عُــصَيــات عَصيديــة
كثيرة هي العصيات في عـالمنـا الفكري و السياسـي ، فقد انتشرت تلك العصيـات في صفوف "مثقفين" تُـأَزِّم منطق اشتغـالهم و ترسلهـا إلـى عوالم الاغتراب و التدجين بلا حدود ، و مـن أنـواع العُصيات "الراكدة" في عقول اولئك الأشباه أشكـالا من التفكير محمـول علـى عُقَــدٍ نفسية تجذرت في لاوعيهم الباطن فاستحـالت عُصية تُسبب حمــى "هستيرية" في الفكر و هيجـانـا اضطرابيا مسعورا كلمـا تنـاهـى إلـى سمعـه حديث عن الإسلام و مشروع الاسلام و سلام الاسلام ، لا أظـن من إخـواننــا الذين يتفضـلون بمعـالـجة تلــك الحمـى بمقالات علمية رصينـة أن بمقدورهـا أن تُخفف من أعراض تأثيرات العصيات بله معـالجتهـا بالكـامل و لا أرى أن المقاربـة العلمية – مع أني أومن بشدة بحق الاختلاف و مقارعـة الحجة بالحجة ) في حـق بعض العُصَوٍيين تجدي نفعـا إذ أن مكمـن الداء و أصـل السعـار لا يستمـد جذره من مسالك التفكير الحر و إنمـا من حساسيـات سيكولوجية تراكمت منذ وقت كثير لتأخـذ أشكـال عصيات متحكمـة في سفاسف الأقوال ، لـذلك تــجد المُصـاب ببكتيريا العصيات الفكرية أقرب إلـى مجنـون لا تفيد معـه كثرة التنبيهـات و التوجيهـات و لا تعـالجه محـاولات النـاس ترشيده بالعقل السليم ، فبنيته بنيـة فاقدة لبوصلـة التعقل و تكوينـه يرسلـه لجحيم التشرد ، فكمـا أن المريض بالوسواس القهري لا تفيده كثرة نصائح العقلاء فكذلك المصاب بعُصيات الفكر لا تجديه بسط الكـلام في نسف أمراض فكره و لا نـقد مطباته في علم التاريخ و السياسة و الدين بالخطـاب التمحيصي الصارم .
و مـا تتسم به مُقَــيلات العُصَويين أنهـا كثيرة مـا تدور حول التحليلات الظاهرة و السطحية و لا تنـفذ لعمق السياق و كنهه ، فهي إرسالات ليس الغرض منهـا مواجهـة التـاريخ بالحقيقة العلمية و لا الكشف عــن ثنـايا الخطأ في الممـارسة و الفكر و التـاريخ و لا حتـى تقويم بعض الانحرافات التي تجلت في الواقع السياسي الفُقهـائي أو في تأويلاتهم التـاريخانية حول قضايا عدة ، و إنمـا لا تنـفكُّ المٌقَــيلَـة تحركهـا ألم المراهقـة التي راكمت عُـقدَهـا و لم تتخلـص من ثقلهـا الضاغط و لا تحيد عن مسـالك خط الاستشراق القديم البائد في تعـاطيه مع المعطى الإسلامي العـام ، كمـا أنهـا مُقيلات تتسم بالاستعجالية المفرطـة التي تروح إكسـاب الشهـرة "الفكرية" بمنطق "خالف تُعرف" فـلا عـلاقة لهـا البتـة بالمنهـج الجـاد و التحليل الجاد ، و مـن ينـظر في "خـطاب" عصيد كنمـوذج صـارخ لوباء العُصيات الفكرية يدرك بعجـالة شديدة حجم التعقد الذي سببته بكتيريا حمـى" الاسلاموفوبيا" ، فهـو ضل و ظل ينتـقل من تفاهـة لتفاهـة و صـارَ يكتب في كـل شيء إلا في مستـوى عقلـه "المقدس" و غـدا "معلمـة" عَصوية اشتهـرت بأعراضهـا النـادرة تجاه الإسلام و رمـوزه ، كمـا أنهُ أصبحَ "مرجعية تنويرية" لتلامـذة يعـانون من إشكـال معرفي و خصاص في الفكر السياسي لا ملجأ لهم إلا الاحتفاء بهـذا "العبقري" الغزير، غزير الوقاحـة الفكرية و السفسطـة اللغوية !
إن محـاولـة معـالجـة أشخـاص أصيبـوا فعـلا "بجلطـات" في الدمـاغ أو ببيكتيريا شديدة المفعـول تحتـاج من الأطباء الحذر أثنـاء وصف حلول الظاهرة إذ أي خطـأ في التقدير سيفاقم الوضع و يجعله أكثر تـعقيدا ، و من أصيب بعصيات الفكر لا يمكن إطـلاقا في رأينـا تقويمـه بالدراسـات النقدية المعمـقة علـى مـا في ذلك من أهمية رد البـاطل الفكري و لا يجعـلُ من المصابِ شخصـا مُهتديا عـائدا عن انزلاقاته المقصودة و إنمـا لا يتجـاوز اعتبارات تذكير القراء عداء المصاب لذاته و تـاريخه و دينه ليس إلا. فكم من المصابين بلوثـات شديدة من "العَلمنـة" أُخضعـوا تحت العنـاية المركـزة لمفكري الإسلام بالتوجيه و النقد الدقيق دون أن يتمكنـوا من انتـشال هـؤلاء المـرضى المساكين من براثن الوهـم "العَلمـاني" ، ففرج فوده ضل و ظل ينـافحُ عن قديسته اللائكية في (قبل السقوط) و (الحقيقة الغـائبة) رغم جهـود العلمـاء و المفكرين في ترشيد الرجل عبر منـاظراتهم و كتبهم المستقلة في تبديد خيالات و أوهـامه مثل مـا كتبه عبد المجيد صبح في (تهافت قبل السقوط و سقوط صـاحبه 1986 ) و الأستـاذ الكبير منير شفيق في كتـابه الشيق ( بين النهوض و السقوط ).. و العشمـاوي العصوي تجوَّل عبر لفيف من كتبه المكررة المملة ليقدم للقراء مغالطاته التـاريخية السياسية و آراءه الهجينـة حول "الدولة المدنية" و أحكـامه الغريبة فتقدم السـادة العلمـاء بكسـر قواعـده و لجم أباطيله بالكلمة الحرة كمـا فعـل المفكر الإسلامي المرموق محمد عمـارة في ( سقوط الغلو العلمـاني) ككتـاب خـاص بدراسـة افتراءات العشمـاوي و انتهـاكـاته...و مـع كــل الاجتهـادات الجبـارة التي قام بها ثلة من الغيورين علـى رسـالة الإسلام الحضارية عبر التفرغ العلمي لإزالة الشبهـة و كشف الحجة و مـا تفضلوا به من إقـامـة المنـاظرات العلنية لفضـح مزاعم "الإسلامويين"(نقصد بهم العَلمـانيون الذين يدَّعون حمـاية الإسلام من أهلـه) كالمنـاظرة التي جمعت بين سالم البهنساوي و العلمـاني كبير المـاركسيين فؤاد زكريا في 1987 و منـاظرة الأخير مع القرضاوي و الغزالي رحمه الله و غيرهمـا من اللقاءات التي كشفت أمـام الملأ درجة تغلغل العصيات في نظام اشتغـال عقلهم .
ربمـا يدرك السـادة العلمـاء بأن الحوار مـع العَصويين لا يمكن أن يعطي ثمـاره في حق العصوي المَنـاظَـر لكن ذلك بالتأكيد يعطـي صورة واضحـة لهم عند عموم النـاس، فمَهمة الدعـاة تفرض عليهم رد الأباطيل المؤسسة للزيف المعرفي و كشف الأوراق التي يتلاعب بهـا أنـصار "العَلمـانية"، لذلك لا يعلق الكثير من العلمـاء أي أمـل كبير في ترشيد العَصويين نـظرا لكونهـم "تحصيل حاصل" لأمراضهم المتحكمة في منطق النظر و أدوات الاشتغـال و لا يراهَن علــى كتـابات -علـى أهميتهـا الكبيرة – لثنيهم علــى تصويب أفكـارهم الدخيلـة و قراءتهم "العَلمـانية" إذ أن الداء حينمـا يستشري في أنحـاء الجسـد لا تنـفعُ له أدوية و لا مهدئات ، فحسبُ الطبيب وضعُ المريض في وضعية موت سريري يُـقبرُ بعدهـا مع أفكـاره جملة .
عصيـد للأسف مـثال بـارز اجتمعت فيه كــل أمـراض الفكـر و العجرفـة ، فـهو و إن كـان يدّعي زورا بكونـه "حداثيا" منفتحـا علـى الأخـر و مدنيا يقبل التعددية إلا أن تتبع مُقيلاتِــه تدل علــى أن الأمـر يتعـلق بشخص منتفخ الأوداج، لا يتحرى الدقة في مـا يكتب و لا يهمه ذلك ، يرسل شواظ من الأحكـام السريعـة من العيار الثقيل دون أن تكـون له العدة اللازمـة لذلك، يدخـل في حـقول ليس من اختصاصه البتـة فيفرض علـى المتخصصين الرد علـى مهـاتراته ، يتكبر في حديثه عن الآخرين و يستصغـرهم و ينتقص منهـم (كمـا فعلَ في الندوة التي انعقدت في 16 غشت تحت عنوان " اليسار و الحركة الإسلامية : نقاش حول الحريات و الديموقراطية " و التي نظمتها ائتلاف الملكية البرلمانية الآن في نادي المحامين بالرباط ) . يذكرنـا فكره المُلولب بأحـد الغـلاة "العَلمـانيين" فرج فودة مـع اختـلاف أن الأول سطحي للغـاية في طرحـه و الثاني دارس للتـاريخ رغم عدم اختصاصه،الأول صاحب تصانيف أبدعت في المبنـى و خانته المعنى و الثاني لا حـظ لـه لا من المبنى و لا من المعنـى .
يجب أن ننبـه دائمـا إلـى أن التـطرف مذمـوم من أي جهـة حلت ، و "الأمـازيغوي" عصيد أوغـلَ في التطرف عندمـا بدأت تمتـد يده لكـل شيء إلا لنفسه، و مـا قالـهُ خلال الندوة الحقوقية التي نظمتهـا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لا يمكن فهمـه بعيدا عن الذهنية المتطرفـة التي خـاصمت الدين منذ وقت مبكرا، فرغم كونـه يزعم أنه لـم يقصـد الاستفزاز عندمـا تحدث عن رسالـة النبي عليه السلام "أسلم تسلم" بوصفهـا بالإرهـابية إلا أن محـاولات التنصل من ذلك لـن يفيد في شيء في ظل وضوح المعنـى و في ظل عقليـة الاستئصال التي وسمت فكره منذ غير قليل من الزمن ، و كمـا قال بن حمزة " ومن غير المنطقي أن يتنصل صاحب هذه المقالة بعد ذلك بادعاء أنه لم يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإرهاب،" ليس من المعقول أن يجهـل أي واحد منـا المعـاني النتنـة التي خرجت من ثنـايا اللسـان المتعفن المليء بالحقد و الحقارة .في الحقيقة لـم أستغرب من كـلامـه و لا من تصريحـاته و لا يمكن لي ذلك ،لكنـي استغربتٌ حـقا ممن استغربوا كـلامـه إذ مـا الذي يمكن أن ينتـظرهُ العـاقل من عَصوِّي أُشرِبَ عداء حـافلا بأورام سرطـان الفكر و جلطات المخ ؟ يجب أن نـفهـم المرجعيات التي تؤثث للفكــر الشـاذ و اعتبار من ينحـدر منهـا تجـاعيدا طبيعيا للبشاعـة الأصلية،فمـا لم نعِ وظيفـة الشرود الديني و الأمية الدينية في تكوين عَصيات الانحـلال الفكري فإن استغرابنـا من أصحـابهـا يظل غريبـا . إن الأصول و الكليات العـامة –كمـا نؤكد دائمـا – هي من تحدد نـوع الخطـاب و أسلوبه و موجـاته و أهدافه ، و هي من ترسـم لنـا العنـاوين العريضـة لأشكـال الممارسات الزائفـة و المتطفلـة علـى الإبداع الحر الخـال من نوازع الهـوى و عَصيات الفكر . فمـا لم ينتبـه النـاس طبيعـة الأرضية الملوثة التي تصدر عنهـا بـاقي فروعهـا فإن الاستغراب سيظل سيد الموقف
كثيرة هي العصيات في عـالمنـا الفكري و السياسـي ، فقد انتشرت تلك العصيـات في صفوف "مثقفين" تُـأَزِّم منطق اشتغـالهم و ترسلهـا إلـى عوالم الاغتراب و التدجين بلا حدود ، و مـن أنـواع العُصيات "الراكدة" في عقول اولئك الأشباه أشكـالا من التفكير محمـول علـى عُقَــدٍ نفسية تجذرت في لاوعيهم الباطن فاستحـالت عُصية تُسبب حمــى "هستيرية" في الفكر و هيجـانـا اضطرابيا مسعورا كلمـا تنـاهـى إلـى سمعـه حديث عن الإسلام و مشروع الاسلام و سلام الاسلام ، لا أظـن من إخـواننــا الذين يتفضـلون بمعـالـجة تلــك الحمـى بمقالات علمية رصينـة أن بمقدورهـا أن تُخفف من أعراض تأثيرات العصيات بله معـالجتهـا بالكـامل و لا أرى أن المقاربـة العلمية – مع أني أومن بشدة بحق الاختلاف و مقارعـة الحجة بالحجة ) في حـق بعض العُصَوٍيين تجدي نفعـا إذ أن مكمـن الداء و أصـل السعـار لا يستمـد جذره من مسالك التفكير الحر و إنمـا من حساسيـات سيكولوجية تراكمت منذ وقت كثير لتأخـذ أشكـال عصيات متحكمـة في سفاسف الأقوال ، لـذلك تــجد المُصـاب ببكتيريا العصيات الفكرية أقرب إلـى مجنـون لا تفيد معـه كثرة التنبيهـات و التوجيهـات و لا تعـالجه محـاولات النـاس ترشيده بالعقل السليم ، فبنيته بنيـة فاقدة لبوصلـة التعقل و تكوينـه يرسلـه لجحيم التشرد ، فكمـا أن المريض بالوسواس القهري لا تفيده كثرة نصائح العقلاء فكذلك المصاب بعُصيات الفكر لا تجديه بسط الكـلام في نسف أمراض فكره و لا نـقد مطباته في علم التاريخ و السياسة و الدين بالخطـاب التمحيصي الصارم .
و مـا تتسم به مُقَــيلات العُصَويين أنهـا كثيرة مـا تدور حول التحليلات الظاهرة و السطحية و لا تنـفذ لعمق السياق و كنهه ، فهي إرسالات ليس الغرض منهـا مواجهـة التـاريخ بالحقيقة العلمية و لا الكشف عــن ثنـايا الخطأ في الممـارسة و الفكر و التـاريخ و لا حتـى تقويم بعض الانحرافات التي تجلت في الواقع السياسي الفُقهـائي أو في تأويلاتهم التـاريخانية حول قضايا عدة ، و إنمـا لا تنـفكُّ المٌقَــيلَـة تحركهـا ألم المراهقـة التي راكمت عُـقدَهـا و لم تتخلـص من ثقلهـا الضاغط و لا تحيد عن مسـالك خط الاستشراق القديم البائد في تعـاطيه مع المعطى الإسلامي العـام ، كمـا أنهـا مُقيلات تتسم بالاستعجالية المفرطـة التي تروح إكسـاب الشهـرة "الفكرية" بمنطق "خالف تُعرف" فـلا عـلاقة لهـا البتـة بالمنهـج الجـاد و التحليل الجاد ، و مـن ينـظر في "خـطاب" عصيد كنمـوذج صـارخ لوباء العُصيات الفكرية يدرك بعجـالة شديدة حجم التعقد الذي سببته بكتيريا حمـى" الاسلاموفوبيا" ، فهـو ضل و ظل ينتـقل من تفاهـة لتفاهـة و صـارَ يكتب في كـل شيء إلا في مستـوى عقلـه "المقدس" و غـدا "معلمـة" عَصوية اشتهـرت بأعراضهـا النـادرة تجاه الإسلام و رمـوزه ، كمـا أنهُ أصبحَ "مرجعية تنويرية" لتلامـذة يعـانون من إشكـال معرفي و خصاص في الفكر السياسي لا ملجأ لهم إلا الاحتفاء بهـذا "العبقري" الغزير، غزير الوقاحـة الفكرية و السفسطـة اللغوية !
إن محـاولـة معـالجـة أشخـاص أصيبـوا فعـلا "بجلطـات" في الدمـاغ أو ببيكتيريا شديدة المفعـول تحتـاج من الأطباء الحذر أثنـاء وصف حلول الظاهرة إذ أي خطـأ في التقدير سيفاقم الوضع و يجعله أكثر تـعقيدا ، و من أصيب بعصيات الفكر لا يمكن إطـلاقا في رأينـا تقويمـه بالدراسـات النقدية المعمـقة علـى مـا في ذلك من أهمية رد البـاطل الفكري و لا يجعـلُ من المصابِ شخصـا مُهتديا عـائدا عن انزلاقاته المقصودة و إنمـا لا يتجـاوز اعتبارات تذكير القراء عداء المصاب لذاته و تـاريخه و دينه ليس إلا. فكم من المصابين بلوثـات شديدة من "العَلمنـة" أُخضعـوا تحت العنـاية المركـزة لمفكري الإسلام بالتوجيه و النقد الدقيق دون أن يتمكنـوا من انتـشال هـؤلاء المـرضى المساكين من براثن الوهـم "العَلمـاني" ، ففرج فوده ضل و ظل ينـافحُ عن قديسته اللائكية في (قبل السقوط) و (الحقيقة الغـائبة) رغم جهـود العلمـاء و المفكرين في ترشيد الرجل عبر منـاظراتهم و كتبهم المستقلة في تبديد خيالات و أوهـامه مثل مـا كتبه عبد المجيد صبح في (تهافت قبل السقوط و سقوط صـاحبه 1986 ) و الأستـاذ الكبير منير شفيق في كتـابه الشيق ( بين النهوض و السقوط ).. و العشمـاوي العصوي تجوَّل عبر لفيف من كتبه المكررة المملة ليقدم للقراء مغالطاته التـاريخية السياسية و آراءه الهجينـة حول "الدولة المدنية" و أحكـامه الغريبة فتقدم السـادة العلمـاء بكسـر قواعـده و لجم أباطيله بالكلمة الحرة كمـا فعـل المفكر الإسلامي المرموق محمد عمـارة في ( سقوط الغلو العلمـاني) ككتـاب خـاص بدراسـة افتراءات العشمـاوي و انتهـاكـاته...و مـع كــل الاجتهـادات الجبـارة التي قام بها ثلة من الغيورين علـى رسـالة الإسلام الحضارية عبر التفرغ العلمي لإزالة الشبهـة و كشف الحجة و مـا تفضلوا به من إقـامـة المنـاظرات العلنية لفضـح مزاعم "الإسلامويين"(نقصد بهم العَلمـانيون الذين يدَّعون حمـاية الإسلام من أهلـه) كالمنـاظرة التي جمعت بين سالم البهنساوي و العلمـاني كبير المـاركسيين فؤاد زكريا في 1987 و منـاظرة الأخير مع القرضاوي و الغزالي رحمه الله و غيرهمـا من اللقاءات التي كشفت أمـام الملأ درجة تغلغل العصيات في نظام اشتغـال عقلهم .
ربمـا يدرك السـادة العلمـاء بأن الحوار مـع العَصويين لا يمكن أن يعطي ثمـاره في حق العصوي المَنـاظَـر لكن ذلك بالتأكيد يعطـي صورة واضحـة لهم عند عموم النـاس، فمَهمة الدعـاة تفرض عليهم رد الأباطيل المؤسسة للزيف المعرفي و كشف الأوراق التي يتلاعب بهـا أنـصار "العَلمـانية"، لذلك لا يعلق الكثير من العلمـاء أي أمـل كبير في ترشيد العَصويين نـظرا لكونهـم "تحصيل حاصل" لأمراضهم المتحكمة في منطق النظر و أدوات الاشتغـال و لا يراهَن علــى كتـابات -علـى أهميتهـا الكبيرة – لثنيهم علــى تصويب أفكـارهم الدخيلـة و قراءتهم "العَلمـانية" إذ أن الداء حينمـا يستشري في أنحـاء الجسـد لا تنـفعُ له أدوية و لا مهدئات ، فحسبُ الطبيب وضعُ المريض في وضعية موت سريري يُـقبرُ بعدهـا مع أفكـاره جملة .
عصيـد للأسف مـثال بـارز اجتمعت فيه كــل أمـراض الفكـر و العجرفـة ، فـهو و إن كـان يدّعي زورا بكونـه "حداثيا" منفتحـا علـى الأخـر و مدنيا يقبل التعددية إلا أن تتبع مُقيلاتِــه تدل علــى أن الأمـر يتعـلق بشخص منتفخ الأوداج، لا يتحرى الدقة في مـا يكتب و لا يهمه ذلك ، يرسل شواظ من الأحكـام السريعـة من العيار الثقيل دون أن تكـون له العدة اللازمـة لذلك، يدخـل في حـقول ليس من اختصاصه البتـة فيفرض علـى المتخصصين الرد علـى مهـاتراته ، يتكبر في حديثه عن الآخرين و يستصغـرهم و ينتقص منهـم (كمـا فعلَ في الندوة التي انعقدت في 16 غشت تحت عنوان " اليسار و الحركة الإسلامية : نقاش حول الحريات و الديموقراطية " و التي نظمتها ائتلاف الملكية البرلمانية الآن في نادي المحامين بالرباط ) . يذكرنـا فكره المُلولب بأحـد الغـلاة "العَلمـانيين" فرج فودة مـع اختـلاف أن الأول سطحي للغـاية في طرحـه و الثاني دارس للتـاريخ رغم عدم اختصاصه،الأول صاحب تصانيف أبدعت في المبنـى و خانته المعنى و الثاني لا حـظ لـه لا من المبنى و لا من المعنـى .
يجب أن ننبـه دائمـا إلـى أن التـطرف مذمـوم من أي جهـة حلت ، و "الأمـازيغوي" عصيد أوغـلَ في التطرف عندمـا بدأت تمتـد يده لكـل شيء إلا لنفسه، و مـا قالـهُ خلال الندوة الحقوقية التي نظمتهـا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لا يمكن فهمـه بعيدا عن الذهنية المتطرفـة التي خـاصمت الدين منذ وقت مبكرا، فرغم كونـه يزعم أنه لـم يقصـد الاستفزاز عندمـا تحدث عن رسالـة النبي عليه السلام "أسلم تسلم" بوصفهـا بالإرهـابية إلا أن محـاولات التنصل من ذلك لـن يفيد في شيء في ظل وضوح المعنـى و في ظل عقليـة الاستئصال التي وسمت فكره منذ غير قليل من الزمن ، و كمـا قال بن حمزة " ومن غير المنطقي أن يتنصل صاحب هذه المقالة بعد ذلك بادعاء أنه لم يتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالإرهاب،" ليس من المعقول أن يجهـل أي واحد منـا المعـاني النتنـة التي خرجت من ثنـايا اللسـان المتعفن المليء بالحقد و الحقارة .في الحقيقة لـم أستغرب من كـلامـه و لا من تصريحـاته و لا يمكن لي ذلك ،لكنـي استغربتٌ حـقا ممن استغربوا كـلامـه إذ مـا الذي يمكن أن ينتـظرهُ العـاقل من عَصوِّي أُشرِبَ عداء حـافلا بأورام سرطـان الفكر و جلطات المخ ؟ يجب أن نـفهـم المرجعيات التي تؤثث للفكــر الشـاذ و اعتبار من ينحـدر منهـا تجـاعيدا طبيعيا للبشاعـة الأصلية،فمـا لم نعِ وظيفـة الشرود الديني و الأمية الدينية في تكوين عَصيات الانحـلال الفكري فإن استغرابنـا من أصحـابهـا يظل غريبـا . إن الأصول و الكليات العـامة –كمـا نؤكد دائمـا – هي من تحدد نـوع الخطـاب و أسلوبه و موجـاته و أهدافه ، و هي من ترسـم لنـا العنـاوين العريضـة لأشكـال الممارسات الزائفـة و المتطفلـة علـى الإبداع الحر الخـال من نوازع الهـوى و عَصيات الفكر . فمـا لم ينتبـه النـاس طبيعـة الأرضية الملوثة التي تصدر عنهـا بـاقي فروعهـا فإن الاستغراب سيظل سيد الموقف
تعليق