بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فمن سنن الله في خلقه التدافع بين الحق و الباطل و العداء بين أهل الإيمان و أهل الكفر فأعداء الإيمان لا يريدون ظهور الحق ، ولا علو الإسلام حتى لا يفضح باطلهم فيعملون جاهدين على التشكيك في الإسلام بشتى الطرق عن طريق قلب الحقائق و المجادلة بالباطل و نشر الأكاذيب و الخرافات و تدعيم الأكاذيب و الخرافات بالأدلة الواهية حتى تصير حقائق مسلمة عند ذوي العقول الضعيفة الجاهلة .
قال الله - سبحانه و تعالى - : ﴿ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ ( سورة الكهف من الآية 56 ) أي أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُجَادِلُونَ بِالْبَاطِلِ، أَيْ: يُخَاصِمُونَ الرُّسُلَ بِالْبَاطِلِ، كَقَوْلِهِمْ فِي الرَّسُولِ: سَاحِرٌ، شَاعِرٌ، كَاهِنٌ، وَكَقَوْلِهِمْ فِي الْقُرْآنِ: أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، سِحْرٌ، شِعْرٌ، كِهَانَةٌ، وَكَسُؤَالِهِمْ عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَذِي الْقَرْنَيْنِ، وَسُؤَالِهِمْ عَنِ الرُّوحِ عِنَادًا وَتَعَنُّتًا، لِيُبْطِلُوا الْحَقَّ بِجِدَالِهِمْ وَخِصَامِهِمْ بِالْبَاطِلِ[1].
والحق واضح ولكن الذين كفروا يجادلون بالباطل ليغلبوا به الحق ويبطلوه[2].
و قد قيض الله للإسلام من يدافع عنه و يذب عنه فلا تجد فرية افتراها أعداء الإسلام على الإسلام إلا و نجد عشرات بل مئات يردون عليها و يدحضونها بالحجة و البرهان ،ولا تجد شبهة يرددها أعداء الإسلام إلا و نجد عشرات بل مئات يدفعونها و يسحقونها بالدليل و البرهان .
و هذا مصداقا لقوله تعالى : ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّنُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ ( سورة الصف الآية 8 )أي يُرِيدُ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ ﴿ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ ﴾ أَيْ: مَا بَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، بِمُجَرَّدِ جِدَالِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ، فَمَثَلُهُمْ فِي ذَلِكَ كَمَثَلِ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُطْفِئَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، أَوْ نُورَ الْقَمَرِ بِنَفْخِهِ، وَهَذَا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، فَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتِمَّ وَيَظْهَر َ؛ وَ لِهَذَا قَالَ تَعَالَى مُقَابِلًا لَهُمْ فِيمَا رَامُوهُ وَأَرَادُوهُ : ﴿ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾[3] .
و قوله تعالى : ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ ( سورة الأنبياء من الآية 18 ) أَيْ نُبَيِّنُ الْحَقَّ فَيَدْحَضُ الْبَاطِلَ، وَلِهَذَا قَالَ: فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ أَيْ ذَاهِبٌ مُضْمَحِلٌّ[4].
و مما افتراه أعداء الإسلام من الباطل قولهم أن القرآن ليس من عند الله و ليس بمعجز و بإمكان البشر الإتيان بمثل القرآن و من ثم لا دليل على نبوة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - .
و قد رد القرآن عليهم بما يسحق افترائهم و بما يشفي صدور المؤمنين ، و لم يدع القرآن شبهة للكفار إلا ورد عليها و اقتلع جذورها قال الله - سبحانه و تعالى - : ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾ ( سورة الفرقان الآية 33 ) ولا يأتيك هؤلاء المشركون بصفة غريبة من الصفات التي يقترحونها، ويريدون بها القدح فى نبوتك إلا دحضناها بالحق الذي يدفع قولهم ويقطع عروق أسئلتهم السخيفة، ويكون أحسن بيانا مما يقولون[5] . أي : وَلَا يَقُولُونَ قَوْلًا يُعَارِضُونَ بِهِ الْحَقَّ، إِلَّا أَجَبْنَاهُمْ بِمَا هُوَ الْحَقُّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَبْيَنُ وَأَوْضَحُ وَأَفْصَحُ مِنْ مَقَالَتِهِمْ[6] .
أي : أنهم كلما جاءوا بمثل أو عرض شبهة ينزل القرآن الكريم بإبطال دعواهم وتفنيد كذبهم، وإلغاء شبهتهم ، وإحقاق الحق في ذلك وبأحسن تفسير لما اشتبه عليهم واضطربت نفوسهم فيه[7] .
قال الشعراوي – رحمه الله - : « ﴿ وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ ﴾ أي: بشيء عجيب يستدركون به عليك ﴿ إِلاَّ جِئْنَاكَ بالحق ﴾ أي : ردّاً عليهم بالحق الثابت الذي لا جدالَ فيه »[8].
__________________________________
[1] - أضواء البيان للشنقيطي 3/306
[2] - في ظلال القرآن لسيد قطب 4/2276
[3]- تفسير ابن كثير 4/136
[4]- تفسير ابن كثير 5/294
[5]- تفسير المراغي 19/13
[6]- تفسير ابن كثير 6/99
[7]- أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 3/613
[8]- تفسير الشعراوي 14/8798
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعـده ، وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فمن سنن الله في خلقه التدافع بين الحق و الباطل و العداء بين أهل الإيمان و أهل الكفر فأعداء الإيمان لا يريدون ظهور الحق ، ولا علو الإسلام حتى لا يفضح باطلهم فيعملون جاهدين على التشكيك في الإسلام بشتى الطرق عن طريق قلب الحقائق و المجادلة بالباطل و نشر الأكاذيب و الخرافات و تدعيم الأكاذيب و الخرافات بالأدلة الواهية حتى تصير حقائق مسلمة عند ذوي العقول الضعيفة الجاهلة .
قال الله - سبحانه و تعالى - : ﴿ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ ( سورة الكهف من الآية 56 ) أي أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُجَادِلُونَ بِالْبَاطِلِ، أَيْ: يُخَاصِمُونَ الرُّسُلَ بِالْبَاطِلِ، كَقَوْلِهِمْ فِي الرَّسُولِ: سَاحِرٌ، شَاعِرٌ، كَاهِنٌ، وَكَقَوْلِهِمْ فِي الْقُرْآنِ: أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، سِحْرٌ، شِعْرٌ، كِهَانَةٌ، وَكَسُؤَالِهِمْ عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَذِي الْقَرْنَيْنِ، وَسُؤَالِهِمْ عَنِ الرُّوحِ عِنَادًا وَتَعَنُّتًا، لِيُبْطِلُوا الْحَقَّ بِجِدَالِهِمْ وَخِصَامِهِمْ بِالْبَاطِلِ[1].
والحق واضح ولكن الذين كفروا يجادلون بالباطل ليغلبوا به الحق ويبطلوه[2].
و قد قيض الله للإسلام من يدافع عنه و يذب عنه فلا تجد فرية افتراها أعداء الإسلام على الإسلام إلا و نجد عشرات بل مئات يردون عليها و يدحضونها بالحجة و البرهان ،ولا تجد شبهة يرددها أعداء الإسلام إلا و نجد عشرات بل مئات يدفعونها و يسحقونها بالدليل و البرهان .
و هذا مصداقا لقوله تعالى : ﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّنُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ ( سورة الصف الآية 8 )أي يُرِيدُ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ ﴿ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ ﴾ أَيْ: مَا بَعَثَ بِهِ رَسُولَهُ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، بِمُجَرَّدِ جِدَالِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ، فَمَثَلُهُمْ فِي ذَلِكَ كَمَثَلِ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُطْفِئَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، أَوْ نُورَ الْقَمَرِ بِنَفْخِهِ، وَهَذَا لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، فَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتِمَّ وَيَظْهَر َ؛ وَ لِهَذَا قَالَ تَعَالَى مُقَابِلًا لَهُمْ فِيمَا رَامُوهُ وَأَرَادُوهُ : ﴿ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾[3] .
و قوله تعالى : ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ ( سورة الأنبياء من الآية 18 ) أَيْ نُبَيِّنُ الْحَقَّ فَيَدْحَضُ الْبَاطِلَ، وَلِهَذَا قَالَ: فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ أَيْ ذَاهِبٌ مُضْمَحِلٌّ[4].
و مما افتراه أعداء الإسلام من الباطل قولهم أن القرآن ليس من عند الله و ليس بمعجز و بإمكان البشر الإتيان بمثل القرآن و من ثم لا دليل على نبوة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - .
و قد رد القرآن عليهم بما يسحق افترائهم و بما يشفي صدور المؤمنين ، و لم يدع القرآن شبهة للكفار إلا ورد عليها و اقتلع جذورها قال الله - سبحانه و تعالى - : ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾ ( سورة الفرقان الآية 33 ) ولا يأتيك هؤلاء المشركون بصفة غريبة من الصفات التي يقترحونها، ويريدون بها القدح فى نبوتك إلا دحضناها بالحق الذي يدفع قولهم ويقطع عروق أسئلتهم السخيفة، ويكون أحسن بيانا مما يقولون[5] . أي : وَلَا يَقُولُونَ قَوْلًا يُعَارِضُونَ بِهِ الْحَقَّ، إِلَّا أَجَبْنَاهُمْ بِمَا هُوَ الْحَقُّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَبْيَنُ وَأَوْضَحُ وَأَفْصَحُ مِنْ مَقَالَتِهِمْ[6] .
أي : أنهم كلما جاءوا بمثل أو عرض شبهة ينزل القرآن الكريم بإبطال دعواهم وتفنيد كذبهم، وإلغاء شبهتهم ، وإحقاق الحق في ذلك وبأحسن تفسير لما اشتبه عليهم واضطربت نفوسهم فيه[7] .
قال الشعراوي – رحمه الله - : « ﴿ وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ ﴾ أي: بشيء عجيب يستدركون به عليك ﴿ إِلاَّ جِئْنَاكَ بالحق ﴾ أي : ردّاً عليهم بالحق الثابت الذي لا جدالَ فيه »[8].
__________________________________
[1] - أضواء البيان للشنقيطي 3/306
[2] - في ظلال القرآن لسيد قطب 4/2276
[3]- تفسير ابن كثير 4/136
[4]- تفسير ابن كثير 5/294
[5]- تفسير المراغي 19/13
[6]- تفسير ابن كثير 6/99
[7]- أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري 3/613
[8]- تفسير الشعراوي 14/8798
تعليق