التجسد صفة كمال أم صفة نقص
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى أما بعد :-
فإن من شر الأمور وأهلكها أن تعتقد في الله اعتقادا خاطئا ولا تنزهه عما لا يليق بكماله وجلاله فهو الخالق البارئ الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير .
ولذا كانت النصرانية وما زالت على خطر عظيم حين ادعت أن الله تجسد في جسد إنسان ونزل على الأرض من أجل البشر وهنا السؤال المطروح هل حين تقول أن الله يتجسد قد أثبت له صفة كمال أم صفة نقص ؟
تجد النصارى يجمعون على أنه لابد من تجسد الرب في صورة المسيح حتى تتم عملية غفران الخطيئة الأصلية ومن هنا ندرك أنهم ليس لديهم أدنى مشكلة في ذلك الأمر فتجسد الرب ضرورة لا غنى عنها في العقيدة النصرانية .
تجد الكثير من النصارى من العوام وأيضا من علمائهم لا يستغربون أن الله تجسد بل حين تطرح عليهم هذا التساؤل تجد من يرد عليك السؤال بسؤال غريب عجيب ويقول لك أليس الله كلي القدرة ؟ ألا تؤمن أيها المسلم بذلك وتؤمن بأن الله على كل شئ قدير وحينئذ يجيب المسلم نعم أؤمن بذلك فيرد النصراني ليقول وبما أن الله كلي القدرة فإذا أراد أن يتجسد فعل ما يريد أن يفعله .
فتجد الكثير من عوام المسلمين يقفون عند هذا الطرح النصراني ويتوقفون عن التساؤل ويظن النصراني بذلك أنه قد ألجم المسلم وأجابه بنفس تفكيره .
والحقيقة أنني أعجب كثيرا من هذا الطرح الغريب والاستدلال الغريب الذي يستدل به النصارى في إثبات معتقداتهم وتضليل العوام عن الحقيقة .
وللرد على هذه الحجج الواهية والاستدلالات الضعيفة التي يستدل بها النصارى نقول وبالله التوفيق ما يلي :-
أولا :-نؤمن أن الله عزوجل كلي القدرة وأنه على كل شئ قدير ولكن هل التجسد له علاقة بالقدرة من عدمها أم أننا نقول هل يجوز هذا في حق الله أو لا يجوز ؟
ثانيا :- أيها النصراني إذا كنت تؤمن معي بأن الله كلي القدرة وأنه إذا أراد التجسد فعل ما أراد فأرجو منك الإجابة على هذه التساؤلات التي سأطرحها عليك ...
السؤال الأول : هل يمكن لله أن يخلق اله أقوى منه ؟
السؤال الثاني : هل الله عنده القدرة على أن يموت ؟
السؤال الثالث : هل الله قادر على أن يخلق إنسان ولا يعلم عنه شئ ؟
السؤال الرابع : أراد الرب أن ينام ويغفل قليلا هل يمكنه فعل ذلك ؟
بمنطق النصارى غير العاقل ... إذا كانت الإجابة نعم ... فتلك كارثة وطامة ومصيبة كبرى فكل عاقل ولا شك يدرك أن الله خالق غير مخلوق حي لا يموت يعلم كل شئ فلو كانت الإجابة نعم فقد أثبت لله ما لا يليق بجلاله وجعلت منه مخلوقا بدلا من أن يكون خالقا وجعلته ميتا وهو حي لا يموت وجعلته جاهلا وهو العالم بكل شئ وبالتالي فقد أثبت له صفات نقص والعياذ بالله تعالى .
وهذه هي وجهة النظر الإسلامية في مثل هذه التساؤلات حول أن الله كلي القدرة ويفعل ما يريد وهذا جوابا على تساؤلات النصارى والملاحدة أيضا فهم عادة ما يطرحون مثل هذه الأسئلة العقيمة فنقول التالي :-
يوجد نوعان من المستحيلات :-
النوع الأول :- المستحيل الذي ليس له تعلق بقدرة الله عزوجل
مثال على ذلك ..... الله حي ولكنه لا يموت فلا تدخل للقدرة هنا لأنه لو ثبت الموت لله عزوجل لصار هذا نقصا والنقص محال عليه عزوجل
مثال أخر ...... الله أزلي ليس مخلوق فإذا فرضنا أن الإله خلق إلها فيصير الإله الأخر مخلوقا وهذا نقص في ذاته فلا تعلق للقدرة بهذا الأمر
النوع الثاني :-المستحيل الذي له تعلق بقدرة الله عزوجل
مثال على ذلك ....... الله قادر على أن يخلق إنسان وحيوان وأن يجعل السمك في الماء والطير في الهواء ولكن يستحيل على الإنسان أن يفعل ذلك ...... فتعلقت قدرة الله بهذا الأمر
وبالتالي فالتجسد مستحيل فمحال على الله أن يتجسد في صورة أحد مخلوقاته ولا تعلق للقدرة بهذا الأمر .
ثالثا :- يوجد العديد من التساؤلات حول التجسد أرجو من النصراني أن يجيب عنها بكل أمانة .
السؤال الأول :- لقد تجسد الرب في جسد يسوع المسيح حسب ادعائكم وبما أنكم لازلتم تقولون بأنه يمكنه فعل ذلك فهل يمكنه مثلا أن يتجسد في صورة امرأة جميلة والعياذ بالله ؟
السؤال الثاني :- ما الذي يمنع الرب أن يتجسد مثلا في كلب أو قطة أو خروف هل يمكنه فعل ذلك الأمر ؟
السؤال الثالث :- هل يمكن للرب أن يتجسد مرة أخرى في صورة أي شخص لو أراد ذلك الأمر ؟
أيها النصراني ... أليس الله كلي القدرة يمكنه فعل ذلك حسب زعمك الباطل !!!
وختاما نقول :- إن الله على كل شئ قدير يفعل ما يشاء ولكن قدرة تليق بجلاله وعظمته لا يفعل ما لا يليق به ويتنزه عن فعله فهو سبحانه له صفات الكمال وتنزه عن صفات النقص وصدق الله إذ يقول ... {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } نوح13
وبالله التوفيق .
تعليق