الملف 53
152730 - أقبلت يهود إلى النبي فقالوا يا أبا القاسم نسألك عن أشياء إن أجبتنا فيها اتبعناك وصدقناك وآمنا بك قال فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على نفسه قالوا الله على ما نقول وكيل قالوا أخبرنا عن علامة النبي قال تنام عيناه ولا ينام قلبه. قالوا: فأخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر قال يلتقي الماءان فإن علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت وإن علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت. قالوا: صدقت. .... الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 4/191 خلاصة الدرجة: صحيح
قال الإمام البخاري ـ واللفظ له ـ ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَنَسٍ قَالَ: (سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ وَهْوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ فَأَتَى النَّبِيَّ ، فَقَال:َ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ، فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ:" أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا قَالَ ...أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ"، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ... الحديث)
وفي رواية عند مسلم عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: (إِذَا عَلَا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ وَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ)،
وفي رواية عنده أيضًا عن أم سلمة رضي الله عنها، قال : (إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا أَوْ سَبَقَ يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ).
والمعنى ظاهر في أن الولد يكون شبهه من ذكورة أو أنوثة بمن علا ماؤه من الزوجين، فإن علا منيُّ الرجل كان الولد ذكرًا، وإن علا منيُّ المرأة كان الولد أنثى بإذن الله،
إذن فالقول بسبق وعلو ماء الرجل ماء المرأة يؤدى إلى كون الجنين ذكرًا ويحمل من صفات الأب وعائلته أكثر منه للمرأة، والعكس صحيح هو من العلوم الربانية التى لا تؤتى إلا لنبى، وأخفاها بنو إسرائيل ليتحققوا من كون هذا الرجل نبيًا مرسلا أم مدعى للنبوة، وقد صدَّق اليهود على صدْق إجابات الرسول ، بل أسلم عبد الله بن سلام زعيم اليهود فى رواية من روايات هذا الحديث.
وأثبت البروفيسور الدكتور سعد حافظ مؤسس علم العقم عند الرجال .. ورئيس مجلتين علميتين في أمريكا، وله 34 كتابًا، وقد عكف على دراسة العلاقة بين ماء الرجل وماء المرأة عشر سنوات مستخدمًا الميكروسكوب الألكتروني والكمبيوتر .. يقول البروفيسور: وصدفة وصلت إلى النتيجة التي نقولها في هذا الحديث!! (حقيقة صحيحة مئة في المئة). ماء الرجل قلوي، وماء المرأة حمضي .. فإذا التقى الماءان وغلب ماء المرأة ماء الرجل، وكان الوسط حامضيًا تضعف حركة الحيوانات المنوية التي تحمل خصائص الأنوثة في تلقيح البويضة فيكون المولود أنثى والعكس صحيح! سبحان الله!!
ويقول أ.د. جمال حامد السيد حسانين، أستاذ التشريح والأجنة بكلية الطب البشري، جامعة الزقازيق - جمهورية مصر العربية، فى بحثه المشارك فيه عن (المسئولية المشتركة للرجل والمرأة فى تحديد نوع الجنين: إعجازًا علميًا للحديث النبوي الذي رواه ثوبان)
المؤتمر الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة دولة الكويت
http://www.youtube.com/watch?v=CIzV4DLNE4Q
http://www.youtube.com/watch?v=8S9gIiP0ugw
ففى رواية عند مسلم عن ثوبان مرفوعًا: (مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ).
أولا: البحث اللغوي:
تشترك الأحاديث التي تناقش سبب الشبه لأحد الأبوين وسبب الإذكار والإيناث في كلمة العلو وكلمة السبق، ولذلك يجب فهم دلالتها اللغوية:
أولا العلو: قال ابن فارس: "علو: العين واللام والحرف المعتل ياء كان أو واوًا أو ألفًا أصل واحد يدل على السمو والارتفاع لا يشذ عنه شيء "(1)، ومن معاني كلمة علا في اللغة ، يقول الرازي: (علا) غلبه. وعلاه بالسيف ضربه (2)، كما قال الراغب الأ صفهاني أيضا في معني كلمة عَلا: العلوُ ضد السفل، والعلوي والسفلي المنسوب إليهما، والعلو الارتفاع وقد علا يعلو علوا وهوعال، وعَلي يَعَلي علا فهو علي، فعلا بالفتح في الأمكنة والأجسام أكثر (3)
ثانيا السبق : قال بن فارس: "سبق: السين والباء والقاف أصل واحد صحيح يدل على التقدم" يقال سبق يسبق سبقًا (1)، وقال ابن منظور، السبق، القدمة في الجري وفي كل شيء (4)، وذكر الراغب الأصفهاني أيضا، سبق أصل السبق التقدم في السير والاستباق التسابق (3)، ويقول رشيد رضا، والاستباق تكلف السبق، وهو الغرض من المسابقة والتسابق، بصفة المشاركة التي يقصد بها الغلب، وقد يقصد لذاته أو لغرض آخر في السبق، ومنه {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة: 48]، فهذا يقصد به السبق لذاته لا للغلب كما قال الراغب الأ صفهاني أيضا في معني كلمة علا: العلوُ ضد السفل (5)
=*=*=*=*=*=*=
١. ابن فارس ، أبو الحسين أحمد بن زكريا ، معجم مقاييس اللغة.
٢. الرازي ، محمد بن أبي بكر عبد القادر ، مختار الصحاح .
٣. الراغب الأصفهاني ، أبي القاسم الحسين بن محمد بن الفضل ، المفردات في غريب القرآن .
٤. ابن منظور ، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن علي بن أحمد ، لسان العرب.
٥. رضا ، محمد رشيد ، تفسير المنار.
ثانيا أراء الفقهاء حول الحديث:
ذكر ابن القيم رحمه الله: "وقد أجرى الله العادة بأن التوالد لا يكون إلا بين أصلين يتولد من بينهما ثالث، ومني الرجل وحده لا يتولد منه الولد، ما لم يمازجه مادة أخرى من الأنثى، وقد اعترف أرباب القول الآخر بذلك، وقالوا: لابد من وجود مادة بيضاء لزجة للمرأة تصير مادة لبدن الجنين، ولكن نازعوا هل فيها قوة عاقدة، كما في مني الرجل أم لا، وقد أدخل النبي هذه المسألة في الحديث الذى رواه مسلم في صحيحه من حديث ثوبان مولاه حيث سأله اليهود عن الولد فقال "ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثى بإذن الله" نعم لمني الرجل خاصة الغلظ والبياض والخروج بدفق ودفع فإن أراد من مني المرأة انتفاء ذلك عنها أصاب ومني المرأة خاصته الرقة والصفرة والسيلان بغير دفع فإن نفي ذلك عنها أخطأ وفي كل من الماءين قوة فإذا انضم أحدهما إلى الآخر اكتسبا قوة ثالثة وهي من أسباب تكوين الجنين.
وقال أيضا رحمه الله: والسبب الموجب مشيئة الله فقد يسبب بضد السبب وقد يرتب عليه ضد مقتضاه ولا يكون في ذلك مخالفة لحكمته كما لا يكون تعجيزا لقدرته وقد أشار في الحديث إلى هذا بقوله "أذكر وأنثى بإذن الله" وقد قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} الشورى: 49-50
فأخبر سبحانه أن ذلك عائد إلى مشيئته وأنه قد يهب الذكور فقط والإناث فقط وقد يجمع للوالدين بين النوعين معًا وقد يخليهما عنهما معًا وأن ذلك كما هو راجع إلى مشيئته فهو متعلق بعلمه وقدرته"(6) وقال ابن حجر رحمه الله: "والذى يظهر ما قلته وهو تأويل العلو فى حديث عائشة وأما حديث ثوبان فيبقى العلو فيه على ظاهره فيكون السبق علامة التذكير والتأنيث والعلو علامة الشبه فيرتفع الإشكال، وكأن المراد بالعلو الذي يكون سبب الشبه بحسب الكثرة بحيث يصير الآخر مغمورًا فيه فبذلك يحصل الشبه، وينقسم ذلك ستة أقسام:
الأول أن يسبق ماء الرجل ويكون أكثر فيحصل له الذكورة والشبه، والثاني عكسه،
والثالث أن يسبق ماء الرجل ويكون ماء المرأة أكثر فتحصل الذكورة والشبه للمرأة، والرابع عكسه،
والخامس أن يسبق ماء الرجل ويستويان فيذكر ولا يختص بشبه، والسادس عكسه" (٧)،
وقال النووي رحمه الله: عند قول النبي "إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر" :هذا أصل عظيم في بيان صفة المني وهذه صفته في حال السلامة وفي الغالب، قال العلماء: مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفقه بعد دفقه، ويخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه، وإذا خرج استعقب خروجه فتور ورائحة كرائحة طْلع النخل ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين، .. (وقد يتغير لون المني بأسباب منها) .. أن يمرض فيصير منيه رقيقًا أصفر أو يسترخي وعاء المني فيسيل من غير التذاذ وشهوة أو يستكثر من الجماع فيحمر ويصير كماء اللحم وربما يخرج دمًا عبيطًا، ثم إن خواص المني التي عليها الاعتماد في كونه منيًا ثلاث: أحدها الخروج بشهوة مع الفتور عقِبه. والثانية: الرائحة التي شبه رائحة الطَّلع كما سبق. الثالث: الخروج بدْفق ودْفعات، وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيًا ولا يشترط اجتماعها فيه، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيًا وغلب على الظن كونه ليس منيًا هذا كله في مني الرجل، وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يبييض لَفضل ُقوتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما أحدهما أن رائحته كرائحة مني الرجل والثانية التلذذ بخروجه وفتور قوتها عقب خروجه .
وقال أيضا رحمه الله: "العلو والسبق بمعني واحد فتكون اللفظتان معناهما واحد، قال العلماء: يجوز أن يكون المراد بالعلو هنا السبق، ويجوز أن يكون المراد الكثرة والقوة أي بحسب كثرة الشهوة فإن كانت للرجل أذكر "بإذن الله" وإن كانت المرأة أكثر شهوة أنث "بإذن الله" ( ٨)، وقال القرطبي رحمه الله: "...والذي يتعين تأويله الذي في حديث ثوبان، فيقال: إن العلو معناه سبق الماء إلى الرحم، ووجهه: أن العلو معناه الغلبة، ويؤيد هذا التأويل قوله في الحديث: "إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أذْكرا، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل أنَّثا "( ٩)، كما ذكر الزرقاني مثل ذلك: "إن العلو الوارد في الأحاديث معناه سبق الماء إلى الرحم، ووجهه: أن العلو لما كان معناه الغلبة والسابق غالب في ابتدائه في الخروج قيل غلبه وعلاه، ويؤيده أنه ورد في رواية مسلم "إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أذكرا، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل أنثا" (١٠)
=*=*=*=*=*=*=
٦. ابن القيم، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي، التبيان في أقسام القرآن .
٧. ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني، فتح الباري .
٨. النووي، محيي الدين أبو زكريا يحيي بن شرف بن موري بن حسن بن حزم، شرح النووي علي صحيح مسلم .
٩. القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن.
١٠ . الزرقاني، محمد بن عبد الباقى بن يوسف، شرح الزرقاني علي موطأ مالك، دار الكتب العلمية، بيروت .
ثالثا: ماء المرأة المقابل لماء الرجل في الطب:
لقد قرر القرآن الكريم في الآيات التي تتحدث عن خلق نسل سيدنا آدم أن الخلق يكون من الماء، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا..} (سورة الفرقان، الآية: ٥٤ )، ولقد وصف "الله سبحانه وتعالي" هذا الماء بأنه دافق، قال تعالي: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (6) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} (سورة الطارق، الآيتان: 5-6)، وأيضا بأنه مهين، قال تعالي: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (سورة السجدة، آية: ٨)، كما قال تعالي أيضا: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (سورة المرسلات، آية: ٢٠)، وبالنظر في الآيات السابقة يتبين لنا أن القرآن الكريم لم يوضح ماء الرجل من ماء المرأة، ولكن المعني الضمني يشير إلي احتواء هذا الماء علي عناصر الخلق الأولية التي يتكون منها الإنسان، والسنة المطهرة تؤكد أن الخلق يكون من الرجل والمرأة معًا، فلقد ورد عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "مر يهودي برسول الله وهو يحدث أصحابه فقالت قريش: يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي، قال فجاء حتى جلس ثم قال: يا محمد مم يخلق الولد؟ فقال رسول الله : "يا يهودي من كلٍ يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة" (١١)، وهذا يدل علي أن الخلق يكون من الرجل والمرأة معًا وأن مصطلح النطفة يعبر عن الجزء من الماء الدافق أو المهين الذي يستخلص منه عناصر خلق الإنسان الأولية والتي يتكون منها الولد، ولقد أثبت العلم الحديث أن خلق الإنسان يكون من اندماج الحيوان المنوي الذكري وبويضة الأنثى، وبذلك يكون الحيوان المنوي هو نطفة الرجل وتكون البويضة هي نطفة المرأة، كما يكون من الضروري أن يكون الماء الدافق أو المهين هو الذي يحمل تلك النطف ومعبرًا عن ماءي الرجل والمرأة معا.
قال العلماء في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة: {يخرج ماء الرجل متدفقًا ويشير إلي هذا التدفق قوله تعالي: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (6) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} (سورة الطارق، الآيتان: 5-6) ومما يلفت النظر أن القرآن الكريم يسند التدفق للماء نفسه مما يشير إلي أن للماء قوة دفق ذاتية، وقد أثبت العلم في العصر الحديث أن المنويات التي يحتويها ماء الرجل لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة وهذا شرط للإخصاب، وقد أثبت العلم أيضًا أن ماء المرأة الذي يحمل البويضة يخرج متدفقًا إلي قناة الرحم (فالوب)، وأن البييضة لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة حتى يتم الإخصاب" (١٢)، وذكر الدكتور البار: "إن الحيوانات المنوية يحملها ماء دافق هو ماء المني، كذلك البويضة في المبيض تكون في حويصلة جراف (Graafian Follicles)، محاطة بالماء، فإذا انفجرت الحويصلة تدفق الماء وتلقفت أهداب البوق البويضة لتدخلها إلى قناة الرحم، حيث تلتقي بالحيوان المنوي لتكون النطفة الأمشاج، هذا الماء يحمل البويضة تمامًا كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية، كلاهما يتدفق، وكلاهما يخرج من بين الصلب والترائب: من الغدة التناسلية؛ الخصية أو المبيض.. وتتضح مرة أخرى معاني الآية الكريمة {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)} [الطارق: 5-7]، في إعجازها العلمي الرائع: ماء دافق من الخصية يحمل الحيوانات المنوية، وماء دافق من حويصلة جراف بالمبيض يحمل البويضة"، كما أوضح أيضًا الدكتور البار وصفًا علميًا دقيقًا لماء المرأة: "إن للمرأة نوعين من الماء، أولهما: ماء لزج يسيل ولا يتدفق، وهو ماء المهبل، وليس له علاقة في تكوين الجنين، وثانيهما: ماء يتدفق وهو يخرج مرة واحدة من حويصلة جراف (Graafian Follicles) بالمبيض عندما تقترب هذه الحويصلة المليئة بالماء الأصفر من حافة المبيض فإنها تنفجر ويتدفق منها الماء الأصفر حاملا البييضة.." (١٣).
=*=*=*=*=*=*=
١١ . أحمد، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، مسند أحمد .
١٢ . مارشال جونسون، عبد المجيد الزنداني، مصطفى أحمد: وصف التخليق البشري في مرحلة النطفة، في: "علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة".
١٣ . البار، محمد علي، خلق الإنسان بين الطب والقرآن.الدار السعودية للنشر.
رابعا:الإخصاب وتحديد جنس الجنين:
خلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البييضة في ماء المرأة في قناة البييضات (قناة فالوب) ولا يصل من ماء الرجل إلا القليل ويخترق منوي واحد البييضة، ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات، وبدخول المنوي في البييضة تتكون النطفة الأمشاج، ومعني (نطفة أمشاج): أي قطرة مختلطة من مائيين، وهذه النطفة الأمشاج تعرف علميًا عند بدء تكونها (بالزيجوت)، ويشير القرآن الكريم إلي النطفة الأمشاج بقوله تعالي:{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 2]
وهناك نقطة هامة تتصل بهذا النص وهي أن كلمة (نطفة): اسم مفرد، أما كلمة (أمشاج) فهي صفة في صيغة الجمع (١١)، أي أنها عبارة عن كيان مفرد علي شكل قطرة تناسلية "أي نطفة" مكونة من اختلاط أمشاج (خلايا تناسلية) ذكرية وأنثوية، وهذا يعني أن الإخصاب لا يحدث من كل السوائل التناسلية وأنه هناك اختيار خاص لعناصر الإخصاب وتتطابق هذه الحقائق العلمية مع الحديث النبوي الشريف الذي يحدد بوضوح ودقة أن خلق نسل الإنسان لا يكون من كل ماء الرجل والمرأة ولكنه يحدث من جزء ضئيل فقط منهما: "ما من كل الماء يكون الولد ..." (صحيح مسلم كتاب النكاح، باب العزل) .
وعن تحديد جنس المولود ذكر الدكتور النشواتي: "ومن آيات الإعجاز الأخرى ما جاء في {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)} [عبس: 17-19]، تفصح الآيات عن أن جنس الجنين يتحدد ويقدر ذكرًا سيكون أم أنثى منذ اللحظات الأولى من حياته الجنينية، أي منذ التقاء نطفة والده بنطفة والدته، وكما هو معروف فإن في الحيوان المنوي ٢٣ كروموسومًا، الأخير منها صبغي جنسي، لقد تبين أن ٥٠ في المئة من الحيوانات المنوية تحمل صفات الأنوثة (أي الكروموسوم x)، بينما تحمل الـ٥٠ بالمئة المتبقية الصبغي المذكر (y)، أما الأنثى فهي تحتوي حصرًا، الكروموسوم الأنثوي الصفات (x)، فإذا لقح حيوان منوي يحمل صفات الذكورة، بويضة الأم فإن الناتج الصبغي الجنسي للجنين سيكون (xy)، أي أنه سيكون ذكرًا، أما إذا تم اللقاء بين البويضة وبين حيوان منوي يحمل الصبغي الأنثوي، فإن الصيغة الصبغية للبويضة الملقحة ستكون (xx)، أي أن الجنين سيكون أنثى، وبما أن جنس الجنين يتم فور التقاء الحيوان المنوي بالبويضة، لذا جاءت الآية الكريمة علي هذا النحو المذهل {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} فسبحانك اللهم (14).
=*=*=*=*=*=*=
١١ . أحمد، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، مسند أحمد .
١٤ . النشواتي، محمد نبيل، الإعجاز الإلهي في خلق الإنسان وتفنيد نظرية داروين. دار القلم، دمشق.
خامسا:الطرح العلمي:
١. الخصائص الكهربائية للذرات:
كل ذرة لها قلب يسمي النواة (a nucleus) التي تشكل كتلة الذرة تقريبًا، إلا أنها تشغل حيزًا صغيرًا من حجم الذرة نفسها، لأن معظم الذرة فراغ حول النواة، وبالنواة يوجد جسيمات أصغر هي البروتونات (protons) موجبة الشحنات، والنيترونات (neutrons) متعادلة الشحنات، ويدور بالفراغ حول النواة جسيمات خفيفة جدا تسمي الإلكترونات (electrons)، وكل عنصر بذرته عدد ثابت ومتشابه بالبروتونات بالنواة، والنيترونات لا تحمل شحنات كهروبائية، والإلكترونات جسيمات سلبية الكهربائية تدور في الفراغ حول النواة، وكتلة الإلكترون تعادل (1/2000) كتلة البرتون أو النيترون.
وحديثنا السابق كان حول الذرة المتعادلة الشحنات كهربائيًا، لكن في الحقيقة الذرات يمكنها فقدان أو اكتساب الكترونات سالبة، لكن عدد البروتونات لا يتغير بالنواة، فلو اكتسبت الذرة الكترونات تصبح الذرة سالبة الشحنة لأن عدد الإلكترونات تزيد علي عدد البروتونات بالنواة، ولو فقدت الذرة الكترونات تصبح الذرة موجبة الشحنة لأن عدد البروتونات بالنواة يزيد علي عدد الإلكترونات، وكل ذرة لها شحنة تسمى (an ion) ايون (15)، وهناك شىء لافت للنظر يحدث بين البروتونات والإلكترونات: فدائما ينجذب البروتون نحو الإلكترون، بينما يتنافر البروتون مع البروتونات الأخرى، ويتنافر الإلكترون مع الإلكترونات لأخرى، وهذا السلوك سببه شيئًا يسمى القوة الكهربية (The electric force)، فالبروتونات موجبة الشحنة بينما الإلكترونات سالبة الشحنة، وأي جسمين لهما نفس نوع الشحنة يبتعدان عن بعضهما البعض، بينما جسمين لهما شحنات مختلفة ينجذبان إلي بعضهما البعض) (16)
=*=*=*=*=*=*=
15- Atomic theory, in English wikipedia
http://en.wikipedia.org/wiki/Atomic_theory
16- Swanson Technologies, Electricity Tutorial,
http://www.swansontec.com/set.htm
- الخصائص الكهربائية للأمشاج
في الجزء المبكر من القرن العشرين، بدأت فكرة حدوث تغيير كهربائي أثناء عملية الإخصاب في الظهور، وذلك بالتماثل لما يحدث عند الاستثارة الكهربية للعصب والعضلة، وساد الاعتقاد بأن مؤثرًا كهربائيًا يؤدي إلي بداية تطور البييضة عند الإخصاب، وأجريت محاولات عديدة لقياس التغير المحتمل الذي قد يحدث أثناء الإخصاب (١٧)، ومن عام ١٩٣٣م،استنتج اثنان من العلماء الروس وهما "شرودر" (SCHROEDER) و"كولتزووف" (KOLTZOFF)، أنه من الممكن فصل الحوينات المنوية التي تحمل الصبغى (x) من التى تحمل الصبغى (Y) عن طريق شحنة من "القطب الموجب" (الانود، anode) أو "القطب السالب" (الكاثود، cathode).
وفي عام ١٩٩٠، وجد عالم في "جامعة روسكووف" (Roscoff university) أن التقاء الحوين المنوي مع البييضة يسبب حدوث حلقة مضيئة تتأثر بالكهرباء، مما أثبت حدوث تدخل كهربائي أثناء عملية الإخصاب، وفي عام ١٩٩٢، أثبت في الجامعة العلمية بطوكيو النتائج التي توصل إليها العالمان الروسيان "شرودر" (SCHROEDER) و"كولتزووف" ( KOLTZOFF)، وأمكن تميز القدرة علي فصل الحوينات المنوية الحاملة للصبغي (Y) عن تلك الحاملة (x) باستخدام طريقة "التحليل الكهربائي" (Electrolysis)، وفى عام 1994 أنهى (Patrick Schoun) "باتريك شوون" 15 عام دراسة علي ألوف من حالات دراسية من الثدييات وأتبعها في عام ١٩٩٦ بإجراء تجاربه النهائية علي "طريقة أختيار الطفل" الصحيح (Right Baby Method) التي تعتمد على 155 من البشر وأظهرت معدل نجاح98.7 % (18)، وأدت أبحاث "باترك شوون" إلي اكتشاف شحنة كهربائية علي الغشاء الخلوي للبييضة، وهذه الشحنة غير ثابتة، ولكنها تتغير من موجبة إلي متعادلة وإلي سالبة في دورة، سميت "بالدورة القطبية للغشاء الخلوي للبييضة" (The polarity cycle of the ovum membrane) ووجد أن هذه الدورة من الممكن توقعها، إلا أنها منفصلة تماما عن دورة الطمث (الحيض)، هذه الدورة القطبية، والتي لا يعرفها معظمنا، توجد بالإضافة إلي دورة المبيض دورة الطمث، فعندما يكون الغشاء الخلوي للبييضة متعادل الشحنة، تستطيع الحوينات المنوية الحاملة للصبغي (x) أو (Y) الاتحاد مع البييضة وتخصيبها وخلال هذه الفترة تكون فرص الحصول علي طفل ذكر أو طفل أنثى هي 50:50، وعندما يكون الغشاء الخلوي للبييضة موجب الشحنة، فإنه يجذب إليه الحيون المنوي الحامل للصبغي الجنسي (X) (الذي يحمل شحنة سالبة) وينتج طفل أنثى (انظر شكل 4).
وعندما يكون الغشاء الخلوي للبييضة سالب الشحنة، فإنه يجذب إليه الحوين المنوي الحامل للصبغي (Y) (انظر الشكل 5) (19)
ولقد تمكن "باتريك شون" من التعرف علي وجود ذلك في فترة زمنية ثابتة يمكن التنبؤ بها وهي بين ٦٥ إلي ٧٠ يوم كل سنة لكل جنس (انظر شكل ٦)،
وباقي الأيام لا يمكن تخمينها تسمى (Neutral days) "الأيام المتعادلة" (20)، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن خلايا الأمشاج "مولدة للكهرباء" (Electrogenic) أى قادرة على الإستجابة للمؤثرات الكهربائية وتعديل خصائصها الكهربائية خلال الأوقات الحاسمة من النضوج والإخصاب، حيث وجدت قنيات أيونية (Ion channels) موزعة بشكل كبير علي الغشاء الخلوي للبييضة والحوين المنوي في كل حيوانات التجارب التي تمت دراستها، وأن التعديلات الكهربائية التي تحدث في الأمشاج تكون بسبب تيارات من الأيونات التي تمر خلال هذه القنيات الأيونية (٢١)
=*=*=*=*=*=*=
17- Hagiwara S and Jaffe LA (1979): Electrical properties of egg cell membranes . Ann. Rev. Biophys. Bioeng. , 8: 385 – 416
18- Scientific research for the Right Baby method.
http://www.genderselection.info/scientific_review.html
19- Babychoice/Selnas Method , Baby choice Hong Kong
http://www.babychoice.hk/Method.html
20- Your choice boy or girl!, The nationalist , Friday, February 19 , 1999, Editorial
http://www.carlow-nationalist.ie/news/story.asp?j=11443
21- Tosti E and Boni R ( 2004): Electrical events during gamete maturation and fertilization in animals and humans , Human Reproduction Update, Vol.10, No.1 pp.53-65
سادسا: تفسير الحديث في ضوء المكتشفات الحديثة:
قبل تقدم العلم، كان السائد أن مسئولية ولادة طفل ذكر أو أنثي تتحملها المرأة وحدها، ولا يوجد أي دور للرجل في تحديد جنس الطفل، ومع تطور العلوم وتقدم وسائل البحث العلمي واكتشاف نوعين من الحيوانات المنوية؛ هما النوع الحامل للصبغي (Y)، والنوع الحامل للصبغي (X)، ومنذ ذلك الإكتشاف وعلماء الأحياء يعتبرون أن الذكر هو المسئول عن تحديد جنس الطفل ولا يوجد أي دور للمرأة في هذه العملية، وعلي العكس من ذلك كانت الأحاديث الشريفة التي قالها النبي منذ القرن السابع الميلادي تنص بشكل واضح وصريح علي أن تحديد نوع الجنين مسئولية مشتركة بين الرجل والمرأة وهذا، الحديث الذي رواه ثوبان مولي رسول الله يعبر بصدق عن اشتراك الرجل والمرأة في ذلك، والنص في الحديث "ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة: أذْكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنَّثا بإذن الله"، أي أن علو ماء أحدهما يكون سببًا في اكتساب جنس من علا ماؤه، وفي ضوء المكتشفات الحديثة لخصائص الأمشاج الكهربائية، يكون العلو المقصود العلو الكهربائي وهو علو حقيقي وليس علوًا معنويًا.
ولتوضيح ذلك لابد من استرجاع بعض قواعد علم الطبيعة التي تخص الشحنة الكهربائية: يوجد نوعان من "الشحنات الكهربائية" (Electric charge)، وهما "الشحنة الموجبة" (positive) ويرمز لها بالرمز (+): وتعني نقصان عدد كبير من الإلكترونات في الجسم، و"الشحنة السالبة" (negative) ويرمز لها بالرمز (-): وتعني تجمع عدد كبير من الإلكترونات في الجسم، وكما سبق إيضاحه، تتجاذب الشحنات ذات الطبيعة المختلفة، فإذا اقترب جسيمان مشحونان بشحنات ذات طبيعة مختلفة، وكانت للجسيمان حرية الحركة، فإن كلا منهما يجذب الآخر، وإذا كان أحد الجسيمين بروتونًا، والآخر إلكترونًا، فإن البروتون هو الذي يجذب إليه الإلكترون، عند اقترابهما؛ لأن كتلة البروتون أكبر بكثير من كتلة الإلكترون، وأيضا تتنافر الشحنات ذات الطبيعة المتماثلة: أي أن شحنتين موجبتين أو شحنتين سالبتين، إذا اقتربتا لمسافة معينة، تظهر بينهما قوى ميكانيكية، تعمل على دفع الشحنة ذات الكتلة الأقل، بعيدًا عن الشحنة ذات الكتلة الأكبر، بناء علي هذه الحقائق الكهربائية، تكون الشحنة الموجبة هي الأعلى كهربائيًا نظرًا لقدرتها علي جذب الإلكترونات من الشحنة السالبة، وبتطبيق القواعد السابقة علي الخصائص الكهربائية للبييضة وللحوين المنوي عند عملية التخصيب، نجد أنه عندما تكون البييضة "سالبة الشحنة" فإنها تجذب إليها الحوين المنوي (Y) (الذي يحمل شحنة موجبة) وينتج "طفل ذكر"، وبما أن الحامل للصبغي "الشحنة الموجبة" هي الأعلى حسب قواعد الطبيعة يكون مني الرجل هو الأعلى وبذلك يكون علو مني الرجل سببًا في إنجاب "طفل ذكر"، وهذا يطابق ما أوضحه الحديث النبوي بشكل مذهل "فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة: أذكرا بإذن الله"، وأما إذا كانت البييضة موجبة الشحنة فإنها تجذب إليها الحوين المنوي الحامل للصبغي (X) (الذي يحمل شحنة سالبة) وينتج "طفل أنثى"، وهذا ما أوضحه أيضا الحديث النبوي "وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثا بإذن الله"، أي هناك دور مشترك للرجل والمرأة في تحديد جنس الطفل، ومن خلال العرض السابق يتضح لنا صدق حديث النبي ويقدم إعجازًا علميًا جديدًا يضاف إلي ما سبق من معجزات نبوية والتي لابد أن تكون وحيا من الله العليم الذي يعلم كل شيء، ما نعلم وما لا نعلم، يقول الله تعالي: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]
سابعا: أراء السابقين في تفسير النصوص في الميزان:
ذكر الشيخ عبد الرشيد قاسم في دراسة قيمة آراء علماء السلف عن هذا الحديث، كما ذكر فيها أيضا تفسيرات المعاصرين، ومما ذكره الشيخ: "أما المعاصرون فقد فسروا الحديث بعدة تفسيرات، ومن أبرزها: الأول: إذا علا مني الرجل مني المرأة: أي جاء فوقه، وبالطبع لا يأتي شيء فوق شيء إلا إذا كان هذا الشيء موجودًا قبل، وهذا يعني أن المرأة تصل إلى ذروتها فيأتي سائله المنوي بعد إفرازات المرأة ويأتي فوقه، وفي هذه الحالة يأتي المولود "ذكرًا" "بإذن الله"، وأما إذا علا مني المرأة مني الرجل أي إذا وصلت المرأة ذروتها وقذفت بالسوائل في المهبل بعد أن يقذف الرجل سائله المنوي في مهبلها وتأتي إفرازاتها على سائل الرجل المنوي فإن المولود يكون "أنثى" حيث يصل الرجل أولا ثم المرأة ووصول المرأة لذروتها بعد الرجل يساعد على إنجاب البنات" (٢٢)، وفي الحقيقة الرأي السابق قد جانبه التوفيق، وذلك من جهتين: أولا، لأنه يفترض أن السوائل التي تفرزها المرأة عندما تصل إلي ذروتها هي منيها الذي يقابل مني الرجل، وهذا كما سبق إيضاحه غير صحيح علميا، ثانيًا: يفترض هذا الرأي أن أحد المنيين يكون موجودًا ويأتي الآخر فوقه، وأيضا هذا التأويل يعتبر غير صحيح علميًا، فمن المعروف أن من خواص السوائل أنها تمتزج مع بعضها البعض عن اختلاطها، فلا يقع أحدهما علي الآخر خاصة إذا كانت كثافتهما متقاربة كما هو الحال في السوائل التي يفرزها جسم الإنسان كالمني وغيره.
ومن الآراء السابقة أيضًا والتي تبحث في العوامل التي تتحكم في جنس الجنين، ما ذكره الدكتور النشواتي: "لقد تبين أن أهم العوامل التي تتحكم بجنس الجنين تفاعل مفرزات عنق الرحم قبيل القذف، والرعشة لدي الزوجة، وكما أسلفت فإن الحيوانات المنوية علي نوعين: أحدهما يحمل صفات الذكورة وفي داخله الصبغي (y)، وهو سريع الحركة وذو رأس صغير مدبب مغزلي الشكل وذيله طويل ودقيق
ويتأثر وبشدة في الوسط الحامضي، فهو يتثبط ويفنى عدد كبير منه بفعل سوائل ومفرزات عنق الرحم الحامضية التفاعل، ويتحرض وينشط في الوسط القلوي، أما النوع الآخر فهو بطيء الحركة ورأسه كبير نسبيًا ومستدير وذيله قصير وغليظ، ويحتوي في داخله الكروموسوم (x) الذي يمثل الصفات الأنثوية والجنس الأنثوي، وهو يتحرض في الوسط الحامضي ويتثبط في الوسط القاعدي"، ويضيف الدكتور النشواتي في فقرة أخري عند الإثارة الجنسية التامة للزوجة تزداد مفرزات عنق الرحم غزارة وتصبح قلوية التفاعل، خصوصًا إذا بلغت المرأة قمة النشوة فاستجابت وارتعشت، وبما أن السوائل القلوية تنشِّط سباحة وحركة الحوينات المنوية الذكرية الصفات وتثبِّط في الوقت ذاته النطف الأنثوية الصفات، لذا ستنفق الغالبية العظمى من النطف الأخيرة وسيتثبط ما بقي منها، فتتخلف وتنسحب من السباق، بينما تسعى النطف المذكرة بحرية ونشاط فائقين لتحظى بشرف تلقيح البويضة ونجاب مولود مذكر "بإذن الله تعالي"، أما إذا لم تبلغ الزوجة مرحلة الرعشة، كأن تكون مصابة بالبرود الجنسي فإن مفرزاتها ستبقي حامضية وستكون السبب في إنجاب البنات من دون البنين، مالم تراجع الطبيب وتتقيد بالمعالجة (١٤)، وفي الفقرة السابقة ورد أكثر تفسير علمي شائع لقضية تحديد الجنس، وبالرغم من صحة الخصائص الطبيعية والكيميائية لنوعي الحيوانات المنوية، إلا أنه هناك العديد من التأويلات الغيرصائبة في تفسير سلوك هذه الحيوانات المنوية وتفاعلها مع إفرازات المرأة، وهي:
أولا: من المعروف أن تفاعل المهبل حمضي في الظروف الطبيعية (pH 3.8 – 4.5)، إلا أنها قد تصبح قلوية (4.5 < pH) لأسباب طبيعية غيرمعدية: في أثناء الطمث، زيادة إفراز عنق الرحم( وقت التبويض)، بعد اللقاء الجنسي (بسبب وجود السائل المنوي) (٢٣)، وتنتج هذه الحموضة بسبب وجود العصيات اللبنية (عصيات دودرلين، Doderlin's bacilli) عن طريق إفراز مواد حمضية التفاعل (٢٤) وفي الظروف الطبيعية، تعتبر هذه الدرجة البسيطة من الحموضة في المهبل واحدة من الآليات الوقائية للمهبل ضد الجراثيم الضارة (25).
=*=*=*=*=*=*=
١٤ . النشواتي، محمد نبيل، الإعجاز الإلهي في خلق الإنسان وتفنيد نظرية داروين. دار القلم، دمشق.
٢٢ - قاسم، عبد الرشيد محمد أمين، "اختيار جنس الجنين " دراسة فقهية طبية طبع ونشر دار الأسدي بمكة المكرمة .
24- Mardh, (1991): The vaginal ecosystem. Am. J. Obst. & Gyn., 165: 1163 – 68
25- Hanna, N. F., D. Taylor-Robinson, M. Kalodiki-Karamanoli, J. R. Harris, and Mc Fadyen I. R. (1985): The relation between vaginal pH and the microbiological status in vaginitis. Br. J. Obstet. Gynaecol., 92:1267-1271
ثانيًا: بعد القذف مباشرة، تقوم "بلازما السائل المنوي" (Seminal plasma) بتكوين "كتلة متخثرة من المني" (Coagulum)، بتأثير وجود عناصر مسببة للتخثر تنتجها "الحويصلات المنوية" (Seminal vesicles)، يتم إذابة هذا التخثر بواسطة إنزيمات من السائل المنوي أفرزتها غدة البروستاتة، وفي الظروف الطبيعية تستغرق هذه الإذابة من ١٠ إلي ٣٠ دقيقة، وفي الظروف الطبيعية، يكون للسائل المنوي،وهو قلوي التفاعل قليلا (PH:7.2-8)، قدرة عالية علي معادلة تأثير الحموضة داخل المهبل ذات التأثير الضار للحوينات المنوية (٢٦)، ولقد أثبتت الدراسات أهمية هذا التخثر للسائل المنوي وأن "السمنوجلين" (Semenogelin) هو البروتين الرئيسي في السائل المنوي المتخثر، وهو يوجد بتركيزات عالية في إفرازات "الحويصلة المنوية"، وهو لايؤثر علي حركة الحوينات المنوية ولكنه يمنع تماما الحدوث المبكر لعملية التمكين (Capacitation)، وهي سلسلة التحولات التي تحدث للحوينات المنوية لتجعلها قادرة على التلقيح (27).
ثالثًا: يفرز عنق الرحم مادة هلامية تسمى "بمخاط عنق الرحم" (Cervical mucus) وتتغير خواصه مع دورة الطمث، فخلال النصف الأول من الدورة، يكون المخاط مائي غزير وصافي وذو مرونة وهذا النوع تتمكن الحوينات المنوية من اختراقه بسهولة بعد اللقاء الجنسي لتصل إلي داخل الرحم، أما في النصف الثاني من الدورة، أي بعد التبويض، تتغير نوعية المخاط، فيصير أقل في الكمية وأكثر سمكًا وأقل صفاءًا، ولا تستطيع الحوينات المنوية اختراقه ويكون كسد يمنع دخولها إلي داخل الرحم، وحتى إذا تم اللقاء الجنسي في الوقت الذي تكون فيه نوعية مخاط عنق الرحم أكثر ملائمة (للإخصاب)، فإن حوين واحد فقط من كل ألفين يخترق مخاط عنق الرحم، ويظل بقية الحوينات داخل المهبل حيث تفنى سريعًا بسبب تأثير حموضة المهبل عليها، وتعيش الحوينات المنوية التي اخترقت هذا المخاط مدة أطول، قد تصل إلي عدة أيام بعد اللقاء الجنسي، وبمجرد دخول الحوينات المنوية إلي داخل المخاط فإنها تسبح بثبات فيه إلي الأعلى باتجاه الرحم خلال فترة تتراوح بين ٤٨ إلي ٧٢ ساعة، وبذلك يعمل مخاط عنق الرحم كمستودع للحوينات المنوية، وتخزينها في حالة عدم حدوث لقاء جنسي وقت التبويض، ولهذا فلا داعي للقاء الجنسي يوميًا عند الرغبة في الحمل، ويقوم مخاط عنق الرحم أيضًا بالعمل كمرشح يسمح فقط بالمرور لأفضل الحوينات خلاله إلي الرحم، ومن ثم إلي أعلي نحو البييضة الموجودة في قناة فالوب (28).
رابعًا: عندما تحدث النشوة للمرأة، فإن "عنق الرحم" (Cervix)، وهو فم الرحم، ينقبض عندما يتحرك الرحم، وهذا يجعل الرحم ينغمس في المهبل، بحيث إذا كان الرجل قد حدثت له النشوة، تكون هذه المنطقة غنية بالمني، وهذه الحركة لعنق الرحم تقوم في الحقيقة بعملية سحب للسائل المنوي إلي داخل عنق الرحم وبالتالي إلي داخل الرحم لتسهيل مروره في اتجاه البييضة الناضجة (29).
ومن خلال الحقائق العلمية السابقة، يتضح أن السائل المنوي يتخثر بعد القذف مباشرة مكونًا طبقة عازلة ذات تفاعل قلوي تحمي الحوينات المنوية من تأثير حموضة المهبل وتمنع إعدادها مبكرًا لعملية الإخصاب، أي أن الوسط الكيميائي للمهبل سيكون قلويًا بتأثير قلوية السائل المنوي بعد اللقاء الجنسي وهذا يدل علي أنه لا دور للحموضة في عملية انتقاء الحوينات، وبعد حدوث إذابة للمني المتخثر، تكون نسبة من الحوينات المنوية قد اخترقت مخاط عنق الرحم في طريقها إلي داخل الرحم، ومخاط عنق الرحم عند التبويض يكون أيضًا قلوي التفاعل ولا يسمح إلا بمرور الحوينات الأفضل والأنشط، وفي أثناء مرور الحوينات المنوية داخل القناة التناسلية الأنثوية، تبدأ عملية التمكين للحوينات المنوية لكي تتمكن من تخصيب البييضة، أي أن مخاط عنق الرحم يعمل علي فصل للحوينات الأفضل، سواء الحاملة للذكورة أو الحاملة للأنوثة، وأيضًا المساعدة في زيادة قدرتها علي التخصيب، كما أن لا يوجد دور لحدوث النشوة عند المرأة في ترجيح جنس للجنين علي آخر، سواء حدثت قبل أو بعد نشوة الرجل، ولكن حدوثها بعد نشوة الرجل يزيد فقط من فرصة الحمل .
لقد أغفل العلماء الباحثون الأوائل في مجال التلقيح ونشأة الكائنات وأيضًا المفسرون للحديث إمكانية وجود عناصر أخرى غير مرئية تعمل علي ترجيح كفة جنس على آخر أثناء اندماج الحوين المنوي مع البييضة، وهذا ما يقدمه البحث ويبين أن الخصائص الكهربائية للأمشاج، وهي صفات غير مرئية أثبت وجودها العلم الحديث، تتحكم في تحديد نوع الجنين، وأن العلو المذكور في الحديث علوًا حقيقيًا في نوع الشحنة الكهربية، بحيث يكتسب الجنين نوع المشيج الذي يحمل الشحنة الكهربائية الأعلى (الموجبة)، والدليل علي ذلك أنه بعد عملية التبويض، ينطلق إلي أنبوب الرحم المركب المكون من البييضة وخلايا الركام المبيضي (Cumulus-oocyte complex) بالإضافة إلي السائل الحويصلي أو الجريبي (Follicular fluid) وبذلك قد يوجد هذا السائل في مكان التخصيب (٣٠)، ولقد اكتشف حديثًا أن السائل الحويصلي يحتوي علي نوعين من البروتينات السكرية (Glycoproteins) هما (ZIF-1 and ZIF-2)، ويعملا علي تثبيط التصاق الحوينات المنوية بالمنطقة الشفافة للبييضة ( ٣١ )، وبالرغم من أن وجود السائل الحويصلي في بيئة هذا الجزء من أنبوب الرحم قد يسبب انخفاض عدد الحوينات المنوية التي ترتبط ( تلتصق) بالمنطقة الشفافة للبييضة ( Zona pellucida)، إلا أن هذا الانخفاض لم يصاحبه فقدان الحوينات المنوية لحيويتها، أو حركتها، ولم يسبب لها حدوث مبكر (Acrosomal reaction ) لتفاعل القلنسوة (32 )، وفيما يبدو أن خلايا الركام المبيضي المحيط بالبييضة، تعمل علي مقاومة هذا التأثير المثبط لالتصاق الحوينات المنوية بالبييضة ( ٣٣ )، وبناء علي هذه الحقائق يكون تأثير الشحنات الكهربائية للأمشاج هو الأرجح في حدوث التجاذب والاندماج بينها .
=*=*=*=*=*=*=
26- Semen analysis , A-Z Health Guide from WebMD: Medical Tests.
http://www.webmd.com/hw/infertility_...ion/hw5612.asp
27- E. de Lamirande, K. Yoshida, T. M. Yoshiike, T. Iwamoto and C. Gagnon (2001): Semenogelin, the main protein of semen coagulum, inhibits human sperm capacitation by interfering with the superoxide anion generated during this process. Journal Article , Journal of Andrology, Vol 22, Issue 4 672-679
28- Cervical mucus:
http://www.hashmi.com/cervical_mucus.html
29- Female Orgasms and Conception
http://infertility.about.com/od/repr...maleorgasm.htm
30- Hansen C, Srikadakumar A, Downey BR (1991): Presence of follicular fluid in porcine oviduct and its contribution to the acrosome reaction. Mol Reprod Dev 30: 148–153.
31- Yao YQ, Chiu CN, Ip SM, Ho PC, Yeung WSB (1998): Glycoproteins present in human follicular fluid that inhibit the zona-binding capacity of spermatozoa. Hum Reprod 13: 2541– 2547.
32- M. J. Munuce, A. M. Caille, G. Botti and C. L. Berta ( 2004): Modulation of human sperm function by follicular fluid. Andrologia , Volume 36 Issue 6 Page 395
33- Hong SJ, Tse JY, Ho PC, Yeung WS (2003): Cumulus cells reduce the spermatozoa binding inhibitory activity of human follicular fluid. Fertil Steril 79 (Suppl. 1):802–807
الاستنتاج والخلاصة
يعتبر تحديد جنس الجنين من القضايا التي شغلت أذهان البشر منذ قديم الزمان، ليس فقط على مستوي العامة ولكن علي مستوي العلماء والباحثين، ففي البداية كانت المرأة تتهم بأنها هي المسئولة عن تحديد جنس الطفل، وبعد تقدم العلم واكتشاف وجود نوعين من الحوينات المنوية، انتقلت المسئولية إلي الرجل فقط، إلا أن الحديث النبوي الشريف الذي رواه ثوبان، في الجزئية التي سأل فيها اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الولد، أشار بوضوح تام إلي أن تحديد نوع الجنين، ذكرًا كان أو أنثى، يكون بمشاركة الرجل والمرأة معًا، وليس بأحدهما فقط، يقول الحديث: "ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة: أذكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثا بإذن الله"، ولقد ثار الجدل كثيرًا حول هذا الحديث علي مر الزمان بين العلماء والفقهاء من جهة وبين الفقهاء أنفسهم سوءًا السابقين أو المعاصرين، فلقد شكك البعض في صحة الحديث وافترض الاشتباه علي الراوي وأن المقصود الشبه وليس الذكورة والأنوثة، والبعض الآخر لإيمانه بصدق الحديث وثبوته عن رسول الله ، حاولوا التوفيق بينه وبين الأحاديث الواردة عن الشبه، ومحاولة إيجاد علاقة بين العلو والسبق، كلٍ علي قدر اجتهاده في ضوء المتاح من العلوم والمعرفة لديهم في ذلك الوقت، ولقد كان هذا الجدل سببًا للطعن في السنة المطهرة من أعداء الدين والمضللين وبالرغم من تيقننا من أن الحديث لا مطعن فيه، وثقتنا بأن سيدنا "محمد " لا ينطق عن الهوى، إلا أن العلم لم يتمكن من تزويدنا بأدلة مادية تجعلنا قادرين علي الرد علي هؤلاء الملحدين والمشككين، وأخيرا وبعد مرور ما يقرب من ألف وخمسمائة سنة، يظهر الحق ويثبت العلم أن الرجل والمرأة يشتركان في تحديد جنس الطفل، وذلك اعتمادًا علي خصائص غير مرئية وهي الشحنة الكهربية للأمشاج، وأن نوع الجنين يتبع نوع الوالد الذي يكون عناصر منيه أعلى،مصدقًا لما أخبر به نبينا العظيم منذ مئات السنين ويكون استخدام لفظة العلو في الحديث تعبيرًا مدهشًا حيث يعبر بكل دقة ووضوح عن الغلبة والقهر، وبذلك يكون هذا العلو علوًا حقيقيًا وليس معنويا كما كان يعتقد من قبل، وأخيرًا، بعد أن ظهر لنا جليًا الأسباب التي تعمل علي ترجيح نوع علي آخر، فإننا نقر بأن ذلك كله معلق بمشيئة الله سبحانه وتعالي وحده، الذي خلق الأسباب وقادر علي الخلق بالأسباب وبدونها، عز في علاه، قال تعالي: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 49-50]
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=28364
* * * * *
سوء فهم لنقاط أخرى:
ويواصل الكاتب عرض سوء فهمه المتعمَّد للإسلام فيقول:
6- متنوعات
• من أكل الثوم لا يأتى إلى المسجد
قال محمد: "من أكل من هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يقربن مسجدنا". جـ 812:1
• تأثير العين الشريرة
قال محمد: "العين (الشريرة) حق". جـ 636:7
• أي حذاء تبدأ بلبسه؟
قال محمد: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا إنتزع فليبدأ بالشمال". جـ747:7
• لا تتنفس في كوب الشراب
قال محمد: " لا تتنفس في الإناء". جـ156:1
• الله يخيف عباده بكسوف الشمس وخسوف القمر
قال محمد: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد. ولكن الله يخوف بهما عباده". جـ158:2
• الشيطان يبوّل في أذن من لا يستيقظ للصلاة.
"عن عبد الله رضي الله عنه قال: ذُكر عن النبي (ص) رجل فقيل: مازال نائما حتى أصبح ماقام إلى الصلاة. فقال بال الشيطان في أذنه". جـ245:2
• التشاؤب من الشيطان
"عن النبي (ص) قال: التشاؤب من الشيطان". جـ509:4
• النجوم خلقها الله لرجم الشيطان
"خلق هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوماً للشيطان، وعلامات يُهتدي بها". جـ420:4
وأقول له:
ومجموع هذه ثمان نقاط:
أولاً: قال رسول الله : (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزل مصلانا وليقعد في بيته فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) أخرجه مسلم
عن ابن عمر أن النبي قال: (من أكل من هذه الشجرة (يعني الثوم) فلا يقربن مسجدنا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وفي رواية لمسلم: (مساجدنا).
إن أكل الثوم أو البصل أو أى طعام له رائحة منفرة، أو شرب الدخان أو حتى وضع عطر ذو رائحة نفَّاذة، أو اتساخ الحذاء بقذارة ذات رائحة كريهة تضايق المصليين فعليه اعتزال الجماعة، حتى تزول هذه الرائحة أو يتخلص منها. أى تمنعه من التواجد فى أماكن تجمع الناس للصلاة أو لغيرها. فما هذا الذوق الرفيع الذى أتى به الإسلام؟ أليس هذا من باب احترام الإنسان وحقوقه أن يصلى دون تضرر؟ فما الذى يضيرك فى هذا؟ أى ما هو العيب فى ذلك؟ أليس هذا إثبات لرفعة الإسلام، وحرصه على ما ينفع الناس ولا ينفرهم؟ أليس هذا دليل محبة المسلم للآخرين؟
أليست الرائحة الطيبة تسر يهوه/يسوع؟ ألم تنقذ الرائحة الطيبة لشى اللحم البشرية من بطش الرب والإبادة الجماعية التى كان يقوم بها؟ (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) تكوين 8: 20-21
فعلام الاعتراض إذن؟ فهل تنافر الناس ومضايقتهم من باب المحبة فى عرفك؟ وهل الأماكن التى تحفها الملائكة وتتنزل عليها رحمات الله تعالى يجب فى عرفك أن يكون بها رائحة كريهة تنفر المجتمعين؟ هل مراعاة الذوق الرفيع فى لقاء الله والناس يُنفِّرك؟ وهل تأكل أنت البصل أو الثوم وتلتقى بالناس أو بزوجتك؟ أرجو أن تراجع نفسك فى هذا الشأن!
* * *
ثانيًا: وعن اعتراض الكاتب على أن العين تحسد، يقول موقع الأنبا تكلا (الحسد - كشعور - موجود. فنحن نعرف أن قايين حسد أخاه هابيل. ويوسف الصديق حسده أخوته. والسيد المسيح أسلمه كهنة اليهود للموت حسدًا. ونحن في آخر صلاة الشكر، نقول "كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان أنزعه عنا". الحسد إذن موجود، ولكن "ضربة العين" لا نؤمن بوجودها.)
(لا تستشر من يرصدك، واكتم مشورتك عمن يحسدك) يشوع بن سيراخ 37: 7
تعريف الحسد وكيف يتم:
الحسد هو أن يتمنى شخص زوال النعمة من شخص آخر، وأن تكون له. وهو بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط. والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود. وهي أول معصية وقعت من الخلق لما حسد إبليس آدم، ثم حسد قابيل هابيل.
152730 - أقبلت يهود إلى النبي فقالوا يا أبا القاسم نسألك عن أشياء إن أجبتنا فيها اتبعناك وصدقناك وآمنا بك قال فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على نفسه قالوا الله على ما نقول وكيل قالوا أخبرنا عن علامة النبي قال تنام عيناه ولا ينام قلبه. قالوا: فأخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر قال يلتقي الماءان فإن علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت وإن علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت. قالوا: صدقت. .... الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 4/191 خلاصة الدرجة: صحيح
قال الإمام البخاري ـ واللفظ له ـ ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَنَسٍ قَالَ: (سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ وَهْوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ فَأَتَى النَّبِيَّ ، فَقَال:َ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ، فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ:" أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا قَالَ ...أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ"، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ... الحديث)
وفي رواية عند مسلم عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: (إِذَا عَلَا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ وَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ)،
وفي رواية عنده أيضًا عن أم سلمة رضي الله عنها، قال : (إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا أَوْ سَبَقَ يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ).
والمعنى ظاهر في أن الولد يكون شبهه من ذكورة أو أنوثة بمن علا ماؤه من الزوجين، فإن علا منيُّ الرجل كان الولد ذكرًا، وإن علا منيُّ المرأة كان الولد أنثى بإذن الله،
إذن فالقول بسبق وعلو ماء الرجل ماء المرأة يؤدى إلى كون الجنين ذكرًا ويحمل من صفات الأب وعائلته أكثر منه للمرأة، والعكس صحيح هو من العلوم الربانية التى لا تؤتى إلا لنبى، وأخفاها بنو إسرائيل ليتحققوا من كون هذا الرجل نبيًا مرسلا أم مدعى للنبوة، وقد صدَّق اليهود على صدْق إجابات الرسول ، بل أسلم عبد الله بن سلام زعيم اليهود فى رواية من روايات هذا الحديث.
وأثبت البروفيسور الدكتور سعد حافظ مؤسس علم العقم عند الرجال .. ورئيس مجلتين علميتين في أمريكا، وله 34 كتابًا، وقد عكف على دراسة العلاقة بين ماء الرجل وماء المرأة عشر سنوات مستخدمًا الميكروسكوب الألكتروني والكمبيوتر .. يقول البروفيسور: وصدفة وصلت إلى النتيجة التي نقولها في هذا الحديث!! (حقيقة صحيحة مئة في المئة). ماء الرجل قلوي، وماء المرأة حمضي .. فإذا التقى الماءان وغلب ماء المرأة ماء الرجل، وكان الوسط حامضيًا تضعف حركة الحيوانات المنوية التي تحمل خصائص الأنوثة في تلقيح البويضة فيكون المولود أنثى والعكس صحيح! سبحان الله!!
ويقول أ.د. جمال حامد السيد حسانين، أستاذ التشريح والأجنة بكلية الطب البشري، جامعة الزقازيق - جمهورية مصر العربية، فى بحثه المشارك فيه عن (المسئولية المشتركة للرجل والمرأة فى تحديد نوع الجنين: إعجازًا علميًا للحديث النبوي الذي رواه ثوبان)
المؤتمر الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة دولة الكويت
http://www.youtube.com/watch?v=CIzV4DLNE4Q
http://www.youtube.com/watch?v=8S9gIiP0ugw
ففى رواية عند مسلم عن ثوبان مرفوعًا: (مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ).
أولا: البحث اللغوي:
تشترك الأحاديث التي تناقش سبب الشبه لأحد الأبوين وسبب الإذكار والإيناث في كلمة العلو وكلمة السبق، ولذلك يجب فهم دلالتها اللغوية:
أولا العلو: قال ابن فارس: "علو: العين واللام والحرف المعتل ياء كان أو واوًا أو ألفًا أصل واحد يدل على السمو والارتفاع لا يشذ عنه شيء "(1)، ومن معاني كلمة علا في اللغة ، يقول الرازي: (علا) غلبه. وعلاه بالسيف ضربه (2)، كما قال الراغب الأ صفهاني أيضا في معني كلمة عَلا: العلوُ ضد السفل، والعلوي والسفلي المنسوب إليهما، والعلو الارتفاع وقد علا يعلو علوا وهوعال، وعَلي يَعَلي علا فهو علي، فعلا بالفتح في الأمكنة والأجسام أكثر (3)
ثانيا السبق : قال بن فارس: "سبق: السين والباء والقاف أصل واحد صحيح يدل على التقدم" يقال سبق يسبق سبقًا (1)، وقال ابن منظور، السبق، القدمة في الجري وفي كل شيء (4)، وذكر الراغب الأصفهاني أيضا، سبق أصل السبق التقدم في السير والاستباق التسابق (3)، ويقول رشيد رضا، والاستباق تكلف السبق، وهو الغرض من المسابقة والتسابق، بصفة المشاركة التي يقصد بها الغلب، وقد يقصد لذاته أو لغرض آخر في السبق، ومنه {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة: 48]، فهذا يقصد به السبق لذاته لا للغلب كما قال الراغب الأ صفهاني أيضا في معني كلمة علا: العلوُ ضد السفل (5)
=*=*=*=*=*=*=
١. ابن فارس ، أبو الحسين أحمد بن زكريا ، معجم مقاييس اللغة.
٢. الرازي ، محمد بن أبي بكر عبد القادر ، مختار الصحاح .
٣. الراغب الأصفهاني ، أبي القاسم الحسين بن محمد بن الفضل ، المفردات في غريب القرآن .
٤. ابن منظور ، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن علي بن أحمد ، لسان العرب.
٥. رضا ، محمد رشيد ، تفسير المنار.
ثانيا أراء الفقهاء حول الحديث:
ذكر ابن القيم رحمه الله: "وقد أجرى الله العادة بأن التوالد لا يكون إلا بين أصلين يتولد من بينهما ثالث، ومني الرجل وحده لا يتولد منه الولد، ما لم يمازجه مادة أخرى من الأنثى، وقد اعترف أرباب القول الآخر بذلك، وقالوا: لابد من وجود مادة بيضاء لزجة للمرأة تصير مادة لبدن الجنين، ولكن نازعوا هل فيها قوة عاقدة، كما في مني الرجل أم لا، وقد أدخل النبي هذه المسألة في الحديث الذى رواه مسلم في صحيحه من حديث ثوبان مولاه حيث سأله اليهود عن الولد فقال "ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثى بإذن الله" نعم لمني الرجل خاصة الغلظ والبياض والخروج بدفق ودفع فإن أراد من مني المرأة انتفاء ذلك عنها أصاب ومني المرأة خاصته الرقة والصفرة والسيلان بغير دفع فإن نفي ذلك عنها أخطأ وفي كل من الماءين قوة فإذا انضم أحدهما إلى الآخر اكتسبا قوة ثالثة وهي من أسباب تكوين الجنين.
وقال أيضا رحمه الله: والسبب الموجب مشيئة الله فقد يسبب بضد السبب وقد يرتب عليه ضد مقتضاه ولا يكون في ذلك مخالفة لحكمته كما لا يكون تعجيزا لقدرته وقد أشار في الحديث إلى هذا بقوله "أذكر وأنثى بإذن الله" وقد قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} الشورى: 49-50
فأخبر سبحانه أن ذلك عائد إلى مشيئته وأنه قد يهب الذكور فقط والإناث فقط وقد يجمع للوالدين بين النوعين معًا وقد يخليهما عنهما معًا وأن ذلك كما هو راجع إلى مشيئته فهو متعلق بعلمه وقدرته"(6) وقال ابن حجر رحمه الله: "والذى يظهر ما قلته وهو تأويل العلو فى حديث عائشة وأما حديث ثوبان فيبقى العلو فيه على ظاهره فيكون السبق علامة التذكير والتأنيث والعلو علامة الشبه فيرتفع الإشكال، وكأن المراد بالعلو الذي يكون سبب الشبه بحسب الكثرة بحيث يصير الآخر مغمورًا فيه فبذلك يحصل الشبه، وينقسم ذلك ستة أقسام:
الأول أن يسبق ماء الرجل ويكون أكثر فيحصل له الذكورة والشبه، والثاني عكسه،
والثالث أن يسبق ماء الرجل ويكون ماء المرأة أكثر فتحصل الذكورة والشبه للمرأة، والرابع عكسه،
والخامس أن يسبق ماء الرجل ويستويان فيذكر ولا يختص بشبه، والسادس عكسه" (٧)،
وقال النووي رحمه الله: عند قول النبي "إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر" :هذا أصل عظيم في بيان صفة المني وهذه صفته في حال السلامة وفي الغالب، قال العلماء: مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفقه بعد دفقه، ويخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه، وإذا خرج استعقب خروجه فتور ورائحة كرائحة طْلع النخل ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين، .. (وقد يتغير لون المني بأسباب منها) .. أن يمرض فيصير منيه رقيقًا أصفر أو يسترخي وعاء المني فيسيل من غير التذاذ وشهوة أو يستكثر من الجماع فيحمر ويصير كماء اللحم وربما يخرج دمًا عبيطًا، ثم إن خواص المني التي عليها الاعتماد في كونه منيًا ثلاث: أحدها الخروج بشهوة مع الفتور عقِبه. والثانية: الرائحة التي شبه رائحة الطَّلع كما سبق. الثالث: الخروج بدْفق ودْفعات، وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيًا ولا يشترط اجتماعها فيه، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيًا وغلب على الظن كونه ليس منيًا هذا كله في مني الرجل، وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يبييض لَفضل ُقوتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما أحدهما أن رائحته كرائحة مني الرجل والثانية التلذذ بخروجه وفتور قوتها عقب خروجه .
وقال أيضا رحمه الله: "العلو والسبق بمعني واحد فتكون اللفظتان معناهما واحد، قال العلماء: يجوز أن يكون المراد بالعلو هنا السبق، ويجوز أن يكون المراد الكثرة والقوة أي بحسب كثرة الشهوة فإن كانت للرجل أذكر "بإذن الله" وإن كانت المرأة أكثر شهوة أنث "بإذن الله" ( ٨)، وقال القرطبي رحمه الله: "...والذي يتعين تأويله الذي في حديث ثوبان، فيقال: إن العلو معناه سبق الماء إلى الرحم، ووجهه: أن العلو معناه الغلبة، ويؤيد هذا التأويل قوله في الحديث: "إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أذْكرا، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل أنَّثا "( ٩)، كما ذكر الزرقاني مثل ذلك: "إن العلو الوارد في الأحاديث معناه سبق الماء إلى الرحم، ووجهه: أن العلو لما كان معناه الغلبة والسابق غالب في ابتدائه في الخروج قيل غلبه وعلاه، ويؤيده أنه ورد في رواية مسلم "إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أذكرا، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل أنثا" (١٠)
=*=*=*=*=*=*=
٦. ابن القيم، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي، التبيان في أقسام القرآن .
٧. ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني، فتح الباري .
٨. النووي، محيي الدين أبو زكريا يحيي بن شرف بن موري بن حسن بن حزم، شرح النووي علي صحيح مسلم .
٩. القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن.
١٠ . الزرقاني، محمد بن عبد الباقى بن يوسف، شرح الزرقاني علي موطأ مالك، دار الكتب العلمية، بيروت .
ثالثا: ماء المرأة المقابل لماء الرجل في الطب:
لقد قرر القرآن الكريم في الآيات التي تتحدث عن خلق نسل سيدنا آدم أن الخلق يكون من الماء، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا..} (سورة الفرقان، الآية: ٥٤ )، ولقد وصف "الله سبحانه وتعالي" هذا الماء بأنه دافق، قال تعالي: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (6) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} (سورة الطارق، الآيتان: 5-6)، وأيضا بأنه مهين، قال تعالي: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (سورة السجدة، آية: ٨)، كما قال تعالي أيضا: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (سورة المرسلات، آية: ٢٠)، وبالنظر في الآيات السابقة يتبين لنا أن القرآن الكريم لم يوضح ماء الرجل من ماء المرأة، ولكن المعني الضمني يشير إلي احتواء هذا الماء علي عناصر الخلق الأولية التي يتكون منها الإنسان، والسنة المطهرة تؤكد أن الخلق يكون من الرجل والمرأة معًا، فلقد ورد عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "مر يهودي برسول الله وهو يحدث أصحابه فقالت قريش: يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي، قال فجاء حتى جلس ثم قال: يا محمد مم يخلق الولد؟ فقال رسول الله : "يا يهودي من كلٍ يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة" (١١)، وهذا يدل علي أن الخلق يكون من الرجل والمرأة معًا وأن مصطلح النطفة يعبر عن الجزء من الماء الدافق أو المهين الذي يستخلص منه عناصر خلق الإنسان الأولية والتي يتكون منها الولد، ولقد أثبت العلم الحديث أن خلق الإنسان يكون من اندماج الحيوان المنوي الذكري وبويضة الأنثى، وبذلك يكون الحيوان المنوي هو نطفة الرجل وتكون البويضة هي نطفة المرأة، كما يكون من الضروري أن يكون الماء الدافق أو المهين هو الذي يحمل تلك النطف ومعبرًا عن ماءي الرجل والمرأة معا.
قال العلماء في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة: {يخرج ماء الرجل متدفقًا ويشير إلي هذا التدفق قوله تعالي: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (6) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} (سورة الطارق، الآيتان: 5-6) ومما يلفت النظر أن القرآن الكريم يسند التدفق للماء نفسه مما يشير إلي أن للماء قوة دفق ذاتية، وقد أثبت العلم في العصر الحديث أن المنويات التي يحتويها ماء الرجل لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة وهذا شرط للإخصاب، وقد أثبت العلم أيضًا أن ماء المرأة الذي يحمل البويضة يخرج متدفقًا إلي قناة الرحم (فالوب)، وأن البييضة لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة حتى يتم الإخصاب" (١٢)، وذكر الدكتور البار: "إن الحيوانات المنوية يحملها ماء دافق هو ماء المني، كذلك البويضة في المبيض تكون في حويصلة جراف (Graafian Follicles)، محاطة بالماء، فإذا انفجرت الحويصلة تدفق الماء وتلقفت أهداب البوق البويضة لتدخلها إلى قناة الرحم، حيث تلتقي بالحيوان المنوي لتكون النطفة الأمشاج، هذا الماء يحمل البويضة تمامًا كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية، كلاهما يتدفق، وكلاهما يخرج من بين الصلب والترائب: من الغدة التناسلية؛ الخصية أو المبيض.. وتتضح مرة أخرى معاني الآية الكريمة {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)} [الطارق: 5-7]، في إعجازها العلمي الرائع: ماء دافق من الخصية يحمل الحيوانات المنوية، وماء دافق من حويصلة جراف بالمبيض يحمل البويضة"، كما أوضح أيضًا الدكتور البار وصفًا علميًا دقيقًا لماء المرأة: "إن للمرأة نوعين من الماء، أولهما: ماء لزج يسيل ولا يتدفق، وهو ماء المهبل، وليس له علاقة في تكوين الجنين، وثانيهما: ماء يتدفق وهو يخرج مرة واحدة من حويصلة جراف (Graafian Follicles) بالمبيض عندما تقترب هذه الحويصلة المليئة بالماء الأصفر من حافة المبيض فإنها تنفجر ويتدفق منها الماء الأصفر حاملا البييضة.." (١٣).
=*=*=*=*=*=*=
١١ . أحمد، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، مسند أحمد .
١٢ . مارشال جونسون، عبد المجيد الزنداني، مصطفى أحمد: وصف التخليق البشري في مرحلة النطفة، في: "علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة".
١٣ . البار، محمد علي، خلق الإنسان بين الطب والقرآن.الدار السعودية للنشر.
رابعا:الإخصاب وتحديد جنس الجنين:
خلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البييضة في ماء المرأة في قناة البييضات (قناة فالوب) ولا يصل من ماء الرجل إلا القليل ويخترق منوي واحد البييضة، ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات، وبدخول المنوي في البييضة تتكون النطفة الأمشاج، ومعني (نطفة أمشاج): أي قطرة مختلطة من مائيين، وهذه النطفة الأمشاج تعرف علميًا عند بدء تكونها (بالزيجوت)، ويشير القرآن الكريم إلي النطفة الأمشاج بقوله تعالي:{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 2]
وهناك نقطة هامة تتصل بهذا النص وهي أن كلمة (نطفة): اسم مفرد، أما كلمة (أمشاج) فهي صفة في صيغة الجمع (١١)، أي أنها عبارة عن كيان مفرد علي شكل قطرة تناسلية "أي نطفة" مكونة من اختلاط أمشاج (خلايا تناسلية) ذكرية وأنثوية، وهذا يعني أن الإخصاب لا يحدث من كل السوائل التناسلية وأنه هناك اختيار خاص لعناصر الإخصاب وتتطابق هذه الحقائق العلمية مع الحديث النبوي الشريف الذي يحدد بوضوح ودقة أن خلق نسل الإنسان لا يكون من كل ماء الرجل والمرأة ولكنه يحدث من جزء ضئيل فقط منهما: "ما من كل الماء يكون الولد ..." (صحيح مسلم كتاب النكاح، باب العزل) .
وعن تحديد جنس المولود ذكر الدكتور النشواتي: "ومن آيات الإعجاز الأخرى ما جاء في {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)} [عبس: 17-19]، تفصح الآيات عن أن جنس الجنين يتحدد ويقدر ذكرًا سيكون أم أنثى منذ اللحظات الأولى من حياته الجنينية، أي منذ التقاء نطفة والده بنطفة والدته، وكما هو معروف فإن في الحيوان المنوي ٢٣ كروموسومًا، الأخير منها صبغي جنسي، لقد تبين أن ٥٠ في المئة من الحيوانات المنوية تحمل صفات الأنوثة (أي الكروموسوم x)، بينما تحمل الـ٥٠ بالمئة المتبقية الصبغي المذكر (y)، أما الأنثى فهي تحتوي حصرًا، الكروموسوم الأنثوي الصفات (x)، فإذا لقح حيوان منوي يحمل صفات الذكورة، بويضة الأم فإن الناتج الصبغي الجنسي للجنين سيكون (xy)، أي أنه سيكون ذكرًا، أما إذا تم اللقاء بين البويضة وبين حيوان منوي يحمل الصبغي الأنثوي، فإن الصيغة الصبغية للبويضة الملقحة ستكون (xx)، أي أن الجنين سيكون أنثى، وبما أن جنس الجنين يتم فور التقاء الحيوان المنوي بالبويضة، لذا جاءت الآية الكريمة علي هذا النحو المذهل {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} فسبحانك اللهم (14).
=*=*=*=*=*=*=
١١ . أحمد، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، مسند أحمد .
١٤ . النشواتي، محمد نبيل، الإعجاز الإلهي في خلق الإنسان وتفنيد نظرية داروين. دار القلم، دمشق.
خامسا:الطرح العلمي:
١. الخصائص الكهربائية للذرات:
كل ذرة لها قلب يسمي النواة (a nucleus) التي تشكل كتلة الذرة تقريبًا، إلا أنها تشغل حيزًا صغيرًا من حجم الذرة نفسها، لأن معظم الذرة فراغ حول النواة، وبالنواة يوجد جسيمات أصغر هي البروتونات (protons) موجبة الشحنات، والنيترونات (neutrons) متعادلة الشحنات، ويدور بالفراغ حول النواة جسيمات خفيفة جدا تسمي الإلكترونات (electrons)، وكل عنصر بذرته عدد ثابت ومتشابه بالبروتونات بالنواة، والنيترونات لا تحمل شحنات كهروبائية، والإلكترونات جسيمات سلبية الكهربائية تدور في الفراغ حول النواة، وكتلة الإلكترون تعادل (1/2000) كتلة البرتون أو النيترون.
وحديثنا السابق كان حول الذرة المتعادلة الشحنات كهربائيًا، لكن في الحقيقة الذرات يمكنها فقدان أو اكتساب الكترونات سالبة، لكن عدد البروتونات لا يتغير بالنواة، فلو اكتسبت الذرة الكترونات تصبح الذرة سالبة الشحنة لأن عدد الإلكترونات تزيد علي عدد البروتونات بالنواة، ولو فقدت الذرة الكترونات تصبح الذرة موجبة الشحنة لأن عدد البروتونات بالنواة يزيد علي عدد الإلكترونات، وكل ذرة لها شحنة تسمى (an ion) ايون (15)، وهناك شىء لافت للنظر يحدث بين البروتونات والإلكترونات: فدائما ينجذب البروتون نحو الإلكترون، بينما يتنافر البروتون مع البروتونات الأخرى، ويتنافر الإلكترون مع الإلكترونات لأخرى، وهذا السلوك سببه شيئًا يسمى القوة الكهربية (The electric force)، فالبروتونات موجبة الشحنة بينما الإلكترونات سالبة الشحنة، وأي جسمين لهما نفس نوع الشحنة يبتعدان عن بعضهما البعض، بينما جسمين لهما شحنات مختلفة ينجذبان إلي بعضهما البعض) (16)
=*=*=*=*=*=*=
15- Atomic theory, in English wikipedia
http://en.wikipedia.org/wiki/Atomic_theory
16- Swanson Technologies, Electricity Tutorial,
http://www.swansontec.com/set.htm
- الخصائص الكهربائية للأمشاج
في الجزء المبكر من القرن العشرين، بدأت فكرة حدوث تغيير كهربائي أثناء عملية الإخصاب في الظهور، وذلك بالتماثل لما يحدث عند الاستثارة الكهربية للعصب والعضلة، وساد الاعتقاد بأن مؤثرًا كهربائيًا يؤدي إلي بداية تطور البييضة عند الإخصاب، وأجريت محاولات عديدة لقياس التغير المحتمل الذي قد يحدث أثناء الإخصاب (١٧)، ومن عام ١٩٣٣م،استنتج اثنان من العلماء الروس وهما "شرودر" (SCHROEDER) و"كولتزووف" (KOLTZOFF)، أنه من الممكن فصل الحوينات المنوية التي تحمل الصبغى (x) من التى تحمل الصبغى (Y) عن طريق شحنة من "القطب الموجب" (الانود، anode) أو "القطب السالب" (الكاثود، cathode).
وفي عام ١٩٩٠، وجد عالم في "جامعة روسكووف" (Roscoff university) أن التقاء الحوين المنوي مع البييضة يسبب حدوث حلقة مضيئة تتأثر بالكهرباء، مما أثبت حدوث تدخل كهربائي أثناء عملية الإخصاب، وفي عام ١٩٩٢، أثبت في الجامعة العلمية بطوكيو النتائج التي توصل إليها العالمان الروسيان "شرودر" (SCHROEDER) و"كولتزووف" ( KOLTZOFF)، وأمكن تميز القدرة علي فصل الحوينات المنوية الحاملة للصبغي (Y) عن تلك الحاملة (x) باستخدام طريقة "التحليل الكهربائي" (Electrolysis)، وفى عام 1994 أنهى (Patrick Schoun) "باتريك شوون" 15 عام دراسة علي ألوف من حالات دراسية من الثدييات وأتبعها في عام ١٩٩٦ بإجراء تجاربه النهائية علي "طريقة أختيار الطفل" الصحيح (Right Baby Method) التي تعتمد على 155 من البشر وأظهرت معدل نجاح98.7 % (18)، وأدت أبحاث "باترك شوون" إلي اكتشاف شحنة كهربائية علي الغشاء الخلوي للبييضة، وهذه الشحنة غير ثابتة، ولكنها تتغير من موجبة إلي متعادلة وإلي سالبة في دورة، سميت "بالدورة القطبية للغشاء الخلوي للبييضة" (The polarity cycle of the ovum membrane) ووجد أن هذه الدورة من الممكن توقعها، إلا أنها منفصلة تماما عن دورة الطمث (الحيض)، هذه الدورة القطبية، والتي لا يعرفها معظمنا، توجد بالإضافة إلي دورة المبيض دورة الطمث، فعندما يكون الغشاء الخلوي للبييضة متعادل الشحنة، تستطيع الحوينات المنوية الحاملة للصبغي (x) أو (Y) الاتحاد مع البييضة وتخصيبها وخلال هذه الفترة تكون فرص الحصول علي طفل ذكر أو طفل أنثى هي 50:50، وعندما يكون الغشاء الخلوي للبييضة موجب الشحنة، فإنه يجذب إليه الحيون المنوي الحامل للصبغي الجنسي (X) (الذي يحمل شحنة سالبة) وينتج طفل أنثى (انظر شكل 4).
وعندما يكون الغشاء الخلوي للبييضة سالب الشحنة، فإنه يجذب إليه الحوين المنوي الحامل للصبغي (Y) (انظر الشكل 5) (19)
ولقد تمكن "باتريك شون" من التعرف علي وجود ذلك في فترة زمنية ثابتة يمكن التنبؤ بها وهي بين ٦٥ إلي ٧٠ يوم كل سنة لكل جنس (انظر شكل ٦)،
وباقي الأيام لا يمكن تخمينها تسمى (Neutral days) "الأيام المتعادلة" (20)، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن خلايا الأمشاج "مولدة للكهرباء" (Electrogenic) أى قادرة على الإستجابة للمؤثرات الكهربائية وتعديل خصائصها الكهربائية خلال الأوقات الحاسمة من النضوج والإخصاب، حيث وجدت قنيات أيونية (Ion channels) موزعة بشكل كبير علي الغشاء الخلوي للبييضة والحوين المنوي في كل حيوانات التجارب التي تمت دراستها، وأن التعديلات الكهربائية التي تحدث في الأمشاج تكون بسبب تيارات من الأيونات التي تمر خلال هذه القنيات الأيونية (٢١)
=*=*=*=*=*=*=
17- Hagiwara S and Jaffe LA (1979): Electrical properties of egg cell membranes . Ann. Rev. Biophys. Bioeng. , 8: 385 – 416
18- Scientific research for the Right Baby method.
http://www.genderselection.info/scientific_review.html
19- Babychoice/Selnas Method , Baby choice Hong Kong
http://www.babychoice.hk/Method.html
20- Your choice boy or girl!, The nationalist , Friday, February 19 , 1999, Editorial
http://www.carlow-nationalist.ie/news/story.asp?j=11443
21- Tosti E and Boni R ( 2004): Electrical events during gamete maturation and fertilization in animals and humans , Human Reproduction Update, Vol.10, No.1 pp.53-65
سادسا: تفسير الحديث في ضوء المكتشفات الحديثة:
قبل تقدم العلم، كان السائد أن مسئولية ولادة طفل ذكر أو أنثي تتحملها المرأة وحدها، ولا يوجد أي دور للرجل في تحديد جنس الطفل، ومع تطور العلوم وتقدم وسائل البحث العلمي واكتشاف نوعين من الحيوانات المنوية؛ هما النوع الحامل للصبغي (Y)، والنوع الحامل للصبغي (X)، ومنذ ذلك الإكتشاف وعلماء الأحياء يعتبرون أن الذكر هو المسئول عن تحديد جنس الطفل ولا يوجد أي دور للمرأة في هذه العملية، وعلي العكس من ذلك كانت الأحاديث الشريفة التي قالها النبي منذ القرن السابع الميلادي تنص بشكل واضح وصريح علي أن تحديد نوع الجنين مسئولية مشتركة بين الرجل والمرأة وهذا، الحديث الذي رواه ثوبان مولي رسول الله يعبر بصدق عن اشتراك الرجل والمرأة في ذلك، والنص في الحديث "ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة: أذْكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنَّثا بإذن الله"، أي أن علو ماء أحدهما يكون سببًا في اكتساب جنس من علا ماؤه، وفي ضوء المكتشفات الحديثة لخصائص الأمشاج الكهربائية، يكون العلو المقصود العلو الكهربائي وهو علو حقيقي وليس علوًا معنويًا.
ولتوضيح ذلك لابد من استرجاع بعض قواعد علم الطبيعة التي تخص الشحنة الكهربائية: يوجد نوعان من "الشحنات الكهربائية" (Electric charge)، وهما "الشحنة الموجبة" (positive) ويرمز لها بالرمز (+): وتعني نقصان عدد كبير من الإلكترونات في الجسم، و"الشحنة السالبة" (negative) ويرمز لها بالرمز (-): وتعني تجمع عدد كبير من الإلكترونات في الجسم، وكما سبق إيضاحه، تتجاذب الشحنات ذات الطبيعة المختلفة، فإذا اقترب جسيمان مشحونان بشحنات ذات طبيعة مختلفة، وكانت للجسيمان حرية الحركة، فإن كلا منهما يجذب الآخر، وإذا كان أحد الجسيمين بروتونًا، والآخر إلكترونًا، فإن البروتون هو الذي يجذب إليه الإلكترون، عند اقترابهما؛ لأن كتلة البروتون أكبر بكثير من كتلة الإلكترون، وأيضا تتنافر الشحنات ذات الطبيعة المتماثلة: أي أن شحنتين موجبتين أو شحنتين سالبتين، إذا اقتربتا لمسافة معينة، تظهر بينهما قوى ميكانيكية، تعمل على دفع الشحنة ذات الكتلة الأقل، بعيدًا عن الشحنة ذات الكتلة الأكبر، بناء علي هذه الحقائق الكهربائية، تكون الشحنة الموجبة هي الأعلى كهربائيًا نظرًا لقدرتها علي جذب الإلكترونات من الشحنة السالبة، وبتطبيق القواعد السابقة علي الخصائص الكهربائية للبييضة وللحوين المنوي عند عملية التخصيب، نجد أنه عندما تكون البييضة "سالبة الشحنة" فإنها تجذب إليها الحوين المنوي (Y) (الذي يحمل شحنة موجبة) وينتج "طفل ذكر"، وبما أن الحامل للصبغي "الشحنة الموجبة" هي الأعلى حسب قواعد الطبيعة يكون مني الرجل هو الأعلى وبذلك يكون علو مني الرجل سببًا في إنجاب "طفل ذكر"، وهذا يطابق ما أوضحه الحديث النبوي بشكل مذهل "فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة: أذكرا بإذن الله"، وأما إذا كانت البييضة موجبة الشحنة فإنها تجذب إليها الحوين المنوي الحامل للصبغي (X) (الذي يحمل شحنة سالبة) وينتج "طفل أنثى"، وهذا ما أوضحه أيضا الحديث النبوي "وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثا بإذن الله"، أي هناك دور مشترك للرجل والمرأة في تحديد جنس الطفل، ومن خلال العرض السابق يتضح لنا صدق حديث النبي ويقدم إعجازًا علميًا جديدًا يضاف إلي ما سبق من معجزات نبوية والتي لابد أن تكون وحيا من الله العليم الذي يعلم كل شيء، ما نعلم وما لا نعلم، يقول الله تعالي: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]
سابعا: أراء السابقين في تفسير النصوص في الميزان:
ذكر الشيخ عبد الرشيد قاسم في دراسة قيمة آراء علماء السلف عن هذا الحديث، كما ذكر فيها أيضا تفسيرات المعاصرين، ومما ذكره الشيخ: "أما المعاصرون فقد فسروا الحديث بعدة تفسيرات، ومن أبرزها: الأول: إذا علا مني الرجل مني المرأة: أي جاء فوقه، وبالطبع لا يأتي شيء فوق شيء إلا إذا كان هذا الشيء موجودًا قبل، وهذا يعني أن المرأة تصل إلى ذروتها فيأتي سائله المنوي بعد إفرازات المرأة ويأتي فوقه، وفي هذه الحالة يأتي المولود "ذكرًا" "بإذن الله"، وأما إذا علا مني المرأة مني الرجل أي إذا وصلت المرأة ذروتها وقذفت بالسوائل في المهبل بعد أن يقذف الرجل سائله المنوي في مهبلها وتأتي إفرازاتها على سائل الرجل المنوي فإن المولود يكون "أنثى" حيث يصل الرجل أولا ثم المرأة ووصول المرأة لذروتها بعد الرجل يساعد على إنجاب البنات" (٢٢)، وفي الحقيقة الرأي السابق قد جانبه التوفيق، وذلك من جهتين: أولا، لأنه يفترض أن السوائل التي تفرزها المرأة عندما تصل إلي ذروتها هي منيها الذي يقابل مني الرجل، وهذا كما سبق إيضاحه غير صحيح علميا، ثانيًا: يفترض هذا الرأي أن أحد المنيين يكون موجودًا ويأتي الآخر فوقه، وأيضا هذا التأويل يعتبر غير صحيح علميًا، فمن المعروف أن من خواص السوائل أنها تمتزج مع بعضها البعض عن اختلاطها، فلا يقع أحدهما علي الآخر خاصة إذا كانت كثافتهما متقاربة كما هو الحال في السوائل التي يفرزها جسم الإنسان كالمني وغيره.
ومن الآراء السابقة أيضًا والتي تبحث في العوامل التي تتحكم في جنس الجنين، ما ذكره الدكتور النشواتي: "لقد تبين أن أهم العوامل التي تتحكم بجنس الجنين تفاعل مفرزات عنق الرحم قبيل القذف، والرعشة لدي الزوجة، وكما أسلفت فإن الحيوانات المنوية علي نوعين: أحدهما يحمل صفات الذكورة وفي داخله الصبغي (y)، وهو سريع الحركة وذو رأس صغير مدبب مغزلي الشكل وذيله طويل ودقيق
ويتأثر وبشدة في الوسط الحامضي، فهو يتثبط ويفنى عدد كبير منه بفعل سوائل ومفرزات عنق الرحم الحامضية التفاعل، ويتحرض وينشط في الوسط القلوي، أما النوع الآخر فهو بطيء الحركة ورأسه كبير نسبيًا ومستدير وذيله قصير وغليظ، ويحتوي في داخله الكروموسوم (x) الذي يمثل الصفات الأنثوية والجنس الأنثوي، وهو يتحرض في الوسط الحامضي ويتثبط في الوسط القاعدي"، ويضيف الدكتور النشواتي في فقرة أخري عند الإثارة الجنسية التامة للزوجة تزداد مفرزات عنق الرحم غزارة وتصبح قلوية التفاعل، خصوصًا إذا بلغت المرأة قمة النشوة فاستجابت وارتعشت، وبما أن السوائل القلوية تنشِّط سباحة وحركة الحوينات المنوية الذكرية الصفات وتثبِّط في الوقت ذاته النطف الأنثوية الصفات، لذا ستنفق الغالبية العظمى من النطف الأخيرة وسيتثبط ما بقي منها، فتتخلف وتنسحب من السباق، بينما تسعى النطف المذكرة بحرية ونشاط فائقين لتحظى بشرف تلقيح البويضة ونجاب مولود مذكر "بإذن الله تعالي"، أما إذا لم تبلغ الزوجة مرحلة الرعشة، كأن تكون مصابة بالبرود الجنسي فإن مفرزاتها ستبقي حامضية وستكون السبب في إنجاب البنات من دون البنين، مالم تراجع الطبيب وتتقيد بالمعالجة (١٤)، وفي الفقرة السابقة ورد أكثر تفسير علمي شائع لقضية تحديد الجنس، وبالرغم من صحة الخصائص الطبيعية والكيميائية لنوعي الحيوانات المنوية، إلا أنه هناك العديد من التأويلات الغيرصائبة في تفسير سلوك هذه الحيوانات المنوية وتفاعلها مع إفرازات المرأة، وهي:
أولا: من المعروف أن تفاعل المهبل حمضي في الظروف الطبيعية (pH 3.8 – 4.5)، إلا أنها قد تصبح قلوية (4.5 < pH) لأسباب طبيعية غيرمعدية: في أثناء الطمث، زيادة إفراز عنق الرحم( وقت التبويض)، بعد اللقاء الجنسي (بسبب وجود السائل المنوي) (٢٣)، وتنتج هذه الحموضة بسبب وجود العصيات اللبنية (عصيات دودرلين، Doderlin's bacilli) عن طريق إفراز مواد حمضية التفاعل (٢٤) وفي الظروف الطبيعية، تعتبر هذه الدرجة البسيطة من الحموضة في المهبل واحدة من الآليات الوقائية للمهبل ضد الجراثيم الضارة (25).
=*=*=*=*=*=*=
١٤ . النشواتي، محمد نبيل، الإعجاز الإلهي في خلق الإنسان وتفنيد نظرية داروين. دار القلم، دمشق.
٢٢ - قاسم، عبد الرشيد محمد أمين، "اختيار جنس الجنين " دراسة فقهية طبية طبع ونشر دار الأسدي بمكة المكرمة .
24- Mardh, (1991): The vaginal ecosystem. Am. J. Obst. & Gyn., 165: 1163 – 68
25- Hanna, N. F., D. Taylor-Robinson, M. Kalodiki-Karamanoli, J. R. Harris, and Mc Fadyen I. R. (1985): The relation between vaginal pH and the microbiological status in vaginitis. Br. J. Obstet. Gynaecol., 92:1267-1271
ثانيًا: بعد القذف مباشرة، تقوم "بلازما السائل المنوي" (Seminal plasma) بتكوين "كتلة متخثرة من المني" (Coagulum)، بتأثير وجود عناصر مسببة للتخثر تنتجها "الحويصلات المنوية" (Seminal vesicles)، يتم إذابة هذا التخثر بواسطة إنزيمات من السائل المنوي أفرزتها غدة البروستاتة، وفي الظروف الطبيعية تستغرق هذه الإذابة من ١٠ إلي ٣٠ دقيقة، وفي الظروف الطبيعية، يكون للسائل المنوي،وهو قلوي التفاعل قليلا (PH:7.2-8)، قدرة عالية علي معادلة تأثير الحموضة داخل المهبل ذات التأثير الضار للحوينات المنوية (٢٦)، ولقد أثبتت الدراسات أهمية هذا التخثر للسائل المنوي وأن "السمنوجلين" (Semenogelin) هو البروتين الرئيسي في السائل المنوي المتخثر، وهو يوجد بتركيزات عالية في إفرازات "الحويصلة المنوية"، وهو لايؤثر علي حركة الحوينات المنوية ولكنه يمنع تماما الحدوث المبكر لعملية التمكين (Capacitation)، وهي سلسلة التحولات التي تحدث للحوينات المنوية لتجعلها قادرة على التلقيح (27).
ثالثًا: يفرز عنق الرحم مادة هلامية تسمى "بمخاط عنق الرحم" (Cervical mucus) وتتغير خواصه مع دورة الطمث، فخلال النصف الأول من الدورة، يكون المخاط مائي غزير وصافي وذو مرونة وهذا النوع تتمكن الحوينات المنوية من اختراقه بسهولة بعد اللقاء الجنسي لتصل إلي داخل الرحم، أما في النصف الثاني من الدورة، أي بعد التبويض، تتغير نوعية المخاط، فيصير أقل في الكمية وأكثر سمكًا وأقل صفاءًا، ولا تستطيع الحوينات المنوية اختراقه ويكون كسد يمنع دخولها إلي داخل الرحم، وحتى إذا تم اللقاء الجنسي في الوقت الذي تكون فيه نوعية مخاط عنق الرحم أكثر ملائمة (للإخصاب)، فإن حوين واحد فقط من كل ألفين يخترق مخاط عنق الرحم، ويظل بقية الحوينات داخل المهبل حيث تفنى سريعًا بسبب تأثير حموضة المهبل عليها، وتعيش الحوينات المنوية التي اخترقت هذا المخاط مدة أطول، قد تصل إلي عدة أيام بعد اللقاء الجنسي، وبمجرد دخول الحوينات المنوية إلي داخل المخاط فإنها تسبح بثبات فيه إلي الأعلى باتجاه الرحم خلال فترة تتراوح بين ٤٨ إلي ٧٢ ساعة، وبذلك يعمل مخاط عنق الرحم كمستودع للحوينات المنوية، وتخزينها في حالة عدم حدوث لقاء جنسي وقت التبويض، ولهذا فلا داعي للقاء الجنسي يوميًا عند الرغبة في الحمل، ويقوم مخاط عنق الرحم أيضًا بالعمل كمرشح يسمح فقط بالمرور لأفضل الحوينات خلاله إلي الرحم، ومن ثم إلي أعلي نحو البييضة الموجودة في قناة فالوب (28).
رابعًا: عندما تحدث النشوة للمرأة، فإن "عنق الرحم" (Cervix)، وهو فم الرحم، ينقبض عندما يتحرك الرحم، وهذا يجعل الرحم ينغمس في المهبل، بحيث إذا كان الرجل قد حدثت له النشوة، تكون هذه المنطقة غنية بالمني، وهذه الحركة لعنق الرحم تقوم في الحقيقة بعملية سحب للسائل المنوي إلي داخل عنق الرحم وبالتالي إلي داخل الرحم لتسهيل مروره في اتجاه البييضة الناضجة (29).
ومن خلال الحقائق العلمية السابقة، يتضح أن السائل المنوي يتخثر بعد القذف مباشرة مكونًا طبقة عازلة ذات تفاعل قلوي تحمي الحوينات المنوية من تأثير حموضة المهبل وتمنع إعدادها مبكرًا لعملية الإخصاب، أي أن الوسط الكيميائي للمهبل سيكون قلويًا بتأثير قلوية السائل المنوي بعد اللقاء الجنسي وهذا يدل علي أنه لا دور للحموضة في عملية انتقاء الحوينات، وبعد حدوث إذابة للمني المتخثر، تكون نسبة من الحوينات المنوية قد اخترقت مخاط عنق الرحم في طريقها إلي داخل الرحم، ومخاط عنق الرحم عند التبويض يكون أيضًا قلوي التفاعل ولا يسمح إلا بمرور الحوينات الأفضل والأنشط، وفي أثناء مرور الحوينات المنوية داخل القناة التناسلية الأنثوية، تبدأ عملية التمكين للحوينات المنوية لكي تتمكن من تخصيب البييضة، أي أن مخاط عنق الرحم يعمل علي فصل للحوينات الأفضل، سواء الحاملة للذكورة أو الحاملة للأنوثة، وأيضًا المساعدة في زيادة قدرتها علي التخصيب، كما أن لا يوجد دور لحدوث النشوة عند المرأة في ترجيح جنس للجنين علي آخر، سواء حدثت قبل أو بعد نشوة الرجل، ولكن حدوثها بعد نشوة الرجل يزيد فقط من فرصة الحمل .
لقد أغفل العلماء الباحثون الأوائل في مجال التلقيح ونشأة الكائنات وأيضًا المفسرون للحديث إمكانية وجود عناصر أخرى غير مرئية تعمل علي ترجيح كفة جنس على آخر أثناء اندماج الحوين المنوي مع البييضة، وهذا ما يقدمه البحث ويبين أن الخصائص الكهربائية للأمشاج، وهي صفات غير مرئية أثبت وجودها العلم الحديث، تتحكم في تحديد نوع الجنين، وأن العلو المذكور في الحديث علوًا حقيقيًا في نوع الشحنة الكهربية، بحيث يكتسب الجنين نوع المشيج الذي يحمل الشحنة الكهربائية الأعلى (الموجبة)، والدليل علي ذلك أنه بعد عملية التبويض، ينطلق إلي أنبوب الرحم المركب المكون من البييضة وخلايا الركام المبيضي (Cumulus-oocyte complex) بالإضافة إلي السائل الحويصلي أو الجريبي (Follicular fluid) وبذلك قد يوجد هذا السائل في مكان التخصيب (٣٠)، ولقد اكتشف حديثًا أن السائل الحويصلي يحتوي علي نوعين من البروتينات السكرية (Glycoproteins) هما (ZIF-1 and ZIF-2)، ويعملا علي تثبيط التصاق الحوينات المنوية بالمنطقة الشفافة للبييضة ( ٣١ )، وبالرغم من أن وجود السائل الحويصلي في بيئة هذا الجزء من أنبوب الرحم قد يسبب انخفاض عدد الحوينات المنوية التي ترتبط ( تلتصق) بالمنطقة الشفافة للبييضة ( Zona pellucida)، إلا أن هذا الانخفاض لم يصاحبه فقدان الحوينات المنوية لحيويتها، أو حركتها، ولم يسبب لها حدوث مبكر (Acrosomal reaction ) لتفاعل القلنسوة (32 )، وفيما يبدو أن خلايا الركام المبيضي المحيط بالبييضة، تعمل علي مقاومة هذا التأثير المثبط لالتصاق الحوينات المنوية بالبييضة ( ٣٣ )، وبناء علي هذه الحقائق يكون تأثير الشحنات الكهربائية للأمشاج هو الأرجح في حدوث التجاذب والاندماج بينها .
=*=*=*=*=*=*=
26- Semen analysis , A-Z Health Guide from WebMD: Medical Tests.
http://www.webmd.com/hw/infertility_...ion/hw5612.asp
27- E. de Lamirande, K. Yoshida, T. M. Yoshiike, T. Iwamoto and C. Gagnon (2001): Semenogelin, the main protein of semen coagulum, inhibits human sperm capacitation by interfering with the superoxide anion generated during this process. Journal Article , Journal of Andrology, Vol 22, Issue 4 672-679
28- Cervical mucus:
http://www.hashmi.com/cervical_mucus.html
29- Female Orgasms and Conception
http://infertility.about.com/od/repr...maleorgasm.htm
30- Hansen C, Srikadakumar A, Downey BR (1991): Presence of follicular fluid in porcine oviduct and its contribution to the acrosome reaction. Mol Reprod Dev 30: 148–153.
31- Yao YQ, Chiu CN, Ip SM, Ho PC, Yeung WSB (1998): Glycoproteins present in human follicular fluid that inhibit the zona-binding capacity of spermatozoa. Hum Reprod 13: 2541– 2547.
32- M. J. Munuce, A. M. Caille, G. Botti and C. L. Berta ( 2004): Modulation of human sperm function by follicular fluid. Andrologia , Volume 36 Issue 6 Page 395
33- Hong SJ, Tse JY, Ho PC, Yeung WS (2003): Cumulus cells reduce the spermatozoa binding inhibitory activity of human follicular fluid. Fertil Steril 79 (Suppl. 1):802–807
الاستنتاج والخلاصة
يعتبر تحديد جنس الجنين من القضايا التي شغلت أذهان البشر منذ قديم الزمان، ليس فقط على مستوي العامة ولكن علي مستوي العلماء والباحثين، ففي البداية كانت المرأة تتهم بأنها هي المسئولة عن تحديد جنس الطفل، وبعد تقدم العلم واكتشاف وجود نوعين من الحوينات المنوية، انتقلت المسئولية إلي الرجل فقط، إلا أن الحديث النبوي الشريف الذي رواه ثوبان، في الجزئية التي سأل فيها اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الولد، أشار بوضوح تام إلي أن تحديد نوع الجنين، ذكرًا كان أو أنثى، يكون بمشاركة الرجل والمرأة معًا، وليس بأحدهما فقط، يقول الحديث: "ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة: أذكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثا بإذن الله"، ولقد ثار الجدل كثيرًا حول هذا الحديث علي مر الزمان بين العلماء والفقهاء من جهة وبين الفقهاء أنفسهم سوءًا السابقين أو المعاصرين، فلقد شكك البعض في صحة الحديث وافترض الاشتباه علي الراوي وأن المقصود الشبه وليس الذكورة والأنوثة، والبعض الآخر لإيمانه بصدق الحديث وثبوته عن رسول الله ، حاولوا التوفيق بينه وبين الأحاديث الواردة عن الشبه، ومحاولة إيجاد علاقة بين العلو والسبق، كلٍ علي قدر اجتهاده في ضوء المتاح من العلوم والمعرفة لديهم في ذلك الوقت، ولقد كان هذا الجدل سببًا للطعن في السنة المطهرة من أعداء الدين والمضللين وبالرغم من تيقننا من أن الحديث لا مطعن فيه، وثقتنا بأن سيدنا "محمد " لا ينطق عن الهوى، إلا أن العلم لم يتمكن من تزويدنا بأدلة مادية تجعلنا قادرين علي الرد علي هؤلاء الملحدين والمشككين، وأخيرا وبعد مرور ما يقرب من ألف وخمسمائة سنة، يظهر الحق ويثبت العلم أن الرجل والمرأة يشتركان في تحديد جنس الطفل، وذلك اعتمادًا علي خصائص غير مرئية وهي الشحنة الكهربية للأمشاج، وأن نوع الجنين يتبع نوع الوالد الذي يكون عناصر منيه أعلى،مصدقًا لما أخبر به نبينا العظيم منذ مئات السنين ويكون استخدام لفظة العلو في الحديث تعبيرًا مدهشًا حيث يعبر بكل دقة ووضوح عن الغلبة والقهر، وبذلك يكون هذا العلو علوًا حقيقيًا وليس معنويا كما كان يعتقد من قبل، وأخيرًا، بعد أن ظهر لنا جليًا الأسباب التي تعمل علي ترجيح نوع علي آخر، فإننا نقر بأن ذلك كله معلق بمشيئة الله سبحانه وتعالي وحده، الذي خلق الأسباب وقادر علي الخلق بالأسباب وبدونها، عز في علاه، قال تعالي: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 49-50]
https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=28364
* * * * *
سوء فهم لنقاط أخرى:
ويواصل الكاتب عرض سوء فهمه المتعمَّد للإسلام فيقول:
6- متنوعات
• من أكل الثوم لا يأتى إلى المسجد
قال محمد: "من أكل من هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يقربن مسجدنا". جـ 812:1
• تأثير العين الشريرة
قال محمد: "العين (الشريرة) حق". جـ 636:7
• أي حذاء تبدأ بلبسه؟
قال محمد: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا إنتزع فليبدأ بالشمال". جـ747:7
• لا تتنفس في كوب الشراب
قال محمد: " لا تتنفس في الإناء". جـ156:1
• الله يخيف عباده بكسوف الشمس وخسوف القمر
قال محمد: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد. ولكن الله يخوف بهما عباده". جـ158:2
• الشيطان يبوّل في أذن من لا يستيقظ للصلاة.
"عن عبد الله رضي الله عنه قال: ذُكر عن النبي (ص) رجل فقيل: مازال نائما حتى أصبح ماقام إلى الصلاة. فقال بال الشيطان في أذنه". جـ245:2
• التشاؤب من الشيطان
"عن النبي (ص) قال: التشاؤب من الشيطان". جـ509:4
• النجوم خلقها الله لرجم الشيطان
"خلق هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوماً للشيطان، وعلامات يُهتدي بها". جـ420:4
وأقول له:
ومجموع هذه ثمان نقاط:
أولاً: قال رسول الله : (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزل مصلانا وليقعد في بيته فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) أخرجه مسلم
عن ابن عمر أن النبي قال: (من أكل من هذه الشجرة (يعني الثوم) فلا يقربن مسجدنا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وفي رواية لمسلم: (مساجدنا).
إن أكل الثوم أو البصل أو أى طعام له رائحة منفرة، أو شرب الدخان أو حتى وضع عطر ذو رائحة نفَّاذة، أو اتساخ الحذاء بقذارة ذات رائحة كريهة تضايق المصليين فعليه اعتزال الجماعة، حتى تزول هذه الرائحة أو يتخلص منها. أى تمنعه من التواجد فى أماكن تجمع الناس للصلاة أو لغيرها. فما هذا الذوق الرفيع الذى أتى به الإسلام؟ أليس هذا من باب احترام الإنسان وحقوقه أن يصلى دون تضرر؟ فما الذى يضيرك فى هذا؟ أى ما هو العيب فى ذلك؟ أليس هذا إثبات لرفعة الإسلام، وحرصه على ما ينفع الناس ولا ينفرهم؟ أليس هذا دليل محبة المسلم للآخرين؟
أليست الرائحة الطيبة تسر يهوه/يسوع؟ ألم تنقذ الرائحة الطيبة لشى اللحم البشرية من بطش الرب والإبادة الجماعية التى كان يقوم بها؟ (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) تكوين 8: 20-21
فعلام الاعتراض إذن؟ فهل تنافر الناس ومضايقتهم من باب المحبة فى عرفك؟ وهل الأماكن التى تحفها الملائكة وتتنزل عليها رحمات الله تعالى يجب فى عرفك أن يكون بها رائحة كريهة تنفر المجتمعين؟ هل مراعاة الذوق الرفيع فى لقاء الله والناس يُنفِّرك؟ وهل تأكل أنت البصل أو الثوم وتلتقى بالناس أو بزوجتك؟ أرجو أن تراجع نفسك فى هذا الشأن!
* * *
ثانيًا: وعن اعتراض الكاتب على أن العين تحسد، يقول موقع الأنبا تكلا (الحسد - كشعور - موجود. فنحن نعرف أن قايين حسد أخاه هابيل. ويوسف الصديق حسده أخوته. والسيد المسيح أسلمه كهنة اليهود للموت حسدًا. ونحن في آخر صلاة الشكر، نقول "كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان أنزعه عنا". الحسد إذن موجود، ولكن "ضربة العين" لا نؤمن بوجودها.)
(لا تستشر من يرصدك، واكتم مشورتك عمن يحسدك) يشوع بن سيراخ 37: 7
تعريف الحسد وكيف يتم:
الحسد هو أن يتمنى شخص زوال النعمة من شخص آخر، وأن تكون له. وهو بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط. والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود. وهي أول معصية وقعت من الخلق لما حسد إبليس آدم، ثم حسد قابيل هابيل.
تعليق