تـقوى اللائكي ج 1

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الطلحاوي الإسلام اكتشف المزيد حول الطلحاوي
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الطلحاوي
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 30 مار, 2013
    • 119
    • أستـاذ
    • الإسلام

    تـقوى اللائكي ج 1

    الـسلام عليكم

    أحببتُ أن أسـاهم بدوري في النقاش حـول موضوع "العلمـانية" نقدا منـا لآفـاتهـا و تداعياتهـا المدمرة للمجتمع و الدين فتقبلوا منـي إسهـاماتي المتواضعـة ، موضوع اليوم يدور حـول تقوى اللائكي و أزمته المستديمة مع الدين و سوف أقسمه لجزأين حتـى تسهـل قراءته و تتبعه


    قالَ تـعالـى (و إذا تولـى سعى في الأرض ليفسدَ فيهـا و يهلك الحرث و النسل،و الله لا يحب الفساد.و إذا قيلَ له اتق الله أخذتهُ العزة بالإثم فحسبه جهنـم و لبيس المهاد) صدق الله العظيم

    فـي مقال سـابق مُعَنون ب( قال اللائكي) تحدثنـا عن بعض المأمولات اللائكية المُضمـرة في لاوعي اللائكي، كمـا أبرزنـا بعض سمـات النفسية اللائكية التي تُعجبكَ قولهـا في الحياة الدنيا لكنهـا تُشهدُ ذاتهـا علـى مـا فيها من خصام مكبوت لاشعوريا لمنظومـة الإسلام و مرجعيته العليا، و نستـكمل كـلامنـا إن شاء الله حول رصد أوجه خصوصيات تلك الشخصية الغريبة التي كـافحت عبثا من خـارج الإسلام لتقدم لفيفـا من الآراء الهجينـة ، لا هي انتمـت صريحـة لتـاريخهـا وعمقهـا الحضاري و لا هي التقطت من نمـاذجهـا الإرشادية الغربية أصول قوتهـا . هـو فكر كمـا سمينـاه سالفا بالمشرد نـظرا لضياع هويته التاريخية و بوصلته الوجودية وتقمصه أدوار مرجعياته المُنتَحـلة علـى مستوى الخطاب، و فوق كـل ذلك يصطنـعُ الزعم بالريادة في التأسيس لدولة "الحداثة" و كأنه صـارَ طرفـا في التنظير لمرتكزات "المدنية" و "العقلانية". في الحقيقة ينبغي أن نعترف بأن القومَ نبغـوا في فن الترديد و أصول التقليد و تمكنـوا من إثبات جدارتهم الفلسفية في إرسـاء دعـائم المحاكاة السـاذجة بـلا نـزاع ، واستطـاعـوا في ذلك أن يقدموا للقراء مـؤلفات تجريدية هُـلامية عسيرة علـى الفهـم البشري موغـلة في التحليق تمتـاز أحيانـا "بماراطونيتهـا" و غرابـة قواميسهـا، مـؤلفات لائكية فُسيفسائيــة المبنـى و المعنـى ثم تُــلفَـظُ في وجهكَ يا إسلاميُّ حجةَ إثباتٍ علـى أصالـة النـبوغ اللائكــي في منطـق الـتاريخ و متغيرات المُعـاصَرة ، مـاذا عساكَ أن تُجيبَ و هُـم ألَّـفوا و مـاذا دهـاكَ و هُـم جدَّدوا ؟! كيف تـردُّ علـى أقـشاشٍ من الكتب الأركونيـة و قـد أقـامَ بهـا صاحبهـا عمـارة من الطحـالب الفكريـة الرخوة ؟ كيفَ تنتـفُ ريشَ طيـور كتبٍ مُحلقة بـلا نقطـة وصول ؟ كيف تنـسف مغالطات لائكيين نبغوا في فـن البيان طلبوا "العلمنـة" بحسن الخطـاب( فودة،عبد الرازق،العشماوي..)؟ دعكَ من الآن من المصنفـات فليس فيهـا إلا مُعلبات مؤتلفـات و قليل هنَّ المختلفات، تُــرى لمـاذا عليَّ أن أفتـرض انخـلاعَ تلك المعلبات المُصَبَّرات عن مسـار السكة الإسلامية القويمـة و خروجهـا عن المدارات الصحيحة؟ لمـاذا أشعـر في قرارة نفسـي و أنـا أقرأ للائكي "حداثي" أنني أُقــلَـــعُ من هويتي قسـرا ؟
    بين "المصبرات" الفكرية و السلوكات الواقعية خـطا مشتركـا يشي كله بزيف البضـاعـة بـلا شك ، فحديثهم عن شرعيـة اللائكية عبر متواليات التـاريخ الغربي و مفردات التوظيف الاستنـساخـي و اجتـرار نفس آليات التفكير فضـلا عن الممـارسة السياسيـة الاستبدادية و المـواقف اللاأخـلاقية المتنـوعـة حول قضـايا متعددة و غيرهـا كلهـا تـؤشـر علـى بصمـة الغرب في بنيات التفكير، فأن تـكون لائكيا تُعـادلُ السعي في الأرض فسادا بمعنـاهُ الشـامل، و أن تكونَ مُغرَّبا يوازيـه سياق نفسي مفصول عن ضوابـط شرعـه ،تتحكم فيه أنمـاطا من التحرر الوهمي من سلطات مُوجِّهـة هي في عرفـه إلزامـات لاعقلانية ، أن تـكون لائكيا يعنـي أن تنـفي وجود شرع الله فتُفلسِفَ ثرثرةً بكونه فكرا انـدمجَ بالنص فاكتسب النسبية، أن تـكون كذلك تُـلزمكَ أيهـا اللائكي قبول المُفسِد المزني باعتباره حرية خاضعة لمنطق التوافق الإرادي ، أن تكون كذلك يعنـي أن تثـور علـى قيم الإسلام فتنتفخَ أوداجكَ كلمـا مرت من أذُنِـكَ كلمـات "اتق الله"، هـل يقبل اللائكي "الحداثي" أن يُـقالَ لـه اتق الله دون أن يجيبهُ بعنـاد وتفيهق ؟
    "اتق الله" كلمـة عزيزة علـى المسلم بغيظة عند اللائكي، جـاء في الأثر أن رجـلا قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : "اتق الله يا عمر ، فقالَ أحدهم : أتقول هـذا لأمير المؤمنين ؟ فقال عمر :دعه ،فالذي نفسي بيده لا خير فيكم إن لم تقولوهـا و لا خير فينـا إن لم نسمعهـا " (الإسلام بين العلمـاء و الحكام لعبد العزيز البدري)، هـذا أمير المؤمنين يقول لا خير فينـا إن لم نسمعهـا ، فكيفَ لرويبضـة لائكي لا حظَّ لـه من العلم و الحكم لا يكـاد ريقه ينزلق عند سمـاعه للكلمة؟ و فوق كـل ذلك تأخـذه أحايينا العزة بالإثم و يُـخرجُ لكَ ألفَ دليل من معلبات الفكر علـى "نزاهـة" السلوك الزنـوي و لطـافة شرب النبيذ و سلامـة التصرف المطلق للذات و بالذات...إذا قيلَ له اتق الله ثارت ثائرته رفضـا لعقلية "التطرف الإسلامي" المنغلق في ذلك المـاضي السحيق،المُشرئب عنقه لسلطة النص و اللفظ .
    إن عقلية اللائكي و نفسيته تنتمـيان إلـى منـظومـة محددة بهـا يبنـي أحكـامه و عليهـا يؤسس فلسفاته ، فليس صحيحـا في نظري أن اللائكي متحرر من قبضة الغرب حتـى و لـو ادعـى ذلك ، و ليس صحيحـا انتمـاءه لمجال تداولي تصدر عنه أقاويلـه، و إنمـا الصائب اعتباره فرعا كاسدا منحدرا من شجرة أصلهـا غير ثابت البتة ، فتأمـل كيف تصدُرُ ردة فعل من زانٍ لائكي قيل له اتق الله و بين زانٍ رانٍ علـى قلبه غير مُـؤليكٍ فكريا تجدُ إصرار الأول علـى تبرير الجريمـة الأخـلاقية بكل أدوات التفيهق الفلسفي و اعتراف الثانـي بفعلـه دونمـا كبر ، الأول ينتمـي إلـى منـظومـة متفردة تستبطنُ كُــرهَ الشرع بل و النفور من رموزه و تـاريخه ، و الـثاني إلـى منظومـة مغايرة و إن اشتركـا في نفس الفعـل . إن تفكيكَ الأقنعـة و كشف حقيقـة الوجه اللائكي ضروري لمن يريد تحليل الكثير من الأزمـات الراهنة ، فإسقـاطهـا يعيننــا علـى تحديد المتسلقين علـى سلم الإسلام غدراً فيوضَعون في حجمهـم الحقيقي بعد تعريتهم من الادعـاءات البهلوانية التي توسمهم بكونهم مُقدِّسين للدين و هم في الأصل و الفصل محاربون دونكشوطيون لمفاعيل التدين و محركـاته في الجمـاعـة . و إن شـئت انظر كيف دافع اللائكيون عن المفسدين الآكلين لحرمـة رمـضان،إن شئت تأمـل كيف قـادوا حملـة الدفاع عن اللائكي الغزيوي بكل وسائـل اللغة الحقوقية،إن شئت انظر كيف صـار البعـض ينـافح عن التعددية في الخليلات ،بـل افهم كيف تـدحرج هـذا العقـل من "التنوير" إلـى قبول تغيير التركيبة الأسرية النووية فكـافحَ هنـاك تشريعـا لحق المثلية و سُمعت لهـا أصداء هنـا و هنـاك . إذا تـولى القوم سعـوا في الأرض فسادا فأهـلكوا النسل بحرثهـم الأهوج للحياة الفِطرية الطبيعية التي تمثل سنة الله في خـلقه، قلبـوا القيم الإنسانية الراقيـة و حولوهـا مزرعـة بشريـة يسعـى فيهـا أهلهـا فسادا، و وضعـوا لتلك القيم بـدائلَ مستوحـاة من قيم التمـرد علـى الطريق المستقيم و كسوهـا ببنود و بلاغـات و إعـلانـات عـالمية جعلوهـا "كونية" و خالدة لا يزيغ عنهـا إلا هـالك، و بين هـذا و هنـاك يطـلُّ اللائكي الصغير بمفردات يبدو عليهـا آثـار التكلف ليسـاير الجوقـة الموسيقية التي تـرسم لـه حدود المعقول و اللامعقول فتستهويه خطـابات كـانط و نيتشه و مـاركس و مولر و شوبنهاور..حتـى إذا فـرغَ من كــتاب قفـزَ فرحـا و هـلَّـلَ بشمـوخ هؤلاء الكبار الفطـاحلـة... و بعد أينكَ أنتَ من قـالَ الله و رسوله صلى الله عليه و سلم؟ تلك عندهم مـاضٍ ولـى بزمـنه و ركـام لا تُنـاظرُ عقلانية حضارة شرقت و غربت بفتوحـات المنظرين الجهـابذة، و أنت ، مـا بالك تنتـقد خطـابا "عـالميا" رسمه أكـابرَ نوابغ تجاوزوا منطوق الوصاية الدينية بخطـاب ديني متزمت يدور حول التقوى وثقافـة الرضوخ للاعقل ؟ مـا بالكَ تخـلطُ بين مؤسسة الدين و مؤسسة الفكر الإنساني الخـلاق فتعيدَ علينـا مـسارا لا تاريخانيا قروسطويا غريبـا ؟ مـا عـلاقـة التقوى بالحـداثة و الأليكـة ؟!

    قالَ تـعالـى (و إذا تولـى سعى في الأرض ليفسدَ فيهـا و يهلك الحرث و النسل،و الله لا يحب الفساد.و إذا قيلَ له اتق الله أخذتهُ العزة بالإثم فحسبه جهنـم و لبيس المهاد) صدق الله العظيم

    فـي مقال سـابق مُعَنون ب( قال اللائكي) تحدثنـا عن بعض المأمولات اللائكية المُضمـرة في لاوعي اللائكي، كمـا أبرزنـا بعض سمـات النفسية اللائكية التي تُعجبكَ قولهـا في الحياة الدنيا لكنهـا تُشهدُ ذاتهـا علـى مـا فيها من خصام مكبوت لاشعوريا لمنظومـة الإسلام و مرجعيته العليا، و نستـكمل كـلامنـا إن شاء الله حول رصد أوجه خصوصيات تلك الشخصية الغريبة التي كـافحت عبثا من خـارج الإسلام لتقدم لفيفـا من الآراء الهجينـة ، لا هي انتمـت صريحـة لتـاريخهـا وعمقهـا الحضاري و لا هي التقطت من نمـاذجهـا الإرشادية الغربية أصول قوتهـا . هـو فكر كمـا سمينـاه سالفا بالمشرد نـظرا لضياع هويته التاريخية و بوصلته الوجودية وتقمصه أدوار مرجعياته المُنتَحـلة علـى مستوى الخطاب، و فوق كـل ذلك يصطنـعُ الزعم بالريادة في التأسيس لدولة "الحداثة" و كأنه صـارَ طرفـا في التنظير لمرتكزات "المدنية" و "العقلانية". في الحقيقة ينبغي أن نعترف بأن القومَ نبغـوا في فن الترديد و أصول التقليد و تمكنـوا من إثبات جدارتهم الفلسفية في إرسـاء دعـائم المحاكاة السـاذجة بـلا نـزاع ، واستطـاعـوا في ذلك أن يقدموا للقراء مـؤلفات تجريدية هُـلامية عسيرة علـى الفهـم البشري موغـلة في التحليق تمتـاز أحيانـا "بماراطونيتهـا" و غرابـة قواميسهـا، مـؤلفات لائكية فُسيفسائيــة المبنـى و المعنـى ثم تُــلفَـظُ في وجهكَ يا إسلاميُّ حجةَ إثباتٍ علـى أصالـة النـبوغ اللائكــي في منطـق الـتاريخ و متغيرات المُعـاصَرة ، مـاذا عساكَ أن تُجيبَ و هُـم ألَّـفوا و مـاذا دهـاكَ و هُـم جدَّدوا ؟! كيف تـردُّ علـى أقـشاشٍ من الكتب الأركونيـة و قـد أقـامَ بهـا صاحبهـا عمـارة من الطحـالب الفكريـة الرخوة ؟ كيفَ تنتـفُ ريشَ طيـور كتبٍ مُحلقة بـلا نقطـة وصول ؟ كيف تنـسف مغالطات لائكيين نبغوا في فـن البيان طلبوا "العلمنـة" بحسن الخطـاب( فودة،عبد الرازق،العشماوي..)؟ دعكَ من الآن من المصنفـات فليس فيهـا إلا مُعلبات مؤتلفـات و قليل هنَّ المختلفات، تُــرى لمـاذا عليَّ أن أفتـرض انخـلاعَ تلك المعلبات المُصَبَّرات عن مسـار السكة الإسلامية القويمـة و خروجهـا عن المدارات الصحيحة؟ لمـاذا أشعـر في قرارة نفسـي و أنـا أقرأ للائكي "حداثي" أنني أُقــلَـــعُ من هويتي قسـرا ؟
    بين "المصبرات" الفكرية و السلوكات الواقعية خـطا مشتركـا يشي كله بزيف البضـاعـة بـلا شك ، فحديثهم عن شرعيـة اللائكية عبر متواليات التـاريخ الغربي و مفردات التوظيف الاستنـساخـي و اجتـرار نفس آليات التفكير فضـلا عن الممـارسة السياسيـة الاستبدادية و المـواقف اللاأخـلاقية المتنـوعـة حول قضـايا متعددة و غيرهـا كلهـا تـؤشـر علـى بصمـة الغرب في بنيات التفكير، فأن تـكون لائكيا تُعـادلُ السعي في الأرض فسادا بمعنـاهُ الشـامل، و أن تكونَ مُغرَّبا يوازيـه سياق نفسي مفصول عن ضوابـط شرعـه ،تتحكم فيه أنمـاطا من التحرر الوهمي من سلطات مُوجِّهـة هي في عرفـه إلزامـات لاعقلانية ، أن تـكون لائكيا يعنـي أن تنـفي وجود شرع الله فتُفلسِفَ ثرثرةً بكونه فكرا انـدمجَ بالنص فاكتسب النسبية، أن تـكون كذلك تُـلزمكَ أيهـا اللائكي قبول المُفسِد المزني باعتباره حرية خاضعة لمنطق التوافق الإرادي ، أن تكون كذلك يعنـي أن تثـور علـى قيم الإسلام فتنتفخَ أوداجكَ كلمـا مرت من أذُنِـكَ كلمـات "اتق الله"، هـل يقبل اللائكي "الحداثي" أن يُـقالَ لـه اتق الله دون أن يجيبهُ بعنـاد وتفيهق ؟
    "اتق الله" كلمـة عزيزة علـى المسلم بغيظة عند اللائكي، جـاء في الأثر أن رجـلا قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : "اتق الله يا عمر ، فقالَ أحدهم : أتقول هـذا لأمير المؤمنين ؟ فقال عمر :دعه ،فالذي نفسي بيده لا خير فيكم إن لم تقولوهـا و لا خير فينـا إن لم نسمعهـا " (الإسلام بين العلمـاء و الحكام لعبد العزيز البدري)، هـذا أمير المؤمنين يقول لا خير فينـا إن لم نسمعهـا ، فكيفَ لرويبضـة لائكي لا حظَّ لـه من العلم و الحكم لا يكـاد ريقه ينزلق عند سمـاعه للكلمة؟ و فوق كـل ذلك تأخـذه أحايينا العزة بالإثم و يُـخرجُ لكَ ألفَ دليل من معلبات الفكر علـى "نزاهـة" السلوك الزنـوي و لطـافة شرب النبيذ و سلامـة التصرف المطلق للذات و بالذات...إذا قيلَ له اتق الله ثارت ثائرته رفضـا لعقلية "التطرف الإسلامي" المنغلق في ذلك المـاضي السحيق،المُشرئب عنقه لسلطة النص و اللفظ .
    إن عقلية اللائكي و نفسيته تنتمـيان إلـى منـظومـة محددة بهـا يبنـي أحكـامه و عليهـا يؤسس فلسفاته ، فليس صحيحـا في نظري أن اللائكي متحرر من قبضة الغرب حتـى و لـو ادعـى ذلك ، و ليس صحيحـا انتمـاءه لمجال تداولي تصدر عنه أقاويلـه، و إنمـا الصائب اعتباره فرعا كاسدا منحدرا من شجرة أصلهـا غير ثابت البتة ، فتأمـل كيف تصدُرُ ردة فعل من زانٍ لائكي قيل له اتق الله و بين زانٍ رانٍ علـى قلبه غير مُـؤليكٍ فكريا تجدُ إصرار الأول علـى تبرير الجريمـة الأخـلاقية بكل أدوات التفيهق الفلسفي و اعتراف الثانـي بفعلـه دونمـا كبر ، الأول ينتمـي إلـى منـظومـة متفردة تستبطنُ كُــرهَ الشرع بل و النفور من رموزه و تـاريخه ، و الـثاني إلـى منظومـة مغايرة و إن اشتركـا في نفس الفعـل . إن تفكيكَ الأقنعـة و كشف حقيقـة الوجه اللائكي ضروري لمن يريد تحليل الكثير من الأزمـات الراهنة ، فإسقـاطهـا يعيننــا علـى تحديد المتسلقين علـى سلم الإسلام غدراً فيوضَعون في حجمهـم الحقيقي بعد تعريتهم من الادعـاءات البهلوانية التي توسمهم بكونهم مُقدِّسين للدين و هم في الأصل و الفصل محاربون دونكشوطيون لمفاعيل التدين و محركـاته في الجمـاعـة . و إن شـئت انظر كيف دافع اللائكيون عن المفسدين الآكلين لحرمـة رمـضان،إن شئت تأمـل كيف قـادوا حملـة الدفاع عن اللائكي الغزيوي بكل وسائـل اللغة الحقوقية،إن شئت انظر كيف صـار البعـض ينـافح عن التعددية في الخليلات ،بـل افهم كيف تـدحرج هـذا العقـل من "التنوير" إلـى قبول تغيير التركيبة الأسرية النووية فكـافحَ هنـاك تشريعـا لحق المثلية و سُمعت لهـا أصداء هنـا و هنـاك . إذا تـولى القوم سعـوا في الأرض فسادا فأهـلكوا النسل بحرثهـم الأهوج للحياة الفِطرية الطبيعية التي تمثل سنة الله في خـلقه، قلبـوا القيم الإنسانية الراقيـة و حولوهـا مزرعـة بشريـة يسعـى فيهـا أهلهـا فسادا، و وضعـوا لتلك القيم بـدائلَ مستوحـاة من قيم التمـرد علـى الطريق المستقيم و كسوهـا ببنود و بلاغـات و إعـلانـات عـالمية جعلوهـا "كونية" و خالدة لا يزيغ عنهـا إلا هـالك، و بين هـذا و هنـاك يطـلُّ اللائكي الصغير بمفردات يبدو عليهـا آثـار التكلف ليسـاير الجوقـة الموسيقية التي تـرسم لـه حدود المعقول و اللامعقول فتستهويه خطـابات كـانط و نيتشه و مـاركس و مولر و شوبنهاور..حتـى إذا فـرغَ من كــتاب قفـزَ فرحـا و هـلَّـلَ بشمـوخ هؤلاء الكبار الفطـاحلـة... و بعد أينكَ أنتَ من قـالَ الله و رسوله صلى الله عليه و سلم؟ تلك عندهم مـاضٍ ولـى بزمـنه و ركـام لا تُنـاظرُ عقلانية حضارة شرقت و غربت بفتوحـات المنظرين الجهـابذة، و أنت ، مـا بالك تنتـقد خطـابا "عـالميا" رسمه أكـابرَ نوابغ تجاوزوا منطوق الوصاية الدينية بخطـاب ديني متزمت يدور حول التقوى وثقافـة الرضوخ للاعقل ؟ مـا بالكَ تخـلطُ بين مؤسسة الدين و مؤسسة الفكر الإنساني الخـلاق فتعيدَ علينـا مـسارا لا تاريخانيا قروسطويا غريبـا ؟ مـا عـلاقـة التقوى بالحـداثة و الأليكـة ؟!

    في الحقيقة، الاقتـران الشرطـي لعقل اللائكي/الفرع بالبرمجة الفكرية "العقلانية" صـارت قـانونا مميزا للفكر المُستقيل، و الطـرح الديني كخطـاب يمثل اعتداء صارخا و انتهـاكـا لمحفوظـات العقل اللائكي،بيـان ذلك توضحه قواميسـه و انفعـالاته صوب كـل مـا يمت بالدين بصلـة،عـلامـاته العزة الآثمة و مجادلة خطـاب الله بلا تردد، و لا زالَ يجادل و يُكـابر في أمـور الشرع حتـى يلغيه فتنمـحي الشريعـة في عقلـه و لا يبقـى لديه إلا تواريخَ نسبية و اجتهـادات فُـقهـائية لا تُـحمَـلُ محل منطوق النص ، و هـو في كبريائـه اللَّغـوي لا يتـوانـى عن طمـس حقائق التـاريخ و إلباسـه أقمـشة الأليكـة كمـا فعـلَ شهيدهم فودة في (قبل للسقوط) و(الحقيقة الغـائبة) و العشمـاوي في كتبه و أمين العالم في تجريدياته و القمنـي في قمـاماته الفكرية و عبد الرازق في (الإسلام و أصول الحكم ) و نصر حـامد في تدجينـاته الفلسفية (التفكير في زمن التكفير ضد الجهل والزيف والخرافة ،نقد الخطاب الديني ،..) و خليل عبد الكريم في تدليسـاته في (الإسلام بين الدولة الدينية و الدولة المدنية) و كمـال عبد اللطيف في ( التفكير في العلمـانية)...و عندمـا تنـحبسُ "عضلات" عقل اللائكي و تتوقف عن التأصيل الشرعـي لاستيراد "القديسة لائكية" فيعجز عن إسقاط إيديولوجيته على التـاريخ بالأدوات التـاريخية يهـرعُ المثقف الحصيف ليجد ترياقه في حشـد حبات عقد التجريد الفلسفي كتعويض عن تسمـر الفكـر الجـامد كمـا نجد ذلك علـى سبيل المثال في مـا كتبه عزيز العظمـة في (العلمـانية تحت المجهـر- و هو عبارة عن كتاب حواري بينه و بين المفكر الإسلامي الراحل عبد الوهاب المسيري منشور في سلسلة حوارات لقرن جديد) و في مـا كتبه عبد رزاق عيد في (الديمقراطية بين العلمانية و الإسلام- حوار بينه و بين محمد عبد الجبار منشور في نفس السلسلـة ) ، و فوق كـل ذلك فإن الـشرط التـاريخي لتحقق اللائكية لا قيمـة لـه عند طـلاب البـضاعـة لكنه هـذا الشرط و يا للغرابـة يُستحضَرُ في ذهنـه كلمـا ارتبط الأمـر بتبرير العقلانية و الحداثـة و قيم "التنوير"، فالتـاريخ يصير هنـا أداة للاستغلال الإيديولوجي و وسيلـة تعبوية بحتة و ليس مجـلا للبحث عـن المعقول و اللامعقول، و من كتبَ منهم عن التـاريخ التداولي لـم يسلـم من قبضـة "هرمونيطيقيا" التـاريخ و تأثيرات القراءات الخـارجة عن الذات كمـا فعلَ عزيز العظمة في (التراث بين السلطـان و التـاريخ) و عباس صالح في (اليمين و اليسار في الإسلام ) و شاكر النـابلسي في (المـال و الهـلال ) و حسين مروة في ( النـزعات المـادية )...

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
ردود 0
211 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
ردود 0
42 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
ردود 0
61 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
ردود 0
98 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
ردود 3
113 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
بواسطة Ibrahim Balkhair
يعمل...