه ضمن باقى المتهمين. فهل خدعهم بيلاطس وأطلق بريئًا وصلب مكانه برىء آخر؟ وهل أفسد بيلاطس كل قضية الفتنة والقتل بإطلاق أسير مشهور دون التحقيق معه؟
                      هذا بالإضافة إلى نقطة لا يمكن تجاهلها مطلقًا: ففى بعض مخطوطات إنجيل متى، كان يُدعى كل من الرجل الذى من الناصرة وباراباس يسوع. الأمر الذى يشير إلى أن اسم يسوع كان اسمًا شائعًا فى ذلك العصر. وعلى ذلك خيرهم بيلاطس بين يسوعين، أطلق سراح أحدهما وصلب الثانى. فهل قام بيلاطس بخدعة ما وأنقذ الرجل البار، وأرضى زوجته، وأراح ضميره، وأقام العدل فى مدينته، فاستبدل أحدهما بالآخر، فأنقذ يسوع، وسلم الأسير الشهير للصلب؟
                      أليس من العجيب أن يكون يسوع وباراباس هما نفس الشخص؟ لقد تسبب خطأ واحد فى ذلك، إلا أنه فى الحقيقة لا يوجد إجماع عليه:
                      1- فمن (بارناس) ابن الإنسان جاءت (بارباش) التى أصبحت (بارباس)
                      2- ومن (بار ربان) أى ابن المعلم أو ابن الرب، إلى (بارباس)
                      فهل قُدِّم يسوع بمفرده للعفو عنه فى أيام الفصح؟ أم كان هناك يسوعان؟
                      فى الحقيقة لم يوجد قط هذا العفو عن أحد المجرمين فى عيد الفصح، الذى تتكلم عنه الأناجيل. ولا يعرف التاريخ شيئًا عن هذه الأحداث إلا من خلال الأناجيل الأربعة الرسمية، وقد حاول علماء اللاهوت منذ مئات السنين العثور على مصدر تاريخى لهذه الرواية، ولكن دون جدوى.
                      وقد نجح عالم اللاهوت أدولف دايسمان (Licht vom Osten, S. 228) أن يجد حالة مشابهة. ففى عام 85م أفرج عن مجرم (وليس فى عام 33م كما حدث ليسوع)، ولم يُجلد (على خلاف ما حدث ليسوع) بسبب مطالبة الشعب بإطلاق سراحه. وحدثت هذه الواقعة فى برية فلورنتينوس فى مصر، وليست فى اليهودية كما تحكى الأناجيل. ومن الصعب الحكم على أن هذه كانت عادة الرومان فى فلسطين من حادثة مفردة، حدثت فى مكان وزمان مغايرين لما تحكيه الأناجيل.
                      ويحكى ميخائيل هيزمان (Die Jesus-Tafel, S. 94) أنه فى اليهودية ثم إطلاق سراح بضعة سجناء من حاكم يُدعى ألبينوس. ويقول إنها حوادث فردية، لا ترق لمستوى الاعتياد أو العُرف.
                      كذلك لا يجب أن نستخدم كلمة عفو، بل كلمة طلب الإفراج عن المتهم من قبل مناداة الشعب بذلك.
                      وهل كان فى إمكان الحاكم التابع للإمبراطور الرومانى أن يعفو عن إنسان متهمًا بإحداث فتنة وقتل، دون الوقوف على حقيقته، لربما تكون الفتنة تتعلق بالإمبراطور نفسه؟
                      وهل كان الإمبراطور ليترك حاكمًا تابعًا له وهو بهذا الضعف الذى أظهروا فيه بيلاطس، يدفعه عبيده لما يريدوه، من قتل برىء وإطلاق سراح لص خطير؟ ألا يُعد هذا مشاركة من بيلاطس والشعب فى استمرار هذا المجرم الذى أطلقوا سراحه فى جرائمه؟
                      وخلاصة ما قلناه: إن عفو عيد الفصح هذا غير تاريخى، وقد اخترعه أحد أعضاء الجماعة المسيحية الأولى، لكى يحمِّل اليهود ذنب صلب يسوع، وتبرئة الرومان من المسئولية. وأن تصوير الأناجيل لهذا الموقف الدرامى لا وجود له فى واقع الأمر، وهو من أخطاء مؤلفى الأناجيل للأسباب التى ذكرت من قبل.
                      كما أنه كان فى إمكان الشعب اليهودى إنقاذ يسوع من الموت، فهو من قام بمعجزات الشفاء من أمراضهم التى استحال شفاؤها، سواء كانت أمراض مزمنة أم أمراض مؤقتة، كما قام بإطعامهم. وقد تم كل هذا بحول الله وقدرته، وهو نفس ما أقره يسوع، ومعاصروه:
                      يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً.)
                      وتؤيد باقى الأناجيل أقوال يسوع هذه: لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.)
                      متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!)
                      وأن الله هو الذى يرشده ويعلمه: يوحنا 5: 20 (20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.)
                      يوحنا 5: 36 (....... لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
                      يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
                      وشهد بذلك تلميذه بطرس: أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
                      وشهد بذلك رئيس اليهود الفريسيين نيقوديموس: يوحنا 3: 1-2 (1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
                      س167- تقول ترجمة الفاندايك (14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ.) متى 23: 14، وجاءت الترجمة البولسية وترجمة كتاب الحياة قريبة منها، إلا أن الترجمة الكاثوليكية قد حذفتها تمامًا من النص، ووضعتها الترجمة العربية المشتركة بين الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت بين قوسين معكوفين، أى أخرجتها من كونها عبارة مقدسة قالها يسوع، وجعلتها تعليقًا من المترجم تمهيدًا لحذفها فى طبعة قادمة.
                      وعلقت الترجمة المشتركة بقولها: (هذه الآية لم ترد فى معظم المخطوطات القديمة).)
                      وعلقت الترجمة الكاثوليكية على هذا الحذف التام قائلة: (فى بعض المخطوطات آية يذكر نصها بـ مر 12/40 ولو 20/47، لكنها لا توافق سياق الكلام هذا: "الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون، فإنكم تأكلون بيوت الأرامل، وأنتم تُظهرون أنكم تطيلون الصلاة. سينالكم العقاب الأشد".)
                      والآن: هناك علماء قالوا بأنها لم ترد فى معظم المخطوطات. ألا يعنى هذا أنه لا توجد دقة فى نسخ المخطوطات، كما يدعون؟ ألا يؤيد هذا أن كتابة المخطوطات وتحريرها تم بحرية كبيرة من النساخ أو الجهة الآمرة بالنسخ؟ لكن ما السبب الذى جعلهم يحذفونها الآن، ويؤمنون أنها لا توافق سياق الكلام؟ وما سبب اعتراض رجال اللاهوت على صحتها، وانتمائها لنص متى؟
                      لأن هذا لا يتفق من ناحية مع أقوال يسوع الداعية للمحبة، والقائلة من قال لأخيه يا أخمق، يكون مستوجب نار جهنم: (21«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 21-22
                      ويسوع قد نسخ فقرة من الناموس، وهى أمر الرب أن يكون القصاص العين بالعين، والسن بالسن، ويكون قد شدد من قول الأمر بمنع القتل، إلى النهى عن الغضب والسب، وإلا سيكون جزاء من يفعل ذلك نار جهنم. فهل لم يسب يسوع الفريسيين؟ ألم يتهمهم أنهم يأكلون أموال اليتامى دون أن يقدم الدليل والشهود على ذلك؟
                      ولو كانوا قد فعلوا ذلك ويملك الدليل فلماذا لم ينتصر لناموس الرب، كما انتصر لبيته من قبل وطرد الباعة والصيارفة وطردهم منه؟ (13وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيباً فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ 14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. 15فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا. لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ». 17فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».) يوحنا 2: 13-17
                      أليست عقوبة القتل هى جزاء المسىء إلى الأرامل واليتامى، كما أمر الرب: (22لاَ تُسِئْ إِلَى أَرْمَلَةٍ مَا وَلاَ يَتِيمٍ. 23إِنْ أَسَأْتَ إِلَيْهِ فَإِنِّي إِنْ صَرَخَ إِلَيَّ أَسْمَعُ صُرَاخَهُ 24فَيَحْمَى غَضَبِي وَأَقْتُلُكُمْ بِالسَّيْفِ فَتَصِيرُ نِسَاؤُكُمْ أَرَامِلَ وَأَوْلاَدُكُمْ يَتَامَى.) الخروج 22: 22-24
                      ألم يأمر الرب أنه لا توقع عقوبة على إنسان ما إلا بناءً على وجود بيِّنة. فما هى البيِّنة التى قدمها يسوع ضد الفريسيين؟ لا توجد.
                      ويدافع اللاهوتيون عن هذه الفقرة التى حذفت من كتاب الرب قائلين: يكذب التاريخ هذه الصورة التى تعكس اغتناء الفريسيين على حساب الأرامل والأيتام. كما أنه من المعلوم أن الفريسيين كانوا شديدى التمسك الحرفى بالناموس، وكانوا مقربين من قلوب الشعب، متضامنين مع الفقراء واليتامى منهم، ولم يكن لهم مؤسسات تجارية مثل الأغنياء، ولا أصحاب رؤوس الأموال، بل كان جزء كبير منهم من الفقراء. لذلك فقد وقع يسوع فى خطأ كبير فى إلصاق مثل هذه التهمة بهم.
                      ويحكى لنا المؤرخ اليهودى يوسيفوس فى (عادياته) أنهم كثيرًا ما عاداهم الأغنياء وهاجموهم بعنف (13: 10: 298). لذلك نتعجب أن نجد الفريسيين إيجابيين، ينتظرون المسِّيِّا كمخلص من ناحية، وأن يكون فى صفوفهم محاربون، يعادون المسِّيِّا، من ناحية أخرى. اللهم إلا إذا كانوا قد تيقنوا أو سمعوا من يسوع نفسه اعتراف بأنه ليس المسِّيِّا، الذى ينتظرونه.
                      وكما يُوصف الفريسيون بهذه الصفات السلبية، يُنعت أيضًا الكتبة فى العهد الجديد. فدائمًا ما كانوا يتحدون يسوع. ففى أحد المرات سُئل يسوع عن أكبر الوصايا: (29فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 30وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. 31وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ».) مرقس 12: 29-31؛ متى 22: 35-40؛ لوقا 10: 25-28
                      وهذه التعاليم تُطابق تمامًا التعاليم الفريسية (تثنية 6: 4-5)، وتبعًا لتعاليم الفريسيين يكفى أن تقول هذه المقولة مرتين يوميًا، لتغنيك عن باقى الوصايا. أما عن باقى تعاليم يسوع عن حب الجار كالنفس، فهى أيضًا من تعاليم العهد القديم، ومن وصايا موسى، ومن تعاليم الفريسيين. فقد سُئل الربى هيلل Hillel أن يوجز تعاليم ووصايا موسى بقدر الإمكان، فقال: ما لا ترضاه لنفسك، لا تفعله لجارك. وهى تتطابق مع تعاليم يسوع. ويتساءل علماء اللاهوت واليهود: لماذا صورت الأناجيل الفريسيين بهذه الصورة السلبية؟ فهل كان كتبة الأناجيل من الرومان أو أشياعهم، فى الوقت الذى كان الفريسيون فيه يعادونهم؟
                      س168- يقول يوحنا على لسان يسوع: (39فَقَالَ يَسُوعُ: « لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هَذَا الْعَالَمِ حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ».) يوحنا 9: 39
                      أليس من الغريب أن يكون يسوع قد أتى إلى هذا العالم من أجل دينونة، ولم يُدن المرأة الزانية على الرغم من وجود شهود عيان عليها؟ ألم يعطه الآب كل الدينونة؟ (22لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَداً بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ) يوحنا 5: 22، فإذا كان يسوع رفض أن يدين الزانية، ولا يدينها الآب، فهل نفهم من ذلك أن الرب نسخ أمره برجم الزانية؟
                      هل تعرفون أن الترجمة العربية المشتركة بين الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت وضعت قصة المرأة الزانية بين قوسين معكوفين تمهيدًا لحذفها فى الطبعات القادمة (يوحنا 7: 53 إلى 8: 11)؟ وعلقت فى هامشها قائلة: (لا نجد: 53 - 8: 11 فى المخطوطات القديمة وفى الترجمات السريانية واللاتينية. بعض المخطوطات تجعل هذا المقطع فى نهاية الإنجيل.) كما حذفتها التراجم الآتية من إنجيل يوحنا أو وضعتها بين قوسين أو كتبتها وعلقت فى هامشها أنها غير موجودة فى بعض أو معظم المخطوطات: Einheitsübersetzung, ESV, NASB,
                      CEV, HCSB, French BS, Italian LM,
                      ونقلا عن (قصة المرأة الزانية) للشيخ عرب، يقول: (لم ترد هذه القصة في المخطوطات الآتية: "بردية 66(القرن الثاني) - بردية 75 (القرن الثالث)– بردية 45 (أقدم برديات إنجيل يوحنا) - السينائية (القرن الرابع)– الفاتيكانية(القرن الرابع)– السكندرية (القرن الخامس) – الإفرامية (القرن الخامس) – مخطوطة واشنطن (القرن الخامس) - القبطية الصعيدية – القبطية الحرية – الإخميمية – الأرمينية – الجورجية – السلافية – الدياتسرون – دلتا - ثيتا – أغلب المخطوطات السريانية - W - T – N – L – 567 – 157 – 70 – 2193 – 1253 - 33 – 0141 – 1424 – 1333 – 1241- 22 – 0211- 124 – 1242 – 1230 – 828 – 788 – 209"
                      وأنقل عن الدكتور شريف حمدي: "ويقول متزجر:
                      "In the East the passage is absent from the oldest form of the Syriac version (syrc.s. and the best manuscripts of syrp)
                      فى الشرق فإن هذه الفقره غير موجوده فى أقدم النسخ السريانية (الاراميه) مثل SYR-C Syr-S Syr"-P" ويقول أيضا:
                      as well as from the Sahidic and the sub-Achmimic versions and the older Bohairic manuscripts
                      وايضا غير موجوده فى المخطوطات الصعيديه، والاخميميه، وأقدم النسخ البحيريه ....
                      حسنا ماذا عن المخطوطات التى تحوى النص ومدى علاقتها بالنص الحالى؟
                      فى الحقيقه ان كثير من المخطوطات التى تحويه ، اما تحوى اختلافات فى القراءات كثيره وسنوضحها ، واما تحذف اجزاء كامله من الفقره ، واما لا تحوى فى الحقيقه الا عدد او عددين فقط منها مثل
                      المخطوطه 047 تحذف الاعداد 7: 53 الى 8: 2
                      المخطوطه F لا تحوى الا اخر عدد (8: 11)
                      المخطوطه باى لا تحوى الا الفقره حتى 8 : 6
                      المخطوطه 0233 يقول العلامه روبنسون ان الفقره لم يستطع قراءتها لتلفها ، وفشل حتى باستخدام الاشعه فوق البنفسجية
                      هذه المخطوطات التى تحوى النص تحوى أيضا علامات تستخدم للإشارة إلى أنه غير أصلى وأنه مشكوك فى صحته مثل المخطوطات E , M , S , (ما بين القرن الثامن الى العاشر الميلادى) والمخطوطه لمدا (القرن التاسع باكسفورد وتسمى تشايندروفيانوس)، المخطوطه باى (بيتروبوليتانوس القرن التاسع فى لننجراد) ، أوميجا (القرن التاسع ومحفوظه باليونان) وغيرهم وليس هذا كل شىء
                      فهناك مخطوطات أخرى تحوى النص فعلاً لكن فى أماكن أخرى غير مكانه الحالى فيقول متزجر فى هذه المسألة:
                      Western church and which was subsequently incorporated into various manuscripts at various places. Most copyists apparently thought that it would interrupt John's narrative least if it were inserted after 7.52 (D E F G H K M U G P 28 700 892)
                      الكنائس الغربيه والتى أضافت النص إلى مخطوطات مختلفه بصورة متعاقبه وفى مواضع مختلفه من الإنجيل ، معظم النساخ بوضوح ظنوا أن اقل مكان يمكن إضافة هذا النص فيه فى يوحنا بأقل اثار انقطاع تسلسل الاحداث فى يوحنا كان بعد 7 : 52 وهذا فى المخطوطات D E F G H K M U G P 28 700 89
                      ويكمل كلامه:
                      Others placed it after 7.36 (ms. 225) or after 7.44 (several Georgian mss.) or after 21.25 (1 565 1076 1570 1582 armmss) or after Luke 21.38 (f13).
                      البعض الاخر وضعها بعد 7: 36 ( مخطوطه 225) او بعد 7: 44 (العديد من المخطوطات الجورجيه) او بعد 21: 25 مثل المخطوطات 1 565 1076 1570 1582 والمخطوطات الارمينيه او بعد لوقا 21 : 38 (تصور وضعوها بداخل نص لوقا نفسه هل رأيت هذا الخلط) وهذا فى عائلة المخطوطات f13 وليس فى مخطوطه واحده. وسأضيف إلى ما ذكره متزجر أشياء اضافيه
                      فالبعض وضعها فى نهاية إنجيل يوحنا مثل بعض مخطوطات عائلة المخطوطات
                      f1 و 565 و al 23
                      بعد 8 :12 مثل al17
                      بعد 8: 14 مثل 2691
                      بعد 8 : 20 مثل 981
                      البعض وضعها فى نهاية انجيل لوقا بعد نهاية المخطوطة بحبر مختلف مثل 1333 والتى لا تحوى نص القصه الا فى هذا الموضع أما إنجيل يوحنا فخالى منها".) انتهى الاقتباس
                      وتقول مقدمة إنجيل يوحنا للكاثوليك اليسوعيين ص286: (لابد من الإضافة أن العمل يبدوا مع كل ذلك ناقصًا، فبعض اللحمات غير محكمة وتبدوا بعض الفقرات غير متصلة بسياق الكلام (3/13 – 21 ، 3/31-36 ، 1/15) يجرى كل شىء وكأن الكاتب لم يشعر قط بأنه وصل إلى النهاية. وفى ذلك تعديل لما فى الفقرات من كل الترتيب فمن الراجح أن الإنجيل كما هو بين أيدينا أصدرهبعض تلاميذ الكاتب فأضافوا عليه الإصحاح 21 ولا شك أنهم أضافوا أيضاً بعض التعليق مثل (4/2) وربما (4/1، 4/44) (7/39) (11/2) (19/35) أما رواية المرأة الزانية (7/53 ) إلى ( 8/11) فهناك إجماع على أنها من مرجع مجهول فأدخلت فى زمن لاحق. (وهى مع ذلك جزء من «قانون» الكتاب المقدس))
                      فما مصير من اقترف الزنى على أنه ليست بجريمة يُعاقب عليه المسيحى أسوة بما فعلته المرأة الزانية، ورفض إدانة يسوع لها، قبل أن يكتشفوا عدم وجودها فى كل المخطوطات؟ وأين كان علماء المخطوطات القدماء؟ ألم يعرفوا هذا من قبل؟ أم حبَّذوا تضليل الناس عن مواجهتهم بالحقيقة؟ وإذا كانت كل هذه الفقرة غير موجودة فى المخطوطات، فكيف جاءت فى التراجم؟ هل ألفوا كتابًا آخرًا أو كتبوا لكم فقرات غير الموجودة فى المخطوطات؟
                      أم كان يقصد أن الدينونة أى الحكم والنبوة ستكون من نصيب المسِّيِّا، ابن الإنسان، شخص آخر، تكلم عنه بصيغة الغائب؟ (27وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ.) يوحنا 5: 27
                      وكيف نفهم قوله هذا مع قوله بأنه لم يات ليدين؟ (17لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.) يوحنا 3: 17، فهل كان يسوع يتكلم عن شخص آخر سيأتى ملك حاكم، له سلطان أن يدين، ولن يُعاقب العالم، بل سيخلصه من الوثنية ومن نار جهنم التى تنتظره إن عرفه ولم يؤمن به؟
                      فهل تتخيل أنه يقول فى موضع من الإنجيل، بل فى نفس الإنجيل إنه جاء ليدين، وأن هذا واجبه، ثم ينفى هذا فى موضع آخر، ويرفض إدانة الخارجين على القانون؟ فهل يُمكن للجنس البشرى أن يعيش دون محاكم أو إدانة أو أخذ على يد الخارج على القانون، حتى يكون عبرة لغيره؟ فما مصير الضعفاء والمسالمين بجوار المجرمين والخارجين على القانون؟ ولماذا أنزل الرب قوانين لعقاب الخارجين على قانونه، إذا كان عدم الإدانة أو المحاكمة هو الطريق السليم لتقويم البشر؟
                      وهل برفضه إدانة أحد نعتبره قام بنسخ وإلغاء كل تشريعات العهد القديم الجنائية؟ فكيف جاء إذن مؤيدًا لناموس موسى والأنبياء؟
                      وهنا لا يتعرض الموضوع لغفران المرء لزلات أخيه فى حقه، لأن هذا من الفضائل الكبرى التى تتفق عليها كل الأديان السماوية والوضعية. لكن ندين (إن جاز لنا ذلك بعد أن حذفته الكثير من التراجم) أن يغفر يسوع على سبيل المثال جريمة زنى مكتملة الأركان. فهذا من التفريط فى شرع الله، الذى أمر برجمها، وإفراط فى حق المجتمع، بل إفساد لشعب الله، حيث سنتشر الرذيلة والجريمة، وليس من حق أحد أن يدين الجانى، لأنه لا يوجد إنسان بلا خطية: (لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يُخْطِئُ) أخبار الأيام الثانى 6: 36
                      لقد أحجم يسوع على الحكم على المرأة الزانية، لأنه لو حكم عليها لاستحق الاعدام صلبًا. لأن من يضع حكم التوراة فى ذلك الوقت فوق القانون الرومانى وتعاليمه، كان يُعد من المتمردين على قيصر المتظاهرين ضد دولته.
                      ألم يخطر ببالك عزيزى القارىء لماذا لم يذهب الكتبة والفريسيون إلى رئيس الكهنة يتحاكمون إليه بدلا من يسوع؟
                      فلو أصدر يسوع حكمًا لكان نصَّب نفسه قاضيًا، وأعلن بذلك التمرد على الإمبراطورية الرومانية، وقام بعمل المسِّيِّا النبى الخاتم. فكان ذكاء اليهود أنهم أرادوا إعدامه بعمل وقيعة بينه وبين الحاكم الرومانى، أو أن يرجموه هم أنفسهم لو حكم على هذه المرأة. لكنه كان بفضل الله أذكى منهم. فأحجم عن الإجابة، وأفهمهم أنه ليس هو المسِّيِّا. وبذلك لم يتعرض لقيصر أو يمكنهم من نفسه.
                      لكن بفرض أن يسوع هو المسِّيِّا: فهل أنقذ يسوع نفسه على حساب دينه؟ هل كان المعمدان، الذى قدم حياته ثمنًا لتمسكه بكتاب الله وشريعته، أشجع منه أوكثر ولاءً للتوراة من يسوع؟

                      تعليق

                      • abubakr_3
                        مشرف عام

                        • 15 يون, 2006
                        • 849
                        • مسلم

                        #26
                        س169- مرة أخرى: يقول يوحنا على لسان يسوع: (39فَقَالَ يَسُوعُ: «لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هَذَا الْعَالَمِ حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ».) يوحنا 9: 39
                        إن قول يسوع (حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ) مفهوم منطقيًا فإما أنهم عمى عن الحقيقة، وقد أرسله الله تعالى ليبين له الحق، ويبصروا رسالة الله الحقة إليهم، وهذا اعتراف بتحريف الكتب السابقة، وإلا لما كانوا عمى، ولما احتاجوا لنور الحق. وهذا هو المعنى القصود أساسًا، لأنه لم يقم بإذن الله بإبراء العمى فقط، وإلا لما علم فى المعبد، ولما كانت دعوته موجهة إلى خراف بيت إسرائيل الضالة فقط، ولقال للمرأة الكنعانية (لم أرسل إلا للعمى فقط) بدلا من قوله: (لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ) متى 15: 24
                        ولما أرسل تلاميذه إلى خراف بيت إسرائيل الضالة فقط: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-6
                        ومعنى ذلك أن العمى الذين يحتاجون لنور الحق هم خراف بيت إسرائيل الضالة.
                        وإمَّا أنه سيقوم بشفائهم بإذن الله، كما اعترف هو، وأقر معاصروه أنه لم يفعل شيئًا يقدرته، ولكنه كان دائم القول، أنه يفعل ذلك بحول الله وقدرته، وهذا المعنى غير مقصود بالمرة، لأن يسوع جاء معلمًا للحق، ومرشدًا إلى طريق الله المستقيم، والوصول إلى الطريق المستقيم يحتاج إلى نور الحق، وليس للبصر فقط، فكم من المبصرين يعمون عن الحق! لذلك جاءت دعوته إلى الخراف الضالة من بيت إسرائيل فقط:
                        لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.)
                        متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!)
                        يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                        وأن الله هو الذى يرشده ويعلمه: يوحنا 5: 36 (....... لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
                        يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
                        يوحنا 17: 4 (... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
                        وشهد بذلك تلميذه بطرس: أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
                        أما قوله (وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ) فهو موضع تساؤل وحيرة. فكيف يكون من أسباب مجيئه أن يُعمى الذين يبصرون؟ فلو كانت تعنى العمى عن الحقيقة، فهو قد جاء مضللا لمن يعرف الحق ويتبعه! ولو كانت تعنى العمى الحقيقى، فهو مفسد فى الأرض، ذو نفس شيطانية خبيثة (وحاشاه). فكيف يعمى الذين يبصرون بمجيئه؟
                        س170- إن عبادة الأوثان أو صناعة تمثال ما من المحرمات فى شريعة موسى، وكانت عقوبتها الرجم: (3لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. 4لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. 5لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلَهَكَ إِلَهٌ غَيُورٌ أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ) الخروج 20: 3-5، والتثنية 5: 7-9
                        إلا أن التاريخ يخبرنا أن الإمبراطور الرومانى كايجولا كسر ثلاث وصايا من وصايا الرب بتوحيده وإفراده فى العبادة، وعدم صنع تماثيل تًحاكى شيئًا فى الأرض أو السماء، وعدم عبادة أو السجود لأى تمثال، وأمر عام 40م أن يوضع له تمثالا واقفًا فى معبد اليهود بأورشليم، وأمر أن يُقابل تمثاله بكل خشوع واحترام، وأن يُألَّه من قبل اليهود.
                        كما أمر بنتيوس بيلاطس بسك عملات تحمل صورة قيصر، وكان لا بد أن تُدفع الضرائب بهذه النقود التى تحمل صورة القيصر. وهو خرق آخر لأحد قوانين موسى ووصايا الرب إليه بعدم صناعة تماثيل أو صور لآلهة أخرى أو اقتنائها أو السجود لها. وكانت تُجمع الضرائب بكل قسوة ووحشية من الناس، وكان يُمكن للمرء سماع أصوات الصراخ والعويل فى فلسطين من جراء التعذيب والتنكيل، الذى كان يقعل على كل يمتنع عن دفع الضرائب، أو يتهرب منها أو حتى غير قادر على دفعها.
                        يقول البروفيسور هانس شيندلر – بيلامى: إن وجود نقود عليها صورة كانت تُعد إساءة مضاعفة لليهودى المؤمن الورع، فهى تُعارض وصية الصور وصناعتها من ناحية، ويُعتبر التعامل بها فى التجارة أو دفع الضرائب نوع من عبادة الأوثان من ناحية أخرى. وعلى ذلك جاء سؤال الفريسيى ليسوع: (15حِينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. 16فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللَّهِ بِالْحَقِّ وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ. 17فَقُلْ لَنَا مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 18فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟19أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَاراً. 20فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» 21قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ».) متى 22: 15-21
                        وبذلك كانت إجابة يسوع دبلوماسية، وتخلص من الفخ الذى نسبه له الفريسيون، فلم يصدر حكمًا من ناحية، لأنه ليس بملك لليهود، وليس المسِّيِّا، والأخير هو الذى له وحده إصدار الأحكام. ولو فعل ذلك لقتله اليهود لادعائه المسِّيِّانية. ومن ناحية أخرى لم يناصب الإمبراطور العداء بمنع الجزية. ولو فعل ذلك لقتله الرومان أنفسهم.
                        والخلاصة أنه لم يطعن فى قيصر أو يعاديه، ولم يصدر حكمًا قضائيًا، لأن معاداة قيصر والقضاء على إمبراطوريته ليس من اختصاصه، بل من إختصاص المسِّيِّا. وبذلك حافظ أيضًا على الوصايا الإلهية لموسى عليهما السلام. وهذا ذكاء ربانى أمده الله به، ليتخلص من أعدائه.
                        ومن هنا جاءت نظرية مارتن لوثر بفصل الدين عن الدولة. إذ رى لوثر وجود ملكوتين أحدهما سماوى والآخر أرضى. وعلى الناس طاعة حاكم الملكوت الأرضى حتى ولو كان ظالمًا كافرًا، لا يتبع شرع الله ووصاياه، لأنه تعين من قبل الرب وبموافقته، ولا يصح الخروج عليه بأى صورة من الصور. وأشار إلى أن عدم طاعة آدم وحواء لوصية الرب لهما بعدم الأكل من الشجرة المحرمة عليهما، جاءت بالويلات على البشرية كلها.
                        كان هذا ما بناه مارتن لوثر على إجابة يسوع، الذى ترك ما لقيصر من ملكوت دنيوى، وترك للرب ملكوته. ويعلم الجميع أن لله ملك السموات والأرض، فكيف اقتطع لوثر جزءًا من ملوت الله وتركه لقيصر؟ فإن كان الملكوت هو حكم الله وشريعته ووصاياه للبشر فى أرضه، فكيف يكون هناك ملكوتان على أرض الله؟ كيف يشرك لوثر حاكمًا يتحدى الله بكفره ويدعى الألوهية فى حكم ملكوت الله؟
                        إلا أن النص اليونانى يقول بعكس ما بناه لوثر على إجابة يسوع هذه. فالنص اليونانى يقول (apodote) وهى تعنى (ارجع) وليس (اعط)، وعلى ذلك فيسوع يقصد (ارجع لقيصر نقوده الآثمة فى عين يسوع، وفى وصايا الرب، ولم يقبل يسوع بالمرة وجود ملكوتين كما فهم لوثر، ويفهم الكثير غيره. وهو بذلك يدين قيصر وسلطته، ولم يداهنه، ولم يقر إلا بسلطة الله وحده ولكوته. وهناك الكثير من أقوال يسوع التى تؤيد ما نقوله:
                        يوحنا 4: 34 (......... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
                        يوحنا 12: 49 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ.)
                        يوحنا 8: 40 (... وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...)
                        يوحنا 17: 4 (......... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
                        يوحنا 8: 29 (...... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
                        يوحنا 5: 24 (24اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.)
                        وعلى ذلك فإن خطأ الترجمة أطاح بما أراده يسوع تمامًا.
                        س171- يقول متى (1وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ. 2وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». 3فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدَّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ».) متى 8: 1-4؛ لوقا 5: 12-14؛ ومرقس 1: 40-44
                        إن صياغة هذا النص فى الأناجيل يشير إلى أن إرادة يسوع هى التى شفت الأبرص، حتى كتبتها الترجمة البولسية بوضوح شديد أنها ترجع إلى مشيئة يسوع: (3فمَدَّ [يسوعُ] يدَهُ، ولمسَهُ قائلاً: "لَقد شِئْتُ، فاطْهُرْ!" فطَهُرَ للوقتِ من برَصِه.)، وهكذا أيضًا ترجمتها الترجمة الكاثوليكية اليسوعية: (فَمدَّ يسوعُ يَدَه فَلَمَسَه وقال: ((قد شِئتُ فَابْرَاْ!)) فَبرِئَ مِن بَرَصِه لِوَقتِه.)
                        إن التعبير فى هذه النصوص مُخالف لما اعتدنا عليه من كلمات يسوع، فهو لم ينسب إلى نفسه عمل معجزة ما مطلقًا، بل كان يشترط إيمان المريض بالله، أنه هو الشافى ليبرئه بإذن الله.
                        يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ...)
                        يوحنا 5: 19 (19فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ.)
                        لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.)
                        متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!)
                        وقال أيضاً: يوحنا 5: 36 (36وَأَمَّا شأَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
                        يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
                        ويقول بطرس فى أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
                        ويقول نيقوديموس رئيس اليهود ليسوع: يوحنا 3: 2 («يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
                        وكان يرفع عينيه إلى السماء داعيًا الله تعالى ربه وخالقه أن يحقق المعجزة على يديه، ليؤمن الناس أنه رسوله إليهم،وليعرف الحاضرون أنه عملها بحول الله وقوته:
                        يوحنا 11: 41-42 (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
                        مرقس 7: 32-36 (32وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. 33فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ 34وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيماً. 36فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ.)
                        فعندما أراد إطعام الجمع: متى 14: 19 (أَخَذَ الأَرْغِفَةَ لْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ.)
                        لوقا 9: 16 (16فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ)
                        وعندما أراد أن يُخاطب الله ويدعوه: يوحنا 17: 1 (1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً)
                        وإذا ما عدنا إلى نص يسوع الأرامى لوجدنا تعبير (أريد فاطهر) قد كتبت هكذا: retsonjehitaher وهى قريبة فى الشكل من الكلمة retzonihitaher، وهذا التشابه أدى إلى خطأ من الكاتب أثناء النسخ، هذا إن أحسنا الظن به، حيث كانت تكتب الكلمات دون ترك فراغ بين الكلمة والأخرى. وتترجم أحدهما (أسأل الله تعالى أن يطهرك)، وتترجم الأخرى (إنى أريد فاطهر). ومن هنا يمكننا أن نعرف مقدار أهمية الترجمة الصحيحة لنصوص الكتاب، وهى تنفى بدون شك ألوهية يسوع المزعومة.
                        وخلاصة هذا الخطأ أنه بجهل المترجم أو بسوء نية منه تشوهت أقوال يسوع، ونقلته من عبد الله المخلص، المطيع لربه، إلى نبى كفر، وادعى أن المعجزات التى أمده الله بها، هى من عند نفسه، وأحالت أقواله السابقة عن ضغفه، وعن مساندة الله تعالى له، وتعليمه كل شىء إلى كذب بواح.
                        إلا أننا هنا لا يجب أن نغفل نقطة أخرى وهى أنه عندما كان يُحيل يسوع من يشفيهم إلى الكاهن، لكى يُسمح لهم بالرجوع إلى قريتهم، ومخالطة الناس، ورفع الحذر عن التعامل معه، ورفع الألم النفسى عن المريض فى نبذ الناس له، ولكى يثبت الكاهن براءة المريض من البرص، أو العمى أو غيره، وبالتالى يسجلها الكاهن فى سجلات المعبد، ويطالبه بالتقدمة التى نصت عليها تعاليم الرب لموسى. وهذا يعنى أنه كان يتمسك بكل تعاليم موسى والأنبياء السابقين له. الأمر الذى ينفى عنه الألوهية، لأنه لا يمكن أن يوجد إله يصبح تابعًا لأحد أنبيائه. ويثبت أن بولس ضلل المسيحيين بإلغائه للناموس من أجل ضعفه وعدم نفعه.
                        س172- من هو توما هذا؟ ولمن كان توأمًا؟
                        ذكرت دائرة المعارف الكتابية أنها كلمة آرامية تعنى التوأم، ولكنها لم تذكر نسبه كاملا، ولم تعرفنا من كان توأمه. ولكن موسوعة الويكيبيديا وغيرها تؤكد أن توما هو (يهوذا توما ديديموس)
                        (16فَقَالَ تُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ ...) يوحنا 11: 16؛ و20: 24؛ و21: 2
                        (16يَهُوذَا بْنَ يَعْقُوبَ وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي صَارَ مُسَلِّماً أَيْضاً.) لوقا 6: 16 ترجمة الكتاب المقدس نسخة الإنترنت، والترجمة الكاثوليكية اليسوعية، والترجمة العربية المشتركة.
                        وجاءت فى الترجمة البولسية وترجمة الحياة والفاندايك طبعة 1989، بكلمة (اخا أو أخو يعقوب). وهذا ما أقرته أيضًا دائرة المعارف الكتابية مادة يهوذا أخو الرب.
                        لكن لماذا هذا التغيير؟ ويهوذا هذا هو يهوذا توماس المشهور بالتوأم. والتحريف هنا هو تغييرهم لكلمة (يهوذا بن يعقوب) حيث جاءت فى أقدم النسخ (يهوذا أخو يعقوب)، ومن المعلوم أن يعقوب هذا أخو يسوع، لينتفى القول بأن توما هو توأم يسوع.
                        لاحظ تغيير ترجمة (NKJV) لترجمة (KJV) القديمة، بعد أن أثارت كلمة أخو مشاكل لديهم. ولاحظ التراجم التى وضعت كلمة أخو بين قوسين، ولاحظ الترجمة التى لم تكتب أخو ولا ابن، بل ترجمتها بكلمة of التى تشير إلى الانتماء (YLT):
                        KJV
                        And Judas [the brother] of James, and Judas Iscariot, which also was the traitor.

                        NKJV
                        Judas the son of James, and Judas Iscariot who also became a traitor.

                        NLT
                        Judas (son of James), Judas Iscariot (who later betrayed him).

                        NIV
                        Judas son of James, and Judas Iscariot, who became a traitor.

                        ESV
                        and Judas the son of James, and Judas Iscariot, who became a traitor.

                        NASB
                        Judas the son of James, and Judas Iscariot, who became a traitor.

                        RSV
                        and Judas the son of James, and Judas Iscariot, who became a traitor.

                        ASV
                        and Judas [the son] of James, and Judas Iscariot, who became a traitor;

                        YLT
                        Judas of James, and Judas Iscariot, who also became betrayer

                        DBY
                        [and] Judas [brother] of James, and Judas Iscariote, who was also [his] betrayer;

                        WEB
                        And Judas [the brother] of James, and Judas Iscariot, who also was the traitor.

                        س173- كنا قد تكلمنا من قبل عن النبوءة التى تقول إن يسوع سكن الناصرة حتى يُدعى ناصريًا، وقلنا لا توجد مثل هذه النبوءة فى طول الكتاب وعرضه، بل لم توجد مدينة بهذا الاسم من زمن يسوع وحتى القرن الرابع.
                        أما بالنسبة لعلم الآثار فهو لا يعترف بوجود مثل هذه القرية الإنجيلية فى زمن بعثة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام. فهى لم تُذكر قط فى العهد القديم، على الرغم من أن سفر يشوع 19: 10-16 قد ذكر اثنى عشر مدينة، وستة قرى من نصيب سبط زوبولون، ومع ذلك فلم يعرف شيئًا عن الناصرة، وليس لها وجود فى كتابات الربانيين.
                        كما لم تظهر فى كتابات من كتبوا عن تاريخ وجغرافيا فلسطين حتى القرن الرابع الميلادى. فلم يذكرها كل من فيلو الفيلسوف اليهودى السكندرى، كما لم يعرف عنها شيئاً المؤرخ اليهودى يوسيفوس، فتجده يذكر الكثير عن الجليل (900 ميلاً مربعاً)، إلا أنه لا يعرف شيئاً عن هذه المدينة. فقد ذكر 45 مدينة وقرية فى الجليل من المدن والقرى الهامة وغير الهامة فى كتابيه ”الحروب اليهودية“ و”تاريخ اليهود“. كذلك تجده يذكر قرية يافا الواقعة جنوب الناصرة على بعد ميل واحد من الجنوب الغربى، والتى عاش هو نفسه فيها.
                        وجدير بالذكر أن هذين المؤرخين عاصرا زمن عيسى عليه السلام.
                        كما لا نجد لها وجود فى كل رسائل بولس، وباقى كتب العهد الجديد التى كتبت قبل زمن تدوين الأناجيل.
                        ولم يعرف التلمود عنها شيئًا، على الرغم من أنه ذكر 63 مدينة فى الجليل. كذلك لم يظهر اسمها فى أدب الربانيين. فتجد أن رسائل الربانى Sollys قد ذكرت يسوع 221 مرة، ولم تذكر الناصرة مرة واحدة.
                        كذلك لم يعرفها أحد من المؤرخين القدماء أو الجغرافيين، ولم يرد ذكرها إلا ابتداءًا من القرن الرابع الميلادى.
                        كذلك يقول المواقع المذكورة أدناه إن مدينة الناصرة تقع على الشاطىء الغربى لبحيرة طبرية. بينما كان يعيش عيسى عليه السلام فى مدينة أخرى شرق بحيرة طبرية. ونلمس ذلك على سبيل المثال من قول متى: (34فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ) متى 14: 34 ومثله (مرقس 6: 53). ومعلوم أن جنيسارت تقع غربى البحيرة ، وهذا معناه أن بلدته تقع شرق البحيرة. حيث مرتفعات الجولان.
                        يقول لوقا: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ .. .. .. .. 14وَرَجَعَ يَسُوعُ بِقُوَّةِ الرُّوحِ إِلَى الْجَلِيلِ وَخَرَجَ خَبَرٌ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ.) لوقا 4: 1 ، 14.
                        ومعنى هذا أنه كان يسكن بالقرب من شاطىء بحيرة طبرية.
                        إضافة إلى ذلك حاول القوم قذفه من أعلى أحد الجبال هناك: (28فَامْتَلَأَ غَضَباً جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ حِينَ سَمِعُوا هَذَا 29فَقَامُوا وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافَّةَِ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَلُ. 30أَمَّا هُوَ فَجَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى.) لوقا 4: 28-30
                        وهاتان العلامتان لاتتوفران فى مدينة الناصرة (كما يقول العميد مهندس جمال الدين شرقاوى ، إذ أن المسافة بينها وبين شاطىء البحيرة لا تقل عن مسيرة يومين صعودًا وهبوطًا للمرتفعات ، التى يجتازها القادم من الناصرة إلى البحيرة. كما أن الأناجيل تذكر لنا صراحة أن المسيح عليه السلام بعد تعميده على يد المعمدان عاد إلى الجليل وسكن فى بلدة كفر ناحوم (متى 4: 13 ؛ مرقس 2: 1 ، 9: 33) وفى (متى 9: 1) يُذكر أن اسم بلدة يسوع هى كفر ناحوم قريبة من شاطىء البحيرة ، وتقع فى منطقة جبلية أيضًا، ولكنها غربى البحيرة أيضًا.
                        إلا أن سفر القضاة يتكلم عن نذير سوف يُخلص الإسرائيليين من يد الفلسطينيين: (3فَتَرَاءَى مَلاَكُ الرَّبِّ لِلْمَرْأَةِ وَقَالَ لَهَا: «هَا أَنْتِ عَاقِرٌ لَمْ تَلِدِي، وَلَكِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً 4وَالآنَ فَاحْذَرِي وَلاَ تَشْرَبِي خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئاً نَجِساً. 5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً، وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيراً لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».) لقضاة 13: 3-5
                        وهذا النص لا علاقة له بيسوع: لأن يسوع قد شرب الخمر، بل حوَّل الماء الطاهر إلى خمر معتقة فى عرس قانا. ولم يخلص بنى إسرائيل من يد الفلسطينيين، بل كان هو نفسه فلسطينى المولد والأم.
                        ولكن إذا ما رجعنا إلى الكلمة العبرية لوجدنا تشابه بين كلمة ناصرى عند متى وكلمة (نذير) فى القضاة Nasir أو Nasirنer، وهى تعنى فى القاموس العبرى الأرامى للعهد القديم ذلك الشخص المنذور لله. ولا علاقة لهذه الكلمة بكلمة مدينة الناصرة مطلقًا. ولا يوجد فى النص ما يُشير إلى مدينة أو قرية بهذا الاسم. وهذا الطفل المنذور لله فى سفر القضاة هو سمعان، ولا علاقة له مطلقًا بوحى ملاك الرب ليوسف.
                        وقد يكون هناك تلميح إلى ما ذكره إشعياء، وهى نبوءة عن المسِّيِّا (1وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ 2وَيَحِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ.) إشعياء 11: 1-2
                        وهذا لا ينطبق على يسوع بأى حال من الأحوال: فهو ليس من فرع يس (أب داود)، وليس من نسل داود، بل هارونى (ارجع إلى الجزء الثانى من هذا الكتاب)، فالمسِّيِّا سيكون بشرًا، نبيًا، خاضعًا لله، يخشاه، وهذا لا يليق بيسوع الإله عندكم! فهل كان يخشى نفسه؟ هل كانت روح الآب عليه وهو الآب واحد؟ وهناك صفات أخرى للمسِّيِّا لا تنطبق على يسوع بأى حال من الأحوال، منها أنه مقاتل، محارب، سيخلص بنى إسرائيل من أعدائهم، وسيقضى على الإمبراطورية الرومانية (دانيال).
                        بل إن يسوع نفى ما يذكره إشعياء هنا، من أن المسِّيِّا سيخرج من صلب داود، بل لن يكون من بنى إسرائيل، الذين سيحرمهم الله من ملكوته، وسوف يعطيه لأمة أخرى تعمل أثماره: (40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 40-44
                        ونفى عن نفسه أن يكون هو المسِّيِّا، وتكلم عنه بصيغة الغائب: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
                        لكن أين هى العلاقة بين ما قاله إشعياء ومدينة الناصرة؟ إن كلمة (فرع) بالعبرية تعنى nezer، وهى تشير إلى المسِّيِّا ، ولا علاقة لها بأحد سكان مدينة الناصرة.
                        ولو افترضنا وجود مثل هذه النبوءة يومًا من الأيام، وفُقدت. ألا يدل هذا على عدم حفظ الرب لهذا الكتاب، وأن به نصوص تعرضت للحذف، والإضافة، والتخريب المتعمَّد وغير المتعمَّد؟
                        يقول المدخل إلى الكتاب المقدس فى مقدمة الترجمة الكاثوليكية اليسوعية فى ص (خ): إن ”أسفار الكتاب المقدس هى عمل مؤلفين ومحرِّرين عُرفوا بأنهم لسان حال الله فى وسط شعبهم. ظلَّ عدد كبير منهم مجهولاً، لكنهم على كل حال، لم يكونوا منفردين، لأن الشعب كان يساندهم... وقبل أن تتّخذ كتبهم صيغتها النهائية، انتشرت زمنًا طويلاً بين الشعب وهى تحمل آثار ردود فعل القرّاء، فى شكل تنقيحات وتعليقات وحتى فى شكل إعادة صيغة بعض النصوص إلى حد هامّ أو قليل الأهمية. لا بل أحدثُ الأسفار ما هى أحيانًا إلا تفسير وتحديث لكتب قديمة.“
                        لقد صدق علماء نصوص الكتاب المقدس حينما قالوا فى المدخل إلى العهد الجديد لطبعة الآباء اليسوعيين ص12: ”ليس فى هذه المخطوطات كتاب واحد بخط المؤلف نفسه ، بل هى كلها نسخ أو نسخ النسخ للكتب التى خطتها يد المؤلف نفسه أو أملاها إملاءً. .. .. .. إن نسخ العهد الجديد التى وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية ، ولكن عددها كثير جداً على كل حال. هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو والألفاظ أو ترتيب الكلام ، ولكن هناك فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها. .. .. .. فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نسَّاخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التى تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت، مهما بُذِلَ من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذى أُخذت عنه. يُضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحيانًا، عن حُسن نية، أن يصوِّبوا ما جاء فى مثالهم وبدا لهم أنه يحتوى أخطاء واضحة أو قلّة دقة فى التعبير اللاهوتى. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأً. ثم يمكن أن يُضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد فى أثناء إقامة شعائر العبادة أدّى أحياناً كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ. ومن الواضح أن ما أدخله النسَّاخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذى وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلاً بمختلف ألوان التبديل ظهرت فى عدد كبير من القراءات. والمثال الأعلى الذى يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يُمحِّص هذه الوثائق لكى يقيم نصَّاً يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول، ولا يُرجى فى حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه“.
                        وهل استعمل يوسف تشابه كلمة nezer مع كلمة Nazareth حتى تنطبق هذه النبوءة على يسوع؟ فإن وافقتم على ذلك تعرضتم لعدة مشاكل منها:
                        1- إن النص اليونانى لا يتكلم عن ناصرى Nazareth ، ولكنه يتكلم عن Nazorنer، أى إن معنى لكى يُدعى Nazorنer لا تعنى من قريب أو بعيد الناصرى ساكن ما تُسمى مدينة الناصرة. التى لم يكن لها وجود فى حياة يسوع بالقرب من يافا فى الجليل.
                        2- وهذا سيثير الشكوك فى قلوب المؤمنون دون بحث أو تقصى عن حقائق إيمانهم حول الأماكن المقدسة التى نشاهدها اليوم، وهل لها علاقة بالمرة بهذا التاريخ المسيحى؟ وهو نفس مايثيره اليوم العلماء أنفسهم تجاه تاريخية أحداث الكتاب المقدس، وتكذيب ذلك من علم الآثار والمكتشفات الحديثة.
                        ونقلا عن كتاب (مكة فى الكتاب المقدس لعلاء أبو بكر) يقول العلمانى الدكتور بشار خليف فى مقاله (التوراة .. انتحالات وتزييف) على شبكة النت: «فقد أجمعت الدراسات الأنثروبولوجية والأثنولوجية على استحالة رد شعب من الشعوب إلى جد واحد. ونحن نعتقد أن أخذ كتّاب التوراة بمفهوم العنصر كان طبيعيًا كون أنهم بقوا على خصائصهم الرعوية القبلية بما يحتم البحث عن جدّ تؤدى له فروض القداسة.
                        وعليه فلا عجب مثلاً أن نجد في التوراة – سفر التكوين، أن العيلاميين واللوديين اُعتبروا ساميين وما هم بذلك. وأن الكنعانيين عُدّوا من الكاشيين، وأن الحثيين من ذرية كنعان أما العموريون فهم حاميون !.»
                        «والغريب أن كتّاب التوراة لم يعوا حقيقة التسلسل الزمني والتاريخي. فإن كان ابراهيم التوراتي الذين يتحدرون منه هو "آرامياً تائهاً" كما ورد في سفر التكوين فإن الحقيقة العلمية تقول أن في هذا الزمن لم يكن ثمة تواجد للآراميين في المشرق العربي بما يعطي دليلاً أكيداً على أن كتابة التوراة حصلت في الألف الأول قبل الميلاد.»
                        «أيضاً ذكر سفر التكوين أن ابراهيم التوراتي كان في مدينة أور الرافدية لكن الحقائق الأثرية والتاريخية تؤكد أن أور دمرت على يد العيلاميين سنة /2008 / ق. م. ولم تقم لها قائمة بعد ذلك.»
                        «كما تم وصف مدينة أور بأنها كلدانية والمعلوم أن الكلدانيين يعودون إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد أي زمن تدوين التوراة.»
                        «كذلك فإن المشرق العربي مع مطالع الألف الثاني قبل الميلاد / الزمن المفترض لابراهيم التوراتي / كان يعجّ بالمدن والفاعلية الحضارية ولعل وثائق هذه الفترة تتعدى نصف مليون وثيقة مسمارية من كافة مواقع المشرق بحيث أنها لم تشر إلى وجود ابراهيم التوراتي ومغامراته وقصة عبوره إلى فلسطين.
                        وعلى هذا بتنا نفهم مقولة الباحث" إيسفيليت": "أن التوراة لم تكن تاريخاً تحول إلى خيال بل خيالاً تحول إلى تاريخ" (1) [الترقيم هذا فى مقال الدكتور]
                        أما ماير فيقول: "إن كامل سفر التكوين برواياته عن الآباء والأسلاف / ابراهيم – اسحاق – يعقوب / لبني إسرائيل لا علاقة له بالتاريخ ويجب تصنيفه في زمرة الخيال الأدبي" (2)
                        وينضم ماك كارتر إلى نقطة متقدمة في الإيضاح في نقده لقصة اختلاق ابراهيم التوراتي والآباء التوراتيين حيث يقول: "علينا أن نكون حذرين في دراستنا لروايات الآباء التوراتيين، فهذه الروايات إيديولوجيا وليست تاريخاً. لقد صيغت في الألف الأول قبل الميلاد / أثناء السبي / من أجل التأسيس اللاهوتي والسياسي للشعب الإسرائيلي. لهذا لا يمكن التعامل معها كتاريخ بأي معنى من المعاني الحديثة لهذه الكلمة" (3)
                        ويذكر الهولندي "هوفت جزر" في كتابه "الوعود الإلهية للآباء الثلاثة":
                        "إن كل الوعود التي جاءت على لسان ابراهيم واسحاق ويعقوب بالأرض، تعود إلى وقت واحد في عصر متأخر جداً من زمن الآباء / المفترض/. وكانت هذه الوعود تظهر من قبل أحبار اليهود أثناء الأزمات والأخطار التي كانت تهدد وجودهم. ومعظم هذه الروايات كتبت أثناء السبي البابلي" (4).»
                        «ويشير "كاسيدوفسكي" إلى أن الأمانة التاريخية كانت غريبة على كتّاب التوراة، حيث استخدموا الأساطير التي تتوارثها الأجيال / المشرقية / شفهياً كي يثبتوا أن يهوه هو الذي يتحكم بمصير شعبه المختار منذ أيام ابراهيم. ولكن لحسن الحظ / والقول لكاسيدوفسكي / عند العلماء والباحثين أن الكهنة لم يستطيعوا أن يكونوا منطقيين في عملهم التحويري والتحريضي هذا، فقد تركوا في النصوص التوراتية الكثير من التفصيلات التي أعطتها صلة وثيقة مع ثقافة الرافدين.
                        ويصل للقول: لقد كانت ثقافات السومريين والأكاديين والآشوريين والبابليين هي الأصول القديمة لتلك التفصيلات (5).»
                        ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «قالت الباحثة ”مارغريت ستينر“: إن بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد،ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت أيضًا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).» ومعنى ذلك تكذيب ما يسمونها التوراة فيما روته عن روايات الكهنة والقصاصين.
                        وأضاف قائلاً: «أما عالم الاثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن اسرائيل القديمة توصل علماء الاثار الى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك اي شئ على الاطلاق، حكايات الاباء مجرد اساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)»
                        ويقول توماس طومسون أستاذ علم الآثار فى جامعة ماركويت فى ميلووكى بالولايات المتحدة الأمريكية في كتابه "الماضي الخرافي – التوراة والتاريخ": "لقد بات واضحاً الآن أن الثقة السابقة في وجهة النظر القائلة بأن كتاب التوراة هو وثيقة تاريخية هي في طور الانهيار. فقد تم التعبير عن الشك الواسع الانتشار ليس فقط حول تاريخية آباء سفر التكوين بل تاريخية القصص حول موسى ويشوع والقضاة أيضاً".» (6)
                        «ويشير الباحث "سارنا" sarna في معرض نفيه لأسطورة الخروج من مصر:
                        "إن خلاصة البحث الأكاديمي حول مسألة تاريخية قصة الخروج، تشير إلى أن الرواية التوراتية تقف وحيدة دون سند من شاهد خارجي، كما أنها مليئة بالتعقيدات الداخلية التي يصعب حلها. كل هذا لا يساعدنا على وضع أحداث هذه القصة ضمن إطار تاريخي. يضاف إلى ذلك أن النص التوراتي يحتم محددات داخلية ذاتية ناشئة عن مقاصد وأهداف المؤلفين التوراتيين، فهؤلاء لم يكونوا يكتبون تاريخاً وإنما يعملون على إيراد تفسيرات لاهوتية لأحداث تاريخية منتقاة. وقد تمت صياغة هذه الروايات بما يتلاءم مع هذه المقاصد والأهداف. ومن هنا فإننا يجب أن نقرأها ونستخدمها تبعاً لذلك.»
                        ويصل فى نهاية الأبحاث والحفريات الأثارية إلى هذه النتيجة: «وفي النتيجة يمكن النظر إلى أن ما كتبه الأحبار في سفر الخروج لا يعدو كونه حكايا وخبرات اختزنوها أثناء تجوال العبرانيين بين شمال الجزيرة العربية وسيناء وأطراف كنعان بحيث أسدلوا عليها رداءاً إلهياً وأسقطوها على شخصية مفترضة هي موسى الذي جعلوه نبياً كتب الأسفار الخمسة الأولى من التوراة.»
                        «والغريب أن يرد في سفر التثنية/ الإصحاح الرابع والثلاثين – السطر العاشر / أنه "لم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى". ولكن الحقائق العلمية تؤكد أن كلمة "نبي" لم تدخل قاموس اللغة اليهودية القديمة إلا في زمن متأخر جداً عن عهد موسى المفترض في التوراة!.»
                        وخلص الدكتور بشار خليف إلى قوله: و«الجدير ذكره هنا هو أن التقليد الديني في أوروبا أكد طوال قرون طويلة أن موسى هو مؤلف الكتب الخمسة الأولى من التوراة، ولكن عندما تجرأ الفيلسوف اليهودي سبينوزا (1632-1677)م وأعلن عن شكّه في صحة ذلك التقليد تم طرده من الكنيسة / أمستردام / وأعلنته هرطقياً. وقد سبق سبينوزا إلى هذا الكثير من الفلاسفة والعلماء أمثال: فيلون ويوسف فلافي وابن عزرا وأوريل وداكوست وغيرهم.»
                        «وينفي بدوره وليم ديفر روايات الآباء والخروج ويشوع حيث يقول:
                        "إننا لا نستطيع اليوم أن نبحث عن التاريخ في روايات الآباء والخروج ويشوع. وبصورة خاصة فإن إثبات الفتح العسكري لأرض كنعان/ كما ورد في سفر يشوع / قد غدا مجهولاً لا طائل منه بعد أن جاءت كل الشواهد الأثرية مناقضة له".(13)»
                        يواصل الدكتور بشار خليف قائلاً: «الجدير ذكره هنا هو أن سفر يشوع يتحدث عن اقتحام عسكري لبلاد كنعان من قبل العبرانيين، في حين أن سفر القضاة يتحدث عن دخول سلمي لهم إلى كنعان.»
                        ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «وبعد سنين من المسح والدراسة توصلوا لنتيجة مفادها ان المسح لا يشير الى احتمالية قيام مدن (او حتى بلدات) في منطقة اورشليم قبل عصر الحديد الثاني (اي قبل 1000 ق.م)، الأمر الذي دفع فنكلشتاين، وهو مدير كلية الآثار في تل ابيب، في نهاية المطاف للقول: (أبحاثنا صفعت بشدة مشايخ الصهيونية الذين انشأوا إسرائيل والذين يريدوننا كما (ايغال يادين) ان نحمل لهم ما يؤكد النص لا العكس).»
                        وتوصلت ستينر إلى أن «بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد، ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت ايضا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).
                        أما عالم الاثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن اسرائيل القديمة توصل علماء الاثار الى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك اي شئ على الاطلاق، حكايات الاباء مجرد اساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)». مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك دراسة تعتمد أن مصر التى كان بها بنو إسرائيل هى قرية أو بلدة فى اليمن، وقت أن كانت واقعة تحت السيادة المصرية وحكم فرعون. (الراية القطرية 14/1/2006)
                        ويؤكد البروفيسور اليهودي "إسرائيل شاحاك" فى كتابه (الديانة اليهودية وموقفها من غير اليهود) ص50-52 ما ذهب إليه العلماء السابقين من أن الديانة اليهودية ليست إلا ديانة وثنية، تمتد جذورها إلى الثقافات الوثنية التى كانت تترعرع فى البيئة التى كانوا يعيشون فيها: (أن الديانة اليهودية هي، وكانت دائمًا، ديانة توحيد كما يُعرف في الوقت الراهن كثير من العلماء التوراتيين، وكما تُبين أي قراءة متأنية للعهد القديم بسهولة، فإن هذا الرأي اللا تاريخي خاطئ تمامًا. هناك في كثير من، إن لم نقل في كل أسفار العهد القديم حضور وسلطة لأرباب آخرين معترف بهم صراحة، لكن يهوه أقوى الأرباب، غيور جدًا من منافسيه ويحظر على شعبه عبادتهم. ولا يظهر إلا في نهاية التوراة فقط، لدى بعض الأنبياء المتأخرين، إنكار لوجود جميع الأرباب ما عدا يهوه).
                        الأمر الذى دفع دوائر المعارف العالمية وعلماء الآثار والتاريخ والدين اليهود أنفسهم أن يعترفوا بما أصاب كتابهم المنسوب للرب من تحريف وتنقيح. فتقول جاء "دائرة معارف لاروس" إن: "موسى ولد 1571، وتوفى 1451 ق.م. وقد أسس مدنية وديناً" ولا نملك الكتاب الحقيقي لشريعته، فقد نسبت إليه التوراة أو الكتب الخمسة الأولى من الكتاب المقدس، ولكن هذه التوراة حاملة لآثار لا نزاع فيها من الحواشي والتنقيحات، ومن علاقات أخرى تدل على أنها ألفت بعد الزمان الذي مات فيه موسى بعهد طويل". (أنور الجندي، الإسلام والفلسفات القديمة، دار الاعتصام-القاهرة، ص27).
                        وقد أقر الدكتور هربرت لوي اليهودي في كتابه "أديان العالم الكبرى" نقلا عن (أنور الجندي، المرجع السابق، ص38-39): "إن هناك عقائد دخيلة انسابت إلى اليهودية عن فارس وبابل والإغريق لا سند لها في اليهودية بالذات"
                        ويقول السموأل بن يحيى المغربي (أحد حاخامات اليهود الذين أسلموا في المغرب)، إفحام اليهود وقصة إسلام سموأل ورؤياه النبي، تعليق وتحقيق وتقديم الدكتور محمد عبد الله الشرقاوي من ص 135-139: لا يعتقد أحد من علماء اليهود وأحبارهم أن هذه التوراة التي بأيديهم "أنها المنزلة على موسى ألبته؛ لأن موسى صان التوراة عن بني إسرائيل، ولم يبثها فيهم، وإنما سلمها إلى عشيرته، أولاد ليوى، ودليل ذلك قول التوراة: "وكتب موسى هذه التوراة، ورفعها إلى الأئمة حتى ليو"... ولم يبذل موسى من التوراة لبني إسرائيل إلا نصف سورة يقال لها: "هاأزينو" ... وأيضاً إن الله قال لموسى عن هذه السورة : "وتكون لي هذه السورة، شاهداً على بني إسرائيل" وأيضاً إن الله قال لموسى عن هذه السورة: "لأن هذه السورة لا تنسى، أفواه أولادهم". ويعني ذلك أن هذه السورة مشتملة على ذم طباعهم وأنهم سيخالفون شرائع التوراة، وأن السخط يأتيهم بعد ذلك، وتخرب ديارهم ويشتتون في البلاد. فأما بقية التوراة، فدفعها إلى أولاد هارون، وجعلها فيهم، وصانها عن سواهم. وهؤلاء الأئمة الهارونيون الذين كانوا يعرفون التوراة ويحفظون أكثرها، قتلهم "بخت نصر" على دم واحد، يوم فتح بيت المقدس... فلما رأى "عزرا" أن القوم قد أُحرق هيكلهم وزالت دولتهم وتفرق جمعهم ورفع كتابهم، جمع من محفوظاته ومن الفصول التي يحفظها الكهنة، ما لفق منه هذه التوراة التي بأيديهم الآن"
                        وقد حاول المؤرخ المعروف ول ديورانت (فى قصة الحضارة-الشرق الأدنى، ترجمة محمد بدران، المجلد الأول، ج2، ص27) إحصاء مصادر الفكر اليهودي فلم يكد يغادر من أسطورة أو فكرة وثنية مما سبق تاريخ دينهم أو عاصره من أساطير بابل أو أساطير الجزيرة العربية، والمصادر السومرية، والقصص الشعبية في مصر والهند والفرس واليونان والتبت، والفكر الفرعوني القديم، والفكر الفارسي، وشريعة حمورابي، إلا ووجد أنها جميعاً كانت منبعًا غزيرًا لأسفار العهد القديم. لذلك قرر أن: أسفار العهد القديم جُمِعت لأول مرة في بابل وظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد، ويظهر اسم الكاهن (عزرا) مرتبطاً بتدوين التوراة.
                        ويقول الدكتور أحمد سوسة فى كتابه (العرب واليهود في التاريخ) ص274 إن العالم اليهودي سيلفر يعترف بأن التوراة الحالية لا تمثل توراة موسى الأصلية في أية ناحية وحتى الوصايا العشر التي يكاد العلماء يجمعون أنها الشيء الوحيد المتبقي من التوراة الأصلية لم تكن في شكلها ومضمونها كتلك التي أتي بها موسى.
                        ويواصل الدكتور أحمد سوسة فى نقل اعترافات علماء العهد القديم ص274 قائلا: يعلن مورتكات في كتابه "تاريخ الشرق الأدنى" صراحة بأن التوراة كتاب أسطوري لا دليل على صحة أساطيره فيقول: "لا يمكن الاعتماد من الناحية العلمية على أساطير التوراة التي برهنت الأبحاث الأثرية على عدم صحة تلك الأساطير التي وردت فيها وتوجد أبحاث تبرهن عكس هذه الأساطير".
                        الأمر الذى دعا شربنتية أصطفان إلى وصفه بالكتاب بأنه محير: "إن الكتاب المقدس لا سيما العهد القديم كتاب محير نعلم قبل أن نفتحه أنه الكتاب المقدس عند اليهود و(المسيحيين) ونتوقع أن نجد فيه كلام الله غير ممزوج بأي شيء: أي نوعاً من كتاب للتعليم أو اللاهوت الأدبي. وعندما نفتحه نجد فيه قصصاً من ماضي (شعب) صغير قصصاً كثيراً ما تكون لا فائدة منها فيها روايات لا نستطيع أن نقرأها بصوت مرتفع دون أن نخجل منها، وحروباً واعتداءات وقصائد لا تحملنا على الصلاة وإن سميناها مزامير، وفضائح من أخلاقية قد تخطاها الزمن وكثيراً ما هي مبغضة للنساء، كتاب محير ولكن هل هو كتاب". نقلا عن عبد المجيد همّو: "التوراة من كتبها وكيف"، ص 36.
                        لذلك انتهى بحق أبو الحسن الندوي في كتابه "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين": ط 11، ص191: "... إنهم دسوا في كتبهم الدينية المقدسة معلومات بشرية ومسلمات عصرية عن التاريخ والجغرافيا والعلوم الطبيعية ربما كانت أقصى ما وصلوا إليه من العلم في ذلك العصر. وكانت حقائق راهنة لا يشك فيها رجال ذلك العصر. ولكنها ليست أقصى ما وصل إليه العلم الإنساني".
                        ويضيف الندوى: "ولم يكتف رجال الدين بما أدخلوه في كتبهم المقدسة، بل قد دسوا كل ما تناقلته الألسن واشتهر بين الناس وذكره بعض شُراح التوراة والإنجيل ومفسريها من معلومات جغرافية وتاريخية وطبيعية وصبغوها صبغة دينية وعدوها من تعاليم الدين وأصوله التي يجب الاعتقاد بها ونبذ كل ما يعارضها"
                        ويقول باحث التاريخ الدكتور ياسين سويد فى مقاله (تزوير التوراة): «ويرى سبينوزا أن المعلومات التاريخية عن الكتاب المقدس، "ناقصة، بل وكاذبة"، وان الأسس التي تقوم عليها معرفة هذا الكتاب "غير كافية، ليس فقط من حيث الكم" بحيث لم نستطيع ان نقيمها بشكل صحيح، "بل إنها، أيضًا، معيبة من حيث الكيف"، ولكن الناس المتشبثين بآرائهم الدينية يرفضون "أن يصحح أحد آراءهم" هذه، بل إنهم "يدافعون بعناد" عن هذه الآراء، مهما كانت مغلوطة ومشوشة، كما يدافعون عن "الاحكام المسبقة… التي يتمسكون بها باسم الدين". وهكذا لم يعد العقل مقبولا "إلا عند عدد قليل نسبيًا"»
                        «واستنادا إلى هذه النظريات، يثير سبينوزا تساؤلات مهمة حول اسفار العهد القديم عموما، واسفار التوراة خصوصا، ثم يقرر ما يلي، معتمدا في تقريره على (ابن عزرا): "ان موسى ليس هو مؤلف الاسفار الخمسة (التوراة) بل ان مؤلفها شخص اخر عاش بعد بزمن طويل، وأن موسى كتب سفرا مختلفا»
                        ونقلا بتصرف بسيط عن الدكتور ياسين فى مقاله سابق الذكر: واستند اسبينوزا فى بحثه هذا إلى البراهين التالية:
                        1- ”لم يكتب موسى  مقدمة التثنية لأنه لم يعبر الاردن.“
                        2- ”كان سفر موسى  في حجمه، أقل بكثير من الأسفار الخمسة“ (فقد كتب السفر كله على حافة مذبح واحد، كما سبق لى أن بيَّنت ، ووفقا لما جاء في التثنية 27: 3 ويشوع 8: 32)
                        3- يحكى سفر التثنية بصيغة الغائب عن موسى  ففيه على سبيل المثال: قال موسى لله، وذهب موسى، وكلم الرب موسى، ودعا الرب موسى، وغضب موسى على ضباط الجيش وكتب موسى  هذه التوراة .. إلخ: (9وَكَتَبَ مُوسَى هَذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلمَهَا لِلكَهَنَةِ بَنِي لاوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيل.) تثنية 31: 9، بالاضافة إلى ان سفر التثنية قد روى قصة وفاة موسى ودفنه، وهي قصة لا بد من أن تكون خارجة عن نطاق أعمال موسى .
                        4- عندما يتحدث الراوى، في سفر التكوين (الاصحاح 12) عن رحلة ابراهيم  فى أرض كنعان، يقول: «والكنعانيون حينئذ في الارض» مما يدل على أنهم، أي الكنعانيين، لم يكونوا في هذه الارض عندما كتب هذا الكلام، مما يعني ان هذا الكلام قد كتب بعد موسى، وبعد أن طرد الكنعانيون ولم يعودوا يشغلون هذه المناطق"، وبالتالي، فإن الراوي ”لم يكن موسى، لان الكنعانيين في زمان موسى، كانوا لا يزالون يملكون هذه الارض.“
                        5- ورد في سفر التكوين (22: 14) أن "جبل موريا سمي جبل الله" إلا أن ذلك الجبل لم يحمل هذا الاسم "إلا بعد الشروع فى بناء المعبد"
                        ويستطرد سبينوزا: ”والواقع أن موسى لا يشير إلى أي مكان اختاره الله، بل إنه تنبأ بأن الله سيختار، بعد ذلك، مكانا سيطلق عليه اسم الله.“
                        6- ورد في سفر التثنية (3: 11) عبارة خاصة بعوج ملك باشان: "وعوج هذا هو، وحده، بقي من الرفائيين، وسريره سرير من حديد، أو ليس هو في ربة بني عمون؟ طوله تسع اذرع وعرضه اربع اذرع بذراع الرجل؟ ”وتدل هذه الاضافة“ بوضوح تام، على أن من كتب هذه الأسفار عاش بعد موسى بمدة طويلة وفضلا عن ذلك، فلا شك في أنه لم يعثر على هذا السرير الحديدى إلا في عصر داوود الذي استولى على الرباط (ربة عمون) كما يروي صموئيل الثاني (12: 30).
                        7- وردت في أسفار التوراة أسماء أُطلقت على أمكنة لم تعرف بها في عهد موسى، بل عرفت بعده بزمن طويل، مثل ما ورد في سفر التكوين أن إبراهيم تبع أعداءه حتى «دان»: (14فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ.) تكوين 14: 14. ولم تحمل "دان" هذا الاسم إلا بعد موت يشوع بمدة طويلة، كما ورد في سفر القضاة: (وصعدوا وحلّوا في قرية يعاريم في يهوذا. لذلك دعوا ذلك المكان محلّة دان الى هذا اليوم. هوذا هي وراء قرية يعاريم.) القضاة 18: 12 ، (ودعوا اسم المدينة دان باسم دان ابيهم الذي ولد لاسرائيل. ولكن اسم المدينة اولا لايش.) القضاة 18: 29
                        8- كثيرا ما يتجاوز الراوي، في رواياته في أسفار التوراة، حياة موسى ، كأن يروي، في سفر الخروج أن بني إسرائيل أكلوا (... الْمَنَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى جَاءُوا إِلَى أَرْضٍ عَامِرَةٍ. أَكَلُوا الْمَنَّ حَتَّى جَاءُوا إِلَى طَرَفِ أَرْضِ كَنْعَانَ)الخروج 16: 35 حيث (12وَانْقَطَعَ الْمَنُّ فِي الْغَدِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ, وَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَنٌّ. فَأَكَلُوا مِنْ مَحْصُولِ أَرْضِ كَنْعَانَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.) يشوع 5: 12، ومعلوم أن موسى قد مات قبل دخول العبرانيين إلى أرض كنعان وأكلهم من غلتها.
                        أو أن يروى في سفر (التكوين 36: 31) عن ملوك بنى إسرائيل الذين حكموا أرض أدوم (31وَهَؤُلاَءِ هُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ مَلَكُوا فِي أَرْضِ أَدُومَ قَبْلَمَا مَلَكَ مَلِكٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.) ومعلوم أنه لم يخضع الأدوميين لحكم العبرانيين إلا زمن داود، أى بعد موسى بحوالى 540 سنة، حيث جعل داود (فِي أَدُومَ مُحَافِظِينَ. وَضَعَ مُحَافِظِينَ فِي أَدُومَ كُلِّهَا. وَكَانَ جَمِيعُ الأَدُومِيِّينَ عَبِيداً لِدَاوُدَ. ...) صموئيل الثانى 8: 14، مما يؤكد أن كاتب سفر التكوين قد عاش بعد داود.
                        وعن مملكة داود وسليمان «يقول الباحث الفرنسي "بيير روسي": "إن التاريخ المصنوع للعبرانين خارج النصوص التوراتية هو الصمت الكلي المطبق. فلا الكتابات المنقوشة على الآثار ولا القوانين ولا الدساتير تكشف أثراً قليلاً للعبرانيين. فعلى آلاف النصوص المسمارية أو المصرية أو مكتبة أوغاريت أو نينوى، وحتى في النقوش الآرامية. في ذلك كله لا تذكر كلمة عبري وأشهر ملوك التوراة هما داود وسليمان لم يصبحا قط موضوع وقائع تاريخية. ليس هناك أبداً ذكر للملحمة والوقائع الحربية المعزّوة لعبور العبرانيين. فالعدم كامل، مثلما هو قطعي وجازم ".(14)»
                        «بعد هذا، حريّ بنا مثلاً أن نلاحظ أن شيخ القبيلة العبرانية / وليس الملك / شاؤول والذي ألصق به التوراة في حوالي / 1020 /ق.م صفة شيخ بدوي في خيمة قرب بلدة جبعة شمال القدس.. سوف يكون في حوالي/932/ ق.م بانياً للمدن المسوّرة والهياكل الضخمة حسب التوراة، علماً أن هذه الفترة كانت تشهد تشرذم هذه القبائل وتفتتها.
                        وبدوره الباحث لينش يشكك في وجود المملكة العبرانية لداود وسليمان حيث يقول: "إنني شخصياً أجد هذه الأفكار غير قابلة للتصديق إلى حد بعيد، حيث لا توجد أي آثار تدل على وجود سليمان وداود أو حدوث أي من الأحداث المرتبطة به " (15).»
                        ويقول "زئيف هرتسوغ" المؤرخ "الإسرائيلي" المناهض للمزاعم التوراتية: «ان جميع الروايات التوراتية وحروب بني "اسرائيل" بقيادة "يشوع بن نون" لا تستند الى أي واقع حقيقي.»
                        ويقول عن المدن الكنعانية: «تبالغ التوراة كثيرا في تصوير قوة تحصينات المدن الكنعانية التي يقال بان بني "اسرائيل" قد غزوها: ”مدن كبيرة ومحصنة ومرتفعة حتى السماء"(السفر 9ـ1)“ في حين اظهرت جميع المكتشفات الاثرية ان مدن تلك المرحلة لم تكن تحتمي باية تحصينات عدا قصر الحاكم والامير. الى ذلك فان الثقافة المعمارية التي كانت سائدة في فلسطين عند نهاية العصر البرونزي لم تكن تضع احتمالات الغزو العسكري في حساباتها.. كما يؤكد "هرتسوغ" بان الوصف التوراتي لا يتطابق اطلاقا مع الواقع الجيوسياسي للمنطقة. ذلك ان فلسطين كانت في الواقع تحت السيطرة المصرية وقد ظلت كذلك حتى منتصف القرن الثاني عشر بعد الميلاد. اضافة الى ان المراكز الادارية المصرية كانت واقعة في غزة ويافا وبيت شيئان، ومن المستغرب ان التوراة لم تذكر اطلاقا ذلك الوجود المصري في نصوصها المزعومة.»
                        الأمر الذى دعا (هرتسوغ) إلى القول: «يبدو وكأن كاتب التوراة، وزملاءه الذين قاموا بمراجعة ما كتب، لم يكونوا على معرفة بتلك الحقائق التاريخية التي لا تحتاج الى دلائل.»
                        «ويناقش توماس طومسون في كتابه "التوراة والتاريخ – الماضي الخرافي" مرويات المملكة العبرانية لداود وسليمان، بحيث يقول: "أن تلك الصور/ التوراتية / لا مكان لها في أوصاف الماضي التاريخي الحقيقي، إننا نعرفها فقط كقصة وما نعرفه حول هذه القصص لا يشجعنا على معاملتها كما لو أنها تاريخية. ولا يتوافر دليل على وجود ملكية متحدة، ولا دليل على وجود عاصمة في أورشليم أو على وجود أي قوة سياسية موحدة ومتماسكة هيمنت على فلسطين الغربية، ناهيك عن إمبراطورية بالحجم الذي تصنعه الحكايات الأسطورية. ولا يوجد أي دليل على وجود ملوك يدعون شاؤول وداود وسليمان" (17).»
                        «وهذا ما دفع بالباحثة والمنقبة "مارغريت شتاينر" بعد أن أجرت دراساتها على اللقى الأثرية في موقع أورشليم للقول: "لم يكن / للملك / داود مدينة ليعمرها في مطلع القرن العاشر ويجعلها عاصمة للمملكة الموحدة، لأن مثل هذه المدينة لم تكن موجودة في ذلك الزمن. كما أن الوصف الذي نجده في أسفار التوراة لمدينة أورشليم لا ينطبق إلا على مدينة القرن السابع" (18).»
                        ويقول زئيف هرتسوغ: «فمن الواضح ان (قدس داوود وسليمان) كانت مدينة صغيرة مع قلعة صغيرة مخصصة لقصر الملك ـ هذا اذا كانت قد قامت بالفعل ـ إنما يمكن الجزم بصورة قاطعة بأن القدس لم تكن إطلاقا عاصمة مملكة كبيرة كما تذكر المزاعم التوراتية.»
                        ويضيف هرتسوغ قائلاً: «يبدو أن الذين قاموا بكتابة نصوص التوراة كانوا يعرفون قدس القرن الثامن قبل الميلاد بجدرانها وبثقافتها الغنية التي تم العثور على بقايا آثارية دالة عليها في أنحاء مختلفة من القدس بواسطة التنقيبات الآثارية في المدينة.. وهذا ما جعل هؤلاء الكتاب المزورين يخترعون قصة المملكة "الإسرائيلية" المتحدة. إضافة إلى أن مدينة القدس لم تكتسب دورها المهم سوى بعد تدمير السامرة، منافستها الشمالية، في العام 722 قبل الميلاد».
                        ويضيف أيضًا قائلاً: «إن معظم الإسرائيليين والعلماء الباحثين التوراتيين الذين قاموا بأبحاث وحفريات لتعزيز واقعية قصص العهد القديم يوافقون على حقيقة أن مراحل تشكل الشعب اليهودي كانت مختلفة تماما عن ما ورد في التوراة. لكن المجتمع الإسرائيلي ليس مستعدا بعد لمناقشة موضوع كهذا وهو يفضل تجاهل كامل المسألة برمتها.» وأضيف عليه قائلا: إن المسيحيين فى العالم العربى
                        ويقول باحث التاريخ الدكتور ياسين سويد فى مقاله (تزوير التوراة): إن ”طومسون“ يعتمد على نظرية ”ويلهاوزن“ في «الفرضية الوثائقية» التي ترى أنه يجب فهم ”المصادر الأربعة للأسفار الخمسة الأولى“ من العهد القديم على أنها وثائق أدبية تم تأليفها وقت كتابتها، وهي انعكاس صادق لفهم ومعرفة مؤلفيها وعالمهم، وعلى هذا فلا يمكن اعتبارها تاريخا يعتد به، كما انه لا يمكن الاستفادة منها لاعادة تشكيل تاريخ "اسرائيل" القديم، السابق على وقت تأليفها.
                        ويقول الباحث السورى فراس سواح فى حواره مع جريدة ”الوطن“ السورية عن سؤال المحاور القائل: «تروي التوراة في سفر يشوع عملية تدمير ثلاث مدن كبرى وإحراقها وقتل سكانها عن بكرة أبيهم وهي مدن أريحا وعاي وحاصور. فماذا تقول نتائج التنقيب الاركيولوجي في هذا؟»
                        يجيب فراس سواح قائلاً: «فيما يتعلق بأريحا، تعطي التوراة وصفًا دراميًا حيًّا لاقتحام المدينة وتدميرها. فبعد الدوران حول السور ست مرات حاملين تابوت العهد، تسقط الأسوار من تلقاء ذاتها أمام الإسرائيليين الذين يدخلون المدينة ويقتلون من فيها من رجل وامرأة وطفل وشيخ وبقر وغنم وحمير.
                        وقد فسر بعض المؤرخين سقوط أريحا على أنه نتيجة زلزال نسبه المهاجمون إلى معجزة من الرب. ولكن لعلم الآثار رأيًا مختلفًا في هذا الموضوع. فرغم أن الزلازل كانت متكررة الوقوع في فلسطين. وأن سور أريحا قد تصدع بسببها أكثر من مرة، إلا أن كلا من آثار الدمار الزلزالية في أريحا تعود إلى أزمنة سابقة بكثير للتاريخ المفترض لاجتياح الإسرائيليين. وقد ثبت أن آخر الزلازل المدمرة قد وقع في العصر البرونزي الأول حوالي عام 2300ق.م وأن المدينة قد بنيت مجددًا في العصر البرونزي الوسيط حوالي عام 1900 حيث استمرت الحياة فيها إلى عام 1560 ثم هجرت تمامًا. وعندما عادت الحياة إليها في العصر البرونزي الأخير انتعشت جزئيًا لفترة قصيرة، ولكن دون أسوار أو تحصينات ، فتهجر قبل نهاية عام 1300ق.م ، ويغمرها النسيان إلى ما بعد العصر الحديدي الأول خلال مطلع الألف الأول ق.م أي أنه لم يكن هناك مدينة اسمها أريحا عندما دخل الإسرائيليون إلى فلسطين حوالي 1200ق.م.
                        وفيما يتعلق بمدينة عاي تشير البينات الآثارية إلى أن المدينة قد انتهت تمامًا قبل ألف عام من وصول الإسرائيليين، وعلى ذلك فإن أوائلهم لم يسمعوا إلا بذكرى تلك المدينة العظيمة التي ازدهرت في مطلع العصر البرونزي. وتم الكشف في المستويات العليا لموقع المدينة على قرية صغيرة غير ذات شأن تعود إلى عصر الحديد الأول، أي بعد فترة لا بأس بها من دخول الإسرائيليين.
                        أما مدينة حاصور ، فتدل التنقيبات الأثرية في الموقع على أن المدينة قد دمرت تماماً في نهاية القرن الرابع عشر ق.م. وهو التدمير الذي يتطابق في تاريخه مع حملة الفرعون سيتي على سوريا الجنوبية ثم أعيد بناء المدينة مباشرةً لتحترق وتدمر بعد فترة قصيرة دون أن تصل حياتها إلى أواخر القرن الثالث عشر، وتعاصر فترة دخول الإسرائيليين، وقد كشف في موقع المدينة على قرية صغيرة تعود إلى العصر الحديدي الأول. في مطلع الألف الأول ق.م.
                        من هذه الأمثلة الثلاثة ومن مطابقة بقية الرواية التوراتية لاقتحام فلسطين على نتائج التنقيب الاركيولوجى. نستنتج أن مؤلفي التوراة قد ضموا في رواية واحدة أزمنة وأحداثاً متباعدة لا يربطها رابط، وصاغوها ضمن تسلسل زمني فشكلوا منها رواية متماسكة من بدايات توافدهم في أرض كنعان.»
                        يواصل المحاور لفراس سواح بسؤال عن مدى صدق ما يحكيه الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص عن كيفية اقتحام بنى إسرائيل أرض كنعان واستيلائهم على فلسطين، فيقول: «بعد سفر يشوع الذي وصف اقتحام القبائل الإسرائيلية الإثني عشر أرض كنعان واستيلائها على فلسطين الداخلية كاملة، نجد سفر القضاة يعطينا صورة مختلفة عن تلك القبائل المنتصرة؟»
                        فأجاب فراس سواح قائلا: «بعد الاستقرار في الأرض الجديدة ، نجد أن القادمين الجدد ليسوا إلا جماعات مفككة منقسمة إلى فريقين متخاصمين هما القبائل الشمالية والقبائل الجنوبية، وأن خطاً من المدن الكنعانية القوية تشكله أورشليم وجازر وعجلون ، يفصل بين المجموعتين ويمنع اتصالهما ، وإن كثيراً من المدن الكنعانية التي من المفترض أنها وقعت أيدي الإسرائيليين إبان اجتياحهم ، تعيش حياتها الطبيعية كمدن مستقلة، كما نجد أن منتصري الأمس ليسوا إلا فرقاً مستضعفة واقعة تحت نير جيرانهم الفلستيين، يضطهدونهم ويسومونهم سوء العذاب.
                        ويفسر المؤرخون من ذوي الاتجاه التوراتي هذا الواقع المتناقض تفسيرات أكثر تناقضاً وأقرب إلى النفس اللاهوتي منها إلى المنطق التاريخي. ولنقرأ على سبيل المثال ما يقوله عالم اللغات القديمة اللامع البروفيسور سيروس هـ. غوردن في كتابه الشرق الأدنى القديم الذي أفرد ثلثيه لتاريخ بني إسرائيل في معرض تفسيره لأحوال الإسرائيليين في عصر القضاة يقول غوردن: عند اقتحام أرض كنعان لم يمارس الإسرائيليون عملية إبادة كاملة للكنعانيين ولم يطردوهم من أرضهم ومدنهم.»
                        فقارن هذا بما يقوله الكتاب من إبادة جماعية لأهل البلاد الأصليين: (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ.) يشوع 6: 21
                        يواصل فراس سواح قائلاً: «لقد دام عصر القضاة أكثر من قرنين من الزمان، ومع ذلك لم يستطع علم الآثار تقديم أي دليل على وجود الإسرائيليين خلال هذه الفترة في فلسطين. فإما أن يكون القادمون الجدد على جانب كبير من الهمجية والتخلف إلى درجة لم تمكنهم من التأثير بجيرانهم المتطورين وتطوير ثقافة خاصة بهم خلال قرنين من الزمن وهذه فرصة أقرب إلى المستحيل ، أو أن هؤلاء القادمين المفترضين لم يكن لهم وجود تاريخي قط.»
                        أما ”كيث وايتلام“ أستاذ العلوم الكتابية فى قسم الدراسات اللاهوتية في جامعة "ستيرلينغ" في سكوتلاندا، أصدر كتابه "اختراع (إسرائيل) وحجب فلسطين" سنة 1996 في كلّ من نيويورك ولندن في نفس الوقت. اتفق فيه مع طومسون في كثير من الاستنتاجات ويشير إلى أن هناك عمليّة طمس ممنهجة لكثير من الدلالات التاريخية للمكتشفات الأثرية ومحاولة لتفسيرها بطريقة مغلوطة في أغلب الأحيان.
                        كما يُركِّز وايتلام على البعد السياسي من وراء محاولات الطمس والتفسير المغلوط للتاريخ ، حيث يذكر «أن تاريخ (إسرائيل) المخترَع في حقل الدراسات التوراتية كان وما زال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون الممالك اليهودية عليه، وليس ما كانت عليه في الواقع».

                        تعليق

                        • abubakr_3
                          مشرف عام

                          • 15 يون, 2006
                          • 849
                          • مسلم

                          #27
                          س169- مرة أخرى: يقول يوحنا على لسان يسوع: (39فَقَالَ يَسُوعُ: «لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هَذَا الْعَالَمِ حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ».) يوحنا 9: 39
                          إن قول يسوع (حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ) مفهوم منطقيًا فإما أنهم عمى عن الحقيقة، وقد أرسله الله تعالى ليبين له الحق، ويبصروا رسالة الله الحقة إليهم، وهذا اعتراف بتحريف الكتب السابقة، وإلا لما كانوا عمى، ولما احتاجوا لنور الحق. وهذا هو المعنى القصود أساسًا، لأنه لم يقم بإذن الله بإبراء العمى فقط، وإلا لما علم فى المعبد، ولما كانت دعوته موجهة إلى خراف بيت إسرائيل الضالة فقط، ولقال للمرأة الكنعانية (لم أرسل إلا للعمى فقط) بدلا من قوله: (لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ) متى 15: 24
                          ولما أرسل تلاميذه إلى خراف بيت إسرائيل الضالة فقط: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-6
                          ومعنى ذلك أن العمى الذين يحتاجون لنور الحق هم خراف بيت إسرائيل الضالة.
                          وإمَّا أنه سيقوم بشفائهم بإذن الله، كما اعترف هو، وأقر معاصروه أنه لم يفعل شيئًا يقدرته، ولكنه كان دائم القول، أنه يفعل ذلك بحول الله وقدرته، وهذا المعنى غير مقصود بالمرة، لأن يسوع جاء معلمًا للحق، ومرشدًا إلى طريق الله المستقيم، والوصول إلى الطريق المستقيم يحتاج إلى نور الحق، وليس للبصر فقط، فكم من المبصرين يعمون عن الحق! لذلك جاءت دعوته إلى الخراف الضالة من بيت إسرائيل فقط:
                          لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.)
                          متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!)
                          يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                          وأن الله هو الذى يرشده ويعلمه: يوحنا 5: 36 (....... لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
                          يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
                          يوحنا 17: 4 (... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
                          وشهد بذلك تلميذه بطرس: أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
                          أما قوله (وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ) فهو موضع تساؤل وحيرة. فكيف يكون من أسباب مجيئه أن يُعمى الذين يبصرون؟ فلو كانت تعنى العمى عن الحقيقة، فهو قد جاء مضللا لمن يعرف الحق ويتبعه! ولو كانت تعنى العمى الحقيقى، فهو مفسد فى الأرض، ذو نفس شيطانية خبيثة (وحاشاه). فكيف يعمى الذين يبصرون بمجيئه؟
                          س170- إن عبادة الأوثان أو صناعة تمثال ما من المحرمات فى شريعة موسى، وكانت عقوبتها الرجم: (3لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. 4لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. 5لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلَهَكَ إِلَهٌ غَيُورٌ أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ) الخروج 20: 3-5، والتثنية 5: 7-9
                          إلا أن التاريخ يخبرنا أن الإمبراطور الرومانى كايجولا كسر ثلاث وصايا من وصايا الرب بتوحيده وإفراده فى العبادة، وعدم صنع تماثيل تًحاكى شيئًا فى الأرض أو السماء، وعدم عبادة أو السجود لأى تمثال، وأمر عام 40م أن يوضع له تمثالا واقفًا فى معبد اليهود بأورشليم، وأمر أن يُقابل تمثاله بكل خشوع واحترام، وأن يُألَّه من قبل اليهود.
                          كما أمر بنتيوس بيلاطس بسك عملات تحمل صورة قيصر، وكان لا بد أن تُدفع الضرائب بهذه النقود التى تحمل صورة القيصر. وهو خرق آخر لأحد قوانين موسى ووصايا الرب إليه بعدم صناعة تماثيل أو صور لآلهة أخرى أو اقتنائها أو السجود لها. وكانت تُجمع الضرائب بكل قسوة ووحشية من الناس، وكان يُمكن للمرء سماع أصوات الصراخ والعويل فى فلسطين من جراء التعذيب والتنكيل، الذى كان يقعل على كل يمتنع عن دفع الضرائب، أو يتهرب منها أو حتى غير قادر على دفعها.
                          يقول البروفيسور هانس شيندلر – بيلامى: إن وجود نقود عليها صورة كانت تُعد إساءة مضاعفة لليهودى المؤمن الورع، فهى تُعارض وصية الصور وصناعتها من ناحية، ويُعتبر التعامل بها فى التجارة أو دفع الضرائب نوع من عبادة الأوثان من ناحية أخرى. وعلى ذلك جاء سؤال الفريسيى ليسوع: (15حِينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. 16فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللَّهِ بِالْحَقِّ وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ. 17فَقُلْ لَنَا مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 18فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟19أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَاراً. 20فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» 21قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ».) متى 22: 15-21
                          وبذلك كانت إجابة يسوع دبلوماسية، وتخلص من الفخ الذى نسبه له الفريسيون، فلم يصدر حكمًا من ناحية، لأنه ليس بملك لليهود، وليس المسِّيِّا، والأخير هو الذى له وحده إصدار الأحكام. ولو فعل ذلك لقتله اليهود لادعائه المسِّيِّانية. ومن ناحية أخرى لم يناصب الإمبراطور العداء بمنع الجزية. ولو فعل ذلك لقتله الرومان أنفسهم.
                          والخلاصة أنه لم يطعن فى قيصر أو يعاديه، ولم يصدر حكمًا قضائيًا، لأن معاداة قيصر والقضاء على إمبراطوريته ليس من اختصاصه، بل من إختصاص المسِّيِّا. وبذلك حافظ أيضًا على الوصايا الإلهية لموسى عليهما السلام. وهذا ذكاء ربانى أمده الله به، ليتخلص من أعدائه.
                          ومن هنا جاءت نظرية مارتن لوثر بفصل الدين عن الدولة. إذ رى لوثر وجود ملكوتين أحدهما سماوى والآخر أرضى. وعلى الناس طاعة حاكم الملكوت الأرضى حتى ولو كان ظالمًا كافرًا، لا يتبع شرع الله ووصاياه، لأنه تعين من قبل الرب وبموافقته، ولا يصح الخروج عليه بأى صورة من الصور. وأشار إلى أن عدم طاعة آدم وحواء لوصية الرب لهما بعدم الأكل من الشجرة المحرمة عليهما، جاءت بالويلات على البشرية كلها.
                          كان هذا ما بناه مارتن لوثر على إجابة يسوع، الذى ترك ما لقيصر من ملكوت دنيوى، وترك للرب ملكوته. ويعلم الجميع أن لله ملك السموات والأرض، فكيف اقتطع لوثر جزءًا من ملوت الله وتركه لقيصر؟ فإن كان الملكوت هو حكم الله وشريعته ووصاياه للبشر فى أرضه، فكيف يكون هناك ملكوتان على أرض الله؟ كيف يشرك لوثر حاكمًا يتحدى الله بكفره ويدعى الألوهية فى حكم ملكوت الله؟
                          إلا أن النص اليونانى يقول بعكس ما بناه لوثر على إجابة يسوع هذه. فالنص اليونانى يقول (apodote) وهى تعنى (ارجع) وليس (اعط)، وعلى ذلك فيسوع يقصد (ارجع لقيصر نقوده الآثمة فى عين يسوع، وفى وصايا الرب، ولم يقبل يسوع بالمرة وجود ملكوتين كما فهم لوثر، ويفهم الكثير غيره. وهو بذلك يدين قيصر وسلطته، ولم يداهنه، ولم يقر إلا بسلطة الله وحده ولكوته. وهناك الكثير من أقوال يسوع التى تؤيد ما نقوله:
                          يوحنا 4: 34 (......... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
                          يوحنا 12: 49 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ.)
                          يوحنا 8: 40 (... وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...)
                          يوحنا 17: 4 (......... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
                          يوحنا 8: 29 (...... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
                          يوحنا 5: 24 (24اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.)
                          وعلى ذلك فإن خطأ الترجمة أطاح بما أراده يسوع تمامًا.
                          س171- يقول متى (1وَلَمَّا نَزَلَ مِنَ الْجَبَلِ تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ. 2وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي». 3فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدَّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ».) متى 8: 1-4؛ لوقا 5: 12-14؛ ومرقس 1: 40-44
                          إن صياغة هذا النص فى الأناجيل يشير إلى أن إرادة يسوع هى التى شفت الأبرص، حتى كتبتها الترجمة البولسية بوضوح شديد أنها ترجع إلى مشيئة يسوع: (3فمَدَّ [يسوعُ] يدَهُ، ولمسَهُ قائلاً: "لَقد شِئْتُ، فاطْهُرْ!" فطَهُرَ للوقتِ من برَصِه.)، وهكذا أيضًا ترجمتها الترجمة الكاثوليكية اليسوعية: (فَمدَّ يسوعُ يَدَه فَلَمَسَه وقال: ((قد شِئتُ فَابْرَاْ!)) فَبرِئَ مِن بَرَصِه لِوَقتِه.)
                          إن التعبير فى هذه النصوص مُخالف لما اعتدنا عليه من كلمات يسوع، فهو لم ينسب إلى نفسه عمل معجزة ما مطلقًا، بل كان يشترط إيمان المريض بالله، أنه هو الشافى ليبرئه بإذن الله.
                          يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ...)
                          يوحنا 5: 19 (19فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ.)
                          لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.)
                          متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!)
                          وقال أيضاً: يوحنا 5: 36 (36وَأَمَّا شأَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
                          يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
                          ويقول بطرس فى أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
                          ويقول نيقوديموس رئيس اليهود ليسوع: يوحنا 3: 2 («يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
                          وكان يرفع عينيه إلى السماء داعيًا الله تعالى ربه وخالقه أن يحقق المعجزة على يديه، ليؤمن الناس أنه رسوله إليهم،وليعرف الحاضرون أنه عملها بحول الله وقوته:
                          يوحنا 11: 41-42 (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
                          مرقس 7: 32-36 (32وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. 33فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ 34وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيماً. 36فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ.)
                          فعندما أراد إطعام الجمع: متى 14: 19 (أَخَذَ الأَرْغِفَةَ لْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ.)
                          لوقا 9: 16 (16فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ)
                          وعندما أراد أن يُخاطب الله ويدعوه: يوحنا 17: 1 (1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً)
                          وإذا ما عدنا إلى نص يسوع الأرامى لوجدنا تعبير (أريد فاطهر) قد كتبت هكذا: retsonjehitaher وهى قريبة فى الشكل من الكلمة retzonihitaher، وهذا التشابه أدى إلى خطأ من الكاتب أثناء النسخ، هذا إن أحسنا الظن به، حيث كانت تكتب الكلمات دون ترك فراغ بين الكلمة والأخرى. وتترجم أحدهما (أسأل الله تعالى أن يطهرك)، وتترجم الأخرى (إنى أريد فاطهر). ومن هنا يمكننا أن نعرف مقدار أهمية الترجمة الصحيحة لنصوص الكتاب، وهى تنفى بدون شك ألوهية يسوع المزعومة.
                          وخلاصة هذا الخطأ أنه بجهل المترجم أو بسوء نية منه تشوهت أقوال يسوع، ونقلته من عبد الله المخلص، المطيع لربه، إلى نبى كفر، وادعى أن المعجزات التى أمده الله بها، هى من عند نفسه، وأحالت أقواله السابقة عن ضغفه، وعن مساندة الله تعالى له، وتعليمه كل شىء إلى كذب بواح.
                          إلا أننا هنا لا يجب أن نغفل نقطة أخرى وهى أنه عندما كان يُحيل يسوع من يشفيهم إلى الكاهن، لكى يُسمح لهم بالرجوع إلى قريتهم، ومخالطة الناس، ورفع الحذر عن التعامل معه، ورفع الألم النفسى عن المريض فى نبذ الناس له، ولكى يثبت الكاهن براءة المريض من البرص، أو العمى أو غيره، وبالتالى يسجلها الكاهن فى سجلات المعبد، ويطالبه بالتقدمة التى نصت عليها تعاليم الرب لموسى. وهذا يعنى أنه كان يتمسك بكل تعاليم موسى والأنبياء السابقين له. الأمر الذى ينفى عنه الألوهية، لأنه لا يمكن أن يوجد إله يصبح تابعًا لأحد أنبيائه. ويثبت أن بولس ضلل المسيحيين بإلغائه للناموس من أجل ضعفه وعدم نفعه.
                          س172- من هو توما هذا؟ ولمن كان توأمًا؟
                          ذكرت دائرة المعارف الكتابية أنها كلمة آرامية تعنى التوأم، ولكنها لم تذكر نسبه كاملا، ولم تعرفنا من كان توأمه. ولكن موسوعة الويكيبيديا وغيرها تؤكد أن توما هو (يهوذا توما ديديموس)
                          (16فَقَالَ تُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ ...) يوحنا 11: 16؛ و20: 24؛ و21: 2
                          (16يَهُوذَا بْنَ يَعْقُوبَ وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي صَارَ مُسَلِّماً أَيْضاً.) لوقا 6: 16 ترجمة الكتاب المقدس نسخة الإنترنت، والترجمة الكاثوليكية اليسوعية، والترجمة العربية المشتركة.
                          وجاءت فى الترجمة البولسية وترجمة الحياة والفاندايك طبعة 1989، بكلمة (اخا أو أخو يعقوب). وهذا ما أقرته أيضًا دائرة المعارف الكتابية مادة يهوذا أخو الرب.
                          لكن لماذا هذا التغيير؟ ويهوذا هذا هو يهوذا توماس المشهور بالتوأم. والتحريف هنا هو تغييرهم لكلمة (يهوذا بن يعقوب) حيث جاءت فى أقدم النسخ (يهوذا أخو يعقوب)، ومن المعلوم أن يعقوب هذا أخو يسوع، لينتفى القول بأن توما هو توأم يسوع.
                          لاحظ تغيير ترجمة (NKJV) لترجمة (KJV) القديمة، بعد أن أثارت كلمة أخو مشاكل لديهم. ولاحظ التراجم التى وضعت كلمة أخو بين قوسين، ولاحظ الترجمة التى لم تكتب أخو ولا ابن، بل ترجمتها بكلمة of التى تشير إلى الانتماء (YLT):
                          KJV
                          And Judas [the brother] of James, and Judas Iscariot, which also was the traitor.

                          NKJV
                          Judas the son of James, and Judas Iscariot who also became a traitor.

                          NLT
                          Judas (son of James), Judas Iscariot (who later betrayed him).

                          NIV
                          Judas son of James, and Judas Iscariot, who became a traitor.

                          ESV
                          and Judas the son of James, and Judas Iscariot, who became a traitor.

                          NASB
                          Judas the son of James, and Judas Iscariot, who became a traitor.

                          RSV
                          and Judas the son of James, and Judas Iscariot, who became a traitor.

                          ASV
                          and Judas [the son] of James, and Judas Iscariot, who became a traitor;

                          YLT
                          Judas of James, and Judas Iscariot, who also became betrayer

                          DBY
                          [and] Judas [brother] of James, and Judas Iscariote, who was also [his] betrayer;

                          WEB
                          And Judas [the brother] of James, and Judas Iscariot, who also was the traitor.

                          س173- كنا قد تكلمنا من قبل عن النبوءة التى تقول إن يسوع سكن الناصرة حتى يُدعى ناصريًا، وقلنا لا توجد مثل هذه النبوءة فى طول الكتاب وعرضه، بل لم توجد مدينة بهذا الاسم من زمن يسوع وحتى القرن الرابع.
                          أما بالنسبة لعلم الآثار فهو لا يعترف بوجود مثل هذه القرية الإنجيلية فى زمن بعثة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام. فهى لم تُذكر قط فى العهد القديم، على الرغم من أن سفر يشوع 19: 10-16 قد ذكر اثنى عشر مدينة، وستة قرى من نصيب سبط زوبولون، ومع ذلك فلم يعرف شيئًا عن الناصرة، وليس لها وجود فى كتابات الربانيين.
                          كما لم تظهر فى كتابات من كتبوا عن تاريخ وجغرافيا فلسطين حتى القرن الرابع الميلادى. فلم يذكرها كل من فيلو الفيلسوف اليهودى السكندرى، كما لم يعرف عنها شيئاً المؤرخ اليهودى يوسيفوس، فتجده يذكر الكثير عن الجليل (900 ميلاً مربعاً)، إلا أنه لا يعرف شيئاً عن هذه المدينة. فقد ذكر 45 مدينة وقرية فى الجليل من المدن والقرى الهامة وغير الهامة فى كتابيه ”الحروب اليهودية“ و”تاريخ اليهود“. كذلك تجده يذكر قرية يافا الواقعة جنوب الناصرة على بعد ميل واحد من الجنوب الغربى، والتى عاش هو نفسه فيها.
                          وجدير بالذكر أن هذين المؤرخين عاصرا زمن عيسى عليه السلام.
                          كما لا نجد لها وجود فى كل رسائل بولس، وباقى كتب العهد الجديد التى كتبت قبل زمن تدوين الأناجيل.
                          ولم يعرف التلمود عنها شيئًا، على الرغم من أنه ذكر 63 مدينة فى الجليل. كذلك لم يظهر اسمها فى أدب الربانيين. فتجد أن رسائل الربانى Sollys قد ذكرت يسوع 221 مرة، ولم تذكر الناصرة مرة واحدة.
                          كذلك لم يعرفها أحد من المؤرخين القدماء أو الجغرافيين، ولم يرد ذكرها إلا ابتداءًا من القرن الرابع الميلادى.
                          كذلك يقول المواقع المذكورة أدناه إن مدينة الناصرة تقع على الشاطىء الغربى لبحيرة طبرية. بينما كان يعيش عيسى عليه السلام فى مدينة أخرى شرق بحيرة طبرية. ونلمس ذلك على سبيل المثال من قول متى: (34فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ) متى 14: 34 ومثله (مرقس 6: 53). ومعلوم أن جنيسارت تقع غربى البحيرة ، وهذا معناه أن بلدته تقع شرق البحيرة. حيث مرتفعات الجولان.
                          يقول لوقا: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ .. .. .. .. 14وَرَجَعَ يَسُوعُ بِقُوَّةِ الرُّوحِ إِلَى الْجَلِيلِ وَخَرَجَ خَبَرٌ عَنْهُ فِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ.) لوقا 4: 1 ، 14.
                          ومعنى هذا أنه كان يسكن بالقرب من شاطىء بحيرة طبرية.
                          إضافة إلى ذلك حاول القوم قذفه من أعلى أحد الجبال هناك: (28فَامْتَلَأَ غَضَباً جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ حِينَ سَمِعُوا هَذَا 29فَقَامُوا وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافَّةَِ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَلُ. 30أَمَّا هُوَ فَجَازَ فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى.) لوقا 4: 28-30
                          وهاتان العلامتان لاتتوفران فى مدينة الناصرة (كما يقول العميد مهندس جمال الدين شرقاوى ، إذ أن المسافة بينها وبين شاطىء البحيرة لا تقل عن مسيرة يومين صعودًا وهبوطًا للمرتفعات ، التى يجتازها القادم من الناصرة إلى البحيرة. كما أن الأناجيل تذكر لنا صراحة أن المسيح عليه السلام بعد تعميده على يد المعمدان عاد إلى الجليل وسكن فى بلدة كفر ناحوم (متى 4: 13 ؛ مرقس 2: 1 ، 9: 33) وفى (متى 9: 1) يُذكر أن اسم بلدة يسوع هى كفر ناحوم قريبة من شاطىء البحيرة ، وتقع فى منطقة جبلية أيضًا، ولكنها غربى البحيرة أيضًا.
                          إلا أن سفر القضاة يتكلم عن نذير سوف يُخلص الإسرائيليين من يد الفلسطينيين: (3فَتَرَاءَى مَلاَكُ الرَّبِّ لِلْمَرْأَةِ وَقَالَ لَهَا: «هَا أَنْتِ عَاقِرٌ لَمْ تَلِدِي، وَلَكِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً 4وَالآنَ فَاحْذَرِي وَلاَ تَشْرَبِي خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئاً نَجِساً. 5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً، وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيراً لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».) لقضاة 13: 3-5
                          وهذا النص لا علاقة له بيسوع: لأن يسوع قد شرب الخمر، بل حوَّل الماء الطاهر إلى خمر معتقة فى عرس قانا. ولم يخلص بنى إسرائيل من يد الفلسطينيين، بل كان هو نفسه فلسطينى المولد والأم.
                          ولكن إذا ما رجعنا إلى الكلمة العبرية لوجدنا تشابه بين كلمة ناصرى عند متى وكلمة (نذير) فى القضاة Nasir أو Nasiräer، وهى تعنى فى القاموس العبرى الأرامى للعهد القديم ذلك الشخص المنذور لله. ولا علاقة لهذه الكلمة بكلمة مدينة الناصرة مطلقًا. ولا يوجد فى النص ما يُشير إلى مدينة أو قرية بهذا الاسم. وهذا الطفل المنذور لله فى سفر القضاة هو سمعان، ولا علاقة له مطلقًا بوحى ملاك الرب ليوسف.
                          وقد يكون هناك تلميح إلى ما ذكره إشعياء، وهى نبوءة عن المسِّيِّا (1وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ 2وَيَحِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ.) إشعياء 11: 1-2
                          وهذا لا ينطبق على يسوع بأى حال من الأحوال: فهو ليس من فرع يس (أب داود)، وليس من نسل داود، بل هارونى (ارجع إلى الجزء الثانى من هذا الكتاب)، فالمسِّيِّا سيكون بشرًا، نبيًا، خاضعًا لله، يخشاه، وهذا لا يليق بيسوع الإله عندكم! فهل كان يخشى نفسه؟ هل كانت روح الآب عليه وهو الآب واحد؟ وهناك صفات أخرى للمسِّيِّا لا تنطبق على يسوع بأى حال من الأحوال، منها أنه مقاتل، محارب، سيخلص بنى إسرائيل من أعدائهم، وسيقضى على الإمبراطورية الرومانية (دانيال).
                          بل إن يسوع نفى ما يذكره إشعياء هنا، من أن المسِّيِّا سيخرج من صلب داود، بل لن يكون من بنى إسرائيل، الذين سيحرمهم الله من ملكوته، وسوف يعطيه لأمة أخرى تعمل أثماره: (40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 40-44
                          ونفى عن نفسه أن يكون هو المسِّيِّا، وتكلم عنه بصيغة الغائب: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
                          لكن أين هى العلاقة بين ما قاله إشعياء ومدينة الناصرة؟ إن كلمة (فرع) بالعبرية تعنى nezer، وهى تشير إلى المسِّيِّا ، ولا علاقة لها بأحد سكان مدينة الناصرة.
                          ولو افترضنا وجود مثل هذه النبوءة يومًا من الأيام، وفُقدت. ألا يدل هذا على عدم حفظ الرب لهذا الكتاب، وأن به نصوص تعرضت للحذف، والإضافة، والتخريب المتعمَّد وغير المتعمَّد؟
                          يقول المدخل إلى الكتاب المقدس فى مقدمة الترجمة الكاثوليكية اليسوعية فى ص (خ): إن ”أسفار الكتاب المقدس هى عمل مؤلفين ومحرِّرين عُرفوا بأنهم لسان حال الله فى وسط شعبهم. ظلَّ عدد كبير منهم مجهولاً، لكنهم على كل حال، لم يكونوا منفردين، لأن الشعب كان يساندهم... وقبل أن تتّخذ كتبهم صيغتها النهائية، انتشرت زمنًا طويلاً بين الشعب وهى تحمل آثار ردود فعل القرّاء، فى شكل تنقيحات وتعليقات وحتى فى شكل إعادة صيغة بعض النصوص إلى حد هامّ أو قليل الأهمية. لا بل أحدثُ الأسفار ما هى أحيانًا إلا تفسير وتحديث لكتب قديمة.“
                          لقد صدق علماء نصوص الكتاب المقدس حينما قالوا فى المدخل إلى العهد الجديد لطبعة الآباء اليسوعيين ص12: ”ليس فى هذه المخطوطات كتاب واحد بخط المؤلف نفسه ، بل هى كلها نسخ أو نسخ النسخ للكتب التى خطتها يد المؤلف نفسه أو أملاها إملاءً. .. .. .. إن نسخ العهد الجديد التى وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية ، ولكن عددها كثير جداً على كل حال. هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو والألفاظ أو ترتيب الكلام ، ولكن هناك فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها. .. .. .. فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نسَّاخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التى تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت، مهما بُذِلَ من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذى أُخذت عنه. يُضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحيانًا، عن حُسن نية، أن يصوِّبوا ما جاء فى مثالهم وبدا لهم أنه يحتوى أخطاء واضحة أو قلّة دقة فى التعبير اللاهوتى. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأً. ثم يمكن أن يُضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد فى أثناء إقامة شعائر العبادة أدّى أحياناً كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ. ومن الواضح أن ما أدخله النسَّاخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذى وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلاً بمختلف ألوان التبديل ظهرت فى عدد كبير من القراءات. والمثال الأعلى الذى يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يُمحِّص هذه الوثائق لكى يقيم نصَّاً يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول، ولا يُرجى فى حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه“.
                          وهل استعمل يوسف تشابه كلمة nezer مع كلمة Nazareth حتى تنطبق هذه النبوءة على يسوع؟ فإن وافقتم على ذلك تعرضتم لعدة مشاكل منها:
                          1- إن النص اليونانى لا يتكلم عن ناصرى Nazareth ، ولكنه يتكلم عن Nazoräer، أى إن معنى لكى يُدعى Nazoräer لا تعنى من قريب أو بعيد الناصرى ساكن ما تُسمى مدينة الناصرة. التى لم يكن لها وجود فى حياة يسوع بالقرب من يافا فى الجليل.
                          2- وهذا سيثير الشكوك فى قلوب المؤمنون دون بحث أو تقصى عن حقائق إيمانهم حول الأماكن المقدسة التى نشاهدها اليوم، وهل لها علاقة بالمرة بهذا التاريخ المسيحى؟ وهو نفس مايثيره اليوم العلماء أنفسهم تجاه تاريخية أحداث الكتاب المقدس، وتكذيب ذلك من علم الآثار والمكتشفات الحديثة.
                          ونقلا عن كتاب (مكة فى الكتاب المقدس لعلاء أبو بكر) يقول العلمانى الدكتور بشار خليف فى مقاله (التوراة .. انتحالات وتزييف) على شبكة النت: «فقد أجمعت الدراسات الأنثروبولوجية والأثنولوجية على استحالة رد شعب من الشعوب إلى جد واحد. ونحن نعتقد أن أخذ كتّاب التوراة بمفهوم العنصر كان طبيعيًا كون أنهم بقوا على خصائصهم الرعوية القبلية بما يحتم البحث عن جدّ تؤدى له فروض القداسة.
                          وعليه فلا عجب مثلاً أن نجد في التوراة – سفر التكوين، أن العيلاميين واللوديين اُعتبروا ساميين وما هم بذلك. وأن الكنعانيين عُدّوا من الكاشيين، وأن الحثيين من ذرية كنعان أما العموريون فهم حاميون !.»
                          «والغريب أن كتّاب التوراة لم يعوا حقيقة التسلسل الزمني والتاريخي. فإن كان ابراهيم التوراتي الذين يتحدرون منه هو "آرامياً تائهاً" كما ورد في سفر التكوين فإن الحقيقة العلمية تقول أن في هذا الزمن لم يكن ثمة تواجد للآراميين في المشرق العربي بما يعطي دليلاً أكيداً على أن كتابة التوراة حصلت في الألف الأول قبل الميلاد.»
                          «أيضاً ذكر سفر التكوين أن ابراهيم التوراتي كان في مدينة أور الرافدية لكن الحقائق الأثرية والتاريخية تؤكد أن أور دمرت على يد العيلاميين سنة /2008 / ق. م. ولم تقم لها قائمة بعد ذلك.»
                          «كما تم وصف مدينة أور بأنها كلدانية والمعلوم أن الكلدانيين يعودون إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد أي زمن تدوين التوراة.»
                          «كذلك فإن المشرق العربي مع مطالع الألف الثاني قبل الميلاد / الزمن المفترض لابراهيم التوراتي / كان يعجّ بالمدن والفاعلية الحضارية ولعل وثائق هذه الفترة تتعدى نصف مليون وثيقة مسمارية من كافة مواقع المشرق بحيث أنها لم تشر إلى وجود ابراهيم التوراتي ومغامراته وقصة عبوره إلى فلسطين.
                          وعلى هذا بتنا نفهم مقولة الباحث" إيسفيليت": "أن التوراة لم تكن تاريخاً تحول إلى خيال بل خيالاً تحول إلى تاريخ" (1) [الترقيم هذا فى مقال الدكتور]
                          أما ماير فيقول: "إن كامل سفر التكوين برواياته عن الآباء والأسلاف / ابراهيم – اسحاق – يعقوب / لبني إسرائيل لا علاقة له بالتاريخ ويجب تصنيفه في زمرة الخيال الأدبي" (2)
                          وينضم ماك كارتر إلى نقطة متقدمة في الإيضاح في نقده لقصة اختلاق ابراهيم التوراتي والآباء التوراتيين حيث يقول: "علينا أن نكون حذرين في دراستنا لروايات الآباء التوراتيين، فهذه الروايات إيديولوجيا وليست تاريخاً. لقد صيغت في الألف الأول قبل الميلاد / أثناء السبي / من أجل التأسيس اللاهوتي والسياسي للشعب الإسرائيلي. لهذا لا يمكن التعامل معها كتاريخ بأي معنى من المعاني الحديثة لهذه الكلمة" (3)
                          ويذكر الهولندي "هوفت جزر" في كتابه "الوعود الإلهية للآباء الثلاثة":
                          "إن كل الوعود التي جاءت على لسان ابراهيم واسحاق ويعقوب بالأرض، تعود إلى وقت واحد في عصر متأخر جداً من زمن الآباء / المفترض/. وكانت هذه الوعود تظهر من قبل أحبار اليهود أثناء الأزمات والأخطار التي كانت تهدد وجودهم. ومعظم هذه الروايات كتبت أثناء السبي البابلي" (4).»
                          «ويشير "كاسيدوفسكي" إلى أن الأمانة التاريخية كانت غريبة على كتّاب التوراة، حيث استخدموا الأساطير التي تتوارثها الأجيال / المشرقية / شفهياً كي يثبتوا أن يهوه هو الذي يتحكم بمصير شعبه المختار منذ أيام ابراهيم. ولكن لحسن الحظ / والقول لكاسيدوفسكي / عند العلماء والباحثين أن الكهنة لم يستطيعوا أن يكونوا منطقيين في عملهم التحويري والتحريضي هذا، فقد تركوا في النصوص التوراتية الكثير من التفصيلات التي أعطتها صلة وثيقة مع ثقافة الرافدين.
                          ويصل للقول: لقد كانت ثقافات السومريين والأكاديين والآشوريين والبابليين هي الأصول القديمة لتلك التفصيلات (5).»
                          ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «قالت الباحثة ”مارغريت ستينر“: إن بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد،ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت أيضًا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).» ومعنى ذلك تكذيب ما يسمونها التوراة فيما روته عن روايات الكهنة والقصاصين.
                          وأضاف قائلاً: «أما عالم الاثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن اسرائيل القديمة توصل علماء الاثار الى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك اي شئ على الاطلاق، حكايات الاباء مجرد اساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)»
                          ويقول توماس طومسون أستاذ علم الآثار فى جامعة ماركويت فى ميلووكى بالولايات المتحدة الأمريكية في كتابه "الماضي الخرافي – التوراة والتاريخ": "لقد بات واضحاً الآن أن الثقة السابقة في وجهة النظر القائلة بأن كتاب التوراة هو وثيقة تاريخية هي في طور الانهيار. فقد تم التعبير عن الشك الواسع الانتشار ليس فقط حول تاريخية آباء سفر التكوين بل تاريخية القصص حول موسى ويشوع والقضاة أيضاً".» (6)
                          «ويشير الباحث "سارنا" sarna في معرض نفيه لأسطورة الخروج من مصر:
                          "إن خلاصة البحث الأكاديمي حول مسألة تاريخية قصة الخروج، تشير إلى أن الرواية التوراتية تقف وحيدة دون سند من شاهد خارجي، كما أنها مليئة بالتعقيدات الداخلية التي يصعب حلها. كل هذا لا يساعدنا على وضع أحداث هذه القصة ضمن إطار تاريخي. يضاف إلى ذلك أن النص التوراتي يحتم محددات داخلية ذاتية ناشئة عن مقاصد وأهداف المؤلفين التوراتيين، فهؤلاء لم يكونوا يكتبون تاريخاً وإنما يعملون على إيراد تفسيرات لاهوتية لأحداث تاريخية منتقاة. وقد تمت صياغة هذه الروايات بما يتلاءم مع هذه المقاصد والأهداف. ومن هنا فإننا يجب أن نقرأها ونستخدمها تبعاً لذلك.»
                          ويصل فى نهاية الأبحاث والحفريات الأثارية إلى هذه النتيجة: «وفي النتيجة يمكن النظر إلى أن ما كتبه الأحبار في سفر الخروج لا يعدو كونه حكايا وخبرات اختزنوها أثناء تجوال العبرانيين بين شمال الجزيرة العربية وسيناء وأطراف كنعان بحيث أسدلوا عليها رداءاً إلهياً وأسقطوها على شخصية مفترضة هي موسى الذي جعلوه نبياً كتب الأسفار الخمسة الأولى من التوراة.»
                          «والغريب أن يرد في سفر التثنية/ الإصحاح الرابع والثلاثين – السطر العاشر / أنه "لم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى". ولكن الحقائق العلمية تؤكد أن كلمة "نبي" لم تدخل قاموس اللغة اليهودية القديمة إلا في زمن متأخر جداً عن عهد موسى المفترض في التوراة!.»
                          وخلص الدكتور بشار خليف إلى قوله: و«الجدير ذكره هنا هو أن التقليد الديني في أوروبا أكد طوال قرون طويلة أن موسى هو مؤلف الكتب الخمسة الأولى من التوراة، ولكن عندما تجرأ الفيلسوف اليهودي سبينوزا (1632-1677)م وأعلن عن شكّه في صحة ذلك التقليد تم طرده من الكنيسة / أمستردام / وأعلنته هرطقياً. وقد سبق سبينوزا إلى هذا الكثير من الفلاسفة والعلماء أمثال: فيلون ويوسف فلافي وابن عزرا وأوريل وداكوست وغيرهم.»
                          «وينفي بدوره وليم ديفر روايات الآباء والخروج ويشوع حيث يقول:
                          "إننا لا نستطيع اليوم أن نبحث عن التاريخ في روايات الآباء والخروج ويشوع. وبصورة خاصة فإن إثبات الفتح العسكري لأرض كنعان/ كما ورد في سفر يشوع / قد غدا مجهولاً لا طائل منه بعد أن جاءت كل الشواهد الأثرية مناقضة له".(13)»
                          يواصل الدكتور بشار خليف قائلاً: «الجدير ذكره هنا هو أن سفر يشوع يتحدث عن اقتحام عسكري لبلاد كنعان من قبل العبرانيين، في حين أن سفر القضاة يتحدث عن دخول سلمي لهم إلى كنعان.»
                          ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «وبعد سنين من المسح والدراسة توصلوا لنتيجة مفادها ان المسح لا يشير الى احتمالية قيام مدن (او حتى بلدات) في منطقة اورشليم قبل عصر الحديد الثاني (اي قبل 1000 ق.م)، الأمر الذي دفع فنكلشتاين، وهو مدير كلية الآثار في تل ابيب، في نهاية المطاف للقول: (أبحاثنا صفعت بشدة مشايخ الصهيونية الذين انشأوا إسرائيل والذين يريدوننا كما (ايغال يادين) ان نحمل لهم ما يؤكد النص لا العكس).»
                          وتوصلت ستينر إلى أن «بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد، ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت ايضا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).
                          أما عالم الاثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن اسرائيل القديمة توصل علماء الاثار الى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك اي شئ على الاطلاق، حكايات الاباء مجرد اساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)». مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك دراسة تعتمد أن مصر التى كان بها بنو إسرائيل هى قرية أو بلدة فى اليمن، وقت أن كانت واقعة تحت السيادة المصرية وحكم فرعون. (الراية القطرية 14/1/2006)
                          ويؤكد البروفيسور اليهودي "إسرائيل شاحاك" فى كتابه (الديانة اليهودية وموقفها من غير اليهود) ص50-52 ما ذهب إليه العلماء السابقين من أن الديانة اليهودية ليست إلا ديانة وثنية، تمتد جذورها إلى الثقافات الوثنية التى كانت تترعرع فى البيئة التى كانوا يعيشون فيها: (أن الديانة اليهودية هي، وكانت دائمًا، ديانة توحيد كما يُعرف في الوقت الراهن كثير من العلماء التوراتيين، وكما تُبين أي قراءة متأنية للعهد القديم بسهولة، فإن هذا الرأي اللا تاريخي خاطئ تمامًا. هناك في كثير من، إن لم نقل في كل أسفار العهد القديم حضور وسلطة لأرباب آخرين معترف بهم صراحة، لكن يهوه أقوى الأرباب، غيور جدًا من منافسيه ويحظر على شعبه عبادتهم. ولا يظهر إلا في نهاية التوراة فقط، لدى بعض الأنبياء المتأخرين، إنكار لوجود جميع الأرباب ما عدا يهوه).
                          الأمر الذى دفع دوائر المعارف العالمية وعلماء الآثار والتاريخ والدين اليهود أنفسهم أن يعترفوا بما أصاب كتابهم المنسوب للرب من تحريف وتنقيح. فتقول جاء "دائرة معارف لاروس" إن: "موسى ولد 1571، وتوفى 1451 ق.م. وقد أسس مدنية وديناً" ولا نملك الكتاب الحقيقي لشريعته، فقد نسبت إليه التوراة أو الكتب الخمسة الأولى من الكتاب المقدس، ولكن هذه التوراة حاملة لآثار لا نزاع فيها من الحواشي والتنقيحات، ومن علاقات أخرى تدل على أنها ألفت بعد الزمان الذي مات فيه موسى بعهد طويل". (أنور الجندي، الإسلام والفلسفات القديمة، دار الاعتصام-القاهرة، ص27).
                          وقد أقر الدكتور هربرت لوي اليهودي في كتابه "أديان العالم الكبرى" نقلا عن (أنور الجندي، المرجع السابق، ص38-39): "إن هناك عقائد دخيلة انسابت إلى اليهودية عن فارس وبابل والإغريق لا سند لها في اليهودية بالذات"
                          ويقول السموأل بن يحيى المغربي (أحد حاخامات اليهود الذين أسلموا في المغرب)، إفحام اليهود وقصة إسلام سموأل ورؤياه النبي، تعليق وتحقيق وتقديم الدكتور محمد عبد الله الشرقاوي من ص 135-139: لا يعتقد أحد من علماء اليهود وأحبارهم أن هذه التوراة التي بأيديهم "أنها المنزلة على موسى ألبته؛ لأن موسى صان التوراة عن بني إسرائيل، ولم يبثها فيهم، وإنما سلمها إلى عشيرته، أولاد ليوى، ودليل ذلك قول التوراة: "وكتب موسى هذه التوراة، ورفعها إلى الأئمة حتى ليو"... ولم يبذل موسى من التوراة لبني إسرائيل إلا نصف سورة يقال لها: "هاأزينو" ... وأيضاً إن الله قال لموسى عن هذه السورة : "وتكون لي هذه السورة، شاهداً على بني إسرائيل" وأيضاً إن الله قال لموسى عن هذه السورة: "لأن هذه السورة لا تنسى، أفواه أولادهم". ويعني ذلك أن هذه السورة مشتملة على ذم طباعهم وأنهم سيخالفون شرائع التوراة، وأن السخط يأتيهم بعد ذلك، وتخرب ديارهم ويشتتون في البلاد. فأما بقية التوراة، فدفعها إلى أولاد هارون، وجعلها فيهم، وصانها عن سواهم. وهؤلاء الأئمة الهارونيون الذين كانوا يعرفون التوراة ويحفظون أكثرها، قتلهم "بخت نصر" على دم واحد، يوم فتح بيت المقدس... فلما رأى "عزرا" أن القوم قد أُحرق هيكلهم وزالت دولتهم وتفرق جمعهم ورفع كتابهم، جمع من محفوظاته ومن الفصول التي يحفظها الكهنة، ما لفق منه هذه التوراة التي بأيديهم الآن"
                          وقد حاول المؤرخ المعروف ول ديورانت (فى قصة الحضارة-الشرق الأدنى، ترجمة محمد بدران، المجلد الأول، ج2، ص27) إحصاء مصادر الفكر اليهودي فلم يكد يغادر من أسطورة أو فكرة وثنية مما سبق تاريخ دينهم أو عاصره من أساطير بابل أو أساطير الجزيرة العربية، والمصادر السومرية، والقصص الشعبية في مصر والهند والفرس واليونان والتبت، والفكر الفرعوني القديم، والفكر الفارسي، وشريعة حمورابي، إلا ووجد أنها جميعاً كانت منبعًا غزيرًا لأسفار العهد القديم. لذلك قرر أن: أسفار العهد القديم جُمِعت لأول مرة في بابل وظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد، ويظهر اسم الكاهن (عزرا) مرتبطاً بتدوين التوراة.
                          ويقول الدكتور أحمد سوسة فى كتابه (العرب واليهود في التاريخ) ص274 إن العالم اليهودي سيلفر يعترف بأن التوراة الحالية لا تمثل توراة موسى الأصلية في أية ناحية وحتى الوصايا العشر التي يكاد العلماء يجمعون أنها الشيء الوحيد المتبقي من التوراة الأصلية لم تكن في شكلها ومضمونها كتلك التي أتي بها موسى.
                          ويواصل الدكتور أحمد سوسة فى نقل اعترافات علماء العهد القديم ص274 قائلا: يعلن مورتكات في كتابه "تاريخ الشرق الأدنى" صراحة بأن التوراة كتاب أسطوري لا دليل على صحة أساطيره فيقول: "لا يمكن الاعتماد من الناحية العلمية على أساطير التوراة التي برهنت الأبحاث الأثرية على عدم صحة تلك الأساطير التي وردت فيها وتوجد أبحاث تبرهن عكس هذه الأساطير".
                          الأمر الذى دعا شربنتية أصطفان إلى وصفه بالكتاب بأنه محير: "إن الكتاب المقدس لا سيما العهد القديم كتاب محير نعلم قبل أن نفتحه أنه الكتاب المقدس عند اليهود و(المسيحيين) ونتوقع أن نجد فيه كلام الله غير ممزوج بأي شيء: أي نوعاً من كتاب للتعليم أو اللاهوت الأدبي. وعندما نفتحه نجد فيه قصصاً من ماضي (شعب) صغير قصصاً كثيراً ما تكون لا فائدة منها فيها روايات لا نستطيع أن نقرأها بصوت مرتفع دون أن نخجل منها، وحروباً واعتداءات وقصائد لا تحملنا على الصلاة وإن سميناها مزامير، وفضائح من أخلاقية قد تخطاها الزمن وكثيراً ما هي مبغضة للنساء، كتاب محير ولكن هل هو كتاب". نقلا عن عبد المجيد همّو: "التوراة من كتبها وكيف"، ص 36.
                          لذلك انتهى بحق أبو الحسن الندوي في كتابه "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين": ط 11، ص191: "... إنهم دسوا في كتبهم الدينية المقدسة معلومات بشرية ومسلمات عصرية عن التاريخ والجغرافيا والعلوم الطبيعية ربما كانت أقصى ما وصلوا إليه من العلم في ذلك العصر. وكانت حقائق راهنة لا يشك فيها رجال ذلك العصر. ولكنها ليست أقصى ما وصل إليه العلم الإنساني".
                          ويضيف الندوى: "ولم يكتف رجال الدين بما أدخلوه في كتبهم المقدسة، بل قد دسوا كل ما تناقلته الألسن واشتهر بين الناس وذكره بعض شُراح التوراة والإنجيل ومفسريها من معلومات جغرافية وتاريخية وطبيعية وصبغوها صبغة دينية وعدوها من تعاليم الدين وأصوله التي يجب الاعتقاد بها ونبذ كل ما يعارضها"
                          ويقول باحث التاريخ الدكتور ياسين سويد فى مقاله (تزوير التوراة): «ويرى سبينوزا أن المعلومات التاريخية عن الكتاب المقدس، "ناقصة، بل وكاذبة"، وان الأسس التي تقوم عليها معرفة هذا الكتاب "غير كافية، ليس فقط من حيث الكم" بحيث لم نستطيع ان نقيمها بشكل صحيح، "بل إنها، أيضًا، معيبة من حيث الكيف"، ولكن الناس المتشبثين بآرائهم الدينية يرفضون "أن يصحح أحد آراءهم" هذه، بل إنهم "يدافعون بعناد" عن هذه الآراء، مهما كانت مغلوطة ومشوشة، كما يدافعون عن "الاحكام المسبقة… التي يتمسكون بها باسم الدين". وهكذا لم يعد العقل مقبولا "إلا عند عدد قليل نسبيًا"»
                          «واستنادا إلى هذه النظريات، يثير سبينوزا تساؤلات مهمة حول اسفار العهد القديم عموما، واسفار التوراة خصوصا، ثم يقرر ما يلي، معتمدا في تقريره على (ابن عزرا): "ان موسى ليس هو مؤلف الاسفار الخمسة (التوراة) بل ان مؤلفها شخص اخر عاش بعد بزمن طويل، وأن موسى كتب سفرا مختلفا»
                          ونقلا بتصرف بسيط عن الدكتور ياسين فى مقاله سابق الذكر: واستند اسبينوزا فى بحثه هذا إلى البراهين التالية:
                          1- ”لم يكتب موسى  مقدمة التثنية لأنه لم يعبر الاردن.“
                          2- ”كان سفر موسى  في حجمه، أقل بكثير من الأسفار الخمسة“ (فقد كتب السفر كله على حافة مذبح واحد، كما سبق لى أن بيَّنت ، ووفقا لما جاء في التثنية 27: 3 ويشوع 8: 32)
                          3- يحكى سفر التثنية بصيغة الغائب عن موسى  ففيه على سبيل المثال: قال موسى لله، وذهب موسى، وكلم الرب موسى، ودعا الرب موسى، وغضب موسى على ضباط الجيش وكتب موسى  هذه التوراة .. إلخ: (9وَكَتَبَ مُوسَى هَذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلمَهَا لِلكَهَنَةِ بَنِي لاوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيل.) تثنية 31: 9، بالاضافة إلى ان سفر التثنية قد روى قصة وفاة موسى ودفنه، وهي قصة لا بد من أن تكون خارجة عن نطاق أعمال موسى .
                          4- عندما يتحدث الراوى، في سفر التكوين (الاصحاح 12) عن رحلة ابراهيم  فى أرض كنعان، يقول: «والكنعانيون حينئذ في الارض» مما يدل على أنهم، أي الكنعانيين، لم يكونوا في هذه الارض عندما كتب هذا الكلام، مما يعني ان هذا الكلام قد كتب بعد موسى، وبعد أن طرد الكنعانيون ولم يعودوا يشغلون هذه المناطق"، وبالتالي، فإن الراوي ”لم يكن موسى، لان الكنعانيين في زمان موسى، كانوا لا يزالون يملكون هذه الارض.“
                          5- ورد في سفر التكوين (22: 14) أن "جبل موريا سمي جبل الله" إلا أن ذلك الجبل لم يحمل هذا الاسم "إلا بعد الشروع فى بناء المعبد"
                          ويستطرد سبينوزا: ”والواقع أن موسى لا يشير إلى أي مكان اختاره الله، بل إنه تنبأ بأن الله سيختار، بعد ذلك، مكانا سيطلق عليه اسم الله.“
                          6- ورد في سفر التثنية (3: 11) عبارة خاصة بعوج ملك باشان: "وعوج هذا هو، وحده، بقي من الرفائيين، وسريره سرير من حديد، أو ليس هو في ربة بني عمون؟ طوله تسع اذرع وعرضه اربع اذرع بذراع الرجل؟ ”وتدل هذه الاضافة“ بوضوح تام، على أن من كتب هذه الأسفار عاش بعد موسى بمدة طويلة وفضلا عن ذلك، فلا شك في أنه لم يعثر على هذا السرير الحديدى إلا في عصر داوود الذي استولى على الرباط (ربة عمون) كما يروي صموئيل الثاني (12: 30).
                          7- وردت في أسفار التوراة أسماء أُطلقت على أمكنة لم تعرف بها في عهد موسى، بل عرفت بعده بزمن طويل، مثل ما ورد في سفر التكوين أن إبراهيم تبع أعداءه حتى «دان»: (14فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ.) تكوين 14: 14. ولم تحمل "دان" هذا الاسم إلا بعد موت يشوع بمدة طويلة، كما ورد في سفر القضاة: (وصعدوا وحلّوا في قرية يعاريم في يهوذا. لذلك دعوا ذلك المكان محلّة دان الى هذا اليوم. هوذا هي وراء قرية يعاريم.) القضاة 18: 12 ، (ودعوا اسم المدينة دان باسم دان ابيهم الذي ولد لاسرائيل. ولكن اسم المدينة اولا لايش.) القضاة 18: 29
                          8- كثيرا ما يتجاوز الراوي، في رواياته في أسفار التوراة، حياة موسى ، كأن يروي، في سفر الخروج أن بني إسرائيل أكلوا (... الْمَنَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى جَاءُوا إِلَى أَرْضٍ عَامِرَةٍ. أَكَلُوا الْمَنَّ حَتَّى جَاءُوا إِلَى طَرَفِ أَرْضِ كَنْعَانَ)الخروج 16: 35 حيث (12وَانْقَطَعَ الْمَنُّ فِي الْغَدِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ, وَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَنٌّ. فَأَكَلُوا مِنْ مَحْصُولِ أَرْضِ كَنْعَانَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.) يشوع 5: 12، ومعلوم أن موسى قد مات قبل دخول العبرانيين إلى أرض كنعان وأكلهم من غلتها.
                          أو أن يروى في سفر (التكوين 36: 31) عن ملوك بنى إسرائيل الذين حكموا أرض أدوم (31وَهَؤُلاَءِ هُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ مَلَكُوا فِي أَرْضِ أَدُومَ قَبْلَمَا مَلَكَ مَلِكٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.) ومعلوم أنه لم يخضع الأدوميين لحكم العبرانيين إلا زمن داود، أى بعد موسى بحوالى 540 سنة، حيث جعل داود (فِي أَدُومَ مُحَافِظِينَ. وَضَعَ مُحَافِظِينَ فِي أَدُومَ كُلِّهَا. وَكَانَ جَمِيعُ الأَدُومِيِّينَ عَبِيداً لِدَاوُدَ. ...) صموئيل الثانى 8: 14، مما يؤكد أن كاتب سفر التكوين قد عاش بعد داود.
                          وعن مملكة داود وسليمان «يقول الباحث الفرنسي "بيير روسي": "إن التاريخ المصنوع للعبرانين خارج النصوص التوراتية هو الصمت الكلي المطبق. فلا الكتابات المنقوشة على الآثار ولا القوانين ولا الدساتير تكشف أثراً قليلاً للعبرانيين. فعلى آلاف النصوص المسمارية أو المصرية أو مكتبة أوغاريت أو نينوى، وحتى في النقوش الآرامية. في ذلك كله لا تذكر كلمة عبري وأشهر ملوك التوراة هما داود وسليمان لم يصبحا قط موضوع وقائع تاريخية. ليس هناك أبداً ذكر للملحمة والوقائع الحربية المعزّوة لعبور العبرانيين. فالعدم كامل، مثلما هو قطعي وجازم ".(14)»
                          «بعد هذا، حريّ بنا مثلاً أن نلاحظ أن شيخ القبيلة العبرانية / وليس الملك / شاؤول والذي ألصق به التوراة في حوالي / 1020 /ق.م صفة شيخ بدوي في خيمة قرب بلدة جبعة شمال القدس.. سوف يكون في حوالي/932/ ق.م بانياً للمدن المسوّرة والهياكل الضخمة حسب التوراة، علماً أن هذه الفترة كانت تشهد تشرذم هذه القبائل وتفتتها.
                          وبدوره الباحث لينش يشكك في وجود المملكة العبرانية لداود وسليمان حيث يقول: "إنني شخصياً أجد هذه الأفكار غير قابلة للتصديق إلى حد بعيد، حيث لا توجد أي آثار تدل على وجود سليمان وداود أو حدوث أي من الأحداث المرتبطة به " (15).»
                          ويقول "زئيف هرتسوغ" المؤرخ "الإسرائيلي" المناهض للمزاعم التوراتية: «ان جميع الروايات التوراتية وحروب بني "اسرائيل" بقيادة "يشوع بن نون" لا تستند الى أي واقع حقيقي.»
                          ويقول عن المدن الكنعانية: «تبالغ التوراة كثيرا في تصوير قوة تحصينات المدن الكنعانية التي يقال بان بني "اسرائيل" قد غزوها: ”مدن كبيرة ومحصنة ومرتفعة حتى السماء"(السفر 9ـ1)“ في حين اظهرت جميع المكتشفات الاثرية ان مدن تلك المرحلة لم تكن تحتمي باية تحصينات عدا قصر الحاكم والامير. الى ذلك فان الثقافة المعمارية التي كانت سائدة في فلسطين عند نهاية العصر البرونزي لم تكن تضع احتمالات الغزو العسكري في حساباتها.. كما يؤكد "هرتسوغ" بان الوصف التوراتي لا يتطابق اطلاقا مع الواقع الجيوسياسي للمنطقة. ذلك ان فلسطين كانت في الواقع تحت السيطرة المصرية وقد ظلت كذلك حتى منتصف القرن الثاني عشر بعد الميلاد. اضافة الى ان المراكز الادارية المصرية كانت واقعة في غزة ويافا وبيت شيئان، ومن المستغرب ان التوراة لم تذكر اطلاقا ذلك الوجود المصري في نصوصها المزعومة.»
                          الأمر الذى دعا (هرتسوغ) إلى القول: «يبدو وكأن كاتب التوراة، وزملاءه الذين قاموا بمراجعة ما كتب، لم يكونوا على معرفة بتلك الحقائق التاريخية التي لا تحتاج الى دلائل.»
                          «ويناقش توماس طومسون في كتابه "التوراة والتاريخ – الماضي الخرافي" مرويات المملكة العبرانية لداود وسليمان، بحيث يقول: "أن تلك الصور/ التوراتية / لا مكان لها في أوصاف الماضي التاريخي الحقيقي، إننا نعرفها فقط كقصة وما نعرفه حول هذه القصص لا يشجعنا على معاملتها كما لو أنها تاريخية. ولا يتوافر دليل على وجود ملكية متحدة، ولا دليل على وجود عاصمة في أورشليم أو على وجود أي قوة سياسية موحدة ومتماسكة هيمنت على فلسطين الغربية، ناهيك عن إمبراطورية بالحجم الذي تصنعه الحكايات الأسطورية. ولا يوجد أي دليل على وجود ملوك يدعون شاؤول وداود وسليمان" (17).»
                          «وهذا ما دفع بالباحثة والمنقبة "مارغريت شتاينر" بعد أن أجرت دراساتها على اللقى الأثرية في موقع أورشليم للقول: "لم يكن / للملك / داود مدينة ليعمرها في مطلع القرن العاشر ويجعلها عاصمة للمملكة الموحدة، لأن مثل هذه المدينة لم تكن موجودة في ذلك الزمن. كما أن الوصف الذي نجده في أسفار التوراة لمدينة أورشليم لا ينطبق إلا على مدينة القرن السابع" (18).»
                          ويقول زئيف هرتسوغ: «فمن الواضح ان (قدس داوود وسليمان) كانت مدينة صغيرة مع قلعة صغيرة مخصصة لقصر الملك ـ هذا اذا كانت قد قامت بالفعل ـ إنما يمكن الجزم بصورة قاطعة بأن القدس لم تكن إطلاقا عاصمة مملكة كبيرة كما تذكر المزاعم التوراتية.»
                          ويضيف هرتسوغ قائلاً: «يبدو أن الذين قاموا بكتابة نصوص التوراة كانوا يعرفون قدس القرن الثامن قبل الميلاد بجدرانها وبثقافتها الغنية التي تم العثور على بقايا آثارية دالة عليها في أنحاء مختلفة من القدس بواسطة التنقيبات الآثارية في المدينة.. وهذا ما جعل هؤلاء الكتاب المزورين يخترعون قصة المملكة "الإسرائيلية" المتحدة. إضافة إلى أن مدينة القدس لم تكتسب دورها المهم سوى بعد تدمير السامرة، منافستها الشمالية، في العام 722 قبل الميلاد».
                          ويضيف أيضًا قائلاً: «إن معظم الإسرائيليين والعلماء الباحثين التوراتيين الذين قاموا بأبحاث وحفريات لتعزيز واقعية قصص العهد القديم يوافقون على حقيقة أن مراحل تشكل الشعب اليهودي كانت مختلفة تماما عن ما ورد في التوراة. لكن المجتمع الإسرائيلي ليس مستعدا بعد لمناقشة موضوع كهذا وهو يفضل تجاهل كامل المسألة برمتها.» وأضيف عليه قائلا: إن المسيحيين فى العالم العربى
                          ويقول باحث التاريخ الدكتور ياسين سويد فى مقاله (تزوير التوراة): إن ”طومسون“ يعتمد على نظرية ”ويلهاوزن“ في «الفرضية الوثائقية» التي ترى أنه يجب فهم ”المصادر الأربعة للأسفار الخمسة الأولى“ من العهد القديم على أنها وثائق أدبية تم تأليفها وقت كتابتها، وهي انعكاس صادق لفهم ومعرفة مؤلفيها وعالمهم، وعلى هذا فلا يمكن اعتبارها تاريخا يعتد به، كما انه لا يمكن الاستفادة منها لاعادة تشكيل تاريخ "اسرائيل" القديم، السابق على وقت تأليفها.
                          ويقول الباحث السورى فراس سواح فى حواره مع جريدة ”الوطن“ السورية عن سؤال المحاور القائل: «تروي التوراة في سفر يشوع عملية تدمير ثلاث مدن كبرى وإحراقها وقتل سكانها عن بكرة أبيهم وهي مدن أريحا وعاي وحاصور. فماذا تقول نتائج التنقيب الاركيولوجي في هذا؟»
                          يجيب فراس سواح قائلاً: «فيما يتعلق بأريحا، تعطي التوراة وصفًا دراميًا حيًّا لاقتحام المدينة وتدميرها. فبعد الدوران حول السور ست مرات حاملين تابوت العهد، تسقط الأسوار من تلقاء ذاتها أمام الإسرائيليين الذين يدخلون المدينة ويقتلون من فيها من رجل وامرأة وطفل وشيخ وبقر وغنم وحمير.
                          وقد فسر بعض المؤرخين سقوط أريحا على أنه نتيجة زلزال نسبه المهاجمون إلى معجزة من الرب. ولكن لعلم الآثار رأيًا مختلفًا في هذا الموضوع. فرغم أن الزلازل كانت متكررة الوقوع في فلسطين. وأن سور أريحا قد تصدع بسببها أكثر من مرة، إلا أن كلا من آثار الدمار الزلزالية في أريحا تعود إلى أزمنة سابقة بكثير للتاريخ المفترض لاجتياح الإسرائيليين. وقد ثبت أن آخر الزلازل المدمرة قد وقع في العصر البرونزي الأول حوالي عام 2300ق.م وأن المدينة قد بنيت مجددًا في العصر البرونزي الوسيط حوالي عام 1900 حيث استمرت الحياة فيها إلى عام 1560 ثم هجرت تمامًا. وعندما عادت الحياة إليها في العصر البرونزي الأخير انتعشت جزئيًا لفترة قصيرة، ولكن دون أسوار أو تحصينات ، فتهجر قبل نهاية عام 1300ق.م ، ويغمرها النسيان إلى ما بعد العصر الحديدي الأول خلال مطلع الألف الأول ق.م أي أنه لم يكن هناك مدينة اسمها أريحا عندما دخل الإسرائيليون إلى فلسطين حوالي 1200ق.م.
                          وفيما يتعلق بمدينة عاي تشير البينات الآثارية إلى أن المدينة قد انتهت تمامًا قبل ألف عام من وصول الإسرائيليين، وعلى ذلك فإن أوائلهم لم يسمعوا إلا بذكرى تلك المدينة العظيمة التي ازدهرت في مطلع العصر البرونزي. وتم الكشف في المستويات العليا لموقع المدينة على قرية صغيرة غير ذات شأن تعود إلى عصر الحديد الأول، أي بعد فترة لا بأس بها من دخول الإسرائيليين.
                          أما مدينة حاصور ، فتدل التنقيبات الأثرية في الموقع على أن المدينة قد دمرت تماماً في نهاية القرن الرابع عشر ق.م. وهو التدمير الذي يتطابق في تاريخه مع حملة الفرعون سيتي على سوريا الجنوبية ثم أعيد بناء المدينة مباشرةً لتحترق وتدمر بعد فترة قصيرة دون أن تصل حياتها إلى أواخر القرن الثالث عشر، وتعاصر فترة دخول الإسرائيليين، وقد كشف في موقع المدينة على قرية صغيرة تعود إلى العصر الحديدي الأول. في مطلع الألف الأول ق.م.
                          من هذه الأمثلة الثلاثة ومن مطابقة بقية الرواية التوراتية لاقتحام فلسطين على نتائج التنقيب الاركيولوجى. نستنتج أن مؤلفي التوراة قد ضموا في رواية واحدة أزمنة وأحداثاً متباعدة لا يربطها رابط، وصاغوها ضمن تسلسل زمني فشكلوا منها رواية متماسكة من بدايات توافدهم في أرض كنعان.»
                          يواصل المحاور لفراس سواح بسؤال عن مدى صدق ما يحكيه الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص عن كيفية اقتحام بنى إسرائيل أرض كنعان واستيلائهم على فلسطين، فيقول: «بعد سفر يشوع الذي وصف اقتحام القبائل الإسرائيلية الإثني عشر أرض كنعان واستيلائها على فلسطين الداخلية كاملة، نجد سفر القضاة يعطينا صورة مختلفة عن تلك القبائل المنتصرة؟»
                          فأجاب فراس سواح قائلا: «بعد الاستقرار في الأرض الجديدة ، نجد أن القادمين الجدد ليسوا إلا جماعات مفككة منقسمة إلى فريقين متخاصمين هما القبائل الشمالية والقبائل الجنوبية، وأن خطاً من المدن الكنعانية القوية تشكله أورشليم وجازر وعجلون ، يفصل بين المجموعتين ويمنع اتصالهما ، وإن كثيراً من المدن الكنعانية التي من المفترض أنها وقعت أيدي الإسرائيليين إبان اجتياحهم ، تعيش حياتها الطبيعية كمدن مستقلة، كما نجد أن منتصري الأمس ليسوا إلا فرقاً مستضعفة واقعة تحت نير جيرانهم الفلستيين، يضطهدونهم ويسومونهم سوء العذاب.
                          ويفسر المؤرخون من ذوي الاتجاه التوراتي هذا الواقع المتناقض تفسيرات أكثر تناقضاً وأقرب إلى النفس اللاهوتي منها إلى المنطق التاريخي. ولنقرأ على سبيل المثال ما يقوله عالم اللغات القديمة اللامع البروفيسور سيروس هـ. غوردن في كتابه الشرق الأدنى القديم الذي أفرد ثلثيه لتاريخ بني إسرائيل في معرض تفسيره لأحوال الإسرائيليين في عصر القضاة يقول غوردن: عند اقتحام أرض كنعان لم يمارس الإسرائيليون عملية إبادة كاملة للكنعانيين ولم يطردوهم من أرضهم ومدنهم.»
                          فقارن هذا بما يقوله الكتاب من إبادة جماعية لأهل البلاد الأصليين: (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ.) يشوع 6: 21
                          يواصل فراس سواح قائلاً: «لقد دام عصر القضاة أكثر من قرنين من الزمان، ومع ذلك لم يستطع علم الآثار تقديم أي دليل على وجود الإسرائيليين خلال هذه الفترة في فلسطين. فإما أن يكون القادمون الجدد على جانب كبير من الهمجية والتخلف إلى درجة لم تمكنهم من التأثير بجيرانهم المتطورين وتطوير ثقافة خاصة بهم خلال قرنين من الزمن وهذه فرصة أقرب إلى المستحيل ، أو أن هؤلاء القادمين المفترضين لم يكن لهم وجود تاريخي قط.»
                          أما ”كيث وايتلام“ أستاذ العلوم الكتابية فى قسم الدراسات اللاهوتية في جامعة "ستيرلينغ" في سكوتلاندا، أصدر كتابه "اختراع (إسرائيل) وحجب فلسطين" سنة 1996 في كلّ من نيويورك ولندن في نفس الوقت. اتفق فيه مع طومسون في كثير من الاستنتاجات ويشير إلى أن هناك عمليّة طمس ممنهجة لكثير من الدلالات التاريخية للمكتشفات الأثرية ومحاولة لتفسيرها بطريقة مغلوطة في أغلب الأحيان.
                          كما يُركِّز وايتلام على البعد السياسي من وراء محاولات الطمس والتفسير المغلوط للتاريخ ، حيث يذكر «أن تاريخ (إسرائيل) المخترَع في حقل الدراسات التوراتية كان وما زال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون الممالك اليهودية عليه، وليس ما كانت عليه في الواقع».

                          تعليق

                          • abubakr_3
                            مشرف عام

                            • 15 يون, 2006
                            • 849
                            • مسلم

                            #28
                            س174- اتهم الفريسيون يسوع بأنه يطرد الشياطين المتلبسة البشر عن طريق الاستعانة برئيس الشياطين وإن شئت قلت عن طريق مارد منهم. فهل هذا صحيح؟ (33فَلَمَّا أُخْرِجَ الشَّيْطَانُ تَكَلَّمَ الأَخْرَسُ فَتَعَجَّبَ الْجُمُوعُ قَائِلِينَ: «لَمْ يَظْهَرْ قَطُّ مِثْلُ هَذَا فِي إِسْرَائِيلَ!» 34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَقَالُوا: «بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ».) متى 9: 33-34
                            (22حِينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ حَتَّى إِنَّ الأَعْمَى الأَخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ. 23فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوعِ وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟» 24أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «هَذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ». 25فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. 26فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ 27وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذَلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! 28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!) متى 12: 22-28
                            إن هذه النصوص تشير صراحة إلى خبرة الفريسيين واضطلاعهم بالسحر، وتمكنهم منه. وهذا يعنى أن كاتب هذه النصوص يشير من بعيد إلى علاقة الفريسيين بالسحر.
                            كما أن قول يسوع إنه لو أخرج الشيطان شيطانًا مثله، لخربت مملكة الشياطين، ولما أصبح لها وجودًا، وهو أمر غير واقع وغير محتمل. وهو فى الحقيقة رد جميل مقنعًا: فلو يحارب رئيس الشياطين رجاله، ويُخرجهم، لما تبقت لهم مملكة على الأرض، ولهلكوا جميعًا: (كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. 26فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟)
                            والآن كيف تنقسم مملكة الشياطين على بعضها وتفسد، إلا إذا كان يسوع يقتل الشياطين التى تعتدى على المؤمنين، كما قتل الخنازير والشياطين بداخلها، عندما سمح لهم الدخول فى الخنازير؟ لأنه لو أخرج شيطان صديقه من الشياطين، لما كانت هناك مشكلة، فسوف يخرج ويذهبا سويًا لآخر!
                            فكيف يتفق قتله للشياطين مع مناداة يسوع بمحبة الأعداء، والاستسلام لهم؟
                            وقال لهم أيضًا: (27وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟) متى 12: 27، أليس هذ دليل على علمه أن الفريسيين يخرجون الشياطين مستخدمين وسائل غير مشروعة مثل السحر؟ فلماذا لم يأمر بقتلهم رجمًا؟ أم لم يكن عنده يقين من هذا ولم يتعد الأمر غير أنه أراد أن يسبهم، أو يرد عليهم الإتهام بهتانًا دون يقين؟
                            وفى النهاية أقر يسوع أنه عبد من عباد الله، يؤيده الله تعالى مثل باقى أنبيائه بالمعجزات، فقال لهم: (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ) متى 12: 28
                            فقال اثنان من تلاميذه كانا يتجها لقرية عمواس عندما سألهما يسوع عما يتطارحانه من كلام: لوقا 24: 19 (... فَقَالاَ: «الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ.)
                            وقال بطرس: أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه، ) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                            وقال أيضًا: أعمال الرسل 3: 26 (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                            وقالا بطرس ويوحنا: أعمال الرسل 4: 27 (27تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه،) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                            وقالا أيضًا: أعمال الرسل 4: 30 (30باسِطًا يدَكَ لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                            وها هو دانيال يؤكد أن كل أنبياء الله عبيد له: دانيال 9: 6-11 (6وَمَا سَمِعْنَا مِنْ عَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ بِـاسْمِكَ كَلَّمُوا مُلُوكَنَا وَرُؤَسَاءَنَا وَآبَاءَنَا وَكُلَّ شَعْبِ الأَرْضِ. .... 10وَمَا سَمِعْنَا صَوْتَ الرَّبِّ إِلَهِنَا لِنَسْلُكَ فِي شَرَائِعِهِ الَّتِي جَعَلَهَا أَمَامَنَا عَنْ يَدِ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ. 11وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَعَدَّى عَلَى شَرِيعَتِكَ وَحَادُوا لِئَلاَّ يَسْمَعُوا صَوْتَكَ فَسَكَبْتَ عَلَيْنَا اللَّعْنَةَ وَالْحَلْفَ الْمَكْتُوبَ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ لأَنَّنَا أَخْطَأْنَا إِلَيْهِ.)
                            وأقر التلاميذ أن يسوع عبد الله ورسوله: أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، ....) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                            وها هو بولس يؤكد عبودية يسوع لله:
                            فقد أقر بولس أن يسوع عبد خاضع لله تعالى: كورنثوس الأولى 15: 28 (24وَبَعْدَ ذَلِكَ النِّهَايَةُ مَتَى سَلَّمَ الْمُلْكَ لِلَّهِ الآبِ مَتَى أَبْطَلَ كُلَّ رِيَاسَةٍ وَكُلَّ سُلْطَانٍ وَكُلَّ قُوَّةٍ. ............ 28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.)
                            فكيف يكون هو الله وهو عبد خاضع لسيده يوم الحساب؟
                            وأقر أعداؤه أنه رسول لله تعالى: يوحنا 3: 1-2 (1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
                            س175- يقول يسوع لدى لوقا: (13لاَ يَقْدِرُ خَادِمٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ».) لوقا 16: 13
                            وهذا لا يعنى إلا أنه لا يمكن أن يخدم الإنسان الاثنين معًا. فإما أن يخدم الله، ويكون عبدًا له، أو يخدم المال ويكون عبده. ولا بد أن يختار المرء واحدة منهما، لأن الشرط الذى وضعه يسوع يحدد أنهما لا يجتمعان أبدًا.
                            إن يسوع يقصد أن الاهتمام بالمال لا يجب أن يكون هو شغل الإنسان الشاغل، فهو ليس الهدف الذى من أجله يجب علينا أن نعيش، ولا يجب أن نيمم وجهتنا لجمعه، بل لرضى الله تعالى فى كيفية جمعه، وفى كيفية إنفاقه. ولو أصبح المال هو شغلنا الشاغل دون أن نهتم بكيفية الحصول عليه ولا إنفاقه، فقد ابتعدنا عن الله، وأصبحنا عبيدًا للمال، يتحكم فى أخلاقنا وتصرفاتنا، وديننا، بدلا من الله تعالى وشريعته.
                            وعلى الجانب الآخر يقول يسوع فى نفس الإصحاح أنه عليك أن تصنع أصدقاء، ولا يهمه إن كان مال ظلم أم لا. (9وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ: اصْنَعُوا لَكُمْ أَصْدِقَاءَ بِمَالِ الظُّلْمِ حَتَّى إِذَا فَنِيتُمْ يَقْبَلُونَكُمْ فِي الْمَظَالِّ الأَبَدِيَّةِ.) لوقا 16: 9
                            فما هو مال الظلم هذا؟ إنه المال الذى تكسبه عن طريق ظلمك لآخر، أى إنه المال الحرام، الذى يأتى بصورة غير شرعية، ونفهم هذا من الترجمة العربية المشتركة، التى تقول إنه المال الباطل: (وأنا أقولُ لكُم: إجعلوا لكُم أصدِقاءَ بالمالِ الباطِلِ، حتّى إذا نفَدَ قَبِلوكُم في المَساكِنِ الأبدِيَّةِ.)
                            ومن الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، التى تقول إنه المال الحرام: (وأَنا أَقولُ لَكم: اِتَّخِذوا لكم أَصدِقاءَ بِالمالِ الحَرام، حتَّى إِذا فُقِدَ قَبِلوكُم في المَساكِنِ الأَبَدِيَّة.)
                            فهل نفهم من ذلك أن دعوته لإقتناء المال الحرام مستثناة من الشرط الذى اشترطه من قبل؟ أى إما أن يخدم الإنسان الله ويقتنى المال الحرام، أو يخدم المال الحلال من التجارة وغيرها؟
                            وهل نفهم من ذلك أن دعوته لإقتناء المال لصناعة الأصدقاء كانت على حساب عبودية المؤمن لله؟
                            وهل من قال المقولة الأولى هو نفسه قائل المقولة الثانية المتعارضة معها؟
                            وهل يسوع بهذا كان يتبع إبراهيم عليه السلام، الذى كانت له أملاك وأراضى وماشية، أم إنه أتى بدين جديد لا علاقة له بالنامس والأنبياء؟
                            (16فَسَمِعَ إِبْرَاهِيمُ لِعِفْرُونَ وَوَزَنَ إِبْرَاهِيمُ لِعِفْرُونَ الْفِضَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي مَسَامِعِ بَنِي حِثَّ. أَرْبَعَ مِئَةِ شَاقِلِ فِضَّةٍ جَائِزَةٍ عِنْدَ التُّجَّارِ. 17فَوَجَبَ حَقْلُ عِفْرُونَ الَّذِي فِي الْمَكْفِيلَةِ الَّتِي أَمَامَ مَمْرَا الْحَقْلُ وَالْمَغَارَةُ الَّتِي فِيهِ وَجَمِيعُ الشَّجَرِ الَّذِي فِي الْحَقْلِ الَّذِي فِي جَمِيعِ حُدُودِهِ حَوَالَيْهِ 18لإِبْرَاهِيمَ مُلْكاً لَدَى عُيُونِ بَنِي حِثَّ بَيْنَ جَمِيعِ الدَّاخِلِينَ بَابَ مَدِينَتِهِ.) تكوين 23: 16-18
                            وترى عالمة الميثولوجى باربارا ج. فالكر فى كتابها (Das geheime Wissen der Frauen) ص651-652 أن ترجمة Mammon كانت ترجمة خاطئة، اعتقد المترجم أنها تعنى (المال)، وهى تعنى الإلهة (مامرا) وسلطانها، أو الجانب الأنثوى للرب. وعلى ذلك كان يسوع يخير أتباعه بين عبادة الله وحده لا شريك له، وبين عبادة إلهة أخرى. أو قل يخيرهم بين الجانب الذكورى ليهوه أو الجانب الأنثوى المتمثل فى مامرا. فهل هذه دعوة توحيد أم دعوة للشرك بالله؟ هل تعتقد أن كاتب هذا الكتاب كان من المؤمنين بيسوع أم من أعدائه الذين شوهوا دعوته؟
                            لذلك قامت بعض التراجم بتجنب ترجمة النقود، وكتبتها مامون: ومنها التراجم الألمانية الآتية:
                            Kein Knecht kann zwei Herren dienen: entweder er wird den einen hassen und den andern lieben, oder er wird dem einen anhangen und den andern verachten. Ihr kِnnt nicht Gott samt dem Mammon dienen. (Luther 1912, Luther 1984, Menge, NGـ, Neـ, Schlachter 2000, Zürcher, Einheitsübersetzung)
                            ومن التراجم الإنجليزية التى ترجمتها مامون (AMP, DARBY, KJ21, NKJV,)، بينما اتفقت التراجم العربية كلها على ترجمة الكلمة بـ المال
                            وترجمتها الترجمة الألمانية (NLB) بالنقود، وترجمتها الترجمة الإنجليزية الآتية بالنقود (CEV, ESV, NIRV, NIV, NLT, TNIV, Worldwide ) أو بالبنك (MSG) أو بالثروة (NASB)
                            ولا نستبعد أن يكون كاتب هذا السفر من اليهود الذين لم يتخلصوا من الوثنية والشرك القديم، حيث كانوا يعبدون البعل والبعليم، وأشيرا، ويهوه. أو هكذا أرادوا أن يكون الموحدين الأول من النصارى، إفسادًا لدينهم وعقيدتهم. فقد اكتشف حديثًا وثائق مسمارية فى كوم شامرا تشير إلى أن الإله يهوه كان اسم إله كنعانى، يُعبد مع زوجته أشيرة أو إشراحة:
                            نشرت جريدة الاتحاد الصادرة بتاريخ (الأربعاء 4 / 3 / 2000) على شبكة الإنترنت تحت عنوان ”المؤرخ الإسرائيلى هرتسوغ يفضح الأكاذيب التوراتية والآثار التى اكتشفها اليهود تنفى قيام دولة إسرائيل التاريخية“، جاء فيها أن هرتسوغ قال: ”إن فى موقعى قنطرة اجرود، فى الجنوب الغربى لمرتفعات النقيب وخربة الكوم عند سفح جبال يهودا، تم العثور على كتابات عبرانية تذكر يهوه وايشراحة، يهوه شومرون وايشراح، مما يعنى إصرار كُتَّاب التوراة على عدم الفصل ما بين الإله يهوه وزوجته ايشاح، بحيث كانت الصلوات تردد الاسمين معًا، وهذا كاف بحد ذاته لتأكيد عدم إمكان اعتماد وحدانية الآلهة فى الدين الرسمى لمملكة إسرائيل المزعومة“.
                            وأعيد نشر هذه الفضيحة فى عدة مواقع على الإنترنت ، كلها تقريبًا لا تفتح إلا موقعًا واحدًا ، يذكر زوجة يهوه تحت اسم (أشيرة) ، وجاء هذا المقال تحت عنوان: (أسرار أكبر عملية تزييف آثار تتولاها اسرائيل). وتذكرها مواقع أخرى باسم (ايشاح). (انظر أيضًا (تابوت يهوه ، للعميد مهندس جمال الدين شرقاوى ص126)
                            http://www.almotamar.net/news/print....567&mode=print
                            س176- إن المؤرخ المحايد الذى يحترم عقول من يكتب إليهم لا يضع حكمًا مسبقًا أو يفترض نتيجة مسبقة، ثم يجرى هنا وهناك، ويحاول لى عنق الحقائق أو تصيُّد مواقف معينة وحوادث هامشية، من شأنها إثبات افتراضاته ووجهة نظره. إن المؤرخ المحايد ليترك الوقائع والحقائق تتكلم، ويترك تحليلها لغيره.
                            إلا أن كُتَّاب الأناجيل ساروا على نهج غير محايد، فلم يهمهم أن يعرفوا شيئًا عن حياة يسوع، ولا عن كيفية معيشته، ولا عن تعاليمه، التى خالفت تعاليم الأنبياء، ولا عن معاملته للنساء، ولا شكل ملابسه، ولا مسكنه. بل كل ما أهمهم هم معجزات يسوع وآلامه، وكيف تثبت إشارات العهد القديم عن المسِّيِّا عليه. أى كيف يصنعونه مسِّيِّا اليهود، ونبى آخر الزمان.
                            لذلك تجد أن أول كاتب من كتبة العهد الجديد وهو بولس لم يذكر مريم، ولم يذكر شيئًا عن حياتها أو أسرتها، ولا كيفية ميلاد يسوع، ولا شيئًا من تعاليم يسوع عن ملكوت الله، وقالها صراحة إنه لا يريد أن يعرف شيئًا إلا يسوع المصلوب: (2لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً.) كورنثوس الثانى 2: 2
                            فلم يتبع كتبة الأناجيل طريق يسوع ونهجه فى الحياة، بل كان بالنسبة لهم هو المسِّيِّا، ومن ثمَّ كتبوا ما يحاولون به إثبات ذلك. لذلك جعلوه من نسل داود، وهو أهم الشروط التى يجب أن تتوفر فى المسِّيِّا عندهم، لذلك قال ملاك الرب لمريم عند لوقا قولا لم تفهمه هى نفسها، وهو أن المولود منها سيدعى ابن العلى، وسوف يتولى عرش داود، وسيكون ملكوته للأبد: (وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. 32هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».) لوقا 1: 31-33
                            لكن لماذا نرفض أن يكون قد نزل ملاك بهذا القول أو حتى فهمت مريم هذا القول لو افترضنا جدلا وقاله هذا الملاك؟
                            إن السبب بسيط جدًا، وهو أن الرب بنفسه حرَّم أن يجلس نبيًا من نسل داود على عرشه من بعد أو يتولى الحكم. فقال: (20[هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: إِنْ نَقَضْتُمْ عَهْدِي مَعَ النَّهَارِ وَعَهْدِي مَعَ اللَّيْلِ حَتَّى لاَ يَكُونَ نَهَارٌ وَلاَ لَيْلٌ فِي وَقْتِهِمَا 21فَإِنَّ عَهْدِي أَيْضاً مَعَ دَاوُدَ عَبْدِي يُنْقَضُ فَلاَ يَكُونُ لَهُ ابْنٌ مَالِكاً عَلَى كُرْسِيِّهِ وَمَعَ اللاَّوِيِّينَ الْكَهَنَةِ خَادِمِيَّ.) إرميا 33: 21
                            لذلك فعيسى ليس المسِّيِّا لأنه من نسل داود كما تقول كتبكم، فهو من المحرومين من الملكوت ، وليس له أن يتولى الحكم أو حتى النبوة. وهذا هو السبب الذى جعلهم يحذفون يهوياقيم من نسله: (30لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: لاَ يَكُونُ لَهُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَتَكُونُ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً لِلْحَرِّ نَهَاراً وَلِلْبَرْدِ لَيْلاً.) إرميا 36: 30
                            إضافة إلى تحريم الرب الجلوس على عرش داود مرة أخرى لنسل يكنيا: (30هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: [اكْتُبُوا هَذَا الرَّجُلَ عَقِيماً رَجُلاً لاَ يَنْجَحُ فِي أَيَّامِهِ لأَنَّهُ لاَ يَنْجَحُ مِنْ نَسْلِهِ أَحَدٌ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَحَاكِماً بَعْدُ فِي يَهُوذَا].) إرمياء 22: 30
                            لذلك قام لوقا بإلغاء اسم يكنيا من نسبه، ليخفى بها لعنة الله تعالى عليه، وليُظهر يسوع بأنه صاحب الحق فى وراثة عرش داود، لذلك نسب شألتئيل إلى نيرى وليس ليكنيا كما جاءت فى (أخبار الأيام الأول 3: 17)
                            بل نفى يسوع نفسه أن يكون المسِّيِّا من نسل داود قائلا: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
                            لقد آمن الإنجيليون أن يسوع هم المسِّيِّا، وعلى ذلك كان لا بد بالنسبة لهم أن يكون ابن داود، ولم يكن لهم أدنى حاجة لوجود وثائق تؤكد ما يؤمنون به. فإيمانهم كاف، حتى لو يُعارض بعض نصوص الكتاب نفسه. ومن ثم أعطوا يسوع شرعية ما يؤمنون به. لذلك اخترع كل من متى ولوقا كل بمفرده شجرة نسب ليسوع. ويمكن للمرء التعرف على بعد كل شجرة منهما عن حقيقة التاريخ وواقعه، فقط بمجرد النظر إليهما.
                            فعلى سبيل المثال يوجد عند متى بين زربابل ويوسف 9 أجيال، بينما يذكر لوقا 18 جيلا بينهما، لذلك يحاول شراح الأناجيل التوفيق بين هذه المعطيات دون جدوى.
                            يؤكد لوقا على لسان مريم أم يسوع أنها قالت لملاك الرب إنها لا تعرف رجلا: (34فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟») لوقا 2: 34، ولو كانت مريم مخطوبة، لاعتبرت كلام ملاك الرب بشرى لها بإتمام هذا الزواج، وبإنجاب يسوع كثمرة لهذا الزواج. كما أكد متى أن يسوع أنجب من الروح القدس. وكل هذا يؤكد أن يوسف ليس الآب البيولوجى ليسوع. فما فائدة كل هذه الأنساب التى تنتهى بيوسف؟ فهل كان كتبة الأناجيل فى شك أو حرج من القول بولادة يسوع من امرأة دون رجل، فاخترعا قصة يوسف النجار، وكتبا هذا النسب دون اتفاق مسبق بينهما؟
                            كما أن النسب لا يُثبت مع أفضل شرح له أن يوسف من نسل داود. وحتى لو ثبت ذلك، فما علاقة يسوع بيوسف بيولوجيًا؟ ولو كان يوسف من نسل داود، فلماذا لم ينتظر الرب حتى إتمام هذه الزيجة ليكون يسوع رسميًا من نسل داود؟ لماذا فضل الرب أن يأتى من امرأة مخطوبة ويعرض سمعتها للقيل والقال؟ ولطالما أمر الرب فى ناموسه أن تكون الشهادة على فم اثنين أو أكثر، فمن هم الشهود على أن مريم أنجبت يسوع من الروح القدس؟ إن عدم وجود شهود ليتسبب فى إحراق مريم حية، ورجم يوسف خطيبها، فلماذا لم ينفذ فيهما ناموس الرب؟ هل تكلم يسوع فى المهد وأنقذ أمه وبذلك جاء بالدليل؟ لكن لماذا أخفاه كتبة الأناجيل عن قرائهم؟ أترك الإجابة للقارىء الفطن.
                            وأعيد السؤال مرة أخرى: لماذا لم ينتظر الرب حتى إتمام هذه الزيجة ليكون يسوع رسميًا من نسل داود؟ هل ليكون يسوع ابنًا للرب؟ فالزواج لا يمنع البنوة للرب، فبناء الرب هم المؤمنون باسمه، وقد كان داود وموسى والكثير من الأنبياء أبناء الله، وهذا ما أوضحته الأناجيل نفسسها:
                             يوحنا 1: 12-13 (12وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. 13اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ.)
                             متى 5: 9 (9طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللَّهِ يُدْعَوْنَ.)
                             لوقا 6: 35 (35بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئاً فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيماً وَتَكُونُوا بَنِي الْعَلِيِّ فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ.)
                             فيليبى 2: 14-15 (4أَنْتُمْ مِنَ اللهِ أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، وَقَدْ غَلَبْتُمُوهُمْ لأَنَّ الَّذِي فِيكُمْ أَعْظَمُ مِنَ الَّذِي فِي الْعَالَمِ.) يوحنا الأولى 4: 4
                             متى 5: 44-45 (44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.. .. ..)
                             وما قاله مرقس فى إنجيله فهمه لوقا وأعاده بمرادف آخر يؤكد ما قلته: مرقس 15: 39 (39وَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ الْوَاقِفُ مُقَابِلَهُ أَنَّهُ صَرَخَ هَكَذَا وَأَسْلَمَ الرُّوحَ قَالَ: «حَقّاً كَا نَ هَذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللَّهِ!»)
                            لوقا 23: 47 (47فَلَمَّا رَأَى قَائِدُ الْمِئَةِ مَا كَانَ مَجَّدَ اللهَ قَائِلاً: «بِالْحَقِيقَةِ كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ بَارّاً!»)
                             يوحنا الأولى 3: 1 (1أُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ.)
                             فيليبى 2: 14-15 (افعلوا كل شىء بلا دمدمة ولا مجادلة ، لكى تكونوا بلا لوم وبسطاء أولاد الله بلا عيب)
                             رومية 8: 14-16 (14لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. 15إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ!». 16اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ.)
                             يوحنا الأولى 3: 7-10 (7أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. مَنْ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَهُوَ بَارٌّ، كَمَا أَنَّ ذَاكَ بَارٌّ. 8مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هَذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ. 9كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ. 10بِهَذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ)
                             رسالة يوحنا الأولى 4: 2-3 (كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ، 3وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ.)
                             يوحنا الأولى 5: 18 (18نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ.)
                             يوحنا 8: 44 و 47 (44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. … 47اَلَّذِي مِنَ اللَّهِ يَسْمَعُ كلاَمَ اللَّهِ. لِذَلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ اللَّهِ».)
                            لكن هل ولادة يسوع من الروح القدس تجعله ابنًا لداود أم ابنًا للروح القدس؟ لكن ربما يستغبى أحد المسيحيين هذا الاستنتاج، وذلك لأن ملاك الرب طاهر، لا يتزوج. وللأسف هذا هو الفكر الذى بنوا عليه ثقافتهم وفكرهم، فمن الذى قال إن الزواج دنس يجب الابتعاد عنه؟ إنه بولس ورجال الفكر الكنسى. لأنه، إن كان الأمر كذلك، فكيف تستنكر على ملاك الرب الإنجاب، وتنسبه للرب الأقدس من ملاكه وكل خلقه؟ وكيف تقدسون الرب وتجعلونه يولد من رحم امرأة مثل البهيمة، فارغ عديم الفهم أو الحكمة أو العلم، كجحش الفرا؟
                            أيوب 11: 12 (12أَمَّا الرَّجُلُ فَفَارِغٌ عَدِيمُ الْفَهْمِ وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.)
                            الجامعة 3: 19-20 (19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هَذَا كَمَوْتِ ذَاكَ وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا.)
                            أيوب 15: 14 (14مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى يَزْكُو أَوْ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ حَتَّى يَتَبَرَّرَ؟)
                            أيوب 15: 16 (16فَبِالْحَرِيِّ مَكْرُوهٌ وَفَاسِدٌ الإِنْسَانُ الشَّارِبُ الإِثْمَ كَالْمَاءِ!)
                            وعلى ذلك فإن لم يكن يسوع من نطفة رجل من نسل داود، فهو ليس إذن من نسل داود. فلماذا ينسبونه لداود؟
                            لقد أدرك بولس هذه المشكلة فادعى أن يسوع جاء من نطفة داود: (الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ) رومية 1: 3
                            وسوف أسرد لك بعض التراجم التى تؤكد هذه الترجمة على النت ومواقعها تسهيلا على الباحث، مع الأخذ فى الاعتبار أنه لم تجرؤ ترجمة عربية على ترجمة الفقرة هكذا (الذى جاء من منى أو نُطفة داود) كما جاءت فى تراجم أخرى:
                            über seinen Sohn، (der aus dem Samen Davids gekommen (Eig. geworden) ist dem Fleische nach (Elberfelder 1871, 1905)
                            ونفس ترجمة Elberfelder الألمانية التى أبقت على هذه الترجمة الحرفية فى طبعاتها عام 1871 وعام 1905 ، ووافقته ترجمة Luther لعام 1945، وترجمة Schlachter لعام 1951 .
                            إلا أن ترجمة Elberfelder غيرتها فى طبعاتها الحديثة إلى (الذى جاء من نسل داود) بدلاً من (الذى جاء من منى أو نُطفة داود)، وطبعًا السبب معروف.
                            über seinen Sohn، der aus der Nachkommenschaft Davids gekommen ist dem Fleische nach
                            http://www.biblegateway.com/passage/...int&version=54
                            أما بالنسبة للتراجم الإنجليزية ، فكان شأنها شأن التراجم الألمانية ، فمنها من أقر قول أصول نص الكتاب: (الذى جاء من منى أو نُطفة داود)، ومنهم من غيرها إلى من نسل داود:
                            concerning his Son، who was born of the seed of David according to the flesh، (ASV, KJV, KJ21, NKJV, Webster, DARBY, Vulgate, HNV, YLT) http://www.biblegateway.com
                            وحتى لا يشك إنسان أن السبب فى هذه اللخبطة هم المترجمون ، فأنا أؤكد لهم أن السبب فى هذا التشويش هو أن اللفظة اليونانية هى كلمة (الحيوان المنوى)، لذلك تحايلوا على ترجمتها، ومنهم من آثر الحق، ولو على ما يؤمن به. وإليك النسخ اليونانية التى ورد فيها لفظة الحيوان المنوى:

                            περι του υιου αυτου του γενομενου εκ σπερματος δαυιδ κατα σαρκα
                            Concerning his Son Jesus Christ our Lord which was made of the seed of David according to the flesh

                            περι του υιου αυτου του γενομενου εκ σπερματος δαυιδ κατα σαρκα

                            περι του υιου αυτου του γενομενου εκ σπερματος δαβιδ κατα σαρκα

                            περι του υιου αυτου του γενομενου εκ σπερματος δαυειδ κατα σαρκα

                            περι του υιου αυτου του γενομενου εκ σπερματος δαυιδ κατα σαρκα
                            وهى تعنى أيضًا منى الرجل والزرع والنسل الفعلى الذى يأتى من زواج الرجل بالمرأة ومعاشرتها معاشرة الأزواج ، ومثل هذا أتى فى متى 22: 24-25، ولقد جاءت 44 مرة فى العهد الجديد فى 41 آية ، وهى تحت رقم 4690:
                            4690. sperma (sper'-mah) from speiro; something sown، i.e. seed (including the male "sperm"); by implication، offspring; specially، a remnant (figuratively، as if kept over for planting)
                            وتجدها فى موقع: http://scripturetext.com/romans/1-3.htm
                            ومن موقع آخر للمخطوطات اليونانية تجد الكلمة اليونانية والترجمة الإنجليزية بجوارها ، ونطقها اليونانى تحتها:
                            http://www.scripture4all.org/OnlineI...NTpdf/rom1.pdf
                            ويمكنك فى البحث فى معانيها فى هذا الموقع:
                            http://www.blueletterbible.org/cgi-b...ngs=4690&page=
                            ولطالما كان يسوع من نسل داود فهو ليس الله ، لأن الله لم يلد ، ولم يولد ، ولك يكن له كفواً أحد. أى ليس له نسل.
                            وقد حاول النساخ المجهولون أن يزيلوا من الوجود هذا المشكلة، التى لا حل لها عن طريق التحريف. ولا يُعرف الزمن الذى تم فيه هذا التحريف على وجه اليقين. كما أن عدد المرات التى تم فيه التصحيح غير معلوم أيضًا. لقد تم نسخ الأناجيل مرات عديدة، وأُعيد نسخ المنسوخات. وقد ألموا بكل تأكيد بهذه المشكلة، وتوصلوا إلى حل بسيط جدًا وهو أنه (يجب تغيير كلمة واحدة عند لوقا 2: 4) (لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ)، فكتب بعض الكتَّاب (لِكَوْنِهِما ....) بدلا من (لِكَوْنِهِ)، لأنه لو كانت أمه من بيت داود للاختفت المشكلة وتلاشت، ولما احتاجوا لإثبات نسبه بهذه السلسلة الطويلة المليئة بالأخطاء. وتقول تفاسيرهم فى اختلافات سلسلة النسب بين متى ولوقا: إن سلسلة نسب يسوع فى لوقا ترجع إلى أمه مريم، على الرغم من انتهائها أيضًا بيوسف، ولا وجود لمريم فيها.
                            لذلك وضعتها ترجمة الملك جيمس بين قوسين، أى أقرت أن عبارة (لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ) لا تنتمى للنص المقدس الموحى به، إلا أنها حذفت الأقواس فى الطبعات الحديثة. وهذا التغيير لا يوجد فى أى ترجمة عربية قابلتها.
                            (because he was of the house and lineage of David)
                            والآن ابحث على النت تحت عبارة:
                            ″because they were of the house and lineage of David″
                            وبالعربية تحت عبارة (لكونهما من بيت داود وعشيرته)، ستجدهم قد كتبوها فى كل شرح لإنجيل لوقا.
                            وبهذا التحريف أصبح يسوع ابنًا لداود عن طريق أمه، دون الحاجة لأن يكون ابنًا بيولوجيًا ليوسف، ودون الحاجة لرفض عقيدة استمرار بتولية مريم بعد الولادة، أو رفض عقيدة الحمل بلا دنس. وبذلك تحققت حاجتهم وإيمانهم ليصبح يسوع هو المسِّيِّا اليهودى المنتظر من نسل داود.
                            والعجيب أن أقدم الأناجيل (مرقس)، لا يذكر يوسف كأب ليسوع، ولا يذكر أصله الداودى مطلقًا. كما أن إعلان الرب من السماء أن يسوع ابنه الوحيد الذى به سُرَّ الرب، لتجعل ولادة يسوع بلا دنس زائدة عن الحاجة، إذ أعلن الرب بنفسه، ولم يكن هناك أدنى داع لإثبات نسبه لداود أو قصة الحمل هذه.
                            س177- كان جو الحياة فى البيئة المحيطة بيسوع ملىء بالاضطرابات، فبينما آمن البعض بأن يسوع هو المسِّيِّا، آمن البعض الآخر بأنه ليس المسِّيِّا. الأمر الذى اضطر البعض أن يطلب منه آية ليتثبت من كونه نبى الله إليهم. ونلمس هذا فى قول يسوع عند إحياء ألعازر بإذن الله أنه رفع عينيه إلى السماء، ودعا الله تعالى أن يحقق هذه المعجزة على يديه، ليؤمن المشاهدون أنه رسول الله إليهم: (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».) يوحنا 11: 41-42
                            ولم يكتف بتعليمهم أنه رسول الله إليهم، حتى قال لهم إن طعامه هو أن يعمل مشيئة الله تعالى الذى أرسله: (طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.) يوحنا 4: 34
                            لكن أن يطلب منه البعض آية أى معجزة، يعنى أنهم لم يسمعوا عن معجزة أتى بها مطلقًا. الأمر الذى يشير إلى كذب كتبة الأناجيل فى ادعائهم كل هذه المعجزات التى نسبوها ليسوع. فأين هذه الجموع التى أكلت من يده المباركة؟ وأين جموع المرضى التى كانت تنتظر قدومه؟ أين سمعته فى إشفاء المرضى التى وصلت كل فلسطين، حتى تمنى حاكم الجليل لقاءه؟ (8وَأَمَّا هِيرُودُسُ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ فَرِحَ جِدّاً لأَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ مِنْ زَمَانٍ طَوِيلٍ أَنْ يَرَاهُ لِسَمَاعِهِ عَنْهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَتَرَجَّى أَنْ يَرَاهُ يَصْنَعُ آيَةً.) لوقا 23: 8 فهل سمع الرجل الذى يبعد عنه مئات الكيلومترات بمعجزاته، ولم يعرفها القاطنين معه فى نفس المدينة؟ أين ذهبت سمعته التى انتشرت بين الرومان أنفسهم انتشار النار فى الهشيم؟ أين أنصاره وأحبابه الذى كانوا يستقبلونه عند دخوله أورشليم؟
                            وفى الوقت الذى يعمل فيه يسوع جاهدًا ليبلغ رسالة الله تعالى إليه، نراه يرفض أن يعطيهم آية تثبت نبوته. كيف؟ ولماذا؟ لم توضح الأناجيل الثلاثة التى كتبت هذه الرواية. فكيف يتفق هذا مع كثرة المعجزات التى نسبت فى هذا الزمن القليل الذى عاشه بينهم؟
                            إلا أنه شتم الفريسيين الذين سألوه هذا السؤال وقال لهم: إنهم مراؤون، وأنهم جيل فاسق وشرير. وفى الحقيقة من حقهم التثبت بكل الطرق من نبوته! فكيف يضيق بهم ذرعًا ويرفض أن يثبت نبوته أمامهم؟ هل أصبحوا أعداءه لأنهم لم يؤمنوا به، ولم يكونوا من أتباعه؟ (23مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.) لوقا 11: 23، فليس هذا بعذر، فقد علم أتباعه: (إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 22
                            وهل كان يسوع بهذه التصرفات يُجيد الدعوة؟ ألم يعلم أن بفظاظته وسبه لهم يبعدهم عنه، ويجعلهم يرفضون دعوته ويصرون على عدم الإيمان به أو التسليم له؟ ألم يكن من الأجدر أن يرفض عمل آية، دون سباب أو تحقير لهم؟ ألم يكن فى مقدوره السكوت، أو أن يوعدهم بعمل آية مرة أخرى لإنشغاله حاليًا فى تعليم الناس؟ أم يكن فى مقدوره أن يقل لهم، وما فائدة الآية لكم، إن كنتم رأيتم العديد من الآيات ولم تؤمنوا؟
                            وليس لعاقل أن يفترض أنهم علموا بنبوته وتيقنوا بها عدة مرات، ورفضوا الإيمان به، وأنهم يقولون هذا أمام الناس كنوع من التشكيك فى صدقه، لأسباب منها أن الروايات التى تحكيها الأناجيل لم تُرتب ترتيبًا زمنيًا تبعًا لعمر يسوع، أو لحدوثها، ويسهل معرفة هذا فى النظر فى الروايات التى تكررت فى الأناجيل المختلفة، فبينما يحكى متى اتهام الفريسيين ليسوع بأنه يخرج الشياطين ببعلزبول فى (متى 12: 22-37)، يحكيها مرقس فى (مرقس 3: 19-30)، ويحكيها لوقا فى (لوقا 1: 15-24). وبينما يحكى متى طرد الباعة من الهيكل فى (متى 21: 12-17) يحكيها يوحنا فى (يوحنا 2: 13-22).
                            ولأن طبيعة عمل الرسول وواجبه الأساسى أنه معلم لأمته الحق والخير، وكان من الأجدر أن يُعْلمهم أنه رسول الله، ويثبت لهم صدق رسالته، وألا يصدهم ومَن وراءهم، ليكسب الجموع، أو على الأقل يعطيهم إجابة مقنعة. لكن أن يسبهم، فهذا لا يليق بحلم النبى وأخلاقه. ونحن ننزه يسوع من فعل هذا.
                            كيف فات يسوع الإله فى عرفهم هذه الحكمة التى تقتضى أن يثبت لهم نبوته ليكسب كل الجموع التى كانت تشاهده وتسمعه؟
                            ورفض علاوة على ذلك أن تُعطى لهم آية إلا آية يونان (متى 16: 1-4)، وتكررت فى (متى 12: 38-39)، وفى (لوقا 11: 29)، بعد أحذف كلمة مراؤون. إلا أنه عند (مرقس 8: 11-12) رفض أن تعطى آية قاطبة، ولم يستثنى آية يونان.
                            (1وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالصَّدُّوقِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ. 2فَأَجَابَ: «إِذَا كَانَ الْمَسَاءُ قُلْتُمْ: صَحْوٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ. 3وَفِي الصَّبَاحِ: الْيَوْمَ شِتَاءٌ لأَنَّ السَّمَاءَ مُحْمَرَّةٌ بِعُبُوسَةٍ. يَا مُرَاؤُونَ! تَعْرِفُونَ أَنْ تُمَيِّزُوا وَجْهَ السَّمَاءِ وَأَمَّا عَلاَمَاتُ الأَزْمِنَةِ فَلاَ تَسْتَطِيعُونَ! 4جِيلٌ شِرِّيرٌ فَاسِقٌ يَلْتَمِسُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ». ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَمَضَى.) متى 16: 1-4
                            (38حِينَئِذٍ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ: «يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً». 39فَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ.) متى 12: 38-39
                            (29وَفِيمَا كَانَ الْجُمُوعُ مُزْدَحِمِينَ ابْتَدَأَ يَقُولُ: «هَذَا الْجِيلُ شِرِّيرٌ. يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ.) لوقا 11: 29
                            (11فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ. 12فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: «لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هَذَا الْجِيلُ آيَةً!») مرقس 8: 11-12
                            فلماذا أضاف متى ولوقا هذا الاستثناء لآية يونان على ما نقلوه من مرقس؟ أو لماذا حُذِفَت فيما بعد من إنجيل مرقس؟ وهل أعطى يسوع آية كآية يونان أن لم يعطيهم؟ وهل لو أعطاهم آية كآية يونان بعد عدة أسابيع أو أشهر من طلبهم هذا، فما فائدة هذه المعجزة بعد موته، وانقطاع تعاليمه؟ فهل تجمع نفس الأناس السابقين الذى شاهدوا طلب الفريسيين ليشهدوا آية يونان هذه؟ وما مصير من مات منهم دون أن يتيقن من نبوة يسوع عن طريق الآية التى رفض يسوع أن يقوم بها؟
                            (16وَآخَرُونَ طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ يُجَرِّبُونَهُ. 17فَعَلِمَ أَفْكَارَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ وَبَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى بَيْتٍ يَسْقُطُ. 18فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ أَيْضاً يَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهِ فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ لأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ. 19فَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذَلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ. 20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ. 21حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحاً تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. 22وَلَكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ. 23مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ. 24مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ 25فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوساً مُزَيَّناً. 26ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذَلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!»
                            27وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضَعْتَهُمَا». 28أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ».
                            29وَفِيمَا كَانَ الْجُمُوعُ مُزْدَحِمِينَ ابْتَدَأَ يَقُولُ: «هَذَا الْجِيلُ شِرِّيرٌ. يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ. 30لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوَى كَذَلِكَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضاً لِهَذَا الْجِيلِ. 31مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا. 32رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هَهُنَا!) لوقا 11: 16-32
                            وقى النهاية اتفق متى ولوقا على أن يسوع سوف يعطيهم آية يونان فقط. فما هى هذه الآية؟ وهل جاء يسوع بآية تتماثل مع آية يونان؟ ولماذا يتمسك يسوع بيونان بالذات؟ فهل يتمسك إله ويأتى بمعجزة مثل معجزة نبى من أنبيائه؟
                            نقرأ معًا فى سفر يونان أن يونان كان من غير المؤمنين، الذين لا يعرفون قدر الله تعالى ولا حتى صفاته وقدراته. لقد أراد أن يهرب من وجه الرب عندما كلفه بالذهاب إلى أهل نينوى! (3فَقَامَ يُونَانُ لِيَهْرُبَ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ فَنَزَلَ إِلَى يَافَا وَوَجَدَ سَفِينَةً ذَاهِبَةً إِلَى تَرْشِيشَ فَدَفَعَ أُجْرَتَهَا وَنَزَلَ فِيهَا لِيَذْهَبَ مَعَهُمْ إِلَى تَرْشِيشَ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ.) يونان 1: 3
                            فهل يتخيل إنسان عاقل، ناهيك عن أنه نبى، من وجه الله؟ وهل لم يعرف الرب قدرات يونان النفسية والعقلية والإيمانية حتى يصطفى إنسانًا نبيًا يمثل رسالته على الأرض وهو بهذه الشخصية المزرية غير المؤمنة؟ وإذا كان النبى بهذا العلم الضحل عن قدرة الله تعالى، فما هى التعاليم التى سنقلها إلى الأمة المرسل إليها؟
                            والغريب أن يتمكن يونان من النوم العميق على الرغم من تأرجح السفينة فى البحر، ولعب الأمواج بها، حتى خاف الكل من الغرق؟ والأغرب من ذلك أنه يعصى الله تعالى ويظن أنه سوف يتمكن من الهرب منه، ويطمئن أن الله لن يره فى داخل السفينة، فنام نومًا عميقًا؟؟!! (4فَأَرْسَلَ الرَّبُّ رِيحاً شَدِيدَةً إِلَى الْبَحْرِ فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي الْبَحْرِ حَتَّى كَادَتِ السَّفِينَةُ تَنْكَسِرُ. 5فَخَافَ الْمَلاَّحُونَ وَصَرَخُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى إِلَهِهِ وَطَرَحُوا الأَمْتِعَةَ الَّتِي فِي السَّفِينَةِ إِلَى الْبَحْرِ لِيُخَفِّفُوا عَنْهُمْ. وَأَمَّا يُونَانُ فَكَانَ قَدْ نَزَلَ إِلَى جَوْفِ السَّفِينَةِ وَاضْطَجَعَ وَنَامَ نَوْماً ثَقِيلاً.) يونان 1: 4-5
                            وفى النهاية قذفوا بيونان فى البحر والتقمه الحوت، وظل فى باطنه ثلاثة أيام يصلى ويدعو الله تعالى أن يغفر له ويفرج عنه هذا الكرب: (1فَصَلَّى يُونَانُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِهِ مِنْ جَوْفِ الْحُوتِ 2وَقَالَ: «دَعَوْتُ مِنْ ضِيقِي الرَّبَّ فَاسْتَجَابَنِي. صَرَخْتُ مِنْ جَوْفِ الْهَاوِيَةِ فَسَمِعْتَ صَوْتِي.) يونان 2: 1-2
                            والآن: هل كان يسوع فى باطن الأرض ثلاثة ايام وثلاث ليالى أى 72 ساعة مثل يونان يسبح الله تعالى ويصلى له؟ لا. فإن عدد الساعات التى تحكيها لنا الأناجيل لا يتعدى 36 ساعة. ولمن كان يصلى؟ ومن هو إلهه الذى كان يتضرع إليه ويدعوه أن ينقذه؟ هل فارق لاهوته ناسوته، فأخذ الناسوت يصلى ويدعو اللاهوت أن ينقذه؟ وهل أنقذ اللاهوت الناسوت من القبر أم أنه يوجد إله رابع أنقذ الثالوث المتحد الذى لا ينفصل طرفة عين؟ ولو صدقنا هذا لنفى ذلك عنه الألوهية؟
                            إلا أنك تقرأ عند يوحنا أن يسوع قام بمعجزات لا حصر لها بعد قيامته، ولم تسجل فى هذه الكتب. (30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ.) يوحنا 20: 30-31
                            لكن ما فائدة هذه المعجزات وقد انحصرت علاقته بالناس بتلاميذه المؤمنين به فقط؟ فلماذا يعمل معجزات بين المؤمنين به، ويرفض عملها أمام المحتاجين لإثباتات نبوته بالفعل؟ هل كفر تلاميذه وأراد أن يثبت لهم نبوته، وأن يرجعهم إلى حظيرة دينه؟ وهل من الحكمة أن يعمل المعجزات أمام المؤمنين به، فى حين أنه لا يثبت للمتشككين نبوته بمعجزة؟ أم كانت دعوته لاحد عشر من بنى إسرائيل فقط؟ أم كان يريد يسوع أن يؤمن به الفريسيون دون إثبات نبوته لهم؟
                            وهل لم يقم يسوع فعلا بعمل معجزات بعد أن رفض أن يعطى لهم آية، وأخبرهم أنهم لن يروا منه آية إلا آية يونان؟ بلى. لقد قام عند متى بمعجزة إشباع الخمسة آلاف (متى 14: 1-12)، وبمعجزة المشى على الماء (متى 14: 22-33)، وإشباع الأربعة آلاف (متى 15: 32-39)، وشفاء المصاب بالصرع (متى 17: 14-20)
                            وقام عند مرقس بمعجزة شفاء الأعمى فى بيت صيدا (مرقس 8: 22-27)، وشفاء المصاب بالصرع (مرقس 9: 14-29)
                            وقام عند لوقا بشفاء المرأة الحدباء (لوقا 13: 10-21)، وشفاء المصاب بالاستسقاء (لوقا 14: 1-6)، وشفاء العشرة المصابين بالبرص (لوقا 17: 11-19)
                            واتفق الثلاثة على معجزة يسوع بشفاء أعميين (متى 20: 29-34، ومرقس 10: 46-52، ولوقا 18: 35-43).
                            أى عمل أربع معجزات عند متى، واثنين عند مرقس، وثلاثة عند لوقا، واتفق الثلاثة على معجزة واحدة قام بها يسوع بعد أن أخبرهم أنهم لن يروا منه آية إلا آية يونان. وكان مجموع المعجزات التى قام بها بعد حذف المكرر هو 9 معجزات.
                            فالآن: هل كذبت الأناجيل فى ادعائها أن يسوع رفض إثبات نبوته بمعجزة أمام الفريسيين؟ أم كذب يسوع وأعطاهم 9 آيات، بعد أن أخبرهم أنهم لن يُعطوا آية إلا آين يونان؟ أم أقحم كتبة الأناجيل هذه القصة ليثبتوا أن يسوع تحدث عن موته وقيامته، ويأصِّلوا بذلك قصة وهمية؟

                            تعليق

                            • abubakr_3
                              مشرف عام

                              • 15 يون, 2006
                              • 849
                              • مسلم

                              #29
                              س178- غريب هو وضع الشيطان فى هذا الكتاب بعهديه القديم والجديد، والذى يقدسه اليهود والنصارى. فنرى الرب تارة يساوى الشيطان به، ولا نعرف لماذا، هل كان يخشاه أم يتودد إليه، أم يهادنه لأنه يحتاجه فى بعض المشورات، التى تنقذه هو وملائكته.
                              لقد نجح الشيطان نجاح ليس له مثيل فى كتابهم الذى يقدسونه، فقد نجح أن يحصل على لقب إله هذا العالم ورئيس سلطان الهواء، وإله هذا الدهر، فى الوقت الذى حُذف فيه اسم الله، المعبود الوحيد بحق، ونساه أهل العهدين:
                              (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4
                              (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
                              (11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
                              (2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2
                              فكيف انتزع الشيطان لقب (إله هذا الدهر) ولقب (رئيس هذا العالم) ولقب (رئيس سلطان الهواء) من الرب؟ وما هو سلطان الرب الثانوى فى هذا العالم أو هذا الدهر؟ وكيف يستمد الرب سلطانه (إن وجد أصلا) من الشيطان رئيس هذا العالم وهذا الدهر؟ وكيف كان يتنفس يسوع بإرادة (رئيس سلطان الهواء)؟ وكيف فرض نفسه فى كتابه ليتسمى بهذا الاسم، منتزعًا ألوهية هذا الدهر من الرب؟
                              بل ونجح أن يجعل الرب يسترضيه، يطلب من هارون أن يقدم له تيسًا مساويًا للتيس الذى يُقدمه هارون للرب، فهل تتخيل عزيزى القارىء أن يسترضى الرب الشيطان ويأمر نبيه هارون أن يذبح له تيسًا مثل التيس الذى سيذبحه له؟ هل تتخيل أن يأمر الرب بعبادة الشيطان؟ فهل كتب الرب هذا أو فرضه الشيطان على كتاب الرب؟ أم كتبه الأحبار الكفرة الذين استحفظوا على كتاب الرب ولم يحفظوه؟
                              (53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».) أعمال الرسل 7: 53
                              (1إِذاً مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقاً وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِباً.) رومية 3: 1-4
                              (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
                              اعترف كاتب سفر إرميا بأن أنبياء أورشليم وأنبياء السامرة الكذبة حرفوا كلام الله عمداً: (13وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 14وَفِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِالْكَذِبِ وَيُشَدِّدُونَ أَيَادِيَ فَاعِلِي الشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا الْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ. ..... . 16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ.) إرميا 23: 13-16
                              فكيف يشيع الكفر من أنبياء بنى إسرائيل إلا إذا حرفوا تعاليم الله أو تكتموها ، وإلا لحاكمهم شعبهم ولأقاموا عليهم حدود الله! وهذا يدل أيضاً على عدم انتشار كلمة الرب وكتابه إلا بين الكتبة والكهنة فقط ، الأمر الذى ييسِّر عملية التحريف.
                              اقرأ عبادة الشيطان فى الكتاب المقدس بأمر الرب: هارون يقدِّم تيسًا لإرضاء الشيطان بأمر الرب: (1وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى بَعْدَ مَوْتِ ابْنَيْ هَارُونَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَا أَمَامَ الرَّبِّ وَمَاتَا .... 5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ وَكَبْشاً وَاحِداً لِمُحْرَقَةٍ. 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيّاً أَمَامَ الرَّبِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ) اللاويين 16: 5-10
                              إن من يقرأ عن معنى عزازيل فى المواقع المسيحية المختلفة وتراجم اللاويين 16: 8 فى التراجم الأجنبية، وما فعلوه فى ترجمة هذه الكلمة، وتكتمهم معناها الحقيقى، ليتملكه العجب من تأييد البعض تأييدًا يصل لدرجة اليقين أن عزازيل هو الشيطان، أو أحد أنواع الشياطين، المتمركز فى البرية. فى حين يصول البعض الآخر ويجول محاولا نفى أن يكون عزازيل هو الشيطان، حيث لن يخضع الرب للشيطان، ولن يدعو لعبادته فى كتابه.
                              تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (عزازيل): ” ... ويظهر الاسم "عزازيل" في سفر أخنوخ الزائف (ارجع إلى مادة "أخنوخ" في المجلد الأول من "دائرة المعارف الكتابية")، على أنه ملاك صناعة الأسلحة والسكاكين (8: 1)، ومعلم الإثم (9: 6) الذي قُيِّد وطُرح في ظلام الصحراء أو بئر الهاوية (10: 4)،والذي لا سلام له، بل عليه حكم صارم بالقيود (13: 1). ثم يذكر اسمه بين الملائكة الساقطين (69: 2).
                              وثمة أربع محاولات لتفسير كلمة "عزازيل" :
                              ( 1 ) إنه اسم مكان في البرية كان يرسل إليه التيس الثاني، ولكن حيث أن بني اسرائيل كانوا في ترحال مستمر ، ولم يكن لهم مقر ثابت، فمن غير المعقول تحديد اسم مكان ثابت ليُرسل إليه التيس من مختلف مواقعهم في البرية.
                              ( 2 ) إن عزازيل اسم لكائن سواء الشيطان أو أحد الأرواح الشريرة ، ولكن لا يذكر هذا الاسم في أي مكان آخر من الكتاب المقدس ، وهو أمر مستغرب لو أنه كان اسم كائن مهم حتى يتقاسم ذبيحة الخطية مع الرب ، علاوة على أن الشريعة تنهي نهياً قاطعاً عن عبادة الأرواح الشريرة (لا 17: 7).
                              ( 3 ) إن عزازيل اسم يعني الإبعاد أو الإزالة التامة، على أساس أن الكلمة "عزازيل" مشتقة من كلمة سامية بمعنى "عزل" أو "أبعد" (انظر مز 103: 12)
                              ( 4 ) جاء في "رسالة برنابا" الأبوكريفية (ارجع اليها في موضعها من المجلد الثاني من "دائرة المعارف الكتابية") أن تيس عزازيل كان يرمز إلى الرب يسوع الذي حمل الخطايا.
                              وحيث أن التيسين كانا "لذبيحة خطية" (لا 16: 5) أي أنهما كانا يعتبران ذبيحة واحدة ، وكانا كلاهما يقربان أمام الرب، وحيث أنه لم يكن يمكن أن يمثل "تيس واحد " جانبي الكفارة، لذلك كان يلزم وجود تيسين كتقدمة واحدة، يقدم أحدهما ذبيحة خطية رمزاً للمسيح ككفارة عن خطايانا، والثاني ليرمز إلى محو الخطية وإبعادها نهائياً، مهما أشبه بالعصفورين في تطهير الأبرص (لا 14: 4-7)“
                              وقد قرأنا استبعاد دائرة المعارف أن يكون عزازيل هو الشيطان، (وهو أمر مستغرب لو أنه كان اسم كائن مهم حتى يتقاسم ذبيحة الخطية مع الرب، علاوة على أن الشريعة تنهي نهياً قاطعاً عن عبادة الأرواح الشريرة). واستبدلت الشيطان بيسوع، حتى تثبت ألوهيته، وأن الكفارة بيديه، وبهذا أثبتت أن الأقانيم منفصلة، فأحد التيسين قدم للرب، والآخر ليسوع فى البرية، ونفت الشرك بالله، وأنه لا يجوز أن يتقاسم أى شخص الذبيحة مع الرب، وأثبتت وجود إلهين، الرب وعزازيل، الذى قالت ربما يكون هو يسوع، كما جاء فى سفر أخنوخ.
                              إن عزازيل كما تقول الأساطير الكنعانية هو الأخ التوأم للإلهة الوثنية عشتاروت، وهما أحفاد بعلزبول، الشيطان الأكبر الذى ذُكر فى العهد الجديد، واتهم يسوع أنه يُخرج الشياطين به. وكان يعتبر فى الشرق الأدنى إله العدالة والإنتقام، وإله الفنون السوداء، وحامى المسافرين. ويقال أيضًا إنه اسم إبليس نفسه الأصلى (عزازيل بن الحارث بن ميكائيل).
                              فمن هو عزازيل هذا؟ (8: عزازيل هو شيطان يقيم فى الأماكن المقفرة) كما يقول هامش هذه الفقرة فى الترجمة العربية المشتركة بين كل طوائف المسيحية الكبار: الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية. وبعد أن كتب الهامش هذا المعنى أراد أن يتوَّه القارىء، فقال: (هناك رأى آخر يقول إن كلمة عزازيل مشتقة من الفعل عزل ومعناه أبعد كذلك فى العربية).
                              ولنرجع إلى الترجمة الكاثوليكية لنرى ماذا قالوا: يقول هامش هذه الفقرة: (يبدو أن عزازيل، بحسب الترجمة السريانية، هو اسم شيطان كان العبرانيون القدامى يعتقدون أنه يسكن البريَّة. والبريَّة أرض عقيمة لا يمارس فيها الله عمله المُخصب (راجع الآية 22 و17/7+).)
                              وإذا كان هذا اعتقاد العبرانيون القدماء، فهل جاراهم الرب فى معتقداتهم، وأمر هارون أن يذبح لإلههم الشيطان؟ هل يخترع العبرانيون دينًا ويلزمون به الرب ويفرضونه عليه؟ كيف يوجد فى هذا الكون مكان لا يمارس الرب فيه عمله، ولا سيطرة له عليه؟ أليس هذا اعتراف بأن رب هذا الكتاب إله ناقص، وأن الشيطان ينافسه على الحكم وانتزع منه الأرض والصحراء؟
                              والأمرُّ من ذلك أن يُصر الشيطان على إحراج الرب وإظهار فشله فى إدارة ملكوته أو التخطيط له. فقد أقحم الشيطان نفسه فى اجتماع للرب مع ملائكته، وأظهر الشيطان فشل الرب وملائكته فى التخطيط لإغواء أخاب، فتقدم الشيطان باقتراحه الذى حاز إعجاب الرب، وأقره عليه: ملوك الأول 22: 19-22 (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.)
                              وها هو نبى الرب يقف وعلى يمينه الشيطان، فى صورة غريبة الشكل: فيؤمن المسيحيون أن يسوع صعد وجلس على يمين الرب، كما كان الشيطان على يمين يهوشع!! (1وَأَرَانِي يَهُوشَعَ الْكَاهِنَ الْعَظِيمَ قَائِماً قُدَّامَ مَلاَكِ الرَّبِّ وَالشَّيْطَانُ قَائِمٌ عَنْ يَمِينِهِ لِيُقَاوِمَهُ. 2فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ يَا شَيْطَانُ. لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ الَّذِي اخْتَارَ أُورُشَلِيمَ. أَفَلَيْسَ هَذَا شُعْلَةً مُنْتَشَلَةً مِنَ النَّارِ؟]. 3وَكَانَ يَهُوشَعُ لاَبِساً ثِيَاباً قَذِرَةً وَوَاقِفاً قُدَّامَ الْمَلاَكِ.) زكريا 3: 1-2
                              ويرض كاهن الرب ونبيه أن يظل الشيطان على يمينه وهو فى حضرة الرب (هنا ملاك الرب). وهل جرؤ ملاك الرب على طرد الشيطان من حضرته، وقد احتاجه إلهه نفسه من قبل لينقذه من إيجاد حل لإغواء أخاب، بعد فشله وملائكته؟ وهل جرؤ ملاك الرب على طرد الشيطان وهو رئيس سلطان الهواء وإله هذا العالم وسيد هذا الدهر؟
                              وها هو الرب يسلط الشيطان مرة أخرى ويستعين به على عبده ونبيه أيوب: (6وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضَاً فِي وَسَطِهِمْ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟] فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا]. 8فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ]. 9فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [هَلْ مَجَّاناً يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟ 10أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ! 11وَلَكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ]. 12فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ]. ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ.) أيوب 2: 6-12
                              لقد أمر الرب الشيطان أن يغوى عبده ونبيه أيوب، بدلا من أن يحفظه لأنه كان مستقيمًا وكاملا أمامه. فلك أن تتخيل أن الرب يُجازى الإحسان بالإساءة! ولك أن تتخيل أن يغوى الرب عبده ويجربه، على الرغم من أنه قال إنه لا يجرب أحدًا بالشرور: (لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً) رسالة يعقوب 1: 13
                              والأغرب من ذلك أن يكون علم الشيطان بعباد الرب الخالق أكثر من علم الرب بهم. لقد علم الشيطن أن أيوب يعبد الرب ويتقيه من أجل ما أمده به الرب من الخيرات، فلما أخبره الشيطان بذلك، واقترح عليه أن يتسلط عليها، وسوف يجدف أيوب عليه فى وجهه، تركه الرب يغويه ليثبت له علمه هذا، والغريب أن ينجح الشيطان ويصدق فى علمه بالبشر، ويفشل الرب، حيث أعطى من لا يستحق، وأثبت جهله بعباده أمام الشيطان، وخسر الرب عبده ونبيه، واكتسبه الشيطان: (14تُرِيعُنِي بِالأَحْلاَمِ وَتُرْهِبُنِي بِرُؤًى 15فَاخْتَارَتْ نَفْسِي الْخَنْقَ وَالْمَوْتَ عَلَى عِظَامِي هَذِهِ. 16قَدْ ذُبْتُ. لاَ إِلَى الأَبَدِ أَحْيَا. كُفَّ عَنِّي لأَنَّ أَيَّامِي نَفْخَةٌ! 17مَا هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَعْتَبِرَهُ وَحَتَّى تَضَعَ عَلَيْهِ قَلْبَكَ 18وَتَتَعَهَّدَهُ كُلَّ صَبَاحٍ وَكُلَّ لَحْظَةٍ تَمْتَحِنُهُ! 19حَتَّى مَتَى لاَ تَلْتَفِتُ عَنِّي وَلاَ تُرْخِينِي رَيْثَمَا أَبْلَعُ رِيقِي؟ 20أَأَخْطَأْتُ؟ مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ يَا رَقِيبَ النَّاسِ! لِمَاذَا جَعَلْتَنِي هَدَفاً لَكَ حَتَّى أَكُونَ عَلَى نَفْسِي حِمْلاً! 21وَلِمَاذَا لاَ تَغْفِرُ ذَنْبِي وَلاَ تُزِيلُ إِثْمِي لأَنِّي الآنَ أَضْطَجِعُ فِي التُّرَابِ؟تَطْلُبُنِي فَلاَ أَكُونُ!])أيوب 7: 14-21
                              ورد عليه أحد المؤمنين مذكره بنعم الله وقدراته عليه: (1فَأَجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ: 2[إِلَى مَتَى تَقُولُ هَذَا وَتَكُونُ أَقْوَالُكَ رِيحاً شَدِيدَةً! 3هَلِ اللهُ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ أَوِ الْقَدِيرُ يَعْكِسُ الْحَقَّ؟ ... 20[هُوَذَا اللهُ لاَ يَرْفُضُ الْكَامِلَ وَلاَ يَأْخُذُ بِيَدِ فَاعِلِي الشَّرِّ.) أيوب 8: 1-20
                              فرد عليه أيوب بتجديف آخر قائلا: (30وَلَوِ اغْتَسَلْتُ فِي الثَّلْجِ وَنَظَّفْتُ يَدَيَّ بِالأَشْنَانِ 31فَإِنَّكَ فِي النَّقْعِ تَغْمِسُنِي حَتَّى تَكْرَهَنِي ثِيَابِي. 32لأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَاناً مِثْلِي فَأُجَاوِبَهُ فَنَأْتِي جَمِيعاً إِلَى الْمُحَاكَمَةِ. 33لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا! 34لِيَرْفَعْ عَنِّي عَصَاهُ وَلاَ يَبْغَتْنِي رُعْبُهُ. 35إِذاً أَتَكَلَّمُ وَلاَ أَخَافُهُ. لأَنِّي لَسْتُ هَكَذَا عِنْدَ نَفْسِي.) أيوب 9: 30-35
                              والترجمة الكاثوليكية أرفع أسلوبًا وأوضح مقالا من هذه الترجمة (الفاندايك) التى تصر عليها الكنيسة المصرية، وهى تقول: (32إِنَّه لَيسَ بِإِنْسانٍ مِثْلي فارع فأُجاوِبَه حَتَّى نَمثُلَ كِلانا أَمامَ القَضاء. 33لو كانَ بَينَنا حَكَمٌ يَجعَلُ يَدَه على كِلَينا 34لرَفَعَ عَنِّي عَصاه ولَما رَوَّعَني رُعبُه. 35حينَئذٍ أَتَكلَمُ ولا أَخافُه لأَنِّي لَستُ كذلكَ في نَظَري)
                              ولا نحتاج لتجديف أكثر من هذا، حتى يرفض النبى إلهه، ويعتقد أنه يفعل الشر به، وهو برىء، ويتمنى لو كان هناك قاضيًا بينهما، فيحاكمهما الرب والنبى، ولخافه الرب واضطر لرفع يديه عنه، ولما خافه أيوب نفسه.
                              لقد ربح الشيطان فى معرفته كنه الإنسان الذى خلقه الرب، وثبت فشل الرب فى إثبات علمه الأزلى أو حتى علمه بمن خلق، ويفاجأه الشيطان بكفر أيوب، الذى ظنه الرب من المؤمنين!! فلم يعرف الرب أن أيوب سوف يجدف عليه لو ابتلاه الرب، وعلم الشيطان ذلك لكونه إله الدهر وإله هذا العالم. فهل كتب هذه الرواية التى تمجد الشيطان، وتحط من قدر الرب إلا الشيطان وأعوانه؟!!
                              اقرأ هذه الرواية مرة أخرى، وقل لى كيف يصدق الرب الشيطان، ويعطيه عبده المؤمن أيوب ليتلاعب به الشيطان، ويوصله لمرتبة الكفر؟ هل فعل الرب ذلك كنوع من التحدى بينه وبين الشيطان؟ وما ذنب الماشية وأبناء أيوب أن يميتهم الرب ليثبت الشيطان عدم إيمان أيوب؟ أين صفة إله المحبة هنا؟ أيقتل الرب ليثبت جهله، ويؤكد تفوق الشيطان عليه؟!!
                              ما هذا التعاون المثمر والبنَّاء بين الشيطان والرب؟ وهل سيجازى الرب الشيطان خيرًا على أعلامه بكفر عبد الذى ظنه مؤمنًا؟ هل سيشكر الرب صنيع الشيطان به، حيث علمه ما جهله؟ سبحان الله وتعالى علوًا كبيرًا عن ذلك!!
                              وكل ما ذكرناه يُعد فى جانب، لكن أن يعتقل الشيطان إلهه، يوجهه أينما أراد، ويكون تحت أمره، ولا يدعه يأكل أو يشرب لمدة أربعين يومًا، فهذه كصيبة كبرى لا أعرف كيف يهضمها القوم، ويؤمنون بها، بل خلدوها بصيام نفس عدد أيام اعتقال الشيطان لإلههم يسوع: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزاً». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلَ 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ) لوقا 4: 1-11
                              فلك أن تتخيل أن الشيطان يمتحن الرب! لماذا؟ ألم يكف الشيطان لجوء الرب إليه فى الأزمات؟ أم يكف الشيطان أن يثبت للرب فشله وأنه غير جدير بحكم هذه الدنيا، فانتزع منه لقب إله هذا الدهر، وسيد هذا العالم، ورئيس سلطان الهواء، الذى يتنفسه كل مخلوق حى على ظهر الأرض؟ ألم يكف الشيطان أن أمر الرب هارون أن يساويه فى التقدمة والذبح؟ لا كل هذا لم يكف الشيطان، فقد أراد أن يكون إله السموات والأرض، وبما أنه كسب ألوهية الأرض، وأثبت أنه أحق بألوهية السماء بمعرفته كنه الإنسان وسره وعلنه، وأثبت فشل الرب بهذه الأسرار، فلم يتبق له إلى التخلص من يسوع ليخلو له ملكوت السموات والأرض.
                              فهل تعتقد أن الشيطان ترك يسوع يرجع إلى أهله بعد أربعين يومًا من التجربة؟ أم أطعمه للسباع الجائعة فى البرية، وتجسد هو فى صورته، فتعبدونه اليوم دون علم منكم، وبمكر منه، ومقدرة فاقت مقدرة الرب فى كل المجالات؟
                              والأكثر مرارة أن يمتدح الرب عابدى الأوثان هؤلاء، بعد أن اختارهم بعلمه الأزلى لهداية البشرية، فها هو هارون يتهمه الكتاب بأنه هو الذى صنع العجل لبنى إسرائيل: خروج 32: 21-25 (21وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟» 22فَقَالَ هَارُونُ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي! أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ أَنَّهُ شِرِّيرٌ. 23فَقَالُوا لِيَ: اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا. لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. 24فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هَذَا الْعِجْلُ». 25وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى (لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ).)
                              وها هو الكتاب يتهم سليمان بترك عبادة الله تعالى، وعبادة الأصنام: الملوك الأول 11: 4-7 (4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلَهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلَهَةِ الصَّيْدُونِيِّينَ وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبعِ الرَّبَّ تَمَاماً كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ.)
                              وها هو أمصيا يتهمه الكتاب أيضًا بعبادة أوثان بنى ساعير: أخبار الأيام الثانى 25: 14 (14ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ أَمَصْيَا مِنْ ضَرْبِ الأَدُومِيِّينَ أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَدَ لَهُمْ.)
                              فما هو رد فعل الرب تجاه هؤلاء؟
                              لقد جعل الكهانة وتعليم الناس فى معبده حكرًا على بنى هارون، بل جاء يسوع نفسه الذى يؤلهونه منهم، وجعلوا خاتم الأنبياء والرسل يأتى من داود مارًا بسليمان (تبعًا لمتى).
                              بل امتدح الرب أمصيا ، وعدَّه من الصالحين الذين أرضو الرب: أخبار الأيام الثانى 25: 3-4 (3كَانَ عُزِّيَّا ابْنَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ يَكُلْيَا مِنْ أُورُشَلِيمَ. 4وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَمَصْيَا أَبُوهُ.)
                              ومدح سليمان: متى 12: 42 (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!)
                              فهل عبادة الأوثان ترضى الرب؟
                              فإن كان نعم، فقد عرفنا إلى أى دين تدعون؟
                              وإن كان لا، فلماذا اختار أنبياء يعلم بعلمه الأزلى أنهم سيضلون، ويعبدون الأوثان؟ ولماذا امتدح بعضًا من هذه الأنبياء؟
                              ولو كانت كل هذه الأقاصيص سليمة، فهل تعتقد أن هذا الكتاب، وهذه الأعمال تُشرِّف الرب أن يقرأها عباده المؤمنين، الذين يحسنون الظن به؟
                              وهل تعتقد بعد أن تسمع كل هذا أن ينجح الرب ويفشل الشيطان فى إيجاد الشخص أو الفرصة أو الزمن الذى يحرف فيه كلام الرب، بعد أن أوجد من يقتلوه، وبعد أن نجح فى إضلال أنبيائه؟
                              والأنكى من ذلك أن كتاب الرب يقول: إن جنة فرعون أحلى من جنت الرب، كما لو كان يقوم بعمل دعاية للدخول فى وثنية فرعون: (7فَكَانَ جَمِيلاً فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ, لأَنَّ أَصْلَهُ كَـانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ, السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ, وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلاً بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ].) حزقيال 31: 7-9
                              وفى المقابل نجد أن اسم الله الحقيقى فُقد من الكتاب المقدس.أكرر على مسامعك: لقد فقد أقدس ما فى الكتاب الذى مازالوا يطلقون عليه مقدسًا! تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (الله): ”ثالثا - أسماء الله: كانت كل أسماء الله أصلا تدل على صفاته، ولكن اشتقاقات الكثير منها – ومن ثم معانيها الأصلية – قد فقدت، فكان لابد من البحث عن معان جديدة لها: 1- الاسماء العامة: من أقدم أسماء الله المعروفة للجنس البشري واكثرها انتشارا اسم "إيل" مع مشتقاته "إيليم" "إلوهيم"، "إلوي"، وهو مصطلح عام مثل "ثيوس وديوس" في اليونانية ويطلق على كل من يشغل مرتبة الألوهية ، بل قد يدل على مركز من التوقير والسلطة بين الناس، وقد كان موسى إلها "إلوهيم" لفرعون " (خر 7: 1)، ولهارون (خر 4: 16 – قارن قض 5: 8، 1 صم 2: 25، خر 21: 5 و 6 ، 22: 7 وما بعده، مز 58: 11، 82: 1)“.
                              فما هو اسم الله الحقيقى الذى يصلون إليه، ويتضرعون؟
                              وإذا علمنا أن الشيطان له عدة أسماء أنقلها كما ذكرتها دائرة المعارف الكتابية مادة (إبليس – الشيطان): فهو يُسمَّى إبليس والشيطان و”"أبدون" أو "أبوليون" (رؤ 9: 11) ومعناهما "المهلك". كما يطلق عليه "المشتكي على الإخوة" (رؤ 12: 10)، و"الخصم" (1 بط 5: 18)، و"بعلزبول" (مت 12: 24)، و"بليعال" (2كو 6: 15)، و"المضل لكل العالم" (رؤ 12: 9) و"التنين العظيم" (رؤ 12: 9) ، و"العدو" (مت 13: 28 و 39)، و"الشرير" (مت 13: 19 و 38)، و"أبو الكذاب" (يو 8: 44) ، و"إله هذا الدهر" (2 كو 4: 4)، و"الكذاب" (يو 8: 44)، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)، و"القتاَّل" (يو 8: 44)، و"رئيس هذا العالم" (يو 12: 31، 14: 3، 16: 11)، و"الحية القديمة" (رؤ 12: 9)، و"المجرب" (مت 4: 3، 1 تس 3: 5)“. أى له 21 اسماً فى الكتاب.
                              ونعلم أن كثرة أسماء المسمَّى تشريفاً له. فهل احتفظ الكتاب بأسماء الشيطان تشريفاً له ، ولم يحفظ اسم المعبود الذى يقدسونه؟
                              بل إن بعض الأشخاص احتفظوا باسمين فى حياتهم ، مثل إبرام الذى أصبح إبراهيم ، وإسرائيل الذى كان يعقوب.
                              عزيزى القارىء: إن معرفة الله وصفاته فى أى دين لهو أهم الموضوعات التى تتعلق بلب هذه الديانة التى يدين بها الإنسان ، ويُسلم أمره فيها لهذا الإله. إذ لابد أن أعرف اسمه الذى سأتعبد له به، وأناجيه ، وأدعوه به. وهو اسم لا يشترك فيه معه أحد ، غير قابل للتثنية والجمع ، لأن الله واحد أحد، ولا شريك له ، ولا إله معه. فكيف نتوقع أن اسم الله يُجمع؟
                              هل تعلم كم مرة ذكر اسم الشيطان فى الكتاب الذى يقدسه اليهود والنصارى؟
                              لقد ذكرت كلمة شيطان 70 مرة ، وذكر إبليس 31 مرة ، وبعلزبول 7 مرات ، كلهم فى العهد الجديد فقط. هذا غير باقى الأسماء التى اشتهر بها الشيطان، ولم يُذكر اسم الله مرة واحدة. فهل الشيطان أهم من الرب لهذه الدرجة؟ أم تسلط الشيطان على هذا الكتاب وأراد أن ينسى أتباعه اسم الله؟
                              وما الحكمة أن يحتفظ الرب باسم الشيطان فى كتاب يُنسب إليه ويحذف اسمه من عقول بنى إسرائيل وعيونهم؟ هل يعنى هذا أن الرب أسلمهم للهوان وللشيطان؟ أم هذه هى الفرائض غير الصالحة التى تكلم عنها الرب من قبل؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20 : 25
                              وهل تعلم أن معنى اسم "يهوه" سر مجهول حتى اليوم؟ هل تعلم أن يهوه هو إله الجبل الذى فى رأسه نار؟
                              إن أول ظهور لاسم "يهوه" كان حين استوطن اليهود فلسطين، أى بعد موت موسى ودفنه فى برية سيناء. ويكتبه اليهود بالأحرف: (ي هـ و هـ) (J. H. V. H) دون أحرف العلة أو التشكيل لخلو العبرية منها آنذاك. وحينما ابتكرت علامات ضبط الحروف العبرية في القرن السابع للميلاد، ركبوا الكلمة "يهوه" أحرف العلة (JeHovaH) وينطق Jahweh. بعد أن كان محرماً عليهم النطق به فكانوا يستخدمون بدلاً من "يهوه" "أدوناي" أي الرب.
                              فكيف كانوا ينطقون اسم إلههم قبل القرن السابع للميلاد؟
                              وهل لم يصلُّوا إليه أو يتعبدوا باسمه عبر 2000 سنة؟
                              وكيف كانوا يصلون وهم لا يعرفون اسم إلههم؟
                              وباسم من كانوا يقدمون نذورهم؟
                              إنها عزيزى اليهودى والمسيحى لكارثة الكوارث!!
                              هل قصَّرَ موسى  فى أداء وظيفته النبوية ولم يخبرهم به؟ أم أخبرهم به وحذفوه من كتبهم؟ فإن لم يحدُث ولم يبلغهم نبيهم باسم الله، فيكونون قد ضلوا وضلَّ نبيهم، وبطل دينهم وعقيدتهم ، وإذا كان قد أبلغهم وضيعوه فأنتم اليوم تسيرون وراء أناس قد ضلوا ، وإذا كان قد فقد دون تعمِّد منهم ، فقد شاءت إرادة الله هذا إما لمجىء كتاب آخر سيهيمن عليه ، ويتولى الله حفظه وعنايته ، وإما لغضبه عليهم فرفع أقدس ما فى الكتاب منه ، وهو اسمه.
                              ولو نسى موسى فهل نسى كل الأنبياء بعده؟ ولو نسى كل الأنبياء بعده فهل نسى عيسى  أن يذكركم باسم الله؟ هل نسى من تؤلهونه نفسه أن يذكركم باسم الله؟ وإذا ثبتت أية حالة من هذه الحالات لثبت أن هذا ليس بكتاب الله!
                              فأين اسم الله؟ هل ضاع هذا الاسم أم نُسى؟ وإذا كان قد ضاع ، ألا يدل هذا على ضياع أهم شىء فى كتابهم وهو اسم إلههم الأعظم؟ وهل يدل هذا على عصمة الله لكتابهم أو محافظتهم عليه؟ وإذا كان اسم الله قد ضاع فما هى التعاليم التى ضاعت أيضاً من الكتاب؟ وألا يدل ضياع اسم الله من الكتاب على تسلط الشيطان عليه؟
                              وحتى لا يظن أحد من القراء أنه ربما لم يخبر الرب أحداً باسمه، أذكر لكم أوامر الله لأنبياءه أن يعلنوا اسمه لشعبه ليتعبدوا به ، ويتقربوا إليه باسمه، فقال: (4وَتَقُولُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: «احْمَدُوا الرَّبَّ. ادْعُوا بِاسْمِهِ. عَرِّفُوا بَيْنَ الشُّعُوبِ بِأَفْعَالِهِ. ذَكِّرُوا بِأَنَّ اسْمَهُ قَدْ تَعَالَى.) أشعياء 12: 4
                              (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.) خروج 20: 7 ، وتكررت فى تثنية 5: 11
                              (13الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ.) تثنية 6: 13 ، و10: 20
                              (8فِي ذَلِكَ الوَقْتِ أَفْرَزَ الرَّبُّ سِبْطَ لاوِي لِيَحْمِلُوا تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِيَقِفُوا أَمَامَ الرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِاسْمِهِ إِلى هَذَا اليَوْمِ) تثنية 10: 8
                              (11فَالمَكَانُ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ لِيَحِل اسْمَهُ فِيهِ تَحْمِلُونَ إِليْهِ كُل مَا أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ: مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ وَعُشُورَكُمْ وَرَفَائِعَ أَيْدِيكُمْ وَكُل خِيَارِ نُذُورِكُمُ التِي تَنْذُرُونَهَا لِلرَّبِّ.) تثنية 12: 11
                              (21إِذَا كَانَ المَكَانُ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيَضَعَ اسْمَهُ فِيهِ بَعِيداً عَنْكَ فَاذْبَحْ مِنْ بَقَرِكَ وَغَنَمِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ كَمَا أَوْصَيْتُكَ وَكُل فِي أَبْوَابِكَ مِنْ كُلِّ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ.) تثنية 12: 21
                              (30أُسَبِّحُ اسْمَ اللهِ بِتَسْبِيحٍ وَأُعَظِّمُهُ بِحَمْدٍ.) مزامير 69: 30
                              (20فَقَالَ دَانِيآلُ: [لِيَكُنِ اسْمُ اللَّهِ مُبَارَكاً مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ لأَنَّ لَهُ الْحِكْمَةَ وَالْجَبَرُوتَ.) دانيال 2: 20
                              (5لأَنَّ جَمِيعَ الشُّعُوبِ يَسْلُكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِـاسْمِ إِلَهِهِ وَنَحْنُ نَسْلُكُ بِـاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِنَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.) ميخا 4: 5
                              (24لأَنَّ اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ.) رومية 2: 24
                              (1جَمِيعُ الَّذِينَ هُمْ عَبِيدٌ تَحْتَ نِيرٍ فَلْيَحْسِبُوا سَادَتَهُمْ مُسْتَحِقِّينَ كُلَّ إِكْرَامٍ، لِئَلاَّ يُفْتَرَى عَلَى اسْمِ اللهِ وَتَعْلِيمِهِ.) تيموثاوس الأولى 6: 1
                              (9فَاحْتَرَقَ النَّاسُ احْتِرَاقاً عَظِيماً، وَجَدَّفُوا عَلَى اسْمِ اللهِ الَّذِي لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى هَذِهِ الضَّرَبَاتِ، وَلَمْ يَتُوبُوا لِيُعْطُوهُ مَجْداً.) رؤيا 16: 9
                              فقد كان اسم الله إذاً معروفاً بين الشعب، يحلفون به، ويقدمون باسمه المحرقات، وباسمه يبنون المذابح، ويتقون الحلف كذباً باسمه، ويسبحونه بذكر هذا الاسم. لقد حذفوا اسم الله ووضعوا بدلاً منه كلمة يهوه ، ويتضح هذا على الأكثر من أشعياء 42: 8 (8أَنَا الرَّبُّ هَذَا اسْمِي وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لِآخَرَ وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ.) ، فقد حذفوا اسم الله ووضعوا بدلاً منه كلمة الرب فى التراجم العربية ، وفى العبرية كتبوا (يهوه).
                              الأمر الذى انتقده الله ، وفضح من يحاول أن يُنسى الشعب اسمه ، وذلك بالطبع عن طريق الكذب وادعاء النبوة، وأن هذه هى أوامر الله، فقال: إرمياء 23: 25-27 (25قَدْ سَمِعْتُ مَا قَالَهُ الأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا بِاسْمِي بِالْكَذِبِ قَائِلِينَ: حَلُمْتُ حَلُمْتُ. 26حَتَّى مَتَى يُوجَدُ فِي قَلْبِ الأَنْبِيَاءِ الْمُتَنَبِّئِينَ بِالْكَذِبِ؟ بَلْ هُمْ أَنْبِيَاءُ خِدَاعِ قَلْبِهِمِ! 27الَّذِينَ يُفَكِّرُونَ أَنْ يُنَسُّوا شَعْبِي اسْمِي بِأَحْلاَمِهِمِ الَّتِي يَقُصُّونَهَا الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا نَسِيَ آبَاؤُهُمُ اسْمِي لأَجْلِ الْبَعْلِ.)
                              واستمر الحال على هذا المنوال حتى جاء عيسى ، ونطق باسم الله تعالى، والدليل على ذلك قوله: (6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. .. .. .. 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ) يوحنا 17: 6 ، 26
                              وفى الترجمة المشتركة: (أظهرتُ لهم اسمك ، وسأظهره لهم)
                              والإظهار لا يتم إلا من بعد الإخفاء. والتعريف بالشىء يكون من بعد جهله.
                              فأين هو اسم الله؟ لقد ضاع من اليهود ، وضاع من المسيحيين؟ لقد تآمر عبيد الله على إخفاء اسم الله. فلمصلحة مَن هذا؟
                              هل تتخيلون أن الأناجيل الثلاثة الأولى المتوافقة لم يذكر فيها أن يسوع علم الناس اسم الله الأعظم؟
                              وإذا كانت الصلاة تكون بأن تطلبوا من الله أن يتقدس اسمه ، فما هو هذا الاسم الذى تطلبون تقديسه؟ (9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) متى 6: 9
                              وهل تعتقدون أن يسوع كان يُخاطب الله داعيًا إياه أن يُمجِّد اسمه دون أن يكون لهذا الإله اسمًا؟ ما هو اسم الله الذى سيمجده؟ (28أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ وَأُمَجِّدُ أَيْضاً».) يوحنا 12: 28
                              وما هو اسم الله القدوس الذى سيحفظهم فيه؟ (أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ.) يوحنا 17: 11
                              وأين نجد اسم الله البار ، فقد اعترف يسوع أنه عرَّف أتباعه بهذا الاسم ، فأين هو فى الكتاب؟ (25أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ وَهَؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».) يوحنا 17: 25-26
                              فما هى محبة الله؟ فهل محبة الله فى طمس اسمه أو إخفائه؟ أهكذا بكل بساطة ضيعوا اسمه؟ قولوا لى بالله عليكم: ماذا كان الشيطان سيفعل غير ذلك؟
                              وكيف حافظ بنو إسرائيل على وصايا الله؟ فإذا كان دانيال قد قال فى كتابه: (لِيَكُنِ اسْمُ اللَّهِ مُبَارَكاً مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ لأَنَّ لَهُ الْحِكْمَةَ وَالْجَبَرُوتَ)دانيال2: 20 فما هو اسم الله الذى يجب أن يكون مباركاً إلى الأبد؟
                              هل تعرف أن النبى الذى يتنبأ بنبوءة كاذبة هو نبى كاذب لا يُعتد بكلامه أو بكتابه؟ (21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».) تثنية 18: 21-22
                              وإن طبقنا هذه النبوءة على كل أنبياء الكتاب المقدس لكان كل أنبياؤهم كذبة بما فى ذلك يسوع ، ولا يُعتد بكلامهم. وبالتالى سقطت عصمة الكتاب الذى يقدسونه.
                              وطلب من أتباعه أن يصلوا لله الذى فى السماوات قائلين: (أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) متى 6: 9
                              ولم يُخفِ تعاليمه ، بل كان يعلِّم فى وضوح النهار وفى المعبد لكل اليهود: (19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. 21لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هَؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا».) يوحنا 18: 20-21
                              وبالتالى كان تلاميذه وخاصته يعرفونه ويُجاهرون به، الأمر الذى دفع الفريسيين الذين سمعوهم إلى مطالبة يسوع أن ينتهر تلاميذه ليكفوا عن إعلان اسم الله: (37وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا 38قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي!». 39وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ». 40فَأَجَابَ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هَؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!».) لوقا 19: 37-40
                              فإذا قرأت هذه الفقرة بتمعن تجد أن التلاميذ لم يفعلوا شيئاً إلا أنهم سبحوا الله. فما المخالفة الشرعية التى اقترفها التلاميذ هنا؟ إنهم ذكروا اسم الله مخالفين بذلك التقاليد اليهودية.
                              لذلك وقف عيسى  أمام اليهود وهاجم تقاليدهم التى أصبحت هى الدين فقال لهم: (6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
                              وبرَّأ نفسه من تقاليدهم فتضرَّع لله قبل أن يرفعه إلى السماء من هذا العالم: (1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: .. .. .. 6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. .. .. .. 9مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. .. .. .. 11وَلَسْتُ أَنَا بَعْدُ فِي الْعَالَمِ وَأَمَّا هَؤُلاَءِ فَهُمْ فِي الْعَالَمِ وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ. أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ. 12حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ.) يوحنا 17: 1-12
                              لقد اكتشف العميد مهندس جمال الدين شرقاوى (الذى أعتمد على دراسته فى هذا الموضوع فى كتابه “معالم أساسية ضاعت من المسيحية”) وجود اسم الله عشر مرات فى سفر دانيال، وهذا بيانها كما ذكرها: (3: 26 ؛ 4: 2 ، 17 ، 24 ، 25، 32، 34 ؛ 5: 18، 21 ؛ 7: 25)، وستجدها كتبت تحت رقم 5943: il-lah’ee وكتب نطقها الآرامى كما قال موقع المذكور (`illay (Aramaic) {il-lah'-ee}) وقاموا بترجمتها إلى الإنجليزية طبعة الملك جيمس The Most High God أى الرب الأعلى.
                              http://www.blueletterbible.org/tmp_d...74262-461.html
                              وفى هذا الموقع أعلاه تجد العشر مواضع وترجمات كلمة الله.
                              س179- نعلم كلنا كلمات يسوع عن المحبة ودعوته لمسالمة الأعداء، حتى عند اعتدائهم على المؤمن. فعلى المؤمن أن يسايره فى ظلمه، ويعطيه أكثر مما طلبه، ولا يقاومه بالمرة، بل توعَّد الذى يسب أخاه بالحماقة أن له نار جهنم، وأمر المؤمنين به أن يحبوا أعداءهم: (... إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 22
                              (... لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ.) متى 5: 39-40
                              (... أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ...) متى 5: 44-45
                              فكيف نفهم دعوته للمحبة والسلام والاستكانة للأعداء مع أمره لتلاميذه ببيع ملابسهم وحثهم على شراء سيوف، مع علمه أن السيف للقتل، وأن من يملك سيفًا ويمنعه من سفك الدم فهو ملعون؟
                              (35ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لاَ». 36فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً. 37لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ». 38فَقَالُوا: «يَا رَبُّ هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!».) لوقا 22: 35-38
                              (.... يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ .....) إرمياء 15: 3
                              (.... وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
                              وكيف نفهم توقعه عن قرب القبض عليه وقتله(37لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ.)، ومطالبتهم بشراء سيوف لمنع هذا المكتوب؟ فهل أراد تغيير مراد الرب وخطته؟ أم نفهم من ذلك عدم رغبته فى تحرير البشرية من الخطيئة الأزلية وتنفيذ مراد الرب، فدفعه العبد المؤمن يهوذا الإسخريوطى إلى هذا المصير، الذى أراد أعاقته؟
                              وهل منع المكتوب سيتم فقط بوجود سيفين أمام جيش الكهنة وحراس المعبد؟
                              ولماذا أمرهم باقتناء السيوف وبيع ملابسهم فى سبيل ذلك مع علمه (الأزلى كإله) أنهم لن يستخدموا هذه السيوف، بل لن تكفى للدفاع عنه، ولن تحبط مخطط الرب فى دفع ابنه للصلب فداءً للبشرية عن خطيئة حواء؟
                              ولماذا نهى بطرس من استعمال السيف عند القبض عليه؟
                              وهل كان وجود سيفين فقط كافيًا للدفاع عنه أمام جيش الكهنة وحراس المعبد؟ أليس هذا سوء تقدير من يسوع للموقف، وعدم توقع جيِّد لما سيحدث قريبًا، الأمر الذى ينفى عنه الألوهية وعرفة المستقبل؟
                              وكيف كان بعض التلاميذ يقتنون سيفًا، على الرغم من أمره برد الإساءة بالإحسان؟ فهل كانوا لا يطيعونه، ويضربون بكلامه عرض الحائط، أم كانت كلمات محبة الأعداء والتسامح معهم ضربًا من ضروب الاستكانة التى حاول أعداء يسوع ودعوته فرضها على المؤمنين به، حفاظًا على أرواح هؤلاء المعرضين ليسوع ودعوته من المقاومة؟
                              وكيف يطلب سيفًا وهو لم يأت إلا ليُصلب فداءً عن العالم؟ فهل أراد منع خطة الرب فى فداء العالم وخلاصه؟ أم أبلغه الرب أنه سينجو من هذا العذاب ولن يلقى الهوان على يد أعدائه؟
                              وكيف يفقد الثقة بالله تعالى فى إنقاذه إياه، والكتاب يقول: (10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ».) لوقا 4: 10-11؟ فهل أنقذته الملائكة ولم تحوجه لطلب سيفين لمواجهة جيشًا كاملا؟ أم كفر يسوع فتخلى عنه الرب وتركه للهلاك؟ أم يجب أن نأخذ هذا النص على أنه تهكم من الشيطان على ضعف الرب فى إنقاذ عباده المؤمنين، وفشل الملائكة من تنفيذ أوامر الرب الخاصة بحماية عباده الأبرار؟
                              ومن ناحية أخرى يدعو الكتاب على لسان النبى يوئيل إلى استخدام القوة: (10اِطْبَعُوا سِكَّاتِكُمْ سُيُوفاً وَمَنَاجِلَكُمْ رِمَاحاً. لِيَقُلِ الضَّعِيفُ: بَطَلٌ أَنَا! 11أَسْرِعُوا وَهَلُمُّوا يَا جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَاجْتَمِعُوا. إِلَى هُنَاكَ أَنْزِلْ يَا رَبُّ أَبْطَالَكَ. 12تَنْهَضُ وَتَصْعَدُ الأُمَمُ إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاطَ لأَنِّي هُنَاكَ أَجْلِسُ لِأُحَاكِمَ جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. 13أَرْسِلُوا الْمِنْجَلَ لأَنَّ الْحَصِيدَ قَدْ نَضَجَ. هَلُمُّوا دُوسُوا لأَنَّهُ قَدِ امْتَلَأَتِ الْمِعْصَرَةُ. فَاضَتِ الْحِيَاضُ لأَنَّ شَرَّهُمْ كَثِيرٌ».) يوئيل 3: 10-13
                              وعلى الجانب الآخر نرى نصوصًا تدعو إلى السلام: (1وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتاً فِي رَأْسِ الْجِبَالِ وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ وَتَجْرِي إِلَيْهِ شُعُوبٌ. 2وَتَسِيرُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ وَإِلَى بَيْتِ إِلَهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ. 3فَيَقْضِي بَيْنَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ. يُنْصِفُ لِأُمَمٍ قَوِيَّةٍ بَعِيدَةٍ فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكاً وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفاً وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ. 4بَلْ يَجْلِسُونَ كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ كَرْمَتِهِ وَتَحْتَ تِينَتِهِ وَلاَ يَكُونُ مَنْ يُرْعِبُ لأَنَّ فَمَ رَبِّ الْجُنُودِ تَكَلَّمَ.) ميخا 4: 1-4
                              (3وَتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ إِلَى بَيْتِ إِلَهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ. 4فَيَقْضِي بَيْنَ الأُمَمِ وَيُنْصِفُ لِشُعُوبٍ كَثِيرِينَ فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكاً وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفاً وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ.) إشعياء 2: 3-4
                              لقد قرأنا جانب التسامح والمهادنة على لسان يسوع، لكنه على الجانب الآخر يقول إنه لم يأت من أجل السلام، بل جاء ليلقى سيفًا ونارًا وانقسامًا على الأرض، وليفرق بين الإنسان وابنه والأم وابنتها، والكنة وحماتها: (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.) متى 10: 34-40
                              ومن قبل علمنا أن يسوع كان على علم بقول الرب إن السيف للقتل: (.. .. يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ .. ...) إرمياء 15: 3
                              (49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ … 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».) لوقا 12: 49-53
                              بل حدَّدَ أن أعداءه هم الذين لا يؤمنون به كملك، ولا يتخذونه ملكًا! ومصير هؤلاء الذبح أمامه: (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27، فأين ذهبت أحبوا أعداءكم؟
                              وأمر الرب بقتل أولاد إيزابلا بسبب زناها: (22هَا أَنَا أُلْقِيهَا فِي فِرَاشٍ، وَالَّذِينَ يَزْنُونَ مَعَهَا فِي ضِيقَةٍ عَظِيمَةٍ، إِنْ كَانُوا لاَ يَتُوبُونَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ. 23وَأَوْلاَدُهَا أَقْتُلُهُمْ بِالْمَوْتِ. فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبَِ، وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ.) رؤيا يوحنا 2: 22-23
                              ويميت الرب من لا يدفع له كل ممتلكاته: (1وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ بَاعَ مُلْكاً 2وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذَلِكَ وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. 3فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا حَنَانِيَّا لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ 4أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ». 5فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ.) أعمال الرسل 5: 1-5
                              وها هو بولس يصيب إنسانًا بالعمى بدعوته عليه: (9وَأَمَّا شَاوُلُ الَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضاً فَامْتَلأَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَشَخَصَ إِلَيْهِ 10وَقَالَ: «أَيُّهَا الْمُمْتَلِئُ كُلَّ غِشٍّ وَكُلَّ خُبْثٍ! يَا ابْنَ إِبْلِيسَ! يَا عَدُوَّ كُلِّ بِرٍّ! أَلاَ تَزَالُ تُفْسِدُ سُبُلَ اللهِ الْمُسْتَقِيمَةَ؟ 11فَالآنَ هُوَذَا يَدُ الرَّبِّ عَلَيْكَ فَتَكُونُ أَعْمَى لاَ تُبْصِرُ الشَّمْسَ إِلَى حِينٍ». فَفِي الْحَالِ سَقَطَ عَلَيْهِ ضَبَابٌ وَظُلْمَةٌ فَجَعَلَ يَدُورُ مُلْتَمِساً مَنْ يَقُودُهُ بِيَدِهِ.) أعمال الرسل 13: 9
                              فأية محبة للأعداء هذه التى تكلم عنها يسوع؟
                              وها هو كاتب الرسالة إلى العبرانيين يؤمن أن القتال والجهاد وقهر العدو والحرب المقدسة هم الطريق إلى صناعة البر ونيل المواعيد: (30بِالإِيمَانِ سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيحَا بَعْدَمَا طِيفَ حَوْلَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. .. .. .. 33الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرّاً، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، 34أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ) عبرانيين 11: 30 –34
                              وقال ملاك الرب ليوحنا فى رؤياه: (5وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ فَمِهِمَا وَتَأْكُلُ أَعْدَاءَهُمَا. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا فَهَكَذَا لاَ بُدَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ.) رؤيا يوحنا 11: 5
                              بل استعمل يسوع نفسه العنف مع الباعة فى بيت الرب: (13وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيباً فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ 14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. 15فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا. لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ». 17فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».) يوحنا 2: 13-17
                              بل سأله ماسك السيف (بطرس) أن يأذن له بالضرب بالسيف، فضرب بطرس أذن عبد رئيس الكهنة: (49فَلَمَّا رَأَى الَّذِينَ حَوْلَهُ مَا يَكُونُ قَالُوا: «يَا رَبُّ أَنَضْرِبُ بِالسَّيْفِ؟» 50وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. 51فَقَالَ يَسُوعُ: «دَعُوا إِلَى هَذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا.) لوقا 22: 49-51
                              فبما أجاب يسوع؟ لو قال نعم، فقد خالف هو نفسه تعاليم محبة العدو! ولو نهى عن الضرب، لقلنا بغباء بطرس وعدم طاعته لمعلمه، فبأى حق أصبح من التلاميذ؟ وبأى منطق يكون هو مالك مفاتيح الآخرة؟ (17فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ».) متى 16: 17-19
                              وكيف كان سيحارب جيش حراس المعبد والكهنة بسيف واحد، أو حتى بسيفين؟ إن مثل هذه المواقف لا تُحل إلا بالحوار. والأغبى من ذلك أن يضرب بطرس أذن عبد رئيس الكهنة، بدلا من قطع رأس الأفعى نفسها، وهو رئيس الكهنة نفسه!! وحتى الضربة التى وجهها لعبد رئيس الكهنة لم تكن فى مقتل. وما أشد البعد عن المنطق فى هذه الرواية حيث جعلت الأناجيل بطرس يحضر المحاكمة فى بيت رئيس الكهنة، ولم يخش على نفسه الانتقام بسبب قطعه لأذن عبد رئيس الكهنة!! ومن ساعات قليلة كان هو ويوحنا ضمن التلاميذ الفارين من جيش الكهنة!!
                              فلك أن تتخيل أن تأتى مباحث أمن الدولة فى وقت بطشها لتلقى بالقبض على متهم يقوض أركان الدولة وأتباعه، ثم يهرب أتباعه، وبعدها بقليل تجدهم يحضرون محاكمة رئيسهم فى أمن الدولة نفسها!!
                              لكن ألم يعلم يسوع أنه بعد قليل سوف يموت، وأن تلاميذه الفقراء سيحملون لواء الدعوة من بعده؟ فهل كان احتياجهم للسيف أشد من احتياجهم لملابسهم وأولى؟ فلماذا أمرهم بشراء سيوف، لو كان يعلم الغيب، ويعلم أنهم لن يستخدموه؟ وكيف يأمر بالشىء ونقيده فى بضع ساعات؟ وألا يُعد هذا من باب النسخ الذى يعنى هنا البداء (أى ظهر للرب ما كان مخفيًا عنه)، وهو لا يليق بحق الله؟
                              فإلى أى جانب كانت تميل كفة يسوع نفسه؟ هل كان يؤيد الجهاد واقتناء السيف ومحاربة الأعداء وإصلاح إعوجاج المجتمع تجاه قوانين الرب كما جاء فى كتاب الرب فى العهد القديم وأيده فى العهد الجديد؟ أم كان يميل إلى مهادنتهم والإنصياع إليهم كما جاء على لسانه فى إنجيل متى؟
                              وعجبت لمن أراد تأويل البعض لطلب يسوع من تلاميذه بيع ملابسهم لشراء سيوفًا بالآرامية إلى أن يسوع كان يلفت نظر التلاميذ إلى الخطر المحدق بهم، والقريب منهم. (36فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً.) لوقا 22: 36
                              ونسى أن تلاميذه الذين عاشوا معه فى نفس بيئته، وكانوا يتكلمون نفس لغته، فهموا أنهم عليهم اقتناء سيوفًا، بل سألوه أنهم يمتلكون سيفين، وأجاب أن هذا العدد من السيوف يكفى. فهل كان عليهم بيع ملابسهم ولا يقتنوا سيوفًا ليحذروا الخطر المحدق بهم؟
                              وتحكى الرواية أن التلاميذ لم يهربوا خوفًا من الجيش القادم للقبض عليهم، ولكن بعد أن وقفوا معهم وضرب بطرس أذن عبد رئيس الكهنة وأبرأها يسوع ووضعوا أيديهم على يسوع. وهنا فقط شعروا بالخوف!! ألم يعلموا سبب مجيئهم، وأنهم ضمن المستهدفين، والذين سيتم القبض عليهم؟
                              ألم يعلموا الكتاب وأنه لا بد من القبض على يسوع وإعدامه صلبًا من أجل فداء البشرية؟ فلماذا وقفوا للدفاع عنه؟ هل أرادوا منع إرادة الرب وإعاقة خطته؟
                              ألم يعلموا أنه على يسوع ألا يهلك أحدًا من أتباعه ومريديه تبعًا للكتب؟ فلماذا أطاعوه وحملوا السيوف؟
                              ولماذا وقفوا طوال هذه المدة دون محاولة الفرار، حتى استقر للحراس الأمر وقبضوا على يسوع؟ إن الفرار قبل مجيئهم وإحاطتهم بالبيت لأمر ممكن. لكن أن ينتظروا حتى يأتى هذا الجيش ويحيط بالمكان والأشخاص، فهذا أمر يستحيل، وسوف يؤدى بلا أدنى شك إلى الاقتتال بين الطرفين! ولو تعاركوا معهم لأمسكوا بهم ولقتلوهم! (50فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا صَاحِبُ لِمَاذَا جِئْتَ؟» حِينَئِذٍ تَقَدَّمُوا وَأَلْقَوُا الأَيَادِيَ عَلَى يَسُوعَ وَأَمْسَكُوهُ. 51وَإِذَا وَاحِدٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَ يَسُوعَ مَدَّ يَدَهُ وَاسْتَلَّ سَيْفَهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ. 52فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ! 53أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ 54فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟». 55فِي تِلْكَ السَّاعَةِ قَالَ يَسُوعُ لِلْجُمُوعِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي! كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ أَجْلِسُ مَعَكُمْ أُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ وَلَمْ تُمْسِكُونِي. 56وَأَمَّا هَذَا كُلُّهُ فَقَدْ كَانَ لِكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الأَنْبِيَاءِ». حِينَئِذٍ تَرَكَهُ التَّلاَمِيذُ كُلُّهُمْ وَهَرَبُوا.) متى 26: 50-56
                              والأغرب من ذلك أن حجة يسوع فى عدم اللجوء للقوة والعنف كانت مختلفة بين الأناجيل الأربعة: فيرى متى ومرقس أنها لكى تكمل الكتب، ولم يُذكر السبب عن لوقا، بينما كان هناك سببان عن يوحنا:
                              (56وَأَمَّا هَذَا كُلُّهُ فَقَدْ كَانَ لِكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الأَنْبِيَاءِ) متى 26: 56
                              أما عند لوقا فلم يتفوه يسوع بشىء عن الكتب السابقة، ولم يزد عن قوله: (... «دَعُوا إِلَى هَذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا.) لوقا 22: 51
                              وعند مرقس لم يأمر قاطع أذن عبد رئيس الكهنة برد سيفه إلى مغمده أو يقول بمعجزة ما من المعجزات، بل انتهر الكهنة أنفسهم قائلا: (48فَقَالَ يَسُوعُ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي! 49كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي الْهَيْكَلِ أُعَلِّمُ وَلَمْ تُمْسِكُونِي! وَلَكِنْ لِكَيْ تُكْمَلَ الْكُتُبُ».) مرقس 14: 48-49
                              ولم تشر أى ترجمة من تراجم الكتاب المقدس إلى الكتب المقصودة هنا!!
                              وعند يوحنا: (9لِيَتِمَّ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَداً ... 11فَقَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ: «اجْعَلْ سَيْفَكَ فِي الْغِمْدِ. الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ ألاَ أَشْرَبُهَا؟».) يوحنا 18: 9 و11
                              ولو كانت حجة يسوع فى عدم اللجوء للقوة والعنف هو إتمام الكتب (وَلَكِنْ لِكَيْ تُكْمَلَ الْكُتُبُ».) كما جاءت عند مرقس، و(لِكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الأَنْبِيَاءِ) كما جاءت عند متى، والتسليم لأمر الله كما تقول النصوص (الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ ألاَ أَشْرَبُهَا؟) كما جاءت عند يوحنا، وعدم إهلاك أحد من الذين أعطاهم الله له، فهل كل هذا يتناسب مع طلبه اقتناء السيوف؟

                              تعليق

                              • abubakr_3
                                مشرف عام

                                • 15 يون, 2006
                                • 849
                                • مسلم

                                #30
                                س178- غريب هو وضع الشيطان فى هذا الكتاب بعهديه القديم والجديد، والذى يقدسه اليهود والنصارى. فنرى الرب تارة يساوى الشيطان به، ولا نعرف لماذا، هل كان يخشاه أم يتودد إليه، أم يهادنه لأنه يحتاجه فى بعض المشورات، التى تنقذه هو وملائكته.
                                لقد نجح الشيطان نجاح ليس له مثيل فى كتابهم الذى يقدسونه، فقد نجح أن يحصل على لقب إله هذا العالم ورئيس سلطان الهواء، وإله هذا الدهر، فى الوقت الذى حُذف فيه اسم الله، المعبود الوحيد بحق، ونساه أهل العهدين:
                                (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4
                                (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
                                (11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
                                (2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2
                                فكيف انتزع الشيطان لقب (إله هذا الدهر) ولقب (رئيس هذا العالم) ولقب (رئيس سلطان الهواء) من الرب؟ وما هو سلطان الرب الثانوى فى هذا العالم أو هذا الدهر؟ وكيف يستمد الرب سلطانه (إن وجد أصلا) من الشيطان رئيس هذا العالم وهذا الدهر؟ وكيف كان يتنفس يسوع بإرادة (رئيس سلطان الهواء)؟ وكيف فرض نفسه فى كتابه ليتسمى بهذا الاسم، منتزعًا ألوهية هذا الدهر من الرب؟
                                بل ونجح أن يجعل الرب يسترضيه، يطلب من هارون أن يقدم له تيسًا مساويًا للتيس الذى يُقدمه هارون للرب، فهل تتخيل عزيزى القارىء أن يسترضى الرب الشيطان ويأمر نبيه هارون أن يذبح له تيسًا مثل التيس الذى سيذبحه له؟ هل تتخيل أن يأمر الرب بعبادة الشيطان؟ فهل كتب الرب هذا أو فرضه الشيطان على كتاب الرب؟ أم كتبه الأحبار الكفرة الذين استحفظوا على كتاب الرب ولم يحفظوه؟
                                (53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».) أعمال الرسل 7: 53
                                (1إِذاً مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقاً وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِباً.) رومية 3: 1-4
                                (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
                                اعترف كاتب سفر إرميا بأن أنبياء أورشليم وأنبياء السامرة الكذبة حرفوا كلام الله عمداً: (13وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 14وَفِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِالْكَذِبِ وَيُشَدِّدُونَ أَيَادِيَ فَاعِلِي الشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا الْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ. ..... . 16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ.) إرميا 23: 13-16
                                فكيف يشيع الكفر من أنبياء بنى إسرائيل إلا إذا حرفوا تعاليم الله أو تكتموها ، وإلا لحاكمهم شعبهم ولأقاموا عليهم حدود الله! وهذا يدل أيضاً على عدم انتشار كلمة الرب وكتابه إلا بين الكتبة والكهنة فقط ، الأمر الذى ييسِّر عملية التحريف.
                                اقرأ عبادة الشيطان فى الكتاب المقدس بأمر الرب: هارون يقدِّم تيسًا لإرضاء الشيطان بأمر الرب: (1وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى بَعْدَ مَوْتِ ابْنَيْ هَارُونَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَا أَمَامَ الرَّبِّ وَمَاتَا .... 5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ وَكَبْشاً وَاحِداً لِمُحْرَقَةٍ. 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيّاً أَمَامَ الرَّبِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ) اللاويين 16: 5-10
                                إن من يقرأ عن معنى عزازيل فى المواقع المسيحية المختلفة وتراجم اللاويين 16: 8 فى التراجم الأجنبية، وما فعلوه فى ترجمة هذه الكلمة، وتكتمهم معناها الحقيقى، ليتملكه العجب من تأييد البعض تأييدًا يصل لدرجة اليقين أن عزازيل هو الشيطان، أو أحد أنواع الشياطين، المتمركز فى البرية. فى حين يصول البعض الآخر ويجول محاولا نفى أن يكون عزازيل هو الشيطان، حيث لن يخضع الرب للشيطان، ولن يدعو لعبادته فى كتابه.
                                تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (عزازيل): ” ... ويظهر الاسم "عزازيل" في سفر أخنوخ الزائف (ارجع إلى مادة "أخنوخ" في المجلد الأول من "دائرة المعارف الكتابية")، على أنه ملاك صناعة الأسلحة والسكاكين (8: 1)، ومعلم الإثم (9: 6) الذي قُيِّد وطُرح في ظلام الصحراء أو بئر الهاوية (10: 4)،والذي لا سلام له، بل عليه حكم صارم بالقيود (13: 1). ثم يذكر اسمه بين الملائكة الساقطين (69: 2).
                                وثمة أربع محاولات لتفسير كلمة "عزازيل" :
                                ( 1 ) إنه اسم مكان في البرية كان يرسل إليه التيس الثاني، ولكن حيث أن بني اسرائيل كانوا في ترحال مستمر ، ولم يكن لهم مقر ثابت، فمن غير المعقول تحديد اسم مكان ثابت ليُرسل إليه التيس من مختلف مواقعهم في البرية.
                                ( 2 ) إن عزازيل اسم لكائن سواء الشيطان أو أحد الأرواح الشريرة ، ولكن لا يذكر هذا الاسم في أي مكان آخر من الكتاب المقدس ، وهو أمر مستغرب لو أنه كان اسم كائن مهم حتى يتقاسم ذبيحة الخطية مع الرب ، علاوة على أن الشريعة تنهي نهياً قاطعاً عن عبادة الأرواح الشريرة (لا 17: 7).
                                ( 3 ) إن عزازيل اسم يعني الإبعاد أو الإزالة التامة، على أساس أن الكلمة "عزازيل" مشتقة من كلمة سامية بمعنى "عزل" أو "أبعد" (انظر مز 103: 12)
                                ( 4 ) جاء في "رسالة برنابا" الأبوكريفية (ارجع اليها في موضعها من المجلد الثاني من "دائرة المعارف الكتابية") أن تيس عزازيل كان يرمز إلى الرب يسوع الذي حمل الخطايا.
                                وحيث أن التيسين كانا "لذبيحة خطية" (لا 16: 5) أي أنهما كانا يعتبران ذبيحة واحدة ، وكانا كلاهما يقربان أمام الرب، وحيث أنه لم يكن يمكن أن يمثل "تيس واحد " جانبي الكفارة، لذلك كان يلزم وجود تيسين كتقدمة واحدة، يقدم أحدهما ذبيحة خطية رمزاً للمسيح ككفارة عن خطايانا، والثاني ليرمز إلى محو الخطية وإبعادها نهائياً، مهما أشبه بالعصفورين في تطهير الأبرص (لا 14: 4-7)“
                                وقد قرأنا استبعاد دائرة المعارف أن يكون عزازيل هو الشيطان، (وهو أمر مستغرب لو أنه كان اسم كائن مهم حتى يتقاسم ذبيحة الخطية مع الرب، علاوة على أن الشريعة تنهي نهياً قاطعاً عن عبادة الأرواح الشريرة). واستبدلت الشيطان بيسوع، حتى تثبت ألوهيته، وأن الكفارة بيديه، وبهذا أثبتت أن الأقانيم منفصلة، فأحد التيسين قدم للرب، والآخر ليسوع فى البرية، ونفت الشرك بالله، وأنه لا يجوز أن يتقاسم أى شخص الذبيحة مع الرب، وأثبتت وجود إلهين، الرب وعزازيل، الذى قالت ربما يكون هو يسوع، كما جاء فى سفر أخنوخ.
                                إن عزازيل كما تقول الأساطير الكنعانية هو الأخ التوأم للإلهة الوثنية عشتاروت، وهما أحفاد بعلزبول، الشيطان الأكبر الذى ذُكر فى العهد الجديد، واتهم يسوع أنه يُخرج الشياطين به. وكان يعتبر فى الشرق الأدنى إله العدالة والإنتقام، وإله الفنون السوداء، وحامى المسافرين. ويقال أيضًا إنه اسم إبليس نفسه الأصلى (عزازيل بن الحارث بن ميكائيل).
                                فمن هو عزازيل هذا؟ (8: عزازيل هو شيطان يقيم فى الأماكن المقفرة) كما يقول هامش هذه الفقرة فى الترجمة العربية المشتركة بين كل طوائف المسيحية الكبار: الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية. وبعد أن كتب الهامش هذا المعنى أراد أن يتوَّه القارىء، فقال: (هناك رأى آخر يقول إن كلمة عزازيل مشتقة من الفعل عزل ومعناه أبعد كذلك فى العربية).
                                ولنرجع إلى الترجمة الكاثوليكية لنرى ماذا قالوا: يقول هامش هذه الفقرة: (يبدو أن عزازيل، بحسب الترجمة السريانية، هو اسم شيطان كان العبرانيون القدامى يعتقدون أنه يسكن البريَّة. والبريَّة أرض عقيمة لا يمارس فيها الله عمله المُخصب (راجع الآية 22 و17/7+).)
                                وإذا كان هذا اعتقاد العبرانيون القدماء، فهل جاراهم الرب فى معتقداتهم، وأمر هارون أن يذبح لإلههم الشيطان؟ هل يخترع العبرانيون دينًا ويلزمون به الرب ويفرضونه عليه؟ كيف يوجد فى هذا الكون مكان لا يمارس الرب فيه عمله، ولا سيطرة له عليه؟ أليس هذا اعتراف بأن رب هذا الكتاب إله ناقص، وأن الشيطان ينافسه على الحكم وانتزع منه الأرض والصحراء؟
                                والأمرُّ من ذلك أن يُصر الشيطان على إحراج الرب وإظهار فشله فى إدارة ملكوته أو التخطيط له. فقد أقحم الشيطان نفسه فى اجتماع للرب مع ملائكته، وأظهر الشيطان فشل الرب وملائكته فى التخطيط لإغواء أخاب، فتقدم الشيطان باقتراحه الذى حاز إعجاب الرب، وأقره عليه: ملوك الأول 22: 19-22 (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.)
                                وها هو نبى الرب يقف وعلى يمينه الشيطان، فى صورة غريبة الشكل: فيؤمن المسيحيون أن يسوع صعد وجلس على يمين الرب، كما كان الشيطان على يمين يهوشع!! (1وَأَرَانِي يَهُوشَعَ الْكَاهِنَ الْعَظِيمَ قَائِماً قُدَّامَ مَلاَكِ الرَّبِّ وَالشَّيْطَانُ قَائِمٌ عَنْ يَمِينِهِ لِيُقَاوِمَهُ. 2فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ يَا شَيْطَانُ. لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ الَّذِي اخْتَارَ أُورُشَلِيمَ. أَفَلَيْسَ هَذَا شُعْلَةً مُنْتَشَلَةً مِنَ النَّارِ؟]. 3وَكَانَ يَهُوشَعُ لاَبِساً ثِيَاباً قَذِرَةً وَوَاقِفاً قُدَّامَ الْمَلاَكِ.) زكريا 3: 1-2
                                ويرض كاهن الرب ونبيه أن يظل الشيطان على يمينه وهو فى حضرة الرب (هنا ملاك الرب). وهل جرؤ ملاك الرب على طرد الشيطان من حضرته، وقد احتاجه إلهه نفسه من قبل لينقذه من إيجاد حل لإغواء أخاب، بعد فشله وملائكته؟ وهل جرؤ ملاك الرب على طرد الشيطان وهو رئيس سلطان الهواء وإله هذا العالم وسيد هذا الدهر؟
                                وها هو الرب يسلط الشيطان مرة أخرى ويستعين به على عبده ونبيه أيوب: (6وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضَاً فِي وَسَطِهِمْ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟] فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا]. 8فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ]. 9فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [هَلْ مَجَّاناً يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟ 10أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ! 11وَلَكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ]. 12فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ]. ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ.) أيوب 2: 6-12
                                لقد أمر الرب الشيطان أن يغوى عبده ونبيه أيوب، بدلا من أن يحفظه لأنه كان مستقيمًا وكاملا أمامه. فلك أن تتخيل أن الرب يُجازى الإحسان بالإساءة! ولك أن تتخيل أن يغوى الرب عبده ويجربه، على الرغم من أنه قال إنه لا يجرب أحدًا بالشرور: (لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً) رسالة يعقوب 1: 13
                                والأغرب من ذلك أن يكون علم الشيطان بعباد الرب الخالق أكثر من علم الرب بهم. لقد علم الشيطن أن أيوب يعبد الرب ويتقيه من أجل ما أمده به الرب من الخيرات، فلما أخبره الشيطان بذلك، واقترح عليه أن يتسلط عليها، وسوف يجدف أيوب عليه فى وجهه، تركه الرب يغويه ليثبت له علمه هذا، والغريب أن ينجح الشيطان ويصدق فى علمه بالبشر، ويفشل الرب، حيث أعطى من لا يستحق، وأثبت جهله بعباده أمام الشيطان، وخسر الرب عبده ونبيه، واكتسبه الشيطان: (14تُرِيعُنِي بِالأَحْلاَمِ وَتُرْهِبُنِي بِرُؤًى 15فَاخْتَارَتْ نَفْسِي الْخَنْقَ وَالْمَوْتَ عَلَى عِظَامِي هَذِهِ. 16قَدْ ذُبْتُ. لاَ إِلَى الأَبَدِ أَحْيَا. كُفَّ عَنِّي لأَنَّ أَيَّامِي نَفْخَةٌ! 17مَا هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَعْتَبِرَهُ وَحَتَّى تَضَعَ عَلَيْهِ قَلْبَكَ 18وَتَتَعَهَّدَهُ كُلَّ صَبَاحٍ وَكُلَّ لَحْظَةٍ تَمْتَحِنُهُ! 19حَتَّى مَتَى لاَ تَلْتَفِتُ عَنِّي وَلاَ تُرْخِينِي رَيْثَمَا أَبْلَعُ رِيقِي؟ 20أَأَخْطَأْتُ؟ مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ يَا رَقِيبَ النَّاسِ! لِمَاذَا جَعَلْتَنِي هَدَفاً لَكَ حَتَّى أَكُونَ عَلَى نَفْسِي حِمْلاً! 21وَلِمَاذَا لاَ تَغْفِرُ ذَنْبِي وَلاَ تُزِيلُ إِثْمِي لأَنِّي الآنَ أَضْطَجِعُ فِي التُّرَابِ؟تَطْلُبُنِي فَلاَ أَكُونُ!])أيوب 7: 14-21
                                ورد عليه أحد المؤمنين مذكره بنعم الله وقدراته عليه: (1فَأَجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ: 2[إِلَى مَتَى تَقُولُ هَذَا وَتَكُونُ أَقْوَالُكَ رِيحاً شَدِيدَةً! 3هَلِ اللهُ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ أَوِ الْقَدِيرُ يَعْكِسُ الْحَقَّ؟ ... 20[هُوَذَا اللهُ لاَ يَرْفُضُ الْكَامِلَ وَلاَ يَأْخُذُ بِيَدِ فَاعِلِي الشَّرِّ.) أيوب 8: 1-20
                                فرد عليه أيوب بتجديف آخر قائلا: (30وَلَوِ اغْتَسَلْتُ فِي الثَّلْجِ وَنَظَّفْتُ يَدَيَّ بِالأَشْنَانِ 31فَإِنَّكَ فِي النَّقْعِ تَغْمِسُنِي حَتَّى تَكْرَهَنِي ثِيَابِي. 32لأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَاناً مِثْلِي فَأُجَاوِبَهُ فَنَأْتِي جَمِيعاً إِلَى الْمُحَاكَمَةِ. 33لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا! 34لِيَرْفَعْ عَنِّي عَصَاهُ وَلاَ يَبْغَتْنِي رُعْبُهُ. 35إِذاً أَتَكَلَّمُ وَلاَ أَخَافُهُ. لأَنِّي لَسْتُ هَكَذَا عِنْدَ نَفْسِي.) أيوب 9: 30-35
                                والترجمة الكاثوليكية أرفع أسلوبًا وأوضح مقالا من هذه الترجمة (الفاندايك) التى تصر عليها الكنيسة المصرية، وهى تقول: (32إِنَّه لَيسَ بِإِنْسانٍ مِثْلي فارع فأُجاوِبَه حَتَّى نَمثُلَ كِلانا أَمامَ القَضاء. 33لو كانَ بَينَنا حَكَمٌ يَجعَلُ يَدَه على كِلَينا 34لرَفَعَ عَنِّي عَصاه ولَما رَوَّعَني رُعبُه. 35حينَئذٍ أَتَكلَمُ ولا أَخافُه لأَنِّي لَستُ كذلكَ في نَظَري)
                                ولا نحتاج لتجديف أكثر من هذا، حتى يرفض النبى إلهه، ويعتقد أنه يفعل الشر به، وهو برىء، ويتمنى لو كان هناك قاضيًا بينهما، فيحاكمهما الرب والنبى، ولخافه الرب واضطر لرفع يديه عنه، ولما خافه أيوب نفسه.
                                لقد ربح الشيطان فى معرفته كنه الإنسان الذى خلقه الرب، وثبت فشل الرب فى إثبات علمه الأزلى أو حتى علمه بمن خلق، ويفاجأه الشيطان بكفر أيوب، الذى ظنه الرب من المؤمنين!! فلم يعرف الرب أن أيوب سوف يجدف عليه لو ابتلاه الرب، وعلم الشيطان ذلك لكونه إله الدهر وإله هذا العالم. فهل كتب هذه الرواية التى تمجد الشيطان، وتحط من قدر الرب إلا الشيطان وأعوانه؟!!
                                اقرأ هذه الرواية مرة أخرى، وقل لى كيف يصدق الرب الشيطان، ويعطيه عبده المؤمن أيوب ليتلاعب به الشيطان، ويوصله لمرتبة الكفر؟ هل فعل الرب ذلك كنوع من التحدى بينه وبين الشيطان؟ وما ذنب الماشية وأبناء أيوب أن يميتهم الرب ليثبت الشيطان عدم إيمان أيوب؟ أين صفة إله المحبة هنا؟ أيقتل الرب ليثبت جهله، ويؤكد تفوق الشيطان عليه؟!!
                                ما هذا التعاون المثمر والبنَّاء بين الشيطان والرب؟ وهل سيجازى الرب الشيطان خيرًا على أعلامه بكفر عبد الذى ظنه مؤمنًا؟ هل سيشكر الرب صنيع الشيطان به، حيث علمه ما جهله؟ سبحان الله وتعالى علوًا كبيرًا عن ذلك!!
                                وكل ما ذكرناه يُعد فى جانب، لكن أن يعتقل الشيطان إلهه، يوجهه أينما أراد، ويكون تحت أمره، ولا يدعه يأكل أو يشرب لمدة أربعين يومًا، فهذه كصيبة كبرى لا أعرف كيف يهضمها القوم، ويؤمنون بها، بل خلدوها بصيام نفس عدد أيام اعتقال الشيطان لإلههم يسوع: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزاً». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلَ 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ) لوقا 4: 1-11
                                فلك أن تتخيل أن الشيطان يمتحن الرب! لماذا؟ ألم يكف الشيطان لجوء الرب إليه فى الأزمات؟ أم يكف الشيطان أن يثبت للرب فشله وأنه غير جدير بحكم هذه الدنيا، فانتزع منه لقب إله هذا الدهر، وسيد هذا العالم، ورئيس سلطان الهواء، الذى يتنفسه كل مخلوق حى على ظهر الأرض؟ ألم يكف الشيطان أن أمر الرب هارون أن يساويه فى التقدمة والذبح؟ لا كل هذا لم يكف الشيطان، فقد أراد أن يكون إله السموات والأرض، وبما أنه كسب ألوهية الأرض، وأثبت أنه أحق بألوهية السماء بمعرفته كنه الإنسان وسره وعلنه، وأثبت فشل الرب بهذه الأسرار، فلم يتبق له إلى التخلص من يسوع ليخلو له ملكوت السموات والأرض.
                                فهل تعتقد أن الشيطان ترك يسوع يرجع إلى أهله بعد أربعين يومًا من التجربة؟ أم أطعمه للسباع الجائعة فى البرية، وتجسد هو فى صورته، فتعبدونه اليوم دون علم منكم، وبمكر منه، ومقدرة فاقت مقدرة الرب فى كل المجالات؟
                                والأكثر مرارة أن يمتدح الرب عابدى الأوثان هؤلاء، بعد أن اختارهم بعلمه الأزلى لهداية البشرية، فها هو هارون يتهمه الكتاب بأنه هو الذى صنع العجل لبنى إسرائيل: خروج 32: 21-25 (21وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟» 22فَقَالَ هَارُونُ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي! أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ أَنَّهُ شِرِّيرٌ. 23فَقَالُوا لِيَ: اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا. لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. 24فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هَذَا الْعِجْلُ». 25وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى (لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ).)
                                وها هو الكتاب يتهم سليمان بترك عبادة الله تعالى، وعبادة الأصنام: الملوك الأول 11: 4-7 (4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلَهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلَهَةِ الصَّيْدُونِيِّينَ وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبعِ الرَّبَّ تَمَاماً كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ.)
                                وها هو أمصيا يتهمه الكتاب أيضًا بعبادة أوثان بنى ساعير: أخبار الأيام الثانى 25: 14 (14ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ أَمَصْيَا مِنْ ضَرْبِ الأَدُومِيِّينَ أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَدَ لَهُمْ.)
                                فما هو رد فعل الرب تجاه هؤلاء؟
                                لقد جعل الكهانة وتعليم الناس فى معبده حكرًا على بنى هارون، بل جاء يسوع نفسه الذى يؤلهونه منهم، وجعلوا خاتم الأنبياء والرسل يأتى من داود مارًا بسليمان (تبعًا لمتى).
                                بل امتدح الرب أمصيا ، وعدَّه من الصالحين الذين أرضو الرب: أخبار الأيام الثانى 25: 3-4 (3كَانَ عُزِّيَّا ابْنَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ يَكُلْيَا مِنْ أُورُشَلِيمَ. 4وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَمَصْيَا أَبُوهُ.)
                                ومدح سليمان: متى 12: 42 (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!)
                                فهل عبادة الأوثان ترضى الرب؟
                                فإن كان نعم، فقد عرفنا إلى أى دين تدعون؟
                                وإن كان لا، فلماذا اختار أنبياء يعلم بعلمه الأزلى أنهم سيضلون، ويعبدون الأوثان؟ ولماذا امتدح بعضًا من هذه الأنبياء؟
                                ولو كانت كل هذه الأقاصيص سليمة، فهل تعتقد أن هذا الكتاب، وهذه الأعمال تُشرِّف الرب أن يقرأها عباده المؤمنين، الذين يحسنون الظن به؟
                                وهل تعتقد بعد أن تسمع كل هذا أن ينجح الرب ويفشل الشيطان فى إيجاد الشخص أو الفرصة أو الزمن الذى يحرف فيه كلام الرب، بعد أن أوجد من يقتلوه، وبعد أن نجح فى إضلال أنبيائه؟
                                والأنكى من ذلك أن كتاب الرب يقول: إن جنة فرعون أحلى من جنت الرب، كما لو كان يقوم بعمل دعاية للدخول فى وثنية فرعون: (7فَكَانَ جَمِيلاً فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ, لأَنَّ أَصْلَهُ كَـانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ, السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ, وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلاً بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ].) حزقيال 31: 7-9
                                وفى المقابل نجد أن اسم الله الحقيقى فُقد من الكتاب المقدس.أكرر على مسامعك: لقد فقد أقدس ما فى الكتاب الذى مازالوا يطلقون عليه مقدسًا! تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (الله): ”ثالثا - أسماء الله: كانت كل أسماء الله أصلا تدل على صفاته، ولكن اشتقاقات الكثير منها – ومن ثم معانيها الأصلية – قد فقدت، فكان لابد من البحث عن معان جديدة لها: 1- الاسماء العامة: من أقدم أسماء الله المعروفة للجنس البشري واكثرها انتشارا اسم "إيل" مع مشتقاته "إيليم" "إلوهيم"، "إلوي"، وهو مصطلح عام مثل "ثيوس وديوس" في اليونانية ويطلق على كل من يشغل مرتبة الألوهية ، بل قد يدل على مركز من التوقير والسلطة بين الناس، وقد كان موسى إلها "إلوهيم" لفرعون " (خر 7: 1)، ولهارون (خر 4: 16 – قارن قض 5: 8، 1 صم 2: 25، خر 21: 5 و 6 ، 22: 7 وما بعده، مز 58: 11، 82: 1)“.
                                فما هو اسم الله الحقيقى الذى يصلون إليه، ويتضرعون؟
                                وإذا علمنا أن الشيطان له عدة أسماء أنقلها كما ذكرتها دائرة المعارف الكتابية مادة (إبليس – الشيطان): فهو يُسمَّى إبليس والشيطان و”"أبدون" أو "أبوليون" (رؤ 9: 11) ومعناهما "المهلك". كما يطلق عليه "المشتكي على الإخوة" (رؤ 12: 10)، و"الخصم" (1 بط 5: 18)، و"بعلزبول" (مت 12: 24)، و"بليعال" (2كو 6: 15)، و"المضل لكل العالم" (رؤ 12: 9) و"التنين العظيم" (رؤ 12: 9) ، و"العدو" (مت 13: 28 و 39)، و"الشرير" (مت 13: 19 و 38)، و"أبو الكذاب" (يو 8: 44) ، و"إله هذا الدهر" (2 كو 4: 4)، و"الكذاب" (يو 8: 44)، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)، و"القتاَّل" (يو 8: 44)، و"رئيس هذا العالم" (يو 12: 31، 14: 3، 16: 11)، و"الحية القديمة" (رؤ 12: 9)، و"المجرب" (مت 4: 3، 1 تس 3: 5)“. أى له 21 اسماً فى الكتاب.
                                ونعلم أن كثرة أسماء المسمَّى تشريفاً له. فهل احتفظ الكتاب بأسماء الشيطان تشريفاً له ، ولم يحفظ اسم المعبود الذى يقدسونه؟
                                بل إن بعض الأشخاص احتفظوا باسمين فى حياتهم ، مثل إبرام الذى أصبح إبراهيم ، وإسرائيل الذى كان يعقوب.
                                عزيزى القارىء: إن معرفة الله وصفاته فى أى دين لهو أهم الموضوعات التى تتعلق بلب هذه الديانة التى يدين بها الإنسان ، ويُسلم أمره فيها لهذا الإله. إذ لابد أن أعرف اسمه الذى سأتعبد له به، وأناجيه ، وأدعوه به. وهو اسم لا يشترك فيه معه أحد ، غير قابل للتثنية والجمع ، لأن الله واحد أحد، ولا شريك له ، ولا إله معه. فكيف نتوقع أن اسم الله يُجمع؟
                                هل تعلم كم مرة ذكر اسم الشيطان فى الكتاب الذى يقدسه اليهود والنصارى؟
                                لقد ذكرت كلمة شيطان 70 مرة ، وذكر إبليس 31 مرة ، وبعلزبول 7 مرات ، كلهم فى العهد الجديد فقط. هذا غير باقى الأسماء التى اشتهر بها الشيطان، ولم يُذكر اسم الله مرة واحدة. فهل الشيطان أهم من الرب لهذه الدرجة؟ أم تسلط الشيطان على هذا الكتاب وأراد أن ينسى أتباعه اسم الله؟
                                وما الحكمة أن يحتفظ الرب باسم الشيطان فى كتاب يُنسب إليه ويحذف اسمه من عقول بنى إسرائيل وعيونهم؟ هل يعنى هذا أن الرب أسلمهم للهوان وللشيطان؟ أم هذه هى الفرائض غير الصالحة التى تكلم عنها الرب من قبل؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20 : 25
                                وهل تعلم أن معنى اسم "يهوه" سر مجهول حتى اليوم؟ هل تعلم أن يهوه هو إله الجبل الذى فى رأسه نار؟
                                إن أول ظهور لاسم "يهوه" كان حين استوطن اليهود فلسطين، أى بعد موت موسى ودفنه فى برية سيناء. ويكتبه اليهود بالأحرف: (ي هـ و هـ) (J. H. V. H) دون أحرف العلة أو التشكيل لخلو العبرية منها آنذاك. وحينما ابتكرت علامات ضبط الحروف العبرية في القرن السابع للميلاد، ركبوا الكلمة "يهوه" أحرف العلة (JeHovaH) وينطق Jahweh. بعد أن كان محرماً عليهم النطق به فكانوا يستخدمون بدلاً من "يهوه" "أدوناي" أي الرب.
                                فكيف كانوا ينطقون اسم إلههم قبل القرن السابع للميلاد؟
                                وهل لم يصلُّوا إليه أو يتعبدوا باسمه عبر 2000 سنة؟
                                وكيف كانوا يصلون وهم لا يعرفون اسم إلههم؟
                                وباسم من كانوا يقدمون نذورهم؟
                                إنها عزيزى اليهودى والمسيحى لكارثة الكوارث!!
                                هل قصَّرَ موسى  فى أداء وظيفته النبوية ولم يخبرهم به؟ أم أخبرهم به وحذفوه من كتبهم؟ فإن لم يحدُث ولم يبلغهم نبيهم باسم الله، فيكونون قد ضلوا وضلَّ نبيهم، وبطل دينهم وعقيدتهم ، وإذا كان قد أبلغهم وضيعوه فأنتم اليوم تسيرون وراء أناس قد ضلوا ، وإذا كان قد فقد دون تعمِّد منهم ، فقد شاءت إرادة الله هذا إما لمجىء كتاب آخر سيهيمن عليه ، ويتولى الله حفظه وعنايته ، وإما لغضبه عليهم فرفع أقدس ما فى الكتاب منه ، وهو اسمه.
                                ولو نسى موسى فهل نسى كل الأنبياء بعده؟ ولو نسى كل الأنبياء بعده فهل نسى عيسى  أن يذكركم باسم الله؟ هل نسى من تؤلهونه نفسه أن يذكركم باسم الله؟ وإذا ثبتت أية حالة من هذه الحالات لثبت أن هذا ليس بكتاب الله!
                                فأين اسم الله؟ هل ضاع هذا الاسم أم نُسى؟ وإذا كان قد ضاع ، ألا يدل هذا على ضياع أهم شىء فى كتابهم وهو اسم إلههم الأعظم؟ وهل يدل هذا على عصمة الله لكتابهم أو محافظتهم عليه؟ وإذا كان اسم الله قد ضاع فما هى التعاليم التى ضاعت أيضاً من الكتاب؟ وألا يدل ضياع اسم الله من الكتاب على تسلط الشيطان عليه؟
                                وحتى لا يظن أحد من القراء أنه ربما لم يخبر الرب أحداً باسمه، أذكر لكم أوامر الله لأنبياءه أن يعلنوا اسمه لشعبه ليتعبدوا به ، ويتقربوا إليه باسمه، فقال: (4وَتَقُولُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: «احْمَدُوا الرَّبَّ. ادْعُوا بِاسْمِهِ. عَرِّفُوا بَيْنَ الشُّعُوبِ بِأَفْعَالِهِ. ذَكِّرُوا بِأَنَّ اسْمَهُ قَدْ تَعَالَى.) أشعياء 12: 4
                                (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.) خروج 20: 7 ، وتكررت فى تثنية 5: 11
                                (13الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ.) تثنية 6: 13 ، و10: 20
                                (8فِي ذَلِكَ الوَقْتِ أَفْرَزَ الرَّبُّ سِبْطَ لاوِي لِيَحْمِلُوا تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِيَقِفُوا أَمَامَ الرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِاسْمِهِ إِلى هَذَا اليَوْمِ) تثنية 10: 8
                                (11فَالمَكَانُ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ لِيَحِل اسْمَهُ فِيهِ تَحْمِلُونَ إِليْهِ كُل مَا أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ: مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ وَعُشُورَكُمْ وَرَفَائِعَ أَيْدِيكُمْ وَكُل خِيَارِ نُذُورِكُمُ التِي تَنْذُرُونَهَا لِلرَّبِّ.) تثنية 12: 11
                                (21إِذَا كَانَ المَكَانُ الذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيَضَعَ اسْمَهُ فِيهِ بَعِيداً عَنْكَ فَاذْبَحْ مِنْ بَقَرِكَ وَغَنَمِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ كَمَا أَوْصَيْتُكَ وَكُل فِي أَبْوَابِكَ مِنْ كُلِّ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ.) تثنية 12: 21
                                (30أُسَبِّحُ اسْمَ اللهِ بِتَسْبِيحٍ وَأُعَظِّمُهُ بِحَمْدٍ.) مزامير 69: 30
                                (20فَقَالَ دَانِيآلُ: [لِيَكُنِ اسْمُ اللَّهِ مُبَارَكاً مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ لأَنَّ لَهُ الْحِكْمَةَ وَالْجَبَرُوتَ.) دانيال 2: 20
                                (5لأَنَّ جَمِيعَ الشُّعُوبِ يَسْلُكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِـاسْمِ إِلَهِهِ وَنَحْنُ نَسْلُكُ بِـاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِنَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.) ميخا 4: 5
                                (24لأَنَّ اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ.) رومية 2: 24
                                (1جَمِيعُ الَّذِينَ هُمْ عَبِيدٌ تَحْتَ نِيرٍ فَلْيَحْسِبُوا سَادَتَهُمْ مُسْتَحِقِّينَ كُلَّ إِكْرَامٍ، لِئَلاَّ يُفْتَرَى عَلَى اسْمِ اللهِ وَتَعْلِيمِهِ.) تيموثاوس الأولى 6: 1
                                (9فَاحْتَرَقَ النَّاسُ احْتِرَاقاً عَظِيماً، وَجَدَّفُوا عَلَى اسْمِ اللهِ الَّذِي لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى هَذِهِ الضَّرَبَاتِ، وَلَمْ يَتُوبُوا لِيُعْطُوهُ مَجْداً.) رؤيا 16: 9
                                فقد كان اسم الله إذاً معروفاً بين الشعب، يحلفون به، ويقدمون باسمه المحرقات، وباسمه يبنون المذابح، ويتقون الحلف كذباً باسمه، ويسبحونه بذكر هذا الاسم. لقد حذفوا اسم الله ووضعوا بدلاً منه كلمة يهوه ، ويتضح هذا على الأكثر من أشعياء 42: 8 (8أَنَا الرَّبُّ هَذَا اسْمِي وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لِآخَرَ وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ.) ، فقد حذفوا اسم الله ووضعوا بدلاً منه كلمة الرب فى التراجم العربية ، وفى العبرية كتبوا (يهوه).
                                الأمر الذى انتقده الله ، وفضح من يحاول أن يُنسى الشعب اسمه ، وذلك بالطبع عن طريق الكذب وادعاء النبوة، وأن هذه هى أوامر الله، فقال: إرمياء 23: 25-27 (25قَدْ سَمِعْتُ مَا قَالَهُ الأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا بِاسْمِي بِالْكَذِبِ قَائِلِينَ: حَلُمْتُ حَلُمْتُ. 26حَتَّى مَتَى يُوجَدُ فِي قَلْبِ الأَنْبِيَاءِ الْمُتَنَبِّئِينَ بِالْكَذِبِ؟ بَلْ هُمْ أَنْبِيَاءُ خِدَاعِ قَلْبِهِمِ! 27الَّذِينَ يُفَكِّرُونَ أَنْ يُنَسُّوا شَعْبِي اسْمِي بِأَحْلاَمِهِمِ الَّتِي يَقُصُّونَهَا الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا نَسِيَ آبَاؤُهُمُ اسْمِي لأَجْلِ الْبَعْلِ.)
                                واستمر الحال على هذا المنوال حتى جاء عيسى ، ونطق باسم الله تعالى، والدليل على ذلك قوله: (6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. .. .. .. 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ) يوحنا 17: 6 ، 26
                                وفى الترجمة المشتركة: (أظهرتُ لهم اسمك ، وسأظهره لهم)
                                والإظهار لا يتم إلا من بعد الإخفاء. والتعريف بالشىء يكون من بعد جهله.
                                فأين هو اسم الله؟ لقد ضاع من اليهود ، وضاع من المسيحيين؟ لقد تآمر عبيد الله على إخفاء اسم الله. فلمصلحة مَن هذا؟
                                هل تتخيلون أن الأناجيل الثلاثة الأولى المتوافقة لم يذكر فيها أن يسوع علم الناس اسم الله الأعظم؟
                                وإذا كانت الصلاة تكون بأن تطلبوا من الله أن يتقدس اسمه ، فما هو هذا الاسم الذى تطلبون تقديسه؟ (9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) متى 6: 9
                                وهل تعتقدون أن يسوع كان يُخاطب الله داعيًا إياه أن يُمجِّد اسمه دون أن يكون لهذا الإله اسمًا؟ ما هو اسم الله الذى سيمجده؟ (28أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: «مَجَّدْتُ وَأُمَجِّدُ أَيْضاً».) يوحنا 12: 28
                                وما هو اسم الله القدوس الذى سيحفظهم فيه؟ (أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ.) يوحنا 17: 11
                                وأين نجد اسم الله البار ، فقد اعترف يسوع أنه عرَّف أتباعه بهذا الاسم ، فأين هو فى الكتاب؟ (25أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ وَهَؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».) يوحنا 17: 25-26
                                فما هى محبة الله؟ فهل محبة الله فى طمس اسمه أو إخفائه؟ أهكذا بكل بساطة ضيعوا اسمه؟ قولوا لى بالله عليكم: ماذا كان الشيطان سيفعل غير ذلك؟
                                وكيف حافظ بنو إسرائيل على وصايا الله؟ فإذا كان دانيال قد قال فى كتابه: (لِيَكُنِ اسْمُ اللَّهِ مُبَارَكاً مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ لأَنَّ لَهُ الْحِكْمَةَ وَالْجَبَرُوتَ)دانيال2: 20 فما هو اسم الله الذى يجب أن يكون مباركاً إلى الأبد؟
                                هل تعرف أن النبى الذى يتنبأ بنبوءة كاذبة هو نبى كاذب لا يُعتد بكلامه أو بكتابه؟ (21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».) تثنية 18: 21-22
                                وإن طبقنا هذه النبوءة على كل أنبياء الكتاب المقدس لكان كل أنبياؤهم كذبة بما فى ذلك يسوع ، ولا يُعتد بكلامهم. وبالتالى سقطت عصمة الكتاب الذى يقدسونه.
                                وطلب من أتباعه أن يصلوا لله الذى فى السماوات قائلين: (أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) متى 6: 9
                                ولم يُخفِ تعاليمه ، بل كان يعلِّم فى وضوح النهار وفى المعبد لكل اليهود: (19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. 21لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هَؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا».) يوحنا 18: 20-21
                                وبالتالى كان تلاميذه وخاصته يعرفونه ويُجاهرون به، الأمر الذى دفع الفريسيين الذين سمعوهم إلى مطالبة يسوع أن ينتهر تلاميذه ليكفوا عن إعلان اسم الله: (37وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا 38قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي!». 39وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ». 40فَأَجَابَ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هَؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ!».) لوقا 19: 37-40
                                فإذا قرأت هذه الفقرة بتمعن تجد أن التلاميذ لم يفعلوا شيئاً إلا أنهم سبحوا الله. فما المخالفة الشرعية التى اقترفها التلاميذ هنا؟ إنهم ذكروا اسم الله مخالفين بذلك التقاليد اليهودية.
                                لذلك وقف عيسى  أمام اليهود وهاجم تقاليدهم التى أصبحت هى الدين فقال لهم: (6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
                                وبرَّأ نفسه من تقاليدهم فتضرَّع لله قبل أن يرفعه إلى السماء من هذا العالم: (1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: .. .. .. 6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. .. .. .. 9مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ. .. .. .. 11وَلَسْتُ أَنَا بَعْدُ فِي الْعَالَمِ وَأَمَّا هَؤُلاَءِ فَهُمْ فِي الْعَالَمِ وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ. أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا نَحْنُ. 12حِينَ كُنْتُ مَعَهُمْ فِي الْعَالَمِ كُنْتُ أَحْفَظُهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي حَفِظْتُهُمْ وَلَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهلاَكِ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ.) يوحنا 17: 1-12
                                لقد اكتشف العميد مهندس جمال الدين شرقاوى (الذى أعتمد على دراسته فى هذا الموضوع فى كتابه “معالم أساسية ضاعت من المسيحية”) وجود اسم الله عشر مرات فى سفر دانيال، وهذا بيانها كما ذكرها: (3: 26 ؛ 4: 2 ، 17 ، 24 ، 25، 32، 34 ؛ 5: 18، 21 ؛ 7: 25)، وستجدها كتبت تحت رقم 5943: il-lah’ee وكتب نطقها الآرامى كما قال موقع المذكور (`illay (Aramaic) {il-lah'-ee}) وقاموا بترجمتها إلى الإنجليزية طبعة الملك جيمس The Most High God أى الرب الأعلى.
                                http://www.blueletterbible.org/tmp_d...74262-461.html
                                وفى هذا الموقع أعلاه تجد العشر مواضع وترجمات كلمة الله.
                                س179- نعلم كلنا كلمات يسوع عن المحبة ودعوته لمسالمة الأعداء، حتى عند اعتدائهم على المؤمن. فعلى المؤمن أن يسايره فى ظلمه، ويعطيه أكثر مما طلبه، ولا يقاومه بالمرة، بل توعَّد الذى يسب أخاه بالحماقة أن له نار جهنم، وأمر المؤمنين به أن يحبوا أعداءهم: (... إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 22
                                (... لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ.) متى 5: 39-40
                                (... أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ...) متى 5: 44-45
                                فكيف نفهم دعوته للمحبة والسلام والاستكانة للأعداء مع أمره لتلاميذه ببيع ملابسهم وحثهم على شراء سيوف، مع علمه أن السيف للقتل، وأن من يملك سيفًا ويمنعه من سفك الدم فهو ملعون؟
                                (35ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لاَ». 36فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً. 37لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ». 38فَقَالُوا: «يَا رَبُّ هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!».) لوقا 22: 35-38
                                (.... يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ .....) إرمياء 15: 3
                                (.... وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
                                وكيف نفهم توقعه عن قرب القبض عليه وقتله(37لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ.)، ومطالبتهم بشراء سيوف لمنع هذا المكتوب؟ فهل أراد تغيير مراد الرب وخطته؟ أم نفهم من ذلك عدم رغبته فى تحرير البشرية من الخطيئة الأزلية وتنفيذ مراد الرب، فدفعه العبد المؤمن يهوذا الإسخريوطى إلى هذا المصير، الذى أراد أعاقته؟
                                وهل منع المكتوب سيتم فقط بوجود سيفين أمام جيش الكهنة وحراس المعبد؟
                                ولماذا أمرهم باقتناء السيوف وبيع ملابسهم فى سبيل ذلك مع علمه (الأزلى كإله) أنهم لن يستخدموا هذه السيوف، بل لن تكفى للدفاع عنه، ولن تحبط مخطط الرب فى دفع ابنه للصلب فداءً للبشرية عن خطيئة حواء؟
                                ولماذا نهى بطرس من استعمال السيف عند القبض عليه؟
                                وهل كان وجود سيفين فقط كافيًا للدفاع عنه أمام جيش الكهنة وحراس المعبد؟ أليس هذا سوء تقدير من يسوع للموقف، وعدم توقع جيِّد لما سيحدث قريبًا، الأمر الذى ينفى عنه الألوهية وعرفة المستقبل؟
                                وكيف كان بعض التلاميذ يقتنون سيفًا، على الرغم من أمره برد الإساءة بالإحسان؟ فهل كانوا لا يطيعونه، ويضربون بكلامه عرض الحائط، أم كانت كلمات محبة الأعداء والتسامح معهم ضربًا من ضروب الاستكانة التى حاول أعداء يسوع ودعوته فرضها على المؤمنين به، حفاظًا على أرواح هؤلاء المعرضين ليسوع ودعوته من المقاومة؟
                                وكيف يطلب سيفًا وهو لم يأت إلا ليُصلب فداءً عن العالم؟ فهل أراد منع خطة الرب فى فداء العالم وخلاصه؟ أم أبلغه الرب أنه سينجو من هذا العذاب ولن يلقى الهوان على يد أعدائه؟
                                وكيف يفقد الثقة بالله تعالى فى إنقاذه إياه، والكتاب يقول: (10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ».) لوقا 4: 10-11؟ فهل أنقذته الملائكة ولم تحوجه لطلب سيفين لمواجهة جيشًا كاملا؟ أم كفر يسوع فتخلى عنه الرب وتركه للهلاك؟ أم يجب أن نأخذ هذا النص على أنه تهكم من الشيطان على ضعف الرب فى إنقاذ عباده المؤمنين، وفشل الملائكة من تنفيذ أوامر الرب الخاصة بحماية عباده الأبرار؟
                                ومن ناحية أخرى يدعو الكتاب على لسان النبى يوئيل إلى استخدام القوة: (10اِطْبَعُوا سِكَّاتِكُمْ سُيُوفاً وَمَنَاجِلَكُمْ رِمَاحاً. لِيَقُلِ الضَّعِيفُ: بَطَلٌ أَنَا! 11أَسْرِعُوا وَهَلُمُّوا يَا جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ وَاجْتَمِعُوا. إِلَى هُنَاكَ أَنْزِلْ يَا رَبُّ أَبْطَالَكَ. 12تَنْهَضُ وَتَصْعَدُ الأُمَمُ إِلَى وَادِي يَهُوشَافَاطَ لأَنِّي هُنَاكَ أَجْلِسُ لِأُحَاكِمَ جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. 13أَرْسِلُوا الْمِنْجَلَ لأَنَّ الْحَصِيدَ قَدْ نَضَجَ. هَلُمُّوا دُوسُوا لأَنَّهُ قَدِ امْتَلَأَتِ الْمِعْصَرَةُ. فَاضَتِ الْحِيَاضُ لأَنَّ شَرَّهُمْ كَثِيرٌ».) يوئيل 3: 10-13
                                وعلى الجانب الآخر نرى نصوصًا تدعو إلى السلام: (1وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتاً فِي رَأْسِ الْجِبَالِ وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ وَتَجْرِي إِلَيْهِ شُعُوبٌ. 2وَتَسِيرُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ وَإِلَى بَيْتِ إِلَهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ. 3فَيَقْضِي بَيْنَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ. يُنْصِفُ لِأُمَمٍ قَوِيَّةٍ بَعِيدَةٍ فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكاً وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفاً وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ. 4بَلْ يَجْلِسُونَ كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ كَرْمَتِهِ وَتَحْتَ تِينَتِهِ وَلاَ يَكُونُ مَنْ يُرْعِبُ لأَنَّ فَمَ رَبِّ الْجُنُودِ تَكَلَّمَ.) ميخا 4: 1-4
                                (3وَتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ إِلَى بَيْتِ إِلَهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ. 4فَيَقْضِي بَيْنَ الأُمَمِ وَيُنْصِفُ لِشُعُوبٍ كَثِيرِينَ فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكاً وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفاً وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ.) إشعياء 2: 3-4
                                لقد قرأنا جانب التسامح والمهادنة على لسان يسوع، لكنه على الجانب الآخر يقول إنه لم يأت من أجل السلام، بل جاء ليلقى سيفًا ونارًا وانقسامًا على الأرض، وليفرق بين الإنسان وابنه والأم وابنتها، والكنة وحماتها: (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.) متى 10: 34-40
                                ومن قبل علمنا أن يسوع كان على علم بقول الرب إن السيف للقتل: (.. .. يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ .. ...) إرمياء 15: 3
                                (49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ … 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».) لوقا 12: 49-53
                                بل حدَّدَ أن أعداءه هم الذين لا يؤمنون به كملك، ولا يتخذونه ملكًا! ومصير هؤلاء الذبح أمامه: (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27، فأين ذهبت أحبوا أعداءكم؟
                                وأمر الرب بقتل أولاد إيزابلا بسبب زناها: (22هَا أَنَا أُلْقِيهَا فِي فِرَاشٍ، وَالَّذِينَ يَزْنُونَ مَعَهَا فِي ضِيقَةٍ عَظِيمَةٍ، إِنْ كَانُوا لاَ يَتُوبُونَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ. 23وَأَوْلاَدُهَا أَقْتُلُهُمْ بِالْمَوْتِ. فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبَِ، وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ.) رؤيا يوحنا 2: 22-23
                                ويميت الرب من لا يدفع له كل ممتلكاته: (1وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ بَاعَ مُلْكاً 2وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذَلِكَ وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. 3فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا حَنَانِيَّا لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ 4أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ». 5فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ.) أعمال الرسل 5: 1-5
                                وها هو بولس يصيب إنسانًا بالعمى بدعوته عليه: (9وَأَمَّا شَاوُلُ الَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضاً فَامْتَلأَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَشَخَصَ إِلَيْهِ 10وَقَالَ: «أَيُّهَا الْمُمْتَلِئُ كُلَّ غِشٍّ وَكُلَّ خُبْثٍ! يَا ابْنَ إِبْلِيسَ! يَا عَدُوَّ كُلِّ بِرٍّ! أَلاَ تَزَالُ تُفْسِدُ سُبُلَ اللهِ الْمُسْتَقِيمَةَ؟ 11فَالآنَ هُوَذَا يَدُ الرَّبِّ عَلَيْكَ فَتَكُونُ أَعْمَى لاَ تُبْصِرُ الشَّمْسَ إِلَى حِينٍ». فَفِي الْحَالِ سَقَطَ عَلَيْهِ ضَبَابٌ وَظُلْمَةٌ فَجَعَلَ يَدُورُ مُلْتَمِساً مَنْ يَقُودُهُ بِيَدِهِ.) أعمال الرسل 13: 9
                                فأية محبة للأعداء هذه التى تكلم عنها يسوع؟
                                وها هو كاتب الرسالة إلى العبرانيين يؤمن أن القتال والجهاد وقهر العدو والحرب المقدسة هم الطريق إلى صناعة البر ونيل المواعيد: (30بِالإِيمَانِ سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيحَا بَعْدَمَا طِيفَ حَوْلَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. .. .. .. 33الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرّاً، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، 34أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ) عبرانيين 11: 30 –34
                                وقال ملاك الرب ليوحنا فى رؤياه: (5وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ فَمِهِمَا وَتَأْكُلُ أَعْدَاءَهُمَا. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا فَهَكَذَا لاَ بُدَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ.) رؤيا يوحنا 11: 5
                                بل استعمل يسوع نفسه العنف مع الباعة فى بيت الرب: (13وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيباً فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ 14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. 15فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا. لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ». 17فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».) يوحنا 2: 13-17
                                بل سأله ماسك السيف (بطرس) أن يأذن له بالضرب بالسيف، فضرب بطرس أذن عبد رئيس الكهنة: (49فَلَمَّا رَأَى الَّذِينَ حَوْلَهُ مَا يَكُونُ قَالُوا: «يَا رَبُّ أَنَضْرِبُ بِالسَّيْفِ؟» 50وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. 51فَقَالَ يَسُوعُ: «دَعُوا إِلَى هَذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا.) لوقا 22: 49-51
                                فبما أجاب يسوع؟ لو قال نعم، فقد خالف هو نفسه تعاليم محبة العدو! ولو نهى عن الضرب، لقلنا بغباء بطرس وعدم طاعته لمعلمه، فبأى حق أصبح من التلاميذ؟ وبأى منطق يكون هو مالك مفاتيح الآخرة؟ (17فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ».) متى 16: 17-19
                                وكيف كان سيحارب جيش حراس المعبد والكهنة بسيف واحد، أو حتى بسيفين؟ إن مثل هذه المواقف لا تُحل إلا بالحوار. والأغبى من ذلك أن يضرب بطرس أذن عبد رئيس الكهنة، بدلا من قطع رأس الأفعى نفسها، وهو رئيس الكهنة نفسه!! وحتى الضربة التى وجهها لعبد رئيس الكهنة لم تكن فى مقتل. وما أشد البعد عن المنطق فى هذه الرواية حيث جعلت الأناجيل بطرس يحضر المحاكمة فى بيت رئيس الكهنة، ولم يخش على نفسه الانتقام بسبب قطعه لأذن عبد رئيس الكهنة!! ومن ساعات قليلة كان هو ويوحنا ضمن التلاميذ الفارين من جيش الكهنة!!
                                فلك أن تتخيل أن تأتى مباحث أمن الدولة فى وقت بطشها لتلقى بالقبض على متهم يقوض أركان الدولة وأتباعه، ثم يهرب أتباعه، وبعدها بقليل تجدهم يحضرون محاكمة رئيسهم فى أمن الدولة نفسها!!
                                لكن ألم يعلم يسوع أنه بعد قليل سوف يموت، وأن تلاميذه الفقراء سيحملون لواء الدعوة من بعده؟ فهل كان احتياجهم للسيف أشد من احتياجهم لملابسهم وأولى؟ فلماذا أمرهم بشراء سيوف، لو كان يعلم الغيب، ويعلم أنهم لن يستخدموه؟ وكيف يأمر بالشىء ونقيده فى بضع ساعات؟ وألا يُعد هذا من باب النسخ الذى يعنى هنا البداء (أى ظهر للرب ما كان مخفيًا عنه)، وهو لا يليق بحق الله؟
                                فإلى أى جانب كانت تميل كفة يسوع نفسه؟ هل كان يؤيد الجهاد واقتناء السيف ومحاربة الأعداء وإصلاح إعوجاج المجتمع تجاه قوانين الرب كما جاء فى كتاب الرب فى العهد القديم وأيده فى العهد الجديد؟ أم كان يميل إلى مهادنتهم والإنصياع إليهم كما جاء على لسانه فى إنجيل متى؟
                                وعجبت لمن أراد تأويل البعض لطلب يسوع من تلاميذه بيع ملابسهم لشراء سيوفًا بالآرامية إلى أن يسوع كان يلفت نظر التلاميذ إلى الخطر المحدق بهم، والقريب منهم. (36فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً.) لوقا 22: 36
                                ونسى أن تلاميذه الذين عاشوا معه فى نفس بيئته، وكانوا يتكلمون نفس لغته، فهموا أنهم عليهم اقتناء سيوفًا، بل سألوه أنهم يمتلكون سيفين، وأجاب أن هذا العدد من السيوف يكفى. فهل كان عليهم بيع ملابسهم ولا يقتنوا سيوفًا ليحذروا الخطر المحدق بهم؟
                                وتحكى الرواية أن التلاميذ لم يهربوا خوفًا من الجيش القادم للقبض عليهم، ولكن بعد أن وقفوا معهم وضرب بطرس أذن عبد رئيس الكهنة وأبرأها يسوع ووضعوا أيديهم على يسوع. وهنا فقط شعروا بالخوف!! ألم يعلموا سبب مجيئهم، وأنهم ضمن المستهدفين، والذين سيتم القبض عليهم؟
                                ألم يعلموا الكتاب وأنه لا بد من القبض على يسوع وإعدامه صلبًا من أجل فداء البشرية؟ فلماذا وقفوا للدفاع عنه؟ هل أرادوا منع إرادة الرب وإعاقة خطته؟
                                ألم يعلموا أنه على يسوع ألا يهلك أحدًا من أتباعه ومريديه تبعًا للكتب؟ فلماذا أطاعوه وحملوا السيوف؟
                                ولماذا وقفوا طوال هذه المدة دون محاولة الفرار، حتى استقر للحراس الأمر وقبضوا على يسوع؟ إن الفرار قبل مجيئهم وإحاطتهم بالبيت لأمر ممكن. لكن أن ينتظروا حتى يأتى هذا الجيش ويحيط بالمكان والأشخاص، فهذا أمر يستحيل، وسوف يؤدى بلا أدنى شك إلى الاقتتال بين الطرفين! ولو تعاركوا معهم لأمسكوا بهم ولقتلوهم! (50فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا صَاحِبُ لِمَاذَا جِئْتَ؟» حِينَئِذٍ تَقَدَّمُوا وَأَلْقَوُا الأَيَادِيَ عَلَى يَسُوعَ وَأَمْسَكُوهُ. 51وَإِذَا وَاحِدٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَ يَسُوعَ مَدَّ يَدَهُ وَاسْتَلَّ سَيْفَهُ وَضَرَبَ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ. 52فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ! 53أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ 54فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟». 55فِي تِلْكَ السَّاعَةِ قَالَ يَسُوعُ لِلْجُمُوعِ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي! كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ أَجْلِسُ مَعَكُمْ أُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ وَلَمْ تُمْسِكُونِي. 56وَأَمَّا هَذَا كُلُّهُ فَقَدْ كَانَ لِكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الأَنْبِيَاءِ». حِينَئِذٍ تَرَكَهُ التَّلاَمِيذُ كُلُّهُمْ وَهَرَبُوا.) متى 26: 50-56
                                والأغرب من ذلك أن حجة يسوع فى عدم اللجوء للقوة والعنف كانت مختلفة بين الأناجيل الأربعة: فيرى متى ومرقس أنها لكى تكمل الكتب، ولم يُذكر السبب عن لوقا، بينما كان هناك سببان عن يوحنا:
                                (56وَأَمَّا هَذَا كُلُّهُ فَقَدْ كَانَ لِكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الأَنْبِيَاءِ) متى 26: 56
                                أما عند لوقا فلم يتفوه يسوع بشىء عن الكتب السابقة، ولم يزد عن قوله: (... «دَعُوا إِلَى هَذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا.) لوقا 22: 51
                                وعند مرقس لم يأمر قاطع أذن عبد رئيس الكهنة برد سيفه إلى مغمده أو يقول بمعجزة ما من المعجزات، بل انتهر الكهنة أنفسهم قائلا: (48فَقَالَ يَسُوعُ: «كَأَنَّهُ عَلَى لِصٍّ خَرَجْتُمْ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ لِتَأْخُذُونِي! 49كُلَّ يَوْمٍ كُنْتُ مَعَكُمْ فِي الْهَيْكَلِ أُعَلِّمُ وَلَمْ تُمْسِكُونِي! وَلَكِنْ لِكَيْ تُكْمَلَ الْكُتُبُ».) مرقس 14: 48-49
                                ولم تشر أى ترجمة من تراجم الكتاب المقدس إلى الكتب المقصودة هنا!!
                                وعند يوحنا: (9لِيَتِمَّ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَداً ... 11فَقَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ: «اجْعَلْ سَيْفَكَ فِي الْغِمْدِ. الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ ألاَ أَشْرَبُهَا؟».) يوحنا 18: 9 و11
                                ولو كانت حجة يسوع فى عدم اللجوء للقوة والعنف هو إتمام الكتب (وَلَكِنْ لِكَيْ تُكْمَلَ الْكُتُبُ».) كما جاءت عند مرقس، و(لِكَيْ تُكَمَّلَ كُتُبُ الأَنْبِيَاءِ) كما جاءت عند متى، والتسليم لأمر الله كما تقول النصوص (الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ ألاَ أَشْرَبُهَا؟) كما جاءت عند يوحنا، وعدم إهلاك أحد من الذين أعطاهم الله له، فهل كل هذا يتناسب مع طلبه اقتناء السيوف؟

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 2 يوم
                                ردود 3
                                16 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ أسبوع واحد
                                ردود 2
                                22 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة الفقير لله 3
                                بواسطة الفقير لله 3
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 2 أسابيع
                                ردود 5
                                26 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة الفقير لله 3
                                بواسطة الفقير لله 3
                                ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ 3 أسابيع
                                ردود 0
                                13 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة الفقير لله 3
                                بواسطة الفقير لله 3
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 9 سبت, 2024, 08:31 م
                                ردود 0
                                29 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين
                                يعمل...