س118- كم كان عدد المشرفين على خدمة العمال المسخرين لتنفيذ أعمال سليمان؟
550 (23هَؤُلاَءِ رُؤَسَاءُ الْمُوَكَّلِينَ عَلَى أَعْمَالِ سُلَيْمَانَ خَمْسُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ، الَّذِينَ كَانُوا يَتَسَلَّطُونَ عَلَى الشَّعْبِ الْعَامِلِينَ الْعَمَلَ.) ملوك الأول 9: 23
250 (10وَهَؤُلاَءِ رُؤَسَاءُ الْمُوَكَّلِينَ الَّذِينَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ مِئَتَانِ وَخَمْسُونَ الْمُتَسَلِّطُونَ عَلَى الشَّعْبِ.) أخبار الأيام الثاني 8: 10
س119- كم كان عدد المحاربين فى إسرائيل؟
800,000 محارب (9فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى الْمَلِكِ، فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ ذِي بَأْسٍ مُسْتَلِّ السَّيْفِ، وَرِجَالُ يَهُوذَا خَمْسَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ.) صموئيل الثانى 24: 9
1,100,000 محارب (5فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِإِلَى دَاوُدَ, فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِلْيُوناً وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ,) أخبار الأيام الأول 21: 5
س120- وكم كان عدد جيش يهوذا؟
500,000 محارب (9فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى الْمَلِكِ، فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ ذِي بَأْسٍ مُسْتَلِّ السَّيْفِ، وَرِجَالُ يَهُوذَا خَمْسَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ.) صموئيل الثانى 24: 9
470,000 محارب (5فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِإِلَى دَاوُدَ, فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِلْيُوناً وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ,) أخبار الأيام الأول 21: 5
مازلنا نؤكد أن هذا الكتاب لم يوح به أحد لا إنس ولا جن ولا إله، وإلا لاتفقت المخطوطات والتراجم. ومازلنا نؤكد على المبالغات الرقمية فى الكتاب وعدم دقتها.
س121- كم كان عدد القتلى الذين أرداهم يُشيْب بَشَّبَث التحكمونى دفعة واحدة بهزة من رمحه؟
800 (8هَذِهِ أَسْمَاءُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يُشَيْبَ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ رَئِيسُ الثَّلاَثَةِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً.) صموئيل الثانى 23: 8
300 (11وَهَذَا هُوَ عَدَدُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يَشُبْعَامُ بْنُ حَكْمُونِي رَئِيسُ الثَّوَالِثِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَلاَثِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً.) أخبار الأولى 11: 11
س122- ما حجم الحوض الذى بناه سليمان؟ أى كم عدد البراميل التى يستوعبها؟
3000 (يَأْخُذُ وَيَسَعُ ثَلاَثَةَ آلاَفِ بَثٍّ.) أخبار الأيام الثانى 4: 5
375 حرفتها الترجمة العربية المشتركة وجعلتها (5وكانَ سُمْكُ الحَوضِ شِبْرًا، وحافَّتُهُ كحافَّةِ كأسٍ شبيهٍ بِزَهرِ السَّوسَنِ، وكانَ يَسَعُ ثَلاثَ مئَةٍ وخمسةً وسبعينَ برميلاً.)
2000 (يَسَعُ أَلْفَيْ بَثٍّ.) ملوك الأول 7: 26
250 حرفتها الترجمة العربية المشتركة وكتبتها (26وكانَت سَماكَةُ الحَوضِ شِبرًا، وحافَّتُهُ كحافَّةِ كأسٍ على مِثالِ زَهْرِ السَّوسَنِ، وكانَ يَسَعُ مئتينِ وخمسينَ برميلاً.)
س123- وفى خطأ آخر فى الجمع يقول (هَذِهِ هِيَ عَشَائِرُ الجَرْشُونِيِّينَ. 22المَعْدُودُونَ مِنْهُمْ بِعَدَدِ كُلِّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً المَعْدُودُونَ مِنْهُمْ سَبْعَةُ آلافٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ.) العدد 3: 21-22 ، أى كانوا (7500 ذكرًا)
و(هَذِهِ عَشَائِرُ القَهَاتِيِّينَ 28بِعَدَدِ كُلِّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً ثَمَانِيَةُ آلافٍ وَسِتُّ مِئَةٍ حَارِسِينَ حِرَاسَةَ القُدْسِ.) العدد 3: 27-28 ، أى كانوا (8600 ذكرًا)
و(هَذِهِ هِيَ عَشَائِرُ مَرَارِي. 34وَالمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ بِعَدَدِ كُلِّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً سِتَّةُ آلافٍ وَمِئَتَانِ.) العدد 3: 33-34، أى كانوا (6200 ذكرًا)
إلا أنه جمعهم بشكل خاطىء فقال: (39جَمِيعُ المَعْدُودِينَ مِنَ اللاوِيِّينَ الذِينَ عَدَّهُمْ مُوسَى وَهَارُونُ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ بِعَشَائِرِهِمْ كُلُّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً اثْنَانِ وَعِشْرُونَ أَلفاً.) العدد 3: 39، أى (22000) والمفروض أن يكونوا (22300)
فمن الذى أخطأ فى هذا الجمع؟ هل هو الرب أم الكاتب أم الناسخ؟ ولماذا لم يحفظ الرب مخطوطاته من الخطأ أو التحريف أو التلاعب العمدى وغيره أثناء النسخ؟
وقلنا من قبل: يستحيل أن ينجب أربع ذكور (العدد 3: 19) وهم أبناء قهات 8600 ذكرًا فى جيل واحد، فما بالكم أن جرشون كان له ولدان فقط (العدد 3: 18). فهل من ولدين ينتج 7500 ذكرًا، غير الإناث؟ وكذلك كان لمرارى ابنان (العدد 3: 20) أنجبا له 6200 ذكرًا غير الإناث
س124- يحكى لنا سفر التكوين أن تارح أبى إبراهيم أنجب ابنه إبراهيم، عندما بلغ من العمر 70 سنة (26وَعَاشَ تَارَحُ سَبْعِينَ سَنَةً وَوَلَدَ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ.) التكوين 11: 26، وتوفى عن عمر 205 عام (32وَكَانَتْ أَيَّامُ تَارَحَ مِئَتَيْنِ وَخَمْسَ سِنِينَ. وَمَاتَ تَارَحُ فِي حَارَانَ.) التكوين 11: 32
وذهب إبراهيم إلى كنعان تاركًا حاران عن عمر يبلغ 75 عامًا (4فَذَهَبَ أَبْرَامُ كَمَا قَالَ لَهُ الرَّبُّ وَذَهَبَ مَعَهُ لُوطٌ. وَكَانَ أَبْرَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَارَانَ. 5فَأَخَذَ أَبْرَامُ سَارَايَ امْرَأَتَهُ وَلُوطاً ابْنَ أَخِيهِ وَكُلَّ مُقْتَنَيَاتِهِمَا الَّتِي اقْتَنَيَا وَالنُّفُوسَ الَّتِي امْتَلَكَا فِي حَارَانَ. وَخَرَجُوا لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ.) التكوين 12: 4-5، وهذا يعنى أن أباه كان وقتها قد بلغ من العمر 145 عامًا، ولم يكن قد مات بعد.
ويؤكد سفر أعمال الرسل 7: 4 (4فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ. وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمُ الآنَ سَاكِنُونَ فِيهَا.)، أى كان عمر إبراهيم وقتها 205 – 70 = 135 سنة وليس 75 كما أخبر كاتب سفر التكوين. وعلى ذلك لابد أن يكون إبراهيم قد أنجب إسماعيل وإسحاق.
فمتى هاجر إبراهيم إلى أرض كنعان؟ هل فى حياة أبيه أم بعد مماته؟ أى هل كان عمر إبراهيم وقتها 75 سنة أم 135 سنة؟
س125- تقول الرواية الكتابية إن فرعون وافق أن يخرج موسى وبنو إسرائيل من مصر، وقد كانت هذه أمنية الشعب المصرى أيضًا بعد الضربات العديدة التى مناهم بها الله. وما إن خرج بنو إسرائيل (ولم يُطردوا كما يقول النص أسفله) حتى جيَّش فرعون جيشًا وخرج وراءهم، وتكمن المشكلة فى أعداد بنى إسرائيل النازحين من مصر، وهو يتوقف على طول مدة إقامتهم فيها: (31فَدَعَا مُوسَى وَهَارُونَ لَيْلاً وَقَالَ: «قُومُوا اخْرُجُوا مِنْ بَيْنِ شَعْبِي أَنْتُمَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعاً وَاذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ. 32خُذُوا غَنَمَكُمْ أَيْضاً وَبَقَرَكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ وَاذْهَبُوا. وَبَارِكُونِي أَيْضاً». 33وَأَلَحَّ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى الشَّعْبِ لِيُطْلِقُوهُمْ عَاجِلاً مِنَ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «جَمِيعُنَا أَمْوَاتٌ». 34فَحَمَلَ الشَّعْبُ عَجِينَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْتَمِرَ وَمَعَاجِنُهُمْ مَصْرُورَةٌ فِي ثِيَابِهِمْ عَلَى أَكْتَافِهِمْ. 35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ. 37فَارْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ رَعَمْسِيسَ إِلَى سُكُّوتَ نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ مِنَ الرِّجَالِ عَدَا الأَوْلاَدِ. 38وَصَعِدَ مَعَهُمْ لَفِيفٌ كَثِيرٌ أَيْضاً مَعَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ مَوَاشٍ وَافِرَةٍ جِدّاً. 39وَخَبَزُوا الْعَجِينَ الَّذِي أَخْرَجُوهُ مِنْ مِصْرَ خُبْزَ مَلَّةٍ فَطِيراً إِذْ كَانَ لَمْ يَخْتَمِرْ. لأَنَّهُمْ طُرِدُوا مِنْ مِصْرَ وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَتَأَخَّرُوا. فَلَمْ يَصْنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ زَاداً. 40وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 41وَكَانَ عِنْدَ نِهَايَةِ أَرْبَعِ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ أَنَّ جَمِيعَ أَجْنَادِ الرَّبِّ خَرَجَتْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.) خروج 12: 31-41
أى كان عدد الرجال حاملة السلاح 600,000 إضافة إلى النساء وما هم دون العشرين من الأطفال والرضع وغيرهم، إضافة إلى اللاويين.
وهذا العدد المذكور يُخالفه نص آخر فى سفر العدد بفارق 3550 رجلا غير اللاويين والنساء والأطفال: (45فَكَانَ جَمِيعُ المَعْدُودِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداً كُلُّ خَارِجٍ لِلحَرْبِ فِي إِسْرَائِيل 46سِتَّ مِئَةِ أَلفٍ وَثَلاثَةَ آلافٍ وَخَمْسَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ. 47وَأَمَّا اللاوِيُّونَ حَسَبَ سِبْطِ آبَائِهِمْ فَلمْ يُعَدُّوا بَيْنَهُمْ 48إِذْ قَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 49«أَمَّا سِبْطُ لاوِي فَلا تَحْسِبْهُ وَلا تَعُدَّهُ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيل.) العدد 1: 46-49
وجاءت تفصيلات عدد كل سبط فى الإصحاح الأول من سفر العدد 1: 21-43
إذن فالخطأ الأول هنا فى أعداد النازحين بمحض إرادتهم، وهم غير مطرودين كما يقول النص، بل كانت هذه أمنيتهم، وإرادة الرب.
الخطأ الثانى: لك أن تتخيل أنه بعدد الرجال حاملين السلاح عددًا مثله من زوجاتهم، أى 600,000 أو 603,550 ، ويكون فى بنى إسرائيل قابلتان فقط لهن، على الرغم من اعتراف النص أن بنى إسرائيل كان ينمو بسرعة كبيرة! إن المجتمع وقتئذ لابد أن يكون مجتمعًا صغيرًا، يسهل التحكم فيه، ومعرفة كل صغيرة وكبيرة.
الخطأ الثالث: إذا كان الملك قد رغب فى التخلص من الذكور من بنى إسرائيل، فلماذا أبقى على الفتيات، التى سينجبن ذرية تُحسب من بنى إسرائيل، لأن النسل عندهم ينتمى للأم وليس للأب؟ وهل كان الملك بالغباء الذى جعله يثق فيه قابلتين عبرانيتين؟ فلماذا لم يحرم ممارسة هذه المهنة إلا على المصريات، ليتمكن من تنفيذ أوامره؟ وما علاقة قوة المرأة بميعاد ولادتها؟ وكيف ومتى عرف فرعون أن القابلتين لم تنفذا أمره فى وجود هذه الأعداد الكبيرة؟ وإذا كان بنو إسرائيل أصبحوا بالفعل أكثر منهم قوة ونماءً، فلماذا لم يقتل فرعون منهم ليقلل العدد، بدلا من أن يقتل الأجنة الصغار؟ وهل هذا العدد القليل من المصريين استطاع تسخير هذا الجيش الجرار من الرجال والنساء والأطفال؟ وهل من يُستعبد يملك ماشية وأبقار وأغنام وغيره؟ هل من يُستعبد يملك بيوتًا؟ وهل من يُستعبد يطلب من سيده الحلى والذهب والفضة للإحتفال بعيدهم؟
(6وَمَاتَ يُوسُفُ وَكُلُّ إِخْوَتِهِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ الْجِيلِ. 7وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَأَثْمَرُوا وَتَوَالَدُوا وَنَمُوا وَكَثُرُوا كَثِيراً جِدّاً وَامْتَلأَتِ الأَرْضُ مِنْهُمْ. 8ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. 9فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. ....... 15وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ 16وَقَالَ: «حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ - إِنْ كَانَ ابْناً فَاقْتُلاَهُ وَإِنْ كَانَ بِنْتاً فَتَحْيَا». 17وَلَكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا اللهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ بَلِ اسْتَحْيَتَا الأَوْلاَدَ. 18فَدَعَا مَلِكُ مِصْرَ الْقَابِلَتَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا فَعَلْتُمَا هَذَا الأَمْرَ وَاسْتَحْيَيْتُمَا الأَوْلاَدَ؟» 19فَقَالَتِ الْقَابِلَتَانِ لِفِرْعَوْنَ: «إِنَّ النِّسَاءَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لَسْنَ كَالْمِصْرِيَّاتِ فَإِنَّهُنَّ قَوِيَّاتٌ يَلِدْنَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهُنَّ الْقَابِلَةُ». 20فَأَحْسَنَ اللهُ إِلَى الْقَابِلَتَيْنِ وَنَمَا الشَّعْبُ وَكَثُرَ جِدّاً. 21وَكَانَ إِذْ خَافَتِ الْقَابِلَتَانِ اللهَ أَنَّهُ صَنَعَ لَهُمَا بُيُوتاً. 22ثُمَّ أَمَرَ فِرْعَوْنُ جَمِيعَ شَعْبِهِ قَائِلاً: «كُلُّ ابْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي النَّهْرِ لَكِنَّ كُلَّ بِنْتٍ تَسْتَحْيُونَهَا».) خروج 1: 6-22
إن عدد النازحين الكلى لبنى إسرائيل قد يصل إلى مليونين ونصف. فإذا حسبنا لكل شاب زوجة وطفلين (لأن العدد كان فى نماء سريع جدًا يصعب معه افتراض طفل واحد لكل رجل)، ناهيك عن أن البعض كان له أكثر من زوجة وأكثر من طفلين، فسوف يتضاعف العدد ثلاث مرات، ناهيك عن الأرامل من النساء، وعدد اللاويين.
ومازلنا نناقش: هل من الممكن أن يصل تعداد بنى إسرائيل فى مدة إقامتهم فى مصر إلى 2 إلى 3 مليون نفسًا. فهل صحيح كان معدل الإنجاب فى بنى إسرائيل عاليًا بحيث يحدث إنفجار سكانى كما تتكلم نصوص سفر الخروج؟
هل كان إنجاب بنو إسرائيل مبارك فيه من الرب، ونماه الرب وزاده زيادة غير المعتاد؟ لا. لم يحدث. لأن الرب بعلمه الأزلى يعلم أنهم سوف يخرجون بعد كذا سنة، وأن كثرتهم بصورة مبالغ فيها ستضطر فرعون إلى قتل جماعات منهم، وأن هذ سوف يكون عائقًأ لهم عند الخروج، وعند عبور البحر. وإلا كان تخطيط الرب لعملية نزوحهم من مصر وعبورهم البحر تخطيط ساذج عشوائى غير مدروس، بل يُقصد منه تعذيب بنى إسرائيل حتى فى نزوحهم لعبادة ربهم. ومعدل نمو بنى إسرائيل هم المعدل الطبيعى فى مدن مصر حاليًا، وليس فى قراها. فلنرى معدل إنجاب ذرية يعقوب فى مصر:
ما هى أجيال بنى إسرائيل التى عاشت فى مصر؟
يؤكد الكتاب ما توصلت إليه، فلا يذكر تناميًا مبالغ فيه لبنى إسرائيل: فقد أنجب موسى، وأنجب يوسف اثنين (التكوين 46: 20)، وأنجب لاوى ثلاثة (الخروج 6: 16)، وأنجب جرشون اثنين (الخروج 6: 17)، وأنجب قهات أربعة (الخروج 6: 18)، وأنجب مرارى اثنين (الخروج 6: 19)، وأنجب عمرام اثنين (الخروج 6: 20)، وأنجب يصهار ثلاثة (الخروج 6: 21)، وأنجب عُزِّيئِيلَ ثلاثة (الخروج 6: 22)، وأنجب هارون أربعة (الخروج 6: 23)، وأنجب عُزِّيئِيلَ ثلاثة (الخروج 6: 22)، وأنجب وَأَلِعَازَارُ ابنًا واحدًا (الخروج 6: 25). كل هؤلاء ولم نرى إنجاب مبالغ فيه. وإن كان يعقوث أنجب اثنى عشر ولدًا فهم من أربع زوجات، أى متوسط الزوجة أربعة أبناء فى عمرها.
ولك أن تتخيل كيف يهرب هذا العدد الضخم (2 مليون مثلا) من فرعون! فلو مشوا فى صفوف أربعات بجوار بعضهم البعض، لبلغ عدد الصفوف 400000 صفًا، ولو وضعنا مسافة 25سم بين كل صفين، لوصل طول الطابور إلى 100كم. ولو ضاعفنا المسافة بين كل صف والآخر إلى متر، حيث يسحب كل منهم أكثر من حيوان معه من الأبقار وغيرها، لوصل طول الطابور الذى يمشون فيه إلى 400كم. ولو افترضنا قوة كل النازحين بدنيًا، وأنهم كانوا يقطعون 20كم فى اليوم، لاحتاج آخر الطابور إلى 20 يومًا ليصل إلى ما وصل إليه أول الطابور من قبل. فهل عبر موسى وجنوده البحر وانتظرا على الجانب الآخر 20 يومًا أو أكثر حتى يعبر الكل دون أن يلحق بهم فرعون وجنوده؟ وكيف كانت تصل إليهم الأوامر؟
وعلى الجانب الآخر كيف كانوا يشربون لمدة 55 يومًا حتى وصلوا إلى عيون موسى؟ من أين أتوا بماء عذب يشربون؟ وكيف كانوا يحملون كميات الماء هذه التى تكفى شعبًا كاملا؟ بل هل من المنطق لمن يهرب من فرعون وجنوده يأخذ معه ماشية لتعيقه أثناء الهرب؟ وكيف كانوا يطعمون ماشيتهم؟ فلم يأخذوا معهم إلا الحلى الذى سرقوه من المصريين بأمر الرب، والعجين، وماشيتهم. إن ما حدث لا يمكن أن يتعدى أكثر من بضعة ساعات. (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ».) الخروج 3: 21-22
يؤيدنا فى ذلك أن عملية عبور بنى إسرائيل فى البحر استغرقت من الليل إلى ظهور ضوء النهار، ومع هذا العدد يحتاج الهاربون شهرًا للعبور: (21وَمَدَّ مُوسَى يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَأَجْرَى الرَّبُّ الْبَحْرَ بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ شَدِيدَةٍ كُلَّ اللَّيْلِ وَجَعَلَ الْبَحْرَ يَابِسَةً وَانْشَقَّ الْمَاءُ. 22فَدَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ وَالْمَاءُ سُورٌ لَهُمْ عَنْ يَمِينِهِمْ وَعَنْ يَسَارِهِمْ. 23وَتَبِعَهُمُ الْمِصْرِيُّونَ وَدَخَلُوا وَرَاءَهُمْ جَمِيعُ خَيْلِ فِرْعَوْنَ وَمَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانِهِ إِلَى وَسَطِ الْبَحْرِ. 24وَكَانَ فِي هَزِيعِ الصُّبْحِ أَنَّ الرَّبَّ أَشْرَفَ عَلَى عَسْكَرِ الْمِصْرِيِّينَ فِي عَمُودِ النَّارِ وَالسَّحَابِ وَأَزْعَجَ عَسْكَرَ الْمِصْرِيِّينَ 25وَخَلَعَ بَكَرَ مَرْكَبَاتِهِمْ حَتَّى سَاقُوهَا بِثَقْلَةٍ. فَقَالَ الْمِصْرِيُّونَ: «نَهْرُبُ مِنْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ يُقَاتِلُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْهُمْ». 26فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مُدَّ يَدَكَ عَلَى الْبَحْرِ لِيَرْجِعَ الْمَاءُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ عَلَى مَرْكَبَاتِهِمْ وَفُرْسَانِهِمْ». 27فَمَدَّ مُوسَى يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَرَجَعَ الْبَحْرُ عِنْدَ إِقْبَالِ الصُّبْحِ إِلَى حَالِهِ الدَّائِمَةِ وَالْمِصْرِيُّونَ هَارِبُونَ إِلَى لِقَائِهِ. فَدَفَعَ الرَّبُّ الْمِصْرِيِّينَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ. 28فَرَجَعَ الْمَاءُ وَغَطَّى مَرْكَبَاتِ وَفُرْسَانَ جَمِيعِ جَيْشِ فِرْعَوْنَ الَّذِي دَخَلَ وَرَاءَهُمْ فِي الْبَحْرِ. لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ وَلاَ وَاحِدٌ.)الخروج 14: 21-28
ويستحيل أن يكون بالأعداد التى يذكرها الكتاب المقدس، فلك أن تقسم هذه الأعداد (2 مليون على أقل تقدير) على 12 وهو عدد أسباط بنى إسرائيل، فيكون الناتج 166,666 للسبط الواحد. ولو انتخبوا واحدًا من كل أربعة أفراد (أى أسرة)، ليملأ لهم الماء اللازم لشربهم وشرب حيواناتهم، لكان عدد الواقفين فى الطابور 41,666 فردًا. فكم يحتاجه السبط ليملأ كل واحد منهم ماءً؟ فلو احتاج كل منهم إلى 5 دقائق فقط لوقف آخرهم 208,333 أى 3472 ساعة أى 144 يومًا، ليأتى عليه الدور مرة أخرى ليسقى أهله وماشيته. وما المدة التى قضاها الهاربون فى عيون موسى؟ وهل لم ينم أو يصلى أو يقضى حاجته أو يستحم لمدة 144 يومًا ليشرب أو ليملأ مياهًا ليسقى ذويه أو ماشيته؟ وهل انتظر آخر الطابور 144 يومًا ليشرب ويسقى ماشيته؟ هل من الممكن أن يتحمل الإنسان أو الحيوان العطش طوال هذا الوقت؟ ضرب من الاستحالة أن يكون هناك وعاء يحتفظ بماء يكفى لمدة 4.8 شهرًا، ويُملأ هذا الوعاء فى 5 دقائق فقط. ومن المستحيل أيضًا أن ينتظر البشر أو الحيوان طوال هذا الوقت دون ماء، فى انتظار أن يأتى دوره للشرب!! وعلى ذلك يستحيل أن يكون بنو إسرايل بهذه الأعداد!
لقد كان عدد بنى إسرائيل صغير، حتى جيَّش فرعون جيشًا صغيرًا لملاحقتهم: (7وَأَخَذَ سِتَّ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ مُنْتَخَبَةٍ وَسَائِرَ مَرْكَبَاتِ مِصْرَ وَجُنُوداً مَرْكَبِيَّةً عَلَى جَمِيعِهَا.) الخروج 14: 7، فـ 600 مركبة فقط، كانت تحمل كل مركبة على أقصى تقدير اثنين من الجنود، أى 1200 جندى، أو حتى 1500.
والغريب فى القصة أن فرعون نفسه هو الذى أمرهم بالخروج من مصر، وألح عليه المصريون فى طردهم، ثم فوجىء فرعون بعدها أنهم خرجوا: (31فَدَعَا مُوسَى وَهَارُونَ لَيْلاً وَقَالَ: «قُومُوا اخْرُجُوا مِنْ بَيْنِ شَعْبِي أَنْتُمَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعاً وَاذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ. 32خُذُوا غَنَمَكُمْ أَيْضاً وَبَقَرَكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ وَاذْهَبُوا. وَبَارِكُونِي أَيْضاً». 33وَأَلَحَّ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى الشَّعْبِ لِيُطْلِقُوهُمْ عَاجِلاً مِنَ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «جَمِيعُنَا أَمْوَاتٌ».) الخروج 12: 31-33
(5فَلَمَّا أُخْبِرَ مَلِكُ مِصْرَ أَنَّ الشَّعْبَ قَدْ هَرَبَ تَغَيَّرَ قَلْبُ فِرْعَوْنَ وَعَبِيدِهِ عَلَى الشَّعْبِ. فَقَالُوا: «مَاذَا فَعَلْنَا حَتَّى أَطْلَقْنَا إِسْرَائِيلَ مِنْ خِدْمَتِنَا؟» 6فَشَدَّ مَرْكَبَتَهُ وَأَخَذَ قَوْمَهُ مَعَهُ.) الخروج 14: 5-6
تقول الباحثة الكندية (أنَّا رويز) فى كتابها (روح مصر) إن تعداد السكان فى مصر كان فى ذلك الوقت حوالى ثلاثة ملايين نسمة. وتزيده بعض الدوائر العلمية إلى ما بين الثلاثة والأربعة ملايين. وبناءً على ما قاله ملك مصر وقتها: (9فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا.) الخروج 1: 9 ، يجب أن يكون عدد بنى إسرائيل أكبر من ذلك. فهل أخطأ الرب فى تقدير عدد بنى إسرائيل، أم أخطأ الكاتب؟
والآن نحدد كم من الزمن مكث بنو إسرائيل فى مصر، لنؤكد مرة أخرى أن عدد النازحين المذكور غير منطقى ومبالغ فيه بصورة كبيرة جدًا:
يقول سفر التكوين 15: 13 (13فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيباً فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ. 14ثُمَّ الأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا أَنَا أَدِينُهَا. وَبَعْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُونَ بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ. 15وَأَمَّا أَنْتَ فَتَمْضِي إِلَى آبَائِكَ بِسَلاَمٍ وَتُدْفَنُ بِشَيْبَةٍ صَالِحَةٍ.)
ومعنى ذلك أن مدة إقامة بنى إسرائيل فى مصر كانت 400 سنة.
ويقول سفر الخروج 12: 40 (40وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً.)
وهذا يعنى أن مدة إقامة بنى إسرائيل الفعلية فى مصر هى 430 سنة. ولا يُلتفت لمحاولات الدكتور القس منيس عبد النور فى إضافة مدة مكوث إبراهيم فى حاران أو كنعان. فالرب يحدد مكوث بنى إسرائيل فى مصر، فى بلد ليست لهم. وبين النبوءتين خلاف ظاهر، فنبوءة سفر التكوين تحدد المدة ب 400 سنة، وتغيرت فى سفر الخروج إلى 430 سنة. إلا أن علماء التفسير للكتاب المقدس أجمعوا على أن المدة الفعلية التى قضاها بنو إسرائيل فى مصر كانت 210 سنة.
ونحسب سويًا مدة إقامتهم من وقت دخولهم مصر إلى وقت خروجهم:
إن يعقوب أنجب لاوى ويوسف، وهو الابن الأصغر ضمن 12 ابنًا، وأنجب لاوى قهات، وهو الابن الأوسط له، وأنجب قهات عمرم الذى أنجب موسى. فقد عاصر يوسف ثلاثة أجيال: يعقوب وأبناء يعقوب (أى اخوته) وأبناءهم (قهات)، وأحفادهم (عمرام) وعاصر موسى فى صباه: (22وَأَقَامَ يُوسُفُ فِي مِصْرَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِ أَبِيهِ. وَعَاشَ يُوسُفُ مِئَةً وَعَشْرَ سِنِينَ، 23حَتَّى شَهِدَ الجِيلَ الثَّالِثَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَفْرَايِمَ، وَكَذَلِكَ أَوْلاَدَ مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى الَّذِينَ احْتَضَنَهُمْ عِنْدَ وِلاَدَتِهِمْ.) التكوين 50: 22-23
ومعنى أن يوسف شهد ثلاثة أجيال أى إنه عاصر الطفل قهات عند دخله مصر: (16وَهَذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي لاَوِي بِحَسَبِ مَوَالِيدِهِمْ: جَرْشُونُ وَقَهَاتُ وَمَرَارِي. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ لاَوِي مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 17اِبْنَا جَرْشُونَ: لِبْنِي وَشَمْعِي بِحَسَبِ عَشَائِرِهِمَا. 18وَبَنُو قَهَاتَ: عَمْرَامُ وَيِصْهَارُ وَحَبْرُونُ وَعُزِّيئِيلُ. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ قَهَاتَ مِئَةً وَثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 19وَابْنَا مَرَارِي: مَحْلِي وَمُوشِي. هَذِهِ عَشَائِرُ اللاَّوِيِّينَ بِحَسَبِ مَوَالِيدِهِمْ. 20وَأَخَذَ عَمْرَامُ يُوكَابَدَ عَمَّتَهُ زَوْجَةً لَهُ. فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُونَ وَمُوسَى. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً.) الخروج 6: 16-20
فإذا علمنا أن يعقوب وبنيه دخلوا مصر عندما كان يوسف ابن 35 سنة، فمعنى ذلك أنه عاش 75 سنة عاصر فيها يعقوب ولاوى وقهات الذى كان وقتها طفلا، قيل إنه كان ابن سنتين. وكان سن الزواج للرجل أقل من 20 سنة، (13 سنة للشاب و12 سنة للفتاة – وقد اخترته 20 سنة على أساس تحديد الرب لسن الجندية والرجولة وتحمل المسئولية للدفاع عن الدولة والعقيدة). وعلى ذلك فبعد 18 سنة من دخول قهات مصر تزوج، وأنجب بكره عمرام، أى يتبقى على نهاية حياة يوسف 75 – 20 = 55 سنة، ونطرح منهم 20 سنة أخرى لنضوج عمرام وزواجه وإنجابه موسى، يكون الفارق 35 سنة عاصر فيهم يوسف موسى عليهما السلام.
مع الأخذ فى الاعتبار أن سن الزواج كان أقل من 20 سنة بكثير جدًا، خاصة بالنسبة للأنثى. فالسن الذى يسمح به الحاخامات لزواج الأنثى هو 3 (ثلاث) سنوات، وحجتهم فى ذلك ما فعله إسحاق نفسه مع فقة. إلا أن القانون الحالى المدنى يحرم زواج الأنثى إلا فى سن 17.
لقد ولدت سارة إسحاق وهى ابنة 90 سنة: (17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟».) التكوين 17: 17
وولدت رفقة عندما بلغت سارة 127 سنة، وبالتالى يكون عمر إسحاق وقتها 37 سنة: (23وَوَلَدَ بَتُوئِيلُ رِفْقَةَ. هَؤُلاَءِ الثَّمَانِيَةُ وَلَدَتْهُمْ مِلْكَةُ لِنَاحُورَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ. ... 1وَكَانَتْ حَيَاةُ سَارَةَ مِئَةً وَسَبْعاً وَعِشْرِينَ سَنَةً سِنِي حَيَاةِ سَارَةَ.) التكوين 22: 23 و23: 1
وبعد ثلاث سنوات من ولادة رفقة تزوجها إسحاق، أى عندما بلغ هو الأربعين: (20وَكَانَ إِسْحَاقُ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمَّا اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ زَوْجَةً رِفْقَةَ بِنْتَ بَتُوئِيلَ الأَرَامِيِّ أُخْتَ لاَبَانَ الأَرَامِيِّ مِنْ فَدَّانَِ أَرَامَ.) التكوين 25: 20
وذلك على الرغم من وجود نص آخر (التكوين 24: 64-67) يشير إلى نضخ رفقة وأنها تعرفت على إسحاق عن كبر ونضج، وليست ابنة ثلاث سنوات)
وبعد أن عاد موسى من مدين أمره الرب أن يكلم فرعون أن يترك بنى إسرائيل تخرج معه من مصر، وكان عمره حينئذ 80 سنة: (7وَكَانَ مُوسَى ابْنَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَهَارُونُ ابْنَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً حِينَ كَلَّمَا فِرْعَوْنَ.) خروج 7: 7
ومات موسى وهو ابن 120 سنة، بعد أربعين سنة قضاها فى الصحراء (5فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. ... 7وَكَانَ مُوسَى ابْنَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ وَلمْ تَكِل عَيْنُهُ وَلا ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ.) التثنية 34: 5-7
وبعد وفاة يوسف بحوالى 45 سنة (فرق ال 80 سنة التى قضاها موسى فى مصر كما يقول الكتاب) خرج موسى مع بنى إسرائيل. وبجمع 75 (عمر يوسف مع الأجيال الثلاثة) و45 عمر موسى إلى خروجه، يكون بنو إسرائيل قد قضوا فى مصر 120 سنة فقط، وليس 400 أو 430 كما قال الرب فى الكتاب المنسوب إليه.
وبحساب آخر:
عاش يوسف بعد دخول إسرائيل مصر 75 سنة (تكوين 50: 23) كان موسى من الجيل الثانى الذى ولد فى مصر، وقد عاصر يوسف لمدة 35 سنة، وعاش موسى بعده فى مصر 45 سنة، حتى بلغ الـ 80 من عمره، وخرج بنو إسرائيل معه. ومعنى ذلك أن مدة إقامة بنى إسرائيل فى مصر هى 75 + 45 = 120 سنة.
فهل من الممكن أن يزداد عدد الرجال فقط فى بنى إسرائيل فى 120 سنة حوالى 5000 مرة على أساس عدد الرجال المقاتلين فقط (600,000) أو 17 ألف مرة على حساب 2 مليون؟
وإذا بدأنا حساب إقامتهم فى الذل والاستعباد من بعد موت يعقوب فتكون مدة إقامتهم فى هذا الهوان 120 – 17 (قضاها يعقوب مع يوسف فى مصر قبل موته، فقد بدأ استعبادهم بعد موت يعقوب)= 103 سنة.
وبحساب آخر:
دخل قهات مصرمع أبيه لاوى، عندما كان طفلا صغيرًا، يُقدر بحوالى سنتين. وأنجب أربعة ذكور: (18وَبَنُو قَهَاتَ: عَمْرَامُ وَيِصْهَارُ وَحَبْرُونُ وَعُزِّيئِيلُ. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ قَهَاتَ مِئَةً وَثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً.) الخروج 6: 18
كما عاش ابنه عمرام أبو موسى 137 سنة (وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً.) الخروج 6: 20، وخرج موسى من مصر على رأس الـ 80 عامًا. ولكن لا ننسى أنهم اشتركوا فى باقى عمرهم سويًا فى التواجد فى مصر، باستثناء الفترة التى قضاها الأب قبل أن ينجب الابن.
ونطرح منها 20 سنة تقريبًا، وهو الوقت الذى أنجب فيه قهات ابنه عمرام. ولو أنجب عمرام موسى عندما بلغ 25 سنة، (حيث أنجب هارون قبله بثلاث سنوات).
وبالجمع: 80 سنة (قضاها موسى) + 25 سنة (وقت أن أنجبه أبوه عمرام) + 20 سنة (وقت أن أنجب قهات ابنه عمرام) = 125 سنة. وهى الفترة التى قضاها بنو إسرائيل فى مصر. وباقى عمر كل منهم منفردًا اشترك فيه الثلاثة، فهو محسوب من الـ 80 سنة التى عاشها موسى فى مصر وما بعدها. فمثلا عاش أبو موسى (عمرام) 137 سنة: أنجب موسى وهو ابن 25 سنة، أى يتبقى من عمره 112 سنة، عاش منهم 80 سنة فى مصر مع ابنه موسى، وخرج مع بنى إسرائيل عندما كان عمره 105، وعاش بعد الخروج 32 سنة.
وبحساب آخر:
إن موسى بن عمرام بن قهات بن لاوى بن يعقوب. دخل قهات مع يعقوب وهو ابن سنتين، عاش 18 سنة تقريبًا وأنجب عمرام، الذى عاش 25 سنة هو الآخر وأنجب موسى، وعاش موسى 80 سنة فخرج من مصر مع بنى إسرائيل: 18 + 25 + 80 = 123 سنة. وهذا بفرض أن موسى خرج وهو ابن 80 سنة، وهو افتراض بعيد أيضًا، إذا لابد أن يكون أصغر من ذلك بحوالى 40 سنة.
لقد قتل موسى المصرى وهو صغير السن، ثم هرب وقضى فى أرض مدين 10 سنوات، أضف إليها عشر سنوات أخرى قضاها فى مصر إلى أن وصل للثمانين المزعومة. بمعنى أن موسى قتل المصرى وهو ابن 60 عامًا. فهل من المعقول أن يُقال على ابن ستين سنة (وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى)؟ (11وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ فَرَأَى رَجُلاً مِصْرِيّاً يَضْرِبُ رَجُلاً عِبْرَانِيّاً مِنْ إِخْوَتِهِ 12فَالْتَفَتَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ. 13ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِذَا رَجُلاَنِ عِبْرَانِيَّانِ يَتَخَاصَمَانِ فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: «لِمَاذَا تَضْرِبُ صَاحِبَكَ؟» 14فَقَالَ: «مَنْ جَعَلَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً عَلَيْنَا؟ أَمُفْتَكِرٌ أَنْتَ بِقَتْلِي كَمَا قَتَلْتَ الْمِصْرِيَّ؟» فَخَافَ مُوسَى وَقَالَ: «حَقّاً قَدْ عُرِفَ الأَمْرُ!» 15فَسَمِعَ فِرْعَوْنُ هَذَا الأَمْرَ فَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ مُوسَى. فَهَرَبَ مُوسَى مِنْ وَجْهِ فِرْعَوْنَ وَسَكَنَ فِي أَرْضِ مِدْيَانَ وَجَلَسَ عِنْدَ الْبِئْرِ.) الخروج 2: 11-15 من هنا يتضح التطويل المتعمَّد للقصة الكتابية لمكوث بنى إسرائيل فى مصر.
هناك من يظن أن بنو إسرائيل دخلوا مصر مع جيش من عبيدهم، وهذا يستحيل، لأنه كانت هناك مجاعة، ولم تكن مصر تسمح لهم بالبقاء فى الدولة، على الأقل ف هذا الوقت. ولا ننسى أنه ليدخل بنو إسرائيل فى مصر ويقيمون فيها بصورة استثنائية استأذن يوسف لأبيه واخوته، وأخبر الملك أنهم جاءوا مع ماشيتهم وكل أموالهم (التكوين 47: 1). وظل يوسف يطعم أباه واخوته (12وَعَالَ يُوسُفُ أَبَاهُ وَإِخْوَتَهُ وَكُلَّ بَيْتِ أَبِيهِ بِطَعَامٍ عَلَى حَسَبِ الأَوْلاَدِ.) التكوين 37: 12
ولا يحق لنا أن نضرب المثل مثلا بجيش إبراهيم من العبيد أو غلمانه (التكوين 14: 14)، وذلك لسببين: فإن أخبر الرب أن عددهم 318 فهم هكذا، إضافة لنسائهم وأطفالهم. وبالمثل أخبر الرب أن عدد من دخل وقت المجاعة إلى مصر كانوا 70 رجلا من بنى إسرائيل، فهم أيضًا يجب أن يكونوا هكذا، بل إن الكتاب ذكرهم بالاسم ولم يذكرمعهم عبيدًا (التكوين 46: 8-27).
وذكر أن عددهم كان 66 نفسًا، ثم أضاف ابنى يوسف، فيجب أن يكون العدد 68، وليس 70 (26جَمِيعُ النُّفُوسِ لِيَعْقُوبَ الَّتِي أَتَتْ إِلَى مِصْرَ الْخَارِجَةِ مِنْ صُلْبِهِ مَا عَدَا نِسَاءَ بَنِي يَعْقُوبَ جَمِيعُ النُّفُوسِ سِتٌّ وَسِتُّونَ نَفْساً. 27وَابْنَا يُوسُفَ اللَّذَانِ وُلِدَا لَهُ فِي مِصْرَ نَفْسَانِ. جَمِيعُ نُفُوسِ بَيْتِ يَعْقُوبَ الَّتِي جَاءَتْ إِلَى مِصْرَ سَبْعُونَ.) التكوين 46: 26-27
والسبب الثانى أن عبيد إبراهيم هم عماله، الذين يعملون لديه بأجر، فمن الممكن أن يترك يعقوب عماله، حيث كانت تعم المجاعة البلاد، ولا يوجد لهم عمل، وبالتالى ليس لهم أجر. فقد كانت كلمة عبد تُطلق على العبيد الحقيقيين، وعلى العمال لدى رؤسائهم، وعلى رعية الملك. فقد قال أخوة يوسف ليوسف عن أبيهم يعقوب: (28فَقَالُوا: «عَبْدُكَ أَبُونَا سَالِمٌ. هُوَ حَيٌّ بَعْدُ». وَخَرُّوا وَسَجَدُوا.) التكوين 43: 28
وأيضًا قال يهوذا لأخيه يوسف فى مصر قبل أن يتعرف عليه إنه عبده هو واخوته: (18ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ يَهُوذَا وَقَالَ: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. لِيَتَكَلَّمْ عَبْدُكَ كَلِمَةً فِي أُذُنَيْ سَيِّدِي وَلاَ يَحْمَ غَضَبُكَ عَلَى عَبْدِكَ لأَنَّكَ مِثْلُ فِرْعَوْنَ. 19سَيِّدِي سَأَلَ عَبِيدَهُ: هَلْ لَكُمْ أَبٌ أَوْ أَخٌ؟ 20فَقُلْنَا لِسَيِّدِي: لَنَا أَبٌ شَيْخٌ وَابْنُ شَيْخُوخَةٍ صَغِيرٌ مَاتَ أَخُوهُ وَبَقِيَ هُوَ وَحْدَهُ لِأُمِّهِ وَأَبُوهُ يُحِبُّهُ. 21فَقُلْتَ لِعَبِيدِكَ: انْزِلُوا بِهِ إِلَيَّ فَأَجْعَلَ نَظَرِي عَلَيْهِ. 22فَقُلْنَا لِسَيِّدِي: لاَ يَقْدِرُ الْغُلاَمُ أَنْ يَتْرُكَ أَبَاهُ. وَإِنْ تَرَكَ أَبَاهُ يَمُوتُ. 23فَقُلْتَ لِعَبِيدِكَ: إِنْ لَمْ يَنْزِلْ أَخُوكُمُ الصَّغِيرُ مَعَكُمْ لاَ تَعُودُوا تَنْظُرُونَ وَجْهِي. 24فَكَانَ لَمَّا صَعِدْنَا إِلَى عَبْدِكَ أَبِي أَنَّنَا أَخْبَرْنَاهُ بِكَلاَمِ سَيِّدِي. 25ثُمَّ قَالَ أَبُونَا: ارْجِعُوا اشْتَرُوا لَنَا قَلِيلاً مِنَ الطَّعَامِ. 26فَقُلْنَا: لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَنْزِلَ. وَإِنَّمَا إِذَا كَانَ أَخُونَا الصَّغِيرُ مَعَنَا نَنْزِلُ لأَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَنْظُرَ وَجْهَ الرَّجُلِ وَأَخُونَا الصَّغِيرُ لَيْسَ مَعَنَا. 27فَقَالَ لَنَا عَبْدُكَ أَبِي: أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ لِي اثْنَيْنِ 28فَخَرَجَ الْوَاحِدُ مِنْ عِنْدِي وَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ قَدِ افْتُرِسَ افْتِرَاساً. وَلَمْ أَنْظُرْهُ إِلَى الْآنَ. 29فَإِذَا أَخَذْتُمْ هَذَا أَيْضاً مِنْ أَمَامِ وَجْهِي وَأَصَابَتْهُ أَذِيَّةٌ تُنْزِلُونَ شَيْبَتِي بِشَرٍّ إِلَى الْهَاوِيَةِ. 30فَالْآنَ مَتَى جِئْتُ إِلَى عَبْدِكَ أَبِي وَالْغُلاَمُ لَيْسَ مَعَنَا وَنَفْسُهُ مُرْتَبِطَةٌ بِنَفْسِهِ 31يَكُونُ مَتَى رَأَى أَنَّ الْغُلاَمَ مَفْقُودٌ أَنَّهُ يَمُوتُ فَيُنْزِلُ عَبِيدُكَ شَيْبَةَ عَبْدِكَ أَبِينَا بِحُزْنٍ إِلَى الْهَاوِيَةِ 32لأَنَّ عَبْدَكَ ضَمِنَ الْغُلاَمَ لأَبِي قَائِلاً: إِنْ لَمْ أَجِئْ بِهِ إِلَيْكَ أَصِرْ مُذْنِباً إِلَى أَبِي كُلَّ الأَيَّامِ. 33فَالْآنَ لِيَمْكُثْ عَبْدُكَ عِوَضاً عَنِ الْغُلاَمِ عَبْداً لِسَيِّدِي وَيَصْعَدِ الْغُلاَمُ مَعَ إِخْوَتِهِ. 34لأَنِّي كَيْفَ أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَالْغُلاَمُ لَيْسَ مَعِي؟ لِئَلَّا أَنْظُرَ الشَّرَّ الَّذِي يُصِيبُ أَبِي!».) التكوين 44: 18-34
بل أقر يعقوب وبنوه أنهم عبيد لفرعون أن خدامًا أو أجراء تحت إمرته: (3فَقَالَ فِرْعَوْنُ لإِخْوَتِهِ: «مَا صِنَاعَتُكُمْ؟» فَقَالُوا لِفِرْعَوْنَ: «عَبِيدُكَ رُعَاةُ غَنَمٍ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا جَمِيعاً».) التكوين 47: 3، وهذا التعبير دارج اليوم حتى بين الزوجة وزوجها، وبين الأصدقاء أو المتواضعين، فإذا ناديت فلان، يقول لك أُأمر، خدامك! أو فى خدمتك!
وحدد الكتاب أيضًا أنه كان لبيت يعقوب جاريتان فقط، وليس جيش من العبيد، ولا يُعلم إن أتيتا معه أم لا: (1وَرَفَعَ يَعْقُوبُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا عِيسُو مُقْبِلٌ وَمَعَهُ أَرْبَعُ مِئَةِ رَجُلٍ فَقَسَمَ الأَوْلاَدَ عَلَى لَيْئَةَ وَعَلَى رَاحِيلَ وَعَلَى الْجَارِيَتَيْنِ 2وَوَضَعَ الْجَارِيَتَيْنِ وَأَوْلاَدَهُمَا أَوَّلاً وَلَيْئَةَ وَأَوْلاَدَهَا وَرَاءَهُمْ وَرَاحِيلَ وَيُوسُفَ أَخِيراً.) التكوين 33: 1-2
وعلى ذلك فالداخلون من الذكور من بنى إسرائيل هم 70 نفسًا ، أو 68 فقط، يُضاف إليهم النساء من الزوجات والخادمات، فلن يتعدى الداخلون أكثر من 170 نفسًا على أعلى تقدير، وهو تقديرمبالع فيه أيضًا.
والآن: كم من الوقت احتاجه بنو إسرائيل ليصلوا لهذا العدد؟
تقول موسوعة الويكيبيديا (مصر القديمة): (وكان عدد سكان مصر قبل عصر الأسرات (5000ق.م. – 3000ق.م.) لايتعدى مئات الآلاف وأثناء المملكة القديمة (2575ق.م. – 2134 ق.م.) بلغ عددهم 2 مليون نسمة).
أى من عام 3000 ق.م. إلى عام 2134ق.م. (أى فى 866 سنة على أقل تقدير) أو من عام 5000ق.م.إلى عام 2134 ق.م. (أى فى 2866 سنة على أعلى تقدير) وصل المصريون من بضعة مئات الآلاف إلى 2 مليون. ولو افترضنا أنهم كانوا نصف مليون، فيكون العدد قد تضاعف ثلاث مرات فى ألف سنة تقريبًا إلى لم يكن ثلاثة آلاف سنة. فهل من الممكن أن يصل سبعون شخصًا فى 120 سنة إلى 600,000 نسمة؟ أما العدد الذى يقوله سفر الخروج أن عدد بنى إسرائيل تضاعف من 170 (أضفت 100 من النساء زوجات الرجال الذى استثناهم النص من التعداد) شخص إلى أكثر من 3 مليون تقريبًا (أى أكثر من تعداد الشعب المصرى نفسه وقتها)، إضافة إلى عدد الخدم والعبيد. أى تضاعف العدد 16 ألف مرة ونصف.
ولو كان تعدادهم ازداد فى 210 سنة (على حساب 3 مليون) 15 ألف ضعف، فكم يُفترض أن يصل اليوم تعدادهم بعد مرور حوالى 4000 سنة؟
فى تعداد اليهود فى العالم تقول الإحصائيات "أن عدد اليهود ازداد منذ العام 1970، وحين كان عددهم 12,633 نسمة، وحتى العام الماضي 2007 (13,155) بنسبة 4,1% فقط". أى ازدادوا فى 37 سنة بنسبة 4,1%. فلو ضربنا اثنين فى 4 لنصل إلى 148 سنة (وهو أكثر مما توصلنا إليه) فتكون نسبة الزيادة 16% (نزيدها إلى 20%). فتكون نسبة الزيادة هو 34 شخصًا من 170. أى سيصل عددهم الإجمالى 204 شخصًا.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=126569
ويقول نفس التقرير السابق: "وحسب تلك الإحصائيات فإن عدد اليهود في كل العالم في العام 2007 كان 13,155 مليون نسمة، بزيادة 60 ألف نسمة عن العام 2006،". ومعنى ذلك أن عددهم كان عام 2006 هو 13,095000، وازداد بنسبة 0.005 (خمسة من الألف فى المائة) تقريبًا فى سنة واحدة.
وعودة مرة أخرى للنبوءات، فلم يصدق الرب فى مدة استعبادهم فى أرض مصر، وأنها حوالى ربع المدة التى ذكرها الرب، وكذلك لم يصل عددهم إلى الرقم الذى قالته أسفار العهد القديم.
س126- من الأقوال المتهافتة، والتى يدعون أنها نبوءة، وهى لا علاقة لها بالنبوءات، ما ذُكر عند عاموس 9: 8-15 (8هُوَذَا عَيْنَا السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَى الْمَمْلَكَةِ الْخَاطِئَةِ وَأُبِيدُهَا عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ. غَيْرَ أَنِّي لاَ أُبِيدُ بَيْتَ يَعْقُوبَ تَمَاماً يَقُولُ الرَّبُّ. 9لأَنَّهُ هَئَنَذَا آمُرُ فَأُغَرْبِلُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ بَيْنَ جَمِيعِ الأُمَمِ كَمَا يُغَرْبَلُ فِي الْغُرْبَالِ وَحَبَّةٌ لاَ تَقَعُ إِلَى الأَرْضِ. 10بِالسَّيْفِ يَمُوتُ كُلُّ خَاطِئِي شَعْبِي الْقَائِلِينَ: لاَ يَقْتَرِبُ الشَّرُّ وَلاَ يَأْتِي بَيْنَنَا. 11«فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ مَظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ وَأُحَصِّنُ شُقُوقَهَا وَأُقِيمُ رَدْمَهَا وَأَبْنِيهَا كَأَيَّامِ الدَّهْرِ. 12لِيَرِثُوا بَقِيَّةَ أَدُومَ وَجَمِيعَ الأُمَمِ الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ يَقُولُ الرَّبُّ الصَّانِعُ هَذَا. 13«هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ يُدْرِكُ الْحَارِثُ الْحَاصِدَ وَدَائِسُ الْعِنَبِ بَاذِرَ الزَّرْعِ وَتَقْطُرُ الْجِبَالُ عَصِيراً وَتَسِيلُ جَمِيعُ التِّلاَلِ. 14وَأَرُدُّ سَبْيَ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ فَيَبْنُونَ مُدُناً خَرِبَةً وَيَسْكُنُونَ وَيَغْرِسُونَ كُرُوماً وَيَشْرَبُونَ خَمْرَهَا وَيَصْنَعُونَ جَنَّاتٍ وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 15وَأَغْرِسُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ وَلَنْ يُقْلَعُوا بَعْدُ مِنْ أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ» قَالَ الرَّبُّ إِلَهُكَ.)
والدارس لتاريخ بنى إسرائيل سيعرف أنهم كلما كرهوا دولة ما أو حقدوا عليها، أطلقوا النبوءات مُأملين أنفسهم أن هذه النبوءة سوف تتحقق يومًا ما، وتريح ما فى صدورهم، وتطفى لهيب نيران أحقادهم التى نسبوها للرب إلههم، الذى كان يحلو له أن يعدهم بأرض تفيض لبنًا وعسلا، يسكنون فيها (وَيَغْرِسُونَ كُرُوماً وَيَشْرَبُونَ خَمْرَهَا وَيَصْنَعُونَ جَنَّاتٍ وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا).
إن عاموس أطلق نبوءة ونسبها للرب، وهى ترمى بأن يبيد الله المملكة الخاطئة، وهى مملكة إسرائيل الشمالية، لأنها كانت مكروهة من مملكة إسرائيل الجنوبية لسببين: أولاهما أن سكان إسرائيل الشمالية كانوا أيس حالا من أهل المملكة الجنوبية، وثانيهما أن أهل الشمالية لا يؤمنون بيهوه كإله أحد، بل أشركوا معه آلهة أخرى.
ففى الجملة (10) تنطلق نبوءة الرب بقتل كل خاطىء من بنى إسرائيل بالسيف. وهذا لم يحدث فى التاريخ بالمرة. فربما كانت أمنية الكاتب أن ينتقم الرب من أهل الشمال عُبَّاد الأوثان، الذين أشركوا مع يهوه آلهة أخرى.
والغريب أنه فى كل العصور التى مرت على بنى إسرئيل نجد خطاة وعابدى الأوثان، والمشركين بيهوه، فمتى أبادهم الرب بالسيف؟ حتى إن عبدة أشيرة كما ذكرنا من قبل لم يبيدهم الرب، بل اكتفى بقتل عبدة البعل، وترك تمثال أشيرة فى المعبد، ولم يقترب من عبادها. كما لو كان هناك ثأر شخصى مُبيَّت بينه وبين البعل. فهذا الصنم بالذات محرم عليه التواجد فى معبد يهوه، أو أن يُعبد بجواره دون الأصنام الأخرى. بل إلى الآن يوجد فى إسرائيل عدد كبير جدًا من العلمانيين المنكرين لوجود يهوه، الكافرين بالكتاب الذى ينسبه إليه اليهود والمسيحيون.
وفى العدد (11) يقول الرب (11فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ مَظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ وَأُحَصِّنُ شُقُوقَهَا وَأُقِيمُ رَدْمَهَا وَأَبْنِيهَا كَأَيَّامِ الدَّهْرِ.) فأى يوم هذا قصده الرب بقوله (فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ)؟ إن الوقت الذى قبلت فيه هذه النبوءة كانت دولة داود قد انتهت منذ زمن بعيد. وكان بنو إسرائيل يجهدون أنفسهم بأمنية إقامتها مرة أخرى، وهذا هو الهدف الذى أرادت دعاية الكتاب المقدس أن تصل إليه.
فتبعًا للباحث الإسرائيلى (فينكلشتاين وآخرون) كان الكتاب المقدس يخدم أغراض مجموعة من الناس يعملون على توحيد الإسرائيليين، وإقامة (مَظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ).
وبتعبير آخر: إن أجزاء من النبوءة هذه كانت قد تمت بالفعل قبل كتابة هذا السفر. فهى تحكى إذن تاريخ حدث بالفعل على أنه نبوءة، ولا يمكننا اعتبارها نبوءة يريدون تكرارها وإعادتها مرة أخرى للواقع. فهى لم تتك فى كل تفاصيلها، ويمكن اعتبارها نوع من الدعاء على أهل الشمال أن يموتوا بالسيف، ويبيدهم الرب بددًا.
وعلى ذلك فإن العدد (15) يُعد من النبوءات الكاذبة، وهى تقول (15وَأَغْرِسُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ وَلَنْ يُقْلَعُوا بَعْدُ مِنْ أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ» قَالَ الرَّبُّ إِلَهُكَ). لأنه لم يتمكن الإسرائيليون مطلقًا من احتلال كل الشعوب التى (دعى اسم الرب عليها). ولم تكن حجم إسرائيل يومًا ما بهذا الحجم الكبير الذى تصوره الرب.
ويمكننا القول بصورة أخرى: إن النص كاملا يتكون من: أولا نبوءة عن وضع سابق لكتابة هذا السفر، وهو قد تم بالفعل. أى تحكى عن حدث تاريخى كان قائمًا يومًا ما، وتنسبه للمستقبل. وثانيًا: تتكلم عن آمال إسرائيل فى احتلال عدة قوى عظمى البابليين، الأشوريين، والحيثييين، ثم الإمبراطورية الرومانية). وعلى الرغم من ذلك لم يتخل اليهود مطلقًا عن هذا الأمل، وذلك لأنهم يؤمنون إيمانًا رايخًا بنبوءات الكتاب المقدس، حتى فى المناطق التى كانوا فيها أقلية، بعد تشرذمهم فى العالم.
وعلى كل حال يمكننا القول أنه بناءً على إيمان اليهود بهذه النبوءة أسست إسرائيل عام 1948. فكانت النبوءة هذه هى أساس قيام إسرائيل. لذلك لم ينشر المحافظون، الذى على قناعة تامة بوحى الكتاب المقدس كلمة كلمة، عدد كبير من النبوءات الخاطئة!! وهذا ما ذكره كونفوزيوس ونشره دينيس ماكنزى فى موسوعة
The Encyclopsdia of Biblical Errancy
س127- من صفات الرب التى لا يختلف عليها المؤمنون، الذين يعرفون قدر الله تعالى أنه إله كامل، على كل شىء قدير، بل شىء عليم:
(3وَقَالَ يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ: «اللهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرَ لِي فِي لُوزَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَبَارَكَنِي.) تكوين 48: 3
(3وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الْإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ) خروج 6: 3
(49لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ) لوقا 1: 49
(27فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ») مرقس 10: 27
(عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الْإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.عَادِلَةٌ وَحَقٌّ هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ) رؤيا يوحنا15: 3
ونقرأ على لسان يسوع أنه لم يأت ناقضًا للناموس أو تعاليم الأنبياء: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
ومعنى ذلك أن صفات الله هذه قد أقر يسوع بصحتها.
والآن نحاول أن نفهم هذه الصفات فى ضوء إيمان المسيحيين بأن الرب يتكون من ثلاثة أقانيم، تكوِّن مع بعضها إلهًا واحدًا. فهم يؤمنون أن الآب والابن والروح القدس ثلاثة أقانيم تكون إلهًا واحدًا. فما هى وظيفة كل منهم؟ وهل لا يستطيع أى منهم القيام بعمل الآخر؟ وهل يعتمد أحدهم على الآخر؟
مع الأخذ فى الاعتبار أن عدم استطاعة أى منهم القيام بشىء أو اعتماد أحدهم على الآخر يخرجه من دائرة الألوهية، أى ينفيها عنه.
س128- يقول الكتاب المقدس: (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ) مزامير 78: 65
وهذه استفسارات طفل يعرف قدر الله تعالى، قد سمع هذا النص: من الذى يقوم بدور الإله عند نومه؟ هل تنفصل الأقانيم ويسهر أحدهم مكان الباقين؟ وماذا يفعل تجاه أحد واجبات الإله الآخر؟ هل يقوم بها، أم لا يستطيع إلى ذلك سبيلا، فيضطر إلى إيقاظه وإزعاجه؟ أم يظلوا متحدين وينام الكل، أى الإله المتحد؟ ومن الذى يوقظ الرب من النوم؟ ومتى يستيقظ؟ ومتى يتعاطى هذا الخمر: هل بعد العمل أم أثنائه؟ وأى نوع من المناديل يستعملها لتجفيف دموعه؟
س129- يحكى الكتاب المقدس عن حكمة أتان (ترجمة الفاندايك – أو جحش فى الترجمة المشتركة) وسفاهة نبى، فيقول: (21فقامَ بَلعامُ في الصَّباحِ وركِبَ جحشَتَهُ وذهَبَ معَ رُؤساءِ موآبَ. 22فاَشتَدَ غضَبُ اللهِ لذهابِهِ، ووقَفَ ملاكُ الرّبِّ في الطَّريقِ تُجاهَهُ وهوَ راكِبٌ جحشَتَهُ ومعَهُ خادِماهُ. 23فرَأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ واقفًا في الطَّريقِ، وسَيفُه مَرفوعٌ بيدِهِ، فمالَت عَنِ الطَّريقِ وسارَت في الحقلِ. فضَربَها بَلعامُ ليَرُدَّها إلى الطَّريقِ. 24فوقَفَ ملاكُ الرّبِّ في ممَرٍّ ضيِّقٍ بينَ الكُرومِ، لَه حائطَ مِنْ هُنا وحائطَ مِنْ هُناكَ. 25فلمَّا رَأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ، صدَمَتِ الحائطَ فضغَطَت رِجلَ بَلعامَ بالحائطِ فزادَ في ضَربِها. 26ثُمَ عادَ ملاكُ الرّبِّ وتقدَّمَ إلى الأمامِ ووقَفَ في موضِعِ ضيِّقٍ، لا سبيلَ فيهِ للتَحَوُّلِ يمينًا أو شمالاً. 27فلمَّا رأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ اَستَلْقَت تَحتَ بَلعامَ، فاَشتَدَ غضَبُهُ وضرَبَها بالعصا. 28ففتَحَ الرّبُّ فَمَ الجحشَةِ فقالَت لبَلعامَ: ((ماذا صنَعْتُ بكَ حتى ضرَبْتَني ثَلاثَ مرَّاتٍ؟)) 29فقالَ لها بَلعامُ: ((لأنَّكِ اَسْتَهزَأتِ بي، ولو كانَ في يَدي سيفٌ لكُنتُ قتَلْتُكِ)). 30فقالَت لَه الجحشَةُ: ((أما أنا جحشَتُكَ التي ركِبْتَها طولَ حياتِكَ إلى اليومِ؟ هل عَوَّدْتُكَ أنْ أفعَلَ بكَ هكذا؟)) قالَ بَلعامُ: ((لا)). 31فكشَفَ الرّبُّ عَنْ بصَرِ بَلعامَ، فرَأى ملاكَ الرّبِّ واقفًا في الطَّريقِ وسيفُهُ مَسلولٌ بيدِهِ، فوقَعَ ساجدًا على وجهِهِ. 32فقالَ لَه ملاكُ الرّبِّ: ((لماذا ضرَبْتَ جحشَتَك ثَلاثَ مرَّاتٍ؟ أنا اَعترضْتُ طريقَكَ لأنَّه معوَج أمامي، 33فرأتني الجحشَةُ فمالَت مِنْ أمامي ثَلاثَ مرَّاتٍ ولو لم تمِلْ عنِّي لقَتَلْتُكَ في الحالِ وأبقَيتُها)). 34فقالَ بَلعامُ لمَلاكِ الرّبِّ: ((خطئْتُ لأنِّي ما عرَفْتُ أنَّكَ وقَفْتَ تُجاهي في الطَّريقِ. والآنَ فإنْ ساءكَ أنْ أتابعَ طريقي، فإنِّي أرجعُ)). 35فأجابَهُ الملاكُ: ((إذهَبْ معَ القوم ولا تَقُلْ إلاَ ما أقولُ لكَ)). فذهَبَ بَلعامُ معَ رُؤساءِ بالاقَ) عدد 22: 21-35 الترجمة العربية المشتركة
لقد نهى الرب بلعام من قبل أن يذهب معهم: (13فقامَ بَلعامُ في الصَّباحِ وقالَ لرُسُلِ بالاقَ: ((إنْصَرِفوا إلى أرضِكُم، لأنَّ الرّبَ رفَضَ أنْ يأذَنَ لي في الذَّهابِ معَكُم)).) عدد 22: 13، ثم أذن له فى الخروج معهم: (20فأتى اللهُ بَلعامَ ليلاً وقالَ لَه: ((إنْ كانَ هؤلاءِ القومُ جاؤوا ليَدعوكَ، فَقُمْ واَذهَبْ معَهُم، لكنْ لا تفعَلْ إلاَ ما أقولُهُ لكَ)).) عدد 22: 20
فما الجريمة التى اقترفها بلعام إذن؟ إنه نبى مطيع لربه! وإذا كان الرب قد غير رأيه بينه وبين نفسه، دون علم بلعام، فلماذا يتحمل الحمار نتيجة تغيير الرب رأيه دون أن يُعلم بلعام بعدم موافقته؟
فهل لم يعرف الرب أن نبيه أحمق لا يطيعه وأنه سوف يضرب الحمار؟ فلماذا تسبب الرب فى ضرب الحمار؟ لماذا لم يكشف ملاك الرب له عند نزوله وقبل أن يضرب بلعام الحمار؟ أين جمعيات الرفق بالحيوان؟ هل لم يجد الرب طريقة أخرى غير هذه ليُرجع نبيه عن الذهاب مع رؤساء مواب؟
وهل تعلم أن عين الحمار لا ترى الملائكة، لأنها مخلوقة من نور، وهى الآشعة فوق البنفسجية، بينما يرى الحمار الشيطان، المخلوق من نار، من الآشعة تحت الحمراء؟ وهذا خطأ علمى فى الكتاب لم يكن يعلمه بالطبع الكاتب، لأنه لم يوح الله إليه شيئًا.
س130- يحكى سفر يشوع من الكتاب المقدس أن الرب أمر يشوع أن يدور حول أسوار أريحا سبعة أيام، وينفخ الكهنة فى الأبواق، فيهتف بنو إسرائيل عند سماعهم صوت البوق، فيسقط سور المدينة من مكانه: (1وَكَانَتْ أَرِيحَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً بِسَبَبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لاَ أَحَدٌ يَخْرُجُ وَلاَ أَحَدٌ يَدْخُلُ. 2فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «انْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ أَرِيحَا وَمَلِكَهَا جَبَابِرَةَ الْبَأْسِ. 3تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ, جَمِيعُ رِجَالِ الْحَرْبِ. حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً. هَكَذَا تَفْعَلُونَ سِتَّةَ أَيَّامٍ. 4وَسَبْعَةُ كَهَنَةٍ يَحْمِلُونَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ التَّابُوتِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ, وَالْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. 5وَيَكُونُ عِنْدَ امْتِدَادِ صَوْتِ قَرْنِ الْهُتَافِ عِنْدَ اسْتِمَاعِكُمْ صَوْتَ الْبُوقِ, أَنَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ يَهْتِفُ هُتَافاً عَظِيماً, فَيَسْقُطُ سُورُ الْمَدِينَةِ فِي مَكَانِهِ, وَيَصْعَدُ الشَّعْبُ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ». ...... 20فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافاً عَظِيماً, فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ, وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ, وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ...... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 1-5 و20-24
وهنا تكمن عدة مشاكل تاريخية: إن البوق هو آلة نفخ نحاسية، ولم يكن معروفُا وقت يشوع، وكان ما ينفخون فيه يسمى قرن الكبش، ولم يفطن لهذه النقطة إلا الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، لذلك غيرت فى ترجمتها جزئيًا كلمة البوق إلى كلمة قرن الكبش، بل وأضافت كلمة من قرون الكباش بعد أبواق: (4ويَحمِلُ سَبعةُ كَهَنَةٍ سَبعَةَ أَبواقٍ مِن قُرونِ الكِباشِ أَمامَ التَّابوت، وفي اليَومِ السَّابع تَطوفونَ حَولَ المَدينةِ سَبعَ مَرَّات، وَينفُخُ الكَهَنَةُ في الأَبْواق. 5ويَكونُ إِذا امتَدَّ صَوتُ قَرنَ الكَبْش، إِذا سَمِعتُم صَوتَ البوق، أَنَّ كُلَّ الشَّعبِ يَهتِفُ هُتافًا شَديدًا ، فيسَقُطُ سورُ المَدينةِ في مَكانِه، فيَصعَدُ الشَّعبُ، كُلُّ واحِدٍ على وَجهِه.) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
أما بالنسبة لسقوط حائط من شدة الصوت، فهذا ثابت علميًا، أنه من شدة الصوت تتصدع الجدران، وتسقط اللأسوار. وقد أثبت ذلك علميًا العالم فلاديمير جافرو فى مرسيليا عام 1964، مستخدمًا فى ذلك مدافع تصدر أصواتًا عالية جدًا. لكن هل من الممكن أن يكون صوت قرن الكبش أو حتى البوق عاليًا بنفس درجة دافع الصوت أو حتى قريبًا منها؟
ومن المتعارف عليه أن بنى إسرائيل اتجهوا عام 1200 ق.م. تجاه الأرض المقدسة. ولو حدث هذا فى ذلك الزمن اكان من السهل على علماء الآثار العثور على أى دليل، يؤكدون به هذا الحدث، الذى يؤكد بدوره وجود بنى إسرائيل فى أريحا. ولكنهم دون جدوى لم يعثروا على ما يؤكد وجودهم فى كل الحفريات التى قامت فى المنطقة.
ولا عجب فى ذلك، فقد ضرب زلزال مدمر أريحا قبل ذلك الوقت بعدة قرون، مما أسفر عن سقوط السور. وترى العالمة كاتلين كيفيون أن مدينة أريحا كانت مهجورة قبل أن يدخلها بنو إسرائيل على الأقل بثلاثة قرون. بل كانت عبارة عن رديم.
وعلى ذلك فإن حكاية التوراة وتفاعل الرب لإسقاط سور أريحا وغزوها، ما هى إلا قصة مختلقة، أراد كاتبها أن يظهر بطولة كاذبة لبنى إسرائيل، ومجد زائف. وقد أظهر للأسف مع ذلك، وبسبب غبائه، جهل الرب وعدم علمه الأزلى أو الأبدى بأن ذلك سوف يُكتشف أمره يومًا ما، ويفتضح أمر الرب. وبالتالى اعتقد أن الرب سوف يدلس على ما يقوله، وسيعتبره وحيًا، ويسكت عليه، لكن الله فضحهم وفضح ممارساتهم، وكذبهم عليه، فقال: (32هَئَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هَذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً يَقُولُ الرَّبُّ].) إرمياء 23: 32
وقال: (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31
وقال: (3هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِلأَنْبِيَاءِ الْحَمْقَى الذَّاهِبِينَ وَرَاءَ رُوحِهِمْ وَلَمْ يَرُوا شَيْئاً. 4أَنْبِيَاؤُكَ يَا إِسْرَائِيلُ صَارُوا كَـالثَّعَالِبِ فِي الْخِرَبِ.) حزقيال 13: 3
وقال: (6رَأُوا بَاطِلاً وَعِرَافَةً كَـاذِبَةً. الْقَائِلُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ, وَانْتَظَرُوا إِثْبَاتَ الْكَلِمَةِ.) حزقيال 13: 6
وقال: (7أَلَمْ تَرُوا رُؤْيَا بَاطِلَةً, وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَـاذِبَةٍ, قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟) حزقيال 13: 7
وقال: (كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ, وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ, وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفاً لِسَفْكِ الدَّمِ, لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ, رَائِينَ بَاطِلاً وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِباً, قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
وقال: (16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ) إرمياء 23: 16
وحدث بعد ذلك أن بنى إسرائيل هُزموا هزيمة كبيرة أمام شعب عاى. ولم يُعرف على وجه اليقين إلى اليوم موقع عاى الحقيقية، فهى بلا أدنى شك غير على التى يحددها لنا اليوم أطلس أو خرائط الكتاب المقدس. وذلك كما قال ألبرايت وليام فوكسويل. (Die Bibel im Licht der Altertumsforschung, 1957, S. 124) وكان ذلك بسبب سرقة عخان الإسرائيلى لبعض الغنيمة التى أخذوها من أعدائهم، واعترف عخان قائلا: (20فَأَجَابَ عَاخَانُ يَشُوعَ: «حَقّاً إِنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ وَصَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا. 21رَأَيْتُ فِي الْغَنِيمَةِ رِدَاءً شِنْعَارِيّاً نَفِيساً, وَمِئَتَيْ شَاقِلِ فِضَّةٍ, وَلِسَانَ ذَهَبٍ وَزْنُهُ خَمْسُونَ شَاقِلاً, فَاشْتَهَيْتُهَا وَأَخَذْتُهَا. وَهَا هِيَ مَطْمُورَةٌ فِي الأَرْضِ فِي وَسَطِ خَيْمَتِي, وَالْفِضَّةُ تَحْتَهَا».) يشوع 7: 20-21
وكانت عقوبة الرب له ولأسرته وماشيته الموت، حتى يهدأ الرب ويذهب عنه غضبه: (24فَأَخَذَ يَشُوعُ عَخَانَ بْنَ زَارَحَ وَالْفِضَّةَ وَالرِّدَاءَ وَلِسَانَ الذَّهَبِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَبَقَرَهُ وَحَمِيرَهُ وَغَنَمَهُ وَخَيْمَتَهُ وَكُلَّ مَا لَهُ, وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ, وَصَعِدُوا بِهِمْ إِلَى وَادِي عَخُورَ. 25فَقَالَ يَشُوعُ: «كَيْفَ كَدَّرْتَنَا؟ يُكَدِّرُكَ الرَّبُّ فِي هَذَا الْيَوْمِ!» فَرَجَمَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِالْحِجَارَةِ وَأَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ وَرَمُوهُمْ بِالْحِجَارَةِ 26وَأَقَامُوا فَوْقَهُ رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. فَرَجَعَ الرَّبُّ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ. وَلِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُ ذَلِكَ الْمَكَانِ «وَادِيَ عَخُورَ» إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.) يشوع 7: 24-26
فما ذنب بنيه وبناته فى هذه السرقة؟ بل ما ذنب ماشيته؟
ألأم يقل الرب فى ناموسه أن النفس التى تُخطىء هى تموت؟ فلماذا أمات البرىء بذنب غيره؟
قال موسى وهارون لله: («اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟») العدد 16 : 22
ألم يقل الرب لموسى إنه: (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16؟
ألم يقل الرب لكاتب سفر الأخبار الثانى: (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4؟
ألم يقل الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30؟
ألم يقل الرب لإرمياء: (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ.) إرمياء 32: 19؟
ألم يقل الرب لحزقيال: (20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ.) حزقيال 18: 20؟
ألم يقل الرب لإشعياء: (حَسَبَ الأَعْمَالِ هَكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطاً وَأَعْدَاءَهُ عِقَاباً) إشعياء 59: 18؟
ألم يقل الرب لداود: (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12؟
ألم يقل الرب لداود: (5الرَّبُّ يَمْتَحِنُ الصِّدِّيقَ. أَمَّا الشِّرِّيرُ وَمُحِبُّ الظُّلْمِ فَتُبْغِضُهُ نَفْسُهُ. 6يُمْطِرُ عَلَى الأَشْرَارِ فِخَاخاً نَاراً وَكِبْرِيتاً وَرِيحَ السَّمُومِ نَصِيبَ كَأْسِهِمْ. 7لأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ. الْمُسْتَقِيمُ يُبْصِرُ وَجْهَهُ.) مزمور 11: 5-7؟
ألم يقل الرب لأيوب: (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-13؟
فهل عوَّج الرب القضاء هذه المرة وقضى على كل أسرة عخان وماشيته من أجل سرقته؟ إن الكاتب أراد أن يُشدد على عدم سرقة أى شىء من بيت الرب، سواء قد ذهب إليه أم كان فى طريقه إليه، ولكن بذكائه المعهود سبَّ الرب، واتهمه بالظلم والجور على عباده، ومخالفة ناموسه!!
ومرة أخرى يدعى الكاتب جرأة بنى إسرائيل وقوتهم وعظمة إمكانياتهم الحربية، فقال له أن يذهب بكل رجاله ويحارب مدينة عاى، ويبديها وأهلها تحت سمع وبصر الرب، بل وبتخطيطه: (1فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ. خُذْ مَعَكَ جَمِيعَ رِجَالِ الْحَرْبِ, وَقُمِ اصْعَدْ إِلَى عَايَ. انْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ مَلِكَ عَايٍ وَشَعْبَهُ وَمَدِينَتَهُ وَأَرْضَهُ, 2فَتَفْعَلُ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا كَمَا فَعَلْتَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا. غَيْرَ أَنَّ غَنِيمَتَهَا وَبَهَائِمَهَا تَنْهَبُونَهَا لِنُفُوسِكُمُ. اجْعَلْ كَمِيناً لِلْمَدِينَةِ مِنْ وَرَائِهَا».) يشوع 9: 1-2
ومن الجدير بالذكر أن مدينة عاى تقع على تل (خربة التل)، وكانت خربة قبل فتح الجيش الإسرائيلى له، الذى يزعمه الكتاب، بحوالى ألف عام. وعلى ذلك فإن قصة فتح عاى ككقصة غزو أريحا. فالاثنان من خيال المؤلف، الذى رأى أن يعلم الأجيال القادمة شيئًا آخرًا، غير خزى الأجداد من بنى إسرئيل، فتوهم حربًا ضروسًا مع الهواء، وحلم بغنائم وأسلاب ترضى ميوله الداخلى وأمنياته الدفينة، وتنفس عن أحقاده على ثروات بعض البلاد الأخرى، ورسم موقعًا للحرب فى هذه الأماكن الخربة، خوفًا من تخيل مدينة حقيقية، فيعلم أهلها، فيلقونهم درسًا، قد تكون فيه إبادتهم.
لقد أكد هذا الهراء المؤرخ مانفريد كلاوس من جامعة فرانكفورت الواقعة على نهر الماين. كما قام عالم الآثار الإسرائيلى يوحانان أهرونى بعمل حفريات مكثفة لمدة 15 عامًا فى الأماكن التى يدعى سفر يشوع أن الجيش الإسرائيلى قام بغزوها، وكانت النتيجة: إنه لا توجد مدينة من هذه المدن فتحها بنو إسرئيل.
ويقول الباحث السورى فراس سواح فى حواره مع جريدة ”الوطن“ السورية عن سؤال المحاور القائل: «تروي التوراة في سفر يشوع عملية تدمير ثلاث مدن كبرى وإحراقها وقتل سكانها عن بكرة أبيهم وهي مدن أريحا وعاي وحاصور. فماذا تقول نتائج التنقيب الاركيولوجي في هذا؟»
يجيب فراس سواح قائلاً: «فيما يتعلق بأريحا، تعطي التوراة وصفًا دراميًا حيًّا لاقتحام المدينة وتدميرها. فبعد الدوران حول السور ست مرات حاملين تابوت العهد، تسقط الأسوار من تلقاء ذاتها أمام الإسرائيليين الذين يدخلون المدينة ويقتلون من فيها من رجل وامرأة وطفل وشيخ وبقر وغنم وحمير.
وقد فسر بعض المؤرخين سقوط أريحا على أنه نتيجة زلزال نسبه المهاجمون إلى معجزة من الرب. ولكن لعلم الآثار رأيًا مختلفًا في هذا الموضوع. فرغم أن الزلازل كانت متكررة الوقوع في فلسطين. وأن سور أريحا قد تصدع بسببها أكثر من مرة، إلا أن كلا من آثار الدمار الزلزالية في أريحا تعود إلى أزمنة سابقة بكثير للتاريخ المفترض لاجتياح الإسرائيليين. وقد ثبت أن آخر الزلازل المدمرة قد وقع في العصر البرونزي الأول حوالي عام 2300ق.م وأن المدينة قد بنيت مجددًا في العصر البرونزي الوسيط حوالي عام 1900 حيث استمرت الحياة فيها إلى عام 1560 ثم هجرت تمامًا. وعندما عادت الحياة إليها في العصر البرونزي الأخير انتعشت جزئيًا لفترة قصيرة، ولكن دون أسوار أو تحصينات ، فتهجر قبل نهاية عام 1300ق.م ، ويغمرها النسيان إلى ما بعد العصر الحديدي الأول خلال مطلع الألف الأول ق.م أي أنه لم يكن هناك مدينة اسمها أريحا عندما دخل الإسرائيليون إلى فلسطين حوالي 1200ق.م.
وفيما يتعلق بمدينة عاي تشير البينات الآثارية إلى أن المدينة قد انتهت تمامًا قبل ألف عام من وصول الإسرائيليين، وعلى ذلك فإن أوائلهم لم يسمعوا إلا بذكرى تلك المدينة العظيمة التي ازدهرت في مطلع العصر البرونزي. وتم الكشف في المستويات العليا لموقع المدينة على قرية صغيرة غير ذات شأن تعود إلى عصر الحديد الأول، أي بعد فترة لا بأس بها من دخول الإسرائيليين.
أما مدينة حاصور ، فتدل التنقيبات الأثرية في الموقع على أن المدينة قد دمرت تماماً في نهاية القرن الرابع عشر ق.م. وهو التدمير الذي يتطابق في تاريخه مع حملة الفرعون سيتي على سوريا الجنوبية ثم أعيد بناء المدينة مباشرةً لتحترق وتدمر بعد فترة قصيرة دون أن تصل حياتها إلى أواخر القرن الثالث عشر، وتعاصر فترة دخول الإسرائيليين، وقد كشف في موقع المدينة على قرية صغيرة تعود إلى العصر الحديدي الأول. في مطلع الألف الأول ق.م.
من هذه الأمثلة الثلاثة ومن مطابقة بقية الرواية التوراتية لاقتحام فلسطين على نتائج التنقيب الاركيولوجى. نستنتج أن مؤلفي التوراة قد ضموا في رواية واحدة أزمنة وأحداثاً متباعدة لا يربطها رابط، وصاغوها ضمن تسلسل زمني فشكلوا منها رواية متماسكة من بدايات توافدهم في أرض كنعان.»
يواصل المحاور لفراس سواح بسؤال عن مدى صدق ما يحكيه الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص عن كيفية اقتحام بنى إسرائيل أرض كنعان واستيلائهم على فلسطين، فيقول: «بعد سفر يشوع الذي وصف اقتحام القبائل الإسرائيلية الإثني عشر أرض كنعان واستيلائها على فلسطين الداخلية كاملة، نجد سفر القضاة يعطينا صورة مختلفة عن تلك القبائل المنتصرة؟»
فأجاب فراس سواح قائلا: «بعد الاستقرار في الأرض الجديدة ، نجد أن القادمين الجدد ليسوا إلا جماعات مفككة منقسمة إلى فريقين متخاصمين هما القبائل الشمالية والقبائل الجنوبية، وأن خطاً من المدن الكنعانية القوية تشكله أورشليم وجازر وعجلون ، يفصل بين المجموعتين ويمنع اتصالهما ، وإن كثيراً من المدن الكنعانية التي من المفترض أنها وقعت أيدي الإسرائيليين إبان اجتياحهم ، تعيش حياتها الطبيعية كمدن مستقلة، كما نجد أن منتصري الأمس ليسوا إلا فرقاً مستضعفة واقعة تحت نير جيرانهم الفلستيين، يضطهدونهم ويسومونهم سوء العذاب.
ويفسر المؤرخون من ذوي الاتجاه التوراتي هذا الواقع المتناقض تفسيرات أكثر تناقضاً وأقرب إلى النفس اللاهوتي منها إلى المنطق التاريخي. ولنقرأ على سبيل المثال ما يقوله عالم اللغات القديمة اللامع البروفيسور سيروس هـ. غوردن في كتابه الشرق الأدنى القديم الذي أفرد ثلثيه لتاريخ بني إسرائيل في معرض تفسيره لأحوال الإسرائيليين في عصر القضاة يقول غوردن: عند اقتحام أرض كنعان لم يمارس الإسرائيليون عملية إبادة كاملة للكنعانيين ولم يطردوهم من أرضهم ومدنهم.»
فقارن هذا بما يقوله الكتاب من إبادة جماعية لأهل البلاد الأصليين: (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ.) يشوع 6: 21
يواصل فراس سواح قائلاً: «لقد دام عصر القضاة أكثر من قرنين من الزمان، ومع ذلك لم يستطع علم الآثار تقديم أي دليل على وجود الإسرائيليين خلال هذه الفترة في فلسطين. فإما أن يكون القادمون الجدد على جانب كبير من الهمجية والتخلف إلى درجة لم تمكنهم من التأثير بجيرانهم المتطورين وتطوير ثقافة خاصة بهم خلال قرنين من الزمن وهذه فرصة أقرب إلى المستحيل ، أو أن هؤلاء القادمين المفترضين لم يكن لهم وجود تاريخي قط.»
أما ”كيث وايتلام“ أستاذ العلوم الكتابية فى قسم الدراسات اللاهوتية في جامعة "ستيرلينغ" في سكوتلاندا، أصدر كتابه "اختراع (إسرائيل) وحجب فلسطين" سنة 1996 في كلّ من نيويورك ولندن في نفس الوقت. اتفق فيه مع طومسون في كثير من الاستنتاجات ويشير إلى أن هناك عمليّة طمس ممنهجة لكثير من الدلالات التاريخية للمكتشفات الأثرية ومحاولة لتفسيرها بطريقة مغلوطة في أغلب الأحيان.
كما يُركِّز وايتلام على البعد السياسي من وراء محاولات الطمس والتفسير المغلوط للتاريخ ، حيث يذكر «أن تاريخ (إسرائيل) المخترَع في حقل الدراسات التوراتية كان وما زال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون الممالك اليهودية عليه، وليس ما كانت عليه في الواقع».
وبهذا قال أيضًا هذا السيد بروشى المسئول المتقاعد عن مخطوطات البحر الميت فى (كذبة السامية وحقيقة الفينيقية) ص32، الذى أكد أن مدينة أريحا أُخليت من بداية القرن 15 ق.م إلى نحو القرن 11 ق.م ، أى لم تكن مأهولة بالسكان الذين قتلهم الرب ورماهم بالحجارة كما تدع رواية يشوع (10: 11-)، وأنه لم تكن هناك مدن باسم عاى وجازور وأريحا، بل لم يكن الداخل بحاجة إلى تدمير وقتل الآهلين!!! وذلك بسبب وجود جفاف طويل الأمد حل على المنطقة فى العصر البرونزى الأخير، مما تسبب فى مجاعات وإنهيار إقتصادى وسياسى واسع النطاق فى الحوض الساحلى للبحر المتوسط، توافق بدوره مع تغيير عالمى فى المناخ. وذلك كما ينقل أحمد الدبش عن توماس طومسون ص167 من (التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى).
ويواصل الدبش استشهاداته بعلماء الآثار ص79 من كتابه السابق قائلاً: فهذا هو جيمس بريتشارد يؤكد بعد تنقيبه فى فلسطين: «أن كل التناقضات الواضحة التى كشفت عنها نتائج التنقيب الأثرى فى (أريحا) وغيرها من المواقع التى تحدث عنها سفر يشوع تدل على أننا نسير فى طريق مسدود فى محاولة العثور على شواهد أثرية لإثبات الروايات التقليدية عن الفتوحات الإسرائيلية».
وهذا ما أكده عالم الآثار الإسرائيلى بجامعة تل أبيب البروفيسور الإسرائيلى يسرائيل فنكلشتاين ونشرته جريدة القدس العربى ، بتاريخ 15/4/1999. وأقره ”لامك“، وعالم الآثار الإسرائيلى ”زئيف هرتسوغ“، والدكتور ”عفيف بهنسى“ المدير العام السابق للآثار فى سورية، والأب ”مايكل برير“ الذى يرى أن الرواية التوراتية لا يمكن الدفاع عن صدقها، ويؤكد أكثر من ذلك على أن هناك ثمة إجماع علمى بأن القصة الكتابية التى تصف فترة الاحتلال التوطنى جاءت عن طريق المؤلفين الذين كتبوها بعد عدة قرون.
لذلك خلص البروفيسور توماس طومسون فى كتابه (التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى) ص277 وما بعدها إلى أن: «أى محاولة لكتابة تاريخ فلسطين فى أواخر الألف الثانية قبل الميلاد، أو بدايات الألف الأولى قبل الميلاد، على الضوء التام لمصادر الكتاب المقدس، لتبدو على الفور محاولة فاشلة وميئوس منها، بل يُمكن اعتبارها محاولة هزلية بالكامل، وتبعث على الضحك والفكاهة. إن قصص العهد القديم ما هى إلا مأثورات وحكايات كتبت أثناء القرن الثانى قبل الميلاد. وإنه مضيعة للوقت أن يحاول أى إنسان أن يُثبت مثل هذه الأحداث التوراتية من خلال علم الآثار القديمة، فالعهد القديم ليس له أى قيمة كمصدر تاريخى.»
وقد توصل العلامة كيث وايتلام بعد أن راجع المؤلفات التى تعاملت مع تاريخ فلسطين القديم، وأدرك مدى توغل يد الاستشراق فى هذه الكتابات أى «أن صورة إسرائيل كما وردت فى معظم فصول الكتاب العبرى، ليست إلا قصة خيالية، أى تلفيق للتاريخ»، وذلك ص49 فى كتابه (تلفيق إسرائيل التوراتية .. طمس التاريخ الفلسطينى). نقلا عن أحمد الدبش (كنعان وملوك بنى إسرائيل فى جزيرة العرب)
وفى ص19 من الكتاب السابق يقول الدبش: (لقد تم إخضاع اللقى الآثارية فى المشرق العربى، وبالتالى تاريخ بلادنا فلسطين، لمصلحة الخطابين السياسى والكتابى وهدفهما بعدما ثبت لنا أن «أصول التنقيبات الآثارية الحديثة، منذ دخول نابليون إلى مصر، على أنها مكيدة دولية، استخدمت القوى الغربية من خلالها الماضى الكتابى والكنوز الأثرية التى فى المنطقة من أجل سعيها لتحقيق المكاسب السياسية، ولإضفاء الشرعية على مصالحها الإمبريالية» وذلك نقلا عن كيث وليتلام فى كتابه (تلفيق إسرائيل التوراتية .. طمس التاريخ الفلسطينى) ص37.
ونكتفى بما أثبتناه من علماء الآثار الإسرائيليين وغيرهم، ونؤكد ما ذهبنا إليه من الكتاب المقدس نفسه: ويحكى لنا سفر القضاة عن قصة أخرى عن دخول بنى إسرائيل إلى أرض فلسطين، فيقول: (19وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يَهُوذَا فَمَلَكَ الْجَبَلَ, وَلَكِنْ لَمْ يُطْرَدْ سُكَّانُ الْوَادِي لأَنَّ لَهُمْ مَرْكَبَاتِ حَدِيدٍ.) القضاة 1: 19
وهذا يؤكد ما قلناه من قبل: إنه كان حلم الجبناء أن يغزو قومًا، وخافوا منهم، فكتبوا حلمهم على أنه حقيقة. فلم يهزم بنو إسرائيل هذه المدن، ولم يدخلوا معهم فى حرب. كما يؤكد أن المدن التى تكلم عنها يشوع كانت عبارة عن قرى ونجوع صغيرة، ودخل بنو إسرائيل كأسر رعاة متفرقة، ومر قرنان من الزمان، حتى نشأ من الأسر والقبائل المختلفة ما يمكننا أن نسميه دولة.
550 (23هَؤُلاَءِ رُؤَسَاءُ الْمُوَكَّلِينَ عَلَى أَعْمَالِ سُلَيْمَانَ خَمْسُ مِئَةٍ وَخَمْسُونَ، الَّذِينَ كَانُوا يَتَسَلَّطُونَ عَلَى الشَّعْبِ الْعَامِلِينَ الْعَمَلَ.) ملوك الأول 9: 23
250 (10وَهَؤُلاَءِ رُؤَسَاءُ الْمُوَكَّلِينَ الَّذِينَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ مِئَتَانِ وَخَمْسُونَ الْمُتَسَلِّطُونَ عَلَى الشَّعْبِ.) أخبار الأيام الثاني 8: 10
س119- كم كان عدد المحاربين فى إسرائيل؟
800,000 محارب (9فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى الْمَلِكِ، فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ ذِي بَأْسٍ مُسْتَلِّ السَّيْفِ، وَرِجَالُ يَهُوذَا خَمْسَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ.) صموئيل الثانى 24: 9
1,100,000 محارب (5فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِإِلَى دَاوُدَ, فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِلْيُوناً وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ,) أخبار الأيام الأول 21: 5
س120- وكم كان عدد جيش يهوذا؟
500,000 محارب (9فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى الْمَلِكِ، فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ ذِي بَأْسٍ مُسْتَلِّ السَّيْفِ، وَرِجَالُ يَهُوذَا خَمْسَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ.) صموئيل الثانى 24: 9
470,000 محارب (5فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِإِلَى دَاوُدَ, فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِلْيُوناً وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ,) أخبار الأيام الأول 21: 5
مازلنا نؤكد أن هذا الكتاب لم يوح به أحد لا إنس ولا جن ولا إله، وإلا لاتفقت المخطوطات والتراجم. ومازلنا نؤكد على المبالغات الرقمية فى الكتاب وعدم دقتها.
س121- كم كان عدد القتلى الذين أرداهم يُشيْب بَشَّبَث التحكمونى دفعة واحدة بهزة من رمحه؟
800 (8هَذِهِ أَسْمَاءُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يُشَيْبَ بَشَّبَثُ التَّحْكَمُونِيُّ رَئِيسُ الثَّلاَثَةِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَمَانِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً.) صموئيل الثانى 23: 8
300 (11وَهَذَا هُوَ عَدَدُ الأَبْطَالِ الَّذِينَ لِدَاوُدَ: يَشُبْعَامُ بْنُ حَكْمُونِي رَئِيسُ الثَّوَالِثِ. هُوَ هَزَّ رُمْحَهُ عَلَى ثَلاَثِ مِئَةٍ قَتَلَهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً.) أخبار الأولى 11: 11
س122- ما حجم الحوض الذى بناه سليمان؟ أى كم عدد البراميل التى يستوعبها؟
3000 (يَأْخُذُ وَيَسَعُ ثَلاَثَةَ آلاَفِ بَثٍّ.) أخبار الأيام الثانى 4: 5
375 حرفتها الترجمة العربية المشتركة وجعلتها (5وكانَ سُمْكُ الحَوضِ شِبْرًا، وحافَّتُهُ كحافَّةِ كأسٍ شبيهٍ بِزَهرِ السَّوسَنِ، وكانَ يَسَعُ ثَلاثَ مئَةٍ وخمسةً وسبعينَ برميلاً.)
2000 (يَسَعُ أَلْفَيْ بَثٍّ.) ملوك الأول 7: 26
250 حرفتها الترجمة العربية المشتركة وكتبتها (26وكانَت سَماكَةُ الحَوضِ شِبرًا، وحافَّتُهُ كحافَّةِ كأسٍ على مِثالِ زَهْرِ السَّوسَنِ، وكانَ يَسَعُ مئتينِ وخمسينَ برميلاً.)
س123- وفى خطأ آخر فى الجمع يقول (هَذِهِ هِيَ عَشَائِرُ الجَرْشُونِيِّينَ. 22المَعْدُودُونَ مِنْهُمْ بِعَدَدِ كُلِّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً المَعْدُودُونَ مِنْهُمْ سَبْعَةُ آلافٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ.) العدد 3: 21-22 ، أى كانوا (7500 ذكرًا)
و(هَذِهِ عَشَائِرُ القَهَاتِيِّينَ 28بِعَدَدِ كُلِّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً ثَمَانِيَةُ آلافٍ وَسِتُّ مِئَةٍ حَارِسِينَ حِرَاسَةَ القُدْسِ.) العدد 3: 27-28 ، أى كانوا (8600 ذكرًا)
و(هَذِهِ هِيَ عَشَائِرُ مَرَارِي. 34وَالمَعْدُودُونَ مِنْهُمْ بِعَدَدِ كُلِّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً سِتَّةُ آلافٍ وَمِئَتَانِ.) العدد 3: 33-34، أى كانوا (6200 ذكرًا)
إلا أنه جمعهم بشكل خاطىء فقال: (39جَمِيعُ المَعْدُودِينَ مِنَ اللاوِيِّينَ الذِينَ عَدَّهُمْ مُوسَى وَهَارُونُ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ بِعَشَائِرِهِمْ كُلُّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِداً اثْنَانِ وَعِشْرُونَ أَلفاً.) العدد 3: 39، أى (22000) والمفروض أن يكونوا (22300)
فمن الذى أخطأ فى هذا الجمع؟ هل هو الرب أم الكاتب أم الناسخ؟ ولماذا لم يحفظ الرب مخطوطاته من الخطأ أو التحريف أو التلاعب العمدى وغيره أثناء النسخ؟
وقلنا من قبل: يستحيل أن ينجب أربع ذكور (العدد 3: 19) وهم أبناء قهات 8600 ذكرًا فى جيل واحد، فما بالكم أن جرشون كان له ولدان فقط (العدد 3: 18). فهل من ولدين ينتج 7500 ذكرًا، غير الإناث؟ وكذلك كان لمرارى ابنان (العدد 3: 20) أنجبا له 6200 ذكرًا غير الإناث
س124- يحكى لنا سفر التكوين أن تارح أبى إبراهيم أنجب ابنه إبراهيم، عندما بلغ من العمر 70 سنة (26وَعَاشَ تَارَحُ سَبْعِينَ سَنَةً وَوَلَدَ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ.) التكوين 11: 26، وتوفى عن عمر 205 عام (32وَكَانَتْ أَيَّامُ تَارَحَ مِئَتَيْنِ وَخَمْسَ سِنِينَ. وَمَاتَ تَارَحُ فِي حَارَانَ.) التكوين 11: 32
وذهب إبراهيم إلى كنعان تاركًا حاران عن عمر يبلغ 75 عامًا (4فَذَهَبَ أَبْرَامُ كَمَا قَالَ لَهُ الرَّبُّ وَذَهَبَ مَعَهُ لُوطٌ. وَكَانَ أَبْرَامُ ابْنَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً لَمَّا خَرَجَ مِنْ حَارَانَ. 5فَأَخَذَ أَبْرَامُ سَارَايَ امْرَأَتَهُ وَلُوطاً ابْنَ أَخِيهِ وَكُلَّ مُقْتَنَيَاتِهِمَا الَّتِي اقْتَنَيَا وَالنُّفُوسَ الَّتِي امْتَلَكَا فِي حَارَانَ. وَخَرَجُوا لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ.) التكوين 12: 4-5، وهذا يعنى أن أباه كان وقتها قد بلغ من العمر 145 عامًا، ولم يكن قد مات بعد.
ويؤكد سفر أعمال الرسل 7: 4 (4فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ. وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمُ الآنَ سَاكِنُونَ فِيهَا.)، أى كان عمر إبراهيم وقتها 205 – 70 = 135 سنة وليس 75 كما أخبر كاتب سفر التكوين. وعلى ذلك لابد أن يكون إبراهيم قد أنجب إسماعيل وإسحاق.
فمتى هاجر إبراهيم إلى أرض كنعان؟ هل فى حياة أبيه أم بعد مماته؟ أى هل كان عمر إبراهيم وقتها 75 سنة أم 135 سنة؟
س125- تقول الرواية الكتابية إن فرعون وافق أن يخرج موسى وبنو إسرائيل من مصر، وقد كانت هذه أمنية الشعب المصرى أيضًا بعد الضربات العديدة التى مناهم بها الله. وما إن خرج بنو إسرائيل (ولم يُطردوا كما يقول النص أسفله) حتى جيَّش فرعون جيشًا وخرج وراءهم، وتكمن المشكلة فى أعداد بنى إسرائيل النازحين من مصر، وهو يتوقف على طول مدة إقامتهم فيها: (31فَدَعَا مُوسَى وَهَارُونَ لَيْلاً وَقَالَ: «قُومُوا اخْرُجُوا مِنْ بَيْنِ شَعْبِي أَنْتُمَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعاً وَاذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ. 32خُذُوا غَنَمَكُمْ أَيْضاً وَبَقَرَكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ وَاذْهَبُوا. وَبَارِكُونِي أَيْضاً». 33وَأَلَحَّ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى الشَّعْبِ لِيُطْلِقُوهُمْ عَاجِلاً مِنَ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «جَمِيعُنَا أَمْوَاتٌ». 34فَحَمَلَ الشَّعْبُ عَجِينَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْتَمِرَ وَمَعَاجِنُهُمْ مَصْرُورَةٌ فِي ثِيَابِهِمْ عَلَى أَكْتَافِهِمْ. 35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ. 37فَارْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ رَعَمْسِيسَ إِلَى سُكُّوتَ نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ مِنَ الرِّجَالِ عَدَا الأَوْلاَدِ. 38وَصَعِدَ مَعَهُمْ لَفِيفٌ كَثِيرٌ أَيْضاً مَعَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ مَوَاشٍ وَافِرَةٍ جِدّاً. 39وَخَبَزُوا الْعَجِينَ الَّذِي أَخْرَجُوهُ مِنْ مِصْرَ خُبْزَ مَلَّةٍ فَطِيراً إِذْ كَانَ لَمْ يَخْتَمِرْ. لأَنَّهُمْ طُرِدُوا مِنْ مِصْرَ وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَتَأَخَّرُوا. فَلَمْ يَصْنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ زَاداً. 40وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 41وَكَانَ عِنْدَ نِهَايَةِ أَرْبَعِ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ أَنَّ جَمِيعَ أَجْنَادِ الرَّبِّ خَرَجَتْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.) خروج 12: 31-41
أى كان عدد الرجال حاملة السلاح 600,000 إضافة إلى النساء وما هم دون العشرين من الأطفال والرضع وغيرهم، إضافة إلى اللاويين.
وهذا العدد المذكور يُخالفه نص آخر فى سفر العدد بفارق 3550 رجلا غير اللاويين والنساء والأطفال: (45فَكَانَ جَمِيعُ المَعْدُودِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداً كُلُّ خَارِجٍ لِلحَرْبِ فِي إِسْرَائِيل 46سِتَّ مِئَةِ أَلفٍ وَثَلاثَةَ آلافٍ وَخَمْسَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ. 47وَأَمَّا اللاوِيُّونَ حَسَبَ سِبْطِ آبَائِهِمْ فَلمْ يُعَدُّوا بَيْنَهُمْ 48إِذْ قَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 49«أَمَّا سِبْطُ لاوِي فَلا تَحْسِبْهُ وَلا تَعُدَّهُ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيل.) العدد 1: 46-49
وجاءت تفصيلات عدد كل سبط فى الإصحاح الأول من سفر العدد 1: 21-43
إذن فالخطأ الأول هنا فى أعداد النازحين بمحض إرادتهم، وهم غير مطرودين كما يقول النص، بل كانت هذه أمنيتهم، وإرادة الرب.
الخطأ الثانى: لك أن تتخيل أنه بعدد الرجال حاملين السلاح عددًا مثله من زوجاتهم، أى 600,000 أو 603,550 ، ويكون فى بنى إسرائيل قابلتان فقط لهن، على الرغم من اعتراف النص أن بنى إسرائيل كان ينمو بسرعة كبيرة! إن المجتمع وقتئذ لابد أن يكون مجتمعًا صغيرًا، يسهل التحكم فيه، ومعرفة كل صغيرة وكبيرة.
الخطأ الثالث: إذا كان الملك قد رغب فى التخلص من الذكور من بنى إسرائيل، فلماذا أبقى على الفتيات، التى سينجبن ذرية تُحسب من بنى إسرائيل، لأن النسل عندهم ينتمى للأم وليس للأب؟ وهل كان الملك بالغباء الذى جعله يثق فيه قابلتين عبرانيتين؟ فلماذا لم يحرم ممارسة هذه المهنة إلا على المصريات، ليتمكن من تنفيذ أوامره؟ وما علاقة قوة المرأة بميعاد ولادتها؟ وكيف ومتى عرف فرعون أن القابلتين لم تنفذا أمره فى وجود هذه الأعداد الكبيرة؟ وإذا كان بنو إسرائيل أصبحوا بالفعل أكثر منهم قوة ونماءً، فلماذا لم يقتل فرعون منهم ليقلل العدد، بدلا من أن يقتل الأجنة الصغار؟ وهل هذا العدد القليل من المصريين استطاع تسخير هذا الجيش الجرار من الرجال والنساء والأطفال؟ وهل من يُستعبد يملك ماشية وأبقار وأغنام وغيره؟ هل من يُستعبد يملك بيوتًا؟ وهل من يُستعبد يطلب من سيده الحلى والذهب والفضة للإحتفال بعيدهم؟
(6وَمَاتَ يُوسُفُ وَكُلُّ إِخْوَتِهِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ الْجِيلِ. 7وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَأَثْمَرُوا وَتَوَالَدُوا وَنَمُوا وَكَثُرُوا كَثِيراً جِدّاً وَامْتَلأَتِ الأَرْضُ مِنْهُمْ. 8ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. 9فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. ....... 15وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ 16وَقَالَ: «حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ - إِنْ كَانَ ابْناً فَاقْتُلاَهُ وَإِنْ كَانَ بِنْتاً فَتَحْيَا». 17وَلَكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا اللهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ بَلِ اسْتَحْيَتَا الأَوْلاَدَ. 18فَدَعَا مَلِكُ مِصْرَ الْقَابِلَتَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا فَعَلْتُمَا هَذَا الأَمْرَ وَاسْتَحْيَيْتُمَا الأَوْلاَدَ؟» 19فَقَالَتِ الْقَابِلَتَانِ لِفِرْعَوْنَ: «إِنَّ النِّسَاءَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لَسْنَ كَالْمِصْرِيَّاتِ فَإِنَّهُنَّ قَوِيَّاتٌ يَلِدْنَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهُنَّ الْقَابِلَةُ». 20فَأَحْسَنَ اللهُ إِلَى الْقَابِلَتَيْنِ وَنَمَا الشَّعْبُ وَكَثُرَ جِدّاً. 21وَكَانَ إِذْ خَافَتِ الْقَابِلَتَانِ اللهَ أَنَّهُ صَنَعَ لَهُمَا بُيُوتاً. 22ثُمَّ أَمَرَ فِرْعَوْنُ جَمِيعَ شَعْبِهِ قَائِلاً: «كُلُّ ابْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي النَّهْرِ لَكِنَّ كُلَّ بِنْتٍ تَسْتَحْيُونَهَا».) خروج 1: 6-22
إن عدد النازحين الكلى لبنى إسرائيل قد يصل إلى مليونين ونصف. فإذا حسبنا لكل شاب زوجة وطفلين (لأن العدد كان فى نماء سريع جدًا يصعب معه افتراض طفل واحد لكل رجل)، ناهيك عن أن البعض كان له أكثر من زوجة وأكثر من طفلين، فسوف يتضاعف العدد ثلاث مرات، ناهيك عن الأرامل من النساء، وعدد اللاويين.
ومازلنا نناقش: هل من الممكن أن يصل تعداد بنى إسرائيل فى مدة إقامتهم فى مصر إلى 2 إلى 3 مليون نفسًا. فهل صحيح كان معدل الإنجاب فى بنى إسرائيل عاليًا بحيث يحدث إنفجار سكانى كما تتكلم نصوص سفر الخروج؟
هل كان إنجاب بنو إسرائيل مبارك فيه من الرب، ونماه الرب وزاده زيادة غير المعتاد؟ لا. لم يحدث. لأن الرب بعلمه الأزلى يعلم أنهم سوف يخرجون بعد كذا سنة، وأن كثرتهم بصورة مبالغ فيها ستضطر فرعون إلى قتل جماعات منهم، وأن هذ سوف يكون عائقًأ لهم عند الخروج، وعند عبور البحر. وإلا كان تخطيط الرب لعملية نزوحهم من مصر وعبورهم البحر تخطيط ساذج عشوائى غير مدروس، بل يُقصد منه تعذيب بنى إسرائيل حتى فى نزوحهم لعبادة ربهم. ومعدل نمو بنى إسرائيل هم المعدل الطبيعى فى مدن مصر حاليًا، وليس فى قراها. فلنرى معدل إنجاب ذرية يعقوب فى مصر:
ما هى أجيال بنى إسرائيل التى عاشت فى مصر؟
يؤكد الكتاب ما توصلت إليه، فلا يذكر تناميًا مبالغ فيه لبنى إسرائيل: فقد أنجب موسى، وأنجب يوسف اثنين (التكوين 46: 20)، وأنجب لاوى ثلاثة (الخروج 6: 16)، وأنجب جرشون اثنين (الخروج 6: 17)، وأنجب قهات أربعة (الخروج 6: 18)، وأنجب مرارى اثنين (الخروج 6: 19)، وأنجب عمرام اثنين (الخروج 6: 20)، وأنجب يصهار ثلاثة (الخروج 6: 21)، وأنجب عُزِّيئِيلَ ثلاثة (الخروج 6: 22)، وأنجب هارون أربعة (الخروج 6: 23)، وأنجب عُزِّيئِيلَ ثلاثة (الخروج 6: 22)، وأنجب وَأَلِعَازَارُ ابنًا واحدًا (الخروج 6: 25). كل هؤلاء ولم نرى إنجاب مبالغ فيه. وإن كان يعقوث أنجب اثنى عشر ولدًا فهم من أربع زوجات، أى متوسط الزوجة أربعة أبناء فى عمرها.
ولك أن تتخيل كيف يهرب هذا العدد الضخم (2 مليون مثلا) من فرعون! فلو مشوا فى صفوف أربعات بجوار بعضهم البعض، لبلغ عدد الصفوف 400000 صفًا، ولو وضعنا مسافة 25سم بين كل صفين، لوصل طول الطابور إلى 100كم. ولو ضاعفنا المسافة بين كل صف والآخر إلى متر، حيث يسحب كل منهم أكثر من حيوان معه من الأبقار وغيرها، لوصل طول الطابور الذى يمشون فيه إلى 400كم. ولو افترضنا قوة كل النازحين بدنيًا، وأنهم كانوا يقطعون 20كم فى اليوم، لاحتاج آخر الطابور إلى 20 يومًا ليصل إلى ما وصل إليه أول الطابور من قبل. فهل عبر موسى وجنوده البحر وانتظرا على الجانب الآخر 20 يومًا أو أكثر حتى يعبر الكل دون أن يلحق بهم فرعون وجنوده؟ وكيف كانت تصل إليهم الأوامر؟
وعلى الجانب الآخر كيف كانوا يشربون لمدة 55 يومًا حتى وصلوا إلى عيون موسى؟ من أين أتوا بماء عذب يشربون؟ وكيف كانوا يحملون كميات الماء هذه التى تكفى شعبًا كاملا؟ بل هل من المنطق لمن يهرب من فرعون وجنوده يأخذ معه ماشية لتعيقه أثناء الهرب؟ وكيف كانوا يطعمون ماشيتهم؟ فلم يأخذوا معهم إلا الحلى الذى سرقوه من المصريين بأمر الرب، والعجين، وماشيتهم. إن ما حدث لا يمكن أن يتعدى أكثر من بضعة ساعات. (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ».) الخروج 3: 21-22
يؤيدنا فى ذلك أن عملية عبور بنى إسرائيل فى البحر استغرقت من الليل إلى ظهور ضوء النهار، ومع هذا العدد يحتاج الهاربون شهرًا للعبور: (21وَمَدَّ مُوسَى يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَأَجْرَى الرَّبُّ الْبَحْرَ بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ شَدِيدَةٍ كُلَّ اللَّيْلِ وَجَعَلَ الْبَحْرَ يَابِسَةً وَانْشَقَّ الْمَاءُ. 22فَدَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ عَلَى الْيَابِسَةِ وَالْمَاءُ سُورٌ لَهُمْ عَنْ يَمِينِهِمْ وَعَنْ يَسَارِهِمْ. 23وَتَبِعَهُمُ الْمِصْرِيُّونَ وَدَخَلُوا وَرَاءَهُمْ جَمِيعُ خَيْلِ فِرْعَوْنَ وَمَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانِهِ إِلَى وَسَطِ الْبَحْرِ. 24وَكَانَ فِي هَزِيعِ الصُّبْحِ أَنَّ الرَّبَّ أَشْرَفَ عَلَى عَسْكَرِ الْمِصْرِيِّينَ فِي عَمُودِ النَّارِ وَالسَّحَابِ وَأَزْعَجَ عَسْكَرَ الْمِصْرِيِّينَ 25وَخَلَعَ بَكَرَ مَرْكَبَاتِهِمْ حَتَّى سَاقُوهَا بِثَقْلَةٍ. فَقَالَ الْمِصْرِيُّونَ: «نَهْرُبُ مِنْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ يُقَاتِلُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْهُمْ». 26فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مُدَّ يَدَكَ عَلَى الْبَحْرِ لِيَرْجِعَ الْمَاءُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ عَلَى مَرْكَبَاتِهِمْ وَفُرْسَانِهِمْ». 27فَمَدَّ مُوسَى يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَرَجَعَ الْبَحْرُ عِنْدَ إِقْبَالِ الصُّبْحِ إِلَى حَالِهِ الدَّائِمَةِ وَالْمِصْرِيُّونَ هَارِبُونَ إِلَى لِقَائِهِ. فَدَفَعَ الرَّبُّ الْمِصْرِيِّينَ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ. 28فَرَجَعَ الْمَاءُ وَغَطَّى مَرْكَبَاتِ وَفُرْسَانَ جَمِيعِ جَيْشِ فِرْعَوْنَ الَّذِي دَخَلَ وَرَاءَهُمْ فِي الْبَحْرِ. لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ وَلاَ وَاحِدٌ.)الخروج 14: 21-28
ويستحيل أن يكون بالأعداد التى يذكرها الكتاب المقدس، فلك أن تقسم هذه الأعداد (2 مليون على أقل تقدير) على 12 وهو عدد أسباط بنى إسرائيل، فيكون الناتج 166,666 للسبط الواحد. ولو انتخبوا واحدًا من كل أربعة أفراد (أى أسرة)، ليملأ لهم الماء اللازم لشربهم وشرب حيواناتهم، لكان عدد الواقفين فى الطابور 41,666 فردًا. فكم يحتاجه السبط ليملأ كل واحد منهم ماءً؟ فلو احتاج كل منهم إلى 5 دقائق فقط لوقف آخرهم 208,333 أى 3472 ساعة أى 144 يومًا، ليأتى عليه الدور مرة أخرى ليسقى أهله وماشيته. وما المدة التى قضاها الهاربون فى عيون موسى؟ وهل لم ينم أو يصلى أو يقضى حاجته أو يستحم لمدة 144 يومًا ليشرب أو ليملأ مياهًا ليسقى ذويه أو ماشيته؟ وهل انتظر آخر الطابور 144 يومًا ليشرب ويسقى ماشيته؟ هل من الممكن أن يتحمل الإنسان أو الحيوان العطش طوال هذا الوقت؟ ضرب من الاستحالة أن يكون هناك وعاء يحتفظ بماء يكفى لمدة 4.8 شهرًا، ويُملأ هذا الوعاء فى 5 دقائق فقط. ومن المستحيل أيضًا أن ينتظر البشر أو الحيوان طوال هذا الوقت دون ماء، فى انتظار أن يأتى دوره للشرب!! وعلى ذلك يستحيل أن يكون بنو إسرايل بهذه الأعداد!
لقد كان عدد بنى إسرائيل صغير، حتى جيَّش فرعون جيشًا صغيرًا لملاحقتهم: (7وَأَخَذَ سِتَّ مِئَةِ مَرْكَبَةٍ مُنْتَخَبَةٍ وَسَائِرَ مَرْكَبَاتِ مِصْرَ وَجُنُوداً مَرْكَبِيَّةً عَلَى جَمِيعِهَا.) الخروج 14: 7، فـ 600 مركبة فقط، كانت تحمل كل مركبة على أقصى تقدير اثنين من الجنود، أى 1200 جندى، أو حتى 1500.
والغريب فى القصة أن فرعون نفسه هو الذى أمرهم بالخروج من مصر، وألح عليه المصريون فى طردهم، ثم فوجىء فرعون بعدها أنهم خرجوا: (31فَدَعَا مُوسَى وَهَارُونَ لَيْلاً وَقَالَ: «قُومُوا اخْرُجُوا مِنْ بَيْنِ شَعْبِي أَنْتُمَا وَبَنُو إِسْرَائِيلَ جَمِيعاً وَاذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ. 32خُذُوا غَنَمَكُمْ أَيْضاً وَبَقَرَكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ وَاذْهَبُوا. وَبَارِكُونِي أَيْضاً». 33وَأَلَحَّ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى الشَّعْبِ لِيُطْلِقُوهُمْ عَاجِلاً مِنَ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «جَمِيعُنَا أَمْوَاتٌ».) الخروج 12: 31-33
(5فَلَمَّا أُخْبِرَ مَلِكُ مِصْرَ أَنَّ الشَّعْبَ قَدْ هَرَبَ تَغَيَّرَ قَلْبُ فِرْعَوْنَ وَعَبِيدِهِ عَلَى الشَّعْبِ. فَقَالُوا: «مَاذَا فَعَلْنَا حَتَّى أَطْلَقْنَا إِسْرَائِيلَ مِنْ خِدْمَتِنَا؟» 6فَشَدَّ مَرْكَبَتَهُ وَأَخَذَ قَوْمَهُ مَعَهُ.) الخروج 14: 5-6
تقول الباحثة الكندية (أنَّا رويز) فى كتابها (روح مصر) إن تعداد السكان فى مصر كان فى ذلك الوقت حوالى ثلاثة ملايين نسمة. وتزيده بعض الدوائر العلمية إلى ما بين الثلاثة والأربعة ملايين. وبناءً على ما قاله ملك مصر وقتها: (9فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا.) الخروج 1: 9 ، يجب أن يكون عدد بنى إسرائيل أكبر من ذلك. فهل أخطأ الرب فى تقدير عدد بنى إسرائيل، أم أخطأ الكاتب؟
والآن نحدد كم من الزمن مكث بنو إسرائيل فى مصر، لنؤكد مرة أخرى أن عدد النازحين المذكور غير منطقى ومبالغ فيه بصورة كبيرة جدًا:
يقول سفر التكوين 15: 13 (13فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيباً فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ. 14ثُمَّ الأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا أَنَا أَدِينُهَا. وَبَعْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُونَ بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ. 15وَأَمَّا أَنْتَ فَتَمْضِي إِلَى آبَائِكَ بِسَلاَمٍ وَتُدْفَنُ بِشَيْبَةٍ صَالِحَةٍ.)
ومعنى ذلك أن مدة إقامة بنى إسرائيل فى مصر كانت 400 سنة.
ويقول سفر الخروج 12: 40 (40وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً.)
وهذا يعنى أن مدة إقامة بنى إسرائيل الفعلية فى مصر هى 430 سنة. ولا يُلتفت لمحاولات الدكتور القس منيس عبد النور فى إضافة مدة مكوث إبراهيم فى حاران أو كنعان. فالرب يحدد مكوث بنى إسرائيل فى مصر، فى بلد ليست لهم. وبين النبوءتين خلاف ظاهر، فنبوءة سفر التكوين تحدد المدة ب 400 سنة، وتغيرت فى سفر الخروج إلى 430 سنة. إلا أن علماء التفسير للكتاب المقدس أجمعوا على أن المدة الفعلية التى قضاها بنو إسرائيل فى مصر كانت 210 سنة.
ونحسب سويًا مدة إقامتهم من وقت دخولهم مصر إلى وقت خروجهم:
إن يعقوب أنجب لاوى ويوسف، وهو الابن الأصغر ضمن 12 ابنًا، وأنجب لاوى قهات، وهو الابن الأوسط له، وأنجب قهات عمرم الذى أنجب موسى. فقد عاصر يوسف ثلاثة أجيال: يعقوب وأبناء يعقوب (أى اخوته) وأبناءهم (قهات)، وأحفادهم (عمرام) وعاصر موسى فى صباه: (22وَأَقَامَ يُوسُفُ فِي مِصْرَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِ أَبِيهِ. وَعَاشَ يُوسُفُ مِئَةً وَعَشْرَ سِنِينَ، 23حَتَّى شَهِدَ الجِيلَ الثَّالِثَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَفْرَايِمَ، وَكَذَلِكَ أَوْلاَدَ مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى الَّذِينَ احْتَضَنَهُمْ عِنْدَ وِلاَدَتِهِمْ.) التكوين 50: 22-23
ومعنى أن يوسف شهد ثلاثة أجيال أى إنه عاصر الطفل قهات عند دخله مصر: (16وَهَذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي لاَوِي بِحَسَبِ مَوَالِيدِهِمْ: جَرْشُونُ وَقَهَاتُ وَمَرَارِي. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ لاَوِي مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 17اِبْنَا جَرْشُونَ: لِبْنِي وَشَمْعِي بِحَسَبِ عَشَائِرِهِمَا. 18وَبَنُو قَهَاتَ: عَمْرَامُ وَيِصْهَارُ وَحَبْرُونُ وَعُزِّيئِيلُ. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ قَهَاتَ مِئَةً وَثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً. 19وَابْنَا مَرَارِي: مَحْلِي وَمُوشِي. هَذِهِ عَشَائِرُ اللاَّوِيِّينَ بِحَسَبِ مَوَالِيدِهِمْ. 20وَأَخَذَ عَمْرَامُ يُوكَابَدَ عَمَّتَهُ زَوْجَةً لَهُ. فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُونَ وَمُوسَى. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً.) الخروج 6: 16-20
فإذا علمنا أن يعقوب وبنيه دخلوا مصر عندما كان يوسف ابن 35 سنة، فمعنى ذلك أنه عاش 75 سنة عاصر فيها يعقوب ولاوى وقهات الذى كان وقتها طفلا، قيل إنه كان ابن سنتين. وكان سن الزواج للرجل أقل من 20 سنة، (13 سنة للشاب و12 سنة للفتاة – وقد اخترته 20 سنة على أساس تحديد الرب لسن الجندية والرجولة وتحمل المسئولية للدفاع عن الدولة والعقيدة). وعلى ذلك فبعد 18 سنة من دخول قهات مصر تزوج، وأنجب بكره عمرام، أى يتبقى على نهاية حياة يوسف 75 – 20 = 55 سنة، ونطرح منهم 20 سنة أخرى لنضوج عمرام وزواجه وإنجابه موسى، يكون الفارق 35 سنة عاصر فيهم يوسف موسى عليهما السلام.
مع الأخذ فى الاعتبار أن سن الزواج كان أقل من 20 سنة بكثير جدًا، خاصة بالنسبة للأنثى. فالسن الذى يسمح به الحاخامات لزواج الأنثى هو 3 (ثلاث) سنوات، وحجتهم فى ذلك ما فعله إسحاق نفسه مع فقة. إلا أن القانون الحالى المدنى يحرم زواج الأنثى إلا فى سن 17.
لقد ولدت سارة إسحاق وهى ابنة 90 سنة: (17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟».) التكوين 17: 17
وولدت رفقة عندما بلغت سارة 127 سنة، وبالتالى يكون عمر إسحاق وقتها 37 سنة: (23وَوَلَدَ بَتُوئِيلُ رِفْقَةَ. هَؤُلاَءِ الثَّمَانِيَةُ وَلَدَتْهُمْ مِلْكَةُ لِنَاحُورَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ. ... 1وَكَانَتْ حَيَاةُ سَارَةَ مِئَةً وَسَبْعاً وَعِشْرِينَ سَنَةً سِنِي حَيَاةِ سَارَةَ.) التكوين 22: 23 و23: 1
وبعد ثلاث سنوات من ولادة رفقة تزوجها إسحاق، أى عندما بلغ هو الأربعين: (20وَكَانَ إِسْحَاقُ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمَّا اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ زَوْجَةً رِفْقَةَ بِنْتَ بَتُوئِيلَ الأَرَامِيِّ أُخْتَ لاَبَانَ الأَرَامِيِّ مِنْ فَدَّانَِ أَرَامَ.) التكوين 25: 20
وذلك على الرغم من وجود نص آخر (التكوين 24: 64-67) يشير إلى نضخ رفقة وأنها تعرفت على إسحاق عن كبر ونضج، وليست ابنة ثلاث سنوات)
وبعد أن عاد موسى من مدين أمره الرب أن يكلم فرعون أن يترك بنى إسرائيل تخرج معه من مصر، وكان عمره حينئذ 80 سنة: (7وَكَانَ مُوسَى ابْنَ ثَمَانِينَ سَنَةً وَهَارُونُ ابْنَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً حِينَ كَلَّمَا فِرْعَوْنَ.) خروج 7: 7
ومات موسى وهو ابن 120 سنة، بعد أربعين سنة قضاها فى الصحراء (5فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. ... 7وَكَانَ مُوسَى ابْنَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ وَلمْ تَكِل عَيْنُهُ وَلا ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ.) التثنية 34: 5-7
وبعد وفاة يوسف بحوالى 45 سنة (فرق ال 80 سنة التى قضاها موسى فى مصر كما يقول الكتاب) خرج موسى مع بنى إسرائيل. وبجمع 75 (عمر يوسف مع الأجيال الثلاثة) و45 عمر موسى إلى خروجه، يكون بنو إسرائيل قد قضوا فى مصر 120 سنة فقط، وليس 400 أو 430 كما قال الرب فى الكتاب المنسوب إليه.
وبحساب آخر:
عاش يوسف بعد دخول إسرائيل مصر 75 سنة (تكوين 50: 23) كان موسى من الجيل الثانى الذى ولد فى مصر، وقد عاصر يوسف لمدة 35 سنة، وعاش موسى بعده فى مصر 45 سنة، حتى بلغ الـ 80 من عمره، وخرج بنو إسرائيل معه. ومعنى ذلك أن مدة إقامة بنى إسرائيل فى مصر هى 75 + 45 = 120 سنة.
فهل من الممكن أن يزداد عدد الرجال فقط فى بنى إسرائيل فى 120 سنة حوالى 5000 مرة على أساس عدد الرجال المقاتلين فقط (600,000) أو 17 ألف مرة على حساب 2 مليون؟
وإذا بدأنا حساب إقامتهم فى الذل والاستعباد من بعد موت يعقوب فتكون مدة إقامتهم فى هذا الهوان 120 – 17 (قضاها يعقوب مع يوسف فى مصر قبل موته، فقد بدأ استعبادهم بعد موت يعقوب)= 103 سنة.
وبحساب آخر:
دخل قهات مصرمع أبيه لاوى، عندما كان طفلا صغيرًا، يُقدر بحوالى سنتين. وأنجب أربعة ذكور: (18وَبَنُو قَهَاتَ: عَمْرَامُ وَيِصْهَارُ وَحَبْرُونُ وَعُزِّيئِيلُ. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ قَهَاتَ مِئَةً وَثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً.) الخروج 6: 18
كما عاش ابنه عمرام أبو موسى 137 سنة (وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةً وَسَبْعاً وَثَلاَثِينَ سَنَةً.) الخروج 6: 20، وخرج موسى من مصر على رأس الـ 80 عامًا. ولكن لا ننسى أنهم اشتركوا فى باقى عمرهم سويًا فى التواجد فى مصر، باستثناء الفترة التى قضاها الأب قبل أن ينجب الابن.
ونطرح منها 20 سنة تقريبًا، وهو الوقت الذى أنجب فيه قهات ابنه عمرام. ولو أنجب عمرام موسى عندما بلغ 25 سنة، (حيث أنجب هارون قبله بثلاث سنوات).
وبالجمع: 80 سنة (قضاها موسى) + 25 سنة (وقت أن أنجبه أبوه عمرام) + 20 سنة (وقت أن أنجب قهات ابنه عمرام) = 125 سنة. وهى الفترة التى قضاها بنو إسرائيل فى مصر. وباقى عمر كل منهم منفردًا اشترك فيه الثلاثة، فهو محسوب من الـ 80 سنة التى عاشها موسى فى مصر وما بعدها. فمثلا عاش أبو موسى (عمرام) 137 سنة: أنجب موسى وهو ابن 25 سنة، أى يتبقى من عمره 112 سنة، عاش منهم 80 سنة فى مصر مع ابنه موسى، وخرج مع بنى إسرائيل عندما كان عمره 105، وعاش بعد الخروج 32 سنة.
وبحساب آخر:
إن موسى بن عمرام بن قهات بن لاوى بن يعقوب. دخل قهات مع يعقوب وهو ابن سنتين، عاش 18 سنة تقريبًا وأنجب عمرام، الذى عاش 25 سنة هو الآخر وأنجب موسى، وعاش موسى 80 سنة فخرج من مصر مع بنى إسرائيل: 18 + 25 + 80 = 123 سنة. وهذا بفرض أن موسى خرج وهو ابن 80 سنة، وهو افتراض بعيد أيضًا، إذا لابد أن يكون أصغر من ذلك بحوالى 40 سنة.
لقد قتل موسى المصرى وهو صغير السن، ثم هرب وقضى فى أرض مدين 10 سنوات، أضف إليها عشر سنوات أخرى قضاها فى مصر إلى أن وصل للثمانين المزعومة. بمعنى أن موسى قتل المصرى وهو ابن 60 عامًا. فهل من المعقول أن يُقال على ابن ستين سنة (وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى)؟ (11وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ فَرَأَى رَجُلاً مِصْرِيّاً يَضْرِبُ رَجُلاً عِبْرَانِيّاً مِنْ إِخْوَتِهِ 12فَالْتَفَتَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ. 13ثُمَّ خَرَجَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِذَا رَجُلاَنِ عِبْرَانِيَّانِ يَتَخَاصَمَانِ فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: «لِمَاذَا تَضْرِبُ صَاحِبَكَ؟» 14فَقَالَ: «مَنْ جَعَلَكَ رَئِيساً وَقَاضِياً عَلَيْنَا؟ أَمُفْتَكِرٌ أَنْتَ بِقَتْلِي كَمَا قَتَلْتَ الْمِصْرِيَّ؟» فَخَافَ مُوسَى وَقَالَ: «حَقّاً قَدْ عُرِفَ الأَمْرُ!» 15فَسَمِعَ فِرْعَوْنُ هَذَا الأَمْرَ فَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَ مُوسَى. فَهَرَبَ مُوسَى مِنْ وَجْهِ فِرْعَوْنَ وَسَكَنَ فِي أَرْضِ مِدْيَانَ وَجَلَسَ عِنْدَ الْبِئْرِ.) الخروج 2: 11-15 من هنا يتضح التطويل المتعمَّد للقصة الكتابية لمكوث بنى إسرائيل فى مصر.
هناك من يظن أن بنو إسرائيل دخلوا مصر مع جيش من عبيدهم، وهذا يستحيل، لأنه كانت هناك مجاعة، ولم تكن مصر تسمح لهم بالبقاء فى الدولة، على الأقل ف هذا الوقت. ولا ننسى أنه ليدخل بنو إسرائيل فى مصر ويقيمون فيها بصورة استثنائية استأذن يوسف لأبيه واخوته، وأخبر الملك أنهم جاءوا مع ماشيتهم وكل أموالهم (التكوين 47: 1). وظل يوسف يطعم أباه واخوته (12وَعَالَ يُوسُفُ أَبَاهُ وَإِخْوَتَهُ وَكُلَّ بَيْتِ أَبِيهِ بِطَعَامٍ عَلَى حَسَبِ الأَوْلاَدِ.) التكوين 37: 12
ولا يحق لنا أن نضرب المثل مثلا بجيش إبراهيم من العبيد أو غلمانه (التكوين 14: 14)، وذلك لسببين: فإن أخبر الرب أن عددهم 318 فهم هكذا، إضافة لنسائهم وأطفالهم. وبالمثل أخبر الرب أن عدد من دخل وقت المجاعة إلى مصر كانوا 70 رجلا من بنى إسرائيل، فهم أيضًا يجب أن يكونوا هكذا، بل إن الكتاب ذكرهم بالاسم ولم يذكرمعهم عبيدًا (التكوين 46: 8-27).
وذكر أن عددهم كان 66 نفسًا، ثم أضاف ابنى يوسف، فيجب أن يكون العدد 68، وليس 70 (26جَمِيعُ النُّفُوسِ لِيَعْقُوبَ الَّتِي أَتَتْ إِلَى مِصْرَ الْخَارِجَةِ مِنْ صُلْبِهِ مَا عَدَا نِسَاءَ بَنِي يَعْقُوبَ جَمِيعُ النُّفُوسِ سِتٌّ وَسِتُّونَ نَفْساً. 27وَابْنَا يُوسُفَ اللَّذَانِ وُلِدَا لَهُ فِي مِصْرَ نَفْسَانِ. جَمِيعُ نُفُوسِ بَيْتِ يَعْقُوبَ الَّتِي جَاءَتْ إِلَى مِصْرَ سَبْعُونَ.) التكوين 46: 26-27
والسبب الثانى أن عبيد إبراهيم هم عماله، الذين يعملون لديه بأجر، فمن الممكن أن يترك يعقوب عماله، حيث كانت تعم المجاعة البلاد، ولا يوجد لهم عمل، وبالتالى ليس لهم أجر. فقد كانت كلمة عبد تُطلق على العبيد الحقيقيين، وعلى العمال لدى رؤسائهم، وعلى رعية الملك. فقد قال أخوة يوسف ليوسف عن أبيهم يعقوب: (28فَقَالُوا: «عَبْدُكَ أَبُونَا سَالِمٌ. هُوَ حَيٌّ بَعْدُ». وَخَرُّوا وَسَجَدُوا.) التكوين 43: 28
وأيضًا قال يهوذا لأخيه يوسف فى مصر قبل أن يتعرف عليه إنه عبده هو واخوته: (18ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ يَهُوذَا وَقَالَ: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. لِيَتَكَلَّمْ عَبْدُكَ كَلِمَةً فِي أُذُنَيْ سَيِّدِي وَلاَ يَحْمَ غَضَبُكَ عَلَى عَبْدِكَ لأَنَّكَ مِثْلُ فِرْعَوْنَ. 19سَيِّدِي سَأَلَ عَبِيدَهُ: هَلْ لَكُمْ أَبٌ أَوْ أَخٌ؟ 20فَقُلْنَا لِسَيِّدِي: لَنَا أَبٌ شَيْخٌ وَابْنُ شَيْخُوخَةٍ صَغِيرٌ مَاتَ أَخُوهُ وَبَقِيَ هُوَ وَحْدَهُ لِأُمِّهِ وَأَبُوهُ يُحِبُّهُ. 21فَقُلْتَ لِعَبِيدِكَ: انْزِلُوا بِهِ إِلَيَّ فَأَجْعَلَ نَظَرِي عَلَيْهِ. 22فَقُلْنَا لِسَيِّدِي: لاَ يَقْدِرُ الْغُلاَمُ أَنْ يَتْرُكَ أَبَاهُ. وَإِنْ تَرَكَ أَبَاهُ يَمُوتُ. 23فَقُلْتَ لِعَبِيدِكَ: إِنْ لَمْ يَنْزِلْ أَخُوكُمُ الصَّغِيرُ مَعَكُمْ لاَ تَعُودُوا تَنْظُرُونَ وَجْهِي. 24فَكَانَ لَمَّا صَعِدْنَا إِلَى عَبْدِكَ أَبِي أَنَّنَا أَخْبَرْنَاهُ بِكَلاَمِ سَيِّدِي. 25ثُمَّ قَالَ أَبُونَا: ارْجِعُوا اشْتَرُوا لَنَا قَلِيلاً مِنَ الطَّعَامِ. 26فَقُلْنَا: لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَنْزِلَ. وَإِنَّمَا إِذَا كَانَ أَخُونَا الصَّغِيرُ مَعَنَا نَنْزِلُ لأَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَنْظُرَ وَجْهَ الرَّجُلِ وَأَخُونَا الصَّغِيرُ لَيْسَ مَعَنَا. 27فَقَالَ لَنَا عَبْدُكَ أَبِي: أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ لِي اثْنَيْنِ 28فَخَرَجَ الْوَاحِدُ مِنْ عِنْدِي وَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ قَدِ افْتُرِسَ افْتِرَاساً. وَلَمْ أَنْظُرْهُ إِلَى الْآنَ. 29فَإِذَا أَخَذْتُمْ هَذَا أَيْضاً مِنْ أَمَامِ وَجْهِي وَأَصَابَتْهُ أَذِيَّةٌ تُنْزِلُونَ شَيْبَتِي بِشَرٍّ إِلَى الْهَاوِيَةِ. 30فَالْآنَ مَتَى جِئْتُ إِلَى عَبْدِكَ أَبِي وَالْغُلاَمُ لَيْسَ مَعَنَا وَنَفْسُهُ مُرْتَبِطَةٌ بِنَفْسِهِ 31يَكُونُ مَتَى رَأَى أَنَّ الْغُلاَمَ مَفْقُودٌ أَنَّهُ يَمُوتُ فَيُنْزِلُ عَبِيدُكَ شَيْبَةَ عَبْدِكَ أَبِينَا بِحُزْنٍ إِلَى الْهَاوِيَةِ 32لأَنَّ عَبْدَكَ ضَمِنَ الْغُلاَمَ لأَبِي قَائِلاً: إِنْ لَمْ أَجِئْ بِهِ إِلَيْكَ أَصِرْ مُذْنِباً إِلَى أَبِي كُلَّ الأَيَّامِ. 33فَالْآنَ لِيَمْكُثْ عَبْدُكَ عِوَضاً عَنِ الْغُلاَمِ عَبْداً لِسَيِّدِي وَيَصْعَدِ الْغُلاَمُ مَعَ إِخْوَتِهِ. 34لأَنِّي كَيْفَ أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَالْغُلاَمُ لَيْسَ مَعِي؟ لِئَلَّا أَنْظُرَ الشَّرَّ الَّذِي يُصِيبُ أَبِي!».) التكوين 44: 18-34
بل أقر يعقوب وبنوه أنهم عبيد لفرعون أن خدامًا أو أجراء تحت إمرته: (3فَقَالَ فِرْعَوْنُ لإِخْوَتِهِ: «مَا صِنَاعَتُكُمْ؟» فَقَالُوا لِفِرْعَوْنَ: «عَبِيدُكَ رُعَاةُ غَنَمٍ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا جَمِيعاً».) التكوين 47: 3، وهذا التعبير دارج اليوم حتى بين الزوجة وزوجها، وبين الأصدقاء أو المتواضعين، فإذا ناديت فلان، يقول لك أُأمر، خدامك! أو فى خدمتك!
وحدد الكتاب أيضًا أنه كان لبيت يعقوب جاريتان فقط، وليس جيش من العبيد، ولا يُعلم إن أتيتا معه أم لا: (1وَرَفَعَ يَعْقُوبُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا عِيسُو مُقْبِلٌ وَمَعَهُ أَرْبَعُ مِئَةِ رَجُلٍ فَقَسَمَ الأَوْلاَدَ عَلَى لَيْئَةَ وَعَلَى رَاحِيلَ وَعَلَى الْجَارِيَتَيْنِ 2وَوَضَعَ الْجَارِيَتَيْنِ وَأَوْلاَدَهُمَا أَوَّلاً وَلَيْئَةَ وَأَوْلاَدَهَا وَرَاءَهُمْ وَرَاحِيلَ وَيُوسُفَ أَخِيراً.) التكوين 33: 1-2
وعلى ذلك فالداخلون من الذكور من بنى إسرائيل هم 70 نفسًا ، أو 68 فقط، يُضاف إليهم النساء من الزوجات والخادمات، فلن يتعدى الداخلون أكثر من 170 نفسًا على أعلى تقدير، وهو تقديرمبالع فيه أيضًا.
والآن: كم من الوقت احتاجه بنو إسرائيل ليصلوا لهذا العدد؟
تقول موسوعة الويكيبيديا (مصر القديمة): (وكان عدد سكان مصر قبل عصر الأسرات (5000ق.م. – 3000ق.م.) لايتعدى مئات الآلاف وأثناء المملكة القديمة (2575ق.م. – 2134 ق.م.) بلغ عددهم 2 مليون نسمة).
أى من عام 3000 ق.م. إلى عام 2134ق.م. (أى فى 866 سنة على أقل تقدير) أو من عام 5000ق.م.إلى عام 2134 ق.م. (أى فى 2866 سنة على أعلى تقدير) وصل المصريون من بضعة مئات الآلاف إلى 2 مليون. ولو افترضنا أنهم كانوا نصف مليون، فيكون العدد قد تضاعف ثلاث مرات فى ألف سنة تقريبًا إلى لم يكن ثلاثة آلاف سنة. فهل من الممكن أن يصل سبعون شخصًا فى 120 سنة إلى 600,000 نسمة؟ أما العدد الذى يقوله سفر الخروج أن عدد بنى إسرائيل تضاعف من 170 (أضفت 100 من النساء زوجات الرجال الذى استثناهم النص من التعداد) شخص إلى أكثر من 3 مليون تقريبًا (أى أكثر من تعداد الشعب المصرى نفسه وقتها)، إضافة إلى عدد الخدم والعبيد. أى تضاعف العدد 16 ألف مرة ونصف.
ولو كان تعدادهم ازداد فى 210 سنة (على حساب 3 مليون) 15 ألف ضعف، فكم يُفترض أن يصل اليوم تعدادهم بعد مرور حوالى 4000 سنة؟
فى تعداد اليهود فى العالم تقول الإحصائيات "أن عدد اليهود ازداد منذ العام 1970، وحين كان عددهم 12,633 نسمة، وحتى العام الماضي 2007 (13,155) بنسبة 4,1% فقط". أى ازدادوا فى 37 سنة بنسبة 4,1%. فلو ضربنا اثنين فى 4 لنصل إلى 148 سنة (وهو أكثر مما توصلنا إليه) فتكون نسبة الزيادة 16% (نزيدها إلى 20%). فتكون نسبة الزيادة هو 34 شخصًا من 170. أى سيصل عددهم الإجمالى 204 شخصًا.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=126569
ويقول نفس التقرير السابق: "وحسب تلك الإحصائيات فإن عدد اليهود في كل العالم في العام 2007 كان 13,155 مليون نسمة، بزيادة 60 ألف نسمة عن العام 2006،". ومعنى ذلك أن عددهم كان عام 2006 هو 13,095000، وازداد بنسبة 0.005 (خمسة من الألف فى المائة) تقريبًا فى سنة واحدة.
وعودة مرة أخرى للنبوءات، فلم يصدق الرب فى مدة استعبادهم فى أرض مصر، وأنها حوالى ربع المدة التى ذكرها الرب، وكذلك لم يصل عددهم إلى الرقم الذى قالته أسفار العهد القديم.
س126- من الأقوال المتهافتة، والتى يدعون أنها نبوءة، وهى لا علاقة لها بالنبوءات، ما ذُكر عند عاموس 9: 8-15 (8هُوَذَا عَيْنَا السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَى الْمَمْلَكَةِ الْخَاطِئَةِ وَأُبِيدُهَا عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ. غَيْرَ أَنِّي لاَ أُبِيدُ بَيْتَ يَعْقُوبَ تَمَاماً يَقُولُ الرَّبُّ. 9لأَنَّهُ هَئَنَذَا آمُرُ فَأُغَرْبِلُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ بَيْنَ جَمِيعِ الأُمَمِ كَمَا يُغَرْبَلُ فِي الْغُرْبَالِ وَحَبَّةٌ لاَ تَقَعُ إِلَى الأَرْضِ. 10بِالسَّيْفِ يَمُوتُ كُلُّ خَاطِئِي شَعْبِي الْقَائِلِينَ: لاَ يَقْتَرِبُ الشَّرُّ وَلاَ يَأْتِي بَيْنَنَا. 11«فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ مَظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ وَأُحَصِّنُ شُقُوقَهَا وَأُقِيمُ رَدْمَهَا وَأَبْنِيهَا كَأَيَّامِ الدَّهْرِ. 12لِيَرِثُوا بَقِيَّةَ أَدُومَ وَجَمِيعَ الأُمَمِ الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ يَقُولُ الرَّبُّ الصَّانِعُ هَذَا. 13«هَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ الرَّبُّ يُدْرِكُ الْحَارِثُ الْحَاصِدَ وَدَائِسُ الْعِنَبِ بَاذِرَ الزَّرْعِ وَتَقْطُرُ الْجِبَالُ عَصِيراً وَتَسِيلُ جَمِيعُ التِّلاَلِ. 14وَأَرُدُّ سَبْيَ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ فَيَبْنُونَ مُدُناً خَرِبَةً وَيَسْكُنُونَ وَيَغْرِسُونَ كُرُوماً وَيَشْرَبُونَ خَمْرَهَا وَيَصْنَعُونَ جَنَّاتٍ وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 15وَأَغْرِسُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ وَلَنْ يُقْلَعُوا بَعْدُ مِنْ أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ» قَالَ الرَّبُّ إِلَهُكَ.)
والدارس لتاريخ بنى إسرائيل سيعرف أنهم كلما كرهوا دولة ما أو حقدوا عليها، أطلقوا النبوءات مُأملين أنفسهم أن هذه النبوءة سوف تتحقق يومًا ما، وتريح ما فى صدورهم، وتطفى لهيب نيران أحقادهم التى نسبوها للرب إلههم، الذى كان يحلو له أن يعدهم بأرض تفيض لبنًا وعسلا، يسكنون فيها (وَيَغْرِسُونَ كُرُوماً وَيَشْرَبُونَ خَمْرَهَا وَيَصْنَعُونَ جَنَّاتٍ وَيَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا).
إن عاموس أطلق نبوءة ونسبها للرب، وهى ترمى بأن يبيد الله المملكة الخاطئة، وهى مملكة إسرائيل الشمالية، لأنها كانت مكروهة من مملكة إسرائيل الجنوبية لسببين: أولاهما أن سكان إسرائيل الشمالية كانوا أيس حالا من أهل المملكة الجنوبية، وثانيهما أن أهل الشمالية لا يؤمنون بيهوه كإله أحد، بل أشركوا معه آلهة أخرى.
ففى الجملة (10) تنطلق نبوءة الرب بقتل كل خاطىء من بنى إسرائيل بالسيف. وهذا لم يحدث فى التاريخ بالمرة. فربما كانت أمنية الكاتب أن ينتقم الرب من أهل الشمال عُبَّاد الأوثان، الذين أشركوا مع يهوه آلهة أخرى.
والغريب أنه فى كل العصور التى مرت على بنى إسرئيل نجد خطاة وعابدى الأوثان، والمشركين بيهوه، فمتى أبادهم الرب بالسيف؟ حتى إن عبدة أشيرة كما ذكرنا من قبل لم يبيدهم الرب، بل اكتفى بقتل عبدة البعل، وترك تمثال أشيرة فى المعبد، ولم يقترب من عبادها. كما لو كان هناك ثأر شخصى مُبيَّت بينه وبين البعل. فهذا الصنم بالذات محرم عليه التواجد فى معبد يهوه، أو أن يُعبد بجواره دون الأصنام الأخرى. بل إلى الآن يوجد فى إسرائيل عدد كبير جدًا من العلمانيين المنكرين لوجود يهوه، الكافرين بالكتاب الذى ينسبه إليه اليهود والمسيحيون.
وفى العدد (11) يقول الرب (11فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُقِيمُ مَظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ وَأُحَصِّنُ شُقُوقَهَا وَأُقِيمُ رَدْمَهَا وَأَبْنِيهَا كَأَيَّامِ الدَّهْرِ.) فأى يوم هذا قصده الرب بقوله (فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ)؟ إن الوقت الذى قبلت فيه هذه النبوءة كانت دولة داود قد انتهت منذ زمن بعيد. وكان بنو إسرائيل يجهدون أنفسهم بأمنية إقامتها مرة أخرى، وهذا هو الهدف الذى أرادت دعاية الكتاب المقدس أن تصل إليه.
فتبعًا للباحث الإسرائيلى (فينكلشتاين وآخرون) كان الكتاب المقدس يخدم أغراض مجموعة من الناس يعملون على توحيد الإسرائيليين، وإقامة (مَظَلَّةَ دَاوُدَ السَّاقِطَةَ).
وبتعبير آخر: إن أجزاء من النبوءة هذه كانت قد تمت بالفعل قبل كتابة هذا السفر. فهى تحكى إذن تاريخ حدث بالفعل على أنه نبوءة، ولا يمكننا اعتبارها نبوءة يريدون تكرارها وإعادتها مرة أخرى للواقع. فهى لم تتك فى كل تفاصيلها، ويمكن اعتبارها نوع من الدعاء على أهل الشمال أن يموتوا بالسيف، ويبيدهم الرب بددًا.
وعلى ذلك فإن العدد (15) يُعد من النبوءات الكاذبة، وهى تقول (15وَأَغْرِسُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ وَلَنْ يُقْلَعُوا بَعْدُ مِنْ أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ» قَالَ الرَّبُّ إِلَهُكَ). لأنه لم يتمكن الإسرائيليون مطلقًا من احتلال كل الشعوب التى (دعى اسم الرب عليها). ولم تكن حجم إسرائيل يومًا ما بهذا الحجم الكبير الذى تصوره الرب.
ويمكننا القول بصورة أخرى: إن النص كاملا يتكون من: أولا نبوءة عن وضع سابق لكتابة هذا السفر، وهو قد تم بالفعل. أى تحكى عن حدث تاريخى كان قائمًا يومًا ما، وتنسبه للمستقبل. وثانيًا: تتكلم عن آمال إسرائيل فى احتلال عدة قوى عظمى البابليين، الأشوريين، والحيثييين، ثم الإمبراطورية الرومانية). وعلى الرغم من ذلك لم يتخل اليهود مطلقًا عن هذا الأمل، وذلك لأنهم يؤمنون إيمانًا رايخًا بنبوءات الكتاب المقدس، حتى فى المناطق التى كانوا فيها أقلية، بعد تشرذمهم فى العالم.
وعلى كل حال يمكننا القول أنه بناءً على إيمان اليهود بهذه النبوءة أسست إسرائيل عام 1948. فكانت النبوءة هذه هى أساس قيام إسرائيل. لذلك لم ينشر المحافظون، الذى على قناعة تامة بوحى الكتاب المقدس كلمة كلمة، عدد كبير من النبوءات الخاطئة!! وهذا ما ذكره كونفوزيوس ونشره دينيس ماكنزى فى موسوعة
The Encyclopsdia of Biblical Errancy
س127- من صفات الرب التى لا يختلف عليها المؤمنون، الذين يعرفون قدر الله تعالى أنه إله كامل، على كل شىء قدير، بل شىء عليم:
(3وَقَالَ يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ: «اللهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرَ لِي فِي لُوزَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَبَارَكَنِي.) تكوين 48: 3
(3وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الْإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ) خروج 6: 3
(49لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ) لوقا 1: 49
(27فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ») مرقس 10: 27
(عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الْإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.عَادِلَةٌ وَحَقٌّ هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ) رؤيا يوحنا15: 3
ونقرأ على لسان يسوع أنه لم يأت ناقضًا للناموس أو تعاليم الأنبياء: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
ومعنى ذلك أن صفات الله هذه قد أقر يسوع بصحتها.
والآن نحاول أن نفهم هذه الصفات فى ضوء إيمان المسيحيين بأن الرب يتكون من ثلاثة أقانيم، تكوِّن مع بعضها إلهًا واحدًا. فهم يؤمنون أن الآب والابن والروح القدس ثلاثة أقانيم تكون إلهًا واحدًا. فما هى وظيفة كل منهم؟ وهل لا يستطيع أى منهم القيام بعمل الآخر؟ وهل يعتمد أحدهم على الآخر؟
مع الأخذ فى الاعتبار أن عدم استطاعة أى منهم القيام بشىء أو اعتماد أحدهم على الآخر يخرجه من دائرة الألوهية، أى ينفيها عنه.
س128- يقول الكتاب المقدس: (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ) مزامير 78: 65
وهذه استفسارات طفل يعرف قدر الله تعالى، قد سمع هذا النص: من الذى يقوم بدور الإله عند نومه؟ هل تنفصل الأقانيم ويسهر أحدهم مكان الباقين؟ وماذا يفعل تجاه أحد واجبات الإله الآخر؟ هل يقوم بها، أم لا يستطيع إلى ذلك سبيلا، فيضطر إلى إيقاظه وإزعاجه؟ أم يظلوا متحدين وينام الكل، أى الإله المتحد؟ ومن الذى يوقظ الرب من النوم؟ ومتى يستيقظ؟ ومتى يتعاطى هذا الخمر: هل بعد العمل أم أثنائه؟ وأى نوع من المناديل يستعملها لتجفيف دموعه؟
س129- يحكى الكتاب المقدس عن حكمة أتان (ترجمة الفاندايك – أو جحش فى الترجمة المشتركة) وسفاهة نبى، فيقول: (21فقامَ بَلعامُ في الصَّباحِ وركِبَ جحشَتَهُ وذهَبَ معَ رُؤساءِ موآبَ. 22فاَشتَدَ غضَبُ اللهِ لذهابِهِ، ووقَفَ ملاكُ الرّبِّ في الطَّريقِ تُجاهَهُ وهوَ راكِبٌ جحشَتَهُ ومعَهُ خادِماهُ. 23فرَأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ واقفًا في الطَّريقِ، وسَيفُه مَرفوعٌ بيدِهِ، فمالَت عَنِ الطَّريقِ وسارَت في الحقلِ. فضَربَها بَلعامُ ليَرُدَّها إلى الطَّريقِ. 24فوقَفَ ملاكُ الرّبِّ في ممَرٍّ ضيِّقٍ بينَ الكُرومِ، لَه حائطَ مِنْ هُنا وحائطَ مِنْ هُناكَ. 25فلمَّا رَأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ، صدَمَتِ الحائطَ فضغَطَت رِجلَ بَلعامَ بالحائطِ فزادَ في ضَربِها. 26ثُمَ عادَ ملاكُ الرّبِّ وتقدَّمَ إلى الأمامِ ووقَفَ في موضِعِ ضيِّقٍ، لا سبيلَ فيهِ للتَحَوُّلِ يمينًا أو شمالاً. 27فلمَّا رأتِ الجحشَةُ ملاكَ الرّبِّ اَستَلْقَت تَحتَ بَلعامَ، فاَشتَدَ غضَبُهُ وضرَبَها بالعصا. 28ففتَحَ الرّبُّ فَمَ الجحشَةِ فقالَت لبَلعامَ: ((ماذا صنَعْتُ بكَ حتى ضرَبْتَني ثَلاثَ مرَّاتٍ؟)) 29فقالَ لها بَلعامُ: ((لأنَّكِ اَسْتَهزَأتِ بي، ولو كانَ في يَدي سيفٌ لكُنتُ قتَلْتُكِ)). 30فقالَت لَه الجحشَةُ: ((أما أنا جحشَتُكَ التي ركِبْتَها طولَ حياتِكَ إلى اليومِ؟ هل عَوَّدْتُكَ أنْ أفعَلَ بكَ هكذا؟)) قالَ بَلعامُ: ((لا)). 31فكشَفَ الرّبُّ عَنْ بصَرِ بَلعامَ، فرَأى ملاكَ الرّبِّ واقفًا في الطَّريقِ وسيفُهُ مَسلولٌ بيدِهِ، فوقَعَ ساجدًا على وجهِهِ. 32فقالَ لَه ملاكُ الرّبِّ: ((لماذا ضرَبْتَ جحشَتَك ثَلاثَ مرَّاتٍ؟ أنا اَعترضْتُ طريقَكَ لأنَّه معوَج أمامي، 33فرأتني الجحشَةُ فمالَت مِنْ أمامي ثَلاثَ مرَّاتٍ ولو لم تمِلْ عنِّي لقَتَلْتُكَ في الحالِ وأبقَيتُها)). 34فقالَ بَلعامُ لمَلاكِ الرّبِّ: ((خطئْتُ لأنِّي ما عرَفْتُ أنَّكَ وقَفْتَ تُجاهي في الطَّريقِ. والآنَ فإنْ ساءكَ أنْ أتابعَ طريقي، فإنِّي أرجعُ)). 35فأجابَهُ الملاكُ: ((إذهَبْ معَ القوم ولا تَقُلْ إلاَ ما أقولُ لكَ)). فذهَبَ بَلعامُ معَ رُؤساءِ بالاقَ) عدد 22: 21-35 الترجمة العربية المشتركة
لقد نهى الرب بلعام من قبل أن يذهب معهم: (13فقامَ بَلعامُ في الصَّباحِ وقالَ لرُسُلِ بالاقَ: ((إنْصَرِفوا إلى أرضِكُم، لأنَّ الرّبَ رفَضَ أنْ يأذَنَ لي في الذَّهابِ معَكُم)).) عدد 22: 13، ثم أذن له فى الخروج معهم: (20فأتى اللهُ بَلعامَ ليلاً وقالَ لَه: ((إنْ كانَ هؤلاءِ القومُ جاؤوا ليَدعوكَ، فَقُمْ واَذهَبْ معَهُم، لكنْ لا تفعَلْ إلاَ ما أقولُهُ لكَ)).) عدد 22: 20
فما الجريمة التى اقترفها بلعام إذن؟ إنه نبى مطيع لربه! وإذا كان الرب قد غير رأيه بينه وبين نفسه، دون علم بلعام، فلماذا يتحمل الحمار نتيجة تغيير الرب رأيه دون أن يُعلم بلعام بعدم موافقته؟
فهل لم يعرف الرب أن نبيه أحمق لا يطيعه وأنه سوف يضرب الحمار؟ فلماذا تسبب الرب فى ضرب الحمار؟ لماذا لم يكشف ملاك الرب له عند نزوله وقبل أن يضرب بلعام الحمار؟ أين جمعيات الرفق بالحيوان؟ هل لم يجد الرب طريقة أخرى غير هذه ليُرجع نبيه عن الذهاب مع رؤساء مواب؟
وهل تعلم أن عين الحمار لا ترى الملائكة، لأنها مخلوقة من نور، وهى الآشعة فوق البنفسجية، بينما يرى الحمار الشيطان، المخلوق من نار، من الآشعة تحت الحمراء؟ وهذا خطأ علمى فى الكتاب لم يكن يعلمه بالطبع الكاتب، لأنه لم يوح الله إليه شيئًا.
س130- يحكى سفر يشوع من الكتاب المقدس أن الرب أمر يشوع أن يدور حول أسوار أريحا سبعة أيام، وينفخ الكهنة فى الأبواق، فيهتف بنو إسرائيل عند سماعهم صوت البوق، فيسقط سور المدينة من مكانه: (1وَكَانَتْ أَرِيحَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً بِسَبَبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لاَ أَحَدٌ يَخْرُجُ وَلاَ أَحَدٌ يَدْخُلُ. 2فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «انْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ أَرِيحَا وَمَلِكَهَا جَبَابِرَةَ الْبَأْسِ. 3تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ, جَمِيعُ رِجَالِ الْحَرْبِ. حَوْلَ الْمَدِينَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً. هَكَذَا تَفْعَلُونَ سِتَّةَ أَيَّامٍ. 4وَسَبْعَةُ كَهَنَةٍ يَحْمِلُونَ أَبْوَاقَ الْهُتَافِ السَّبْعَةَ أَمَامَ التَّابُوتِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ تَدُورُونَ دَائِرَةَ الْمَدِينَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ, وَالْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِالأَبْوَاقِ. 5وَيَكُونُ عِنْدَ امْتِدَادِ صَوْتِ قَرْنِ الْهُتَافِ عِنْدَ اسْتِمَاعِكُمْ صَوْتَ الْبُوقِ, أَنَّ جَمِيعَ الشَّعْبِ يَهْتِفُ هُتَافاً عَظِيماً, فَيَسْقُطُ سُورُ الْمَدِينَةِ فِي مَكَانِهِ, وَيَصْعَدُ الشَّعْبُ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ». ...... 20فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافاً عَظِيماً, فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ, وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ, وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ...... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 1-5 و20-24
وهنا تكمن عدة مشاكل تاريخية: إن البوق هو آلة نفخ نحاسية، ولم يكن معروفُا وقت يشوع، وكان ما ينفخون فيه يسمى قرن الكبش، ولم يفطن لهذه النقطة إلا الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، لذلك غيرت فى ترجمتها جزئيًا كلمة البوق إلى كلمة قرن الكبش، بل وأضافت كلمة من قرون الكباش بعد أبواق: (4ويَحمِلُ سَبعةُ كَهَنَةٍ سَبعَةَ أَبواقٍ مِن قُرونِ الكِباشِ أَمامَ التَّابوت، وفي اليَومِ السَّابع تَطوفونَ حَولَ المَدينةِ سَبعَ مَرَّات، وَينفُخُ الكَهَنَةُ في الأَبْواق. 5ويَكونُ إِذا امتَدَّ صَوتُ قَرنَ الكَبْش، إِذا سَمِعتُم صَوتَ البوق، أَنَّ كُلَّ الشَّعبِ يَهتِفُ هُتافًا شَديدًا ، فيسَقُطُ سورُ المَدينةِ في مَكانِه، فيَصعَدُ الشَّعبُ، كُلُّ واحِدٍ على وَجهِه.) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
أما بالنسبة لسقوط حائط من شدة الصوت، فهذا ثابت علميًا، أنه من شدة الصوت تتصدع الجدران، وتسقط اللأسوار. وقد أثبت ذلك علميًا العالم فلاديمير جافرو فى مرسيليا عام 1964، مستخدمًا فى ذلك مدافع تصدر أصواتًا عالية جدًا. لكن هل من الممكن أن يكون صوت قرن الكبش أو حتى البوق عاليًا بنفس درجة دافع الصوت أو حتى قريبًا منها؟
ومن المتعارف عليه أن بنى إسرائيل اتجهوا عام 1200 ق.م. تجاه الأرض المقدسة. ولو حدث هذا فى ذلك الزمن اكان من السهل على علماء الآثار العثور على أى دليل، يؤكدون به هذا الحدث، الذى يؤكد بدوره وجود بنى إسرائيل فى أريحا. ولكنهم دون جدوى لم يعثروا على ما يؤكد وجودهم فى كل الحفريات التى قامت فى المنطقة.
ولا عجب فى ذلك، فقد ضرب زلزال مدمر أريحا قبل ذلك الوقت بعدة قرون، مما أسفر عن سقوط السور. وترى العالمة كاتلين كيفيون أن مدينة أريحا كانت مهجورة قبل أن يدخلها بنو إسرائيل على الأقل بثلاثة قرون. بل كانت عبارة عن رديم.
وعلى ذلك فإن حكاية التوراة وتفاعل الرب لإسقاط سور أريحا وغزوها، ما هى إلا قصة مختلقة، أراد كاتبها أن يظهر بطولة كاذبة لبنى إسرائيل، ومجد زائف. وقد أظهر للأسف مع ذلك، وبسبب غبائه، جهل الرب وعدم علمه الأزلى أو الأبدى بأن ذلك سوف يُكتشف أمره يومًا ما، ويفتضح أمر الرب. وبالتالى اعتقد أن الرب سوف يدلس على ما يقوله، وسيعتبره وحيًا، ويسكت عليه، لكن الله فضحهم وفضح ممارساتهم، وكذبهم عليه، فقال: (32هَئَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هَذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً يَقُولُ الرَّبُّ].) إرمياء 23: 32
وقال: (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31
وقال: (3هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِلأَنْبِيَاءِ الْحَمْقَى الذَّاهِبِينَ وَرَاءَ رُوحِهِمْ وَلَمْ يَرُوا شَيْئاً. 4أَنْبِيَاؤُكَ يَا إِسْرَائِيلُ صَارُوا كَـالثَّعَالِبِ فِي الْخِرَبِ.) حزقيال 13: 3
وقال: (6رَأُوا بَاطِلاً وَعِرَافَةً كَـاذِبَةً. الْقَائِلُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ, وَانْتَظَرُوا إِثْبَاتَ الْكَلِمَةِ.) حزقيال 13: 6
وقال: (7أَلَمْ تَرُوا رُؤْيَا بَاطِلَةً, وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَـاذِبَةٍ, قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟) حزقيال 13: 7
وقال: (كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ, وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ, وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفاً لِسَفْكِ الدَّمِ, لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ, رَائِينَ بَاطِلاً وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِباً, قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
وقال: (16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ) إرمياء 23: 16
وحدث بعد ذلك أن بنى إسرائيل هُزموا هزيمة كبيرة أمام شعب عاى. ولم يُعرف على وجه اليقين إلى اليوم موقع عاى الحقيقية، فهى بلا أدنى شك غير على التى يحددها لنا اليوم أطلس أو خرائط الكتاب المقدس. وذلك كما قال ألبرايت وليام فوكسويل. (Die Bibel im Licht der Altertumsforschung, 1957, S. 124) وكان ذلك بسبب سرقة عخان الإسرائيلى لبعض الغنيمة التى أخذوها من أعدائهم، واعترف عخان قائلا: (20فَأَجَابَ عَاخَانُ يَشُوعَ: «حَقّاً إِنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ وَصَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا. 21رَأَيْتُ فِي الْغَنِيمَةِ رِدَاءً شِنْعَارِيّاً نَفِيساً, وَمِئَتَيْ شَاقِلِ فِضَّةٍ, وَلِسَانَ ذَهَبٍ وَزْنُهُ خَمْسُونَ شَاقِلاً, فَاشْتَهَيْتُهَا وَأَخَذْتُهَا. وَهَا هِيَ مَطْمُورَةٌ فِي الأَرْضِ فِي وَسَطِ خَيْمَتِي, وَالْفِضَّةُ تَحْتَهَا».) يشوع 7: 20-21
وكانت عقوبة الرب له ولأسرته وماشيته الموت، حتى يهدأ الرب ويذهب عنه غضبه: (24فَأَخَذَ يَشُوعُ عَخَانَ بْنَ زَارَحَ وَالْفِضَّةَ وَالرِّدَاءَ وَلِسَانَ الذَّهَبِ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَبَقَرَهُ وَحَمِيرَهُ وَغَنَمَهُ وَخَيْمَتَهُ وَكُلَّ مَا لَهُ, وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ, وَصَعِدُوا بِهِمْ إِلَى وَادِي عَخُورَ. 25فَقَالَ يَشُوعُ: «كَيْفَ كَدَّرْتَنَا؟ يُكَدِّرُكَ الرَّبُّ فِي هَذَا الْيَوْمِ!» فَرَجَمَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِالْحِجَارَةِ وَأَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ وَرَمُوهُمْ بِالْحِجَارَةِ 26وَأَقَامُوا فَوْقَهُ رُجْمَةَ حِجَارَةٍ عَظِيمَةً إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. فَرَجَعَ الرَّبُّ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ. وَلِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُ ذَلِكَ الْمَكَانِ «وَادِيَ عَخُورَ» إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.) يشوع 7: 24-26
فما ذنب بنيه وبناته فى هذه السرقة؟ بل ما ذنب ماشيته؟
ألأم يقل الرب فى ناموسه أن النفس التى تُخطىء هى تموت؟ فلماذا أمات البرىء بذنب غيره؟
قال موسى وهارون لله: («اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟») العدد 16 : 22
ألم يقل الرب لموسى إنه: (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16؟
ألم يقل الرب لكاتب سفر الأخبار الثانى: (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4؟
ألم يقل الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30؟
ألم يقل الرب لإرمياء: (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ.) إرمياء 32: 19؟
ألم يقل الرب لحزقيال: (20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ.) حزقيال 18: 20؟
ألم يقل الرب لإشعياء: (حَسَبَ الأَعْمَالِ هَكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطاً وَأَعْدَاءَهُ عِقَاباً) إشعياء 59: 18؟
ألم يقل الرب لداود: (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12؟
ألم يقل الرب لداود: (5الرَّبُّ يَمْتَحِنُ الصِّدِّيقَ. أَمَّا الشِّرِّيرُ وَمُحِبُّ الظُّلْمِ فَتُبْغِضُهُ نَفْسُهُ. 6يُمْطِرُ عَلَى الأَشْرَارِ فِخَاخاً نَاراً وَكِبْرِيتاً وَرِيحَ السَّمُومِ نَصِيبَ كَأْسِهِمْ. 7لأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ. الْمُسْتَقِيمُ يُبْصِرُ وَجْهَهُ.) مزمور 11: 5-7؟
ألم يقل الرب لأيوب: (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-13؟
فهل عوَّج الرب القضاء هذه المرة وقضى على كل أسرة عخان وماشيته من أجل سرقته؟ إن الكاتب أراد أن يُشدد على عدم سرقة أى شىء من بيت الرب، سواء قد ذهب إليه أم كان فى طريقه إليه، ولكن بذكائه المعهود سبَّ الرب، واتهمه بالظلم والجور على عباده، ومخالفة ناموسه!!
ومرة أخرى يدعى الكاتب جرأة بنى إسرائيل وقوتهم وعظمة إمكانياتهم الحربية، فقال له أن يذهب بكل رجاله ويحارب مدينة عاى، ويبديها وأهلها تحت سمع وبصر الرب، بل وبتخطيطه: (1فَقَالَ الرَّبُّ لِيَشُوعَ: «لاَ تَخَفْ وَلاَ تَرْتَعِبْ. خُذْ مَعَكَ جَمِيعَ رِجَالِ الْحَرْبِ, وَقُمِ اصْعَدْ إِلَى عَايَ. انْظُرْ. قَدْ دَفَعْتُ بِيَدِكَ مَلِكَ عَايٍ وَشَعْبَهُ وَمَدِينَتَهُ وَأَرْضَهُ, 2فَتَفْعَلُ بِعَايٍ وَمَلِكِهَا كَمَا فَعَلْتَ بِأَرِيحَا وَمَلِكِهَا. غَيْرَ أَنَّ غَنِيمَتَهَا وَبَهَائِمَهَا تَنْهَبُونَهَا لِنُفُوسِكُمُ. اجْعَلْ كَمِيناً لِلْمَدِينَةِ مِنْ وَرَائِهَا».) يشوع 9: 1-2
ومن الجدير بالذكر أن مدينة عاى تقع على تل (خربة التل)، وكانت خربة قبل فتح الجيش الإسرائيلى له، الذى يزعمه الكتاب، بحوالى ألف عام. وعلى ذلك فإن قصة فتح عاى ككقصة غزو أريحا. فالاثنان من خيال المؤلف، الذى رأى أن يعلم الأجيال القادمة شيئًا آخرًا، غير خزى الأجداد من بنى إسرئيل، فتوهم حربًا ضروسًا مع الهواء، وحلم بغنائم وأسلاب ترضى ميوله الداخلى وأمنياته الدفينة، وتنفس عن أحقاده على ثروات بعض البلاد الأخرى، ورسم موقعًا للحرب فى هذه الأماكن الخربة، خوفًا من تخيل مدينة حقيقية، فيعلم أهلها، فيلقونهم درسًا، قد تكون فيه إبادتهم.
لقد أكد هذا الهراء المؤرخ مانفريد كلاوس من جامعة فرانكفورت الواقعة على نهر الماين. كما قام عالم الآثار الإسرائيلى يوحانان أهرونى بعمل حفريات مكثفة لمدة 15 عامًا فى الأماكن التى يدعى سفر يشوع أن الجيش الإسرائيلى قام بغزوها، وكانت النتيجة: إنه لا توجد مدينة من هذه المدن فتحها بنو إسرئيل.
ويقول الباحث السورى فراس سواح فى حواره مع جريدة ”الوطن“ السورية عن سؤال المحاور القائل: «تروي التوراة في سفر يشوع عملية تدمير ثلاث مدن كبرى وإحراقها وقتل سكانها عن بكرة أبيهم وهي مدن أريحا وعاي وحاصور. فماذا تقول نتائج التنقيب الاركيولوجي في هذا؟»
يجيب فراس سواح قائلاً: «فيما يتعلق بأريحا، تعطي التوراة وصفًا دراميًا حيًّا لاقتحام المدينة وتدميرها. فبعد الدوران حول السور ست مرات حاملين تابوت العهد، تسقط الأسوار من تلقاء ذاتها أمام الإسرائيليين الذين يدخلون المدينة ويقتلون من فيها من رجل وامرأة وطفل وشيخ وبقر وغنم وحمير.
وقد فسر بعض المؤرخين سقوط أريحا على أنه نتيجة زلزال نسبه المهاجمون إلى معجزة من الرب. ولكن لعلم الآثار رأيًا مختلفًا في هذا الموضوع. فرغم أن الزلازل كانت متكررة الوقوع في فلسطين. وأن سور أريحا قد تصدع بسببها أكثر من مرة، إلا أن كلا من آثار الدمار الزلزالية في أريحا تعود إلى أزمنة سابقة بكثير للتاريخ المفترض لاجتياح الإسرائيليين. وقد ثبت أن آخر الزلازل المدمرة قد وقع في العصر البرونزي الأول حوالي عام 2300ق.م وأن المدينة قد بنيت مجددًا في العصر البرونزي الوسيط حوالي عام 1900 حيث استمرت الحياة فيها إلى عام 1560 ثم هجرت تمامًا. وعندما عادت الحياة إليها في العصر البرونزي الأخير انتعشت جزئيًا لفترة قصيرة، ولكن دون أسوار أو تحصينات ، فتهجر قبل نهاية عام 1300ق.م ، ويغمرها النسيان إلى ما بعد العصر الحديدي الأول خلال مطلع الألف الأول ق.م أي أنه لم يكن هناك مدينة اسمها أريحا عندما دخل الإسرائيليون إلى فلسطين حوالي 1200ق.م.
وفيما يتعلق بمدينة عاي تشير البينات الآثارية إلى أن المدينة قد انتهت تمامًا قبل ألف عام من وصول الإسرائيليين، وعلى ذلك فإن أوائلهم لم يسمعوا إلا بذكرى تلك المدينة العظيمة التي ازدهرت في مطلع العصر البرونزي. وتم الكشف في المستويات العليا لموقع المدينة على قرية صغيرة غير ذات شأن تعود إلى عصر الحديد الأول، أي بعد فترة لا بأس بها من دخول الإسرائيليين.
أما مدينة حاصور ، فتدل التنقيبات الأثرية في الموقع على أن المدينة قد دمرت تماماً في نهاية القرن الرابع عشر ق.م. وهو التدمير الذي يتطابق في تاريخه مع حملة الفرعون سيتي على سوريا الجنوبية ثم أعيد بناء المدينة مباشرةً لتحترق وتدمر بعد فترة قصيرة دون أن تصل حياتها إلى أواخر القرن الثالث عشر، وتعاصر فترة دخول الإسرائيليين، وقد كشف في موقع المدينة على قرية صغيرة تعود إلى العصر الحديدي الأول. في مطلع الألف الأول ق.م.
من هذه الأمثلة الثلاثة ومن مطابقة بقية الرواية التوراتية لاقتحام فلسطين على نتائج التنقيب الاركيولوجى. نستنتج أن مؤلفي التوراة قد ضموا في رواية واحدة أزمنة وأحداثاً متباعدة لا يربطها رابط، وصاغوها ضمن تسلسل زمني فشكلوا منها رواية متماسكة من بدايات توافدهم في أرض كنعان.»
يواصل المحاور لفراس سواح بسؤال عن مدى صدق ما يحكيه الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص عن كيفية اقتحام بنى إسرائيل أرض كنعان واستيلائهم على فلسطين، فيقول: «بعد سفر يشوع الذي وصف اقتحام القبائل الإسرائيلية الإثني عشر أرض كنعان واستيلائها على فلسطين الداخلية كاملة، نجد سفر القضاة يعطينا صورة مختلفة عن تلك القبائل المنتصرة؟»
فأجاب فراس سواح قائلا: «بعد الاستقرار في الأرض الجديدة ، نجد أن القادمين الجدد ليسوا إلا جماعات مفككة منقسمة إلى فريقين متخاصمين هما القبائل الشمالية والقبائل الجنوبية، وأن خطاً من المدن الكنعانية القوية تشكله أورشليم وجازر وعجلون ، يفصل بين المجموعتين ويمنع اتصالهما ، وإن كثيراً من المدن الكنعانية التي من المفترض أنها وقعت أيدي الإسرائيليين إبان اجتياحهم ، تعيش حياتها الطبيعية كمدن مستقلة، كما نجد أن منتصري الأمس ليسوا إلا فرقاً مستضعفة واقعة تحت نير جيرانهم الفلستيين، يضطهدونهم ويسومونهم سوء العذاب.
ويفسر المؤرخون من ذوي الاتجاه التوراتي هذا الواقع المتناقض تفسيرات أكثر تناقضاً وأقرب إلى النفس اللاهوتي منها إلى المنطق التاريخي. ولنقرأ على سبيل المثال ما يقوله عالم اللغات القديمة اللامع البروفيسور سيروس هـ. غوردن في كتابه الشرق الأدنى القديم الذي أفرد ثلثيه لتاريخ بني إسرائيل في معرض تفسيره لأحوال الإسرائيليين في عصر القضاة يقول غوردن: عند اقتحام أرض كنعان لم يمارس الإسرائيليون عملية إبادة كاملة للكنعانيين ولم يطردوهم من أرضهم ومدنهم.»
فقارن هذا بما يقوله الكتاب من إبادة جماعية لأهل البلاد الأصليين: (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ.) يشوع 6: 21
يواصل فراس سواح قائلاً: «لقد دام عصر القضاة أكثر من قرنين من الزمان، ومع ذلك لم يستطع علم الآثار تقديم أي دليل على وجود الإسرائيليين خلال هذه الفترة في فلسطين. فإما أن يكون القادمون الجدد على جانب كبير من الهمجية والتخلف إلى درجة لم تمكنهم من التأثير بجيرانهم المتطورين وتطوير ثقافة خاصة بهم خلال قرنين من الزمن وهذه فرصة أقرب إلى المستحيل ، أو أن هؤلاء القادمين المفترضين لم يكن لهم وجود تاريخي قط.»
أما ”كيث وايتلام“ أستاذ العلوم الكتابية فى قسم الدراسات اللاهوتية في جامعة "ستيرلينغ" في سكوتلاندا، أصدر كتابه "اختراع (إسرائيل) وحجب فلسطين" سنة 1996 في كلّ من نيويورك ولندن في نفس الوقت. اتفق فيه مع طومسون في كثير من الاستنتاجات ويشير إلى أن هناك عمليّة طمس ممنهجة لكثير من الدلالات التاريخية للمكتشفات الأثرية ومحاولة لتفسيرها بطريقة مغلوطة في أغلب الأحيان.
كما يُركِّز وايتلام على البعد السياسي من وراء محاولات الطمس والتفسير المغلوط للتاريخ ، حيث يذكر «أن تاريخ (إسرائيل) المخترَع في حقل الدراسات التوراتية كان وما زال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون الممالك اليهودية عليه، وليس ما كانت عليه في الواقع».
وبهذا قال أيضًا هذا السيد بروشى المسئول المتقاعد عن مخطوطات البحر الميت فى (كذبة السامية وحقيقة الفينيقية) ص32، الذى أكد أن مدينة أريحا أُخليت من بداية القرن 15 ق.م إلى نحو القرن 11 ق.م ، أى لم تكن مأهولة بالسكان الذين قتلهم الرب ورماهم بالحجارة كما تدع رواية يشوع (10: 11-)، وأنه لم تكن هناك مدن باسم عاى وجازور وأريحا، بل لم يكن الداخل بحاجة إلى تدمير وقتل الآهلين!!! وذلك بسبب وجود جفاف طويل الأمد حل على المنطقة فى العصر البرونزى الأخير، مما تسبب فى مجاعات وإنهيار إقتصادى وسياسى واسع النطاق فى الحوض الساحلى للبحر المتوسط، توافق بدوره مع تغيير عالمى فى المناخ. وذلك كما ينقل أحمد الدبش عن توماس طومسون ص167 من (التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى).
ويواصل الدبش استشهاداته بعلماء الآثار ص79 من كتابه السابق قائلاً: فهذا هو جيمس بريتشارد يؤكد بعد تنقيبه فى فلسطين: «أن كل التناقضات الواضحة التى كشفت عنها نتائج التنقيب الأثرى فى (أريحا) وغيرها من المواقع التى تحدث عنها سفر يشوع تدل على أننا نسير فى طريق مسدود فى محاولة العثور على شواهد أثرية لإثبات الروايات التقليدية عن الفتوحات الإسرائيلية».
وهذا ما أكده عالم الآثار الإسرائيلى بجامعة تل أبيب البروفيسور الإسرائيلى يسرائيل فنكلشتاين ونشرته جريدة القدس العربى ، بتاريخ 15/4/1999. وأقره ”لامك“، وعالم الآثار الإسرائيلى ”زئيف هرتسوغ“، والدكتور ”عفيف بهنسى“ المدير العام السابق للآثار فى سورية، والأب ”مايكل برير“ الذى يرى أن الرواية التوراتية لا يمكن الدفاع عن صدقها، ويؤكد أكثر من ذلك على أن هناك ثمة إجماع علمى بأن القصة الكتابية التى تصف فترة الاحتلال التوطنى جاءت عن طريق المؤلفين الذين كتبوها بعد عدة قرون.
لذلك خلص البروفيسور توماس طومسون فى كتابه (التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى) ص277 وما بعدها إلى أن: «أى محاولة لكتابة تاريخ فلسطين فى أواخر الألف الثانية قبل الميلاد، أو بدايات الألف الأولى قبل الميلاد، على الضوء التام لمصادر الكتاب المقدس، لتبدو على الفور محاولة فاشلة وميئوس منها، بل يُمكن اعتبارها محاولة هزلية بالكامل، وتبعث على الضحك والفكاهة. إن قصص العهد القديم ما هى إلا مأثورات وحكايات كتبت أثناء القرن الثانى قبل الميلاد. وإنه مضيعة للوقت أن يحاول أى إنسان أن يُثبت مثل هذه الأحداث التوراتية من خلال علم الآثار القديمة، فالعهد القديم ليس له أى قيمة كمصدر تاريخى.»
وقد توصل العلامة كيث وايتلام بعد أن راجع المؤلفات التى تعاملت مع تاريخ فلسطين القديم، وأدرك مدى توغل يد الاستشراق فى هذه الكتابات أى «أن صورة إسرائيل كما وردت فى معظم فصول الكتاب العبرى، ليست إلا قصة خيالية، أى تلفيق للتاريخ»، وذلك ص49 فى كتابه (تلفيق إسرائيل التوراتية .. طمس التاريخ الفلسطينى). نقلا عن أحمد الدبش (كنعان وملوك بنى إسرائيل فى جزيرة العرب)
وفى ص19 من الكتاب السابق يقول الدبش: (لقد تم إخضاع اللقى الآثارية فى المشرق العربى، وبالتالى تاريخ بلادنا فلسطين، لمصلحة الخطابين السياسى والكتابى وهدفهما بعدما ثبت لنا أن «أصول التنقيبات الآثارية الحديثة، منذ دخول نابليون إلى مصر، على أنها مكيدة دولية، استخدمت القوى الغربية من خلالها الماضى الكتابى والكنوز الأثرية التى فى المنطقة من أجل سعيها لتحقيق المكاسب السياسية، ولإضفاء الشرعية على مصالحها الإمبريالية» وذلك نقلا عن كيث وليتلام فى كتابه (تلفيق إسرائيل التوراتية .. طمس التاريخ الفلسطينى) ص37.
ونكتفى بما أثبتناه من علماء الآثار الإسرائيليين وغيرهم، ونؤكد ما ذهبنا إليه من الكتاب المقدس نفسه: ويحكى لنا سفر القضاة عن قصة أخرى عن دخول بنى إسرائيل إلى أرض فلسطين، فيقول: (19وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يَهُوذَا فَمَلَكَ الْجَبَلَ, وَلَكِنْ لَمْ يُطْرَدْ سُكَّانُ الْوَادِي لأَنَّ لَهُمْ مَرْكَبَاتِ حَدِيدٍ.) القضاة 1: 19
وهذا يؤكد ما قلناه من قبل: إنه كان حلم الجبناء أن يغزو قومًا، وخافوا منهم، فكتبوا حلمهم على أنه حقيقة. فلم يهزم بنو إسرائيل هذه المدن، ولم يدخلوا معهم فى حرب. كما يؤكد أن المدن التى تكلم عنها يشوع كانت عبارة عن قرى ونجوع صغيرة، ودخل بنو إسرائيل كأسر رعاة متفرقة، ومر قرنان من الزمان، حتى نشأ من الأسر والقبائل المختلفة ما يمكننا أن نسميه دولة.
تعليق