الملف 67
وفى الهامش السفلى قالوا: (فى بعض الأصول: الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. لم يرد ذلك فى الأصول اليونانية المعوَّل عليها، والأرجح أنه شرح أدخل إلى المتن فى بعض النسخ.) ألا يثبت هذا التحريف عند العقلاء ولو بحسن نية؟
أما ترجمة الكاثوليك لدار المشرق ببيروت عام 1986 (الكتاب المقدس بعهديه) فقد أثبتتها ضمن النص ولم يعلق عليها فى تعليقه بنهاية الكتاب إلا ما يثبت حقيقة وحى هذا النص، ويؤكد قانونيته.
أما الترجمة الكاثوليكية للأباء اليسوعيين الطبعة السادسة لعام 2000 فقد حذفتها من متن النص ص 779 وآثر ألا يُعلق عليها فى هوامشه حتى لا يفقد المؤمنين به إيمانهم بقدسية هذا الكتاب الذى يتلاعبون به.
وأقول له: إن معنى هذا أنه لا يوجد تطابق بين ما تسمونه أقدم النسخ لديكم، والتى تسمونها أصول الكتاب المقدس!!
وأسأله: ما مصير من آمن بهذا النص أنه موحى به من عند الرب من الأجيال السابقة من القرن السادس عشر حتى عاد ضمير المترجم إلى صوابه فى القرن العشرين أو الواحد والعشرين؟
إنَّ مشكلة هذا النص الوحيدة (كما يقول الأستاذ eeww2000) أنه غير موجود فى الأصول اليونانية، ولم يظهر إلى الوجود إلا فى عصور متأخرة وليس قبل القرن السادس عشر بعد 1500 سنة من ميلاد المسيح عليه السلام الآن نبدأ بملخص القصة قصة هذا النص:
هذا النص وجد فقط فى ثمانية مخطوطات سبعة منها تعود للقرن السادس عشر وهذه هى أرقام المخطوطات 61 و88 و429 و629 و636 و318 و2318 و221.
والمخطوطة الأخيرة رقم 221 هى من القرن العاشر أى بعد ألف سنة، وموجود بها هذا النص على الهامش بخط مختلف ولا يعرف على وجة الدقة تاريخ كتابته.
ومعنى ذلك أنه لا يوجد أى دليل مؤكد على وجود هذا النص فى أى مخطوطة يونانية قبل عام 1500 حتى السبعة مخطوطات السابق ذكرها منهم أربعة كُتِبَ فيها النص على الهامش. وأول مرة ظهرت هذه الكلمات كانت فى مخطوطة لاتينية فى القرن الرابع على الهامش ثم ترجمت إلى اليونانية.
والقصة واضحة: لفت نظر أحد النساخ لفظ ثلاثة الموجود فى العدد الثامن 8 "والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد." فلم يجد مانع من أن يضيف على لسان يوحنا ثلاثة أخرى لتساعده فى إثبات عقيدة التثليث التى لا تجد لها أى نص صريح فى الكتاب المقدس.
ويقول بعض علمائهم إن النص أضيف باللغة اللاتينية أثناء احتدام النقاش مع أريوس الموحد وأتباعه، فكان لا بد من إضافة ما، تقوى مركزهم وتخدع السذج من أتباعهم، ثم وجدت هذه الإضافة طريقا بعد ذلك حتى ظهرت لأول مرة فى الطبعة الثالثة من إنجيل إيرازموس 1522 ميلادية بضغط على إيرازموس هذا الذى لم يضعها فى الطبعة الأولى عام 1516 ولم يضعها فى الطبعة الثانية عام 1519 من كتابه.
وقد سُئِلَ عن سبب عدم وضعه هذا النص فأجاب الإجابة المنطقية الوحيدة: إنه لم يجدها فى أى نص يونانى قديم فتم وضع المخطوطة رقم 61 باليونانى وبها هذا النص. هنا فقط أضافها إيرازموس إلى الكتاب، وبعد ضغط قوى من الكنيسة الكاثوليكية. والسؤال كيف يجادل أحد والنص لم يظهر قبل القرن السادس عشر فى أى مخطوطة من آلاف المخطوطات الموجودة باللغة اليونانية؟؟؟
وقالت دائرة المعارف الكتابية مادة (مخطوطات العهد الجديد) تحت حرف الخاء: ((2) اختلافات مقصودة: وقعت هذه الاختلافات المقصودة نتيجة لمحاولة النسَّاخ تصويب ما حسبوه خطأ، أو لزيادة إيضاح النص أو لتدعيم رأي لاهوتي. ولكن ـ في الحقيقة ـ ليس هناك أي دليل على أن كاتبًا ما قد تعمد إضعاف أو زعزعة عقيدة لاهوتية أو إدخال فكر هرطوقي.
ولعل أبرز تغيير مقصود هو محاولة التوفيق بين الروايات المتناظرة في الأناجيل. وهناك مثالان لذلك: فالصورة المختصرة للصلاة الربانية في إنجيل لوقا (11: 2ـ4) قد أطالها بعض النسَّاخ لتتفق مع الصورة المطولة للصلاة الربانية في إنجيل متى (6: 9ـ13). كما حدث نفس الشيء في حديث الرب يسوع مع الرجل الغني في إنجيل متى ( 19: 16و17) فقد أطالها بعض النسَّاخ لتتفق مع ما يناظرها في إنجيل لوقا ومرقس .
وفي قصة الابن الضال في إنجيل لوقا (15: 11-32) نجد أنه رجع إلى نفسه وقرر أن يقول لأبيه: "... اجعلني كأحد أجراك" (لو 15: 19) فأضاف بعض النسَّاخ هذه العبارة إلى حديث الابن لأبيه في العدد الحادي والعشرين .
وقد حدثت أحيانًا بعض الإضافات لتدعيم فكر لاهوتي، كما حدث في إضافة عبارة "واللذين يشهدون في السماء هم ثلاثة" (1يو5: 7) حيث أن هذه العبارة لا توجد في أي مخطوطة يونانية ترجع إلى ما قبل القرن الخامس عشر، ولعل هذه العبارة جاءت أصلًا في تعليق هامشي في مخطوطة لاتينية، وليس كإضافة مقصودة إلى نص الكتاب المقدس، ثم أدخلها أحد النسَّاخ في صلب النص.)
والغريب أنه لا يزال يصر على أن هذه الإضافات لم تكن من أجل إدخال فكر هرطوقى، وبعد أن صارح القراء، أراد أن يُخقق من وطأة ما ذكره، فادعى أن الكُتَّاب كانوا حريصين على أمانة النقل، وأن هذه الاختلافات تافهة جدًا: (ورغم وجود الاختلافات بين آلاف المخطوطات، إلا أنها اختلافات تافهة جدًا إذا قيست بضخامة ما تحويه المخطوطة من كلمات، فقد كان النسَّاخ يراعون نقل هذه النصوص بعناية فائقة حتى ولو بدا لهم النص عسير الفهم أو غامض المعنى).
وهذه المخطوطات التى ترجع إلى القرن الخامس عشر هى فى الحقيقة المخطوطات التى أنتجتها الكنيسة فى الغرب، حتى يوافق إرازموس على إضافتها للنص فى طبعته الثالثة، لأنه حذفه من الطبعتين الأولى والثانية، لأنه لم يجده فى أقدم مخطوطة لديه.
ويقول الدكتور بارت ايرمان الدكتور في الفلسفة واللاهوت في معهد برينستون اللاهوتي التعليمي وأحد العلماء المتخصصين في تاريخ القرون الأولي وتعلم على يد العلامة بروس ميتزجر وعميد قسم الدراسات الدينية بجامعة نورث كارولينا في تشابيل هيل وبالرغم من دراسته الواسعة فهو الآن ألحد ولا يعود يعترف بالمسيحية دين نهائيًا ولكن حتى بعد إلحاده فشهادته يعد لها أهمية واسعة في مجال المخطوطات والآباء فقد كتب الدكتور بارت ايرمان عن هذا النص الدخيل وذلك فى Misquoting Jesus The Story Behind Who Changed the Bible and Why. p 81 , 82:
(لقد كان هناك على الرغم من ذلك فقرة أساسية من الكتاب المقدس لم تكن موجودة ضمن المخطوطات المصدر التي كانت لدى "إرازموس". وهي تسجيل الأعداد من رسالة يوحنا الأولى إصحاح 5 والأعداد 7-8 والتي يطلق عليها العلماء مسمى الـ فاصلة اليوحنّاويّة. "Johannine Comma" هذه الأعداد موجودة في مخطوطات الفولجاتا اللاتينية ولكنها مفقودة في الغالبية الساحقة من المخطوطات اليونانية. هذه الفقرة كانت هي المفضلة لدى اللاهوتيين المسيحيين لفترة طويلة، حيث إنها الفقرة الوحيدة في الكتاب المقدس بأكمله التي تشير بوضوح إلى عقيدة الثالوث، أي وجود ثلاثة أقانيم بطبيعة إلهية، إلا أن الثلاثة جميعًا يشكلون إلهًا واحدًا فحسب. هذه الفقرة تقرأ في الفولجاتا كالتالي: "لأن اللذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب، الكلمة، والروح، وهذه الثلاثة هي واحد؛ واللذين يشهدون في الأرض ثلاثة، الروح، الماء، والدم، وهؤلاء الثلاثة في الواحد."
وهي فقرة غامضة، لكنها تدعم التعاليم التقليدية الخاصة بالكنيسة والمتعلقة بـ "الإله المثلث الأقانيم الذي هوواحد" على نحوٍ لا لبس فيه.
في غياب هذه الفقرة، لابد أن نستنبط عقيدة الثالوث من عدد من الفقرات المجمَّعَة للدلالة على أن المسيح هو الله، كما هو الحال بالنسبة للروح وللآب وعلى أن هناك، على الرغم من ذلك، إلهًا واحدًا فحسب. هذه الفقرة، على النقيض من الفقرات الأخرى، تصرح بهذه العقيدة بشكل مباشر وموجز. لكنَّ "إرازموس" لم يجدها في مخطوطاته اليونانية والتي ببساطة تُقرأ بدلا من ذلك كالتالي: "هناك ثلاثة يشهدون: الروح، الماء، والدم، وهذه الثلاثة هم واحد."
أين ذهب "الآب، والابن، والروح القدس"؟ لم يرد أيّ ذكرٍ لهم في مخطوطة "إرازموس" الرئيسية، أو في أيٍّ من المخطوطات الأخرى التي رجع إليها، وهكذا، بطبيعة الحال، لم يذكرهم في نسخته اليونانية الأولى.وهذا ما أثار غضب اللاهوتيين في عصره أكثر من أي شئ آخر .فقد اتهموه بالعبث بالنص في محاولة منه للتخلص من عقيدة التثليث والحط من فاعليتها، التي هي عقيدة الطبيعة الإلهية الكاملة للمسيح. أحد المحررين الرئيسيين للكتاب المقدس الكومبلوتي متعدد اللغات واسمه"ستونيكا" قام بنشر تجريحه في سمعة "إيرازموس" وأصر على أن يعيد العدد في الطبعات المستقبلية إلى مكانها الصحيح.
وتمضي القصة، ويوافق "إرازموس"ـ ربما في لحظة ضعف ـ على أن يدرج هذا العدد في الطبعة المستقبلية للعهد الجديد باللغة اليونانية على شرطٍ واحدٍ:أن يقدم خصومه مخطوطة يونانية يحتمل أن يوجد بها هذا العدد(وجودها في مخطوطات لاتينية ليس كافيًا). وهكذا ظهرت إلى الوجود مخطوطة يونانية! في الواقع، ظهرت هذه المخطوطة إلى الوجود بهذه المناسبة. يبدو أن شخصًا ما قام بنسخ نصٍ يونانيٍ يحوي الرسائل وعندما وصل إلى هذه الفقرة موضع البحث، قام بترجمة النص اللاتيني إلى اللغة اليونانية، لتظهر الJohannine Comma في شكلها المألوف ... والمفيد لاهوتيًا. المخطوطة التي قدمت إلى "إرازموس"، بكلمات أخرى، يرجع تاريخها إلى القرن السادس عشر أي أنها كتبت حسب طلب الزبون. وعلى الرغم من تشككه، إلا أن "إرازموس" كان عند كلمته وضمَّن الـ Johannine Comma نصَّ نسختِه وكل طبعاته المتتالية. هذه الطبعات، كما أشرت من قبل، أصبحت الأساس بالنسبة لكل النسخ التي أعيدت طباعتها من العهد الجديد اليوناني مرة بعد أخرى عبر أناس مثل "ستيفانوس"، "بيزا"، و"إلزيفيرز". هذه النسخ قدمت شكلا من النص اعتمد عليه في النهاية مترجموا "نسخة الملك جيمس" من الكتاب المقدس. وكذلك الفقرات المألوفة لدى قراء الكتاب المقدس بترجمته الإنجليزيةـ بدءًا من نسخة الملك جيمس الصادرة 1611 فصاعدًا، حتى النسخ المعاصرة في القرن العشرين ـ التي ضمت الفقرة الخاصة بالمرأة الزانية، والإثني عشر عددًا الأخيرة من مرقس، والفاصلة اليوحناويةJohannine Comma، على الرغم من أن أيًّا من هذه الفقرات ليس لها وجود في المخطوطات اليونانية الأقدم والأعلى شأنًا للعهد الجديد. هذه الفقرات دخلت إلى تيار الوعي لدى المتحدثين بالإنجليزية فقط عبر مصادفة تاريخية وذلك اعتمادًا على مخطوطات تصادف أن كانت في متناول يد "إرازموس" وأخرى صنعت لمساعدته.
هذه النسخ اليونانية المتنوعة التي صدرت في القرنين السادس عشر والسابع عشر كانت شديدة التشابه لكنَّ دور الطباعة تمكنت في النهاية من الزعم أنها النص المقبول عالميًا لدى كل العلماء وقراء العهد الجديد اليوناني ـ وهو ما حدث بالفعل، حينما لم يعد هناك منافسون!)
وأنصح بقراءة موضوع متخصص فى هذه النقطة على الموقع التالى:
http://www.eld3wah.net/html/m03az/scholers-1jn-5-7.htm
فلماذا لم يبحث الكاتب وكنيسته عن الذى قام بإدخال هذا النص إلى داخل هذه المخطوطات؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا النص من أهم النصوص الدالة على عقيدة التثليث لدى المسيحيين. فهل كنت تعلم ذلك أيها الكاتب؟ فإن كنت لا تعلمه فهذا تقصير منك كبير وإهمال فى واجبك وأنت رجل دين. وإن كنت تعلمه فهذا إضلال متعمَّد يُآخذك عليه أتباعك من المسيحيين.
29) رؤيا يوحنا 1: 11 (11قَائِلًا: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ. وَ الَّذِي تَرَاهُ اكْتُبْ فِي كِتَابٍ وَأَرْسِلْ إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا: إِلَى أَفَسُسَ، وَإِلَى سِمِيرْنَا، وَإِلَى بَرْغَامُسَ، وَإِلَى ثَِيَاتِيرَا، وَإِلَى سَارْدِسَ، وَإِلَى فِيلاَدَلْفِيَا، وَإِلَى لاَوُدِكِيَّةَ».)
وقد أثبتت قداستها ترجمة فاندايك.
وحذفتها الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) من كتاب الله لأن الله لم يوحى بها وكذلك فعلت الترجمة اليسوعية والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) والترجمة المشتركة، وترجمة كتاب الحياة.
30) تيموثاوس الأولى 3: 16 (16وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ)
وقد كتبتها هكذا ترجمة فاندايك، وترجمة كتاب الحياة لتمرر عقيدة حلول الإله فى الجسد.
وتخلصت من هذه المشكلة الترجمة اليسوعية، وقالت: ”قد أُظهِرَ فى الجَسَد“. وقالتها الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) هكذا: ”قد أُظهِرَ بَشرًا“. والكلمة بهذا الشكل تُشير بالطبع إلى التقوى التى ظهرت فى الجسد وليس الله. وتؤكد هذا الترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) وكذلك الترجمة العربية المشتركة فقد قالت: ”ولا خلاف أن سر التقوى عظيم: "الذى ظهر فى الجسد"“.
ومن التراجم الأوربية من يؤكد أنها تعنى (الذى)، ومنهم من يقول إنها تعنى (الله). ومن هذه التراجم ترجمة لوثر، التى أبدلت كلمة إله أو الله، كما يحلو للتراجم العربية أن تترجمها، بكلمة (المسيح) أو بكلمة (يسوع) أو بكلمة (هو) أو بكلمة (هو الذى):
16Und kündlich groك ist das gottselige Geheimnis: Gott ist offenbart im Fleisch, (1545)
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=germa...
16 Und groك ist, wie jedermann bekennen muك, das Geheimnis des Glaubens: Er ist * offenbart im Fleisch (1912)
http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1T...nomd&bi=luther
Und kündlich groك ist das gottselige Geheimnis: Gott ist offenbart im Fleisch, gerechtfertigt im Geist, (1914)
http://unbound.biola.edu/results/ind...german%5Fluthe...
16Und groك ist, wie jedermann bekennen muك, das Geheimnis des Glaubens: Er ist boffenbart im Fleisch (1984)
http://www.bibel-online.net/buch/54....eus/3.html#3,1
وقالتها ترجمة Worldwide بطريقة تبدو فيها أنها تستجهل القارىء إلى أبعد مدى، فقد قالتها (نحن رأينا الله كإنسان):
16God's plan is very great as we all know. Here it is: we saw God as a man;
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
وقالتها طبعة RSV (هو):
16 Great indeed, we confess, is the mystery of our religion: He was manifested in the flesh,
http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1T...mo&nomd&bi=rsv
وذكرت ترجمة NLV ما يُشير إلى عقيدتها بغض النظر عما يقوله النص، فقد قالت (من المهم أن تعلم أن سر حياة المتألِّه الذى هو المسيح أتى على الأرض كرجل):
16It is important to know the secret of Godlike living, which is: Christ came to earth as a Man.
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
وذكرتها ترجمة NLT صراحة دون مواربة، ولكنها ذكرت الترجمة الحقيقية فى هامشها السفلى، وصرحت أنها فى اليونانية (الذى) وبعض المخطوطات (الله)!! فقالت: (بدون تساؤل: هذا هو السر العظيم للإيمان: المسيح ظهر فى اللحم):
16Without question, this is the great mystery of our faith: Christ[e] appeared in the flesh
1 Timothy 3:16 Greek Who; some manuscripts read God.
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
وبمثل هذا قالت أيضًا ترجمة الملك جيمس الحديثة والقديمة، مع إبدال كلمة (المسيح) بكلمة (الله):
16 And without controversy great is the mystery of godliness: God[c] was manifested in the flesh,
1 Timothy 3:16 NU-Text reads Who.
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
ثم اقرأ التحريف المقدس: لقد قلبت طبعة NIRV كلمة (الذى) إلى (يسوع):
16There is no doubt that godliness is a great mystery. Jesus appeared in a body.
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
وقالتها ترجمة ESV (هو)، وعلقت فى هامشها أن النص اليونانى هو (الذى) لكن بعض المخطوطات تذكرها (الله)، والبعض (التى): أى لا يوجد (المسيح).
16Great indeed, we confess, is the mystery of godliness: He[e] was manifested in the flesh,
1 Timothy 3:16 Greek Who; some manuscripts God; others Which
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
ولا توجد طبعة كتبتها (الذى) غير ثلاث ترجمات إنجليزية وأضافت قبل الذى كلمة (هو)، مثل Basic eng. و ASV
16 And without argument, great is the secret of religion: He who was seen in the flesh,
http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1T...mo&nomd&bi=bbe
فماذا يعنى هذا؟ هل هؤلاء قدسوا هذا الكتاب أو مخطوطاته أو حتى ترجماته؟ هل هؤلاء أناس أمناء يثق المسيحى على عقيدته معهم؟ هل تُرجم بذلك الكتاب الذى تقدسه ترجمة صحيحة؟
ولم يتوقف هذا التحريف على العهد الجديد فقط، بل العهد القديم ملىء أيضًا بمثل هذا التحريف، وخاصة فيما يتعلق بالإشارة إلى الرسول . فحتى دون أن نتجادل حول ماهية هذه الكلمة أو تلك، تجدك تشك فى نوايا الكنيسة بشأن نص معين. لأن ترجمته غير مطابقة بالمرة، ولكنها قالتها هكذا ليُصبح عيسى ابن مريم النبى المصطفى لآخر الزمان. ونسوا أن هذا النبى مُرسل من عند الله، فجعلوا عيسى يجمع فى طيَّاته الثلاثة: فأصبح عندهم هو الله الراسل، وهو الرسول المرسل، وهو الروح القدس.
ولمن أراد الإستزادة فى اختلافات العهد القديم فعليه بالرجوع إلى كتابى (البهريز فى الكلام اللى يغيظ).
وأحد هذه النصوص التى يتلاعبون فيها، وخاصة إذا كانت تُشير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو نص إشعياء 9: 6 (6لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرًا أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ.)
فقد أثبتت ترجمة فاندايك أنها هكذا أوحى بها من عند الله، وهكذا ذكرتها طبعة كتاب الحياة، والترجمة اليسوعية، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، وكذلك الترجمة المشتركة. أى اتفقت كل التراجم العربية على أن المولود هو إلهًا قديرًا.
على الرغم من أن لفظة إله أُطلقت مجازًا على الأنبياء (هوشع 12: 3-4) و(صموئيل الأول 9: 9) أو القاضى الشرعى (الخروج 21: 5-6)، أو القوى (التكوين 6: 1-2)، كما أُطلقت على الشيطان (كورنثوس الثانية 4: 4). ومن هنا نفهم أن كلمة إله هنا تعنى الذى له الحُكم والقضاء والسلطان على الناس. فإذا انصرف المعنى إلى القاضى الشرعى أو النبى كان هذا السلطان والحكم حكم الله، وإذا انصرف إلى غضب الله أو الكفر كان هذا سلطان الشيطان. والنص الذى نحن بصدده يُقصد به بالطبع النبى الذى سيكون خاتم النبوة على كتفه. لكننا لسنا بصدد التفسير والتحليل، ولكننا بصدد إثبات التحريف فى الترجمة.
وتُرجمَ النص فى التراجم الأجنبية (إلهًا)، إلا أن علماء اللغة فى شرحهم لهذا النص مثل كلارك قال إنه رسول: “the Messenger of the Great Counsel.” وسار على نفس هذا الدرب غيره أيضًا، فهى عند علماء اللغة إشارة إلى المسِّيِّا.
فيقول Barnes أنها تُشير إلى المسِّيِّا (نبى آخر الزمان)، الذى طال انتظار مولده ومجيئه.:
The vision of the prophet is, that the long-expected Messiah is born.
ويقول Barnes أيضًا إن كلمة إله هنا لا يُراد بها الله، ولكنها تُشير إلى واحد مُعيَّن من وسط آخرين، وتستمر شريعته للأبد، على الرغم من أن هذه الكلمة قد تُشير أيضًا إلى الإله الحقيقى، كما استعملها إشعياء 10: 21. وتُشير أيضًا إلى البطل أو الفاتح أو الملك أو الشخص العظيم الهيبة. وعلى ذلك فربما تُشير إلى بطل أو عظيم يستمد سلطته وقوته من الله. أما فيما يتعلق بترجمتها كإله، فهذا يتعلق بعادات الشرقيين، الذين ينسبون كل المنح والعطايا الإلهية إلى الملوك أو العظماء. ويرى أيضًا أن المسِّيِّا يُطلق عليه القوة الإلهية، أو البطل الإلهى. وهذا لكى يُذكِّر هذا الاسم الناس بسلطان الله وقوته.
ونسى قوله إن هذه الترجمة تأثرت بعادات الشرقيين الوثنيين الذين ينسبون كل المنح والعطايا الإلهية للملوك!! ألا يدل هذا على تحريف الكتاب وعقيدته بما يتناسب مع الهيئة التى تُقدَّم لها هذه التراجم؟
وبعد كل ما كان من صفات يسوع من ضعف وذل ومهانة وهوان يرى Barnes أن هذا الاسم ينطبق على يسوع العهد الجديد. فعجبًا له ولعلمه!!
ويقول Darby إنها تُشير إلى تدخل الله بقوة لتأسيس المباركة الكاملة فى شخص المسِّيِّا. أى إنها تُشير إلى المسِّيِّا وليس إلى الله:
Consequently we have the whole sequel of the people's history, of the directions given to the remnant, and of God's intervention in power for the establishment of full blessing in the Person of the Messiah.
وقال Wesley و Gill :
all which is owing to the child here said to be born, by whom we are to understand the Messiah.
أما الكلمة المستخدمة هنا بمعنى إله، وهى تحت رقم H410 فى قاموس Strong's Hebrew and Greek Dictionary فهى تعنى أيضًا الشخص العظيم، الخيِّر، المثالى. ومن هنا كان تمسكنا بفهم هذا الجزء على أنه يُشير إلى صفات المسِّيِّا. لأنه لا يُعقل أن يولد الإله العظيم القدُّوس من فرج امرأة جاهلًا، يتبوَّل ويتبرز على نفسه وفى ملابسه، ويحتاج لأحد من خلقه ليُطهِّره، فإن لم يجد يظل نجسًا حتى يتوفر له ذلك. الأمر الذى يتنافى مع القداسة الكلية له.
Shortened from H352; strength; as adjective mighty; especially the Almighty (but used also of any deity): - God (god), X goodly, X great, idol, might (-y one), power, strong.
وأكتفى بهذا، فهو يفى بالغرض!
وحقًا يقول المدخل إلى العهد الجديد لطبعة الآباء اليسوعيين ص12؟: “ليس فى هذه المخطوطات كتاب واحد بخط المؤلف نفسه، بل هى كلها نسخ أو نسخ النسخ للكتب التى خطتها يد المؤلف نفسه أو أملاها إملاءً. .. .. .. إن نسخ العهد الجديد التى وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية، ولكن عددها كثير جدًا على كل حال. هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو والألفاظ أو ترتيب الكلام، ولكن هناك فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها. .. .. .. فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نسَّاخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التى تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت، مهما بُذِلَ من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذى أُخذت عنه. يُضاف إلى ذلك أن بعض النسَّاخ حاولوا أحيانًا، عن حُسن نية، أن يصوِّبوا ما جاء فى مثالهم وبدا لهم أنه يحتوى أخطاء واضحة أو قلّة دقة فى التعبير اللاهوتى. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطًا. ثم يمكن أن يُضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد فى أثناء إقامة شعائر العبادة أدّى أحيانًا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ. ومن الواضح أن ما أدخله النسَّاخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذى وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلًا بمختلف ألوان التبديل ظهرت فى عدد كبير من القراءات. والمثال الأعلى الذى يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يُمحِّص هذه الوثائق لكى يقيم نصًَّا يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول، ولا يُرجى فى حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه”.
فهل كتاب يقول عنه علماء فحص نصوصه هذا، ويحذفون منه تارة، ويُضيفون عليه تارة أخرى يستحق أن يطلق عليه كتاب الله؟ وإلام تدعو أيها الكاتب المسلمين؟ هل إلى النصوص التى حذفت أم إلى النصوص التى يُنتظر أن تُحذف هى الأخرى، أم إلى النصوص التى أُضيفت؟
وما رأى الكاتب وكنيسته؟ هل صدق علماء نصوص الكتاب المقدس فى اعترافهم الآتى فى المدخل إلى العهد القديم لطبعة الآباء اليسوعيين ص53 بهذه الإضافات والتحريفات؟: “وقد يُدخل الناسخ فى النص الذى ينقله، لكن فى مكان خاطىء، تعليقًا هامشيًا يحتوى على قراءات مختلفة أو على شرح ما. والجدير بالذكر أن بعض النسَّاخ الأتقياء أقدموا، بإدخال تصحيحات لاهوتية، على تحسين بعض التعابير التى كانت تبدو لهم معرَّضة لتفسير عقائدى خطير. .. .. لم يتردّد بعض النُقَّاد فى "تصحيح" النص المسُّورى، كلما لم يعجبهم، لاعتبار أدبى أو لاعتبار لاهوتى”.
وما رأى الكاتب فى اعتراف (يوسابيوس 9: 5 ص408) بالتحريف بموافقة الإمبراطور وفرضه على الشعب قسرًا؟: “وإذ زوروا سفرًا عن أعمال بيلاطس ومخلصنا، مليئًا بكل أنواع التجديف على المسيح، أرسلوه بموافقة الإمبراطور، إلى كل أرجاء الإمبراطورية الخاضعة له، مع أوامر كتابية تأمر بأنه يجب تعليقه علنًا أمام أنظار الجميع فى كل مكان، فى الريف والمدن، وأن المدرسين يجب أن يعلموه لتلاميذهم، بدلًا من دروسهم العادية، وأنه يجب دراسته وحفظه عن ظهر قلب”.
وبالتالى فقد أثبتنا عدم اتفاق المخطوطات، فلم تتفق مخطوطتان، ولا يعرف من كاتبها، ولا يعرف الأصل الذى نسخت منه، كما أثبتنا عدم اتفاق الترجمات، وعدم اتفاق النسَّاخ، وسوء دين وخلق وأمانة القائمين على هذه النصوص، وأنهم لا يخافون الله فى أن يضيفوا أو يحذفوا عقيدة من العقائد التى يتبنوها، وأن التحريف تم لتدعيم هذه العقائد. وبالتالى فلا مجال للتفاخر بعدد هذه المخطوطات ولا الترجمات، ولا التاريخ الذى ترجع إليه هذه المخطوطات.
كما أثبتنا صحة نقل القرآن الكريم، وأن جمعه تم فى حياة النبى وتحت إشرافه، وما قام به الخلفاء فهو إعادة نسخ هذه الأصول.
كما أثبتنا تعهُّد الله تعالى بحفظ القرآن، وهو الواقع، كما أثبتنا عدم تعهد الله بحفظ كتب اليهود والنصارى، وإنما أوكل الله حفظهما لليهود، الذين لم يكونوا أمناء، فخانوا وغدروا وحرفوا.
* * * * *
هل يخالف كتاب الله كلام البشر؟
يواصل الكاتب نقده فيقول تحت عنوان (هل يناقض الله نفسه ؟)
كثير من قصص الكتاب المقدس التى إقتبسها القرآن نجد أنها تتناقض مع نصوص الكتاب المقدس. وإليك بعض الأمثلة:
وأقول له:
إن القرآن والإنجيل المنزلين من الله تعالى والقرآن قد خرجوا من مشكاة واحدة، وعلى ذلك لابد أن تكون القصص واحدة، بكل تفاصيلها. ولكننا نرى أن تفاصيل القصص القرآنية تختلف عن تفاصيل القصص فى العهد القديم. ويمكنك أن تقول إن القرآن اقتبس من العهد القديم، إذا نقل منه كل تفاصيل القصة من حيث الزمان والمكان وتتابع الأحداث، وتفاصيلها.
والواقع القرآنى يؤكد أنه اختلف مع العهد القديم فى عرض الوقائع، وأضاف جديدًا لم يعرفه راوى القصة فى العهد القديم، بل وصحح أخطاء عقائدية، وقع فيها كاتب القصة فى كتابك عزيزى الكاتب، كما صحح معطيات تاريخية وجغرافية. وبالتالى فقد تفرَّد بذكر تفاصيل لا يعرف عنها العهد القديم شيئًا. وتجنب ذكر أكاذيب تنال من الأنبياء، وتنشر الرذيلة بين قراء هذه القصص، وتهدم الأخلاق فى المجتمع.
وفى الحقيقة لا يهمنا الأمثلة التى ستضربها، فبعد أن ضربت لك بعض الأمثلة على أن الكتاب الذى بين يديك ليس كتاب الله، ولكنه كتاب المؤسسة الكنسية، وأثبتنا لك تحريفه، وأثبتنا لك أن الأصل الذى يعوَّل عليه هو كتاب الله الذى حفظه بنفسه، فالأصل إذًا هو القرآن، وما خالفه فهو باطل، لا يجب أن يُنسب لله. وعلى ذلك عليك أن تغير عنوان هذه الفقرة إلى: هل يخالف كتاب الله كلام البشر؟ والإجابة نعم. لأن الله هو العليم، قدوس، وبنى آدم خطَّاء.
إلا أنه مع ذلك سأؤكد لك إنه لا ينبغى أخذ كتاب العهد القديم ككتاب يهيمن على الحدث التاريخى أو الجغرافى مرة أخرى بأمثلة إضافية. فإن ثبت هذا فنحن فى غنى عن البحث فيما تقوله وفيما تدعيه من وجوب هيمنة القصة فى كتابك المقدس جدًا على القصة القرآنية:
تهافت التاريخ التوراتى:
يقول العلمانى الدكتور بشار خليف فى مقاله (التوراة .. انتحالات وتزييف) على شبكة النت والمأخوذ من كتابه (العبرانيون في المشرق العربي القديم): «فقد أجمعت الدراسات الأنثروبولوجية والأثنولوجية على استحالة رد شعب من الشعوب إلى جد واحد.. ونحن نعتقد أن أخذ كتّاب التوراة بمفهوم العنصر كان طبيعيًا كون أنهم بقوا على خصائصهم الرعوية القبلية بما يحتم البحث عن جدّ تؤدى له فروض القداسة.
وعليه فلا عجب مثلًا أن نجد في التوراة – سفر التكوين، أن العيلاميين واللوديين اُعتبروا ساميين وما هم بذلك. وأن الكنعانيين عُدّوا من الكاشيين، وأن الحثيين من ذرية كنعان أما العموريون فهم حاميون !.»
«والغريب أن كتّاب التوراة لم يعوا حقيقة التسلسل الزمني والتاريخي. فإن كان ابراهيم التوراتي الذين يتحدرون منه هو "آراميًا تائهًا" كما ورد في سفر التكوين فإن الحقيقة العلمية تقول أن في هذا الزمن لم يكن ثمة تواجد للآراميين في المشرق العربي بما يعطي دليلًا أكيدًا على أن كتابة التوراة حصلت في الألف الأول قبل الميلاد.»
«أيضًا ذكر سفر التكوين أن ابراهيم التوراتي كان في مدينة أور الرافدية لكن الحقائق الأثرية والتاريخية تؤكد أن أور دمرت على يد العيلاميين سنة /2008 / ق. م. ولم تقم لها قائمة بعد ذلك.»
«كما تم وصف مدينة أور بأنها كلدانية والمعلوم أن الكلدانيين يعودون إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد أي زمن تدوين التوراة.»
«كذلك فإن المشرق العربي مع مطالع الألف الثاني قبل الميلاد / الزمن المفترض لابراهيم التوراتي / كان يعجّ بالمدن والفاعلية الحضارية ولعل وثائق هذه الفترة تتعدى نصف مليون وثيقة مسمارية من كافة مواقع المشرق بحيث أنها لم تشر إلى وجود ابراهيم التوراتي ومغامراته وقصة عبوره إلى فلسطين.
وعلى هذا بتنا نفهم مقولة الباحث" إيسفيليت": "أن التوراة لم تكن تاريخًا تحول إلى خيال بل خيالًا تحول إلى تاريخ" (محمد وحيد خياطة – محاضرة – اللاسامية – العداء الأبدي لليهود)
أما ماير فيقول: "إن كامل سفر التكوين برواياته عن الآباء والأسلاف / ابراهيم – اسحاق – يعقوب / لبني إسرائيل لا علاقة له بالتاريخ ويجب تصنيفه في زمرة الخيال الأدبي" (المرجع السابق)
وينضم ماك كارتر إلى نقطة متقدمة في الإيضاح في نقده لقصة اختلاق ابراهيم التوراتي والآباء التوراتيين حيث يقول: "علينا أن نكون حذرين في دراستنا لروايات الآباء التوراتيين، فهذه الروايات إيديولوجيا وليست تاريخًا. لقد صيغت في الألف الأول قبل الميلاد / أثناء السبي / من أجل التأسيس اللاهوتي والسياسي للشعب الإسرائيلي. لهذا لا يمكن التعامل معها كتاريخ بأي معنى من المعاني الحديثة لهذه الكلمة" (المرجع السابق)
ويذكر الهولندي "هوفت جزر" في كتابه "الوعود الإلهية للآباء الثلاثة":
"إن كل الوعود التي جاءت على لسان ابراهيم واسحاق ويعقوب بالأرض، تعود إلى وقت واحد في عصر متأخر جدًا من زمن الآباء / المفترض/. وكانت هذه الوعود تظهر من قبل أحبار اليهود أثناء الأزمات والأخطار التي كانت تهدد وجودهم. ومعظم هذه الروايات كتبت أثناء السبي البابلي" (المرجع السابق).»
ويواصل الدكتور بشار خليف قائلًا: «ومن المغالطات الكبرى في سفر التكوين هو ذكر كُتَّاب التوراة أن الجَمَل كان موجودًا لدى ابراهيم واسحاق ويعقوب في الزمن المفترض لهم /1900ق.م، ولكن من المعروف أن ظهور الجمل واستخدامه لم يحصل إلا في القرن الثاني عشر قبل الميلاد أي بعد حوالي 700 سنة.»
وأضيف على كلام الدكتور بشار خليف قائلا: إن لهذا ليثبت بالدليل القاطع أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب كانوا يسكنون مكة والجزيرة العربية مكان انتشار الجمل وركوبه، حيث يوجد أيضًا بئر زمزم، الذى يسميه الكتاب (بئر الله الحى).
«ويشير "كاسيدوفسكي" إلى أن الأمانة التاريخية كانت غريبة على كتّاب التوراة، حيث استخدموا الأساطير التي تتوارثها الأجيال / المشرقية / شفهيًا كي يثبتوا أن يهوه هو الذي يتحكم بمصير شعبه المختار منذ أيام ابراهيم. ولكن لحسن الحظ / والقول لكاسيدوفسكي / عند العلماء والباحثين أن الكهنة لم يستطيعوا أن يكونوا منطقيين في عملهم التحويري والتحريضي هذا، فقد تركوا في النصوص التوراتية الكثير من التفصيلات التي أعطتها صلة وثيقة مع ثقافة الرافدين.
ويصل للقول: لقد كانت ثقافات السومريين والأكاديين والآشوريين والبابليين هي الأصول القديمة لتلك التفصيلات (زينون كاسيدوفسكي – مرجع سابق).»
ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «قالت الباحثة ”مارغريت ستينر“: إن بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد، ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت أيضًا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).» ومعنى ذلك تكذيب ما يسمونها التوراة فيما روته عن روايات الكهنة والقصاصين.
وأضاف قائلاً: «أما عالم الآثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن إسرائيل القديمة توصل علماء الآثار إلى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك أي شئ على الإطلاق، حكايات الآباء مجرد أساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)»
ويقول توماس طومسون أستاذ علم الآثار فى جامعة ماركويت فى ميلووكى بالولايات المتحدة الأمريكية في كتابه "الماضي الخرافي – التوراة والتاريخ": "لقد بات واضحاً الآن أن الثقة السابقة في وجهة النظر القائلة بأن كتاب التوراة هو وثيقة تاريخية هي في طور الانهيار. فقد تم التعبير عن الشك الواسع الانتشار ليس فقط حول تاريخية آباء سفر التكوين بل تاريخية القصص حول موسى ويشوع والقضاة أيضاً".» (توماس طومسون – الماضي الخرافي)
«ويشير الباحث "سارنا" sarna في معرض نفيه لأسطورة الخروج من مصر:
"إن خلاصة البحث الأكاديمي حول مسألة تاريخية قصة الخروج، تشير إلى أن الرواية التوراتية تقف وحيدة دون سند من شاهد خارجي، كما أنها مليئة بالتعقيدات الداخلية التي يصعب حلها. كل هذا لا يساعدنا على وضع أحداث هذه القصة ضمن إطار تاريخي. يضاف إلى ذلك أن النص التوراتي يحتم محددات داخلية ذاتية ناشئة عن مقاصد وأهداف المؤلفين التوراتيين، فهؤلاء لم يكونوا يكتبون تاريخاً وإنما يعملون على إيراد تفسيرات لاهوتية لأحداث تاريخية منتقاة. وقد تمت صياغة هذه الروايات بما يتلاءم مع هذه المقاصد والأهداف. ومن هنا فإننا يجب أن نقرأها ونستخدمها تبعاً لذلك.»
ويصل فى نهاية الأبحاث والحفريات الأثارية إلى هذه النتيجة: «وفي النتيجة يمكن النظر إلى أن ما كتبه الأحبار في سفر الخروج لا يعدو كونه حكايا وخبرات اختزنوها أثناء تجوال العبرانيين بين شمال الجزيرة العربية وسيناء وأطراف كنعان بحيث أسدلوا عليها رداءاً إلهياً وأسقطوها على شخصية مفترضة هي موسى الذي جعلوه نبياً كتب الأسفار الخمسة الأولى من التوراة.»
«والغريب أن يرد في سفر التثنية/ الإصحاح الرابع والثلاثين – السطر العاشر / أنه "لم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى". ولكن الحقائق العلمية تؤكد أن كلمة "نبي" لم تدخل قاموس اللغة اليهودية القديمة إلا في زمن متأخر جداً عن عهد موسى المفترض في التوراة!.»
وخلص الدكتور بشار خليف إلى قوله: و«الجدير ذكره هنا هو أن التقليد الديني في أوروبا أكد طوال قرون طويلة أن موسى هو مؤلف الكتب الخمسة الأولى من التوراة، ولكن عندما تجرأ الفيلسوف اليهودي سبينوزا (1632-1677)م وأعلن عن شكّه في صحة ذلك التقليد تم طرده من الكنيسة / أمستردام / وأعلنته هرطقياً. وقد سبق سبينوزا إلى هذا الكثير من الفلاسفة والعلماء أمثال: فيلون ويوسف فلافي وابن عزرا وأوريل وداكوست وغيرهم.»
«وينفي بدوره وليم ديفر روايات الآباء والخروج ويشوع حيث يقول:
"إننا لا نستطيع اليوم أن نبحث عن التاريخ في روايات الآباء والخروج ويشوع. وبصورة خاصة فإن إثبات الفتح العسكري لأرض كنعان/ كما ورد في سفر يشوع / قد غدا مجهولاً لا طائل منه بعد أن جاءت كل الشواهد الأثرية مناقضة له".( BIBLICAL ARCHAEOLOGY REVIEW 1997-(7-8)»
يواصل الدكتور بشار خليف قائلاً: «الجدير ذكره هنا هو أن سفر يشوع يتحدث عن اقتحام عسكري لبلاد كنعان من قبل العبرانيين، في حين أن سفر القضاة يتحدث عن دخول سلمي لهم إلى كنعان.»
ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «وبعد سنين من المسح والدراسة توصلوا لنتيجة مفادها ان المسح لا يشير الى احتمالية قيام مدن (او حتى بلدات) في منطقة اورشليم قبل عصر الحديد الثاني (اي قبل 1000 ق.م)، الأمر الذي دفع فنكلشتاين، وهو مدير كلية الآثار في تل ابيب، في نهاية المطاف للقول: (أبحاثنا صفعت بشدة مشايخ الصهيونية الذين انشأوا إسرائيل والذين يريدوننا كما (ايغال يادين) ان نحمل لهم ما يؤكد النص لا العكس).»
وتوصلت ستينر إلى أن «بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد، ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت ايضا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).
أما عالم الاثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن اسرائيل القديمة توصل علماء الاثار الى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك اي شئ على الاطلاق، حكايات الاباء مجرد اساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)». مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك دراسة تعتمد أن مصر التى كان بها بنو إسرائيل هى قرية أو بلدة فى اليمن، وقت أن كانت واقعة تحت السيادة المصرية وحكم فرعون. (الراية القطرية 14/1/2006)
ويقول باحث التاريخ الدكتور ياسين سويد فى مقاله (تزوير التوراة): «ويرى سبينوزا أن المعلومات التاريخية عن الكتاب المقدس، "ناقصة، بل وكاذبة"، وان الأسس التي تقوم عليها معرفة هذا الكتاب "غير كافية، ليس فقط من حيث الكم" بحيث لم نستطيع ان نقيمها بشكل صحيح، "بل إنها، أيضًا، معيبة من حيث الكيف"، ولكن الناس المتشبثين بآرائهم الدينية يرفضون "أن يصحح أحد آراءهم" هذه، بل إنهم "يدافعون بعناد" عن هذه الآراء، مهما كانت مغلوطة ومشوشة، كما يدافعون عن "الاحكام المسبقة… التي يتمسكون بها باسم الدين". وهكذا لم يعد العقل مقبولا "إلا عند عدد قليل نسبيًا"»
«واستنادا إلى هذه النظريات، يثير سبينوزا تساؤلات مهمة حول اسفار العهد القديم عموما، واسفار التوراة خصوصا، ثم يقرر ما يلي، معتمدا في تقريره على (ابن عزرا): "ان موسى ليس هو مؤلف الاسفار الخمسة (التوراة) بل ان مؤلفها شخص اخر عاش بعد بزمن طويل، وأن موسى كتب سفرا مختلفا»
ونقلا بتصرف بسيط عن الدكتور ياسين فى مقاله سابق الذكر: واستند اسبينوزا فى بحثه هذا إلى البراهين التالية:
1- ”لم يكتب موسى مقدمة التثنية لأنه لم يعبر الاردن.“
2- ”كان سفر موسى في حجمه، أقل بكثير من الأسفار الخمسة“ (فقد كتب السفر كله على حافة مذبح واحد، كما سبق لى أن بيَّنت ، ووفقا لما جاء في التثنية 27: 3 ويشوع 8: 32)
3- يحكى سفر التثنية بصيغة الغائب عن موسى ففيه على سبيل المثال: قال موسى لله، وذهب موسى، وكلم الرب موسى، ودعا الرب موسى، وغضب موسى على ضباط الجيش وكتب موسى هذه التوراة .. إلخ: (9وَكَتَبَ مُوسَى هَذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلمَهَا لِلكَهَنَةِ بَنِي لاوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيل.) تثنية 31: 9، بالاضافة إلى ان سفر التثنية قد روى قصة وفاة موسى ودفنه، وهي قصة لا بد من أن تكون خارجة عن نطاق أعمال موسى .
4- عندما يتحدث الراوى، في سفر التكوين (الاصحاح 12) عن رحلة ابراهيم فى أرض كنعان، يقول: «والكنعانيون حينئذ في الارض» مما يدل على أنهم، أي الكنعانيين، لم يكونوا في هذه الارض عندما كتب هذا الكلام، مما يعني ان هذا الكلام قد كتب بعد موسى، وبعد أن طرد الكنعانيون ولم يعودوا يشغلون هذه المناطق"، وبالتالي، فإن الراوي ”لم يكن موسى، لان الكنعانيين في زمان موسى، كانوا لا يزالون يملكون هذه الارض.“
5- ورد في سفر التكوين (22: 14) أن "جبل موريا سمي جبل الله" إلا أن ذلك الجبل لم يحمل هذا الاسم "إلا بعد الشروع فى بناء المعبد"
ويستطرد سبينوزا: ”والواقع أن موسى لا يشير إلى أي مكان اختاره الله، بل إنه تنبأ بأن الله سيختار، بعد ذلك، مكانا سيطلق عليه اسم الله.“
6- ورد في سفر التثنية (3: 11) عبارة خاصة بعوج ملك باشان: "وعوج هذا هو، وحده، بقي من الرفائيين، وسريره سرير من حديد، أو ليس هو في ربة بني عمون؟ طوله تسع اذرع وعرضه اربع اذرع بذراع الرجل؟ ”وتدل هذه الاضافة“ بوضوح تام، على أن من كتب هذه الأسفار عاش بعد موسى بمدة طويلة وفضلا عن ذلك، فلا شك في أنه لم يعثر على هذا السرير الحديدى إلا في عصر داوود الذي استولى على الرباط (ربة عمون) كما يروي صموئيل الثاني (12: 30).
7- وردت في أسفار التوراة أسماء أُطلقت على أمكنة لم تعرف بها في عهد موسى، بل عرفت بعده بزمن طويل، مثل ما ورد في سفر التكوين أن إبراهيم تبع أعداءه حتى «دان»: (14فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ.) تكوين 14: 14. ولم تحمل "دان" هذا الاسم إلا بعد موت يشوع بمدة طويلة، كما ورد في سفر القضاة: (وصعدوا وحلّوا في قرية يعاريم في يهوذا. لذلك دعوا ذلك المكان محلّة دان الى هذا اليوم. هوذا هي وراء قرية يعاريم.) القضاة 18: 12، (ودعوا اسم المدينة دان باسم دان ابيهم الذي ولد لاسرائيل. ولكن اسم المدينة اولا لايش.) القضاة 18: 29
8- كثيرا ما يتجاوز الراوي، في رواياته في أسفار التوراة، حياة موسى ، كأن يروي، في سفر الخروج أن بني إسرائيل أكلوا (... الْمَنَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى جَاءُوا إِلَى أَرْضٍ عَامِرَةٍ. أَكَلُوا الْمَنَّ حَتَّى جَاءُوا إِلَى طَرَفِ أَرْضِ كَنْعَانَ)الخروج 16: 35 حيث (12وَانْقَطَعَ الْمَنُّ فِي الْغَدِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَنٌّ. فَأَكَلُوا مِنْ مَحْصُولِ أَرْضِ كَنْعَانَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.) يشوع 5: 12، ومعلوم أن موسى قد مات قبل دخول العبرانيين إلى أرض كنعان وأكلهم من غلتها.
أو أن يروى في سفر (التكوين 36: 31) عن ملوك بنى إسرائيل الذين حكموا أرض أدوم (31وَهَؤُلاَءِ هُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ مَلَكُوا فِي أَرْضِ أَدُومَ قَبْلَمَا مَلَكَ مَلِكٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.) ومعلوم أنه لم يخضع الأدوميين لحكم العبرانيين إلا زمن داود، أى بعد موسى بحوالى 540 سنة، حيث جعل داود (فِي أَدُومَ مُحَافِظِينَ. وَضَعَ مُحَافِظِينَ فِي أَدُومَ كُلِّهَا. وَكَانَ جَمِيعُ الأَدُومِيِّينَ عَبِيداً لِدَاوُدَ. ...) صموئيل الثانى 8: 14، مما يؤكد أن كاتب سفر التكوين قد عاش بعد داود.
وعن مملكة داود وسليمان «يقول الباحث الفرنسي "بيير روسي": "إن التاريخ المصنوع للعبرانين خارج النصوص التوراتية هو الصمت الكلي المطبق. فلا الكتابات المنقوشة على الآثار ولا القوانين ولا الدساتير تكشف أثراً قليلاً للعبرانيين. فعلى آلاف النصوص المسمارية أو المصرية أو مكتبة أوغاريت أو نينوى، وحتى في النقوش الآرامية. في ذلك كله لا تذكر كلمة عبري وأشهر ملوك التوراة هما داود وسليمان لم يصبحا قط موضوع وقائع تاريخية. ليس هناك أبداً ذكر للملحمة والوقائع الحربية المعزّوة لعبور العبرانيين. فالعدم كامل، مثلما هو قطعي وجازم ".(14)»
«بعد هذا، حريّ بنا مثلاً أن نلاحظ أن شيخ القبيلة العبرانية / وليس الملك / شاؤول والذي ألصق به التوراة في حوالي / 1020 /ق.م صفة شيخ بدوي في خيمة قرب بلدة جبعة شمال القدس.. سوف يكون في حوالي/932/ ق.م بانياً للمدن المسوّرة والهياكل الضخمة حسب التوراة، علماً أن هذه الفترة كانت تشهد تشرذم هذه القبائل وتفتتها.
وبدوره الباحث لينش يشكك في وجود المملكة العبرانية لداود وسليمان حيث يقول: "إنني شخصياً أجد هذه الأفكار غير قابلة للتصديق إلى حد بعيد، حيث لا توجد أي آثار تدل على وجود سليمان وداود أو حدوث أي من الأحداث المرتبطة به " (15).»
ويقول "زئيف هرتسوغ" المؤرخ "الإسرائيلي" المناهض للمزاعم التوراتية: «ان جميع الروايات التوراتية وحروب بني "اسرائيل" بقيادة "يشوع بن نون" لا تستند الى أي واقع حقيقي.»
ويقول عن المدن الكنعانية: «تبالغ التوراة كثيرا في تصوير قوة تحصينات المدن الكنعانية التي يقال بان بني "اسرائيل" قد غزوها: ”مدن كبيرة ومحصنة ومرتفعة حتى السماء"(السفر 9ـ1)“ في حين اظهرت جميع المكتشفات الاثرية ان مدن تلك المرحلة لم تكن تحتمي باية تحصينات عدا قصر الحاكم والامير. الى ذلك فان الثقافة المعمارية التي كانت سائدة في فلسطين عند نهاية العصر البرونزي لم تكن تضع احتمالات الغزو العسكري في حساباتها.. كما يؤكد "هرتسوغ" بان الوصف التوراتي لا يتطابق اطلاقا مع الواقع الجيوسياسي للمنطقة. ذلك ان فلسطين كانت في الواقع تحت السيطرة المصرية وقد ظلت كذلك حتى منتصف القرن الثاني عشر بعد الميلاد. اضافة الى ان المراكز الادارية المصرية كانت واقعة في غزة ويافا وبيت شيئان، ومن المستغرب ان التوراة لم تذكر اطلاقا ذلك الوجود المصري في نصوصها المزعومة.»
الأمر الذى دعا (هرتسوغ) إلى القول: «يبدو وكأن كاتب التوراة، وزملاءه الذين قاموا بمراجعة ما كتب، لم يكونوا على معرفة بتلك الحقائق التاريخية التي لا تحتاج الى دلائل.»
«ويناقش توماس طومسون في كتابه "التوراة والتاريخ – الماضي الخرافي" مرويات المملكة العبرانية لداود وسليمان، بحيث يقول: "أن تلك الصور/ التوراتية / لا مكان لها في أوصاف الماضي التاريخي الحقيقي، إننا نعرفها فقط كقصة وما نعرفه حول هذه القصص لا يشجعنا على معاملتها كما لو أنها تاريخية. ولا يتوافر دليل على وجود ملكية متحدة، ولا دليل على وجود عاصمة في أورشليم أو على وجود أي قوة سياسية موحدة ومتماسكة هيمنت على فلسطين الغربية، ناهيك عن إمبراطورية بالحجم الذي تصنعه الحكايات الأسطورية. ولا يوجد أي دليل على وجود ملوك يدعون شاؤول وداود وسليمان" (17).»
«وهذا ما دفع بالباحثة والمنقبة "مارغريت شتاينر" بعد أن أجرت دراساتها على اللقى الأثرية في موقع أورشليم للقول: "لم يكن / للملك / داود مدينة ليعمرها في مطلع القرن العاشر ويجعلها عاصمة للمملكة الموحدة، لأن مثل هذه المدينة لم تكن موجودة في ذلك الزمن. كما أن الوصف الذي نجده في أسفار التوراة لمدينة أورشليم لا ينطبق إلا على مدينة القرن السابع" (18).»
ويقول زئيف هرتسوغ: «فمن الواضح ان (قدس داوود وسليمان) كانت مدينة صغيرة مع قلعة صغيرة مخصصة لقصر الملك ـ هذا اذا كانت قد قامت بالفعل ـ إنما يمكن الجزم بصورة قاطعة بأن القدس لم تكن إطلاقا عاصمة مملكة كبيرة كما تذكر المزاعم التوراتية.»
وفى الهامش السفلى قالوا: (فى بعض الأصول: الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. لم يرد ذلك فى الأصول اليونانية المعوَّل عليها، والأرجح أنه شرح أدخل إلى المتن فى بعض النسخ.) ألا يثبت هذا التحريف عند العقلاء ولو بحسن نية؟
أما ترجمة الكاثوليك لدار المشرق ببيروت عام 1986 (الكتاب المقدس بعهديه) فقد أثبتتها ضمن النص ولم يعلق عليها فى تعليقه بنهاية الكتاب إلا ما يثبت حقيقة وحى هذا النص، ويؤكد قانونيته.
أما الترجمة الكاثوليكية للأباء اليسوعيين الطبعة السادسة لعام 2000 فقد حذفتها من متن النص ص 779 وآثر ألا يُعلق عليها فى هوامشه حتى لا يفقد المؤمنين به إيمانهم بقدسية هذا الكتاب الذى يتلاعبون به.
وأقول له: إن معنى هذا أنه لا يوجد تطابق بين ما تسمونه أقدم النسخ لديكم، والتى تسمونها أصول الكتاب المقدس!!
وأسأله: ما مصير من آمن بهذا النص أنه موحى به من عند الرب من الأجيال السابقة من القرن السادس عشر حتى عاد ضمير المترجم إلى صوابه فى القرن العشرين أو الواحد والعشرين؟
إنَّ مشكلة هذا النص الوحيدة (كما يقول الأستاذ eeww2000) أنه غير موجود فى الأصول اليونانية، ولم يظهر إلى الوجود إلا فى عصور متأخرة وليس قبل القرن السادس عشر بعد 1500 سنة من ميلاد المسيح عليه السلام الآن نبدأ بملخص القصة قصة هذا النص:
هذا النص وجد فقط فى ثمانية مخطوطات سبعة منها تعود للقرن السادس عشر وهذه هى أرقام المخطوطات 61 و88 و429 و629 و636 و318 و2318 و221.
والمخطوطة الأخيرة رقم 221 هى من القرن العاشر أى بعد ألف سنة، وموجود بها هذا النص على الهامش بخط مختلف ولا يعرف على وجة الدقة تاريخ كتابته.
ومعنى ذلك أنه لا يوجد أى دليل مؤكد على وجود هذا النص فى أى مخطوطة يونانية قبل عام 1500 حتى السبعة مخطوطات السابق ذكرها منهم أربعة كُتِبَ فيها النص على الهامش. وأول مرة ظهرت هذه الكلمات كانت فى مخطوطة لاتينية فى القرن الرابع على الهامش ثم ترجمت إلى اليونانية.
والقصة واضحة: لفت نظر أحد النساخ لفظ ثلاثة الموجود فى العدد الثامن 8 "والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد." فلم يجد مانع من أن يضيف على لسان يوحنا ثلاثة أخرى لتساعده فى إثبات عقيدة التثليث التى لا تجد لها أى نص صريح فى الكتاب المقدس.
ويقول بعض علمائهم إن النص أضيف باللغة اللاتينية أثناء احتدام النقاش مع أريوس الموحد وأتباعه، فكان لا بد من إضافة ما، تقوى مركزهم وتخدع السذج من أتباعهم، ثم وجدت هذه الإضافة طريقا بعد ذلك حتى ظهرت لأول مرة فى الطبعة الثالثة من إنجيل إيرازموس 1522 ميلادية بضغط على إيرازموس هذا الذى لم يضعها فى الطبعة الأولى عام 1516 ولم يضعها فى الطبعة الثانية عام 1519 من كتابه.
وقد سُئِلَ عن سبب عدم وضعه هذا النص فأجاب الإجابة المنطقية الوحيدة: إنه لم يجدها فى أى نص يونانى قديم فتم وضع المخطوطة رقم 61 باليونانى وبها هذا النص. هنا فقط أضافها إيرازموس إلى الكتاب، وبعد ضغط قوى من الكنيسة الكاثوليكية. والسؤال كيف يجادل أحد والنص لم يظهر قبل القرن السادس عشر فى أى مخطوطة من آلاف المخطوطات الموجودة باللغة اليونانية؟؟؟
وقالت دائرة المعارف الكتابية مادة (مخطوطات العهد الجديد) تحت حرف الخاء: ((2) اختلافات مقصودة: وقعت هذه الاختلافات المقصودة نتيجة لمحاولة النسَّاخ تصويب ما حسبوه خطأ، أو لزيادة إيضاح النص أو لتدعيم رأي لاهوتي. ولكن ـ في الحقيقة ـ ليس هناك أي دليل على أن كاتبًا ما قد تعمد إضعاف أو زعزعة عقيدة لاهوتية أو إدخال فكر هرطوقي.
ولعل أبرز تغيير مقصود هو محاولة التوفيق بين الروايات المتناظرة في الأناجيل. وهناك مثالان لذلك: فالصورة المختصرة للصلاة الربانية في إنجيل لوقا (11: 2ـ4) قد أطالها بعض النسَّاخ لتتفق مع الصورة المطولة للصلاة الربانية في إنجيل متى (6: 9ـ13). كما حدث نفس الشيء في حديث الرب يسوع مع الرجل الغني في إنجيل متى ( 19: 16و17) فقد أطالها بعض النسَّاخ لتتفق مع ما يناظرها في إنجيل لوقا ومرقس .
وفي قصة الابن الضال في إنجيل لوقا (15: 11-32) نجد أنه رجع إلى نفسه وقرر أن يقول لأبيه: "... اجعلني كأحد أجراك" (لو 15: 19) فأضاف بعض النسَّاخ هذه العبارة إلى حديث الابن لأبيه في العدد الحادي والعشرين .
وقد حدثت أحيانًا بعض الإضافات لتدعيم فكر لاهوتي، كما حدث في إضافة عبارة "واللذين يشهدون في السماء هم ثلاثة" (1يو5: 7) حيث أن هذه العبارة لا توجد في أي مخطوطة يونانية ترجع إلى ما قبل القرن الخامس عشر، ولعل هذه العبارة جاءت أصلًا في تعليق هامشي في مخطوطة لاتينية، وليس كإضافة مقصودة إلى نص الكتاب المقدس، ثم أدخلها أحد النسَّاخ في صلب النص.)
والغريب أنه لا يزال يصر على أن هذه الإضافات لم تكن من أجل إدخال فكر هرطوقى، وبعد أن صارح القراء، أراد أن يُخقق من وطأة ما ذكره، فادعى أن الكُتَّاب كانوا حريصين على أمانة النقل، وأن هذه الاختلافات تافهة جدًا: (ورغم وجود الاختلافات بين آلاف المخطوطات، إلا أنها اختلافات تافهة جدًا إذا قيست بضخامة ما تحويه المخطوطة من كلمات، فقد كان النسَّاخ يراعون نقل هذه النصوص بعناية فائقة حتى ولو بدا لهم النص عسير الفهم أو غامض المعنى).
وهذه المخطوطات التى ترجع إلى القرن الخامس عشر هى فى الحقيقة المخطوطات التى أنتجتها الكنيسة فى الغرب، حتى يوافق إرازموس على إضافتها للنص فى طبعته الثالثة، لأنه حذفه من الطبعتين الأولى والثانية، لأنه لم يجده فى أقدم مخطوطة لديه.
ويقول الدكتور بارت ايرمان الدكتور في الفلسفة واللاهوت في معهد برينستون اللاهوتي التعليمي وأحد العلماء المتخصصين في تاريخ القرون الأولي وتعلم على يد العلامة بروس ميتزجر وعميد قسم الدراسات الدينية بجامعة نورث كارولينا في تشابيل هيل وبالرغم من دراسته الواسعة فهو الآن ألحد ولا يعود يعترف بالمسيحية دين نهائيًا ولكن حتى بعد إلحاده فشهادته يعد لها أهمية واسعة في مجال المخطوطات والآباء فقد كتب الدكتور بارت ايرمان عن هذا النص الدخيل وذلك فى Misquoting Jesus The Story Behind Who Changed the Bible and Why. p 81 , 82:
(لقد كان هناك على الرغم من ذلك فقرة أساسية من الكتاب المقدس لم تكن موجودة ضمن المخطوطات المصدر التي كانت لدى "إرازموس". وهي تسجيل الأعداد من رسالة يوحنا الأولى إصحاح 5 والأعداد 7-8 والتي يطلق عليها العلماء مسمى الـ فاصلة اليوحنّاويّة. "Johannine Comma" هذه الأعداد موجودة في مخطوطات الفولجاتا اللاتينية ولكنها مفقودة في الغالبية الساحقة من المخطوطات اليونانية. هذه الفقرة كانت هي المفضلة لدى اللاهوتيين المسيحيين لفترة طويلة، حيث إنها الفقرة الوحيدة في الكتاب المقدس بأكمله التي تشير بوضوح إلى عقيدة الثالوث، أي وجود ثلاثة أقانيم بطبيعة إلهية، إلا أن الثلاثة جميعًا يشكلون إلهًا واحدًا فحسب. هذه الفقرة تقرأ في الفولجاتا كالتالي: "لأن اللذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب، الكلمة، والروح، وهذه الثلاثة هي واحد؛ واللذين يشهدون في الأرض ثلاثة، الروح، الماء، والدم، وهؤلاء الثلاثة في الواحد."
وهي فقرة غامضة، لكنها تدعم التعاليم التقليدية الخاصة بالكنيسة والمتعلقة بـ "الإله المثلث الأقانيم الذي هوواحد" على نحوٍ لا لبس فيه.
في غياب هذه الفقرة، لابد أن نستنبط عقيدة الثالوث من عدد من الفقرات المجمَّعَة للدلالة على أن المسيح هو الله، كما هو الحال بالنسبة للروح وللآب وعلى أن هناك، على الرغم من ذلك، إلهًا واحدًا فحسب. هذه الفقرة، على النقيض من الفقرات الأخرى، تصرح بهذه العقيدة بشكل مباشر وموجز. لكنَّ "إرازموس" لم يجدها في مخطوطاته اليونانية والتي ببساطة تُقرأ بدلا من ذلك كالتالي: "هناك ثلاثة يشهدون: الروح، الماء، والدم، وهذه الثلاثة هم واحد."
أين ذهب "الآب، والابن، والروح القدس"؟ لم يرد أيّ ذكرٍ لهم في مخطوطة "إرازموس" الرئيسية، أو في أيٍّ من المخطوطات الأخرى التي رجع إليها، وهكذا، بطبيعة الحال، لم يذكرهم في نسخته اليونانية الأولى.وهذا ما أثار غضب اللاهوتيين في عصره أكثر من أي شئ آخر .فقد اتهموه بالعبث بالنص في محاولة منه للتخلص من عقيدة التثليث والحط من فاعليتها، التي هي عقيدة الطبيعة الإلهية الكاملة للمسيح. أحد المحررين الرئيسيين للكتاب المقدس الكومبلوتي متعدد اللغات واسمه"ستونيكا" قام بنشر تجريحه في سمعة "إيرازموس" وأصر على أن يعيد العدد في الطبعات المستقبلية إلى مكانها الصحيح.
وتمضي القصة، ويوافق "إرازموس"ـ ربما في لحظة ضعف ـ على أن يدرج هذا العدد في الطبعة المستقبلية للعهد الجديد باللغة اليونانية على شرطٍ واحدٍ:أن يقدم خصومه مخطوطة يونانية يحتمل أن يوجد بها هذا العدد(وجودها في مخطوطات لاتينية ليس كافيًا). وهكذا ظهرت إلى الوجود مخطوطة يونانية! في الواقع، ظهرت هذه المخطوطة إلى الوجود بهذه المناسبة. يبدو أن شخصًا ما قام بنسخ نصٍ يونانيٍ يحوي الرسائل وعندما وصل إلى هذه الفقرة موضع البحث، قام بترجمة النص اللاتيني إلى اللغة اليونانية، لتظهر الJohannine Comma في شكلها المألوف ... والمفيد لاهوتيًا. المخطوطة التي قدمت إلى "إرازموس"، بكلمات أخرى، يرجع تاريخها إلى القرن السادس عشر أي أنها كتبت حسب طلب الزبون. وعلى الرغم من تشككه، إلا أن "إرازموس" كان عند كلمته وضمَّن الـ Johannine Comma نصَّ نسختِه وكل طبعاته المتتالية. هذه الطبعات، كما أشرت من قبل، أصبحت الأساس بالنسبة لكل النسخ التي أعيدت طباعتها من العهد الجديد اليوناني مرة بعد أخرى عبر أناس مثل "ستيفانوس"، "بيزا"، و"إلزيفيرز". هذه النسخ قدمت شكلا من النص اعتمد عليه في النهاية مترجموا "نسخة الملك جيمس" من الكتاب المقدس. وكذلك الفقرات المألوفة لدى قراء الكتاب المقدس بترجمته الإنجليزيةـ بدءًا من نسخة الملك جيمس الصادرة 1611 فصاعدًا، حتى النسخ المعاصرة في القرن العشرين ـ التي ضمت الفقرة الخاصة بالمرأة الزانية، والإثني عشر عددًا الأخيرة من مرقس، والفاصلة اليوحناويةJohannine Comma، على الرغم من أن أيًّا من هذه الفقرات ليس لها وجود في المخطوطات اليونانية الأقدم والأعلى شأنًا للعهد الجديد. هذه الفقرات دخلت إلى تيار الوعي لدى المتحدثين بالإنجليزية فقط عبر مصادفة تاريخية وذلك اعتمادًا على مخطوطات تصادف أن كانت في متناول يد "إرازموس" وأخرى صنعت لمساعدته.
هذه النسخ اليونانية المتنوعة التي صدرت في القرنين السادس عشر والسابع عشر كانت شديدة التشابه لكنَّ دور الطباعة تمكنت في النهاية من الزعم أنها النص المقبول عالميًا لدى كل العلماء وقراء العهد الجديد اليوناني ـ وهو ما حدث بالفعل، حينما لم يعد هناك منافسون!)
وأنصح بقراءة موضوع متخصص فى هذه النقطة على الموقع التالى:
http://www.eld3wah.net/html/m03az/scholers-1jn-5-7.htm
فلماذا لم يبحث الكاتب وكنيسته عن الذى قام بإدخال هذا النص إلى داخل هذه المخطوطات؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا النص من أهم النصوص الدالة على عقيدة التثليث لدى المسيحيين. فهل كنت تعلم ذلك أيها الكاتب؟ فإن كنت لا تعلمه فهذا تقصير منك كبير وإهمال فى واجبك وأنت رجل دين. وإن كنت تعلمه فهذا إضلال متعمَّد يُآخذك عليه أتباعك من المسيحيين.
29) رؤيا يوحنا 1: 11 (11قَائِلًا: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ. وَ الَّذِي تَرَاهُ اكْتُبْ فِي كِتَابٍ وَأَرْسِلْ إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا: إِلَى أَفَسُسَ، وَإِلَى سِمِيرْنَا، وَإِلَى بَرْغَامُسَ، وَإِلَى ثَِيَاتِيرَا، وَإِلَى سَارْدِسَ، وَإِلَى فِيلاَدَلْفِيَا، وَإِلَى لاَوُدِكِيَّةَ».)
وقد أثبتت قداستها ترجمة فاندايك.
وحذفتها الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) من كتاب الله لأن الله لم يوحى بها وكذلك فعلت الترجمة اليسوعية والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) والترجمة المشتركة، وترجمة كتاب الحياة.
30) تيموثاوس الأولى 3: 16 (16وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ)
وقد كتبتها هكذا ترجمة فاندايك، وترجمة كتاب الحياة لتمرر عقيدة حلول الإله فى الجسد.
وتخلصت من هذه المشكلة الترجمة اليسوعية، وقالت: ”قد أُظهِرَ فى الجَسَد“. وقالتها الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) هكذا: ”قد أُظهِرَ بَشرًا“. والكلمة بهذا الشكل تُشير بالطبع إلى التقوى التى ظهرت فى الجسد وليس الله. وتؤكد هذا الترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) وكذلك الترجمة العربية المشتركة فقد قالت: ”ولا خلاف أن سر التقوى عظيم: "الذى ظهر فى الجسد"“.
ومن التراجم الأوربية من يؤكد أنها تعنى (الذى)، ومنهم من يقول إنها تعنى (الله). ومن هذه التراجم ترجمة لوثر، التى أبدلت كلمة إله أو الله، كما يحلو للتراجم العربية أن تترجمها، بكلمة (المسيح) أو بكلمة (يسوع) أو بكلمة (هو) أو بكلمة (هو الذى):
16Und kündlich groك ist das gottselige Geheimnis: Gott ist offenbart im Fleisch, (1545)
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=germa...
16 Und groك ist, wie jedermann bekennen muك, das Geheimnis des Glaubens: Er ist * offenbart im Fleisch (1912)
http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1T...nomd&bi=luther
Und kündlich groك ist das gottselige Geheimnis: Gott ist offenbart im Fleisch, gerechtfertigt im Geist, (1914)
http://unbound.biola.edu/results/ind...german%5Fluthe...
16Und groك ist, wie jedermann bekennen muك, das Geheimnis des Glaubens: Er ist boffenbart im Fleisch (1984)
http://www.bibel-online.net/buch/54....eus/3.html#3,1
وقالتها ترجمة Worldwide بطريقة تبدو فيها أنها تستجهل القارىء إلى أبعد مدى، فقد قالتها (نحن رأينا الله كإنسان):
16God's plan is very great as we all know. Here it is: we saw God as a man;
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
وقالتها طبعة RSV (هو):
16 Great indeed, we confess, is the mystery of our religion: He was manifested in the flesh,
http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1T...mo&nomd&bi=rsv
وذكرت ترجمة NLV ما يُشير إلى عقيدتها بغض النظر عما يقوله النص، فقد قالت (من المهم أن تعلم أن سر حياة المتألِّه الذى هو المسيح أتى على الأرض كرجل):
16It is important to know the secret of Godlike living, which is: Christ came to earth as a Man.
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
وذكرتها ترجمة NLT صراحة دون مواربة، ولكنها ذكرت الترجمة الحقيقية فى هامشها السفلى، وصرحت أنها فى اليونانية (الذى) وبعض المخطوطات (الله)!! فقالت: (بدون تساؤل: هذا هو السر العظيم للإيمان: المسيح ظهر فى اللحم):
16Without question, this is the great mystery of our faith: Christ[e] appeared in the flesh
1 Timothy 3:16 Greek Who; some manuscripts read God.
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
وبمثل هذا قالت أيضًا ترجمة الملك جيمس الحديثة والقديمة، مع إبدال كلمة (المسيح) بكلمة (الله):
16 And without controversy great is the mystery of godliness: God[c] was manifested in the flesh,
1 Timothy 3:16 NU-Text reads Who.
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
ثم اقرأ التحريف المقدس: لقد قلبت طبعة NIRV كلمة (الذى) إلى (يسوع):
16There is no doubt that godliness is a great mystery. Jesus appeared in a body.
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
وقالتها ترجمة ESV (هو)، وعلقت فى هامشها أن النص اليونانى هو (الذى) لكن بعض المخطوطات تذكرها (الله)، والبعض (التى): أى لا يوجد (المسيح).
16Great indeed, we confess, is the mystery of godliness: He[e] was manifested in the flesh,
1 Timothy 3:16 Greek Who; some manuscripts God; others Which
http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
ولا توجد طبعة كتبتها (الذى) غير ثلاث ترجمات إنجليزية وأضافت قبل الذى كلمة (هو)، مثل Basic eng. و ASV
16 And without argument, great is the secret of religion: He who was seen in the flesh,
http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1T...mo&nomd&bi=bbe
فماذا يعنى هذا؟ هل هؤلاء قدسوا هذا الكتاب أو مخطوطاته أو حتى ترجماته؟ هل هؤلاء أناس أمناء يثق المسيحى على عقيدته معهم؟ هل تُرجم بذلك الكتاب الذى تقدسه ترجمة صحيحة؟
ولم يتوقف هذا التحريف على العهد الجديد فقط، بل العهد القديم ملىء أيضًا بمثل هذا التحريف، وخاصة فيما يتعلق بالإشارة إلى الرسول . فحتى دون أن نتجادل حول ماهية هذه الكلمة أو تلك، تجدك تشك فى نوايا الكنيسة بشأن نص معين. لأن ترجمته غير مطابقة بالمرة، ولكنها قالتها هكذا ليُصبح عيسى ابن مريم النبى المصطفى لآخر الزمان. ونسوا أن هذا النبى مُرسل من عند الله، فجعلوا عيسى يجمع فى طيَّاته الثلاثة: فأصبح عندهم هو الله الراسل، وهو الرسول المرسل، وهو الروح القدس.
ولمن أراد الإستزادة فى اختلافات العهد القديم فعليه بالرجوع إلى كتابى (البهريز فى الكلام اللى يغيظ).
وأحد هذه النصوص التى يتلاعبون فيها، وخاصة إذا كانت تُشير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو نص إشعياء 9: 6 (6لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرًا أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ.)
فقد أثبتت ترجمة فاندايك أنها هكذا أوحى بها من عند الله، وهكذا ذكرتها طبعة كتاب الحياة، والترجمة اليسوعية، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، وكذلك الترجمة المشتركة. أى اتفقت كل التراجم العربية على أن المولود هو إلهًا قديرًا.
على الرغم من أن لفظة إله أُطلقت مجازًا على الأنبياء (هوشع 12: 3-4) و(صموئيل الأول 9: 9) أو القاضى الشرعى (الخروج 21: 5-6)، أو القوى (التكوين 6: 1-2)، كما أُطلقت على الشيطان (كورنثوس الثانية 4: 4). ومن هنا نفهم أن كلمة إله هنا تعنى الذى له الحُكم والقضاء والسلطان على الناس. فإذا انصرف المعنى إلى القاضى الشرعى أو النبى كان هذا السلطان والحكم حكم الله، وإذا انصرف إلى غضب الله أو الكفر كان هذا سلطان الشيطان. والنص الذى نحن بصدده يُقصد به بالطبع النبى الذى سيكون خاتم النبوة على كتفه. لكننا لسنا بصدد التفسير والتحليل، ولكننا بصدد إثبات التحريف فى الترجمة.
وتُرجمَ النص فى التراجم الأجنبية (إلهًا)، إلا أن علماء اللغة فى شرحهم لهذا النص مثل كلارك قال إنه رسول: “the Messenger of the Great Counsel.” وسار على نفس هذا الدرب غيره أيضًا، فهى عند علماء اللغة إشارة إلى المسِّيِّا.
فيقول Barnes أنها تُشير إلى المسِّيِّا (نبى آخر الزمان)، الذى طال انتظار مولده ومجيئه.:
The vision of the prophet is, that the long-expected Messiah is born.
ويقول Barnes أيضًا إن كلمة إله هنا لا يُراد بها الله، ولكنها تُشير إلى واحد مُعيَّن من وسط آخرين، وتستمر شريعته للأبد، على الرغم من أن هذه الكلمة قد تُشير أيضًا إلى الإله الحقيقى، كما استعملها إشعياء 10: 21. وتُشير أيضًا إلى البطل أو الفاتح أو الملك أو الشخص العظيم الهيبة. وعلى ذلك فربما تُشير إلى بطل أو عظيم يستمد سلطته وقوته من الله. أما فيما يتعلق بترجمتها كإله، فهذا يتعلق بعادات الشرقيين، الذين ينسبون كل المنح والعطايا الإلهية إلى الملوك أو العظماء. ويرى أيضًا أن المسِّيِّا يُطلق عليه القوة الإلهية، أو البطل الإلهى. وهذا لكى يُذكِّر هذا الاسم الناس بسلطان الله وقوته.
ونسى قوله إن هذه الترجمة تأثرت بعادات الشرقيين الوثنيين الذين ينسبون كل المنح والعطايا الإلهية للملوك!! ألا يدل هذا على تحريف الكتاب وعقيدته بما يتناسب مع الهيئة التى تُقدَّم لها هذه التراجم؟
وبعد كل ما كان من صفات يسوع من ضعف وذل ومهانة وهوان يرى Barnes أن هذا الاسم ينطبق على يسوع العهد الجديد. فعجبًا له ولعلمه!!
ويقول Darby إنها تُشير إلى تدخل الله بقوة لتأسيس المباركة الكاملة فى شخص المسِّيِّا. أى إنها تُشير إلى المسِّيِّا وليس إلى الله:
Consequently we have the whole sequel of the people's history, of the directions given to the remnant, and of God's intervention in power for the establishment of full blessing in the Person of the Messiah.
وقال Wesley و Gill :
all which is owing to the child here said to be born, by whom we are to understand the Messiah.
أما الكلمة المستخدمة هنا بمعنى إله، وهى تحت رقم H410 فى قاموس Strong's Hebrew and Greek Dictionary فهى تعنى أيضًا الشخص العظيم، الخيِّر، المثالى. ومن هنا كان تمسكنا بفهم هذا الجزء على أنه يُشير إلى صفات المسِّيِّا. لأنه لا يُعقل أن يولد الإله العظيم القدُّوس من فرج امرأة جاهلًا، يتبوَّل ويتبرز على نفسه وفى ملابسه، ويحتاج لأحد من خلقه ليُطهِّره، فإن لم يجد يظل نجسًا حتى يتوفر له ذلك. الأمر الذى يتنافى مع القداسة الكلية له.
Shortened from H352; strength; as adjective mighty; especially the Almighty (but used also of any deity): - God (god), X goodly, X great, idol, might (-y one), power, strong.
وأكتفى بهذا، فهو يفى بالغرض!
وحقًا يقول المدخل إلى العهد الجديد لطبعة الآباء اليسوعيين ص12؟: “ليس فى هذه المخطوطات كتاب واحد بخط المؤلف نفسه، بل هى كلها نسخ أو نسخ النسخ للكتب التى خطتها يد المؤلف نفسه أو أملاها إملاءً. .. .. .. إن نسخ العهد الجديد التى وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية، ولكن عددها كثير جدًا على كل حال. هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو والألفاظ أو ترتيب الكلام، ولكن هناك فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها. .. .. .. فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نسَّاخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التى تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت، مهما بُذِلَ من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذى أُخذت عنه. يُضاف إلى ذلك أن بعض النسَّاخ حاولوا أحيانًا، عن حُسن نية، أن يصوِّبوا ما جاء فى مثالهم وبدا لهم أنه يحتوى أخطاء واضحة أو قلّة دقة فى التعبير اللاهوتى. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطًا. ثم يمكن أن يُضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد فى أثناء إقامة شعائر العبادة أدّى أحيانًا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ. ومن الواضح أن ما أدخله النسَّاخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذى وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلًا بمختلف ألوان التبديل ظهرت فى عدد كبير من القراءات. والمثال الأعلى الذى يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يُمحِّص هذه الوثائق لكى يقيم نصًَّا يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول، ولا يُرجى فى حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه”.
فهل كتاب يقول عنه علماء فحص نصوصه هذا، ويحذفون منه تارة، ويُضيفون عليه تارة أخرى يستحق أن يطلق عليه كتاب الله؟ وإلام تدعو أيها الكاتب المسلمين؟ هل إلى النصوص التى حذفت أم إلى النصوص التى يُنتظر أن تُحذف هى الأخرى، أم إلى النصوص التى أُضيفت؟
وما رأى الكاتب وكنيسته؟ هل صدق علماء نصوص الكتاب المقدس فى اعترافهم الآتى فى المدخل إلى العهد القديم لطبعة الآباء اليسوعيين ص53 بهذه الإضافات والتحريفات؟: “وقد يُدخل الناسخ فى النص الذى ينقله، لكن فى مكان خاطىء، تعليقًا هامشيًا يحتوى على قراءات مختلفة أو على شرح ما. والجدير بالذكر أن بعض النسَّاخ الأتقياء أقدموا، بإدخال تصحيحات لاهوتية، على تحسين بعض التعابير التى كانت تبدو لهم معرَّضة لتفسير عقائدى خطير. .. .. لم يتردّد بعض النُقَّاد فى "تصحيح" النص المسُّورى، كلما لم يعجبهم، لاعتبار أدبى أو لاعتبار لاهوتى”.
وما رأى الكاتب فى اعتراف (يوسابيوس 9: 5 ص408) بالتحريف بموافقة الإمبراطور وفرضه على الشعب قسرًا؟: “وإذ زوروا سفرًا عن أعمال بيلاطس ومخلصنا، مليئًا بكل أنواع التجديف على المسيح، أرسلوه بموافقة الإمبراطور، إلى كل أرجاء الإمبراطورية الخاضعة له، مع أوامر كتابية تأمر بأنه يجب تعليقه علنًا أمام أنظار الجميع فى كل مكان، فى الريف والمدن، وأن المدرسين يجب أن يعلموه لتلاميذهم، بدلًا من دروسهم العادية، وأنه يجب دراسته وحفظه عن ظهر قلب”.
وبالتالى فقد أثبتنا عدم اتفاق المخطوطات، فلم تتفق مخطوطتان، ولا يعرف من كاتبها، ولا يعرف الأصل الذى نسخت منه، كما أثبتنا عدم اتفاق الترجمات، وعدم اتفاق النسَّاخ، وسوء دين وخلق وأمانة القائمين على هذه النصوص، وأنهم لا يخافون الله فى أن يضيفوا أو يحذفوا عقيدة من العقائد التى يتبنوها، وأن التحريف تم لتدعيم هذه العقائد. وبالتالى فلا مجال للتفاخر بعدد هذه المخطوطات ولا الترجمات، ولا التاريخ الذى ترجع إليه هذه المخطوطات.
كما أثبتنا صحة نقل القرآن الكريم، وأن جمعه تم فى حياة النبى وتحت إشرافه، وما قام به الخلفاء فهو إعادة نسخ هذه الأصول.
كما أثبتنا تعهُّد الله تعالى بحفظ القرآن، وهو الواقع، كما أثبتنا عدم تعهد الله بحفظ كتب اليهود والنصارى، وإنما أوكل الله حفظهما لليهود، الذين لم يكونوا أمناء، فخانوا وغدروا وحرفوا.
* * * * *
هل يخالف كتاب الله كلام البشر؟
يواصل الكاتب نقده فيقول تحت عنوان (هل يناقض الله نفسه ؟)
كثير من قصص الكتاب المقدس التى إقتبسها القرآن نجد أنها تتناقض مع نصوص الكتاب المقدس. وإليك بعض الأمثلة:
وأقول له:
إن القرآن والإنجيل المنزلين من الله تعالى والقرآن قد خرجوا من مشكاة واحدة، وعلى ذلك لابد أن تكون القصص واحدة، بكل تفاصيلها. ولكننا نرى أن تفاصيل القصص القرآنية تختلف عن تفاصيل القصص فى العهد القديم. ويمكنك أن تقول إن القرآن اقتبس من العهد القديم، إذا نقل منه كل تفاصيل القصة من حيث الزمان والمكان وتتابع الأحداث، وتفاصيلها.
والواقع القرآنى يؤكد أنه اختلف مع العهد القديم فى عرض الوقائع، وأضاف جديدًا لم يعرفه راوى القصة فى العهد القديم، بل وصحح أخطاء عقائدية، وقع فيها كاتب القصة فى كتابك عزيزى الكاتب، كما صحح معطيات تاريخية وجغرافية. وبالتالى فقد تفرَّد بذكر تفاصيل لا يعرف عنها العهد القديم شيئًا. وتجنب ذكر أكاذيب تنال من الأنبياء، وتنشر الرذيلة بين قراء هذه القصص، وتهدم الأخلاق فى المجتمع.
وفى الحقيقة لا يهمنا الأمثلة التى ستضربها، فبعد أن ضربت لك بعض الأمثلة على أن الكتاب الذى بين يديك ليس كتاب الله، ولكنه كتاب المؤسسة الكنسية، وأثبتنا لك تحريفه، وأثبتنا لك أن الأصل الذى يعوَّل عليه هو كتاب الله الذى حفظه بنفسه، فالأصل إذًا هو القرآن، وما خالفه فهو باطل، لا يجب أن يُنسب لله. وعلى ذلك عليك أن تغير عنوان هذه الفقرة إلى: هل يخالف كتاب الله كلام البشر؟ والإجابة نعم. لأن الله هو العليم، قدوس، وبنى آدم خطَّاء.
إلا أنه مع ذلك سأؤكد لك إنه لا ينبغى أخذ كتاب العهد القديم ككتاب يهيمن على الحدث التاريخى أو الجغرافى مرة أخرى بأمثلة إضافية. فإن ثبت هذا فنحن فى غنى عن البحث فيما تقوله وفيما تدعيه من وجوب هيمنة القصة فى كتابك المقدس جدًا على القصة القرآنية:
تهافت التاريخ التوراتى:
يقول العلمانى الدكتور بشار خليف فى مقاله (التوراة .. انتحالات وتزييف) على شبكة النت والمأخوذ من كتابه (العبرانيون في المشرق العربي القديم): «فقد أجمعت الدراسات الأنثروبولوجية والأثنولوجية على استحالة رد شعب من الشعوب إلى جد واحد.. ونحن نعتقد أن أخذ كتّاب التوراة بمفهوم العنصر كان طبيعيًا كون أنهم بقوا على خصائصهم الرعوية القبلية بما يحتم البحث عن جدّ تؤدى له فروض القداسة.
وعليه فلا عجب مثلًا أن نجد في التوراة – سفر التكوين، أن العيلاميين واللوديين اُعتبروا ساميين وما هم بذلك. وأن الكنعانيين عُدّوا من الكاشيين، وأن الحثيين من ذرية كنعان أما العموريون فهم حاميون !.»
«والغريب أن كتّاب التوراة لم يعوا حقيقة التسلسل الزمني والتاريخي. فإن كان ابراهيم التوراتي الذين يتحدرون منه هو "آراميًا تائهًا" كما ورد في سفر التكوين فإن الحقيقة العلمية تقول أن في هذا الزمن لم يكن ثمة تواجد للآراميين في المشرق العربي بما يعطي دليلًا أكيدًا على أن كتابة التوراة حصلت في الألف الأول قبل الميلاد.»
«أيضًا ذكر سفر التكوين أن ابراهيم التوراتي كان في مدينة أور الرافدية لكن الحقائق الأثرية والتاريخية تؤكد أن أور دمرت على يد العيلاميين سنة /2008 / ق. م. ولم تقم لها قائمة بعد ذلك.»
«كما تم وصف مدينة أور بأنها كلدانية والمعلوم أن الكلدانيين يعودون إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد أي زمن تدوين التوراة.»
«كذلك فإن المشرق العربي مع مطالع الألف الثاني قبل الميلاد / الزمن المفترض لابراهيم التوراتي / كان يعجّ بالمدن والفاعلية الحضارية ولعل وثائق هذه الفترة تتعدى نصف مليون وثيقة مسمارية من كافة مواقع المشرق بحيث أنها لم تشر إلى وجود ابراهيم التوراتي ومغامراته وقصة عبوره إلى فلسطين.
وعلى هذا بتنا نفهم مقولة الباحث" إيسفيليت": "أن التوراة لم تكن تاريخًا تحول إلى خيال بل خيالًا تحول إلى تاريخ" (محمد وحيد خياطة – محاضرة – اللاسامية – العداء الأبدي لليهود)
أما ماير فيقول: "إن كامل سفر التكوين برواياته عن الآباء والأسلاف / ابراهيم – اسحاق – يعقوب / لبني إسرائيل لا علاقة له بالتاريخ ويجب تصنيفه في زمرة الخيال الأدبي" (المرجع السابق)
وينضم ماك كارتر إلى نقطة متقدمة في الإيضاح في نقده لقصة اختلاق ابراهيم التوراتي والآباء التوراتيين حيث يقول: "علينا أن نكون حذرين في دراستنا لروايات الآباء التوراتيين، فهذه الروايات إيديولوجيا وليست تاريخًا. لقد صيغت في الألف الأول قبل الميلاد / أثناء السبي / من أجل التأسيس اللاهوتي والسياسي للشعب الإسرائيلي. لهذا لا يمكن التعامل معها كتاريخ بأي معنى من المعاني الحديثة لهذه الكلمة" (المرجع السابق)
ويذكر الهولندي "هوفت جزر" في كتابه "الوعود الإلهية للآباء الثلاثة":
"إن كل الوعود التي جاءت على لسان ابراهيم واسحاق ويعقوب بالأرض، تعود إلى وقت واحد في عصر متأخر جدًا من زمن الآباء / المفترض/. وكانت هذه الوعود تظهر من قبل أحبار اليهود أثناء الأزمات والأخطار التي كانت تهدد وجودهم. ومعظم هذه الروايات كتبت أثناء السبي البابلي" (المرجع السابق).»
ويواصل الدكتور بشار خليف قائلًا: «ومن المغالطات الكبرى في سفر التكوين هو ذكر كُتَّاب التوراة أن الجَمَل كان موجودًا لدى ابراهيم واسحاق ويعقوب في الزمن المفترض لهم /1900ق.م، ولكن من المعروف أن ظهور الجمل واستخدامه لم يحصل إلا في القرن الثاني عشر قبل الميلاد أي بعد حوالي 700 سنة.»
وأضيف على كلام الدكتور بشار خليف قائلا: إن لهذا ليثبت بالدليل القاطع أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب كانوا يسكنون مكة والجزيرة العربية مكان انتشار الجمل وركوبه، حيث يوجد أيضًا بئر زمزم، الذى يسميه الكتاب (بئر الله الحى).
«ويشير "كاسيدوفسكي" إلى أن الأمانة التاريخية كانت غريبة على كتّاب التوراة، حيث استخدموا الأساطير التي تتوارثها الأجيال / المشرقية / شفهيًا كي يثبتوا أن يهوه هو الذي يتحكم بمصير شعبه المختار منذ أيام ابراهيم. ولكن لحسن الحظ / والقول لكاسيدوفسكي / عند العلماء والباحثين أن الكهنة لم يستطيعوا أن يكونوا منطقيين في عملهم التحويري والتحريضي هذا، فقد تركوا في النصوص التوراتية الكثير من التفصيلات التي أعطتها صلة وثيقة مع ثقافة الرافدين.
ويصل للقول: لقد كانت ثقافات السومريين والأكاديين والآشوريين والبابليين هي الأصول القديمة لتلك التفصيلات (زينون كاسيدوفسكي – مرجع سابق).»
ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «قالت الباحثة ”مارغريت ستينر“: إن بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد، ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت أيضًا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).» ومعنى ذلك تكذيب ما يسمونها التوراة فيما روته عن روايات الكهنة والقصاصين.
وأضاف قائلاً: «أما عالم الآثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن إسرائيل القديمة توصل علماء الآثار إلى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك أي شئ على الإطلاق، حكايات الآباء مجرد أساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)»
ويقول توماس طومسون أستاذ علم الآثار فى جامعة ماركويت فى ميلووكى بالولايات المتحدة الأمريكية في كتابه "الماضي الخرافي – التوراة والتاريخ": "لقد بات واضحاً الآن أن الثقة السابقة في وجهة النظر القائلة بأن كتاب التوراة هو وثيقة تاريخية هي في طور الانهيار. فقد تم التعبير عن الشك الواسع الانتشار ليس فقط حول تاريخية آباء سفر التكوين بل تاريخية القصص حول موسى ويشوع والقضاة أيضاً".» (توماس طومسون – الماضي الخرافي)
«ويشير الباحث "سارنا" sarna في معرض نفيه لأسطورة الخروج من مصر:
"إن خلاصة البحث الأكاديمي حول مسألة تاريخية قصة الخروج، تشير إلى أن الرواية التوراتية تقف وحيدة دون سند من شاهد خارجي، كما أنها مليئة بالتعقيدات الداخلية التي يصعب حلها. كل هذا لا يساعدنا على وضع أحداث هذه القصة ضمن إطار تاريخي. يضاف إلى ذلك أن النص التوراتي يحتم محددات داخلية ذاتية ناشئة عن مقاصد وأهداف المؤلفين التوراتيين، فهؤلاء لم يكونوا يكتبون تاريخاً وإنما يعملون على إيراد تفسيرات لاهوتية لأحداث تاريخية منتقاة. وقد تمت صياغة هذه الروايات بما يتلاءم مع هذه المقاصد والأهداف. ومن هنا فإننا يجب أن نقرأها ونستخدمها تبعاً لذلك.»
ويصل فى نهاية الأبحاث والحفريات الأثارية إلى هذه النتيجة: «وفي النتيجة يمكن النظر إلى أن ما كتبه الأحبار في سفر الخروج لا يعدو كونه حكايا وخبرات اختزنوها أثناء تجوال العبرانيين بين شمال الجزيرة العربية وسيناء وأطراف كنعان بحيث أسدلوا عليها رداءاً إلهياً وأسقطوها على شخصية مفترضة هي موسى الذي جعلوه نبياً كتب الأسفار الخمسة الأولى من التوراة.»
«والغريب أن يرد في سفر التثنية/ الإصحاح الرابع والثلاثين – السطر العاشر / أنه "لم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى". ولكن الحقائق العلمية تؤكد أن كلمة "نبي" لم تدخل قاموس اللغة اليهودية القديمة إلا في زمن متأخر جداً عن عهد موسى المفترض في التوراة!.»
وخلص الدكتور بشار خليف إلى قوله: و«الجدير ذكره هنا هو أن التقليد الديني في أوروبا أكد طوال قرون طويلة أن موسى هو مؤلف الكتب الخمسة الأولى من التوراة، ولكن عندما تجرأ الفيلسوف اليهودي سبينوزا (1632-1677)م وأعلن عن شكّه في صحة ذلك التقليد تم طرده من الكنيسة / أمستردام / وأعلنته هرطقياً. وقد سبق سبينوزا إلى هذا الكثير من الفلاسفة والعلماء أمثال: فيلون ويوسف فلافي وابن عزرا وأوريل وداكوست وغيرهم.»
«وينفي بدوره وليم ديفر روايات الآباء والخروج ويشوع حيث يقول:
"إننا لا نستطيع اليوم أن نبحث عن التاريخ في روايات الآباء والخروج ويشوع. وبصورة خاصة فإن إثبات الفتح العسكري لأرض كنعان/ كما ورد في سفر يشوع / قد غدا مجهولاً لا طائل منه بعد أن جاءت كل الشواهد الأثرية مناقضة له".( BIBLICAL ARCHAEOLOGY REVIEW 1997-(7-8)»
يواصل الدكتور بشار خليف قائلاً: «الجدير ذكره هنا هو أن سفر يشوع يتحدث عن اقتحام عسكري لبلاد كنعان من قبل العبرانيين، في حين أن سفر القضاة يتحدث عن دخول سلمي لهم إلى كنعان.»
ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «وبعد سنين من المسح والدراسة توصلوا لنتيجة مفادها ان المسح لا يشير الى احتمالية قيام مدن (او حتى بلدات) في منطقة اورشليم قبل عصر الحديد الثاني (اي قبل 1000 ق.م)، الأمر الذي دفع فنكلشتاين، وهو مدير كلية الآثار في تل ابيب، في نهاية المطاف للقول: (أبحاثنا صفعت بشدة مشايخ الصهيونية الذين انشأوا إسرائيل والذين يريدوننا كما (ايغال يادين) ان نحمل لهم ما يؤكد النص لا العكس).»
وتوصلت ستينر إلى أن «بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد، ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت ايضا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).
أما عالم الاثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن اسرائيل القديمة توصل علماء الاثار الى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك اي شئ على الاطلاق، حكايات الاباء مجرد اساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)». مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك دراسة تعتمد أن مصر التى كان بها بنو إسرائيل هى قرية أو بلدة فى اليمن، وقت أن كانت واقعة تحت السيادة المصرية وحكم فرعون. (الراية القطرية 14/1/2006)
ويقول باحث التاريخ الدكتور ياسين سويد فى مقاله (تزوير التوراة): «ويرى سبينوزا أن المعلومات التاريخية عن الكتاب المقدس، "ناقصة، بل وكاذبة"، وان الأسس التي تقوم عليها معرفة هذا الكتاب "غير كافية، ليس فقط من حيث الكم" بحيث لم نستطيع ان نقيمها بشكل صحيح، "بل إنها، أيضًا، معيبة من حيث الكيف"، ولكن الناس المتشبثين بآرائهم الدينية يرفضون "أن يصحح أحد آراءهم" هذه، بل إنهم "يدافعون بعناد" عن هذه الآراء، مهما كانت مغلوطة ومشوشة، كما يدافعون عن "الاحكام المسبقة… التي يتمسكون بها باسم الدين". وهكذا لم يعد العقل مقبولا "إلا عند عدد قليل نسبيًا"»
«واستنادا إلى هذه النظريات، يثير سبينوزا تساؤلات مهمة حول اسفار العهد القديم عموما، واسفار التوراة خصوصا، ثم يقرر ما يلي، معتمدا في تقريره على (ابن عزرا): "ان موسى ليس هو مؤلف الاسفار الخمسة (التوراة) بل ان مؤلفها شخص اخر عاش بعد بزمن طويل، وأن موسى كتب سفرا مختلفا»
ونقلا بتصرف بسيط عن الدكتور ياسين فى مقاله سابق الذكر: واستند اسبينوزا فى بحثه هذا إلى البراهين التالية:
1- ”لم يكتب موسى مقدمة التثنية لأنه لم يعبر الاردن.“
2- ”كان سفر موسى في حجمه، أقل بكثير من الأسفار الخمسة“ (فقد كتب السفر كله على حافة مذبح واحد، كما سبق لى أن بيَّنت ، ووفقا لما جاء في التثنية 27: 3 ويشوع 8: 32)
3- يحكى سفر التثنية بصيغة الغائب عن موسى ففيه على سبيل المثال: قال موسى لله، وذهب موسى، وكلم الرب موسى، ودعا الرب موسى، وغضب موسى على ضباط الجيش وكتب موسى هذه التوراة .. إلخ: (9وَكَتَبَ مُوسَى هَذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلمَهَا لِلكَهَنَةِ بَنِي لاوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيل.) تثنية 31: 9، بالاضافة إلى ان سفر التثنية قد روى قصة وفاة موسى ودفنه، وهي قصة لا بد من أن تكون خارجة عن نطاق أعمال موسى .
4- عندما يتحدث الراوى، في سفر التكوين (الاصحاح 12) عن رحلة ابراهيم فى أرض كنعان، يقول: «والكنعانيون حينئذ في الارض» مما يدل على أنهم، أي الكنعانيين، لم يكونوا في هذه الارض عندما كتب هذا الكلام، مما يعني ان هذا الكلام قد كتب بعد موسى، وبعد أن طرد الكنعانيون ولم يعودوا يشغلون هذه المناطق"، وبالتالي، فإن الراوي ”لم يكن موسى، لان الكنعانيين في زمان موسى، كانوا لا يزالون يملكون هذه الارض.“
5- ورد في سفر التكوين (22: 14) أن "جبل موريا سمي جبل الله" إلا أن ذلك الجبل لم يحمل هذا الاسم "إلا بعد الشروع فى بناء المعبد"
ويستطرد سبينوزا: ”والواقع أن موسى لا يشير إلى أي مكان اختاره الله، بل إنه تنبأ بأن الله سيختار، بعد ذلك، مكانا سيطلق عليه اسم الله.“
6- ورد في سفر التثنية (3: 11) عبارة خاصة بعوج ملك باشان: "وعوج هذا هو، وحده، بقي من الرفائيين، وسريره سرير من حديد، أو ليس هو في ربة بني عمون؟ طوله تسع اذرع وعرضه اربع اذرع بذراع الرجل؟ ”وتدل هذه الاضافة“ بوضوح تام، على أن من كتب هذه الأسفار عاش بعد موسى بمدة طويلة وفضلا عن ذلك، فلا شك في أنه لم يعثر على هذا السرير الحديدى إلا في عصر داوود الذي استولى على الرباط (ربة عمون) كما يروي صموئيل الثاني (12: 30).
7- وردت في أسفار التوراة أسماء أُطلقت على أمكنة لم تعرف بها في عهد موسى، بل عرفت بعده بزمن طويل، مثل ما ورد في سفر التكوين أن إبراهيم تبع أعداءه حتى «دان»: (14فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ.) تكوين 14: 14. ولم تحمل "دان" هذا الاسم إلا بعد موت يشوع بمدة طويلة، كما ورد في سفر القضاة: (وصعدوا وحلّوا في قرية يعاريم في يهوذا. لذلك دعوا ذلك المكان محلّة دان الى هذا اليوم. هوذا هي وراء قرية يعاريم.) القضاة 18: 12، (ودعوا اسم المدينة دان باسم دان ابيهم الذي ولد لاسرائيل. ولكن اسم المدينة اولا لايش.) القضاة 18: 29
8- كثيرا ما يتجاوز الراوي، في رواياته في أسفار التوراة، حياة موسى ، كأن يروي، في سفر الخروج أن بني إسرائيل أكلوا (... الْمَنَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى جَاءُوا إِلَى أَرْضٍ عَامِرَةٍ. أَكَلُوا الْمَنَّ حَتَّى جَاءُوا إِلَى طَرَفِ أَرْضِ كَنْعَانَ)الخروج 16: 35 حيث (12وَانْقَطَعَ الْمَنُّ فِي الْغَدِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَنٌّ. فَأَكَلُوا مِنْ مَحْصُولِ أَرْضِ كَنْعَانَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.) يشوع 5: 12، ومعلوم أن موسى قد مات قبل دخول العبرانيين إلى أرض كنعان وأكلهم من غلتها.
أو أن يروى في سفر (التكوين 36: 31) عن ملوك بنى إسرائيل الذين حكموا أرض أدوم (31وَهَؤُلاَءِ هُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ مَلَكُوا فِي أَرْضِ أَدُومَ قَبْلَمَا مَلَكَ مَلِكٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.) ومعلوم أنه لم يخضع الأدوميين لحكم العبرانيين إلا زمن داود، أى بعد موسى بحوالى 540 سنة، حيث جعل داود (فِي أَدُومَ مُحَافِظِينَ. وَضَعَ مُحَافِظِينَ فِي أَدُومَ كُلِّهَا. وَكَانَ جَمِيعُ الأَدُومِيِّينَ عَبِيداً لِدَاوُدَ. ...) صموئيل الثانى 8: 14، مما يؤكد أن كاتب سفر التكوين قد عاش بعد داود.
وعن مملكة داود وسليمان «يقول الباحث الفرنسي "بيير روسي": "إن التاريخ المصنوع للعبرانين خارج النصوص التوراتية هو الصمت الكلي المطبق. فلا الكتابات المنقوشة على الآثار ولا القوانين ولا الدساتير تكشف أثراً قليلاً للعبرانيين. فعلى آلاف النصوص المسمارية أو المصرية أو مكتبة أوغاريت أو نينوى، وحتى في النقوش الآرامية. في ذلك كله لا تذكر كلمة عبري وأشهر ملوك التوراة هما داود وسليمان لم يصبحا قط موضوع وقائع تاريخية. ليس هناك أبداً ذكر للملحمة والوقائع الحربية المعزّوة لعبور العبرانيين. فالعدم كامل، مثلما هو قطعي وجازم ".(14)»
«بعد هذا، حريّ بنا مثلاً أن نلاحظ أن شيخ القبيلة العبرانية / وليس الملك / شاؤول والذي ألصق به التوراة في حوالي / 1020 /ق.م صفة شيخ بدوي في خيمة قرب بلدة جبعة شمال القدس.. سوف يكون في حوالي/932/ ق.م بانياً للمدن المسوّرة والهياكل الضخمة حسب التوراة، علماً أن هذه الفترة كانت تشهد تشرذم هذه القبائل وتفتتها.
وبدوره الباحث لينش يشكك في وجود المملكة العبرانية لداود وسليمان حيث يقول: "إنني شخصياً أجد هذه الأفكار غير قابلة للتصديق إلى حد بعيد، حيث لا توجد أي آثار تدل على وجود سليمان وداود أو حدوث أي من الأحداث المرتبطة به " (15).»
ويقول "زئيف هرتسوغ" المؤرخ "الإسرائيلي" المناهض للمزاعم التوراتية: «ان جميع الروايات التوراتية وحروب بني "اسرائيل" بقيادة "يشوع بن نون" لا تستند الى أي واقع حقيقي.»
ويقول عن المدن الكنعانية: «تبالغ التوراة كثيرا في تصوير قوة تحصينات المدن الكنعانية التي يقال بان بني "اسرائيل" قد غزوها: ”مدن كبيرة ومحصنة ومرتفعة حتى السماء"(السفر 9ـ1)“ في حين اظهرت جميع المكتشفات الاثرية ان مدن تلك المرحلة لم تكن تحتمي باية تحصينات عدا قصر الحاكم والامير. الى ذلك فان الثقافة المعمارية التي كانت سائدة في فلسطين عند نهاية العصر البرونزي لم تكن تضع احتمالات الغزو العسكري في حساباتها.. كما يؤكد "هرتسوغ" بان الوصف التوراتي لا يتطابق اطلاقا مع الواقع الجيوسياسي للمنطقة. ذلك ان فلسطين كانت في الواقع تحت السيطرة المصرية وقد ظلت كذلك حتى منتصف القرن الثاني عشر بعد الميلاد. اضافة الى ان المراكز الادارية المصرية كانت واقعة في غزة ويافا وبيت شيئان، ومن المستغرب ان التوراة لم تذكر اطلاقا ذلك الوجود المصري في نصوصها المزعومة.»
الأمر الذى دعا (هرتسوغ) إلى القول: «يبدو وكأن كاتب التوراة، وزملاءه الذين قاموا بمراجعة ما كتب، لم يكونوا على معرفة بتلك الحقائق التاريخية التي لا تحتاج الى دلائل.»
«ويناقش توماس طومسون في كتابه "التوراة والتاريخ – الماضي الخرافي" مرويات المملكة العبرانية لداود وسليمان، بحيث يقول: "أن تلك الصور/ التوراتية / لا مكان لها في أوصاف الماضي التاريخي الحقيقي، إننا نعرفها فقط كقصة وما نعرفه حول هذه القصص لا يشجعنا على معاملتها كما لو أنها تاريخية. ولا يتوافر دليل على وجود ملكية متحدة، ولا دليل على وجود عاصمة في أورشليم أو على وجود أي قوة سياسية موحدة ومتماسكة هيمنت على فلسطين الغربية، ناهيك عن إمبراطورية بالحجم الذي تصنعه الحكايات الأسطورية. ولا يوجد أي دليل على وجود ملوك يدعون شاؤول وداود وسليمان" (17).»
«وهذا ما دفع بالباحثة والمنقبة "مارغريت شتاينر" بعد أن أجرت دراساتها على اللقى الأثرية في موقع أورشليم للقول: "لم يكن / للملك / داود مدينة ليعمرها في مطلع القرن العاشر ويجعلها عاصمة للمملكة الموحدة، لأن مثل هذه المدينة لم تكن موجودة في ذلك الزمن. كما أن الوصف الذي نجده في أسفار التوراة لمدينة أورشليم لا ينطبق إلا على مدينة القرن السابع" (18).»
ويقول زئيف هرتسوغ: «فمن الواضح ان (قدس داوود وسليمان) كانت مدينة صغيرة مع قلعة صغيرة مخصصة لقصر الملك ـ هذا اذا كانت قد قامت بالفعل ـ إنما يمكن الجزم بصورة قاطعة بأن القدس لم تكن إطلاقا عاصمة مملكة كبيرة كما تذكر المزاعم التوراتية.»
تعليق