( قصة أغرب من خيال !!! ) زواج كمال السنانيرى وأمينة قطب رحمهما الله تعالى ،،،
إنَّ قصة زواج "أمينة" من الشهيد "السنانيري" لتبعث على الإجلال والعجب معاً، فقد تمَّ الرباط بينهما حين كان الشهيد كمال السنانيري داخل السجن.
تقول السيدة أمينة: كان هذا الرباط ...قمة التحدي للحاكم الفرد الطاغية الذي قرر أن يقضي على دعاة الإسلام بالقتل أو الإهلاك بقضاء الأعمار داخل السجون.. لقد سجن الداعية الشهيد كمال السنانيري في عام 1954م، وقُدِّم إلى محاكمة صورية مع إخوانه لأنهم يقولون ربنا الله.. وحكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة (25 عاماً) ثم يعاد بعدها إلى المعتقل.
وبعد مرور خمس سنوات خرج ليدخل مستشفى السجن، وفيها قابل الأستاذ "سيد قطب"، الذي كان يعالج في نفس المستشفى، وفي هذا المكان طلب "السنانيري" يد "أمينة" من أخيها "سيد"، وبعد عرض الأمر عليها وافقت على هذه الخطبة التي ربما تمتد فترتها لتستمر عشرين عامًا، هي الفترة الباقية لهذا الخطيب المجاهد حتى يخرج من محبسه الظالم، وتم العقد بعد ذلك، على الرغم من بقاء العريس خلف الأسوار المظلمة، وكأن "أمينة" بذلك تعلمنا معاني كثيرة؛ تعلمنا التضحية الفريدة، فقد كانت شابة ولم يفرض عليها أحد هذا الاختيار، إنها عشرون عامًا، ليست عشرين يومًا أو حتى عشرين شهرًا!! وكأنها كذلك تذكر أولئك المجاهدين المحبوسين عن نور الشمس بالأمل والثقة في وعد الله واختياره،
وكان الزوج العطوف يكره لها غبنًا أو ظلمًا، فارسل لها : "لقد طال الأمد، وأنا
مشفِقٌ عليك من هذا العناء، وقد قلت لكِ في بدء ارتباطنا قد يُفرَج عني غدًا، وقد أمضي العشرين سنة الباقية أو ينقضي الأجل، ولا أرضَى أن أكون عقبةً في طريق سعادتك، ولكِ مطلَق الحرية في أن تتخذي ما ترينه صالحًا في أمرِ مستقبلك من الآن، واكتبي لي ما يستقرُّ رأيُك عليه، والله يوفقك لما فيه الخير".، ووصل رد "أمينة" في رسالة تنبئ عن كريم أصلها، جاء فيها: "لقد اخترت أملاً أرتقبه، طريق الجهاد والجنة، والثبات والتضحية، والإصرار على ما تعاهدنا عليه بعقيدة راسخة ويقين دون تردد أو ندم".
ومرت السنوات الطويلة سبعة عشر عامًا، خرج الزوج بعد أن أفرج عنه عام 1976م، ليواصل مع "أمينة" الأمينة رحلة الوفاء والكفاح، وتمَّ الزواج، وعاشت أمينة معه أحلى سنوات العمر. وفي الرابع من سبتمبر سنة 1981م اختُطف منها مرة أخرى ليودع في السجن، ويبقى فيه إلى أن يلقى الله شهيداً من شدة و هول ما لاقاه من تعذيب في السادس من نوفمبر من العام نفسه، وسُلِّمت جثته إلى ذويه شريطة أن يوارى التراب دون إقامة عزاء..
وظلت "أمينة" تعيش على تلك الذكريات الجميلة، ذكريات الحب والوفاء والجهاد والإخلاص.
وكتبت في شعرها: متساءلة بلوعة بعد فراقه:
هـل ترانـا نلتقـي أم أنهـا *** كانت اللقيا على أرض السـراب؟!
ثـم ولَّـت وتلاشـى ظلُّهـا *** واستحـالت ذكـرياتٍ للعـذاب
هكـذا يسـأل قلبي كلمــا *** طالت الأيـام من بعـد الغيـاب
فإذا طيفـك يرنـو باســمًا *** وكـأني في استمـاع للجـواب
أولم نمضِ على الدرب معًـا *** كي يعـود الخـير للأرض اليبـاب
فمضينـا في طـريق شائـك *** نتخلـى فيه عن كـل الرغـاب
ودفنَّا الشوق في أعماقنـا *** ومضينـا في رضــاء واحتسـاب
قد تعاهـدنا على السيـر معـًا *** ثم عاجلـت مُجيبًا للذهـاب
حيـن نـاداك ربٌّ منـعـمٌ *** لحيـاة في جنـان ورحــاب
ولقـاء في نعيـم دائـم *** بجنـود الله مرحى بالصحـــاب
قدَّمـوا الأرواح والعمـر فدا *** مستجيبيـن على غـير ارتياب
فليعُـد قلبك من غفـلاته *** فلقـاء الخلد في تلك الرحــاب
أيهـا الراحل عـذرًا في شكـاتي *** فـإلى طيفك أنَّات عتـاب
قد تركـت القلب يدمي مثقلاً *** تائهًا في الليل في عمق الضباب
وإذ أطـوي وحيدًا حائـرًا *** أقطع الدرب طويلاً في اكتئـاب
فإذ الليل خضـمٌّ موحِـشٌ *** تتلاقى فيـه أمـواج العـذاب
لم يعُد يبــق في ليلـي سنًا *** قد توارت كل أنـوار الشهاب
غير أني سوف أمضـي مثلما *** كنت تلقـاني في وجه الصعاب
سوف يمضي الرأس مرفوعًا فلا *** يرتضي ضعفًا بقول أو جواب
سوف تحذوني دماء عابقـات *** قد أنـارت كل فجٍ للذهـاب
استمعوا لها بصوت الشيخ سعد الغامدي :
http://www.youtube.com/watch?v=WV7aJFTP9GA
تعليق