الرد على كتاب الإسلام بدون حجاب

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 10 (0 أعضاء و 10 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • abubakr_3
    مشرف عام

    • 15 يون, 2006
    • 849
    • مسلم

    #46
    وهذه القبلة الجديدة مرتبطة بمدينة جديدة. فقد تكلم يوحنا فى رؤياه عن هذه المدينة الجديدة التى أسماها أورشليم الجديدة، فهى مكعبة، تقع على سفح جبل، بل ومحاطة بجبال: (10وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَلٍ عَظِيمٍ عَالٍ، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، 11لَهَا مَجْدُ اللهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ.) رؤيا يوحنا 21: 10-11
    (16وَالْمَدِينَةُ كَانَتْ مَوْضُوعَةً مُرَبَّعَةً، طُولُهَا بِقَدْرِ الْعَرْضِ. فَقَاسَ الْمَدِينَةَ بِالْقَصَبَةِ مَسَافَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ غَلْوَةٍ.الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالاِرْتِفَاعُ مُتَسَاوِيَةٌ)رؤيا يوحنا21: 16
    وصاحب هذه المدينة (أى حاكمها) هو الصادق الأمين : (11ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ.) رؤيا يوحنا 19: 11، والكل يعرف أن من ألقاب الرسول  من قبل البعثة أنه الصادق الأمين. ولم تكن هذه الألقاب من ألقاب عيسى . ولم يحارب عيسى . إنه دعا لمحبة الأعداء، وترك العنف، ولو سُلِبَ منك حقك: (38«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلًا وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ.) متى 5: 38-41
    وقال أيضًا: (أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ.) متى 5: 44-45
    وتكون هذه الأرض أرضًا جديدة أى ليست الأرض القديمة فلسطين، ولا يوجد بحر فيها: (1ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ.) رؤيا 21: 1، ويقول ويسلى فى تفسيره لهذه الفقرة ص 123: (ليس هناك بحرًا جديدًا. بل سوف لا يكون هناك بحر على الإطلاق.).
    مع الأخذ فى الاعتبار أن ذهاب الأرض الأولى والسماء الأولى دليل على انتهاء النبوة من بنى إسرائيل، وذهاب ملكوت الله الجديد إلى أمة جديدة، أمة غير الأمة الأولى، تعمل أثماره.
    ومعنى ذلك أنها ستكون فى أرض مقفرة، وقد فهم علماء اليهود هذا جيدًا، وأسموها صهيون الجديدة، وصهيون أى (سيون) أى الأرض المقفرة، وكانوا فى انتظار مولد الرسول .
    ويقول الرائى فى رؤياه (وَلَمْ أَرَ فِيهَا هَيْكَلًا) رؤيا 21: 22 ومازال المفسرون لليوم فى حيرة من أمرهم بشأن هذا الهيكل، فمنهم من يقول إنها الكنيسة (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 359)، ومنهم من ينفى ذلك بقوله: إن أبناء العهد الجديد ما عرفوا أو كتبوا عن الكنيسة، (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 360). ومنهم من قال: إن كل هذه التفاسير لا تستقيم مع الحق (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 361)، ومنهم من يؤكد أن هذه النبوءة لم تتم بعد وستتم فى المستقبل، (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 361). وسيكون هذا البناء أفخم وأعظم بناء. فهيكل سليمان فى كل عظمته لا يُعدُ شيئًا بالنسبة لهذا البناء، (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 361). وعدم وجود الهيكل معناه أن الكل على سواء لهم حرية الاقتراب من الله (تفسير الرؤيا / ناشد حنا ص 458)، أى دون تدخل للكهنوت لغفران الذنوب والاعتراف، كما أنهم حول هذا البناء سوف يمتنعون عن كل ما يصدر عن الطبيعة (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 428)، ويكون رأس الرجل عاريًا، والمرأة تغطى رأسها (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 429)، ويلبسون السراويل لستر العورة من الحقوبين إلى الفخذين (تفسير حزقيال/ رشاد فكرى ص 429)، ويجزون شعر رأسهم جزًَّا (تفسير حزقيال/ رشاد فكرى ص 429)، وهناك نوع واحد من الزينة عند هذا البناء هو النخيل وأغصان النخيل. ومعنى هذا أنها منطقة تشتهر بزراعة التمر ووفرة النخل بها. (تفسير حزقيال/ رشاد فكرى ص 374). (نقلًا عن المسح الدجال قراءة سياسية فى أصول الديانات الكبرى،سعيد أيوب ص81)
    ولا يمكن أن يكون الهيكل القادم هيكل سليمان، لأن النبوءة واضحة أنه سيكون هناك هيكلًا آخرًا أعظم من هيكل سليمان، أما بالنسبة لهيكل سليمان الذى قام تيطس بهدمه، كما يقول تاريخ الكنيسة، فإن الذى سيقوم ببنائه هو النبى الكذَّاب، كما يُجمِع علماء الكتاب المقدس على ذلك. أما الهيكل الجديد (الكعبة) (وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ) رؤيا 21: 27، فهى محرمة على الكافرين، ومحرم دخول أى شىء دنس إلى داخل المدينة. مصداقًا لقول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا) التوبة 28
    ولاسمها ستجثوا كل ركبة فى الكون (تفسير الرؤيا / ناشد حنا ص 104)، وستكون مركزًا للأرض، وستسير الأمم فى نورها (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 489)
    (13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ».) إشعياء 21: 13-17
    ما أعظم هذه النبوءة التى تحكى عن أن المسِّيِّا الذى تخصه هذه النبوءة سوف يفر هاربًا من أمام أهل بلده، الذين يحملون السيوف يريدون قتله، وتوضح النبوءة أنه سيفر منهم فى الصيف، حيث تصف شدة عطشه واحتياجه للماء، وتوضح أن مكان هذه الأحداث هى بلاد العرب (وكانت تطلق على الجزيرة العربية أى السعودية). بل وتحدد أن هذا النبى الفار من قومه سوف يسلك طريقًا وعرا، وأنه سوف ينتصر عليهم فى نهاية الأمر، ولن يستمر هذا طويلًا، فحدد المدة أنها (سنة كسنة الأجير)، وبانتصاره يفنى مجد كل قيدار.
    إذًا فالنبوءة تصف هجرة الرسول  من مكة إلى المدينة، وهذا ما حدث للرسول  وقت الهجرة، فقد اجتمع نفر من أشراف كل قبيلة ودخلوا دار الندوة واتفقوا على أن يُؤخذ رجل من كل قبيلة ويجتمعون على قتل رسول الله ، فيتفرق دمه بين القبائل. وكانت هذه فكرة أبى جهل، وقد وصفها سفر المزامير بقوله: (12الشِّرِّيرُ يَتَفَكَّرُ ضِدَّ الصِّدِّيقِ وَيُحَرِّقُ عَلَيْهِ أَسْنَانَهُ. 13الرَّبُّ يَضْحَكُ بِهِ لأَنَّهُ رَأَى أَنَّ يَوْمَهُ آتٍ! 14الأَشْرَارُ قَدْ سَلُّوا السَّيْفَ وَمَدُّوا قَوْسَهُمْ لِرَمْيِ الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ لِقَتْلِ الْمُسْتَقِيمِ طَرِيقُهُمْ. 15سَيْفُهُمْ يَدْخُلُ فِي قَلْبِهِمْ وَقِسِيُّهُمْ تَنْكَسِرُ. 16اَلْقَلِيلُ الَّذِي لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ مِنْ ثَرْوَةِ أَشْرَارٍ كَثِيرِينَ. 17لأَنَّ سَوَاعِدَ الأَشْرَارِ تَنْكَسِرُ وَعَاضِدُ الصِّدِّيقِينَ الرَّبُّ. 18الرَّبُّ عَارِفٌ أَيَّامَ الْكَمَلَةِ وَمِيرَاثُهُمْ إِلَى الأَبَدِ يَكُونُ. 19لاَ يُخْزَوْنَ فِي زَمَنِ السُّوءِ وَفِي أَيَّامِ الْجُوعِ يَشْبَعُونَ. 20لأَنَّ الأَشْرَارَ يَهْلِكُونَ وَأَعْدَاءُ الرَّبِّ كَبَهَاءِ الْمَرَاعِي. فَنُوا. كَالدُّخَانِ فَنُوا. 21الشِّرِّيرُ يَسْتَقْرِضُ وَلاَ يَفِي أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَتَرَأَّفُ وَيُعْطِي. 22لأَنَّ الْمُبَارَكِينَ مِنْهُ يَرِثُونَ الأَرْضَ وَالْمَلْعُونِينَ مِنْهُ يُقْطَعُونَ) مزمور 37: 12-22
    وهكذا هرب الرسول ، سافر فى الصحراء الوعرة برفقة صديقه أبى بكر الصديق ، وعندما علمت قريش بفرارهما، عرضت مكافأة تبلغ 100 ناقة لمن يأتى بمحمد حيًا أو ميتًا، فخرج الأشرار بسيوفهم وأقواسهم بحثًا عنهما، وطمعًا فى المكافأة.
    ورأيى أن ورقة بن نوفل وهو من أعلام النصارى وقتها قد صرَّحَ للرسول  وقت نزول الوحى لأول مرة أن قومه سوف يخرجوه، فسأله الرسول : ”أمخرجى هم“ فقال له ورقة بن نوفل: ”نعم يخرجونك، وإن أدركنى يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا“.
    وتتحدث النبوءة عما يعانيه هذا النبى فى رحلته من تعب وجوع وعطش، وهذا يعنى أنه من الممكن أن تكون هذه الهجرة فى الصيف. وهذا ما حدث بالفعل، فقد وصل رسول الله  المدينة بتاريخ 20 سبتمبر عام 622م، وبهذا التاريخ بدأ التأريخ الهجرى. وهذا يعنى أيضًا أنه خرج من مكة فى شهر أغسطس، وهو من أشد شهور الصيف حرًا. وهذا يفسر قول النبوءة: (14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ)، فقد كانت اشارة على أن الهجرة ستكون فى الصيف.
    ولكن ما علاقة (سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ) و(قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ) بهجرة الرسول ؟ فهم لا يرون علاقة بين الديدان والمدينة المنورة، ويدعون أن تيماء تقع بعد المدينة المنورة، وبالتالى فإن هجرة محمد  من مكة للمدينة لا تجعله يمر بتيماء.
    أولًا: إن الديدان هى العلا وهى احدى محافظات المدينة المنورة التى تمت هجرة الرسول  إليها. ودليلنا على ذلك من
    A.A Duri, 1987 Translated by Lawrence I Conrad, “The historical formation of Arab Nation” Croom Helm. London, New York, Sydney, Page
    وملخص ترجمة ما يقوله: إنه فى القرن السادس قبل الميلاد ذكر كتاب الملك البابليونى استيلاءه على تيماء، التى أصبحت عاصمته لمدة 10 سنوات. كما امتدت سيطرته لتشمل ديدان (العلا)، وخيبر ويثرب (مدن عربية).
    وهناك مرجع آخر يقر بأن الديدانيين هم سكان العلا، وهى نفسها ديدان:
    GEOFFREY KING I.B. TAURIS PUBLISCHERS LONDON. NEW YORK PUBLISHED IN 1998 “THE TRADITIONAL ARCHITECTURE OF SAUDI ARABIA” PAGE 79.
    وتقول: إن تاريخ مقاطعة العلا ثابت منذ أقدم التاريخ، ساعدت الواحات الحضارة العربية القديمة لديدان منذ القرن السادس قبل الميلاد. (نقلًا بتصرف عن هيمنة القرآن المجيد على ما جاء فى العهد القديم والجديد، للدكتورة مها محمد فريد عقل صفحات 78- 86)
    وعلى ذلك فهذا المرجع يُبيِّن أن ديدان هى العلا. والآن بعد إزالة الإشكال فى التعرف على موقع ديدان، لم يبق أمامكم إلا التسليم بأن هذه النبوءة تشير إلى هجرة الرسول.
    أمَّا بالنسبة لأرض تيماء فهى تقع فى السعودية كما يقول القاموس الجغرافى الجديد، ولا خلاف على ذلك:
    WEBSTERS NEW GEOGRAPHICAL DICTIONARY, 1972
    (G, C MERRIAM COMPANY; PUBLISHERS SPRING FIELD, MASSACHUSETTS, PAGE 1176)
    أما عن موقعها داخل السعودية فهى تقع على مفترق عدد من الطرق البرية التى تصل بين أطراف الجزيرة وبين المناطق الحضارية خارج الجزيرة فى بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، وهى أكبر مركز تجارى كشف عنه حتى الوقت الحاضر فى الجزيرة العربية. ومعنى هذا أن تيماء تقع فى طريق التجارة من مكة إلى سوريا (وهى ما تعرف برحلة الصيف). ويؤكد التاريخ صحة تفسيرنا لهذه النبوءة، وأنها لا تنطبق لا من قريب أو بعيد إلا على المِسِّيِّا الذى خرج من أرض الحجاز. فقد كان اليهود ساكنوا تيماء يبشرون بقرب ظهور نبى مهاجرًا استنادًا لهذه النبوءة.
    فهل لو لم تنطبق هذه النبوءة على محمد  فهل ممكن أن تنطبق على أحد غيره؟ بالطبع لا. فلا علاقة إذًا بمن ينتظره اليهود ليخرج منهم. (نقلًا بتصرف عن هيمنة القرآن المجيد على ما جاء فى العهد القديم والجديد، للدكتورة مها محمد فريد عقل صفحات 90-97)
    أما بالنسبة لقيدار فهم العرب قبيلة قريش وسكان الجزيرة العربية الأصليون، وهى القبيلة التى أخرجت الرسول  من مكة مهاجرًا إلى المدينة. وقيدار هو الجد الأكبر لقبيلة قريش، وهو الابن الثانى لإسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام. (تكوين 25: 13)
    ولا خلاف على أن رسول الله  من نسل قيدار، وقد اعترفت المراجع الجغرافية والتاريخية الأجنبية نفسها بمجىء رسول الله  من نسل قيدار بن إسماعيل. مثل:
    THE HISTORICAL FORMATION OF ARAB NATION, PAGE 11
    وكذلك:
    THE HISTORICAL GEOGRAPHY OF ARABIA BY THE REV. CHARLES FORSTER, PAGE 248
    فيقول المرجع الأخير: إنه من التقليد السحيق لدى العرب أنفسهم أن قيدار وذريته قد استقروا فى الحجاز، وهم أجداد قبيلة قريش حكام مكة، وحراس الكعبة، وسبب مفخرة هذا النسب (كونهم حراس الكعبة).
    وعلى الرغم من ذلك يُقر البعض بأن قبيلة قيدار هم العرب، ولكنهم يدَّعون أن هذه القبيلة قد فنيت من زمن بعيد. فإذا كانت قبيلة قيدار قد اندثرت فلا معنى إذًا للنبوءة، ويكون هذا تطاول منهم على الله والكتاب الذى يقدسونه.
    (فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ) إشعياء 21: 16-17
    فبعد وقت قليل من الهجرة حدثت غزوة بدر وانتصر فيها المسلمون على المشركين من أبناء قيدار (قريش) طبقًا لما جاء فى النبوءة، وأفنت كل مجد قيدار. ودليلنا على ذلك:
    1- أن الرسول  قال للمسلمين: "هذه مكة ألقت إليكم أفلاذ كبدها" أى إن أشراف مكة وخيرة رجالها قد خرجوا لمحاربتكم. فإذا انهزموا، وقتل منهم من قتل، وسيق الآخرون أسرى فى أيدى المسلمين، ألا يعتبر هذا فناء لمجد قريش ولكبريائها وعظمتها أمام الفئة الضعيفة التى انتصرت عليهم؟
    2- وفى غضون ثمانى سنوات كانت الهزائم قد توالت عليهم وخسر المشركون الكثير من أشرافهم وقادتهم حتى دخلها رسول الله  فاتحًا منتصرًا على رأس عشرة آلاف من الجنود المسلمين، فكسَّرَ أصنامهم، وأصبحوا نفرًا فى الأمة بعد أن كانوا أسياد أمتهم. (نقلًا بتصرف عن هيمنة القرآن المجيد على ما جاء فى العهد القديم والجديد، للدكتورة مها محمد فريد عقل صفحات 98-104)
    راجع أيضًا (عيسى ليس المسيح) مكتبة وهبة
    تلخيص لما أثاره الكاتب من نقائص يدعى أنها فى الإسلام:
    الرجال قوامون على النساء:
    وسوف ألخص ما قاله الكاتب:
    إنه ينتقد فى الإسلام وضع المرأة للأسباب الآتية:
    1- يدعى أن المرأة لا تتساوى مع الرجل (ولهن مثل الذى عليهن، وللرجال عليهن درجة) البقرة 228
    وقد رددت عليها فى بداية الكتاب، وبيَّنت أن اليهودية والمسيحية لا ترفع الرجل درجة على المرأة، بل ترفعه درجات، وتخسف بها الأرض أميال، بل اعتبروها من الأساس ليست من الجنس البشرى، وذلك بخلاف الإسلام، الذى ساوى بينهما فى الحقوق، وراعى التميز الفطرى أو الخلقى بينهما فى الواجبات. فمن غير الطبيعى مثلا أن يفرض عليها الجهاد، أو يلزمها بالعمل خارج البيت وداخله، أو يساويها فى الميراث مع الرجل، ثم يلزم الرجل بالإنفاق عليها، أو يجعل القيادة داخل البيت للاثنين بالتساوى، وذلك تجنبًا للمشاكل التى يمكن أن تظهر من اختلاف إدارة شؤون الحياة بينهما.
    تقول الدكتورة فوزية العشماوى (بتصرف): ففى مسألة قوامة الرجل على المرأة: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ....) النساء 34، إن قوامة الرجل على المرأة لا تعنى أفضلية، ولكنها تعنى تحميله مسؤولية القيادة، وتحمل التبعية فى الدنيا والآخرة، فهذا تكليف وليس تشريف. كما أن المرأة تشارك الرجل فى هذه القوامة أثناء غيابه فى العمل أو السفر، فلا يمكن بحال من الأحوال أن ينتقص الإسلام من أهلية المرأة لقيادة البيت فى غياب زوجها، كما أنه لا يحرمها المشاركة فى قيادة البيت أثناء وجود زوجها، لكن بالشورى وليس بفرض الرأى.
    ويقول الدكتور محمد عمارة: إن هذه القوامة لا تعني أنه القائد وحده وإنما تعني ارتفاع مكانته إذا أهلته إمكانياته ـ درجة تتيح له اتخاذ القرار، في ضوء الشورى، وليس الانفراد الذي ينفي إرادة المرأة وقيادتها ... ولو لم يكن هذا المضمون الاسلامي (للقوامة) لما أمكن أن يكون كل من الرجل والمرأة راعيا في ميدان واحد، هو البيت ... فهما أميران ـ راعيان وقائدان في ذات الميدان ... والقوامة درجة أعلى في سلم القيادة وليست السلم بأكمله (مجلة العربي العدد 330 مايو 1986).
    وهل يعيب رئيس الوزراء وجود رئيسًا للجمهورية؟ وهل يعيب رئيس مجلس إدارة شركة وجود مديرًا لها؟ أم لكل اختصاصاته، وكل منهما يُكمِّل الآخر فى العمل؟ فالرجل رئيس الأسرة والمرأة رئيسة الوزراء أى الحكومة. فهل سمعت عن دولة ما لها رئيسان؟ وتخيَّل لو أن هناك سيارة يقودها اثنان، أو سفينة يتولى قيادتها اثنان!
    وهذا ما أكد عليه الرسول  في حديثه الشريف (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعتيه، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته.) البخاري (853، 2416، 2419، 2600، 4892، 4904، 6719)، مسلم (1829)، أبو داود (2928)، الترمذي (1705)، أحمد (2/5، 54).
    لقد استخدم الرسول  المصطلح "راع" ليصف كل من الرجل والمرأة واستخدم كذلك نفس المصطلح "مسئول" ليصف مهمة كل منهما، وهذا أكبر دليل على مفهوم التسوية التامة بين الرجل والمرأة، فكل منهما راع ومسئول، وهما مشتركان في الرعاية والمسئولية على البيت، ولكن لكل منهما درجة في سلم القيادة.
    واستعمال هذه المصطلحات التي تؤكد التسوية بين الرجل والمرأة جاءت أيضًا فى القرآن الكريم، وهى عبارات فيها ضبط قياسي وتطابق لغوي لا يعنى إلا تساوى الرجل والمرأة أمام الله تعالى وفى القانون، فقد جاء في ذلك فى قول الله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الأحزاب 35 وكان يمكن الاكتفاء بجمع المذكر الذى يشمل المذكر والمؤنث ولكن حرص الخطاب القرآني على تكرار جمع المؤنث للتأكيد على أن النساء لهن مثل ما للرجال من أجر وثواب.
    وكذلك قوله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) النساء 7،
    وقوله تعالى: (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) النساء 32
    وكذلك قوله تعالى: (.... هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ...) البقرة 187
    فهذا التطابق في الآيات الكريمة ما هو إلا تأكيد على التكافؤ والتكامل بين الرجل والمرأة. ولقد عرف الله سبحانه وتعالى الرجل والمرأة في كثير من الآيات الكريمة بأنهما الذكر والأنثى وقال (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى) النجم 45 ولم يقل الرجل والمرأة لأنه سبحانه وتعالى أراد أن يعلمنا أن العلاقة بين الجنسين علاقة تقابلية فالذكر هو الطرف المقابل للأنثى وبالالتقاء يكون التكامل بينهما.
    كما أن الخطاب القرآني أكد على أن طبيعة المرأة من نفس طبيعة الرجل أي أنهما جاءا من بوتقة واحدة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء 1.
    ويكفى أن تعلم أن الله تعالى حينما قرر أن يجعل فى الأرض خليفة أنزل آدم وحواء إلى الأرض، فاستخلف الاثنين وذريتهما معًا الرجال والنساء: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) البقرة 30
    لذلك يؤكد القرآن على أن المرأة مشاركة للرجل فى الدفاع عن الدين ونشره، فهى مسؤولة تمامًا مثله فى إقامة الدين والحق فى الحياة والمجتمع،وضبطه أخلاقيًا: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة 71
    وقد شاركت المرأة المسلمة عبر التاريخ الاسلامي مع الرجل جنبًا إلى جنب في الكفاح لنشر الاسلام والمحافظة عليه، فقد اشتركت المرأة المسلمة في أول هجرة للمسلمين إلى الحبشة، وكذلك في الهجرة إلى المدينة المنورة، وخرجت مع الرجال في الغزوات التي قادها الرسول  لنشر الإسلام، واشتركت في ميادين القتال ليس فقط لتمريض الجرحى بل للمقاتلة بالسيف أيضا بالرغم من أنها معفاة من الجهاد ومن حمل السلاح.
    والتاريخ الاسلامي يؤكد لنا أن أول شهيدة في الإسلام هي الشهيدة سمية من آل ياسر عليهم السلام. كما اشتركت النساء في مبايعة الرسول . والمبايعة أو البيعة معناها الانتخاب والتصويت طبقًا لمصطلحاتنا الحديثة، فقد بايعت النساء المسلمات النبي  في بيعتي العقبة الأولى والثانية. وهذه المشاركة النسائية في البيعة للرسول الكريم  تعتبر اقرارًا لحقوق المرأة السياسية طبقا لمصطلحاتنا اليوم؛ إذ أن بيعة العقبة تعتبر عقد تأسيس الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة.
    كما أن الاسلام منح المرأة حق الذمة المالية قبل كل الحضارات الأخرى التي كانت تعتبر المرأة ملكًا لزوجها يتصرف هو في مالها بحرية وليس لها الحق في مراجعته، وكان هذا هو حال المرأة الغربية في أوروبا منذ القرون الوسطى وحتى نهاية القرن التاسع عشر بينما المرأة المسلمة تمتعت بهذا الحق منذ ظهور الإسلام الذي كفل لها حق البيع والشراء وإبرام العقود دون أي تدخل من أي رجل سواء أكان أبًا أو أخًا أو زوجًا أو ابنًا.
    فلسفة الميراث فى الإسلام وعظمته:
    وعودة إلى انتقاد الكاتب للإسلام فيما يخص المرأة فى نقطتين: الميراث: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) النساء 11،
    وكذلك رددت على الميراث، وبينت أن الرجل لا يأخذ ضعف المرأة فى الميراث إلا فى ثلاث حالات فقط وهم: ميراث الأبناء من الأب أو الأم، وهو ما تشير إليه الآية، وميراث الزوج من زوجته فهو ضعف ميراثها هى منه، وميراث الأب والأم من ابنهما، إن لم يكن له ذرية. (انظر إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى)
    لقد جاء القرآن الكريم بنظام إرث جديد أنصف فيه جميع الورثة وخاصة النساء منهم والتي كن محرومات من تركة أقربائهن في نظام الإرث المطبق عند العرب وكذلك عند أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
    لقد بدأ القرآن الكريم بإقرار مبدأ عظيم وهو أن للنساء نصيب من تركة أقربائهن كما للرجال مهما بلغت قيمة التركة وأن هذا الحق مفروضًا لهن من الله سبحانه وتعالى وذلك في قوله تعالى (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) النساء 7
    ولم يكتف القرآن الكريم بإنصاف النساء بل تعدى ذلك وطلب من الورثة إعطاء جزءًا ولو كان بسيطًا من التركة للأقارب الذين لا نصيب لهم في التركة في النظام الجديد، وخاصة من كان لهم فيها من قبل نصيب تطييبًا لأنفسهم وكذلك التصدق على من حضر من اليتامى والمساكين وذلك في قوله تعالى (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) النساء 8
    وقد أكد القرآن الكريم كذلك على عدم هضم حقوق صغار الورثة من الذكور والإناث عند القسمة من قبل كبار الورثة وكذلك الحفاظ على أموال هؤلاء اليتامى من قبل إخوانهم أو أعمامهم أو من هم في كفالتهم وخاصة في غياب رقابة الدولة على إجراءات قسمة التركة وذلك في قوله تعالى (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) النساء 9-10
    وبعد أن وضع القرآن القواعد العامة لنظام الإرث بدأ بتحديد أنصبة كل من ورثة المتوفى سواء كان ذكرًا أم أنثى وذلك في ثلاث آيات فقط لا يتجاوز عدد أسطرها العشرة وهي مليئة بالفرائض باستخدام نظام الكسور: (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا * وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإ ِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ.) النساء 11-12
    وجاءت آية الميراث الأخيرة تحدد نصيب من غابت أصوله وفروعه، أى لا ولد له ولا والد يرثونه ولكن قد يكون له أخوة: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.) النساء 176
    ومن الملاحظ، كما يقول الدكتور مهندس منصور العبادى: أن (قوامة الرجال على النساء نظام قائم منذ أن خلق الله البشر، ولا زال قائمًا إلى يومنا هذا في معظم المجتمعات البشرية، وسيبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وإن أي محاولات لتغيير مثل هذا الواقع لن تفلح أبدًا، ما دام أن المجتمعات تقوم على النظام الأسري، والذي تكون فيه في الغالب القوامة للرجال؛ بسبب ما ميزهم الله به من قوة الجسم. والدليل على عدم تحيز القرآن الكريم للرجال هو تساوي نصاب الأب والأم في حالة وجود أولاد للمتوفى وكذلك تساوى نصاب الأخ والأخت من الأم في تركة الكلالة. وحين يحدد القرآن الكريم نصاب الإبن بضعف نصاب البنت فهو إنصاف لهذا الإبن وليس تحيزًا له وذلك لأسباب كثيرة أولها أن الأعباء المادية المترتبة على الرجال في الأنظمة الاجتماعية السائدة تفوق تلك المترتبة على النساء: فهم الذين يقومون ببناء مساكن الزوجية التي لا تشارك النساء فيه بشيء وهم الذين يدفعون المهور ويقيمون حفلات الزواج وهم الذين ينفقون على زوجاتهم وأولادهم وهم أقدر على العمل بشتى أنواعه بسبب تركيبهم الجسمي وهم أقدر على الحفاظ على الأموال التي يرثونها وكذلك تنميتها وهم أقدر كذلك على حمايتها في مجتمعات لا يصمد فيها إلا القوي وهذا هو واقع البشر منذ أن خلقهم الله وسيبقون كذلك)
    يقول الدكتور منصور العبادى فى هذا الشأن: (لقد تحول كثير من عقلاء أهل الكتاب منذ فجر الإسلام وحتى يومنا هذا إلى دين الإسلام بسبب كمال النظام التشريعي فيه وعلى الخصوص نظام الإرث بعد أن تأكد لهم أن مثل هذا التشريع لا يمكن أن يسن من قبل رجل أمي. بل مما زاد من دهشتهم وإعجابهم أن نظام الإرث هذا والذي تم فيه معالجة جميع الاحتمالات الممكنة لحالات الورثة من الدرجة الأولى قد تمت صياغته في عشرة أسطر فقط. إن مجرد استخدام الكسور كالنصف والثلث والربع والسدس والثمن في نظام الإرث في زمن يجهل فيه البشر وخاصة العرب منهم مثل هذه العمليات الحسابية لهو أكبر دليل على أن هذا النظام لا يمكن أن يكون قد تم وضعه من قبل رجل أمي. لقد كان من السهل لو كان هذا النظام من وضع رجل أمي أن يقع في ورطة حسابية باستخدام نظام الكسور هذا، ولكن الدارس المتفحص لنظام الإرث في القرآن يكتشف مدى الدقة التي تم بها اختيار حصص الورثة باستخدام الكسور.)
    أليس هذا بدليل على أن هذا القرآن أوحى به للرسول ؟
    ويقول الشيخ سيد قطب رحمه الله فى تفسيره (فى ظلال القرآن): (إن الإسلام نظام للإنسان. نظام واقعي إيجابي. يتوافق مع فطرة الإنسان وتكوينه ويتوافق مع واقعه وضروراته، ويتوافق مع ملابسات حياته المتغيرة في شتى البقاع وشتى الأزمان، وشتى الأحوال. إنه نظام واقعي إيجابي، يلتقط الإنسان من واقعه الذي هو فيه، ومن موقفه الذي هو عليه، ليرتفع به في المرتقى الصاعد، إلى القمة السامقة. في غير إنكار لفطرته أو تنكر؛ وفي غير إغفال لواقعه أو إهمال؛ وفي غير عنف في دفعه أو اعتساف! إنه نظام لا يقوم على الحذلقة الجوفاء؛ ولا على التظرف المائع؛ ولا على "المثالية" الفارغة؛ ولا على الأمنيات الحالمة، التي تصطدم بفطرة الإنسان وواقعه وملابسات حياته، ثم تتبخر في الهواء!
    إن هذا النظام في التوريث هو النظام العادل المتناسق مع الفطرة ابتداء؛ ومع واقعيات الحياة العائلية والإنسانية في كل حال. يبدو هذا واضحًا حين نوازنه بأي نظام آخر، عرفته البشرية في جاهليتها القديمة، أو جاهليتها الحديثة، في أية بقعة من بقاع الأرض على الإطلاق. إنه نظام يراعي معنى التكافل العائلي كاملا، ويوزع الأنصبة على قدر واجب كل فرد في الأسرة في هذا التكافل. فعصبة الميت هم أولى من يرثه - بعد أصحاب الفروض كالوالد والوالدة - لأنهم هم كذلك أقرب من يتكفل به، ومن يؤدي عنه في الديات والمغارم فهو نظام متناسق، ومتكامل.
    وهو نظام يراعي أصل تكوين الأسرة البشرية من نفس واحدة. فلا يحرم امرأة ولا صغيرا لمجرد أنه امرأة أو صغير. لأنه مع رعايته للمصالح العملية يرعى كذلك مبدأ الوحدة في النفس الواحدة. فلا يميز جنسًا على جنس إلا بقدر أعبائه في التكافل العائلي والاجتماعي. وهو نظام يراعي طبيعة الفطرة الحية بصفة عامة، وفطرة الإنسان بصفة خاصة. فيقدم الذرية في الإرث على الأصول وعلى بقية القرابة. لأن الجيل الناشىء هو أداة الامتداد وحفظ النوع. فهو أولى بالرعاية - من وجهة نظر الفطرة الحية - ومع هذا فلم يحرم الأصول، ولم يحرم بقية القرابات. بل جعل لكل نصيبه. مع مراعاة منطق الفطرة الأصيل. وهو نظام يتمشى مع طبيعة الفطرة كذلك في تلبية رغبة الكائن الحي - وبخاصة الإنسان - في أن لا تنقطع صلته بنسله، وأن يمتد في هذا النسل. ومن ثم هذا النظام الذي يلبي هذه الرغبة، ويطمئن الإنسان الذي بذل جهده في ادخار شيء من ثمرة عمله، إلى أن نسله لن يحرم من ثمرة هذا العمل، وأن جهده سيرثه أهله من بعده. مما يدعوه إلى مضاعفة الجهد، ومما يضمن للأمة النفع والفائدة - في مجموعها - من هذا الجهد المضاعف. مع عدم الإخلال بمبدأ التكافل الاجتماعي العام الصريح القوي في هذا النظام وأخيرًا فهو نظام يضمن تفتيت الثروة المتجمعة، على رأس كل جيل، وإعادة توزيعها من جديد. فلا يدع مجالا لتضخم الثروة وتكدسها في أيد قليلة ثابتة - كما يقع في الأنظمة التي تجعل الميراث لأكبر ولد ذكر، أو تحصره في طبقات قليلة - وهو من هذه الناحية أداة متجددة الفاعلية في إعادة التنظيم الاقتصادي في الجماعة، ورده إلى الاعتدال دون تدخل مباشر من السلطات. هذا التدخل الذي لا تستريح إليه النفس البشرية بطبيعة ما ركب فيها من الحرص والشح. فأما هذا التفتيت المستمر والتوزيع المتجدد؛ فيتم والنفس به راضية، لأنه يماشي فطرتها وحرصها وشحها! وهذا هو الفارق الأصيل بين تشريع الله لهذه النفس وتشريع الناس.) انتهى الاقتباس من الشيخ سيد قطب
    كما بينت أن المرأة فى اليهودية لا ترث إلا إذا لم يكن لها اخوة، ولو ورثت فهى مجبرة على التزوج من نفس سبط أبيها، حتى لا يذهب ما ترثه إلى سبط هذا الزوج، فيزداد بمرور الوقت نصيب سبط على آخر.
    وها هو رب الرحمة والمحبة يحرم المرأة من الميراث، فيقول: (44وَأَمَّا عَبِيدُكَ وَإِمَاؤُكَ الَّذِينَ يَكُونُونَ لَكَ فَمِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ. مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ عَبِيدًا وَإِمَاءً. 45وَأَيْضًا مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْتَوْطِنِينَ النَّازِلِينَ عِنْدَكُمْ مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ وَمِنْ عَشَائِرِهِمِ الَّذِينَ عِنْدَكُمُ الَّذِينَ يَلِدُونَهُمْ فِي أَرْضِكُمْ فَيَكُونُونَ مُلْكًا لَكُمْ. 46وَتَسْتَمْلِكُونَهُمْ لأَبْنَائِكُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ مِيرَاثَ مُلْكٍ. تَسْتَعْبِدُونَهُمْ إِلَى الدَّهْرِ.) اللاويين 25: 44-46
    وها هو الرب يعدِّل تقسيمته، التى فاته أن يعدل فيها، فيقول بناءً على طلب من بنات صلفحاد: (1فَتَقَدَّمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ ... مِنْ عَشَائِرِ مَنَسَّى بْنِ يُوسُفَ. .... 2وَوَقَفْنَ أَمَامَ مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الكَاهِنِ وَأَمَامَ الرُّؤَسَاءِ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ لدَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ قَائِلاتٍ: 3أَبُونَا مَاتَ فِي البَرِّيَّةِ وَلمْ يَكُنْ فِي القَوْمِ الذِينَ اجْتَمَعُوا عَلى الرَّبِّ فِي جَمَاعَةِ قُورَحَ بَل بِخَطِيَّتِهِ مَاتَ وَلمْ يَكُنْ لهُ بَنُونَ. 4لِمَاذَا يُحْذَفُ اسْمُ أَبِينَا مِنْ بَيْنِ عَشِيرَتِهِ لأَنَّهُ ليْسَ لهُ ابْنٌ؟ أَعْطِنَا مُلكًا بَيْنَ أَعْمَامِنَا». 5فَقَدَّمَ مُوسَى دَعْوَاهُنَّ أَمَامَ الرَّبِّ. 6فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 7«بِحَقٍّ تَكَلمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ فَتُعْطِيهِنَّ مُلكَ نَصِيبٍ بَيْنَ أَعْمَامِهِنَّ وَتَنْقُلُ نَصِيبَ أَبِيهِنَّ إِليْهِنَّ. 8وَتَقُول لِبَنِي إِسْرَائِيل: أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ وَليْسَ لهُ ابْنٌ تَنْقُلُونَ مُلكَهُ إِلى ابْنَتِهِ. 9وَإِنْ لمْ تَكُنْ لهُ ابْنَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لِإِخْوَتِهِ. 10وَإِنْ لمْ يَكُنْ لهُ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لأَعْمَامِهِ. 11وَإِنْ لمْ يَكُنْ لأَبِيهِ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لِنَسِيبِهِ الأَقْرَبِ إِليْهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَيَرِثُهُ». فَصَارَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيل فَرِيضَةَ قَضَاءٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.) العدد 27: 1-11
    (ومن الواضح من هذا النص أن نظام الإرث عند أهل الكتاب نظام بدائي لا يعالج كثير من قضايا الإرث فالشخص عندما يموت قد يترك وراءه زوجة وأبناء وبنات وأب وأم وأخوة وأخوات وأعمام وعمات أو ما وراء ذلك من أقارب ولا يبين هذا النص نصيب كل منهم. وفي نظام الإرث هذا فإن الميت ذكرا كان أم أنثى إذا ترك أولادً ذكورًا فإنهم يستأثرون بكامل التركة يتقاسمونها بينهم ولا نصيب فيها لغيرهم من الورثة كأبيهم وأمهم وأخواتهم وزوجات أبيهم.
    ويقول الدكتور العبادى: (وفي غياب أبناء للميت فإن التركة تؤول لبناته أو بناتها يتقاسمنها بينهن ولا نصيب لغيرهن من الورثة مهما كانت درجة قرابته. وفي حالة غياب البنات تنتقل التركة لإخوانه الذكور فقط ولم يبين النص كيف يتم تقسيم التركة في حالة غياب الأبناء والبنات مع وجود أب الميت وإخوانه. وفي غياب الأخوة تنتقل التركة لأعمامه الذكور فقط ولم يبين النص كيف يتم تقسيم التركة في حالة غياب الأبناء والبنات مع وجود أب الميت وأعمامه.)
    ويواصل الدكتور منصور العبادى تحليله لهذا النص قائلا: (إن أول المظلومين في نظام الإرث هذا هما الأب والأم فقد يكون ابنهما المتوفى هو العائل الوحيد لهما وقد يكونان كبيرين في السن وبموت هذا الابن تتوزع تركته ولا نصيب لهما فيه رغم ما بذلاه من جهد ومال في تنشئته حتى بلغ سن الرشد. بل الأغرب من ذلك أن تركة المتوفى قد تذهب إلى أعمامه ولا ينال أبيه وأمه منها شيئا كما هو واضح من ظاهر النص والذي أعتقد جازمًا أنه نص محرف فالله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يظلم أحدًا في تشريعاته.)
    ويواصل: (أما ثاني المظلومين فهي الزوجة فلا نصيب لها بتاتا في نظام الإرث هذا فربما كانت تعيش في رغد من العيش مع زوجها وبمجرد موته فإن مصيرها التشرد خاصة إذا لم يكن لها أبناء أو بنات وستموت قهرًا وهي ترى أخوة زوجها أو أعمامه يتقاسمون تركته بينما لا تنال هي منها شيئًا وقد تكون ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في تحصيل هذا المال).
    ويواصل قائلا: (أما ثالث المظلومين فهن بنات وأخوات وعمات الميت فلا نصيب للبنات أبدًا مع وجود الأبناء وكذلك الأخوات لا نصيب لهن مع وجود الإخوة والعمات لا نصيب لهن مع وجود الأعمام).
    (إن نظام الإرث المستخدم حاليا في الدول الغربية التي تدين بالمسيحية لا يختلف كثيرا عن النظام المذكور في التوراة فعلى سبيل المثال فإنه في قانون الإرث الفرنسي لا ترث الزوجة زوجها ولا يرث الزوج زوجته ولا يرث الأب والأم شيئا من تركة ابنهما بوجود أي ولد أو بنت له حيث يتقاسم الأبناء والبنات التركة بينهم للأنثى مثل حظ الذكر. وفي غياب ذرية المتوفي فإن الأب والأم يتقاسمان التركة مع أخوة وأخوات المتوفى فيأخذ الأب الربع والأم الربع ويتقاسم الأخوة والأخوات النصف المتبقي من التركة للأنثى مثل حظ الذكر وفي غياب أب وأم وأخوة وأخوات المتوفى يتقاسم الأعمام والعمات التركة).
    ويواصل الدكتور العبادى قائلا: (من الظلم الفادح أن يحرم الأب والأم من تركة إبنهم بمجرد وجود أبناء وبنات لهذا الميت، وقد يكونا في أمس الحاجة لمثل هذا المال عند هذه السن الكبيرة، التي تقل فيها قدرتهما على جلب الرزق. وإذا ما أخذ الأب والأم شيئا من التركة فهو جزء يسير مما أنفقاه على هذا الإبن على مدى ثمانية عشر عاما على الأقل. وكذلك فإنه من الظلم الفادح أن تحرم الزوجة حرمانًا كاملًا من تركة زوجها سواء ترك أولادًا أم لم يترك كما هو الحال في نظام الإرث التوراتي أو في أنظمة الإرث الحالية كنظام الإرث الفرنسى. فهل يعقل أن تذهب تركة زوجها إلى إخوانه وأخواته أو أعمامه وعماته وتحرم هي منه وقد ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في تحصيل هذه التركة! ولهذا فقد أنصف القرآن الكريم الأب والأم والزوجة في نظام الإرث الذي جاء به وأعطى للأب سدس التركة وللأم السدس كذلك وللزوجة الثمن عند وجود أبناء وبنات للميت وتزداد هذه النسب في حالة غياب الأبناء والبنات).
    ومن هنا يتضح للقارىء أن الكاتب إما أنه متحامل على الإسلام دون سبب يُذكر، أو دون دراسة واعية، أو إنه لا يفهم دينه حق الفهم، وإما أنه من طبقة المنتفعين بوجود دينه واستمراره على الأرض، دون علم سليم، أو فهم غير سقيم.
    هل يهدر الإسلام من كيان المرأة بجعل شهادتها نصف شهادة الرجل؟
    قال الكاتب: إن المرأة فى الإسلام لا تتساوى مع الرجل فى مجالين، وهما الميراث (وقد تكلمنا عنه) والشهادة.
    والشهادة: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) البقرة 282
    يعتبر العلمانيون والمسيحيون والمشككون فى الإسلام أن قضية شهادة المرأة وأنها تساوى نصف شهادة الرجل منافية لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، وأنها مظهر من مظاهر الدونية للمرأة في الشريعة الإسلامية.
    وفى الحقيقة فهم جانبوا الصواب، وجانبهم الحق فى هذا الحكم. فإن الشهادة يُقصد منه إثبات شيء يترتب عليه واجبات أو حقوق أو عقوبات، فالشهادة هي توثيق وإثبات لحدوث أمر ما، وبالتالي فهي وسيلة من وسائل التوثيق والإثبات.
    وهذه الشهادة يلزم لها تحقق الأهلية في الشاهد من حيث اتصافه ببلوغ سن الرشد والنضج العقلي، وسلامة الحواس المستخدمة في عملية الشهادة، والحضور الذاتي عند حصول الأمر المعني، وامتلاك العلم والخبرة في الأمر إذا كان يحتاج إلى ذلك، والمعرفة اليقينية لمضمون شهادته. وعدم القدح في عدالته سابقًا، وصحة أدائه للشهادة من حيث الضبط. وهذه الصفات لا علاقة لها بنوع الذكر أو الأنثى، فهي ممكن أن تتحقق بكليهما أو بأحدهما دون الآخر.
    فالرجل والمرأة أمام القانون سواء من حيث الواجبات والحقوق، وكذلك شهادة المرأة مثل شهادة الرجل سواء بسواء، يتم بموجبها إثبات العقود والعلاقات الاجتماعية والقضائية والعلمية والخبرة، وما شابه ذلك من أمور، من منطلق أن المرأة إنسان مثل الرجل تمامًا، والقرآن كتاب إنساني لم يفرق بين الرجل والمرأة في خطابه التشريعي عمومًا إلا ما يقتضي ذلك من الفرق بين الذكر والأنثى، وما يترتب على ذلك من وظائف في الحياة الاجتماعية، وأكدت ذلك السنة المطهرة.
    يؤكد ذلك الأستاذ العقاد: "والقضية في الشهادة هي قضية العدل وحماية الحق والمصلحة، ولها شروطها التي يلاحظ فيها المبدأ وضمان الحيطة على أساسه السليم. والمبدأ هنا - كما ينبغي أن تتحراه الشريعة - هو دفع الشبهة من جانب الهوى، وما يوسوس به للنفس في أحوال المحبة والكراهة وعلاقات الأقربين والغرباء. وليس بالقاضي العادل من يعرض له هذا المبدأ، فيقضي بالمساواة بين الجنسين في الاستجابة لنوازع الحس، والانقياد لنوازع العاطفة، والاسترسال مع مغريات الشعور من رغبة ورهبة. فالمبدأ الذي ينبغي للقاضي العادل أن يرعاه هنا، حرصًا على حقوق الناس، أن يعلم أن النساء لا يملكن من عواطفهن ما يملكه الرجال، وأنه يجلس للحكم ليحمي الحق، ويدفع الظلم، ويحتاط لذلك غاية ما في وسعه من حيطة، ....".
    يقول الله تعالى فى نص إشهاد المرأة عند البيوع: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) البقرة 282
    فكما هو ملاحظ من النص القرآني أن إشهاد المرأة فى الأعمال التجارية والعقود تعادل نصف شهادة الرجل وقد ذكر الشارع السبب في النص فقال [... فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى] . أى لم يقل لأنها أقل منه عقلا، أو دونه فى الحقوق والواجبات، بل كان الغرض أن تذكر أحدهما الأخرى إذا ضلت.
    ولو تتبعنا الفقه الإسلامى بشأن شهادة المرأة وشهادة الرجل لوجدنا الآتى:
    1- هناك شهادة لا يقبل فيها رأى المرأة، وهى خاصة بالقتل وأعمال البلطجة، والقصاص والحدود، وغالبًا لا تكون حاضرة مثل هذه المعارك أو المنازعات.
    ذلك لأن هذه القضايا تثير موضوعاتها عاطفة المرأة ولا تقوى على تحملها. وهذا داع من دواعى أنوثتها، وهى تتشرف بذلك وتتباهى به. وفى حالة حدوث أى من أعمال العنف والبلطجة هذه ستكون أول من يفر بنفسه مبتعدًا عن مكان وقوع هذا الحدث، وبالتالى فستكون شهادتها منعدمة. ومثل هذه القضايا يكون الحكم فيها إما بقتل المعتدى أو القطع أو الرجم أو غيره من طرق الحدود. ومن غير المنطقى قتل نفس لوهم أو لشك. وهذا رحمة من الله تعالى بعباده، إذ لا يُقام حد إلا بعد التأكد التام من ارتكاب هذا الشخص لجريمته.ولا ينقص من قدر المرأة أن يراعى الشارع فطرتها، ولا يقحمها فى شىء ضد فطرتها الأنثوية، أو بما يغير من هذه الفطرة.
    2- وهناك شهادة لا يُقبل فيها رأى الرجل مُطلقًا، ولا تُقبل فيها إلا شهادة امرأة واحدة أو أكثر من امرأة في شئون خاصة بهن مما لا يطلع عليه الرجال عادة، كالحيض، والحمل، وكذلك الولادة، والاستهلال، والرضاع، وانقضاء العدة، والعيوب تحت الثياب: كالرتق، والقرن، والبكارة، والثيابة، والبرص. وهذا أيضًا منطق سليم ولا ينقص من قدر الرجل شيئًا.
    فقد جاء عن رسول الله  "فقد روي عن عقبة بن الحارث، أنه تزوج أم يحيى بنت أبي أهاب. فجاءت امرأة وقالت: "لقد أرضعتكما" فسأل عقبة النبي  فقال: كيف وقد قيل؟ ففارقها عقبة، فنكحت زوجًا غيره". وهنا قبل النبى  شهادة المرأة الواحدة فى الرضاع وأقرها على رجل وامرأة.
    وأكثر من ذلك، تُقبل شهادة المرأة وحدها إن كانت عدل، بغض النظر عن دينها: "قال مهنا: قال لى أحمد بن حنبل: قال أبو حنيفة: تجوز شهادة القابلة وحدها، وإن كانت يهودية أو نصرانية.." (الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ص115-117)
    ذلك أن العبرة هنا فى الشهادة إنما هى الخبرة والعدالة، وليست العبرة بجنس الشاهد ذكرًا كان أو أنثى ففى مهن مثل الطب.. والبيطرة.. والترجمة أمام القاضى.. تكون العبرة بمعرفة أهل الخبرة. (الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ص188-193)
    وإلى هنا يتساوى الطرفان، فكل يشهد بما يعلم فى مجال تخصصه.
    3- شهادة تتساوى فيها شهادة المرأة مع شهادة الرجل، وهو شهادة اللعان، وهي الحالة التي يحصل فيها اتهام بالخيانة الزوجية، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ* ويدرأ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ) النور 8
    4- شهادة تكون فيها شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، وهى خاصة بالمبايعة والمداينة والأعمال التجارية. بناء على قوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) البقرة 282
    يتبين لنا مما سبق أن وجوب وجود امرأتين في الشهادة مع رجل واحد، هو أمر خاص في المداينة فقط دون سائر أنواع الشهادات مما ينفي وجود تمييز في الحقوق بين الرجل والمرأة ومما ينفي المساس بكرامة المرأة، بل جُلُّ ما في الأمر أن الدين الحنيف يهدف إلى توفير الضمانات في الشهادة وزيادة الاستيثاق لإيصال الحق إلى أصحابه.
    ومن هنا نجد أن هذا التمييز في هذا النوع من الشهادة ليس تمييزًا عبثيًا وإنما يعود إلى الفوارق الفطرية والطبيعية بين الرجل والمرأة، حيث إن المرأة لقلة اشتغالها بالمبايعات معرضة أكثر من الرجل للضلال الذي هو نسيان جزء وتذكر جزء آخر، ويعود سبب ضلال المرأة أكثر من الرجل إلى طبيعة تركيبة جسمها الذي يجعلها تتأثر بسرعة مما يعرضها لعدم الثبات.
    ما الحكمة من جعل شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين؟
    وإن أردنا أن نتعمق أكثر فى الحكمة من وراء جعل شهادة المرأة تعدل نصف شهادة الرجل في الشهادة المتعلقة بالمعاملات التجارية: يقول الله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) البقرة 282
    وهنا يجب أن نضع عدة تساؤلات تنير لنا الطريق للوصول إلى الحق:
    1- ما معنى كلمة (تضل) فى الآية، وهى السبب الأساسى فى تدعيم شهادة المرأة بامرأة أخرى؟ إنها تعنى التشتت الذهنى، أو عدم التركيز التام فى موضوع الشهادة وقت حدوثه.
    2- لماذا خص الله المرأة بهذه الخاصية دون الرجل؟ سنرى فى تقرير قادم صفات دماغ المرأة مقارنة بدماغ الرجل.
    3- هل من المنطق أن تُقبل شهادة رجل أو امرأة ليس عند أى منهما الخبرة الكافية للتوقيع على عقد وفهم محتوياته وحقوق كل طرف؟ لا.
    4- أليس من المنطقى أن تكون شهادة أهل الاختصاص أولى من شهادة الآخرين بغض النظر عن كون الشاهد رجل أو امرأة؟ نعم، وهذا هو ما نجده فى الإسلام.
    5- هل الآية تتعرض لشهادة المرأة والرجل أو إشهاد كل منهما؟
    إن النسيان غير الضلال، فإذا نسيت امرأة أى لم تستحضر المعلومة وقت طلبها لها. أما إذا ضلت المرأة فهى إمَّا ضلت متعمِّدة أو قد شاب حكمها العقلى شيئًا من الشعور أو التشتُّت يحول دون الوصول إلى الحقيقة والرشاد، وذلك الشىء الذى يشوبها قد يتأتى بسبب عاطفتها أو عدم تمكنها من فهم الموضوع أو عدم رؤيته بصورة كاملة بسبب طبيعة خلقتها، أو بطبيعة حياتها وعملها. فمن ناحية عدم توفر الخبرة الكافية لديها فى المعاملات التجارية، كان لزامًا عليها وجود امرأة أخرى تُذكرها أثناء الشهادة، إذا نسيت أو غلبت عليها عاطفتها.
    ومن ناحية أخرى فإن التكوين الخَلقى لها يتباين عن مثيله لدى الرجل: ففي مقال للسيدة سميرة صائغ تقول: «هناك تباين بين انفعالات دماغ المرأة ودماغ الرجل، وإن الأقسام النشطة في دماغ المرأة تختلف عن الأقسام النشطة في دماغ الرجل، على الرغم من محاولات المرأة التشبه بالرجل، ..... واليوم تبرز نظرية بل اكتشاف علمي يؤكد أن هناك فعلًا اختلافًا بين دماغ الرجل، ودماغ المرأة من حيث الكفاءات الذهنية الناتجة عن ذلك الدماغ، أي: بكلمة أخرى هناك (دماغ ذكر) و(دماغ أنثى)، ويقسم العلماء الدماغ البشري إلى قسمين: قسم أيمن، وقسم أيسر، ويؤكدون أن القسم الأيمن لدى الرجل هو أقوى منه لدى المرأة، فماذا يعني هذا؟
    فمن الناحية التكوينية للدماغ فهو عضو مؤلف من أنسجة رخوة تتشعب فيها الأوعية الدموية الرفيعة والأعصاب التي تحمل الإحساسات من الخارج إلى الداخل، وتحمل أوامر الدماغ إلى سائر الأعضاء في الجسم كي تقوم بوظيفتها. أما من ناحية العمل (الفسيولوجي) للدماغ فقد تبين للعلم الحديث أن الدماغ يقسم إلى مناطق، وكل منطقة تقوم بمهمة أو مهمات معينة، وقد تأكدت هذه النظرية مؤخرًا بعد أن تمكن العلماء من تصوير الدماغ وهو يقوم بوظائفه المختلفة، وذكرت الكاتبة أن أبرز عمل في هذا الحقل هو للدكتور دافيد انغمار السويدي الذي يعمل في جامعة لوند في السويد. استعمل الدكتور انغمار غاز "كزينون" الذي يذوب في الدم ويولد إشعاعات جاما وذلك لتصوير الدماغ وهو يقوم بمهمات مختلفة، فهو يحقن الإنسان ببعض الكزينون الذي يذوب، وينتقل عبر الأوعية الدموية إلى الدماغ، وتنتقل صورة ما يحدث في الدماغ عبر 32 سماعة مثبتة في أنحاء مختلفة من الرأس إلى كمبيوتر يقوم بتحليل تلك الصورة، وتحديد نوعية العمل الذي يقوم به الدماغ في تلك اللحظة، والركن الذي يصدر عنه ذلك العمل، ولاحظ أن كل عمل يقوم به الدماغ يصدر من مكان مختلف من الدماغ، وإذا ازدادت كثافة ذلك العمل، ازدادت الرقعة العاملة من الدماغ دون أن يتغير مكانها، وأمكن الآن تحديد الأماكن التي تقوم بشتى أنواع النشاطات، فهناك ركن خاص بالقوى النظرية والسمعية، وتلك الناتجة عن اللمس، بينما يتركز الإحساس الناتج عن طريق الشم في مكان آخر، إن للتفكير زاوية، وللقدرة على النطق زاوية أخرى، وكذلك القدرة على القراءة والحساب، وضبط حركة الجسم العضلية، وتوجد زاوية للانفعال النفسي، أي: الغضب والعنف، أو العطف والحنان.

    تعليق

    • abubakr_3
      مشرف عام

      • 15 يون, 2006
      • 849
      • مسلم

      #47
      وانطلاقًا من ذلك كله تبين للعلماء مؤخرًا أن الشطر الأيمن من الدماغ يعمل بصورة أنشط لدى الذكر، بينما يعمل الشطر الأيسر لدى الأنثى بنشاط أكثر من الشطر نفسه لدى الذكر، هذا وتجدر الإشارة إلى أنه في الشطر الأيمن تتركز المناطق الخاصة بالإحساس السمعي باللحن والأصوات، وتلك الخاصة بفهم الرسوم وشمول الرؤيا، وتقدير المسافات، والعلاقات بين الرموز.
      وهذا ما يفسر إذن تفوق الرجل في الرياضيات والهندسة والموسيقى، أي: المجالات النظرية التي تتعامل بالرموز، وعلاقة بعض تلك الرموز ببعضها الآخر.
      أما الشطر الأيسر فتتركز فيه القوى السمعية الخاصة بالتقاط الكلمات والألفاظ وحفظها وكذلك قراءة تلك الكلمات والأحرف، ومن هنا نشأ تفوق المرأة في المجالات الأدبية، وفي التعامل مع الأشياء الملموسة). منقول من مقال للدكتور سليمان الأشقر في كتابه: (نحو ثقافة إسلامية أصيلة).
      ونأتي إلى أحدث التقارير من هذا النوع وبيانه كالآتي:
      كانت هناك دواعٍ قوية في الغرب وراء إجراء أبحاث حول إمكانية وجود فرق بين أدمغة الرجال والنساء، وكان من بين هذه الدواعي النسبة الكبيرة للفشل الذريع الذي يلحق الزواج المبني على الحب وحده، وأثير بهذا الصدد السؤال الآتي: ما هو السبب وراء فشل الزواج الذي يبدأ على أساس من الحب الشديد بين الزوجين، غير أنهما يسأمان بعد مدة قصيرة وتحدث الكراهية بينهما، والتي تؤدي إلى إنهاء رابطة الزواج، وكان من إجراء هذا السؤال إجراء تحقيقات وأبحاث على كيفية دماغ الرجل والمرأة إلى نتائج محيرة، ومن أهمها: اكتشاف فرق جوهري غير خاضع للتغيير بين بنية دماغ الرجل ودماغ المرأة، وهو أن الرجل منذ الولادة يحمل دماغًا ذا جانب انتباهي واحد (Unifocal mind) بينما تحمل المرأة دماغًا ذا جوانب انتباهية متعددة (Multifocal mind).
      وبناء على ذلك أعد فريق أمريكي من الاختصاصيين تقريرًا استعمل في إعداده تقنية جديدة تسمى بـ (FMRI) للكشف عن الدماغ، والمقصود من هذه التقنية معرفة تلك الحركات العصبية التي تحدث في الدماغ عندما يعرض عليه شيء، إما بطريق شفوي أو تحريري، وعلم من هذا البحث أن الرجل لكونه ذا جانب انتباهي واحد يستمع من جهة جانب واحد من دماغه بينما ينشط لدى المرأة عند السماع الجانبان من دماغها، وقد أجري هذا البحث على عشرة من الرجال الأصحاء وعشرة من النساء الصحيحات، وأظهر هذا البحث بصفة قطعية أنه لا يتساوى دماغ الرجل والمرأة اطلاقًا، ومن الممكن الاطلاع عليه على موقع الانترنت، وقامت بنشره جريدة (لوس إنجليز تايمز) في عددها الصادر يوم 29/11/2000م، ويفيد هذا البحث بأن هناك فرقًا بين الرجل والمرأة في السمع والبصر بناء على الفرق الموجود في الدماغ، فالرجل- لأجل بنيته الخاصة الدماغية- يستطيع أن يركز على شيء معين بكل يسر وسهولة؛ لأنه بإمكانه النظر إلى شيء بارتكاز شديد بينما ليس بإمكان المرأة التركيز على شيء واحد؛ لأنها- بناء على بنية دماغها الخاصة- تتشعب أوجه نظرها وسمعها كلما عرض عليه أمر، فالرجل يركز حول شيء واحد، أما المرأة فتستجلب بها أشياء، وهذا الاكتشاف الهام يحل لنا الحكمة وراء الفرق الذي بين شهادة الرجل والمرأة في الإسلام؛ حيث إن شهادة الرجل الواحد تقابلها شهادة امرأتين اثنتين بناء على الفرق الذي ذكرناه سابقًا بين دماغ الرجل ودماغ المرأة. فإذا ضلت احداهن أى تشتت فى التوثيق والمعرفة اليقينية، ذكَّرتها الأخرى.
      ومن الممكن مشاهدة هذا الفرق في كل بيت يضم رجلًا وامرأة، فإن الرجل قد يكون مشغولًا بقراءة كتاب في غرفته فلا ينتبه إلى رنين صوت الهاتف في غرفة أخرى، أما المرأة قد تكون مشغولة بالطهي والطبخ أو في أمر آخر محبب لديها، ولكنها تسارع إلى الغرفة الأخرى استجابة لبكاء الرضيع أو رنين الهاتف.
      فإذا كان هذا هو الحال فإن هناك إمكانية قوية- عند حدوث حادثة- أن لا يتمكن دماغ المرأة من تسجيل جميع تفاصيل هذا الحادث لانشغالها بأمر آخر أيضًا، بينما بقي دماغ الرجل يسجل جميع تفاصيل الحادث لأجل ارتكازه على ما يشاهده أو يستمع إليه، فلذلك لاحظ الشرع هذا الفرق فجعل شهادة المرأة غير كافية حتى تنضم إليها شهادة امرأة أخرى تذكرها ما فاتها من سرد وقائع الحادث المستشهد لها.
      وانظر إلى كلمة "تَضِلَّ" التي وردت في هذا السياق والتي تعني التشرد الذهني، إذًا كان من الحكمة البالغة أن تقوم امرأة بتذكير صاحبتها إذا تشرد ذهنها عن استيعاب معنى من المعاني عند حضور الحادث ومن ثم عند إدلاء الشهادة). (معرب من مقال بالأردية، لمحبوب الحق عاجز في جريدة (نداء خافت) الصادرة من لاهور- باكستان عدد 24/5/2006م)
      لذلك قال ابن القيم: "وما تقبل فيه شهادتهن منفردات: إنما هو أشياء تراها بعينها، أو تلمسها بيدها، أو تسمعها بأذنها من غير توقف على عقل، كالولادة والاستهلال، والاتضاع، والحيض، والعيوب تحت الثياب، فإن مثل هذا لا ينسى في العادة ولا تحتاج معرفته إلى كمال عقل، كمعاني الأقوال التي تسمعها من الإقرار بالدَّين وغيره، فإن هذه معان معقولة، ويطول العهد بها في الجملة".
      على أن الشروط التي تراعى في الشهادة، ليست عائدة إلى وصف الذكورة أو الأنوثة في الشاهد، ولكنها عائدة في مجموعها إلى أمرين اثنين:
      أولهما: عدالة الشاهد وضبطه.
      ثانيهما: أن تكون بين الشاهد والواقعة التي يشهد بها صلة تجعله مؤهلًا للدراية بها والشهادة فيها.
      إذن فشهادة من خدشت عدالته، أو لم يثبت كامل وعيه وضبطه، لاتقبل، رجلًا كان الشاهد أو امرأة. كذلك لابدّ من أن يتحقق القدر الذي لابد منه من الانسجام بين شخص الشاهد والواقعة التي يشهد فيها، وإلاّ ردّت الشهادة رجلًا كان الشاهد أو امرأة، وإن تفاوتت العلاقة بين المسألة التي تحتاج إلى شهادة وأشخاص المتقدمين للشهادة، كانت الأولوية لشهادة من هو أكثر صلة بهذه المسألة وتعاملا معها.
      وانطلاقًا من هذه القاعدة، فإن الشارع يرفض شهادة المرأة على وصف جناية ما وكيفية ارتكاب الجاني لها، إذ أن تعامل المرأة مع الجرائم وجنايات القتل ونحوها، يكاد يكون من شدة الندرة معدومًا، والأرجح أنها إن صادفت عملية سطو من هذا القبيل، فستفر من هذا المشهد بكل ما تملك.
      وعلى العكس من ذلك شهادة المرأة من أمور الرضاع والحضانة والنسب.. فإن الأولوية فيها لشهادة المرأة، إذ هي أكثر اتصالًا بهذه الأمور من الرجل، بل ذهب الشعبي إلى أن هذه الأمور مما لايصح فيها إلا شهادة النساء.
      إن مما يغيب عن بال كثير من الناس أن هذه الشروط التي ترعاها الشريعة الإسلامية لصحة الشهادة إنما هي للشهادة التي تعدّ في القضاء الإسلامي بيّنة كاملة يترتب عليها الحكم. أما الشهادة التي يستعان بها في مجال التحقيق، دون أن يُعتمد عليها وحدها في الحكم، وهي التي تدخل تحت ما يسمى بـ((قرائن الأحوال)) فمن المتفق عليه أن لا فرق بين شهادة الرجل والمرأة قط، في سائر القضايا على اختلافها، إذ هي قرائن ومستندات في طريق التحقيق، وليست بينة كاملة ينبني عليها الحكم، وبهذا يتبين أن الشريعة الإسلامية، لم تلتق مع القوانين الوضعية في مدى الإعتداد بشهادة المرأة فقط، بل سبقتها بأشواط.. فإن القوانين الوضعية إنما تعتد بشهادة المرأة على مستوى ((قرائن الأحوال)) لا على أنها بينة كاملة سواء جاءت من الرجل أو المرأة، كما هو قرار الشريعة الإسلامية.
      فالمرأة مشغولة الذهن بما خلقت له من واجب عظيم وهو صناعة الإنسان الخليفة الذي استخلفه الله جل وعلا وزمان قالوا إن كرامة المرء وتميزه فيما يصنع وهذه أعلى كرامة. فالغاية من وجود امرأة ثانية هي التذكير فقط وليس قدحًا في أهلية المرأة الشرعية.
      هل المقصود شهادة المرأة أم إشهادها؟
      كان هذا بالنسبة لشهادتها. لكن هل تتكلم الآية عن الشهادة أم عن إشهادها؟
      إن آية سورة البقرة، والتى قالت: [وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى] تتحدث عن أمر آخر غير "الشهادة" أمام القضاء.. تتحدث عن "الإشهاد" الذى يقوم به صاحب الدين للاستيثاق من الحفاظ على دَيْنه، وليس عن "الشهادة" التى يعتمد عليها القاضى فى حكمه بين المتنازعين.. فهذه الآية موجهة لصاحب الحق الدَّيْن وليس إلى القاضى الحاكم فى النزاع.. بل إن هذه الآية لا تتوجه إلى كل صاحب حق دَيْن ولا تشترط ما اشترطت من مستويات الإشهاد وعدد الشهود فى كل حالات الدَّيْن.. وإنما توجهت بالنصح والإرشاد فقط النصح والإرشاد إلى دائن خاص، وفى حالات خاصة من الديون، لها ملابسات خاصة نصت عليها الآية.. فهو دين إلى أجل مسمى.. ولابد من كتابته.. ولابد من عدالة الكاتب. ويحرم امتناع الكاتب عن الكتابة.. ولابد من إملاء الذى عليه الحق.. وإن لم يستطع فليملل وليه بالعدل.. والإشهاد لا بد أن يكون من رجلين من المؤمنين.. أو رجل وامرأتين من المؤمنين.. وأن يكون الشهود ممن ترضى عنهم الجماعة.. ولا يصح امتناع الشهود عن الشهادة.. وليست هذه الشروط بمطلوبة فى التجارة الحاضرة.. ولا فى المبايعات..
      ثم إن الآية ترى فى هذا المستوى من الإشهاد الوضع الأقسط والأقوم. وذلك لا ينفى المستوى الأدنى من القسط. ولقد فقه هذه الحقيقة حقيقة أن هذه الآية إنما تتحدث عن "الإشهاد" فى دَيْن خاص، وليس عن الشهادة.. وإنها نصيحة وإرشاد لصاحب الدَّيْن ذى المواصفات والملابسات الخاصة وليست تشريعًا موجهًا إلى القاضى الحاكم فى المنازعات.. فقه ذلك العلماء المجتهدون..
      ومن هؤلاء العلماء الفقهاء الذين فقهوا هذه الحقيقة، وفصّلوا القول فيها شيخ الإسلام ابن تيمية [661-728 هجرية /1263-1328م] وتلميذه العلامة ابن القيم [691-751 هجرية / 1292-4913م] من القدماء والأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده [1265-1323 هجرية] والإمام الشيخ محمود شلتوت [1310-1383 هجرية /1893-1963م] من المحدثين والمعاصرين فقال ابن تيمية فيما يرويه عنه ويؤكد عليه ابن القيم:
      قال عن "البينة" التى يحكم القاضى بناءً عليها.. والتى وضع قاعدتها الشرعية والفقهية حديث رسول الله : "البينة على المدعى، واليمين على المدعى عليه" رواه البخارى والترمذى وابن ماجه.
      فقوله : "البينة على المدعى"، أى عليه أن يظهر ما يبيّن صحة دعواه، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حُكِم له.." فكما تقوم البينة بشهادة الرجل الواحد أو أكثر، تقوم بشهادة المرأة الواحدة، أو أكثر، وفق معيار البينة التى يطمئن إليها ضمير الحاكم – القاضى.
      ولقد فصّل ابن تيمية القول فى التمييز بين طرق حفظ الحقوق، التى أرشدت إليها ونصحت بها آية الإشهاد - الآية 282 من سورة البقرة وهى الموجهة إلى صاحب "الحق الدَّين" وبين طرق البينة، التى يحكم الحاكم القاضى بناء عليها.. وأورد ابن القيم تفصيل ابن تيمية هذا تحت عنوان [الطرق التى يحفظ بها الإنسان حقه]. فقال: "إن القرآن لم يذكر الشاهدين، والرجل والمرأتين فى طرق الحكم التى يحكم بها الحاكم، وإنما ذكر النوعين من البينات فى الطرق التى يحفظ بها الإنسان حقه، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) البقرة 282، فأمرهم، سبحانه، بحفظ حقوقهم بالكتاب (أى كتابةً)، وأمر من عليه الحق أن يملى الكاتب، فإن لم يكن ممن يصح إملاؤه أملى عنه وليه، ثم أمر من له الحق أن يستشهد على حقه رجلين، فإن لم يجد فرجل وامرأتان، ثم نهى الشهداء المتحملين للشهادة عن التخلف عن إقامتها إذا طُلبوا لذلك، ثم رخّص لهم فى التجارة الحاضرة ألا يكتبوها، ثم أمرهم بالإشهاد عند التبايع، ثم أمرهم إذا كانوا على سفر ولم يجدوا كاتبًا، أن يستوثقوا بالرهان المقبوضة.
      كل هذا نصيحة لهم، وتعليم وإرشاد لما يحفظون به حقوقهم، وما تحفظ به الحقوق شئ وما يحكم به الحاكم [القاضى] شئ، فإن طرق الحكم أوسع من الشاهد والمرأتين، فإن الحاكم يحكم بالنكول (الامتناع عن اليمين)، واليمين المردودة ولا ذكر لهما فى القرآن وأيضًا: فإن الحاكم يحكم بالقرعة بكتاب الله وسنة رسوله الصريحة الصحيحة.. ويحكم بالقافة (مفردها قائف هو الذى يعرف الآثار آثار الأقدام ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه) بالسنة الصريحة الصحيحة التى لا معارض لها ويحكم بالقامة (الأيمان، تقسم على أهل المحلة الذين وجد المقتول فيهم) بالسنة الصحيحة الصريحة، ويحكم بشاهد الحال إذا تداعى الزوجان أو الصانعان متاع البيت والدكان، ويحكم، عند من أنكر الحكم بالشاهد واليمين بوجود الآجر فى الحائط، فيجعله للمدعى إذا كان جهته وهذا كله ليس فى القرآن، ولا حكم به رسول الله ، ولا أحد من أصحابه..
      فإن قيل: فظاهر القرآن يدل على أن الشاهد والمرأتين بدلٌ عن الشاهدين، وأنه لا يُقْضَى بهما إلا عند عدم وجود الشاهدين.
      قيل: القرآن لا يدل على ذلك، فإن هذا أمر لأصحاب الحقوق بما يحفظون به حقوقهم، فهو سبحانه أرشدهم إلى أقوى الطرق، فإن لم يقدروا على أقواها انتقلوا إلى ما دونها.. وهو سبحانه لم يذكر ما يحكم به الحاكم، وإنما أرشدنا إلى ما يُحفظ به الحق، وطرق الحكم أوسع من الطرق التى تُحفظ بها الحقوق" (ابن القيم، "الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية" ص103-105، 219،236.)
      وبعد إيراد ابن القيم لهذه النصوص نقلًا عن شيخه وشيخ الإسلام ابن تيمية علق عليها، مؤكدًا إياها، فقال: "قلت [أى ابن القيم]: وليس فى القرآن ما يقتضى أنه لا يُحْكَم إلا بشاهدين، أو شاهد وامرأتين، فإن الله سبحانه إنما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النِّصاب، ولم يأمر بذلك الحكام أن يحكموا به، فضلًا عن أن يكون قد أمرهم ألا يقضوا إلا بذلك. ..... فطرق الحكم شئ، وطرق حفظ الحقوق شئ آخر، وليس بينهما تلازم، فتُحفظ الحقوق بما لا يحكم به الحاكم مما يعلم صاحب الحق أنه يحفظ به حقه، ويحكم الحاكم بما لا يحفظ به صاحب الحق حقه، ولا خطر على باله." (الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية، ص 198)
      فطرق الإشهاد، فى آية سورة البقرة التى تجعل شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد هى نصيحة وإرشاد لصاحب الدَّين ذى الطبيعة الخاصة -.. وليست التشريع الموجه إلى الحاكم القاضى والجامع لطرق الشهادات والبينات.. وهى أيضًا خاصة بدَيْن له مواصفاته وملابساته، وليست التشريع العام فى البينات التى تُظهر العدل فيحكم به القضاة.
      بل لقد ذكر ابن تيمية فى حديثه عن الإشهاد الذى تحدثت عنه آية سورة البقرة أن نسيان المرأة، ومن ثم حاجتها إلى أخرى تذكرها (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) ليس طبعًا ولا جبلة فى كل النساء، وليس حتمًا فى كل أنواع الشهادات.. وإنما هو أمر له علاقة بالخبرة والمران، أى أنه مما يلحقه التطور والتغيير.. وحكى ذلك عنه ابن القيم فقال: "قال شيخنا ابن تيمية، رحمه الله تعالى: قوله تعالى: (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) فيه دليل على أن استشهاد امرأتين مكان رجل واحد إنما هو لإذكار إحداهما للأخرى، إذا ضلت، وهذا إنما يكون فيما فيه الضلال فى العادة، وهو النسيان وعدم الضبط.. فما كان من الشهادات لا يُخافُ فيه الضلال فى العادة لم تكن فيه على نصف الرجل.." (إعلام الموقعين عن رب العالمين، ج1 ص 90-92، 94-95، 103، 104، طبعة بيروت سنة 1973م)
      فحتى فى الإشهاد، يجوز لصاحب الدَّيْن أن يحفظ دَينه وفق نصيحة وإرشاد آية سورة البقرة بإشهاد رجل وامرأة، أو امرأتين، وذلك عند توافر الخبرة للمرأة فى موضوع الإشهاد.. فهى فى هذا الإشهاد ليست شهادتها دائمًا على النصف من شهادة الرجل..
      ولقد كرر ابن القيم وأكد هذا الذى أشرنا إلى طرف منه، فى غير كتابه [الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية] فقال فى كتابه "إعلام الموقعين عند رب العالمين" أثناء حديثه عن "البينة" وحديث رسول الله : "إن البينة فى كلام الله ورسوله، وكلام الصحابة اسم لكل ما يبين الحق.. ولم يختص لفظ البينة بالشاهدين.. وقال الله فى آية الدَّيْن: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) فهذا فى التَّحمل والوثيقة التى يحفظ بها صاحب المال حقه، لا فى طرق الحكم وما يحكم به الحاكم، فإن هذا شئ وهذا شئ، فذكر سبحانه ما يحفظ به الحقوق من الشهود، ولم يذكر أن الحكام لا يحكمون إلا بذلك.. فإن طرق الحكم أعم من طرق حفظ الحقوق.. وقال سبحانه (ممن ترضون من الشهداء) لأن صاحب الحق هو الذى يحفظ ماله بمن يرضاه."
      وعلل ابن تيمية حكمة كون شهادة المرأتين فى هذه الحالة تعدلان شهادة الرجل الواحد، بأن المرأة ليست مما يتحمل عادة مجالس وأنواع هذه المعاملات.. لكن إذا تطورت خبراتها وممارساتها وعاداتها، كانت شهادتها حتى فى الإشهاد على حفظ الحقوق والديون مساوية لشهادة الرجل.. فقال: "ولا ريب أن هذه الحكمة فى التعدد هى فى التحمل، فأما إذا عقلت المرأة، وحفظت وكانت ممن يوثق بدينها فإن المقصود حاصل بخبرها كما يحصل بأخبار الديانات، ولهذا تُقبل شهادتها وحدها فى مواضع، ويُحكم بشهادة امرأتين ويمين الطالب فى أصح القولين، وهو قول مالك [ 93-179 هجرية 712-795م ] وأحد الوجهين فى مذهب أحمد.. "
      وهذا الذى قاله ابن تيمية وابن القيم فى حديثهما عن آية سورة البقرة هو الذى ذكره الإمام محمد عبده، عندما أرجع تميز شهادة الرجال على هذا الحق الذى تحدثت عنه الآية على شهادة النساء، إلى كون النساء فى ذلك التاريخ كن بعيدات عن حضور مجالس التجارات، ومن ثم بعيدات عن تحصيل التحمل والخبرات فى هذه الميادين.. وهو واقع تاريخى خاضع للتطور والتغير، وليس طبيعة ولا جبلة فى جنس النساء على مر العصور، فقال: "تكلم المفسرون فى هذا، وجعلوا سببه المزاج، فقالوا: إن مزاج المرأة يعتريه البرد فيتبعه النسيان، وهذا غير متحقق، والسبب الصحيح أن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات، فلذلك تكون ذاكرتها ضعيفة،ولا تكون كذلك فى الأمور المنزلية التى هى شغلها، فإنها أقوى ذاكرة من الرجل، يعنى أن من طبع البشر ذكرانًا وإناثًا أن يقوى تذكرهم للأمور التى تهمهم ويكثر اشتغالهم بها" (الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ج4 ص732. دراسة وتحقيق: د. محمد عمارة. طبعة القاهرة 1993م)
      ولقد سار الشيخ محمود شلتوت الذى استوعب اجتهادات ابن تيمية وابن القيم ومحمد عبده مع هذا الطريق، فكتب يقول: إن قول الله سبحانه وتعالى: (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) ليس واردًا فى مقام الشهادة التى يقضى بها القاضى ويحكم، وإنما هو فى مقام الإرشاد إلى طرق الاستيثاق والاطمئنان على الحقوق بين المتعاملين وقت التعامل. ... فالمقام مقام استيثاق على الحقوق، لا مقام قضاء بها. والآية ترشد إلى أفضل أنواع الاستيثاق الذى تطمئن به نفوس المتعاملين على حقوقهم. وليس معنى هذا أن شهادة المرأة الواحدة أو شهادة النساء اللاتى ليس معهن رجل، لايثبت بها الحق، ولا يحكم بها القاضى، فإن أقصى ما يطلبه القضاء هو" البينة".
      والآية جاءت على ما كان مألوفًا فى شأن المرأة، ولا يزال أكثر النساء كذلك، لا يشهدن مجالس المداينات ولا يشتغلن بأسواق المبايعات، واشتغال بعضهن بذلك لا ينافى هذا الأصل الذى تقضى به طبيعتها فى الحياة.
      وإذا كانت الآية ترشد إلى أكمل وجوه الاستيثاق، وكان المتعاملون فى بيئة يغلب فيها اشتغال النساء بالمبايعات وحضور مجالس المداينات، كان لهم الحق فى الاستيثاق بالمرأة على نحو الاستيثاق بالرجل متى اطمأنوا إلى تذكرها وعدم نسيانها على نحو تذكر الرجل وعدم نسيانه.
      ومن هنا يجوز للقاضى أخذ شهادة رجل واحد أو امرأة واحدة، متى تم الإطمئنان إلى عدالته وحدوث البينة، وقد روى الخمسة إلا البخاري عن ابن عباس (أن رسول الله قضى بيمين وشاهد) وأيضًا قبل شهادة الرجل الواحد العدل.
      وقال ابن عمر (أخبرت النبى  أنى رأيت الهلال فصام وأمر الناس بصيامه) أى صيام رمضان
      وقد روي عن عقبة بن الحارث، أنه تزوج أم يحيى بنت أبي أهاب. فجاءت امرأة وقالت: "لقد أرضعتكما" فسأل عقبة النبي  فقال: كيف وقد قيل؟ ففارقها عقبة، فنكحت زوجًا غيره".
      وفى هذه الأحاديث تأييد لما نقول من حيث إن النبى  جارى الموقف ولم يلتزم بشاهدين أو يقبل بضياع حق مسلم بسبب عدم وجود شاهدين.
      لذلك أجاز الأحناف شهادة الرجل الواحد على الولادة وشهادة المعلم وحده فى قضايا الصبيان وشهادة الخبير فى تقويم المتلفات وشهادة الواحد فى تزكية الشهود وجرحهم وفى أخبار عزل الوكيل وفى أخبار عيب المبيع .
      كما أجاز الإمام مالك شهادة الصبيان فى الجراح وكذلك عمل الصحابة وفقهاء المدينة بشهادة الصبيان على تجاريح بعضهم بعضًا وهذا هو الراجح فإن الرجال لا يحضرون معهم فى لعبهم ... فإن الظن الحاصل حينئذ من شهادتهم أقوى بكثير من الظن الحاصل من شهادة رجلين وهذا مما لا يمكن دفعه وجحده.
      كذلك ذهب مالك وأبو حنيفة وأبو يوسف إلى قبول ترجمة المترجم الواحد العدل، والترجمة كالشهادة (وغنى عن البيان أن نذكر أن وضع المرأة المترجمة كوضع الرجل المترجم سواء بسواء.)
      هذا وقد قال ابن القيم أيضًا: (والصواب أن كل ما بيَّنَ الحق فهو بيِّنة، ولم يعطل الله ولا رسوله حقًا بعد ما تبيَّن بطريق من الطرق أصلًا، بل حكم الله ورسوله الذى لا حكم له سواه أنه متى ظهر الحق ووضع بأى طريق، كان واجب تنفيذه ونصره وحرمة تعطيله وإبطاله).
      وقال كذلك (يجوز للحاكم الحكم بشهادة الرجل الواحد إذا عرف صدقه فى غير الحدود ولم يوجب الله على الحكام أن لا يحكموا إلا بشاهدين أصلًا وإنما أمر صاحب الحق أن يحفظ حقه بشاهدين أو بشاهد وامرأتين .. كما أجاز الرسول  شهادة الإعرابى وحده على رؤية الهلال، وجعل الرسول  شهادة خزيمة كشهادة رجلين وقال (من شهد له خزيمة فهو حسبه) وليس هذا مخصوصًا بخزيمة دون من هو خير منه أو مثله من الصحابة فلو شهد أبو بكر أو عمر أو عثمان أو على أو أبى بن كعب لكان أولى بالحكم بشهادته وحده) قاله أبو داود باب – إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به.)
      اعتراف العلم الحديث بنقصان ذاكرة المرأة عن الرجل:
      ثم اقرأ هذا عزيزى الكاتب، لعلك تعتبر، ولعله يكون سببًا فى هدايتك!
      إن العلم الحديث في هذا يؤكد ما ذهب إليه النص القرآني منذ أربعة عشر قرنًا.. فقد ذكر موقع News CBC الأمريكي تحت عنوان :
      Mild Iron Deficiency Harms Woman’s Memory.
      "نقصان الحديد المعتدل (وليس الحاد) يؤذي ذاكرة المرأة"
      إن فريقًا طبيًّا في كلية طب جامعة ولاية بنسلفانيا في أمريكا قد أصدر دراسة عقب تجارب على 149 امرأة من سن 18 سنة إلى 35 سنة (أي شباب) أن نقصان الحديد المعتدل يبطئ من تفكير المرأة وذاكرتها – فما بالنا بالنقصان الحاد (الأنيميا). بل إن النساء قيد التجربة احتجْنَ إلى جرعات من الحديد لمدة أربعة أشهر يوميًّا لتتحسن ذاكرتهنَّ! ثم ذكرت أن 20% من نساء العالم المتقدم و40% من نساء العالم الثالث لديهنَّ نقصٌ شديد في الحديد، فما بالنا بما يعانين نقصًا معتدلًا!!
      كما ذكر مقال للأستاذ فراس نور الحق مدير: موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن أن موقعيCNN ، BBC نشرتا دراسة (أسترالية) بعنوان: (تقول الدراسات: إن الحمل يقلل الذاكرة) أى يُضعفها.
      pregnancy does cause memory loss ، study says.
      الخلاصة:
      أي أن دراستين علميتين غربيتين إحداهما في أستراليا والأخرى في أمريكا تجزمان بضعف ذاكرة المرأة سواء للحمل أو نقصان الحديد المتوسط. وصدق الله العظيم: (أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) البقرة 282
      (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فصلت: 40
      منقول بتصرف من الموقع العالمى للإقتصاد الإسلامى (isegs)
      وذكر الشيخ الزنداني أن العلم الحديث قد اكتشف أن لكل من الرجل والمرأة مركزين، مركزًا للكلام ومركزًا للتذكر، وأن الرجل إذا تكلم عمل واحد وبقي الآخر للتذكر، وأما المرأة فإذا تكلمت عمل المركزان، ولذا لا تستطيع التذكر التام لما تشهد به، فتذكرها أختها لئلا يفوت مقصود الشهادة.
      قيمة شهادة المرأة فى الكتاب المقدس:
      أيها الكاتب: هل تعرف قيمة شهادة المرأة فى الكتاب المقدس بعهديه؟
      وأكرر على مسامعك مرة أخرى: إن الكتاب الذى تقدسه لا يحتوى إلا على عهد واحد، وهو العهد الذى عمله الرب مع موسى ، أما ما جاء به يسوع ليس بعهد، فلا تشريع فيه ولا قوانين، بل جاء هو نفسه تابعًا للعهد القديم. وعلى ذلك إن كل ما يحتويه العهد القديم من تشريعات فهو ملزم لكم، كما كان ملزمًا ليسوع والأنبياء من قبله.
      وبعد أن هاجم الكاتب وضع المرأة فى الإسلام كنا نتوقع منهأن يرفض الكتاب الذى يقدسه، ويقف إلى جانب أى جمعية نسائية تدافع عن المرأة وترفض هذه الدونية التى ألحقتها بها تعاليم هذا الكتاب. إلا أنه لم يفعل، ولم يرفض المسيحية أو اليهودية ولم يُعلن حتى ارتداده عن هذا الدين لإساءة هذا الكتاب المقدس جدًا إلى المرأة إساءة لم نسمع أنها أتت فى دين من الأديان، ولا يمكن لأن تكون هذه تعاليم الإله الرحيم العادل، الإله الودود.
      ماذا تتوقع من امرأة أعطى الرب لأبيها الحق فى بيعها كما تُباع النعاج؟ فهل مثل هذه المرأة سيكون لها رأى أو يُعتدُّ بشهادتها؟ (وإذا باع رجل ابنته أمةً لا تخرج كما يخرج العبيد) خروج 21: 7
      ماذا تنتظر من امرأة يعتبرونها شيئًا نجسًا، وتتسبب فى نجاسة المجتمع بأكمله وقت حيضها، لذلك كانت تنبذ فى خيمة بمفردها فى احدى زواية فناء البيت؟ فوقت حيضها فهى نجسة، وكل من يلمسها فهو نجس، وكل من يجلس على مقعد جلست عليه فهو نجس، وكل قطعة أثاث تلمسها بيدها فهى نجسة، وإذا لمس ثيابها إنسانًا ما فهو نجس. فكيف ستقف مثل هذه المرأة فى ساحة القضاء لتدلى بشهادتها أو تشهد على عقد؟ (19«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ لَهَا سَيْلٌ وَكَانَ سَيْلُهَا دَمًا فِي لَحْمِهَا فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا. وَكُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 20وَكُلُّ مَا تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فِي طَمْثِهَا يَكُونُ نَجِسًا وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا. 21وَكُلُّ مَنْ مَسَّ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعًا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 23وَإِنْ كَانَ عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي هِيَ جَالِسَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَمَسُّهُ يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 24وَإِنِ اضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ فَكَانَ طَمْثُهَا عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا) لاويين 15: 19-24 وبذلك أصبحت المرأة الحائض فى التّوراة مخطئة وكالمصابة بالجذام
      ولك أن تتخيل هذه التعاليم فى مجتمعنا اليوم: فهى لا يمكنها وقت حيضها ويعده بسبعة أيام أخرى (أى نصف الشهر، أى نصف عمرها من وقت البلوغ، إلى أن تنقطع الدورة الشهرية عنها) أن تكون مدرسة، تتابع كراسات التلاميذ، وتصححها لهم، وإلا نجست الكراسة وصاحبها! ولا يمكنها أن تركب أية وسيلة من وسائل المواصلات الجماعية، وإلا نجست الأتوبيس بمن فيه! ولا يمكنها أن تعمل كطبيبة، وإلا نجست المرضى وأدوات عملها! ولا يمكنها أن تعمل بالتجارة، لأن كل سلعة سوف تمسكها لتبيعها أو لتنظفها، فقد تنجست! وقس على ذلك كل الوظائف، ناهيك عن أنه لا يمكن الاعتماد عليها كقوة عاملة، إذا أعطيت أجازة هذه مدة الطمث هذه وسبعة أيام أخرى إلى أن تطهر. ناهيك عن أن هذا الإجراء سيكون فاضحًا لسر من أسرار المرأة، لا يجب أن تُطلع عليه الرجال.
      بل تتضاعف نجاسة المرأة بإنجابها أنثى: (1وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: 2«قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا حَبِلَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدَتْ ذَكَرًا تَكُونُ نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِ عِلَّتِهَا تَكُونُ نَجِسَةً. 3وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ لَحْمُ غُرْلَتِهِ. 4ثُمَّ تُقِيمُ ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا. كُلَّ شَيْءٍ مُقَدَّسٍ لاَ تَمَسَّ وَإِلَى الْمَقْدِسِ لاَ تَجِئْ حَتَّى تَكْمُلَ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا. 5وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى تَكُونُ نَجِسَةً أُسْبُوعَيْنِ كَمَا فِي طَمْثِهَا. ثُمَّ تُقِيمُ سِتَّةً وَسِتِّينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا.) لاويين 12: 1-5
      وإذا كان على المرأة ألا تناقش أمور الدين داخل الكنيسة لتفهم، فهل هذا نص يعتبر أن المرأة كاملة الأهلية، أو تملك عقل من الأساس لتفهم؟ وهل صورة المرأة هذه جديرة بالإشهاد أو الشهادة لضمان حقوق الناس أو المحافظة على أرواحهم؟ (34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ.) كورنثوس الأولى 14: 34-35
      وهل بعد أن وضع الرب على فمها ثقل من الرصاص يمكن لإنسان أن يعارض الرب ويجعلها تفتح فاها لتتكلم؟ (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا) زكريا 5: 8
      ومن عجيب ما ذكرته بعض المصادر أن ما لاقته المرأة فى العصور الرومانية تحت شعارهم المعروف "ليس للمرأة روح" تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها، وربطها بالأعمدة، بل كانوا يربطون البريئات بذيول الخيول، ويسرعون بهن إلى أقصى سرعة حتى تموت، ثم يربطون الشقيات بالأعمدة ويصبون النار على أبدانهن.
      وعن سكب الزيت المغلى على أجساد النساء يروى الدكتور اسبرينج Dr. Aspring أن النصارى قد أخذوه وتفننوا فيه، بل أصبح قانونًا فى بداية القرن السادس عشر: فقد "تشكل مجلس اجتماعى فى بريطانيا فى عام 1500 لتعذيب النساء، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن، وقد أحرق الألاف منهن أحياء، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية".
      ففى فرنسا عقد الفرنسيون فى عام 586م ـ أى فى زمن شباب النبى محمد  مؤتمرًا (مجمع باكون) لبحث: هل تُعد المرأة إنسانًا أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كان لها روح فهل هى روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحًا إنسانيًا، فهل هى على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيرًا: قرروا أنها إنسان، ولكنها خُلِقَت لخدمة الرجل فحسب. وأنها خالية من الروح الناجية، التى تنجيها من جهنم، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام.
      كما قرر مجمع آخر، أن المرأة حيوان نجس، يجب الابتعاد عنه، وأنه لاروح لها ولا خلود، ولاتُلقن مبادئ الدين؛ لأنها لاتقبل عبادتها، ولاتدخل الجنة، والملكوت، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان ".
      فهل من يفكر هكذا فى المرأة يقبل شهادة لها، أو حتى يدعها تتكلم؟
      وأعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
      ثم نجد هنا القوانين المضحكة نتيجة لهذه الأمور السابقة، فمثلا إذا أراد الأسقف أن يلتقى بزوجته لمشورة أسرية وجب عليه أن يفعل ذلك في مكان فسيح وبحضور شهود. وأمر البابا هيلدبراند (Hildebrand) المسيحين ألا يستمعوا إلى الأساقفة المتزوجين ولا يطيعوهم.
      W.E.H. Leeky: A History of European Morals (London، 1911)، vol.2 p.332
      وكانت هذه القوانين قيدًا ظالمًا للرجال والأساقفة، فلجأوا إلى الحيل الملتوية لإشباع الرغبات، إلا أن هذه القوانين قد تركت آثارًا سيئة عميقة على النساء (فاحتقرن أزواجهن وأُكرهن على الخروج، وظهر عدد كبير - بسبب هذا الفصل بين الرجل وزوجته - من الجرائم والمصائب)
      H.C.Lea:An Historical Sketch of Sacredotal Celibacy، 1884، p.277
      وتعدى بابا آخر - وهو أوربان الثاني (Uraban II) حيث أجاز جميع الحدود في سبيل تنفيذ هذه القوانين غير الفطرية حيث (أجاز للحكام أن يسترقوا نساء أولئك الأساقفة الذين رفضوا أن يتركوا زوجاتهن)
      H.C.Lea: An Historical Sketch of Sacredotal Celibacy، 1884، p.333
      فكان نتيجة هذا أن ساء وضع المرأة في القرون الوسطى وحتى زمن قريب، فلم يكن لها قيمة ولا احترام في المجتمعات المسيحية. وكان من حق الزوج القانوني، حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر، أن يبيع زوجته كما تباع الحيوانات
      Cady Stanton: History of Women's Suffrage، vol.3، p.290 (quoted in Rationalist Encyclopaedia by J.McCabe، London، 1950، p. 625
      ومن أقوال فلاسفة أوربا ومشاهيرها فى عصر ما بعد النهضة
      (إذا رأيتم امرأة، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشريًا، بل ولاكائنًا وحشيًا وإنما الذى ترونه هو الشيطان بذاته، والذى تسمعونه هو صفير الثعبان) (من وصايات سان بول فانتير - لتلاميذه)
      (المرأة حيوان، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه) (شوبنهاور)
      ويستند شوبنهاور إلى وصف يسوع للمرأة الكنعانية أنها كلبة، وإلى وصف صموئيل الثانى للمرأة بأنها نعجة (صموئيل الثانى 12: 1-7) وأنها نعجة (متى 15: 22-28)
      (لايوجد رجل فكر فى المرأة ثم احترمها، فهو إما أن يحتقرها وإما أنه لم يفكر فيها بصورة جدية) (أوتو فيننجر)
      (المرأة آلة للإبتسام. تمثال حى للغباء) (الأديب الفرنسى - لامنيه)
      (المرأة كائن نسبى) (المؤرخ ميشليه)، وهذا هو الذى دعاهم فى القرن الخامس للدعوة لعقد مجمع باكون ليبحثوا فيه إذا كان للمرأة روح مثل الرجل أم لا.
      لذلك قال أرسطو: (الذكر هو الأنموذج أو المعيار، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
      لذلك قال الفيلسوف نتشه: (إنها ليست أهلًا للصداقة، فما هى إلا هرَّة، وقد تكون عصفورًا، وإذا هى ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة بالنسبة له مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
      لذلك قال لوثر: (إذا تعبت النساء، أو حتى ماتت، فكل ذلك لا يهم، دعهن يمتن فى عملية الولادة، فلقد خلقن من أجل ذلك) (تعدد نساء الأنبياء ص 235)
      لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
      (ولقد كتب أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر: أن كل النساء بلا استثناء مومسات، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم).
      وقال الراهب البنديكتى برنار دى موريكس دون مواربة فى أشعاره: (إنه لا توجد امرأة طيبة على وجه الأرض)
      وقال القديس ترتوليان – أحد أقطاب المسيحية الأولى وأئمتها مبينًا للبشرية نظرة المسيحية فى المرأة: (إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، وإنها دافعة إلى الشجرة الممنوعة ناقضة لقانون الله ومشوهة لصورة الله – أي الرجل) مستندا فى ذلك إلى قول الكتاب المقدس (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
      وقال فيه سوستام الذي يعد من كبار أولياء الديانة المسيحية في شأن المرأة: (هي شر لا بد منه، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها وخطر على الأسرة والبيت ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة) مستندا إلى قول الرب الذى أرسل ملاكه ليقول عنها إنها الشر بعينه: (7وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8
      يقول كارل هاينتس ديشنر فى كتابه (الصليب ذو الكنيسة ـ قصة الحياة الجنسية للمسيحية) فى الفصل التاسع عشر ص 230: (قال سيمون دى بوفوارSimone de Beauvoir : لقد أسهمت العقيدة النصرانية فى اضطهاد المرأة ولم تقم بدور بسيط فى هذا)
      كما قال ماركوس Marcuse : (إن فكرة أن تكون المرأة حاملة للخطيئة الأزلية، والتى تتعلق بها عقائد الديانة النصرانية تعلقًا لا تكاد تنفك منه أبدًا، هى التى أثرت أسوأ تأثير على الناحية الإجتماعية والقانونية للمرأة)
      وقال دينس ديديروت Denis Diderot: (إن فى كل عادات وتقاليد الحياة اتحد بطش القانون الشعبى مع بطش الطبيعة ضد المرأة، فقد عوملت المرأة فى ظل هذه القوانين ككائن فقد عقله)
      لقد صنع تاريخ المرأة رجالٌ كانوا يتخذون المرأة عدوًا لهم منذ العصور الأولى للبابوية. وكان الرجل يعتبرها فى العصور المنصرمة للإمبراطورية الرومانية كأحد مواشيه، وله أن يتصرف فيها بالبيع أو القتل إن شاء. ولو قتل ابنة رجل آخر أسلم لهم ابنته فيقتلونها أو يبيعونها أو يتملكونها فلهم الحرية فى ذلك.
      وقد ساد الرجل المرأة فى عصر الجيرمان، وسُمِحَ له أن يؤدب زوجته بالضرب كما سُمِحَ له بقتل زوجته إذا خانته دون وقوع أدنى عقوبة عليه.
      كما كانت مخلوقًا ثانويًا وشريكة للشيطان فى الخطيئة الأزلية، وهذا يجعلها تأتى دائما فى المرتبة الثانية بعد الرجل حتى على المستوى الكنسى.
      قد قالها أئمة الكنيسة، وشهد لذلك التاريخ .. فقد قال ((فيليب ربّابورت)) ((Philip Rappaport)) : ((ربّما، لم تكن هناك حقبة في تاريخ البشر، كانت فيها مكانة المرأة أكثر سفولًا وانحطاطًا منها في بداية النصرانيّة. وبحسب مقولات آباء الكنيسة؛ كانت المرأة كائنًا نجسًا، وهي المغوية التي جلبت الخطيئة إلى العالم، والتي من الحسن والمقدس الابتعاد عنها.))!!
      وقد بيّن الناقد الاسكتلندي الكلاسيكي، واللاهوتي، والمدير السابق لجامعة القديس ((أندرو)) ((جيمس دونالدسون (1813م-1915م)) (James Donaldson) في كتابه: ((المرأة؛ موقعها وتأثيرها في اليونان القديمة وروما وبين المسيحيين الأوائل ص148)) ((Woman; Her Position and Influence in Ancient Greece and Rome، and Among the Early Christians)) في مستهلّ الفصل الثالث المتعلّق ((بمقام النساء في النصرانيّة المبكّرة وتأثيرهن)): ((لقد تمّ التعبير بصورة متواصلة على أنّ المرأة مدينة لوضعها الراقي الحالي للدين النصراني، ولتأثيرات العقل الجرماني؛ لكن يبدو لي أنّ فحص الحقيقة يظهر أنّه لم تكن هناك علامة على هذه الثورة في القرون الميلادية الثلاثة الأولى، وأنّ مقام النساء بين المسيحيين كان أدنى، وأنّ النظرة إليهن كانت أدنى مما كان سابقًا.))
      لم تعرف النصرانيّة أنّ للمرأة عقلًا مميزًا بصيرًا؛ فالمرأة عند آباء الكنيسة لا تمثّل سوى الرغبة الشهوانية الحامية والميل الحاد إلى الشرور؛ وقد احتكر الرجل بذلك العقل. وفي هذا السياق تقول ((باربرا ج. ماك هافيي))فى كتابها (Women in Christian Tradition) ص22: ((عُرِّف النساء تقليديًا بأنهن الجسد، في حين عُرِف العقل أساسا على أنّه ذكوري. وكانت النتيجة هي ربط الأنثى بالجسد، والعالم المادي، والرغبة في إرضاء الشهوات الجسديّة؛ وبالتالي فقد عُرِّفت بما هو شرّ.))
      كان قديس الكنيسة وأعظم لاهوتييها ((أوغسطين)) يُعلّم أنّ المرأة قد خلقت أضعف من الرجل من ناحيتي العقل والروح؛ وهو أمر ثابت في الدنيا والآخرة (!!)؛ حتى إنّ الرجل في جنّة عدن هو الذي يحكم ويُعلّم، كما تقول ((باربرا ج. ماك هافيي)) ص23 فى كتابها المذكور أعلاه!! .. فانظر إلى سلبها العقل الواعي في الحياة الدنيا والآخرة!!
      فهل تتوقع بعد كل هذا أن يوثق فى المرأة فى مجتمع الكتاب المقدس جدًا أو يُعتد بشهادتها من الأساس سواء فى العهد القديم أو ما يُسمَّى بالعهد الجديد؟
      فسفر التثنية 19: 15-17 يحدد الرب الشاهد ولا يذكره إلا ذكرًا، وبهذا تأخذ المحاكم اليهودية لليوم، كما كانت فى سابق عهدها. وهو عين ما يقرره شراح هذا السفر والربيين. يقول النص: (15لاَ يَقُومُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى إِنْسَانٍ فِي ذَنْبٍ مَّا أَوْ خَطِيَّةٍ مَّا مِنْ جَمِيعِ الْخَطَايَا الَّتِي يُخْطِئُ بِهَا. عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ عَلَى فَمِ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَقُومُ الأَمْرُ. 16 إِذَا قَامَ شَاهِدُ زُورٍ عَلَى إِنْسَانٍ لِيَشْهَدَ عَلَيْهِ بِزَيْغٍ، 17 يَقِفُ الرَّجُلاَنِ اللَّذَانِ بَيْنَهُمَا الْخُصُومَةُ أَمَامَ الرَّبِّ، أَمَامَ الْكَهَنَةِ وَالْقُضَاةِ الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. 18 فَإِنْ فَحَصَ الْقُضَاةُ جَيِّدًا، وَإِذَا الشَّاهِدُ شَاهِدٌ كَاذِبٌ، قَدْ شَهِدَ بِالْكَذِبِ عَلَى أَخِيهِ) التثنية 19: 15-17
      ويقول اللاهوتي (John Gill) جون جيل تعليقا على هذا النص في تفسيرة الشهير Gill's Exposition of the Entire Bible
      (and teaches that there is no witness by women; and so it is elsewhere said (a)، an oath of witness is made by men، and not by women; on which it is observed (b) that a woman is not fit to bear witness، as it is written: then both the men،.... men and not women; and the above writer remarks further، that it teaches that they ought to bear testimony standing.)
      الترجمة: ويُعلم أنه لا شهادة من النساء، حيث يقول في مكان آخر (a)، يمين الشهادة يتم بواسطة الرجال، وليس بواسطة النساء؛ حيث يلاحظ (b) أن المرأة لا تصلح أن تشهد، كما هو مكتوب: ثم كلا من الرجلين ، ... الرجال وليس النساء.
      Gill's Exposition of the Entire Bible
      http://gill.biblecommenter.com/deuteronomy/19.htm
      يؤكد ذلك أيضًا القاموس اليونانى العبرى تحت رقم (H376)
      Strong’s Hebrew and Greek Dictionaries
      ونقرأ فى سفر العدد أنه لو اتهم رجل زوجته بالزنى، فعليها أن تشرب ماء اللعنة، وهو ماء مخلوط بتراب من بيت الزوجية، فلو مرضت كانت خائنة، ويُقام عليها الحد، وإذا لم تمرض فهى بريئة؛ أى إن شهادتها لنفسها لا يُعتد بها، ويكون قول زوجها سيفًا مسلطًا على رقبتها: (11وَأَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى: 12«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِذَا زَاغَتِ امْرَأَةُ رَجُل وَخَانَتْهُ خِيَانَةً 13وَاضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ اضْطِجَاعَ زَرْعٍ وَأُخْفِيَ ذَلِكَ عَنْ عَيْنَيْ رَجُلِهَا وَاسْتَتَرَتْ وَهِيَ نَجِسَةٌ وَليْسَ شَاهِدٌ عَليْهَا وَهِيَ لمْ تُؤْخَذْ 14فَاعْتَرَاهُ رُوحُ الغَيْرَةِ وَغَارَ عَلى امْرَأَتِهِ وَهِيَ نَجِسَةٌ أَوِ اعْتَرَاهُ رُوحُ الغَيْرَةِ وَغَارَ عَلى امْرَأَتِهِ وَهِيَ ليْسَتْ نَجِسَةً 15يَأْتِي الرَّجُلُ بَامْرَأَتِهِ إِلى الكَاهِنِ وَيَأْتِي بِقُرْبَانِهَا مَعَهَا: عُشْرِ الإِيفَةِ مِنْ طَحِينِ شَعِيرٍ لا يَصُبُّ عَليْهِ زَيْتًا وَلا يَجْعَلُ عَليْهِ لُبَانًا لأَنَّهُ تَقْدِمَةُ غَيْرَةٍ تَقْدِمَةُ تِذْكَارٍ تُذَكِّرُ ذَنْبًا. 16فَيُقَدِّمُهَا الكَاهِنُ وَيُوقِفُهَا أَمَامَ الرَّبِّ 17وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مَاءً مُقَدَّسًا فِي إِنَاءِ خَزَفٍ وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مِنَ الغُبَارِ الذِي فِي أَرْضِ المَسْكَنِ وَيَجْعَلُ فِي المَاءِ 18وَيُوقِفُ الكَاهِنُ المَرْأَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيَكْشِفُ رَأْسَ المَرْأَةِ وَيَجْعَلُ فِي يَدَيْهَا تَقْدِمَةَ التِّذْكَارِ التِي هِيَ تَقْدِمَةُ الغَيْرَةِ وَفِي يَدِ الكَاهِنِ يَكُونُ مَاءُ اللعْنَةِ المُرُّ. 19وَيَسْتَحْلِفُ الكَاهِنُ المَرْأَةَ وَيَقُولُ لهَا: إِنْ كَانَ لمْ يَضْطَجِعْ مَعَكِ رَجُلٌ وَإِنْ كُنْتِ لمْ تَزِيغِي إِلى نَجَاسَةٍ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ فَكُونِي بَرِيئَةً مِنْ مَاءِ اللعْنَةِ هَذَا المُرِّ. 20وَلكِنْ إِنْ كُنْتِ قَدْ زُغْتِ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ وَتَنَجَّسْتِ وَجَعَل مَعَكِ رَجُلٌ غَيْرُ رَجُلِكِ مَضْجَعَهُ. 21يَسْتَحْلِفُ الكَاهِنُ المَرْأَةَ بِحَلفِ اللعْنَةِ وَيَقُولُ الكَاهِنُ لِلمَرْأَةِ: يَجْعَلُكِ الرَّبُّ لعْنَةً وَحَلفًا بَيْنَ شَعْبِكِ بِأَنْ يَجْعَل الرَّبُّ فَخْذَكِ سَاقِطَةً وَبَطْنَكِ وَارِمًا. 22وَيَدْخُلُ مَاءُ اللعْنَةِ هَذَا فِي أَحْشَائِكِ لِوَرَمِ البَطْنِ وَلِإِسْقَاطِ الفَخْذِ. فَتَقُولُ المَرْأَةُ: آمِينَ آمِينَ. 23وَيَكْتُبُ الكَاهِنُ هَذِهِ اللعْنَاتِ فِي الكِتَابِ ثُمَّ يَمْحُوهَا فِي المَاءِ المُرِّ 24وَيَسْقِي المَرْأَةَ مَاءَ اللعْنَةِ المُرَّ فَيَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللعْنَةِ لِلمَرَارَةِ. 25وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مِنْ يَدِ المَرْأَةِ تَقْدِمَةَ الغَيْرَةِ وَيُرَدِّدُ التَّقْدِمَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيُقَدِّمُهَا إِلى المَذْبَحِ. 26وَيَقْبِضُ الكَاهِنُ مِنَ التَّقْدِمَةِ تِذْكَارَهَا وَيُوقِدُهُ عَلى المَذْبَحِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَسْقِي المَرْأَةَ المَاءَ. 27وَمَتَى سَقَاهَا المَاءَ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَنَجَّسَتْ وَخَانَتْ رَجُلهَا يَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللعْنَةِ لِلمَرَارَةِ فَيَرِمُ بَطْنُهَا وَتَسْقُطُ فَخْذُهَا فَتَصِيرُ المَرْأَةُ لعْنَةً فِي وَسَطِ شَعْبِهَا. 28وَإِنْ لمْ تَكُنِ المَرْأَةُ قَدْ تَنَجَّسَتْ بَل كَانَتْ طَاهِرَةً تَتَبَرَّأُ وَتَحْبَلُ بِزَرْعٍ». 29هَذِهِ شَرِيعَةُ الغَيْرَةِ. إِذَا زَاغَتِ امْرَأَةٌ مِنْ تَحْتِ رَجُلِهَا وَتَنَجَّسَتْ 30أَوْ إِذَا اعْتَرَى رَجُلًا رُوحُ غَيْرَةٍ فَغَارَ عَلى امْرَأَتِهِ يُوقِفُ المَرْأَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيَعْمَلُ لهَا الكَاهِنُ كُل هَذِهِ الشَّرِيعَةِ 31فَيَتَبَرَّأُ الرَّجُلُ مِنَ الذَّنْبِ وَتِلكَ المَرْأَةُ تَحْمِلُ ذَنْبَهَا.) العدد 5: 11-31
      وبعد أن قرأت هذه الشريعة المقدسة جدًا جدًا، اقرأ قول الله تعالى فى نفس القضية والتى تسمَّى باللعان فى الفقه الإسلامى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ)النور 6-10
      فلم تتساوى شهادة المرأة مع شهادة الرجل، بل غلبته وبرأت نفسها بشهادتها، ولم تشرب الماء المخلوط بالتراب، والذى سوف يمرضها بأى حال من الأحوال، وتُقام عليها الحجة وتُرجم.
      ونقلا بتصرف يسير من كتاب (المرأة .. بين إشراقات الإسلام وافتراءات المنصرين ) لسامى العامرى:
      ونقرأ أيضًا في سفر التثنية 22/13-21 أنّ الرجل إذا تزوّج فتاة، ثمّ اتهمها بلا بيّنة أنّها لم تكن عذراء عندما دخل عليها؛ فإن شهادتها لنفسها لا تساوي (فلسًا)، وإنّما على أبويها أن يثبتا أنّ ابنتهما كانت عذراء (!!)، فإن عجزا؛ فإنّ البنت ترجم عند باب بيت أبيها على يد رجال المدينة!
      (13«إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَحِينَ دَخَل عَليْهَا أَبْغَضَهَا 14وَنَسَبَ إِليْهَا أَسْبَابَ كَلامٍ وَأَشَاعَ عَنْهَا اسْمًا رَدِيئًا وَقَال: هَذِهِ المَرْأَةُ اتَّخَذْتُهَا وَلمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا لمْ أَجِدْ لهَا عُذْرَةً. 15يَأْخُذُ الفَتَاةَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا وَيُخْرِجَانِ عَلامَةَ عُذْرَتِهَا إِلى شُيُوخِ المَدِينَةِ إِلى البَابِ 16وَيَقُولُ أَبُو الفَتَاةِ لِلشُّيُوخِ: أَعْطَيْتُ هَذَا الرَّجُل ابْنَتِي زَوْجَةً فَأَبْغَضَهَا. 17وَهَا هُوَ قَدْ جَعَل أَسْبَابَ كَلامٍ قَائِلًا: لمْ أَجِدْ لِبِنْتِكَ عُذْرَةً. وَهَذِهِ عَلامَةُ عُذْرَةِ ابْنَتِي. وَيَبْسُطَانِ الثَّوْبَ أَمَامَ شُيُوخِ المَدِينَةِ. 18فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ الرَّجُل وَيُؤَدِّبُونَهُ 19وَيُغَرِّمُونَهُ بِمِئَةٍ مِنَ الفِضَّةِ وَيُعْطُونَهَا لأَبِي الفَتَاةِ لأَنَّهُ أَشَاعَ اسْمًا رَدِيئًَا عَنْ عَذْرَاءَ مِنْ إِسْرَائِيل. فَتَكُونُ لهُ زَوْجَةً. لا يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُل أَيَّامِهِ. 20«وَلكِنْ إِنْ كَانَ هَذَا الأَمْرُ صَحِيحًا لمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلفَتَاةِ. 21يُخْرِجُونَ الفَتَاةَ إِلى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ لأَنَّهَا عَمِلتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيل بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.) التثنية 22: 13-21
      وقالت الكاتبة والناشطة النسوية فرنسيس سونيي (1847م-1922م) وهى من أعلام القرنين التاسع عشر والعشرين في بحثها المعنون بـ ((الكنيسة والنساء)) ((The Church and Women)): (( لقد قرّرت السلطات الكنسيّة بصورة نهائية، بعد الكثير من البحث في كلمات الوحي، أنّ المرأة لم تخلق على صورة الله، واختُزلت في نفيها ضمن دائرة ضيّقة من النشاط المنزلي. ليس بإمكانها أن تكون شاهدة في المحكمة، ولا يمكن أن تقبل كلمتها تحت القسم (...)
      وفى تقرير لماتيلدا جيج من كتاب (Woman، Church and State) ص142: (رغم أنّنا نعلم أنّ المرأة لم تكن تقبل شهادتها في المحاكم الغربية المدنية والدينية إلى آخر القرن التاسع عشر) وقد كان ذلك بإيحاء الكتاب المقدّس وأقوال آباء الكنيسة المقودين بروح القدس!!
      وهل من الممكن أن تُقبل شهادة للمرأة التى يأمرها كتابها المقدس جدًا أن تصمت، ولا تفتح فاها حتى فى الكنيسة، ولم يسمح لها أن تُعلِّم؟ هل يتأتى هذا إلا إذا كانت من المصنفات كالمتخلفات عقليًا أو الأطفال أو العبيد؟
      (34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35 وَلكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا، فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ) كورنثوس الأولى 14: 34-35

      تعليق

      • abubakr_3
        مشرف عام

        • 15 يون, 2006
        • 849
        • مسلم

        #48
        (12وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ، 13لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلًا ثُمَّ حَوَّاءُ، 14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي،) تيموثاوس الأولى 2: 12-14
        وسبب سكوتها أن آدم خلق أولا!! فما دخلها هى بمن ولد الأول أو من أتى بعده؟ وكيف لم يغو آدم وهو قد أكل من الشجرة مثلها؟ فإن تمكنت هى من إغوائه للأكل من الشجرة، فكان يجب أن ترأسه، لأنها أثبتت أنها أقوى منه، ويمكنها أن تُبقيه طائعًا لله، إن أرادت هى ذلك، وكانت على التقوى المطلوبة. لكن هيهات هيهات! إنها المرأة عميلة الشيطان الأولى، وسهمه القتَّال إلى قلب البشر!!
        وجاء في تعليق (Ambrosiaster) "أمبروسيوس" (2) على تلك النصوص:
        How can anyone maintain that woman is the likeness of God when she is demonstrably subject to the dominion of man and has no kind of authority? For she can neither teach nor be a witness in a court nor exercise citizenship nor be a judge-then certainly not exercise dominion.”
        الترجمة: (كيف يمكن لاي فرد محافظ القول بأن المرأة على مثل الله بينما هي تخضع لسيطرة واضحة من الرجل وليس لديها أى نوع من السلطة؟ حيث هي لا يمكن ان تُعلم أو أن تشهد في محكمة ولا تمارس المواطنة، ولا تكون قاضية، وبالتأكيد لا يمكنها ممارسة اي سيادة.)
        http://www.newadvent.org/cathen/01406a.htm
        وانتقد المؤرخ الإيرلندى الشهير (لكي) (Lecky) (1838م-1903م) القانون الكنسي، مؤكّدًا أنّه: (عامل النساء دائمًا بظلم واحتقار). ويعتبر المؤرخ والروائى الإنجليزى (تشالرز كنغزلي) (Charles Kingsley) (1819م-1875م) أكثر صراحة في إظهار موقفه؛ فقد قال إنّ (هذا العالم لن يصبح مكانًا صالحًا للنساء؛ حتّى تُزال آخر بقيّة من القانون الكنسي من على وجه الأرض.) ارجع إلى (Westminster Review، V/158، July to December 1902،) ص445 بتصرف يسير، وفى الحقيقة فهو يعنى حتى تُزال هذه النصوص المذلة للمرأة والتى ينسبونها للرب، وتعترف الكنيسة أن هذه النصوص ليست مقدسة!
        هل تعلم ما هو القانون الكنسى المسمَّى (Gratian Decretum)؟ إنه مجموعة قوانين كنسيّة جمعت وكتبت في القرن الثاني عشر، وبقيت تحمل صفة إلزامية حتى تعديلها سنة 1917م. ومصادر هذا القانون هي: الكتاب المقدس، وكتابات آباء الكنيسة، والقرارات البابوية، وأعمال المجامع الكنسيّة، والقانون الروماني.
        وكان قد جاء في هذا القانون الكنسي: (سلطة المرأة معدومة؛ لتكن في كلّ أمرها خاضعة لسلطان الرجل... ليس بإمكانها أن تعلّم، أو أن تكون شاهدة، ولا أن تعطي ضمانًا، ولا أن تجلس للقضاء.) راجع (Jackson J. Spielvogel، Western Civilization: A Brief History،) ص158
        ولا تقبل إلى اليوم، شهادة المرأة اليهوديّة في فلسطين المحتلّة في المحاكم الدينيّة اليهوديّة، كما يقول ليسلى هازلتون ص41 من كتابه (Lesley Hazleton، Israeli Women The Reality Behind the Myths) وقد كانت كذلك في المجتمع اليهودي المبكّر، كما يقول سويدلر ص115 من كتابه (Swidler، Women in Judaism: the Status of Women in Formative Judaism)، استلهامًا من نصّ التوراة وروحها؛ أمّا الدليل النصيّ؛ فهو جمعُ علماء اليهود بين نصّ العدد 11/24-26 ونصّ تثنية 19/15-17، وهو ما يسمّى في الهرمونيطيقا التلموديّة: ((גזירה שוה)) [وهي القاعدة التفسيريّة الثانية عند ((هلّيل)) والربّي ((إسماعيل))، وهي القاعدة السابعة عند ((إليعازر الجليلي)).] أي تفسير كلمة أو حكم إذا ورد في موضع ما بنفس المعنى الذي ورد به في موضع آخر؛ فقد قال الأحبار: ((الرجلان (تثنية 19/17)): هذا لا يمكن أن يعني إلاّ: ((رجلان)) ... قد يظنّ الواحد أنّ المرأة مؤهّلة لتكون شاهدة، [لكنّ الأسفار] تقول ((اثنان)) هنا (تثنية 19/17) و((اثنان)) في موضع آخر (العدد 11/26): كما أنّ ((اثنان)) هناك تشير إلى رجلين لا امرأتين، فـ((اثنان)) هنا تشير إلى الرجال لا النساء.)) (Sifre Deuteronomy 190، parallel Y. Yoma 6/1،43b-c) راجع (Judith Z. Abrams The Women of the Talmud) ص112-113 .. وأمّا روح التوراة، فهو التأكيد على دونيّة المرأة وخفّة عقلها وفساد قلبها، الأمر الذى يستحيل معه أن تُقبل شهادتها، وتتوقف حقوق الناس على كلمة منها!!!
        وقد جاء في التلمود: (قَسَم الشهادة ينطبق على الرجال لا النساء ... كيف نعرف (أنّه لا يجوز أن يكون الشهود نساءً)؟ لأنّ الأحبار قد قالوا في تعليمهم إنّ نصّ: ويقف الرجلان (تثنية 19/17)، يشير إلى الشهود.)
        وتذكر الموسوعة اليهودية ((The Oxford Dictionary of the Jewish Religion)) في أمر من لا يُقبلون كشهود في المحاكم: ((التشريع التقليدي يمنع التالين من الشهادة (مع بعض الاستثناءات): النساء، والعبيد، والأقارب، والقاصرين، والمجانين، والصم، والعمي. (ابن ميمون، Hilkhot ‘Eduyyot، 9. 1) راجع: (The Oxford Dictionary of the Jewish Religion) ص726
        أيها الكاتب: أرجوك لا تغلق هذا الموضوع! استمر فى القراءة! فإن هذا الموضوع سيزيل الخشبة التى فى عينك، ويمكنك من معرفة الحق، الذى غفلت عنه، والذى لم تبحث فيه جيدًا، وعلى الأقل سيجعلك تخجل من نفسك إذا هاجمت الإسلام مرة أخرى! وأشكرك أنك فتحت هذا الموضوع!
        وكان المؤرخ اليهودي ((يوسيفوس)) قد قال في حديثه عن الشريعة اليهوديّة في باب الشهود: ((لا تقبل شهادة النساء بسبب طيشهن وتهوّر جنسهن، ولا تقبل شهادة العبيد بسبب وضاعة أرواحهم.)) راجع (Flavius Josephus، Jewish Antiquities) ص158
        واعترفت الكاتبة اليهوديّة ((جوديث ز. أبرامز)) ((Judith Z. Abrams)) بأثر هذا الحكم على المرأة اليهوديّة؛ فقد قالت: ((في الحياة اليهوديّة، لازالت النساء عاجزات أن يكنّ شاهدات في الكثير من الأحيان.)) راجع (Judith Z. Abrams، The Women of the Talmud) ص122
        الأمر الذى جعل جورج برنارد شو (George Bernard Shaw) أن يقول: (إنّ تعاليم النبي محمد حول مقام المرأة، والنظرة إلى البنات الإناث، والرحمة بالحيوانات، كانت متقدّمة جدًا على الفكر الغربي المسيحي، بل وحتّى على الفكر المعاصر.) راجع (Commonwealth Secretariat، Developing Human Rights Jurisprudence، 5/159)
        الله أكبر! لم ننته بعد، واصل القراءة من فضلك!
        وقالت (كارن أرمسترونج) ((Karen Armstrong)): الراهبة النصرانيّة سابقًا والأكاديميّة البارزة لاحقًا، والتي تعتبر كلّ كتبها التي صدرت في العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين من أكثر المؤلفات مبيعًا في العالم الغربي. قالت: (كان النساء من أوائل المؤمنات بمحمد، كان تحريرهن مشروعًا يملك قلبه. حرّم القرآن بطريقة حازمة قتل المواليد الإناث، ووبّخ العرب على فزعهم عندما كانت تولد أنثى. وأعطى النساء أيضًا حقوقًا قانونيّة في الميراث والطلاق لم يملك جلّ النساء الغربيات شيئًا شبيهًا بها حتى القرن التاسع عشر. شجّع محمد النساء أن يلعبن دورًا إيجابيًا في شؤون الأمة، وقد عبرن عن آرائهن بصراحة في ثقة أنّه سيسمع لهن.) راجع (Karen Armstrong، A History of God،pp. 157-158) فالحمد لله على نعمة الإسلام!
        وقالت عالمة الأديان (أني بيزنت) (Annie Besant) (1847م-1933م): (كثيرًا ما أفكّر في أنّ المرأة هي أكثر حريّة في الإسلام منها في المسيحيّة. تتمتّع المرأة بأكثر حماية بالإسلام منها بالإيمان الذي يدعو إلى نظام الزوجة الواحدة. إنّ إنجلترا المسيحيّة لم تعترف بحقّ المرأة في الملكيّة إلاّ في العشرين سنة الأخيرة. في حين أنّ الإسلام وهبها هذا الحق في كلّ تاريخه.) راجع (Annie Besant، The Life and Teaching of Muhammad (Quoted by، Muhammad Hafeez، A Muslim’s Response to Christian Criticism of Islam، p. 59)
        وقالت احدى أعمدة الاستشراق المعاصر المستشرقة الألمانيّة (زيجريد هونكه) (Sigrid Hunke) (1913م-1999م): (إنّ الرجل والمرأة في الإسلام يتمتعان بالحقوق نفسها من حيث النوعية، وإن لم تكن تلك الحقوق هي ذاتها في كلّ المجالات. (...) لذلك فعلى المرأة العربيّة أن تتحرّر من النفوذ الأجنبي (...) فينبغي عليها ألاّ تتخذ المرأة الأوروبيّة أو الأمريكيّة أو الروسيّة قدوة تحتذيها، أو أن تهتدي بفكر عقائدي مهما كان مصدره؛ لأنّ في ذلك تمكينًا جديدًا للفكر الدخيل المؤدي إلى فقدها لمقوّمات شخصيتها، وإنّما عليها أن تتمسك بهدي الإسلام الأصيل.) راجع (د. محمد عمارة، الإسلام في عيون غربيّة، ص 328)
        ومن هنا يُمكننا أن نلخص ما سبق: لقد جاء في القرآن الكريم كثير من الآيات ومن المصطلحات التي تؤكد التسوية بين الرجل والمرأة وتكليف المرأة بنفس ما كُلِّفَ به الرجل، فيما عدا ما يتنافى مع طبيعة المرأة وتكوينها الفيزيائي والبيولوجي مثل الجهاد في سبيل الله؛ حيث إن الجهاد فرض كفاية وليس فرض عين وأعفى الله سبحانه وتعالى المرأة من مسئولية الجهاد.
        كما أن شهادة المرأة مثل شهادة الرجل، وتُقبل أو تُرفض شهادة غير أهل الاختصاص، كما أن الفارق بين ذاكرة المرأة وذاكرة الرجل، كما ثبت علميًا، تتفاوت لصالح الرجل. كما أثبتنا أن الموضوع فى الآية لا يتعلق بالشهادة، بينما هو موضوع الإشهاد على العقود التجارية، التى لم يكن للمرأة فيها نصيب يُذكر. لذلك قبل الرسول  شهادة امرأة واحدة، وفرق بين الزوجين، لأنها أرضعتهما، فأصبحا أخوين فى الرضاعة.
        كما أثبتنا أن الأديان الأخرى اليهودية والمسيحية لم يعتدَّا بشهادة المرأة، ولم تُصدَّق لها شهادة حتى نهاية القرن التاسع عشر، بل لم يعتبرها القانون ورجال الدين من البشر، الذى يحق له الشهادة، فقد ساووها بالمجنون والصبى، ومنعوها من الشهادة أو الكلام داخل الكنيسة، أو حتى إبداء رأيها.
        * * * * *
        كيف تكون الزوجة المسلمة متاع؟
        2- والنقطة الثانية التى ينتقدها الكاتب فى الإسلام: (أن الإسلام يعتبر الزوجة متاعًا (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) آل عمران 14)
        لقد أسأت الفهم عزيزى الكاتب! فأنت تقصد متاع أى أثاث، وهذا خطأ فى فهمك لسياق الآية. فلو تدبرت لفهمت أن الآية تتكلم عن شهوات الدنيا ومُتَعِها، المحببة إلى بنى البشر، وبدأ بالنساء لأنها الأغلب فى شهوة الرجال؛ لذلك أرشد الله عباده أن للمؤمنين فى الجنة (...أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ) خير من زوجاتهم فى الدنيا. وقد جاءت الآية فى إطار التنفير من الزينة الزائلة، والمتع الزائفة التى تغضب الله تعالى، والتطلع إلى ما عند الله، فهو خير وأبقى؛ لأن الله (عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) ولا يناله إلا المؤمن العامل بكتاب الله، الواقف على حدوده. فمتاع بمعنى متعة.
        (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) آل عمران 14-15
        فالمتاع هو الزينة التى تُجمِّل الشىء، أى تجعله أجمل من حقيقته، سواء للإمتحان والبلاء لو كان هذا التزيين من قبل الله تعالى، أو للتغرير لو كان من قبل الشيطان. وعلى ذلك فإن الدنيا زُينت فى أعين الناس (كمتع مؤقتة زائلة بموت الإنسان) بالنساء والبنين والمال المنقول أو الثابت اختبارًا لهم على الصبر على طاعة الله تعالى، وشكر الله عليها إن رزقه الله بأى منها، والصد عنها إذا كانت من المحرمات. وعلى ذلك فالشيطان يزين لأتباعه حب النساء غير الزوجات، إلا أن ما عند الله من الأزواج المطهرة والخلود فى الجنة ورضوان الله خير وأبقى.
        وقال الرسول  عن المرأة الصالحة أنها خير متاع الدنيا. فلم تكن نظرة الإسلام معادية للمرأة ولا للجنس ولا للحب، ولكن تزكى حُسن الخلق، لتكوين مجتمع فاضل مثالى. ولم يُطلب من المؤمنين إخصاء أنفسهم، أو عدم الزوج، كما فعل الكتاب المقدس جدًا:
        (25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 25-28
        (12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 12
        بل جعل الرب اشتياق المرأة لزوجها من العقوبات التى ابتليت بها بسبب اكل حواء من الشجرة الممنوعة، وإغوائها لآدم، الذى رمى بكل المسؤولية على المرأة، ولم يسأل الرب المرأة أو ينتظر دفاعها عن نفسها: (12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ».) وقد حُكِمَ على المرأة بالولادة وأوجاع الحمل وأن تصبح جارية للرجل: (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 12 و16
        ولكن أرشدنا الرسول  إلى كيفية اختيار الزوجة الصالحة، التى تعين زوجها فى الدنيا، وتصل به وبذريتها إلى الجنة، وهنا الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى تنفر الإنسان من الدنيا، وتشوقه إلى الآخرة والعمل لها: عَنِ أَبي هُريرة رضيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النبيِّ  قال: "تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ
        عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله  قال: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة). رواه مسلم والنسائي
        فقد قال الإمام الطبري في تفسير: وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور: وما لذات الدنيا وشهواتها وما فيها من زينة وزخارف، إلا متاع الغرور، يقول: إلا متعة يمتعكموها الغرور والخداع المضمحل الذي لا حقيقة له عند الامتحان، ولا صحة له عند الاختيار، فأنتم تلتذون بما متعكم الغرور من دنياكم، ثم هو عائد عليكم بالفجائع والمصائب والمكاره، يقول تعالى ذكره: ولا تركنوا إلى الدنيا فتسكنوا إليها، فإنما أنتم منها في غرور تمتعون، ثم أنتم عنها بعد قليل راحلون. ثم قال: والغرور مصدر من قول القائل: غرني فلان فهو يغرني غرورًا بضم الغين، وأما إذا فتحت الغين من الغرور، فهو صفة للشيطان الغرور، الذي يغر ابن آدم حتى يدخله من معصية الله فيما يستوجب به عقوبته.
        وقد حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عبدة وعبد الرحيم قالا: حدثنا محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، واقرأوا إن شئتم: وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.
        وقال الإمام القرطبي في تفسيره: وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور: أي تغر المؤمن وتخدعه فيظن طول البقاء وهي فانية، والمتاع ما يتمتع به وينتفع.
        وقال ابن كثير في تفسيره وقوله تعالى: وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور: تصغير لشأن الدنيا، وتحقير لأمرها، وأنها دنيئة فانية، قليلة زائلة، كما قال تعالى: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) [الأعلى 16-17] وقال تعالى: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ). وفي الحديث: والله ما الدنيا في الآخرة إلا كما يغمس أحدكم اصبعه في اليم، فلينظر بم ترجع إليه.
        ومفهوم الآيات هو إظهار الدنيا على حقيقتها، وأن متعها زائلة، وتحبيب الناس فى تقوى الله والعمل بكتابه، لأن ما عند الله هو خير وأبقى. وهو نفس مفهوم قول الله تعالى: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) فاطر 5
        وهذا قول الله تعالى عن وعود الشيطان وتزيينه الدنيا فى عيون الضعفاء ممن يصدقونه: (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) النساء 120
        والاغترار هو أن تتوهم الشيء بحجم أكبر من حجمه.
        قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران 185
        وقال تعالى (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ) الحديد 20
        وعن أنس أن النبى  قال: "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات"
        والمتعة لذة مادية حسية تتناقص بتقدم العمر وتزول بموت المتمتع بها، ولو كانت متعته حرام، فالنار مثوى له: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ) محمد 12
        (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) إبراهيم 30
        (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا) النساء 77
        (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) طه 131
        (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) القصص 79-84
        والغرض من هذه الآيات هو أن تنظر إلى الدنيا بعين الزوال، فتصغر في عينيك، فيسهل عليك الإعراض عنها. ويعزف قلبك عنها بلا تكلف. ويخلو قلبك عن ما خلت منه يداك. وتنزع من قلبك ما بيدك وأنت تشتهيه، ويقصر أملك فيها، فلا تفرح بإقبال الدنيا، ولا تحزن على إدبارها، وتزهد فى كل مُحرَّم. لا أن تعزف عن الزواج، بل تطبق السنة في الزواج، ولا أن تعزف عن كسب المال، بل أن توظف المال في الحق، لا أن تحرم الحلال أوتضيِّع المال، لتُصبح متسولا عالة على الناس، بل أن تكون بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أصبت بها أرغب منك فيما لو لم تصبك، فهذا من أجمع الكلام في الزهد وأحسنه. (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) الأعراف 32، وهذا لب رسالة كل الأنبياء بعد التوحيد والتعريف بصفات الله تعالى وكمالياته.
        فهذا ثواب الودعاء الرحماء الأبرار فى الآخرة، كما قال يسوع: («طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4طُوبَى لِلْحَزَانَى لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. 5طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. 6طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. 7طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ. 8طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللَّهَ. 9طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللَّهِ يُدْعَوْنَ. 10طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 11طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ مِنْ أَجْلِي كَاذِبِينَ. 12افْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهُمْ هَكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ.) متى 5: 3-12
        وها هو يسوع يعبر عن نفس الفكرة، فلم ينهى عن الزواج، بل نهى نهيًا شديدًا عن النظر إلى المرأة الغريبة أو اشتهائها؛ وذلك لأن الآخرة خير وأبقى: (27«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. 28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.) متى 5: 27-30
        ولم يكن يهتم أنه فقير، أو لا يجد أن يسند رأسه، أو كيف سيدفع الجزية لقيصر، بل كان متوكلا على الله تعالى، لا يفعل إلا ما يأمره به، ولا يتكلم إلا بما يخبره به، ويقضى الليل كله فى الصلاة راكعًا ساجدًا لله:
        (20فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ».) متى 8: 20
        (24وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى كَفْرِنَاحُومَ تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا: «أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟» ... 27وَلَكِنْ لِئَلَّا نُعْثِرَهُمُ اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلًا خُذْهَا وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارًا فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ».) متى 17:
        يوحنا 8: 28-29 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي 29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
        يوحنا 4: 34 (34قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
        يوحنا 17: 4 (4أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
        يوحنا 12: 49-50 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».)
        لوقا 6: 12 (12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.)
        متى 26: 36-44 (36حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ». ......... 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلًا وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي ..)
        لوقا 22: 41-44 (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى.)
        * * * * *
        هل يعتبر الإسلام المرأة نجسة؟
        3- والنقطة الثالثة التى ينتقدها الكاتب فى الإسلام أنه يظن أن: الإسلام يعتبر المرأة غير طاهرة؛ فإذا لمس رجل امرأة (حتى لو كانت زوجته) قبل الصلاة، فإن هذا يبطل وضوءه، ويعتبر غير طاهر للصلاة: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبًا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله عفوًا غفورًا) النساء 43، والمائدة 6
        عزيزى الكاتب..
        إن ملامسة النساء هنا هو تعبير مهذب للقاء الحميمى بين الزوج وزوجته، وهذا ما ذهب إليه الكثير من العلماء والفقهاء. وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في هل مس المرأة الأجنبية كالسلام عليها باليد أو غيره ينقض الوضوء أم لا: فمنهم من قال إنه لا ينقض الوضوء مطلقًا كأبى حنيفة، ومنهم من قال إنه ينقض الوضوء مطلقًا كالشافعى، ومنهم من قال: إن كان لشهوة، نقض الوضوء، وإن كان لغير شهوة، لم ينقض الوضوء كالمالكية والحنابلة.
        والقول الراجح فى لمس الزوجة (وليس ملامستها بمعنى مجامعتها): أنه لا ينقض الوضوء مطلقًا، إلا أن يخرج شيء من المس أو الملموس كالمذي وشبهه فإن الوضوء ينتقض بهذا الخارج. ولأن الأصل عدم النقض حتى يقوم دليل صريح صحيح على النقض، حيث أتمَّ الرجل طهارته بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي، فإنه لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي آخر أقوى منه.
        إن قول الله تعالى (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) النساء 43، وفي قراءة أخرى سبعية (أو لمستم النساء)، بمعنى جامعتم النساء.فعلى من يُجامع زوجته، أن يتطهر بالإستحمام، فإن لم يجد فعليه بالتيمم.
        فإن كان المقصود منها اللمس أى اللمس باليد، وقد جاء في الأحاديث استعمال اللمس بمعنى لمس اليد، كما في قول النبي  لماعز : (لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ لَمَسْتَ) رواه أحمد في المسند (2130)، وقوله : (وَالْيَدُ زِنَاهَا اللَّمْسُ) رواه أحمد (8392) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (8204)، فهو لا يراد به الجماع. فهذه الأحاديث تدل على أن المس أو اللمس يطلق ويراد به ما دون الجماع، وهذا لا نزاع فيه، وإنما النزاع هل الملامسة في الآية يراد بها الجماع أو ما دونه؟ وهذه الأحاديث لا تدل على شيء من هذا .
        قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في الاختيارات (ص18): "إذا مس المرأة لغير شهوة فهذا مما علم بالضرورة أن الشارع لم يوجب منه وضوءًا ولا يستحب الوضوء منه" انتهى .
        والدليل على ذلك الآتى:
        1- أن الأصل بقاء الطهارة وعدم نقضها حتى يأتي دليل صحيح يدل على أن هذا الشيء ناقض للوضوء، ولا يوجد هذا الدليل هنا، وأما الآية فسيأتي أن المراد بها الجماع، وليس مطلق الملامسة.
        2- عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا) رواه البخاري (382) وفي رواية للنسائي (166) بإسناد صحيح : (حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ مَسَّنِي بِرِجْلِهِ ) صححه الألباني في سنن النسائي .
        3- وعنها رضي الله عنها قالت: (فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ) رواه مسلم (486)، وفي رواية للبيهقي بإسناد صحيح: (فَجَعَلْتُ أَطْلُبُهُ بِيَدِي فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ سَاجِدٌ ..) وهي عند النسائي أيضًا (169).
        وظاهر هذه الأحاديث بلا شك أن النبي  مس عائشة رضي الله عنها وهو يصلي، ولو كان مس المرأة ناقضًا للوضوء لبطل الوضوء والصلاة.
        4- وعنها رضي الله عنها (أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبَّلَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) رواه أبو داود (179) وصححه ابن جرير وابن عبد البر والزيلعي، والألباني في صحيح أبي داود. وضعفه كثيرون: منهم سفيان الثوري ويحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل والدارقطني والبيهقي والنووي.
        فإن صح هذا الحديث فهو ظاهر جدًا في الدلالة على هذا القول، وإن لم يصح فإنه يغني عنه الأحاديث الصحيحة السابقة، مع التمسك بالأصل وهو صحة الطهارة، وعدم الدليل على نقض الوضوء بمس المرأة.
        أما المراد بالملامسة في هذه الآية أو باللمس هو الجماع كما فسر ذلك ابن عباس رضي الله عنه. وقد ورد في القرآن الكريم التعبير عن الجماع بالمس في غير ما آية :
        قال تعالى: (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) البقرة 236
        وقال تعالى: (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) البقرة 237 .
        وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) الأحزاب 49 .
        ويدل على هذا أن الآية الكريمة ذكر الله تعالى فيها الطهارتين الأصليتين وطهارة البدن وذكر الله تعالى فيها السببين:سبب الطهارة الكبرى، وسبب الطهارة الصغرى.
        ففي قوله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) في هذا ذكر الطهارة الصغرى التي سببها الحدث الأصغر.
        ثم إن هناك دليلًا من تقسيم الآية الكريمة إلى أصلية، وبدلية، وتقسيم للطهارة إلى كبرى، وصغرى. وتقسيم لأسباب الطهارة الكبرى، والصغرى،قال الله تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُم وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، فهذه طهارة بالماء أصلية صغرى،
        ثم قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}، فقوله: {فتيمموا} هذا البدل، وقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} هذا بيان سبب الصغرى، وقوله: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} هذا بيان سبب الكبرى، ولو حملناه على المس الذي هو الجس باليد، لكانت الآية الكريمة ذكر الله فيها سببين للطهارة الصغرى، وسكت عن سبب الطهارة الكبرى، مع أنه قال: {وإن كُنتُم جُنُبًا فَاطَّهرُوا}، وهذا خلاف البلاغة القرآنية،
        وعليه فتكون الآية دالة على أن المراد بقوله: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} أي جامعتم النساء، لتكون الآية مشتملة على السببين الموجبين للطهارة، السبب الأكبر والسبب الأصغر، والطهارتين الصغرى في الأعضاء الأربعة، والكبرى في جميع البدن، والبدل الذي هو طهارة التيمم في عضوين فقط لأنه يتساوى فيها الصغرى والكبرى.
        ولو كانت المرأة نجسة فى ذاتها، فكيف لها أن تتطهر؟ وكيف لها أن تتوضأ وتصلى؟ وكيف لها أن تحفظ كتاب الله؟ وكيف لها أن تؤم النساء فى الصلاة؟ لقد أخذك الحنق على الإسلام بعيدًا عما تقوله الآية، فطاب لنفسك أن تفهمها على هذا النحو؛ حتى تُبعد عن المسيحيات أن يفكرن فى التاريخ الأسود للكنيسة ورجالها تجاه المرأة، ولا تُظهر أن الإسلام هو المحرر الحقيقى للمرأة من كل الكوارث التى أنزلتموها بها طوال التاريخ.
        فالقرآن يراعى أن قارئه محترم، فينتقى الألفاظ اللغوية لكى لا يخدش حياء القارىء. فقارن هذا بما يقوله الكتاب المقدس جدًا:
        يبلغ النبى هوشع قول الرب قائلًا: (1اِسْمَعُوا قَوْلَ الرَّبِّ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ: .... 5فَتَتَعَثَّرُ فِي النَّهَارِ وَيَتَعَثَّرُ أَيْضًا النَّبِيُّ مَعَكَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَا أَخْرِبُ أُمَّكَ.)هوشع 4: 5
        (30فَحَمِيَ غَضَبُ شَاوُلَ عَلَى يُونَاثَانَ وَقَالَ لَهُ: "يَا ابْنَ الْمُتَعَوِّجَةِ الْمُتَمَرِّدَةِ، أَمَا عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدِ اخْتَرْتَ ابْنَ يَسَّى لِخِزْيِكَ وَخِزْيِ عَوْرَةِ أُمِّكَ؟)صموئيل الأول 20: 30
        (1فِي اللَّيْلِ عَلَى فِرَاشِي طَلَبْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ. 2إِنِّي أَقُومُ وَأَطُوفُ فِي الْمَدِينَةِ فِي الأَسْوَاقِ وَفِي الشَّوَارِعِ أَطْلُبُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي. طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ. 3وَجَدَنِي الْحَرَسُ الطَّائِفُ فِي الْمَدِينَةِ فَقُلْتُ: «أَرَأَيْتُمْ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي؟» 4فَمَا جَاوَزْتُهُمْ إِلاَّ قَلِيلًا حَتَّى وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَ أُمِّي وَحُجْرَةَ مَنْ حَبِلَتْ بِي. 5أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ بِالظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ الْحَقْلِ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.) نشيد الإنشاد 3: 1-5
        (لاَحَظْتُ بَيْنَ الْبَنِينَ غُلاَمًا عَدِيمَ الْفَهْمِ 8عَابِرًا فِي الشَّارِعِ عِنْدَ زَاوِيَتِهَا وَصَاعِدًا فِي طَرِيقِ بَيْتِهَا. ... 10وَإِذَا بِامْرَأَةٍ اسْتَقْبَلَتْهُ فِي زِيِّ زَانِيَةٍ ... 13فَأَمْسَكَتْهُ وَقَبَّلَتْهُ. أَوْقَحَتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ لَهُ: ... 16بِالدِّيبَاجِ فَرَشْتُ سَرِيرِي بِمُوَشَّى كَتَّانٍ مِنْ مِصْرَ. 17عَطَّرْتُ فِرَاشِي بِمُرٍّ وَعُودٍ وَقِرْفَةٍ. 18هَلُمَّ نَرْتَوِ وُدًّا إِلَى الصَّبَاحِ. نَتَلَذَّذُ بِالْحُبِّ. 19لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ. ذَهَبَ فِي طَرِيقٍ بَعِيدَةٍ. 20أَخَذَ صُرَّةَ الْفِضَّةِ بِيَدِهِ. يَوْمَ الْهِلاَلِ يَأْتِي إِلَى بَيْتِهِ». 21أَغْوَتْهُ بِكَثْرَةِ فُنُونِهَا بِمَلْثِ شَفَتَيْهَا طَوَّحَتْهُ. 22ذَهَبَ وَرَاءَهَا لِوَقْتِهِ كَثَوْرٍ يَذْهَبُ إِلَى الذَّبْحِ أَوْ كَالْغَبِيِّ إِلَى قَيْدِ الْقِصَاصِ.) أمثال7: 7-22
        (وَافْرَحْ بِامْرَأَةِ شَبَابِكَ 19الظَّبْيَةِ الْمَحْبُوبَةِ وَالْوَعْلَةِ الزَّهِيَّةِ. لِيُرْوِكَ ثَدْيَاهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَبِمَحَبَّتِهَا اسْكَرْ دَائِمًا.) أمثال 5: 18-19
        (1مَا أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِالنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ الْكَرِيمِ! دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ مِثْلُ الْحَلِيِّ صَنْعَةِ يَدَيْ صَنَّاعٍ. 2سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ لاَ يُعْوِزُهَا شَرَابٌ مَمْزُوجٌ. بَطْنُكِ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسَّوْسَنِ. 3ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْنِ تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ. 4عُنُقُكِ كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ. عَيْنَاكِ كَالْبِرَكِ فِي حَشْبُونَ عِنْدَ بَابِ بَثِّ رَبِّيمَ. أَنْفُكِ كَبُرْجِ لُبْنَانَ النَّاظِرِ تُجَاهَ دِمَشْقَ. ... 6مَا أَجْمَلَكِ وَمَا أَحْلاَكِ أَيَّتُهَا الْحَبِيبَةُ بِاللَّذَّاتِ! 7قَامَتُكِ هَذِهِ شَبِيهَةٌ بِالنَّخْلَةِ وَثَدْيَاكِ بِالْعَنَاقِيدِ. 8قُلْتُ: «إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى النَّخْلَةِ وَأُمْسِكُ بِعُذُوقِهَا». وَتَكُونُ ثَدْيَاكِ كَعَنَاقِيدِ الْكَرْمِ وَرَائِحَةُ أَنْفِكِ كَالتُّفَّاحِ) نشيد الإنشاد 7: 1-8
        (1لَيْتَكَ كَأَخٍ لِي الرَّاضِعِ ثَدْيَيْ أُمِّي فَأَجِدَكَ فِي الْخَارِجِ وَأُقَبِّلَكَ وَلاَ يُخْزُونَنِي. 2وَأَقُودُكَ وَأَدْخُلُ بِكَ بَيْتَ أُمِّي وَهِيَ تُعَلِّمُنِي فَأَسْقِيكَ مِنَ الْخَمْرِ الْمَمْزُوجَةِ مِنْ سُلاَفِ رُمَّانِي. 3شِمَالُهُ تَحْتَ رَأْسِي وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي. 4أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.) نشيد الإنشاد 8: 1-4
        (1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2[يَا ابْنَ آدَمَ, كَـانَتِ امْرَأَتَانِ ابْنَتَا أُمٍّ وَاحِدَةٍ، 3زَنَتَا بِمِصْرَ فِي صِبَاهُمَا. هُنَاكَ دُغْدِغَتْ ثُدِيُّهُمَا، وَهُنَاكَ تَزَغْزَغَتْ تَرَائِبُ عُذْرَتِهِمَا. .. .. 8وَلَمْ تَتْرُكْ زِنَاهَا مِنْ مِصْرَ أَيْضًا، لأَنَّهُمْ ضَاجَعُوهَا فِي صِبَاهَا وَزَغْزَغُوا تَرَائِبَ عُذْرَتِهَا وَسَكَبُوا عَلَيْهَا زِنَاهُمْ. 9لِذَلِكَ سَلَّمْتُهَا لِيَدِ عُشَّاقِهَا، لِيَدِ بَنِي أَشُّورَ الَّذِينَ عَشِقَتْهُمْ. .. .. 19وَأَكْثَرَتْ زِنَاهَا بِذِكْرِهَا أَيَّامَ صِبَاهَا الَّتِي فِيهَا زَنَتْ بِأَرْضِ مِصْرَ. 20وَعَشِقَتْ مَعْشُوقِيهِمِ الَّذِينَ لَحْمُهُمْ كَلَحْمِ الْحَمِيرِ وَمَنِيُّهُمْ كَمَنِيِّ الْخَيْلِ. 21وَافْتَقَدْتِ رَذِيلَةَ صِبَاكِ بِزَغْزَغَةِ الْمِصْرِيِّينَ تَرَائِبَكِ لأَجْلِ ثَدْيِ صِبَاكِ.) حزقيال 23: 1-21
        ونسبوا إلى الرب أن أمر نبيه أن يمشى حافٍ عارٍ، كما فعل إشعياء من قبل ولمدة ثلاث سنوات: (2فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ: «اذْهَبْ وَحُلَّ الْمِسْحَ عَنْ حَقَوَيْكَ وَاخْلَعْ حِذَاءَكَ عَنْ رِجْلَيْكَ». فَفَعَلَ هَكَذَا وَمَشَى مُعَرًّى وَحَافِيًا. 3فَقَالَ الرَّبُّ:«كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِيًا ثَلاَثَ سِنِينٍ آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُوشَ) إشعياء 20: 2-3
        ألا تخجل نساؤكم من التفكير فى مثل هذا النبى العارى من الكلابس والمتجرد من الحياء بأمر من الرب، لتتفرج النساء على عورته، وعورات من يقتدى به من الشباب والرجال؟
        هل مازلت تعتقد أن هذه أوامر إلهية؟ تحيل نفسك الشيطان، وتريد أن تفسد هذا المجتمع.. فهل أوامرك ستكون غير هذه الأوامر؟
        ألا تخجل نساؤكم من الانتماء لدين يسبها، ويأمر أن تُباع كما تُباع النعاج، وأن تعقد المجامع المسكونية لتبحث إن كان عندها روح أم لا، وتُعقد المجالس العمومية لإصدار عقوبة تقضى بسكب الزيت المغلى على أجسادهن؟
        هل تعلم المرأة المسيحية أن كتابها يقول إن يسوع سينزل فى نهاية الزمان، ويخطف 144000 من الرجال الذين لم يتنجسوا مع نساء، ليدخلهم جنته؟ فأين دور المرأة والقديسة والراهبة هنا؟ (... وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ التَّرْنِيمَةَ إِلَّا الْمِئَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالأَرْبَعُونَ أَلْفًا الَّذِينَ اشْتُرُوا مِنَ الأَرْضِ - 4هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَتَنَجَّسُوا مَعَ النِّسَاءِ لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ. هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْحَمَلَ حَيْثُمَا ذَهَبَ. هَؤُلاَءِ اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً لِلَّهِ وَلِلْحَمَلِ. 5وَفِي أَفْوَاهِهِمْ لَمْ يُوجَدْ غِشٌّ، لأَنَّهُمْ بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِ اللهِ.) رؤيا يوحنا 14: 3-
        هل تعلم أن يسوع لم يصف أحد بالكلب إلا امرأة جاءته تبكى وتتوسل إليه أن يشفى ابنتها المجنونة؟
        (26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».) متى 15: 26
        ويكفى المرأة سُبَّة فى جبينها أنكم تعتبرونها السبب الرئيسى فى إخراج آدم والجنس البشرى من الجنة، وعلى هذا فقد كانت أشد من الشيطان وأقسى على البشر، أو إن شئت قلت إنها حليفة الشيطان، وسبب الشقاء، الذى حل ببنى آدم، وأنها عدوة الرجل، حيث آمن لها آدم، فأغوته، فأخرجته من دار الراحة إلى دنيا الشقاء.
        يختلف وضع المرأة فى المسيحية دينًا وتاريخًا بل وعقيدة عما هو وضعها عليه فى الإسلام. فالتاريخ يخبرنا أنهم اعتبروا المرأة حيوان، يجب أن يُضرب ويُسجن، وأنها ليس بها الروح المنجية من نار جهنم ، بل ضنوا عليها بقراءة الكتاب الذى تقدسه، لأنها امرأة، أى مخلوق يُجسِّد النجاسة كمًّا وكيفًا.
        الأمر الذى دفع إيريك بروك Erick Brock إلى الاعتراف أن المرأة تشبَّه فى بعض الأمور الدينية بالمخلوقات المشوهة، والصُّم، الحمقى، والعبيد. بل نزعوا عنها أهم ما يميزها وهى الأنوثة ، فوصموها أنها من المخنثين.
        والأمر الذى دفع جيروم إلى القول: «بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال، فهى تختلف عن الرجل، كما يختلف الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم، فعندئذ سوف تكف عن أن تكون امرأة، وستسمى رجلًا» (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى أهل أفسس)
        اقرأ ما قاله القديس Anselm von Canterbury: «لا يوجد ما يُشين أكثر من المرأة، فالشيطان لا يغوى إنسانًا إلا عن طريق المرأة».
        بل قال توماس الإكوينى (1225-1274): «على المرأة أن تتصرف تجاه الرجل مثل العيب والنقص تجاه الكمال».
        بل حرَّم المجمع الكنسى الذى أقيم فى القرن الرابع فى الفيرا Elvira على المرأة أن تكتب خطابات أو تستقبلها باسمها الشخصى.
        بل أمر البابا جريجورى السابع (1073-1080) فى مايلاند بذبح القساوسة المتزوجين أثناء القداس واغتصاب نسائهم على المذابح!!
        ويقول توماس الإكوينى: «إن الجنين المذكر يصبح إنسانًا بعد 40 يومًا أما الجنين المؤنث فبعد 80 يومًا، لأن الأنثى تنشأ من بذور معيبة أو هواء رطب».
        ويقول إنجيل توما إن «النساء غير جديرات بالحياة».
        وقال البابا بيوس الثانى (1458-1464): «إذا رأيت امرأة فلا تظن أنك ترى إنسانًا، فإنك ترى الشيطان بعينه! فطبيعتها شيطانية جهنمية.»
        وقال ترتليان: «إن المرأة هى بوابة الدخول إلى الجحيم»!
        وقال جيروم: (اهربوا من النساء، فهن بوابة الشيطان، وطريق الغواية. إذا اقترب منهن رجل ما احترق).
        وقال يوحنا فمى الذهب، وهو أحد آباء الكنيسة الأقدمين: «إن النساء خلقن فى الأساس لتخليص الرجل من هياجه الجنسى»!!
        وقال ترتليان: إن الزواج يقوم على نفس أسس العهارة. لذلك فمن الأفضل للمرء ألا يلمس الرجل امرأة!!
        وقد أسس ترتليان فكره هذا على قول بولس: (1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. .. .. .. 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 1 و27-28
        وقال توماس الإكوينى: «إن المرأة هى خطأ الطبيعة .. .. فهى نموذج لرجل مشوَّه، ضال، فاشل، وإن تحقيق الكمال البشرى يتمثل فى الرجل».
        وقد بنى توماس الإكوينى قوله هذا على قول الكتاب: (7فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ. 8لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. 9وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ.) كورنثوس الأولى 11: 7-9
        لذلك ليس لها أن تفتح فاها فى الجماعة (التى تترجم بالكنيسة): (34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ) كورنثوس الأولى 14: 34-35
        لذلك قال جيروم: «إذا لم تخضع المرأة لزوجها، الذى هو رأسها، فهى تستحق نفس عقوبة الرجل الذى لا يخضع للمسيح». وهذا يعنى أن الرجل إله المرأة على الأرض، وعدم طاعتها له تتساوى مع الكفر. وجريمتها القتل!
        كما يعنى التعبير الذى يقضى بأن يكون الرجل هو رأس المرأة أن على المرأة أن لا تفكر أو تبتكر أو حتى تعمل عقلها، حيث قرر الآباء أن المرأة منعدمة العقل. وعلى زوجها أن يفكر لها، لذلك منع بولس أن تسأل المرأة فى الكنيسة، وعليها أن تسأل زوجها: (34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ) كورنثوس الأولى 14: 34-35
        لذلك قال الأب اليسوعى ساراسا Sarasa: «إن الجنس الأنثوى يحتل مرتبة أقل بكثير من الجنس الذكرى، وإن العقل الأنثوى أخف وأضعف من عقل الرجل.»
        وهذا مبنى على كلام الكتاب الذى يأمر المرأة أن تعتبر زوجها إلهًا على الأرض: (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 16
        (22أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، 23لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ. 24وَلَكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذَلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ.) أفسس 5: 22-24
        (18أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا يَلِيقُ فِي الرَّبِّ.) كولوسى 3: 18
        (3وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُلٍ هُوَ الْمَسِيحُ. وَأَمَّا رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ. وَرَأْسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ.) كورنثوس الأولى 11: 3
        (7فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ. 8لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. 9وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ.) كورنثوس الأولى 11: 7-9
        وقال مارتن لوثر: «إن التفاهة والكفر من طبيعة المرأة التى ورثتها عن أمنا حواء.» فهل تعتقد أن صاحب هذا الرأى سيولى المرأة مكانة فى المجتمع؟ وهل صاحب هذه النظرة للمرأة سينصف المرأة فى عمل ما تقوم به؟ وهل مصدق هذا الكلام سيحترم أمه أو معلمته أو أخته أو زوجته؟ وكيف تتخيل حياة تقوم على احتقار الشريك لشريكة الحياة؟ كيف تتخيل تربية أُمٍّ يحتقرها الأب والأخ والزوج والابن؟ وكيف تتخيل تربية مُدرِّسة وتعليمها لأطفال أو أشبال درجوا على احتقار المرأة وتربوا عليها فى البيت، وعلموا أن هذا من تعاليم الرب، ومن مبادىء الكتاب الذى يقدسونه؟ وكيف سيبر هؤلاء أمهاتهم؟ هل من الممكن أن يبر إنسان شخصًا ما يحتقره ويعتبره السبب الأول فى شقائه، وأنه حليف الشيطان الأكبر ضد الرب وضد البشرية كلها؟ إن كل هذه الآراء لأناس لم يفهموا تعاليم الكتاب، ولم يتبعوا أنبياءهم، وللأسف يجدوا من يتبعهم، لأن عقيدة القوم هى ما حذر منها الله تعالى، فهم وجدوا آباءهم على أمة وهم على آثارهم مقتدون: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} (23) سورة الزخرف
        {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} (22) سورة الزخرف
        {قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ} (53) سورة الأنبياء
        {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (74) سورة الشعراء
        {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} (78) سورة يونس
        {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} (170) سورة البقرة
        {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (28) سورة الأعراف
        {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} (21) سورة لقمان
        وقال كابوكراتيس الذى يُعد من مؤسسى الدير وأحد المسيحيين الأول: «إن الطبيعة تنادى بأن النساء خلقن لمتعة البشر». وهذا هو دور المرأة فقط فى الحياة كما يراه مؤسسو المسيحية قبل ظهور الإسلام. فهل آمنت عزيزى الكاتب أن ما ترمى به الإسلام، هو ما تؤمن أنت به، ويخجلك أنه موجود فى عقيدتك، وتخشى أن تكتشفه السيدات المسيحيات العاقلات، خريجى الجامعات، دارسى اللغات الأجنبية، التى بها سيتوصلن إلى حقيقة هذه المعلومات؟
        وقال القديس هيرونيموس (جيروم): «اهربوا من النساء، فهن مدخل الشيطان، وطريق الإثم. وإذا ما اقتربن من الرجل احترق.»
        وقرر مجمع توليدو Toledo المنعقد عام 589 «أنه يجب معاقبة القساوسة الذين يأوون النساء اللاتى يثرن شبهة حولهن، أما بالنسبة للنساء أنفسهن فعلى الأسقف أن يدفع بهن إلى سوق النخاسة ليبَعن كما يباع العبيد.»
        وقرر كليمندس السكندرى وذلك قبل عام 215 أنه «على النساء أن يخجلن من طبيعتهن.»
        وقال يوحنا فم الذهب ( John Chrysostom (349-407م)) إن «الجنس الأنثوى هو جنس ضعيف تافه، ولا يجد الخلاص إلا عن طريق الإنجاب». وكيف تخلص المرأة العاقر؟ وكيف تخلص المرأة المصابة بمرض يمنعها من الإنجاب؟ وكيف تخلص المرأة التى يكون زوجها هو العاقر؟ وكيف تخلص المرأة التى لم تتزوج أو التى مات زوجها قبل أن يُرزقا بذرية؟ وكيف تخلص الراهبات؟ فويل لكن أيتها العاقرات!! وويل لك أيتها السيدة التى لم تتزوج!! وويل لك أيتها السيدة التى مات عنها زوجها أو طلقت ولم تتزوج!! وويل لك أيتها الراهبة!! إنكن لن تخلصن إلا باللإنجاب، لأنه هكذا قال يهوه/يسوع: (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) التكوين : 3: 16
        بل قرر قانون الكنيسة فى القرن العشرين وبالتحديد عام 1917: «أنه لا يُسمح للأنثى أن تكون وزيرة، ويُباح لها ذلك فقط عند عدم وجود رجل يشغل هذا المنصب أو مع وجود سبب يبرر ذلك. ولا يُسمح للمرأة بأى حال من الأحوال أن تقترب من المذبح وعليها أن تُجيب [عمَّا يوجه إليها] فقط عن بُعد.»
        ولكن لماذا اتخذ القانون الكنسى هذه الإجراءات المُحقِّرة للمرأة فى هذا الزمن؟ ألم يتعلم من الإسلام؟ لا. ألم يقرأ القرآن؟ لا. ألم ير كيف عامل الرسول  النساء أو تكلم عنهن أو أمر بشأنهن؟ لا. فإن الإسلام فى نظرهم كفر! وكل ما يؤدى إلى رفعة المرأة كفر! فهى حقيرة نجسة، ولا يُسمح لها بالإقتراب من المذبح!
        وقرر البابا بولس السادس عام 1980 أن «مهام مساعدى القسيس محرمة على الأنثى.»
        فكيف تكون المرأة وزيرة أو تقترب من المذبح المقدس وهى عين النجاسة؟ ألم تقرأ ما قاله القديس Anselm von Canterbury: «لا يوجد ما يُشين أكثر من المرأة، فالشيطان لا يغوى إنسانًا إلا عن طريق المرأة»؟
        ألم تقرأ ما قاله توماس الإكوينى (1225-1274): «على المرأة أن تتصرف تجاه الرجل مثل العيب والنقص تجاه الكمال»؟
        ألم تعلم أن "الأنثى تنشأ من بذور معيبة أو هواء رطب" كما قال توماس الإكوينى؟
        ألم يضن إنجيل توما على المرأة بالحياة فقال:إن «النساء غير جديرات بالحياة»؟
        ألم يظن البابا بيوس الثانى (1458-1464) رأس الكنيسة الكاثوليكية أن المرأة شيطان صفة وتكوينًا، وأن ما يراه الإنسان من الجنس الأنثوى، ما هو إلا الشيطان بعينه؟: «إذا رأيت امرأة فلا تظن أنك ترى إنسانًا، فإنك ترى الشيطان بعينه! فطبيعتها شيطانية جهنمية.»

        تعليق

        • abubakr_3
          مشرف عام

          • 15 يون, 2006
          • 849
          • مسلم

          #49
          وهى نفس وجهة نظر كل آباء الكنيسة تقريبًا، فها هو ترتليان يقول: «إن المرأة هى بوابة الدخول إلى الجحيم»!
          ويقول جيروم: (اهربوا من النساء، فهن بوابة الشيطان، وطريث الغواية. إذا اقترب منهن رجل ما احترق).
          ويقول يوحنا فم الذهب إن للمرأة دور واحد وأساسى فى الحياة، وهو: «إن النساء خلقن فى الأساس لتخليص الرجل من هياجه الجنسى»!!
          وكيف تصبح المرأة وزيرة وهى أقل من الجنس الذكرى، وأخف منه عقلا، وأضعف منه فكرًا وذكاءً؟ يقول الأب اليسوعى ساراسا Sarasa: «إن الجنس الأنثوى يحتل مرتبة أقل بكثير من الجنس الذكرى، وإن العقل الأنثوى أخف وأضعف من عقل الرجل.»
          وكيف تكون وزيرة أو حتى تقرب من المذبح المقدس بينما هى أنموذج لرجل مشوَّه، وهى أكبر خطأ للطبيعة، أى أخطأ الرب فى خلقها؟ لذلك قال توماس الإكوينى: «إن المرأة هى خطأ الطبيعة .. .. فهى نموذج لرجل مشوَّه، ضال، فاشل، وإن تحقيق الكمال البشرى يتمثل فى الرجل».
          كيف تقترب من المذبح وهى عين التفاهة ومصدر الكفر فى الحياة؟ يقول مارتن لوثر: «إن التفاهة والكفر من طبيعة المرأة التى ورثتها عن أمنا حواء.»
          وقال القديس أودو Odo (878-942): «إن النظر إلى النساء يتسبب فى القىء. وبما أن المرء يستنكف أن يمس الخراء أو البلغم بطرف اصبعه، فما الذى يدفعنا إذًا إلى التزاحم على لمس إناء القاذورات نفسه؟»
          ما هذا الذى نقرأه من رجل حمل لقب قديس وكان يعظ بين الناس!! تخيل رد الفعل الذى ينتاب الرجل أو الشاب تجاه أمه أو أخته أو ابنته أو زوجته من تأثير هذا القول الذى يُنسب لرجل ملىء بالروح القدس!!
          لم أقرأ أقذر من هذه التعبيرات فى حق المرأة. هل تعرف عزيزى الكاتب أننا لو سلمنا بكل المغالطات التى ادعيتها للإسلام، وسوء فهمك لبعض الأحاديث، وتحاملك على تأويل البعض الآخر، لكانت المرأة المسلمة أيضًا تاجًا على رؤوس سيدات اليهود والنصارى بجانب هذه الأقوال!!
          http://www.humanist.de/zitate/sexu.html
          http://www.politikforum.de/forum/arc...004/07/2/67710
          إن قول القديس أودو قد بُنى على نفس موقف بولس فى الكتاب، فهو يفضل ألا يمس الرجل المرأة: (1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. .. .. .. 25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 1 و25-28
          فهل كانت المسيحية بهذا القول تُمجِّد المرأة؟
          ومع كل أقوال علماء اللاهوت والكتاب نفسه تجد أحد علماء اللاهوت الكاثوليك برنهارد هيرنج Bernhard Hنring يقول: لا توجد ديانة أو مذهب دينى رفع من شأن المرأة وقدرها مثل الديانة المسيحية!!
          إن قوله مثير للسخرية! تُرى ماذا يقول عنه البشر رجال ونساء بعد أن قرأوا آراء القديسين من رجال الكنيسة؟ لا أعرف لماذا أتذكر الآن قول يسوع: (26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟) متى 16: 26
          (25لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟) لوقا 9: 25 ألم يخسر برنهارد هيرنج نفسه بهذا الكذب؟ ألم يهلك نفسه، ويلعنه من صدقه اليوم واكتشف الحقيقة؟ وماذا عنك أنت اليوم عزيزى القارىء؟
          وهل يُعقَل أن الذى أمر بكره الأم والإبنة والأخت لتكون تلميذًا له قد أكرم المرأة؟ فماذا كان سيقول الشيطان إذن فى هذا الموقف غير ذلك؟ (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.) لوقا 14: 25-26
          وهل تريد أن تقول إن الذى يأمر بقتل النساء والأطفال الرضع كان رحيمًا على المرأة التى كانت السبب الأوحد فيما تسمونه الخطيئة الأزلية؟ (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلًا وَامْرَأَةً، طِفْلًا وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلًا وَحِمَارًا») صموئيل الأول 15: 3
          وهل تعتقد أن الرب الذى أمر بإخراج الشعب من رجال ونساء وأطفال وقتلهم بالمناشير والنوارج الحديد والفؤوس كان رحيمًا بهذا العمل على المرأة؟ (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ)أخبار الأيام الأول 20: 3
          وهل تؤمن أن الرب الذى أمر بالإمساك بالأطفال وضرب الصخر بهم كان أو سيكون رحيمًا على المرأة؟ (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
          وهل يصدق عقل أن الرب الذى أمر بتحطيم الأطفال وشق بطون الحوامل سيكون رحيمًا على المرأة؟ (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
          وهل أمر الرب الصريح بعدم الشفقة والقتل للهلاك والإبادة للشيوخ والشباب والأطفال والنساء كافة سيكون رحيمًا عليهن؟ ([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. …) حزقيال 9: 5-6
          اقرأ كيف يُكدر الرب فرحة المرأة يوم عرسها: (10«إِذَا خَرَجْتَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ وَسَبَيْتَ مِنْهُمْ سَبْيًا 11وَرَأَيْتَ فِي السَّبْيِ امْرَأَةً جَمِيلةَ الصُّورَةِ وَالتَصَقْتَ بِهَا وَاتَّخَذْتَهَا لكَ زَوْجَةً 12فَحِينَ تُدْخِلُهَا إِلى بَيْتِكَ تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا 13وَتَنْزِعُ ثِيَابَ سَبْيِهَا عَنْهَا وَتَقْعُدُ فِي بَيْتِكَ وَتَبْكِي أَبَاهَا وَأُمَّهَا شَهْرًا مِنَ الزَّمَانِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَدْخُلُ عَليْهَا وَتَتَزَوَّجُ بِهَا فَتَكُونُ لكَ زَوْجَةً. 14وَإِنْ لمْ تُسَرَّ بِهَا فَأَطْلِقْهَا لِنَفْسِهَا. لا تَبِعْهَا بَيْعًا بِفِضَّةٍ وَلا تَسْتَرِقَّهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَذْللتَهَا.) تثنية 21: 10-14
          اقرأ كيف يفرض الرب على المرأة أن تتزوج من أخى زوجها المتوفى: (5«إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعًا وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَليْسَ لهُ ابْنٌ فَلا تَصِرِ امْرَأَةُ المَيِّتِ إِلى خَارِجٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَليْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً وَيَقُومُ لهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 6وَالبِكْرُ الذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ المَيِّتِ لِئَلا يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيل.) تثنية 25: 5-6
          ألا تشعر المرأة فى كتابك عزيزى الكاتب أنها بزواجها أصبحت مِلكًا لأسرة زوجها، فإن مات ورثوها وزوجوها أخاه؟ فأى كرامة أو حرية أو آدمية تمتعت بها المرأة فى الكتاب الذى تقدسه؟
          اقرأ كيف أعطى الربُّ الأبَّ فى الكتاب الذى تقدسه الحق فى بيع ابنته القاصر: (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج21: 7
          اقرأ أمر الرب بإحراق ابنة الكاهن الزانية، ولا يوجد مثيل لهذه العقوبة للكاهن أو النبى أو حتى لابن الكاهن الزانى: (9وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ.) لاويين 21: 9
          اقرأ أمر الرب بقطع يد المرأة التى تمسك عورة من يصارع زوجها: ولا توجد مثل هذه العقوبة للرجل الذى يمسك بعورة المتصارعة مع زوجته أو أمه!! (11«إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلانِ رَجُلٌ وَأَخُوهُ وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِتُخَلِّصَ رَجُلهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ 12فَاقْطَعْ يَدَهَا وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ.) تثنية 25: 11-12
          واقرأ أمر الرب الذى يرفض أن تكون المرأة مدرسة أو مُحاضرة أو أستاذة فى الجامعة: (لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. 12وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ،13لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلًا ثُمَّ حَوَّاءُ،14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي) تيموثاوس الأولى 2: 11-14
          فهل كتبت هذا الكتاب دفاعًا عن المرأة المسلمة أم زيادة فى تحقير المرأة التابعة لكتابك؟ فهل أعجبت بما قدمه الكتاب الذى تقدسه وارتضيته للمرأة المسيحية واليهودية وتُنكر على الإسلام قوله بالضرب غير المبرح بالسواك بعد محاولات النصح والإصلاح والوعظ والهجر؟
          وإذا كنت تعرف كل هذه النصوص التى تُحقِّر المرأة ومازلت تعتقد أن "المرأة فى المسيحية ترتقى سلم المجد" فهى مصيبة، فهذا من الخداع الذى لا يليق برجل دين تجاه من وثقوا فيه واستأمنوه على أنفسهم وذريتهم وارتضوه قاضيًا شرعيًا فى شؤونهم، وإن كنت لا تدرى فالمصيبة أكبر، لأنك تتكلم بل وتكتب فيما لا تعلم.
          لكن لك كل الحق أن تقول إن المرأة المسيحية التى عاشت فى كنف الدولة الإسلامية وارتقت سلم المجد داخل إطار المجتمع الإسلامى عاشت حرة، وارتقت سلم المجد الذى رفعها من كونها ابنة يحق لأبيها بيعها كعبدة أو كالبعير إلى إنسانة كاملة الأهلية مثلها مثل الرجل!!
          قال نيكولاوس فون كليمانجيس Nikolaus von Clemanges (أحد علماء اللاهوت وعميد جامعة باريس سابقا: (أن تترهبن المرأة اليوم فمعنى هذا أنها أسلمت نفسها للعهارة). وهذا بسبب سوء سمعة الراهبات فى ذلك الوقت.
          وقد سبقه فى مثل هذا القول دومبريديجر جايلر فون قيصربرج Domprediger Geiler von Kayserberg (إن المرأة فى الدير ليست إلا عاهرة)
          وقد شاع المثل الشعبى فى العصور الوسطى القائل: (من لفت رأسها، عرت بطنها، وهذه عادة كل الراهبات).
          لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
          (ولقد كتب أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر: أن كل النساء بلا استثناء مومسات، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم)
          وقال الراهب الانجليزى اسكندر نكهام: (إنه نظرًا لأن المرأة لا تشبع جنسيا، فإنها غالبا ما تصطاد بائسًا حقيرًا لينام معها فى فراشها ليشبع نهمها إذا كان زوجها غير موجود فى لحظة شبقها. ونتيجة لذلك كان على الأزواج أن يربوا أطفالًا ليسوا أولادهم)
          وقال القديس ترتليان: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، ناقضة لنواميس الله، مشوهة للرجل).
          ولم يدِّعِ مسلم أن "الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين" كما أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484)
          ولم يقل مسلم: (إنَّ كل النساء بلا استثناء مومسات، وهنَّ مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم) كما قال أسقف فرنسى من القرن الثانى عشر
          ولم ينادِ مسلم أن (الذكر هو الأنموذج أو المعيار، وكل امرأة إنَّما هى رجل معيب) كما قال أرسطو.
          ولم يفكر مسلم: (أنَّه لا توجد امرأة طيبة على وجه الأرض) كما قال الراهب البنديكتى برنار دى موريكس دون مواربة فى أشعاره.
          ولم يشعر مسلم أنَّ المرأة خالية من الروح الناجية، التى تنجيها من نيران جهنم، كما شعرت الكنيسة ورجالها، فعقدوا لها مجمع باكون العالمى فى القرن الخامس الميلادى يبحثون فيه: هل المرأة جثمان بحت أم هى جسد ذو روح يُناط به الخلاص والهلاك؟
          ولم يندد مسلم أن المرأة حيوان نجس، يجب الابتعاد عنه، وأنه لاروح لها ولا خلود، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل عبادتها، ولاتدخل الجنة، والملكوت، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان، كما قرر مجمع آخر.
          ثم اقرأ قول الملك الذى أرسله الرب للمرأة: (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
          ثم اقرأ الشرط الوحيد الذى اشترطه يسوع لتكون له تلميذًا: كره أصحاب الفضل والحب عليك، كره أول من ضحَّى بسعادته وبوقته وبماله من أجلك: فهل يُعقل أن إله (؟) المحبة يأمر بالكره والبغض؟ (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.) لوقا 14: 25-26
          (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
          لا بد أن تتخلص المرأة فى المسيحية من أنوثتها ليتم خلاصها فى الآخرة:
          يقول اللواء أحمد عبد الوهاب: (على الرغم من أن الكنيسة فى الغرب قد لا تسمح لعذاراها بالقيام بأعمال الرجال، فقد كان اللاهوتيون واضحين فى أن العذراء البتول قد أصبحت رجلًا شرفيًا. لقد كتب جيروم يقول: "بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال، فهى تختلف عن الرجل، كما يختلف الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم، فعندئذ سوف تكف عن أن تكون امرأة، وستسمى رجلًا" (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى أهل أفسس)
          وقد قرأنا أيضًا ما قاله القديس امبروزو (أسقف ميلانو فى القرن الرابع) فهو يعتبر أن (الروح نقيض للجسد) وأن (الجسد شر).
          ويطالب امبروزو بالتخلص من الجسد لسمو الروح: (فكر فى الروح بعد أن تكون قد تحررت من الجسد).
          الأمر الذى جعلهم يتخلصون من المرأة، لأنها الجسد الشرير، ومصدر متاعب الحياة وغضب الرب: لذلك "تشكل مجلس اجتماعى فى بريطانيا فى عام 1500 لتعذيب النساء، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن، وقد أحرق الألاف منهن أحياء، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية"
          ولذلك: (ظلت النساء طبقًا للقانون الإنجليزى العام ـ حتى منتصف القرن الماضى تقريبًا ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو "المواطنين"، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها، ولا حق فى ملكية شىء حتى الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
          ولذلك: (نص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة، حتى عُدِّلَ عام 1938، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.) (عودة الحجاب الجزء الثانى ص 46)
          ولذلك: كان شائعًا فى بريطانيا حتى نهاية القرن العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض عضال"
          ولذلك: (إن القانون الإنجليزى عام 1801م وحتى عام 1805 حدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة)
          لذلك: أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين"
          لذلك: قال شوبنهاور (المرأة حيوان، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه)
          لذلك قال لوثر: (المرأة كمسمار يُدَقّ فى الحائط)
          لذلك قال أرسطو: (الذكر هو الأنموذج أو المعيار، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
          لذلك قال الفيلسوف نتشه: (إنها ليست أهلًا للصداقة، فما هى إلا هرَّة، وقد تكون عصفورًا، وإذا هى ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
          وقال الفيلسوف نتشه فى موضع آخر: (إن المرأة إذا ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
          فمن وصايا سان بول فانتير – لتلاميذه: «إذا رأيتم امرأة، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشريًا، بل ولاكائنًا وحشيًا، وإنما الذى ترونه هو الشيطان بذاته، والذى تسمعونه هو صفير الثعبان»
          ومن اعترافات جان جاك روسو: «المرأة خلقت لكى تخضع للرجل، بل لكى تتحمل ظلمه»
          لذلك قال لوثر: (إذا تعبت النساء، أو حتى ماتت، فكل ذلك لا يهم، دعهن يمتن فى عملية الولادة، فلقد خلقن من أجل ذلك) (تعدد نساء الأنبياء ص 235)
          لذلك قال جيروم ممتهنا المرأة وحقوقها: (إذا امتنعنا عن الاتصال الجنسى فإننا نكرم زوجاتنا، أما إذا لم نمتنع: حسنًا فما هو نقيض التكريم سوى الإهانة)
          طائفة من أقوال آباء الكنيسة وأدبائها:
          (إذا رأيتم امرأة، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشريًا، بل ولاكائنًا وحشيًا، وإنما الذى ترونه هو الشيطان بذاته، والذى تسمعونه هو صفير الثعبان) (من وصايا سان بول فانتير - لتلاميذه)
           (المرأة خلقت لكى تخضع للرجل، بل لكى تتحمل ظلمه) (أعترافات جان جاك روسو)
          (المرأة حيوان، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه) (شوبنهاور)
           (لايوجد رجل فكر فى المرأة ثم احترمها، فهو إما أن يحتقرها وإما أنه لم يفكر فيها بصورة جدية) (أوتو فيننجر)
           (الرجل يمكن أن يتصور نفسه بدون المرأة - أما المرأة فإنها لاتتصور نفسها بدون رجل) جوليان بندا
           (المرأة آلة للإبتسام. تمثال حى للغباء) (الأديب الفرنسى - لامنيه)
           (المرأة كائن نسبى) (المؤرخ ميشليه)
           (وكانوا يُعدُّون اختطاف الأطفال لتربيتهم على الرهبنة من القربات. وكانوا يفرون من النساء ولو كانوا أقاربهم لاعتقادهم أن مجرد النظر إلى المرأة مُحبِط للأعمال.)- نقلًا عن معاول الهدم والتدمير فى النصرانية وفى التبشير إبراهيم سليمان الجبهان ص 72-75]
           (يجب على المرأة أن تغطى شعرها لأنها ليست صورة الله) أمبروزو القرن الرابع الميلادى (ديشنر صفحة 379)
          ويقول الكتاب المقدس على لسان موسى أنه بسبب خيانتهن للرب حلَّ الوباء على الجماعة: (وَقَال لهُمْ مُوسَى: «هَل أَبْقَيْتُمْ كُل أُنْثَى حَيَّةً؟ إِنَّ هَؤُلاءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ كَلامِ بَلعَامَ سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ فَكَانَ الوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) سفر العدد 31 :15-18
          وقال سوستام الذي يعد من كبار أولياء الديانة المسيحية في شأن المرأة: (هي شر لا بد منه، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها وخطر على الأسرة والبيت ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة) مستندا إلى قول الرب الذى أرسل ملاكه ليقول عنها إنها الشر بعينه: (7وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ.8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8
          انظروا لقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه المكنون، الذى لا يأتيه الباطل، يعلن للعالم أجمع حرية المرأة وإنسانيتها ويرد لها كرامتها، وأنها للرجل سكنًا ومودةً ورحمة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم:21
          (وحتى فى أيام يسوع كانت المرأة توضع فى نفس مرتبة الطفل والعبد، بل إنه فى القرن العشرين [أى فى عام 1991] يصلى اليهودى فى المعبد قائلًا: (أشكرك ربى أنك لم تخلقنى كافرًا أو عبدًا أو امرأة)
          ويقول الأستاذ Abduh2000 فى مقاله بمنتدى برسوميات بعنوان: (المرأة في الكتاب المقدس والديانة النصرانية):
          لذا هنا نجد العالم المسيحي المشهور توماس الإكوينى يعتبر المرأة أرذل من العبد بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطريًا من قبل الأب والابن والزوج
          (انظر Thomas Acquinas : "Summa Theologica" ، XXXIX،3).
          وأما المفسر المسيحي المعروف يوحنا فم الذهب ( John Chrysostom (349-407م)) فهو يعتبر المرأة ((خطرًا أسريًا وسيئة مصورة))
          (انظرWill Durant: The Story of Civilization ... The Age of Faith New York، 1950، p.325)
          ومن نتائج هذه الأفكار عن المرأة أن أغلب النصارى الأوائل لم يبالوا، رغم كونهم متزوجين، بأداء الحقوق الزوجية واعتبروا هذا الأمر غير ضروري بل غير مناسب
          (انظر Hans Leitzmann: The Beginnings of the Christian Church ( London، 1955 )، p.135 ) .
          لذا نجد أنه بعد أن يصبح المسيحي أسقفًا يكون من حسناته أن يعتزل المرأة وألا يقترب من امرأته إن كان متزوجا وقبل أن يصبح أسقفا.
          ( انظرW.E.H. Leeky: A History of European Morals (London، 1911)، vol.2 p.329)
          ثم نجد هنا القوانين المضحكة نتيجة لهذه الأمور السابقة، فمثلا إذا أراد الأسقف أن يلتقى بزوجته لمشورة أسرية وجب عليه أن يفعل ذلك في مكان فسيح وبحضور شهود. وأمر البابا هايلدبراند (Hildebrand) المسيحين ألا يستمعوا إلى الأساقفة المتزوجين ولا يطيعوهم.
          انظر W.E.H. Leeky: A History of European Morals (London، 1911)، vol.2 p.332
          وكانت هذه القوانين قيدًا ظالمًا للرجال والأساقفة، فلجأوا إلى الحيل الملتوية لإشباع الرغبات، إلا أن هذه القوانين تركت آثارًا سيئة عميقة على النساء (فاحتقرن أزواجهن وأُكرهن على الخروج، وظهر عدد كبير - بسبب هذا الفصل بين الرجل وزوجته - من الجرائم والمصائب)
          انظر H.C.Lea: An Historical Sketch of Sacredotal Celibacy، 1884، p.277
          وتعدى بابا آخر - وهو أوربان الثاني (Uraban II) حيث أجاز جميع الحدود في سبيل تنفيذ هذه القوانين غير الفطرية حيث (أجاز للحكام أن يسترقوا نساء أولئك الأساقفة الذين رفضوا أن يتركوا زوجاتهن) انظر H.C.Lea: An Historical Sketch of Sacredotal Celibacy، 1884، p.333
          فكان نتيجة هذا أن ساء وضع المرأة في القرون الوسطى وحتى زمن قريب، فلم يكن لها قيمة ولا احترام في المجتمعات المسيحية. وكان من حق الزوج القانوني، حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر، أن يبيع زوجته كما تباع الحيوانات
          انظر Cady Stanton: History of Women's Suffrage، vol.3، p.290 (quoted in Rationalist Encyclopaedia by J.McCabe، London، 1950، p. 625
          قال معلم الكنيسة توماس الإكوينى: (إن المرأة تتعامل مع الرجل مثل النقص والعيب تجاه الكمال).
          وقال مارتن لوثر: (إذا أبت الزوجة، قبلت الخادمة).
          وقال توماس الإكوينى (1225-1275): (إن القيمة الحقيقية للمرأة تكمن فى إمكانية انجابها للأطفال، والتدبير المنزلى)
          وقال القديس أودو (878-942): (إن مجرد رؤية المرأة يثير الشعور بالغثيان والتقيؤ، وحيث أننا لا نلمس البراز ولا المخاط بإصبعنا، فلماذا نتدافع إذن على لمس إناء القاذورات نفسه [يقصد المرأة نفسها]).
          وقال مجمع تيرناو Tyrnau المنعقد عام 1611، والذى كان يحظى بمباركة البابا: (يهون كل خبث بجانب خبث المرأة، لذلك فإن كفر الرجل يفضل المرأة الصالحة.) هذا الذى تقرأه كلام قديس مؤمن، وعلى الرغم من ذلك يُفضل الكفر على المرأة! فهل بعد الكفر ذنب؟
          فهل اختلفت نظرة أهل الكتاب المقدس جدًا عن نظرة الهندوس الوثنيين لها؟ إن من شرائع الهندوس أنه: (ليس الصبر المقدر، والريح، والموت، والجحيم، والسم، والأفاعى، والنار، أسوأ من المرأة)
          ومن التعاليم التى تلقاها قسيس شاب كان فى انتظار الزيارة السنوية لأمه من رئيسه: (إن كل النساء خطر).
          وقال مارتن لوثر: (إن أعظم تشريف تحظى به المرأة فى حياتها هو أن الرجل يولد عن طريقها).
          وقال القديس فرانتس العزيزى: (إن من يُخالط المرأة أو يجامعها يُعرض روحه للتلوث، وذلك مثل الشخص الذى يخترق النار ماشيًا على أقدامه، فهو يعرض قدميه للحرق).
          يقول الأسقف الأنجليكانى إدوين بارنس Edwin Barnes أسقف ريتشبُروه Richborough عام 1995: (ليس ممكنا أن تصبح النساء قسيسات)
          وقال البابا يوحنا بولس الثانى عام 1988 مستندًا إلى أقوال بولس: (على النساء أن ينصتن، ويخضعن، فأنا لا أسمح لامرأة ما أن تُعلِّم أو ترتفع عن مكانة الرجل، فقد خلق آدم أولا، ثم خلقت حواء).
          وعن المعاناة والهياج الجنسى الذى يتحرق منها الرهبان تقول جريدة يوم الكاثوليك (Pressemitteilung Deutscher Katholikentag) عام 1968: (لا يحتاج الرهبان إلا رؤية امرأة ما، ثم يبتدأون فى النخير مثل الخنازير).
          وقال أحد أهم معلمى الكنيسة الكاثوليكية وهو الأب أوغسطين (354-430): (إن المرأة مخلوق أدنى من الرجل، لم يخلقها الله على صورته، لذلك فمن الطبيعى أن تقوم على خدمة الرجل).
          يقول أبراهام للقديسة كلارا (1644-1709): (أن تكون امرأة على قدر كبير من النظافة معبدًا مقامًا على بئر مرحاض ... فمن هذا الذى يريد أن يعبد الخراء تقربًا للرب)، إذن فأنتم الذين تحقرون المرأة!
          وقال مارتن لوثر: (لا ضير أن تتعب المرأة أو حتى تموت، دعها تموت، فهى قد خُلقت لذلك). إذن فأنتم الذيم تتخذون المرأة أداة للمتعة، ثم ليحدث لها ما يحدث!
          وقال ألكسندر Alexander von Hales معلم توماس الإكوينى: (إن الترتيب الطبيعى يتأتى من الرب ليسوع، ومن يسوع إلى الرجل، ومنه إلى المرأة. وخلاف ذلك فهى تعاليم شيطانية تسير فى الاتجاه المعاكس، فيذهب إلى المرأة أولا، وذلك لأنها لا تملك إمكانية التمييز إلا قليلا.)
          وعلى الرغم من كل هذا التاريخ يقول عالم اللاهوت الكاثوليكى برنارد هيرينج فى القرن العشرين: (لم تجد المرأة المسيحية من التقدير والاحترام، ما تبحث عنه المرأة فى أى دين أو عقيدة أخرى فى العالم.)
          وقال القديس أنسيلم الكانتربرى Anselm von Canterbury: (لا يمكن أن يكون هناك شىء مشين فى الحياة مثل المرأة، ولا يتمكن الشيطان من إغواء الناس مثل تمكنه عن طريقها).
          ويقول معلم الكنيسة ترتليان: (لا يليق بالمرأة إلا أن ترتدى ملابس الحداد، وعند انتهاء سنوات طفولتها، عليها أن تغطى وجهها الجالب للأخطار، وهى أخطار تؤدى إلى فقدان السعادة الأبدية [أى إلى الحرمان من الجنة والخلود فى النار].)
          ويقول كابكراتس Kapokrates أحد المسيحيين الأول ومؤسس الأديرة: (إن النساء خلقن للمتعة الجماعية).
          وقال مجمع باريس المنعقد عام 846م (لا يحق لامرأة أن تدخل مكان ما يقيم فيه قسيس).
          وقال مجمع كوياكاCoyaca المنعقد عام 1050م: (لا يسمح لامرأة ما أن تسكن بجوار الكنيسة).
          وفى عام 407 قال يوحنا فم الذهب الذى يُعد أحد أكبر أربع آباء للكنيسة اللاتينية، الذين تمتعوا بالتقديس، وأحد كتاب المسيحيين الأول الذين تأسست العقيدة المسيحية على كتاباتهم: (إن كل الجنس الأنثوى ضعيف وأهوج، ولن يجدن الخلاص إلا بإنجاب الأطفال).
          وجاء فى كتاب القانون الكنسى عام 1917م: (لا يُسمح للمرأة أن تتولى منصب وزير فى حالة وجود رجل يمكنه القيام بهذا العمل، ولا بد من تبرير منطقى لتوليها هذا المنصب. إلا أنه يحرم عليها الدخول إلى مذبح الكنيسة، وعليها أن تجيب عن بعد فقط، [عمَّا يوجَّه إليها]).
          وقال البابا بولس السادس عام 1980: (لا يُسمح للمرأة أن تقوم بمهام القس).
          وقال كليمنت السكندرى قبل عام 215م: (على المرأة أن تظهر دائمًا الخجل من طبيعتها).
          كان هذا عن الطهارة وتنجُّس الرجل بملامسة المرأة، فهو فى الحقيقة ما تدين أنت به عزيزى الكاتب، وهو عين ما قاله القديسون المسيحيون. ولا علاقة له بما أملته عليك نفسك عن الإسلام.
          وطالما أننا نتكلم عن الطهارة والنجاسة: فهل توجد طهارة أو تطهُّر فى العهد الجديد لديكم؟ وهل يلزم الصلاة لديكم تطهُّر أو وضوء؟ ألا تلاحظ أنه يمكنك أن تذهب إلى الكنيسة وتصلى بعد مجامعة الزوجة وبدون استحمام؟ وإن كان المسيحى يستحم، فهذا من باب النظافة التى تعلمها من المسلمين، وعادة اكتسبها من المجتمع المسلم، لأنه ليس لها أصول فى كتابك!
          بل تلاحظ أن المسيحى لا يبرأ من بوله، ولا يغسل عضوه بالماء بعد قضاء حاجته، إلا إذا كانت عادة اكتسبها من معيشته وسط المسلمين! والله لقد كان فضل الله عليكم كبيرًا بوجودكم وسط المسلمين!!
          * * * * *
          ضرب الزوج لزوجته بين الإسلام وأهل الكتاب:
          4- والنقطة الرابعة التى ينتقدها الكاتب فى الإسلام: يعلم الإسلام أن من حق الزوج أن يعاقب زوجته. ومن أنواع العقاب المسموح به هو ضرب الزوجة والامتناع عن المعاشرة الجنسية معها: (والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليًا كبيرا). سورة النساء 34
          (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم). البقرة 226
          وأنقل عن الأستاذ سامى العامرى من (المرأة .. بين إشراقات الإسلام وافتراءات المنصرين) بتصرف:
          أ- قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}. سورة النساء 34
          الآية لا تُجبر الرجل ولا تأمره بضرب الزوجة، ولكنها تبيح له فعل ذلك، إذا نشزت، واستعمل معها العظة، والهجر فى الفراش، ولم يُجدِ هذا فى إصلاحها. ومن هنا يمكنه أن يلجأ إلى الضرب غير المبرح بالسواك أو ما شابهه، وتهويل كاتبنا هذا أو من تناولوا هذا الموضوع فى غير حياد، أو دون فهم، أو بتعمُّد عدم التوضيح لقرائهم، فيه إعظام لأمر العقوبة، ليوحوا أنّ الإسلام يحرّض الرجال على انتهاك الحرمة الآدميّة لزوجاتهم!
          ب- الحكم الشرعي بجواز الضرب، غير متعلّق بتأديب المرأة الصالحة التي لم تأت منكرًا! فمِن الخطأ إذن، أن نقول (يعلم الإسلام أن من حق الزوج أن يعاقب زوجته)، وإنّما الصواب أن نقول إنّ الإسلام يبيح ضرب المرأة الناشز المذنبة فقط!
          ت- الأصل في العلاقة الزوجية، إحسان الرجل إلى زوجته لما تواترت به النصوص من الدعوة إلى الرفق واللين..
          قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء 19
          قال الإمام الشافعي: (وجماع المعروف بين الزوجين كف المكروه، وإعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه، لا بإظهار الكراهية في تأديته، فأيهما مطل بتأخيره؛ فمطل الغني ظلم.) (أحكام القرآن 1/204)
          وقال الذهبي: (وإذا كانت المرأة مأمورة بطاعة زوجها وبطلب رضاه، فالزوج أيضًا مأمور بالإحسان إليها واللطف بها والصبر على ما يبدو منها من سوء خلق وغيره، وإيصالها حقها من النفقة والكسوة والعشرة الجميلة لقول الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}) (الذهبي، الكبائر، 1/178)
          وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} (الروم 21)
          قال ابن كثير: (فلا ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين.) (تفسير القرآن العظيم، 2/ 275)
          وقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيم}. (البقرة 228)
          قال ابن عباس: (إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله عز وجل يقول: {مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وما أحب أن أستوفي جميع حق لي عليها؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}) (رواه ابن أبي شيبة 4/196 وابن جرير 2/453 والبيهقي 7/295)
          وعن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي  قال: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ) (رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم وذريته، (ح/3331). ومسلم، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء (ح/1468)
          قال المناوي: (وفيه ندب المداراة لاستمالة النفوس، وتألّف القلوب، وسياسة النساء بأخذ العفو عنهن والصبر عليهن، وأن من رام تقويمهن؛ فاته النفع بهن مع أنه لا غنى له عن امرأة يسكن إليها.) (فيض القدير، 2: 388)
          ث - المسلم مدعو - شرعًا - إلى التجاوز عن زلاّت زوجته، وأن يغفر لها هفواتها، وأن ينظر إلى محاسن أخلاقها؛ إذا آذاه سوء بعض ما لها من طباع، قال رسول اللَّهِ : (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مؤمنة إن كَرِهَ منها خُلُقًا رضي منها آخَرَ.) (رواه مسلم، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، (ح/1469)
          قال النووي: (أي ينبغي أن لا يبغضها؛ لأنه إن وجد فيها خُلقًا يُكره، وجد فيها خُلقًا مرضيًا؛ بأن تكون شرسة الخلق لكنها ديّنة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك.) (المنهاج، 10/ 58)
          ويقول صاحب "عودة الحجاب": (واعلم أنه ليس حُسن الخلق معها كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحلم عند طيشها وغضبها، واقتداءً برسول الله ، فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام، وتهجره الواحدة منهنَّ يومًا إلى الليل، وراجعت امرأةُ عمر عمرَ  فقال: "أتراجعينى؟"، فقالت: "إن أزواج رسول الله  يراجعنه، وهو خير منك".)
          ج- رغم إباحة الشرع للرجل أن يضرب زوجته لتأديبها إن أتت حراما، إلاّ أنه لا يحبّذه؛ فقد قال "إياس بن أبي ذباب"، قال رسول : (لا تضربوا إماء الله!)، قال فذئر - أي نشز - النساء وساءت أخلاقهن على أزواجهن فقال "عمر بن الخطاب": (ذئر النساء وساءت أخلاقهن على أزواجهن منذ نهيت عن ضربهن)، فقال النبي : ((فاضربوا))؛ فضرب الناس نساءهم تلك الليلة فأتى نساء كثير يشتكين الضرب فقال النبي  حين أصبح: (لقد طاف بآل محمد الليلة سبعون امرأة كلهن يشتكين الضرب وايم الله لا تجدون أولئك خياركم.) (رواه النسائي في الكبرى ( 9167 ) وصححه ابن حبان (4189))
          قال الإمام "الشافعي": (فجعل لهم الضرب، وجعل لهم العفو، وأخبر أن الخيار ترك الضرب.) (الأم، 5/112)
          ح- الرجل الذي يأخذ بحكم الشرع في جواز ضرب زوجته، هو رجل قد استكمل جميع المحاولات والطرق الليّنة لإرجاع زوجته إلى طريق الصواب.
          قال "ابن الجوزي": (وقال جماعة من أهل العلم الآية على الترتيب: فالوعظ عند خوف النشوز، والهجر عند ظهور النشوز، والضرب عند تكرره واللجاج فيه، ولا يجوز الضرب عند ابتداء النشوز، قال القاضي أبو يعلى: وعلى هذا مذهب أحمد.) (زاد المسير، 2/76)
          خ- الضرب المقصود في الآية ليس هو التعنيف بالضرب المبرّح، وإنّما هو ضرب المرأة بسواك أو ما شابهه مما لا يؤذي بدنًا .. فعن "عطاء" قال: (قلت لابن عباس: (ما الضرب غير المبرح؟). قال: (السواك وشبهه يضربها به.) (رواه ابن جرير 5/68)
          د- الظلم في جميع أشكاله، منهي عنه في الإسلام، ويتضاعف النهي، إذا كان ضدّ مَنْ حَقُّهُ الإكرام والإحسان كالزوجة ..
          قال تعالى: {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}. (البقرة 231)
          وقال رسول الله : (مَن ضرب سوطًا ظلمًا؛ اقتصّ منه يوم القيامة.) (رواه البزار والطبراني في الأوسط (1445) وإسنادهما حسن (مجمع الزوائد 10/353))
          ذ- الرسول  هو أكمل المؤمنين، وهو النموذج المُحتذى، وقد قالت أم المؤمنين "عائشة" رضى الله عنها: (ما ضرب رسول الله  شيئا قَطُّ بيده ولا امْرَأَةً ولا خَادِمًا إلا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللَّهِ. وما نِيلَ منه شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ من صَاحِبِهِ إلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ من مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عز وجل.) (رواه مسلم (ح/2328))
          وعن أم سلمة –أمّ المؤمنين- قالت: (كان رسول الله  في بيتي وكان بيده سواك فدعا وصيفة له أو لها حتى استبان الغضب في وجهه وخرجت أم سلمة إلى الحجرات فوجدت الوصيفة وهي تلعب ببهمة فقالت: (ألا أراك تلعبين بهذه البهمة ورسول الله  يدعوك!) فقالت: (لا والذي بعثك بالحق، ما سمعتك!). فقال رسول الله : (لولا خشية القود لأوجعتك بهذا السواك.) (رواه البخاري في الأدب (184))
          (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) النساء 34
          (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء 19
          (‏لاَ يَفْرَكْ (أي لا يبغض) مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ)‏.‏ أَوْ قَالَ ‏(غَيْرَهُ) (رواه مسلم، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، (ح/1469)
          أما بالنسبة لعقوبة الزوجة بصفة خاصة، وعقوبة الضرب بصفة عامة أقول:
          إن المسيحى المؤمن لا ينبغى عليه أن ينتقد عقوبة امتناع الزوج عن مجامعة زوجته هذه الأشهر الأربعة، التى تنص عليها الآية؛ لأن آباءهم يأمرون بقلة الإلتقاء بالزوجة جنسيًا من باب التعفُّف. وقد يكون هذا من باب تقليد يسوع الذى لم يُجامع امرأة فى حياته؛ لأنه لم يتزوج، وكان منذورًا للرب فى المعبد. كذلك يؤمن الأرثوذكس والكاثوليك أن اخوة يسوع من يوسف من زوجة أخرى، وأنه لم يُجامع زوجته مريم. فى حين يؤمن الإنجيليين أن هؤلاء الاخوة من مريم، وأن يوسف زوج مريم (؟) باشر حقوقه كاملة مع زوجته.
          لكن أليس من الغريب أن تنتقد هجر الرجل لزوجته فى الفراش أربعة أشهر، وقد أمر يسوع فى كتابكم أن يخصى الرجل نفسه لأجل الملكوت؟ أى لن يُجامعها العمر كله من أجل الفوز بالجنة، لو كان متزوجًا: (12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 12
          أما لو لم يكن متزوجًا، فبولس يستحسن ألا يتزوج أو تتزوج من الأساس، إن كانوا يطيقون ذلك: (38إِذًا مَنْ زَوَّجَ فَحَسَنًا يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيًّا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40
          (1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. 2وَلَكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا.)كورنثوس الأولى 7: 1-2
          (25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 25-28
          وهذا لا يعنى إلا نظرة عدائية للجنس بصفة عامة. فهل لو عاقب الزوج زوجته بالإمتناع عن مجامعتها أربعة أشهر تنتقده؟ فلماذا لم تنتقد موقف يسوع هذا؟
          الأمر الذى دفع أودو الكانى فى القرن الثانى عشر أن يقول: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
          وقال جيروم ممتهنا المرأة وحقوقها: (إذا امتنعنا عن الاتصال الجنسى فإننا نكرم زوجاتنا ، أما إذا لم نمتنع: حسنًا فما هو نقيض التكريم سوى الإهانة).
          وعلى الرغم من أن الكنيسة فى الغرب قد لا تسمح لعذاراها بالقيام بأعمال الرجال، فقد كان اللاهوتيون واضحين فى أن العذراء البتول قد أصبحت رجلًا شرفيًا. لقد كتب جيروم يقول: "بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال، فهى تختلف عن الرجل، كما يختلف الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم، فعندئذ سوف تكف عن أن تكون امرأة، وستسمى رجلًا" (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى أهل أفسس) نقلا عن (تعدد نساء الأنبياء)
          ولماذا لم تقل إن قول يسوع هذا مُخالف لقول الرب فى العهد القديم، وأن من يخصى نفسه يكون مطرودًا من جماعة الرب؟ (1«لا يَدْخُل مَخْصِيٌّ بِالرَّضِّ أَوْ مَجْبُوبٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) تثنية 23: 1
          وقد ذكرتها الترجمة العربية المشتركة الفقرة الثانية واضافت فقرة قبلها لا توجد فى ترجمة الفاندايك أو كتاب الحياة: (2لا يدخلْ مَرضوضُ الخصيتَينِ ولا مقطوعُ العُضْوِ التناسُليِّ جماعةَ المُؤمنينَ بالرّبِّ)
          وكذلك فعلت الترجمة الكاثوليكية اليسوعية: (2لا يَدخُلْ مَرْضوضُ الخُصيَتَينِ ولا مَجْبوبٌ في جَماعةِ الرَّبّ.)
          ثم أين حق النساء فى الزواج وهدوء النفس والمتعة الحلال، إذا تتبع كل إنسان هذه التعليمات؟ أليس هذا الأمر فيه مهانة للمرأة؟ أليس هذا من شأنه انتشار السحاق (الشذوذ الجنسى بين النساء)؟
          وكيف سيُنَفَّذ أمر الرب بشأن الزواج والإنجاب إن خصى الرجال أنفسهم؟ وكيف سيستمر البشر فى عبادة الله؟ وكيف كان سنزل ليُصلَب ليفدى البشر إن نزل ولم يجد بشرًا؟
          أليس الأمر بعدم تزوج المطلقة إذلالا للمرأة والرجل؛ حيث سيضطران أن يتعايشا سويًا باقى العمر، وكل منهما يكره الآخر، ويكيد له، بل ويتمنى موته؟ (ومن يتزوج مطلَّقة فإنه يزنى) متى 5: 32
          فأين إنسانية المطلقة؟ أين حقها الطبيعى فى الحياة؟ لماذا تعيش منبوذة جائعة متشوقة للزواج ولا تستطيعه؟
          ولماذا كانت عقوبة الحرق لابنة الكاهن الزانية، ولا يُحرق الذى زنى بها؟ (9وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ.) لاويين 21: 9، أليس هذا اضطهاد للمرأة، ونظرة دونية لها، على أنها الساحرة الشريرة التى تغوى الرجل وهو برىء؟ فلماذا لا يُحرق الذى يزنى بابنة الكاهن؟
          وكانت عقوبة قطع اليد للمرأة التى تمسك عورة من يتعارك مع زوجها!! (11«إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلانِ رَجُلٌ وَأَخُوهُ وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِتُخَلِّصَ رَجُلهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ 12فَاقْطَعْ يَدَهَا وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ.) تثنية 25: 11-12، فهل توجد عقوبة مشابهة للرجل، الذى يمسك أى عورة من عورات المرأة أو حتى يضع يده عليها؟
          فها هى امرأة لمست عورة رجل أجنبى عنها، فأمر الرب الرحيم جدًا أن تُقطع يدها؟ فهل تستكثر عن المسلم أن يُعاقب زوجته بالضرب بالسواك أو ما شابهه إذا تكرر نشوزها أو أتى منها فعل محرم، يكرهه الرب ونهى عنه؟
          أليست نجاسة المرأة الحائض تستغرق نصف عمرها من البلوغ إلى الممات إذلالا لها وعقوبة من الرب بسبب الخطيئة الأزلية، حتى تتمكن المرأة من تنفيذ باقى العقوبة من إنجاب وألم أثناء الولادة؟
          اقرأ كم تكون المرأة التى تحيض منبوذة، ملقاة فى أحد أركان المنزل، مهملة، يخشاها الإنسان أو الحيوان، ليُعاقب بالنجاسة حتى المساء، إذا لمسها أو لمسته! وتخيل كم يكون الحيوان المنزلى مدللا، ومرحبًا به عنها!
          (19«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ لَهَا سَيْلٌ وَكَانَ سَيْلُهَا دَمًا فِي لَحْمِهَا فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا. وَكُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 20وَكُلُّ مَا تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فِي طَمْثِهَا يَكُونُ نَجِسًا وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا. 21وَكُلُّ مَنْ مَسَّ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعًا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 23وَإِنْ كَانَ عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي هِيَ جَالِسَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَمَسُّهُ يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 24وَإِنِ اضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ فَكَانَ طَمْثُهَا عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا. ....... 28وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ سَيْلِهَا تَحْسِبُ لِنَفْسِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَطْهُرُ. 29وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ وَتَأْتِي بِهِمَا إِلَى الْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 30فَيَعْمَلُ الْكَاهِنُ الْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَالْآخَرَ مُحْرَقَةً وَيُكَفِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ سَيْلِ نَجَاسَتِهَا.) لاويين 15: 19-30
          ألم يعتبر الرب زواج المرأة وإنجابها عقوبة أزلية لها على أكلها من الشجرة؟ حتى حب الزوجة لزوجها واشتياقها له، يُعد عقوبة أزلية للمرأة التى تمكنت من إغواء آدم، ونفَّذت ما فشل فيه الشيطان من إغواء آدم، ففسدت البشرية كلها بفسادها؟ (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) التكوين 3: 16
          لذلك قال (لوثر الذى جعل النساء منبوذات قسرًا فى وحشية، ومنفيات من عالم الرجال، والذى يرى فى الزواج عقابًا للمرأة: (إن هذا العقاب ينبع أيضًا من الخطيئة الأصلية، وتتحمله المرأة مُكرَهة تمامًا، كما تتحمل الآلام والمتاعب التى وضعت على جسدها. إن السلطة تبقى قى يد الرجل، وتُجبَر المرأة على طاعته حسب وصية الله. فالرجل هو الذى يحكم البيت والدولة، ويشن الحرب، ويدافع عن ممتلكاته، ويفلح الأرض، ويبنى، ويزرع .. الخ. أما المرأة فعلى العكس من ذلك، فهى مثل مسمار دق فى الحائط . .. .. يجب أن تبقى المرأة فى المنزل ..، ترعى الحاجات المنزلية، مثل انسان حُرِمَ القدرة على ادارة تلك الشئون، التى تختص بالدولة .. .. بهذه الطريقة تعاقب حواء.

          تعليق

          • abubakr_3
            مشرف عام

            • 15 يون, 2006
            • 849
            • مسلم

            #50
            إن الصورة غير العادية للمرأة، كمسمار يدق فى حائط، تكشف عن حقيقة مكانتها: فهى بائسة لا عون لها، تُساق، ويُدقُّ على رأسها .. لا يسعى وراءها من أجل إقامة مودة زوجية فيها دفء وراحة عائلية، فلا توجد أى حرارة متبادلة .. ولهذا خلا بدء تاريخ الزواج المسيحى من المحبة، والمساواة، وعيش الرجال والنساء معًا فى وئام) (تعدد نساء الأنبياء ص 237-238)
            وإذا كان شعر المرأة زينتها وتاجها، فهل من الحكمة أو الرحمة قص شعر المرأة التى تصلى وشعرها غير مغطى؟ أليست هذه عقوبة قاصية من بولس؟ فلماذا لم تنتقدها؟ لأن الكنيسة لا تستطيع أن تطبقها، وإلا نفرت المسيحيات من الكنيسة! (5وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغَطّىً فَتَشِينُ رَأْسَهَا لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. 6إذِ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ فَلْتَتَغَطَّ.) كورنثوس الأولى 11: 5-6، أليست هذه عقوبة أشد وأقسى من ضرب الزوج لزوجته بالسواك بعد محاولتين لإصلاحها؟
            ألم يقذف الرب العماليق أعداءه من النساء والرجال والأطفال بحجارة من عنده؟ (11وَبَيْنَمَا هُمْ هَارِبُونَ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي مُنْحَدَرِ بَيْتِ حُورُونَ، رَمَاهُمُ الرَّبُّ بِحِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى عَزِيقَةَ فَمَاتُوا. وَالَّذِينَ مَاتُوا بِحِجَارَةِ الْبَرَدِ هُمْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ.) يشوع 10: 11
            فأيهما أرحم: ضرب المرأة الناشز بالسواك أم أحكام الرب فى كتابك، والتى تقضى بقتل النساء والأطفال والشيوخ والبيئة والحيوانات؟ (3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟) متى 7: 3
            ألم يقر يسوع عقوبة النفس وتحمل الألم فى الدنيا، أفضل من عقوبة الله فى الآخرة؟ (28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.) متى 5: 27-29
            وأمر الرب باستخدام العصا، وليس السواك، فى تأديب الأبناء: (24مَنْ يَمْنَعُ عَصَاهُ يَمْقُتُ ابْنَهُ وَمَنْ أَحَبَّهُ يَطْلُبُ لَهُ التَّأْدِيبَ.) الأمثال 13: 24
            (15اَلْجَهَالَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِقَلْبِ الْوَلَدِ. عَصَا التَّأْدِيبِ تُبْعِدُهَا عَنْهُ.) الأمثال 22: 15
            فإذا كانت عصا التأديب تبعد الجهالة المرتبطة بالقلب، فلماذا لا يُستخدم السواك فى تأديب الزوجة الناشز، بعد أن حاول زوجها معها كل المحاولات للإصلاح، ولم يتبق أمامه إلا الطلاق وتدمير الرابطة الزوجية؟
            (12وَجِّهْ قَلْبَكَ إِلَى الأَدَبِ وَأُذُنَيْكَ إِلَى كَلِمَاتِ الْمَعْرِفَةِ. 13لاَ تَمْنَعِ التَّأْدِيبَ عَنِ الْوَلَدِ لأَنَّكَ إِنْ ضَرَبْتَهُ بِعَصًا لاَ يَمُوتُ. 14تَضْرِبُهُ أَنْتَ بِعَصًا فَتُنْقِذُ نَفْسَهُ مِنَ الْهَاوِيَةِ.) الأمثال 23: 12-14
            يا سبحان الله! فإذا كان الضرب بالعصا يعتبره الرب منقذًا ووسيلة مفيدة للتربية والإصلاح، فهل نفهم أن الضرب المبرح بالعصا هو الحل الأمثل الذى تقدمه المسيحية واليهودية للمرأة الناشز؟ وإذا كان هذا هو الحل فى الكتاب المقدس جدًا، فلماذا تعترض على الضرب غير المبرح للزوجة الناشز فى الإسلام؟ ولو كان الضرب يفقد الإنسان آدميته، فلماذا سنَّ الرب الضرب كعقوبة مُجزية فى التربية؟ أتعدلون من تفكير إلهكم وسلوكه وتطعنون فى علمه وخبرته؟
            ألم يقرأ الكاتب فى كتابه أنّ (الضرب) علامة (الحبّ، ورضى الرب)، ومنها جاء المثل الذى يقول "إن ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب"؟ فيقول الرب: (12لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ وَكَأَبٍ بِابْنٍ يُسَرُّ بِهِ.) الأمثال 3: 12، فلماذا لا يضرب الزوج زوجته الناشز التى يحبها، ويريد أن يُخضعها لطاعة الرب؟
            وأكّد سفر سيراخ أن (الضرب) دليل على (عميق الحبّ) (!)؛ فقال: (1من أَحَبَّ ابنَهُ، أَكْثَرَ مِن ضَرْبِهِ لكي يُسرُّ في آخرته) سيراخ 30: 1
            ويقول يسوع فى العهد الجديد: (5وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: «يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. 6لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ». 7إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ 8وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ.) الرسالة إلى العبرانيين 12: 5-8
            وهل تريد أن تُفهمنى أنكم اليوم أصبحتم ذوى عقل، ورحمة على المرأة؟ أين تاريخ الكنيسة الأسود من المرأة التى لم يعتبروها إنسانًا من الأساس؟
            وهل قام يسوع فى العهد الجديد بثورة على وضع المرأة فى العهد القديم، الذى أنزله هو بصفته يهوه عندكم؟ لا. لقد ظل حال المرأة دون أن يكون لها موضع اهتمام من أسفار العهد الجديد؛ ولم يقدّم لها يسوع منظومة جديدة ترعى حقوقها، وتدفع عنها الغبن الذي عرفته في ظلّ سلطان الأحبار أو سلطان الدولة الرومانيّة. ويكفينا أن نعلم أن يسوع لم يلغ شيئًا من العهد القديم، بل جاء موافقًا لكل تعاليمه: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
            والتاريخ يشهد أن المرأة المسيحية لم تُعتبر من الأساس إنسانًا، ؛ حتى إنّ الكثيرين كانوا يشكّون في انتساب المرأة إلى الجنس الآدمي؛ فقد استمرّ الجدال في إنسانيّة المرأة إلى زمن غير بعيد؛ حتّى إنّه كما تقول أستاذ الحضارة الأوروبية الغربية في جامعة برلين الحرة، والمتخصصة في تاريخ المرأة "جيزيلا بوك" (Gisela Bock) في أمر موقف الموسوعات العلميّة الكبرى في الغرب النصراني من كيان المرأة: إنّ هذا الإشكال قد بقي محلّ جدل جاد؛ من (موسوعة بيار بايل) (Pierre Bayle) (1697م) إلى (موسوعة زدلر ((Zedler)) (1747م) .. فلم تحسم القضيّة لصالح إثبات آدمية المرأة إلاّ منذ زمن قريب!! (راجع كتاب الكاتبة المذكورة أعلاه، Women in European History، ص13-14) نقلا عن سامى العامرى بتصرف بسيط
            فما الذى حدث ليُدافع كاتبنا عن إنسانية المرأة؟ هل تعلَّم ذلك من الإسلام؟ أكيد! فهو الدين الوحيد الذى أنصف المرأة واعتبرها مساوية للرجل، ولها ما له، وعليها ما عليه
            لقد أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين"
            وقال "كلمنت السكندري" (150م-215م): (على كلّ امرأة أن تمتلئ بالإحساس بالعار؛ عندما تفكّر في أنها امرأة) (راجع David D. Gilmore، Misogyny، ص87)
            وفى القرن الخامس الميلادى اجتمع مجمع باكون وكانوا يتباحثون: (هل المرأة جثمان بحت أم هى جسد ذو روح يُناط به الخلاص والهلاك؟) وقرر أن المرأة خالية من الروح الناجية، التى تنجيها من جهنم، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام.
            كما قرر مجمع آخر، أن المرأة حيوان نجس، يجب الابتعاد عنه، وأنه لاروح لها ولا خلود، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل عبادتها، ولاتدخل الجنة، والملكوت ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان.
            لذلك: (إن القانون الإنجليزى عام 1801م وحتى عام 1805 حدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة).
            و(نص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.) (عودة الحجاب الجزء الثانى ص 46)
            و(ظلت النساء طبقًا للقانون الإنجليزى العام ـ حتى منتصف القرن الماضى تقريبًا ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو "المواطنين"، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها، ولا حق فى ملكية شىء، حتى الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
            وكان شائعًا فى بريطانيا حتى نهاية القرن العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض عضال.
            ولذلك قال أرسطو: (الذكر هو الأنموذج أو المعيار، وكل امرأة إنما هى رجل معيب).
            وتناقلت الثقافة، وتشرب بها المجتمع الأوروبى، حتى جاء الفيلسوف نتشه فقال عن المرأة: (إنها ليست أهلًا للصداقة، فما هى إلا هرَّة، وقد تكون عصفورًا، وإذا هى ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
            و"تشكل مجلس اجتماعى فى بريطانيا فى عام 1500 لتعذيب النساء، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن، وقد أحرق الألاف منهن أحياء، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية".
            ويقول توماس الإكوينى: (المرأة أرذل من العبد بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطريًا من قبل الأب والابن والزوج)
            وقال شوبنهاور: (المرأة حيوان، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه)
            ومن وصايا سان بول فانتير – لتلاميذه، قوله: (إذا رأيتم امرأة، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشريًا، بل ولا كائنًا وحشيًا، وإنما الذى ترونه هو الشيطان بذاته، والذى تسمعونه هو صفير الثعبان)
            وقال ترتليان – أحد أقطاب المسيحية الأولى وأئمتها يبين للبشرية نظرة المسيحية فى المرأة: (إنها مدخل الشيطان الى نفس الإنسان، وإنها دافعة الى الشجرة الممنوعة ناقضة لقانون الله ومشوهة لصورة الله – أي الرجل -) مستندا إلى قول الكتاب المقدس (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
            لذلك قال لوثر: (إذا تعبت النساء، أو حتى ماتت، فكل ذلك لا يهم، دعهن يمتن فى عملية الولادة، فلقد خلقن من أجل ذلك) (تعدد نساء الأنبياء ص 235)
            وقال سوستام الذي يعد من كبار أولياء الديانة المسيحية في شأن المرأة: (هي شر لا بد منه ، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها وخطر على الأسرة والبيت ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة) مستندا إلى قول الرب الذى أرسل ملاكه ليقول عنها إنها الشر بعينه: (7وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8
            ويصرخ (فيليب ربابورت) (Philip Rappaport) ص48 من كتابه (Looking Forward: A Treatise on the Status of Woman and the Origin and Growth of the Family and the State) قائلا: (إذا كانت هناك كتب في الوجود، يحمل أصحابها نظرة احتقار للمرأة أكثر من كتّاب أسفار الكتاب المقدّس ومؤلفات آباء الكنيسة، فأنا لا أعرفها.)! أى لا يوجد كتاب احتقر المرأة مثل الكتب التى تسمونها مقدسة!
            فأى الأديان كانت رحمة على المرأة؟ وأى إله أحسن إلى المرأة؟ وهل من أساء إلى المرأة: أمك وأختك وزوجتك وابنتك أحق أن يُعبد، أم من أنصف المرأة وبعد ألفين من السنوات أدركتم فيها فشل الكتاب الذى طالما قدستموه؟ وأى كتاب يستحق أن يتولى الريادة فى حياة البشر، وكان منصفًا للرجل والمرأة عادلا بينهم، مراعيًا الفروق الفردية بين الرجل والمرأة، ومناط عمل وإنفاق، حقوق وواجبات كل منهما؟
            ألهذا السبب انطلقتم من خجلكم من هذا الكتاب، تنسبون ما تخجلون منه إلى الإسلام، حتى لا يعرف القارىء المسيحى الواعى، الذى يبحث عن الحق، كل هذه الكوارث التى فعلها المؤمنون بالكتاب المقدس جدًا؟
            وهل لا يقر كتابك الضرب المبرِّح، بل القتل والحرق بالنار كعقوبة للمخطىء؟
            وما هو الحل الذى قدمه الرب لمعاملة المرأة الناشز فى كل الكتاب الذى تقدسه؟
            فكل هذا دفع الباحثين المنصفين فى الغرب إلى الإعتراف بفضل الإسلام على المرأة، فيقول برنارد شو: (إنّ تعاليم النبي محمد حول مقام المرأة، والنظرة إلى البنات الإناث، والرحمة بالحيوانات، كانت متقدّمة جدًا على الفكر الغربي المسيحي، بل وحتّى على الفكر المعاصر.) راجع (Commonwealth Secretariat، Developing Human Rights Jurisprudence، 5/159)
            وتقول المستشرقة كارن أرمسترونج (Karen Armstrong) ص157-158 من كتابها (A History of God): (كان النساء من أوائل المؤمنات بمحمد، كان تحريرهن مشروعًا يملك قلبه. حرّم القرآن بطريقة حازمة قتل المواليد الإناث، ووبّخ العرب على فزعهم عندما كانت تولد أنثى. وأعطى النساء أيضًا حقوقًا قانونيّة في الميراث والطلاق لم يملك جلّ النساء الغربيات شيئًا شبيهًا بها حتى القرن التاسع عشر. شجّع محمد النساء أن يلعبن دورًا إيجابيًا في شؤون الأمة، وقد عبرن عن آرائهن بصراحة في ثقة أنّه سيسمع لهن.)
            * * * * *
            هل تتحجب المرأة خارج بيتها وداخله؟
            5- والنقطة الخامسة التى ينتقدها الكاتب فى الإسلام: يأمر الإسلام المرأة أن تتحجب وهي خارج المنزل (وداخل المنزل فى بعض الأحيان: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت إيمانهن) النور 31
            (يا أيها النبي قُل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا) الأحزاب 59
            أن تتحجب المرأة داخل المنزل، فهذا لم يقل به مسلم. ولم يأمر به الإسلام، إلا إذا كان هذا بمحض إرادة المرأة أو لسبب مرضى، كأن تُصاب بالبرد أو تشعر ببرودة الجو إذا تعرت أُذناها أو تعرت رأسها. لكن كيف علم كاتبنا هذا أن المرأة المسلمة تتحجب فى داخل البيت؟ فلو رأى جارته مثلا عندما تفتح الباب لبائع، أو فى البلكونة، فهى لم تعد إذًا فى البيت، لأن الغرض من الحجاب ألا يراها الغرباء.
            أما الحجاب خارج البيت فلا أعلم ما الذى يعيب المرأة التى تعتز بعفتها، وبعفافها، ولا تريد أن تكون كالعسل الملقى على قارعة الطريق، تتناوله الحشرات بالأكل والتبرز والتبول عليه!! فلو تعرَّى العسل، مهما كانت قيمة هذا العسل، فسوف تقل قيمته، وتعافه النفس! وهكذا المرأة التى تتعرى، فينهش فى لحمها ويزنى بها فى مخيلته كل من يراها. وهكذا فرض الإسلام الحجاب على المرأة، ليعفها، ويحافظ على المجتمع من الإنزلاق إلى شباك الشيطان.
            لكن العجب العجاب أن يرى كاتبنا المسيحى أن حجاب المرأة المسلمة سُبَّة فى جبينها، فى الوقت الذى يأمر به كتابه ودينه المرأة المسيحية بالنقاب، ويفرضه عليها!
            على القارىء أن يضع فى الحسبان أن يسوع لم يأت لينقض جملة واحدة أو حرف واحد من الناموس أو كتب الأنبياء (متى 5: 17-18)
            إن الشريعة اليهودية فرضت قديمًا على الزوجة أن تغطي رأسها وتستر كامل جسدها والأفضل أن لا تخرج من البيت. وكذلك استحدثوا الحجاب الساتر في المعابد للفصل بين الرجال والنساء، وكذلك حرموا عليهن مصافحة الرجال.
            ففى العهد القديم: (63وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ فِي الْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ الْمَسَاءِ فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا جِمَالٌ مُقْبِلَةٌ. 64وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. 65وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: «مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟» فَقَالَ الْعَبْدُ: «هُوَ سَيِّدِي». فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ.) تكوين 24: 63-65
            (30فأَتَت هى ووالِداها وبَنوها وجَميعُ أَهْلِ قَرابَتِها. 31 وكانَت سوسَنَّةُ لَطيفَةً جِدًّا جَميلَةَ المَنظَر. 32ولَمَّا كانَت مُبَرقَعَة، أَمَرَ هذانِ الفاجِرانِ أَن يُكشَفَ وَجهُها، لِيَشبَعا من جَمالِها.) دانيال 13: 30-32
            (1هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ مِعْزٍ رَابِضٍ عَلَى جَبَلِ جِلْعَادَ.) نشيد الإنشاد 4: 1
            وطبقا للحبر الدكتور مناحيم إم. براير (أستاذ الأدب التوراتي في جامعة يشيفا) في كتابه، "المرأة اليهودية في الأدب الرباني"، كان من عادة النساء اليهوديات الخروج علنا بغطاء الرأس والذي أحيانا كان يغطى الوجه بالكامل ويترك عينا واحدة، ويقتبس قول بعض الأحبار القدماء المشهورين: "ليس من شيمة بنات إسرائيل الخروج برأس مكشوف" و"لُعن الرجل الذي يترك شعر زوجته مرئيًا.... "المرأة التي تعرض شعرها للزينة الذاتية تجلب الفاقة". وتحرم الشريعة الربانية تلاوة البركات أو الصلوات في حضور امرأة متزوجة كاشفة الرأس حيث إن كشف شعر المرأة يعتبر "تعريا" كما ذكر الدكتور براير: "أثناء فترة تانيتيك، أُعتبر فشل المرأة اليهودية في تغطية رأسها إهانة لتواضعها. فعندما تكشف رأسها قد تغرّم بأربعمائة زوزيم بهذه المخالفة (والزوزيم هي عملة تعادل ربع شيكل)." كما يوضح الدكتور براير كذلك أن حجاب المرأة اليهودية لم يعتبر دائما إشارة على التواضع. أحيانا كان الحجاب يمثل حالة تميز وترف عن كونه تواضعا. شخّص الحجاب الكرامة وتفوق النساء النبيلات، كما مثل كذلك صعوبة الوصول للمرأة باعتبارها ملكية مقدسة لزوجها.
            كذلك ميز الحجاب احترام المرأة لنفسها ومركزها الاجتماعي، وقد تلبس نساء الطبقات الدنيا الحجاب في أغلب الأحيان لمنح انطباع أنها ذات مقام أعلى. وحقيقة فإن الحجاب كان إشارة لطبقة النبلاء، وكان سببًا فى عدم السماح للعاهرات بتغطية شعرهن في المجتمع اليهودي القديم. رغم ذلك، لبست للعاهرات في أغلب الأحيان وشاح رأس خاص لكي يبدون محترمات.
            تقول الدسقولية وهى المصدر الثانى للتشريع لدى النصارى ص26: (إن أردت أن تكونى مؤمنة ومرضية لله فلا تتزينى لكى ترضى رجالا غرباء، ولا تشتهى لبس المقانع والثياب الخفيفة، التى لا تليق إلا بالزانيات ليتبعك الذين يصيدون من تكون هكذا، وإن كنت لا تفعلين هذه الأفعال القبيحة للخطية، فإنك بتزينك وحده تدانين. لأنك بذلك تضطرين من يراك أن يتبعك ويشتهيك. فلماذا لا تتحفظين لئلا تقعي في الخطية، ولا تدعي أحد يقع في شك (أو عثرة) لأجلك. إذا أخطأت باعتمادك هذا الفعل فأنت أيضًا تسقطين، لأنك تكونين سببًا لهلاك نفس ذلك الرجل. ثم إذا أخطأت على واحد بهذا الفعل دفعة واحدة فهو يكون سببًا في أنك تخطئين على كثيرين).
            وتقول ص27: (لا تزوقي وجهك الذي خلقه الله. فليس فيه شيء ينقص زينة، لأن كل ما خلقه الله فهو حسن جدًا. ولا يحتاج إلى زينة. وما زيد على الحسن فهو يُغير نعمة الخالق).
            وتقول ص27: (لا تتشبهن بهؤلاء النساء أيتها المسيحيات إذا أردتن ان تكن مؤمنات. اهتمي بزوجك لترضيه وحده. وإذا مشيت في الطريق فغطي رأسك بردائك فإنك إذا تغطيت بعفة تُصانين عن نظر الأشرار.)
            وتقول أيضًا ص27: (يكون مشيك ووجهك ينظر إلى أسفل وأنت مطرقة مغطاة من كل ناحية. ابعد من كل حميم غير لائق يكون في حمام مع ذكور. كثيرة هي اشراك الفسقة. لا تستحم امراة مؤمنة مع ذكور. واذا غطت وجهها فتغطيه بفزع من نظر رجال غرباء. وإلا فكيف تدخل إلى حمام وهي مكشوفة مع ذكور).
            وهو عين ما فهمه كليمنت السكندري (150-223م) الذى وجه تعاليمه للمرأة فقال: على المرأة أن تغطى كامل جسدها كلما خرجب من البيت، لأن هذا النوع من اللباس هو الذي يحميها من نظرات الرجال. فإذا وضعت الخمار على وجهها، حمت الرجل من أن يقع في الخطيئة. ولاكتساب شرعية للخمار يرى هذا الأب أن الخمار مشيئة الكلمة الربانية التي تأمر المرأة أن تصلي وهي محجبة.
            وسار على هديه الأب ترتوليا (160-230م)، الذى أوجب على المرأة أن تضع خمارًا، وتستر وجهها بنقاب، وأن تخفي مفاتنها، ولا تعتني بجمالها الطبيعي وتسعى إلى القضاء عليها؛ لأن ذلك الجمال يمثل خطرًا كبيرًا على الرجل، ولا تقل حدة تلك الخطورة إلا إذا حجبت المرأة جسدها من قمة الرأس إلى أخمص القدمين، وزيادة في التشدد منعت المسيحية المرأة أن تزين الحجاب أو تزركشه، ومن تفعل ذلك تصنف مع النساء اللاتي خلعن برقع الحياء.
            وقد منعت المرأة المسيحية قديمًا أن تخرج حاسرة الرأس، دون نقاب، بناءًا على تعاليم الدسقولية، وتعاليم الآباء الأول. وإذا ذهبت إلى الكنيسة عارية الرأس، تعاقب بقص شعرها، تبعًا لما جاء في كورنثوس الأولى 11 :3-10 (3لكِنِّي أُريدُ أنْ تَعرِفوا أنَّ المَسيحَ رأْسُ الرَّجُلِ، والرَّجُلَ رأْسُ المرأةِ، والله رأْسُ المَسيحِ .4فكُلُّ رَجُلٍ يُصَلّي أو يَتَنَبَّأُ وهوَ مُغَطَّى الرّأْسِ يُهينُ رأْسَهُ، أيِ المَسيحَ، 5وكُلُّ امرأةٍ تُصلّي أو تَتَنبَّأُ وهِـيَ مَكشوفَةُ الرّأْسِ تُهينُ رأْسَها، أيِ الرَّجُلَ، كما لَو كانَت مَحلوقَةَ الشَّعرِ .6وإذا كانَتِ المرأةُ لا تُغَطِّي رأْسَها، فأَولى بِها أنْ تَقُصَّ شَعرَها، ولكن إذا كانَ مِنَ العارِ على المرأةِ أنْ تَقُصَّ شَعرَها أو تَحلِقَهُ، فعلَيها أنْ تُغَطيَّ رأْسَها .7ولا يَجوزُ لِلرَّجُلِ أنْ يُغَطّيَ رأْسَهُ لأنَّهُ صُورَةُ اللهِ ويَعكِسُ مَجدَهُ، وأمَّا المرأةُ فتَعكِسُ مَجدَ الرَّجُلِ .8فَما الرَّجُلُ مِنَ المرأةِ، بَلْ ِ المرأةُ مِنَ الرَّجُلِ، 9وما خَلَقَ اللهُ الرَّجُلَ مِنْ أجلِ المرأةِ، بَلْ خَلَقَ المرأةَ مِنْ أجلِ الرَّجُلِ . 10لذلِكَ يَجِبُ على المرأةِ أنْ تُغطِّيَ رأْسَها علامَةَ الخُضوعِ، مِنْ أجلِ المَلائِكَةِ.) الترجمة المشتركة
            وصدق الله العظيم القائل: (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ...) الأحقاف 9
            وفى الحقيقة لا أرى سببًا فى انتقاصك لحجاب أو نقاب المرأة بصفة عامة، فقد رأيت أن اليهودية والمسيحية والإسلام يؤيدون النقاب والحجاب.
            * * * * *
            تعدد الزوجات بين الإسلام وأهل الكتاب:
            6- والنقطة السادسة التى ينتقدها الكاتب فى الإسلام: يصرح الإسلام بتعدد الزواج، فيحل للرجل أن يتزوج من النساء ما يصل إلى أربعة في الوقت الواحد ("... فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) النساء 3
            ملحوظة: أعطى لمحمد نبي الإسلام إمتيازات خاصة في هذا الأمر، فقد صرح له أن يتزوج بأي عدد يشاء من النساء، وفي الواقع كان لمحمد مالا يقل عن 13 زوجة ماعدا السرائر.
            واحدة من هؤلاء الزوجات كانت عائشة التي تزوجها ولم تبلغ بعد سن التاسعة من عمرها بينما كان محمد في سن الثالثة والخمسين. وزوجة أخرى - وهي زينب بنت جحش – كانت قبلًا زوجة إبنه بالتبني زيد. عندما رأى إبنه أن محمدًا يرغب فيها طلقها كي يستطيع محمد أن يتزوجها.
            وسيشمل ردنا إن شاء الله تعالى الرد على تعدد الزوجات بصفة عامة، ثم تعدد زوجات النبى ، ثم الحكمة من جمع محمد  بين تسع زوجات فى وقت واحد.
            يرى المسيحيون ومنهم كاتبنا هذا أن أسمى علاقة بين رجل وإمرأة تكون عند تعلق الرجل بامرأة واحدة، وتعلقها برجل واحد، وأن الحب الحقيقي، ورغبة الزواج الحقيقية، والعطاء المطلق للروح والجسد، والسعادة الحقيقية والمتعة القصوى لا تكون إلا لرجل واحد، ولإمرأة واحدة، ولا تكون إلا من خلال رجل واحد وإمرأة واحدة. وتلك هي فطرة الأنثى وسمو الرجل، وهى عين الأنوثة التي صورها الله وخلقها على هذه الصورة لتتحقق أسمى علاقة بين امرأة ورجل. (ص25 ملخص ما قاله القمص مرقس عزيز خليل فى كتابه (المرأة فى اليهودية والمسيحية والإسلام).
            فناهيك عن أن هذا اتهام لأنبياء العهد القديم باقترافهم هذه الجريمة الشنعاء، والتى تعد ضد الفطرة السليمة، وهى تعدد الزوجات! كما هى اتهام ليسوع نفسه أنه لم يصدر أمرًا صريحًا بتحريم تعدد الزوجات فى أناجيله! واتهام ليسوع أيضًا بتتويه المسيحى حيث قرر فى أناجيله أنه لم يأت لتغيير أو نقض حرف واحد من الناموس أو كتب الأنبياء (متى 5: 17-19)!
            فناهيك عن هذا فهو أيضًا اتهام صريح ومباشر لإله العهد القديم يهوه/يسوع، إذ كيف يسكت على الأنبياء، الذين انتقاهم بنفسه، وهداهم إلى الصراط المستقيم لهداية شعبه؟ وكيف لم يصدر أمرًا بمنع أو وقف أو تحريم تعدد الزوجات؛ لتتحقق أسمى علاقة بين الرجل والمرأة؟ أم لم يكن الرب يعلم ما علمه رجال المسيحية من أن التزوج بواحدة هى فطرة الأنثى وسمو الرجل، والحب الحقيقي، والعطاء المطلق للروح والجسد، والسعادة الحقيقية، والمتعة القصوى؟
            فماذا فعل الرب أو قال عن تعدد زوجات إبراهيم؟
            وها هو الرب يبارك إبراهيم فى كل شىء، ولم يغضب عليه بسبب تعدده للزوجات: (1وَشَاخَ إِبْرَاهِيمُ وَتَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَبَارَكَ الرَّبُّ إِبْرَاهِيمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ.) تكوين 24: 1
            ألم يبارك الرب إسماعيل بن إبراهيم من زواجه الثانى من هاجر؟ (20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً.) تكوين 17: 20
            ألم يُعدد يعقوب وعيسو الزوجات أسوة بأبيهم: (6ثُمَّ أَخَذَ عِيسُو نِسَاءَهُ وَبَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَجَمِيعَ نُفُوسِ بَيْتِهِ وَمَوَاشِيَهُ وَكُلَّ بَهَائِمِهِ وَكُلَّ مُقْتَنَاهُ الَّذِي اقْتَنَى فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَمَضَى إِلَى أَرْضٍ أُخْرَى مِنْ وَجْهِ يَعْقُوبَ أَخِيهِ) تكوين 6: 36
            وماذا قال الرب فى تزوج موسى بأكثر من امرأة؟ ألم يُدافع الرب عن زواج موسى الثانى من المرأة الكوشية، وأصاب اخته مريم بالبرص لاعتراضها على هذا الزواج، ومحاولتها منعه من التزوج بها؟ (1وَتَكَلمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلى مُوسَى بِسَبَبِ المَرْأَةِ الكُوشِيَّةِ التِي اتَّخَذَهَا (لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً) .... فَسَمِعَ الرَّبُّ. ..... .... 9فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَليْهِمَا وَمَضَى. 10فَلمَّا ارْتَفَعَتِ السَّحَابَةُ عَنِ الخَيْمَةِ إِذَا مَرْيَمُ بَرْصَاءُ كَالثَّلجِ. فَالتَفَتَ هَارُونُ إِلى مَرْيَمَ وَإِذَا هِيَ بَرْصَاءُ.) العدد 12: 1-10
            ومرة أخرى يضطهد الرب المرأة ويصيبها بالبرص، ويترك هارون دون عقوبة، على الرغم من أن الاعتراض والكلام كان بينهما هما الاثنين!!
            وها هو موسى  مات مَرْضيًا عنه من الله تعالى، بل لم يقم فى بنى إسرائيل نبى مثله، ولا حتى يسوع، الذى جاء متبعًا لشريعته: (10وَلمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيل مِثْلُ مُوسَى الذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهًا لِوَجْهٍ) تثنية 34: 10
            وها هو داود الذى يتهمه الكتاب بالزنى والقتل يُعدِّد الزوجات: (12وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَثْبَتَهُ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَأَنَّهُ قَدْ رَفَّعَ مُلْكَهُ مِنْ أَجْلِ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ. 13وَأَخَذَ دَاوُدُ أَيْضًا سَرَارِيَ وَنِسَاءً مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ حَبْرُونَ، فَوُلِدَ أَيْضًا لِدَاوُدَ بَنُونَ وَبَنَاتٌ.) صموئيل الثانى 5: 12-13
            بل يُكافأه الرب فيُثبِّت كرسيه للأبد، على الرغم من أنه كان لديه 100 زوجة: (9هُوَذَا يُولَدُ لَكَ ابْنٌ يَكُونُ صَاحِبَ رَاحَةٍ، وَأُرِيحُهُ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ حَوَالَيْهِ، لأَنَّ اسْمَهُ يَكُونُ سُلَيْمَانَ. فَأَجْعَلُ سَلاَمًا وَسَكِينَةً فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِهِ. 10هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لاِسْمِي، وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا، وَأَنَا لَهُ أَبًا وَأُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مُلْكِهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ.) أخبار الأيام الأول 22: 9-10
            بل أكثر من ذلك، فإن الرب نفسه يُعدد نعمه على عبده ونبيه داود بأنه زوجه بكل زوجات شاول: (7فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: «أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ! هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: أَنَا مَسَحْتُكَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَنْقَذْتُكَ مِنْ يَدِ شَاوُلَ 8وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ سَيِّدِكَ وَنِسَاءَ سَيِّدِكَ فِي حِضْنِكَ، وَأَعْطَيْتُكَ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا كُنْتُ أَزِيدُ لَكَ كَذَا وَكَذَا.) صموئيل الثانى 12: 7-8
            ولم يوجه الرب إليه توبيخًا أو لومًا إلا على زناه بامرأة أوريا الحثى، ولم يعتبر تزوجه بكل هذه النساء نقيصة أو عملا ظالمًا أو مشينًا: (5لأَنَّ دَاوُدَ عَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحِدْ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا أَوْصَاهُ بِهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، إِلاَّ فِي قَضِيَّةِ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ.) ملوك الأول 15: 5
            وها هو الرب يرضى عن يواش الذى عدَّد الزوجات، بل بعد أن أعلن رضاه عنه، ذكر أنه تزوج من امرأتين: (2وَعَمِلَ يَهُوآشُ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ. 3وَاتَّخَذَ يَهُويَادَاعُ لَهُ امْرَأَتَيْنِ فَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ.) أخبار الأيام الثاني 24: 2-3
            بل ورضى عن رئيس الكهنة يهوياداع الذى زوجه الزوجتين: (15وَشَاخَ يَهُويَادَاعُ وَشَبِعَ مِنَ الأَيَّامِ وَمَاتَ. كَانَ ابْنَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً عِنْدَ وَفَاتِهِ. 16فَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مَعَ الْمُلُوكِ لأَنَّهُ عَمِلَ خَيْرًا فِي إِسْرَائِيلَ وَمَعَ اللَّهِ وَبَيْتِهِ.) أخبار الأيام الثاني 24: 15-16
            وها هو الرب يأمر هوشع أن يتزوج من زانية: (2أَوَّّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: «اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلاَدَ زِنًى لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ!».) هوشع 1: 2
            ثم يأمره مرة أخرى أن يتزوج للمرة الثانية من امرأة محبوبة من صاحب: (1وَقَالَ الرَّبُّ لِي:«اذْهَبْ أَيْضًا أَحْبِبِ امْرَأَةً حَبِيبَةَ صَاحِبٍ وَزَانِيَةً كَمَحَبَّةِ الرَّبِّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُمْ مُلْتَفِتُونَ إِلَى آلِهَةٍ أُخْرَى وَمُحِبُّونَ لأَقْرَاصِ الزَّبِيبِ».) هوشع 3: 1
            وعن طريق ملاك الرب قال الرب لمريم أمه (؟)، التى قبلت أن تتزوج الرجل المتزوج يوسف: (28فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ».) لوقا 1: 28، فلا يوجد دليل أنه تزوجها بعد وفاة زوجته، ولكنها حكايات الكنيسة؛ لكى لا تُظهر حلة تعدد الزوجات لديهم.
            وقال الرب عن يوسف نفسه إنه كان بارًا صالحًا: (50وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُفُ وَكَانَ مُشِيرًا وَرَجُلًا صَالِحًا بَارًّا) لوقا 23: 50
            ألم يوافق الرب فى ناموسه على تعدد الزوجات، وأنزل تشريعًا ينظم ذلك، فمنع الجمع بين الأختين: (لاَ تَتَزَوَّجِ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا لِتَكُونَ ضَرَّةً مَعَهَا فِي أَثْنَاءِ حَيَاةِ زَوْجَتِكَ.) اللاويين 18: 18
            وحدد أن ابن الابن البكر هو أول مولود، حتى لو كان من الزوجة المكروهة الثانية أو الثالثة، ويجب أن يُعامل على أنه البكر، ويأخذ الضعف من الميراث؟: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْرًا عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْرًا لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) التثنية 21: 15-17
            ألم يأمر الناموس أن يتزوج الأخ أرملة أخيه، إذا مات دون أن ينجب أبناءً؟ أليس هذا أمر من الرب أن يُعدِّد المتزوج، ويتزوج أرملة أخيه؟ (5«إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعًا وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَليْسَ لهُ ابْنٌ فَلا تَصِرِ امْرَأَةُ المَيِّتِ إِلى خَارِجٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَليْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً وَيَقُومُ لهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ.) تثنية 25: 5
            ألم يأمر الرب بتزوج الرجل الذى يعتدى على فتاة؟ فماذا سيكون الحل لو كان هذا الرجل متزوجًا؟ ألن يُعدد الزوجات؟ (16«وَإِذَا رَاوَدَ رَجُلٌ عَذْرَاءَ لَمْ تُخْطَبْ فَاضْطَجَعَ مَعَهَا يَمْهُرُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً.) الخروج 22: 16
            وكرر الأمر مرة أخرى: (28«إِذَا وَجَدَ رَجُلٌ فَتَاةً عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ فَأَمْسَكَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا فَوُجِدَا. 29يُعْطِي الرَّجُلُ الذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا لأَبِي الفَتَاةِ خَمْسِينَ مِنَ الفِضَّةِ وَتَكُونُ هِيَ لهُ زَوْجَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ أَذَلهَا. لا يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُل أَيَّامِهِ.) تثنية 22: 28-29
            كيف ينتقد الكاتب تعدد الزوجات، والرب نفسه قد أعطى نبوءة تشير إلى بقاء تعدد الزوجات إلى نهاية الزمان؟ (1فَتُمْسِكُ سَبْعُ نِسَاءٍ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَائِلاَتٍ: «نَأْكُلُ خُبْزَنَا وَنَلْبِسُ ثِيَابَنَا. لِيُدْعَ فَقَطِ اسْمُكَ عَلَيْنَا. انْزِعْ عَارَنَا». 2فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ غُصْنُ الرَّبِّ بَهَاءً وَمَجْدًا وَثَمَرُ الأَرْضِ فَخْرًا وَزِينَةً لِلنَّاجِينَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. 3وَيَكُونُ أَنَّ الَّذِي يَبْقَى فِي صِهْيَوْنَ وَالَّذِي يُتْرَكُ فِي أُورُشَلِيمَ يُسَمَّى قُدُّوسًا. كُلُّ مَنْ كُتِبَ لِلْحَيَاةِ فِي أُورُشَلِيمَ.) إشعياء 4: 1-3
            إن الملكة هى زوجة الملك. فلو أن هناك خمس ملكات، لكن كلهن زوجات الملك. اقرأ نشيد الإنشاد 6: 1-10، وتعرف على الملك الذى لديه ستين ملكة وثمانية سرية، وعذارى بلا عدد: (1أَيْنَ ذَهَبَ حَبِيبُكِ أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ؟ أَيْنَ تَوَجَّهَ حَبِيبُكِ فَنَطْلُبَهُ مَعَكِ؟ 2حَبِيبِي نَزَلَ إِلَى جَنَّتِهِ إِلَى خَمَائِلِ الطِّيبِ لِيَرْعَى فِي الْجَنَّاتِ وَيَجْمَعَ السَّوْسَنَ. 3أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي. الرَّاعِي بَيْنَ السَّوْسَنِ. 4أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي كَتِرْصَةَ حَسَنَةٌ كَأُورُشَلِيمَ مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ. 5حَوِّلِي عَنِّي عَيْنَيْكِ فَإِنَّهُمَا قَدْ غَلَبَتَانِي. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ الْمَعْزِ الرَّابِضِ فِي جِلْعَادَ. 6أَسْنَانُكِ كَقَطِيعِ نِعَاجٍ صَادِرَةٍ مِنَ الْغَسْلِ اللَّوَاتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مُتْئِمٌ وَلَيْسَ فِيهَا عَقِيمٌ. 7كَفِلْقَةِ رُمَّانَةٍ خَدُّكِ تَحْتَ نَقَابِكِ. 8هُنَّ سِتُّونَ مَلِكَةً وَثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَعَذَارَى بِلاَ عَدَدٍ. 9وَاحِدَةٌ هِيَ حَمَامَتِي كَامِلَتِي. الْوَحِيدَةُ لِأُمِّهَا هِيَ. عَقِيلَةُ وَالِدَتِهَا هِيَ. رَأَتْهَا الْبَنَاتُ فَطَوَّبْنَهَا. الْمَلِكَاتُ وَالسَّرَارِيُّ فَمَدَحْنَهَا. 10مَنْ هِيَ الْمُشْرِفَةُ مِثْلَ الصَّبَاحِ جَمِيلَةٌ كَالْقَمَرِ طَاهِرَةٌ كَالشَّمْسِ مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ؟)
            فهل قام يسوع بإلغاء الناموس أو نقطة منه؟
            لقد صرح يسوع نفسه قائلا إنه لم يأت لينقض نقطة واحدة من الناموس: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
            وقال كاتب الرسالة إلى العبرانيين 10: 28 (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.)
            وقال الرب إن من لا يُطع الناموس فهو ملعون: (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.) إرمياء 11: 3-4
            بل إن مثل العذارى العشر الذى ضربه يسوع ليُفهم منه إباحة تعدد الزوجات، لا تحريمها: (1«حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. 2وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. 3أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا 4وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. 5وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. 6فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! 7فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولَئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. 8فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. 9فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. 10وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ وَأُغْلِقَ الْبَابُ. 11أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ يَا سَيِّدُ افْتَحْ لَنَا. 12فَأَجَابَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. 13فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ) متى 25: 1-13
            فمن المثل لقد استعدت عشر نساء للتزوج برجل واحد، وبسبب سوء تصرفهن، اكتفى بخمس منهن فقط، وأغلق بابه عليهن دون الأخريات.
            كذلك يُفهم من تحديد بولس زوجة واحدة للشمَّاس، أن التعدد هو الأصل، وأن الإستثناء للشمَّاس فقط، وإلا لما ذكرها، لو كانت الشريعة تقول بزوجة واحدة فقط! (12لِيَكُنِ الشَّمَامِسَةُ كُلٌّ بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، مُدَبِّرِينَ أَوْلاَدَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ حَسَنًا) تيموثاوس الأولى 3: 12
            وهو عين النص الذى علق عليه الأستاذ العقَّاد فيقول: "ففي إلزام الأسقف وحده بذلك دليل على جوازه لغيره. وقد ثبت تاريخيًا أن بين المسيحيين الأقدمين من كانوا يتزوجون أكثر من واحدة، وفي آباء الكنيسة الأقدمين من كان لهم كثير من الزوجات، وقد كان في أقدم عصور المسيحية من إباحة تعدد الزوجات في أحوال استثنائية وأمكنة مخصوصة. قال "وستر مارك (Wester Mark) العالم الثقة في تاريخ الزواج: إن تعدد الزوجات باعتراف الكنيسة بقي إلى القرن السابع عشر. وكان يتكرر كثيرًا في الحالات التي لا تحصيها الكنيسة والدولة.) حقائق الإسلام ص 177
            ويقول أيضًا في كتابه المذكور: إن "ديارماسدت" ملك إرلندة كان له زوجتان وسريتان. وتعددت زوجات الميروفنجيين غير مرة في القرون الوسطى. وكان لشارلمان زوجتان وكثير من السراري، كما يظهر من بعض قوانينه أن تعدد الزوجات لم يكن مجهولًا بين رجال الدين أنفسهم. وبعد ذلك بزمن كان فيليب اوفاهيس وفردريك وليام الثاني البروسي يبرمان عقد الزواج مع اثنتين بموافقة القساوسة اللوثرين. وأقر ماتر لوثر نفسه تصرف الأول منهما كما أقره ملانكنون. وكان لوثر يتكلم في شتى المناسبات عن تعدد الزوجات بغير اعتراض، فإنه لم يحرم بأمر من الله، ولم يكن ابراهيم – وهو مثل المسيحي الصادق – يحجم عنه إذ كان له زوجتان. نعم إن الله أذن بذلك لأناس من رجال العهد القديم في ظروف خاصة ولكن المسيحي الذي يريد أن يقتدي بهم، يحق له أن يفعل ذلك متى تيقن أن ظروفه تشبه تلك الظروف، فإن تعدد الزوجات على كل حال أفضل من الطلاق. وفي سنة 1650 ميلادية بعد صلح وستفاليا، وبعد أن تبين النقص في عدد السكان من جراء حروب الثلاثين. أصدر مجلس الفرنكيين بنورمبرج قرارًا يجيز للرجل أن يجمع بين زوجتين. بل ذهبت بعض الطوائف المسيحية إلى إيجاب تعدد الزوجات، ففي سنة 1531 نادى اللامعمدانيون في مونستر صراحة بأن المسيحي – حق المسيحي – ينبغي أن تكون له عدة زوجات، ويعتبر المورمون كما هو معلوم أن تعدد الزوجات نظام إلهي مقدس. وفى الحقيقة مازال أعضاء طائفة المارمون يمارسون تعدد الزوجات بدون حد أقصى، ويجمعون بين الأختين، فقد اقترنت الأختان التوأمتان فيكي وفاليري من جو (43 عامًا)، الذي تزوّج بقريبتهما قبل الاقتران بهما، تعيش هذه العائلة "دارجرز" التي تنتمي إلى الديانة المارمونية في منزل كبير جدًا في مدينة سولت ليك بولاية يوتاه الأمريكية ولديها 24 طفلا وطفلة. http://daloulat.blogspot.com/2012/07/blog-post_29.html
            وهناك طائفة أخرى تؤمن بتعدد الزوجات وتمارسه، وهى طائفة الأنابابتيست (Anabaptistes)، وقد تكون قد أقلعت عنه بضغط من الحكومات الأوروبية، كما حدث مع المارمون. ويؤخذ فى الاعتبار أن هناك دول عظمى لم تلغى قانون تعدد الزوجات إلا فى القرن العشرين. فقد كان معترفًا به فى الصين حتى عام 1949. فعند إنشاء الصين الحديثة فى عام 1949، حل الزواج الأحادي محل تعدد الزوجات كنظام قانوني وحيد في البلاد. وفي هونغ كونغ، أصبح تعدد الزوجات غير قانوني بعد عام 1971.
            وظهرت دعوات من مفكريهم وعلمائهم تدعو إلى إباحة تعدد الزوجات وبخاصة بعد أن عانت أوروبا من نقص شديد في عدد الرجال نتيجة للحربين العالميتين التي قتل فيهما أكثر من ثمانين مليون نسمة، كما أنه من حق الإنسان أن يتمتع بالحياة بما قسمه الله له. فكيف تتمتع المرأة التى مات عنها زوجها بالحياة الجنسية واللمسة الرقيقة والكلمة الحانية، إذا كان هناك نقص فى عدد الرجال، والقانون لا يبيح للرجل بتعدد الزوجات، بينما يبيح له تعدد الخليلات؟ وظهرت أيضًا الدعوات التى تنادى بوجوب فرض قانون لتعدد الزوجات فى أوروبا بسبب انتشار الفواحش والزنا وزيادة عدد اللقطاء ومن هؤلاء "بول بيرو" Boul Bureou و"فردينا ند دريفوس" Ferdinand Dryfus، و"بن لندسي"Ben Lindsey ، وغيرهم.
            لقد حرموا تعدد الزوجات، فهل أوجد مفكرو وعلماء أوروبا حلا لهذه المشكلة؟ وهل انتهت مشكلة العنوسة، وزوجات الموتى فى الحروب ومن جراء انتشار الأوبئة؟ لا. تركوهن للزنى وللشذوذ، مفضلين تدمير المجتمع والتضحية بشرف وعفة وكرامة هؤلاء النساء، على أن يختاروا الحل الإسلامى، واليهودى والمسيحى الأصلى. ومع ذلك بقى التعدد موجودًا، أقصد تعدد الخليلات، ولكنه تعدد إباحي فاسق فاجر، وإليك صورة موجزة عن أحوال المرأة في المجتمعات الغربية وغيرها من المجتمعات التي أخذت بقانون منع الزواج بأكثر من زوجة:
            لقد أورد الدكتور محمد علي البار، عمل المرأة في الميزان ص 131 إحصائية نشرت فى احدى الجرائد العربية (29/5/1980) التى تصدر فى لندن جاء فيها (بتصرف يسير): أن 75% من الأزواج يخونون زوجاتهم في أوروبا، وأن نسبة أقل من المتزوجات يفعلن الشئ ذاته. ومع ذلك تفضل الحكومات المسيحية الزنى والدعارة والتهتك والأولاد السفاح عن أن يتخذوا تعدد الزوجات قانونًا، لأنه قانون أصبح يُصبغ بالصبغة الإسلامية أكثر من اليهودية. كما أنهم لن يستطيعوا سحب انتقاداتهم للإسلام بسبب تعدد الزوجات، الذى طالما هاجموه. كما أن تراجعهم سوف يلفت نظر المسيحى الذكى إلى أن الحل الإسلامى كان الأفضل للحياة، وأن الإسلام صالح بالفعل لكل زمان ومكان. أى سيقومون بعمل دعاية للإسلام. وعلى ذلك تكون الدعارة والأبناء السفاح من وجهة نظرهم أفضل من إصلاح أخلاق المجتمع وسن قانون تعدد الزوجات.
            ناهيك عن أنه:
            يغتصب يوميًا في أمريكا (1900) فتاة ، 20% منهن يغتصبن من قبل آبائهن
            (1،553،000) حـالة إجهاض أجريت على النساء الأمـريكيات سنة 1980م (30%) منها لفتيات لم يتجاوزن العشرين من أعمارهن. بينما تقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك.
            82 ألف جريمة اغتصاب منها 80% وقعت في محيط الأسرة والأصدقاء
            يتم اغتصاب امرأة واحد كل (3 ) ثوان ٍ سنة 1997م، أى 20 امرأة فى الدقيقة، أى 1200 امرأة فى الساعة، 28800 امرأة فى اليوم، أى 10512000 (أكثر من عشرة ملايين ونصف) امرأة فى السنة البسيطة.
            عملت مليون امرأة تقريبًا في البغاء بأمريكا خلال الفتترة من (1980م إلى 1990م)
            تحمل في بريطانيا (170) شابة سفاحًا كل أسبوع
            أما عن نتائج هذه الإباحية ومنع التعدد فيقول: "إيتين دينيه" (إن نظرية التوحيد في الزوجة (التي) تأخذ بها المسيحية ظاهرًا تنطوي تحتها سيئات متعددة ظهرت على الأخص في ثلاث نتائج واقعية شديدة الخطر جسيمة البلاء، تلك هي الدعارة، والعوانس من النساء، والأبناء غير الشرعيين. إن هذه الأمراض الاجتماعية ذات السيئات الأخلاقية لم تكن تعرف في البلاد التي طبقت فيها الشريعة الإسلامية تمام التطبيق، وإنما دخلتها وانتشرت فيها بعد الاحتكاك بالمدنية الغربية).
            ويقول الأستاذ العقاد (عباس محمود العقاد) : ومن المعلوم أن اقتناء السراري كان مباحًا – أي في المسيحية – على اطلاقه كتعدد الزوجات، مع إباحة الرق جملة في البلاد الغربية، لا يحده إلا ما كان يحد تعدد الزوجات، من ظروف المعيشة البيتية، ومن سورية جلب الرقيقات المقبولات للتسري من بلاد أجنبية، وربما نصح بعض الأئمة – عند النصارى – بالتسري لاجتناب الطلاق في حالة عقم الزوجة الشرعية. ومن ذلك ما جاء في الفصل الخامس عشر من كتاب الزواج الأمثل للقديس أغسطين، فإنه يفضل إلتجاء الزوج إلى التسري بدلًا من تطليق زوجته العقيم.
            وكتب فى موضع آخر: "إن الواقع في عصرنا الحاضر، وتمشيًا مع التقاليد الرومانية، لم يعد يسمح بالاقتران بزوجه أخري." فهذا رأيه، الذى لم يستند فيه إلى نص مقدس، بل جاء رأيه مهادنًا للتقاليد الرومانية، وواقع العصر الذى يعيش فيه كما يراه هو.
            وتشير موسوعة العقليين إلى ذلك. ثم تعود إلى الكلام عن تعداد الزوجات فتقول: إن الفقيد الكبير جروتيوس دافع عن الآباء الأقدمين فيما أخذه بعض الناقدين المتأخرين عليهم من التزوج بأكثر من واحدة، لأنهم كانوا يتحرون الواجب ولا يطلبون المتعة من الجمع بين الزوجات.
            وقال جرجي زيدان: "فالنصرانية ليس فيها نص صريح يمنع أتباعها من التزوج بامرأتين فأكثر، ولو شاؤا لكان تعدد الزوجات جائزًا عندهم، ولكن رؤساؤها القدماء وجدوا الاكفتاء بزوجة واحدة أقرب لحفظ نظام العائلة واتحادها – وكان ذلك شائعًا في الدولة الرومانية – فلم يعجزه تأويل آيات الزواج حتى صار التزوج بغير امرأة حرامًا كما هو مشهور".
            بل وعد يسوع كل من يترك زوجة من أجله، يأخذ مئة زوجة، ويرث الحياة الأبدية: (29وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.) متى 19: 29
            أليس هذا موافقة على التعدد ومباركة له؟
            فهل علمتم ما لم يعلمه الرب فى أن التزوج من امرأة واحدة تتمحور فيه أسمى علاقة بين الرجل والمرأة؟ أم لم يعلم الرب أن التزوج بواحدة هى فطرة الأنثى وسمو الرجل، والحب الحقيقي، والعطاء المطلق للروح والجسد، والسعادة الحقيقية؟
            ونرى المسيحية المعاصرة تعترف بالتعدد في أفريقيا السوداء، فقد وجدت الإرسالية التبشيرية نفسها أمام واقع اجتماعي وهو تعدد الزوجات لدى الافريقيين الوثنيين، ورأوا أن الاصرار على منع التعدد يحول بينهم وبين الدخول في النصرانية، فنادوا بوجوب السماح للافريقيين المسيحيين بالتعدد إلى غير حد محدود، وقد ذكر السيد نورجيه مؤلف كتاب "الاسلام والنصرانية في أواسط افريقية" (ص 92-98) هذه الحقيقة ثم قال: "فقد كان هؤلاء المرسلون يقولون إنه ليس من السياسة أن نتدخل في شؤون الوثنيين الاجتماعية التي وجدناهم عليها، وليس من الكياسة أن نحرم عليهم التمتع بأزواجهم ماداموا نصارى يدينون بدين المسيح، بل لا ضرر من ذلك ما دامت التوراة وهي الكتاب الذي يجب على المسيحيين أن يجعلوه أساس دينهم تبيح هذا التعدد، فضلًا على أن المسيح قد أقر ذلك في قوله: "لا تظنوا أني جئت لأنقض بل لأكمِّل")
            وقد حدث أن مؤتمرًا للشباب العالمي عقد في "ميونيخ" بألمانيا عام 1948 واشترك فيه بعض الدارسين المسلمين من البلاد العربية: وكان من لجانه لجنة تبحث مشكلة زيادة عدد النساء في ألمانيا أضعافًا مضاعفة عن عدد الرجال بعد الحرب، وقد استعرضت مختلف الحلول لهذه المشكلة وتقدم الأعضاء المسلمون في هذه اللجنة باقتراح إباحة تعدد الزوجات. وقوبل هذا الرأي أولًا بشيء من الدهشة والاشمئزاز، ولكن أعضاء اللجنة اشتركوا جميعًا في مناقشته فتبين بعد البحث الطويل أنه لا حل غيره، وكانت النتيجة أن أقرت اللجنة توصية المؤتمر بالمطالبة بإباحة تعدد الزوجات لحل المشكلة. وفي عام 1949 تقدم أهالي "بون" عاصمة ألمانيا الاتحادية بطلب إلى السلطات المختصة يطلبون فيه أن ينص في الدستور الألماني على إباحة تعدد الزوجات (الدكتور محمد يوسف في أحكام الشخصية ص 121)
            ونشرت الصحف في العام الماضي (2008 تقريبًا) أن الحكومة الألمانية أرسلت الى مشيخة الأزهر تطلب منها نظام تعدد الزوجات في الاسلام لأنها تفكر في الاستفادة منه كحل لمشكلة زيادة النساء ثم أتبع ذلك وصول وفد من علماء الألمان اتصلوا بشيخ الأزهر لهذه الغاية، كما التحقت بعض الألمانيات المسلمات بالأزهر لتطلع بنفسها على أحكام الإسلام في موضوع المرأة عامة وتعدد الزوجات خاصة. وقد حدثت محاولة قبل هذه المحاولات في ألمانيا أيام الحكم النازي لتشريع تعدد الزوجات، فقد حدثنا زعيم عربي إسلامي كبير أن هتلر حدثه برغبته في وضع قانون يبيح تعدد الزوجات، وطلب إليه أن يضع له في ذلك نظامًا مستمدًا من الإسلام، ولكن قيام الحرب العالمية الثانية حالت بين هتلر وبين تنفيذ هذا الأمر.
            ومن العجيب أن تعدد الزوجات الذى كان منتشرًا فى كل العصور المسيحية، امتدادًا للعصور العهد القديم وأنبياء بنى إسرائيل، وعدم تحريم الرب لها فى كتبه أو على أنبيائه، وأن يسوع جاء موافقًا على هذا الناموس، متبعًا لسنة الأنبياء السابقين، إلا أنك ترى على الرغم من ذلك نصوص تشير إلى عدم الزواج من الأساس! فكيف سينمو المجتمع ويكثر تبعًا لأمر الرب بالتزاوج والتكاثر؟ فهل من كتب هذه النصوص أراد أن يقضى على أتباع يسوع النصارى الحقيقيين بالتدريج؟ وهى نفس اللعبة القذرة التى يلعبها الغرب وفى الداخل لتقليل عدد المسلمين فى العالم. فمرة بتحديد النسل، ومرة بإصابة الرجال والنساء بالعقم أو محاولة ذلك أو اقتراحه على الأقل، ومرة بمنع تعدد الزوجات فى حياة الرجل الواحد، أو مهاجمته وتنفير المسلمين والمسلمات من تقبله. ومرات بالإبادة الجماعية فى الحروب، العراق وإيران، العراق وأمريكا، البوسنة والهرسك، الشيشان، وغيرها. وذلك لأسباب عديدة أغلبها كرههم للإسلام، ومحاولة اقتلاعه من جذوره.

            تعليق

            • abubakr_3
              مشرف عام

              • 15 يون, 2006
              • 849
              • مسلم

              #51
              عزيزى الكاتب: إن التناسل لا يتم إلا بالزواج، وليس بالخصى واعتزال النساء كما صرَّحَ متى فى: (12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 12
              كذلك التكاثر لا يتم إلا بالحض على الزواج،وإباحة تعدد الزوجات، وليس بتجنب الزوجات والترغيب فى العزوبة، كما فعل بولس: (1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. 2وَلَكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا.) كورنثوس الأولى 7: 1-2
              فقد حبَّذ عدم الزواج: (38إِذًا مَنْ زَوَّجَ فَحَسَنًا يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيًّا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا عِنْدِي رُوحُ اللهِ). كورنثوس الأولى 7: 38-40
              (25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 25-28
              ولا بالحجر على النساء المطلقات ومنعهن من الزواج: (11فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي عَلَيْهَا. 12وَإِنْ طَلَّقَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ تَزْنِي».) مرقس 10: 11-12
              والتناسل والتكاثر كانا منذ البدء مشيئة الله وأمره للناس جميعًا: (27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. 28وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ».) تكوين 1: 27-28
              ويقول ديشنر صفحة 52-53: (لقد سمح الكتاب المقدس بتعدد الزوجات، والمعاشرة الجنسية للإماء [العبدات] وسبايا الحرب والعاهرات وغير المتزوجات اللاتى خرجن من كنف آبائهن، بل أكثر من ذلك، فقد كان يمكن للأب أن يعطى بناته عند وصول سن البلوغ إماء للزوم الفراش، وأى علاقة جنسية خارج هذا الإطار للسيدة المتزوجة كانت تُقابَل بعقوبة الموت).
              أين صرح الرب لبنى إسرائيل بتحريم تعدد الزوجات؟
              لماذا أباح يسوع/يهوه الطلاق فى العهد القديم، وقام بإلغائه كما تعتقدون، فى العهد الجديد؟
              هل نسى الرب كما نسى أن يذكر تحريم تعدد الزوجات؟
              هل ترك الأنبياء يُعددون الزوجات، دون أن يوبخهم، ويحرم علانية ما فعلوه؟
              ولماذا ترك شعبه المختار يقلِّد أنبياءه؟ وكيف سيحاسبهم فى الآخرة؟
              ولو كان تعدد الزوجات من أكثر الأشياء إساءة للمرأة والأسرة، فلماذا ترك الرب الأنبياء يسيؤون إليه وإلى شريعته؟ وكيف منعوا الرب من انتقادهم؟
              ألم يلعن الرب من يُعرض عن هذا الناموس وكلامه؟: (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
              ألم يلعن من لا يتمسك بكل تعاليم الناموس؟ (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
              أليس هذا هو الطريق الكامل للرب، الذى دافع عنه، وأصاب مريم بالبرص، جرَّاء اعتدائها على تزوج موسى بالزوجة الثانية؟ (30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا!) مزمور 18: 30-31
              أليس هذا الناموس وكتب الأنبياء التى قال الرب فيها إنها كاملة وعادلة وطاهرة؟
              فقال: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 7-10
              وقال سفر الأمثال: («لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا. 5اِقْتَنِ الْحِكْمَةَ. اقْتَنِ الْفَهْمَ. لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي.) أمثال 4: 4-5
              وقال: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيمًا صَالِحًا فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
              أليس هذا هو الناموس الذى كان بنو إسرائيل وأنبياؤهم يتبعونه؟
              ألم يلعن الرب من لا يتبع تعاليم هذا الناموس؟
              فلماذا تصرُّون أن تكونوا من الملعونين، المطرودين من رحمة الرب ورضاه؟
              ألم يأت يسوع صراحة ويتبع دين موسى وناموسه؟ أليست هذه موافقة ضمنية وعملية على كل ما جاء به موسى ونفذه الأنبياء من بعده؟
              (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
              وأيَّد يعقوب تعاليمه فقال: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضًا: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
              وأكَّد كاتب الرسالة إلى العبرانيين الناموس فقال: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
              وماذا فعل أو قال فى تعدد زوجات يعقوب؟ ولماذا كان اثنان من رؤساء أسباط بنى إسرائيل أولاد الزوجات الثالثة (بلهة) والرابعة (زلفة)؟ لقد رضى عنه!
              وماذا فعل الرب أو قال لداود الذى تزوج ب 99 امرأة، ولم تكفينه، بل زنى بالمرأة رقم 100 جارته، وقتل زوجها فيما بعد؟ لقد ثبَّت عرشه!
              وماذا فعل الرب لتزوج سليمان بألف امرأة 700 زوجة و300 أمة؟ جاء بيسوع من نسله!
              ولماذا أدان الكثير من القضايا، وأنكر الكثير من المحرمات، ولم ينتقد مرة واحدة تعدد الزوجات؟ إن موافقة الرب على تعدد الزوجات، وأن هذه شريعته الكاملة العادلة لتتضح فى عقوبته لمريم أخت موسى  على اعتراضها على شريعة الرب فى تعدد الزوجات، والذى أيَّدَ فيها عبده ونبيه موسى . وإلا لو كانت سُبَّة ومخالفة شرعية وعقلية واجتماعية كما يفهم المسيحيون اليوم، فلماذا دافع الرب عنها وأيدها؟ أم تريدون أن ترموا بالمخالفة موسى، الذى جاء الرب عندكم يؤيده هو الآخر (متى 5: 17)؟
              والنقطة الأخرى التى تؤكد صحة وجود تشريع تعدد الزوجات فى شريعة موسى والأنبياء من بعده وأيدها يسوع ولم ينتقدها، هى ممارسة اليهود تعدد الزوجات لليوم. فهل يفهم المسيحيون دين اليهود أكثر منهم؟
              يقول الأستاذ سامى العامرى فى كتابه (المرأة.. بين إشراقات الإسلام وافتراءات المنصرين)، بعد حذف شاهدى التعليق: "لقد أباح العهد القديم للرجل أن يتّخذ أكثر من زوجة، وسار الفقه الحاخامي الملتزم بالأسفار المقدّسة، على هذه الإباحة؛ فقد أباحت المشنا وكذلك التلمود زواج الملوك من 18 امرأة: (لا يزيد عدد نسائه على 18 امرأة) (לא ירבה לו נשים אלא שמנה עשרה) (Sanhedrin 21a) ... ويجوز لغيرهم من الرجال الزواج بأكثر من 4 (Kethuboth 10/5) أو 5 نساء (Kethuboth 3/7). وذهبت طائفة «القرّائين» إلى عدم شرعية تحديد عدد الزوجات لعدم وجود الدليل على قصر الزواج بأربع نساء فقط."
              وقال: (وقد قال المؤرّخ اليهودي «يوسيفوس» (37م-100م): «إنّه عُرْفُ آبائنا أن يتزوّج الرجل بأكثر من امرأة في نفس الوقت.» ؛ ممّا يعني رسوخ شريعة تعدّد الزوجات في البيئة اليهوديّة؛ حتّى صارت عرفًا مستقرًّا من جهة الممارسة.) راجع: Josephus, Ant. 17.14 (Quoted by, David Instone-Brewer, Divorce and Remarriage in the Bible , p.60)
              وقال والتر يعقوب: (ولقد مارس اليهود الغربيون تعدد الزوجات حتى القرن العاشر زمن صدور التحريم الذي أصدره الحبر «جرشوم بن يهوذا» [من كبار علماء اليهود (960م-1028م)]. ورغم هذا التحريم العام، فقد أبقى الأحبار اليهود له استثناءات يسمح فيها للرجل أن يعدّد الزوجات.) راجع Walter Jacob and Moshe Zemer, eds. Marriage and its Obstacles in Jewish Law, pp. 63-65
              وقالت ليزلى هازلتون Lesley Hazleton, Israeli Women The Reality Behind the Myths, p.45: (أما اليهود الشرقيون فقد استمرت ممارستهم لتعدد الزوجات، إلى أن دخلوا فلسطين المحتلة حيث حظره القانون المدني، ولكن بحسب القانون الديني [والذى هو أقوى من القانون المدنى، كما تقول ليزلى هازلتن] فإنّ التعدد مباح. [راجع Jean Holm and John Bowker, eds. Women in Religion, pp. 125-126] ولمّا سافر يهود اليمن إلى فلسطين عند احتلالها سنة 1948م، أقرّهم اليهود المحتلّون على تعدد زوجاتهم ولم يقصروهم على الإبقاء على واحدة فقط. [Jean Holm and John Bowker, eds. Women in Religion, pp. 45] بل ويزوّج الأحبار في أيامنا الرجل من ثانية ويجيز ذلك القانون المدني (الإسرائيلي) إذا كانت الزوجة ناشزًا، أو دخلت مستشفى الأمراض العقلية، أو كانت عاقرًا. [المصدر السابق ص45])
              وأضاف: (وقد جاء في قانون العقوبات 1977 المطبق في فلسطين المحتلّة، في المادة (176) أنّ المتزوج (رجلًا أو امرأة) إذا أضاف قرينًا آخر؛ فإنّه يعاقب بالسجن خمس سنوات.)
              ويقول المؤرّخ «وسترمارك»، عن إفراد الزوجة في العهد الجديد: (إنّ العهد الجديد اتخذَ هذا النظام كمثل أعلى للزواج، ولكن مع ذلك لم يحرّم تعدد الزوجات تحريمًا ظاهرًا إلا للشمَّاس أو القسِّيس، ويكفى أن نعلم أننا لم نجد مجلسًا كنسيًا واحدًا عارض تعدد الزوجات أو وضع عقبات فى سبيله عند الملوك أو الحكام الذين كانوا يمارسونه فى الدول الوثنية فى قرون المسيحية الأولى.) راجع Westermarck Edward , The History of Human Marriage, 3/50
              اعترف اللاهوتي الدكتور "ويليام إلّري شاننغ"، الذى يعارض شريعة التعدد، أنّ العهد القديم قد أباح تعدد الزوجات، ولم يحرمه العهد الجديد، كما لم يحرّمه تلاميذ المسيح؛ إذ لم يدينوه باعتباره جريمة، ولم يطلبوا ممن آمنوا بالمسيح أن يتخلّصوا من زوجاتهم ليحتفظوا بواحدة فقط! انظر: William Ellery Channing, The Complete Works of W.E. Channing, p.403
              ويواصل الأستاذ سامى العامرى فى سرد رجال الفكر والكنيسة الذين يقرون بوجود تعدد الزوجات فى المسيحية، وعدم تحريم يسوع أو التلاميذ له، فيقول:
              قرّر الأسقف "بورنت" (Burnet) في كتابه: (Is the Plurality of Wives in Any Case Lawful Under the Gospel) أنّ الإنجيل يحلّل التعدّد بلا ريب. انظر Matilda Joslyn Gage, Woman, Church and State, p. 176
              اعترف المنصّر البروتستانتي الدكتور (كولنصو) –وهو أسقف إنجليكاني - أنّ (تشريع تعدد الزوجات يوافق التعليم المسيحي السليم.) انظر La polygamie conforme au pur enseignement chrétien” Thomas William M. Marshall,Tr. Louis de Waziers, Missions Chretiennes, 1/ xii
              واستدلّ لمذهبه، بأنه لا توجد حجة للردّ على الأقوام الذين يدعوهم هو إلى النصرانية إذا ما سُئِل عن زواج الآباء (كإبراهيم) و(إسحاق) من أكثر من زوجة! انظر المصدر السابق 1: 560
              قالت (ماتيلدا جوزلين جاج)، فيما يتعلّق بناحية الممارسة الكنسية والسياسية: (من غير المختلف فيه تاريخيًا أنّ كلًا من الكنيسة المسيحية والدولة المسيحية في قرون مختلفة وتحت ظروف مختلفة قد أظهرتا تأثيرًا لصالح تعدد الزوجات.) انظر Matilda Joslyn Gage, Woman, Church and State, p. 176
              ويواصل الأستاذ سامى العامرى استشهاداته القيمة باعتراف رجال الكنيسة والفكر والإجتماع بعدم حرمانية تعدد الزوجات وضرورتها فى المجتمع، فيقول بتصرف منى:
              وقد دعا أعلام في الغرب في زمن ما يسمّى بالتنوير إلى التعدد كعالم الإجتماع الفرنسي (مونتسكيو) ((Montesquie) (1689م-1755م) في كتابه المعروف (روح الشرائع) (Esprit des Lois) (راجع: Carol Blum, Strengh in Numbers, p.90) و(فولتير) في كتابه: (في التاريخ العام) (Sur L'Histoire Generale)، وهو –(فولتير)- نفسه الذي نقل في موسوعته الفلسفية في مقال (المرأة) (Femme) تحت عنوان فرعي: (في إباحة تعدد الزوجات من طرف بعض البابوات وبعض المصلحين) (De la polygamie permise par quelques papes et par quelques réformateurs)) عن المؤرّخ الكنسي الفرنسي (كلود فلوري) (Claude Fleury) في موسوعته عن تاريخ الكنيسة (Histoire ecclésiastique)، أنّ أحد كبار رجال الدين النصارى واسمه (بونيفاس) (Boniface) قد أرسل رسالة إلى البابا (غريغوري الثاني) سنة 726م يسأله فيها إن كان جائزًا للرجل أن يتّخذ أكثر من زوجة؛ فكان ردّ البابا في 22 نوفمبر من نفس السنة، بالكلمات التالية: (إذا أصيبت امرأة بمرض يمنعها من تأدية الحقوق الزوجية على الوجه المرضي؛ فللزوج أن يتزوّج بأخرى، ولكن يجب عليه أن يقدّم للمرأة المريضة المساعدات اللازمة.) راجع Voltaire, Dictionnaire Philosophique, 4/358-359
              ويعتبر (مارتن لوثر) إمام المذهب البروتسانتي، أشهر من دافع عن التعدّد من أئمّة النصارى المتأخّرين؛ فهو القائل: (إن نبضة الجنس قوية لدرجة أنه لا يقدر على العفة إلا القليل ... من أجل ذلك، يعتبر الرجل المتزوج أكثر عفة من الراهب ... بل إن الزواج بامرأتين قد يسمح به أيضًا، كعلاج لاقتراف الإثم، كبديل عن الاتصال الجنسي غير المشروع.) (راجع ص78Roland Bainton, What Christianity Says About Sex, Love and Marriage, p.)
              وجاء في موسوعة "قصة الحضارة" تحت عنوان: "إعادة تنظيم ألمانيا (1648-1715)": "هبطت حرب الثلاثين بسكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر ونصف مليونا، وبعد عام أفاقت التربة التي روتها دماء البشر، ولكنها ظلت تنتظر مجيء الرجال. وكان هناك وفرة في النساء وندرة في الرجال. وعالج الأمراء الظافرون هذه الأزمة البيولوجية بالعودة إلى تعدد الزوجات كما ورد في العهد القديم. ففي مؤتمر فرنكونيا المنعقد في فبراير 1650 بمدينة نورنبيرغ اتخذوا القرار الآتي:- "لا يقبل في الأديار الرجال دون الستين... وعلى القساوسة ومساعديهم (إذا لم يكونوا قد رسموا)، وكهنة المؤسسات الدينية، أن يتزوجوا... ويسمح لكل ذكر بأن يتزوج زوجتين، ويذكر كل رجل تذكيرًا جديًا، وينبه مرارًا من منبر الكنيسة، إلى التصرف على هذا النحو في هذه المسألة".
              اندلعت حرب الثلاثين عامًا (1618-1648)، في البداية كصراع ديني بين الكاثوليك والبروتستانت وانتهت كصراع سياسي من أجل السيطرة على الدول الأخرى بين فرنسا والنمسا، ولم تضع الحرب أوزارها بعد ثلاثين عامًا، بل استمر الصراع فى أوروبا قربة 300 عامًا بعدها. ومن الجدير بالذكر أنه خلال هذه الحرب انخفض عدد سكان ألمانيا بمقدار 30٪ في المتوسط؛ وفي أراضي براندنبورغ بلغت الخسائر النصف، في حين أنه في بعض المناطق مات ما يقدر بثلثي السكان، وانخفض عدد سكان ألمانيا من الذكور بمقدار النصف تقريبا. كما أنخفض عدد سكان الأراضي التشيكية بمقدار الثلث.
              و قد دمَّر الجيش السويدي لوحده 2000 من القلاع و 18000 قرية و 1500 مدينة في ألمانيا، أي ثلث عدد جميع المدن الألمانية. وراح ضحية هذه الحرب من المحاربين والمدنيين ما يقرب من احد عشر مليون نسمة.
              وقد أسّس (لوثر) موقفه على أنّ العهد القديم نصّ في مواضع كثيرة على شرعيّة تعدد الزوجات كممارسة مشروعة، وعلى أنّ العهد الجديد لم يدنه صراحة. وقال صراحة: (من جهتي، ليس بإمكاني منع أيّ إنسان أن يتخذ عدّة زوجات؛ لأنّ فعله ذاك لا يخالف الأسفار المقدسة) (Ego sane fateor, me non posse prohibere, si quis plures velit uxores ducere, nec repugnat sacris literis). (راجع: Jean Marie Vincent Audin, History of the Life, Writings, and Doctrines of Luther, 2/184)
              ويقول نيوفيلد صاحب كتاب "قوانين الزواج عند العبرانيين الأقدمين": (إن التلمود والتوراة معًا قد أباحا تعدد الزوجات على إطلاقه، وإن كان بعض الربانيين ينصحون بالقصد فى عدد الزوجات. وأن قوانين البابليين وجيرانهم من الأمم التى اختلط بها بنو إسرائيل كانوا جميعًا على مثل هذه الشريعة فى اتخاذ الزوجات والإماء.) (فى محكمة التاريخ ص 98)
              ونصح مارتن لوثر لاندغرافي أن يبقي زواجه الثاني سرًا تجنبًا للفضيحة (دي ويت – سيديمان، المجلد 6، صفحات238-244. رقم الرساله بنظام الترقيم الروماني MMDVI - 2506. النص باللغة الالمانية)
              في 13 يناير 1524، كتب لوثر الى السياسي والمستشار الساكسوني، جريجور بروك وقال إنه لا يستطيع أن "يمنع الشخص من الزواج من عدة زوجات، لأنها لا تناقض الكتاب المقدس".. دي ويت، المجلد الثاني، صفحة 459 رقم الوثيقة بالروماني DLXXII - 572. النص اللاتيني).
              ومن أئمة البروتستانت الآخرين الذين نافحوا عن التعدد: (مارتن بوسر) (Bucer) (1491م-1551م) واللاهوتى الألمانى (فيليب ملانكثون) (1497م-1560م) (Melancthon)، وقد شاركا في مجمع ديني ضمّ ستّة من أئمة (الإصلاح البروتستانتي) قرّر صراحة أنّ: (الكتاب المقدس لم يدن في أيّ موضع منه تعدد الزوجات، وقد مُورس بصورة مستقرة من طرف أعلى الشخصيات المعتبرة في الكنيسة.) (راجعMatilda Joslyn Gage, Woman, Church and State, p. 175)
              ومن المعلوم دفاع طائفة النصارى (المورمون) عن التعدّد، حتى إنهم لم يتوقفوا عن ممارسته علنًا إلاّ بعد التضييق القانوني عليهم .. كما نادت فرقة (الأناببتيست) في ألمانيا في أواسط القرن السادس عشر بالتعدد. (راجع John Cairncross, After Polygamy Was Made A Sin, p.215). بل إنه كان الرجل منهم يجمع بين عشر زوجات.
              وقد سبق أن حاول "أدوارد السابع" إقرار مبدأ تعدد الزوجات، فأعد مرسومًا يبيح فيه التعدد ولكن مقاومة رجال الدين قضت عليه (الغلاييني: الإسلام روح المدنية ص228)
              ولم تحرم المسيحية التعدد مطلقًا، وقد كان شارلمان الإمبراطور الرومانى المسيحى متزوجًا بأكثر من زوجة. ومن زوجاته (وسورات) و(هولجارو) إلى جانب عدد كبير من المحظيات.
              وكان للإمبراطور (ليو السادس) فى القرن العاشر الميلادى ثلاث زوجات وتسرَّى برابعة. وهى التى ولدت له ابنه الإمبراطور (قسطنطين)، الذى حكم الإمبراطورية الرومانية الشرقية.
              وكان لملك إنجلترا (هنرى الثامن) ثلاث زوجات ، فقد تزوج (كاترين) و (آن بولين) و(حنا سيمور).
              وقد قرر الإمبراطور فالنتيان الثانى، الذى ولى الحكم عام 375 م أى فى القرن الرابع الميلادى، أن الاقتصار على زوجة واحدة إنما هو من آثار الوثنية الرومانية، ولذلك أصدر أمرًا بجواز الجمع بين أكثر من زوجة قائلًا إن المسيحية لم تمنع ذلك. وهذا الاتجاه فى التعدد يتلاءم مع ما رآه مارتن لوثر زعيم طائفة البروتستانت، الذى قرر أن التعدد أمر لم يحرمه الرب، وضرب مثلًا بإبراهيم الذى كان له ثلاثة (أو أربعة زوجات).
              لذلك سمح لوثر لأمير هيس الأمير فيليب أن يجمع بين زوجتين، وقال إذا نظر الرجل إلى امرأة وحسنت فى عينيه وأحبها وهو متزوج فخير له أن يتخذها زوجته من أن يتخذها خليلته. الأمر الذى جعل طائفة (برسير) فى إنجلترا أن تقرر أن من حق المسيحى أن يجمع بين عدة زوجات.
              ومن علماء المسيحية أنفسهم من يقرر أن نظام الزوجة الواحدة نظام مصطنع ولا يتصل مطلقًا بالديانة المسيحية فى نشأتها الأولى، وإنما هو نظام وضعته الكنيسة (كما قرر وول ديورانت ج (1) ص (73)).
              قال أرثر فيليبس فى كتابه (دراسة الزواج والأسرة فى أفريقيا): (كما أن بعضهم يرى أن منع التعدد إنما فرضه المسيحيون الأوربيون على أنفسهم لينفذوه فى البلاد التى استعمروها ليبقى لهم فائض خيرات هذه المستعمرات. والمنع لم يكن لسبب دينى وإنما كان لسبب استعمارى) (نقلا عن حقوق المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى ص 155)
              وبقى تعدد الزوجات مُباحًا فى العالم المسيحى إلى القرن الثامن عشر ، وبالتحديد إلى عام 1750 م. أما قبل هذا التاريخ فلم يكن التعدد ممنوعًا ، وإنما كان مُباحًا تقره الكنائس المسيحية وتباركه.
              (ثم قال: إن "ديارمنت" ملك إيرلندا كان له زوجتان وسريتان، وتعدد زوجات الملوك الميروفنجيين غير مرة فى القرون الوسطى، وكان لشارلمان زوجتان وكثير من السرارى، كما يظهر فى بعض قوانينه أن تعدد الزوجات لم يكن مجهولًا بين رجال الدين أنفسهم، وبعد ذلك بزمن كان فيليب أوف هيس، وفريدريك وليام الثانى البروسى يبرمان عقد الزواج مع اثنتين بموافقة القساوسة اللوثريين).
              (وأقر مارتن لوثر نفسه تصرف الأول منهما، كما أقره "ملانكتون". وكان لوثر يتكلم فى شتَّى المناسبات عن تعدد الزوجات بغير اعتراض، فإنه لم يُحرَّم بأمر من الله، ولم يكن إبراهيم يحجم عنه إذ كان له زوجتان [وهو هنا قد نسى أن إبراهيم قد تزوج بقطورة]. نعم إن الله أذن بذلك لأناس من رجال العهد القديم فى ظروف خاصة ولكن المسيحى الذى يريد أن يقتدى بهم، يحق له أن يفعب ذلك متى تيقن أن ظروفه تشبه تلك الظروف. فإن تعدد الزوجات على كل حال أفضل من الطلاق).
              (وعقب الحرب العالمية الأولى قام (جورج انكيتى) بالمطالبة بإلغاء النص فى القانون الذى يعاقب على الجمع بين زوجتين بالأشغال الشاقة المؤقتة، ويُطالِب بإتاحة تعدد الزوجات للقضاء على شيوع الفجور، الذى كان نتيجة لوجود عدد كبير من النساء بدون رجال، وحتى يكون لكل امرأة حقها الطبيعى فى تحقيق نزعة الأمومة المشروعة.) (نقلا عن حقوق المرأة ص156-157)
              و(فى سنة 1531 نادى اللامعمدانيون فى مونستر صراحة بأن المسيحى ـ حق المسيحى ـ ينبغى أن يكون له عدة زوجات. ويعتبر المورمون كما هو معلوم أن تعدد الزوجات نظام إلهى مقدس ..) (فى محكمة التاريخ ص 100)
              (وفى سنة 1650 ميلادية ـ بعد صلح وستِفاليا ، وبعد أن تبين النقص فى عدد السكان من جراء حروب الثلاثين ـ أصدر مجلس الفرنكيين بنورمبرج قرارًا يجيز للرجل أن يجمع بين زوجتين. بل ذهبت بعض الطوائف المسيحية إلى إيجاب تعدد الزوجات).
              (وفى سنة 1830 قامت فرقة تسمى فرقة المورنتر التى أسسها جوزيف سمث تبيح التعدد وتقول: إن إفرادية الزوجة أمر غير طبيعى).
              ويقول (هنرى هلام Henri Hallam): إن المصلحين الألمان من علماء الدين المسيحى قد أقروا التزوج بزوجة ثانية، وزوجة ثالثة مع الزوجة الأولى، واستمر العمل بذلك حتى القرن السادس الميلادى.
              وكذلك قال الألمانى (إدوارد فون هارتمان) آراءً تشبه هذه الآراء ، فهو يرى أن الغريزة الطبيعية للرجل تميل إلى تعدد الزوجات.
              وقد أثنى المفكرون الغربيون الأحرار على تعدد الزوجات، وبخاصة عند المسلمين. فقد عرض "جروتيوس" Grotius العالم القانوني المشهور لموضوع تعدد الزوجات فاستصوب شريعة الآباء العبرانيين والأنبياء في العهد القديم (العقاد: حقائق الإسلام وأباطيل خصومه ص 177)
              وقال الفيلسوف الألماني الشهير "شوبنهور": في رسالته "كلمة عن النساء". "إن قوانين الزواج في أوروبا فاسدة المبنى بمساواتها المرأة بالرجل، فقد جعلتنا نقتصر على زوجة واحدة فأفقدتنا نصف حقوقنا، وضاعفت علينا واجباتنا، على أنها ما دامت أباحت للمرأة حقوقًا مثل الرجل كان من اللازم أن تمنحها أيضًا عقلًا مثل عقله!...". إلى أن يقول... "ولا تعدم امرأة من الأمم التي تجيز تعدد الزوجات زوجًا يتكفل بشؤنها، والمتزوجات عندنا نفر قليل، وغيرهن لا يُحصَين عددًا، تراهن بغير كفيل: بين بكر من الطبقات العليا قد شاخت وهي هائمة متحسرة، ومخلوقات ضعيفة من الطبقات السلفى، يتجشمن الصعاب ويتحملن شاق الأعمال، وربما ابتذلن فيعشن تعيسات متلبسات بالخزي والعار، ففي مدينة (لندن) وحدها ثمانون ألف بنت عمومية (هذا على عهد شوبنهور!..) سفك دم شرفهن على مذبحة الزواج ضحية الاقتصار على زوجة واحدة، ونتيجة تعنت السيدة الأوروبية وما تدعيه لنفسها من الأباطيل".
              وهذا إمام التنصير في القرن العشرين، الداعية الأمريكي (بيلي جراهام)، يقول: (لا تستطيع المسيحية التوافق مع إشكال تعدد الزوجات. وإذا كانت مسيحية اليوم عاجزة عن ذلك، فإنّ ذلك يضرّ بها. لقد أباح الإسلام تعدد الزوجات كعلاج لأمراض اجتماعيّة، وسمح بقدر من الحريّة في الطبيعة البشريّة ولكن ضمن إطار تشريعي صارم. تتبجّح البلاد المسيحيّة اليوم بنظام الزوجة الواحدة، لكنّها واقعيّا تمارس التعدّد. لا أحد يجهل دور العشيقات في المجتمع الغربي. وفي هذه الناحية، الإسلام دين صادق جدًا، فهو يسمح للمسلم أن يتزوج بثانية إن اضطر، ولكنّه يحظر بشدّة جميع العلاقات الغراميّة السريّة لحماية النزاهة الأخلاقيّة للمجتمع.) (راجع Abdul Rahman Doi, Woman in Shari'ah, p. 76 (Quoted by, Sherif Abdel Azeem, Women in Islam Versus Women in the Judeo-Christian Tradition: The Myth and the Reality , p.64)
              وهو عين ما قاله جوستاف لوبون: (إن تعدد الزوجات عند الشرقيين –يعني المسلمين- خير من تعدد الزوجات الخبيث المؤدي إلى زيادة اللقطاء في أوربا.)
              وقال أيضًا في "حضارة العرب" عن تعدد الزوجات عند المسلمين وهو الذي عاش بنفسه سنوات طويلة في بلاد الشرق والإسلام: "لا نذكر نظامًا اجتماعيًا أنحى الأوروبيون عليه باللائمة كمبدأ تعدد الزوجات، كما أننا لا نذكر نظامًا أخطأ الأوروبيون في إدراكه كذلك المبدأ. فيرى أكثر مؤرخي أوروبة إتزانًا أن مبدأ تعدد الزوجات حجر الزاوية في الاسلام، وأنه سبب انتشار القرآن، وأنه علة انحطاط الشرقيين ونشأ عن هذه المزاعم الغربية على العموم أصوات سخطٍ رحمة بأولئك البائسات المكدّسات في دوائر الحريم فيراقبهن خصيان غلاظ، ويُقتلن حينما يكرههن سادتهن!... ذلك الوصف مخالف للحق، وأرجو أن يثبت عند القارئ الذي يقرأ هذا الفصل بعد أن يطرح عنه أوهامه الأوروبية جانبًا، أن مبدأ تعدد الزوجات الشرقي نظام طيب يرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تقول به، ويزيد الأسرة ارتباطًا، ويمنح المرأة احترامًا وسعادة لا تراهما في أوروبة. وأقول قبل إثبات ذلك: إن مبدأ تعدد الزوجات ليس خاصًا بالاسلام، فقد عرفه اليهود والفرس والعرب وغيرهم من أمم الشرق قبل ظهور محمد  ولم تر الأمم التي دخلت الاسلام فيه غنمًا جديدًا إذن، ولا نعتقد مع ذلك وجود ديانة قوية تستطيع أن تحول الطبائع فتبتدع أو تمنع مثل ذلك المبدأ الذي هو وليد جو الشرقيين وعروقهم وطرق حياتهم. تأثير الجو والعرق من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى إيضاح كبير، فبما أن تركيب المرأة الجثماني وأمومتها وأمراضها الخ... مما يكرهها على الابتعاد عن زوجها في الغالب. وبما أن التأيم المؤقت مما يتعذر في جو الشرق، ولا يلائم مزاج الشرقيين، كان مبدأ تعدد الزوجات ضربة لازب. وفي الغرب، حيث الجو والمزاج أقل هيمنة، لم يكن مبدأ الاقتصار على زوجة واحدة في غير القوانين، لا في الطبائع حيث يندُر!. ولا أرى سببًا لجعل مبدأ تعدد الزوجات الشرعي عند الشرقيين أدنى مرتبة من مبدأ تعدد الزوجات السّري عند الغربيين! مع أنني أبصر بالعكس ما يجعله أسنى منه، وبهذا ندرك مغزى تعجب الشرقيين الذين يزورون مدننا الكبيرة من احتجاجنا عليهم، ونظرهم إلى هذا الاحتجاج شزرًا. (حضارة العرب 482-486).
              وتقول (أني بيزانت) زعيمة التيوصوفية العالمية، في كتابها: الأديان المنتشرة في الهند «كيف يجوز أن يجرؤ الغربيون على الثورة ضد تعدد الزوجات المحدود عند الشرقيين ما دام البغاء شائعًا في بلادهم؟ … فلا يَصحّ أن يُقال عن بيئة: أن أهلها (موحِّدون للزوجة) ما دام فيها إلى جانب الزوجة الشرعية خدينات من وراء ستار! ومتى وَزَنَّا الأمور بقسطاس مستقيم ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامي الذي يَحفظ ويَحمي ويُغذي ويَكسو النساء أرجح وَزْنًا من البغاء الغربي الذي يسمح بأن يَتّخِذ الرجل امرأة لمحض إشباع شهواته، ثم يقذف بها إلى الشارع متى قضى منها أوطاره.»
              كما تبين للقسيس (دافيد جيتاري)، من الكنيسة الإنجيلية، أنّ تعدد الزوجات شيء طبيعي ومثالي، وأنه دليل على النصراني الصالح أكثر من الطلاق، خاصة في حال وجود أطفال وزوجات. (راجع Philip L. Kilbride, Plural Marriage For Our Times, p. 126 (Quoted by, Sherif Abdel Azeem, Women in Islam Versus Women in the Judeo-Christian Tradition: The Myth and the Reality, p. 60) )
              ولولا تجريم القوانين الغربية للتعدد لرأينا شهادات أخرى كثيرة في هذا الشأن، ولعلّ واقع العالم من حروب، وتفاقم الأوبئة الاجتماعية يؤديّان إلى ظهور تيّار منظّم في الغرب النصراني، يدعو إلى التعدّد.
              قال (اليوتنان كولونيل كادي): إن تعدد الزوجات تُجيزه الشريعة الإسلامية بشروط محدودة، وبالفعل نرى العالم كله يستعمله. ..... من الواضح أن الفرنسي الثري الذي يُمكنه أن يتزوّج باثنتين فأكثر، هو أقل حالًا من المسلم الذي لا يحتاج إلى الاختفاء إذا أراد أن يعيش مع اثنتين فأكثر وينتج عن ذلك هذا الفرق: أن أولاد المسلم الذي تعدّدت زوجاته متساوون ومُعْتَرَف بهم، ويعيشون مع آبائهم جهرة بخلاف أولاد الفرنسي الذين يُولدون في فراشٍ مُخْتَفٍ فهم خارجون عن القانون.
              وهذا ما دعا (الصِّين) أن تعتزم إدخال تعديلات على قوانين الزواج الحالية في محاولة للحدّ من ظاهرتي: (تنامي العلاقات غير الشرعية، والعنف بين المتزوّجين). ولذا يقول المسؤول البرلماني الصيني (هو كانج شينج): إن التشريع الحالي بحاجة إلى تحديث … وأن هناك حاجة إلى إجراء تغييرات لتسهيل إيجاد علاقة زواج ونظام أسري أكثر تحضّرًا في الأمة.
              ويُفيد الدّارِسُون لوضع المجتمع الصيني أن نسبة الطلاق المرتفعة في الصين قد حَفَّزَتْ السلطات على اقتراح [تجريم!] إقامة أي علاقة خارج الزواج، وإرغام مرتكبي الزنا على دفع تعويضات لشركائهم في الزواج، وإلزامهم بقضاء ثلاث سنوات منفصلين قبل إيقاع الطلاق.
              نشرت صحيفة الحياة في العدد (13099) أن أستاذة لاهوت في جنوب أفريقيا دَعَتْ إلى السماح للبيض بتعدد الزوجات، لمواجهة ارتفاع معدل الطلاق في البلاد، وهو من أعلى المعدلات في العالم.
              وتقول الأستاذة "لاندمان" بعد فناء العديد من الرجال فى الحرب: ليس هناك سوى عدد محدود للغاية من الرجال في العالم، فقد قُتِل بعضهم في الحروب، والآن حان الوقت كي تختار المرأة زوجًا من بين الرجال المتزوجين، وأن تتفاوض مع زوجته على أن تُصبح فردًا من أفراد أسرته ... (بتصرّف عن الصحيفة).
              ويقول الفيلسوف الإنجليزى وعالم الإجتماع ذو النظرة الثاقبة "سبنسر" فى كتابه "أصول الاجتماع": (إذا طرأت على الأمة حال اجتاحت رجالها بالحروب، ولم يكن لكل رجل في الباقين إلا زوجة واحدة، وبَقيَتْ نساء عديدات بلا أزواج، ينتج عن ذلك نقص في عدد المواليد لا محالة، ولا يكون عددهم مساويًا لعدد الوفيات … وتكون النتيجة أن الأُمة "الموحِّدة للزوجات" تفنى أمام الأمة المعددة للزوجات).
              وتقول الكاتبة الإيطالية لورافيشيا فاجليرى: (إنه لم يَقُم الدليل حتى الآن بأي طريقة مُطْلَقَة على أن تعدد الزوجات هو بالضرورة شرّ اجتماعي وعقبة في طريق التّقدّم … وفي استطاعتنا أيضا أن نُصرّ على أنه في بعض مراحل التّطور الاجتماعي عندما تنشأ أحوال خاصة بعينها – كأن يُقتل عدد من الذكور ضخم إلى حدّ استثنائي في الحرب مثلًا – يُصبح تعدد الزوجات ضرورة اجتماعية، وعلى أيّة حال فليس ينبغي أن نَحْكم على هذه الظاهرة بمفاهيم العصور القديمة المتأخرة، لأنها كانت في أيام محمد  مقبولة قبولًا كاملًا، وكانت مُعتَرفًا بها من وجهة النظر الشرعية، لا بَيْنَ العرب فحسب، بل بين كثير من شعوب المنطقة أيضًا).
              ونشرت جريدة (لاجوص ويكلي ركورد) في عددها الصادر بتاريخ 20 نيسان 1901 نقلًا عن جريدة (لندن تروث) بقلم احدى السيدات الإنجليزيات ما يلي: "لقد كثرت الشاردات من بناتنا، وعم البلاء، .... وإذ كنت امرأة تراني أنظر إلى هاتيك البنات وقلبي يتقطع شفقة عليهن وحزنا، وماذا عسى يفيدهن بثي وحزني وإن شاركني فيه الناس جميعًا!! لا فائدة إلا في العمل بما يمنع هذه الحالة الرجسة، ولله در العالم الفاضل (تومس) فإنه رأى الداء ووصف له الدواء الكامل الشفاء وهو "الاباحة للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة" وبهذه الواسطة يزول البلاء لا محال وتصبح بناتنا ربات بيوت، فالبلاء كل البلاء في إجبار الرجل الأوروبي على الاكتفاء بامرأة واحدة". "إن هذا التحديد بواحدة هو الذي جعل بناتنا شوارد، وقذف بهن الى التماس أعمال الرجال، ولا بد من تفاقم الشر إذا لم يبح للرجل التزوج بأكثر من واحدة". "أي ظن وخرص يحيط بعدد الرجال المتزوجين الذين لهم أولاد غير شرعيين أصبحوا كلًا وعارًا وعالة على المجتمع، فلو كان تعدد الزوجات مباحًا لما حاق بأولئك الأولاد وأمهاتهم ما هم فيه من العذاب الهُون، ولسلم عرضهن وعرض أولادهن.. إن إباحة تعدد الزوجات تجعل كل امرأة ربة بيت وأم أولاد شرعيين" (مجلة المنار لرشيد رضا (4/485-486)).
              ويقول المستشرق "سمث": "استطاع الإسلام أن يصون المرأة ويحفظها من الوقوع في الزنى، وذلك من خلال النظام الأخلاقي الذي شرّعه لعلاقة الرجل بالمرأة، بينما نجد العكس في الدول الأخرى غير الإسلامية حيث تعتبر النساء الزانيات طبقة معترف بها من طبقات المجتمع لها حقوقها واحترامها."
              وتقول "آنّي بزانت" في دفاعها عن نظام تعدد الزوجات: شرّع الإسلام نظام تعدد الزوجات لحل المشكلات الاجتماعية والقضاء على الأمراض المترتبة على الزنى، ودعوة الإنسان لإشباع رغباته الجنسية بشكل يتناسب مع المكانة السامية التي أرادها الله له، والدول التي تحارب التعدد تطبق نظام التعدد في الواقع العملي، وبشكل خَفِي عن طريق العلاقات غير المشروعة بينما يعتبر الإسلام مثل هذه العلاقات محرّمة وغير قانونية.
              * * * * *
              تعدد زوجات النبى :
              ثم نأتى للنقطة الثانية من الرد على ما يقوله كاتب (الإسلام بدون غطاء) وهى تعدد زوجات النبى ، والحكمة منه، ثم لماذا جمع محمد  بين تسع زوجات فى وقت واحد، على الرغم من أن القرآن حدد أن أقصى عدد لزوجات الرجل الواحد هو أربع زوجات.
              حكمة تعدد الزوجات لرسول الله 
              نبتدأ بكلمة رسول الله لنتعرف على ما هى وظيفة أى رسول لله:
              من المسلم به فى الإسلام والمسيحية أن وظيفة رسول الله هى طاعة الله سبحانه وتعالى فى تنفيذ كل أوامره، والانتهاء عمَّا حرمه، إظهار مجد الله تعالى وصفاته وأسمائه الحقيقية، أن يبلغ الناس بكل تعاليم الله ويكون هو نفسه قدوة فى تطبيقها على نفسه وعلى أهل بيته:
              (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) الأحزاب 45
              (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ) البقرة 119
              (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة 67
              وهذا عين ما قاله يسوع:
              يوحنا 17: 5-8 (6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي وَقَدْ حَفِظُوا كلاَمَكَ. 7وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ 8لأَنَّ الْكلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِيناً أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.)
              يوحنا 5: 30 (... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
              يوحنا 8: 29 (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
              يوحنا 5: 36 (....... لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
              يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
              يوحنا 17: 4 (... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
              وبما أننا ذكرنا أن طاعة الله تعالى واجبة على الرسول، وجب علينا أن نعرف أن الرسول  لم يتزوج امرأة قط بمحض إرادته إلا أمنا خديجة رضى الله عنها، وإنما زوجه الله بكل هذه النساء، ويتضح هذا فى عتاب الله تعالى له على أمره بالزواج من ابنة عمه زينب، والتى طلقها زيد خادم رسول الله ، وكان ابنه بالتبنى. وقد خشى النبى  أن يتقوَّل الناس: إنه تزوج زوجة ابنه زيد بالتبنى، على الرغم من أنه ليس ابنه، وقد نزلت الآيات تحرم التبنى، فعاتبه الله تعالى من فوق سبع سموات قائلا: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَااللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا) الأحزاب 37
              فحياة الرسول لا تسير وفق هواه، كسائر البشر، بل وفق مراد الله تعالى الذى أرسله، لأن الأمر يتعلق بدين الله، ورسالته للبشر.
              بل وعندما اعترضت زوجاته عليه، أمره الله تعالى أن يخيرهن بين الطلاق وبين الرضى بهذه العيشة الزاهدة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا) الأحزاب 28
              ثم قال له فى وقت ما: (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا) الأحزاب 52، بل لما طلق حفصة ؤصى الله عنها،أرجعها بأمر من الله تعالى نزل به جبريل.
              ويروى عنه أنه قال: ما زوجت شيئًا من بناتى إلا بوحى جاءنى به جبريل عن ربى عز وجل، فحياة النبى  كما أوضحت كان يحكمها منهج قرآنى، فلكل فرد داخل بيت النبى حقوق وواجبات وسلوك يجب أن يتبعنه، ولهن الثواب، وإن خالفنه فعليهن العقاب، كما قال الحق تبارك وتعالى: (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) الأحزاب 32
              لقد كان رسول الله  سيد الإنسانية، سيد الرحماء، حياته جهاد في إنقاذ إخوته في الإنسانية، مقصده الآخرة، فهو الكريم الذي ما تلوثت نفسه من الدنيا أبدًا ذراتها كالماء العذب الطاهر النقي، فما تزوَّج  زوجةً إلا بأمر من الله، ولهذا الزواج مصلحة راجحة من مصالح الدعوة للإسلام بجلب المنفعة الإنسانية ودرء الأخطار الاجتماعية وحقن الدماء الكثيرة، فلقد كان للأرحام والمصاهرة تأثير كبير في حياة البشر القبلية والاجتماعية، وهكذا زواج الملوك بالعالم كله، فكان لهذه المصاهرة أثرها البعيد في تاريخ الدعوة الإسلامية وإنقاذها من الهلاك كما هبَّ أهل مصر وأوقفوا الزحف المغولي الذي لم يستطع العالم كله مواجهته بحماسهم للدفاع عن دعوة صهرهم محمد  زوج أمِّنا مارية القبطية.
              لذلك عندما يتكلم داود عن النبى الخاتم، المسِّيِّا، ويقول عنه إنه ملك، وستخضع له الأمم، فهو كان يتكلم عن محمد :
              (1فَاضَ قَلْبِي بِكَلاَمٍ صَالِحٍ. مُتَكَلِّمٌ أَنَا بِإِنْشَائِي لِلْمَلِكِ. لِسَانِي قَلَمُ كَاتِبٍ مَاهِرٍ. 2أَنْتَ أَبْرَعُ مِنْ بَنِي الْبَشَرِ. انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ لِذَلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ. 3تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَيُّهَا الْجَبَّارُ جَلاَلَكَ وَبَهَاءَكَ. 4وَبِجَلاَلِكَ اقْتَحِمِ. ارْكَبْ. مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ وَالدَّعَةِ وَالْبِرِّ فَتُرِيَكَ يَمِينُكَ مَخَاوِفَ. 5نَبْلُكَ الْمَسْنُونَةُ فِي قَلْبِ أَعْدَاءِ الْمَلِكِ. شُعُوبٌ تَحْتَكَ يَسْقُطُونَ. 6كُرْسِيُّكَ يَا اللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ. 7أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلَهُكَ بِدُهْنِ الاِبْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ رُفَقَائِكَ. 8كُلُّ ثِيَابِكَ مُرٌّ وَعُودٌ وَسَلِيخَةٌ. مِنْ قُصُورِ الْعَاجِ سَرَّتْكَ الأَوْتَارُ. 9بَنَاتُ مُلُوكٍ بَيْنَ حَظِيَّاتِكَ. جُعِلَتِ الْمَلِكَةُ عَنْ يَمِينِكَ بِذَهَبِ أُوفِيرٍ. 10اِسْمَعِي يَا بِنْتُ وَانْظُرِي وَأَمِيلِي أُذْنَكِ وَانْسَيْ شَعْبَكِ وَبَيْتَ أَبِيكِ 11فَيَشْتَهِيَ الْمَلِكُ حُسْنَكِ لأَنَّهُ هُوَ سَيِّدُكِ فَاسْجُدِي لَهُ. 12وَبِنْتُ صُورٍ أَغْنَى الشُّعُوبِ تَتَرَضَّى وَجْهَكِ بِهَدِيَّةٍ. 13كُلُّهَا مَجْدٌ ابْنَةُ الْمَلِكِ فِي خِدْرِهَا. مَنْسُوجَةٌ بِذَهَبٍ مَلاَبِسُهَا. 14بِمَلاَبِسَ مُطَرَّزَةٍ تُحْضَرُ إِلَى الْمَلِكِ. فِي أَثَرِهَا عَذَارَى صَاحِبَاتُهَا. مُقَدَّمَاتٍ إِلَيْكَ 15يُحْضَرْنَ بِفَرَحٍ وَابْتِهَاجٍ. يَدْخُلْنَ إِلَى قَصْرِ الْمَلِكِ. 16عِوَضاً عَنْ آبَائِكَ يَكُونُ بَنُوكَ تُقِيمُهُمْ رُؤَسَاءَ فِي كُلِّ الأَرْضِ. 17أَذْكُرُ اسْمَكَ فِي كُلِّ دَوْرٍ فَدَوْرٍ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تَحْمَدُكَ الشُّعُوبُ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.) مزمور 45: 1-17
              اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته فى الأولين! اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته فى الآخرين! اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته فى الملأ الأعلى إلى يوم الدين!
              ومن هنا، من خلال وظيفة هذا النبى نبحث عن حكمة تعدد زوجاته، وهل هو تزوج بناءً على شهوة جنسية، أم رغبة فى التظاهر بكثرة زوجاته، أم رغبة فى إنجاب الكثير من الأطفال ليرثوه، ويرثوا ثروته، أم كانت هذه أوامر الله تعالى له لحكمة نبحث عنها الآن: مع التسليم أن حب الرجل للمرأة والجنس ليس بعيب، وهو شىء طبيعى فطرى، ولا يتنافى هذا مع مكانة الرجل ومقامه ومرتبته، مهما علت وشمُخت، ولقد كان النبي  رجلاً إنسانًا، فطبيعي أن يميل إلى المرأة ويشعر بالمتعة معها! وهم يقرون ذلك فى كتبهم، فلم نسمع من يهودى أو مسيحى انتقد تزوج نبى الله سليمان ب 1000 امرأة، أو تزوج داود ب 99 امرأة أو رحبعام الذى تزوج ب 78 زوجة.
              (21وَأَحَبَّ رَحُبْعَامُ مَعْكَةَ بِنْتَ أَبْشَالُومَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ وَسَرَارِيهِ لأَنَّهُ اتَّخَذَ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ امْرَأَةً وَسِتِّينَ سُرِّيَّةً وَوَلَدَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ابْناً وَسِتِّينَ ابْنَةً.) أخبار الأيام الثانى 11: 21
              (فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهَؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ. فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ.) ملوك الأول 11: 3
              إن الرجل الشهوانى لابد أن تتوفر فيه هذه الشروط:
              1- أن يكون كثير الشبع، ليتحصَّل على طاقة تبنى جسمه وتساعده لما هو مقدم عليه، مع الأخذ فى الاعتبار نوعية الطعام، الذى يؤهل لما هو مقدم عليه.
              2- كثير الراحة البدنية ليدخر طاقته
              3- كثير الراحة النفسية
              4- يظهر ميله للنساء والولع بهم من وقت بلوغه، وفى سن الشباب، وليس بعد الخمسين. لقد بدأ الرسول  يُعدد الزوجات فى عمر 54 سنة، لأنه استمر فى مكة 13 سنة، أى هاجر فى سن ال 53، وبنى بأمنا عائشة بعد 8 أشهر من الهجرة.
              5- أن ينتقى الجميلات الأبكار. وهو لم يتزوج إلا بكرًا واحدة، وهى زوجته الثالثة عائشة رضى الله عنها.
              6- إن الرجل الشهوانى لن يكتفى ب 9 زوجات، بل سيبحث عن أخريات، ويجددهن كل ما تُتاح له الفرصة. وهو ما لم يفعله الرسول .
              كان النبي يصوم الإثنين والخميس من كل أسبوع، و13-14-15 من كل شهر، ويصوم معظم أيام شول، ويصوم رمضان، ويصل فى الصيام باليومين والثلاثة. والوصال في الصيام هو أن يصوم يومين أو أكثر بدون أن يفطر، أي أنه يواصل الصيام في الليل فلا يأكل ولا يشرب. وقد نهى أمته عن ذلك شفقة عليهم، ورحمة بهم، وهذا من خصائص التشريع للنبى .
              قَالَ أَبِو هُرَيْرَةَ : قَالَ النَّبِيُّ : (لا تُوَاصِلُوا. قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ: إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي) روى البخاري (7299) ومسلم (1103)
              والصيام يفقده كل طاقة أو رغبة جنسية عنده، وهو يعلم ذلك، وكان يأمر غير القادر على الزواج بالصوم لأنه له وجاء أى وقاية. بل كان طعامه قليل، ليس بطعام الأزواج الشهوانية، التى تحرص كل ليلة على عدة لقاءات مع الزوجة.
              ولا يوقد في بيته نارًا للطبخ، كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كنا نتراءى الهلال والهلال والهلال ثلاثة أهلة في شهرين، ولا يوقد في بيت رسول الله  نار! قيل: فما كان طعامكم. قالت: الأسودان: التمر والماء!
              ولم يكن يجد آل محمد  التمر في كل أوقاتهم، بل كان رسول الله يمضي عليه اليوم واليومين وهو لا يجد من الدقل (التمر الرديء) ما يملأ به بطنه.
              ولم ير رسـول الله  الخبز الأبيض النقي قط، وسأل عروة بن الزبير  خالته عائشة رضي الله عنها هل أكل رسول الله خبز النقي؟ فقالت: ما دخل بيت رسول الله  منخلاً قط، ولا رأى رسول الله منخلاً قط.. قال: فكيف كنتم تأكلون الشعير؟ قالت: كنا نطحنه ثم نذريه (مع الهواء) ثم نثريه ونعجنه!! ومع ذلك فإن رسول الله  لم يشبع من خبز الشعير هذا يومين متتالين حتى لقي الله عز وجل!
              قالت أم المؤمنين رضي الله عنها: ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتالين حتى مات رسول الله .
              ولقد جاء للنبي  رجل فقال: يا رسول الله أنا ضيفك اليوم!! فأرسل النبي  إلى تسع زوجات عنده، ترد كل واحدة منهن (والله ما عندنا ما يأكله ذو كبير!! والمعنى من طعام يمكن أن يأكله إنسان أو حيوان) فما كان من النبي  إلا أن أخذه إلى المسجد عارضًا ضيافته على من يضيفه من المسلمين فقال: [من يضيف ضيف رسول الله]!
              أما عن طاقته البدنية فكان يقوم الليل حتى تتورم قدماه وتتفطر. وكان قيام الليل فرضًا عليه، نافلة على أمته، وهذا من خصائص التشريع للنبى . وكان يطيل القيام كثيرًا حتى سألته عائشة يوما، وقالت له: لما تفعل كل هذا مع أن الله قد غفر لك ما تقدم وتأخر من ذنبك؟ فقال: أفلا أكون عبدًا شكورًا. بإلاضافة إلى أنه  كان يقوم بأعمال البيت فكان يخيط ثوبه بنفسه ويساعد نساءه في أعمال البيت. وكان فى العشر سنوات الأخيرة من عمره، وهى التى عدَّد فيها الزوجات يُجهِّز الجيش إما لرد قتال، وإما لرد عدوان. فقد قام النبى فى هذا الوقت بعدد من الغزوات والسرايا بلغت 38 ما بين بعثة وسرية، قاد الرسول  28 غزوة، دار القتال فى 9 منها، وحقق الباقى أهدافه بدون قتال. وقد استمرت هذه الغزوات 8 سنوات، من السنة الثانية للهجرة (وفيها وقع أكبر عدد من الغزوات، 8 غزوات)، وهى بداية تعداده للزوجات إلى السنة التاسعة من الهجرة.
              فأين الطاقة البدنية، وأين الراحة النفسية إذن وهو كان فى حالة استنفار مستمرة، يجهز الجيوش ويحارب الكفار المعتدين، ويدافع عن نفسه وعن أمته ودولته ودينه، ويقابل الوفود، ويرسل الرسائل للأمراء والملوك والأباطرة، ويحل المشاكل الداخلية، ويعلم الناس دينهم، ويأمهم فى الصلاة، ويخطب فيهم معلمًا أو ناهيًا أو مستحسنًا، ويكفن هذا ويدفن ذاك، ويُصلى على من مات؟
              تخيل الرسول  هو المعلم الأوحد للدين فى مدرسة بها 70 فصلا، بكل فصل 90 تلميذًا، وكل واجبه أن يعلمهم دينهم، وأن ينظم صفوفهم، ويُذهب الخلاف القائم أو الذى يحدث بينهم، وأن يحكم بينهم فى شتى القضايا، وأن يفهمهم كيفية التعامل مع الآخرين، وعليه أن ينتقى الفرسان منهم للدفاع عن كذا، ويجمعهم لقتال الكفار أو لتأديب المنافقين المعتدين المخالفين للعهود! ثم أخبرنى متى سيجد وقتًا ليفكر فى شهوته؟
              أما القوة النفسية فحدث ولا حرج! لكن تخيل أيضًا الرسول  قائدًا لدولة ما عليه أن يفعل كل ما سبق لنا ذكره فى الفقرة السابقة، واسأل دكتور فى علم النفس عن حالة هذا المعلم أو القائد النفسية!
              لم يؤثر عن الرسول  أن ارتكب فاحشة الزنى، أو شرب الخمر أو المسكر قبل تلقيه الوحى، أى إلى سن الأربعين. الأمر الذى يدفع عنه أنه كان شهوانى فى سن فورة الشباب. فهل من المنطقى أن يُصبح بعد سن الخمسين (54)، سن الفتور الجنسى، شهوانيًا؟
              ومن الجدير بالذكر أن يعلم كاتبنا أن الرسول  رفض عرض قريش عليه التزوج بأي النساء شاء، في مقابل أن يلين في موقفه، ويخفف من مواجهته لآلهتهم وعقائدهم. فهل هذا موقف إنسان يبحث عن النساء؟
              بل وعندما تزوج، وهو فى سن ال 25، تزوج امرأة فى سن ال 40. الأمر الذى يعنى، أنه لو كان شهوانيًا لفكر فى فتاة عذراء صغيرة السن، وقبل سن ال 25، وهو الذى قال للسائل عن كنه المرأة التى يريد التزوج بها: (هلا بكراً تداعبك وتداعبها). فهو يعرف إذن أن المتعة فى التزوج من امرأة عذراء.
              إن هذا التعدد لم يشغل النبي  عن واجباته، ولا أخرجه عن اتزانه، ولا طغى على وقته ونشاطه، وتاريخ حياته  يشهد بأنه  لم يكن يهتم بهذه الأمور، بل كان مثال العفاف والطُهر الرفيع، ولم يلوث نفسه بأيٍ عمل قبيح مما كانت الجاهلية تبيحه وتشيع في مجتمعه ممارسته، ولم يستطع أحد من أعدائه أن يعيره بشيء من ذلك.
              ومن هنا يتبين بطلان شبهة أن النبي  كان شهواني. وهذا لا يعنى أنه كان لا يحب النساء كأى رجل متزن، فقد قال : «حُبّب إليّ من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة». أخرجه أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة، وصححه الألباني في (صحيح الجامع (4535))

              تعليق

              • abubakr_3
                مشرف عام

                • 15 يون, 2006
                • 849
                • مسلم

                #52
                وهناك حكم كثيرة في هذا الأمر، نذكر بعضها:
                1- مصاهرته لعدة بطون وأفخاد من قبائل العرب سهلت قبول دعوة الإسلام وانتشارها بين هذه القبائل. فكان من بين زوجاته ست من قريش من بطون مختلفة، وأربع من العرب، وابنة زعيم اليهود صفية بنت حيى بن أخطب، وماريا القبطية المصرية. وبالتالى أعد كوادر جديدة من الدعاة عن طريق المصاهرة لنشرالدعوة الإسلامية بين مشركى مكة وغيرهم.
                فالسيدة أم حبيبة رمله بنت أبى سفيان سيد قبائل قريش.
                والسيدة عائشة بنت أبى بكر من قبيلة تيم أحد بطون قريش.
                والسيدة صفية بنت حيى بن أخطب ابنة زعيم يهود بنى النضير
                والسيدة حفصة بنت عمر ابن الخطاب من بنى عدى
                والسيدة زينب بنت جحش من بنى أسد
                والسيدة أم سلمة بنت أبى أمية من بنى مخزوم
                والسيدة ميمونة بنت الحارث من بنى هلال
                والسيدة سودة بنت معه من بنى عامر ابن الؤى
                ولن ننسى زواجه  من السيدة ماريا المصرية، ومما لا ينكره التاريخ اندفاع أهل مصر القوي للدفاع عن الإسلام ضد عدو الإسلام المغول والتتر، وذلك بعد ما سقطت بلاد الشام والعراق وانهارت الدول الإسلامية.
                لقد اجتاح المغول المسلمين والنصارى، ولم يبق إلا مصر، فهب أهل مصر دفاعًا وصونًا للإسلام من هذه الحملة البربرية على الإسلام، حتى إن من النساء في مصر (أسوة بماريا المصرية زوجة المصطفى ) بعنَّ حليِّهن لدعم الجيش والوقوف بوجه هذا العدو، وكان النصر بتحالفٍ مع الظاهر بيبرس وقطز، ولو لم تقف مصر بوجه هذا العدو الكافر لانتهى العالم بيد الكفر، فكم كان لهذا الزواج المبارك على العالم من تأثير بعد أجيال؟!
                إذ كم كان لهذه المصاهرة من حقن للدماء ووقاية من معرِّة القبائل العربية وديمومة الرسالة السماوية العلية "الإسلام" هذا عن زواجه  من مسيحية، كذا زواجه من يهودية أو أكثر لتأليف قلوب بني لإسرائيل ليعودوا لمجدهم بالإسلام كما كانوا بعهد سيدنا داوود وسليمان عليهما السلام، فهو  رحمة لهم وللعالمين.
                2- ضرب الرسول  القدوة الحسنة فى التعامل مع أهل الكتاب، بالتعامل معهم على جميع المستويات التجارية وغيرها، بل إنه تزوج ماريا المصرية، التى كانت قبطية، وتزوج صفية بنت حيى بن أخطب، التى كانت يهودية.
                3- توثيق الصلات بالنسب فيما بينه  وبين كبار الصحابة من أبي بكر وعمر بزواجه من ابنتاهما وتزويج بناته لعلي ولعثمان سيجعل من السهل عليهم دخول منزله بلا حرج فيتعلمون منه، ويُعلِّمون غيرهم من الأمة، فهم الذين سيحملون لواء الدعوة من بعدة. لذلك أرجع النبى  زوجته حفصة بعد أن طلقها؛ لإفشائها سرًا بينها وبين الرسول  لعائشة. وقال عمر لابنته: "والله، لقد علمتُ أن رسول الله لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله ".
                4- نقل أخبار الرسول المنزلية خاصة فيما يتعلق بعشرة النساء وفقههن.
                5- عن طريق اشتغال زوجاته بالدعوة وتعليم السيدات الفقه فى حياته وبعد مماته، أعطى للمرأة دورًا تقوم به فى الدعوة، وجعلها مسؤولة عن تعليم النساء الدين. وبالتالى رفع مكانتها، بعد أن كانت ليست أكثر من قطعة أثاث فى المجتمع الجاهلى، واعتبرها أهلا للثقة، بعد أن كانت حليفة الشيطان فى اليهودية والمسيحية.
                6 - اقتداء نساء العالمين بزوجاته  في صبرهن على الفقر والشدائد، ودماثة أخلاقهن فى تعاملهن فيما بينهن كضرائر، ومؤازرة أزواجهن فى كل المواقف.
                7- نشر الدعوة بين صفوف النساء بمساهمة زوجاته اللواتي كن سيدات في أقوامهن وصاحبات السيرة الحسنة، المختلفات الأعمار والمواهب والبطون.
                فقد كان من المستحيل أن تقوم زوجة واحدة أو زوجتان بتحمل هذا الدور العظيم فى تعليمى الأمة الإسلامية مهما أوتيت من قوة الذاكرة والذكاء والقدرة على الحفظ.
                وقد كان لهن دورًا كبيرًا فى رواية الأحاديث النبوية:-
                فلقد ذكر الرواة أن عدد الأحاديث التى رواها نساء رسول الله  عنه قد جاوزت ثلاثة آلاف حديث: روت منهم السيدة عائشة رضى الله عنها 2210 حديث – ويليها السيدة أم سلمة رضى الله عنها، فقد روت 378 حديثاً.
                وقلت روايات باقى نساء الرسول  وذلك يرجع إلى التفاوت بينهن فى قوة الحفظ والذكاء، ومدة الحياة الزوجية، وامتداد العمر بعد وفاة النبى ، وقد اجتمعت كل هذه الأسباب للسيدة عائشة رضى الله عنها.
                8- الإقتداء بحسن عشرة الرسول مع أزواجه مثل رحمته بهن والعدل بينهن فى السفر والوقت والمأكل والمشرب. فقد كان يحترم آرائهن، ويساعدهن فى خدمة البيت، ولم يضرب نساءه قط، مداعبتهن والبشاشة لهن، وقوفه منهن موقف المصلح ووفاؤه لمن ماتت منهن.
                9- وقوف المسيحيين بالذات مع أنفسهم وتساؤلهم: لماذا لا يوجد فى المسيحية تعدد زوجات، بينما عدد كل أنبياء العهد القديم، الذى هو جزء من الكتاب المقدس، ولم يكن ممنوعًا، وللآن مصرح به بين اليهود. فهل نسخ الرب حكمه المسبق بتعدد الزوجات؟ أم سكت الرب عن رذيلة انغمس فيها كل أنبيائه وتابعه فيها كل اليهود؟ وكيف ينسخ الرب حكمه، وتدعى الكنيسة أنه لا ناسخ ولا منسوخ فى الأحكام لديها؟
                10- دعوة لكل العالم الذى لم يعرف الرسول  والإسلام إلا من خلال تعدد الزوجات للبحث فى سيرته الطاهرة، حيث عاش حياة الطهر والعفاف عزبًا حتى بلغ ال 25 من عمره. وظل مكتفيًا بزوجة واحدة حتى ماتت، وهو فى سن ال 50، وعاش مع زوجته الثانية سودة بنت زمعة، وكان عمرها وقتئذ 50 سنة، ولم يُعدِّد عليها، إلى أن بنى بأمنا عائشة بعد 8 أشهر من الهجرة، وكان عمره حينئذ 54 عامًا. فهل من يبحث عن الشهوة يتزوج بامرأة تكبره ب 15 سنة، أى فى سن أمه، وقد سبق لها الزواج مرتين من قبل؟ وهذه دعوة إلى الإسلام لكل محايد يستعمل عقله، ويرفض التعصُّب والحكم المسبق، ولا يسير وفق أهواء أصحاب المصالح أو الجهلاء.
                11- لم يكن الرسول  بدعًا من الرسل، فقد زوجه الله عدة زوجات كما عدد الملوك من قبل ومن بعد، ولكن لمصلحة الدعوة.
                12- أنقذ النبى  بالزواج بعض الزوجات من الضياع، حيث مات زوجها ولم يكن لها عائلا، مثل سودة بنت زمعة، التى تزوجها بعد وفاة زوجها، ولم يكن لها عائل، وزينب بنت خُزيمة، التى استشهد زوجها فى بدر، وعاشت عنده ثلاثة أشهر ثم توفيت، والسيدة هند أم سلمة المخزومية، وقد تزوجها النبى  بعد وفاة زوجها فى أحد، وكانت كبيرة فى السن وأم أيتام، والسيدة أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان، التى تزوجها الرسول  وهى فى الحبشة، بعد أن تنصر زوجها هناك وخلى بها. وبذلك كان الغرض من زواج الرسول  من أربعة من النساء التكافل الإجتماعى، وإنقاذهن من الضياع.
                13- كافأ الرسول  السيدة أم حبيبة بنت أبى سفيان  لتمسكها بالإسلام، على الرغم من ردة زوجها فى الحبشة، وهربها من عائلتها. ولو عادت لفتنوها فى دينها. ولآذوها إيذاءً شديدًا. كما كان هذا الزواج من الأسباب الأساسية التى دفعت أبو سفيان وهو والدها ومن سادة قريش إلى الدخول فى الإسلام، وحقن الدماء.
                14- كان زواجه من جويرية بنت الحارث الخزاعية من بنى المصطلق بركة وخير على أهلها والمسلمين، حيث بإسلامها وزواجها من الرسول ، أعتق المسلمون باقى قبيلتها من الأسر، وحرروهم من العبودية، لأنهم أقرباء زوجة رسول الله ، فأسلموا بدورهم.
                15- إذا كان زواجه بامرأة ما سببًا لهداية جماعة من الناس، أو دفع ضرر عن الإسلام أو عن المسلمين، فإن هذا الزواج يكون مباركًا، ويكون تكريمًا للمرأة، وتشريفًا لها، لا سيما إذا كان ذلك من نبي، وليس تحقيرًا لها، كما يظن البعض.
                16- كان زواجه بزينب بنت جحش إقرارًا بأن رسول الله  ليس له من الأمر شىء، وأن الله تعالى هو الذى زوجه لإبطال التبنى بصورة عملية.
                17- كان إرجاعه لمطلقته حفصة بنت عمر إثباتًا بأن الله تعالى هو الذى يزوجه، وأن أمر الرسول  كله فى يد الله، حيث نزل جبريل يأمره بأن يرد حفصة؛ لأنها صوامة قوامة، وأنها زوجته فى الجنة.
                18- تأليف قلوب القبائل المختلفة، ونزع فتيل حب الإنتقام من قلوبهم وذلك بمصاهرة الرسول  لهذه القبائل، التى قتل منها المسلمون ما قتلوا أثناء محاربتهم للرسول  والمسلمين. وبعد أن تمكن من شحنهم روحيًا وعقائديًا، يكون قد مهد الطريق للقضاء على الأحقاد والرغبة فى الانتقام، ليتسنى للمسلمين ـ من خلال ذلك ـ العمل يدًا واحدة من أجل هدف واحد وفي سبيل واحد.
                19- أظهر بتعدد للزوجات احترامه للمرأة بأن سمع لرأيها، وعمل به، وفى هذا اعتراف منه بحق المرأة فى التعبير عن رأيها، والمشاركة فى الحياة السياسية وأهميتها في الحياة العامة بعد أن كانت منبوذة في الجاهلية.
                وعلى ذلك يمكننا أن نقول إن الرسول  عدَّد الله له زوجاته لأسباب دينية وأسباب سياسية وأخرى اجتماعية أو إنسانية. وكان عليه طاعة الله تعالى.
                ومن محاسن تعدد الزوجات بصفة عامة:
                1- قال الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ) النساء 3.
                ووصف الله تبارك وتعالى نفسه بـ "الحكمة" وسمى نفسه "الحكيم"، وشرعه وأوامره كذلك متصفة بالحكمة، لذا كان تشريع "التعدد" فيه حكمة بالغة، ولو جهلها أو تجاهلها أكثر الناس ولا سيما النساء منهم.
                فتعدد الزوجات إذن هو تعظيم لله تعالى وطاعة له، فهو الذى أعطى لنا رخصة، يمكننا استخدامها، إذا حققنا بذلك العدل بين الزوجات والذرية، وأحسنا دينها وتربيتها وتعليمها. (والجميع يعلمون أن التعدد أمر مشروع لا يجادل فيه إلا منافق، ومن يحاربه أو يشوه صورته الحقيقية فهو في الأصل يحارب الله ورسوله) كما تقول الدكتورة الجوهرة بنت ناصر.
                2- إن رضا الزوجة بزواج آخر لزوجها، هو رضا بقول الله تعالى وطاعة له، كما أن معارضتها أو كرهها هو كراهة بعض ما أنزل الله عز وجل.
                3- تكثير عدد المؤمنين فى الأمة، الموحدين لله تعالى. وما فيه من الإعداد الجيِّد لجيش قوى فى مجال العمل، والعلم، ونشر الدين، والحرب. ومباهاة النبي  بهم الأمم يوم القيامة.
                4- إتاحة إنجاب الذرية لزوجها، لو كانت عاقرًا.
                5- تعف زوجها لو كان حاد الشهوة، وهى لا تستطيع أن تجاريه.
                6- فرصة نشر الدعوة بين الناس تكون أكبر، وذلك يُعطى للداعية فرصة أن يكون له ثواب خير من الدنيا وما فيها، ويُنقذ بها نفسًا من النار.
                7- إنقاذ الكثير من الإناث من العنوسة أو الفساد، حيث إن الله تعالى أجرى عادة أن يكون عدد المواليد من الإناث أكثر من الذكور.
                8- إنقاذ الرجل المعدِّد من الفساد؛ لأنه قد يكون سبب تعدده للزواج وجود مانع من قيامها بأخص لزوم الزوجية، كأن تمرض أو تحيض أو تنفس.
                9- قيام الزوجة الثانية أو ذريتها بتطبيب الزوجة الأولى، والسهر على راحتها، لو كانت مريضة.
                10- التخفيف عن الزوجة الأولى إن كانت طلبات الزوج كثيرة، لا تستطيع هى القيام بها بمفردها، أو على الأقل تتيح لها التمتع بالعبادة والدراسة والقراءة والدعوة.
                11- إنقاذ المجتمع، لأنه لو انتشر الزنى فى قرية ينزل عليها عذاب الله.
                12- إثراء المجتمع المسلم بالقياديين والنابغين في فنون شتى كالعلم والسياسة والتجارة والأدب وسائر فنون الريادة؛ وذلك من خلال تزوج من نبغ في ذلك بذوات التميز من النساء؛ فيكون منهم النوابغ والمتميزون من الأولاد؛ ذكورًا وإناثًا؛ وفق سنة الله في الوراثة. والعاقلة من النساء تفضل أن تكون زوجة لنابغة من الرجال - وإن كان ذا زوجات أخر على أن تكون زوجة لرجل أحمق، وإن اقتصر عليها؛ لأنها تعلم أن أولادها من الأول ينجبون - أي يصيرون نجباء - أكثر منهم من الثانى.
                13- إن الزوجة التى ترضى بتعدد زوجها للزوجات هى امرأة مسلمة عودت نفسها على السماحة وحب الخير للجميع، ومعرفة أنها عامل للسلام والتضحية، والإيثار؛ إكرامًا وتقديرًا لكيان الأسرة واستمرارية الحياة، وبناء مجتمع قويم خالى من الرذائل. الأمر الذى يعود عليها وعلى ذريتها بالنفع والخير ورضا الله تعالى. ولن ننسى أنها بذلك تكون العنصر الأول والفعَّال فى إنقاذ المجتمع المسلم رجالاً ونساءً.
                14- ومن فوائد التعدد تمكين ذوات الهمم الدعوية، وطالبات العلم من ممارسة الأعمال الدعوية والتجارية وخدمة المجتمع، ومن الاستفادة من الرجال المتميزين في هذه المجالات؛ فمعلوم أن الرجل له حقوق كثيرة وواجبات متعددة قد يثقل على المرأة الواحدة النهوض بها، فإذا تزوج بثانية أو ثالثة أو رابعة خفت الواجبات وتوزعت المسؤوليات على نسائه، وتمكن ذوات الفضل وطالبات العلم من القيام بمسؤولياتهن الدعوية والتحضير لدراساتهن العلمية في أوقات فراغهن وأيام وجود الزوج عند غيرهن؛ ثم إذا أنجزن ما أنجزن وكانت ليلة إحداهن أقبلت في شوق إليه وعرضت ما لديها عليه من إنجازات علمية أو أفكار دعوية إذا كان ممن له دراية بذلك، فحصل له فضل التوجيه والعشرة والإفادة والاستفادة، وحصل له فضل القوامة والتشجيع والعشرة والثواب؛ فلا يكون مصلحة ذلك قاصرة عليهما، بل تصبح مصلحة عامة متعدية إلى من حولهما على قدر التخصص والنفع ومستوى التأثير الحسن؛ فيكون ذلك كله مندرجًا في عموم قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2].
                15- المرأة التى يعدد زوجها لديها الوقت الكافى لرعاية أفضل لذريتها وبيتها، بل وزوجها أيضًا.
                16- من البديهى أن المرأة التى تقبل تعدد الزوجات هى من المستفيدات، النافعات لنفسها ومجتمعها، حيث لو انتشرت العنوسة، لن تتزوج هى إن مات زوجها، ولن تتزوج بناتها، وسوف تعيش فى كرب ما بعده كرب.
                17- من محاسن التعدد وفوائده أنه يدفع السآمة ويرفع الملل والرتابة من حياة الزوجين؛ فيجددها ويطريها، وينوعها ويحليها، ويزيد الألفة بين الزوج ونسائه، إذ لا تأتى نوبة الواحدة منهن، إلا وهو فى شوق لامرأته، وهى فى شوق وانتظار له؛ فإن الأرض إذا داوم عليها الغيث واستمر وتتابع وإن كان نافعا إلا أنها تمله وتنتن منه، ولكنه إذا غاب عنها فأشرقت الشمس عليها وجفت تاقت إليه واشتدت حاجتها إلى وابله وصيبه؛ فذاك مثل هذا؛ واللبيب بالإشارة يفقه.
                18- من المعلوم قول الرسول  انتظروا الرزق فى النكاح، فتعدد الزوجات قد يصيب الزوجة الأولى من خيرات يعطيها الله للزوج بتزوجه مرة أخرى.
                19- قد يرزق الله تعالى الزوج من تعدد أزواجه بذرية من الذكور أو الإناث، فلا فلا يقوم على الزوجة الأولى أو ينفعها في المستقبل إلا هؤلاء.
                20- يبعد الزواج الثانى الزوج عن التعرف على عيوب الزوجة الأولى، ويُعدِّل من نظرته لها، فيديم الله العشرة بينهما.
                21- إن تزوج الرجل بزوجة أخرى يُحفِّز الزوجة الأولى على الاهتمام بنفسها وبزوجها، وذلك بتطوير نفسها فكريًا وعلميًا وثقافيًا وصحيًا ورشاقة وجمالا. وإلا كما تقول الدكتورة الجوهرة بنت ناصر: (وإلا على المرأة انقاذ الوضع برمته وتزويج زوجها إلى من ترى أنها ذات دين وخلق كريم، فاضل، ولن تعي إبعاد خطورة هذا الأمر إلا شخصية واعية حكيمة ناضجة؛ تعي خوفها من الله والعمل على كسب رضاه سبحانه، ثم حب زوجها وطاعته وإعانته والرحمة به وإنقاذه من سبل الشيطان ومزالقه).
                22- ومن آثار منع التعدد ظهور طرق أخرى ليُخرج الرجل أو المرأة بها الشهوة، منها: انتشار الزنى، الزواج العرفى، انتشار أولاد السفاح، زواج الخطف، وهو موجود فى موريتانيا، وظهر فى لبنان، زواج المسيار، وفيه تتنازل المرأة عن مهرها، ونفقتها، بل تنفق على زوجها، وظهور أنواع أخرى من الزواج السرى، الذى قد يندرج تحت باب الزنى.
                23- إن تعدد الزوجات علاج ضرورى للبرود الجنسى عند المرأة.
                24- إن تعدد الزوجات علاج للإكتئاب والأمراض النفسية.
                25- إن تعدد الزوجات ينفع المرأة التى بينها وبين زوجها خلافات دائمة، أكثر من نفعه للرجل، حيث يُعدل الرجل عن طلاقها، ويكتفى أن يبحث عن الراحة عند زوجة أخرى. ومن ناحية أخرى فهو يريح الزوجة الأولى، ويعطيها الفرصة لمراجعة نفسها، والهدوء النفسى مرة أخرى. وبالتالى فإن تعدد الزوجات يُحافظ على استقرار الأسر.
                26- إن المرأة تقضى ربع عمرها حائض، وجزء آخر أثناء آلام الحمل، والوضع والنفاس.
                27- الرجل قادر على الإنجاب طوال السنة، بينما تلد المرأة مرة واحدة كل عام.
                28- إن رضيت المرأة بتعدد زوجها للزواج يعطيها الله أجر شهيد، لقول الرسول : (إن الله كتب عليكن الغيرة، فمن صبرت لها أجر شهيد)
                29- ولا ننسى فى خضم ذكر هذه الفوائد التى يجنيها المجتمع والمرأة من موضوع تعداد الرجل للزوجات، أن نقول إن الجينات الوراثية في الرجل (وذلك بخلاف الأنثى) تدفعه نحو (التطلع للأخرى)، بينما تجد أن الأصل في الأنثى هو التمحور حول رجل واحد نفسيًا وجسديًا وعاطفيًا، فالجينات الوراثية للمرأة والطبيعة الناعمة الضعيفة التي خلقها الله عز وجل عليها تؤهلها لإشباع زوج واحد فى النواحى الجنسية والعاطفية، بل وحتى فى المتطلبات البيتية، بينما يمكن للرجل أن يُشبع أكثر من امرأة عاطفيًا وجنسيًا.
                * * * * *
                لماذا جمع الرسول  بين أكثر من أربع زوجات؟
                ثم ننتقل إلى سؤال لماذا جمع الرسول  بين تسع زوجات مرة واحدة، فى الوقت الذى يحدد القرآن أن الجمع بين أربعة فقط؟
                لكل نبى من الأنبياء خصائص فى التشريع، فكان من خصائص التشريع للبنى 
                1- أنه جمع بين أكثر من أربع أزواج
                2- أنه لا يحل له النساء بعد هذه الزوجات، ولو مُتْن، أو طُلِّقْن: (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا). الأحزاب 52، فى حين أن غيره من رجال الأمة يمكنه لو ماتت زوجاته الأربعة، أو طلقهن، أن يتزوج أربعة غيرهن.
                3- أرجع زوجته حفصة إلى عصمته بأمر الله تعالى، فلم تكن له الحرية أو الاختيار فى مفارقتها. فهو يزوَّج وتستمر معيشته مع زوجته بأمر الله تعالى.
                4- أنه لا يورَّث بعد موته، فما تركه من مال يُعطى للمسلمين
                5- أن زوجاته أمهات المؤمنين، لا يتزوجن من بعده، حتى لو طلقهن. وعلى ذلك لو طلق خمسة نساء واحتفظ بأربعة فقط، لكان ظلم المطلقات، وحرمهن من حقهن الطبيعى فى التزوج، مع حرمانهم من الانتساب إلى بيت النبوة.
                6- كان  يصل فى الصيام بالليلتين والثلاثة دون طعام أو شراب.
                7- لا تحل له الزكاة ولا لأهل بيته، على الرغم من فقره .
                8- ومنها أيضًا تحريم خائنة الأعين، وهو اختلاس النظر، وكسر الطرف بالإشارة الخفية. فلا يليق بمقامه أن يشير بعينه إشارة خفية ولو إلى شيء مباح:
                فقد روى أبو داود (2683) عَنْ سَعْدٍ قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ  النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَسَمَّاهُمْ وَابْنُ أَبِي سَرْحٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: وَأَمَّا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ  النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ؟ فَقَالُوا مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ، أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ؟ قَالَ: (إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ)" وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
                9- ومنها أيضًا أنه لا يحل له إذا لبس لأمة الحرب – وهي آلة الحرب - أن يضعها حتى يقاتل. فلا يجوز له التراجع عن قرار الحرب:
                فروى أحمد (14373) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: (إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ) صححه الألباني في "الصحيحة" (1100)
                10- كان يعطى الصدقة أحيانًا لطالبها على الرغم من أنه لا يستحقها. جاء فى الحديث أن الرجل كان يأتي الرسول  فيسأله مالاً فيعطيه، فإذا انطلق السائل يتأبط المال، قال  لمن حوله: (إنه خرج -أو انطلق- يتأبطها نارًا)، وهو ليس له الحق فى طلب الصدقة أى الشحاذة، لقوله: (لا صدقة لغني ولا لذي مرة قوي) لغني واضح، ولذي مرة، أي: قوة، قوي، أي: قوي الخلق، ليس بناقص ولا ضرير ولا مقطوع اليد أو الرجل، فهذا لا صدقة له، ولا يجوز له أن يسأل ولا أن يُتصدق عليه. فسأل الصحابة الرسول : إذًا: فلماذا تعطيه؟ وفي جواب الرسول  الآتي بيان أنه  له منـزلة ومقام يسوغ له من الأحكام ما يختص بها دون سائر الأنام، يقول الرسول : (وماذا أفعل؟ إنهم يسألونني ويكره الله لي البخل) ومعنى هذا: أن مقام النبوة يجب أن تكون بعيدة من أن يقال فيها ما لا يليق بها، ومن ذلك البخل، فلو أن الرسول  امتنع من إعطاء السائلين غير المستحقين، لنشر هؤلاء بين الناس أن الرسول  وبخيل، ومثل هذه الإشاعة التي لها ظواهر قد يقتنع بها بعض الناس، مما لا يناسب مقام النبوة والرسالة؛ ولذلك فكان يترجح عند الرسول  أن يعطي السائل ولو كان مستطيعًا للكسب، حتى لا يقال: إنه شحيح بخيل، ويؤثر ذلك فى الدعوة، وفى إنقاذ الناس من النار.
                11- إن قرين الرسول  أسلم، (ما من رجل إلا ومعه قرينه -يعني شيطان- فلما قالوا له: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن الله تبارك وتعالى أعانني عليه فأسلم) روايتان: فأسلم، أي: من شره ووسوسته، والرواية الثانية: فأسلمَ، أي: صار مسلمًا.
                ونقرأ فى الكتاب المقدس جدًا أيضًا بعض الخصوصية فى التشريع لبعض الأنبياء، منهم نبى الله يحيى  الذى كان يأكل الجراد والعسل.
                * * * * *
                تعدد الزوجات بين الإسلام المسيحية:
                أنقل من مقال بمنتدى أهل الحديث
                كان هذا هو الحل الإسلامى لمشكلة العنوسة وارتفاع نسبة الطلاق، وكثرة الموتى فى الحروب، ونقص الرجال عن النساء. فما هو الحل الذى تضعه المسيحية لحل مشاكل المجتمع، من وجود امرأة عاقر، أو زوجة مريضة، أو زوجة لا تستطيع أن تلبى كل طلبات زوجها، أو امرأة مات عنها زوجها دفاعًا عن الوطن الذى تنعم هى به، أو امرأة مُطلقة، أو امرأة لم تتزوج بعد، وتتوق للعفة بالزواج من رجل آخر يعفها وينفق عليها، أو امرأة مات أبوها ولا تجد من ينفق عليها، ولا تجد عملا؟ لا يوجد.
                كل ما تقدمه المسيحية هو تحبيذ عدم الزواج، وذلك لأنها ورثت من الفلسفة والفلاسفة أن الجنس ضعف، وحب الرجل لزوجته واشتياقه لها، واشتياقها له، عقوبة ربانية أنزلها على البشر، عندما أكلت حواء من الشجرة المحرمة، وأغرت آدم، ودفعته للأكل منها بعد أن فشل الشيطان فى تحقيق ذلك. فكانت المرأة أشد من الشيطان وأفتك منه، كما كانت حليفة الشيطان، وساعده الأيمن فى إفساد البشرية، وموت الإله (؟).
                يُلاحظ أن طاقة الذكر أكبر من طاقة الأنثى، سواء فى عالم البشر أو فى عالم الحيوانات والطيور. كما أن عمر المرأة الجنسى نصف عمر الرجل، فهى تُعد ربع حياتها فى الإسلام غير صالحة للوطىء، حيث تأتيها الدورة الشهرية. أما فى العهد القديم فهى نصف عمرها غير صالحة للوطىء، لأنها عليها أن تقضى أسبوعًا إضافيًا بعد الدورة الشهرية فى نجاسة: (19«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ لَهَا سَيْلٌ وَكَانَ سَيْلُهَا دَماً فِي لَحْمِهَا فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا. وَكُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 20وَكُلُّ مَا تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فِي طَمْثِهَا يَكُونُ نَجِساً وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً. 21وَكُلُّ مَنْ مَسَّ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعاً تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 23وَإِنْ كَانَ عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي هِيَ جَالِسَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَمَسُّهُ يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 24وَإِنِ اضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ فَكَانَ طَمْثُهَا عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً. ....... 28وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ سَيْلِهَا تَحْسِبُ لِنَفْسِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَطْهُرُ. 29وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ وَتَأْتِي بِهِمَا إِلَى الْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 30فَيَعْمَلُ الْكَاهِنُ الْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَالْآخَرَ مُحْرَقَةً وَيُكَفِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ سَيْلِ نَجَاسَتِهَا.) لاويين 15: 19-30
                لقد أعجبني ما قاله الشيخ سيد قطب رحمه الله في مسألة تعدد الزوجات: جاء الإسلام لا ليُطْلق، ولكن ليحدد، ولا ليترك الأمر لهوى الرجل، ولكن ليُقَيِّد التَّعدد بالعدل، وإلا امتنعت الرخصة المعطاة!
                ولكن لماذا أباح هذه الرخصة؟
                إن الإسلام نظام للإنسان. نظام واقعي إيجابي. يتوافق مع فطرة الإنسان وتكوينه، ويتوافق مع واقعه وضروراته، ويتوافق مع ملابسات حياته المتغيرة في شتى البقاع وشتى الأزمان، وشتى الأحوال.
                إنه نظام واقعي إيجابي، يلتقط الإنسان من واقعه الذي هو فيه، ومن موقفه الذي هو عليه، ليرتفع به في المرتقى الصاعد، إلى القمة السامقة. في غير إنكار لفطرته أو تنكر؛ وفي غير إغفال لواقعه أو إهمال؛ وفي غير عنف في دفعه أو اعتساف!
                إنه نظام لا يقوم على الحذلقة الجوفاء؛ ولا على التظرف المائع؛ ولا على المثالية الفارغة؛ ولا على الأمنيات الحالمة التي تصطدم بفطرة الإنسان وواقعه وملابسات حياته ثم تتبخر في الهواء!
                وهو نظام يرعى خلق الإنسان ونظافة المجتمع، فلا يسمح بإنشاء واقع مادي من شأنه انحلال الخلق وتلويث المجتمع تحت مطارق الضرورة التي تصطدم بذلك الواقع. بل يتوخى دائما أن ينشىء واقعًا يساعد على صيانة الخلق ونظافة المجتمع مع أيسر جهد يبذله الفرد ويبذله المجتمع.
                فإذا استصحبنا معنا هذه الخصائص الأساسية في النظام الإسلامي، ونحن ننظر إلى مسألة تعدد الزوجات لن نجد حلا أفضل مما شرعه الله تعالى. ولا بد إذن من تعرضنا لأحد هذه الاحتمالات الثلاثة:
                1- إما أن يتزوج كل رجل صالح للزواج امرأة من الصالحات للزواج ثم تبقى واحدة أو أكثر حسب درجة الاختلال الواقعة بدون زواج تقضي حياتها أو حياتهن لا تعرف الرجال!
                2- وإما أن يتزوج كل رجل صالح للزواج واحدة فقط زواجًا شرعيًا نظيفًا ثم يخادن أو يسافح واحدة أو أكثر من هؤلاء اللواتي ليس لهن مقابل في المجتمع من الرجال فيعرفن الرجل خدينا أو خليلا في الحرام والظلام!
                3- وإما أن يتزوج الرجال الصالحون كلهم أو بعضهم أكثر من واحدة وأن تعرف المرأة الأخرى الرجل زوجة شريفة في وضح النور لا خدينة ولا خليلة في الحرام والظلام!
                الاحتمال الأول ضد الفطرة وضد الطاقة بالقياس إلى المرأة التي لا تعرف في حياتها الرجال، ولا يدفع هذه الحقيقة ما يتشدق به المتشدقون من استغناء المرأة عن الرجل بالعمل والكسب، فالمسألة أعمق بكثير مما يظنه هؤلاء السطحيون .....، الجهال عن فطرة الإنسان، وألف عمل وألف كسب لا تغني المرأة عن حاجتها الفطرية إلى الحياة الطبيعية: سواء في ذلك مطالب الجسد والغريزة ومطالب الروح والعقل من السكن والأنس بالعشير.
                والاحتمال الثاني ضد اتجاه الإسلام النظيف؛ وضد قاعدة المجتمع الإسلامي العفيف؛ وضد كرامة المرأة الإنسانية وتؤدى إلى أن تشيع الفاحشة في المجتمع.
                والاحتمال الثالث هو الذي يختاره الإسلام، يختاره رخصة مقيَّدة لمواجهة الواقع الذي لا ينفع فيه هز الكتفين؛ ولا تنفع فيه الحذلقة والادعاء، يختاره متمشيًا مع واقعيته الإيجابية في مواجهة الإنسان، كما هو بفطرته وظروف حياته، ومع رعايته للخُلُق النظيف والمجتمع المتطهر ومع منهجه في التقاط الإنسان من السفح والرقي به في الدرج الصاعد إلى القمة السامقة، ولكن في يسر ولين وواقعية.
                ثم نرى ثانيا في المجتمعات الإنسانية قديما وحديثا وبالأمس واليوم والغد إلى آخر الزمان واقعًا في حياة الناس لا سبيل إلى إنكاره كذلك أو تجاهله: نرى أن فترة الإخصاب في الرجل تمتد إلى سن السبعين أو ما فوقها بينما هي تقف في المرأة عند سن الخمسين أو حواليها فهناك في المتوسط عشرون سنة من سني الإخصاب في حياة الرجل لا مقابل لها في حياة المرأة. وما من شك أن من أهداف اختلاف الجنسين، ثم التقائهما امتداد الحياة بالإخصاب والإنسال وعمران الأرض بالتكاثر والانتشار، فليس مما يتفق مع هذه السنة الفطرية العامة أن نكف الحياة عن الانتفاع بفترة الإخصاب الزائدة في الرجال، ولكن مما يتفق مع هذا الواقع الفطري أن يسن التشريع الموضوع لكافة البيئات في جميع الأزمان والأحوال هذه الرخصة لا على سبيل الإلزام الفردي، ولكن على سبيل إيجاد المجال العام الذي يلبي هذا الواقع الفطري، ويسمح للحياة أن تنتفع به عند الاقتضاء، وهو توافق بين واقع الفطرة وبين اتجاه التشريع ملحوظ دائما في التشريع الإلهي لا يتوافر عادة في التشريعات البشرية؛ لأن الملاحظة البشرية القاصرة لا تنتبه له ولا تدرك جميع الملابسات القريبة والبعيدة ولا تنظر من جميع الزوايا ولا تراعي جميع الاحتمالات.
                وهو عين ما يتفق مع ما تذهب إليه المسيحية واليهودية: أنقله من كتاب الأنبا شنودة (شريعة الزوجة الواحدة فى المسيحية) من موقع القديس تكلا، فصل (عفة الزواج المسيحى) تحت عنوان (غرض الزواج المسيحي في أصله):
                1- الأصل في الزواج المسيحي هو إنجاب البنين. ولذلك يقول العلامة اثيناغوراس ناظر مدرسة الإسكندرية اللاهوتية في القرن الثاني "كل واحد منا ينظر إلى زوجته التي تزوجها حسب القوانين التي وضعت بواسطتنا، وهذه فقط لغرض إنجاب البنين، وكما أن الزارع يلقى بذاره في الأرض منتظرًا المحصول، ولا يلقى فيها أكثر،هكذا معنا...".
                ويعلق القديس اوغسطينس على غرض إنجاب البنين فيقول: "إن رابطة الزواج من القوة بحيث - على الرغم من أنها ربطت بقصد إنجاب البنين - إلا أنها لا يمكن أن تُحَل بسبب عدم إنجاب البنين. وليس مصرحا تطليق العاقر. ولا يمكن أن يتزوج شخص أزيد من زوجته الحية".
                ويقول العلامة كليمنضس الإسكندري "الزواج هو أول رابطة بين الرجل والمرأة لإنجاب بنين شرعيين".
                2- وهناك غرض آخر ورد في بدء الخليقة عند خلق حواء وهو قول الله "أصنع له معينا نظيره" (تكوين18:2). وفي هذا يقول القديس أوغسطينوس "ليس الزواج لإنجاب البنين فقط، وإنما أيضا لأجل التكوين الطبيعي للجماعة" "التعاون الاجتماعي" ويستطرد "إن شهوة الجسد تخفف بواسطة المشاعر الأبوية ومشاعر الأمومة".
                3- على أن بولس الرسول أضاف غرضًا آخر في رسالته الأولى إلى كورنثوس حيث قال "حسن للرجل أن لا يمس امرأة. ولكن لسبب الزنا ليكن لكل واحد امرأته وليكن لكل واحدة رجلها... لأن التزوج أصلح من التحرق" (9،2،1:7). وهكذا كما قال القديس أوغسطينوس "ليس لإنجاب البنين وإنما لأجل الضعف وعدم ضبط النفس". انتهى الاقتباس.
                ومن الحالات الواقعية المرتبطة بالحقيقة السالفة ما نراه أحيانا من رغبة الزوج في أداء الوظيفة الفطرية مع رغبة الزوجة عنها لعائق من السن أو من المرض مع رغبة الزوجين كليهما في استدامة العشرة الزوجية وكراهية الانفصال فكيف نواجه مثل هذه الحالات؟
                وهنا سنجد أنفسنا مرة أخرى أمام احتمال من ثلاثة احتمالات:
                1- أن نكبت الرجل ونصده عن مزاولة نشاطه الفطري بقوة التشريع
                2- أن نطلق هذا الرجل يخادن ويسافح من يشاء من النساء!
                3- أن نبيح لهذا الرجل التعدد وفق ضرورات الحال ونتوقى طلاق الزوجة الأولى.
                فالاحتمال الأول ضد الفطرة وفوق الطاقة وضد احتمال الرجل العصبي والنفسي وثمرته القريبة إذا نحن أكرهناه بحكم التشريع وقوة السلطان هي كراهية الحياة الزوجية التي تكلفه هذا العنت ومعاناة جحيم هذه الحياة وهذه ما يكرهه الإسلام الذي يجعل من البيت سكنًا ومن الزوجة أنسًا ولباسًا.
                والاحتمال الثاني ضد اتجاه الإسلام الخُلُقي، وضد منهجه في ترقية الحياة البشرية ورفعها وتطهيرها وتزكيتها كي تصبح لائقة بالإنسان الذي كرمه الله على الحيوان!
                والاحتمال الثالث هو وحده الذي يلبي ضرورات الفطرة الواقعية ويلبي منهج الإسلام الخلقي، ويحتفظ للزوجة الأولى برعاية الزوجية، ويحقق رغبة الزوجين في الإبقاء على عشرتهما وعلى ذكرياتهما، وييسر على الإنسان الخطو الصاعد في رفق ويسر وواقعية.
                وشيء كهذا يقع في حالة عقم الزوجة مع رغبة الزوج الفطرية في النسل حيث يكون أمامه طريقان لا ثالث لهما:
                1- أن يطلقها ليستبدل بها زوجة أخرى تلبي رغبته الفطرية في النسل.
                2- أو أن يتزوج بأخرى ويبقي على عشرته مع الزوجة الأولى.
                وإذا خيرت أى زوجة عاقر تعرف حدود ربها، لاختارت الحل الثانى، امتثالا لأمر ربها: (...فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا) النساء 3
                فالرخصة تلبي واقع الفطرة وواقع الحياة؛ وتحمي المجتمع من الجنوح تحت ضغط الضرورات الفطرية والواقعية المتنوعة إلى الانحلال أو الملال، والقيد يحمي الحياة الزوجية من الفوضى والاختلال، ويحمي الزوجة من الجور والظلم؛ ويحمي كرامة المرأة أن تتعرض للمهانة بدون ضرورة ملجئة ...، ويضمن العدل، الذي تحتمل معه الضرورة ومقتضياتها المريرة.
                إن أحدا يدرك روح الإسلام واتجاهه لا يقول إن التعدد مطلوب لذاته مستحب بلا مبرر من ضرورة فطرية أو اجتماعية؛ وبلا دافع إلا التلذذ الحيواني وإلا التنقل بين الزوجات كما يتنقل الخليل بين الخليلات، إنما هو ضرورة تواجه ضرورة، وحل يواجه مشكلة، وهو ليس متروكًا للهوى بلا قيد ولا حد في النظام الإسلامي الذي يواجه كل واقعيات الحياة.
                فإذا انحرف جيل من الأجيال في استخدام هذه الرخصة، إذا راح رجال يتخذون من هذه الرخصة فرصة لإحالة الحياة الزوجية مسرحًا للذة الحيوانية، إذا أمسوا يتنقلون بين الزوجات، كما يتنقل الخليل بين الخليلات، إذا أنشأوا الحريم في هذه الصورة المريبة فليس ذلك شأن الإسلام؛ وليس هؤلاء هم الذين يمثلون الإسلام. إن هؤلاء إنما انحدروا إلى هذا الدرك؛ لأنهم بعدوا عن الإسلام ولم يدركوا روحه النظيف الكريم؛ والسبب أنهم يعيشون في مجتمع لا يحكمه الإسلام، ولا تسيطر فيه شريعته، مجتمع لا تقوم عليه سلطة مسلمة تدين للإسلام وشريعته؛ وتأخذ الناس بتوجيهات الإسلام وقوانينه وآدابه وتقاليده.
                إن المجتمع المعادي للإسلام المتفلت من شريعته وقانونه هو المسؤول الأول عن هذه الفوضى، هو المسؤول الأول عن الحريم في صورته الهابطة المريبة، هو المسؤول الأول عن اتخاذ الحياة الزوجية مسرح لذة بهيمية، فمن شاء أن يصلح هذه الحال فليرد الناس إلى الإسلام وشريعة الإسلام ومنهج الإسلام؛ فيردهم إلى النظافة والطهارة والاستقامة والاعتدال، من شاء الإصلاح فليرد الناس إلى الإسلام، لا في هذه الجزئية، ولكن في منهج الحياة كلها، فالإسلام نظام متكامل لا يعمل إلا وهو كامل شامل.
                والعدل المطلوب هو العدل في المعاملة والنفقة والمعاشرة والمباشرة، أما العدل في مشاعر القلوب وأحاسيس النفوس، فلا يطالب به أحد من بني الإنسان؛ لأنه خارج عن إرادة الإنسان، وهو العدل الذي قال الله عنه في الآية الأخرى في هذه السورة (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ...) النساء 129، هذه الآية التي يحاول بعض الناس أن يتخذوا منها دليلا على تحريم التعدد، والأمر ليس كذلك، وشريعة الله ليست هازلة؛ حتى تشرع الأمر في آية، وتحرمه في آية بهذه الصورة التي تعطي باليمين وتسلب بالشمال، فالعدل المطلوب في الآية الأولى؛ والذي يتعين عدم التعدد إذا خيف ألا يتحقق؛ هو العدل في المعاملة والنفقة والمعاشرة والمباشرة وسائر الأوضاع الظاهرة بحيث لا ينقص إحدى الزوجات شيء منها؛ وبحيث لا تؤثر واحدة دون الأخرى بشيء منها على نحو ما كان النبي  وهو أرفع إنسان عرفته البشرية، يقوم به في الوقت الذي لم يكن أحد يجهل من حوله ولا من نسائه أنه يحب عائشة رضي الله عنها، ويؤثرها بعاطفة قلبية خاصة لا تشاركها فيها غيرها، فالقلوب ليست ملكًا لأصحابها، إنما هي بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء، وقد كان  يعرف دينه ويعرف قلبه فكان يقول (اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك).
                ونعود فنكرر قبل أن نتجاوز هذه النقطة أن الإسلام لم ينشىء التعدد، إنما حدده، ولم يأمر بالتعدد إنما رخص فيه وقيده، وأنه رخص فيه لمواجهة واقعيات الحياة البشرية، وضرورات الفطرة الإنسانية. وإذا كانت الكتب التى سبقت الإسلام أباحت لأنبياء الله والمؤمنين بهم التعدد، فلماذا يُعاب الإسلام الذى نظم هذا التعدُّد وحدَّده؟ وبماذا لا يُعاب الدين الذى فتح باب التعدُّد على مصراعيه؟
                إن هذا هو المنهج الربانى، الذى قصر البشر في فترة من فترات التاريخ عن استيعاب كل ما وراءه من حكمة ومصلحة؛ فالحكمة والمصلحة مفترضتان وواقعتان في كل تشريع إلهي سواء أدركهما البشر أم لم يدركوهما في فترة من فترات التاريخ الإنساني القصير عن طريق الإدراك البشري المحدود!
                * * * * *
                ما هو تعريف الطفلة؟
                ثم ننتقل إلى تعليق الكاتب على زواج النبى  بطفلة فى التاسعة:
                فما هو تعريف الطفلة؟
                تقول موسوعة الويكيبيديا: (مصطلح الطفولة غير محدد وقد يطلق على فترات مختلفة من نمو الإنسان. لكنها في علم النفس التنموي تطلق على الفترة ما بين الرضاعة والبلوغ.) وهو نفس تعريف الطفولة أو الطفل فى الإسلام، وهو الشخص الذى لم يبلغ الحُلُم. أمَّا التعريفات القانونية للطفل، التى تعتبر الإنسان ما دون ال 18 طفلا، مثل تعريف الأمم المتحدة، فهى تعريفات خاصة بالتقنين، أى من الناحية القانونية، وهذا يخرج عن إطار موضوعنا.
                ومن المعروف طبيًا أن الفتاة تأتيها الدورة فى عمر 8 سنوات على حد أدنى. وهذا يتوقف على درجة حرارة المنطقة التى تعيش فيها، ففى المناطق الحارة تنضج الفتاة أسرع من الفتاة التى تعيش فى المناطق الباردة. إلا أننا فوجئنا بظهور فتاة على شاشات التلفاز تم اغتصابها، وتحمل طفلها وهى فى الثامنة من عمرها، أى كانت امرأة ناضجة جنسيًا وهى فى سن السابعة. راجع هذا اليوتيوب
                http://www.youtube.com/watch?v=I1VIaDNG0UM
                والآن يضح للكاتب والقارىء أن ابنة تسع سنوات قد تكون امرأة مكتملة الأنوثة، وقد تكون على عتبات الأنوثة الكاملة. وعلى ذلك ليس لدى العقل أدنى عائق أن يتقبل زواج المرأة ذات ال 8 أو ال 9 سنوات، بشرط اكتمال أنوثتها. أما عملية تقبلها النفسى أو تمهيدها لتقبل تبعات علاقة الفراش بين الزوج وزوجته فهى عملية تربية وتعليم وتثقيف. وتستغرق بعض الفتيات من بداية البلوغ إلى الفترة الأولى للطمث 6 أشهر، بينما قد تصل عند فتيات أخريات إلى 3 سنوات.
                وأتذكر وأنا فى ألمانيا أن قالت لى احدى المدرسات الألمانيات أنه ابتداءً من سن العاشرة أو الاثنى عشر على أقصى تقدير تهتم الأم بإعطاء ابنتها أقراص منع الحمل، حيث يندر أن تجد فتاة عذراء فى الثانية عشر من عمرها. ولن أبحث كثيرًا عن عمر مزاولة الفتاة الأوروبية أو الأمريكية سواء من العرق الإفريقى أو الأوروبى للجنس، فيكفى أن تعلم أنه حوالى مليون فتاة أمريكية تمارس الجنس قبل الخامسة عشر، وأنه سنويًا يقمن أربعمائة ألف فتاة قاصر بعمليات إجهاض. بل يكفى أن تعلم أن السيدة مريم أم يسوع أنجبت ابنها الأول وهى فى الثانية عشر من عمرها، كما صرحت دائرة المعارف الكاثوليكية، ولم يختلف كاتب مسيحى حول هذه المعلومة، أى كانت أنثى مكتملة الأنوثة فى الحادية عشر من عمرها.
                ومازال البعض يلف ويدور حول مساوىء الزواج المبكر للإناث، وفى الحقيقة طالما أن الفتاة اكتمل نموها وأتتها الدورة الشهرية، فلا ضرر عليها، إلا إذا فى حالات معينة مع شخص محدد. وهذا تعليق اليونيسيف على أضرار الزواج المبكِّر فى أيامنا هذه، ولا ننسى أنه من الخطأ أن نجرد الحدث من زمانه ومكانه:
                1- عدم إكمال التعليم. 2- الحمل المبكر.
                3- ظلم الزوج لزوجته بأن يعنفها أو ما شابه. والنبي بشهادة السيدة عائشة قالت كان خلقه القرآن، وما ضرب رسول الله  امرأة قط. والمتتبع لقصة حب السيدة عائشة للرسول  ليدرك كم كانت شديدة الغيرة عليه حتى من السيدة خديجة وهى فى زمة الله، وكن كانت تحبه، حتى إنه خيرها بين أن تتحمل شظف العيش معه، أو يُطلقها، فقبلت الكفاف عن أن تتركه، ودون أن ترجع لوالديها لتستشيرهما.
                كلنا يعلم أن السيدة خولة بنت حكيم الخاطبة خيَّرت الرسول  بين أنثتين، كلاهما صالح للزواج، وكانت تتمنى أن تسد أيًا منهما الفراغ الذى حدث للرسول  بعد موت السيدة خديجة . ومعنى ذلك أن الخاطبة رأت أن السيدة عائشة أنثى ناضجة واضحة معالم الأنوثة في نظر خولة (كإمرأة) على الأقل، أو آخذة فيها، وتصلح للزواج. الأمر الذى رأى فيه الرسول  أن سن عائشة أصغر من أن تتحمَّل تبعات الزواج، وتعليم المؤمنات، فأجَّل دخوله بها، ثلاث سنوات أو أقل قليلا، حتى تزداد نضجًا.
                إذن فليس لدينا مشكلة مطلقًا أن تتزوج الفتاة فى سن التاسعة طالما أنها نضجت جنسيًا. إلا أن هناك حسابات تاريخية أخرى، عندما يفكر المرء فيها يجد أن السيدة عائشة كانت أكبر من هذا العمر، المفترض فيه أنها تزوجت بالرسول . وهذه الجوانب لها ما يؤكدها من الناحية التاريخية والدينية:
                متى ولدت السيدة عائشة؟
                هناك رأيان:
                أحدهما يؤكد أن السيدة عائشة ولدت قبل بعثة النبى  بأربع سنوات.
                والآخر يقول إنها ولدت بعد البعثة بأربع سنوات.
                ومن الجدير بالذكر أن الدعوة أصبحت جهرية تقريبًا فى نهاية العام الثالث من البعثة. ومعنى ذلك لو ولدت السيدة عائشة بعد البعثة بأربع سنوات، وبعد ست سنوات تكون قد نضجت، ومن الممكن أن تُخطب، أى مرت عشر سنوات على الدعوة، وشاع أمر إسلام أبى بكر ومناصرته الرسول ، وخروجه عن دين الشرك والوثنية، ما كانت خُطبت لجبير بن مطعم، الذى كان أبوه كارهًا لأن يزوج ابنه من فتاة خرج أبوها عن دين آبائه ويسفهها، وخشى أن يرتد ابنه عن الوثنية والشرك.
                وعلى ذلك لم يتبق أمامنا إلا أنها ولدت قبل البعثة بأربع سنوات، أى كان الفارق العمرى بينها وبين الرسول  36 سنة. ماتت خديجة  وكان عمر الرسول  وقتها 50 عامًا، وهاجر الرسول بعد ذلك بثلاث سنوات، وبنى بالسيدة عائشة فى نهاية السنة الهجرية الأولى، أى كان عمره 54 سنة. نطرح منها فرق العمر بينهما، أى كان عمرها 18 سنة.
                وبحساب آخر: (2)
                لو ولدت السيدة عائشة بعد البعثة بأربع سنوات، لكان فرق العمر بينهما 44 سنة يوم مولدها. ولو طرحنا هذا الرقم من عمره بعد سنة من الهجرة (55)، يكون عمرها عند الزواج 11 سنوات. لكن هذا سيسبب لنا مشاكل أخرى: لأنه فى عام 4 بعد البعثة، كانت الدعوة الجهرية للإسلام قد انتشرت من سنة مضت، وشاع أن أبا بكر من أتباع الرسول ، فكيف خطب عائشة رضى الله عنها لابنه جبير، وهو غير راضى عن الإسلام، ويخشى على ابنه اتباعه؟
                وبحساب آخر: (3)
                توفت السيدة خديجة رضى الله عنها وعمر الرسول  50 سنة، ومكث الرسول  3 سنوات و7أشهر فى مكة بين كونه أرمل وزوج للسيدة سودة بنت زمعة. ثم خطب السيدة عائشة، واستمرت الخطبة 3 سنوات إلى أن بنى بها. أى 50 + 3,7 + 3 = 56,7. وهذا عمر الرسول  عند زواجه بالسيدة عائشة.
                فإذا ما طرحنا الفرق بين الاثنين لحصلنا على هذه النتائج:
                56,7 – 36 = 20,7 سنة (على أساس أنها ولدت قبل البعثة بأربع سنوات)
                56,7 – 44 = 12,7 سنة (على أساس أنها ولدت بعد البعثة بأربع سنوات)
                وبحساب آخر: (4)
                توفت السيدة خديجة رضى الله عنها وعمر الرسول  50 سنة، ومكث الرسول  3 سنوات و7أشهر فى مكة بين كونه أرمل وزوج للسيدة سودة بنت زمعة. ثم هاجر إلى المدينة وبعد سنة تقريبًا بنى بها. أى 50 + 3,7 + 1 = 54,7. وهذا عمر الرسول  عند زواجه بالسيدة عائشة.
                فإذا ما طرحنا الفرق بين الاثنين لحصلنا على هذه النتائج:
                54,7 – 36 = 18,7 سنة (على أساس أنها ولدت قبل البعثة بأربع سنوات)
                54,7 – 44 = 10,7 سنة (على أساس أنها ولدت بعد البعثة بأربع سنوات)
                وبحساب آخر: (5)
                توفى الرسول  وعائشة عمرها 18 سنة، فيكون عمرها فى أول الهجرة 9 سنوات، وبنى بها الرسول  بعد سنة من الهجرة، فيكون عمرها 10 سنوات عند بناء الرسول  بها.
                وبحساب آخر: (6)
                ولو كان عمرها وقت الهجرة هو 6 سنوات، فمعنى ذلك أنها ولدت عام 6 قبل الهجرة، أى فى العام السابع من بداية الدعوة، وبعد 4 سنوات من بداية الدعوة الجهرية. فكيف خطبها جبير بن مطعم وهو كاره للإسلام، ويخشى خروج ابنه عن عبادة آبائه؟ وهذه الحسبة دون أن نجبر كسور السنة الأولى والأخيرة كعادة العرب.
                وبحساب آخر: (7)
                كانت أسماء أسن من عائشة بحوالى 16 سنة، حيث ماتت عام 73 هـ، وكان عمرها 100 سنة. ومعنى هذا أنها ولدت عام 27 قبل الهجرة، أى عام 14 قبل البعثة. وعلى ذلك ولدت عائشة  بعد البعثة بسنتين، وليس 4 سنوات. فيكون عمرها وقت الهجرة 11,7 سنة، ولو بنى بها الرسول  بعد الهجرة بسنة، لكان عمرها 12,7 سنة.
                وبحساب آخر: (8)
                كانت أسماء أسن من عائشة بحوالى 10 سنوات فقط. وماتت أسماء عام 73 هـ، وكان عمرها 100 سنة. أى ولدت عام 27 قبل الهجرة، أى عام 14 قبل البعثة. وبما أن كل أبناء أبى بكر ولدوا فى الجاهلية، أى قبل البعثة، فتكون السيدة عائشة قد ولدت عام 4 قبل البعثة. وعلى ذلك يكون عمرها عند الزواج بالنبى  حوالى 19 سنة: 4 + 13,7 مدة الإقامة فى مكة + 1 بعد الهجرة = 18,7 سنة.
                وبحساب آخر: (9)
                لو كانت أسماء (التى ولدت عام 27 قبل الهجرة) أكبر من عائشة بحوالى 14 سنة، كما تقول بعض المصادر، لكانت السيدة عائشة ولدت سنة البعثة، ولو صدق هذا، لكان زواجها وهى ابنة 9 سنوات تمَّ فى مكة وليس فى المدينة. ولا يقول أحد بذلك.

                تعليق

                • abubakr_3
                  مشرف عام

                  • 15 يون, 2006
                  • 849
                  • مسلم

                  #53
                  وبحساب آخر: (10)
                  ولدت السيدة فاطمة عام بناء الكعبة، وكان عمر النبى 35 سنة، وكانت أسن من السيدة عائشة 5 سنوات. ومعنى هذا أن النبى  أسن من السيدة عائشة 40 سنة. وبما أنه بنى بها وعمره 57,7، فيكون عمرها إذن وقتها 17,7 سنة.
                  وبحساب آخر: (11)
                  كانت السيدة فاطمة أسن من السيدة عائشة بحوالى 5 سنوات، وكان الرسول  يكبر السيدة فاطمة بحوالى 35 سنة. ومعنى هذا أن السيدة عائشة ولدت سنة البعثة أو قبيل هذا العام. وعلى ذلك يكون عمرها وقت الهجرة 14 أو 13,7 سنة. ويكون الرسول  قد بنى بها عن عمر 15 أو 14,7 سنة.
                  ومن المعلوم أن الأزمنة القديمة قبل تحديد التاريخ وتثبيته غير مضبوطة. والدليل على ذلك أن تاريخ ميلاد يسوع الذى تؤلهه غير معلوم. فقد ولد يسوع تبعًا لإنجيل متى قبل وفاة هيرودس الكبير، أى ما قبل 4 ق.م.؛ لأن هيرودس مات فى هذا التوقيت. وهربت أسرة يسوع إلى مصر (؟)، واستقرت بها عدة سنوات. اختلفت المصادر فيها، فمنهم من قال سنتين، ومنهم من قال أكثر من ذلك إلى 12 سنة، ومنهم من قال أقل من ذلك. لكن لو أخذنا أقل تقدير وهو سنة واحدة، لقلنا إنه ولد عام 5 أو 6 ق.م. مع العلم أن بعض الكنائس تحدد سنة 7 ق.م. لميلاد يسوع، وهذا على الرغم من أن التاريخ الميلادى مؤرخ ب (1) ميلادية وهى سنة مولده. ومعنى ذلك أن العالم يسير على نهج تاريخ خاطىء، بدأ منذ قديم الزمان.
                  وعلى الرغم من ذلك تجد أن لوقا الموحى إليه أيضًا يقول إن يسوع ولد سنة الإكتتاب العام ومن والى سوريا كيرينوس، أى فى عام 11 أو 12 ميلادية. أى إن الفارق الزمنى بينهما 17 أو 18 سنة (بحساب سنة صفر قبل النزول إلى ما قبل الميلاد). ولم يتمكن من تؤلهونه أو من يوحى إليهم من ضبط هذه التواريخ: لا سنة مولده ولا يوم مولده.
                  ففى الوقت الذى يحتفل فيه الأرثوذكس بالسابع من يناير كيوم مفترض لميلاد يسوع، يحتفل الكاثوليك والإنجيليين بالخامس والعشرين من ديسمبر كيوم مفترض لميلاده.
                  ولو علمنا أن مريم ولدت عام 18 ق.م.، كما تقول بعض التقديرات، تكون مريم قد أنجبت يسوع عن عمر 11 أو 12 سنة، أى قد حملت به فى عمر 10 أو 11 سنة. فهل الفتاة فى هذا العمر ليست بطفلة بمنظورنا اليوم؟ وهل لم يجد الإله امرأة ناضجة ليتجسد منها بدلا من الفتاة الصغيرة والمخطوبة لرجل آخر؟ ومن الممكن أن نتساءل: أين جمعيات الدفاع عن حقوق الطفل؟ وهذه التقديرات تجعل البعض يُشكك من الأساس فى وجود شخص يُدعى يسوع، كما هو شائعًا الآن فى الغرب. وذلك لأنهم فصلوا الزمان والمكان عن الحدث.
                  وإذا كان الفاتيكان قد احتفل بالعيد الألفين للعذراء عام 1988/1989، فمعنى ذلك أنها ولدت عام 11/12 ق.م.، وأنها أنجبت يسوع عام 6/5 ق.م. أى عن عمر 5 أو 6 سنوات، وحملت به فى عمر 4 أو 5 سنوات. وهذا طبعًا مُحال، ولكن عدم الدقة فى تأريخ الأحداث القديمة هو السبب، بغض النظر عما تدعونه من قداسة ووحى لهذا الكلام.
                  ولا تتعجب أن يكتب الكاتب الموحى إليه هذا الكلام، فقد كتب فى رواية فى كتابكم أن الأب أنجب ابنه قبل أن يولد الأب بسنتين!! أى إن الابن سبق وجود أبيه على قيد الحياة بسنتين!! أى إن أمه الأصغر من أبيه حملت به قبل أن تولد!!
                  مات يهورام عن عمر 40 سنة: (20كَانَ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَذَهَبَ غَيْرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ وَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ وَلَكِنْ لَيْسَ فِي قُبُورِ الْمُلُوكِ) أخبار الأيام الأول 21:
                  ونصَّبوا ابنه الأصغر عقبًا عنه، وكان عمر ابنه وقت ممات الأب 42 سنة: (1وَمَلَّكَ سُكَّانُ أُورُشَلِيمَ أَخَزْيَا ابْنَهُ الأَصْغَرَ عِوَضاً عَنْهُ .... 2كَانَ أَخَزْيَا ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ سَنَةً وَاحِدَةً فِي أُورُشَلِيمَ وَاسْمُ أُمِّهِ عَثَلْيَا بِنْتُ عُمْرِي.) أخبار الأيام الثانى 22: 1-2
                  على الرغم من أنها فى نفس الكتاب فى سفر الملوك الثانى 22 عامًا: (26وَكَانَ أَخَزْيَا ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سَنَةً وَاحِدَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ عَثَلْيَا بِنْتُ عُمْرِي مَلِكِ إِسْرَائِيلَ) ملوك الثانى 8: 26
                  لذلك عدلتها التراجم الأخرى، لأن وجود مثل هذا الخطأ الفادح يُثبت أن هذا الكتاب غير مقدس، ولا علاقة للرب به:
                  فكتبتها (طبعة الترجمة المشتركة عن الترجمة السبعينية) 20 سنة (2وكان أخَزْيَا ابن عشرين سنة حين ملك ، وملك سنة واحدة بأورشليم ، وكان اسم أمه عثليا بنت عَمرى) أخبار الأيام الثانى 22: 2
                  وكتبتها (طبعة كتاب الحياة من النسختين السريانية والعربية، وكل تراجم الكتاب المقدس الأوربية) 22 سنة: (وكان أخزيا فى الثانية والعشرين من عمره حين تولى الملك، ودام حكمه سنة واحدة فى أورشليم، واسم أمه عثليا، وهى حفيدة عُمرى)
                  وإجابة عن السؤال: متى أغار نبوخذناصر ملك بابل على أورشليم؟ يعطينا الكتاب المقدس جدًا إجابتين:
                  فى السنة التاسعة لمُلك صِدقيا: (1وَفِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِمُلْكِهِ فِي الشَّهْرِ الْعَاشِرِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ، جَاءَ نَبُوخَذْنَصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ هُوَ وَكُلُّ جَيْشِهِ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَنَزَلَ عَلَيْهَا، وَبَنُوا عَلَيْهَا أَبْرَاجاً حَوْلَهَا.) الملوك الثانى 25: 1
                  فى السنة الثامنة عشر لمُلك صِدقيا: (29وَفِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ عَشَرَةَ لِنَبُوخَذْنَصَّرَ سُبِيَ مِنْ أُورُشَلِيمَ ثَمَانُ مِئَةٍ وَاثْنَانِ وَثَلاَثُونَ نَفْساً.) إرمياء 52 : 29
                  وكإجابة على في أي يوم جاء «نبوزاردان» رئيس الشرطة كي يدمر الهيكل؟ يعطينا الكتاب إجابتين:
                  فى اليوم السابع من الشهر الخامس: (8وَفِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ فِي سَابِعِ الشَّهْرِ، وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، جَاءَ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ عَبْدُ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ،) ملوك الثاني 25: 8
                  فى اليوم العاشر من الشهر الخامس: (12وَفِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ (وَهِيَ السَّنَةُ التَّاسِعَةُ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ) جَاءَ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ الشُّرَطِ الَّذِي كَانَ يَقِفُ أَمَامَ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ) إرميا 52: 12
                  وكإجابة على: متى أخذ نبوخذناصر ملك بابل يهوياكين ملك يهوذا وأسرته؟ يعطينا الكاتب الموحى إليه إجابتين:
                  فى السنة الثامنة: (12فَخَرَجَ يَهُويَاكِينُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى مَلِكِ بَابِلَ هُوَ وَأُمُّهُ وَعَبِيدُهُ وَرُؤَسَاؤُهُ وَخِصْيَانُهُ، وَأَخَذَهُ مَلِكُ بَابِلَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ مِنْ مُلْكِهِ) الملوك الثانى 24: 12
                  فى السنة السابعة: (28هَذَا هُوَ الشَّعْبُ الَّذِي سَبَاهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ. مِنَ الْيَهُودِ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ وَثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ.) إرمياء 52 : 28
                  ومتى تولَّى أخزيا بن يهورام الحكم؟ يعطينا الكتاب أيضًا إجابتين مختلفتين:
                  فى السنة الثانية عشر من حُكم يهورام ملك إسرائيل: (25فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ لِيُورَامَ بْنِ أَخْآبَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، مَلَكَ أَخَزْيَا بْنُ يَهُورَامَ مَلِكِ يَهُوذَا.) ملوك الثانى 8: 25
                  فى السنة الحادية عشر من حُكم يهورام ملك إسرائيل: (29فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ لِيُورَامَ بْنِ أَخْآبَ، مَلَكَ أَخَزْيَا عَلَى يَهُوذَا.) ملوك الثانى 9: 29
                  ونكرر مرة أخرى ذكر التباين الكبير فى السنوات، بل فى القرون بين حساب وحى الرب لكاتب ما يسمونها التوراة العبرانية واليونانية والسامرية، نقلا من موسوعة أخطاء الكتاب المقدس، المسمَّاة (البهريز فى الكلام اللى يغيظ):
                  س496- متى أنجب آدم عليه السلام أول أبنائه؟
                  عندما كان عمره 130 سنة على النسخة العبرانية
                  عندما كان عمره 230 سنة على النسخة اليونانية
                  عندما كان عمره 130 سنة على النسخة السامرية
                  س497- متى أنجب شيت عليه السلام أول أبنائه؟
                  عندما كان عمره 105 سنة على النسخة العبرانية
                  عندما كان عمره 205 سنة على النسخة اليونانية
                  عندما كان عمره 105 سنة على النسخة السامرية
                  س498- متى أنجب أنوش أول أبنائه؟
                  عندما كان عمره 90 سنة على النسخة العبرانية
                  عندما كان عمره 190 سنة على النسخة اليونانية
                  عندما كان عمره 90 سنة على النسخة السامرية
                  س499- متى أنجب قينان أول أبنائه؟
                  عندما كان عمره 70 سنة على النسخة العبرانية
                  عندما كان عمره 170 سنة على النسخة اليونانية
                  عندما كان عمره 70 سنة على النسخة السامرية
                  س500- متى أنجب مهلائيل أول أبنائه؟
                  عندما كان عمره 65 سنة على النسخة العبرانية
                  عندما كان عمره 165 سنة على النسخة اليونانية
                  عندما كان عمره 65 سنة على النسخة السامرية
                  س501- متى أنجب يارد أول أبنائه؟
                  عندما كان عمره 162 سنة على النسخة العبرانية
                  عندما كان عمره 162 سنة على النسخة اليونانية
                  عندما كان عمره 62 سنة على النسخة السامرية
                  س502- متى أنجب حنوك أول أبنائه؟
                  عندما كان عمره 65 سنة على النسخة العبرانية
                  عندما كان عمره 165 سنة على النسخة اليونانية
                  عندما كان عمره 65 سنة على النسخة السامرية
                  س503- متى أنجب متوشالح أول أبنائه؟
                  عندما كان عمره 187 سنة على النسخة العبرانية
                  عندما كان عمره 187 سنة على النسخة اليونانية
                  عندما كان عمره 67 سنة على النسخة السامرية
                  س504- متى أنجب لامك أول أبنائه؟
                  عندما كان عمره 182 سنة على النسخة العبرانية
                  عندما كان عمره 188 سنة على النسخة اليونانية
                  عندما كان عمره 53 سنة على النسخة السامرية
                  وتراجم سلسلة النسب من آدم إلى نوح مذكورة فى قاموس الكتاب المقدس فى الصفحات التالية على حسب ترتيب الأسماء فى الأسئلة: 3 ، 531، 127 ، 756، 927، 1045، 32، 836، 805، 982، (وانظر أيضا سفر التكوين 5: 1-32) (نقلا عن إظهار الحق الجزء الثانى ص 431، تحقيق الدكتور محمد أحمد ملكاوى)
                  س505- ولما كان نوح فى زمن الطوفان ابن (600) سنة على وفق النسخ الثلاثة: العبرانية واليونانية والسامرية، وبما أن آدم قد عاش (930) سنة، فيلزم على وفق النسخة السامرية أن يكون نوح عليه السلام حين مات آدم ابن (223) سنة. وهذا باطل باتفاق المؤرخين وتكذبه العبرانية واليونانية: إذ ولادته على وفق العبرانية بعد موت آدم عليه السلام ب(126) سنة، وعلى وفق اليونانية(732) سنة.
                  لأننا إذا طرحنا عمر آدم من زمن الطوفان فالحاصل ما يلى: 1307 - 930 = 377، فيكون آدم مات قبل الطوفان ب 377 سنة، وبما أن نوح ولد قبل الطوفان ب 600 سنة على وفق النسخ الثلاث، فإذا طرحنا منها 377 يكون الحاصل 223 سنة.
                  فعلى وفق السامرية يكون نوح قد عاش فى حياة آدم عليهما السلام 223 سنة ، وهو باطل بالإجماع. بينما نوح لم ير آدم لأنه على حساب العبرانية ولد بعد موت آدم بـ 126 سنة ، وعلى حساب اليونانية ولد بعد موت آدم ب 732 سنة.
                  ولأجل الاختلاف الفاحش لم يعتمد المؤرخ اليهودى يوسيفوس المعتبر عند النصارى على نسخة من النسخ المذكورة ، واختار أن تكون المدة (2256) سنة.
                  فهل مثل هذه الكتب من وحى الله؟ وهل هذه الكتب حفظها الله من أيدى العابثين أو من عوامل الزمن؟ وهل وحى الله يرفضه مؤرخ ويصححه؟
                  س506- كم مر من الزمان بين الطوفان وولادة إبراهيم عليه السلام؟
                  292 عاماً وفق النسخة العبرانية
                  1072 على وفق اليونانية
                  942 على وفق السامرية
                  س507- كم مر من الزمان من موت نوح إلى ولادة إبراهيم عليه السلام؟
                  58 عاماً وفق النسخة العبرانية
                  722 على وفق اليونانية
                  592 على وفق السامرية
                  وذلك بطرح 350 سنة التى تمثل الزمان من الطوفان إلى موت نوح (باتفاق النسخ الثلاث) من حساب الزمان من الطوفان إلى ولادة إبراهيم (س501).
                  وعلى ذلك لا بد أن تكون ولادة إبراهيم قبل موت نوح بـ 58 سنة ، أى إن إبراهيم رأى نوحاً وعاش فى حياته 58 عاماً ، بينما لم ير إبراهيم نوحاً ، لأنه على حسب اليونانية ولد بعد موت نوح بـ 722 سنة ، وعلى حسب السامرية ولد بعد موت نوح بـ 592 سنة.
                  فأين كان الرب الذى أوحى هذا الكلام؟ وكيف يحدث الرب كل هذه الأخطاء؟ أم هل نسى الوحى الذى نزل بكلام الرب؟ ألم يعرف الرب مَن الذى ولد قبل مَن؟
                  س508- كم مر من الزمان من خلق آدم إلى الطوفان؟
                  1656 سنة وفق النسخة العبرانية
                  2262 سنة وفق النسخة اليونانية
                  1307 سنة وفق النسخة السامرية
                  س509- كم مر من الزمان من خلق آدم إلى ولادة نوح؟
                  1056 سنة وفق النسخة العبرانية
                  1662 سنة وفق النسخة اليونانية
                  707 سنة وفق النسخة السامرية
                  س510- كم مر من الزمان من موت آدم إلى الطوفان؟
                  726 سنة وفق النسخة العبرانية
                  1332 سنة وفق النسخة اليونانية
                  377 سنة وفق النسخة السامرية
                  س511- كم مر من الزمان من موت آدم إلى ولادة نوح؟
                  126 سنة وفق النسخة العبرانية
                  732 سنة وفق النسخة اليونانية
                  223 سنة وفق النسخة السامرية (بعد ولادة نوح وقبل موت آدم)
                  وعلى هذا الحساب يكون نوح قد رأى آدم وعاش فى حياته 223 سنة. بينما لم ير آدم نوح لأنه على حساب العبرانية ولد بعد موت آدم بـ 126 سنة ، وعلى حساب اليونانية ولد بعد موت آدم بـ 732 سنة.
                  زواج وحمل في السابعة من العمر في الكتاب المقدس جدًا (بلال _41)
                  متى تزوج فارص بن يهوذا بن يعقوب؟
                  كانت المدة الزمنية من وقت رمى يوسف  فى الجب (البئر) حتى دخول يعقوب  وذريته مصر 22 سنة. وحسابها كالآتى:
                  كان عمر يوسف 17 سنة عندما رماه اخوته فى الجب (تكوين 37: 2)
                  كان عمر يوسف 30 سنة عندما وقف أمام فرعون (تكوين 41: 42)
                  مرت بعد ذلك 7 سنين رخاء (تكوين 41: 53)
                  ثم مرت 2 سنة من الجوع (تكوين 45: 6)، وبعد ذلك دخل يعقوب وبنوه مصر.
                  وعلى ذلك عمر يوسف 39 سنة، وبطرح عمره وقت رميه فى الجب، أى 39 – 17 = 22 سنة، وهى المدة الزمنية، التى مرت من وقت رمى يوسف فى الجب.
                  فى هذه الفترة الزمنية (22 سنة) تزوج يهوذا أخو يوسف وأنجب (عير) (تكوين 37: 1-5)، ونحسب أن هذا استغرق عام واحد. وبعد ذلك أنجبت زوجته (شيلة)، ونحسب على الأقل سنة أخرى، ثم من (تكوين 37: 6-10) نقرأ أن (عير) تزوج (ثامار)، وأقل عمر نحسبه له فى زواجه هذا 10 سنوات، لأن الفارق الزمنى بين عمرو بن العاص وابنه كان 11 سنة.
                  ومعنى ذلك أنه مر حتى الآن من زواج يهوذا إلى زواج ابنه (عير) 11 سنة. وعلى ذلك يتبقى من ال 22 سنة 11 سنة. ومات (عير) دون أن ينجب من زوجته، فتزوجها (أونان) ومات هو أيضًا دون أن يُنجب منها. وانتظرت (ثامار) ابن يهوذا الثالث (شيلة) حتى يكبر، ولا يمكن أن يكون هذا فى أقل من سنة أخرى، وبذلك يكون مر من هذه المدة 12 سنة، ثم زنى يهوذا الأب وحمى ثامار بها، وأنجبت منه طفلين هما فارص وزارح. ونضيف سنة أخرى فيكون قد مرت 13 سنة. ومن مجموع 22 يتبقى 9 سنوات. وهذا هو عمر فارص وأخيه عند دخولهما مصر. ثم يذكر أسماء الذين دخلوا مصر مع يعقوب ويذكر من بينهم فارص، ويذكر أن لفارص ابنين دخلوا معه مصر هما، حصرون وحامول (تكوين 46: 12). ومعنى ذلك أن فارص كان ناضجًا، يمكنه أن يتزوج، ويقوم بما يقوم به الرجال وعمره 7 أو 8 سنوات. ولو افترضنا أن زوجته كانت أصغر منه سنة واحدة، فهذا يعنى أن زوجته حملت منه وعمرها 6 أو 7 سنوات أو أقل من ذلك. فهل تُصدِّق عزيزى الكاتب هذا الكلام المقدس؟ ولو كنت تصدقه، فلماذا تستكثر أن تتزوج ابنة 9 سنوات، وتعتبرها أنثى كاملة؟
                  فهل كانت هذه الزيجات حلالاً، وشرعية، ويتوجها العقل والمنطق، بينما زواج الرسول  وحده كان هو المُعاب، والمخالف لحقوق الإنسان، والمعارض للمنطق والفطرة السليمة؟! ألا يثير هذا التعجب لديك أيها الكاتب، إن كنت منصفًا؟
                  لماذا لم ينكر عليه أو على والديها هذه الزيجة المبكرة أحد من المعاصرين من اليهود أو المسيحيين أو الرومان أو الفرس أو حتى المشركين من أهل قريش، الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر وقوعه فى مشكلة ما فيكبرونها، ويهوِّلونها للناس، حتى يردوهم عن الإسلام؟ فلو كان فارق السن بينهما غريبًا، أو كان سن السيدة عائشة ملفتًا للنظر أو مثيرًا للتعجب، لانتقده كفار قريش، ولعاب اليهود على السيدة مريم ويوسف فرق السن الكبير بينهما (أكثر من سبعين سنة). فلم يكن فارق السن الكبير، أو تزوج البنت الصغيرة البالغة قط خارج العادة في تاريخ البشرية.
                  وهذا الاختلاف فى حساب السنين والأيام ينطبق أيضًا على يوم ممات يسوع الإله (؟)، فقد اتفقت الأناجيل المتوافقة: متى ومرقس ولوقا على أن موت يسوع كان يوم الجمعة، بينما يقول وحى يوحنا إنه صُلب يوم الخميس: فقد كان العشاء الأخير فى اليوم الأول من الفطير عند مرقس 14: 12 ولوقا 22: 8 ومتى 26: 17 ، إلا أنه كان عند يوحنا بعد موت يسوع وقيامته يوحنا 18: 28. وعلى ذلك يكون يوم القبض عليه مساء يوم الخميس عند مرقس ولوقا ومتى، ويكون مساء الأربعاء عند يوحنا. وبالتالى يكون يوم الصلب هو يوم الجمعة عند مرقس ولوقا ومتى ، ويكون يوم الخميس عند يوحنا.
                  وكذلك اختلفوا فى وقت محاكمة يسوع، فقد كانت فى الليل عقب القبض عليه، عند مرقس 14: 53 ومتى ويوحنا، إلا أن وحى لوقا خالفهم وجعل المحاكمة الأولى فى النهار، فقال له الوحى: (ولما كان النهار اجتمعت مشيخة الشعب ورؤساء الكهنة والكتبة وأصعدوه إلى مجمعهم (22: 66)، أى كانت محاكمته يوم الخميس عند مرقس ومتى، وكانت يوم الأربعاء عند يوحنا، وكانت يوم الجمعة عند لوقا.
                  كما اختلفت الأناجيل الموحى بها من الرب فى تحديد الساعة التى صُلب فيها يسوع: فقد كان وقت الصلب فى الساعة الثالثة عند مرقس 15: 25، وكانت نحو الساعة السادسة عند يوحنا 19: 14، أى صلب نهارا عند مرقس، وليلاً عند يوحنا، وسكت لوقا ومتى عن تحديد الوقت.
                  ومن هنا يتضح لنا جميعًا أن الرب يسوع/يهوه فشل فى ضبط تاريخ ميلاده، وتاريخ تجسده، وتاريخ موته. وكذلك فشل فى العهد القديم الموحى به أيضًا منه أن يضبط التواريخ.
                  وقبل أن ندخل فى عمر السيدة عائشة عند بناء الرسول  بها، علينا أن لا نفصل حدث زواجها عن الزمان والمكان، الذى فيهما عاشت السيدة عائشة . فعلينا أن نتساءل: هل تزوج أحد فى هذا الزمان وفى هذا المكان فى هذا العمر؟
                  فإن كانت الإجابة بنعم، فهذا يغنينا عن البحث والرد على هذا التساؤل. وإن كانت الإجابة بلا، لا يوجد، فهنا يكون سائل السؤال معه كل الحق فى النقد الموجه لهذه الزيجة. فهل تزوج أحد فى هذا الزمان وفى هذا المكان فى هذا العمر؟
                  نعم، نعم، ثم نعم! لقد تزوج عمرو بن العاص وعمره على أعلى تقدير 10 سنوات، وكان الفرق بينه وبين ابنه 11 سنة. إذ من الممكن أن يكون قد تزوج قبل ذلك، ولم ينجب لعدة أشهر أو لسنة. ولو كانت زوجته أصغر منه بسنة واحدة فقط، لكان عمرها وقت الزواج 9/8 سنوات. أى فى عمر السيدة عائشة.
                  ثم هل أنكر أحد أهل هذا الزمن عليه هذه الزيجة سواء من قريش أو اليهود أو النصارى أو غيرهم من الرومان أو الفرس؟ لا. لأن الفتاة فى هذا الزمن كانت تنضج عقليًا ونفسيًا وجنسيًا فى عمر أقل من تسع سنوات. بل إن أقل نضج للفتاة (أى تأتيها الدورة الشهرية) فى عصرنا هذا هو 8 سنوات.
                  والدليل على نضجها نفسيًا وجنسيًا وعقليًا أنه لم تمرض أو تُصاب بمشاكل من جراء زواجها بالرسول ، كما لم تمرض أو تُصاب السيدة مريم بمشاكل نفسية أو عضوية، وكانت أكثر الناس رواية لحديث رسول الله . هل تعلم أن السيدة عائشة روت بمفردها حوالى 73,5% من مجموع أحاديث زوجات النبى كلهن. بل إنها ردت الصحابة فى بعض أقوالهم عن رسول الله ، وردت البعض فى أحكامهم واستنباطاتهم. واستوعبت كل حدث شهدته وفهمته من المنظور الشرعي وتذكرت كل ذلك وعلّمت علماء الأمة سنين طوال بعد وفاة النبي ، وهذا المستوى العلمى والوعى بما يحدث، والقدرة على استنباط الأحكام، وغيره مما يلزم للعلماء، يصعب أن تجده في طلبة الجامعات اليوم ممن يصلون إلى 20 بل و30 سنة. أى كانت أنضج نساء الرسول  علمًا وعقلا، وقد كان منهن من هى أكبر سنًا من السيدة عائشة، حتى يجوز لنا أن نقول إنهن كن فى سن أمها. ويستتبع ذلك أيضًا أنها كانت أعلاهن همة ونفسية. أى إن هذا الزواج كان من أنجح الزيجات، ولم تتضرر السيدة عائشة من زواجها فى هذا العمر!!
                  أما بالنسبة لكتب السيرة والفقه فتشير هذه الكتب إلى أن السيدة عائشة كانت مرجعًا هامًا للمسلمين بعد وفاته  فى الأمور الفقهية وكذلك في سيرته  وكانت تراجع الحفظة والرواة فى حفظهم رضى الله عنها. الأمر الذى يعنى أنها كانت ذات همة وإقبال على العلم وتتمتع بكامل قواها العقلية والنفسية والعلمية، لمواصلة ما تعلمته على يد الرسول .
                  وكان رأيها فى الرسول  أنه كان قرآنًا يمشى على الأرض. أى كان كامل الأخلاق والمُثُل. ومعنى ذلك أنها لم تعانى نفسيًا من زواجها فى هذا العمر المبكِّر.
                  والجدول التالى بيين لنا عددًا من أمَّهات المراجع فى كتب السنة النبوية المطهرة، وما يتعلق منه برواية السيدة عائشة وهو إحصاء تقريبى لتعرف الدور الذى قامت به السيدة عائشة بعد وفاة النبى  فى حفظ السنة والسيرة:
                  اسم المرجع عدد الأحاديث اسم المرجع عدد الأحاديث
                  صحيح البخاري 1800 صحيح مسلم 620
                  سنن الترمذي 500 سنن النسائي 670
                  سنن أبى داوود 450 سنن ابن ماجه 400
                  موطأ الإمام مالك 150 سنن الدارمى 200
                  المجموع 7290
                  الأمر الذى دعا الإمام الزهرى رحمه الله أن يقول: (لو جمع علم عائشة إلى علم أمهات المؤمنين بل إلى علم النساء كافة لرجح علم عائشة رضى الله عنها).
                  وقال عطاء بن أبى رباح: (كانت عائشة أفقه الناس وأحسن الناس رأيا) (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة، تأليف: الإمام بدر الدين الزركشي، دار النشر: المكتب الإسلامي - بيروت - 1390هـ - 1970م، الطبعة: الثانية، تحقيق: سعيد الأفغاني جـ 1 ص 56. تهذيب التهذيب، تأليف: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي دار الفكر - بيروت - 1404 - 1984، الطبعة: الأولى جـ 12 صـ 463).
                  ومن الجدير بالذكر أن تعلم أن الوحى لم يكن ينزل على الرسول  إلا فى بيت السيدة عائشة، ولم ينزل عليه  فى سائر بيوت زوجاته. وهذا يؤكد أن زواجه  منها كان من أهم أغراضه أن تكون السيدة عائشة معلمة وناقلة عنه  وهذا طبعا لا يشمل السيدة خديجة بنت خويلد الزوجة الأولى للرسول .
                  وهذا يغنينا أن نتكلم عن زواج الطفلة ابنة تسع سنوات اليوم. فليست ابنة تسع سنوات اليوم مثل ابنة تسع سنوات هذا العهد. وفى الحقيقة لابد أن يعلم الكاتب وغيره أن السيدة عائشة كانت مخطوبة لجبير بن مطعم قبل أن يخطبها الرسول . وما عاب عليها أحد أن خُطبت فى هذا السن، فهل يُعاب عليها بعد أن فُسخت خطبتها، وتزوجت بعدها بثلاث سنوات؟
                  وقلنا إننا لا ينبغى علينا فصل الحدث عن الزمان والمكان. فقد ألفت عادة العرب والرومان أن يتزوج الرجل بمن هى أصغر منه فى السن بصرف النظر عن الفارق بين الطرفين، كما ألفت عادتهم أيضًا أن تتزوج الفتاة بمجرد بلوغها الحلم، فلم يكن لديها دراسة أو تعليم، غير التى تتلقاه فى بيتها أو على يد معلم خاص. وكانت بنيتهم الجسمية والصحية أقوى بكثير جدًا من نساء اليوم، ويكفينا مثال للتدليل على ذلك، البدوية راعية الغنم فى سيناء، فهى يأتيها المخاض، وتلد فى طريق رعيها للغنم، وتكفِّل طفلها، وتقطع الحبل السُّرى بنفسها، وتحمله وتسير إلى بيتها بالغنم. فقارن ما فعلته هذه البدوية بما يحدث اليوم من استدعاء سيارة الإسعاف، وفتح غرفة العمليات، وتأخذ المرأة المخدر (البنج) وهى ابنة 30 أو 35 سنة.
                  والتاريخ يشهد أيضًا على زيجات صغيرات السن، وقد ذكرنا حالة فارص وزوجته التى ربما كان عمرها 7 سنوات أو أصغر. وذكرنا أن الموسوعة الكاثوليكية تحكى أن مريم أنجبت يسوع فى سن 12 سنة، أى حملت فى سن 11 سنة. وكان فارق العمر بينها وبين زوجها يوسف النجَّار 77 سنة، حيث كان يبلغ وقتها 89 سنة، كانت هى ابنة 12 سنة.
                  راجع: http://www.newadvent.org/cathen/08504a.htm
                  والشاهد الثانى من التاريخ هو زواج عبد المطلب من هالة بنت أهيب، وكان عمرها فى عمر السيدة عائشة أو السيدة مريم عند زواجهما. (عمها (المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 212 لـ محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ط دار الكتب العلمية - بيروت - 1411هـ - 1990م، الطبعة: الأولى، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا)
                  والشاهد الثالث ذكرته من قبل وهو فرق العمر بين عمرو بن العاص وابنه هو 11 سنة، ومعنى ذلك أن أمه كانت تحمل به من قبلها بسنة، أى وعُمْر عمرو 10 سنوات، ولا بد أن يكون عمر زوجته 8/9 سنوات.
                  والشاهد الرابع من التاريخ هو زواج عمر بن الخطاب، فقد تزوج ابنة على بن أبى طالب فى الوقت الذى كان فيه عمره أكبر من عمر أبيها!
                  والشاهد الخامس أن عمر بن الخطاب عرض ابنته على أبى بكر أن يتزوجها، ثم عرضها على عثمان بن عفان، وتزوجها الرسول .
                  والشاهد السادس هو زواج السيدة فاطمة وهى ابنة 9 سنوات.
                  والشاهد السابع هو زواج إيزابيلا الابنة الكبرى للملك جان دي أبلن الثاني، فقد تزوجت وهي صغيرة جدًا من ملك قبرص هيو الثاني. وقد خلفت أباها بعد وفاته وأصبحت ملكة بيروت (662-680هـ/1264-1282م).
                  والشاهد الثامن هو زواج مارى ستيوارت بهنرى الثامن وسنها ست سنوات.
                  ونشر هذا الموقع أدناه خبرًا عن فتاة عمرها 9 سنوات تمارس الدعارة والعادة السرية. إذن فهى امرأة بالغة، بغض النظر عما تعرضت له من قسوة الحياة:
                  الموقع: http://www.2sw2r.com/vb/t19178.html
                  تحت عنوان (طفلة عمرها تسع سنوات وتمارس الدعارة)
                  والدكتور مجدى اسحاق يقول: الطب يعلن عن أنوثة المرأة عندما يكون عمرها تسع سنوات على هذا العنوان:
                  http://www.youtube.com/watch?v=J40lqhUL5yc
                  بل هنا ترى فتاة عمرها 8 سنوات وتحمل طفلها:
                  http://www.youtube.com/watch?v=I1VIaDNG0UM
                  ولى صديق يبلغ من العمر اليوم (2013) حوالى 63 سنة، وحكى لى أن أمه تزوجت وعمرها تسع سنوات فى المنيا. وحكى آخر أن جدته هى التى تزوجت فى هذا العمر، أما أمه فقد تزوجت وعمرها 10 سنوات.
                  وتختلف كل هذه النتائج باختلاف درجة الحرارة، والبيئة الثقافية والعلمية، فالبنت فى المناطق الحارة تنضج أسرع من مثيلتها فى المناطق الباردة.
                  ومن كل ما سبق نتوصل إلى أن هذه عادات المجتمع فى ذلك الزمان. لذلك لم يعترض على زواج الرسول  شخص من أعدائه أو أتباعه. ولم تظهر هذه الاعتراضات إلا فى عصرنا هذا، حيث تغيرت عادات المجتمع والنظرة إلى الفتاة ذات التسع سنوات، وانتشار التعليم بين الطبقات المختلفة.
                  لليوم تجد البنت ذات التعليم المتوسط يزوجها أهلها فى عمر ال 18 سنة أو قد يقل عن ذلك شيئًا قليلا. أم البنت الجامعية فلا يزوجها أهلها إلا فى السنة النهائية لكليتها أو بعد أن تنتهى من التعليم الجامعى. وعلى ذلك البنت التى لا تتعلم، يزوجها أهلها فور بلوغها.
                  مع الأخذ فى الاعتبار أن آخر علامات بلوغ الأنثى جنسيًا هو الحيض. فلا يمكن أن تحيض البنت ثم تبلغ بعدها حد النضج الجنسى. لأنه بوجود الدورة الشهرية تُعلن الفطرة أن هذه الفتاة قادرة الآن على الزواج والحمل. أما نضجها العقلى على تحمل الجماع، فهذا يخضع للتربية والتعليم الأموى. وكثير من فتياتنا، بل والله من رجالنا أيضًا، لا يعرفون شيئًا عن العلاقات الجنسية إلا يوم الدخلة.
                  هذا ولم يتزوج الرسول  عائشة من تلقاء نفسه، بل حكى للسيدة عائشة أن الله تعالى هو الذى زوجه إياها: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: إنَّ (النَّبِيَّ  قَالَ لَهَا أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ. فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ) البخارى 3/1415
                  ولو سألتنى هل تزوج ابنتك فى سن التسع سنوات اليوم؟ ستكون إجابتى بالرفض حتى لو كان عمرها 18 سنة. لأنها مازالت فى هذا السن من وجهة نظرى طفلة، فى مراحل التعليم، ونؤمن فى عصرنا هذا أن التعليم هو سلاح المرأة لمواجهة تقلبات الحياة. ولأنها تربت على الرفاهية، وليست على تحمل أعباء الحياة والمشاركة فى أعمال البيت بتعلم كيفية إدارة الوقت داخل البيت لإنجاز الأعمال المنوطة بها. وهذا على خلاف البنت التى لا تذهب لمدرسة ما فى الصعيد، أو فى البيوت البسيطة، ولا تتعلم. فهى تعمل منذ أن تعلمت المشى. وقياسًا على ذلك أبناء البوابين الذين لا يتعلمون.
                  وأكرر مرة أخرى: لا ينبغى علينا فى الحكم على الشىء أو تقييمه أن نفصله عن زمانه ومكانه!!
                  وعلى ذلك فإن تعدد الزوجات موجود فى الكتاب الذى يقدسه الكاتب، وأن التزوج فى سن التاسعة أو أكبر من ذلك هو عادة وعرف قديم، مارسته جميع الأمم، ولا يوجد ما يعيبه، حيث كان سن الزواج هو البلوغ، بالنسبة للولد والبنت.
                  * * * * *
                  ما هو دور الزوجة الجنسي في العلاقات الزوجية طبقًا للإسلام؟
                  7- والنقطة السابعة التى ينتقدها الكاتب فى الإسلام: وتحت سؤال: ما هو دور الزوجة الجنسي في العلاقات الزوجية طبقًا للإسلام؟ يقول: يعتبر الإسلام الزوجة أداة للمتعة الجنسية بالنسبة للرجل: (نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أني شئتم) البقرة 223
                  أخذت أفكر وأفكر فى إجابة هذا السؤال: ما هو المطلوب معرفته بدقة؟ وما المقصود بدور الزوجة الجنسى؟ وهل سيختلف دور المرأة الجنسى فى أى بلد أو دين عن الأخرى؟ ولكن يمكننا أن نقول إن دورها الجنسى أن تمتع زوجها، كما دوره جنسيًا أن يمتعها، وأن يريح كل منهما الآخر، ويحببه فى الجماع واللقاء الحميمى، ليُصبح كل لقاء كأنه اللقاء الأول، ولكى يتمتع كل منهما بالآخر.
                  أما ما استنتجه الكاتب من الآية أن المرأة أداة متعة للرجل، فهو تفسير متهافت، وفكر شاذ، وهذا رأى آباء الكنيسة على مر العصور فيها، كما سنرى، ولا علاقة له بما استهل به جملته، وهو الدور الجنسى للزوجة مع زوجها. كما أن بتره لجزء الآية بعدها تسبب فى عدم فهمه للآية.
                  فالآية تُحدد أن مكان وضع الرجل لذكره هو مكان الحرث أى مكان إنبات الولد، أى فى قُبُلها وليس فى دُبُرها، ويُطالب الزوجين أن يقدما لأنفسهما قبل الإيلاج، أى يستمتع كل منهما بالآخر، ليتهيئا للجماع.
                  قال الله تَعَالَى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ ....) وقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فى هذه الآية: عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ: (يَأْتِيهَا مُقْبِلَةً وَمُدْبِرَةً إذَا كَانَتْ فِي صِمَامٍ وَاحِد.) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، أى من أى اتجاه بشرط أن يكون الإيلاج فى حرثها، أى مكان خروج الولد.
                  قَالَ جَابِرٌ فى سبب نزول الآية: "كَانَتْ الْيَهُودُ تَقُولُ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي قُبُلِهَا مِنْ دُبُرِهَا جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ الْآيَةُ". وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ خَرَّجَهُ الْأَئِمَّةُ
                  لكن ألم تلاحظ مراعاة الله سبحانه وتعالى لمتعة المرأة بالحياة الجنسية مع زوجها، فقد أمرها بالتقديم لأنفسهما، أى لا يقع الرجل على المرأة كما يقع الثور على البهيمة.
                  قال : (لا يقع أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول، قيل وما الرسول قال القبلة والكلام) رواه الديلمي في مسند الفردوس.
                  وقال : (إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها، ثم إذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها) رواه عبد الرزاق في المصنف وأبو يعلى في مسنده.
                  وفي رواية أخرى: (إذا جامع أحدكم امرأته فلا يتنحى حتى تقضي حاجتها كما يحب أن يقضي حاجته) رواه ابن عدي مرفوعًا
                  وقال : (ثلاث من العجز في الرجل.. وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها (أي يجامعها) قبل أن يحدثها ويؤانسها ويضاجعها فيقضي حاجته منها، قبل أن تقضي حاجتها منه).
                  قال الإمام الغزالي رحمه الله: (ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضا نهمتها، فإن إنزالها ربما يتأخر، فيهيج شهوتها، ثم القعود عنها إيذاء لها. والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقا إلى الإنزال، والتوافق في وقت الإنزال ألذ عندها ولا يشتغل الرجل بنفسه عنها، فإنها ربما تستحي).
                  ألم أقل لك إن الرسول  علمنا كل شىء، مصداقًا لنبوءة يسوع عنه: (24اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي. وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 25بِهَذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ. 26وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ [فى الأصل اليونانى بدون الألف واللام أى روح القدس أى روح القداسة كصفة له] الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.) يوحنا 14: 24-26
                   (12«إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. 13وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. 14ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.) يوحنا 16: 12-14
                  قارن هذا بالنظرة العدائية للمرأة والجنس بين الزوجين فى قول جيروم: (إذا امتنعنا عن الاتصال الجنسى فإننا نكرم زوجاتنا، أما إذا لم نمتنع: حسنًا فما هو نقيض التكريم سوى الإهانة)
                  وإذا كان أودو الكانى فى القرن الثانى عشر يشبه المرأة بكيس الزبالة، فهل هو بذلك سيمتعها فى فراش الزوجية؟ (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
                  وعندما يعتقد توماس الإكوينى أن المرأة ضالة ورجل معيب ومشوه، فهل يأمر بذلك بحسن معاملتها أو إمتاعها فى فراش الزوجية؟ «إن المرأة هى خطأ الطبيعة .. .. فهى نموذج لرجل مشوَّه، ضال، فاشل، وإن تحقيق الكمال البشرى يتمثل فى الرجل».
                  فعندما يقول معلم الكنيسة توماس الإكوينى: (إن المرأة تتعامل مع الرجل مثل النقص والعيب تجاه الكمال). فهو لم ينزلها منزلة المتاع، لأن الإنسان يطيب نفسه إلى الكمال الفنى فى الأثاث ونظافته، الأمر الذى يعنى أن المرأة لم تبلغ حتى درجة أن تكون جماد!!
                  وعندما يقول القديس أودو (878-942) إن المرأة إناء قاذورات، وأنجس من البراز، وأقذر من المخاط، فهل تنتظر من أمثال هؤلاء احترام المرأة أو إمتاعها أو حتى التمتع بها؟: (إن مجرد رؤية المرأة يثير الشعور بالغثيان والتقيؤ، وحيث أننا لا نلمس البراز ولا المخاط بإصبعنا، فلماذا نتدافع إذن على لمس إناء القاذورات نفسه [يقصد المرأة نفسها]). فأمثال هؤلاء الرجل لا يهمهم إلا التخلص من هياجهم الجنسى، دون أدنى اعتبار لرغبة المرأة وحاجتها الجنسية
                  فأنتم عزيزى الكاتب من تظنون أن المرأة أداة لإمتاع الرجل وتخليصه من الهياج الجنسى، فلا ترمينا بما لديكم هداك الله!! يقول يوحنا فم الذهب إن للمرأة دور واحد وأساسى فى الحياة، وهو: «إن النساء خلقن فى الأساس لتخليص الرجل من هياجه الجنسى»!! أى أداة لإمتاع الرجل فقط!!
                  وكل هذه الآراء مبنية على أقوال الكتاب المقدس جدًا، فمرة يُطالب يسوع أتباعه أن يخصوا أنفسهم، ومرة يحبذ بولس ألا يتزوج الرجل وألا يمس امرأة، إلا إذا خشى على نفسه الوقوع فى الزنا: (11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هَذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 11-12
                  (1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. 2وَلَكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا.)كورنثوس الأولى 7: 1-2
                  (38إِذًا مَنْ زَوَّجَ فَحَسَنًا يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيًّا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40
                  (25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 25-28
                  فأين حق النساء فى الزواج وهدوء النفس والمتعة الحلال، إذا تتبع كل إنسان هذه التعليمات؟ أليس هذا الأمر فيه مهانة للمرأة؟ أليس هذا من شأنه انتشار السحاق (الشذوذ الجنسى بين النساء) أو الأمراض النفسية بين النساء؟
                  وكيف سيُنَفَّذ أمر الرب بشأن الزواج والإنجاب إن خصى الرجال أنفسهم؟ وكيف سيستمر البشر فى عبادة الله؟ وكيف كان سنزل ليُصلَب ليفدى البشر إن نزل ولم يجد بشرًا؟
                  إن قول الكتاب المقدس جدًا القائل إن الرب يُذلُّ الإنسان ولا يحزنه، ليس المقصود به المرأة، لأنها لا تُحسب من بنى الإنسان، والدليل على ذلك ما فعلوه من مؤتمرات يبحثون فيها إن كان لها روح أم لا، وأمر الرب ببيع الأب لابنته، وطرح ثقل الرصاص عليها: (الرب لا يُذِّلُ ولا يُحزِنُ بنى الإنسان) إرمياء 3: 33، فلماذا أذلَّ المرأة فى كتابه وفى تشريعه؟ أليست نجاسة المرأة الحائض نصف عمرها من البلوغ إلى الممات إذلال لها؟ ألم يعتبر الرب زواج المرأة وإنجابها إذلالًا لها على أكلها من الشجرة؟ فهل هذا الإله الرحبم، إله المحبة، حسب المرأة من بنى البشر أو إنسانًا وعمل على ألا يُحزنه؟ لا.
                  فماذا قدمت المسيحية للمرأة؟ هل هذه هى المحبة التى ترونها فى معاملة النساء ونظرتكم لها؟ ألا تحمد الله تعالى وتشكر المسلمين أنهم علموكم احترام المرأة، وأنها إنسانة، يجب أن تُعامل كآدمية؟
                  وقالت المستشرقة الألمانية زيجريد هونكه: ”قاوم العرب كلّ التيّارات المعاديّة، واستطاعوا القضاء على هذا العداء للمرأة والطبيعة وجعلوا من منهجهم مثالا احتذاه الغرب، ولا يملك الآن منه فكاكًا شاءوا أم أبوا.“(مجلة المنهل عدد الربيعان 1419هـ- يوليو وأغسطس 1998م، مقال "المرأة في الشعر العربي والأوربي"، ابتهال محمد البار)
                  ويقول المؤرّخ جوستاف لوبون: ”أخذ الغرب عن المسلمين أخلاق الفروسيّة واحترام المرأة.“ (المكتبة الإسلاميّة لكلّ الأعمار، د. أحمد شلبي، ص 47)
                  ويقول المهندس العراقى اليهودى أحمد سوسه، والذى منَّ الله عليه بالإسلام: (يجب‎ ‎ألا يغرب عن البال أن المرأة لم تكن قد حازت ‏حقوقًا تتمتع بها إلا بعد ظهور الإسلام؛‎ ‎لأن الإسلام هو أول ‏من رفع قدر المرأة، وأعطاها حقها في الحياة كحق ‏الرجل).
                  وقال أيضًا: (لقد حرمت المسيحية الطلاق، ولكن في الوقت نفسه نجد ‏أنظمة‎ ‎البلاد المسيحية وقوانينها الرسمية تنص على ‏إباحته. إن المسيحيين أنفسهم قد ضربوا‎ ‎بتعاليم ‏ديانتهم عرض الحائط، ووضعوا القوانين التي تنقضها من ‏الأساس، وما كان ذلك‎ ‎كرها لديانتهم، ولكن رغبة في ‏وضع ما تتطلبه نفسية المجتمع البشري من نظام يضمن،‎ ‎الاطمئنان في علاقات الجنسين، ويكفل السعادة البشرية. ‏ولو صحا المسيحيون من غفلتهم، ‎‎وتأملوا في الأمر، لا تضح ‏لهم بأن الإسلام قد سبقهم في هذا المضمار من قبل ثلاثة ‏عشر‎ ‎قرنا).
                  وقال أيضًا: (كانت المرأة في ديار العرب قديما محض متاع، مجرد ‏ذكرها‎ ‎أمر ممتهن. هكذا كان الوضع حينما جاء النبي ‏ فرفع مقام‎ ‎المرأة في آسيا من وضع المتاع الحقير إلى ‏مرتبة الشخص المحترم الذي له الحق بالحياة‎ ‎حياة ‏محترمة، كما أن له الحق في أن يملك ويرث المال).
                  وقال الفنان والناقد الإنجليزى روم لاندر: (يوم كانت النسوة يعتبرن، في العالم‎ ‎الغربي، مجرد متاع من الأمتعة، ‏ويوم كان القوم هناك في ريب جدي من أن لهن أرواحا‎، ‎كان الشرع ‏الإسلامي قد منحهن حق التملك. وتلقت الأرامل نصيبا من ميراث أزواجهن ‏‏،‏‎ ‎ولكن البنات كان عليهن أن يقنعن بنصف حصة الذكر ..إلا أن علينا أن لا ‏ننسى أن‎ ‎الأبناء الذكور وحدهم كانوا، حتى فترة حديثة نسبيًا، ينالون في ‏الديار الغربية حصة‎ ‎من الإرث).
                  وقالت المستشرقة الألمانية زيجريد هونكه: (قاوم العرب كل التيارات المعادية‎ (للمرأة) واستطاعوا القضاء ‏على هذا العداء للمرأة والطبيعة، وجعلوا من منهجهم‎ ‎مثالا احتذاه ‏الغرب ولا يملك الآن منه فكاكا، وأصبح الاستمتاع بالجمال جزءًا من‎ ‎حياة الأوروبيين شاءوا أم أبوا).
                  * * * * *
                  الطلاق بين الإسلام وأهل الكتاب:
                  8- والنقطة الثامنة التى ينتقدها الكاتب فى الإسلام: يحق للزوج أن يطلق زوجته بمجرد الإعلان الشفوي. وليس للزوجة نفس هذا الحق طبقًا للقرآن (عسى ربه أن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن...) التحريم 5
                  فالطلاق شرعه الله تعالى فى العهد القديم لمجرد رغبة الزوج فقط دون المرأة فى ذلك، ولها أن تتزوج برجل آخر إن أحبت ذلك، ولا ترجع للزوج الأول طالما أنها تزوجت بآخر، حيث يعبر الكتاب أنها بنومها مع الزوج الجديد قد تنجسَّت: (إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا فَإِنْ لمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ 2وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ. 3فَإِنْ أَبْغَضَهَا الرَّجُلُ الأَخِيرُ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ أَوْ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الأَخِيرُ الذِي اتَّخَذَهَا لهُ زَوْجَةً 4لا يَقْدِرُ زَوْجُهَا الأَوَّلُ الذِي طَلقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لدَى الرَّبِّ. فَلا تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلى الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا.) تثنية 24: 1-4
                  وكما هو واضح فى هذا النص أن الله شرَّعَ لهم الطلاق وجَعَلَه فى يد الرجل. ولا يُمكن للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها، ولا يحتاج الطلاق فى اليهودية إلا إلى إثباته أمام القاضى، وللرجل مطلق الحق فى تطليق زوجته، إذا لم تحسن فى عينيه، وإن كانت اليهودية تقرر أن من الأفضل أن يكون الطلاق لعذر.
                  وهذه هى الشريعة التى كان يؤمن بها يسوع، وأنتم مطالبون باتباعها أيضًا. فما هو سبب تذمرك وانتقادك للإسلام إذن؟ فلو جاء يسوع غير ناقض لشرائع موسى والأنبياء من بعده، فمعنى هذا أن هذه هى شريعته أيضًا. فلماذا يعيب علينا الكاتب جعل الطلاق بيد الرجل وحده على حد فهمه؟ إن من يؤمن بشىء أى يعتقد فى صحته. فلماذا تريدنا أن نتبع غير ما تراه أنت صحيح؟ (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
                  إلا أنه يُحرم على الرجل طلاق المرأة التى اغتصبها قبل الزواج: (28«إِذَا وَجَدَ رَجُلٌ فَتَاةً عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ فَأَمْسَكَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا فَوُجِدَا. 29يُعْطِي الرَّجُلُ الذِي اضْطَجَعَ مَعَهَا لأَبِي الفَتَاةِ خَمْسِينَ مِنَ الفِضَّةِ وَتَكُونُ هِيَ لهُ زَوْجَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ أَذَلهَا. لا يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُل أَيَّامِهِ.) تثنية 22: 28-29
                  ويقول الأستاذ زكى على السيد: بل وأعطى الحق فى الطلاق للأب!! فشاول اليهودى زوج ابنته ميكال وكانت زوجة لداود، ووالد زوجة شمشون طلقها منه لغيابه فترة.
                  ويقع الطلاق فى شريعة التوراة بمجرد النية، فإذا نوى الرجل أن يطلق زوجته، وجب عليه أن ينفذ ما نوى عليه فورًا. ومع ذلك فالطلاق فى اليهودية مكروه كما هو فى الإسلام: (فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ وَلاَ يَغْدُرْ أَحَدٌ بِامْرَأَةِ شَبَابِهِ. 16[لأَنَّهُ يَكْرَهُ الطَّلاَقَ].) ملاخى 2: 15-16
                  ثم أخبرك عن سؤالك بالتفصيل لتعرف أى نعمة أنعم الله بها على الإنسان، وخصوصًا المرأة، بهذا الدين، فالحمد لله رب العالمين الذى منَّ علينا بالإسلام:
                  إن إيقاع الطلاق يترتب عليه تبعات مالية، يُلزم بها الأزواج: فيه يحل المؤجل من الصداق إن وجد، وتجب النفقة للمطلقة مدة العدة، وتجب المتعة لمن تجب لها من المطلقات، كما يضيع على الزوج ما دفعه من المهر، وما أنفقه من مال في سبيل إتمام الزواج، وهو يحتاج إلى مال جديد لإنشاء زوجية جديدة، ولا شك أن هذه التكاليف المالية التي تترتب على الطلاق، من شأنها أن تحمل الأزواج على التروي، وضبط النفس، وتدبر الأمر قبل الإقدام على إيقاع الطلاق، فلا يقدم عليه إلا إذا رأى أنه أمر لا بد منه ولا مندوحة عنه، ويمكنه تحمل تبعاته.

                  تعليق

                  • abubakr_3
                    مشرف عام

                    • 15 يون, 2006
                    • 849
                    • مسلم

                    #54
                    أما الزوجة فإنه لا يصيبها من مغارم الطلاق المالية شيء، حتى يحملها على التروي والتدبر قبل إيقاعه – إن استطاعت – بل هي تربح من ورائه مهرًا جديدًا، وبيتًا جديدًا، وعريسًا جديدًا.
                    والثابت الذي لا شك فيه أن الرجل أكثر إدراكًا وتقديرًا لعواقب هذا الأمر، وأقدر على ضبط أعصابه، وكبح جماح عاطفته حال الغضب والثورة، وذلك لأن المرأة خلقت بطباع وغرائز تجعلها أشد تأثرًا، وأسرع انقيادًا لحكم العاطفة من الرجل، لأن وظيفتها التي أعدت لها تتطلب ذلك، فهي إذا أحبت أو كرهت، وإذا رغبت أو غضبت اندفعت وراء العاطفة، لا تبالي بما ينجم عن هذا الاندفاع من نتائج ولا تتدبر عاقبة ما تفعل، فلو جعل الطلاق بيدها، لأقدمت على فصم عرى الزوجية لأتفه الأسباب، وأقل المنازعات التي لا تخلو منها الحياة الزوجية، وتصبح الأسرة مهددة بالانهيار بين لحظة وأخرى.
                    وهذا لا يعني أن كل النساء كذلك، بل إن من النساء من هن ذوات عقل وأناة، وقدرة على ضبط النفس حين الغضب من بعض الرجال، كما أن من الرجال من هو أشد تأثرًا وأسرع انفعالًا من بعض النساء، ولكن الأعم الأغلب والأصل أن المرأة كما ذكرنا، والتشريع إنما يبني على الغالب، ولا يعتبر النوادر والشواذ.
                    وعلى ذلك نقول: فإن فصم رابطة الزوجية أمر خطير، يترتب عليه آثار بعيدة المدى في حياة الأسرة والفرد والمجتمع، فمن الحكمة والعدل ألا تعطى صلاحية البت في ذلك، وإنهاء الرابطة تلك، إلا لمن يدرك خطورته، ويقدر العواقب التي تترب عليه حق قدرها، ويزن الأمور بميزان العقل، قبل أن يقدم على الإنفاذ، بعيدًا عن النزوات الطائشة، والعواطف المندفعة، والرغبة الطارئة.
                    فمن الخير للحياة الزوجية، وللزوجة نفسها أن يكون البت في مصير الحياة الزوجية في يد من هو أحرص عليها وأضن بها.
                    والشريعة لم تهمل جانب المرأة في إيقاع الطلاق، كما يدعى الكاتب، بل منحتها الحق في الطلاق، إذا كانت قد اشترطت في عقد الزواج شرطًا صحيحًا، ولم يف الزوج به، وأباحت لها الشريعة الطلاق بالاتفاق بينها وبين زوجها، ويتم ذلك في الغالب بأن تتنازل للزوج أوتعطيه شيئًا من المال، يتراضيان عليه، ويسمى هذا بالخلع أوالطلاق على مال، ويحدث هذا عندما ترى الزوجة تعذر الحياة معه، وتخشى إن بقيت معه أن تخل في حقوقه، وهذا ما بينه الله تعالى في قوله: (... وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) البقرة 229
                    ولها أيضًا أن تطلب التفريق بينها وبينه، إذا أُعسر ولم يقدر على الإنفاق عليها، وكذا لو وجدت بالزوج عيبًا، يفوت معه أغراض الزوجية، ولا يمكن المقام معه مع وجوده، إلا بضرر يلحق الزوجة، ولا يمكن البرء منه، أو يمكن بعد زمن طويل، وكذلك إذا أساء الزوج عشرتها، وآذاها بما لا يليق بأمثالها، أو إذا غاب عنها غيبة طويلة.
                    كل تلك الأمور وغيرها، تعطي الزوجة الحق في أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها، صيانة لها أن تقع في المحظور، وضنًا بالحياة الزوجية من أن تتعطل مقاصدها، وحماية للمرأة من أن تكون عرضة للضيم والتعسف.
                    وبذلك يكون فى الإسلام خمس طرق للطلاق:
                    (1) الطلاق بيد الرجل
                    (2) الطلاق بيد المرأة بأن تُطلق نفسها من زوجها
                    (3) الطلاق بالإتفاق
                    (4) الطلاق عن طريق القضاء (بيد المرأة أن تطلب من القاضى أن يطلقها)
                    (5) الخلع (بيد المرأة أيضًا)
                    وكما رأينا فإن الإسلام أعطى المرأة ثلاثة طرق لتطليق نفسها من الرجل، وأعطى الرجل طريقة واحدة، وجعل طريقة واحدة للإتفاق فيما بينهما. فهل أنصف الإسلام بذلك المرأة أم هضم حقها؟
                    فماذا قدم الكتاب المقدس جدًا للمرأة فى هذا المجال؟ لا شىء. وهل رأيت جمال فى التشريع لصالح المرأة، ولا يخل بالمجتمع مثل هذا التشريع، الذى تنتقده دون أن تعلمه أو تلم به؟
                    * * * * *
                    هل يجوز للزوج أن يعود لزوجته بعد أن يطلقها؟
                    9- والنقطة التاسعة التى ينتقدها الكاتب فى الإسلام: وتحت سؤال: هل يجوز للزوج أن يعود لزوجته بعد أن يطلقها؟ يقول: إذا طلق رجل إمرأته بالثلاث فلا يحل له أن يعود إلى زوجته إلا إذا تزوجت وطلقت من رجل آخر يسمى (المحلل) بما في ذلك ممارسة الجنس معه: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ..... فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) البقرة 229-230
                    ذكرنا نص العهد القديم الذى يحرم على الرجل أن يتزوج طليقته مرة أخرى، بعد أن طلقها وتزوجت بزوج غيره، ثم مات الزوج الثانى أو طلقها. والعلة فى ذلك أن الزوج الثانى قد أذلها، أى جامعها: (إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا فَإِنْ لمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ 2وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ. 3فَإِنْ أَبْغَضَهَا الرَّجُلُ الأَخِيرُ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ أَوْ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الأَخِيرُ الذِي اتَّخَذَهَا لهُ زَوْجَةً 4لا يَقْدِرُ زَوْجُهَا الأَوَّلُ الذِي طَلقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لدَى الرَّبِّ. فَلا تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلى الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا.) تثنية 24: 1-4
                    فإذا أقر الله أن هذا الزواج ليس بإذلال، وأنه من حق المرأة أن تتزوج وتعيش، فهل هذا يُعاب على الإسلام؟ هل يُعاب حُسن الظن بالمرأة، وأنها ليست بسفيهة حتى تذل نفسها، فالحياة الجنسية بين الزوج وزوجته لا إذلال فيها، وإنما يحتاج كل منهما للآخر، والحياة بينهما هى حياة التكامل بين شريكين أساسيين فى هذه الزيجة.
                    وأسجل هنا اعتراضى على أئمتنا وعلمائنا فى رؤيتهم أن إعادة تزوج الرجل بطليقته، بعد أن تكون قد تزوجت بغيره،ومات أو طلقها، فيه إذلال للزوج، فيحرص على أن يصون العشرة بينهما. فمجامعة الرجل الثانى لزوجته شىء طبيعى وأمر إلهى، وليس فيه إذلال للزوج الأول. فما هو هذا الذل الذى ينتاب رجل طلق امرأته بمحض إرادته، ورأى استحالة العشرة بينهما، وزهد فيها؟ أما رجوعه مرة أخرى إليها بعد أن تكون قد طلقت من الزوج الثانى أو مات، فهو يرجع لرؤيتهما الجديدة فى هذا العمر، بعد تزايد الخبرات، وتغير النفس والمعاملات، وإدراك كل منهما بأخطائه تجاه الآخر. لذلك اشترط الله تعالى رجوعهما مرة أخرى (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ).
                    أما ما تراه على شاشات التلفاز وفى الأفلام، أو ما يمارسه بعض الأفراد تحايلا على الله رسوله، من أن يعقد الرجل الثانى على هذه الطليقة، ويبات فى بيته، وهى فى بيتها، أو حتى يجامعها لليلة، ثم يطلقها فى الصباح، فهذا ليس من الإسلام فى شىء، وهذا الرجل سماه الرسول  زجرًا لهذه الأفعال: (التيس المستعار) قال رسول الله : (ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: هو المحلل. لعن الله المحلل، والمحلل له) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح.
                    وقال رسول الله  (لعن رسول الله المحلل والمحلل له) رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائى في سننه، والترمذي في جامعه، عن ابن مسعود .
                    وقد روى الأثرم وابن المنذر عن عمر بن الخطاب  قال: لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما. وسئل عمر بن الخطاب عن تحليل المرأة لزوجها فقال ذلك السفاح.
                    وعن عبدالله بن شريك العامري قال سمعت ابن عمر وقد سئل عن رجل طلق ابنة عم له ثم ندم ورغب فيها فأراد رجل أن يتزوجها ليحلها له فقال ابن عمر كلاهما زان وإن مكثا عشرين سنة أو نحو ذلك إذا كان يعلم أنه يريد أن يحللها.
                    ومعلوم أن كاتبنا يجهل أو يتجاهل قول الرسول  للمرأة التى طلقها زوجها، وتزوجت غيره، وترغب فى الرجوع إلى زوجها الأول: (لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) أى حتى يُجامعها زوجها الثانى، ثم إن شاء يطلقك هذا الثاني، طلاقًا شرعيًا، دون وجود نية مسبقة لتحليل رجوعها إلى الزوج الأول أو اشتراط على ذلك. فإن أردت الرجوع إلى الأول جاز لك ذلك.
                    ولو كانت هناك نية مسبقة على التحليل أو شرط أو اتفاق على ذلك، أو كانت نية الزوج أن يكون الزواج قصيرًا أو لمدة محددة ولو مائة سنة أو أكثر، كان أطراف الاتفاق زناة، ويستحقون الرجم، كما انتوى عمر على أن يفعل لو أوتى له بمحلل ومحلل له اتفقا على ذلك. ويكفيك أن تعرف أن الرسول  لعنهما، وسمى من يفعل ذلك بالتيس المستعار.
                    فهل رأيت عزيزى الكاتب أن الشريعة الإسلامية أشد إنكارًا لما تنكره أنت، وأكثر استهجانًا لما تستهجنه؟ وهل يلعن الرسول  من يفعل شيئًا أمر به الله أو مستحبًا أو جائزًا أو مكروهًا أو صغيرًا؟ إن اللعنة مختصة بالكبائر أو ما هو أعظم منها, وقد قال ابن عباس، كل ذنب ختم بلعنة أو غضب أو عذاب أو نار فهو كبيرة.
                    * * * * *
                    هل يسمح الإسلام بحرية الاختيار فيما يتعلق بالعقيدة؟
                    وننتقل الآن مع الكاتب فى حديثه عن حقوق الإنسان، وسوف نرد عليه فى عدة نقاط أثارها هو، وهى:
                    1- يتساءل الكاتب: هل يسمح الإسلام بحرية الاختيار فيما يتعلق بالعقيدة؟
                    • يدعو الإسلام أتباعه إلى إجبار الآخرين على قبول الإسلام. على المسلم أن يقاتل خصومه إلى أن يخضعوا للإسلام، إلا إذا كان هؤلاء الخصوم يؤثرون الموت على اعتناق الإسلام. أما المسيحيون واليهود فيمكنهم أن يتفادوا الموت إذا دفعوا الجزية (الضريبة) عن يد وهم صاغرون (أذلاء).
                    "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون". سورة التوبة 29:9
                    "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم". سورة التوبة 5:9 (انظر أيضا سورة البقرة 193:2)
                    "فإن لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها..." سورة محمد 4:47
                    هذا ما قاله الكاتب. أما ردنا فهو كالآتى:
                    1- أولا أشار إلى انتشار الإسلام بالسيف، وإجبار الآخرين على الإسلام، وخاصة أهل الكتاب، وقد رددنا عليه من قبل من الآيات والأحاديث والتاريخ، وآراء مفكري وفلاسفة الغرب والمشتغلين منهم بالتاريخ وكذلك المستشرقين.
                    2- ثم قال: من يدفع الجزية عن يد وهو صاغر فقد أنقذ نفسه من الموت، ودلل على ذلك بقول الله (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة 29
                    وبقوله: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) التوبة: 5
                    وبقوله: (وَإِذَالقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أَوْزَارَهَا.) محمد 4
                    أولا: لا يوجد فى كتاب الله تعالى آية واحدة تجيز الإعتداء على أحد، وفي هذه الآية تحديدًا (التوبة 29) أُمرنا بالقتال المشروع، وهو الدفاع عن النفس والدين. لقد جاء الأمر بقتال الذين اعتدوا من أهل الكتاب فقط، وليس أهل الكتاب كافَة، ووقف القتال لا يتم إلاَ بعد إستسلامهم ، واعترافهم بأن يحكمهم شرع الله وملكوته. ومن شرع الله أن يدفع الجزية الجانب المهزوم، كما كان يسوع يدفعها لقيصر ولم يعترض أو يقاوم. والجزية لها أحكام وشروط سنتكلم عنها فيما بعد.
                    أما أهل الكتاب غير المقاتلين، أو المتحالفين مع أعداء المسلمين، سواء بالعتاد أو أى صورة أخرى مادية أو معنوية، ولم يخرجوا المسلمين من ديارهم ولم يظاهروا على إخراجهم، فعلى المسلمين أن يقوموا بِبرهم وأن يُقسطوا إليهم إمتثالاً لقول الله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الممتحنة 8-9
                    أي لا ينهاكم الله عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين، أَنْ تحسنوا إليهم وتعدلوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ، ولو مع الكفار الذين لا يقاتلونكم. إذن فالبر والإقساط مع الكفار الذين لا يحاربون الله ورسوله والمؤمنين، أما الذين يُحاربون الله ورسوله والمسلمين، وأخرجوهم من ديارهم، ويُعاونوا أعداء المسلمين على إخراجهم، فهؤلاء لا ولاء لهم من قبل المسلمين، ولا بر ولا معاملة بالقسط، لأنهم هم الظالمون المعتدون.
                    وقوله أيضًا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) المائدة 8
                    لذلك قالت الآية (... مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ) التوبة 29، وهذا لا يشمل كل الذين أوتوا الكتاب، ولكن المعتدين منهم.
                    وقد أثبت لك أكثر من مرة أن الإسلام انتشر بالإقناع والمعاملة الحسنة، واقتناع الناس بهذا الدين عقيدة وفكرًا وسهولة فى التطبيق، ومراعاة الصغير والكبير. إنه باختصار دين الأخلاق والرحمة، أنبياء القرآن قدوة، ولا يعرف مُحاباة. فدخل الناس فى دين الله أفواجًا، ومازالوا. المشكلة عندكم أنتم فى أنكم لا تريدون الاعتراف بهذا، وتزداد ضراوتكم، وكرهكم للإسلام كلما قرأتم أو سمعتم عن أحد ترك المسيحية، وجاهر أنه ليس بدين مقنع.
                    والآن أحكى لك حادثة وقعت فى غزوة ذات الرقاع فى العام الرابع الهجرى:
                    نعلم أن عدد الغزوات كانت 28 غزوة، دار قتال بين المسلمين وغيرهم فى 9 غزوات فقط، وفى الغزوة 14 والمُسمَّاة ذات الرقاع، كان يستريح الرسول  تحت شجرة، علق عليها سيفه، فتسلل رجل من الأعداء، وسحب السيف من غمده، ووجهه للرسول  قائلا له: أتخافنى؟ فقال الرسول : لا. فسأله الرجل: فمن يمنعك منى؟ فقال الرسول : الله. فسقط السيف من يده. فأخذه الرسول  وقال له: من يمنعك مني؟ قال الرجل: كن خير آخذ. فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم. ولكنه أعطى العهد أنه لا يقاتله، ولا يكون مع قوم يقاتلونه، فخلى سبيله، فذهب إلى قومه، وقال لهم: جئتكم من عند خير الناس.
                    أعتقد أن هذا الحدث يُزيل كل ما تدعونه، من أن محمدًا  كان يسفك الدماء، ومن أن دينه انتشر بالسيف، فقد كان يمكن للرسول  أن يقتله، أو يجبره على الإسلام، ولكنه لم يحدث، لأن الله تعالى أقر أمر واقع وهو: (لا إكراه فى الدين)، لا دين ولا عقيدة تأتى بالإكراه، ويُمتنع على المسلم أن يُجبر أحدًا على الإسلام.
                    سأضع الآيات فى سياقها، ربما لا يحتاج الكاتب قراءة ردى، ويفهم أنه اقتطع الآيات من السياق، وهذا هو سبب سوء الفهم:
                    أولا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة 28-29
                    فتبدأ الآيات بأمر من الله تعالى ألا يقرب المسجد الحرام هذا أى نجس بعد هذا العام. فهل الكفار وأهل الكتاب فى حكمهم من الأنجاس فى شرع الله؟ نعم. كل من لا يدين بدين الله تعالى فهو مشرك نجس. وهو حُكم لا يختلف عن حُكم أهل الكتاب على غيرهم سواء كان من المسلمين أو من غيرهم. فيُمتنع على المسلم وعلى غيره من غير المسيحيين وعلى النساء المسيحيات أن يدخلوا قدس الأقداس فى الكنيسة. فقد سمى الكفار والمشركين وعبدة الأوثان أنجاس وزناة، ويُقصد بها النجاسة القلبية، أى عبادة غير الله.
                    وتقول دائرة المعارف الكتابية فى تعريف النجس مادة (طهر- طهارة- تطهيراً): (الطهارة في الشريعة: وهي ترتبط على الدوام بالعلاقة مع يهوه والاقتراب إليه، وكانت تهدف إلى الانفصال الكامل عن عبادة الأوثان وكل ما يتصل بها (انظر مثلاً لا 19: 4، زك 13: 2 حيث أن "الروح النجس" أو بالحري "روح النجاسة" يشير إلى عبادة الأوثان، كما يتجلي من القرينة). .... وفي حالة ارتكاب سكان مدينة عبادة الأوثان، كان يضرب سكانها بالسيف، وتحرق المدينة وكل ما فيها بالنار، ولا تبنى مرة أخرى أبداً (تث 13: 12- 17).)
                    ومعنى ذلك أن الكافر نجس، ولم يكن له الحق فى دخول المعبد، وإلا قتله حراس المعبد. لذلك لم يكن للرومانى الحق فى دخول المعبد زمن يسوع، لأنه نجس، وسوف ينجس المكان الطاهر. أليس هذا هو عين ما شرعه الإسلام بالنسبة لغير المسلمين؟
                    ثم ما الذى يُزعجكم فى ألا يُسمح لكم بدخول الكعبة؟ إنها بيت الله للعبادة، وتأشيرة الدخول إليها هو شهادة التوحيد (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله). فماذا تريدون أن تفعلوا فيه؟ وهل لو عافاكم القانون الإسلام من الإضطرار إلى هذا القول، ولم يُكرهكم فى الدين أو على النفاق، تغضبون؟ أليس هذا من باب عدم الإكراه فى الدين؟ أم إن الغرض من دخولها نفى القداسة عنها، واستبعادها من نبوءة يوحنا فى رؤياه عن الهيكل الجديد (الكعبة) (وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ) رؤيا 21: 27؟ لأن بيت الله لا ينجس بدخول الكفار إليه، فلو دخلتموه نفيتم عن أنفسكم الكفر، أو أشعتم بتضارب مفهوم القرآن، إذ كيف يقول بكفركم ونجاستكم ويسمح لكم بدخول أقدس البقع الطاهرة؟
                    والنقطة الثانية هى أمر الله تعالى أن نقاتل (قاتلوا)، وليس اقتلوا. أى اعطوهم مهلة ثلاثة أيام، وخيروهم بين الإسلام أو الجزية أو القتال، وهذا هو قانون الحرب فى الإسلام.
                    لكن دعنا نتفق على سبب الإقتتال عند عامة الناس: فهو إمَّا معتديًا، وإمَّا مدافعًا عن أرضه وعرضه ودينه، ورادًا للإعتداء. وهو ما لا يختلف عليه اثنان.
                    وقد حدد الله تعالى القتال المشروع في الإسلام بالدفاع عن النفس فقط، ونهى عن العدوان، فقال سبحانه: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ * الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) البقرة 190-194
                    أو نقض اتفاقيات السلام أو الأحلاف المشتركة التى تهدد مصلحة البلد والجماعة: (وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ) التوبة 12
                    وها هو الله يأمر مرة أخرى أن نعامل المعتدين بالمثل، فهل يوجد أجمل من أن يُعامَل الإنسان بنفس الكيفية التى يُعامل هو بها الناس: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) التوبة 36، فهل يُعاب على الإسلام مسالمة الآخرين حتى إذا اعتدوا عليه وأرادوا استئصال شأفته، دافع عن نفسه وقاتلهم؟ فأى حكم هذا الذى تحكمون به؟
                    والنقطة الثالثة هى قتال أهل الكتاب: (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة 29
                    ومن الواضح لمن تدبر آيات القرآن، وربط بعضها ببعض: أن هذه الآيات نزلت بعد غزوة تبوك، التي أراد النبي  فيها مواجهة الروم، والذين قد واجههم المسلمون من قبل في معركة مؤتة، واستشهد فيها القواد الثلاثة الذين عينهم النبي  على التوالي: زيد بن حارثه، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة. فأهل الكتاب المقصود بهم هنا دولة الروم المعتدية على المسلمين. فهل على المسلمين أن يديروا لهم الخد الآخر، أم يدافعوا عن أنفسهم وعن دين الله؟
                    هل تتوقع أن ينتظر المسلم أو المسيحى أو اليهودى أو حتى الكافر، الذى لا يؤمن بوجود إله، أن يأتى الروم ويقتلوا رجالهم والمسنين فيهم، ونساءهم وأطفالهم والأجنة فى بطون نسائهم، كما يأمر كتابهم المقدس جدًا؟
                    فالمعركة مع دولة الروم كانت قد بدأت إذًا، فهذه الإمبراطوريات الكبرى لا يمكن أن تسمح بوجود دين جديد يحمل دعوة عالمية، لتحرير البشر، من العبودية للبشر: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) آل عمران: 64
                    وهم الذين بدأوا القتال ضد المسلمين بقتل دعاتهم والتحرش بهم، فهذه معركة حتمية، فرضت على المسلمين، ولا بد أن يخوضها المسلمون، وهي كره لهم. وأخذ الرومان إضافة إلى ذلك يعدون العدة لغزو المدينة وتدميرها والمسلمين. فأقدم الرسول  على غزوة تبوك حين بلغه أن الروم يعدون العدة لغزوه في عقر داره في المدينة، فأراد أن يغزوهم قبل أن يغزوه، ولا يدع لهم المبادرة، ليكون زمامها بأيديهم، ويحمى المدينة من الدمار، الذى من الممكن أن يصيبها من جرَّاء القتال فيها.
                    والآية الكريمة هنا (التوبة 29) تأمر باستمرار القتال لهؤلاء الروم الذين يزعمون أنهم أهل كتاب، وأنهم على دين المسيح، وهم أبعد الناس عن حقيقة دينه. فهم قتلة معتدون، يريدون استعباد البشر، ولا يريدون أن تقوم لدين الله قائمة، ولا أن يتحقق ملكوته (دولته التى تحكمها شريعته).
                    ولكن هذه الآية لا تقرأ منفصلة عن سائر الآيات الأخرى في القرآن، فإذا وجد في أهل الكتاب من اعتزل المسلمين، فلم يقاتلوهم، ولم يظاهروا عليهم عدوًا، وألقوا إليهم السلم، فليس على المسلمين أن يقاتلوهم، وقد قال الله تعالى: في شأن قوم من المشركين: (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) النساء 90
                    وقال النبي : (دعوا الحبشة ما ودعوكم) رواه أبو داود، والحبشة نصارى أهل كتاب.
                    أي قاتلوا أهل الكتاب، عند وجود ما يقتضي وجوب القتال، كالاعتداء عليكم، أو على بلادكم، أو اضطهادكم وفتنتكم عن دينكم، أو تهديد أمنكم وسلامتكم، كما فعل الروم، فكان سببًا لغزوة تبوك، حتى تأمنوا عدوانهم بإعطائكم الجزية صاغرين.
                    ومعنى الصغار هنا ليس التحقير والإذلال، كما يفهم البعض، وإنما المراد به كسر شوكتهم، وخضوعهم لدولة الله وحكمه، أى أذلة لحكم الله، خاضعين له، ودلالة ذلك دفع هذا المبلغ الزهيد الذي يعبر عن إذعانهم لسلطان الدولة وهو دينار واحد عن البالغ المتكسب. وبهذا يكون تيسير السبيل لاهتدائهم إلى الإسلام بما يرونه من عدل الإسلام وهدايته وفضائله، التي يرونها أقرب إلى هداية أنبيائهم منهم. فإن أسلموا عم الهدى والعدل والاتحاد، وإن لم يسلموا كان الاتحاد بينكم وبينهم بالمساواة في العدل، ولم يكونوا حائلا دونها في دار الإسلام.
                    ومتى أعطوا الجزية: وجب تأمينهم وحمايتهم، والدفاع عنهم، واعطائهم حريتهم في دينهم بالشروط التي تعقد بها الجزية، ومعاملتهم بعد ذلك بالعدل والمساواة كالمسلمين، ويحرم ظلمهم وإرهاقهم بتكليفهم ما لا يطيقون كالمسلمين، ويسمون (أهل الذمة) لأن كل هذه الحقوق تكون لهم بمقتضى ذمة الله وذمة رسوله. وأما الذي يعقد الصلح بيننا وبينهم بعهد وميثاق، يعترف كل منا ومنهم باستقلال الآخر فيسمون (أهل العهد) والمعاهدين.
                    والنقطة الرابعة هى الجزية، وأنهم يدفعونها وهم صاغرون، أى طائعون لحكم الله وملكوته طاعة عمياء، وليسوا أذلاء على المسلمين، فإنهم بدفعهم الجزية صار لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم. وهو نفس ما حذرهم يسوع منه بقوله لهم: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44
                    ونعود إلى الآيات بالتفصيل: إن المدقق فى الآيات فى سياقها، يجدها تتكلم عن مقاتلة من صفاتهم الآتى:
                    أولاً: أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، أى يرفضون حكم الله وملكوته. وبالطبع تعلم أنه من نقض نقطة واحدة من كتاب الرب (ناموسه)فقد استوجب القتل، بل إن من يُخالف تعاليم السبت ترجمه كل الجماعة، فما بالكم بمن يرفض كتاب الله جملة وتفصيلا؟ (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) العبرانيين 10: 28، مع العلم أن الإسلام يأمر بمقاتلة وليس قتل!
                    ثانيًا: أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله، أى يرفضون العدل والإحسان، ويقبلون الفحشاء والمنكر: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل 90
                    ثالثًا: أنهم لا يدينون دين الحق
                    رابعًا: أن اليهود منهم كفرت بقولها: عزير ابن الله. وأن النصارى منهم كفروا بقولهم: المسيح ابن الله، وأنهم في هذين القولين يضاهئون قول الذين كفروا من قبل سواء من عبدة بوذا أو كرشنا أو حورس أو أوزيرس، أو غيرهم من الذين كفروا.
                    خامسًا: أنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله. فقبلوا أن يشرعوا لهم، ومنهم من كان يُسجد إليه، مثل الأنبا شنودة، كما اتخذوا المسيح ربًا. وأنهم بهذا خالفوا ما أمروا به من توحيد الله والدينونة له وحده، وأنهم لهذا "مشركون"!
                    سادسًا: أنهم محاربون لدين الله، فيريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، وأنهم لهذا "كافرون"!
                    سابعًا: أن كثيرًا من أحبارهم ورهبانهم يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله.
                    وعلى أساس هذه الأوصاف فالأمر في الآية هو قتال أهل الكتاب المنحرفين عن دين الله حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. فلم تعد تقبل منهم عهود موادعة ومهادنة إلا على هذا الأساس، أساس إعطاء الجزية، وفي هذه الحالة تتقرر لهم حقوق الذمي المعاهد؛ ويقوم السلام بينهم وبين المسلمين. إلا إذا هم اقتنعوا بالإسلام عقيدة فاعتنقوه فهم من المسلمين. حيث لا يُكرَهون على اعتناق الإسلام عقيدة.
                    القاعدة الإسلامية المحكمة هي: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) البقرة 256
                    ولكنهم لا يتركون على دينهم إلا إذا أعطوا الجزية، وقام بينهم وبين المجتمع المسلم عهد على هذا الأساس. وهذا دليل خضوع وانصياع لأمر الله تعالى، وليس تذلُّل للمسلمين، أو إذلال المسلمين لهم. فالذلة هنا والخضوع لله تعالى وشريعته.
                    والأمر حدث أيضًا مع المسلمين، فقد حارب أبو بكر الصديق بعد وفاة رسول الله  بعض القبائل، التي لم يتأصل الإسلام في نفوسها، وانتهزت انشغال المسلمين بوفاة النبي ، واختيار خليفة له، فارتدت عن الإسلام، وحاولت الرجوع إلى ما كانت عليه في الجاهلية، وسعت إلى الانشقاق عن دولة الإسلام والمسلمين سياسيًا ودينيًا، واتخذ هؤلاء من الزكاة ذريعة للاستقلال عن سلطة المدينة، فامتنعوا عن إرسال الزكاة وأخذتهم العصبية القبلية، وسيطرت عليهم النعرة الجاهلية.
                    واستفحل أمر عدد من أدعياء النبوة الذين وجدوا من يناصرونهم ويلتفون حولهم، فظهر "الأسود العنسي" في اليمن، واستشرى أمر "مسيلمة" في اليمامة، و"سجاح بنت الحارث" في بني تميم، و"طلحة بن خويلد" في بني أسد، و"لقيط بن مالك" في عُمان. وكان هؤلاء المدعون قد ظهروا على عهد النبي ، ولكن لم يستفحل أمرهم ويعظم خطرهم إلا بعد وفاته. فأرسل أبو بكر الجيوش لقتالهم حتى قضى على فتنتهم، وأعاد تلك القبائل على حظيرة الإسلام.
                    إذن لو بقى أهل الكتاب على دينهم فعليهم بالجزية، ولو اعتنقوا الإسلام فعليهم بالزكاة، فلو امتنع أهل الكتاب عن دفع الجزية، فقد خرجوا على نظام الدولة، وشرع الله، وهنا يأمر الشرع بمحاربتهم، ولو امتنع المسلم عن دفع الزكاة فالشرع يأمر بمحاربته. فها هو يعدل الإسلام بين المسلم وغير المسلم.
                    فهل يريد الكاتب أن يتمتع أهل الكتاب بمحاربة المسلمين عنهم، والدفاع عن أعراضهم وأنفسهم وممتلكاتهم وتجارتهم، وأماكن عبادتهم، والإنفاق عليهم فى الكبر والمرض، مع سقوط هذه الجزية عن النساء والأطفال، والعجزة، وكبار السن، والرهبان، بدون مقابل، فى الوقت الذى يدفع فيه المسلم زكاة عن ماله أو زراعته أو محاصيله أو ذهبه أو تجارته؟ وهو ليس مقابل بالمعنى المتعارف عليه اليوم، لأن ما يدفعونه قليل جدًا، بل يعنى انصياعهم لشرع الله صاغرين له.
                    فالمُقلِّب لصفحات كتب السيرة والمطالع لأسباب الغزوات يعلم أن الذي أشعل نار الحرب هذه هم أهل الكتاب.
                    فأول تلك الأسباب التي دعت المسلمين لقتال أهل الكتاب، بداية هذا التعرض كانت بقتل سفير رسول اللّه  الحارث بن عمير الأزدي على يدي شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني، حينما كان السفير يحمل رسالة النبي  إلى عظيم بُصْرَي. أليس هذا اعتداء على النفس وعلى حرية الفكر والعقيدة والدعوة، التى دعا النبى إليها عظيم بصرى وقومه؟
                    فقام النبي بعد ذالك  أرسل بعد ذلك سرية زيد بن حارثة التي اصطدمت بالرومان اصطدامًا عنيفًا في مؤتة، ولم تنجح في أخذ الثأر من أولئك الظالمين المتغطرسين، وذالك في معركة مؤته .
                    ولم يقض قيصر بعد معركة مؤتة سنة كاملة حتى أخذ يهيئ الجيش من الرومان والعرب التابعة لهم من آل غسان وغيرهم، وبدأ يجهز لمعركة دامية فاصلة. ولقد أدى هذا إلى انتشار الرعب فى قلوب المسلمين. وهنا يُدرك القارىء المنصف أن المسلمين هم من اعتدى عليهم، ومنعوا من توصيل رسالة الله تعالى للبشر، واضطهدوا من أهل الكتاب من الغساسنة والرومان، فأمر الله تعالى بقتالهم قائلا: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة 29
                    فلم يقل الله تعالى:
                    (15فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ) تثنية 13: 15-16
                    (16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ) تثنية 20: 10-17
                    (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 21-24
                    (11وَبَيْنَمَا هُمْ هَارِبُونَ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي مُنْحَدَرِ بَيْتِ حُورُونَ، رَمَاهُمُ الرَّبُّ بِحِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى عَزِيقَةَ فَمَاتُوا. وَالَّذِينَ مَاتُوا بِحِجَارَةِ الْبَرَدِ هُمْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ.) يشوع 10: 11
                    (11وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ. وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. 12فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ مُدُنِ أُولَئِكَ الْمُلُوكِ وَجَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمَهُمْ كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ.) يشوع 11: 11-12
                    (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً)صموئيل الأول15: 3
                    وبقول نبى الله داود: (46هَذَا الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ هَذَا الْيَوْمَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ الأَرْضِ، فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لإِسْرَائِيلَ.) صموئيل الأول 17: 46
                    (17وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ، وَقَتَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ بَقُوا لأَخْآبَ فِي السَّامِرَةِ حَتَّى أَفْنَاهُ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ إِيلِيَّا.) ملوك الثانى 10: 17
                    (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) أخبار الأيام الأول 20: 3
                    (19فَتَضْرِبُونَ كُلَّ مَدِينَةٍ مُحَصَّنَةٍ وَكُلَّ مَدِينَةٍ مُخْتَارَةٍ وَتَقْطَعُونَ كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وَتَطُمُّونَ جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ وَتُفْسِدُونَ كُلَّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ بِالْحِجَارَةِ])ملوك الثانى 3: 19
                    (9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 9
                    (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                    (5وَقَالَ لأُولَئِكَ فِي سَمْعِي: [اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
                    (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
                    فى الحقيقة إن من يقرأ هذه النصوص ليترك هذا الكتاب كلية، وليدرك أنه يتعامل مع إرهابيين نسبوا هذا الكلام إلى إله الرحمة والمحبة، بعد ما فُقد منهم الكتاب الأصلى أو أضاعوه بمحض إرادتهم! وهذا ما عبر عنه برنارد شو، حينما قال إن هذا الكتاب فى غاية الخطورة على البشر، ولا بد من وضعه فى خزانة حديدية لا تُفتح أبدًا.
                    والغريب أنه لو قرأ المعترض السورة من بدايتها، لفوجىء أن القتال ليس مع كل المشركين أو أهل الكتاب، لأن منهم معاهدون أمر الله تعالى أن نوفى بالعهد معهم، وأن منهم سيستجير بالمسلمين، فأمر الله بإجارتهم، فأين هذا من الدمار الشامل والقتل الجماعى للآمنين والأطفال والأجنة فى بطون أمهاتهم، والحيوانات والبيئة، التى يأمر بها إله المحبة؟
                    فقارن هذا بما قاله الله تعالى فى نفس السورة:
                    (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ). التوبة 6-7
                    والقارىء الدارس لأوامر الله تعالى لنا بالقتال، ليعلم أن الله أمرنا بالقتال دفاعًا عن النفس والعقيدة: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) النساء 75
                    ويعلم أن الله تعالى أمرنا أن نجنح للسلم إذا جنحوا له: (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) النساء 90
                    (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)الأنفال 61
                    والله الذى أمرنا أن نقاتل من يقاتلنا أمرنا فى نفس الآية أن لا نعتدى، لأنه لا يحب المعتدين، وكلنا يطمع ويعمل لنيل حب الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة 190
                    لذلك أتعجب أن الكاتب لم يقرأ قول الله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 8
                    وأتعجب أنه لم يقرأ قول الله تعالى فى الكفار المحاربين لدينه ورسوله والمؤمنين: (قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ) الأنفال 38
                    وأتعجب أيضًا أنه لم يقرأ قول الله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) البقرة 256
                    ولا قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) يونس 99
                    ولا قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29، وهذا الفهم الأعوج تجده يُخالف تمامًا تطبيق الرسول  والصحابة والتابعين له. فلم ولن يُجبر مسيحى أو يهودى أو بوذى أو كافر على الدخول فى الإسلام، لأن هذا ببساطة شديدة يُخالف تعاليم الله تعالى، التى تقضى بعدم إجبار أحد على الدين. وأكبر دليل على ذلك أن نصارى مصر وسوريا ولبنان وكل البلدان التى بها نصارى لليوم ظلوا إلى يومنا هذا على دينهم لم يجبرهم أحد على تركه، على الرغم من أن المسلمين كانوا من القوة والسيطرة ما مكنهم من هزيمة الرومان فى عدة حروب. إلا أنهم لم يفعلوا ذلك لأن دينهم نههاهم عن ذلك.
                    واجبات المسلم تجاه أهل الكتاب:
                    عجبًا لذلك الكاتب، الذى لابد أن يكون قد قرأ ما سبق ووجد أنه لا يخدم غرضه، فادعى أن هذه الآية منسوخة. ولم يعترف ولن يعترف أن الإسلام فرض على المسلم وصايا بأهل الكتاب، هى فرض عليه أن يقوم بها. فقد فرض على المسلم:
                    1- حمايته من الاعتداء الخارجى،أى يُحارب عنه لحمايته:
                    يجب على الإمام حفظ أهل الذمة ومنع مَن يؤذيهم، وفك أسرهم، ودفع مَن قصدهم بأذى إن لم يكونوا بدار حرب، بل كانوا بدارنا، ولو كانوا منفردين ببلد". وعلل ذلك بأنهم: "جرت عليهم أحكام الإسلام وتأبَّد عقدهم، فلزمه ذلك كما يلزمه للمسلمين" (مطالب أولي النهى ج2، ص602-603).
                    وينقل الإمام القرافي المالكي في كتابه "الفروق" قول الإمام الظاهري ابن حزم في كتابه "مراتب الإجماع": "إن من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح، ونموت دون ذلك، صونًا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله ، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة". (الفروق ج3، ص14-15، الفرق 119). وحكى في ذلك إجماع الأمة.
                    ومن المواقف التطبيقية لهذا المبدأ الإسلامي، موقف شيخ الإسلام ابن تيمية، حينما تغلب التتار على الشام، وذهب الشيخ ليكلم "قطلوشاه" في إطلاق الأسرى، فسمح القائد التتري للشيخ بإطلاق أسرى المسلمين، وأبى أن يسمح له بإطلاق أهل الذمة، فما كان من شيخ الإسلام إلا أن قال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسارى من اليهود والنصارى، فهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيراً، لا من أهل الذمة، ولا من أهل الملة، فلما رأى إصراره وتشدده أطلقهم له.
                    2- حمايته من الظلم الداخلي
                    وأما الحماية من الظلم الداخلي، فهو أمر يوجبه الإسلام ويشدد في وجوبه، ويحذر المسلمين أن يمدوا أيديهم أو ألسنتهم إلى أهل الذمة بأذى أو عدوان، فالله تعالى لا يحب الظالمين ولا يهديهم، بل يعاجلهم بعذابه في الدنيا، أو يؤخر لهم العقاب مضاعفًا في الآخرة.
                    وقد تكاثرت الآيات والأحاديث الواردة في تحريم الظلم وتقبيحه، وبيان آثاره الوخيمة في الآخرة والأولى، وجاءت أحاديث خاصة تحذر من ظلم غير المسلمين من أهل العهد والذمة.
                    يقول الرسول : (من ظلم معاهدًا أو انتقصه حقًا أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة).(رواه أبو داود والبيهقي. انظر: السنن الكبرى ج ـ 5 ص 205).
                    ويروى عنه: (من آذى ذِمِّياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة). (رواه الخطيب بإسناد حسن، وضعفه غيره).
                    وعنه أيضًا: (من آذى ذميًا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله). (رواه الطبراني في الأوسط بإسناد ضعيف).
                    وعنه  أيضًا: (من قتل معاهدًا، لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا) البخارى، أى لم يشم رائحة الجنة.
                    وفي عهد النبي  لأهل نجران أنه: (لا يؤخذ منهم رجل بظلمِ آخر). (رواه أبو يوسف في الخراج ص 72 - 73).
                    ولهذا كله اشتدت عناية المسلمين منذ عهد الخلفاء الراشدين، بدفع الظلم عن أهل الذمة، وكف الأذى عنهم، والتحقيق في كل شكوى تأتي من قِبَلِهم.
                    كان عمر  يسأل الوافدين عليه من الأقاليم عن حال أهل الذمة، خشية أن يكون أحد من المسلمين قد أفضى إليهم بأذى، فيقولون له: (ما نعلم إلا وفاءً) (تاريخ الطبري ج ـ 4 ص 218) أي بمقتضى العهد والعقد الذي بينهم وبين المسلمين، وهذا يقتضي أن كلاً من الطرفين وفَّى بما عليه.
                    وعليٌّ بن أبي طالب  يقول: (إنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا) (المغني ج ـ 8 ص 445، البدائع ج ـ 7 ص 111 نقلاً عن أحكام الذميين والمستأمنين ص 89).
                    وفقهاء المسلمين من جميع المذاهب الاجتهادية صرَّحوا وأكدوا بأن على المسلمين دفع الظلم عن أهل الذمة والمحافظة عليهم؛ لأن المسلمين حين أعطوهم الذمة قد التزموا دفع الظلم عنهم، وهم صاروا به من أهل دار الإسلام، بل صرَّح بعضهم بأن ظلم الذمي أشد من ظلم المسلم إثمًا (ذكر ذلك ابن عابدين في حاشيته، وهو مبني على أن الذمي في دار الإسلام أضعف شوكة عادة، وظلم القوي للضعيف أعظم في الإثم).
                    3- حماية دمائهم وأبدانهم
                    وحق الحماية المقرر لأهل الذمة يتضمن حماية دمائهم وأنفسهم وأبدانهم، كما يتضمن حماية أموالهم وأعراضهم..
                    فدماؤهم وأنفسهم معصومة باتفاق المسلمين،وقتلهم حرام بالإجماع؛ يقول الرسول : (من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا".(رواه أحمد والبخاري في الجزية، والنسائي وابن ماجة في الديات من حديث عبد الله بن عمرو. والمعاهد كما قال ابن الأثير: أكثر ما يطلق على أهل الذمة، وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب -فيض القدير ج6، ص153).
                    وكتب عليٌّ  إلى بعض ولاته على الخراج: (إذا قدمتَ عليهم فلا تبيعن لهم كسوة شتاءً ولا صيفًا، ولا رزقًا يأكلونه، ولا دابة يعملون عليها، ولا تضربن أحدًا منهم سوطًا واحدًا في درهم، ولا تقمه على رجله في طلب درهم، ولا تبع لأحد منهم عَرضًا (متاعًا) في شيء من الخراج، فإنما أُمِرنا أن نأخذ منهم العفو، فإن أنت خالفتَ ما أمرتك به، يأخذك الله به دوني، وإن بلغني عنك خلاف ذلك عزلتك). قال الوالي: إذن أرجع إليك كما خرجت من عندك! (يعني أن الناس لا يدفعون إلا بالشدة) قال: وإن رجعتَ كما خرجتَ". (الخراج لأبي يوسف ص 15 - 16، وانظر: السنن الكبرى أيضًا ج9، ص205).
                    4- حماية أموالهم
                    ومثل حماية الأنفس والأبدان حماية الأموال، هذا مما اتفق عليه المسلمون في جميع المذاهب، وفي جميع الأقطار، ومختلف العصور.
                    روى أبو يوسف في "الخراج" ما جاء في عهد النبي  لأهل نجران: (ولنجران وحاشيتها جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله  على أموالهم وملتهم وبِيَعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير...). (الخراج ص 72).
                    وفي عهد عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح أن: (امنع المسلمين من ظلمهم والإضرار بهم، وأكل أموالهم إلا بحلها).
                    فمَن سرق مال ذمي قُطعت يده، ومَن غصبه عُزِّر، وأعيد المال إلى صاحبه، ومَن استدان من ذمي فعليه أن يقضي دينه، فإن مطله وهو غني حبسه الحاكم حتى يؤدي ما عليه، شأنه في ذلك شأن المسلم ولا فرق.
                    وبلغ من رعاية الإسلام لحرمة أموالهم وممتلكاتهم أنه يحترم ما يعدونه -حسب دينهم- مالاً وإن لم يكن مالاً في نظر المسلمين. فالخمر والخنزير لا يعتبران عند المسلمين مالاً مُتقَوَّمًا، ومَن أتلف لمسلم خمرًا أو خنزيرًا لا غرامة عليه ولا تأديب، بل هو مثاب مأجور على ذلك، لأنه يُغيِّر منكرًا في دينه، يجب عليه تغييره أو يستحب، حسب استطاعته، ولا يجوز للمسلم أن يمتلك هذين الشيئين لا لنفسه ولا ليبيعها للغير.
                    أما الخمر والخنزير إذا ملكهما غير المسلم، فهما مالان عنده، بل من أنفس الأموال، كما قال فقهاء الحنفية، فمن أتلفهما على الذمي غُرِّمَ قيمتهما. (اختلف الفقهاء في ذلك، والذي ذكر هو مذهب الحنفية).
                    5- حماية أعراضهم وكرامتهم
                    ويحمي الإسلام عِرض الذمي وكرامته، كما يحمي عِرض المسلم وكرامته، فلا يجوز لأحد أن يسبه أو يتهمه بالباطل، أو يشنع عليه بالكذب، أو يغتابه، ويذكره بما يكره، في نفسه، أو نسبه، أو خَلْقِه، أو خُلُقه أو غير ذلك مما يتعلق به.
                    يقول الفقيه الأصولي المالكي شهاب الدين القرافي في كتاب "الفروق": (إن عقد الذمة يوجب لهم حقوقًا علينا، لأنهم في جوارنا وفي خفارتنا (حمايتنا) وذمتنا وذمة الله تعالى، وذمة رسول الله ، ودين الإسلام، فمن اعتدى عليهم ولو بكلمة سوء أو غيبة، فقد ضيَّع ذمة الله، وذمة رسوله ، وذمة دين الإسلام).(الفروق ج3، ص14 الفرق 119).
                    وفي الدر المختار -من كتب الحنفية-: (يجب كف الأذى عن الذمي وتحرم غيبته كالمسلم).
                    ويعلق العلامة ابن عابدين على ذلك بقوله: لأنه بعقد الذمة وجب له ما لنا، فإذا حرمت غيبة المسلم حرمت غيبته، بل قالوا: إن ظلم الذمي أشد. (الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه ج3، ص244-246، ط استانبول).
                    6- تأمينهم عند العجز والشيخوخة والفقر
                    وأكثر من ذلك أن الإسلام ضمن لغير المسلمين في ظل دولته، كفالة المعيشة الملائمة لهم ولمن يعولونه، لأنهم رعية للدولة المسلمة وهي مسئولة عن كل رعاياها، قال رسول الله : (كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته). (متفق عليه من حديث ابن عمر). وهذا ما مضت به سُنَّة الراشدين ومَن بعدهم.
                    ففي عقد الذمة الذي كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق، وكانوا من النصارى: (وجعلت لهم، أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وعِيل من بيت مال المسلمين هو وعياله). (رواه أبو يوسف في "الخراج" ص144)
                    وكان هذا في عهد أبي بكر الصِّدِّيق، وبحضرة عدد كبير من الصحابة، وقد كتب خالد به إلى الصِّدِّيق ولم ينكر عليه أحد، ومثل هذا يُعَد إجماعًا.

                    تعليق

                    • abubakr_3
                      مشرف عام

                      • 15 يون, 2006
                      • 849
                      • مسلم

                      #55
                      ورأى عمر بن الخطاب شيخًا يهوديًا يسأل الناس، فسأله عن ذلك، فعرف أن الشيخوخة والحاجة ألجأتاه إلى ذلك، فأخذه وذهب به إلى خازن بيت مال المسلمين، وأمره أن يفرض له ولأمثاله من بيت المال ما يكفيهم ويصلح شأنهم، وقال في ذلك: ما أنصفناه إذ أخذنا منه الجزية شابًا، ثم نخذله عند الهرم! (المصدر السابق ص 126).
                      وعند مقدمهِ "الجابية" من أرض دمشق مَرَّ في طريقه بقوم مجذومين من النصارى، فأمر أن يعطوا من الصدقات، وأن يجرى عليهم القوت (البلاذري في فتوح البلدان ص 177 ط. بيروت)
                      هذه هي حقوق أهل الكتاب فى الإسلام، وهذا غيض من فيض وقليل من كثير من أحكام وتشريع النذير البشير . ولكن قد يعترض إنسان ما على الجزية فى الإسلام ويقول إذا كانت لهم كل هذه الحقوق فلماذا تفرضون الجزية؟
                      وأقول له: لماذا يُريد أن يعيش غير المسلم على حساب المسلم دون أن يُشارك ولو بقليل فى مصالح تعود بالفائدة الشخصية عليه وعلى أسرته؟ فهل يريد أن يكافأه الإسلام على كفره؟ أم يريد أن يُشجع الإسلام على الكفر، بإسقاط الجزية عن الكفار وأهل الكتاب، وفرض الزكاة على المسلمين؟ فلو فعل الإسلام هذا، لكانت قوانينه متناقضة مع بعضها البعض.
                      ولم يكن الرسول  بدعًا من الرسل، بل دينه دين الأنبياء الذين سبقوه لذلك قال .... عن أبي هريرة عن النبي  قال (الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد، وأمهاتهم شتى، وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم؛ لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وإنه نازل، فإذا رأيتموه، فاعرفوه: فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، سبط، كأن رأسه يقطر، وإن لم يصبه بلل بين ممصرتين، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويعطل الملل، حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب، وتقع الآمنة في الأرض، حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعا، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان والغلمان بالحيات، لا يضر بعضهم بعضًا، فيمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم يتوفى، فيصلي عليه المسلمون ويدفنونه.) (9669) ابن حنبل في مسنده ج2، ص437، حديث رقم: 9630
                      بمعنى لما فرض رسول الله  الجزية ما فرضها من عند نفسه  بل كان ينفذ شرع الله وشرع أنبياء الله الذين سبقوه. فلماذا تعترض على الجزية، ألم يأخذها الأنبياء من قبله ليخضعوا الشعوب الكافرة المحاربة لهم إلى حكم الله؟ بل إن كتابك يقرر أن الشعوب تهودت خيفة البطش بهم وقتلهم. فأى الأديان التى انتشرت إذن بالسيف؟
                      (17وَفِي كُلِّ بِلاَدٍ وَمَدِينَةٍ كُلِّ مَكَانٍ وَصَلَ إِلَيْهِ كَلاَمُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ كَانَ فَرَحٌ وَبَهْجَةٌ عِنْدَ الْيَهُودِ وَوَلاَئِمُ وَيَوْمٌ طَيِّبٌ. وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ.) أستير 8: 17
                      فها هو موسى  الذى جاء الإله (؟) يسوع عندكم تابعًا لشريعته، ومنفذًا لها، يأخذ الجزية من الشعوب التى حاربها: (40ومِنَ النِّساءِ ستَّةَ عشَرَ ألفًا، فكانَت جزيَةُ الرّبِّ مِنها اَثْنَينِ وثلاثينَ اَمرأةً. 41فدفَعَ موسى الجزيَةَ المُخصَّصَةَ للرّبِّ إلى ألِعازارَ الكاهنِ، كما أمرَ الرّبُّ موسى.) العدد 31: 40-41 (الترجمة العربية المشتركة)، وهكذا قالت أيضًا ترجمة الأخبار السارة. بل كانت الجزية ليست نقودًا أو ماشية فقط، بل كانت نساءً أيضًا، فتُرى ماذا فعل الرب بهذه النساء؟ وكيف قدمهم للرب؟ هل قدمهم ذبحًا كما تُقدم الخراف والنعاج؟ وهل من خزيهم من هذا النص غيرتها التراجم الحديثة إلى البشر والناس.
                      على الرغم من ترجمتها بالعذارى فى نسخ أخرى مثل الترجمة الحديثة والترجمة الإنجليزية NLT، فتقول ترجمة الفاندايك: (40وَنُفُوسُ النَّاسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلفًا وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ نَفْسًا.) العدد 31: 40، وهى قريبة من الترجمة الكاثوليكية التى كتبتها (ومن البشر ستة عشر ألفا، فكانت ضريبة الرب منها اثنين وثلاثين نفسا).
                      وتقول الترجمة الحديثة، وتشترك معها فى نفس الترجمة كتاب الحياة: (40وَمِنَ النِّسَاءِ الْعَذَارَى سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَزَكَاةُ الرَّبِّ مِنْهَا اثْنَيْنَ وَثَلاَثِينَ نَفْسًا)العدد 31: 40
                      وها هو نبى الله داود يفرض الجزية على الموابيين والآراميين والعمونيين والعماليق بعد أن حاربهم وقتل منهم (5... فَضَرَبَ دَاوُدُ مِنْ أَرَامَ اثْنَيْنَ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُلٍ... 13وَنَصَبَ دَاوُدُ تِذْكَارًا عِنْدَ رُجُوعِهِ مِنْ ضَرْبِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ أَرَامَ فِي وَادِي الْمِلْحِ)، وأصبح من تبقى عبيدًا تحت الجزية يقدمونها لداود. صموئيل الثاني الإصحاح الثامن
                      وكان يسوع يدفع الجزية لقيصر وهذا اعتراف منه باستمرار شريعة الجزية، ولم يعترض عليها. راجع (متى 17: 24-27) ولا يمكنك أن تقول إنه كان مقهورًا على دفعها، لأن القهر والاضطرار ينفى عنه الألوهية، وستكون بذلك هدمت دينك من الأساس، وذلك على الرغم أنه دفعها فعلا مقهرًا عليها للمحتل الرومانى.
                      وإذا كان بولس قد قرر أن تخضع كل النفوس إلى السلاطين، وأن هذه السلاطين جاءت بأمر الله، (رومية 13: 1-7). وبناءً على ذلك فطاعة السلاطين هى طاعة لله، فما الذى يجعلكم تعترضون على الجزية وهى أمر الله تعالى؟
                      وقد ذكر "وول ديورانت" في موسوعة الحضارة مقدار الجزية التي كان يأخذها المسلمون، فقال (إن المبلغ يتراوح بين دينار وأربعة دنانير (من 4.75 إلى 19 دولارًا أمريكيًا) سنويا). وأنه يعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون سن البلوغ، والأرقاء، والشيوخ، والعجزة، والعمى والفقراء. وكان الذميون يعفون في نظير هذه الضريبة من الخدمة العسكرية ولا تفرض عليهم الزكاة.)
                      وكتب آدم ميتز: (كان أهل الذمة يدفعون الجزية، كل منهم بحسب قدرته، وكانت هذه الجزية أشبه بضريبة الدفاع الوطني، فكان لا يدفعها إلا الرجل القادر على حمل السلاح، فلا يدفعها ذوو العاهات، ولا المترهبون، وأهل الصوامع إلا إذا كان لهم يسار). (آدم ميتز -الحضارة الإسلامية (1/96).
                      يقول جوستاف لوبون: “رأينا من آى القرآن التى ذكرناها آنفًا أن مسامحة محمد لليهود والنصارى كانت عظيمة إلى الغاية، وأنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التى ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص، وسنرى كيف سار خلفاؤه على سنته”.
                      ويقول (شارلكن): “إن المسلمين وحدهم الذين جمعوا بين الغيرة لدينهم وروح التسامح نحو أتباع الأديان الأخرى وأنهم مع امتشاقهم السيف نشرًا لدينهم، تركوا من لم يرغبوا فيه أحرارًا فى التمسك بتعاليمهم الدينية”.
                      يقول المؤرخ الأمريكى سكوت: “كان دفع الجزية يضمن الحماية لأقل الناس، وكان يُسمح للورع المتعصب أن يزاول شعائره دون تدخل، كما يُسمح للملحد أن يجاهر بآرائه دون خشية المطاردة، وكان الأحبار يزاولون شؤونهم فى سلام”.
                      ويستشهد الدكتور ا.س. ترتون مؤلف “أهل الذمة فى الإسلام” بشهادة البطريرك النصرانى (عيشويابه): “إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون. إنهم ليسوا بأعداء للنصرانية، بل يمتدحون ملتنا، ويوقرون قديسينا وقسيسينا، ويمدون يد المعونة إلى كنائسنا وأديرتنا”.
                      يقول المؤرخ الشهير (ولز) فى صدد بحثه عن تعاليم الإسلام: (إنها أسَّسَت فى العالم تقاليد عظيمة للتعامل العادل الكريم، وإنها لتنفخ فى الناس روح الكرم والسماحة، كما أنها إنسانية السمة، ممكنة التنفيذ، فإنها خلقت جماعة إنسانية يقل ما فيها مما غمر الدنيا من قسوة وظلم اجتماعى عما فى أية جماعة أخرى سبقتها...... إنه ملىء بروح الرفق والسماحة والأخوة)
                      ويقول السير (مارك سايس) فى وصف الإمبراطورية الإسلامية فى عهد الرشيد: “وكان المسيحيون واليهود والمسلمون على السواء يعملون فى خدمة الحكومة.”
                      ويقول (ليفى بروتستال) فى كتابه إسبانيا الإسلامية فى القرن العاشر: (إن كاتب الذمم كثيرًا ما كان نصرانيًا أو يهوديًا، … وقد كانوا ينوبون عن الخليفة بالسفارات إلى دول أورُبّا الغربية، وكانوا يتصرفون للدولة فى الأعمال الإدارية والحربية).
                      ويقول (رينو) فى كتابه تاريخ غزوات العرب فى فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط: (إن المسلمين فى مدن الأندلس كانوا يعاملون النصارى بالحسنى، كما أن النصارى كانوا يراعون شعور المسلمين فيختنون أولادهم ولا يأكلون لحم الخنزير).
                      ويقول (أرنولد) وهو يتحدث عن المذاهب الدينية بين الطوائف المسيحية: (ولكن مبادىء التسامح الإسلامى حرَّمت مثل هذه الأعمال التى تنطوى على الظلم، بل كان المسلمون على خلاف غيرهم، إذ يظهر لنا أنهم لم يألوا جهدًا فى أن يعاملوا كل رعاياهم من المسيحيين بالعدل والقسطاس، مثال ذلك: أنه بعد فتح مصر استغل اليعاقبة فرصة إقصاء السلطات البيزنطية ليسلبوا الأرثوذكس كنائسهم، ولكن المسلمين أعادوها أخيرًا إلى أصحابها الشرعيين بعد أن دلَّلَ الأرثوذكس على ملكهم لها.)
                      ويقول (د. جوستاف ليبون) في كتابه (حضارة العرب): (إن القارئ سيجد في معالجتي للغزوات العربية والسبب وراء انتصارات العرب ـ أن القوة لم تكن مطلقًا عاملًا مساعدًا في انتشار التعاليم القرآنية، وأن العرب قد تركوا أولئك الذين غزوا بلادهم أحرارًا في ممارسة عقائدهم الدينية، وإذا حدث أن اعتنقت بعض الشعوب المسيحية الإسلام، واتخذت اللغة العربية لغة لها، فإن ذلك يمكن عزوه أساسًا إلى ما أبداه العرب من عدالة لم يعتدها هؤلاء غير المسلمين، كما أن ذلك يُعزى إلى التسامح واللين اللذين يتسم الإسلام بهما، وهما غير معروفيْن في الأديان الأخرى).
                      وفي موضع آخر من الكتاب يضيف (د. ليبون) قائلًا : (لقد كان من الممكن أن تتسبب الفتوح العربية الأولى في عدم وضوح قدرتهم على الحكم في الأمور، وتجعلهم يرتكبون نفس أعمال القهر التي يرتكبها الغزاة عادة، ومن هنا يسيئون معاملة الشعوب الخاضعة لهم، وإجبارهم على اعتناق الدين الذي يودون نشره في كل أرجاء الأرض، ولو كانوا فعلوا ذلك فإن كل الأمم التي ما زالت ليست تحت سيطرتهم ربما قد انقلبت عليهم مثل ما ألمّ بالصليبيين في غزوهم لسوريا بعد ذلك. ولكن الخلفاء الأوائل كانوا يتحلون ببراعة كبيرة في تصريف أمور الدولة، ولم يكن ذلك متاحًا لغيرهم من دعاة الأديان الجديدة، هؤلاء الخلفاء قد أدركوا أن القوانين والأديان لا يمكن فرضها بالقوة، ومن هنا فقد كانوا يتحلون بقدر كبير من العطف في طريقة تعاملهم مع شعوب سورية ومصر وإسبانيا، وكل قطر آخر أخضعوه لسيطرتهم، وتركوا لهم حرية ممارسة قوانينهم وتشريعاتهم ودياناتهم، ولم يفرضوا سوى قدر قليل من الجزية في مقابل حمايتهم، والحفاظ على السلام بينهم، وإحقاقًا للحق فإن الأمم لم تعرف قط غزاة رحماءَ ومتسامحين مثل العرب).
                      ويمضي قدمًا في الإيضاح قائلًا : (إن رحمة وتسامح الغزاة كانا سببين من ضمن أسباب انتشار الفتوحات، ودخول الأمم في دينهم، وانتهاج نظمهم ولغتهم، والتي ضربت بجذورها في الأرض، وقاومت كل أنواع الهجوم، وظلت موجودة حتى بعد اختفاء سيطرة العرب على المسرح العالمي، على الرغم من أن المؤرخين ينفون هذه الحقيقة، فإن مصر هي أكبر دليل على ذلك، فقد اعتنقت دين العرب، وظلت عليه، في حين لم يستطع الغزاة السابقون مثل الفرس واليونانيون والبيزنطيون التخلص من الحضارة الفرعونية القديمة، وفرض ما جاءوا به).
                      وأضيف إليه: إن فشل الرومان فى فرض المذهب المالكى فى مصر لهو أكبر دليل على فشل فرض الدين بالقوة مع المصريين.
                      ثم يضيف في موضع آخر : (إن قليلًا من العلماء الأورُبّيين غير المتحيزين المُطّلعين على تاريخ العرب يؤكدون مثل هذا التسامح، فيقول (روبرتسون) في كتابه (السيرة الذاتية لشارليكين): إن المسلمين وحدهم كانوا هم أول مَن جمع بين الجهاد والتسامح مع أتباع الأديان الأخرى، ممن أخضعوهم لسيطرتهم، تاركين لهم إقامة الشعائر الدينية).
                      مواقف مشرفة للمسلمين فى قتالهم لم يعرف لها التاريخ مثيل:
                      نقرأ أيضًا التطبيق العملى لما قلناه، وقاله المؤرخون ورجال الفكر:
                      لما فتح عمرو بن العاص بيت المقدس وأصر أسقفها أن يحضر الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه ليتسلم مفاتيح المدينة بعد أن فرَّ جيش الرومان هاربًا.. ذهب عمر استجابة لرغبة هذا الأسقف (سيفرنيوص) وذهب لزيارته فى كنيسة القيامة – ولم يقتله ولم يبقر بطنه ولم يراهن على دلق أحشائه بضربة سيف واحدة ولم يأكل لحوم أجسادهم وكما فعل الصليبيون فى الممالك السورية وكما فعل الصرب فى مسلمى البوسنة والهرسك، ولم يحرم المدينة ويقتل كل من فيها من إنسان أو حيوان كما يدعى الكتاب المقدس أن هذا ما فعله أنبياء بنى إسرائيل - .... وعندما حان وقت صلاة الظهر.. خرج عمر من الكنيسة وصلى خارجها حتى لا يتوهم المسلمون فيما بعد بصلاته فى الكنيسة حقًا يؤدى إلى طرد المسيحيين منها.
                      ومن المعلوم أن عمرو بن العاص أسقط الجزية عن مسيحى مصر، الذين شاركوا معه فى القتال ضد الرومان. وفرضها على المسلمين الذين لم يشاركوا فى قتال الرومان، والدفاع عن ملكوت الله (دينه وشريعته).
                      وليس أدل على هذا مما رواه البلاذري في فتوح البلدان أنه لما جمع هرقل للمسلمين الجموع، وبلغ المسلمين إقبالهم إليهم لواقعة اليرموك، ردوا على أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم من الجزية وقالوا: (قد شُغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم فأنتم على أمركم) فقال أهل حمص: (لولايتكم وعدلكم أحب إلينا مما كنا فيه من الظلم والغشم، ولندفعن جند هرقل [مع أنه على دينهم] عن المدينة مع عاملكم)، وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصارى واليهود. وقالوا: إن ظهر الروم وأتباعهم على المسلمين صرنا إلى ما كنا عليه،وإلا فإنا على أمرنا ما بقي للمسلمين عدد …
                      ولما فتحت جيوشنا المدن السورية أبرموا معهم معاهدات الدفاع عنهم فى نظير أن يدفع الذمى الجزية وله ما للمسلمين وعليه ما عليهم، فلما اجتمع الروم لقتال المسلمين، اجتمع المسلمون وخرجت الجيوش الإسلامية من المدن السورية للقاء العدو، وجمع خالد بن الوليد أهل حمص وأبو عبيدة أهل دمشق وغيرهما من القادة أهل المدن الأخرى وقالوا لهم: إنا كنا قد أخذنا منكم أموالًا على أن نحميكم وندافع عنكم، ونحن الآن خارجون عنكم لا نملك حمايتكم، فهذه أموالكم نردها إليكم... فقال أهل المدن: ردكم الله ونصركم. والله لو كانوا مكانكم لما دفعوا إلينا شيئًا أخذوه، بل كانوا يأخذون معهم كل شىء يستطيعون حمله..
                      هل سمعتم بجيش منتصر يخرج من البلد الذى فتحه، لأن القائد المسلم لم يعطيهم مهلة الثلاثة أيام؟
                      إليكم أغرب حادثة فى تاريخ البشرية....
                      لما ولى الخلافة عمر بن عبد العزيز، وفدَ إليه قوم من أهل سمرقند، فرفعوا إليه أن قتيبة قائد الجيش الإسلامى فيها دخل مدينتهم وأسكنها المسلمين غدرًا بغير حق. فكتب عمر إلى عامله هناك أن ينصب لهم قاضيًا ينظر فيما ذكروا، فإن فذى بإخراج المسلمين من سمرقند خرجوا.!
                      فنصب لهم الوالى “جميع بن حاضر الباجى” قاضيًا ينظر شكواهم، فحكم القاضى وهو مسلم بإخراج المسلمين.. على أن ينذرهم قائد الجيش الإسلامى بعد ذلك، وينابذهم وفقًا لمبادىء الحرب الإسلامية، حتى يكون أهل سمرقند على استعداد لقتال المسلمين فلا يؤخذوا بغتة.
                      فلما رأى أهل سمرقند ما لا مثيل له فى التاريخ من عدالة تنفذها الدولة على جيشها وقائدها.. قالوا: هذه أمة لا تحارب، وإنما حكمها رحمة ونعمة، فرضوا ببقاء الجيش الإسلامى، وأقروا المسلمين أن يقيموا بين أظهرهم.
                      هل رأيتم فى تاريخ الدنيا كلها جيشًا يفتح مدينة، فيشتكى المغلوبون للدولة المنتصرة، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر ويأمر بإخراجه، ولا يدخلها بعد ذلك إلا بإقرار أهلها؟!
                      أرأيتم فى التاريخ القديم والحديث حربًا يتقيد أصحابها بمبادىء الأخلاق والحق كما تقيد به جيش المسلمين؟
                      إنى لا أعلم فى الدنيا كلها موقفًا مثل هذا لأمة من أمم الأرض..
                      وهل تعرفون ماذا فعل المسلمون حين استردوا بيت المقدس على يد صلاح الدين؟
                      كان فى القدس حينما استعادها صلاح الدين من الصليبيين مائة ألف صليبى، منهم ستون ألف راجلًا وفارسًا، إضافة إلى من تبعهم من النساء والأطفال، فأبقى صلاح الدين على حياتهم، واستوصى بهم خيرًا، وقرر فقهاؤه بضرب فدية عادلة، وعجز بعضهم عن دفع الفدية، فأدى الملك العادل أخو صلاح الدين فدية عن ألف صليبى، واقتدى به صلاح الدين نفسه فأعفى كثيرين من الفدية، وأغضى عن جواهر الصليبيين وذهبهم وفضتهم، وعامل نساءهم معاملة كريمة، وسهل السبيل لخروج ملكتين بما معهما من جواهر وأموال وخدم، ورخص للبطريرك الأكبر أن يسير آمنًا بأموال البيع والجوامع التى كان نهبها الصليبيون فى غزوهم. وعندما اعترض المسلمون على صلاح الدين بأن هذا البطريرك يقوى بما أخذ على حرب المسلمين ثانية، قال: لا أغدر به.
                      ولما عقد الصلح بين المسلمين والصليبيين دخل خلق عظيم منهم إلى القدس فأكرمهم صلاح الدين وقدم لهم الأطعمة وباسطهم. وبذلك ألقى صلاح الدين على الصليبيين درسًا فى مكارم الأخلاق وسماحة الإسلام.
                      من البديهى أن كل صاحب دين يُمجِّد فى دينه وفى سيرة الصالحين منهم. فما دليلنا التاريخى على صدق هذا الكلام؟
                      اعترف المؤرخ جوستاف لوبون بتسامح صلاح الدين وعدله وعطفه، فقال:وتم طرد الصليبيين من القدس على يد السلطان صلاح الدين الأيوبى، ولم يشأ صلاح الدين أن يفعل فى الصليبيين مثل ما فعله الأولون من ضروب التوحش فيبيد النصارى على بكرة أبيهم، فقد اكتفى بفرض جزية طفيفة عليهم مانعًا سلب شىء منهم.
                      وأشار المؤرخ (أيوركا) بما لقيه الصليبيون من حسن معاملة صلاح الدين لهم يوم فتح القدس، فقال: لقد أظهر الجند المسلمون الذين رافقوا المطرودين من أهل الصليب شفقة مؤثرة، ولا سيما على النساء والأطفال. ولا يوجد دليل على ذلك أكبر من تهديد صلاح الدين لأصحاب السفن من رعايا الجمهوريات الإيطالية لنقل هؤلاء البائسين من الصليبيين.
                      ولما علم صلاح الدين بمرض خصمه ريتشارد قلب الأسد، وبأنه فى حاجة إلى بعض الفاكهة والثلج، فبعث إليه صلاح الدين بحاجته، وأرفقها بالدواء والشراب، ولم يكد ريتشارد يشفى من مرضه حتى عاد مرة أخرى إلى قتال صلاح الدين..!!!
                      ويتعجب القس (أودوا الدويلى) – أحد رهبان القديس دينيس والذى كان يشغل وظيفة قسيس خاص للويس السابع وصحبه فى الحملة الصليبية الثانية ـ من تعصب وجفاء وقسوة قلب الصليبيين بين أنفسهم، فقال: ”بينما كان الصليبيون يحاولون شق طريقهم برًا عن طريق آسيا الصغرى إلى بيت المقدس، منوا بهزيمة فادحة على أيدى الترك فى ممرات فريجيا الجبلية عام 1148، وبلغوا مدينة أتاليا الساحلية بشق الأنفس، وهنا تمكَّنَ جميع الذين استطاعوا أن يرضوا المطالب الفادحة التى كان يفرضها عليهم تجار الإغريق من الإبحار إلى أنطاكية،بينما خلفوا وراءهم المرضى والجرحى وعامة الحجاج تحت رحمة الخونة من حلفائهم الإغريق، الذين أخذوا مبلغ خمسمائة مارك من لويس شريطة أن يمدوا الحجيج بقوة من الحرس، وأن يعنوا بالمرضى حتى يصبحوا من القوة بحيث يمكن إرسالهم ليلحقوا بزملائهم.
                      ولكن لم يكد الجيش يغادر المكان حتى أخبر الإغريق الترك بموقف الحجيج الأعزل، وراقبوا فى صمت ما أصاب هؤلاء التعساء من المجاعة والمرض وسهام العدو التى جرت عليهم الدمار والخراب وهم فى طريقهم إلى معسكرهم.
                      ولما وصل الترك المعسكر الذى يتجمع فيه هؤلاء الصليبيون وهجموا عليه، وحاولت جماعة منهم تبلغ ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف أن تلوذ بالفرار بدافع اليأس، ولكن الترك هجموا عليهم ومزقوهم شرَّ ممزَّق. أما الضعفاء والمرضى فقد لاقوا أفضل معاملة إنسانية، فقد واسوا المرضى، وأغاثوا الفقير والجائع الذى أشرف على الهلاك، وبذلوا لهم العطاء فى كرم وسخاء، حتى إن بعضهم اشترى النقود الفرنسية التى ابتزها الإغريق من الحجاج بالقوة أو بالخداع، ووزعوها بسخاء بين المعوزين منهم، فكان البون شاسعًا بين المعاملة الرحيمة التى لقيها الحجاج من الكفار (يعنى المسلمين) وبين ما عانوه من قسوة إخوانهم المسيحيين من الإغريق الذين فرضوا عليهم السخرة وضربوهم ليبتزوا منهم ما ترك لهم من متاع قليل.. حتى إن كثير منهم دخلوا فى دين منقذيهم بمحض إرادتهم.“
                      وفى ذلك يقول المؤرخ: ”لقد جفوا إخوانهم فى الدين الذين كانوا قساة عليهم، ووجدوا الأمان بين الكفار (المسلمين) الذين كانوا رحماء عليهم! ولقد بلغنا أن أكثر من ثلاثة آلاف قد اعتنقوا الإسلام، بعد أن تقهقروا إلى صفوف الأتراك، آه، إنها لرحمة أقسى من الغدر.. لقد منحوهم الخبز ولكنهم سلبوهم عقيدتهم، ولو أن من المؤكد أنهم لم يُكرِهوا أحدًا من بينهم على نبذ دينه، وإنما اكتفوا بما قدموا لهم من مساعدة.. ومن رحمة افتقدوها عند إخوانهم فى العقيدة..!!“
                      من الأمثلة الأخرى على صدق هذا الكلام ما يحكيه أحد المشاركين فى هذه الحرب لحفيدته: لقد تعرضت الكتيبة الأسترالية النيوزيلاندية ”أنذاك“ فى الحرب العالمية الأولى لمأساة رهيبة سقط بسببها ألوف القتلى والجرحى، وكان الجنود المسلمين يجودون بأطعمتهم ودوائهم لعلاج المصابين فى هذه المعركة.. حتى الأتراك الذين تصفهم الكتب والمراجع بالفظاظة والقسوة.. كانوا أكثر رحمة من البريطانيين الذين تخلوا عن الجنود الأستراليين والنيوزيلانديين فى هذه المحنة.
                      هل تعرف أن الوحوش لا تفترس إلا فى حالة الضرورة.. أما أن يكون ذلك على أيدى بشر.. ومن رجال دين يُفتَرَض فيهم الرحمة والعدل.. ومن بابوات وكهنة ينتسبون إلى دين يسمونه دين المحبة والرحمة فهذا يكاد لايصدقه عقل!!!
                      إن جوهر المشكلة عندكم عزيزى الكاتب هى النصوص والكتب التى يعدونها مقدسة ويطبقون ما فيها من وحشية وقسوة، ألم يذكر الكتاب المقدس هذه النصوص لهؤلاء الأنبياء الذين أرسلهم الله هدى وبشرى ورحمة لنقتدى بهم؟
                      وها هى مقارنة مختصرة بين أوامر إله المحبة والرحمة فى الكتاب المقدس جدًا، وبين القرآن الكريم وأوامر الرسول :
                      الكتاب المقدس نبي الرحمة
                      اقتلوا للهلاك انطلقوا باسم الله
                      اقتلوا الشيخ لا تقتلوا شيخا فانيا
                      اقتلوا كل امرأة لا تقتلوا امرأة
                      اقتلوا طفلا ورضيعا لا تقتلوا طفلا ولا صغيرا
                      نجسوا البيت لا تغلوا
                      لا تشفق اعينكم اصلحوا
                      لا تعفوا احسنوا
                      عيني لا تشفق ولا اعفو إن الله يحب المحسنين
                      فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا اذهبوا فأنتم الطلقاء
                      وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ اذهبوا فأنتم الطلقاء
                      وإن جنحوا للسلم، فاجنح لهم
                      وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين
                      9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ لا تقتلوا طفلًا صغيرًا، لا تنزعوا طفلًا من حُضن أمه
                      * * * * *
                      فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم:
                      أما عن الآية الثانية التى استشهد بها الكاتب كدليل على انتشار الإسلام بالسيف، وأنه دين الويل والثبور، ولا يعرف الرحمة مع مخالفيه، فهى تقول:
                      (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) التوبة: 5
                      والآية فى سياقها تقول: (بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ (6) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلًا وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (9) لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًا وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12) أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16) مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)) التوبة 1-18
                      إن سورة التوبة هى آخر سورة نزلت من القرآن على الرسول ، ونزلت بعد فتح مكة بسنة، أى عام تسعة هجرية، وقد نزلت فى المدينة. وحدث بعد فتح مكة حربان مع المشركين وهما: غزوة حُنيْن نهاية عام 8 هجرية، أى بعد شهر من فتح مكة، ووقعت بين المسلمين وبين قبيلة هوازن وقبيلة ثقيف فى وادى حُنين بين مكة والطائف. وكادت الحرب تنتهى بهزيمة المشركين، إلا أن الكثير منهم وخاصة قادتهم هربوا إلى الطائف، وتحصنوا بها. فتوجه المسلمون إليهم فى الطائف، وحاصروهم، ولما طال الحصار، واستشهد بعض من المسلمين، استشار رسول الله  الصحابة، وفكوا الحصار عائدين. وعقبها بعد بضعة أشهر أن جهز الرومان جيشًا كبيرًا للقضاء على المسلمين والإسلام، فى جيش جرار قوامه أربعين ألفًا فى غزوة تبوك.
                      وآيات سورة التوبة قُصد بها المشركون من العرب، الذين لا يوجد بينهم وبين الرسول  عهود، أو انتهت عهودهم معه. وإن دلَّ هذا، فإنما يدل على سماحة الإسلام مع المشركين حتى نهاية الدعوة. فلا مجال إذن للقول بأن الإسلام انتشر بالقوة، وأن لهجة الخطاب القرآنى والنبوى كانت تتعمَّد الموادعة والمهادنة فى مكة، ثم تغيرت إلى النقيض فى المدينة. فها هى سورة التوبة، وهى آخر ما نزل من السور فى المدينة، تُهادن وتوادع المشركين غير المحاربين للنبى  والمسلمين، المعاهدين لهم.
                      لقد بعث رسول الله  أبا بكر وعلى رضى الله عنهما إلى مكة وقرءا الآيات على المشركين، وفيها يبرىء الله رسول  والمؤمنين من معاهداتهم مع المشركين. فقد كان هناك ثلاثة أنواع منهم: نوع عاهد الرسول  لمدة محددة، وأُمر الرسول  والمؤمنون أن يوفوا بالعهد إلى مدته، والنوعان الآخران إما كان لهم عهد قد انتهى، أو لم يكن لهم عهد معه من الأساس، وهؤلاء أمر الرسول  المسلمين أن يعطوهم مُهلة أربعة أشهر، حتى يتدبروا أمرهم، ويغادروا مكة، وإلا قوتلوا.
                      وفى تفسير هذه السورة فى الطبرى يقول: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر، عَنْ مَعْمَر، قَالَ: قَالَ الْكَلْبِيّ: إِنَّمَا كَانَ الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر لِمَنْ كَانَ بَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه  عَهْد دُون الْأَرْبَعَة الْأَشْهُر، فَأَتَمَّ لَهُ الْأَرْبَعَة. وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدًا أَكْثَر مِنْ أَرْبَعَة أَشْهُر فَهُوَ الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَتِمّ لَهُ عَهْده....
                      فإن ظَنَّ أحد أَنَّ اِنْسِلَاخ الْأَشْهُر الْحُرُم كَانَ يُبِيح قَتْل كُلّ مُشْرِك كَانَ لَهُ عَهْد مِنْ رَسُول اللَّه  أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ عَهْد فقد أخطأ، لأن الآية تستثنى غير المحاربين (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدهمْ إِلَى مُدَّتهمْ إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَّقِينَ... فَمَا اِسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُتَّقِينَ) التوبة 4، فَهَؤُلَاءِ مُشْرِكُونَ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّه نَبِيّه  وَالْمُؤْمِنِينَ بِالِاسْتِقَامَةِ لَهُمْ فِي عَهْدهمْ مَا اِسْتَقَامُوا لَهُمْ بِتَرْكِ نَقْضِ صُلْحهمْ وَتَرْك مُظَاهَرَة عَدُوّهُمْ عَلَيْهِمْ....
                      وعلى ذلك فالآيات غير مقصود بها كل المشركين بصفة عامة، وإنما هم فصيل مًحدد من المشركين بينت الآيات صفاتهم، واستثنى الله تعالى منهم (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا)
                      ولقد بعث رَسُول اللَّه  حِين بَعَثَ عَلِيًّا  بِبَرَاءَة إِلَى أَهْل الْعُهُود بَيْنه وَبَيْنهمْ، أَمَرَهُ فِيمَا أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِي بِهِ فِيهِمْ، وَمَنْ كَانَ بَيْنه وَبَيْن رَسُول اللَّه ، فَعَهْده إِلَى مُدَّته أَوْضَحَ الدَّلِيل عَلَى صِحَّة مَا قُلْنَا؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه لَمْ يَأْمُر نَبِيّه  بِنَقْضِ عَهْد قَوْم كَانَ عَاهَدَهُمْ إِلَى أَجَل، فَاسْتَقَامُوا عَلَى عَهْده بِتَرْكِ نَقْضِهِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَجَّلَ أَرْبَعَة أَشْهُر مَنْ كَانَ قَدْ نُقِضَ عَهْده قَبْل التَّأْجِيل أَوْ مَنْ كَانَ لَهُ عَهْد إِلَى أَجَل غَيْر مَحْدُود، فَأَمَّا مَنْ كَانَ أَجَل عَهْده مَحْدُودًا وَلَمْ يَجْعَل بِنَقْضِهِ عَلَى نَفْسه سَبِيلًا....
                      حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَد، قَالَ: ثنا قَيْس، عَنْ مُغِيرَة، عَنْ الشَّعْبِيّ، قَالَ: ثني مُحَرَّر بْن أَبِي هُرَيْرَة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة  قَالَ: كُنْت مَعَ عَلِيّ  حِين بَعَثَهُ النَّبِيّ يُنَادِي، فَكَانَ إِذَا صَحِلَ صَوْته نَادَيْت، قُلْت: بِأَيِّ شَيْء كُنْتُمْ تُنَادُونَ؟ قَالَ: بِأَرْبَعٍ: لَا يَطُفْ بِالْكَعْبَةِ عُرْيَان. وَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْد رَسُول اللَّه  عَهْد فَعَهْده إِلَى مُدَّته. وَلَا يَدْخُل الْجَنَّة إِلَّا نَفْس مُؤْمِنَة. وَلَا يَحُجّ بَعْد عَامنَا هَذَا مُشْرِك.
                      والآيات تَأَمَرَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا عَهْد لَهُمْ بَعْد اِنْسِلَاخ الْأَشْهُر الْحُرُم، وَبِإِتْمَامِ عَهْد الَّذِينَ لَهُمْ عَهْد، إِذَا لَمْ يَكُونُوا نَقَضُوا عَهْدهمْ بِالْمُظَاهَرَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَإِدْخَال النَّقْص فِيهِ عَلَيْهِمْ.
                      انظر الرابط http://www.quran-for-all.com/tafseer-9-3.html
                      ونلخص ما سبق:
                      إن هذه الآيات نزلت قرب بداية العام التاسع الهجرى، وقد حاول المشركون القضاء على الإسلام أربع مرات فى عام 8 هجرية، فكانت غزوة مؤتة، وفتح مكة، وغزوة حُنين، وغزوة الطائف. وبالتالى فهم يُحاربون المسلمين والإسلام، ولا يريدون أن يدخلوا ملكوت الله (أى شريعته)، ولا يريدون للناس أن يدخلوها، كما كان لابد من تصفية الجزيرة العربية لتصبح قاعدة للإسلام. ولو كان المقصود من القتل قتل المشركين من غير العرب أو من أهل الكتاب، لما تبقى فى أى بلد فتحها المسلمون شخص على غير الإسلام، ولما توجه مئات من كبار أقباط مصر لإستقبال عمرو بن العاص، فرحين بنصره على الرومان، وأن الله خلصهم من الرومان على أيدى المسلمين الرحماء.
                      وعلى ذلك فالجهاد أو خروج المسلم للقتال ينقسم إلى قسمين: جهاد دفع، وجهاد طلب. فجهاد الدفع هو دفع العدو وصده وطرده من احتلال أرض المسلمين أو ثرواتهم: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) الحج 39، وقوله (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة 190
                      وجهاد الطلب لتأمين الدعوة، ومنع الفتنة فى الدين، ومقاومة الذين يمنعون الدعوة بالقوة، ويقتلون الدعاة. كما فعل الأمراء التابعون لإمبراطور الروم، فهنا تتحتم بالقوة والجبروت إزالة الحواجز المادية التى تحول بين جماهير الناس وبلوغ دعوة الإسلام إليهم ناصعة، كما أنزلت. (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) البقرة 193
                      أى إن غاية جهاد الطلب هي ضمانة ألا يفتن الناس عن دين الله، وألا يصرفوا عنه بالقوة أو ما يشبهها، وأن يُتاح لهم التعرف على دين الله، ويمنحهم الحرية فى اختيار عقيدتهم دون قهر أن تدليس، وهى من أعظم حقوق الإنسان فى الأرض أن يقرر مصيره فى الدنيا والآخرة على بصيرة من الأمر. وهو أيضًا ما نفهمه اليوم تحت حق الإنسان فى التعبير عن الرأى، الذى يُعد أساسًا من حقًا من حقوق الإنسان، وتبليغ الناس بحقائق الأمور فى الدين والسياسة، وعدم تضليلهم.
                      وها هو التاريخ يحدثنا أن المسلمين وصلوا إلى حدود الصين، ولم نسمع بقتلهم للصينيين الوثنيين مع أن القوة والمنعة كانت فى صفوف المسلمين. ثم هل من يريد أن يقتل يُعطى المشركين مهلة أربعة أشهر؟
                      والذى لم يذكره الكاتب؛ لأنه لا يعرفه، أو يتجاهله، أن هذا الأمر لم يدخل فى حيز التنفيذ، بل دخلوا فى دين الله أفواجًا. صحيح أن منهم دخل خائفًا أو غير راغب، أو نفاقًا، لكن هؤلاء سرعان ما ارتدوا عقب وفاة النبى ، وتظاهروا على قانون الدولة سياسيًا ودينيًا وحربيًا، ومن ثم كانت الحرب ضد الردَّة، حتى تستقر الأمور داخل دولة الإسلام، فى الوقت الذى يشن فيه الفرس والروم حروبًا ضروس لإستئصال شأفة الإسلام.
                      ومن ثم فالآيات تعالج حالة خاصة من مشركى العرب، وليس المقصود منها كل مشركى العالم. كما أنها لا علاقة لها بالمشركين من أهل الكتاب، والأدلة على ذلك كثيرة تستطيع أن تعيد قراءتها فى ردودى عليك، فى الصفحات السابقة. فكم من القرون عاش اليهود والمسيحيون بيننا، وكان منهم الوزير والكاتب والطبيب والمهندس، والمعلم، والكيميائى، والمترجم، ولم يتعرض لهم أحد بسوء إلا من ظلم، فشأنه فى ذلك شأن المسلم الذى يتعرض لأخيه المسلم، أو لغيره بأذى.
                      فشعور المسيحى بحقه وكرامته فى كنف الدولة الإسلامية جعلت المظلوم يركب المشاق، ويتجشم وعثاء السفر من مصر إلى المدينة المنورة، واثقًا بأن حقه لن يضيع، وأن شكوته ستجد آذانًا صاغية، وأن الإسلام يقف بجانب المظلوم حتى تعود له حقوقه: فقد ذهب أحد المصريين إلى المدينة المنورة يشتكى ابن عمرو بن العاص (رئيس الدولة فى هذا الوقت) الذى ضربه بالسوط؛ لأن المصرى تفوق عليه فى سباق قائلًا له: أنا ابن الأكرمين! فاستدعى الخليفة عمرو وابنه، وأعطى السوط للقبطى وقال له:اضرب ابن الأكرمين، فلما انتهى من ضربه، أراد عمر أن يضرب القبطى عمرو بن العاص نفسه قائلًا له: أدر السوط على صلعة عمرو، فإنما ضربك بسلطانه. فقال القبطى إنما ضربت من ضربنى. ثم التفت عمر إلى عمرو وقال كلمته الشهيرة: (ياعمرو، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟)
                      * * * * *
                      وَإِذَا لقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ:
                      والآية الثالثة التى استشهد بها هى: (وَإِذَا لقِيتُمُ الذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أَوْزَارَهَا.) محمد 4
                      يقول الشيخ الدكتور القرضاوى (بتصرف): من نتائج الحرب: أن يكون هناك أسرى من الفريقين. فكيف يعامل المسلمون أسراهم، إذا وقعوا في أيديهم كما حدث في غزوة بدر وغزوة بني قريظة، وغزوة بني المصطلق وغيرها؟
                      فى الحقيقة من جمال الإسلام الجانب الإنسانى فيه، وخاصة فى معاملة أعدائه وأسراه. فالإسلام يوجب معاملة الأسرى معاملة إنسانية، تحفظ كرامتهم، وترعى حقوقهم، وتصون إنسانيتهم، ويعتبر القرآن الأسير من الفئات الضعيفة التي تستحق الشفقة والإحسان والرعاية، مثل المسكين واليتيم في المجتمع. يقول تعالى في وصف الأبرار المرضيين من عباده، المستحقين لدخول جنته، والفوز بمرضاته ومثوبته: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) الإنسان 8-10
                      ويخاطب الله نبيه محمدا  في شأن أسرى بدر بما يلين قلوبهم، ويجذبهم نحو الإسلام، فيقول: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الأنفال 70
                      أما الأحكام المتعلقة بالموقف مع الأسرى، وماذا يجب أن نصنع معهم، فقد نص القرآن فى سورة محمد، وهى التى يعتبرها الكاتب من الآيات التى تحث على قتل المخالفين: قال تعالى: (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) محمد 4
                      ومن التعاليم الحربية التي أدخلها الإسلام في نظم الحرب: أن لا يتم الأسر للأعداء (شد الوثاق) في المعركة قبل (إثخان العدو) أى إضعافه وكسر شوكته، حتى لا يعود لقتال المسلمين مرة أخرى. ومن أجل هذا عاتب الله النبي والمسلمين بعد معركة بدر؛ لأنهم سارعوا إلى الأسر، والعدو لم يزل قوي الشوكة، راسخ الجذور، متمكنا من الأرض، فلا غرو أن يفكر في الثأر لنفسه والانتقام من المسلمين، والعودة إلى قتالهم.
                      وبعد تحقق هذا في الإثخان والإضعاف يسوغ للمقاتل أن يأسر ما شاء، فليس في الإسلام ما في العهد القديم من وجوب ضرب جميع الذكور بحد السيف، إذا تمكنوا منهم، فلا مجال للأسر. وبعد ذلك يخيرنا القرآن بين أمرين في التعامل معهم، وهما: المنّ (وهو إطلاق سراح الأسير لوجه الله تعالى، لنتألف قلبه، ونحبب إليه الإسلام) والفداء (أى نفدى الأسير بأسير أو أسرى لنا عندهم، أو الفداء بمال، أو ما يقوم مقامه من مصلحة يحتاجها المسلمون، كفك الأسير مقابل أن يعلم عشرة من أبناء المسلمين، كما حدث فى غزوة بدر).
                      وقد ادعى بعض العلماء أن الآية منسوخة بقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُم} الآية، روي عن ابن عباس والضحّاك والسدي. وقال الأكثرون: ليست بمنسوخة، والإمام مخير بين المن على الأسير ومفاداته، وله أن يقتله إن شاء لحديث قتل النبي  النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط من أسارى بدر، وقال الشافعي رحمه اللّه: الإمام مخيَّر بين قتله أو المن عليه أو مفادته أو استرقاقه.
                      فقد جاء عن الحسن البصري: أنه لا يحل قتل الأسير صبرًا، وإنما يمن عليه أو يفادى. أخرج ذلك الطبري عنه، وأبو جعفر النحاس. والمقتول صبرًا هو كل من قُتل فى غير معركة ولا حرب ولا خطأ.
                      ويستثنى من ذلك: من نسميهم في عصرنا (مجرمي الحرب) الذين كان لهم مع المسلمين انتهاكات لحقوق الإنسان، وخرق المعاهدات، وتقليب الناس على محاربة المسلمين، مثل عقبة بن أبي معيط، وابن خطل ويهود بني قريظة وأمثالهم، فهؤلاء يجوز أن يحكم عليهم بالقتل جزاء ما اقترفت أيديهم من قبل. فهؤلاء يعاملون معاملة استثنائية، وتطبق عليهم آية سورة التوبة.
                      وبالاختصار: فقد استقر الحكم في الأسرى عند جمهور العلماء: أن الإمام مخير فيهم: إن شاء قتل، كما فعل ببني قريظة، وإن شاء فادى بمال، كما فعل بأسرى بدر، أو فادى بمن أسر من المسلمين، كما فعل رسول الله  في تلك الجارية وابنتها اللتين كانتا في سبي سلمة بن الأكوع، حيث ردهما وأخذ في مقابلتهما من المسلمين الذين كانوا عند المشركين، وإن شاء استرق من أسر. هذا مذهب الإمام الشافعي وطائفة من العلماء، وفي المسألة خلاف آخر بين الأئمة مقرر في موضعه من كتب الفقه.
                      * * * * *
                      هل ينادي الإسلام بالمساواة بين جميع الناس؟
                      يواصل الكاتب انتقاده للإسلام من وجهة نظره، فيتساءل قائلا:
                      2- هل ينادي الإسلام بالمساواة بين جميع الناس؟
                      • يعلم الإسلام أن المسلم متفوق على غيره من الناس.
                      "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله..." سورة آل عمران 110:3
                      • يقولون أن الله قد حوّل البعض من غير المسلمين إلى قردة وخنازير.
                      "قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبدة الطاغوت أولئك شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل". سورة المائدة 60:5
                      هذا ما قاله الكاتب. أما ردنا فهو:
                      يجب أن نقف ونتساءل: هل من الممكن أن يكون هناك إنسان أفضل من إنسان؟ أم إن كل الناس متساوية فى القدر عند الله؟ وهل كل الناس متساوية التقدير فى القانون، أم أن هناك أناس تستحق التبجيل، وأخرى تستحق الجلد أو السجن أو حتى القتل؟ هل المؤمن أحب إلى الله من الكافر أم يتساويان؟ هل القاتل يتساوى عند الرب مع النبى المؤمن أو حتى الشخص الذى يحمى الناس من القتل؟ فلو حكم إنسان أن الآمن والمجرم سواء، فقد فَقَدَ رشده، وليس له أن يصدر أحكامًا. ولو كانا لا يتساويان فى التقدير، فقد أضاع الكاتب وقته فى طرح هذا السؤال.
                      وأسألك: هل يهوذا الإسخريوطى يتساوى مع باقى التلاميذ؟ وهل يسوع يتساوى مع باقى الكهنة أو مع أى فرد فى بنى إسرائيل؟ فلو أجبت بنعم، ستكون قد سببت يسوع نفسه؛ لأن يسوع حقَّر كهنة بنى إسرائيل، واتهمهم بالنفاق والرياء والكذب والحقارة، وبالطبع ليس يسوع بذلك!! إذن فهذا إنسان وذاك بشر ولم يتساويا.
                      ولماذا يرسل الله أنبياء وكُتبًا إلى عباده؟ ولماذا خلق الجنة والنار؟ ولماذا تجسَّد وصلب (على عقيدتكم)؟ ولماذا أراد أن يُخلص البشرية من الخطيئة الأزلية المزعومة؟ ولماذا كان الشيطان شخصية سيئة شريرة؟ ولماذا تتبعون تعاليم يسوع؟ فلو كان المؤمن منا والكافر على قدر المساواة يتمتع بحب الرب، وسوف يدخلهم جناته، فلما كان هناك أدنى داع إلى إرسال أنبياء وكتب، وتجسُّد للرب وصلبه ليغفر للأشرار، وما كان خلق النار من الأساس!!
                      أما إن كان المؤمن يعمل الصالحات ويمشى بالهدى والبر والتقوى والعدل والتسامح والمحبة بين الناس، فلماذا لا يحبه الله أكثر من الكافر، الذى لا يعمل أيًا من هذه الفضائل، أو ربما يعملها كلها، ولكن لا يؤمن بالله؟ ففى هذه الحالة يتفوق المؤمن على الكافر بالإيمان فقط أو بالأعمال فقط، أو بالاثنين.
                      إن مسرة الرب فى كتابك الذى تقدسه تتوقف على الإيمان والأعمال: فمن له إيمان دون أعمال، فإيمانه ميت، لا قيمة له، ومن له أعمال طيبة دون إيمان، فهو إنسان باطل، ولا قيمة لأعماله عند الله فى الآخرة. إذن فالرب يُقيِّم الإنسان بالإيمان والأعمال، ويميز بين من له إيمان فقط، وبين من له أعمال فقط دون إيمان، وبين من يجمع بين الاثنين: (17هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضاً، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. 18لَكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ!» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي. 19أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20وَلَكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟) يعقوب 2: 17-20
                      (5بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ - إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ.) عبرانيين 11: 5
                      وطالما أن الله لا يُسر بموت الشرير، بل برجوعه إلى الصراط المستقيم، فإن الداع إلى الله، الذى يتسبب فى سرور الرب، وفى عودة الأشرار إلى صراط الله المستقيم، يسر الله تعالى بهم أكثر: (21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 21-23
                      ومن شدة حب الله تعالى للعبد التائب أنه لا يحسب عليه اثمه هذا، ويخلده فى الجنة: (11قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. إِرْجِعُوا ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 12وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَقُلْ لِبَنِي شَعْبِكَ: إِنَّ بِرَّ الْبَارِّ لاَ يُنَجِّيهِ فِي يَوْمِ مَعْصِيَتِهِ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَعْثُرُ بِشَرِّهِ فِي يَوْمِ رُجُوعِهِ عَنْ شَرِّهِ. وَلاَ يَسْتَطِيعُ الْبَارُّ أَنْ يَحْيَا بِبِرِّهِ فِي يَوْمِ خَطِيئَتِهِ.13إِذَا قُلْتُ لِلْبَارِّ حَيَاةً تَحْيَا، فَـاتَّكَلَ هُوَ عَلَى بِرِّهِ وَأَثِمَ، فَبِرُّهُ كُلُّهُ لاَ يُذْكَرُ، بَلْ بِإِثْمِهِ الَّذِي فَعَلَهُ يَمُوتُ. 14وَإِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتاً تَمُوتُ! فَإِنْ رَجَعَ عَنْ خَطِيَّتِهِ وَعَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ، 15إِنْ رَدَّ الشِّرِّيرُ الرَّهْنَ وَعَوَّضَ عَنِ الْمُغْتَصَبِ وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِ الْحَيَاةِ بِلاَ عَمَلِ إِثْمٍ، فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 16كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً.) حزقيال 33 :11-16
                      وها هو الرب بنفسه يُقسِّم البشر إلى صدِّيق وشرير، وهما لا يتساويان عنده: (5الرَّبُّ يَمْتَحِنُ الصِّدِّيقَ. أَمَّا الشِّرِّيرُ وَمُحِبُّ الظُّلْمِ فَتُبْغِضُهُ نَفْسُهُ. 6يُمْطِرُ عَلَى الأَشْرَارِ فِخَاخاً نَاراً وَكِبْرِيتاً وَرِيحَ السَّمُومِ نَصِيبَ كَأْسِهِمْ. 7لأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ. الْمُسْتَقِيمُ يُبْصِرُ وَجْهَهُ.) مزمور 11: 5-7
                      ولن يساوى الرب فى الآخرة الأشرار مع الأخيار، بل سيجازى كل إنسان على قدر أعماله: (13فَلْنَسْمَعْ خِتَامَ الأَمْرِ كُلِّهِ: اتَّقِ اللَّهَ وَاحْفَظْ وَصَايَاهُ لأَنَّ هَذَا هُوَ الإِنْسَانُ كُلُّهُ. 14لأَنَّ اللَّهَ يُحْضِرُ كُلَّ عَمَلٍ إِلَى الدَّيْنُونَةِ عَلَى كُلِّ خَفِيٍّ إِنْ كَانَ خَيْراً أَوْ شَرّاً.) الجامعة 12: 13-14
                      فهل يحب الرب مبغضيه، ويساويهم بالصالحين من عباده؟ (حَسَبَ الأَعْمَالِ هَكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطاً وَأَعْدَاءَهُ عِقَاباً) إشعياء 59: 18
                      (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ.) إرمياء 32: 19
                      (34فَقَالَ بُطْرُسُ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. 35بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ.) أعمال الرسل 10: 34-35
                      (الرب قضاء أمضى: الشرير يُعلَّق بعمل يديه) مزامير 9: 16
                      وهل الحساب والجزاء المختلف بين الناس، إلا لاختلافهم فى التقييم والقيمة عند الله تعالى؟ (27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ.) متى 16: 27
                      ولا يتساوون عند الله فى الآخرة، فمنهم من سيُخلَّد فى الجنة، ومنهم من سيقتص الله منه، على سوء صنيعه: (29فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ.) يوحنا 5: 29
                      ألم يقدِّر الرب أن اختلاف الناس عنده على قدر أعمالهم هو ميزان الحق، والعدل الذى يتصف الله تعالى به؟ (3أَلَيْسَ الْبَوَارُ لِعَامِلِ الشَّرِّ وَالنُّكْرُ لِفَاعِلِي الإِثْمِ! 4أَلَيْسَ هُوَ يَنْظُرُ طُرُقِي وَيُحْصِي جَمِيعَ خَطَوَاتِي. 5إِنْ كُنْتُ قَدْ سَلَكْتُ مَعَ الْكَذِبِ أَوْ أَسْرَعَتْ رِجْلِي إِلَى الْغِشِّ 6لِيَزِنِّي فِي مِيزَانِ الْحَقِّ فَيَعْرِفَ اللهُ كَمَالِي.) أيوب 31: 3-6
                      (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-13
                      ألم يُفضِّل الرب يوحنا على جميع من ولد على الأرض؟ وألم يُفضِّل آخر رسل الله (الأصغر سنًا فى شريعة الرب وبين أنبيائه) على جميع المرسلين؟ (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ.) متى 11: 11
                      ألم يُفضِّل يسوع تلاميذه على باقى البشر، وسمَّاهم نور العالم، وملح الأرض، أو وصفهم بهذه الصفات؟ (13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ.14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ.لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ)متى5: 13-16

                      تعليق

                      • abubakr_3
                        مشرف عام

                        • 15 يون, 2006
                        • 849
                        • مسلم

                        #56
                        فلماذا تستنكر إذن وصف الله تعالى للمسلمين بأنهم خير أمة أخرجت للناس، لأنهم يأمرون بالمعروف، الذى يحبه الرب، ويحب العامل به، وينهوا عن المنكر، الذى يبغضه الله، ويبغض مقترفيه؟ فهل تُخالف تعاليم كتابك وقول الرب بأنه يحب عودة الأشرار وتوبتهم، وبالتالى من تسبَّبَ فى توبتهم وفى مسرة الرب؟
                        ولماذا لا تستنكر وصف الرب لبنى إسرائيل أنهم شعبه المختار؟
                        أما إن كان اعتراضك على أن أمة الإسلام هى خير الأمم، فليس لك هذا أيضًا للأسباب الآتية:
                        أقر الرب بأن هناك أمة أفضل من أمة، كما كان هناك نبى أفضل من نبى، وعمل أفضل من عمل، وشخص أفضل من شخص. وكان معيار ذلك الإيمان والعمل الصالح، وقيمة هذا العمل ونفعه للأمم، وعدد المستفيدين منه. فالنبى المرسل لقومه، غير النبى المرسل للعالمين. وقد فضل الله تعالى بنى إسرائيل على العالمين فى وقت الاصطفاء. إلا أنهم ضلوا، وأضلوا: فعبدوا العجل فور خروجهم من مصر، وعبدوا الأوثان، وحرفوا كتبهم وعقائدهم، حتى قال يسوع فيهم: (6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
                        (6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
                        (1إِذاً مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟) رومية 3: 1-3
                        (31هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِسَانَهُمْ وَيَقُولُونَ: قَالَ. 32هَئَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هَذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً يَقُولُ الرَّبُّ]. 33وَإِذَا سَأَلَكَ هَذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: [مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟] فَقُلْ لَهُمْ: [أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ - هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ. 36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 31-36
                        ولو قرأت الفصل 23 من إنجيل متى، لوقفت على كم من السباب والتحقير لبنى إسرائيل، وقد أخبرهم موسى  أن الله تعالى سيمكِّن لهم نبيًا آخرًا مثله، ليس من بنى إسرائيل، (...لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ) يوحنا 4: 22، لأنه لن يقوم نبى فى بنى إسرائيل مثل موسى، لذلك جاء يسوع نفسه متبعًا لناموس موسى، وكتب الأنبياء: (10وَلمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيل مِثْلُ مُوسَى الذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهاً لِوَجْهٍ) تثنية 34: 10 ، ولا يُعقل أن يكتب موسى  وهو على قيد الحياة أنه لم يقم بصيغة الماضى، ولم يكن قد جاء نبى بعده. إلا أن التوراة السامرية تفاجئنا أن النص يشير إلى صيغة المستقبل، الأمر الذى ينفى عن يسوع الذى جاء من بنى إسرائيل أن يكون هو صاحب الملكوت الثانى والأخير، الذى وعد الرب به موسى : (ولا يقوم أيضاً نبي في بني إسرائيل كموسى الذي ناجاه الله) التثنية 34: 10
                        لذلك قال لهم يسوع قولا، أخرج فيه ما كانوا يكتمونه، وبسببه أرادوا قتل يسوع، ولكنهم خافوا وترددوا، لأنه كان نبى الله إليهم: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 42-46
                        واعتبرته الجموع أنه هو المسِّيِّا، النبى الخاتم، صاحب الملكوت والعهد الجديد، بل حاكموه بهذه التهمة، لأنه من المعروف عندهم أن النبى الخاتم سيقضى على الإمبراطورية الرومانية، إلا أن الحاكم الرومانى بعد أن استجوبه، واطمأن إلى براءته، أراد إطلاق سراحه، إلا أن عصابة الكهنة رفضوا ذلك: (... وَلَمَّا قَالَ هَذَا خَرَجَ أَيْضاً إِلَى الْيَهُودِ وَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً.) يوحنا 18: 38
                        (4فَخَرَجَ بِيلاَطُسُ أَيْضاً خَارِجاً وَقَالَ لَهُمْ: «هَا أَنَا أُخْرِجُهُ إِلَيْكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً».) يوحنا 19: 4،
                        وبهذا قال أيضًا متى 27: 24 (24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئاً بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلاً: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ».) فهل أنكر يسوع أنه المسِّيِّا، واستخدم التقية لإنقاذ نفسه، ومن ثم تضليل البشر فى فهم براءته هذه من تهمة المسِّيِّانية، على أنه لم يكن المسِّيِّا، أم أنكر عن صدق، وأثبت ذلك، وارتاح ضمير الحاكم الرومانى إلى صدقه، وأراد تبرأته؟
                        وعندما ظنوا أن يسوع هو المسِّيِّا؛ لأنه من نسل داود، نفى يسوع أن المسِّيِّا سيخرج من بنى إسرائيل نهائيًا، وعلى الأخص من نسل داود: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46، طبعًا خافوا أن يسألوه؛ لأنه لو أجابهم لفضح مخططاتهم، وأنهم يرفضون رسول الله ، الذى أسموه المسِّيِّا، قبل أن يأتى، فتفسد كل مخططاتهم القديمة.
                        وفى الحقيقة هم لم يظنوا هذا خطأً فى يسوع، بل تعمدوا تضليل الشعب، حتى لا تخرج النبوة والشريعة، وقيادة العالم دينيًا، أى حتى لا يخرج ملكوت الله من بين أيديهم، لذلك قال لهم يسوع: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!) متى 23: 13
                        وأخبرهم أنه سيأتى بعده، وهو أعظم من يوحنا المعمدان، وأن المعمدان هو خير نبى ظهر على الأرض حتى زمن يسوع. وبالتالى فقد فاضل بين البشر، بل وبين الأنبياء، فقال: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. .. .. .. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                        وطبعًا إيليا هذا لم يكن يوحنا المعمدان لسببين: أولا ظهر المعمدان قبل يسوع، فهو لن يظهر إذن بعده، والسبب الثانى هو اعتراف يوحنا نفسه أنه ليس المسِّيِّا، ولا النبى، ولا إيليا، وكلها مسميات لنفس الشخص: (19وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. 21فَسَأَلُوهُ: «إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ». 22فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ لِنُعْطِيَ جَوَاباً لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟» 23قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». 24وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ 25فَسَأَلُوهُ: «فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ وَلاَ إِيلِيَّا وَلاَ النَّبِيَّ؟») يوحنا 1: 19-25
                        وعلى ذلك فبنو إسرائيل كانوا شعب الله المختار، وكفر منهم من كفر، وحرفوا كلمة الله، ولعنهم الله، كما لعنهم الأنبياء، ولم يصبحوا شعب الله المختار؛ لقول يسوع فيهم ما يمكن أن يُقال فى شرار الناس. فتدبَّر وأنت تقرأ كل صفة فيهم، هل هؤلاء يصلح فيهم قول الرب إنهم مازالوا شعبه المختار؟ ولا تسب الرب وتقل نعم، لأن الله سبحانه حكيم، رؤوف بعباده، ولن يترك هؤلاء بكل هذه الصفات يقودون العالم، ويتولون الدعوة إلى دينه، ويعرفون الناس به: (أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ ... وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ ... أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ! ... 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! ... 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! ... أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي) متى الإصحاح 23 كله
                        ونلخص ما قلنا فى قولك إن الإسلام يعلم (أن المسلم متفوق على غيره من الناس):
                        أقر كتابك الذى تقدسه أن هناك أنبياء أفضل من أنبياء، وأن هناك أمة أفضل من كل الأمم، وأن أجل هذه الأمة سينتهى، وستأتى أمة أخرى تتولى راية الدعوة، وقيادة الأمم للحق، وهى ليست من بنى إسرائيل، لأن عهد بنى إسرائيل انتهى، كما أخبر الله تعالى موسى (التثنية 18: 18-20)، وكما أخبر يسوع بنى إسرائيل، بل جفف لهم شجرة التين ولعنها، وهى رمز للأمة اليهودية: (18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ. 20فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذَلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟») متى 21: 18-19
                        أما مساواة البشر أمام الله تعالى فى الخلق وفى اليواب والعقاب، وفى الحساب يوم القيامة، فها هى أقوال الإسلام من القرآن والسنة، التى تشهد أن الإسلام يساوى بين الناس جميعًا أمام الله، لكن الله يحب أناسًا عن آخرين بإيمانهم وبأعمالهم، التى يتقربون بها إلى الله، مخالفة لما تدعيه على الإسلام، وفى الحقيقة لا أعلم كيف لباحث فى الإسلام مثلك أن يغفل عن هذه الآيات!! فهل هى غفلة أم تغافل؟:
                        عن جابر ، يقول: قال رسول الله : (ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم.) صححه الألبانى
                        (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13
                        (إنَّ الله يُحبُّ التَّوابين ويُحبُّ المُتطهِّرين) البقرة 222
                        (إن كنتم تُحبُّون الله فاتَّبعوني يُحْبِبْكُمُ الله ويغفر لكم ذُنُوبَكُمْ واللهُ غفورٌ رحيم) آل عمران 31
                        (إنَّ الله يُحِبُّ المُقسطين) الممتحنة 8
                        (إنَّ الله يُحبُّ المحسنين) البقرة 195
                        (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجدٍ وكلوا واشربوا ولا تُسرفوا إنَّه لا يُحبُّ المُسْرِفِين) الأعراف 31
                        (بلى من أوفى بعهده واتَّقى فإنَّ الله يُحبُّ المُتَّقين ) آل عمران 76
                        (وكأيِّن من نَّبيٍّ قاتل معه ربّيُّون كثيرٌ فما وَهَنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضَعُفُوا وما اسْتكانوا واللهُ يُحِبُّ الصَّابرين) آل عمران 146
                        (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إنَّ الله يُحِبُّ الْمُتوكِّلين) آل عمران 159
                        عن عبادة بن الصامت: قال رسول الله : (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ..) البخاري
                        وروى أبو هريرة  قال: قال النبي : يقول الله تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذ ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرَّب إليَّ بشبر تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرَّب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري
                        روى أبو هريرة  قال: قال رسول الله : (إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي) رواه مسلم
                        فعن أبي هريرة  قال: قالَ رسول الله : (إن الله قال من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرَّبُ إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته) رواه البخاري
                        * * * * *
                        هل يُجرب الرب أحدُا بالشرور؟ وهل حوَّل الرب أناسًا إلى قردة وخنازير؟
                        أما قول الكاتب (يقولون أن الله قد حوّل البعض من غير المسلمين إلى قردة وخنازير)، واستشهد بالآية: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل) المائدة 60
                        وشبهة النصارى بصفة عامة فى هذه الآية (وهو ما لم يكتبه الكاتب، ربما لأنه ينتقد هذه الآيات دون علم) أنهم يرتكنون إلى ما كتبه كتابهم من أن الرب لا يُجرب أحد بالشرور (13لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً. 14وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ.) يعقوب 1: 13-14، ويجعل الحيتان تأتى يوم السبت، ولا تظهر فى باقى الأيام، فيضطر بعض من الناس إلى مخالفة أمر الرب ضعفًا منهم، فيغضب الرب عليهم، ويهلكهم، ويكون الرب هو المتسبب فى هذا.
                        نحسم الموضوع أولا من جانب الكتاب الذى يؤمن به الكاتب:
                        لو كان الكاتب يستنكر حدوث هذا لمخالفته العقل، فنقول له: هل تستكثر على الله تعالى القادر على كل شىء أن يحوِّل البشر إلى قردة أو خنازير أو حمير أو حتى فئران؟ لو قلت لا أستكثر ذلك، فل داعى إذن للسؤال أو التعجب من قدرة الله تعالى.
                        ولو كان يستنكر حدوث هذا لأنه لم يأت فى كتابه، فأقول له: لماذا لم يستنكر اليهود هذا زمن الرسول ؟ ولماذا آمن أحبار من رؤساء اليهود بالرسول  وصدقوه، وصدقوا ما جاء به؟ لماذا لم يعترض أحد من الذين آمنوا أو الذين كذَّبوا الرسول  بهذه الرواية؟ إذن هذا دليل على تحريفهم لكتابهم، فهم كانوا يعرفونها، ولكنهم حذفوها؛ لأنها تدينهم، وتبيِّن عدم التزامهم بوعد الله، وتُثبت كفرهم.
                        وهذا مصدقًا لما جاء به كتابك، الذى شهد عليهم أنهم استُحفظوا على كتاب الله، ولم يحفظوه: (53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».) أعمال الرسل 7: 53
                        (1إِذاً مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقاً وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِباً.) رومية 3: 1-4
                        واعترف يسوع بذلك، واتهمهم أنهم غيروا تعاليم الرب، واستبدلوها بتعاليمهم هم: (6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
                        ولو قلت أستكثر ذلك فقد كفرت بقدرة الله، وتهكمت على محتويات كتابك المقدس جدًا.
                        أم يُهدِّد الرب بنى إسرائيل بأن يجعلهم يأكلوا لحم بنيهم إن لم يطيعوه ويتبعوا أحكامه؟
                        (27«وَإِنْ كُنْتُمْ بِذَلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي بَلْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِالْخِلاَفِ 28فَأَنَا أَسْلُكُ مَعَكُمْ بِالْخِلاَفِ سَاخِطاً وَأُؤَدِّبُكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ 29فَتَأْكُلُونَ لَحْمَ بَنِيكُمْ وَلَحْمَ بَنَاتِكُمْ تَأْكُلُونَ.) لاويين 26: 27-29
                        (14«لَكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي وَلَمْ تَعْمَلُوا كُلَّ هَذِهِ الْوَصَايَا 15وَإِنْ رَفَضْتُمْ فَرَائِضِي وَكَرِهَتْ أَنْفُسُكُمْ أَحْكَامِي فَمَا عَمِلْتُمْ كُلَّ وَصَايَايَ بَلْ نَكَثْتُمْ مِيثَاقِي 16فَإِنِّي أَعْمَلُ هَذِهِ بِكُمْ: أُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ رُعْباً وَسِلاًّ وَحُمَّى تُفْنِي الْعَيْنَيْنِ وَتُتْلِفُ النَّفْسَ. وَتَزْرَعُونَ بَاطِلاً زَرْعَكُمْ فَيَأْكُلُهُ أَعْدَاؤُكُمْ. 17وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّكُمْ فَتَنْهَزِمُونَ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمْ مُبْغِضُوكُمْ وَتَهْرُبُونَ وَلَيْسَ مَنْ يَطْرُدُكُمْ.) لاويين 26: 14-17
                        ألم يقل يسوع: إن الله قادر على أن يقيم من الحجارة أبناءً لإبراهيم؟ (9وَلاَ تَفْتَكِرُوا أَنْ تَقُولُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: لَنَا إِبْراهِيمُ أَباً. لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ أَوْلاَداً لِإِبْراهِيمَ.) متى 3: 9، لوقا 3: 8
                        ألم تتحوَّل عصا موسى  إلى ثعبان مبين بقدرة الله تعالى؟
                        ألم يفلق موسى  البحر بقدرة الله تعالى؟
                        ألم يجعل اليشع  الحديد يطفو على سطح الماء، أى تغيرت قدرة الحديد والماء الفيزيائية وخواصهما بقدرة الله تعالى؟ ملوك الثانى 6: 6 (6فَقَالَ رَجُلُ اللَّهِ: [أَيْنَ سَقَطَ؟] فَأَرَاهُ الْمَوْضِعَ، فَقَطَعَ عُوداً وَأَلْقَاهُ هُنَاكَ، فَطَفَا الْحَدِيدُ.)
                        ألا تؤمن أن يشوع أوقف الله له الشمس يومًا كاملا؟ ولو تفكرت فى هذا الأمر لقلت باستحالته، حيث إن وقوف الشمس معناه تخريب العمارة الكونية، وانهيار النظام الشمسى والقمرى! يشوع 10: 12-13 (12حِينَئِذٍ قَالَ يَشُوعُ لِلرَّبَّ, يَوْمَ أَسْلَمَ الرَّبُّ الأَمُورِيِّينَ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ, أَمَامَ عُيُونِ إِسْرَائِيلَ: «يَا شَمْسُ دُومِي عَلَى جِبْعُونَ، وَيَا قَمَرُ عَلَى وَادِي أَيَّلُونَ». 13فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ حَتَّى انْتَقَمَ الشَّعْبُ مِنْ أَعْدَائِهِ. أَلَيْسَ هَذَا مَكْتُوباً فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَلَمْ تَعْجَلْ لِلْغُرُوبِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِلٍ.)
                        ألا تؤمن أن الله تعالى أحيا جيشًا كاملا على أيدى نبيه حزقيال؟ حزقيال 37: 10 (10فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني, فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ, فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظيمٌ جِدّاً جِدّاً.)
                        ألا تؤمن أن الله خلق البشر من العدم؟
                        ألا تؤمن أن الله يقدر أن يبعثهم من الرماد مرة أخرى كما فعل زمن حزقيال؟
                        فإذا كنت تؤمن أن الله قادر على أن يخلق بشرًا من الحجارة، فهل صعب عليك الإيمان بأن يمسخ الله بشرًا عصوه إلى قردة وخنازير؟
                        أم يصعب عليك تصديقها لأن اليهود أخفوها من كتابهم، كما أخفوا ما فعلوه بالأنبياء والكتاب المنزل إليهم؟
                        هل تعتقد أن أناسًا قتلوا الأنبياء من أجل تعاليمهم التى تتعارض مع سلوكهم ومرادهم وعقائدهم، سيتركون كتاب إلههم بدون تحريف؟
                        هل تعتقد أن من قدر على إلهه (يسوع فى نظركم)، وثبتوه فى مسامير، وقتلوه، سيتركون كتابه دون تحريف، ويكتبون فيه ما يجعل أحفادهم يلعنونهم باقى العمر؟
                        إن حادثة مسخ الله تعالى لأهل القرية حاضرة البحر، الذين لم يتمسكوا بتعاليم الله تعالى، هى سنة الله تعالى فى عباده، انتقامًا من الأشرار المكذبين لله تعالى وكتبه ورسله، وعظة لمن خلفهم؛ حتى يتجنبوا ما وقع فيه من سبقهم.
                        قال قتادة: صار الشبان قِردة، والشيوخ خنازير؛ فما نجا إلاَّ الذين نَهَوْا وهلك سائرهم.
                        ذكرت قصة أهل هذه القرية التى تحول العاصون فيها إلى قردة وخنازير كاملة فى سورة الأعراف، حيث يقول الله تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) الأعراف 163-166
                        كما ذكرت فى سورة البقرة، حيث يقول الله تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) البقرة 65-66
                        فكانت الحيتان تخرج يوم السبت ولا تخرج الأيام الأخرى، فاحتالوا لها أول الأمر فحبسوها يوم السبت وأخذوها يوم الأحد، فنهتهم فرقة منهم عن هذا العمل فتمادوا، ومع مرور الوقت اصطادوها يوم السبت علانية فنهاهم المتقون منهم، ولكنهم رفضوا، وقالت فرقة أخرى من المتقين واعظين هؤلاء المسرفين: لم تعظون قومًا الله مهلكهم. فلما فعلوا المنكر علانية عاقبهم الله تعالى بالمسخ، فتحولوا إلى قردة خاسئين.
                        قال المفسرون: ونجى الله تعالى الذين كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأهلك بقيتهم بما فيهم الذين لم يرتكبوا المنكر، لكنهم يبعثون يوم القيامة على نياتهم، كما في حديث زينب بنت جحش في الصحيحين:أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث".
                        وقال ابن عطية: كانت قرية يقال لها أيلية على شاطئ البحر، وقيل كان ذلك زمن داود. ولم يتناسلوا بل ماتوا بعد مضيِّ ثلاثة أيام كما حكاه جمع من التابعين. لأنَّ حديث ابن مسعود  مرفوعًا لرسول الله  أنَّه قال: (إن الله تعالى لم يجعل لمسخ نسلاً ولا عقباً وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك). صحيح مسلم
                        إن القرية التى تخرج عن طاعة الله تعالى بعد إنذارهم وتحذيرهم، يأخذهم الله تعالى بالعذاب. وقد رأينا ما فعله الله تعالى بقوم نوح، وبقوم لوط، وبقوم صالح، وإرم وعاد وفرعون وجيشه وغيرهم: (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا * اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) الطلاق 8-12
                        وهذا ما تجده عزيزى الكاتب فى كتابك: إن الله تعالى أفنى عدة شعوب لإصرارها على معصية الله تعالى، على الرغم من إرسال أنبياء إليهم:
                        (1اَلْكَلِمَةُ الَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ جِهَةِ كُلِّ الْيَهُودِ السَّاكِنِينَ فِي أَرْضِ مِصْرَ السَّاكِنِينَ فِي مَجْدَلَ وَفِي تَحْفَنِيسَ وَفِي نُوفَ وَفِي أَرْضِ فَتْرُوسَ: 2[هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ كُلَّ الشَّرِّ الَّذِي جَلَبْتُهُ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَعَلَى كُلِّ مُدُنِ يَهُوذَا فَهَا هِيَ خَرِبَةٌ هَذَا الْيَوْمَ وَلَيْسَ فِيهَا سَاكِنٌ 3مِنْ أَجْلِ شَرِّهِمِ الَّذِي فَعَلُوهُ لِيُغِيظُونِي إِذْ ذَهَبُوا لِيُبَخِّرُوا وَيَعْبُدُوا آلِهَةً أُخْرَى لَمْ يَعْرِفُوهَا هُمْ وَلاَ أَنْتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ. 4فَأَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ كُلَّ عَبِيدِي الأَنْبِيَاءِ مُبَكِّراً وَمُرْسِلاً قَائِلاً: لاَ تَفْعَلُوا أَمْرَ هَذَا الرِّجْسِ الَّذِي أَبْغَضْتُهُ. 5فَلَمْ يَسْمَعُوا وَلاَ أَمَالُوا أُذْنَهُمْ لِيَرْجِعُوا عَنْ شَرِّهِمْ فَلاَ يُبَخِّرُوا لِآلِهَةٍ أُخْرَى. 6فَانْسَكَبَ غَيْظِي وَغَضَبي وَاشْتَعَلاَ في مُدُنِ يَهُوذَا وَفِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ فَصَارَتْ خَرِبَةً مُقْفِرَةً كَهَذَا الْيَوْمِ.) إرمياء 44: 1-6
                        (11[لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: هَئَنَذَا أَجْعَلُ وَجْهِي عَلَيْكُمْ لِلشَّرِّ وَلأَقْرِضَ كُلَّ يَهُوذَا. 12وَآخُذُ بَقِيَّةَ يَهُوذَا الَّذِينَ جَعَلُوا وُجُوهَهُمْ لِلدُّخُولِ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ لِيَتَغَرَّبُوا هُنَاكَ فَيَفْنُونَ كُلُّهُمْ فِي أَرْضِ مِصْرَ. يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ وَبِالْجُوعِ. يَفْنُونَ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ. يَمُوتُونَ وَيَصِيرُونَ حَلْفاً وَدَهَشاً وَلَعْنَةً وَعَاراً. 13وَأُعَاقِبُ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِ مِصْرَ كَمَا عَاقَبْتُ أُورُشَلِيمَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَإِ. 14وَلاَ يَكُونُ نَاجٍ وَلاَ بَاقٍ لِبَقِيَّةِ يَهُوذَا الآتِينَ لِيَتَغَرَّبُوا هُنَاكَ فِي أَرْضِ مِصْرَ لِيَرْجِعُوا إِلَى أَرْضِ يَهُوذَا الَّتِي يَشْتَاقُونَ إِلَى الرُّجُوعِ لأَجْلِ السَّكَنِ فِيهَا لأَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ مِنْهُمْ إِلاَّ الْمُنْفَلِتُونَ].) إرمياء 44: 11-14
                        (وَلَمْ يَسْتَطِعِ الرَّبُّ أَنْ يَحْتَمِلَ بَعْدُ مِنْ أَجْلِ شَرِّ أَعْمَالِكُمْ مِنْ أَجْلِ الرَّجَاسَاتِ الَّتِي فَعَلْتُمْ فَصَارَتْ أَرْضُكُمْ خَرِبَةً وَدَهَشاً وَلَعْنَةً بِلاَ سَاكِنٍ كَهَذَا الْيَوْمِ.) إرمياء 44: 22
                        اكتشفت هذه القرية قبل عام 2003، ونشر الأستاذ محمد عيسى داود كتابه (القنبلة .. يهود مسخهم الله قردة وخنازير .. اكتشاف القرية حاضرة البحر) بمكتبة مدبولى الصغير، ونشر صور هؤلاء البشر الممسوخة، والتى عثر عليها بإيلات. والغرض من هذه القصة فى القرآن الكريم:
                        1- هداية البشر إلى رضا الله تعالى واتباع رسوله، وتجنب الوقوع فى أخطاء الأمم السابقة
                        2- تصوير حىّ لعقوبة من يُغضب الله تعالى زجرًا للعاصين.
                        3- إثبات صحة وحى القرآن الكريم، ونبوة الرسول ، الذى جاءه الوحى، عن طريق اكتشاف قرية اندثرت، وطمس تاريخها اليهود.
                        4- إثبات قدرة الله تعالى فى خلقه وبعثه، وتغيير الخلق بأمر منه.
                        يقول الحق تبارك وتعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت 53
                        ويقول تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ * الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) الحج 54-57
                        ويقول تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) النمل 76-77
                        ويقول تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) الفرقان 4-6
                        (قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا) الإسراء 107-109
                        5- دفع كل متكبر جبار إلى التواضع لله تعالى وطاعته، وترك ما يغضبه.
                        6- توبيخ لليهود زمن الرسول ، ودفعهم للخوف من الله واتباعهم للحق الذى جاء به الرسول ، والتسليم لله تعالى.
                        7- عدم التحايل على أوامر الله تعالى، والسعى على طاعته وإرضائه.
                        8- كل ما أدى إلى حرام فهو حرام.
                        9- عدم التقاعس عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لأن من تقاعس ونسى أو تناسى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، كانت عقوبته مثل المسيئين من أهل القرية: (وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) الأعراف 164-165
                        ومصدقًا لقوله تعالى (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) الأنعام 44
                        قال رسول الله : (إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه، أوشك الله أن يعمهم بعقاب)
                        10- الأخذ على يد المسىء من قبل ولى الأمر، حتى لا يعم الفساد فى المجتمع، أو تشمل عقوبة الله المجتمع بأكمله. ومعنى ذلك أن فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر نجاة من عذاب الله وغضبه.
                        11- إن نعيم الدنيا مؤقت وزائل، أما نعيم الله فى الآخرة فهو النعيم المقيم.
                        12- إن نعيم الدنيا الزائلة إذا ارتبط بمعصية الله، لم يك نعيمًا، بل كان الطريق المفروش من الشيطان وأعوانه بالورود لينتهى إلى الجحيم.
                        13- إن ما حدث هو ابتلاء من الله تعالى؛ ليميز الخبيث من الطيب، والمؤمن المطيع من العاصى أو الكافر الجاحد: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) الأنفال 37
                        ويقول تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) آل عمران 142
                        (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) آل عمران 179
                        والنقطة الأخيرة هى فى الرد على سبب عدم تصديقهم لقصة أصحاب السبت، لأن الله كان فيها يختبر إيمان أهل هذه القرية، ويعلمنا الكثير مما سبق. وعلى حد قولهم إن الله لا يجرب أحدًا بالشرور (13لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً. 14وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ.) يعقوب 1: 13-14
                        نحن نعلم إذن وبناءً على قياسكم هذا أن يسوع جُرِّب من الشيطان فى البرية أربعين يومًا، فهل هو بذلك (انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ)؟
                        فأنتم أمام احتمالين: إمَّا كان يعقوب كاتب هذا الكلام، ورئيس التلاميذ، كاذبًا، وبالتالى تسقط معه عصمة الكتاب الذى تقدسه، وتسقط معه ألوهية يسوع التى تزعمون أن الكتاب يقر بها، وكل عقائدكم. فما بُنى على باطل فهو باطل!!
                        وإما يسوع ليس بإله؛ (لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ)، ومن غير المعقول أن يعتقل الشيطان إلهه فى الصحراء؛ وذلك لأن الشياطين تؤمن بالله وتخشاه: (أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ!) يعقوب 2: 19 ترجمة الفاندايك
                        (أنتَ تُؤمنُ أنَّ الله واحدٌ؟ حسَنًا تَفعَلُ. وكذلِكَ الشَّياطينُ تُؤمِنُ بِه وتَرتَعِدُ.) يعقوب 2: 19 الترجمة العربية المشتركة، ومثلها تقريًا جاءت الترجمة الكاثوليكية
                        (أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ؟ حَسَناً تَفْعَلُ! وَالشَّيَاطِينُ أَيْضاً تُؤْمِنُ بِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ، وَلَكِنَّهَا تَرْتَعِدُ خَوْفاً) يعقوب 2: 19 ترجمة الحياة
                        (أَنتَ تؤمنُ أَنَّ اللهَ واحِد؟ فَنِعمَّا تَفْعل! والشَّياطينُ أَيضًا تُؤْمنُ... وتَرتَعِد.) يعقوب 2: 19 الترجمة البولسية (والحذف هنا من متن النص، وليس منى)
                        ولا يُجرَّب الرب فى كتابك بالشرور فقط، بل يُجرِّب عباده أيضًا بالشرور والفرائض غير الصالحة، التى لا يحيى بها الإنسان، وهذا أولى بالإنتقاض، ويقوِّض أسبابك فى النقد الموجه للقصة القرآنية:
                        اقرأ فى الكتاب المقدس جدًا: الرب يعطى عبيده فرائض غير صالحة، وينجسهم بحرق أطفالهم فى النار: (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـامًا لاَ يَحْيُونَ بِهَا. 26وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ لأُبِيدَهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 20: 25-26
                        اقرأ فى الكتاب المقدس جدًا: الرب يرسل إليهم عمل الضلال، فكيف لا يؤمن الكاتب بقصة مسخ الله لأهل القرية حاضرة البحر إلى قردة وخنازير، لأن هذه القصة تنتهى إلى أن الرب هو المتسبب فى ضلال أهلها؟ (11وَلأَجْلِ هَذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، 12لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ.) تسالونيك الثانى 2: 11-12
                        اقرأ فى الكتاب المقدس جدًا: (17يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ.) أشعياء 3: 17
                        اقرأ فى الكتاب المقدس جدًا: رب الأرباب ينتقم من نبيه داود  على زناه فيسلم أهل بيته للزنى: (11هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجِعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هَذِهِ الشَّمْسِ.) صموئيل الثانى 12: 11
                        اقرأ فى الكتاب المقدس جدًا: الرب يأمر نبيه إشعياء أن يمشى حافياً عاريًا: (فَفَعَلَ هَكَذَا وَمَشَى مُعَرًّى وَحَافِياً. 3فَقَالَ الرَّبُّ: «كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِياً ثَلاَثَ سِنِينٍ آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُوشَ) إشعياء 20: 2-3
                        اقرأ فى الكتاب المقدس جدًا: الرب يأمر موسى أن يأمر بنى إسرائيل بسرقة ذهب المصريين عند خروجهم من مصر، وتعاون الرب معهم على الإثم والعدوان: (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22
                        اقرأ فى الكتاب المقدس جدًا: النبى يُعاتب ربه لأنه أضلَّ عباده عن الطريق المستقيم: (17لِمَاذَا أَضْلَلْتَنَا يَا رَبُّ عَنْ طُرُقِكَ قَسَّيْتَ قُلُوبَنَا عَنْ مَخَافَتِكَ؟ ....) إشعياء 63: 17
                        اقرأ فى الكتاب المقدس جدًا: تأكيد الرب على تعاونه مع بنى إسرائيل فى سرقة المصريين: (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36
                        اقرأ فى الكتاب المقدس جدًا: الرب بنفسه يتعاون مع ملائكته والشيطان على الإثم والعدوان: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22
                        قلنا فى النقاط المستفادة من هذه القصة، إن الله تعالى يبتلى المؤمن، وأكثر الناس إيمانًا هم أكثرهم ابتلاءً. فإذا صبر المؤمن وشكر كان خيرًا له، وهو حاله دائمًا، فلا يصبر على البلاء والإبتلاء إلا المؤمنون، أما الكافر فسرعان ما يزين له الشيطان الخروج من هذا الابتلاء بمعصية أخرى، وهو ما حدث مع هذه القرية. فلم يصبروا على طاعة الله تعالى فى عدم الصيد يوم السبت، ولا على قلة المعروض للبيع فى هذا اليوم من السمك، فقرروا التحايل على المحرم عليهم، ورفضوا الإنصياع إلى النصح، أو أن يعودوا إلى ربهم ورشدهم، وفضلوا النعيم المؤقت الزائل عن نعيم الآخرة الدائم. ثم ضحوا بربهم وتعاليمه، وخالفوا تعاليمه جهارًا.
                        ويبدو أن الكاتب لا يعرف أن كتابه به أمثلة على ابتلاء الله تعالى لعباده، وأن أكثر الناس ابتلاء هم الأنبياء: إن وجود الشيطان فى حياة البشر ما هو إلا ابتلاء للمؤمنين، ليميز الله الخبيث من الطيب.
                        ألم يختبر الرب آدم وحواء، عندما منعهما من الأكل من شجرة من أشجار الجنة؟ أليس هذا ابتلاء، ليميز الله الخبيث من الطيب، ويعلمهم ألا يحيدوا عن تعاليم الله، وأن الشيطان عدو، فعليهم أن يتخذوه عدوًا، وأن يحذروا منه؟ وهو ما أساء فهمه كتبة هذه الأسفار، فسمُّوا الشجرة شجرة معرفة الخير من الشر. ولو كان آدم وحواء لا يعلمان الخير من الشر، ما كان الله تعالى ليكلفهما. ولو كان الأكل من الشجرة يزيد آكلها علمًا لمعرفة الخير من الشر، لكان على الرب أن يأمر آدم بالاستزادة من الأكل من هذه الشجرة! ولكن كانت هذه الشجرة بمثابة الأمر الذى لا يطيعه إلا المؤمن، ولا يحيد عنه إلا العاصى، أى فرَّق بها الله بين الخبيث والطيب، بين المؤمن والعاصى.
                        ألم يعلم الله تعالى بعلمه الأزلى أن قوم نوح لن يؤمنوا به؟ فهل أرسل إليهم نوحًا برسالة يعلم أنهم سيكفروا بها، ليبيد الكفار منهم بالفيضان؟ إذن إن إرسال الأنبياء إلى أقوامهم هو لتمييز الخبيث من الطيب.
                        ألم يعلم الله تعالى بعلمه الأزلى أن بنى إسرائيل سيعبدون العجل أثناء بُعد نبيه موسى  عنهم، ومع ذلك ابتلاهم بابتعاد موسى  عنهم ليميز الخبيث من الطيب؟
                        فها هو الرب يوافق الشيطان على ابتلاء نبيه وعبده أيوب، إلا أن الكتاب المقدس جدًا يجعل الكل يفشل فى هذه الإبتلاءات، كما لو كان هذا هو الأمر الطبيعى، والقدوة التى يجب أن تُحتذى، وهذا أولى بالنقد والرفض:
                        اقرأ فى الكتاب المقدس جدًا: الرب يتفق مع الشيطان على إغواء أيوب: (6وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضَاً فِي وَسَطِهِمْ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟] فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا]. 8فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ]. 9فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [هَلْ مَجَّاناً يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟ 10أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ! 11وَلَكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ]. 12فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ]. ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ) أيوب 2: 6-12
                        ورسب أيوب فى الاختبار، وتطاول على إلهه، وكفر: (20إِلَيْكَ أَصْرُخُ فَمَا تَسْتَجِيبُ لِي. أَقُومُ فَمَا تَنْتَبِهُ إِلَيَّ. 21تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي. بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي. 22حَمَلْتَنِي أَرْكَبْتَنِي الرِّيحَ وَذَوَّبْتَنِي تَشَوُّهاً.) أيوب 30: 20-22
                        وفشل الرب الذى أحسن الظن بنبيه وانتقاه لذلك، ونجح الشيطان وصدق فيما توقعه من أيوب وفيما قاله للرب!!
                        (1[قَدْ كَرِهَتْ نَفْسِي حَيَاتِي. أُسَيِّبُ شَكْوَايَ. أَتَكَلَّمُ فِي مَرَارَةِ نَفْسِي 2قَائِلاً لِلَّهِ: لاَ تَسْتَذْنِبْنِي. فَهِّمْنِي لِمَاذَا تُخَاصِمُنِي! 3أَحَسَنٌ عِنْدَكَ أَنْ تَظْلِمَ أَنْ تَرْذُلَ عَمَلَ يَدَيْكَ وَتُشْرِقَ عَلَى مَشُورَةِ الأَشْرَارِ؟ .... 6حَتَّى تَبْحَثَ عَنْ إِثْمِي وَتُفَتِّشَ عَلَى خَطِيَّتِي؟ 7فِي عِلْمِكَ أَنِّي لَسْتُ مُذْنِباً .... 14إِنْ أَخْطَأْتُ تُلاَحِظُنِي وَلاَ تُبْرِئُنِي مِنْ إِثْمِي. 15إِنْ أَذْنَبْتُ فَوَيْلٌ لِي. .... إِنِّي شَبْعَانُ هَوَاناً وَنَاظِرٌ مَذَلَّتِي. 16وَإِنِ ارْتَفَعَ رَأْسِي تَصْطَادُنِي كَأَسَدٍ ثُمَّ تَعُودُ وَتَتَجَبَّرُ عَلَيَّ! ... 20... اتْرُكْ! كُفَّ عَنِّي فَأَبْتَسِمُ قَلِيلاً.) أيوب 10: 1-20
                        وابتلى الرب النبى إرمياء، وصدقه، وكان فخًا وقع فيه إرمياء، ثم أصبح أضحوكة للناس: (7قَدْ أَقْنَعْتَنِي يَا رَبُّ فَاقْتَنَعْتُ وَأَلْحَحْتَ عَلَيَّ فَغَلَبْتَ. صِرْتُ لِلضِّحْكِ كُلَّ النَّهَارِ. كُلُّ وَاحِدٍ اسْتَهْزَأَ بِي. 8لأَنِّي كُلَّمَا تَكَلَّمْتُ صَرَخْتُ. نَادَيْتُ: [ظُلْمٌ وَاغْتِصَابٌ!] لأَنَّ كَلِمَةَ الرَّبِّ صَارَتْ لِي لِلْعَارِ وَلِلسُّخْرَةِ كُلَّ النَّهَارِ. 9فَقُلْتُ: [لاَ أَذْكُرُهُ وَلاَ أَنْطِقُ بَعْدُ بِاسْمِهِ]. فَكَانَ فِي قَلْبِي كَنَارٍ مُحْرِقَةٍ مَحْصُورَةٍ فِي عِظَامِي فَمَلِلْتُ مِنَ الإِمْسَاكِ وَلَمْ أَسْتَطِعْ.) إرمياء 20: 7-9 ترجمة الفاندايك، وكتاب الحياة
                        أما الترجمة العربية المشتركة فترجمتها ترجمة صحيحة، ولم تخدع القارىء العربى، فقالت خدعتنى بدلا من أقنعتنى: (خدَعتَني يا ربُّ فاَنخدَعتُ، وغالَبتَني بِقُوَّتِكَ فغَلَبتَ. صِرْتُ أُضحُوكَةً ليلَ نهار، وجميعُهُم يَستَهزِئونَ بي)
                        وتحايلت الترجمة الكاثوليكية اليسوعية فلم تستعمل الفعل الواضح المباشر: (قد استَغوَيتَني يا رَبُّ فآستُغْويت قَبَضتَ علَيَّ فغَلَبتَ صِرتُ ضُحكَةً كُلَّ النَّهار فكُلُّ واحِدٍ يَستَهزِئُ بي)
                        أليست معجزة إحياء الموتى، التى أتمها الله تعالى على يدى يسوع من الإبتلاءات والفتن الذى يُفتتن بها الناس؟ فمنهم من ضل، واعتبر يسوع إلهًا، ومنهم من قرأ أقوال يسوع وأقوال المعاصرين ليسوع، وفهموا أنه عمل هذه المعجزات بحول الله وقوته، وأنه عبد الله ورسوله:
                        فقد قرر أن معجزاته هى من عند الله، وأنه لا يقدر أن يفعل من نفسه شيئًا:
                        (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ...) يوحنا 5: 30
                        (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.) لوقا 11: 20
                        (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!) متى 12: 28
                        (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي) يوحنا 8: 28
                        (25أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي. .. 29أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي.) يوحنا 10: 25-29
                        وكان يطلب من الله التأييد قبل أن يفعل المعجزة، مُحدِّدًا أن هذه المعجزة ليؤمنوا أن يسوع رسول الله، أرسله إلى بنى إسرائيل: (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».) يوحنا 11: 41-42
                        (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.) أعمال الرسل 2: 22
                        وشهد رؤساء اليهود أنه نبى الله إليهم: (46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 46
                        (1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».) يوحنا 3: 1-2
                        وأقر أنه إنسان: (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...) يوحنا 8: 40
                        وأنه رسول الله إلى بنى إسرائيل: («لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 24-26
                        (36وَأَمَّا أَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي. 37وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. ...) يوحنا 5: 36-37
                        وفى الآخرة سيقف بين يدى الله ليُحاسب مثل باقى خلق الله: (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.) كورنثوس الأولى 15: 28
                        وقوم موسى ابتلاهم الله بشر فرعون وبطشه وقتله لأبنائهم واستحياء نسائهم، فهل لم يفهم موسى  أيضًا ابتلاء الله تعالى له ولقومه، فتبرَّم، ولم يصبر واتهم الرب بالتقاعس، وعدم الوفاء بالوعد؟: (22فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى هَذَا الشَّعْبِ؟ لِمَاذَا أَرْسَلْتَنِي؟ 23فَإِنَّهُ مُنْذُ دَخَلْتُ إِلَى فِرْعَوْنَ لأَتَكَلَّمَ بِاسْمِكَ أَسَاءَ إِلَى هَذَا الشَّعْبِ. وَأَنْتَ لَمْ تُخَلِّصْ شَعْبَكَ».) الخروج 5: 22-23
                        والقارىء لنص داود يعلم أن الله تعالى ابتلاهم، وصبر عليهم ليميز الخبيث من الطيب: (1يَا رَبُّ لِمَاذَا تَقِفُ بَعِيداً؟ لِمَاذَا تَخْتَفِي فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ؟) مزامير 10: 1
                        إذن فهذه هى سنة الله منذ أن خلق البشر، وقبل أن يكون آدم وحواء على الأرض: قبل أن يمتحن عباده يُظهر لهم الحق من الباطل، ويُرشدهم إلى طريق النجاة، ويُبين لهم ما ينتظر الصابرين على الطاعة من جزاء يوم القيامة، ثم بعد ذلك يمتحن إيمانهم: إما بالمرض، أو الموت، أو المحن أو غيرها من الابتلاءات ليظهر من صدق فى إيمانه ومن غرته الدنيا وعصى الله.
                        أضف إلى ذلك أن عملية المسخ نفسها مذكورة فى العهد القديم. فقد تحولت امرأة لوط إلى عمود من الملح: (26وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ!) تكوين 19: 26
                        إذن فالله تعالى جرَّب عباده فى الكتاب المقدس جدًا، وترك لهم حرية الاختيار بين الصالح والطالح، بين الجنة والنار، بين رضا الله تعالى وسخطه. فمن اختار رضا الله فهو فى الجنة، ينعم بنعيمها. ولو اختار غضب الله تعالى، فهو فى النار فى الآخرة، إن لم ينتقم الله منه فى الدنيا.
                        * * * * *
                        هل يستطيع الإسلام أن يتعايش ويتسامح مع الأديان الأخرى؟
                        3- يتساءل الكاتب: هل يستطيع الإسلام أن يتعايش ويتسامح مع الأديان الأخرى؟
                        • يدين الإسلام غير المسلمين (ماعدا المسيحيين واليهود) بالكفر.
                        "زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب". سورة البقرة 212:2
                        • ولم يسلم المسيحيون واليهود أيضا من إدانة الإسلام لهم.
                        " وقالت اليهود عزير إبن الله وقالت النصارى المسيح إبن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون".التوبة 30:9
                        هذا ما قاله الكاتب. أما ردنا فهو:
                        مرة أخرى بعد مرات فاشلة يرمينا الكاتب إما بما يؤمن هو به، على الرغم من أننى أُحسن الظن به وبعقليته، أو على الأصح بما يقوله كتابه، وهو لا يعلمه. فكتابه المقدس جدًا يُعلِّم التعصب ونبذ الآخرين، واحتقارهم، وعدم إمكانية التعايش مع الآخرين، ومن ثم اعتبارهم أقل من الحشرات، الذين لا يجب فتح حوار بنَّاء معهم، ولا يعترف إلا بلغة السيف، والإبادة الجماعية، وحصد الأعداء ونسائهم، وأبنائهم، وآبائهم وأجدادهم، وماشيتهم، ثم حرق المدينة حتى لا تٌسكن من بعد:
                        فها هو الرب يأمر موسى ، الذى جاء يسوع تابعًا لشريعته ومنفذًا لها، يقول: (50وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ عَلى أُرْدُنِّ أَرِيحَا: 51«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِنَّكُمْ عَابِرُونَ الأُرْدُنَّ إِلى أَرْضِ كَنْعَانَ 52فَتَطْرُدُونَ كُل سُكَّانِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ وَتَمْحُونَ جَمِيعَ تَصَاوِيرِهِمْ وَتُبِيدُونَ كُل أَصْنَامِهِمِ المَسْبُوكَةِ وَتُخْرِبُونَ جَمِيعَ مُرْتَفَعَاتِهِمْ. 53تَمْلِكُونَ الأَرْضَ وَتَسْكُنُونَ فِيهَا لأَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمُ الأَرْضَ لِكَيْ تَمْلِكُوهَا 54وَتَقْتَسِمُونَ الأَرْضَ بِالقُرْعَةِ حَسَبَ عَشَائِرِكُمْ. الكَثِيرُ تُكَثِّرُونَ لهُ نَصِيبَهُ وَالقَلِيلُ تُقَلِّلُونَ لهُ نَصِيبَهُ. حَيْثُ خَرَجَتْ لهُ القُرْعَةُ فَهُنَاكَ يَكُونُ لهُ. حَسَبَ أَسْبَاطِ آبَائِكُمْ تَقْتَسِمُونَ. 55وَإِنْ لمْ تَطْرُدُوا سُكَّانَ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ يَكُونُ الذِينَ تَسْتَبْقُونَ مِنْهُمْ أَشْوَاكًا فِي أَعْيُنِكُمْ وَمَنَاخِسَ فِي جَوَانِبِكُمْ وَيُضَايِقُونَكُمْ عَلى الأَرْضِ التِي أَنْتُمْ سَاكِنُونَ فِيهَا. 56فَيَكُونُ أَنِّي أَفْعَلُ بِكُمْ كَمَا هَمَمْتُ أَنْ أَفْعَل بِهِمْ»)عدد 33: 50-56
                        وعقوبة المرتد هى القتل بلا رحمة دون محاولة للإستتابة والعودة وفتح حوار لإزالة الشبهات التى نمت فى رأس المرتد: (12«إِنْ سَمِعْتَ عَنْ إِحْدَى مُدُنِكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَسْكُنَ فِيهَا قَوْلًا: 13قَدْ خَرَجَ أُنَاسٌ بَنُو لئِيمٍ مِنْ وَسَطِكَ وَطَوَّحُوا سُكَّانَ مَدِينَتِهِمْ قَائِلِينَ: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفُوهَا. 14وَفَحَصْتَ وَفَتَّشْتَ وَسَأَلتَ جَيِّدًا وَإِذَا الأَمْرُ صَحِيحٌ وَأَكِيدٌ قَدْ عُمِل ذَلِكَ الرِّجْسُ فِي وَسَطِكَ 15فَضَرْبًا تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلًا إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ. 17وَلا يَلتَصِقْ بِيَدِكَ شَيْءٌ مِنَ المُحَرَّمِ لِيَرْجِعَ الرَّبُّ مِنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ وَيُعْطِيَكَ رَحْمَةً. يَرْحَمُكَ وَيُكَثِّرُكَ كَمَا حَلفَ لآِبَائِكَ) تثنية 13: 15- 17
                        إنه السيف أولًا، فقد لعن الرب من يمنع سيفه من الدم: (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
                        وها هو الرب يأمر بالتصفية العرقية وإبادة شعوب وثنية بأكملها، ولا مجال للدعوة أو الحوار. وإن كان هناك صُلح فتُستعبد جميع الشعوب، ولا مجال ليمارس أى منهم شعائر دينه: (10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْبًا فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدًّا التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيمًا: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ) تثنية 20: 10- 18
                        وها هو يشوع يبيد الشعوب التى فتحها بأمر الرب! فأين ومتى قام حوار بين بنى إسرائيل وأعدائهم؟ وأين أمر الرب بمثل هذا الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة؟

                        تعليق

                        • abubakr_3
                          مشرف عام

                          • 15 يون, 2006
                          • 849
                          • مسلم

                          #57
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          فى الحقيقة حدث خطأ فى إنزال الملفات
                          فقد فوجئت بعدم وجود الملف رقم واحد كاملا، وكذلك عدم وجود الملفات 2، 3، 4، 5، 9، 10
                          وأنا متذكر جيدا أننى وضعتهم، ولا أعرف السبب
                          على أى حال هذه الملفات موضوعة فى المرفقات، وسأنزلها مرة أخرى
                          الملف رقم 1 كاملا بالمقدمة

                          بسم الله الرحمن الرحيم، الملك العظيم، الحى القيوم، الحى الذى لا يموت، الحى الذى لا تأخذه سنة ولا نوم، العزيز القدير، القهَّار الجبَّار، وأصلى وأسلم على خير البرية، محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وسلم ..
                          إهـداء ..
                          إلى كل الملايين الذين هداهم الله تعالى للإسلام فى كل بقاع الأرض ..
                          إلى كل من يقول عن نفسه إنه مسيحى، ويريد أن يعرف شيئًا من الحقيقة ..
                          إلى كل مسيحى سمع من يُهاجم الإسلام ولم يسمع الإسلام نفسه ..
                          إلى كل من يستخدم عقله فى البحث عن الحق ..
                          إلى كل من يتخذ الشيطان عدوًا، ويريد الدخول فى معية الله ..
                          إلى كل من يريد أن يكون فقط عبدًا لله تعالى، وليس عبدًا لأهوائه أو شياطين الإنس أو الجن ..
                          إلى كل من يريد أن يسير على هدى فى نور الله ..
                          إلى كل من يرفض الظلام، والظلاميين، ويحترم عقله ..
                          إلى كل من لا يهمه فى هذه الحياة إلا الله والنجاة فى الآخرة من نار وقودها الناس والحجارة ..
                          إلى كل من يسعى جاهدًا لمرضاة الله تعالى ..
                          إلى كل من يبتغى السعادة الأبدية فى الدنيا والآخرة ..
                          إلى كل من يبحث عن الخلاص الحقيقى ..
                          إلى كل من يبحث عن دين الله الحق ..
                          إلى كل من يريد أن يستوثق من صحة دينه ..
                          إلى كل من يبحث عن المحبة الحقيقية ..
                          إلى كل من يحب الله ورسله صلوات الله عليهم وسلامه ورحمته
                          إلى كل من تعرض لإعتداء وحشى أو تنكيل بسبب إسلامه أهدى هذا الكتاب
                          علاء أبو بكر

                          مقدمة

                          أتناول هنا الرد على كتاب "الإسلام بدون حجاب" بكتاب أحتار فعلا فى تسميته، فهل أسميه "الكتاب المقدس بدون حجاب" أم "ارفعوا القناع عما تسمونه الكتاب المقدس" أم "تقديس المحرف" أم "تحريف المقدس" أم "المسيحية .. أكبر كذبة فى تاريخ البشرية" أم "المسيحية بدون غطاء" أم "المسيحية بدون حجاب" أم "رحلة إلى أعماق الكتاب المقدس" أم "المرأة الكتابية فى ميزان الإنسانية" أم ماذا؟
                          صدر هذا الكتاب "الإسلام بدون حجاب" باللغة الإنجليزية (هكذا يقولون) تحت اسم ISLAM UNVEILED، وصدرت الطبعة التاسعة منه عام 2002، وهى ما بين يدى. والتى تُنسب لشخص أسماه مؤلفو الكتاب (عبد الله العربى).
                          وأرجوا ألا يشعر المسيحى البسيط أننى أهاجمه، بل إننى أنقذه. أى والله أنقذه لأننى أعلم أنه لم يقرأ محتويات هذا الكتاب الذى يسمونه مقدسًا. وليس غرضى من هذا الكتاب أن أهاجم حتى تعاليم الآخرين وعقائدهم، بل أهدف إلى عرض حقائق أولية لهذا الكتاب وتعاليمه، متمنيًا أن ينقذ الله بى ولو فردًا واحدًا من النار. وغرضى كذلك الرد على هذا الكتاب المذكور أعلاه.
                          كثير هم المسيحيون الطيبون، الذين لا يعرفون عن دينهم إلا أنه دين المحبة، وأن يسوع جاء مخلصًا لهم، بموته على الصليب، وبذلك غفر لهم كل ذنوبهم. على الرغم من قوله إن من يؤمن بالذى أرسله ويتبع تعاليمه فقد انتقل بموته إلى الحياة الأبدية: يوحنا 5: 24 (24اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.)
                          وأكثر المسيحيين لم يقرأوا كتابهم كله، ولم يقارنوا بين تعاليمه المتناقضة، ولم يبحثوا عن الحق، الذى طالبهم يسوع بالبحث عنه. لذلك تأتى هذه الدراسة لفتح الملفات المغلقة، ولتفنيد ثوابت فى عقول المسيحيين لم يفتحوها من قبل، ولم يجرؤ أحد منهم على مناقشة هذا الموضوع فى الكنيسة أو من أحد آخر.
                          وقليل منهم من يملك الاستعداد التام لاتباع الحق أينما وجده .. ولأمثال هؤلاء أكتب، وأتناقش وأتواصل محتسبًا وقتى وجهدى فى سبيل الله تعالى.
                          ستجدنى أستعمل لفظة مسيحيين أو المسيحية مسايرًا الجموع فى استعمال هذه الكلمة لما تشير إليه اليوم. لكن من يعلم من هؤلاء المسيحيين أن يسوع لم يعرف هذه المسيحية ولم يبشر بها؟ ومن هنا ننطلق ..
                          نعلم جميعًا مسلمون وغيرهم أنه لا يوجد ديانة اسمها المسيحية. نعم لا توجد ديانة اسمها المسيحية. فمن الذى أسس هذه الديانة؟ يسوع؟ إن يسوع لا يعرف ديانة اسمها المسيحية. فهو لم ينطق بهذا الاسم، ولم يقل هذا، بل إن كلمة المسيحية لا توجد فى طول الكتاب وعرضه، والأكثر من ذلك أن كلمة مسيحى اخترغت بعد رفع يسوع، وكانت تُعد سُبَّة: فيقول قاموس الكتاب المقدس مادة (مسيحى): (دعي المؤمنون مسيحيين أول مرة في أنطاكية (اع 11: 26) نحو سنة 42 أو 43م. ويرجّح أن ذلك اللقب كان في الأول شتيمة (1 بط 4: 16) قال المؤرخ تاسيتس (المولود نحو 54م.) أن تابعي المسيح كانوا أناسًا سفلة عاميين ولما قال أغريباس لبولس "بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًا" (اع 26: 28) فالراجح أنه أراد أن حسن برهانك كان يجعلني أرضى بأن أعاب بهذا الاسم).
                          وتؤكد هذا دائرة المعارف الكتابية مادة (مسيح - مسيحيون): (ترد كلمة "مسيحي" أو "مسيحيين" ثلاث مرات في العهد الجديد (أع 11: 26، 26: 28، 1بط 4: 16) .ففي الأصحاح الحادي عشر من سفر أعمال الرسل نجد أول استعمال للكلمة حيث نقرأ: "ودُعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولًا، أي المنتمين للمسيح أو أتباع المسيح، وواضح أن هذا الاسم لم يصدر أساسًا عن المسيحيين أنفسهم، كما لم يطلقه اليهود عل أتباع المسيح الذي كانوا يكرهونه ويضطهدون اتباعه، بل كانوا يطلقونه على المؤمنين بالرب "شيعة الناصريين" (أع 24: 5)، فلابد أن الكلمة سكها الوثنيون من سكان أنطاكية عندما انفصلت الكنيسة عن المجمع اليهودي، وحلت محل المجمع جماعة كانت غالبيتها من الأمم الذين آمنوا بالمسيح ......)
                          وتقول أيضًا: (كان المؤمنون في أنطاكية هم أول من أطلق عليهم هذا الوصف. فحيث كُرز بالإنجيل للأمم كما لليهود، ظهر أن المسيحية شيء آخر غير اليهودية، وأنها ديانة جديدة. وحيث أن المؤمنين كانوا يتحدثون دائمًا عن المسيح، وأطلق عليهم الاسم "مسيحيون"، ولعلها كانت تنطوي أساسًا على نوع من التهكم. ويبدو أن المسيحيين أنفسهم لم يتقبلوا هذا الاسم بصدر رحب في البداية، ولكنه على توالي الأيام، التصق بهم وصاروا يعرفون به. وكما سبق القول، يظهر هذا الاسم ثلاث مرات في العهد الجديد، فنجد أول استخدامه في أع 11: 26، حين أطلق أولًا على المؤمنين في أنطاكية. وبعد ذلك يقول أغريباس الملك – متهكمًا – للرسول بولس: "بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًا" (أع 26: 28). ثم يقول الرسول بطرس: "لا يتألم أحدكم كقاتل أو سارق ... ولكن إن كان كمسيحي، فلا يخجل، بل يمجد الله" (1بط 4: 16). ولا يرد هذا الاسم إلا في القرن الثاني، إذ كان إغناطيوس الأنطاكي هو أول مسيحي يطلق على المؤمنين أسم "مسيحيين". كما كتب بلليني (الحاكم الروماني للمنطقة التي أرس إليها الرسول بطرس رسالته الأولى) للامبراطور تراجان عن أناس قدموا أمامه بتهمة أنهم "مسيحيون"، ومنذ ذلك الوقت أصبح المؤمنون بالمسيح يشتهرون بهذا الاسم). وبعد ذلك قامت دائرة المعارف بتجميل هذه السُّبة، لتسهل على المؤمنين بها تقبلها والتفاخر بها، فقالت: (وليس ثمة ما هو أفضل من أن يُسمى المؤمنون بالمسيح باسم "مسيحيين" لإعلان انتمائهم للمسيح وتشبههم بحياته.)
                          فلماذا رفضها إذًا المؤمنون الأول؟ فهل توصلتم إلى ما لم يتوصَّل إليه الآباء الأقدمون؟ وهل أفهم بذلك أنكم تهضمون السباب والشتائم، التى لم يرض عنها آباؤكم؟ أليس هذا من التقليد الذى كان ينبغى عليكم التمسُّك به؟
                          ونخلص مما سبق أنها ليست دين يسوع، ولم يسمى يسوع أتباعه بها، وأنها تختلف اختلافًا تامًا عن دين موسى والأنبياء من بعده (وهى ما تسمونه باليهودية)، أما يسوع فقد كانت ديانته هى نفس ديانة موسى والأنبياء، وهى ديانة الإستسلام لأوامر الله ونواهيه، وهى التى نسميها الإسلام، فقد أقر يسوع نفسه بذلك قولا وعملا، فقد كان يقضى الليل كله فى الصلاة لله، طالبًا مرضاته: (12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.) لوقا 6: 12 قائلا: (... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 29، وقائلا: (... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 5: 30، وقائلا: (.... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.) يوحنا 4: 34
                          يسوع وولاؤه التام للناموس:
                          كما أنه لم ينقض حرفًا من الرسالات السابقة، تبعًا لتصريحاته فى الأناجيل: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
                          وأخبرهم أن موسى  هو الذى سيتبرأ منهم ويشكوهم لله تعالى، لأنهم شعبه الذى جاءهم بالكتاب، فإن كانوا لا يؤمنون بكتب موسى، فكيف سيصدقونه وهو التابع له ولما جاء به؟ أى لو كانوا يصدقون موسى والتوراة، لكانوا صدقوه أيضًا، الأمر الذى يشير إلى أنه لم يأت بجديد غير الذى فى التوراة! وهذا أكبر دليل على أنه كان يتبع تعاليم التوراة المنزلة على موسى عليهما السلام. (45«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي أَشْكُوكُمْ إِلَى الآبِ. يُوجَدُ الَّذِي يَشْكُوكُمْ وَهُوَ مُوسَى الَّذِي عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ. 46لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي. 47فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كلاَمِي؟».) يوحنا 5: 45-47
                          بل جاء مؤيدًا كتب الأنبياء والناموس وقد طبَّقَ ذلك فى تعاليمه، فكان يذكر تأييد كلامه من أقوال الناموس والأنبياء، فقال: (13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا.) متى 11: 13
                          وقال: (12فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ لأَنَّ هَذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.) متى 7: 12
                          وقد سأله أحد أتباع الناموس الغيورين عليه ليجربه قائلا: (36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 36-40
                          بل هاجم الكتبة والفريسيين دفاعًا عن الناموس، فقال: (23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ.) متى 23: 23
                          وتمسَّكَ هو نفسه بتعاليم موسى، فقال لمن شفاه بإذن الله: (3فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلًا: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدَّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ») متى 8: 3-4، راجع أيضًا مرقس 1: 40-44
                          وأيَّد يعقوب تعاليمه فقال: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضًا: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
                          وأكَّد كاتب الرسالة إلى العبرانيين الناموس فقال: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
                          مزمور 19: 7-9 (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا.)
                          وقال سفر الأمثال: («لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا. 5اِقْتَنِ الْحِكْمَةَ. اقْتَنِ الْفَهْمَ. لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي.) أمثال 4: 4-5
                          وقال: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيمًا صَالِحًا فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
                          وقال: (20يَا ابْنِي أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذْنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. 22لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ.) الأمثال 4: 20-22
                          وقال (30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا!) مزمور 18: 30-31
                          وقال الرب إن وصيته تلزم أتباعه إلى ألف جيل: (9فَاعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكُمْ هُوَ اللهُ الإِلهُ الأَمِينُ الحَافِظُ العَهْدَ وَالإِحْسَانَ لِلذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيَحْفَظُونَ وَصَايَاهُ إِلى أَلفِ جِيلٍ) تثنية 7: 9، فهل تغيير الناموس فيه وفاء بعهد الله؟
                          ولعن الرب من يعرض عن هذا الناموس وكلامه: (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
                          ولعنه أيضًا فقال: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
                          وأعلن الرب غضبه على من يعرض عن شريعته التى أنزلها على موسى، واتبعها كل الأنبياء، فقال: (12بَلْ جَعَلُوا قَلْبَهُمْ مَاسًا لِئَلاَّ يَسْمَعُوا الشَّرِيعَةَ وَالْكَلاَمَ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّ الْجُنُودِ بِرُوحِهِ عَنْ يَدِ الأَنْبِيَاءِ الأَوَّلِينَ. فَجَاءَ غَضَبٌ عَظِيمٌ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْجُنُودِ.) زكريا 7: 12
                          فماذا أرادوا كتبة الأناجيل الأمناء المجهولون؟ هل أرادوا إظهار يسوع فى صورة الإنسان المغضوب عليه، الملعون، غير الأمين، الذى لا يحفظ عهد الله تعالى، وذلك بإلغاء مبادىء الناموس وتعاليمه؟
                          إن ما قاله بولس على الناموس واعتبرتموه كلام يسوع المقدس ليؤدى إلى هذه النتيجة:
                          أولًا فقد جاء بكتاب ادعى أنه من عند يسوع نفسه، وهو الذى أوحاه إليه، على الرغم أنه من الفريسيّين الذين كان عيسى  يمقتهم، وكانوا يناصبونه العداء، وعلى الرغم أنه لم يرى عيسى ولم يسمع منه من قبل، ولم يذكر كلمة واحدة أشار فيها إلى أن هذه الأقوال التى يقولها منسوبة إلى يسوع، فقال: (11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.) غلاطية 1: 11-12
                          قارن هذا بسيرته بعد أن اعتنق هذا الدين، وستتضح لك نيته فى إفساده: (وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلًا أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. .. .. .. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا». 26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِرًا بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.) أعمال الرسل 21: 17-26
                          وقوله: (25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».) أعمال الرسل 21: 25، ليدل على تمسك التلاميذ بتعاليم يسوع، وأنه لم يُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة فقط، إذ أنهم رقضوا دعوة الأمم إلى كتاب الله، وكل ما قالوه لهم هو (أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا) وأن ما أُضيف فى نهية إنجيل متى من إرسال التلاميذ إلى جميع أنحاء العالم ليكرزوا بالإنجيل، ما هى إلا إضافة لاحقة، كما أقر علماء الكتاب المقدس، وسوف يأتى الكلام عن هذا بالتفصيل.
                          فهل تاب بولس والتزم فعلا؟ لا. لقد أصر على هدم يسوع وتعاليمه وإظهاره بمظهر المتمرد على الله وتعاليمه، لينفر منه الناس ومن تعاليمه، التى لم تلق قبولا عن الكهنة والفريسيين. وإن كنت مازلت غير مُصدِّق فاقرأ كتاباته: (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ». 11وَلَكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا». 12وَلَكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، بَلِ «الإِنْسَانُ الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا». 13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». ...... 19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ .. .. .. لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 10-21
                          (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا.) عبرانيين 7: 18-19
                          (13فَإِذْ قَالَ«جَدِيدًا» عَتَّقَ الأَوَّلَ.وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الاِضْمِحْلاَلِ) عبرانيين 8: 13
                          (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7
                          (9ثُمَّ قَالَ: «هَئَنَذَا أَجِيءُ لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ». يَنْزِعُ الأَوَّلَ لِكَيْ يُثَبِّتَ الثَّانِيَ.) عبرانيين 10: 9
                          (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
                          (5وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرًّا.) رومية 4: 5
                          (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
                          (20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. 21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ.) رومية 3: 20-21
                          (27فَأَيْنَ الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى! بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَلاَّ! بَلْ بِنَامُوسِ الإِيمَانِ. 28إِذًا نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ.) رومية 3: 27-28
                          (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21
                          (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
                          (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
                          وبالتالى فإن ما تسمونها المسيحية هى دين جديد من اختراع بولس وعصابة الكهنة الذين ساهموا فى القبض على يسوع وإعدامه (فى عقيدتكم)! فهل كان سيصعب على من أعدم الإله أن يُحرف كتابه، الذى لم يتكون إلا بعد ذلك بحوالى 300 سنة، وظلوا مختلفين فى بعض أسفاره حتى الآن؟
                          فهل يُعقل أن يأتى يسوع بدين جديد، ثم يحتل معبد اليهود ليعلم أتباعه هذا الدين الجديد؟ أليس هذا نوع من التطرف والإرهاب؟ فلك أن تتخيل أن يقوم مسلم بالآذان فى الكنيسة وإقامة الصلوات الخمس بها؟ أليس هذا اعتداء على ديانة الآخرين؟ أليس هذا هو التطرف الذى يؤدى بلا أدنى شك إلى الإرهاب؟
                          وهل يُعقل أن يبيع اليهود دينهم ويسكتوا على يسوع حيث يعلمهم الارتداد عن تعاليم موسى ؟ فلماذا لم يسكتوا إذن على بولس عندما قام بتعليم يهود الشتات الارتداد عن تعاليم موسى ؟ ألم يحاول اليهود أن يتصيدوا يسوع ولو بكلمة؟ فهل لم يسمعوه يعلم الناس هذه التعاليم التى تخالف الناموس، بل تدعو إلى تدميره وإلغاء العمل به، وهو القائل إنه لم يُعلم فى الخفاء؟
                          (19فَسَأَلَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ يَسُوعَ عَنْ تلاَمِيذِهِ وَعَنْ تَعْلِيمِهِ. 20أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ علاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِماً. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ. 21لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هَؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا».) يوحنا 18: 19-21
                          وكيف كان يسفههم ويسبهم لعدم فهم دينهم أو اتباعه لو كان قد أتى بدين جديد؟
                          صدقنى عزيزى القارىء .. لا يوجد شىء اسمه المسيحية، إلا ما اخترعه بولس ليحارب به ديانة يسوع السمحة التى جاء بها مؤيدًا موسى والأنبياء.
                          هل تؤمنون حقًا أن إبليس هو إله هذا العالم؟
                          إن جُلَّ ما يسعى إليه الشيطان هو أن يجعل المرء يكفر بالله أو يشرك به، فإن لم يستطع، حاول أن يجعله يحدث فى الدين ما ليس منه، فإن لم يستطع، حاول أن يدفعه إلى ارتكاب الكبائر، وإن لم يستطع، دفعه إلى المعاصى الصغيرة، التى سوف تقوده إلى احدى الكبائر، والاستهانة بأوامر الله تعالى.
                          ومن الكبائر التى تؤدى إلى الكفر بالله تعالى أن تتوهم صفة خسيسة لله تعالى، تحقر من شأنه. ومن الصفات الخسيسة التى يتوهمها أصحاب العهدين القديم والجديد أن الله تعالى كان يهادن الشيطان ويخطب وده، بل ويساويه بنفسه، ويلجأ إلى استشارته فى ملكوته. بل زاد أصحاب العهد الجديد أنهم وصفوا الشيطان بأنه إله هذا الدهر، وأن يسوع جاء لينتزع منه حكم العالم، بعد أن تمكن إبليس من انتزاعه من الرب:
                          اقرأ: الرب يأمر هارون بتقديم تيسًا لإرضاء الشيطان: (5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ وَكَبْشًا وَاحِدًا لِمُحْرَقَةٍ. 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيًّا أَمَامَ الرَّبِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.) لاويين 16: 5-10
                          ومن هو عزازيل هذا؟ (8: عزازيل هو شيطان يقيم فى الأماكن المقفرة) كما يقول هامش هذه الفقرة فى الترجمة العربية المشتركة بين كل طوائف المسيحية الكبار: الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية. وبعد أن كتب الهامش هذا المعنى أراد أن يتوَّه القارىء، فقال: (هناك رأى آخر يقول إن كلمة عزازيل مشتقة من الفعل عزل ومعناه أبعد كذلك فى العربية). والآن علينا أن نترجم ما قاله ونضعه فى النص؛ لنرى هل سيكون لهذا الكلام معنى!! لا.
                          ولنرجع إلى الترجمة الكاثوليكية لنرى ماذا قالوا: يقول هامش هذه الفقرة: (يبدو أن عزازيل، بحسب الترجمة السريانية، هو اسم شيطان كان العبرانيون القدامى يعتقدون أنه يسكن البريَّة. والبريَّة أرض عقيمة لا يمارس فيها الله عمله المُخصب (راجع الآية 22 و17ظ7+).)
                          كيف يوجد فى هذا الكون مكان لا يمارس الرب فيه عمله، ولا سيطرة له عليه؟ أليس هذا اعتراف بأن رب هذا الكتاب إله ناقص، وأن الشيطان ينافسه على الحكم وانتزع منه الأرض والصحراء؟
                          وها هى المواضع الذى يقر فيها الكتاب أن الشيطان هو سيد هذا العالم وإله هذا الدهر ورئيس سلطان الهواء!
                          (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4
                          (2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلًا حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2
                          (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجًا.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
                          (11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
                          فلماذا يسميه الكتاب الذى تقدسونه إله هذا الدهر؟
                          لماذا يسميه الكتاب الذى تقدسونه رئيس هذا العالم؟
                          لماذا يسميه الكتاب الذى تقدسونه رئيس سلطان الهواء؟
                          فهل اكتفى عزازيل بالتيس الذى قدمه له هارون بأمر الرب؟ لا إنه يريد الكعكة كلها، وليس جزءًا منها. لكن ربما يكون قد رضى مؤقتًا أن يُسمى فى الكتاب المقدس جدًا بإله هذا الدهر ورئيس سلطان الهواء، ورئيس هذا العالم.
                          هل من كتب هذا الكلام من عبدة الشيطان وأراد أن يمجد إلهه على حساب يهوه/يسوع؟ أم أن الشيطان بنفسه هو كاتب هذا الكلام، الذى يحقر فيه يهوه/يسوع، ويمجد فيه نفسه، ويبرز انهزام الرب أما الشيطان وقوته؟
                          لا تتعجب من قولى إنهزام الرب أمام الشيطان! ألم يأسر الشيطان يسوع/يهوه ويعتقله لمدة أربعين يومًا فى الصحراء، لم يدعه يأكل أو يشرب أو يتحرك إلا بإذنه، بل كان يقتاده، كما يقتاد الراعى خرافه إلى المكان الذى يريده؟
                          ومن نشوة الشيطان بانتصاره على إلهه أمره بالسجود له؟ فأى تحقير هذا تنزلونه بمن تعبدون؟
                          وبعد أن أكمل كل تجربة، والتى لم يُذكر منها إلا ثلاثة فقط فى مدة 40 يومًا، تركه الشيطان بمحض إرادته إلى حين، ولم يتمكن يسوع/يهوه من الفكاك منه فى أى لحظة على مدى أربعين يومًا! ألا يؤله هذا الكتاب الشيطان، وينفى ألوهية يسوع وضعفه أمام الشيطان؟ إن الشيطان لا يرضى إلا أن يحقر الرب ويسفهه فى الكتاب الذى أوهم العالم أنه مقدس، ليروا صورة الرب الهزيلة، التى تصور ضعفه وافتقاره إلى الشيطان، مقارنة بصورة الشيطان الزاهية القوية!!
                          الرب يأمر بعبادة الأوثان:
                          اقرأ: اعتقال الشيطان للرب وأسره فى الصحراء: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزًا». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلَ 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ.) لوقا 4: 1-13
                          ولا تتعجب من أن الرب نفسه يدافع عن الأوثان، ويدعو للذبح لها، أسوة بما فعله هو مع عزازيل، فقد اختار العديد من أنبيائه بعلمه الأزلى، وهو يعلم أنهم سيتركونه وسيعبدون الأوثان، ويُضلون عباده. فماذا فعل الرب مع بعضهم؟ لقد حكم على سليمان أنه حكيم، وحكم على أمصيا أنه عمل المستقيم أمامه. فهل الاستقامة فى عبادة الأوثان؟
                          فها هو الكتاب يقول عن سليمان إنه عبد الأوثان، وبنى لها المذابح، ودعا الناس لعبادتها: (4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلًا مَعَ الرَّبِّ إِلَهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلَهَةِ الصَّيْدُونِيِّينَ وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ.) الملوك الأول 11: 4-7
                          وها هو يحكم عليه يسوع (الرب عندكم) بأنه حكيم، وأنه عظيم، على الرغم من أنه مات على كفره، وحرم الرب أن يجلس شخص من نسله على عرش داود: (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 42
                          وها هو أمصيا يعبد أوثان بنى ساعير: (14ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ أَمَصْيَا مِنْ ضَرْبِ الأَدُومِيِّينَ أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَدَ لَهُمْ.) أخبار الأيام الثانى 25: 14
                          وها هو الرب يمتدحه، ويعده من أصحاب العمل الصالح والاستقامة التى ترضى الرب: (3كَانَ عُزِّيَّا ابْنَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ يَكُلْيَا مِنْ أُورُشَلِيمَ. 4وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَمَصْيَا أَبُوهُ.) أخبار الأيام الثانى 26: 3-4
                          فهل عبادة الأوثان ترضى الرب؟
                          فإن كان نعم، فقد عرفنا إلى أى دين تدعون؟
                          وإن كان لا، فلماذا اختار أنبياء يعلم بعلمه الأزلى أنهم سيضلون، ويعبدون الأوثان؟
                          ولماذا امتدح بعضًا من هذه الأنبياء؟
                          بل لماذا تساهل مع إبليس حتى يعتقله لمدة أربعين يومًا فى الصحراء؟
                          أين ذهبت قوته؟
                          أين راحت عزته؟
                          أين اختفت ملائكته؟
                          وأين تلاشى عقله فى استسلامه للشيطان، واتخاذ عبيده ما حدث له قدوة يتبعونها فيما بعد ويستسلمون للشيطان؟
                          بل لماذا طالب هارون أن يذبح تيسين، واحدًا له، والآخر لعزازيل؟
                          ما الذلة التى يمسكها عليه إبليس حتى يخطب وده؟
                          ما العهد الذى أخذه إبليس على الرب حتى يتساوى به؟
                          وهل تساويا فى العزة والمجد والقدرة واتفقا على أن يكون الرب هو الصورة الظاهرة أمام الناس، بينما يتمتع إبليس بكل مظهر وجوهر الألوهية متساويًا معه، ولكن فى الخفاء؟ ولو كان الأمر كذلك، فلماذا خان الرب شريكه وأمر هارون أن يقدم تيس للشيطان فاضحًا إياه أنه هو إله هذا الدهر وسيد هذا الكون؟
                          هل كانا يحكمان العالم سويًا؟ أم كان الشيطان هو الحاكم الفعلى والرب هو النائب له على عرشه؟
                          بل لماذا طالب الرب بنى هارون أن يقتلوا كل من عبد الأوثان ولم يُقتل هارون نفسه؟ ألم يقل الكتاب إن هارون هو الذى صنع العجل لهم، وأضلهم عن عبادة الله إلى عبادة الأوثان؟ (21وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟» 22فَقَالَ هَارُونُ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي! أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ أَنَّهُ شِرِّيرٌ. 23فَقَالُوا لِيَ: اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا. لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. 24فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هَذَا الْعِجْلُ». 25وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى (لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ) 26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ!» فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.) خروج 32: 21-28
                          لقد حاسب الرب من أخطأ، واستمرت النبوة مع موسى أخى هارون اللاوى، وبرأ الرب وعبده موسى نبيه هارون من هذه التهمة المنسوبة إليه زورًا، وبهذا حكم الرب على هذا الكتاب بالتحريف وتشويه صورة أنبيائه ورسله!! فما مصلحة كاتب هذا الهراء من اتهام الرب بالسطل والثمالة عند اختيار أنبيائه وتشويههم؟
                          اقرأ: رب الأرباب يتفق مع الشيطان للإنتقام من نبيه: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22!
                          وها هو الرب يفشل وملائكته فى إغواء أخاب، الأمر الذى أدى إلى أن يتحنن الشيطان على الإله وفشله الذريع أمام عبيده، فاقتحم الشيطان اجتماع الرب مع ملائكته، نعم اقتحم الشيطان الاجتماع رغم كل الحراسات المتوفرة، وذلك لا يتأتى إلا بمعرفة الشيطان لأجندة اجتماعات الرب وجدول أعماله، وسماح ملائكة الرب وجنوده بالدخول على الرب فى اجتماعه الخاص مع قادة الجند.
                          وعلى ذلك:
                          1- إما أن يكون الشيطان عنده قوة وعلم يفوق علم الرب، بحيث يستطيع إنقاذه فى أى لحظة،
                          2- وإما يعلم الرب ضعفه ويُقر به، فأمر بدخول الشيطان فى أى لحظة يريدها.
                          3- وإما هناك جاسوس يعمل فى حضرة الرب لحساب الشيطان يبلغه بكل صغيرة وكبيرة، أو يدعوه فى المواقف الصعبة لإنقاذ الرب،
                          4- وإما يجتمع الرب بأوامر من الشيطان، ثم لحق به الشيطان فى الاجتماع.
                          5- وإما الرب والشيطان متعاونان تعاونًا وثيقًا، ويعلم جند السماء هذا فتركوه يدخل ويخرج إلى حضرة الرب، وقتما يريد الشيطان ذلك،
                          6- أو تركته الملائكة خوفًا من بطشه بها، أو لعلمهم أن حلال المشاكل قد وصل ليخلص الرب وجنده من ورطتهم،
                          7- أو أنه قتل كل الحراسة وفرض نفسه على قادة الجند وإلههم.
                          5- وإما يخشى الرب الشيطان فترك له الحبل على الغارب، تجنبًا لبطشه وقوته، أو تزلفًا له، أو سترًا لفضيحة أو ذلة يمسكها عليه الشيطان، أو لسيطرته على شجرة الحياة والموت، التى ضرب الرب عليها حراسة من جنده، الذين يتساوى وجودهم مع عدمه (تكوين 3: 24).
                          اقرأ: رب الأرباب يتفق مع الشيطان لإغواء عبده البار أيوب: (6وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضًَا فِي وَسَطِهِمْ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟] فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا]. 8فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ]. 9فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟ 10أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ! 11وَلَكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ]. 12فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ]. ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ.) أيوب 2: 6-12 ما هذا التعاون الوثيق بين الرب وإبليس؟! وما هذه الثقة التى يوليها الرب للشيطان؛ حتى يستأمنه على عبده ونبيه؟!
                          هل تؤمنون أن الرب كجحش الفرا، ولا مزية له على البهيمة؟
                          وجاءت المسيحية وقالت عن الرب إنه ولد من رحم امرأة متجسدًا فى صورة رجل، ولا يدرى عبَّاد هذا الإله أنه قال عن الإنسان إنه كجحش الفرا يولد، وأن ما يحدث له، يحدث للبهيمة، وأن كليهما باطل، وبالتالى شبهوا إلههم بالجحش والبهيمة وأنزلوه منزلتهما:
                          (وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.) أيوب 11: 12
                          (19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هَذَا كَمَوْتِ ذَاكَ وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا.) الجامعة 3: 19-20
                          وقبل أن نبدأ سنلاحظ أن الكاتب لا يعقد مقارنة بالمرة بين وضع المرأة فى الإسلام والكتاب الذى يقدسه، بل يتجاهل تمامًا الفقه الحاخامي، والتراث الشفوي الديني اليهودي عامة، وكذلك آراء آباء الكنيسة الأول، في موقفهم من المرأة في الديانة اليهوديّة؛ فقد اقتصر المؤلف على عرض سريع لنصوص القرآن مبتورة لتخدم الغرض الذى يتمناه. كما أعرض عن استقراء النصوص التي صاغت الفكر اليهودي والمسيحى ونحتت فيه التصوّر الكلّي للمرأة .. وهو بذلك يريد أن يوهمنا أن المرأة فى هذه العصور كانت تحيا حياة آدمية كريمة، يعز عليها أن تفارقها. وهذا بخلاف ما يخبرنا به التاريخ والحقيقة، فها هو اللاهوتي ((ويليام باركلي)) ((William Barclay)) (1907م-1978م) أستاذ اللاهوت والنقد الكتابي في جامعة غلاسكو؛ قد لخّص حال المرأة عند اليهود بقوله: ((كان مقام المرأة رسميًا متدنيًا جدًا. لم تكن المرأة تُعدّ كبشر في الشريعة اليهودية، وإنّما كانت تعدّ شيئًا (a thing)، كانت تحت سلطان أبيها أو زوجها. كانت ممنوعة من تعلّم الشريعة، وكان يعدّ تعليم المرأة الشريعة كإلقاء اللؤلؤ إلى الخنزير..))
                          William Barclay, The Letters to Timothy, Titus, and Philemon, p. 74
                          لم يتحدث الكاتب عن موقف الكنيسة وآبائها (وهم مقودين من الروح القدس) من المرأة، إلا في لقطات مقتضبة وسريعة جدًا!! كما لم يتحدّث عن المرأة في القانون الكنسي، إلا في أمر الطلاق وتعدد الزوجات! .. وهو ما يعدّ قصورًا بالغًا عن الإحاطة بجوانب موضوع الكتاب!!
                          ونبدأ من هنا ..



                          البداية مع تغيير الهوية:
                          يقول الكاتب - منتقدًا أسلوب المسلمين فى الدعوة – إن لديهم فى دينهم ما يخشون منه، وما يخجلهم، فيخبأونه عن المسلمين الجدد، وأثناء دعوتهم للغير. وبذلك يظنون أنهم أمسكوا نقيصة ما على الإسلام، فيقول تحت عنوان (1- تغيير الهوية):
                          (وجدنا دعاة الإسلام يتفادون الإشارة إلي التعاليم التي تثير حفيظة المواطن الغربي مثل أن النساء غير مساويات للرجال، والرجال من حقهم ضرب نسائهم. إنهم لا يتعرضون إلي الحدود الإسلامية في القصاص مثل قتل المرتد وجلد السكير وقطع يد السارق.)
                          أما بالنسبة للنساء فأذكرك بما قاله الله تعالى فى حقهن ومساواتهن بالرجال، وبما يقوله كتابك الذى تقدسه، ورجال الدين الذى تنتمى إليه. فهذه شبهة ألصقها أعداء الإسلام به، ليتخلصوا من ماضيهم الأسود تجاه المرأة، وليبرئوا دينهم وآباءهم من هذا السواد الملتصق بهم لصقًا لن يتمكنوا من الفكاك منه، مهما عاشوا، ومهما قالوا، ومهما حاولوا تمييع الموضوع فى عيون أتباعهم، وجعل اضهادهم للمرأة عملية تاريخية عاصر منها الجنس البشرى فى كل مراحل تاريخه.
                          لكن لا. إنه تاريخ دينكم وحضارتكم فقط، فقد عاشت المرأة المصرية القديمة عصورًا من أجمل العصور، وأزهاها بالنسبة لكرامتها ووضعها الإجتماعى، وهذا بخلاف من حملوها وزر الخطيئة الأزلية، وخروج الجنس البشرى من الجنة:
                          رأى الإسلام فى الأنثى:
                          وهنا أدعو كل مسلم ومسلمة، وأناشد كل مسيحى ومسيحية أن يقرأ ما قدمه الإسلام للمرأة فى نقاط سريعة يسهل على القارىء تتبعها مؤيدة بآيات القرآن والأحاديث النبوية. وأدعو البابا وكل أتباعه ليتأملوا ما جاء به الإسلام فقط فى حق المرأة، وليتتبعوا، وليبحثوا عما قاله كتابهم بشأن هذه النقاط.
                          فلم يكرم دين أو كتاب سماوى أو قانون وضعى المرأة كما كرمها الإسلام. فمن وقت أن أعلن الرب لملائكته أنه سيخلق فى الأرض بشرًا، جعلها خليفة لله ممثلة له على الأرض وشريكة للرجل فى استخلافه لها. لذلك رفع عنها الأغلال التى وضعتها الكتب الأخرى فى عنقها، وكرمها إذ سفهها الناس وأصحاب الأديان الأخرى، ورفعها إذ وضعها الناس والفلاسفة النصارى واليهود، فكرمها بنتًا وأمًا وزوجة وأختًا وطفلة ورضيعة وجنينًا فى رحم أمها. ولك أن تتخيل أن الله جعل هدف كل العبَّاد والنسَّاك والزهَّاد تحت أقدام امرأة: فقد ربط الجنة بأسفل أقدام الأم، امرأة.
                          وزاد فى تكريمها فجعل الدنيا مؤنثة فى لغة القرآن، والرجال يخدمونها، والذكور يعبِّدونها، ويعملون من أجلها، والأرض مؤنثة، ومنها خلق آدم، وخلقت البرية، وفيها كثرت الذرية، وأُمِروا بتعميرها، والحفاظ عليها، والقتال من أجل خلود شريعة الله عليها، كما أُمِرُوا بالسجود لله عليها، والسماء مؤنثة، وقد زينت بالكواكب، وحُلِّيَت بالنجوم، التى تهدى الرجال فى طريقهم إلى بر الأمان، والنفس مؤنثة، وهى قوام الأبدان، وملاك الحيوان، والحياة مؤنثة، ولولاها لم تتصرف الأجسام، ولا عرف الأنام، والجنة مؤنثة، وبها وعد المتقون، وفيها ينعم المرسلون والشهداء والصالحون، والنار وجهنم وأسماؤها مؤنثة، وفيها يُعذب المذنبون من الرجال والنساء، وينتقم من ذنوبهم؛ لتخلصهم من أدرانهم وذنوبهم، ليتمكنوا من الخلود فى الجنة، ويخلد فيها الكافرون والمشركون ومن حكم الله عليهم بالخلود فيها.
                          انظروا إلى تكريم الله للأب الذى أنجب بنتًا:
                          عن عبد الله بن مسعود قال سمعت النبي  يقول: (من كانت له ابنة فأدبها وأحسن أدبها وعلمها وأحسن تعليمها وأوسع عليها من نعم الله التي أوسع عليه كانت له منعة وسترا من النار) رواه الطبراني
                          وعن أبي هريرة أن رسول الله  قال: (من كن له ثلاث بنات فعالهن وآواهن وكفهن وجبت له الجنة. قلنا: وبنتين؟ قال: وبنتين. قلنا: وواحدة؟ قال: وواحدة.) رواه الطبراني في الأوسط (مجمع الزوائد ج: 8 ص: 158)
                          ولم تشمل هذه الرعاية والعناية بنات الرجل فقط، بل أكثر من ذلك فقد قرر الله أن الجنة مصير من أدب جاريته وأحسن إليها: عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله : (من كانت له جارية فعالها فأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها كان له أجران) صحيح البخاري ج: 2 ص: 899
                          فهذا شرف لم يعطه الله للأب الذى أنجب ولدًا!! لقد أدخله الله مسابقة الفوز بالجنة! فقط لأنه أب لإبنة! فليفرح وليتفاخر الأب ذو البنات على الأب ذو البنين!
                          تقول زيجريد هونكه: (إن الحلى التى يقدمها الأوروبى لحبيبته أو لزوجة صديقه أو رئيسته، سواء أكانت ماسًا أصليًا أو زجاجًا مصقولًا، هى عادة استوردت من الشرق، ويمارسها الناس كل يوم، ولا يعرفون لها مصدرًا).
                          لقد ذكرت المرأة فى القرآن 24 مرة، وهو نفس العدد الذى ذكر فيه الرجل. ولم تعد المرأة فى ظل الإسلام كما كانت عند الآخرين دنسًا يجب التنزه عنه، ولكن تسامى الإسلام بالمرأة إلى علياء السمو، وجعل الزواج من نعمه سبحانه على عباده. فقد مدح الله فى كتابه الرسل السابقين لأنهم تزوجوا، فقال: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) الرعد 38
                          ومدح الله عز وجل أولياءه بأنهم يسألونه ذلك فى دعائهم، فقال سبحانه: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * قُلْ مَا يَعْبَؤُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) الفرقان 74-77
                          وجعل الله على المرأة واجبات كما أعطاها حقوقًا، وفرض على الرجل واجبات، مثل ما فرض عليه من حقوق، لو أخذ كل منهما واجباته، وقام بها، وأعطى الآخر حقوقه، لاستقام أمر الحياة الزوجية والمجتمع.
                          فى الحقيقة لا يعرف الإسلام التفرقة بين الرجل والمرأة على أساس أفضلية أحدهما على الآخر، ولكن تبعًا لطبيعة كل منهما أو الواجبات المُناطة بهما. فقد ساوى الإسلام بينهما فى الإنسانية، وفى الواجبات، وفى الحقوق، بل أولى المرأة اهتمامًا ورعاية لم يشملها الكتاب المقدس ولا تاريخ الشعوب اليهودية أو النصرانية أو حتى الوثنية. ولا أى قانون وضعى أنصف المرأة ورفعها، بل جعلها تاجًا على رؤوس الرجال والمجتمع، كما فعل الإسلام.
                          فقد جاءت رحمة الله المهداة إلى البشرية جمعاء، بصفات غيرت وجه التاريخ القبيح، لتخلق حياة لم تعهدها البشرية في حضاراتها أبدًا .. وبذلك حرر الإسلام المرأة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى: فقد حررها فى كل الجوانب النفسية والجسدية والعقلية والأمنية والعلمية.
                          وهناك الكثير والكثير من الأدلة والبراهين، على أن الإسلام هو المحرر الحقيقي للمرأة من العبودية، بل جعل حقوقها جزءًا من كيان الدين نفسه وشطرًا من الحقوق العامة للإنسان قبل أن يشرعها الإعلان العالمى لهذه الحقوق بأكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان. حيث شرعها الإسلام فى القرن السادس الميلادى بينما كان الإعلان العالمى فى عام 1948 (أى فى القرن العشرين).
                          ولأن حقوق المرأة فى الإسلام ـ كما أشرت جزء من الحقوق العامة للإنسان فقد كفل الإسلام للمرأة من الحقوق ما أعطاها الحياة نفسها بكل شرف وعزة وإباء، وجعلها شريكة له فى كل أمور الحياة السياسية والإجتماعية، وراعى الناحية النفسية والأنثوية والجنسية لها. وحتى يُعلم هذا الأمر بصورة أوضح، سأبين حفظ حقوق المرأة في الإسلام ابتداءً من كونها جنين في بطن أمها إلى أن تقابل ربها:
                          1- حفظ الإسلام حق المرأة قبل أن تُخلق، فجعلها الله خليفة فى الأرض، وأشركها فى التكليف مع آدم، فقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) البقرة 30
                          2- حفظ الإسلام إنسانيتها وساواها بالرجل فى الأصل والنشأة: فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13
                          (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء) النساء 1
                          وقال : (إنما النساء شقائق الرجال)
                          3- حفظها الإسلام بأن جعلها آية من آياته، تطالب الرجل والمرأة على السواء شكر الله عليها، فقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 21
                          4- حفظها الإسلام بأن جعلها هبة الله للبشرية، فقال تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ) الشورى 49
                          5- حفظها الإسلام بأن جعلها نعمة من نعم الله وقُربة من قرباته للبشرية، فقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * قُلْ مَا يَعْبَؤُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا) الفرقان 74-77

                          تعليق

                          • abubakr_3
                            مشرف عام

                            • 15 يون, 2006
                            • 849
                            • مسلم

                            #58
                            الملف رقم 2
                            6- حفظ الإسلام كيانها فى المجتمع بأن اعتبرها مسئولة عن قيام الفضيلة والقضاء على الرذيلة فى الأرض، عن طريق الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، مثلها مثل الرجل. وبذلك حمَّلها مسئولية الدين والدعوة إليه، وجعله أمانة فى عنقها وعنق الرجل: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة 71
                            7- حفظ الإسلام الأنثى وجعل الإعتداء عليها من السفه بل اعتبره من الآثام وجعل البيت المسلم يبتهج لمقدمها: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ  يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) النحل 58-59
                            (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) الأنعام 140
                            8- حفظ الإسلام المرأة بأن جعل قتلها قتلًا للبشر جميعًا، وهى تتساوى فى هذا مع الرجل، فقد قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة 32
                            9- حفظ الإسلام حق المرأة وهي في بطن أمها، فإن طُلقت أمها وهي حامل بها، أو بعد ولادتها، أوجب الإسلام على الأب أن ينفق على الأم فترة الحمل بها (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُن) الطلاق 6
                            10- حفظ الإسلام حق المرأة بحيث لا يُقام على أمها الحد، حتى لا تتأثر وهي في بطن أمها (ولما جاءت الغامدية وقالت يا رسول الله طهرني فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك)
                            11- حفظ الإسلام حق المرأة راضعة؛ فلما وضعت الغامدية ولدها، وطلبت إقامة الحد قال  (اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه)
                            12- حفظ الإسلام حق المرأة مُرضِعة، فجعل لها أجرًا، وهو حق مشترك بين الراضعة والمرضعة (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) الطلاق 6
                            13- حفظ الإسلام حق المرأة مولودة من حيث النفقة والكسوة (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف) البقرة 233
                            14- حفظ الإسلام حق المرأة طفلةً بأن جعل الأب يعق عنها مثل الذكر: وقد اختلف الفقهاء فى قدرها، فذهب جماعة إلى أنها شاتان عن الذكر، وشاة عن الأنثى.
                            ورأى آخرون ـ ومنهم الإمام مالك ـ أنها شاة عن الذكر والأنثى، مستدلًا بحديث رواه ابن عباس: أن رسول الله  عقَّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا.
                            15- حفظ الإسلام حق المرأة في فترة الحضانة التي تمتد إلى بضع سنين، وأوجب على الزوج النفقة عليها في هذه الفترة لعموم أدلة النفقة على الأبناء.
                            16- حفظ الإسلام حق المرأة في الحياة الهنيئة، فنهى عن الرهبانية وامتدح الزواج: (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) الحديد 27
                            وقال رسوله الكريم : (تزوجوا فإنى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة، ولا تكونوا كرهبانية النصارى). أخرجه البيهقى
                            واعتبر الزواج من أُسس الحياة الهنيئة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 21
                            17- حفظ الإسلام حق المرأة في التمتع الجنسى بزوجها ووفَّى بمتطلباتها الجنسية معه: فببزوغ فجر الإسلام تبددت الأوهام التى كانت تعد الرابطة الزوجية دناءة بهيمية، ولم يقف الإسلام على ذلك، بل تسامى بتلك الرابطة فوق طابع الشهوة إلى ممارسة سامية عالية، فقد أرشد النبى  الزوجين إلى استصحاب التسمية، وحضَّ على ذلك لما فيها من الخير الكثير: عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله : (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتى أهله قال: "بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا"، فإنه إن يقدر بينهما ولد فى ذلك اليوم، لم يضره الشيطان أبدًا). متفق عليه
                            ولم ير عيبًا فى الزواج، وجماع الرجل لزوجته، بل علم المسلمين الطريقة المثلى للجماع، فلا يقع الرجل على زوجته مثل الحيوانات، ويستمتع هو دونها، فأمر الرجل المسلم أن يُقدِّم لنفسه ويُهيِّىء زوجته ونفسه لهذا، بل وأثاب عليه: (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) البقرة 223
                            وعن أبى سعيد رضى الله عنه قال رسول الله : "إن الرجل إذا نظر إلى امرأته، ونظرت إليه، نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما"). صحَّحه السيوطى
                            18- حفظ الإسلام حق المرأة في الميراث عمومًا، صغيرة كانت أو كبيرة قال الله تعالي (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) النساء 11
                            19- حفظها الإسلام نفسيًا ومعنويًا وإجتماعيًا بأن ساوى بينها وبين الرجل فى أغلب التكاليف: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ ا للّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) النساء 36
                            (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ  وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ) العنكبوت 7-9
                            (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ  وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) النحل 90-91
                            (لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا  وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا  رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا  إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا  وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلًا مَّيْسُورًا  وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا  إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا  وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا  وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا  وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا  كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا ) الإسراء 22-40
                            20- حفظ لإسلام المرأة بأن دافع عنها الله بنفسه وتوعد الذين يؤذونهن، وهى تشترك فى ذلك مع الرجل: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) الأحزاب 58
                            (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) البروج 10
                            21- حفظ الإسلام حق المرأة بأن طلب إلى المؤمنين أدبًا ساميًا فى دخول البيوت للحفاظ على أعراض النساء وسمعتهن، وبعدًا بها عن مواطن الزلل والفتنة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) النور 27-28
                            22- حفظ الإسلام المرأة بأن أمر رسوله أن يستغفر الله لها: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) محمَّد 19
                            23- حفظ الإسلام أيضًا المشركات بأن منع قتلهن فى الحروب: عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: (وُجِدَت امرأة مقتولة فى بعض مغازى النبى  فنهى عن قتل النساء والصبيان) [الشيخان وغيرهما]
                            24- حفظ الإسلام المرأة وحرَّمَ وأدها صغيرة، وفرض حسن تربيتها وتعليمها: قال الله تعالى: (وإذا الموءودة سُئلت بأى ذنب قتلت)
                            وقال : (من كانت له أنثى، فلم يئدها، ولم يُهِنْها، ولم يؤثر ولده عليها، أدخله الله الجنة)
                            25- حفظ الإسلام المرأة بأن اعتبرها من المكونات الأساسية لخيرات الدنيا والآخرة: قال : (أربع من أعطيهنَّ فقد أعطى خير الدنيا والآخرة: (قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وبدنًا على البلاء صابرًا، وزوجة لا تبغيه خوفًا فى نفسها ولا ماله)
                            26- حفظ الإسلام المرأة بأن جعلها خير ما فى الدنيا كلها: قال : (الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة).
                            27- حفظ الإسلام المرأة بأن جعل الجنة غاية حياة كل مؤمن تحت أقدامها، فأى شرف هذا الذى نالته المرأة فى الإسلام؟ فقد روى أن رجلًا جاء إلى النبى  فسأله النبى: (هل لك من أم)؟ قال: نعم. فقال : (الزمها، فإن الجنة تحت أقدامها). ذكره الألبانى فى صحيح الجامع
                            28- حفظ الإسلام المرأة بأن نزع عنها لعنة الخطيئة الأبدية التى وصمتها بها الأديان السابقة، واعتبرها وزوجها قد أذنبا ثم منحهما التوبة والغفران، فقال تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) البقرة 36، وقال: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ) الأعراف 20
                            وعندما أدان شخصًا بمفرده، أدان آدم فقط، فقال تعالى:(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى) طه 120
                            29- حفظ الإسلام المرأة بأن جعل لها نصيبًا فى الميراث، بعد أن كانت جزءًا منه فقال تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) النساء 7
                            فقرر نصيبًا لها فى الميراث باعتبارها زوجة، وباعتبارها بنتًا، وباعتبارها أمًا، وباعتبارها أختًا.
                            (يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَا نَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا * وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) النساء 11-12
                            30- حفظ الإسلام المرأة بأن وهبها جميع حقوقها المدنية: فلها الحق فى إبرام العقود من بيع وشراء وإجازة وشركة وقرض ورهن وهبة وأن توكل غيرها، وأن تتوكل عن غيرها فيما يملك.
                            31- حفظ الإسلام المرأة بأن أزال عنها القصر الدائم، فأقر أهليتها الكاملة، مانحًا إياها حق الولاية على مالها وشئونها.
                            32- حفظ الإسلام المرأة بأن ذكرها الله تعالى فقط عندما تكلم عن العمل الصالح فقال تعالى بالعموم: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا) غافر 40، أما فى الخير فقد جاء بالذكر والأنثى (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر 40
                            33- حفظ الإسلام حق المرأة في اختيار الزوج المناسب، ولها أحقية القبول أو الرد إذا كانت ثيبًا لقوله  (لا تنكح الأيم حتى تستأمر) وقوله: (ليس للولى مع الثيِّب أمر)
                            وفى الصحيحين: أن الخنساء بنت حزام قد زوَّجها أبوها وهى كارهة، وكانت ثيبًا! فأتت الرسول ، فردَّ نكاحها.
                            34- حفظ الإسلام حق المرأة إذا كانت بكرًا فلا تزوج إلا بإذنها لقوله  (ولا تنكح البكر حتى تستأذن)
                            وجاء فى السنن من حديث ابن عباس: أن جارية بكرًا أتت النبى ، فذكرت أن أباها زوجها وهى كارهة. فخيرها النبى .
                            وجاءت فتاة إلى النبى  فقالت: إن أبى زوجنى ابن أخيه ليرفع بى خسيسته. قال الراوى: فجعل أمرها إليها.
                            فقالت: قد أجزتُ ما صنع أبى! ولكن أردت أن أعلم النساء: أن ليس للآباء من الأمر شىء.
                            35- حفظ الإسلام حق المرأة في صداقها، وأوجب لها المهر (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) النساء 24
                            36- حفظ الإسلام حق المرأة مختلعة، إذا بدَّ لها عدم الرغبة في زوجها أن تخالع مقابل الفداء لقوله  (أقبل الحديقة وطلقها)
                            37- حفظ الإسلام حق المرأة مطلقة: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة 241
                            38- حفظ الإسلام حق المرأة أرملة، وجعل لها حقًا في تركة زوجها: قال الله تعالي (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء 12
                            39- حفظ الإسلام حق المرأة بأن لا يكون لها عدة، إذا طُلِّقت قبل الدخول بها: قال الله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا) الأحزاب 49
                            40- حفظ الإسلام حق المرأة يتيمة، وجعل لها من المغانم نصيبًا، قال الله تعالي (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى) الأنفال 41
                            وجعل لها من بيت المال نصيبًا قال الله تعالي (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى والمَسَاكِين) الحشر 7
                            وجعل لها في القسمة نصيبًا(وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى والمَسَاكِين فارزُقُوهُم مِنْهُ) النساء 8
                            وجعل لها في النفقة نصيبًا (قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى والمَسَاكِين) البقرة 215
                            41- حفظ الإسلام حق المرأة في حياتها الاجتماعية، وحافظ على سلامة صدرها، ووحدة صفها مع أقاربها، فحرم الجمع بينها وبين أختها، وعمتها، وخالتها، كما في الآية، والحديث المتواتر.
                            42- حفظ الإسلام حق المرأة في صيانة عرضها، فحرم النظر إليها (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) النور 30
                            43- حفظ الإسلام حق المرأة في معاقبة من رماها بالفاحشة، من غير بينة بالجلد (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) النور 4
                            44- حفظ الإسلام حق المرأة في ردِّ زوجها الناشز إلى حدود الله عن طريق إدخال أحد الأهل أو ذوى الرأى للإصلاح بينهما: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ.) النساء 128
                            45- حفظ الإسلام حق المرأة أمًا، وأوجب لها الإحسان، والبر، وحذر من كلمة أف في حقها، بل جعل دخول الجنة متوقفًا على رضاها. {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} سورة الإسراء (23)
                            46- حفظ الإسلام حق المرأة في السكنى وساواها بزوجها: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) الطلاق 6
                            47- حفظ الإسلام حق المرأة في صحتها فأسقط عنها الصيام إذا كانت مرضع أو حبلى
                            48- حفظ الإسلام حق المرأة في الوصية، فلها أن توصي لِما بعد موتها قال الله تعالي (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء 12
                            49- حفظ الإسلام حق المرأة في الإجارة: فقد أجارت أم هانىء رجلًا من المشركين فى بيتها، أراد على أن يقتله بناءً على أوامر رسول الله ، ولم تكن تعرف أن الرسول  قد أباح دمه. فذهبت واشتكت ذلك للرسول ، فقال لها: (قد أجرنا مَن أجَرَتِ يا أم هانىء).
                            50- حفظ الإسلام حق المرأة في الإستقلال السياسى بشخصيتها، وتلمح هذا فى الزعامة النسائية التى قادتها هند بنت عتبة عندما رأست وفد النساء لمبايعة الرسول .
                            وإذا علمت أن التى روت هذا الحديث هى أميمة بنت رقيَّة؛ لا يبعد أن تلمح على وجهها هى الأخرى دلائل: (سكرتيرة الحركة النسائية)
                            فقال : (أبايعكن على أن لا تُشركن بالله شيئا)
                            فقالت هند: وكيف نطمع أن يقبل منا ما لم يقبله فى الرجال؟
                            فقال : (ولا تسرقن)
                            فقالت هند: إن أبا سفيان رجل شحيح! إنى أصبت من ماله هناة ؛ فما أدرى: أتحل لى أم لا؟ فقال أبو سفيان ـ وكان حاضرًا ـ: ما أصبت من شىء ـ فيما مضى ـ فهو لك حلال. فضحك رسول الله  ـ وعرفها ـ فقال لها: (وإنك لهند بنت عتبة!)
                            قالت هند: نعم! فاعف عما سلف ـ يا نبى الله ـ عفا الله عنك.
                            فقال : (ولا تزنين!)
                            فقالت: أو تزنى الحرة؟
                            فقال: (ولا تقتلن أولادكن)
                            فقالت: ربيناهم صغارًا، وقتلتهم كبارًا. فأنت وهم أعلم! (تشير إلى مقتل ابنها حنظلة، وقد قتل يوم بدر) فضحك عمر ـ وكان حاضرًا ـ حتى استلقى على ظهره! وتبسم رسول الله .
                            فقال: (ولا تأتين ببهتان!)
                            فقالت: إن البهتان لأمر قبيح! وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق!
                            فقال: (ولا تعصيننى فى معروف)
                            فقالت: والله ما جلسنا مجلسنا هذا، وفى أنفسنا أن نعصيك فى شىء.
                            فانظر إلى هذه الظاهرة العظيمة: ظاهرة حرية المرأة فى نقاشها، وحوارها للنبى ! حرية لا يحلم بها الرجال عند أعظم ملوك الأرض ديمقراطية!!
                            ولعلك فهمت من مبايعة النبى  للنساء مبايعة مستقلة عن الرجل، أن الإسلام يعتبرهن مسئولات عن أنفسهن مسئولية خاصة مستقلة عن مسئولية الرجل!
                            فقبل أن يعرف العالم كله ما يسمى بالحقوق السياسية سواء كانت للرجال أم للنساء كانت المرأة المسلمة تتمتع بهذا الحق وفى أعلى مستوياته ـ أعنى حقها فى مبايعة رئيس الدولة كما كان الرجال يبايعون الرسول  على السمع والطاعة والالتزام بما يأمر به الشرع من الأحكام وهو ما يعرف باسم "البيعة".
                            وقد روى فى الصحيحين أن النساء اجتمعن مرة، وقلن للرسول : (غلبنا الرجال! فاجعل لنا يومًا من تلقاء نفسك. فوعدهن يومًا لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن)
                            ولا تعوزك الآيات الصريحة التى تقرر للمرأة استقلالها التام عن الرجل تجاه الله: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) التحريم 10
                            (وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) التحريم 11
                            فالمرأة فى القرآن امرأة صالحة لا يؤثر عليها صلاح الرجل أو فساده أو هى طالحة لا ينفعها فى الآخرة صلاح الرجل وتقواه أو طغيانه؛ فهى ذات مسئولية مستقلة فيما يتعلق بشئونها أمام الله! الأمر الذى جعل الله أن يوجه اللوم لآدم وحواء على ذنبيهما.
                            51- حفظ الإسلام للمرأة الإدلاء برأيها وضمن لها الحق في تحاورها مع أعلى سلطة فى الدولة فى شأن زواجها وأولادها: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) المجادلة 1-4
                            هذه الآيات الأربع نزلت فى حادثة بين أوس بن الصامت وزوجه خولة بنت ثعلبة. قال لها: أنت علىّ كظهر أمى.
                            وما برحت حتى نزلت الآيات تشنع على المظاهرين من نسائهم، وتبكتهم، وتضع طريقًا للخلاص من الظهار، وتبين أنه ليس طلاقًا ولا موجبا للفرقة.
                            وانظر بعد ذلك كيف جعل القرآن مجادلة المرأة للرسول  قرآنًا يُتلى إلى يوم الدين، وجعله تشريعًا عامًا خالدًا.
                            فآيات الظهار وأحكامه فى الشريعة الإسلامية، وفى القرآن الكريم لأثر من آثار الفكر النسائى، وصفحة إلهية خالدة تلمح فيها على مر العصور صورة احترام الإسلام لرأى المرأة، وأن الإسلام لا يراها مخلوقة تُقاد بفكر الرجل ورأيه، وإنما لها رأيها. ولرأيها قيمته فى بناء المجتمع المسلم، بل وفى التشريع الإسلامى.
                            52- حفظ الإسلام حق المرأة فى مناقشة الحاكم ومراجعته فيما يخالف أوامر الله: وعلى هذا المبدأ ـ وهو مبدأ احترام رأى المرأة وأن لها حقها فى التفكير وإبداء الرأى ـ قبل عمر بن الخطاب نقدها إياه ـ وهو خليفة المسلمين ـ وهو يخطب الناس ويحذرهم التغالى فى المهور! ولم يلبث أن رجع عمر إلى رأيها، وعاد على نفسه باللائمة!!
                            53- جعل لها الحق فى المشاركة فى نصرة دين الله:
                            فتركها تطبب المجاهدين وتسقيهم، وفرض عليها الجهاد بكل ما تملك وقت غزو الأعداء على الدولة المسلمة. وكان يقرع الرسول  بين نسائه إذا أراد أن يغزو أو يحج. وكان  يعطى المرأة من الغنائم. وكان يبيح قتل المرأة إذا كان لها فى قوة العدو رأى، أو كانت تمسك بالسيف وتحارب كالرجال. وقد ذكر رجال الحديث أن جملة من لم يؤمنهم النبى  يوم الفتح أربعة عشر، منهم ستًا من النساء.
                            وهذا اعتراف من الإسلام أن هناك من النساء من لها من قوة الرأى والقوة السياسية ما يجعلها تساوى عدة رجال!!
                            54- حفظ الإسلام حق المرأة فى حفاظه على إنسانيتها وقت حيضها، فلم يجعلها تتسبب فى نجاسة كل ما تلمسه، بل جعل زوجها يتمتع بها وتتمتع به، دون الجماع. كما حافظ على إنسانيتها أثناء فترة حيضها ونفاسها، فلا يحق للرجل نبذها أو عزلها عن المجتمع بسبب حيضها، ولنا فى رسول الله  أسوة حسنة فى معاملة السيدة عائشة رضى الله عنها أثناء فترة حيضها. فكان يلامسها ويفاخذها دون الوطأ، وكان يتحرى موضع فيها على الإناء ليضع عليه فاه ويشرب.
                            55- حفظ الإسلام حق المرأة فى احتفاظها باسمها الشخصى ولقب العائلة: فقد نادى الله مريم باسمها الشخصى فى القرآن، واسمها منسوبًا إلى جذور عائلتها، وجعل اسمها قرآنًا يُتلى ويُتعبَّد به، شأنها فى ذلك شأن الأنبياء، بل نادى نبيه وحبيبه عيسى  بابن مريم، ولم يكتفى بقول عيسى فقط: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) آل عمران 42
                            (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) البقرة 87
                            (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوك اِمْرَأَ سَوْء وَمَا كَانَتْ أُمّك بَغِيًّا) مريم 28
                            (وَمَرْيَم اِبْنَة عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا) التحريم 12
                            56- كرَّمَ الإسلام المرأة بأن سمَّى سورة باسم النساء الكبرى، وسورة باسم النساء الصغرى (المشهورة بسورة الطلاق)، وسورة باسم مريم، وليس هناك سورة باسم الرجال.
                            57- سجل القرآن للمرأة قوة فراستها: حيث لم تكن رأته غير مرة واحدة سقا لهما فيها ماشيتهما.وهذا القدر من الرؤية ليس من شأنه أن يمكن الإنسان من معرفة أسرار النفوس ودخائلها، إلا إذا كان قد أوتى من قوة الفراسة ما أوتيته ابنة شعيب!
                            (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)القصص26
                            58- سجل القرآن للمرأة حسن حيلتها: وكيف أنقذت بحسن هذه الحيلة طفلًا من بطش فرعون: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ) القصص 12
                            59- سجل القرآن للمرأة ذكاءها وبعد نظرها: فقالت ملكة سبأ لمستشاريها: إن كان نبيًا حقًا لم تصادف هديتنا مكانًا فى قلبه، ولم تَحُل بينه وبين تبليغ أمر ربه. وإن لم يكن، فسوف يفرح بها، ويعرض عن قتالنا!!
                            (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) النمل 35
                            وقد كان لها ما قدره بعد نظرها وعلمها بالأمم الأخرى، وإلمامها بشىء من أديان وحضارات الشعوب الأخرى: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ * ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ) النمل 36-37
                            60- سجل القرآن للمرأة حسن سياستها وتدبير ملكها على أساس الشورى، وعدم الإستبداد بالرأى: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) النمل 29-34
                            انظر إلى الآيات التى تصور حصافة رأى المرأة، وسبرها لغور النفوس، وتجد فى الوقت نفسه عدم الإغترار بما يبديه الأتباع والأشياع من إظهار الاعتداد بنفوسهم وقوتهم، وعدم الإكتراث بغيرهم فى وقت الكلام.
                            يصور كذلك عدم تبعيتها العمياء لما يقوله الرجال، حتى ولو كانوا من كبار رجالات الدولة أو ذوى الرأى والمشورة، فقد أظهرتها الآيات أنها كانت أكثر منهم عقلًا وحكمة وعلمًا وفراسة وحسن تدبير لعظائم الأمور.
                            61- حفظ الإسلام حق المرأة بأن ساوى بينها وبين الرجل فى الدماء: وقد يكون هذا من أهم مظاهر التسوية بين الذكر والأنثى فى الحقوق البشرية المشتركة بينهما: فقد قررت أن يقتل الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل.
                            (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) المائدة 45
                            (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 179
                            62- حفظ الإسلام حق المرأة بأن ساوى بينها وبين الرجل فى اللعان: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَؤُ عَنْهَاالْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) النور 4-9
                            وقارن بإلغاء ما يعرفه الكتاب المقدس من أن تشرب المرأة ماءً مخلوطا بالتراب، فإن لم تمرض فهى بريئة.
                            63- حفظ الإسلام حق المرأة بأن ساوى بينها وبين الرجل فى الشهادة: فهناك حالات لا تُقبل فيها إلا شهادة المرأة دون الرجل، وهى القضايا التى لم تجر العادة بإطلاع الرجال على موضوعاتها، كالولادة والبكارة، وعيوب النساء فى المواضع الباطنة.
                            وهناك شهادة الرجل وحده، وهى القضايا التى تثير موضوعاتها عاطفة المرأة، ولا تقوى على تحملها بما أودع فيها من عاطفة الرحمة والحياة، وذلك كالحدود والقصاص.
                            ومع ذلك فقد رأوا قبول شهاداتها فى الدماء، إذا تعيَّنت طريقًا لثبوت الحق، وذلك فيما إذا وقعت الجريمة فى مكان ليس به إلا النساء. ومن القضايا ما تقبل فيها شهاداتهما معًا، وهى القضايا التى ليس موضوعها من أحد النوعين السابقين.
                            64- حفظ الإسلام حق المرأة في جسدها بعد موتها، وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة لقوله  (كسر عظم الميت ككسره حيا)
                            65- حفظ الإسلام حق المرأة وهي في قبرها، وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة لقوله  (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلي جلده خير له من أن يجلس على قبر)
                            66- حفظ الإسلام حق المرأة فى الحساب أمام رب العالمين، وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة: وبذلك ساوى بينهما فى الثواب والعقاب فى الآخرة: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الأحزاب 35
                            (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل 97
                            (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر 40
                            (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) النساء 124
                            (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) آل عمران 195
                            (وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة 72
                            (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا) الفتح 5
                            (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)الحديد12
                            67- حفظ حق المرأة فى أن ربطها بالسعادة الأبدية فى الدنيا والآخرة: وجعل الجنة تحت أقدامها، ودخولها يتوقف على رضاء الأم على أبنائها من الرجال والنساء. وجعل عقوبة عقوق الوالدين تُعجل فى الدنيا قبل الآخرة. وجعل الأم من أحق الناس بحسن صحابة المرء.
                            وقد أكد القرآن على هذا الرابط بين السعادتين، وجعل سعادة الدنيا وسيلة لسعادة الآخرة. (وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا) الإسراء 72
                            بل من جميل صنع الله بالمرأة أن جعل الرجل يتعامل مع الأجناس الدنيا من الوجود، فإنه إما زارع يتعامل مع التربة والمواشى والحيوانات، وإما صانع يتعامل مع المادة الصماء .. ولكن المرأة تتعامل مع أشرف شىء فى الوجود وهو الإنسان، والمرأة التى لا تريد الإقتناع بهذه المهمة تكون امرأة فاشلة.
                            بل خلَّدَ القرآن امرأة فى سورة المجادلة، واحترم الإسلام رأيها، وجعلها مجادلة ومحاورة للرسول، وجمعها وإياه فى خطاب واحد (والله يسمع تحاوركما) المجادلة 1. وقرر رأيها، وجعله تشريعًا عامًّا خالدًا. فكانت سورة المجادلة أثرًا من آثار الفكر النسائى، وصفحة إلهية خالدة نلمح فيها على مر الدهور صورة احترام الإسلام لرأى المرأة، فالإسلام لا يرى المرأة مجرد زهرة، ينعم الرجل بشم رائحتها، وإنما هى مخلوق عاقل مفكر، له رأى، وللرأى قيمته ووزنه.
                            قارن هذا عزيزى الكاتب بقول بولس إن لا يأذن للمرأة أن تُعلِّم وتظل صامتة لسبب غريب حدًا، وهو أن آدم خلق قبلها: (12وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ، 13لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلًا ثُمَّ حَوَّاءُ، 14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي) تيموثاوس الأولى 2: 12-14
                            وقوله: (34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ.) كورنثوس الأولى 14: 34-35
                            إنها بحق كارثة حلَّت على المرأة بسبب الكتاب الذى تعتقدون قدسيته عزيزى الكاتب! فما علاقة هذا الكتاب بالعقل أو الإنسانية أو الرحمة أو حتى المحبة؟
                            وكان النبى  يقول عن نفسه: (أنا ابن العواتك من قريش). والعواتك هنَّ نساء من قريش، كانت كل منهن تُسمَّى عاتكة.
                            وقال : (النساء شقائق الرجال)، أى جزء أو شق منهم.
                            وقال : (من سعى على ثلاث بنات فهو فى الجنة، وكان له أجر المجاهدين صائمًا قائمًا.)
                            وقال : (خيركم خيركم لنسائه، وأنا خيركم لنسائى).
                            وحتى لا يشقُّ الرجال على نسائهم، فقد قال  عنهن: (أنهن خُلِقنَ من ضلع أعوج، إذا حاولت أن تقيمه كسرته، فسايسوهن تستمتعوا بهن).
                            وعن أسماء بنت أبى بكر قالت: قدمت على أمى وهى مشركة في عهد قريش، إذ عاهدوا رسول الله ، ومدتهم مع أبيها، فاستفتت النبي  فقالت له: (يا رسول الله، إن أمي قدمت علىّ وهي راغبة؟ أفأصلها؟ قال: (نعم، صليها).
                            جاء رجل إلى رسول الله  فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم أبوك).
                            وقال : (إذا صلت المرأة خَمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلى الجنة من أىِّ الأبواب شئت.)
                            ويكفى النساء المسلمات شرفًا على الرجال أن أول من آمن بالرسول  هى زوجته السيدة خديجة، وأول شهيدة فى الإسلام هى سُميَّة أم عمَّار بن ياسر، وأول من أؤتُمِنَ على حفظ كتاب الله بعد جمعه هى أم المؤمنين حفصة بنت عمر.
                            وقال : (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا، وخياركم لنسائهم خلقًا)
                            وقال : (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى) حسن صحيح، أخرجه الترمذى والدارمى وابن ماجه
                            عزيزى الكاتب: قارن هذا التكريم للمرأة بقول الكتاب الذى تقدسه وآراء آباء وفلاسفة المسيحية، ثم أخبرنى: هل علمت كل هذا عن الإسلام وكتمته عن أتباعك؟ وهل علمت كل الذى كتبته لك عن المسيحية وكتمته عن مستمعيك وقرائك؟ فلو كنت علمت ذلك وكتمته عن قرائك فأنت غير أمين، وغير جدير بالمنصب الذى تشغله، ويجب ألا تقود أيًا من المؤمنين بك!! ولو كنت لا تعلمه فهذه كارثة أكبر!!
                            قارن هذا التكريم للمرأة بقول الكتاب المقدس جدًا وآراء آباء وفلاسفة المسيحية:
                            ونلخص وضع المرأة في الكتاب المُقدّس جدًا:
                            1- حكم الكتاب على المرأة بالتحرق الجنسى وفضل عدم الزواج منها، وشجعها على العزوبية، وشجع الرجل على إخصاء نفسه:
                            (1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. 2وَلَكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا.) كورنثوس الأولى 7: 1-2
                            (25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 25-28
                            (38إِذًا مَنْ زَوَّجَ فَحَسَنًا يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيًّا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40
                            (12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 12 فأين حق النساء فى الزواج وهدوء النفس والمتعة الحلال، إذا تتبع كل إنسان هذه التعليمات؟
                            2- قضى على إنسانية المرأة، ولم يفتح أمامها بابًا للطلاق إلا عن طريق الزنى:
                            (ومن يتزوج مطلَّقة فإنه يزنى) متى 5: 32 فأين إنسانية المطلقة؟ أين حقها الطبيعى فى الحياة؟ لماذا تعيش منبوذة جائعة متشوقة للزواج ولا تستطيعه؟
                            3- وفرض عليها أن تتزوج أخَ زوجها إذا مات زوجها:
                            (5«إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعًا وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَليْسَ لهُ ابْنٌ فَلا تَصِرِ امْرَأَةُ المَيِّتِ إِلى خَارِجٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَليْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً وَيَقُومُ لهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 6وَالبِكْرُ الذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ المَيِّتِ لِئَلا يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيل. 7«وَإِنْ لمْ يَرْضَ الرَّجُلُ أَنْ يَأْخُذَ امْرَأَةَ أَخِيهِ تَصْعَدُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلى البَابِ إِلى الشُّيُوخِ وَتَقُولُ: قَدْ أَبَى أَخُو زَوْجِي أَنْ يُقِيمَ لأَخِيهِ اسْمًا فِي إِسْرَائِيل. لمْ يَشَأْ أَنْ يَقُومَ لِي بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 8فَيَدْعُوهُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ وَيَتَكَلمُونَ مَعَهُ. فَإِنْ أَصَرَّ وَقَال: لا أَرْضَى أَنْ أَتَّخِذَهَا 9تَتَقَدَّمُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِليْهِ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّيُوخِ وَتَخْلعُ نَعْلهُ مِنْ رِجْلِهِ وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ وَتَقُولُ: هَكَذَا يُفْعَلُ بِالرَّجُلِ الذِي لا يَبْنِي بَيْتَ أَخِيهِ. 10فَيُدْعَى اسْمُهُ فِي إِسْرَائِيل «بَيْتَ مَخْلُوعِ النَّعْلِ».) (تثنية 25: 5-10)
                            4- ولم ينس الكتاب المقدس إذلال المرأة حتى يوم عرسها:
                            (10«إِذَا خَرَجْتَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ وَسَبَيْتَ مِنْهُمْ سَبْيًا 11وَرَأَيْتَ فِي السَّبْيِ امْرَأَةً جَمِيلةَ الصُّورَةِ وَالتَصَقْتَ بِهَا وَاتَّخَذْتَهَا لكَ زَوْجَةً 12فَحِينَ تُدْخِلُهَا إِلى بَيْتِكَ تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا 13وَتَنْزِعُ ثِيَابَ سَبْيِهَا عَنْهَا وَتَقْعُدُ فِي بَيْتِكَ وَتَبْكِي أَبَاهَا وَأُمَّهَا شَهْرًا مِنَ الزَّمَانِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَدْخُلُ عَليْهَا وَتَتَزَوَّجُ بِهَا فَتَكُونُ لكَ زَوْجَةً. 14وَإِنْ لمْ تُسَرَّ بِهَا فَأَطْلِقْهَا لِنَفْسِهَا. لا تَبِعْهَا بَيْعًا بِفِضَّةٍ وَلا تَسْتَرِقَّهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَذْللتَهَا.) تثنية 21: 10-14
                            5- إذا زنى رجلها دفعها الرب إلى العهر إنتقامًا منه:
                            هكذا انتقم الرب من داود لزناه بامرأة أوريا فدفع نساءه للعهارة: (11هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجِعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هَذِهِ الشَّمْسِ) صموئيل الثانى 12: 11
                            6- عندما ينتقم الرب من النساء يعرى عورتهن:
                            (يُصلِعُ السيد هامة بنات صهيون ويُعرّى الرب عورَتَهُنَّ) أشعياء 3: 17
                            7- شبَّه الرب الكفر به أو الشرك بالمرأة العاهرة، ولم يشبهه بالرجل:
                            اقرأ قصة العاهرتين: أهولا وأهوليبا (رمز للمدينتين السامرة وأورشليم) حزقيال 23: 1-21
                            8- كرَّمَ الكتاب المقدس نساء لعهارتهن:
                            فقد افتخر الكتاب المقدس بيهوديت التى زادها الرب بهاء ليزدان جمالها فى عيون من سيزنى بها، أى يجملها الرب لعملية الزنى التى سوف تحدث، أى صوروا الرب فى شكل قوَّاد. وكذلك كانت أستير. فلك أن تتخيل وجود سفرين فى الكتاب المقدس باسم عاهرتين!!
                            9- تتضاعف نجاسة المرأة بإنجابها الأنثى:
                            والمرأة التى تلد ذكرا فتكون نجسة سبعة أيام، أما إذا ولدت أنثى فتكون نجسة لمدة أسبوعين (لاويين 12: 1-5)
                            10- المرأة الحائض والنَّفساء فى التّوراة مخطئة ولابد لها من كَفّارة لتتوب عما لم تقترفه:
                            المرأة الحائض والنّفساء في التّوراة مخطئة وعليها أن تقدم ذبيحة بعد أيام تطهيرها ليُكفِّر عنها الكاهن. (لاويين 15: 29-30)
                            11- المرأة تسبب شللا للحياة اليومية:
                            كذلك المرأة الحائض نجسة، ومن يلمسها فهو نجس، وثيابها نجسة، ومن يلمس ثيابها فهو نجس، والفراش الذى تجلس عليه يكون نجس، ومن يجلس على هذا الفراش يتنجس (لاويين 15: 19-28) وبذلك أصبحت المرأة الحائض فى التّوراة مخطئة وكالمصابة بالجذام
                            12- هانت المرأة عليهم فكان مهرها لا يساوى غير (غلفة ذكر رجل ميت):
                            (25فَقَالَ شَاوُلُ: «هَكَذَا تَقُولُونَ لِدَاوُدَ: لَيْسَتْ مَسَرَّةُ الْمَلِكِ بِالْمَهْرِ, بَلْ بِمِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ لِلاِنْتِقَامِ مِنْ أَعْدَاءِ الْمَلِكِ». وَكَانَ شَاوُلُ يَتَفَكَّرُ أَنْ يُوقِعَ دَاوُدَ بِيَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ.) صموئيل الأول 18: 25
                            13- من حق الأب أن يبيع ابنته:
                            (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج 21: 7
                            14- حليفة الشيطان وصاحبة آلام البشرية فى هذه الحياة:
                            (12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ».) تكوين 3: 12، وصدقه الرب وتحامل على المرأة، وجعلها وحدها صاحبة الخطيئة. (وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي) تيموثاوس الأولى 2: 14
                            (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
                            (كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا) كورنثوس الثانية 11: 3
                            15- اعتبرها ليست من جنس البشر:
                            (8لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. 9وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ.) كورنثوس الأولى 11: 8-9
                            لذلك قرر أحد المجمع، أن المرأة حيوان نجس، يجب الابتعاد عنه، وأنه لاروح لها ولا خلود، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل عبادتها، ولاتدخل الجنة، والملكوت، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان ".
                            وهذا هو السبب الذى جعل أكبر لاهوتى الكنيسة يدعون لإنعقاد مجمع باكون العالمى عام 586م لبحث: هل تُعد المرأة إنسانًا أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كان لها روح فهل هى روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحًا إنسانيًا، فهل هى على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيرًا: قرروا أنها إنسان، ولكنها خُلِقَت لخدمة الرجل فحسب. وأنها خالية من الروح الناجية، التى تنجيها من جهنم، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام.
                            لذلك أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
                            وقال شوبنهاور: (المرأة حيوان، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه)
                            16- المرأة نعجة وبقرة:
                            (صموئيل الثانى 12: 1-7) وتحكى أن أرسل الرب النبى ناثان إلى داود يستفتيه فى حكم الرجل الغنى الذى عنده نعاج وأبقار كثيرة، واعتدى على نعجة الرجل الفقير، قد سمَّى المرأة فى الحالتين نعجة وبقرة.
                            بل وصفوا مريم عليها السلام أشرف نساء العالمين بأنها نعجة، لأن امرأة الخروف لا تكون إلا نعجة: («هَلُمَّ فَأُرِيَكَ الْعَرُوسَ امْرَأَةَ الْخَروفِ».) رؤيا يوحنا 21: 9، والخروف هنا هو رب الأرباب وملك الملوك: (14هَؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَروفَ، والْخَروفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ،) رؤيا يوحنا 17: 14
                            17- المرأة كلبة:
                            (22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».) متى 15: 22-28
                            18- المرأة أغبى من الدواب: لا تفهم، وعليها ألا تناقش ولا تسأل فى الكنيسة:
                            ليس للمرأة أن تناقش داخل الكنيسة لتفهم، فهو يفترض أن الرجل هو صاحب العقل، ولا يفهم إلا هو، لذلك من لا تفهم عليها بسؤال زوجها فى البيت! (34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ.) كورنثوس الأولى 14: 34-35
                            19- إله المحبة أمر بقتلها فى الحروب:
                            ([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
                            (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلًا وَامْرَأَةً، طِفْلًا وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلًا وَحِمَارًا») صموئيل الأول 15: 3
                            20- إله المحبة أمر بشق بطون الحوامل فى الحروب:
                            (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                            21- ملاك الرب يسمِّى المرأة (الشرّ):
                            (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8

                            تعليق

                            • abubakr_3
                              مشرف عام

                              • 15 يون, 2006
                              • 849
                              • مسلم

                              #59
                              أما عن التاريخ التطبيقى للكتاب الذى يقدسه اليهود وغيرهم:
                              فقد كانت المرأة عند الرومان تُبَاع وتُشتَرى كأى سلعة من السلع، كما أن زواجها كان يتم أيضًا عن طريق بيعها لزوجها. وكان لهذا الزوج بعد ذلك السيادة المطلقة عليها. ولم يكن يُنظَر إلى المرأة كأنها ذو روح بل كانت تُعتَبر مخلوقًا بغير روح، ولهذا كان يُحرم عليها الضحك والكلام إلا بإذن. وهذا مطابق لقول بولس: (34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ.) كورنثوس الأولى 14: 34-35
                              قارن هذا بقول المرأة لعمر بن الخطاب : (اتق الله يا عمر! فإن الله لم يحدد المهور)، وهو يومها خليفة المسلمين: وهو أمام شعبه رجالا ونساء، يخطب الناس ويحذرهم التغالى فى المهور! ولم يلبث أن رجع عمر إلى رأيها، وعاد على نفسه باللائمة!! بل أقر على المنبر قائلا: أصابت امرأة وأخطأ عمر!
                              ويقول صاحب "عودة الحجاب": (واقتداءً برسول الله ، فقد كانت أزواجه تراجعنه الكلام، وتهجره الواحدة منهنَّ يومًا إلى الليل، وراجعت امرأةُ عمر عمرَ  فقال: "أتراجعينى؟"، فقالت: "إن أزواج رسول الله  يراجعنه، وهو خير منك".)
                              ثم قارن بفعل الرب فى الكتاب المقدس ليخرس المرأة عن التكلم: (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8
                              كما كان بعضهم يُغالى أحيانًا فيضع فى فمها قفلًا من حديد، كانوا يسمونه الموسيلير Moselier، وكانوا يحرمون عليها أحيانا أكل اللحوم كما كانت تتعرض لأشد العقوبات البدنية باعتبارها أداة للغواية وأحبولة من حبائل الشيطان. وكان للرجل أن يتزوج من النساء ما يشاء ويتخذ من الخليلات ما يريد.
                              ولما اعتنق الرومان المسيحية أصبح للزوجة الأولى بعض الميراث ـ أما بقية الزوجات فكنَّ يُعتَبرن رفيقات. والأبناء منهن يُعاملن معاملة أبناء الزنا اللقطاء، ولذلك لا يرثون ويُعتبرون منبوذين فى المجتمع.
                              ومن عجيب ما ذكرته بعض المصادر أن ما لاقته المرأة فى العصور الرومانية تحت شعارهم المعروف "ليس للمرأة روح" تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها، وربطها بالأعمدة، بل كانوا يربطون البريئات بذيول الخيول، ويسرعون بهن إلى أقصى سرعة حتى تموت، ثم يربطون الشقيات بالأعمدة ويصبون النار على أبدانهن.
                              وعن سكب الزيت المغلى على أجساد النساء يروى الدكتور اسبرينج Dr. Aspring أن النصارى قد أخذوه وتفننوا فيه، بل أصبح قانونًا فى بداية القرن السادس عشر: "تشكل مجلس اجتماعى فى بريطانيا فى عام 1500 لتعذيب النساء، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن، وقد أحرق الألاف منهن أحياء، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية"
                              أما كون المرأة بلا روح فليس هذا منحصرًا فى القرون الأولى للمسيحية فقط، بل امتد إلى أواخر القرن السابع عشر الميلادى. عندما أصدر رجال العلم والمعرفة فى رومانيا فتوى تنص على أنه (ليس للمرأة روح).
                              ففى فرنسا عقد الفرنسيون فى عام 586 م ـ أى فى زمن شباب النبى محمد صلى الله عليه وسلم ـ مؤتمرًا (مجمع باكون) لبحث: هل تُعد المرأة إنسانًا أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كان لها روح فهل هى روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحًا إنسانيًا، فهل هى على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيرًا: قرروا أنها إنسان، ولكنها خُلِقَت لخدمة الرجل فحسب. وأنها خالية من الروح الناجية، التى تنجيها من جهنم، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام.
                              كما قرر مجمع آخر، أن المرأة حيوان نجس، يجب الابتعاد عنه، وأنه لاروح لها ولا خلود، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل عبادتها، ولاتدخل الجنة، والملكوت، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان ".
                              وأعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
                              وقال لوثر: (المرأة كمسمار يُدَّق فى الحائط)
                              ويقول الأستاذ Abduh2000 فى مقاله بمنتدى برسوميات بعنوان: (المرأة في الكتاب المقدس والديانة النصرانية):
                              لذا نجد هنا العالم المسيحي المشهور إيكويناس يعتبر المرأة أرذل من العبد بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطريًا من قبل الأب والابن والزوج Thomas Acquinas : "Summa Theologica"، XXXIX،3(انظر).
                              وأما المفسر المسيحي المعروف يوحنا فم الذهب ( John Chrysostom ) فهو يعتبر المرأة ((خطرًا أسريًا وسيئة مصورة))
                              Will Durant: The Story of Civilization ... The Age of Faith New York، 1950، p.325
                              ومن نتائج هذه الأفكار عن المرأة أن أغلب النصارى الأوائل لم يبالوا، رغم كونهم متزوجين، بأداء الحقوق الزوجية واعتبروا هذا الأمر غير ضروري بل غير مناسب
                              Hans Leitzmann: The Beginnings of the Christian Church ( London، 1955 )، p.135
                              لذا نجد أنه بعد أن يصبح المسيحي أسقفًا يكون من حسناته أن يعتزل المرأة وألا يقترب من امرأته إن كان متزوجا وقبل أن يصبح أسقفا.
                              W.E.H. Leeky: A History of European Morals ( London، 1911)، vol.2 p.329(
                              ثم نجد هنا القوانين المضحكة نتيجة لهذه الأمور السابقة، فمثلا إذا أراد الأسقف أن يلتقى بزوجته لمشورة أسرية وجب عليه أن يفعل ذلك في مكان فسيح وبحضور شهود. وأمر البابا هيلدبراند (Hildebrand) المسيحين ألا يستمعوا إلى الأساقفة المتزوجين ولا يطيعوهم.
                              W.E.H. Leeky: A History of European Morals (London، 1911)، vol.2 p.332
                              وكانت هذه القوانين قيدا ظالما للرجال والأساقفة، فلجأوا إلى الحيل الملتوية لإشباع الرغبات، إلا أن هذه القوانين قد تركت آثارا سيئة عميقة على النساء (فاحتقرن أزواجهن وأُكرهن على الخروج، وظهر عدد كبير - بسبب هذا الفصل بين الرجل وزوجته - من الجرائم والمصائب)
                              H.C.Lea:An Historical Sketch of Sacredotal Celibacy، 1884، p.277
                              وتعدى بابا آخر - وهو أوربان الثاني (Uraban II) حيث أجاز جميع الحدود في سبيل تنفيذ هذه القوانين غير الفطرية حيث (أجاز للحكام أن يسترقوا نساء أولئك الأساقفة الذين رفضوا أن يتركوا زوجاتهن)
                              H.C.Lea: An Historical Sketch of Sacredotal Celibacy، 1884، p.333
                              فكان نتيجة هذا أن ساء وضع المرأة في القرون الوسطى وحتى زمن قريب، فلم يكن لها قيمة ولا احترام في المجتمعات المسيحية. وكان من حق الزوج القانوني، حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر، أن يبيع زوجته كما تباع الحيوانات
                              Cady Stanton: History of Women's Suffrage، vol.3، p.290 (quoted in Rationalist Encyclopaedia by J.McCabe، London، 1950، p. 625
                              ومن أقوال فلاسفة أوربا ومشاهيرها فى عصر ما بعد النهضة بشأن المرأة:
                              (إذا رأيتم امرأة، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشريًا، بل ولاكائنًا وحشيًا وإنما الذى ترونه هو الشيطان بذاته، والذى تسمعونه هو صفير الثعبان) (من وصايات سان بول فانتير - لتلاميذه)
                              (المرأة خلقت لكى تخضع للرجل، بل لكى تتحمل ظلمه) (أعترافات جان جاك روسو)
                              (المرأة حيوان، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه) (شوبنهاور)
                              ويستند شوبنهاور إلى وصف يسوع للمرأة الكنعانية أنها كلبة، وإلى وصف صموئيل الثانى للمرأة بأنها نعجة:
                              المرأة نعجة وبقرة: (صموئيل الثانى 12: 1-7) وتحكى أن أرسل الرب ناثان إلى داود يستفتيه فى حكم الرجل الغنى الذى عنده نعاج وأبقار كثيرة، واعتدى على نعجة الرجل الفقير، قد سمَّى المرأة فى الحالتين نعجة وبقرة.
                              المرأة كلبة: (22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».) متى 15: 22-28
                              واضطرت المرأة بموافقته على أنها من الكلاب، حتى يشفى ابنتها: (27فَقَالَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا». 28حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.) متى 15: 22-28
                              يقول ديشنر صفحة 51-52: (لم يعرف اليهود الرحمة مع النساء إلا قليلا، الأمر الذى أثر فيما بعد فى المسيحية، فهى منذ قصة الخلق ـ أى منذ الوهلة الأولى للحياة، وهى مرتبطة بالرجل وخاضعة له، كما أنها صاحبة أول خطيئة فى التاريخ، وهى الخطيئة الأزلية، وكانت هى التى غررت بالرجل، فأصبح الرجل ضحيتها والمُغرَّر به، ويُعذر فى ذلك، ويُغفر له. وقد تعلل بقوله: (12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ».) وقد حُكِمَ على المرأة بالولادة وأوجاع الحمل وأن تصبح جارية للرجل: (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 12 و16
                              ونجد قصة الخطيئة الأزلية هذه فى الكثير من الأساطيل الوثنية، فنجدها فى الديانة السومارية والديانة البوذية، كما تعرف الأساطير الجرمانية أول زوج من البشر عرفه الإنسان (عسكر وإمبلا) إلا أن اتحادهما لم يُعتبر من الآثام مطلقا.)
                              (وفى العهد القديم يُظهر لنا اسم الإله (بعل) أنه السيد والمالك زوجته (بعولة)، ويُشبه سفر اللاويين المرأة بالحيوانات المنزلية المستأنسة) انظر الديانة اليهودية لـ Bousset صفحة 426.
                              (وحتى فى أيام يسوع كانت المرأة توضع فى نفس مرتبة الطفل والعبد، بل إنه فى القرن العشرين [1991] يصلى اليهودى فى المعبد قائلًا: (أشكرك ربى أنك لم تخلقنى كافرًا أو عبدًا أو امرأة)
                              (أمَّا فى جانب العبادة فقد ظُلِمَت المرأة بشدة، فقد استُبعِدَت من أى مشاركة إيجابية، وكانت إقامة الصلوات، وعقد المحاضرات، والوعظ من واجبات الرجل، بل حُرِّمَ عليها دراسة التوراة، وكان لا يُسمَح لها بالدخول إلا إلى الفناء الأمامى للمعبد فقط. والغريب أنه حتى الحيوانات التى كانت تُقدَّم على المذبح، كان لا بد لها أن تكون حيوانات مذكَّرة. وذلك جاء نتيجة لما علمه اليهود من أن الله أحسنَ إلى امرأة ثم أتت منها أول خطيئة فى التاريخ، وبسببها حلَّ الموت علينا، حتى ادعى البعض أن مساوىء الرجل أفضل من فضيلة المرأة.)
                              (وأكثر من ذلك فقد كانت مُهمَّشة فى الحياة اليومية، وكان يُعَد الكلام معها أكثر من اللازم أو التمسك بمشورتها والعمل بها من المحرمات، التى يُعاقب عليها المرء بنار جهنم، ولم يُسمَح للرجل بتحية المرأة، أو يُسمَح لها بتحيته. لذلك تعجب تلاميذ يسوع من وقوفه مع المرأة السامرية يتبادل معها أطراف الحديث: (27وَعِنْدَ ذَلِكَ جَاءَ تلاَمِيذُهُ وَكَانُوا يَتَعَجَّبُونَ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ امْرَأَةٍ) يوحنا 4: 27
                              ولم تكن ولادتها من الأشياء التى تدخل السرور على أهلها، وكانت قمة السعادة تغمرهم بولادة الابن الذكر، كما أغفل العهد القديم عند ذكره للأنسال ذكر أسماء البنات بالمرة، بل تعدى الأمر أكثر من ذلك، فقد سَمَحَ للأب ببيع ابنته.) (وإذا باع رجل ابنته أمةً لا تخرج كما يخرج العبيد) خروج 21: 7
                              (لايوجد رجل فكر فى المرأة ثم احترمها، فهو إما أن يحتقرها وإما أنه لم يفكر فيها بصورة جدية) (أوتو فيننجر)
                              (الرجل يمكن أن يتصور نفسه بدون المرأة - أما المرأة فإنها لاتتصور نفسها بدون رجل) جوليان بندا
                              وهذا هو الذى دعا متى تحبيذ أن يخصى الرجل نفسه لأجل الملكوت: (12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 12
                              تقول الكاتبة كارين أرمسترونج: (فى القرن الثالث عشر الميلادى قال الفيلسوف اللاهوتى القديس توما الاكوينى، الذى سيطر على الفكر الكاثوليكى حتى عهد قريب، إن الجنس كان دائمًا شرًا .. .. وعلى أى حال، فإن هذا الموقف السلبى لم يكن محصورًا فى الكاثوليك، فلقد كان لوثر وكالفين متأثرين إلى أقصى حد بآراء أوغسطين، وحملا مواقفه السلبية تجاه الجنس والزواج إلى قلب حركة الإصلاح الدينى مباشرة. لقد كره لوثر الجنس بشكل خاص، على الرغم من أنه قد تزوج ومحا البتولية فى حركته المسيحية. لقد كان يرى أن كل ما يستطيع الزواج عمله هو أن يقدم علاجًا متواضعًا لشهوة الانسان التى لا يمكن السيطرة عليها. فكم صرخ قائلًا: (كم هو شىء مرعب وأحمق تلك الخطيئة! إن الشهوة هى الشىء الوحيد الذى لا يمكن شفاؤه بأى دواء، ولو كان حتى الزواج الذى رُسِمِ لنا خصيصًا من أجل هذه النقيصة التى تكمن فى طبيعتنا.) (تعدد نساء الأنبياء ومكانة المرأة ص 226)
                              (لقد سلم أوغسطين [القرن الرابع الميلادى] إلى الغرب تراث الخوف من الخطيئة، كقوة لا يمكن السيطرة عليها، فهناك فى لب كل تشكيل للعقيدة، توجد المرأة حواء، سبب كل هذه التعاسة، وكل هذا الثقل من الذنب والشر، وكل الانغماس البشرى فى الخطيئة. لقد ارتبطت الخطيئة والجنس والمرأة معًا فى ثالوث غير مقدس. فبالنسبة لذكر متبتل مثل أوغسطين، لا يمكن فصل هذه العناصر الثلاثة. وفى الغرب بقيت المرأة هى حواء إلى الأبد، هى إغراء الرجل إلى قدره المشئوم. بل إن إنجاب الأولاد الذى تعتبره ثقافات أخرى فخر المرأة الرئيسى وينبوع القدرات التى تمتلكها، نجده فى المسيحية قد غلفه الشر باعتباره الوسيلة التى تنتقل بها الخطيئة).
                              ويقول القديس جيروم: (إذا امتنعنا عن الاتصال الجنسى، فإننا نكرم زوجاتنا. أما إذا لم نمتنع: حسنًا! فما هو نقيض التكريم سوى الإهانة).
                              وتواصل الراهبة كارين أرمسترونج: (إن المسيحية خلقت أتعس جو جنسى فى أوروبا وأمريكا بدرجة قد تصيب بالدهشة كلا من يسوع والقديس بولس. ومن الواضح كيف كان لهذا تأثيره على النساء. فبالنسبة لأوغسطين الذى كان يناضل من أجل البتولية، كانت النساء تعنى مجرد اغراء يريد أن يوقعه فى شرك، بعيدًا عن الأمان والإماتة المقدسة لشهوته الجنسية. أما كون العصاب الجنسى للمسيحية قد أثر بعمق فى وضع النساء، فهذا ما يُرى بوضوح من حقيقة أن النساء اللاتى التحقن بالجماعات الهرطيقية المعادية للجنس، وصرن بتولات، قد تمتعن بمكانة واحترام كان من المستحيل أن يحظين بهما فى ظل المسيحية التقليدية)
                              والذى دعا جيروم إلى قوله أن على المرأة أن تفقد أنوثتها وتصبح رجلًا لتخلص فى الآخرة: لقد كتب جيروم يقول: "بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال، فهى تختلف عن الرجل، كما يختلف الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم، فعندئذ سوف تكف عن أن تكون امرأة، وستسمى رجلًا" (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى أهل أفسس) نقلًا عن اللواء مهندس أحمد عبد الوهاب
                              الأمر الذى أثر فى الأدباء والمفكرين، والأمر الذى حدا بالأديب الفرنسى - لامنيه أن يقول: (المرأة آلة للإبتسام. تمثال حى للغباء)
                              ودفع بالمؤرخ ميشليه أن يقول: (المرأة كائن نسبى)، وهذا هو الذى دعاهم فى القرن الخامس للدعوة لعقد مجمع باكون ليبحثوا فيه إذا كان للمرأة روح مثل الرجل أم لا.
                              لذلك لا تتعجب أن تسمع الفيلسوف أرسطو وهو يقول: (الذكر هو الأنموذج أو المعيار، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
                              وقال الفيلسوف نتشه: (إنها ليست أهلًا للصداقة، فما هى إلا هرَّة، وقد تكون عصفورًا، وإذا هى ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة بالنسبة له مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
                              لذلك قال لوثر: (إذا تعبت النساء، أو حتى ماتت، فكل ذلك لا يهم، دعهن يمتن فى عملية الولادة، فلقد خلقن من أجل ذلك) (تعدد نساء الأنبياء ص 235)
                              لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
                              وكتب أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر: (أن كل النساء بلا استثناء مومسات، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم).
                              وقال الراهب البنديكتى برنار دى موريكس دون مواربة فى أشعاره: (إنه لا توجد امرأة طيبة على وجه الأرض).
                              وقال الراهب الانجليزى اسكندر نكهام: (إنه نظرًا لأن المرأة لا تشبع جنسيا، فإنها غالبا ما تصطاد بائسًا حقيرًا لينام معها فى فراشها ليشبع نهمها إذا كان زوجها غير موجود فى لحظة شبقها. ونتيجة لذلك كان على الأزواج أن يربوا أطفالًا ليسوا أولادهم).
                              وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، ناقضة لنواميس الله، مشوهة للرجل)
                              (وكانوا يُعدُّون اختطاف الأطفال لتربيتهم على الرهبنة من القربات. وكانوا يفرون من النساء ولو كانوا أقاربهم لاعتقادهم أن مجرد النظر إلى المرأة مُحبِط للأعمال.)- نقلًا عن معاول الهدم والتدمير فى النصرانية وفى التبشير إبراهيم سليمان الجبهان ص 72-75]
                              ففى الوقت الذى قال فيه ترتوليان – أحد أقطاب المسيحية الأولى وأئمتها يبين للبشرية نظرة المسيحية فى المرأة: (إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، وإنها دافعة إلى الشجرة الممنوعة ناقضة لقانون الله ومشوهة لصورة الله – أي الرجل) مستندا فى ذلك إلى قول الكتاب المقدس (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
                              وقال فيه الكتاب المقدس على لسان موسى إنه بسبب خيانتهن للرب حلَّ الوباء على الجماعة: (وَقَال لهُمْ مُوسَى: «هَل أَبْقَيْتُمْ كُل أُنْثَى حَيَّةً؟ إِنَّ هَؤُلاءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ كَلامِ بَلعَامَ سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ فَكَانَ الوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) سفر العدد 31 :15-18
                              وقال فيه سوستام الذي يعد من كبار أولياء المسيحية في شأن المرأة: (هي شر لا بد منه، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها وخطر على الأسرة والبيت ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة) مستندا إلى قول الرب الذى أرسل ملاكه ليقول عنها إنها الشر بعينه: (7وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8
                              يقول كارل هاينتس ديشنر فى كتابه (الصليب ذو الكنيسة ـ قصة الحياة الجنسية للمسيحية) فى الفصل التاسع عشر ص 230: (قال سيمون دى بوفوارSimone de Beauvoir : لقد أسهمت العقيدة النصرانية فى اضطهاد المرأة ولم تقم بدور بسيط فى هذا).
                              كما قال ماركوس Marcuse: (إن فكرة أن تكون المرأة حاملة للخطيئة الأزلية، والتى تتعلق بها عقائد الديانة النصرانية تعلقًا لا تكاد تنفك منه أبدًا، هى التى أثرت أسوأ تأثير على الناحية الإجتماعية والقانونية للمرأة).
                              وقال دينس ديديروت Denis Diderot: (إن فى كل عادات وتقاليد الحياة اتحد بطش القانون الشعبى مع بطش الطبيعة ضد المرأة، فقد عوملت المرأة فى ظل هذه القوانين ككائن فقد عقله)
                              لقد صنع تاريخ المرأة رجالٌ كانوا يتخذون المرأة عدوا لهم منذ العصور الأولى للبابوية. وكان الرجل يعتبرها فى العصور المنصرمة للإمبراطورية الرومانية كأحد مواشيه، وله أن يتصرف فيها بالبيع أو القتل إن شاء. ولو قتل ابنة رجل آخر أسلم لهم ابنته فيقتلونها أو يبيعونها أو يتملكونها فلهم الحرية فى ذلك.
                              وقد ساد الرجل المرأة فى عصر الجيرمان، وسُمِحَ له أن يؤدب زوجته بالضرب كما سُمِحَ له بقتل زوجته إذا خانته دون وقوع أدنى عقوبة عليه.
                              كما كانت مخلوقًا ثانويًا وشريكة للشيطان فى الخطيئة الأزلية، وهذا يجعلها تأتى دائما فى المرتبة الثانية بعد الرجل حتى على المستوى الكنسى.
                              فإذا كان الكتاب المقدس جدًا بجزئيه جعل المرأة سببًا فى خطيئة آدم، وسببًا فى خروجها من الجنة للعمل والشقاء، حتى إنجابها للأولاد جعله تكفيرًا عن هذه الخطيئة، بل إن حبها لزوجها يُعد نقمة وعقوبة من ربها إله المحبة. فماذا تنتظر من أتباع هذا الدين أن يُحسنوا به إليها؟ (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 16
                              فقد عانت المرأة الويلات من جرَّاء أقوال بولس هذه وغيرها لمدة قرون من الزمان، فقد اعتبر رجال هذا الدين المنسوب للمسيح "أن المرأة دنس يجب الإبتعاد عنه، وأن جمالها سلاح إبليس".
                              وحرص آباء الكنيسة على التوكيد على أن المرأة مصدر الخطيئة والشر فى هذا العالم، ومن ثم يجب قهرها إلى أقصى حد واستهلاكها نفسيًا تحت وطأة الشعور بالخزى، والعار من طبيعتها وكيانها البشرى.
                              وهذا الإعتقاد تسرب إلى النصرانية من بين معتقدات وعادات كثيرة انتقلت إليها من الديانات الوثنية القديمة، التى كانت تعتبر المرأة تجسيدًا للأرواح الخبيثة، والتى كانت متفقة على تحقير النساء وإذلالهن، بل وإبادتهن بأفظع الطرق والوسائل الوحشية، ومن بينها إلزام المرأة التى يموت زوجها أن تحرق نفسها بعد موته وإحراق جثته مباشرة".
                              وها هم رجال ونساء الغرب الذين انشغلوا بقضايا المرأة يشيدون بالإسلام وقوانينه المنصفة للمرأة، والتى علمت الغرب احترام المرأة، وأقامت المرأة الغربية من كبوتها فى ظل القوانين الكنسية الظالمة:
                              المرأة المسلمة فى عيون غربية منصفة:
                              وهنا سأهدى الكاتب بعضًا من آراء أرباب العلم المنصفين، الذين وقفوا بالدراسة على المرأة المسلمة من خلال فهمهم الصحيح للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وكذلك السيرة النبوية العطرة، وأكثر من ذلك فقد عايشوا هذه النصوص مطبقةً فى بعض البلدان أو المجتمعات أو حتى الأسر المسلمة، وقارنوا ذلك بالحضارة المسيحية والحضارة الغربية القديمة والحديثة، مبينين جهل الروائيين الأوروبيين والسائحين الذين تناولوا حالات فردية قاسوا عليها الدين نفسه فى تناولهم لموضوع المرأة.
                              وأنقل لكم بتصرف يسير بعضًا من آراء الغربيين فى المرأة الإسلامية نقلًا عن موقع التوحيد: https://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=2156، الذى نقله بدوره من كتاب (قالوا عن الإسلام) إعداد الدكتور عماد الدين خليل.
                              يقول مارسيل بوازار M.Poizer، وهو مفكر وقانوني فرنسي معاصر. أولى اهتمامًا كبيرًا لمسألة العلاقات الدولية وحقوق الإنسان وكتب عددًا من الأبحاث للمؤتمرات والدوريات المعنية بهاتين المسألتين. يعتبر كتابه (إنسانية الإسلام)، علامة مضيئة في مجال الدراسات الغربية للإسلام، بما تميز به من موضوعية، وعمق، وحرص على اعتماد المراجع التي لا يأسرها التحيز والهوى. فضلا عن الكتابات الإسلامية نفسها:
                              (.. كانت المرأة تتمتع بالاحترام والحرية في ظل الخلافة الأموية بأسبانيا، فقد كانت يومئذ تشارك مشاركة تامة في الحياة الاجتماعية والثقافية، وكان الرجل يتودد لـ(السيدة) للفوز بالحظوة لديها ..إن الشعراء المسلمين هم الذين علموا مسيحي أوروبا عبر أسبانيا احترام المرأة...) (إنسانية الإسلام، ص 108)
                              ويقول: (إن الإسلام يخاطب الرجال والنساء على السواء ويعاملهم بطريقة (شبه متساوية) وتهدف الشريعة الإسلامية بشكل عام إلى غاية متميزة هي الحماية، ويقدم التشريع للمرأة تعريفات دقيقة عما لها من حقوق ويبدي اهتمامًا شديدًا بضمانها. فالقرآن والسنة يحضان على معاملة المرأة بعدل ورفق وعطف، وقد أدخلا مفهوما أشد خلقية عن الزواج، وسعيا أخيرا إلى رفع وضع المؤمنة بمنحها عددًا من الطموحات القانوني. أمام القانون والملكية الخاصة الشخصية، والإرث) (إنسانية الإسلام، ص 109-110)
                              ويقول أيضًا عن تكريم القرآن والسنة المطهرة للمرأة: (لقد خلقت المرأة في نظر القرآن من الجوهر الذي خلق منه الرجل. وهي ليست من ضلعه، بل (نصفه الشقيق) كما يقول الحديث النبوي: "النساء شقائق الرجال" [المطابق كل المطابقة للتعاليم القرآنية التي تنص على أن الله قد خلق من كل شي زوجين.]. ولا يذكر التنزيل أن المرأة دفعت الرجل إلى ارتكاب الخطيئة الأصلية، كما يقول سفر التكوين. وهكذا فإن العقيدة الإسلامية لم تستخدم ألفاظًا للتقليل من احترامها، كما فعل آباء الكنيسة الذين طالما اعتبروها (عميلة الشيطان). بل إن القرآن يضفي آيات الكمال على امرأتين: امرأة فرعون ومريم ابنة عمران أم المسيح، عليه السلام [(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ.) سورة التحريم 11-12]) (إنسانية الإسلام،ص113)
                              ويقول: (ليس في التعاليم القرآنية ما يسوغ وضع المرأة الراهن في العالم الإسلامي. والجهل وحده، جهل المسلمة بحقوقها بصورة خاصة، هو الذي يسوغه). (إنسانية الإسلام، ص114)
                              ويتفاخر بحماية الإسلام لها فيقول: (أثبتت التعاليم القرآنية وتعاليم محمد  أنها حامية حمى حقوق المرأة التى [بصورة] لا تكل) (إنسانية الإسلام، ص140)
                              * * *
                              ويقول إميل درمنغهام المستشرق الفرنسى، ومدير مكتبة الجزائر سابقًا، وصاحب المؤلفات العديدة فى الإسلام والدراسات الشرقية عن العناية التى أولاها الإسلام للمرأة: (مما لا ريب فيه أن الإسلام رفع شأن المرأة في بلاد العرب وحسَّنَ حالها، قال عمر بن الخطاب : ما فتئنا نعد النساء من المتاع حتى أوحى في أمرهن مبينا : (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم) أجل، إن النبي  أوصى الزوجات بطاعة أزواجهن، ولكنه أمر بالرفق بهن، ونهى عن تزويج الفتيات كرهًا، وعن أكل أموالهن بالوعيد أو عند الطلاق ....
                              ولم يكن للنساء نصيب في المواريث أيام الجاهلية ... فأنزلت الآية التي تورث النساء. وفي القرآن تحريم لوأد البنات، وأمر بمعاملة النساء والأيتام بالعدل، ونهى محمد  عن زواج المتعة وحَمْلَ الإماء على البغاء. وأباح تعدد الزوجات .. ولم يوصي الناس به، ولم يأذن فيه إلا بشرط العدل بين الزوجات فيهب لإحداهن إبرة دون الأخرى ... وأباح الطلاق أيضًا مع قوله: (أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق) وليس مبدأ الاقتصار على زوجة واحدة من الحقوق الطبيعية مع ذلك، ولم يفرضه كتاب العهد القديم على الآباء، وإذا كان هذا قد أصبح سنة في النصرانية فذلك لسابق انتشاره في بلاد الغرب، وذلك من غير أن يحمله رعايا نيرون إلى بلاد إبراهيم ويعقوب [عليهما السلام] ... وأيهما أفضل: تعدد الزوجات الشرعي أم تعدد الزوجات السري؟ ... إن تعدد الزوجات من شأنه إلغاء البغاء والقضاء على عزوبة النساء ذات المخاطر.)
                              وقال أيضًا مدافعًا عن المرأة المسلمة ضد المزاعم الباطلة التى توجه إليها: (من المزاعم الباطلة أن يقال إن المرأة في الإسلام قد جُرِّدَت من نفوذها زوجة وأما، كما تُذمُّ النصرانية لعدها المرأة مصدر الذنوب والآثام ولعنها إياها، فعلى الإنسان أن يطوف في الشرق ليرى أن الأدب المنزلي فيه قوي متين وأن المرأة فيه لا تحسد بحكم الضرورة نساءنا ذوات الثياب القصيرة والأذرع العارية، ولا تحسد عاملاتنا في المصانع وعجائزنا، ولم يكن العالم الإسلامي ليجهل الحب المنزلي والحب الروحي، ولا يجهل الإسلام ما أخذناه عنه من الفروسية المثالية والحب العذري.)
                              * * *
                              ويدافع هنرى دى كاسترى، وقد كان مقدمًا فى الجيش الفرنسى، وقضى فى شمال أفريقيا ردحًا من الزمن، عن المرأة المسلمة قائلًا: (من الخطأ الفاضح والغلو الفادح قولهم إن عقد الزواج عند المسلمين عبارة عن عقد تباع فيه المرأة فتصير شيئا مملوكًا لزوجها، لأن ذلك العقد يُخَوِّلُ للمرأة حقوقًا أدبية، وحقوقًا مادية من شأنها إعلاء منزلتها في الهيئة الاجتماعية.)
                              ويصحح فكرة تعدد الزوجات فى الإسلام قائلًا: (إن الناس بالغوا كثيرا في مضار تعدد الزوجات عند المسلمين، إن لم نقل إن ما نسبوه إليه من ذلك غير صحيح.. ..، بل تلك وصمة ألصقت بالإسلام بواسطة السواح الذين يرون أمرًا في فرد، فيجعلونه عامًا من غير تثبيت فيه.)
                              ويقارن الحشمة بين المسلمات والمسيحيات: (ويرى القارىء من جميع تلك الآيات مقدار اهتمام (الإسلام) بمنع عوامل الفساد الناشئة عن التعشق بين المسلمين لكي يجعل الأزواج والآباء في راحة ونعيم .. ولقد (أصبحت) للمسلمين أخلاقًا مخصوصة،عملًا بما جاء في القرآن أو في الحديث، وتولدت في نفوسهم ملكات الحشمة والوقار، وجاء هذا مغايرًا لآداب الأمم المتمدنة اليوم على خط مستقيم، ومزيلا لما عساه كان يحدث عن ميل الشرقيين إلى الشهوات، لولا هذه التعاليم والفروض. والفرق بين الحشمة عند المسلم وبينها عند المسيحي كما بين السماء والأرض).
                              * * *
                              ويرى إيتين دينيه ضرورة تعدد الزوجات، ومقصد الإسلام منها كالآتى: (الإسلام لا ‎‎يكفيه أن يساير الطبيعة، وأن لا يتمرد عليها، وإنما هو يدخل ‏على قوانينها ما يجعلها‎ ‎أكثر قبولا، وأسهل تطبيقا في إصلاح ونظام ورضا ‏ميسور مشكور حتى لقد سمي القرآن لذلك (بالهدى)؛ لأنه المرشد إلى ‏أقوم مسالك الحياة والأمثلة العديدة لا تعوزنا، ولكنا‎ ‎نأخذ بأشهرها وهو ‏التساهل في سبيل تعداد الزوجات ... فمما لا شك فيه أن التوحيد في‎ ‎الزوجة هو المثل الأعلى، ولكن ما العمل وهذا الأمر يعارض الطبيعة ‏ويصادم الحقائق‎ ‎بل هو الحال الذي يستحيل تنفيذه. لم يكن للإسلام أمام ‏الأمر الواقع، وهو دين اليسر، ‎‎إلا أن يستبين أقرب أنواع العلاج فلا يحكم ‏فيه حكما قاطعا ولا يأمر به أمرًا‎ باتا).
                              * * *
                              ويبيِّن الطبيب والمؤرخ الفرنسى جوستاف لوبون فضل الإسلام على المرأة الأوروبية فيقول: (‎إذا أردنا أن نعلم درجة تأثير القرآن في أمر‏‎ ‎النساء وجب علينا أن ننظر ‏إليهن أيام ازدهار حضارة العرب، وقد ظهر مما قصه ‎‎المؤرخون أنه كان لهن ‏من الشأن ما اتفق لأخواتهن حديثًا في أوروبا .. إن الأوروبيين أخذوا عن العرب مبادئ الفروسية وما اقتضته من احترام المرأة، فالإسلام إذن، لا النصرانية هو الذي رفع المرأة من الدرك الأسفل الذي كانت فيه، وذلك خلافًا للاعتقاد الشائع، وإذا نظرت إلى نصارى الدور الأول من القرون الوسطى رأيتهم لم يحملوا شيئًا من الحرمة للنساء. وعلمت أن رجال عصر الإقطاع كانوا غلاظًا نحو النساء قبل أن يتعلم النصارى من العرب أمر معاملتهن بالحسنى).
                              ويقول: (لم يقتصر الإسلام على‎ ‎إقرار مبدأ تعدد الزوجات الذي كان موجودًا قبل ‏ظهوره، بل كان ذا تأثير عظيم في حال ‎‎المرأة في الشرق. والإسلام قد ‏رفع حال المرأة الاجتماعي وشأنها رفعًا عظيمًا بدلًا من‎ ‎خفضهما خلافا ‏للمزاعم المكررة على غير هدى، والقرآن قد منح المرأة حقوقًا إرثية‎ أحسن مما في أكثر قوانيننا الأوربية .. أجل أباح القرآن الطلاق كما أباحته ‏قوانين‎ ‎أوروبا التي قالت به، ولكنه اشترط أن يكون {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} سورة البقرة (241)... وأحسن‎ ‎طريق لإدراك تأثير الإسلام في أحوال النساء في ‏الشرق هو أن نبحث في حالهن قبل‎ ‎القرآن وبعده.)
                              ويقول جوستاف لوبون: (إن حالة [النساء المسلمات] الحاضرة أفضل من حالة أخواتهن في أوروبا ‏حتى عند الترك .. وأن ‎‎نقصان شأنهن حدث خلافًا للقرآن، لا بسبب القرآن. ‏على كل حال .. إن الإسلام .. رفع المرأة كثيرًا، بعيد عما [حدث لها من] إنحطاط، ‏ولم نكن أول من دافع عن هذا الرأي، فقد سبقنا‎ ‎إليه كثيرون.)‏‎
                              ويُجاهر بصراحة رافعًا شأن تعدد الزوجات، منتقدًا اتخاذ الخليلات، فيقول:(إن تعدد الزوجات المشروع عند الشرقيين أحسن من تعدد‎ ‎الزوجات ‏الريائي عند الأوروبيين، وما يتبعه من مواكب أولاد غير شرعيين.)
                              * * *
                              وتؤكد ذلك مارسيل بوازار بقولها: (إن الشعراء المسلمين هم الذين علموا مسيحي أوروبا - عبر إسبانيا - احترام المرأة)
                              وشاء الله أن يُقام الشهود المنصفون من القوم على أنفسهم ومن سار في ركبهم، فهذه امرأة غربية تكشف الحقيقة بممارسة سلوكية واقعية حين تقول الليدى مارى مونتكاد زوجة السفير الإنجليزي في تركيا لشقيقتها: يزعمون أن المرأة المسلمة في استعباد وحجر معيب، وهو ما أود تكذيبه، فإن مؤلفي الروايات في أوروبا لا يحاولون الحقيقة ولا يسعون للبحث عنها، ولولا أنني في تركيا اجتمعت إلى النساء المسلمات ما كان إلى ذلك من سبيل. فما رأيته يكذب كل التكذيب أخبارهم عنها. إلى أن تقول ولعل المرأة المسلمة هي الوحيدة التي لا تعنى بغير حياتها البيتية، ثم إنهن يعشن في مقصورات جميلات. (قالوا عن الإسلام ص425-426)
                              وترى أستاذة في الجامعة الألمانية: أن حل مشكلة المرأة في ألمانيا هو في إباحة تعدد الزوجات (ظلم المرأة: محمد الهبدان، ص78)
                              ويعترف أحد الغربيين الذي هداهم الله للإسلام بأن التعدد في البلاد الإسلامية أقل إثمًا وأخف ضررًا من الخبائث التي ترتكبها الأمم المسيحية تحت ستار المدنية، فلْنخرج الخشبة التي في أعيينا أولًا، ثم نتقدم لإخراج القذى من أعين غيرنا. (قالوا عن الإسلام: ص427)
                              وفي الوقت الذي يؤيد فيه غربي آخر تعدد الزوجات عند المسلمين معتبرًا إياه قانونًا طبيعيا وسيبقى ما بقي العالم، هو في المقابل ينتقد النظام الغربي، ويبيِّن الآثار المترتبة على الإلزام بزوجة واحدة.
                              * * *
                              وينتقد إيتين دينيه عدم وجود تعدد للزوجات فى المسيحية، ممتدحًا إياه فى الإسلام قائلًا: (هل حقيقي أن الديانة المسيحية بتقريرها الجبري‎ ‎لفردية الزوجة‎ ‎وتشديدها في تطبيق ذلك قد منعت تعدد الزوجات؟ وهل يستطيع شخص ‏أن‎ ‎يقول ذلك دون أن يأخذ منه الضحك مأخذه؟‎ [فها هم] مثلا ملوك فرنسا الذين كانت لهم الزوجات ‏المتعددات والنساء الكثيرات، وفي الوقت نفسه لهم من‎ ‎الكنيسة كل ‏تعظيم وإكرام. وإن تعدد الزوجات قانون طبيعي وسيبقى ما بقي العالم،‏‎ ‎لذلك فإن ما فعلته المسيحية لم يأت بالغرض الذي أرادته، فانعكست الآية ‏معها، وصرنا‎ ‎نشهد الإغراء بجميع أنواعه ....
                              إن نظرية الزوجة الواحدة ‏‏(التي) تأخذ بها‎ ‎المسيحية ظاهرًا تنطوي تحتها سيئات متعددة ظهرت ‏على الأخص في ثلاث نتائج واقعية‎ ‎شديدة الخطر جسيمة البلاء، تلك ‏هي الدعارة، والعوانس من النساء، والأبناء غير‎ ‎الشرعيين. إن هذه ‏الأمراض الاجتماعية ذات السيئات الأخلاقية لم تكن تعرف في البلاد ‎‎التي ‏طبقت فيها الشريعة الإسلامية تمام التطبيق وإنما دخلتها وانتشرت فيها ‏بعد ‎الاحتكاك بالمدنية الغربية.)
                              و(جاء في كتاب (الإسلام) تأليف (‎شمتز دوملان) (أنه (عندما غادر ‏الدكتور مافروكورداتو الآستانة سنة 1827 إلى برلين‏‎ ‎لدراسة الطب لم يكن ‏في العاصمة العثمانية كلها بيت واحد للدعارة. كما لم يعرف فيها‎ ‎داء ‏الزهري - وهو السفلس المعروف بالشرق بالمرض الافرنكي - فلما عاد ‏الدكتور بعد أربع‎ ‎سنين تبدل الحال غير الحال. وفي ذلك يقول الصدر ‏الأعظم الكبير رشيد باشا في حسرة‎ ‎موجعة: إننا نرسل أبناءنا إلى أوروبا ‏ليتعلموا المدنية الافرنكية فيعودون إلينا‎ ‎مرضى بالداء الافرنكى.)
                              ويقول أيضًا: (‎إننا نخشى أن تخرج المرأة ‎‎الشرقية إلى الحياة العصرية ... فينتابها ‏الرعب لما تشهده لدى أخواتها الغربيات، ‎‎اللائي يسعين للعيش وينافس ‏في ذلك الرجال، ومن أمثلة الشقاء والبؤس الكثيرة)
                              ويقول أيضًا: (‎إن تعاليم المرأة يساير كل المسايرة جميع تعاليم الدين،‏‎ ‎وقد كان في ‏عصر ازدهار الإسلام يفاض فيضًا على المسلمات، وكانت ثقافتهن حينذاك أرفع‎ ‎من ثقافة الأوربيات دون جدال.)
                              * * *
                              ويقول المؤرخ الأمريكى المعاصر ول ديورانت، صاحب كتاب (قصة الحضارة) مبيِّنا كيف رفع الإسلام المرأة: (‎رفع ‎‎الإسلام من مقام المرأة في بلاد العرب ... وقضى على عادة وأد ‏البنات وسوى بين الرجل‎ ‎والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال ‏المالي، وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل‎ ‎حلال، وأن تحتفظ بمالها ‏ومكاسبها، وأن ترث، وتتصرف في مالها كما تشاء، وقضى‎ ‎على ما اعتاده ‏العرب في الجاهلية من انتقال النساء من الآباء إلى الأبناء فيما‎ ‎ينتقل لهم ‏من متاع، وجعل نصيب الأنثى في الميراث نصف نصيب الذكر، ومنع ‏زواجهن‎ ‎بغير إرادتهن.)
                              وفى الحقيقة إن مقولة أن الذكر يأخذ ضعف نصيب البنت فى الميراث هى مقولة خاطئة على لسان الكثير من الناس، والحقيقة أن الرجل يأخذ ضعف المرأة فى ثلاث حالات فقط، إذا ورث الأخ والأخت من أبيهم أو أمهم، وإذا ورث الأب والأم من أحد أبنائهم الذى لم ينجب بعد، ويرث الزوج من زوجته ضعف ما ترث هى منه. وما عدا ذلك فهم يتساوون فى 17 حالة تقريبًا (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) النساء: 11، وكذلك: إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأختاً لأب: فلكل منهما النصف. (راجع: إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى)
                              وهناك حالات ترث فيها البنت ولا يرث فيها الرجل، مثل: إذا مات وترك بنتًا وأختًا وعمًا: فللإبنة النصف وللأخت النصف ولا شىء للعم. ومثل: لو مات رجل وترك ابنة وزوجة وأباً وأخ شقيق. فالبنت الصلبية تأخذ النصف، والزوجة الثمن، ويأخذ الأب السدس والباقى تعصيبًا، ولا شىء للأخ الشقيق.
                              وهناك حالات يرث فيها الرجل سواء أقل أو أكثر من ضعف ميراث البنت، مثل: لو مات الابن وترك أبًا وأمًا وأخوةَ وأخوات، فترث الأم السدس، ويرث الأب خمسة أسداس تعصيبًا ويحجب الإخوة. فقد ورث الرجل هنا خمسة أضعاف المرأة. وكذلك أيضًا: إذا مات رجل وترك ابناً وست بنات: فالإبن يأخذ الثلث والبنات الثلثين: وفى هذه الحالة سيكون الابن ثلاث أضعاف أى من البنات الستة. فإذا ترك 18000 ألف جنيهاً ، فسيأخذ الابن 6000، وكل بنت تأخذ 2000 جنيهاً. فيكون الأخ أخذ ثلاثة أضعاف أخته. ولا ننسى أنه مكلف بالإنفاق على اخواته.
                              ‎ويبيِّن المؤرخ الأمريكى ول ديورانت كيف قلَّل الإسلام البغاء فى المجتمع الإسلامى: (تفتح الشريعة‎ ‎الإسلامية منافذ كثيرة لإشباع الغريزة الجنسية [عن طريق الزواج وتعدد الزوجات] ولهذا قل البغاء في أيام ‏الرسول  والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.)
                              ويقول عن مركز المرأة المسلمة فى مجتمعها المسلم: (‎كان مركز المرأة المسلمة يمتاز عن مركز المرأة في بعض‎ ‎البلاد ‏الأوروبية من ناحية هامة، تلك هي أنها كانت حرة التصرف فيما تملك، ولا ‏حق‎ ‎لزوجها أو لدائنيه في شيء من أملاكها..)
                              وعن تعليم المرأة يقول: (‎كانت‎ ‎البنات يذهبن إلى المدارس سواء بسواء، ونبغ عدد من النساء ‏المسلمات في الأدب والفن.)‎
                              * * *
                              ويقول الباحث الفرنسى المعاصر والأستاذ بالمعهد الإسلامى الفرنسى جاك. س. ريسلر: ‎(لقد وضعت المرأة على قدم‎ ‎المساواة مع الرجال في القضايا الخاصة ‏بالمصلحة فأصبح في استطاعتها أن ترث، وأن تورث، وأن تشتغل بمهنة ‏مشروعة، لكن مكانها الصحيح هو البيت. كما أن مهمتها‎ ‎الأساسية هي ‏أن تنجب أطفالا .. وعلى ذلك رسم النبي  واجبها (أيما‎ ‎امرأة مات زوجها، وهو راض عنها، دخلت الجنة).. وإن تعدد ‏الزوجات، ‏‎‎بتقييده الانزلاق مع الشهوات الجامحة، قد حق بهذا التشريع ‏الإسلامي تماسك الأسرة،‏‎ ‎وفيه ما يسوغ عقوبة الزوج الزاني)
                              ويمتدح العلاقات الأسرية فى ظل الإسلام، وحنان الأم بأطفالها، ورعايتها لهم والضمان الإجتماعى الذى يوفره الإسلام للأسرة فيقول: (‎كانت الأسرة الإسلامية‎ ‎ترعى دائما الطفل، وصحته، وتربيته، رعاية ‏كبيرة. وترضع الأم هذا الطفل زمنا‎ ‎طويلًا، وأحيانا لمدة أكثر من سنتين، ‏وتقوم على تنشئته بحنان وتغمره بحبها ‎وباحتياطات متصلة. وإذا حدث أن أصاب الموت بعض الأسرة، وأصبحوا يتامى، فإن‎ ‎أقرباءهم المقربين لا ‏يترددون في مساعدتهم وفي تبنيهم.)
                              * * *
                              كما يبيِّن الباحث المهندس أحمد نسيم سوسه، الذى كان يهوديًا من يهود العراق وهداه الله للإسلام، فضل الإسلام على المرأة، فيقول: (يجب‎ ‎ألا يغرب عن البال أن المرأة لم تكن قد حازت ‏حقوقًا تتمتع بها إلا بعد ظهور الإسلام،‎ ‎لأن الإسلام هو أول ‏من رفع قدر المرأة وأعطاها حقها في الحياة كحق ‏الرجل).
                              ويقول أيضًا: (كانت المرأة في ديار العرب قديمًا محض متاع، مجرد ‏ذكرها‎ ‎أمر ممتهن. هكذا كان الوضع حينما جاء النبي ‏ فرفع مقام‎ ‎المرأة في آسيا من وضع المتاع الحقير إلى ‏مرتبة الشخص المحترم، الذي له الحق بالحياة‎ ‎حياة ‏محترمة، وله الحق في أن يملك ويرث المال.)
                              ويعلق على كيفية تبنى الإنجيل حظر الطلاق فى الوقت الذى رأوا أنه ضرورة إجتماعية حتمية، فضربوا بكلام الأناجيل عرض الحائط وقرروه قانونًا: (لقد حرمت المسيحية الطلاق، ولكن في الوقت نفسه نجد ‏أنظمة‎ ‎البلاد المسيحية وقوانينها الرسمية تنص على ‏إباحته. إن المسيحيين أنفسهم قد ضربوا‎ ‎بتعاليم ‏ديانتهم عرض الحائط، ووضعوا القوانين التي تنقضها من ‏الأساس، وما كان ذلك‎ ‎كرها لديانتهم، ولكن رغبة في ‏وضع ما تتطلبه نفسية المجتمع البشري، من نظام يضمن‎ ‎الاطمئنان في علاقات الجنسين ويكفل السعادة البشرية. ‏ولو صحا المسيحيون من غفلتهم، ‎وتأملوا في الأمر، لا تضح ‏لهم أن الإسلام قد سبقهم في هذا المضمار من قبل ثلاثة ‏عشر‎ ‎قرنًا.)
                              ‎ويتعجب من قلة حالات الطلاق لدى المسلمين الذى يشرع دينهم الطلاق، وكثرته فى المقابل عند المسيحيين: (من الغريب أن يصبح الطلاق اليوم عند‎ ‎المسلمين إلى ‏جانب القلة ويكثر عند الغربيين الذين كانوا ينكرونه ‏أشد الإنكار، وما‎ ‎فتىء يزداد مع الزمن انتشارا ‏مطردًا، فإنه يحصل بالولايات المتحدة الأمريكية كل ‏سنة‎ ‎ما ينيف على المائتي ألف طلاق، وفي أوروبا يبت ‏في عشرات الألوف من قضايا الطلاق‎ ‎وعلى الأخص في فرنسا‏. ولا يغيب عن الذهن أن الإسلام مع إباحته الطلاق ‏للضرورة، فإنه ‎يُعَدُّ أبغض الحلال عند الله، كما أنه ورد ‏في القرآن الكريم ما يحتم الرفق بالمرأة، ‎‎ويفرض ‏المحافظة على حقوقها ويقصي الرجل عن الإقدام [على] الطلاق ‏ما أمكن.)
                              فى الحقيقة ارتفعت نسبة الطلاق حاليًا فى كل بلدان العالم، فقد تعدت الـ 60% فى أمريكا، وكذلك ارتفعت فى البلدان الإسلامية، وأقل نسبة هى فى ماليزيا، حيث تناقصت من 32& إلى 7% فى أقل من سنة، حيث فرض رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد على الزوجين أخذ دورة فى كيفية التعامل وحقوق وواجبات كل منهما، ولابد من الحصول على رخصة الزواج، التى تُمنح بناءً على حضور هذه الدورة. وهذا لا يُخالف التشريع الإسلامى، حيث (ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب). وأن الحفاظ على كيان الأسرة، ورعاية الأطفال، وبناء المجتمع اقتصاديًا ونفسيًا وتعليميًا من أهداف الشريعة الإسلامية.
                              * * *
                              ويؤكد المستشرق الفرنسى لويس سيديو على رفع الإسلام للمرأة وكيانها فى ظل الإسلام فيقول: (إن القرآن، وهو دستور المسلمين، رفع شأن المرأة بدلا ‏من خفضه. فجعل حصة البنت في الميراث تعدل نصف حصة أخيها، مع ‏أن البنات كن لا يرثن في زمن الجاهلية. "وهو" وإن جعل الرجال ‏قوامين على النساء، بيَّنَ أن للمرأة حق الرعاية والحماية على زوجها. وأراد ‏ألا تكون الأيامى جزءًا من ميراث رب الأسرة، فأوجب أن يأخذن ما ‏يحتجن إليه مدة سنة، وأن يقيض مهورهن، وأن ينلن نصيبا من أموال المتوفى.)
                              ويقول أيضًا: (لا شي أدعى إلى راحة النفس من ‏‏عناية محمد  بحال اليتامى ‏على الدوام بالأولاد . فهو قد حرم "بأمر الله" عادة الوأد ... وكان يجد في ملاحظة صغار الأولاد أعظم لذة، ومما حدث ذات يوم أنه كان يصلي فوثب الحسين ‏بن على  فوق ظهره، فلم يبال بنظرات الحضور فانتظر ‏صابرًا إلى حين نزوله كما ورد.)
                              ويقول أيضًا: (وما ألطف أقوال محمد عن حنان الأم وحب الوالدين، ... وما أجمل ما فى كلمته: (الجنة تحت ‏أقدام الأمهات) من تكريم الأمهات! فيمكن أن يكتب فصلًا رائعًا من حياة محمد  حول هذا الموضوع.)
                              وقال أيضًا: (أُحلَّ الطلاق فى الإسلام، ولكنه جُعل تابعًا لبعض الشروط، فيمكن ‏الرجوع عنه عند الطيش والتهور. والطلاق، لكي يكون باتا، يجب أن ‏يكرر ثلاث مرات ..... والمرأة إذا ما طُلِّقت الطلقة الثالثة لا تحل لزوجها ‏الأول إلا بعد أن تنكح زوجا آخر، فيطلقها هذا الزوج. وهذا الحكم على ‏جانب عظيم من الحكمة لما يؤدي إليه من تقليل عدد الطلاق، ولا ‏يحق ‏للمرأة أن تطلب الطلاق إلا عند سوء المعاملة.) وفى الحقيقة فقد جانب الكاتب الصواب فى هذه النقطة، فيحق للمرأة أن تطلب الطلاق فى أى وقت شاءت (مع التشديد على حرمانية التلاعب بذلك)، وهذا ما يسميه الشرع الخلع.
                              ويقول أيضًا: (جزاء الزنا صارم (في الإسلام).. ولا بد من أربعة شهود لإثباته. ولميُقصِّر محمد  في منع انتشار الفجور، وله نصائح ‏غالية بهذا‏الصدد، وهو يأمر المؤمنين بالاحتشام، وينظم أمورهم نحو ‏أُجرائهم وأبنائهم وآبائهم وأمهاتهم [فى] رفق أبوي ممزوج بلسان المشترع ‏الوقور الجليل.)
                              * * *
                              وتقول الباحثة الإيطالية فى التاريخ الإسلامى لورا فيشيا فاغليرى: (‎في ما يتصل بالزواج لا تطالب السنة الإسلامية بأكثر من‎ ‎حياة أمينة ‏إنشائية يسلك فيها المرء منتصف الطريق، متذكرا الله من ناحية، ومحترما‎ ‎حقوق الجسد والأسرة والمجتمع وحاجاتها من ناحية ثانية).
                              وتقول أيضًا: (إنه لم يقم الدليل حتى الآن، .. .. على أن تعدد ‏الزوجات هو بالضرورة‎ ‎شر اجتماعي وعقبة في طريق التقدم. ولكنا نؤثر ألا ‏نناقش المسألة على هذا الصعيد.‏‎ ‎وفي استطاعتنا أيضًا أن نصر على أنه ‏في بعض مراحل التطور الاجتماعي، عندما تنشأ‎ ‎أحوال خاصة بعينها، كأن ‏يقتل عدد من الذكور ضخم إلى حد استثنائي في الحرب مثلا،‏‎ ‎يصبح تعدد‎ ‎الزوجات ضرورة اجتماعية. والحق أن الشريعة الإسلامية التي تبدو اليوم‎ ‎وكأنها حافلة بضروب التساهل في هذا الموضوع إنما قيدت تعدد الزوجات ‏بقيود معينة،‏‎ ‎وكان هذا التعدد حرا قبل الإسلام، مطلقا من كل قيد. لكن الإسلام ‏شجب بعض أشكال‎ ‎الزواج المشروط والمؤقت التي كانت في ‏الواقع أشكالًا مختلفة للتسري (المعاشرة‎ ‎من غير الزواج) وفوق ‏هذا منح الإسلام المرأة حقوقًا لم تكن معروفة قط من قبل. وفي استطاعتنا، في كثير من اليسر، أن نحشر الشواهد المؤيدة لذلك.)
                              وتقول أيضًا: (‎القرآن يبيح الطلاق. ومادام المجتمع الغربي قد ارتضى الطلاق‎ ‎أيضًا، واعترف به في الواقع كضرورة من ضرورات الحياة، وخلع عليه في مكان ‏تقريبًا ‎صفة شرعية كاملة، ففي ميسورنا أن نغفل الدفاع عن اعتراف ‏الإسلام به. ومع ذلك فإننا ‎بدراستنا له، وبمقارنتنا بين عادات العرب ‏بالجاهلية وبين الشريعة الإسلامية، نفوز ‎بفرصة نظهر فيها أن القانون ‏الإسلامي قد دشن في هذا المجال

                              تعليق

                              • abubakr_3
                                مشرف عام

                                • 15 يون, 2006
                                • 849
                                • مسلم

                                #60
                                أيضًا إصلاحًا‎ ‎اجتماعيًا. ‏فقبل عهد الرسول  كان العرف بين العرب قد جعل‎ ‎الطلاق عملًا بالغ السهولة .. أما القانون الإلهي فقد سن بعض القواعد ‏التي لا تجيز‎ ‎إبطال الطلاق فحسب، بل التي توصى به في بعض الأحوال ‏‏.. وليس للمرأة حق المطالبة‎ ‎بالطلاق، ولكنها قد تلتمس فسخ زواجها ‏باللجوء إلى القاضي، وفي إمكانها أن تفوز‎ ‎بذلك إذا كان لديها سبب وجيه ‏يبرره.
                                والغرض من هذا التقييد لحق المرأة في المبادرة‎ ‎هو وضع حد ‏لممارسة الطلاق، لأن الرجال يعتبرون أقل استهدفا لاتخاذ القرارات تحت‎ ‎تأثير اللحظة الراهنة من النساء. وكذلك جعل تدخل القاضي ضمانًا لحصول ‏المرأة على‎ ‎جميع حقوقها المالية الناشئة عن إنجاز فسخ الزواج. وهذه ‏القاعدة، والقاعدة الأخرى‎ ‎التي تنص على أنه في حال نشوب خلاف داخل ‏الأسرة يتعين اللجوء إلى بعض الموفِّقين‎ ‎ابتغاء الوصول إلى تفاهم، ‏تنهضان دليلًا كافيا على أن الإسلام يعتبر الطلاق عملًا ‎جديرًا باللوم والتعنيف. والآيات القرآنية تقرر ذلك في صراحة بالغة... وثمة‎ ‎أحاديث نبوية ‏كثيرة تحمل الفكرة نفسها. ..)
                                وتقول عن حجاب المرأة وقيمته فى الحفاظ على عفة المجتمع: و(اجتنابا للإغراء‎ ‎بسوء، ودفعًا لنتائجه، يتعين على المرأة المسلمة أن تتخذ ‏حجابا، وأن تستر جسدها‎ ‎كله، ماعدا تلك الأجزاء التي تعتبر حريتها ضرورة ‏مطلقة كالعينين والقدمين. وليس هذا‎ ‎ناشئًا عن قلة احترام للنساء، أو ‏ابتغاء كبت إرادتهن، ولكن لحمايتهن من شهوات‎ ‎الرجال. ‏‎وهذه القاعدة العريقة في القدم، القاضية بعزل النساء عن الرجال،‏‎ ‎والحياة الأخلاقية التي نشأت عنها، قد جعلت تجارة البغاء المنظمة ‏مجهولة بالكلية‎ ‎في البلدان الشرقية، إلا حيثما كان للأجانب نفوذ أو ‏سلطان. وإذا كان أحد لا يستطيع‏‎ ‎أن ينكر قيمة هذه المكاسب، فيتعين ‏علينا أن نستنتج أن عادة [وهو عبادة وليس عادة] الحجاب ... كانت ‎‎فائدة لا تقدر بثمن للمجتمع ‏الإسلامي.)
                                وتقول عن مكانة المرأة فى المجتمع الأوروبى: (إذا كانت المرأة قد بلغت، من وجهة‎ ‎النظر الاجتماعية في أوروبا، مكانة ‏رفيعة، فان مركزها، شرعيا على الأقل، كان‎ ‎حتى سنوات قليلة جدا، ولا ‏يزال في بعض البلدان، أقل استقلالا من المرأة المسلمة‎ ‎في العالم ‏الإسلامي. إن المرأة المسلمة إلى جانب تمتعها بحق الوراثة مثل إخوتها‏‏، ‎ولو بنسبة صغيرة [وذلك لأن أخوها يعولها وينفق عليها من الزيادة التى حصل عليها، بل ومن ماله الشخصى؛ حتى لو لم يرثا]، ومن حقها في أن لا تزف إلى أحد إلا بموافقتها الحرة، ‏وفي أن لا‎ ‎يسيء زوجها معاملتها، تتمتع أيضًا بحق الحصول على مهر من ‏الزوج، وبحق إعالته ‎‎إياها، وتتمتع بأكمل الحرية، إذا كانت مؤهلة لذلك ‏شرعيا، في إدارة ممتلكاتها‎ ‎الشخصية.)
                                * * *
                                ويقول ليوبولد فايس المفكر والصحافى النمساوى المشهور الذى تسمى باسم محمد أسد بعد إسلامه عن رأيه فى تعدد الزوجات من الناحية البيولوجية والاجتماعية: (إن الشريعة ‎‎الإسلامية، بمقتضى الحكمة التي تأخذ الطبيعة البشرية بعين ‏الاعتبار الكلي دائما،‏‎ ‎لا تأخذ على عاتقها أكثر من صيانة الوظيفة الاجتماعية - ‏البيولوجية للزواج (بما‎ ‎فيها طبعًا العناية بالنسل أيضًا) فتسمح للرجل بأن يتخذ لنفسه ‏أكثر من زوجة واحدة، ولا‎ ‎تسمح للمرأة بأن تتخذ لنفسها أكثر من زوج واحد في ‏الوقت نفسه، في حين أنها تترك‎ ‎للشريكين مسألة الزواج الروحية التي لا يمكن أن ‏تقاس، وبالتالي تقع خارج دائرة ‎‎الشريعة. فمتى كان الحب تامًا كاملًا فعندئذ تنعدم ‏الرغبة عند كل منهما في الزواج ‎‎ثانية ومتى كان الرجل لا يحب زوجته من كل قلبه ‏ولا يرغب مع ذلك في فقدها، فإن‎ ‎بإمكانه أن يتزوج بأخرى... ومهما يكن فإنه لما ‏كان الزواج في الإسلام عقدًا مدنيا ً‎فحسب، فإن في مكنة الشريكين في الزواج أن ‏يلجأ دائمًا إلى الطلاق، خصوصًا وأن الوصمة‎ ‎التي تلصق بالطلاق، سواء بشدة أقل أو ‏أكثر، في المجتمعات الأخرى، معدومة في‎ ‎المجتمع الإسلامى.)
                                ويبرهن وجه نظر الإسلام فى جريمة الزنا قائلًا: (إن الحرية التي تمنحها الشريعة ‎‎الإسلامية كلا من الرجل والمرأة على حد سواء ‏لعقد الزواج أو حل هذا العقد، يفسر‎ ‎السبب الذي من أجله تعتبر هذه الشريعة ‏الزنا من أقبح الآثام: ذلك أنه تجاه هذا ‎التسامح وهذه الحرية لا يمكن أن يكون ‏هناك أيما عذر للوقوع في حبائل العاطفة أو‎ ‎الشهوة....)
                                وقال مادحًا الوضع الذى أعطاه الإسلام للمرأة: (‎جاء النبي  بما لم يُسمع ‎به من قبل: الرجال والنساء سواء أمام ‏الله، وأن جميع الواجبات الدينية مفروضة على‎ ‎الرجل والمرأة على حد سواء. والحق ‏أنه ذهب إلى أبعد من ذلك فأعلن .... أن المرأة شخص‎ ‎بملء حقها وليس لمجرد ‏صلتها بالرجل كأم أو زوجة أو أخت أو ابنة، وأنها لذلك من‎ ‎حقها أن تقتني ملكًا ‏وأن تتعاطى التجارة على حسابها ومسؤوليتها وأن تهب نفسها لمن‎ ‎تشاء عن طريق ‏الزواج)
                                * * *
                                وعن الخطيئة الأزلية التى تحمل المسيحية مسئوليتها للمرأة وحدها يقول المفكر الفرنسى المعروف روجيه جارودى، وأحد كبار زعماء الحزب الشيوعى الفرنسى سابقًا: (إن‎ ‎القرآن، من وجهة النظر اللاهوتية، لا يحدد بين الرجل والمرأة ‏علاقة من التبعية‎ ‎الميتافيزيقية: فالمرأة في القرآن توأم وشريكة ‏للرجل لأن الله خلق [الرجل والمرأة كزوجين، والزوج هو النصف المشابه والمتطابق مع النصف الآخر، وهو أيضًا رأى المفكرة مارسيل بوازار] {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ..} سورة الذاريات (49)
                                ويؤكد جارودى على تفوق وضع المرأة فى الإسلام مقارنة بوضع المرأة فى المسيحية فيقول: (إذا نحن قارنا قواعد القرآن بقواعد جميع المجتمعات‎ ‎السابقة ‏فإنها تسجل تقدمًا لا مراء فيه، ولا سيما بالنسبة لأثينا ولروما ‏حيث كانت‎ ‎المرأة قاصرة بصورة ثابتة.)
                                ويذكر جارودى من حقوق المرأة المسلمة، معترفًا أن هذه الحقوق نالتها المرأة المسيحية بقوانين وضعية ولا علاقة لها بالمسيحية بعد ثلاثة عشر قرنًا بعد المرأة المسلمة: (في القرآن تستطيع المرأة التصرف‎ ‎بما تملك وهو حق لم يعترف ‏لها به في معظم التشريعات الغربية ولا سيما في فرنسا إلا‎ ‎في ‏القرن التاسع عشر والعشرين. أما في الإرث فصحيح أن للأنثى نصف ما للذكر [وهى ليست مطلقة هكذا فى الإسلام، فالذكر يأخذ ضعف الأنثى فى ثلاث حالات فقط: إذا كانت أخته والميراث من الأب أو الأم، فى حالة وراثة الزوج من زوجته، ولو ورث الزوج وزوجته من ابنهما الذى ليس له وارث غيرهما]، إلا ‎‎أنه بالمقابل تقع جميع الالتزامات وخاصة أعباء ‏مساعدة [الأخت أو الزوجة أو] أعضاء الأسرة الآخرين على ‎‎عاتق الذكر. والمرأة معفاة ‏من كل ذلك. والقرآن يعطي المرأة حق طلب الطلاق وهو ما‎ ‎لم ‏تحصل عليه المرأة في الغرب إلا بعد ثلاثة عشر قرنا.)
                                أما عن تعدد الزوجات فيقول روجيه جارودى: (في القرآن إقرار بتعدد الزوجات. إلا أن هذا التعدد لم‎ ‎يؤسسه ‏هو، كان موجودًا من قبل (وهو موجود كذلك في التوراة وفي ‏الإنجيل)، وقد فرض‎ ‎عليه، على العكس، حدودًا مثل العدل التام ‏بين مختلف الزوجات في الإنفاق والمحبة‎ ‎والمعاشرة الجنسية، ‏وهي قواعد إذا ما جرى تطبيقها بحرفيتها تجعل تعدد الزوجات‎ ‎مستحيلًا.)
                                ويذكر الغرب أن المعاملة الرقيقة التى تتمتع بها المرأة الغربية من قبل زوجها أو أبيها أو أخيها أو غيرهم ترجع فى أصولها إلى الإسلام، فقال: (يحسن ألا ننسى أن جميع ألوان الرقة في الحب والشفافية ‏فيه...على نحو ما ظهر في الغرب لدى شعراء التروبادور ... وفي ‏قصائد دانتي ..‏‎ ‎من أصول عربية إسلامية.)
                                * * *
                                أما إمام المستشرقين الإنجليز، وأستاذ اللغة العربية فى جامعة لندن فى عام 1930، وبجامعة أكسفورد منذ سنة 1937 والعضو المؤسس فى المجمع العلمى المصرى، وأحد محررى دائرة المعارف الإسلامية السير هاملتون روكسين فيقول عن حماية الإسلام للمرأة وحفاظه على شعورها: (‎حين ننتهي من‎ ‎حذف الانحرافات (الفقهية المتأخرة) وشجبها، تعود ‏تعاليم القرآن والرسول  الأصلية إلى الظهور في ‏كل نقائها ورفعتها وعدالتها المتساوية إزاء الرجل‎ ‎والمرأة معا. عندئذ نجد ‏أن هذه التعاليم تعود إلى المبادىء العامة وتحدد الفكرة‎ ‎التي تجب أن ‏يوضع ويطبق القانون بمقتضاها أكثر من أن تعين صيغًا حقوقية حاسمة. ‏وهذه‎ ‎الفكرة، فيما يخص المرأة، لا يمكنها إلا أن تكون نابضة بالود ‏الإنساني و‎بشعور ‎‎الاحترام لشخصيتها والرغبة في محو الأضرار التي ألحقها بالمرأة ‏سير المجتمع سيرًا‎ ‎قاسيًا وناقصًا فيما مضى. وبعدما ننتهي من ‏استخلاص هذه الفكرة وهضمها، يمكننا أن‎ ‎نفهم التشريع الخاص بالقرآن ‏فهما صحيحًا. حالما نتوصل إلى ذلك نرى أن الموقف‎ ‎الإسلامي تجاه ‏المرأة، والطريقة الإسلامية في فهم شخصيتها ونظامها الاجتماعى، ‎وطريقة حماية التشريع الإسلامي لها، تفوق كثيرًا ما هي عليه في ‏الديانات الأخرى.)
                                وعن المرأة المسلمة والعدل بينها وبين الرجل تقول الليدى إيفيلين كوبولد احدى النبيلات الإنجليزيات الاتى اعتنقن الإسلام: (لما جاء الإسلام رد للمرأة‎ ‎حرياتها، فإذا هي قسيمة الرجل لها من الحق ‏ما له وعليها ما عليه ولا فضل له عليها‎ ‎إلا بما يقوم به من قوة الجلد ‏وبسطة اليد، واتساع الحيلة، فيلي رياستها، فهو لذلك‎ ‎وليها، يحوطها بقوته، ‏ويذود عنها بدمه، وينفق عليها من كسب يده، فأما فيما سوى ذلك‎ ‎فهما ‏في السراء والبأساء على السواء. وذلك ما أجمله الله بقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} سورة البقرة (228).
                                وهذه الدرجة هي ‏الرعاية والحياطة لا‎ ‎يتجاوزها إلى قهر النفس وجحود الحق، وكما قرن الله ‏سبحانه بينهما في شؤون الحياة،‏‎ ‎قرن بينهما في حسن التوبة وادخار ‏الأجر وارتقاء الدرجات العليا في الدنيا والآخرة.‏‎ ‎وإذا احتمل الرجل مشقات ‏الحياة، ومتاعب العمل وتناثرت أوصاله، وتهدم جسمه في سبيل‎ ‎معاشه ‏ومعاش زوجه فليس ذلك بزائد مثقال حبة عن المرأة إذا وفت لبيتها ‏وأخلصت لزوجها ‎‎وأحسنت القيام في شأن دارها.)
                                * * *
                                ويمتدح المفكر الإنجليزى عبد الله كويليام تحرير الإسلام للعباد من عبادة العباد إلى عبادة وتقديس رب العباد، وتحريره للمرأة وقضائه على الرهبنة التى يزعمونها والفساد اللاأخلاقى الذى يظهر من تحت عباءتها، فيقول: (‎إن زعماء النصرانية أبدلوا دين‎ ‎المسيح  بما كانت ترمي إليه ‏أهواؤهم، وأوجدوا عقائد أخرى من تلقاء ذاتهم، ‎‎وتظاهروا في مقاومه ‏الشهوات البشرية بالرهبنة والعزوبية، واتخذوهما ستارًا للفسق ‎ولأعمالهم التضليلية، حتى ضل الناس، وأشركوا بالواحد القهار واتخذوا لفيفًا ‏من هؤلاء ‎‎القديسين والرهبان أربابًا من دون الله، فلما جاء الإسلام استأصل ‏شأفة هذه الخزعبلات، ‎‎وقضى على جميع الأباطيل، والترهات، وأقيمت الحجة ‏الثابتة على استهجان العزوبية، ‎‎واعتبار الزواج كدليل للتقوى الحقيقية، وأنه ‏من أوليات القواعد الدينية إذ فيه بيان‎ ‎قدرة الخالق ووحدانيته وجلاله، فالإسلام هو الذي حض على الزواج وأبطل الرهبنة.)‎
                                ويقول أيضًا: (أما تعدد الزوجات فإن موسى  لم يحرمها ‎‎وداود  ‏أتاها وقال بها ولم تحرم في العهد الجديد (أي الإنجيل) .. إلا من عهد غير ‏بعيد. ولقد أوقف محمد  الغلو فيها عند حد ‏معلوم. وعلى‏‎ ‎كل حال فإن مسألة تعدد الزوجات أمر شاذ كثيرًا عن ‏الدستور المعمول به في البلاد‎ ‎الإسلامية المتمدنة .. وهو بكل ما قيل فيه ‏من القول الهراء لا يخلو من الفائدة فقد‎ ‎ساعد على حفظ حياة المرأة ‏وأوجد لها في الشريعة حسن المساعدة. وتعدد الزوجات في‎ ‎البلاد ‏الإسلامية أقل إثما، وأخف ضررًا من الخبائث التي ترتكبها الأمم المسيحية ‏تحت‎ ‎ستار المدنية. فلنخرج الخشبة التي في أعيننا أولا ومن ثم نتقدم ‏لإخراج القذى من‎ ‎أعين غيرنا.) هذا لو كان بأعين غيرهم قذى.
                                وجاء يسوع/يهوه ولم يحرم تعدد الزوجات، ولا أى قانون من قوانين العهد القديم، بل جاء متبعًا تمامًا ما جاء به الأنبياء من قبله: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
                                ويقول أيضًا المفكر الإنجليزى عبد الله كويليام: (جاء في القرآن {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} سورة النساء (3). فيما‎ ‎يتعلق بمسألة تعدد ‏الزوجات التي تنتقدون فيها على المسلمين ظلمًا وعدوانًا. إذ لا شك ‎‎في ‏أنكم تجهلون عدل النبي  بين أزواجه {رضوان الله ‏عليهن} ‎وحبه فيهن حبًا مساويًا مما علَّم المسلمين الانتماء والإنصاف ‏بينهن. على أن القرآن لم ‎يأمر بتعدد الزوجات بل جاء بالحظر مع الوعيد ‏لمن لا يَعْدِل في الآية المتقدمة، ولذلك‎ ‎ترى اليوم جميع المسلمين منهم ا‎لقليل لا يتزوجون إلا امرأة واحدة خوف الوقوع تحت‎ ‎طائلة ما جاء من الإنذار ‏في القرآن المجيد. .... ولا نسلم بالاعتراف .... بحصر الزواج في امرأة واحدة إذعانًا للقانون ‏واتخاذ عدة‎ ‎أزواج أخريات [غير شرعيات] من وراء الجدار.)
                                وعن حقوقهن أمام الله يقول المفكر الإنجليزى عبد الله كويليام: (ورد في‎ ‎القرآن نصوص كثيرة تثبت أن النساء لا يعاقبن في الدار الآخرة ‏فقط على ما أتين من ‎سيء الأعمال، بل كذلك يجازين خير الجزاء على ما ‏يعلنه من طيب أعمالهن بمثل ما يكون‎ ‎للرجال. وعلى ذلك نرى أن ‏الله [سبحانه] لا تمييز عنده في الإسلام بين الأجناس.)
                                * * *
                                ويقول النحَّات والناقد الفنى الإنجليزى، وأستاذ الدراسات الإسلامية والأسيوية روم لاندر: (‎يوم كانت النسوة يعتبرن، في العالم‎ ‎الغربي، مجرد متاع من الأمتعة، ‏ويوم كان القوم هناك في ريب جدى من أن لهن أرواحًا، ‎كان الشرع ‏الإسلامي قد منحهن حق التملك. وتلقت الأرامل نصيبًا من ميراث أزواجهن‏‏،‏‎ ‎ولكن البنات كان عليهن أن يقنعن بنصف حصة الذكر [وقلنا من قبل أن المرأة تأخذ نصف أخيها أو زوجها لما عليه من تبعات مالية تجاهها وتجاه آخرين أو أخريات من العائلة].. إلا أن علينا أن لا ‏ننسى أن‎ ‎الأبناء الذكور وحدهم كانوا، حتى فترة حديثة نسبيًا، ينالون في ‏الديار الغربية حصة‎ ‎من الإرث).
                                * * *
                                أما الأستاذ الدكتور الباحث الإنجليزى لايتنر، والحاصل على أكثر من شهادة دكتوراة فى الشريعة والفلسفة واللاهوت، فيقول عن الزواج فى الإسلام: (إن الزواج عند‎ ‎المسلمين يجل عما رماهم به كتاب النصارى. والقول بأنه لا يوجد حد ‏للزواج والطلاق‎ ‎عند المسلمين فغير صحيح، والطلاق عندهم ليس هو بالأمر الهين، فعدا عن ‏وجود‎ ‎المحكمين، فعلى الرجل أن يدفع صداقها المسمى عند إجراء العقد، وهذا غالبا يكون فوق ما‎ ‎يقدر زوجها على إيفائه بسهولة، فمركز المرأة بالإسلام قوي مؤمن من الطلاق. إن‎ ‎النصارى ‏والبوذيين يرون الزواج أمرًا روحيًا ومع ذلك نرى عقدة النكاح محترمة عند‎ ‎المسلمين أكثر مما ‏هي محترمة في البلاد المسيحية ... ويسوءني أن أذكر ما ليس لي مناص‎ ‎من ذكره وهو أنني ‏سكنت بين المسلمين أربعا وخمسين عاما، ابتداءً من سنة 1848 فمع وجود‏‎ ‎التساهل في أمر ‏الطلاق عندهم وعسره عند النصارى، فقد وقع حوادث طلاق عند النصارى‎ ‎أكثر مما وقع عند ‏المسلمين بكثير. وإني أقول الحق بأن الشفقة والإحسان عند‎ ‎المسلمين نحو عيالهم والغرباء ‏والمسنين والعلماء لمثال‎ مجد يجب على النصارى أن‎ ‎يتقدوا به.)
                                وعن تعدد الزوجات يقول الدكتور لايتنر: (أما تعدد الزوجات، فإنا بقطع النظر عن منافعه‎ ‎الحقيقة، لأنه يقلل النساء الأماكن التي هن فيه ‏أكثر من الرجال،وبقطع النظر عن‎ ‎أنه يقلل وجود لمومسات وأضرارهن، ويمنع مواليد الزنا، ‏فلا يمكننا أن ننكر بأن‎ ‎أكثر المسلمين ذو زوجة واحدة. والسبب في ذلك هو تعليم دين الإسلام ‏لقد أتى محمد  بين أمة تعد ولادة الأنثى شرًا عظيمًا عليهم، وهكذا كانوا ‏يئدونها،‏‎ ‎ولم يكن للرجال حد يقفون عنده من جهة الزواج، وكانوا يعدون النساء من جملة المتاع، ‎‎ويرثونها من بعد موت بعلها. فجعل  لهذه الحالة حدًا، فلا يقدر ‎‎الرجل أن ‏يتزوج بأكثر من أربع نساء بشرط المساواة بينهن في كل شي، حتى فى المحبة‎ ‎والوداد، فإن لم ‏يكن قادرا ًعلى كل ذلك، فلا يباح له أن يتزوج غير واحدة .ومن يتدبر‎ ‎شريعته يرى أنه قد ‏حض على الزواج بامرأة واحدة، ولقد رفع مقام المرأة ورقاها رقيا عظيمًا، فإنها بعد ما كانت ‏تعد كمتاع مملوك صارت مالكة، وحكمها مؤيد وحقوقها‎ ‎محفوظة.)
                                ويقول أيضًا: (أما بخصوص الرهبانية فليس لها وجود في الإسلام، ‏‎‎وتكاد لا ترى امرأة غير متزوجة، ‏وقصاص الزنا متساوٍ فيه الرجل والمرأة ... والشريعة‎ ‎الإسلامية لا تسمح بإهانة أولاد المملوكة، وهم يرثون أبناءهم مع أولاد السيدة ...‎ وليس في الإسلام محلات للفاجرات، ولا قانون يبيح ‏انتشار المومسات. ومسامرات‎ ‎المسلمين العمومية خير مما هي في أوروبا. ومسامرات شبان ‏المسلمين في المدراس خير‎ ‎وأطهر من مسامرات شبابنا..‏‎
                                والحق أولى أن يقال: فإن كثيرًا من كلام شبان الإنكليز ‎لو قاله أحد في بلاد المسلمين لنال قائله ‏القصاص الصارم. وللمرأة المسلمة مركز‎ ‎شرعي خير من مركز المرأة الإنكليزية بكثير.)
                                * * *
                                ويتغزَّل أستاذ الفلسفة الدكتور المسيحى نظمى لوقا فى النظم والشرائع التى أتى به الإسلام للمرأة، فيقول: (‎المرأة في الإسلام إنسان له حقوق الإنسان وكل تكاليفه‎ ‎العقلية ‏والروحية فهي في ذلك صنو الرجل تقع عليها أعباء الأمانة التي تقع عليه‎، ‎أمانة العقيدة والإيمان وتزكية النفس .. وقد نجد هذا اليوم من بدائة الأمور.‏‎ ‎ولكنه لم يكن كذلك في العالم القديم، في كثير من الأمم حيث كانت ‏المرأة تباع‎ ‎أحيانا كثيرة كما تباع السلعة .. وكانت في كثير من الأحيان ‏منقوصة الأهلية لا تمارس‎ ‎التصرفات المالية والقانونية إلا عن طريق وليها ‏الشرعي أو بموافقته، بل لم تكن‎ ‎تملك تزويج نفسها على الخصوص، ‏وإنما الأمر في ذلك لوليها يجريه على هواه. وأكثر من‎ ‎هذا، كانت قبائل ‏العرب في الجاهلية تئد البنات كراهة لهن وازدراء لشأنهن، ومن لم‎ ‎يئدهن ‏كان يضيق بهن ضيقًا شديدًا).
                                ويقول الدكتور نظمى لوقا: (في سور القرآن إشارات إلى‎ ‎المساواة عند الله بين الذكر والأنثى بغير ‏تفريق في التكليف أو الجزاء، وإشارات‎ ‎صريحة لمساواة المرأة والرجل في ‏ثمرات الأعمال والجهود .. وفي بعض الأمم القديمة،‏‎ ‎والحديثة، كانت ‏المرأة تحرم غالبًا من الميراث، فأبى الإسلام هذا الغبن‎ ‎الفاحش).
                                ويقول أيضًا: (ليس الإسلام - على حقيقته - عقيدة رجعية تفرق بين‎ ‎الجنسين في ‏القيمة. بل إن المرأة في موازينه تقف مع الرجل على قدم المساواة. لا‎ ‎يفضلها إلا بفضل، ولا يحبس عنها التفضيل إن حصل لها ذلك الفضل بعينه ‏في غير مطل أو‎ ‎مراء، وما من امرأة سوية تستغني عن كنف الرجل بحكم ‏فطرتها‎ الجسدية والنفسية على‎ ‎كل حال. وذلك حسب عقيدة لتكون صالحة لكل ‏طور اجتماعي على تعاقب الأطوار والعصور،‏‎ ‎على سنة العدل التي لم يجد ‏لها عصرنا اسمًا أوفق من (تكافؤ الفرص)، الذي يلغي كل ‎التفريق، ‏ويسقط كل حجة، ويقضي على كل تميز إلا بامتياز ثابت صحيح).
                                ويقول أيضًا: (العلاقة الزوجية في الإسلام" ليست مسافدة حيوانية بين ذكر‎ ‎وأنثى، ‏على إطلاق بواعث الرغبة والاشتهاء الغريزي بين جنسي النوع البشري ‏لغير هذا‎ ‎قامت كوابح الآداب وضوابط الشرائع والعقائد: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} سورة الروم (21)، وإني لأرى في‎ ‎قوله (من أنفسكم) لمسة تمس ‏شغاف القلب وتذكر بما في الزواج من قربى تجعل الزوجة ‎‎قطعة من ‏النفس‎
                                ثم أردف ذلك بالسكن، وما أقرب السكن في هذا الباب من سكنية‎ ‎النفس ‏لا من مساكنة الأجساد! بدليل ما أردف بذلك من المودة والرحمة .. وتلك ‏عليا‎ ‎مناعم المعاشرة الإنسانية، بما فيها من غلبة الروح على نزوات ‏الأجساد ودفعات‎ ‎الرغبة العمياء. فالزواج مطلب نفسي وروحي عند ‏الإنسان،‏‎ وليس مطلبًا شهويًا جسديًا‎ ‎وان كان له أساس جسدي.)
                                ويقول عن الزواج: (‎كان لابد من إصلاح ما بين الإنسان‎ ‎ونفسه التي بين جنبيه بعقيدة ‏موفقة بين الدين والدنيا، وقد نهض بهذا الإسلام، ‎وكانت سنته في الزواج ‏كفاء خطته في جوانب الهداية البشرية الفطرية، لتحرير البشر ‎‎من الذعر ‏والخزي وعقدة الإثم الشوهاء التي كبلته ولم تزل تكبل الكثيرين عن ‏انطلاقة‎ ‎الحياة وسوء الفطرة.)
                                * * *
                                وترى الأمريكية البروتستانتية سالى جان مارش والحاصلة على الماجستير فى العلوم السياسية من واشنطن على القيود التى يدعيها المرء على المرأة: (على فرض وجود بعض‎ ‎القيود على المرأة المسلمة في ظل الإسلام، ‏فإن هذه القيود ليست إلا ضمانات لمصلحة ‎‎المرأة المسلمة نفسها، ‏ولخير الأسرة، والحفاظ عليها متماسكة قوية، وأخيرًا فهي‎ ‎لخير المجتمع ‏الإسلامي بشكل عام).
                                وتقول عن الجوانب الأخلاقية فى المجتمع الإسلامى: (لقد لاحظت أن المشكلات (‎‎العائلية التي يعانى منها الغرب) لا وجود لها ‏بين الأسرة المسلمة التي تنعم‎ ‎بالسلام والهناء وكذلك الحب فلا الزوج ولا ‏زوجته في ظل الإسلام يعرفان شيئا عن موعد‎ ‎العشاق ومودة الصديقات ‏السائدين هذه الأيام في الأقطار غير الإسلامية. لقد أحببت‎ ‎هذا الجانب ‏من الحياة الإسلامية حبًا كثيرًا، لأنه يمنح الزوج والزوجة والأبناء ما‎ ‎لا بد ‏لهم عنه من حب وإخلاص وسلام يعمر حياتهم. وليس ذلك فحسب بل ‏بفضل هذا الإخلاص‎ ‎في العلاقات الزوجية بين المسلمين، هم واثقون أن ‏أبناءهم حقًا من صلبهم غير دخلاء‎ ‎عليهم. وهذا مفقود في المجتمعات ‏الأخرى.)
                                * * *
                                وبعد دراسة وتحقيق وجدت الباحثة منى عبد الله ماكلوسكى التى تعمل قنصلًا لبلادها ألمانيا فى بنجلاديش: (‎في ظل الإسلام استعادت المرأة حريتها واكتسبت مكانة‎ ‎مرموقة. ‏فالإسلام يعتبر النساء شقائق مساوين للرجال، وكلاهما يكمل الآخر.)
                                وتقول عن إنجازات الإسلام للمرأة: (لقد دعا الإسلام إلى تعاليم المرأة، وتزويدها بالعلم ‎‎والثقافة لأنها بمثابة ‏مدرسة لأطفالها. قال رسول الله : (طلب‎ ‎العلم ‏فريضة على كل مسلم ومسلمة). كما منح الإسلام المرأة حق التملك ‏وحرية‎ ‎التصرف فيما تملك. وفي الوقت الذي نرى فيه أن المرأة في أوروبا ‏كانت محرومة من‎ ‎جميع هذه الحقوق إلى عهد قريب جدًا، نجد أن الإسلام ‏منح المرأة بالإضافة إلى ما تقدم‎ ‎حق إبرام العقود للزواج. والمهر في نظر ‏الإسلام هو حق شخصي للمرأة. والمرأة في‎ ‎الإسلام تتمتع بحرية الفكر ‏والتعبير.)
                                وتقول: (‎إن المرأة‎ ‎المسلمة معززة مكرمة في كافة نواحي الحياة، ولكنها ‏اليوم مخدوعة مع الأسف ببريق‎ ‎الحضارة الغربية الزائف. ومع ذلك فسوف ت‏كتشف يومًا ما كم هي مضلَّلة في ذلك، بعد أن‎ ‎تعرف الحقيقة.)
                                وتقول: (إن الإسلام يحضنا على القيام بالعمل المثمر،‎ ‎شريطة أن نلتزم نحن ‏النساء بالحشمة في لباسنا، وأن نستر جمال أجسادنا. وعلينا أن‎ ‎نكون ‏جادين‎
                                في حديثنا. وهكذا فالإسلام لا يمنع المرأة من ممارسة أى عمل شريف‏‎ ‎يناسب طبيعتها. إلا أن أقدس واجب على المرأة هو واجبها الطبيعي في ‏خدمة أسرتها‎ ‎والعناية بأعضائها لأن جزاءها على هذا يعادل أجر المقاتلين ‏في سبيل الله، والمرأة‎ ‎المسلمة مازالت تقوم بهذه الواجبات بكل اعتزاز.)
                                * * *
                                أما الصحفية الإنجليزية روز مارى هاو التى ولدت فى عائلة نصرانية متدينة، ولكنها مع بلوغها مرحلة الوعى بدأت تفقد قناعتها الدينية السابقة، وتطلعت إلى دين يمنحها الجواب المقبول، وفى عام 1977 أعلنت إسلامها، وتعمل حاليًا فى صحيفة (الأراب تايمز) الكويتية، فتقول عن حجاب المرأة المسلمة: (‎الحجاب شيء أساسي في الدين‎ ‎الإسلامي لأن الدين ممارسة عملية ‏أيضًا، والدين الإسلامي حدد لنا كل شيء: كاللباس‎ ‎والعلاقة بين الرجل ‏والمرأة والحجاب الذى يحافظ على كرامة المرأة ويحميها من نظرات‎ ‎الشهوة، ‏ويحافظ على كرامة المجتمع ويكف الفتنة بين أفراده. لذلك فهو يحمي ‏الجنسين‎ ‎من الانحراف. وأنا أؤمن أن السترة ليست في الحجاب فحسب، بل يجب أن تكون العفة‏‎ ‎داخلية أيضًا، وأن تتحجب النفس عن كل ماهو ‏سوء.)
                                ‎وترى أيضًا: أن (‎الإسلام قد كرم المرأة وأعطاها حقوقها كإنسانة، وكامرأة، وعلى ‏عكس ما يظن الناس ‎من أن المرأة الغربية حصلت على حقوقها ... فالمرأة ‏الغربية لا تستطيع مثلًا أن تمارس ‎‎إنسانيتها الكاملة وحقوقها مثل المرأة ‏المسلمة. فقد أصبح واجبا على المرأة في‎ ‎الغرب أن تعمل خارج بيتها ‏لكسب العيش. أما المرأة المسلمة فلها حق الاختيار، ومن‎ ‎حقها أن يقوم ‏الرجل بكسب القوت لها ولبقية أفراد الأسرة. فحين جعل الله سبحانه ‎‎وتعالى للرجال القوامة على النساء كان المقصود هنا أن على الرجل أن ‏يعمل ليكسب قوته‎ ‎وقوت عائلته. فالمرأة في الإسلام لها دور أهم وأكبر من ‏مجرد الوظيفة، وهو الإنجاب ‎‎وتربية الأبناء، ومع ذلك فقد أعطى الإسلام ‏للمرأة الحق في العمل إذا رغبت هي في‎ ‎ذلك، وإذا اقتضت ظروفها ذلك.)
                                * * *
                                وتقول روز مارى عن علاقة الزوجين: (أنا أفهم أن الإسلام ‎يعتبر الزوج أقرب صديق لزوجته، إذ تكن له كل ما ‏في نفسها، لأن الزواج في الإسلام ‎علاقة حميمة مبنية على شريعة الله ‏لا تضاهيها العلاقات العادية الأخرى.)
                                * * *
                                أما الدكتورة زيجريد هونكه المستشرقة الألمانية المعاصرة، وصاحبة (شمس الله تشرق على الغرب) و(الله ليس كذلك) فتقول: (إن احترام العرب لعالم ‎النساء واهتمامهم به ليظهران بوضوح ‏عندما نرى أنهم خَصُّوه بفيض من العطور وبأنواع‎ ‎الزينة، التي ‏وإن لم تكن غير مجهولة قبلهم، إلا أنها فاحت بثروة الشرق ‏العطرية‎ ‎الزكية، وبالأساليب الفائقة في تحضيرها. كذلك فإن ‏العثنون الذي كان يزين الوجوه‎ ‎الحليقة، منذ حملات الصليبيين، ‏على طريقة النبي محمد  قد أصبح‎ ‎نموذجا يقلده ‏الرجال.)
                                وتقول عن فضل الإسلام على المرأة الأوروبية: (‎قاوم العرب كل التيارات المعادية‎ ‎للمرأة واستطاعوا القضاء ‏على هذا العداء للمرأة والطبيعة، وجعلوا من منهجهم‎ ‎مثالًا احتذاه ‏الغرب ولا يملك الآن منه فكاكًا، وأصبح الاستمتاع بالجمال جزءًا من‎ ‎حياة الأوروبيين شاءوا أم أبوا.)
                                وتقول عن مكانة المرأة المسلمة: (ظلت المرأة في الإسلام‎ ‎تحتل مكانة أعلى وأرفع مما احتلته في ‏الجاهلية. ألم تكن خديجة  زوجة ‎النبي  الأولى، التي عاش معها أربعة وعشرين عاما، أرملة لها ‎شخصيتها ومالها ومكانتها الرفيعة في مجتمعها؟ لقد كانت نموذجًا ‏لشريفات العرب، أجاز لها الرسول  أن تستزيد من العلم والمعرفة ‏كالرجال‎ ‎تماما؛ وسار الركب وشاهد الناس سيدات يدرسن ‏القانون والشرع ويلقين المحاضرات في ‎‎المساجد ويفسرن أحكام ‏الدين. فكانت السيدة تنهي دراستها على يد كبار العلماء، ثم‎ ‎تنال منهم تصريحًا لتدريس ما تعلمته هي بنفسها ، فتصبح الأستاذة ‏الشيخة. كما لمعت من بينهن أديبات وشاعرات، والناس لا ترى ‏في ذلك غضاضة أو خروجًا على التقاليد.)
                                وتنتقد ما حدث لها على يد الحكام الذين انتسبوا إلى الإسلام، فتقول: (إن النساء في صدر الإسلام لم يكن مظلومات أو مقيدات،‏‎ ‎ولكن ‏هل دام هذا طويلًا؟ لقد هبت على قصور العباسيين رياحًا جديدة ‏قدمت من الشمال ‎‎فغيرت الأوضاع، وقدم الحريم من الجاريات ‏الفارسيات واليونانيات .. وكان أن حرمت‎ ‎المرأة العربية من ‏مكانتها الرفيعة في المجتمع وقيدت حرياتها حين سيطرت على‎ ‎المجتمع العادات الفارسية القديمة. والإسلام برىء من كل ما حدث، والرسول  لم يأمر قط بحجب النساء عن المجتمع. ‏لقد أمر المؤمنين من الرجال والنساء ‎‎على حد سواء، بأن يغضوا ‏الطرف وأن يحافظوا على أعراضهم وأمر النساء بألا يظهرن من‎ ‎أجسادهن إلا ما لا بد من ظهوره، وألا يظهرن محاسن أجسادهن إلا ‏في حضرة أزواجهن.)
                                وتقول عن الزواج فى الإسلام: (الإسلام قدس الزواج وطالب بالعدل بين الزوجين أو الثلاث أو ‎‎الأربع في المعاملة. {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} سورة النساء (3). أليس هذا ‏نصًا صريحًا يطلب‎ ‎فيه من المؤمنين ألا يتزوجوا بأكثر من واحدة، إلا ‏إذا كان في استطاعتهم تحري العدل‎ ‎بين النساء؟)
                                * * *
                                ويقول مونتجومرى وات عميد الدراسات العربية فى جامعة أدنبرا سابقًا: (‎إن الفكرة الرائدة‎ ‎في القرآن، هي أنه إذا تبنى المسلمون تعدد الزوجات‏‏، فإن جميع الفتيات اللواتي هن‏‎ ‎في سن الزواج يمكنهن الزواج بصورة ‏حسنة .. .. تعدد ‏الزوجات يسمح للنساء الكثيرات بالزواج‎ ‎الشريف، كما يضع حدًا لاضطهاد ‏الأرامل اللواتي تحت الوصاية، كما يخفف من إغراء‎ ‎الزواج المؤقت الذي ‏يسمح به مجتمع عربي ذو عوائد أميَّة. ويجب اعتبار هذا الإصلاح،‏ ‎بالـنظر ‏لبعض العادات السائدة آنذاك، تقدمًا مهمًا في تنظيم المجتمع.)
                                ويقول: (لقد قام محمد  في ميدان الزواج والعلاقات‏‎ ‎العائلية‏‏، بتنظيم عميق واسع للبناء الاجتماعي. وقد وجدت قبله نزعات جديدة ‏فردية،‏‎ ‎ولكن أثرها كان هدامًا أكثر منه بناء.)
                                ويقول: (كانت التشريعات القرآنية تهدف إلى أن لا يتعدى الوصي على‎ ‎حقوق أي ‏قاصر أو امرأة في الميراث الطبيعي.)
                                وقال واندر: (‎‎من خلال‎ ‎معايشتي للمسلمين اكتشفت العلاقة الرائعة بين أفراد ‏الأسرة المسلمة، وتعرفت كيف‎ ‎يعامل الآباء المسلمون أبناءهم، وعرفت ‏العلاقة الوثيقة التي تربط أفراد الأسرة ‎‎المسلمة، كما أعجبت بالمكانة ‏التي يتمتع بها كبار السن بين المسلمين. وفي الوقت‎ ‎الذي أجد فيه كبار ‏السن في الغرب وفي بلادي أمريكا، قمة الحضارة الغربية المادية‎ ‎المعاصرة، يلقى بهم في مؤسسات العجزة، وينبذون فلا يلتفت إليهم ‏أحد، أجد الجد ‎‎والجدة المسلمين في مركز الأسرة وبؤرتها من حيث ‏الحفاوة والتكريم. لقد أحببت ذلك‎ ‎كثيرا ...)
                                فهل تعتقد أن مثل هذه العظمة والسمو، التى تكلم بها الإسلام عن المرأة يحتاج إنسان ما إلى تخبئتها؟ إنها نقطة من أقوى ما جاء به الإسلام، وسبب لفخر أى مسلم يفهم دينه حق الفهم. فمن الذى يتفادى التفاخر بمصدر عزه وأصل من أصول قوته؟! إنه لفخر للمسلم أن يُظهر نقاط القوة هذه للغرب؟ إن الغرب لو عرف فقط هذه الحقائق عن المرأة فى الإسلام لسارع إلى اعتناقه، ولتقاتل مع غيره ليكون له السبق فى الإنتماء لهذا الدين، الذى لم يترك جانبًا من جوانب الرفعة والنُبل إلا وأقرها!
                                اقرار الإسلام الرجل بضرب زوجته الناشز:
                                أما بالنسبة لحق الرجل فى ضرب زوجته فأذكرك بقول الله تعالى ورسوله وأقوال المفسرين، وأقوال كتابك الذى تقدسه وعلمائكم من رجال الدين:
                                لكن قبل الرد يجب الأخذ فى الاعتبار أن من أهم ما يميز الإسلام أمر الله تعالى عباده بالعدل والإحسان فى كل شىء، فالإسلام يعتبره من القيم الإنسانية الأساسية التي جاء بها، بل وجعلها من مُقَوِّمَاتِ الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية، حتى جعل القرآنُ إقامةَ القسط - أي العدل - بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلها، فقال تعالى: }لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْـمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ{ الحديد 25
                                وهو المقصود الأول من إرسال الله تعالى رُسُله، وإنزاله كتبه؛ فبالعدل أُنْزِلَتِ الكتب، وبُعِثَتِ الرسل، وبالعدل قامت السموات والأرض. (يوسف القرضاوى: ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده ص133)
                                والعدل في الإسلام لا يتأثَّر بحُبٍّ أو بُغْضٍ، فلا يُفَرِّقُ بين حَسَب ونَسَب، ولا بين جاهٍ ومالٍ، كما لا يُفَرِّقُ بين مسلم وغير مسلم، بل يتمتَّعُ به جميعُ المقيمين على أرضه من المسلمين وغير المسلمين، مهما كان بين هؤلاء وأولئك من مودَّة أو شنآنٍ.
                                وفي تقرير واضح وصريح لإحقاق العدل وتطبيقه ولو كُنَّا مبغضين لمن نَحْكُم فيهم، يقول الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ{ النساء 135، فلك أن تتخيل أن الإسلام يأمرنا بإقامة العدل ولو على الوالدين أو الذرية أو الزوجة والأقرباء، بل ولو على أنفسنا. أى نحكم للغير ضد مصالحنا الشخصية لو كان هذا هو العدل.
                                ويقول أيضًا: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{ المائدة 8، "أي لا يحملنَّكم بُغْض قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كُلِّ أَحَدٍ؛ صديقًا كان أو عدوًّا". (ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 2: 43)
                                كما حرم الظلم، فقال الله تعالى فى حديث قدسى: (يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْـمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا) البخاري في الأدب المفر (490)، ومسلم من حديث أبي ذر: كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم (2577)، وأحمد(21458) ، وابن حبان (619)، والبيهقي في شعب الإيمان (7088)، والسنن الكبرى (11283).
                                وقال الرسول : (ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْـمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللهُ فَوْقَ الْغَمَامِ، وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ) الترمذي: كتاب الدعوات، باب في العفو والعافية (3598) وقال: هذا حديث حسن. وابن ماجه (1752)، وأحمد (8030) وقال شعيب الأرناءوط: صحيح بطرقه وشواهده. (نقلا بتصرف عن د. راغب السرجانى)
                                ومن هذا المنطلق فإن الإسلام حرم ظلم الرجل للمرأة أو المرأة للرجل بكل صوره، فلا سبيل أن يضرب الرجل زوجته باطلا، أو لهوى فى نفسه، ولا يحل له أن يضربها إلا بشروط الله فى الآية القرآنية (بالسواك أو ماشابهه، ضربًا غير مبرحًا). وقد اعتمدت فى هذا الرد على (المرأة .. بين إشراقات الإسلام وافتراءات المنصرين) للأستاذ سامى العامرى فى رائعته فى الرد على كتاب (المرأة فى اليهودية والمسيحية والإسلام) للقمص مرقس عزيز خليل:
                                يقول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} سورة النساء 34
                                بداية أتساءل: ما هو السبيل الذى يفرضه الإسلام أو حتى العقل لإصلاح المرأة الناشز، التى تعصى الله ورسوله ولا تريد أن تُسلِّم لحكم الله وتتوب، وترجع عما تقوم به، على الرغم من التبيان والوعظ والزجر والتهديد والهجر فى المضجع، غير الطلاق، الذى يُعد بمثابة الحد الفاصل فى هذه العلاقة؟
                                وهل أتى الكتاب الذى يقدسه كاتب (الإسلام بدون حجاب) بعهديه بحل تربوى ليس فيه ضرب أو قتل بعد وعظ وزجر وتهديد؟ فليفتح كتابه ويقرأ كم التهديدات والوعيد التى استعملها رب هذا الكتاب فى زجر بنى إسرائيل، قبل أن يُنزل عليهم عقوبة صارمة حقيقية، لا ينفع معها التراجع!
                                تقول الآيات بإباحة عقوبة الزوجة الناشز بالضرب بالسواك، ضربًا غير مبرحًا، بعد استنفاذ كل طرق الإصلاح من توجيه وعتاب ووعظ وهجر فى الفراش. وليس هناك وجوب أو إلزام للزوج بضرب زوجته. كما أن معنى الآية يحمل نهى تام عن عقوبة الزوجة غير الناشز، لأن هذه الأحكام تتعلق فقط بالزوجة الناشز.
                                ويؤخذ فى الاعتبار أن الأصل في العلاقة الزوجية، هو إحسان الرجل إلى زوجته لما تواترت به النصوص من الدعوة إلى الرفق واللين وحُسن المعاملة، والصبر عليها، فإن كان يكره منها تصرفًا أو خُلُقًا، رضى منها آخر. أى إن الإسلام يأمره أن يكون إيجابى، وأن ينظر إلى إيجابيات الزوجة وليس إلى سلبياتها: فقد قال رسول الله : (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ أَوْ قَالَ غَيْرَهُ). رواه مسلم: 1469.
                                وعَنْ سُلَيْمَانَ بْن عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي : (أَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَّرَ وَوَعَظَ فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ قِصَّةً فَقَالَ أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا أَلَا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ)
                                قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ يَعْنِي أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ) رواه الترمذي وحسنه الألباني
                                وعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: (مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ، شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه مسلم
                                فقد قال الإمام الذهبى فى كتاب (الكبائر) 1/178: (وإذا كانت المرأة مأمورة بطاعة زوجها وبطلب رضاه، فالزوج أيضًا مأمور بالإحسان إليها واللطف بها والصبر على ما يبدو منها من سوء خلق وغيره، وإيصالها حقها من النفقة والكسوة والعشرة الجميلة لقول الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} النساء 19)
                                وقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} سورة الروم 21
                                وقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيم}. سورة البقرة 228
                                قال ابن عباس: (إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله عز وجل يقول: {مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وما أحب أن أستوفي جميع حق لي عليها؛ لأن الله عز وجل يقول: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}) رواه ابن أبي شيبة 4/196 وابن جرير 2/453 والبيهقي 7/295
                                وعن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي  قال: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم وذريته، (ح/3331). ومسلم، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء (ح/1468)
                                قال المناوي: (وفيه ندب المداراة لاستمالة النفوس، وتألّف القلوب، وسياسة النساء بأخذ العفو عنهن والصبر عليهن، وأن من رام تقويمهن؛ فاته النفع بهن مع أنه لا غنى له عن امرأة يسكن إليها.) فيض القدير، 2/388
                                رغم إباحة الشرع للرجل أن يضرب زوجته لتأديبها إن أتت حرامًا، إلاّ أنه لا يحبّذه؛ فقد قال (إياس بن أبي ذباب)، قال رسول : (لا تضربوا إماء الله!).
                                فقد تتعظ الزوجة بوعظ زوجها لها، مجرد وعظ، وتتوب عما تقترفه فى حق الله أو حق الأسرة، أو حق الزوج، وكلها سلسلة متصلة. أو إنه يظهر لها غضبه ومخاصمته لها، بأن يهجرها فى الفراش، فإن أبت كل وسائل الإصلاح هذه، لم يتبق له إلا أن يؤدبها ويفرض سلطانه كزوج عليها أو يُطلقها. ولا يحل لرجل أن يأخذ بحكم الشرع في جواز ضرب زوجته، إلا إذا استكمل جميع المحاولات والطرق الليّنة لإرجاع زوجته إلى طريق الصواب. لذلك قال (ابن الجوزي): (وقال جماعة من أهل العلم الآية على الترتيب: فالوعظ عند خوف النشوز، والهجر عند ظهور النشوز، والضرب عند تكرره واللجاج فيه، ولا يجوز الضرب عند ابتداء النشوز، قال القاضي أبو يعلى: وعلى هذا مذهب أحمد.) ابن الجوزي، زاد المسير، 2/76
                                الضرب المقصود في الآية ليس هو التعنيف بالضرب المبرّح، وإنّما هو ضرب المرأة بسواك أو ما شابهه مما لا يؤذي بدنًا .. فعن (عطاء) قال: (قلت لابن عباس: (ما الضرب غير المبرح؟). قال: (السواك وشبهه يضربها به.) رواه ابن جرير 5/68
                                ولا ننسى أن الله حرم الظلم فى كل صوره، فقد قال رسول الله : (مَن ضرب سوطًا ظلمًا؛ اقتصّ منه يوم القيامة.) رواه البزار والطبراني في الأوسط (1445) وإسنادهما حسن (مجمع الزوائد 10/353)
                                لكن لو هذه المرأة ابنتك أو أختك، فأى العقوبتين تفضل لها: أن يضربها بالسواك أو ما شابهه ضربًا غير مبرحًا، لا يترك ندبة أو جرحًا، لتتراجع عن معصية الله ولتستمرر الحياة بينهما فى ظل من الود والمحبة وفى وسط ذريتهما أم يطلقها، وتتحمل هى نتيجة عصيانها الله تعالى فى الدنيا والآخرة؟
                                أعتقد أن أى عاقل أو عاقلة سيكون اختياره الضرب بالسواك، تفضيلا على الطلاق.
                                لكن ماذا تقترح من عقوبة للناشز أو العاصى المخالف لأوامر الرب؟ هل تترك أو يترك العاصى المخالف لتعاليم الله دون ردع بالموعظة الحسنة ثم بالتهديد ثم بتنفيذ حكم الله؟ فكيف سيأتى إذن ملكوت الله الذى هو حكمه وملكه على الأرض؟ أم أنت من الذين يغلقون ملكوت الله ولا يريدون أن يدخلوا فيه، أو يتركوا الداخلين يدخلون فيه، ففى أمثال هؤلاء قال يسوع: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! ..... 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً!) متى 23: 13-15
                                ومازلت أكرر السؤال: هل يحلق لها شعرها، كما اقترح بولس؟ (5وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغَطّىً فَتَشِينُ رَأْسَهَا لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. 6إذِ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحاً بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ فَلْتَتَغَطَّ.) كورنثوس الأولى 11: 5-6
                                أم يغلق فمها بثقل من الرصاص، كما فعل الرب نفسه؟ (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8
                                فأى الأديان كانت رحمة على المرأة؟ وأى إله أحسن إلى المرأة؟
                                وهل لا يقر كتابك الضرب المبرِّح، بل القتل والحرق بالنار كعقوبة للمخطىء؟
                                ألم يأمر بحرق ابنة الكاهن الزانية، وهى عقوبة خاصة بالمرأة فقط؟ (9وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ.) لاويين 21: 9
                                ألم يأمر بحرق من يجمع بين الزوجة وأمها؟ (14وَإِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَأُمَّهَا فَذَلِكَ رَذِيلَةٌ. بِالنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَإِيَّاهُمَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ.) لاويين 20: 14
                                ألم تأت عقوبة قطع اليد للمرأة فقط دون أن يُطبق هذا القانون على الرجل؟ (11«إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلانِ رَجُلٌ وَأَخُوهُ وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِتُخَلِّصَ رَجُلهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ 12فَاقْطَعْ يَدَهَا وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ.) تثنية 25: 11-12
                                ألم يأمر بقتل الممسوس بالجان؟ (27«وَإِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ».) لاويين 20: 27
                                ولم يسلم الحيوان من القتل والتنكيل بسبب وبدون سبب، فقد أمر بقتله فى الحروب، حتى إن الرب غضب على شاول لأنه أبقى على الحيوانات الجيدة، مُخالفًا لأوامر الرب: (15فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ. 17وَلا يَلتَصِقْ بِيَدِكَ شَيْءٌ مِنَ المُحَرَّمِ لِيَرْجِعَ الرَّبُّ مِنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ وَيُعْطِيَكَ رَحْمَةً. يَرْحَمُكَ وَيُكَثِّرُكَ كَمَا حَلفَ لآِبَائِكَ) تثنية 13: 15- 17
                                (لِيَرْجِعَ الرَّبُّ مِنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ وَيُعْطِيَكَ رَحْمَةً)؟؟!! فهل بعد أن تقرأ فى كتابك أن حمو غضب الرب لا يزول، ولا تتنزل رحماته إلا بالإبادة البشرية والتصفية العرقية وقتل الحيوانات وتدمير البيئة، تعترض على ضرب الزوج لزوجته الناشز بالسواك أو ماشابهه؟ ثم ألا يغضب الرب على الزوجة الناشز؟ وألا يُسر الرب بعودتها إلى شريعته وطاعتها له ولزوجها دون قتل أو تدمير، فقط بالضرب بالسواك؟ أم الضرب بالسواك ليس من شيم الرب، وأنه لا يهدأ إلا برؤية الدم والقتلى؟ عجبت لك يا زمن!!
                                (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 20-24
                                (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً» ... 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً، وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ، وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي») صموئيل الأول15: 3-11
                                هكذا ندم الرب الرحيم، إله المحبة، عندما فوجىء بما حدث من شاول، أنه عفا عن أجاج وعن الجيد من الغنم والبقر والحملان والخراف!!! إنها الكارثة بعينها!! فهل يغفر الرب ويغير من صفاته الدموية التى لا تأبى إلا الإبادة الجماعية؟ لا. فهو الرب لا يتغير: (6لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ) ملاخى 3: 6، وسيظل إلى الأبد إله النقمات، إله الإبادة الجماعية، إله التصفية العرقية: (1يَا إِلَهَ النَّقَمَاتِ يَا رَبُّ يَا إِلَهَ النَّقَمَاتِ أَشْرِقِ.) مزمور 94: 1
                                ألم يضرب بلعام حمارته فى حضرة ملاك الرب، ولم يحرك ملاك الرب ساكنًا، ولم يوجه الرب له لومًا؟ (21فَقَامَ بَلعَامُ صَبَاحاً وَشَدَّ عَلى أَتَانِهِ وَانْطَلقَ مَعَ رُؤَسَاءِ مُوآبَ. 22فَحَمِيَ غَضَبُ اللهِ لأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ وَوَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي الطَّرِيقِ لِيُقَاوِمَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلى أَتَانِهِ وَغُلامَاهُ مَعَهُ. 23فَأَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ وَاقِفاً فِي الطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ فَمَالتِ الأَتَانُ عَنِ الطَّرِيقِ وَمَشَتْ فِي الحَقْلِ. فَضَرَبَ بَلعَامُ الأَتَانَ لِيَرُدَّهَا إِلى الطَّرِيقِ. 24ثُمَّ وَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي خَنْدَقٍ لِلكُرُومِ لهُ حَائِطٌ مِنْ هُنَا وَحَائِطٌ مِنْ هُنَاكَ. 25فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ زَحَمَتِ الحَائِطَ وَضَغَطَتْ رِجْل بَلعَامَ بِالحَائِطِ فَضَرَبَهَا أَيْضاً. 26ثُمَّ اجْتَازَ مَلاكُ الرَّبِّ أَيْضاً وَوَقَفَ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ حَيْثُ ليْسَ سَبِيلٌ لِلنُّكُوبِ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً. 27فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ رَبَضَتْ تَحْتَ بَلعَامَ. فَحَمِيَ غَضَبُ بَلعَامَ وَضَرَبَ الأَتَانَ بِالقَضِيبِ. 28فَفَتَحَ الرَّبُّ فَمَ الأَتَانِ فَقَالتْ لِبَلعَامَ: «مَاذَا صَنَعْتُ بِكَ حَتَّى ضَرَبْتَنِي الآنَ ثَلاثَ دَفَعَاتٍ؟» 29فَقَال بَلعَامُ لِلأَتَانِ: «لأَنَّكِ ازْدَرَيْتِ بِي. لوْ كَانَ فِي يَدِي سَيْفٌ لكُنْتُ الآنَ قَدْ قَتَلتُكِ».) العدد 22: 21-29
                                فأين عقوبة الرب لبلعام على اعتدائه على الحيوان؟
                                بل أمر الرب بكسر عنق دابة تكفيرًا عن قاتل مجهول: (1«إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا وَاقِعاً فِي الحَقْلِ لا يُعْلمُ مَنْ قَتَلهُ 2يَخْرُجُ شُيُوخُكَ وَقُضَاتُكَ وَيَقِيسُونَ إِلى المُدُنِ التِي حَوْل القَتِيلِ. 3فَالمَدِينَةُ القُرْبَى مِنَ القَتِيلِ يَأْخُذُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ عِجْلةً مِنَ البَقَرِ لمْ يُحْرَثْ عَليْهَا لمْ تَجُرَّ بِالنِّيرِ. 4وَيَنْحَدِرُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ بِالعِجْلةِ إِلى وَادٍ دَائِمِ السَّيَلانِ لمْ يُحْرَثْ فِيهِ وَلمْ يُزْرَعْ وَيَكْسِرُونَ عُنُقَ العِجْلةِ فِي الوَادِي. 5ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الكَهَنَةُ بَنُو لاوِي - لأَنَّهُ إِيَّاهُمُ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِاسْمِ الرَّبِّ وَحَسَبَ قَوْلِهِمْ تَكُونُ كُلُّ خُصُومَةٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ - 6وَيَغْسِلُ جَمِيعُ شُيُوخِ تِلكَ المَدِينَةِ القَرِيبِينَ مِنَ القَتِيلِ أَيْدِيَهُمْ عَلى العِجْلةِ المَكْسُورَةِ العُنُقُِ فِي الوَادِي 7وَيَقُولُونَ: أَيْدِينَا لمْ تَسْفِكْ هَذَا الدَّمَ وَأَعْيُنُنَا لمْ تُبْصِرْ. 8اِغْفِرْ لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيل الذِي فَدَيْتَ يَا رَبُّ وَلا تَجْعَل دَمَ بَرِيءٍ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيل. فَيُغْفَرُ لهُمُ الدَّمُ. 9فَتَنْزِعُ الدَّمَ البَرِيءَ مِنْ وَسَطِكَ إِذَا عَمِلتَ الصَّالِحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.) تثنية 21: 1-9
                                فلك أن تتخيل أن يأمر الرب بكسر عنق دابة على قيد الحياة ليتعرف الناس على قاتل دابة أخرى؟ ألم يكن من الأسهل أن يخبرهم عن طريق أحد أنبيائه حرصًا على رحمة الناس بالحيوان، ورحمة منه على مخلوقاته؟
                                فهل هذا أرحم من ضرب الزوجة الناشز بالسواك؟ (3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟) متى 7: 3
                                ألم يأمر الرب بقتل النساء فى حروبه، التى أمر بها، على الرغم من عدم اشتراكهن فى الحروب؟ (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً») صموئيل الأول 15: 3
                                ألم يأمر بضرب رؤوس الأطفال فى الصخر، واعتبرها من القربات إليه؟ (9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 9
                                ألم يأمر بتحطيم الأطفال وبشق بطون الحوامل؟ ألم يأمر بقتل الأجنة فى بطون أمهاتهم؟ أليس هذا أمر بقتل النساء نفسيًا ومعنويًا عن طريق قتل أطفالهم أمام عيونهم؟ (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 9 ساعات
                                ردود 2
                                10 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 9 ساعات
                                ردود 0
                                7 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 2 يوم
                                ردود 2
                                11 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ أسبوع واحد
                                ردود 9
                                41 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة الفقير لله 3
                                بواسطة الفقير لله 3
                                ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                10 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة الفقير لله 3
                                بواسطة الفقير لله 3
                                يعمل...