يمثل التغريب في أبعاده المتعددة تحديا صعبا لأنصار التغيير الحقيقي و طلاب النهضة الأصيلة ، كما يمثل في نفس الوقت المحك الصعب في سبيل إعادة مسار الوجود الاجتماعي إلى موقعه الطبيعي بحيث ينسجم مع جذوره الحضاري و محيطه التداولي ، فالأمــر هنا لا يتعلق بمجرد عمليات رياضية تفرز نتـائــج صحيحة بالضرورة من قِِــبَــلِِ أنصار التغيير الأصيل و إنما يتعلق بتحديات تنساب إلى عالم الذهنيات و العقليات و أنماط التفكير و موروثات استقر عليها العقل الغثائي و تحوَّلت مع تعاقب الأجيال إلى معيقات موضوعية و عقبات حادة تقتضي من أجل إدراك طبيعة حلولها وقتا طويلا و نَــفَــساً صبورا حتــى يتم تلغيم العوائد السلبية و أسس تفكير الإنسان المُغرَّب ، يقول سبحانه و تعالــى في كتابه الحكيم ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الرعد 11 . إن هذا الأمــر أصبح يبدو في زمننا المعاصر بديهيا و أكثر جلاءً بالنظر إلــى حجم الاختراقات التي تعرض لها الإنسان المغرَّب و بالنظر إلــى مستوى الشرخ الذي أصاب قاعدته القلبية و العقلية بحيث أنتج لنا التغريب إنسانا آخر في تكوينه العقلي و نظامه التربوي يختلف مطلقا مع الإنسان المطلوب تكوينه فكريا و تربويا و ِرسالياً ، لقد أصاب التغريب العقل و القلب و حوَّلهما إلــى أدوات وضيعة غير فاعلة على مستوى إثبات الذات أودت بنا جميعا إلــى مأزق خطير من التردي الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي و أفقدت عقلنا الجمعي مفاعيل الحركة و روح المبادرة كانت نهايتها عـبـثـيـة فاحشة و لامبالاة مقيتة و تكلُّــس سلوكي فاضح ، بكلمة ، أصبحنا كما أخبرنا الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام بأننا غثاء كغثاء السيل ، ثـــم أماط اللثام عن السبب فجمعها الحبيب بداء الوهن.
علـــى أن الإنسان المُــغرَّب المعاصر قِـيميّـاً و سلوكياً بــدا يعاني من انفصام حاد في شخصيته ، بين ما ينتمي إلى محيطه الإسلامي الأصيل و بين ما يدين له بالولاء من أفكار تغريبية و قيم خارجة عن سياق تاريخه ، و بــدا كما لو أنه مُــمَــزق في نظامه الوجودي بحيث يستقي أنماط حركته من عالم آخر متحرر من الدِّين و متمرد عن أية قيود أخلاقية في الوقت الذي يجد نفسه أمام نداء ضميره الفِطري و إسلامه الشامل ، ما الذي ينقـــذ هذا الإنسان المُـغرَّب من ازدواجية تفكيره غيرَ العودة إلــى حنينِ دينه و روح إسلامه الحنيف ، ما الذي يدعو إلى التحرر بالدين من كل أشكال الزيف المعرفي و التشوه السلوكي و الغثائية العدمية غــيــرَ هذا الإســلام الانقلابي ، لــقد أضحــى الإنسان المغرَّب أسيرَ نفسه و أسير هــواه لا يدركَ أنه صاحب رسالة في هذا العالم المَــوَّار و أنــه ما خُــلِــقَ لِـيَـتِـيـهَ بين مطالب ذاته و طاعة غيره من المتحررين من الدين ، و بموجب هذا التغريب الذاتي فقدَ الإنسان المسلم معنى وجوده و موقعه في الخريطة ، فقــدَ وظيـفـته في الحياة و تــحوَّل معه الدين إلى طقوس و ترانيم في مراسيم يُستدعى عند الصدمة الأولى لا غير . إنــه لا مناص من نفخ نمط جديد من التفكير في هياكل المغرَّبين و التدرج معهــم في تغيير مرجعية العبث التي سيطرت على قطاع واسع من الناس ، لا بــد من إعادة تشكيل العقل المسلم كما نادى بها عماد الدين خليل في كتابه ( نحو إعادة تشكيل العقل المسلم ).
ينشط التغريب في الدول المتخلفة و تدعمها الدول المستبدة بكل أشكال الفجور و العبث صرفاً للناس عن سياسات الظلم و القهر الاجتماعي التي تمارسها أنظمة القمع في حق شعوبها ، و تـنـفِـقُ في سبيل ذلك ما لا يُــحصى من الأموال و تستنفر إمكانات بشرية هائلة تحت أشكال متعددة من الذرائع و المسميات مُــغلَّفـة بشعارات تأخذ أبعادا ثقافية أو فنية ظاهرها الرحمة و باطنها الأســى و الألم الغائر، ثــم يتساءل الجميع بعدما يشتـدُّ عود التغريب و يُــحـوِّل الدول إلــى أوراق كرتونية مذعورة : ما الذي جــعل الشعوب خاملة لا تلقي بالا لسياسات حكوماتها الظالمة ؟ ما الذي قـتـلَ في الشباب حب التضحية و البذل ؟ ما الذي جعلَ الجموع البشرية أشتاتا منثورة في البلد الواحد رغم ضنكِ عيشهم و اشتراكهم في تسلط الظلم عليهم ؟ ما الذي قـتـل في المسلمين الغيرة و الإيثار و النهي عن المنكـر ؟ ما الذي حـــوَّلَ النساء في ديار الإسلام إلى بضاعات تُــشترى بأثمان بخسة و يُــعاكسنَ في وضَــحِ النهار و بأقـذر الكلمات ؟ ما الذي أماتَ في المسلمين فرض نصرة إخوانهم في العالم حتى على مستوى التظاهر السلمي ؟ ما الذي مــزَّق أسَرنــا و فــكَّــكَ قيمنا و أفسد مجتمعاتنا بالبلاوى و المنكرات ؟ أســئــلة تطول و تطوف و يأبــى الواحد منا وضع يــده على مكان الجــرح لعلاجه.
الغـــناء ! كــلمــة أصبح لها وقع خــاص في عيون عشاقها و أصبحت لهول سيطرتها على الناس في مقام شريف ، أصبح الغناء شكل حضاري أدرجوهُ تحت مسمى الفن و قالوا عنه أنه مطلب روحي وجداني ! غدا أسلوبا معاصرا لا يستفز أحــد و لا يثير حنق أحد ، معبودا و تراتيل يندمج فيه الإنسان بالعقل و اللسان ، و مــع تقدم أدوات السماع إلى أجهزة خفيفة محمولة أصبع الغناء ظــلاًّ للإنسان و أنيسا له ، فهذا تجد أذنيه مُــغلَّفَــة بسماعات الغناء أمــد اليوم تسكَّــرت أُذنيهِ بالصوت الصاخب أو الغناء الفاحش و لا اعتبار ، و هذا بأذنيه لصيقة بسماعة الهاتف النقال يستمع علنا و يُســمِعُ غيره شاء أو كــره و لا اعتبار ، و هذا في سيارته بأسطوانة الغناء لا تفارقه لحظة و لا اعتبار ، و انتقل العدوى – عدوى الغناء الفاحش – ليصل ضجيجه داخل أسوار بيوت الله من خلال فتنة الغناء الصاخب لأجهزة الهواتف النقالة ، فما عاد الواحد منا يصلي خاشعا دون سماع أشكال الصخب المتنوعة و لا اعتبار ، مــا الذي فعلــه الغناء الفاحش بعقول أجيالنا إلا أن غــرَّب عقولهم و جفف قلوبهم من أي إحساس بالنشوة الإيمانية ، ثم نسأل ما نصيب و مسؤولية الغناء في التخلف الحضاري و التكلس العقلي للأمة ؟ ما أثــر الغناء في تفكيك قيم المجتمع الإسلامية ؟ .
و يستمر نزيف التغريب بأداة الغناء حينما يصير بيد الدولــة إلــى مشروع و رهان استراتيجي تُــوظفه في سبيل تفكيك الروابط الاجتماعية و تمزق من خلالها قنوات الصمود و الوحدة داخل المجتمع ، لذلك نجد الدول المنحطة سياسيا القابضة على كراسي الحكــم من أشــد الدول استعمالا لآلية الغناء و أكثرها نفقة على هذا المطلب بالنظر إلــى مصلحتها القاضية بتحويل المجتمع الصلب إلــى كتلة بشرية فاقدة للقيادة المنظمة و فاقدة للأي وعــي بالمسؤولية ، علـــى هــذا الأساس تدفقت سيول ضخمــة من المهرجانات الغنائية الغثائية و السهرات التافهات و ليالي الأمسيات الصاخبة بالمغرب مــثلا و بأموال كان الأولــى أن تُــصرَفَ على اليتامــى المعوزين و المعطلين و ... ، لقــد راقبنا تلك الليالي الصاخبة وسط جمــوع كثيفة من الناس فما وجدنا إلاَّ وضعا غثائيا نخرها الوهن يصير مع تعاقب أنشطة الصخب و التهريج إلــى مجتمع لا يفكر إلا في ذاتــه و هواه بعيدا عن نداء الله و صوت الحق ، نــعم تابعنا ذلك بكل أسى و حزن على ما فرطــنا في رسالة الإسلام و عدل الإسلام و إحسان الإسلام ، فما وجدنا الأزمة إلا فينا نصنعها بأيدينا و نغذيها بأفعالنا الساذجة ، أستغـفر الله فكل شيء إلا بيد الله يجريها على العباد كيف يشاء . وجــد شبابنا الضائع في الغناء متنفسا مُــعلَّــباً لوضعيتهم الصعبة فأرادوا علاج حالات الرتابة و البطالة و البؤس الاجتماعي بضرر أشد فتكا ، لقد تحرك التغريب في شكله الغنائي الغثائي بسرعة رهيبة أُسِـــرَ فيه قطاع واسع من الناس غير قادرين على التحرر من سلطة هذا الأخطبوط الضاري أو التحكم به على الأقل ، فما لــم يُــدرَك الجميع مدى خطورة التغريب الغنائي في بناء الشخصية السوية سيظــلُّ جانبا هاما من أزمــة الواقع مستمرا حتى إشعار آخـــر و لــلــه الأمــر من قبل و من بعــد
علـــى أن الإنسان المُــغرَّب المعاصر قِـيميّـاً و سلوكياً بــدا يعاني من انفصام حاد في شخصيته ، بين ما ينتمي إلى محيطه الإسلامي الأصيل و بين ما يدين له بالولاء من أفكار تغريبية و قيم خارجة عن سياق تاريخه ، و بــدا كما لو أنه مُــمَــزق في نظامه الوجودي بحيث يستقي أنماط حركته من عالم آخر متحرر من الدِّين و متمرد عن أية قيود أخلاقية في الوقت الذي يجد نفسه أمام نداء ضميره الفِطري و إسلامه الشامل ، ما الذي ينقـــذ هذا الإنسان المُـغرَّب من ازدواجية تفكيره غيرَ العودة إلــى حنينِ دينه و روح إسلامه الحنيف ، ما الذي يدعو إلى التحرر بالدين من كل أشكال الزيف المعرفي و التشوه السلوكي و الغثائية العدمية غــيــرَ هذا الإســلام الانقلابي ، لــقد أضحــى الإنسان المغرَّب أسيرَ نفسه و أسير هــواه لا يدركَ أنه صاحب رسالة في هذا العالم المَــوَّار و أنــه ما خُــلِــقَ لِـيَـتِـيـهَ بين مطالب ذاته و طاعة غيره من المتحررين من الدين ، و بموجب هذا التغريب الذاتي فقدَ الإنسان المسلم معنى وجوده و موقعه في الخريطة ، فقــدَ وظيـفـته في الحياة و تــحوَّل معه الدين إلى طقوس و ترانيم في مراسيم يُستدعى عند الصدمة الأولى لا غير . إنــه لا مناص من نفخ نمط جديد من التفكير في هياكل المغرَّبين و التدرج معهــم في تغيير مرجعية العبث التي سيطرت على قطاع واسع من الناس ، لا بــد من إعادة تشكيل العقل المسلم كما نادى بها عماد الدين خليل في كتابه ( نحو إعادة تشكيل العقل المسلم ).
ينشط التغريب في الدول المتخلفة و تدعمها الدول المستبدة بكل أشكال الفجور و العبث صرفاً للناس عن سياسات الظلم و القهر الاجتماعي التي تمارسها أنظمة القمع في حق شعوبها ، و تـنـفِـقُ في سبيل ذلك ما لا يُــحصى من الأموال و تستنفر إمكانات بشرية هائلة تحت أشكال متعددة من الذرائع و المسميات مُــغلَّفـة بشعارات تأخذ أبعادا ثقافية أو فنية ظاهرها الرحمة و باطنها الأســى و الألم الغائر، ثــم يتساءل الجميع بعدما يشتـدُّ عود التغريب و يُــحـوِّل الدول إلــى أوراق كرتونية مذعورة : ما الذي جــعل الشعوب خاملة لا تلقي بالا لسياسات حكوماتها الظالمة ؟ ما الذي قـتـلَ في الشباب حب التضحية و البذل ؟ ما الذي جعلَ الجموع البشرية أشتاتا منثورة في البلد الواحد رغم ضنكِ عيشهم و اشتراكهم في تسلط الظلم عليهم ؟ ما الذي قـتـل في المسلمين الغيرة و الإيثار و النهي عن المنكـر ؟ ما الذي حـــوَّلَ النساء في ديار الإسلام إلى بضاعات تُــشترى بأثمان بخسة و يُــعاكسنَ في وضَــحِ النهار و بأقـذر الكلمات ؟ ما الذي أماتَ في المسلمين فرض نصرة إخوانهم في العالم حتى على مستوى التظاهر السلمي ؟ ما الذي مــزَّق أسَرنــا و فــكَّــكَ قيمنا و أفسد مجتمعاتنا بالبلاوى و المنكرات ؟ أســئــلة تطول و تطوف و يأبــى الواحد منا وضع يــده على مكان الجــرح لعلاجه.
الغـــناء ! كــلمــة أصبح لها وقع خــاص في عيون عشاقها و أصبحت لهول سيطرتها على الناس في مقام شريف ، أصبح الغناء شكل حضاري أدرجوهُ تحت مسمى الفن و قالوا عنه أنه مطلب روحي وجداني ! غدا أسلوبا معاصرا لا يستفز أحــد و لا يثير حنق أحد ، معبودا و تراتيل يندمج فيه الإنسان بالعقل و اللسان ، و مــع تقدم أدوات السماع إلى أجهزة خفيفة محمولة أصبع الغناء ظــلاًّ للإنسان و أنيسا له ، فهذا تجد أذنيه مُــغلَّفَــة بسماعات الغناء أمــد اليوم تسكَّــرت أُذنيهِ بالصوت الصاخب أو الغناء الفاحش و لا اعتبار ، و هذا بأذنيه لصيقة بسماعة الهاتف النقال يستمع علنا و يُســمِعُ غيره شاء أو كــره و لا اعتبار ، و هذا في سيارته بأسطوانة الغناء لا تفارقه لحظة و لا اعتبار ، و انتقل العدوى – عدوى الغناء الفاحش – ليصل ضجيجه داخل أسوار بيوت الله من خلال فتنة الغناء الصاخب لأجهزة الهواتف النقالة ، فما عاد الواحد منا يصلي خاشعا دون سماع أشكال الصخب المتنوعة و لا اعتبار ، مــا الذي فعلــه الغناء الفاحش بعقول أجيالنا إلا أن غــرَّب عقولهم و جفف قلوبهم من أي إحساس بالنشوة الإيمانية ، ثم نسأل ما نصيب و مسؤولية الغناء في التخلف الحضاري و التكلس العقلي للأمة ؟ ما أثــر الغناء في تفكيك قيم المجتمع الإسلامية ؟ .
و يستمر نزيف التغريب بأداة الغناء حينما يصير بيد الدولــة إلــى مشروع و رهان استراتيجي تُــوظفه في سبيل تفكيك الروابط الاجتماعية و تمزق من خلالها قنوات الصمود و الوحدة داخل المجتمع ، لذلك نجد الدول المنحطة سياسيا القابضة على كراسي الحكــم من أشــد الدول استعمالا لآلية الغناء و أكثرها نفقة على هذا المطلب بالنظر إلــى مصلحتها القاضية بتحويل المجتمع الصلب إلــى كتلة بشرية فاقدة للقيادة المنظمة و فاقدة للأي وعــي بالمسؤولية ، علـــى هــذا الأساس تدفقت سيول ضخمــة من المهرجانات الغنائية الغثائية و السهرات التافهات و ليالي الأمسيات الصاخبة بالمغرب مــثلا و بأموال كان الأولــى أن تُــصرَفَ على اليتامــى المعوزين و المعطلين و ... ، لقــد راقبنا تلك الليالي الصاخبة وسط جمــوع كثيفة من الناس فما وجدنا إلاَّ وضعا غثائيا نخرها الوهن يصير مع تعاقب أنشطة الصخب و التهريج إلــى مجتمع لا يفكر إلا في ذاتــه و هواه بعيدا عن نداء الله و صوت الحق ، نــعم تابعنا ذلك بكل أسى و حزن على ما فرطــنا في رسالة الإسلام و عدل الإسلام و إحسان الإسلام ، فما وجدنا الأزمة إلا فينا نصنعها بأيدينا و نغذيها بأفعالنا الساذجة ، أستغـفر الله فكل شيء إلا بيد الله يجريها على العباد كيف يشاء . وجــد شبابنا الضائع في الغناء متنفسا مُــعلَّــباً لوضعيتهم الصعبة فأرادوا علاج حالات الرتابة و البطالة و البؤس الاجتماعي بضرر أشد فتكا ، لقد تحرك التغريب في شكله الغنائي الغثائي بسرعة رهيبة أُسِـــرَ فيه قطاع واسع من الناس غير قادرين على التحرر من سلطة هذا الأخطبوط الضاري أو التحكم به على الأقل ، فما لــم يُــدرَك الجميع مدى خطورة التغريب الغنائي في بناء الشخصية السوية سيظــلُّ جانبا هاما من أزمــة الواقع مستمرا حتى إشعار آخـــر و لــلــه الأمــر من قبل و من بعــد
تعليق