وها هم رجال ونساء الغرب الذين انشغلوا بقضايا المرأة يشيدون بالإسلام وقوانينه المنصفة للمرأة، والتى علمت الغرب احترام المرأة، وأقامت المرأة الغربية من كبوتها فى ظل القوانين الكنسية الظالمة:
المرأة المسلمة فى عيون غربية منصفة:
وهنا سأهدى الكاتب بعضًا من آراء أرباب العلم المنصفين، الذين وقفوا بالدراسة على المرأة المسلمة من خلال فهمهم الصحيح للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وكذلك السيرة النبوية العطرة، وأكثر من ذلك فقد عايشوا هذه النصوص مطبقةً فى بعض البلدان أو المجتمعات أو حتى الأسر المسلمة، وقارنوا ذلك بالحضارة المسيحية والحضارة الغربية القديمة والحديثة، مبينين جهل الروائيين الأوروبيين والسائحين الذين تناولوا حالات فردية قاسوا عليها الدين نفسه فى تناولهم لموضوع المرأة.
وأنقل لكم بتصرف يسير بعضًا من آراء الغربيين فى المرأة الإسلامية نقلًا عن موقع التوحيد:
https://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=2156، الذى نقله بدوره من كتاب (قالوا عن الإسلام) إعداد الدكتور عماد الدين خليل.
يقول مارسيل بوازار M.Poizer، وهو مفكر وقانوني فرنسي معاصر. أولى اهتمامًا كبيرًا لمسألة العلاقات الدولية وحقوق الإنسان وكتب عددًا من الأبحاث للمؤتمرات والدوريات المعنية بهاتين المسألتين. يعتبر كتابه (إنسانية الإسلام)، علامة مضيئة في مجال الدراسات الغربية للإسلام، بما تميز به من موضوعية، وعمق، وحرص على اعتماد المراجع التي لا يأسرها التحيز والهوى. فضلا عن الكتابات الإسلامية نفسها: (.. كانت المرأة تتمتع بالاحترام والحرية في ظل الخلافة الأموية بأسبانيا، فقد كانت يومئذ تشارك مشاركة تامة في الحياة الاجتماعية والثقافية، وكان الرجل يتودد لـ(السيدة) للفوز بالحظوة لديها ..إن الشعراء المسلمين هم الذين علموا مسيحي أوروبا عبر أسبانيا احترام المرأة...) (إنسانية الإسلام، ص 108).
ويقول: (إن الإسلام يخاطب الرجال والنساء على السواء ويعاملهم بطريقة (شبه متساوية)وتهدف الشريعة الإسلامية بشكل عام إلى غاية متميزة هي الحماية،ويقدم التشريع للمرأة تعريفات دقيقة عما لها من حقوق ويبدي اهتمامًا شديدًا بضمانها.فالقرآن والسنة يحضان على معاملة المرأة بعدل ورفق وعطف، وقد أدخلا مفهوما أشد خلقية عن الزواج، وسعيا أخيرا إلى رفع وضع المؤمنة بمنحها عددًا من الطموحات القانوني. أمام القانون والملكية الخاصة الشخصية، والإرث) (إنسانية الإسلام، ص 109-110).
ويقول أيضًا عن تكريم القرآن والسنة المطهرة للمرأة: (لقد خلقت المرأة في نظر القرآن من الجوهر الذي خلق منه الرجل. وهي ليست من ضلعه، بل (نصفه الشقيق) كما يقول الحديث النبوي: "النساء شقائق الرجال" [المطابق كل المطابقة للتعاليم القرآنية التي تنص على أن الله قد خلق من كل شي زوجين.]. ولا يذكر التنزيل أن المرأة دفعت الرجل إلى ارتكاب الخطيئة الأصلية، كما يقول سفر التكوين. وهكذا فإن العقيدة الإسلامية لم تستخدم ألفاظًا للتقليل من احترامها، كما فعل آباء الكنيسة الذين طالما اعتبروها (عميلة الشيطان). بل إن القرآن يضفي آيات الكمال على امرأتين: امرأة فرعون ومريم ابنة عمران أم المسيح، عليه السلام [(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ *وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ.) سورة التحريم 11-12]) (إنسانية الإسلام،ص113).
ويقول: (ليس في التعاليم القرآنية ما يسوغ وضع المرأة الراهن في العالم الإسلامي. والجهل وحده، جهل المسلمة بحقوقها بصورة خاصة، هو الذي يسوغه). (إنسانية الإسلام، ص114).
ويتفاخر بحماية الإسلام لها فيقول: (أثبتت التعاليم القرآنية وتعاليم محمد صلى الله عليه وسلم أنها حامية حمى حقوق المرأة التى [بصورة] لا تكل) (إنسانية الإسلام، ص140).
ويقول إميل درمنغهام المستشرق الفرنسى، ومدير مكتبة الجزائر سابقًا، وصاحب المؤلفات العديدة فى الإسلام والدراسات الشرقية عن العناية التى أولاها الإسلام للمرأة: (مما لا ريب فيه أن الإسلام رفع شأن المرأة في بلاد العرب وحسَّنَ حالها، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما فتئنا نعد النساء من المتاع حتى أوحى في أمرهن مبينا رضي الله عنه: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم) أجل، إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى الزوجات بطاعة أزواجهن، ولكنه أمر بالرفق بهن، ونهى عن تزويج الفتيات كرهًا، وعن أكل أموالهن بالوعيد أو عند الطلاق ...
ولم يكن للنساء نصيب في المواريث أيام الجاهلية ... فأنزلت الآية التي تورث النساء. وفي القرآن تحريم لوأد البنات، وأمر بمعاملة النساء والأيتام بالعدل، ونهى محمد صلى الله عليه وسلم عن زواج المتعة وحَمْلَ الإماء على البغاء. وأباح تعدد الزوجات .. ولم يوصي الناس به، ولم يأذن فيه إلا بشرط العدل بين الزوجات فيهب لإحداهن إبرة دون الأخرى ... وأباح الطلاق أيضًا مع قوله: (أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق) وليس مبدأ الاقتصار على زوجة واحدة من الحقوق الطبيعية مع ذلك، ولم يفرضه كتاب العهد القديم على الآباء، وإذا كان هذا قد أصبح سنة في النصرانية فذلك لسابق انتشاره في بلاد الغرب، وذلك من غير أن يحمله رعايا نيرون إلى بلاد إبراهيم ويعقوب [عليهما السلام] ... وأيهما أفضل: تعدد الزوجات الشرعي أم تعدد الزوجات السري؟ ... إن تعدد الزوجات من شأنه إلغاء البغاء والقضاءعلى عزوبة النساء ذات المخاطر).
وقال أيضًا مدافعًا عن المرأة المسلمة ضد المزاعم الباطلة التى توجه إليها: (من المزاعم الباطلة أن يقال إن المرأة في الإسلام قد جُرِّدَت من نفوذها زوجة وأما، كما تُذمُّ النصرانية لعدها المرأة مصدر الذنوب والآثام ولعنها إياها، فعلى الإنسان أن يطوف في الشرق ليرى أن الأدب المنزلي فيه قوي متين وأن المرأة فيه لا تحسد بحكم الضرورة نساءنا ذوات الثياب القصيرة والأذرع العارية، ولا تحسد عاملاتنا في المصانع وعجائزنا، ولم يكن العالم الإسلامي ليجهل الحب المنزلي والحب الروحي، ولا يجهل الإسلام ما أخذناه عنه من الفروسية المثالية والحب العذري).
ويدافع هنرى دى كاسترى، وقد كان مقدمًا فى الجيش الفرنسى، وقضى فى شمال أفريقيا ردحًا من الزمن، عن المرأة المسلمة قائلًا: (من الخطأ الفاضح والغلو الفادح قولهم إن عقد الزواج عند المسلمين عبارة عن عقد تباع فيه المرأة فتصير شيئا مملوكًا لزوجها، لأن ذلك العقد يُخَوِّلُ للمرأة حقوقًا أدبية، وحقوقًا مادية من شأنها إعلاء منزلتها في الهيئة الاجتماعية).
ويصحح فكرة تعدد الزوجات فى الإسلام قائلًا: (إن الناس بالغوا كثيرا في مضار تعدد الزوجات عند المسلمين، إن لم نقل إن ما نسبوه إليه من ذلك غير صحيح.. ..، بل تلك وصمة ألصقت بالإسلام بواسطة السواح الذين يرون أمرًا في فرد، فيجعلونه عامًا من غير تثبيت فيه).
ويقارن الحشمة بين المسلمات والمسيحيات: (ويرى القارىء من جميع تلك الآيات مقدار اهتمام (الإسلام) بمنع عوامل الفساد الناشئة عن التعشق بين المسلمين لكي يجعل الأزواج والآباء في راحة ونعيم .. ولقد (أصبحت) للمسلمين أخلاقًا مخصوصة، عملًا بما جاء في القرآن أو في الحديث، وتولدت في نفوسهم ملكات الحشمة والوقار، وجاء هذا مغايرًا لآداب الأمم المتمدنة اليوم على خط مستقيم، ومزيلا لما عساه كان يحدث عن ميل الشرقيين إلى الشهوات، لولا هذه التعاليم والفروض. والفرق بين الحشمة عند المسلموبينها عند المسيحي كما بين السماء والأرض).
ويرى إيتين دينيه ضرورة تعدد الزوجات، ومقصد الإسلام منها كالآتى: (الإسلام لا يكفيه أن يساير الطبيعة، وأن لا يتمرد عليها، وإنما هو يدخل على قوانينها ما يجعلها أكثر قبولا، وأسهل تطبيقا في إصلاح ونظام ورضا ميسور مشكور حتى لقد سمي القرآن لذلك (بالهدى)؛ لأنه المرشد إلى أقوم مسالك الحياة والأمثلة العديدة لا تعوزنا، ولكنا نأخذ بأشهرها وهو التساهل في سبيل تعداد الزوجات ... فمما لا شك فيه أن التوحيد في الزوجة هو المثل الأعلى، ولكن ما العمل وهذا الأمر يعارض الطبيعة ويصادم الحقائق بل هو الحال الذي يستحيل تنفيذه. لم يكن للإسلام أمام الأمر الواقع، وهو دين اليسر، إلا أن يستبين أقرب أنواع العلاج فلا يحكم فيه حكما قاطعا ولا يأمر به أمرًا باتا).
ويبيِّن الطبيب والمؤرخ الفرنسى جوستاف لوبون فضل الإسلام على المرأة الأوروبية فيقول: (إذا أردنا أن نعلم درجة تأثير القرآن في أمر النساء وجب علينا أن ننظر إليهن أيام ازدهار حضارة العرب، وقد ظهر مما قصه المؤرخون أنه كان لهن من الشأن ما اتفق لأخواتهن حديثًا في أوروبا .. إن الأوروبيين أخذوا عن العرب مبادئ الفروسية وما اقتضته من احترام المرأة، فالإسلام إذن، لا النصرانية هو الذي رفع المرأة من الدرك الأسفل الذي كانت فيه، وذلك خلافًا للاعتقاد الشائع، وإذا نظرت إلى نصارى الدور الأول من القرون الوسطى رأيتهم لم يحملوا شيئًا من الحرمة للنساء. وعلمت أن رجال عصر الإقطاع كانوا غلاظًا نحو النساء قبل أن يتعلم النصارى من العرب أمر معاملتهن بالحسنى).
ويقول: (لم يقتصر الإسلام على إقرار مبدأ تعدد الزوجات الذي كان موجودًا قبل ظهوره، بل كان ذا تأثير عظيم في حال المرأة في الشرق. والإسلام قد رفع حال المرأة الاجتماعي وشأنها رفعًا عظيمًا بدلًا من خفضهما خلافا للمزاعم المكررة على غير هدى، والقرآن قد منح المرأة حقوقًا إرثية أحسن مما في أكثر قوانيننا الأوربية .. أجل أباح القرآن الطلاق كما أباحته قوانين أوروبا التي قالت به، ولكنه اشترط أن يكون {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} سورة البقرة (241)... وأحسن طريق لإدراك تأثير الإسلام في أحوال النساء في الشرق هو أن نبحث في حالهن قبل القرآن وبعده).
ويقول جوستاف لوبون: (إن حالة [النساء المسلمات] الحاضرة أفضل من حالة أخواتهن في أوروبا حتى عند الترك .. وأن نقصان شأنهن حدث خلافًا للقرآن، لا بسبب القرآن. على كل حال .. إن الإسلام .. رفع المرأة كثيرًا، بعيد عما [حدث لها من] انحطاط، ولم نكن أول من دافع عن هذا الرأي، فقد سبقنا إليه كثيرون).
ويُجاهر بصراحة رافعًا شأن تعدد الزوجات، منتقدًا اتخاذ الخليلات، فيقول: (إن تعدد الزوجات المشروع عند الشرقيين أحسن من تعدد الزوجات الريائي عند الأوروبيين، وما يتبعه من مواكب أولاد غير شرعيين).
وتؤكد ذلك مارسيل بوازار بقولها: (إن الشعراء المسلمين هم الذين علموا مسيحي أوروبا - عب رإسبانيا - احترام المرأة).
وشاء الله أن يُقام الشهود المنصفون من القوم على أنفسهم ومن سار في ركبهم، فهذه امرأة غربية تكشف الحقيقة بممارسة سلوكية واقعية حين تقول الليدى مارى مونتكاد زوجة السفير الانجليزي فيتركيا لشقيقتها: يزعمون أن المرأة المسلمة في استعباد وحجر معيب، وهو ما أود تكذيبه، فإن مؤلفي الروايات في أوروبا لا يحاولون الحقيقة ولا يسعون للبحث عنها، ولولا أنني فيتركيا اجتمعت إلى النساء المسلمات ما كان إلى ذلك من سبيل. فما رأيته يكذب كل التكذيب أخبارهم عنها. إلى أن تقول ولعل المرأة المسلمة هي الوحيدة التي لا تعنى بغير حياتها البيتية، ثم إنهن يعشن في مقصورات جميلات. (قالوا عن الإسلام ص425-426).
وترى أستاذة في الجامعة الألمانية: أن حل مشكلة المرأة في ألمانيا هو في إباحة تعدد الزوجات (ظلم المرأة: محمد الهبدان، ص78).
ويعترف أحد الغربيين الذي هداهم الله للإسلام بأن التعدد في البلاد الإسلامية أقل إثمًا وأخف ضررًا من الخبائث التي ترتكبها الأمم المسيحية تحت ستار المدنية، فلْنخرج الخشبة التي في أعيينا أولًا، ثم نتقدم لإخراج القذى من أعين غيرنا. (قالوا عنالإسلام: ص427).
وفي الوقت الذي يؤيد فيه غربي آخر تعدد الزوجات عند المسلمين معتبرًا إياه قانونًا طبيعيا وسيبقى ما بقي العالم، هو في المقابل ينتقد النظام الغربي، ويبيِّن الآثار المترتبة على الإلزام بزوجة واحدة.
وينتقد إيتين دينيه عدم وجود تعدد للزوجات فى المسيحية، ممتدحًا إياه فى الإسلام قائلًا: (هل حقيقي أن الديانة المسيحية بتقريرها الجبري لفردية الزوجة وتشديدها في تطبيق ذلك قد منعت تعدد الزوجات؟ وهل يستطيع شخص أن يقول ذلك دون أن يأخذ منه الضحك مأخذه؟ [فها هم] مثلا ملوك فرنسا الذين كانت لهم الزوجات المتعددات والنساء الكثيرات، وفي الوقت نفسه لهم من الكنيسة كل تعظيم وإكرام. وإن تعدد الزوجات قانون طبيعي وسيبقى ما بقي العالم، لذلك فإن ما فعلته المسيحية لم يأت بالغرض الذي أرادته، فانعكست الآية معها، وصرنا نشهد الإغراء بجميع أنواعه ....
إن نظرية الزوجة الواحدة (التي) تأخذ بها المسيحية ظاهرًا تنطوي تحتها سيئات متعددة ظهرت على الأخص في ثلاث نتائج واقعية شديدة الخطر جسيمة البلاء، تلك هي الدعارة، والعوانس من النساء، والأبناء غير الشرعيين. إن هذه الأمراض الاجتماعية ذات السيئات الأخلاقية لم تكن تعرف في البلاد التي طبقت فيها الشريعة الإسلامية تمام التطبيق وإنما دخلتها وانتشرت فيها بعد الاحتكاك بالمدنية الغربية).
و(جاء في كتاب (الإسلام) تأليف (شمتز دوملان) (أنه (عندما غادر الدكتور مافروكورداتو الآستانة سنة 1827 إلى برلين لدراسة الطب لم يكن في العاصمة العثمانية كلها بيت واحد للدعارة. كما لم يعرف فيها داء الزهري - وهو السفلس المعروف بالشرق بالمرض الأفرنكي - فلما عاد الدكتور بعد أربع سنين تبدل الحال غيرالحال. وفي ذلك يقول الصدر الأعظم الكبير رشيد باشا في حسرة موجعة: إننا نرسل أبناءنا إلى أوروبا ليتعلموا المدنية الأفرنكية فيعودون إلينا مرضى بالداء الأفرنكى).
ويقول أيضًا: (إننا نخشى أن تخرج المرأة الشرقية إلى الحياة العصرية ... فينتابها الرعب لما تشهده لدى أخواتها الغربيات، اللائي يسعين للعيش وينافس في ذلك الرجال، ومن أمثلة الشقاء والبؤس الكثيرة).
ويقول أيضًا: (إن تعاليم المرأة يساير كل المسايرة جميع تعاليم الدين، وقد كان في عصر ازدهار الإسلام يفاض فيضًا على المسلمات، وكانت ثقافتهن حينذاك أرفع من ثقافة الأوربيات دون جدال).
ويقول المؤرخ الأمريكى المعاصر ول ديورانت، صاحب كتاب (قصة الحضارة) مبيِّنا كيف رفع الإسلام المرأة: (رفع الإسلام من مقام المرأة في بلاد العرب ... وقضى على عادة وأد البنات وسوى بين الرجل والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي، وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل حلال، وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها، وأن ترث، وتتصرف في مالها كما تشاء، وقضى على ما اعتاده العرب في الجاهلية من انتقال النساء من الآباء إلى الأبناء فيما ينتقل لهم من متاع، وجعل نصيب الأنثى في الميراث نصف نصيب الذكر، ومنع زواجهن بغير إرادتهن):
وفى الحقيقة إن مقولة أن الذكر يأخذ ضعف نصيب البنت فى الميراث هى مقولة خاطئة على لسان الكثير من الناس، والحقيقة أن الرجل يأخذ ضعف المرأة فى ثلاث حالات فقط، إذا ورث الأخ والأخت من أبيهم أو أمهم، وإذا ورث الأب والأم من أحد أبنائهم الذى لم ينجب بعد، ويرث الزوج من زوجته ضعف ما ترث هى منه. وما عدا ذلك فهم يتساوون فى 17 حالة تقريبًا (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) النساء: 11، وكذلك: إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختاً لأب: فلكل منهما النصف. (راجع: إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى).
وهناك حالات ترث فيها البنت ولا يرث فيها الرجل، مثل: إذا مات وترك بنتًا وأختًا وعمًا: فللإبنة النصف وللأخت النصف ولا شىء للعم. ومثل: لو مات رجل وترك ابنة وزوجة وأباً وأخا شقيقا. فالبنت الصلبية تأخذ النصف، والزوجة الثمن، ويأخذ الأب السدس والباقى تعصيبًا، ولا شىء للأخ الشقيق.
وهناك حالات يرث فيها الرجل سواء أقل أو أكثر من ضعف ميراث البنت، مثل: لو مات الابن وترك أبًا وأمًا وأخوةَ وأخوات، فترث الأم السدس، ويرث الأب خمسة أسداس تعصيبًا ويحجب الإخوة. فقد ورث الرجل هنا خمسة أضعاف المرأة. وكذلك أيضًا: إذا مات رجل وترك ابناً وست بنات: فالابن يأخذ الثلث والبنات الثلثين: وفى هذه الحالة سيكون الابن ثلاث أضعاف أى من البنات الستة. فإذا ترك 18000 ألف جنيهاً ، فسيأخذ الابن 6000، وكل بنت تأخذ 2000 جنيهاً. فيكون الأخ أخذ ثلاثة أضعاف أخته. ولا ننسى أنه مكلف بالإنفاق على أخواته.
ويبيِّن المؤرخ الأمريكى ول ديورانت كيف قلَّل الإسلام البغاء فى المجتمع الإسلامى: (تفتح الشريعة الإسلامية منافذ كثيرة لإشباع الغريزة الجنسية [عن طريق الزواج وتعدد الزوجات] ولهذا قل البغاء في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم).
ويقول عن مركز المرأة المسلمة فى مجتمعها المسلم: (كان مركز المرأة المسلمة يمتاز عن مركز المرأة في بعض البلاد الأوروبية من ناحية هامة، تلك هي أنها كانت حرة التصرف فيما تملك، ولا حق لزوجها أو لدائنيه في شيء من أملاكها..).
وعن تعليم المرأة يقول: (كانت البنات يذهبن إلى المدارس سواء بسواء، ونبغ عدد من النساء المسلمات في الأدب والفن).
ويقول الباحث الفرنسى المعاصر والأستاذ بالمعهد الإسلامى الفرنسى جاك. س. ريسلر: (لقد وضعت المرأة على قدم المساواة مع الرجال في القضايا الخاصة بالمصلحة فأصبح في استطاعتها أن ترث، وأن تورث، وأن تشتغل بمهنة مشروعة، لكن مكانها الصحيح هو البيت. كما أن مهمتها الأساسية هي أن تنجب أطفالا .. وعلى ذلك رسم النبي صلى الله عليه وسلم واجبها (أيما امرأة مات زوجها، وهو راض عنها، دخلت الجنة).. وإن تعدد الزوجات، بتقييده الانزلاق مع الشهوات الجامحة، قد حق بهذا التشريع الإسلامي تماسك الأسرة، وفيه ما يسوغ عقوبة الزوج الزاني).
ويمتدح العلاقات الأسرية فى ظل الإسلام، وحنان الأم بأطفالها، ورعايتها لهم والضمان الاجتماعى الذى يوفره الإسلام للأسرة فيقول: (كانت الأسرة الإسلامية ترعى دائما الطفل، وصحته، وتربيته، رعاية كبيرة. وترضع الأم هذا الطفل زمنا طويلًا، وأحيانا لمدة أكثر من سنتين، وتقوم على تنشئته بحنان وتغمره بحبها وباحتياطات متصلة. وإذا حدث أن أصاب الموت بعض الأسرة، وأصبحوا يتامى، فإن أقرباءهم المقربين لا يترددون في مساعدتهم وفي تبنيهم).
كما يبيِّن الباحث المهندس أحمد نسيم سوسه، الذى كان يهوديًا من يهود العراق وهداه الله للإسلام، فضل الإسلام على المرأة، فيقول: (يجب ألا يغرب عن البال أن المرأة لم تكن قد حازت حقوقًا تتمتع بها إلا بعد ظهور الإسلام، لأن الإسلام هو أول من رفع قدر المرأة وأعطاها حقها في الحياة كحق الرجل).
ويقول أيضًا: (كانت المرأة في ديار العرب قديمًا محض متاع، مجرد ذكرها أمر ممتهن. هكذا كان الوضع حينما جاء النبي صلى الله عليه وسلم فرفع مقام المرأة في آسيا من وضع المتاع الحقير إلى مرتبة الشخص المحترم، الذي له الحق بالحياة حياة محترمة، وله الحق في أن يملك ويرث المال).
ويعلق على كيفية تبنى الإنجيل حظر الطلاق فى الوقت الذى رأوا أنه ضرورة اجتماعية حتمية، فضربوا بكلام الأناجيل عرض الحائط وقرروه قانونًا: (لقد حرمت المسيحية الطلاق، ولكن في الوقت نفسه نجد أنظمة البلاد المسيحية وقوانينها الرسمية تنص على إباحته. إن المسيحيين أنفسهم قد ضربوا بتعاليم ديانتهم عرض الحائط، ووضعوا القوانين التي تنقضها من الأساس، وما كان ذلك كرها لديانتهم، ولكن رغبة في وضع ما تتطلبه نفسية المجتمع البشري، من نظام يضمن الاطمئنان في علاقات الجنسين ويكفل السعادة البشرية. ولو صحا المسيحيون من غفلتهم، وتأملوا في الأمر، لاتضح لهم أن الإسلام قد سبقهم في هذا المضمار من قبل ثلاثة عشر قرنًا).
ويتعجب من قلة حالات الطلاق لدى المسلمين الذى يشرع دينهم الطلاق، وكثرته فى المقابل عند المسيحيين: (من الغريب أن يصبح الطلاق اليوم عند المسلمين إلى جانب القلة ويكثر عند الغربيين الذين كانوا ينكرونه أشد الإنكار، وما فتىء يزداد مع الزمن انتشارا مطردًا، فإنه يحصل بالولايات المتحدة الأمريكية كل سنة ما ينيف على المائتي ألف طلاق، وفي أوروبا يبت في عشرات الألوف من قضايا الطلاق وعلى الأخص في فرنسا. ولا يغيب عن الذهن أن الإسلام مع إباحته الطلاق للضرورة، فإنه يُعَدُّ أبغض الحلال عند الله، كما أنه ورد في القرآن الكريم ما يحتم الرفق بالمرأة، ويفرض المحافظة على حقوقها ويقصي الرجل عن الإقدام [على] الطلاق ما أمكن).
فى الحقيقة ارتفعت نسبة الطلاق حاليًا فى كل بلدان العالم، فقد تعدت الـ 60% فى أمريكا، وكذلك ارتفعت فى البلدان الإسلامية، وأقل نسبة هى فى ماليزيا، حيث تناقصت من 32% إلى 7% فى أقل من سنة، حيث فرض رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد على الزوجين أخذ دورة فى كيفية التعامل وحقوق وواجبات كل منهما، ولابد من الحصول على رخصة الزواج، التى تُمنح بناءً على حضور هذه الدورة. وهذا لا يُخالف التشريع الإسلامى، حيث (ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب). وأن الحفاظ على كيان الأسرة، ورعاية الأطفال، وبناء المجتمع اقتصاديًا ونفسيًا وتعليميًا من أهداف الشريعة الإسلامية.
ويؤكد المستشرق الفرنسى لويس سيديو على رفع الإسلام للمرأة وكيانها فى ظل الإسلام فيقول: (إن القرآن، وهو دستور المسلمين، رفع شأن المرأة بدلا من خفضه. فجعل حصة البنت في الميراث تعدل نصف حصة أخيها، مع أن البنات كن لا يرثن في زمن الجاهلية. "وهو" وإن جعل الرجال قوامين على النساء، بيَّنَ أن للمرأة حق الرعاية والحماية على زوجها. وأراد ألا تكون الأيامى جزءًا من ميراث رب الأسرة، فأوجب أن يأخذن ما يحتجن إليه مدة سنة، وأن يقيض مهورهن، وأن ينلن نصيبا من أموال المتوفى).
ويقول أيضًا: (لا شي أدعى إلى راحة النفس من عناية محمد صلى الله عليه وسلم بحال اليتامى على الدوام بالأولاد . فهو قد حرم "بأمر الله" عادة الوأد... وكان يجد في ملاحظة صغار الأولاد أعظم لذة، ومما حدث ذات يوم أنه كان يصلي فوثب الحسين بن على رضي الله عنه فوق ظهره، فلم يبال بنظرات الحضور فانتظر صابرًا إلى حين نزوله كما ورد).
ويقول أيضًا: (وما ألطف أقوال محمد صلى الله عليه وسلم عن حنان الأم وحب الوالدين، ...وما أجمل ما فى كلمته: (الجنة تحت أقدام الأمهات) من تكريم الأمهات! فيمكن أن يكتب فصلًا رائعًا من حياة محمد صلى الله عليه وسلم حول هذا الموضوع).
وقال أيضًا: (أُحلَّ الطلاق فى الإسلام، ولكنه جُعل تابعًا لبعض الشروط، فيمكن الرجوع عنه عند الطيش والتهور. والطلاق، لكي يكون باتا، يجب أن يكرر ثلاث مرات ..... والمرأة إذا ما طُلِّقت الطلقة الثالثة لا تحل لزوجها الأول إلا بعد أن تنكح زوجا آخر، فيطلقها هذا الزوج. وهذا الحكم على جانب عظيم من الحكمة لما يؤدي إليه من تقليل عدد الطلاق، ولا يحق للمرأة أن تطلب الطلاق إلا عند سوء المعاملة). وفى الحقيقة فقد جانب الكاتب الصواب فى هذه النقطة، فيحق للمرأة أن تطلب الطلاق فى أى وقت شاءت (مع التشديد على حرمانية التلاعب بذلك)، وهذا ما يسميه الشرع الخلع.
ويقول أيضًا: (جزاء الزنا صارم (في الإسلام).. ولا بد من أربعة شهود لإثباته. ولم يُقصِّر محمد صلى الله عليه وسلم في منع انتشار الفجور، وله نصائح غالية بهذا الصدد، وهو يأمر المؤمنين بالاحتشام، وينظم أمورهم نحو أُجرائهم وأبنائهم وآبائهم وأمهاتهم [فى] رفق أبوي ممزوج بلسان المشترع الوقور الجليل).
وتقول الباحثة الإيطالية فى التاريخ الإسلامى لورا فيشيا فاغليرى: (في ما يتصل بالزواج لا تطالب السنة الإسلامية بأكثر من حياة أمينة إنشائية يسلك فيها المرء منتصف الطريق، متذكرا الله من ناحية، ومحترما حقوق الجسد والأسرة والمجتمع وحاجاتها من ناحية ثانية).
وتقول أيضًا: (إنه لم يقم الدليل حتى الآن، .. .. على أن تعدد الزوجات هو بالضرورة شر اجتماعي وعقبة في طريق التقدم. ولكنا نؤثر ألا نناقش المسألة على هذا الصعيد. وفي استطاعتنا أيضًا أن نصر على أنه في بعض مراحل التطور الاجتماعي، عندما تنشأ أحوال خاصة بعينها، كأن يقتل عدد من الذكور ضخم إلى حد استثنائي في الحرب مثلا، يصبح تعدد الزوجات ضرورة اجتماعية. والحق أن الشريعة الإسلامية التي تبدو اليوم وكأنها حافلة بضروب التساهل في هذا الموضوع إنما قيدت تعدد الزوجات بقيود معينة، وكان هذا التعدد حرا قبل الإسلام، مطلقا من كل قيد. لكن الإسلام شجب بعض أشكال الزواج المشروط والمؤقت التي كانت في الواقع أشكالًا مختلفة للتسري (المعاشرة من غير الزواج) وفوق هذا منح الإسلام المرأة حقوقًا لم تكن معروفة قط من قبل. وفي استطاعتنا، في كثير من اليسر، أن نحشر الشواهد المؤيدة لذلك).
وتقول أيضًا: (القرآن يبيح الطلاق. ومادام المجتمع الغربي قد ارتضى الطلاق أيضًا، واعترف به في الواقع كضرورة من ضرورات الحياة، وخلع عليه في مكان تقريبًا صفة شرعية كاملة، ففي ميسورنا أن نغفل الدفاع عن اعتراف الإسلام به. ومع ذلك فإننا بدراستنا له، وبمقارنتنا بين عادات العرب بالجاهلية وبين الشريعة الإسلامية، نفوز بفرصة نظهر فيها أن القانون الإسلامي قد دشن في هذا المجال أيضًا إصلاحًا اجتماعيًا. فقبل عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان العرف بين العرب قد جعل الطلاق عملًا بالغ السهولة .. أما القانون الإلهي فقد سن بعض القواعد التي لا تجيز إبطال الطلاق فحسب، بل التي توصى به في بعض الأحوال .. وليس للمرأة حق المطالبة بالطلاق، ولكنها قد تلتمس فسخ زواجها باللجوء إلى القاضي، وفي إمكانها أن تفوز بذلك إذا كان لديها سبب وجيه يبرره.
والغرض من هذا التقييد لحق المرأة في المبادرة هو وضع حد لممارسة الطلاق، لأن الرجال يعتبرون أقل استهدفا لاتخاذ القرارات تحت تأثير اللحظة الراهنة من النساء. وكذلك جعل تدخل القاضي ضمانًا لحصول المرأة على جميع حقوقها المالية الناشئة عن إنجاز فسخ الزواج. وهذه القاعدة، والقاعدة الأخرى التي تنص على أنه في حال نشوب خلاف داخل الأسرة يتعين اللجوء إلى بعض الموفِّقين ابتغاء الوصول إلى تفاهم، تنهضان دليلًا كافيا على أن الإسلام يعتبر الطلاق عملًا جديرًا باللوم والتعنيف. والآيات القرآنية تقرر ذلك في صراحة بالغة... وثمة أحاديث نبوية كثيرة تحمل الفكرة نفسها...).
وتقول عن حجاب المرأة وقيمته فى الحفاظ على عفة المجتمع: و(اجتنابا للإغراء بسوء، ودفعًا لنتائجه، يتعين على المرأة المسلمة أن تتخذ حجابا، وأن تستر جسدها كله، ماعدا تلك الأجزاء التي تعتبر حريتها ضرورة مطلقة كالعينين والقدمين. وليس هذا ناشئًا عن قلة احترام للنساء، أو ابتغاء كبت إرادتهن، ولكن لحمايتهن من شهوات الرجال. وهذه القاعدة العريقة في القدم، القاضية بعزل النساء عن الرجال، والحياة الأخلاقية التي نشأت عنها، قد جعلت تجارة البغاء المنظمة مجهولة بالكلية في البلدان الشرقية، إلا حيثما كان للأجانب نفوذ أو سلطان. وإذا كان أحد لا يستطيع أن ينكر قيمة هذه المكاسب، فيتعين علينا أن نستنتج أن عادة [وهو عبادة وليس عادة] الحجاب ... كانت فائدة لا تقدر بثمن للمجتمع الإسلامي).
وتقول عن مكانة المرأة فى المجتمع الأوروبى: (إذا كانت المرأة قد بلغت، من وجهة النظر الاجتماعية في أوروبا، مكانة رفيعة، فإن مركزها، شرعيا على الأقل، كان حتى سنوات قليلة جدا، ولا يزال في بعض البلدان، أقل استقلالا من المرأة المسلمة في العالم الإسلامي. إن المرأة المسلمة إلى جانب تمتعها بحق الوراثة مثل إخوتها، ولو بنسبة صغيرة [وذلك لأن أخوها يعولها وينفق عليها من الزيادة التى حصل عليها، بل ومن ماله الشخصى؛ حتى لو لم يرثا]، ومن حقها في أن لا تزف إلى أحد إلا بموافقتها الحرة، وفي أن لا يسيء زوجها معاملتها، تتمتع أيضًا بحق الحصول على مهر من الزوج، وبحق إعالته إياها، وتتمتع بأكمل الحرية، إذا كانت مؤهلة لذلك شرعيا، في إدارة ممتلكاتها الشخصية).
ويقول ليوبولد فايس المفكر والصحافى النمساوى المشهور الذى تسمى باسم محمد أسد بعد إسلامه عن رأيه فى تعدد الزوجات من الناحية البيولوجية والاجتماعية: (إن الشريعة الإسلامية، بمقتضى الحكمة التي تأخذ الطبيعة البشرية بعين الاعتبار الكلي دائما، لا تأخذ على عاتقها أكثر من صيانة الوظيفة الاجتماعية - البيولوجية للزواج (بما فيها طبعًا العناية بالنسل أيضًا) فتسمح للرجل بأن يتخذ لنفسه أكثر من زوجة واحدة، ولا تسمح للمرأة بأن تتخذ لنفسها أكثر من زوج واحد في الوقت نفسه، في حين أنها تترك للشريكين مسألة الزواج الروحية التي لا يمكن أن تقاس، وبالتالي تقع خارج دائرة الشريعة. فمتى كان الحب تامًا كاملًا فعندئذ تنعدم الرغبة عند كل منهما في الزواج ثانية ومتى كان الرجل لا يحب زوجته من كل قلبه ولا يرغب مع ذلك في فقدها، فإن بإمكانه أن يتزوج بأخرى... ومهما يكن فإنه لما كان الزواج في الإسلام عقدًا مدنيا ًفحسب، فإن في مكنة الشريكين في الزواج أن يلجأ دائمًا إلى الطلاق، خصوصًا وأن الوصمة التي تلصق بالطلاق، سواء بشدة أقل أو أكثر، في المجتمعات الأخرى، معدومة في المجتمع الإسلامى).
ويبرهن وجه نظر الإسلام فى جريمة الزنا قائلًا: (إن الحرية التي تمنحها الشريعة الإسلامية كلا من الرجل والمرأة على حد سواء لعقد الزواج أو حل هذا العقد، يفسر السبب الذي من أجله تعتبر هذه الشريعة الزنا من أقبح الآثام: ذلك أنه تجاه هذا التسامح وهذه الحرية لا يمكن أن يكون هناك أيما عذر للوقوع في حبائل العاطفة أو الشهوة....).
وقال مادحًا الوضع الذى أعطاه الإسلام للمرأة: (جاء النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يُسمع به من قبل: الرجال والنساء سواء أمام الله، وأن جميع الواجبات الدينية مفروضة على الرجل والمرأة على حد سواء. والحق أنه ذهب إلى أبعد من ذلك فأعلن .... أن المرأة شخص بملء حقها وليس لمجرد صلتها بالرجل كأم أو زوجة أو أخت أو ابنة، وأنها لذلك من حقها أن تقتني ملكًا وأن تتعاطى التجارة على حسابها ومسؤوليتها وأن تهب نفسها لمن تشاء عن طريق الزواج).
وعن الخطيئة الأزلية التى تحمل المسيحية مسئوليتها للمرأة وحدها يقول المفكر الفرنسى المعروف روجيه جارودى، وأحد كبار زعماء الحزب الشيوعى الفرنسى سابقًا: (إن القرآن، من وجهة النظر اللاهوتية، لا يحدد بين الرجل والمرأة علاقة من التبعية الميتافيزيقية: فالمرأة في القرآن توأم وشريكة للرجل لأن الله خلق [الرجل والمرأة كزوجين، والزوج هو النصف المشابه والمتطابق مع النصف الآخر،وهو أيضًا رأى المفكرة مارسيل بوازار] {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ..} سورة الذاريات (49).
ويؤكد جارودى على تفوق وضع المرأة فى الإسلام مقارنة بوضع المرأة فى المسيحية فيقول: (إذا نحن قارنا قواعد القرآن بقواعد جميع المجتمعات السابقة فإنها تسجل تقدمًا لا مراء فيه، ولا سيما بالنسبة لأثينا ولروما حيث كانت المرأة قاصرة بصورة ثابتة).
ويذكر جارودى من حقوق المرأة المسلمة، معترفًا أن هذه الحقوق نالتها المرأة المسيحية بقوانين وضعية ولا علاقة لها بالمسيحية بعد ثلاثة عشر قرنًا بعد المرأة المسلمة: (في القرآن تستطيع المرأة التصرف بما تملك وهو حق لم يعترف لها به في معظم التشريعات الغربية ولاسيما في فرنسا إلا في القرن التاسع عشر والعشرين. أما في الإرث فصحيح أن للأنثى نصف ما للذكر [وهى ليست مطلقة هكذا فى الإسلام، فالذكر يأخذ ضعف الأنثى فى ثلاث حالات فقط: إذا كانت أخته والميراث من الأب أو الأم، فى حالة وراثة الزوج من زوجته، ولو ورث الزوج وزوجته من ابنهما الذى ليس له وارث غيرهما]، إلا أنه بالمقابل تقع جميع الالتزامات وخاصة أعباء مساعدة [الأخت أو الزوجة أوالأم] أعضاء الأسرة الآخرين على عاتق الذكر. والمرأة معفاة من كل ذلك. والقرآن يعطي المرأة حق طلب الطلاق وهو ما لم تحصل عليه المرأة في الغرب إلا بعد ثلاثة عشر قرنا).
أما عن تعدد الزوجات فيقول روجيه جارودى: (في القرآن إقرار بتعدد الزوجات. إلا أن هذا التعدد لم يؤسسه هو، كان موجودًا من قبل (وهو موجود كذلك في التوراة وفي الإنجيل)، وقد فرض عليه، على العكس، حدودًا مثل العدل التام بين مختلف الزوجات في الإنفاق والمحبة والمعاشرة الجنسية، وهي قواعد إذا ما جرى تطبيقها بحرفيتها تجعل تعدد الزوجات مستحيلًا).
ويذكر الغرب أن المعاملة الرقيقة التى تتمتع بها المرأة الغربية من قبل زوجها أو أبيها أو أخيها أو غيرهم ترجع فى أصولها إلى الإسلام، فقال: (يحسن ألا ننسى أن جميع ألوان الرقة في الحب والشفافية فيه... على نحو ما ظهر في الغرب لدى شعراء التروبادور ... وفي قصائد دانتي .. من أصول عربية إسلامية).
أما إمام المستشرقين الإنجليز، وأستاذ اللغة العربية فى جامعة لندن فى عام 1930، وبجامعة أكسفورد منذ سنة 1937 والعضو المؤسس فى المجمع العلمى المصرى، وأحد محررى دائرة المعارف الإسلامية السير هاملتون روكسين فيقول عن حماية الإسلام للمرأة وحفاظه على شعورها: (حين ننتهي من حذف الانحرافات (الفقهية المتأخرة) وشجبها، تعود تعاليم القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم الأصلية إلى الظهور في كل نقائها ورفعتها وعدالتها المتساوية إزاء الرجل والمرأة معا. عندئذ نجد أن هذه التعاليم تعود إلى المبادىء العامة وتحدد الفكرة التي تجب أن يوضع ويطبق القانون بمقتضاها أكثر من أن تعين صيغًا حقوقية حاسمة. وهذه الفكرة، فيما يخص المرأة، لا يمكنها إلا أن تكون نابضة بالود الإنساني وبشعور الاحترام لشخصيتها والرغبة في محو الأضرار التي ألحقها بالمرأة سير المجتمع سيرًا قاسيًا وناقصًا فيما مضى. وبعدما ننتهي من استخلاص هذه الفكرة وهضمها، يمكننا أن نفهم التشريع الخاص بالقرآن فهما صحيحًا. حالما نتوصل إلى ذلك نرى أن الموقف الإسلامي تجاه المرأة، والطريقة الإسلامية في فهم شخصيتها ونظامها الاجتماعى، وطريقة حماية التشريع الإسلامي لها، تفوق كثيرًا ما هي عليه في الديانات الأخرى).
وعن المرأة المسلمة والعدل بينها وبين الرجل تقول الليدى إيفيلين كوبولد إحدى النبيلات الإنجليزيات اللاتى اعتنقن الإسلام: (لما جاء الإسلام رد للمرأة حرياتها، فإذا هي قسيمة الرجل لها من الحق ما له وعليها ما عليه ولا فضل له عليها إلا بما يقوم به من قوة الجلد وبسطة اليد، واتساع الحيلة، فيلي رياستها، فهو لذلك وليها، يحوطها بقوته، ويذود عنها بدمه، وينفق عليها من كسب يده، فأما فيما سوى ذلك فهما في السراء والبأساء على السواء. وذلك ما أجمله الله بقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} سورة البقرة(228).
وهذه الدرجة هي الرعاية والحياطة لا يتجاوزها إلى قهر النفس وجحود الحق، وكما قرن الله سبحانه بينهما في شؤون الحياة، قرن بينهما في حسن التوبة وادخار الأجر وارتقاء الدرجات العليا في الدنيا والآخرة. وإذا احتمل الرجل مشقات الحياة، ومتاعب العمل وتناثرت أوصاله، وتهدم جسمه في سبيل معاشه ومعاش زوجه فليس ذلك بزائد مثقال حبة عن المرأة إذا وفت لبيتها وأخلصت لزوجها وأحسنت القيام في شأن دارها).
ويمتدح المفكر الإنجليزى عبد الله كويليام تحرير الإسلام للعباد من عبادة العباد إلى عبادة وتقديس رب العباد، وتحريره للمرأة وقضائه على الرهبنة التى يزعمونها والفساد اللاأخلاقى الذى يظهر من تحت عباءتها، فيقول: (إن زعماء النصرانية أبدلوا دين المسيح عليه السلام بما كانت ترمي إليه أهواؤهم، وأوجدوا عقائد أخرى من تلقاء ذاتهم، وتظاهروا في مقاومة الشهوات البشرية بالرهبنة والعزوبية، واتخذوهما ستارًا للفسق ولأعمالهم التضليلية، حتى ضل الناس، وأشركوا بالواحد القهار واتخذوا لفيفًا من هؤلاء القديسين والرهبان أربابًا من دون الله، فلما جاء الإسلام استأصل شأفة هذه الخزعبلات، وقضى على جميع الأباطيل، والترهات، وأقيمت الحجة الثابتة على استهجان العزوبية، واعتبار الزواج كدليل للتقوى الحقيقية، وأنه من أوليات القواعد الدينية إذ فيه بيان قدرة الخالق ووحدانيته وجلاله، فالإسلام هو الذي حض على الزواج وأبطل الرهبنة).
ويقول أيضًا: (أما تعدد الزوجات فإن موسى عليه السلام لم يحرمها وداود عليه السلام أتاها وقال بها ولم تحرم في العهد الجديد (أي الإنجيل) .. إلا من عهد غير بعيد. ولقد أوقف محمد صلى الله عليه وسلم الغلو فيها عند حد معلوم. وعلى كل حال فإن مسألة تعدد الزوجات أمر شاذ كثيرًا عن الدستور المعمول به في البلاد الإسلامية المتمدنة .. وهو بكل ما قيل فيه من القول الهراء لا يخلو من الفائدة فقد ساعد على حفظ حياة المرأة وأوجد لها في الشريعة حسن المساعدة. وتعدد الزوجات في البلاد الإسلامية أقل إثما، وأخف ضررًا من الخبائث التي ترتكبها الأمم المسيحية تحت ستار المدنية. فلنخرج الخشبة التي في أعيننا أولا ومن ثم نتقدم لإخراج القذى من أعين غيرنا). هذا لو كان بأعين غيرهم قذى.
وجاء يسوع/يهوه ولم يحرم تعدد الزوجات، ولا أى قانون من قوانين العهد القديم، بل جاء متبعًا تمامًا ما جاء به الأنبياء من قبله: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18.
ويقول أيضًا المفكر الإنجليزى عبد الله كويليام: (جاء في القرآن {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} سورة النساء (3). فيما يتعلق بمسألة تعدد الزوجات التي تنتقدون فيها على المسلمين ظلمًا وعدوانًا. إذ لا شك في أنكم تجهلون عدل النبي صلى الله عليه وسلم بين أزواجه {رضوان الله عليهن} وحبه فيهن حبًا مساويًا مما علَّم المسلمين الانتماء والإنصاف بينهن. على أن القرآن لم يأمر بتعدد الزوجات بل جاء بالحظر مع الوعيد لمن لا يَعْدِل في الآية المتقدمة، ولذلك ترى اليوم جميع المسلمين منهم القليل لا يتزوجون إلا امرأة واحدة خوف الوقوع تحت طائلة ما جاء من الإنذار في القرآن المجيد .... ولا نسلم بالاعتراف .... بحصر الزواج في امرأة واحدة إذعانًا للقانون واتخاذ عدة أزواج أخريات [غير شرعيات] من وراءالجدار).
وعن حقوقهن أمام الله يقول المفكر الإنجليزى عبد الله كويليام: (ورد في القرآن نصوص كثيرة تثبت أن النساء لا يعاقبن في الدار الآخرة فقط على ما أتين من سيء الأعمال، بل كذلك يجازين خير الجزاء على ما يعلنه من طيب أعمالهن بمثل ما يكون للرجال. وعلى ذلك نرى أن الله [سبحانه] لا تمييز عنده في الإسلام بين الأجناس).
ويقول النحَّات والناقد الفنى الإنجليزى، وأستاذ الدراسات الإسلامية والآسيوية روم لاندر: (يوم كانت النسوة يعتبرن، في العالم الغربي، مجرد متاع من الأمتعة، ويوم كان القوم هناك في ريب جدى من أن لهن أرواحًا، كان الشرع الإسلامي قد منحهن حق التملك. وتلقت الأرامل نصيبًا من ميراث أزواجهن، ولكن البنات كان عليهن أن يقنعن بنصف حصة الذكر [وقلنا من قبل أن المرأة تأخذ نصف أخيها أو زوجها لما عليه من تبعات مالية تجاهها وتجاه آخرين أو أخريات من العائلة].. إلا أن علينا أن لا ننسى أن الأبناء الذكور وحدهم كانوا، حتى فترة حديثة نسبيًا، ينالون في الديار الغربية حصة من الإرث).
أما الأستاذ الدكتور الباحث الإنجليزى لايتنر، والحاصل على أكثر من شهادة دكتوراة فى الشريعة والفلسفة واللاهوت، فيقول عن الزواج فى الإسلام: (إن الزواج عند المسلمين يجل عما رماهم به كتاب النصارى. والقول بأنه لا يوجد حد للزواج والطلاق عند المسلمين فغير صحيح، والطلاق عندهم ليس هو بالأمر الهين، فعدا عن وجود المحكمين، فعلى الرجل أن يدفع صداقها المسمى عند إجراء العقد، وهذا غالبا يكون فوق ما يقدر زوجها على إيفائه بسهولة، فمركز المرأة بالإسلام قوي مؤمن من الطلاق. إن النصارى والبوذيين يرون الزواج أمرًا روحيًا ومع ذلك نرى عقدة النكاح محترمة عند المسلمين أكثر مما هي محترمة في البلاد المسيحية ... ويسوءني أن أذكر ما ليس لي مناص من ذكره وهو أنني سكنت بين المسلمين أربعا وخمسين عاما، ابتداءً من سنة 1848 فمع وجود التساهل في أمر الطلاق عندهم وعسره عند النصارى، فقد وقع حوادث طلاق عند النصارى أكثر مما وقع عند المسلمين بكثير. وإني أقول الحق بأن الشفقة والإحسان عند المسلمين نحو عيالهم والغرباء والمسنين والعلماء لمثال مجد يجب على النصارى أن يتقدوا به).
وعن تعدد الزوجات يقول الدكتور لايتنر: (أما تعدد الزوجات، فإنا بقطع النظر عن منافعه الحقيقة، لأنه يقلل النساء الأماكن التي هن فيه أكثر من الرجال، وبقطع النظر عن أنه يقلل وجود المومسات وأضرارهن، ويمنع مواليد الزنا، فلا يمكننا أن ننكر بأن أكثر المسلمين ذو زوجة واحدة. والسبب في ذلك هو تعليم دين الإسلام لقد أتى محمد صلى الله عليه وسلم بين أمة تعد ولادة الأنثى شرًا عظيمًا عليهم، وهكذا كانوا يئدونها، ولم يكن للرجال حد يقفون عنده من جهة الزواج، وكانوا يعدون النساء من جملة المتاع، ويرثونها من بعد موت بعلها. فجعل صلى الله عليه وسلم لهذه الحالة حدًا، فلا يقدر الرجل أن يتزوج بأكثر من أربع نساء بشرط المساواة بينهن في كل شي، حتى فى المحبة والوداد، فإن لم يكن قادرا ًعلى كل ذلك، فلا يباح له أن يتزوج غير واحدة. ومن يتدبر شريعته يرى أنه قد حض على الزواج بامرأة واحدة، ولقد رفع مقام المرأة ورقاها رقيا عظيمًا، فإنها بعد ما كانت تعد كمتاع مملوك صارت مالكة، وحكمها مؤيد وحقوقها محفوظة).
ويقول أيضًا: (أما بخصوص الرهبانية فليس لها وجود في الإسلام، وتكاد لا ترى امرأة غير متزوجة، وقصاص الزنا متساوٍ فيه الرجل والمرأة ... والشريعة الإسلامية لا تسمح بإهانة أولاد المملوكة، وهم يرثون أبناءهم مع أولاد السيدة ... وليس في الإسلام محلات للفاجرات، ولا قانون يبيح انتشار المومسات. ومسامرات المسلمين العمومية خير مما هي في أوروبا. ومسامرات شبان المسلمين في المدراس خير وأطهر من مسامرات شبابنا.. والحق أولى أن يقال: فإن كثيرًا من كلام شبان الإنكليز لو قاله أحد في بلاد المسلمين لنال قائله القصاص الصارم. وللمرأة المسلمة مركز شرعي خير من مركز المرأة الإنكليزية بكثير).
ويتغزَّل أستاذ الفلسفة الدكتور المسيحى نظمى لوقا فى النظم والشرائع التى أتى به الإسلام للمرأة، فيقول: (المرأة في الإسلام إنسان له حقوق الإنسان وكل تكاليفه العقلية والروحية فهي في ذلك صنو الرجل تقع عليها أعباء الأمانة التي تقع عليه، أمانة العقيدة والإيمان وتزكية النفس .. وقد نجد هذا اليوم من بدائة الأمور. ولكنه لم يكن كذلك في العالم القديم، في كثير من الأمم حيث كانت المرأة تباع أحيانا كثيرة كما تباع السلعة .. وكانت في كثير من الأحيان منقوصة الأهلية لا تمارس التصرفات المالية والقانونية إلا عن طريق وليها الشرعي أو بموافقته، بل لم تكن تملك تزويج نفسها على الخصوص، وإنما الأمر في ذلك لوليها يجريه على هواه. وأكثر من هذا، كانت قبائل العرب في الجاهلية تئد البنات كراهة لهن وازدراء لشأنهن، ومن لم يئدهن كان يضيق بهن ضيقًا شديدًا).
ويقول الدكتور نظمى لوقا: (في سور القرآن إشارات إلى المساواة عند الله بين الذكر والأنثى بغير تفريق في التكليف أو الجزاء، وإشارات صريحة لمساواة المرأة والرجل في ثمرات الأعمال والجهود .. وفي بعض الأمم القديمة، والحديثة، كانت المرأة تحرم غالبًا من الميراث، فأبى الإسلام هذا الغبن الفاحش).
ويقول أيضًا: (ليس الإسلام - على حقيقته - عقيدة رجعية تفرق بين الجنسين في القيمة. بل إن المرأة في موازينه تقف مع الرجل على قدم المساواة. لا يفضلها إلا بفضل، ولا يحبس عنها التفضيل إن حصل لها ذلك الفضل بعينه في غير مطل أو مراء، وما من امرأة سوية تستغني عن كنف الرجل بحكم فطرتها الجسدية والنفسية على كل حال. وذلك حسب عقيدة لتكون صالحة لكل طور اجتماعي على تعاقب الأطوار والعصور، على سنة العدل التي لم يجد لها عصرنا اسمًا أوفق من (تكافؤ الفرص)، الذي يلغي كل التفريق، ويسقط كل حجة، ويقضي على كل تميز إلا بامتياز ثابت صحيح).
ويقول أيضًا: (العلاقة الزوجية في الإسلام" ليست مسافدة حيوانية بين ذكر وأنثى، على إطلاق بواعث الرغبة والاشتهاء الغريزي بين جنسي النوع البشري لغير هذا قامت كوابح الآداب وضوابط الشرائع والعقائد: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} سورة الروم (21)، وإني لأرى في قوله (من أنفسكم) لمسة تمس شغاف القلب وتذكر بما في الزواج من قربى تجعل الزوجة قطعة من النفس
ثم أردف ذلك بالسكن، وما أقرب السكن في هذا الباب من سكينة النفس لا من مساكنة الأجساد! بدليل ما أردف بذلك من المودة والرحمة .. وتلك عليا مناعم المعاشرة الإنسانية، بما فيها من غلبة الروح على نزوات الأجساد ودفعات الرغبة العمياء. فالزواج مطلب نفسي وروحي عند الإنسان، وليس مطلبًا شهويًا جسديًا وإن كان له أساس جسدي).
ويقول عن الزواج: (كان لابد من إصلاح ما بين الإنسان ونفسه التي بين جنبيه بعقيدة موفقة بين الدين والدنيا، وقد نهض بهذا الإسلام، وكانت سنته في الزواج كفاء خطته في جوانب الهداية البشرية الفطرية، لتحرير البشر من الذعر والخزي وعقدة الإثم الشوهاء التي كبلته ولم تزل تكبل الكثيرين عن انطلاقة الحياة وسوء الفطرة).
وترى الأمريكية البروتستانتية سالى جان مارش والحاصلة على الماجستير فى العلوم السياسية من واشنطن على القيود التى يدعيها المرء على المرأة: (على فرض وجود بعض القيود على المرأة المسلمة في ظل الإسلام، فإن هذه القيود ليست إلا ضمانات لمصلحة المرأة المسلمة نفسها، ولخير الأسرة، والحفاظ عليها متماسكة قوية، وأخيرًا فهي لخير المجتمع الإسلامي بشكل عام).
وتقول عن الجوانب الأخلاقية فى المجتمع الإسلامى: (لقد لاحظت أن المشكلات (العائلية التي يعانى منها الغرب) لا وجود لها بين الأسرة المسلمة التي تنعم بالسلام والهناء وكذلك الحب فلا الزوج ولا زوجته في ظل الإسلام يعرفان شيئا عن موعد العشاق ومودة الصديقات السائدين هذه الأيام في الأقطار غير الإسلامية. لقد أحببت هذا الجانب من الحياة الإسلامية حبًا كثيرًا، لأنه يمنح الزوج والزوجة والأبناء ما لا بد لهم عنه من حب وإخلاص وسلام يعمر حياتهم. وليس ذلك فحسب بل بفضل هذا الإخلاص في العلاقات الزوجية بين المسلمين، هم واثقون أن أبناءهم حقًا من صلبهم غير دخلاء عليهم. وهذا مفقود في المجتمعات الأخرى).
وبعد دراسة وتحقيق وجدت الباحثة منى عبد الله ماكلوسكى التى تعمل قنصلًا لبلادها ألمانيا فى بنجلاديش: (في ظل الإسلام استعادت المرأة حريتها واكتسبت مكانة مرموقة. فالإسلام يعتبر النساء شقائق مساوين للرجال، وكلاهما يكمل الآخر).
وتقول عن إنجازات الإسلام للمرأة: (لقد دعا الإسلام إلى تعاليم المرأة، وتزويدها بالعلم والثقافة لأنها بمثابة مدرسة لأطفالها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة). كما منح الإسلام المرأة حق التملك وحرية التصرف فيما تملك. وفي الوقت الذي نرى فيه أن المرأة في أوروبا كانت محرومة من جميع هذه الحقوق إلى عهد قريب جدًا، نجد أن الإسلام منح المرأة بالإضافة إلى ما تقدم حق إبرام العقود للزواج. والمهر في نظر الإسلام هو حق شخصي للمرأة. والمرأة في الإسلام تتمتع بحرية الفكر والتعبير).
وتقول: (إن المرأة المسلمة معززة مكرمة في كافة نواحي الحياة، ولكنها اليوم مخدوعة مع الأسف ببريق الحضارة الغربية الزائف. ومع ذلك فسوف تكتشف يومًا ما كم هي مضلَّلة في ذلك، بعد أن تعرف الحقيقة).
وتقول: (إن الإسلام يحضنا على القيام بالعمل المثمر، شريطة أن نلتزم نحن النساء بالحشمة في لباسنا، وأن نستر جمال أجسادنا. وعلينا أن نكون جادينفي حديثنا. وهكذا فالإسلام لا يمنع المرأة من ممارسة أى عمل شريف يناسب طبيعتها. إلا أن أقدس واجب على المرأة هو واجبها الطبيعي في خدمة أسرتها والعناية بأعضائها لأن جزاءها على هذا يعادل أجر المقاتلين في سبيل الله، والمرأة المسلمة مازالت تقوم بهذه الواجبات بكل اعتزاز).
أما الصحفية الإنجليزية روز مارى هاو التى ولدت فى عائلة نصرانية متدينة، ولكنها مع بلوغها مرحلة الوعى بدأت تفقد قناعتها الدينية السابقة، وتطلعت إلى دين يمنحها الجواب المقبول، وفى عام 1977 أعلنت إسلامها، وتعمل حاليًا فى صحيفة (الأراب تايمز) الكويتية، فتقول عن حجاب المرأة المسلمة: (الحجاب شيء أساسي في الدين الإسلامي لأن الدين ممارسة عملية أيضًا، والدين الإسلامي حدد لنا كل شيء: كاللباس والعلاقة بين الرجل والمرأة والحجاب الذى يحافظ على كرامة المرأة ويحميها من نظرات الشهوة، ويحافظ على كرامة المجتمع ويكف الفتنة بين أفراده. لذلك فهو يحمي الجنسين من الانحراف. وأنا أؤمن أن السترة ليست في الحجاب فحسب، بل يجب أن تكون العفة داخلية أيضًا، وأن تتحجب النفس عن كل ما هو سوء).
وترى أيضًا: أن (الإسلام قد كرم المرأة وأعطاها حقوقها كإنسانة، وكامرأة، وعلى عكس ما يظن الناس من أن المرأة الغربية حصلت على حقوقها ... فالمرأة الغربية لا تستطيع مثلًا أن تمارس إنسانيتها الكاملة وحقوقها مثل المرأة المسلمة. فقد أصبح واجبا على المرأة في الغرب أن تعمل خارج بيتها لكسب العيش. أما المرأة المسلمة فلها حق الاختيار، ومن حقها أن يقوم الرجل بكسب القوت لها ولبقية أفراد الأسرة. فحين جعل الله سبحانه وتعالى للرجال القوامة على النساء كان المقصود هنا أن على الرجل أن يعمل ليكسب قوته وقوت عائلته. فالمرأة في الإسلام لها دور أهم وأكبر من مجرد الوظيفة، وهو الإنجاب وتربية الأبناء، ومع ذلك فقد أعطى الإسلام للمرأة الحق في العمل إذا رغبت هي في ذلك، وإذا اقتضت ظروفها ذلك).
وتقول روز مارى عن علاقة الزوجين: (أنا أفهم أن الإسلام يعتبر الزوج أقرب صديق لزوجته، إذ تكن له كل ما في نفسها، لأن الزواج في الإسلام علاقة حميمة مبنية على شريعة الله لا تضاهيها العلاقات العادية الأخرى).
أما الدكتورة زيجريد هونكه المستشرقة الألمانية المعاصرة، وصاحبة (شمس الله تشرق على الغرب) و(الله ليس كذلك) فتقول: (إن احترام العرب لعالم النساء واهتمامهم به ليظهران بوضوح عندما نرى أنهم خَصُّوه بفيض من العطور وبأنواع الزينة، التي وإن لم تكن غير مجهولة قبلهم، إلا أنها فاحت بثروة الشرق العطرية الزكية، وبالأساليب الفائقة في تحضيرها. كذلك فإن العثنون الذي كان يزين الوجوه الحليقة، منذ حملات الصليبيين، على طريقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد أصبح نموذجا يقلده الرجال).
وتقول عن فضل الإسلام على المرأة الأوروبية: (قاوم العرب كل التيارات المعادية للمرأة واستطاعوا القضاء على هذا العداء للمرأة والطبيعة، وجعلوا من منهجهم مثالًا احتذاه الغرب ولا يملك الآن منه فكاكًا، وأصبح الاستمتاع بالجمال جزءًا من حياة الأوروبيين شاءوا أم أبوا).
وتقول عن مكانة المرأة المسلمة: (ظلت المرأة في الإسلام تحتل مكانة أعلى وأرفع مما احتلته في الجاهلية. ألم تكن خديجة رضي الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم الأولى، التي عاش معها أربعة وعشرين عاما، أرملة لها شخصيتها ومالها ومكانتها الرفيعة في مجتمعها؟ لقد كانت نموذجًا لشريفات العرب، أجاز لها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تستزيد من العلم والمعرفة كالرجال تماما؛ وسار الركب وشاهد الناس سيدات يدرسن القانون والشرع ويلقين المحاضرات في المساجد ويفسرن أحكام الدين. فكانت السيدة تنهي دراستها على يد كبار العلماء، ثم تنال منهم تصريحًا لتدريس ما تعلمته هي بنفسها ، فتصبح الأستاذة الشيخة. كما لمعت من بينهن أديبات وشاعرات، والناس لا ترى في ذلك غضاضة أو خروجًا على التقاليد)
وتنتقد ما حدث لها على يد الحكام الذين انتسبوا إلى الإسلام، فتقول: (إن النساء في صدر الإسلام لم يكن مظلومات أو مقيدات، ولكن هل دام هذا طويلًا؟ لقد هبت على قصور العباسيين رياحً جديدة قدمت من الشمال فغيرت الأوضاع، وقدم الحريم من الجاريات الفارسيات واليونانيات .. وكان أن حرمت المرأة العربية من مكانتها الرفيعة في المجتمع وقيدت حرياتها حين سيطرت على المجتمع العادات الفارسية القديمة. والإسلام برىء من كل ما حدث، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر قط بحجب النساء عن المجتمع. لقد أمر المؤمنين من الرجال والنساء على حد سواء، بأن يغضوا الطرف وأن يحافظوا على أعراضهم وأمر النساء بألا يظهرن من أجسادهن إلا ما لا بد من ظهوره، وألا يظهرن محاسن أجسادهن إلا في حضرة أزواجهن).
وتقول عن الزواج فى الإسلام: (الإسلام قدس الزواج وطالب بالعدل بين الزوجين أو الثلاث أو الأربع في المعاملة. {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} سورة النساء (3). أليس هذا نصًا صريحًا يطلب فيه من المؤمنين ألا يتزوجوا بأكثر من واحدة، إلا إذا كان في استطاعتهم تحري العدل بين النساء؟).
ويقول مونتجومرى وات عميد الدراسات العربية فى جامعة أدنبرا سابقًا: (إن الفكرة الرائدة في القرآن، هي أنه إذا تبنى المسلمون تعدد الزوجات، فإن جميع الفتيات اللواتي هن في سن الزواج يمكنهن الزواج بصورة حسنة .. .. تعدد الزوجات يسمح للنساء الكثيرات بالزواج الشريف، كما يضع حدًا لاضطهاد الأرامل اللواتي تحت الوصاية، كما يخفف من إغراء الزواج المؤقت الذي يسمح به مجتمع عربي ذو عوائد أميَّة. ويجب اعتبار هذا الإصلاح، بالنظر لبعض العادات السائدة آنذاك، تقدمًا مهمًا في تنظيم المجتمع).
ويقول: (لقد قام محمد صلى الله عليه وسلم في ميدان الزواج والعلاقات العائلية، بتنظيم عميق واسع للبناء الاجتماعي. وقد وجدت قبله نزعات جديدة فردية، ولكن أثرها كان هدامًا أكثر منه بناء).
ويقول: (كانت التشريعات القرآنية تهدف إلى أن لا يتعدى الوصي على حقوق أي قاصر أو امرأة في الميراث الطبيعي).
وقال واندر: (من خلال معايشتي للمسلمين اكتشفت العلاقة الرائعة بين أفراد الأسرة المسلمة، وتعرفت كيف يعامل الآباء المسلمون أبناءهم، وعرفت العلاقة الوثيقة التي تربط أفراد الأسرة المسلمة، كما أعجبت بالمكانة التي يتمتع بها كبار السن بين المسلمين. وفي الوقت الذي أجد فيه كبار السن في الغرب وفي بلادي أمريكا، قمة الحضارة الغربية المادية المعاصرة، يلقى بهم في مؤسسات العجزة، وينبذون فلا يلتفت إليهم أحد، أجد الجد والجدة المسلمين في مركز الأسرة وبؤرتها من حيث الحفاوة والتكريم. لقد أحببت ذلك كثيرا ...).
فهل تعتقد أن مثل هذه العظمة والسمو، التى تكلم بها الإسلام عن المرأة يحتاج إنسان ما إلى تخبئتها؟ إنها نقطة من أقوى ما جاء به الإسلام، وسبب لفخر أى مسلم يفهم دينه حق الفهم. فمن الذى يتفادى التفاخر بمصدر عزه وأصل من أصول قوته؟! إنه لفخر للمسلم أن يُظهر نقاط القوة هذه للغرب؟ إن الغرب لو عرف فقط هذه الحقائق عن المرأة فى الإسلام لسارع إلى اعتناقه، ولتقاتل مع غيره ليكون له السبق فى الانتماء لهذا الدين، الذى لم يترك جانبًا من جوانب الرفعة والنُبل إلا وأقرها!
اترك تعليق: