التغريب كآلية للتخلف

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الطلحاوي الإسلام اكتشف المزيد حول الطلحاوي
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الطلحاوي
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 30 مار, 2013
    • 119
    • أستـاذ
    • الإسلام

    التغريب كآلية للتخلف

    الـسلام عليكم

    نتساءل في البدء : ما الذي يجعلنا نكــره التغريب و نبغضه ؟ و نضيف : ما الذي يفرض علينا أن لا نكون تغريبيون ؟ إننا لا نشك إطلاقا في ما أدت إليها عجلة التغريب من انحطاط رهيب مـــيَّــعت العقل الإسلامي و أودتــه إلــى جحيم الغفلــة عن الــلــه ، إننا لا نشك في واقعنا المعاصر الذي تحول إلى كتلة بشرية هائلة و فاقدة للحركة و التأثير، بــعد أن تمت السيطرة الاستكبارية على أوطاننا بقبضة الحديد و النــار كان لا بــد من ترويض أصحاب الرسالة في ديارنا و كان لا بد أن تــدوم خطط الترويض الممنهج سنوات لتمييع الفكــر الأصيل أمــلا في خلق ازدواجيات متناحرة في المعايير و البنى الاجتماعية ، كان علــى الغالبين إخضاع المغلوبين في اتباع قيمهم المرتبطة بالحضارة و التاريخ ، كــان عليهم أن يغيروا من منطق لغة النار في إدارة المعركة إلــى منطق الليونة و التفكيك فانطلقوا يجهدون في إيجاد الطريق نحو تمزيق العقول و تشريخ التاريخ و نشر الشبهات و إحياء المخطوطات أمــلا في صناعة عقول مغايرة متذبذبة لا تعرف موقعها من الوجود و لا تدرك أي سبيل تسلك للخلاص ، و لــقد نجحوا في هذا أيما نجاح و استطاعوا أن يسلخونا عن ديننا و أن يعيدوا رسم خرائطنا الفكرية و التحكم بها عن بعد في ظـــل التمزقات و التشنجات التي أحدثتها القبضة الاستكبارية على أوطاننا .

    انطلق التغريب يسرح و يمرح وسط تناقضات فجة في المجتمع فوجد مناخا مناسبا لتفريخ العقول المعتلَّــة و بناء مرجعيات قومية و أديولوجيات دهرية و أفكار مُــعلَّبــة فأصبح المجتمع أخــلاط أفكار تتصارع كما تتصارع الكراكيز في مسرحيات اللهو و المرح ، و تحوَّلت الرسالة و القصد الإسلامي إلــى مرجعية غائبة في حلبة الصراع بعد أن تــم سرقة إنجازاتها التحريرية و بطولاتها التاريخية ضد الاستكباريون من طرف أصحاب القوميات و الاديولوجيات الدهرية ، و زاد التغريب في الدوران حينما تحولت إلـــى آلــة الدولة تُـصدِّر عبر قنواتها كــل ألوان التمييع و التفكيك فحولت المجتمع الإسلامي الملتزم بقيم دينه إلى مجتمع غثائي مُــفكَّك في أساليب تفكيره و ممزق في هويته أفقدته القدرة على الصمود و التحدي و أحالته إلى ورقة توت منحورة ، و هذه الأنظمة التغريبية المجزّأة مارست دورا خطيرا في تثبيت قيم الكسل و تآكــل خيار التدافع الحضاري و جــردته من أهــم سلاح يمكن أن يتصدى للنفوذ الإفرنجي . إن الذي يتأمــل في واقع مجتمعاتنا الإسلامية يجدها قد تغيرت في منطلقاتها و مرجعيتها التأسيسية و أصبحت أمــة لا تقوى لنصرة إخواننا الذين يُبادون في العراق و فلسطين و لبنان و الشيشان ... لقد أصبح كــل شيء في بلداننا يسير على اللهو و المجون و إقامة السهرات و الأمسيات و المهرجانات و أفلام العبث و مسلسلات تغريب الفتيات و كأننا نــود أن نكون خير أمة أخرجت للناس بهذه الأدوات التافهة ، إن سنن الله في الأرض لا تحابي أحدا من العالمين و قد أرشدنا ديننا أن التمكين في الأرض يرثه عباد الله الصالحين لا الساهرين الغافلين ، قال تعالــى {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }الحج41 .

    لقـد أدى التغريب القيمي بنا إلــى انهيار شامل في المعنويات و انحطاط بالغ في السلوكات دون أن يسأل أحد منا : تُــرى لم لا يكون التغريب أحــد أهــم التخلف الحضاري ؟ لِــمَ لا يكون التغريب المصدر الأول في نكساتنا و نكباتنا خصوصا و أن الله سبحانه و تعالى وعد المؤمنين الصادقين الذين ينصرون دينه بنصر من عنده ؟ لماذا لا يعترف أحد منا بأن ما تقوم به أنظمتنا من تمييع و تفكيك عبر أدواتها الإعلامية تمثل أهــم أسباب التعثر السلوكي الذي سيطر على أبنائنا بشكل رهيب و حوَّلهم إلى كائنات غير مُؤدبة ؟ إن التغريب الذي نكرهه لا ينحصر في البعد الحضاري و الثقافي و الاجتماعي و إنما يرتبط ببنية كلية تستمد جذورها من الوجود الغربي في تاريخه التكويني و في أنماط قيمه التي تجسدت في أساليب العيش المجرد عن وازع الدين ، فالتغريب بهذا المعنى لا ينفصل عن التغريب السياسي و الاقتصادي لأنظمة التجزئة و إنما يمثل دعامته و أساس بقاءه ، و لذلك وجدنا أن الذين يسهمون في نشر التغريب الاجتماعي هم في طليعة أولئك الذين يمارسون استبدادا في الحكم و تغريبا في السياسة ، فنحن نفهم التغريب كمرجعية مستقلة لها قيمها الخاصة و نظامها الداخلي و قوانينها المتحكمة في مقابل مرجعية الإسلام و رؤيته للحياة و الكون و الإنسان .

    لقد كان الأستاذ منير شفيق أهم كاتب في حدود علمي أدرك مركزية التغريب في إنتاج التخلف و الهزائــم من خلال كتاباته النفيسة خصوصا كتابه ( الإسلام و تحديات الإنحطاط المعاصر : قضايا التجزئة و الصهيونية ، التغريب و التبعية ) ، لقد صدق حينما قال : إن التغريبين الذين أرادوا تطبيق الاشتراكية و غيرها على مستوى الدولة لم تزدهم إلا تخلفا و انحطاطا ، و حينما تأتي لحظة المواجهة مع الآخر لا يجدون إلا مجتمعا كسولا خاملا مُفككا ، نــعم فالإنسان لا يحصــد إلا ما زرع و الدولة لا تجني إلا سوء أعمالها و لا حول و لا قوة إلا بالله

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
ردود 7
22 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 19 يول, 2024, 02:38 ص
ردود 7
33 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 19 يول, 2024, 02:11 ص
ردود 4
18 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 17 يول, 2024, 03:37 م
ردود 5
40 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 3 يول, 2024, 10:36 م
ردود 5
41 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
يعمل...