في عـقل اللائكي أحيانا تجـول الأفكـار الفاسدة فتـطفوا زبدهـا لتكسوا ثقافتـه ، ففي زمـن أصبحَ فيه المثقف و السياسي اللائكيين لا يحسنـان إلا العزف علـى لغات الدجل و السفسطة تحـوَّلــت المشاريع الفكرية اللائكية إلـى عوامـل إجهـاض و تشويش فتُقدِّمُ نفسهـا كأنـساق تَستميتُ عبثا لتجد لهـا مكـانا في التربة الإسلامية الحديثة ، و كـلمـا اقتربت الأفكـار التجديدية للإسلاميين الذين فنوا مسارات أعمـارهم في المنـافي و الفيافي و المعتقلات إلا و تسمعُ لغـط اللائكيين تأخذهـا ضجيجُ اللغة الجافة تستعجِـلُ الإطاحـة بأية محاولة تـرمي إنـزال المشروع الإسلامي محل التكييف . و المـلاحِظ البسيط في أعـقاب الصعود الإسلامي الأخير يكشف عن العيون الحاقدة و العقول الكـارهة التي وسمت منطق التحليل الصحافي و السياسي ،إذ أتقنـوا فـن التسلط و القفز السريع علـى محاولات الإسلاميين ترجمـة أفكـارهم من أول وهلـة يسابقون الرياح بـلا فائدة ، فهـم في تونس لـم يهدأ لهم بـال منذ أن صعد مناضلو حركة "النهضة" إلـى الحكم يلمزونهم بألسنة حِـداد و يحتمون بتفاهاتهم اللغوية و قواميس مـا تعلموهم من أسيادهم صنـاع "الكونية" . هُـم قد كشفوا في جانب كبير منه عن بؤس الأفكـار الحرة التي يعتنقونهـا و عبّـروا بواسطتهـا علـى أسلوبهم الاستئصالي الذي ميزهم طويلا ، فليتَ شعري، أيـة مشاريع يملكونهـا هـؤلاء و هـم يفتقرون لأدبيات الاحترام الواجب لمن اختـارتهم أصوات الشعب بـلا إكـراه ؟ و إلـى متـى سيظل اللائكي شاردا عن ثقافـة توسل الإصلاح من طريقهـا السلمي التداولي ؟ و هـل أصبح هـذا العـقل مُغلقـا إلـى هـذا الحد الذي جعلهُ كالعقل الجاهلي لا يتيح للآخرين التعبير عن آرائهم ؟ فِـعلا ، فعندمـا "يتنور" منطقه السياسي فإنـهُ يُــنتجُ تراكمـا عَدائيا للأصالة و يمضي في تقبيح نفسه من حيث يزعم تبني الإصلاح الرشيد ، و عندمـا يبلـغ هـذا التراكم عتبتهُ يصير بذلك دليلا غير قابل للطعن فيه علـى استحـالة التعـايش معه بفعل التنـاقض الحاد الذي يسكن عقله الهجين ، و لـطالمـا حلل المفكـر منير شفيق آفـات التغرب السياسي التي أفرزت أنمـاطا بشرية مُـستنسَـخة في أنـابيب الغرب فحق للإنسان أن يجزع لمـا آلت إليه عقول لائكيينـا . و مـع كـل وقاحـاتهم السياسية التي تضع قطيعـة مع المخزون الروحي للأمـة فإنهم لا يخجلون من ممـارسة "المعارضة" المنحرفة بطريقـة تنم عن عقلية "الذين لن تؤمن قلوبهم "حيث صارت احتجاجات البعض منهم قاب قوسين من أن تصير اعتراضات علـى الإسلام نفسه و ليس علـى تصور الإسلاميين لكيفيات التنزيل ( الموقف من مشروع تجريم إهـانة المقدسات نموذجـا المفترض دسترته) .
إن كـانت الحماقات الفكرية التي خلفتهـا عهود "توطين" لائكية بورقيبة و بن علي قد أفرزت حقا تلك الضحالـة في الموقف السياسي للمعارضة اللائكية المنحرفة فـلا نتوقعُ من مجتمع سياسي مُـستهلك لثقافة الصنم الغربي بأن يرتفعَ عقله ليمـارسَ نقدا سريعـا لبرامج الآخرين إذ تجاعيد الانحنـاء تبلغُ مدـاهـا السحيقة لتصل إلـى طمس صوت الفطرة و نداء العـقل . لكننــا و نـحن نتأمـلُ مكنون هـذا العقل الغريب حتـى علـى منظري السياسات الوضعية تأخذنـا الحيرة في وصفه ، فهـو صـارَ يقدم ذاته كصاحب طرح فكري يتغلف بالشعارات المدنية في وقت يخرق أدبيا قواعد و أصول الديموقراطية التي تلزم الأطراف بقبول مـا آلت إليه الصنـاديق فمـا رضيَ لنفسه بالهزيمة السياسية التي وجههــا إليه الشعب و لو آنيا ، و هــو فوق كـل ذلك لا يبـالي بالتشكيلات السياسية للحكومـة الجديدة التي أخذت ط،تبعـا تشاركيا صِرفا رغم مـا كان لحركة النهضة من حرية الاستفراد بالسلطة آنذاك ، عجيب أمر هـذا العقل الذي صنـعَ البلاوا الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية لعقود كيف يقفـز في الساحة كمـا يقفز البهلواني الفاقد لوظيفة لعب الأدوار علـى الخشبة ! فإن كـانت أنيابه قد كُـشِّرت فيسارع في استعداء الشارع و إثارة القلاقل مستغـلا الأوضاع الانتقالية الصعبة (و التي صنعهـا العقل اللائكي المتطرف نفسه ) و الحكومـة أخـلاط سياسية ببرامج مخضرمـة فمـاذا كـانت ستكـون تصرفاته السياسية و أفعـالهُ الكراكيزية لـو قُــدِّرَ "للنهضة" ممـارسة الفعل السياسي كمـا حددتهــا ديباجـة الاجتهـاد الإسلامي الذي انتهــى إليه المفكر راشد الغنوشي ؟ حتمـا جنون مسعور ليس إلا .
إن عـاهـة العديد من اللائكيين للأسف لا تنــحصر فقط في الهشاشة و الضحـالة الدينية التي يعـانون منهـا أقطابهـا و قياداتهـا ،بله طبقاتهم الشعبية المحدودة، و إنمـا تمتد لتلامس خطـاب الازدواجية الذي تكشف عنهُ في كل وقت منـاسبات تـاريخية و محطات سياسية ، فهو خطاب في بعده الغـالب لا يأخـذ خـطا صريحـا يحدد به علاقاتهُ و مواقفه ، و إنما صـارَ وفيا "للميكيافيلية" ذات النزعـة المصلحية "الطائفية" تُـمجِّـد منطق التعاقد الحر و التشارك البنـاء و لغة احترام سلطة الشعب في خطابات العموميات الصحافية الاستهلاكية لكنهُ لا يتـملَّـك نفسه حينمـا تنكشف سوآته المتمثلة في حجم المشروعية الشعبية الهزيلة فـلا يجد بديلا عن لغـة الابتزاز السياسي و استدعـاء مفردات الحقل الغربي في شقهـا السياسي المدني . و مـع أننــا لا نميل إلـى تعميم ظاهـرة الحنق اللائكي عند الهزيمة فإننــا نــقر في المقابـل بوجود لائكيين وطنيين مخلصين همهم إنـقاذ البلد من أوحـال التخلف و براثن الانحطاط الاقتصادي الرهيب بالرغم ممــا يُـعابُ عليهم أحايين من محاولات فرض التصور الأحادي اللائكي المتمثل في الإصرار الصلب علــى استصحاب المفردات التي تتداولهـا المعاجم الغربية(المساواة،الحق كما تشخص في الغرب...).
علــى أية حــال ، فمقياس نبـض هـذا العقل اللائكي يتبدى تدريجيا عند الصدمـة،صدمـة التقهقر الشعبي و حجم الامتداد الاجتماعي حينما تحين الفرصة السياسية التي تفتح أبوابهـا لصنـاديق الاقتراع بشكل نـزيه ،و هـو اختبار حقيقي لكـل الأطـراف لمعرفة مـدى النضج السياسي و درجة الرشد الفكري لهـذا التيار أو ذاك ، و لـو جـاز لنـا إجراء مقارنـة لخطابات الزعمـاء الإسلاميين في موقفهم من نتـائج الانتخـابات -على افتراض نزاهتها طبعا- مـع الزعمـاء اللائكيين لوجدنـا إقرار الإسلاميين بأية نتيجة تفرزهـا الصناديق بمـا في ذلك اعترافهم بالهزيمة ( تصريحات الغنوشي ، تطمينات الأستاذ عبد السلام ياسين في الإسلام و الحداثة بعدم الانقلاب عليها مهمـا كـانت نتائجهـا ،...) ، في حين يلتزم اللائكيون التخندق في العموميات و القفـز علـى النتـائج متـى مـا انحازت الأصوات لغيرهم كمـا قفزوا عليها في الجزائر ،سبة اللائكيين أبد الدهر .
إن كـانت الحماقات الفكرية التي خلفتهـا عهود "توطين" لائكية بورقيبة و بن علي قد أفرزت حقا تلك الضحالـة في الموقف السياسي للمعارضة اللائكية المنحرفة فـلا نتوقعُ من مجتمع سياسي مُـستهلك لثقافة الصنم الغربي بأن يرتفعَ عقله ليمـارسَ نقدا سريعـا لبرامج الآخرين إذ تجاعيد الانحنـاء تبلغُ مدـاهـا السحيقة لتصل إلـى طمس صوت الفطرة و نداء العـقل . لكننــا و نـحن نتأمـلُ مكنون هـذا العقل الغريب حتـى علـى منظري السياسات الوضعية تأخذنـا الحيرة في وصفه ، فهـو صـارَ يقدم ذاته كصاحب طرح فكري يتغلف بالشعارات المدنية في وقت يخرق أدبيا قواعد و أصول الديموقراطية التي تلزم الأطراف بقبول مـا آلت إليه الصنـاديق فمـا رضيَ لنفسه بالهزيمة السياسية التي وجههــا إليه الشعب و لو آنيا ، و هــو فوق كـل ذلك لا يبـالي بالتشكيلات السياسية للحكومـة الجديدة التي أخذت ط،تبعـا تشاركيا صِرفا رغم مـا كان لحركة النهضة من حرية الاستفراد بالسلطة آنذاك ، عجيب أمر هـذا العقل الذي صنـعَ البلاوا الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية لعقود كيف يقفـز في الساحة كمـا يقفز البهلواني الفاقد لوظيفة لعب الأدوار علـى الخشبة ! فإن كـانت أنيابه قد كُـشِّرت فيسارع في استعداء الشارع و إثارة القلاقل مستغـلا الأوضاع الانتقالية الصعبة (و التي صنعهـا العقل اللائكي المتطرف نفسه ) و الحكومـة أخـلاط سياسية ببرامج مخضرمـة فمـاذا كـانت ستكـون تصرفاته السياسية و أفعـالهُ الكراكيزية لـو قُــدِّرَ "للنهضة" ممـارسة الفعل السياسي كمـا حددتهــا ديباجـة الاجتهـاد الإسلامي الذي انتهــى إليه المفكر راشد الغنوشي ؟ حتمـا جنون مسعور ليس إلا .
إن عـاهـة العديد من اللائكيين للأسف لا تنــحصر فقط في الهشاشة و الضحـالة الدينية التي يعـانون منهـا أقطابهـا و قياداتهـا ،بله طبقاتهم الشعبية المحدودة، و إنمـا تمتد لتلامس خطـاب الازدواجية الذي تكشف عنهُ في كل وقت منـاسبات تـاريخية و محطات سياسية ، فهو خطاب في بعده الغـالب لا يأخـذ خـطا صريحـا يحدد به علاقاتهُ و مواقفه ، و إنما صـارَ وفيا "للميكيافيلية" ذات النزعـة المصلحية "الطائفية" تُـمجِّـد منطق التعاقد الحر و التشارك البنـاء و لغة احترام سلطة الشعب في خطابات العموميات الصحافية الاستهلاكية لكنهُ لا يتـملَّـك نفسه حينمـا تنكشف سوآته المتمثلة في حجم المشروعية الشعبية الهزيلة فـلا يجد بديلا عن لغـة الابتزاز السياسي و استدعـاء مفردات الحقل الغربي في شقهـا السياسي المدني . و مـع أننــا لا نميل إلـى تعميم ظاهـرة الحنق اللائكي عند الهزيمة فإننــا نــقر في المقابـل بوجود لائكيين وطنيين مخلصين همهم إنـقاذ البلد من أوحـال التخلف و براثن الانحطاط الاقتصادي الرهيب بالرغم ممــا يُـعابُ عليهم أحايين من محاولات فرض التصور الأحادي اللائكي المتمثل في الإصرار الصلب علــى استصحاب المفردات التي تتداولهـا المعاجم الغربية(المساواة،الحق كما تشخص في الغرب...).
علــى أية حــال ، فمقياس نبـض هـذا العقل اللائكي يتبدى تدريجيا عند الصدمـة،صدمـة التقهقر الشعبي و حجم الامتداد الاجتماعي حينما تحين الفرصة السياسية التي تفتح أبوابهـا لصنـاديق الاقتراع بشكل نـزيه ،و هـو اختبار حقيقي لكـل الأطـراف لمعرفة مـدى النضج السياسي و درجة الرشد الفكري لهـذا التيار أو ذاك ، و لـو جـاز لنـا إجراء مقارنـة لخطابات الزعمـاء الإسلاميين في موقفهم من نتـائج الانتخـابات -على افتراض نزاهتها طبعا- مـع الزعمـاء اللائكيين لوجدنـا إقرار الإسلاميين بأية نتيجة تفرزهـا الصناديق بمـا في ذلك اعترافهم بالهزيمة ( تصريحات الغنوشي ، تطمينات الأستاذ عبد السلام ياسين في الإسلام و الحداثة بعدم الانقلاب عليها مهمـا كـانت نتائجهـا ،...) ، في حين يلتزم اللائكيون التخندق في العموميات و القفـز علـى النتـائج متـى مـا انحازت الأصوات لغيرهم كمـا قفزوا عليها في الجزائر ،سبة اللائكيين أبد الدهر .
تعليق