فتحسسوا حب الشريعة في قلوبكم ( 2 )
(( غنيمة مذنب ))
مصطفى الأشقر
[email protected]
27-2-2013
فتحسسوا حب الشريعة في قلوبكم ولا تايئسوا من روح الله انه لا ييئس من روح الله الا القوم الكافرون ... هذا كان عنوان المقال الاول من محاولة احياء الاحساس للفطرة المركوزة في جبلة الفرد المؤمن بحبه لمنهجه الرباني وشريعته الغراء ... غيرة منه على ما اختصه الله به من خيرية عن الامم أجمعين .......... عسى الله أن يعيدها علينا باليمن والبركات .
**الإحساس بالشريعة **
حين نسلك طريق الدعوة ونعرج على بعض منعطفاتها... ونخالط عمالقتها الذين عاشوا حياتهم مهمومين بقضية حاكمية الله في الأرض ونرى كيف كانت معايشتهم للغربة المعاصرة إحساسًا منهم بفقدان البشريةلطريق الفطرة وجهادًا في سبيل استرجاع العزة والكرامة ومجاهدةً للنفس عن الشهوات وصدقًا عند زيغات الحكماء ومدافعةً للباطل بأشكاله و ألوانه فإنَا نستصغر أنفسنا أمامهم كعمالقة ذهلوا عن أنفسهم فكان همهم دعوتهم فحسب ....ومن أولئك من صحبته في يوم سفركامل فما رأيت همه إلاَ أن يجد طريقًا يسيًرا يصل به إلى الناس في إحياء الإحساس بالشريعة تعظيمًا وامتثالًا من جهة وحبًا وترغيبًا في بركاتها ومنافعها من جهة أخرىلنصل إلى الإصابة...
*** حديث الاعاجيب ***
لقد حدثني رفيق سفري بواقعة مروية في الصحاح والسنن بها من الأعاجيب ما بها ... فحين سمعتها منه شعرت بقيمة هذا النص النص النبوي في الوصول الى قلوب المسلمين وغيرهم في بركات الشريعة وأفضالها .. هكذا كانت كلماته وتأوهاته وهو يردد الحديث ويستدل به على بركة الشريعة غير أني أراه (( الإحساس بالشريعة )) !!
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله هلكت ! قال : ما لك ؟ قال : وقعت على امرأتي ، وأنا صائم – وفي رواية : أصبتُ أهلي في رمضان - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تجد رقبة تعتقُها ؟ قال : لا . قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا . فقال : فهل تجد إطعامَ ستين مسكينا ؟ قال : لا . قال : فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أُتيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيه تمر - والعَرَق : المكتل - قال : أين السائل ؟ فقال : أنا . قال : خذ هذا ، فتصدّق به ، فقال الرجل : أعلى أفقرَ مِنِّي يا رسول الله ؟! فو الله ما بين لابتيها - يريد الحرّتين - أهلَ بيت أفقر من أهل بيتي ! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ، ثم قال : أطعمه أهلك .
الحرّة : والحرة هي الأرض التي تكثر فيها الجارة السود وهما حرتان حرة واقم وحرة بني قريظة .
*** غنيمة تائب ***
لقد وقع الرجل في أمر عظيم حين جامع امرأته عامدًا متعمدًا في نهار رمضان حين غلبته الشهوة في معركة دارت بساحة نفسه .. وراحت السكرة وبقيت الفكرة وظن الرجل نفسه قد أحاطت به خطيئته ووقع في حبائل الشيطان الذي راح يندمه كخطوة سابقة على التيئيس من رحمة ا لله ليظفر منه بما يريد وليتلاعب به تلاعب الأسماء بالأفعال ... فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي بدوره كصاحب الشريعة بيَن له الترتيب الآتي في الكفَارة :
( عتق رقبة ثم صوم شهرين متتابعين ثم إطعام ستين مسكينا فلم يستطع الرجل ذلك فأهداه الرسول صلى الله عليه وسلم بعَرَق تمر (( زنبيل أو قفة )) ليتصدق به الرجل حتى يعيش في جو الخلوص من الذنب ويستيقن أنه معزر بالكفارة يهذبه ربه لا يعذبه ) !!
ولكن الرجل وبعد هذا الفرج وهو يحمل هدية النبي عليه السلام عوناًً له على الكفارة يعتذر بشدة فقره وفاقته وحاجته وحاجة عياله لهذا العرق من التمر فيقره رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ويصحب إقراره ابتسامة على وجهه ترتسم معبرة عن الرضا ... بل ربما عن جمال الشريعة وروعتها !!!
لقد عاد الرجل الى بيته رابحًا في دينه كفارة الذنب العظيم " بالامتثال والتعظيم للشريعة " كما ربح في دنياه " مغانم الشريعة ومنافعها " بالامتثال لها مصيبًا حظه من بركاتها بعدما عاد بعرق تمر وقد كان مليئا بالنغص على ذنبه وهو غادٍ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و هذا ما جاء في قول ربنا على لسان أبي البشرية الثاني نوح عليه السلام : " فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا مالكم لا ترجون لله " ( سورة نوح ) .
**الإحساس بواجبنا العملي ***
ويقترح رفيق السفر دعوة المشايخ والعلماء والدعاة إلى إعادة تفعيل دور المسجد في القضاء بين الناس بشريعة الله تعالى لا لمجرد إشعارهم بجمالها وبركاتها وقدرتها على اختراق حواجز المشاكل والتوفيق بين الناس فحسب بل ليعيشوها واقعًا ملموسًا بين أيديهم ولندخل جميعًا في سنة الله الكونية الشرعية ، قال تعالى : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " فإن كان هناك من يطبقها في بعض الأنحاء فجزاهم الله عنا خيرًا !!
لقد عشت مع رفيقي هذه السفرة محلقًا في أجواء الشريعة المطهرة وانا أسأل الله أن يلهمنا الصواب في الطريق المؤدية إلى تحقيقها على أرض الاسلام وأن يستعملنا لها غير فاتنين ولا مفتونين بشبهات الباطل وشهوات النفس والدنيا ... انتهت سفرتنا باحساس عميق للشريع’وفكرة جوهرية في التنفيذ .
*** الطريق اإلى الشريعة من حيث بدأوا ***
الإحساس بالشريعة يلزمه الإحساس بالطريق ومزالقه وأشواكه وعقباته ، ولنتذكر التاريخ وكيف بدأت مراحل إقصاء الشريعة على يد الماسوني الكافر نابليون بونابرت عندما أنشأ محكمة القضايا وجعلها للتجار والمواريث ونصَب عليها قبطيا كرئيسا ل 24 تاجر نصفهم مسلمين ونصفهم نصارى وجعل لها فروعًا في دمياط ورشيد والأسكندرية ثم تتابعت الأدوار على يد مينو ومحمد علي 1806 وسعيد باشا 1856 ونوبار باشا الذي اقترح مشروع المحاكم المختلطة 1870 والتي استمدت قوانينها من القانون الفرنسي ثم جاء دور عبدالناصر 1952 الذي لم ينصره الله مرة بل عاجله بالفضح والعار فألغى المحاكم الشرعية تمامًا ليجهز على الرمق الأخير في روح الشريعة بمصر ؛ ومن حيث بدأ جنود إبليس في تنحية الشريعة يكون المنبت الأصيل بتربية الناس على فضل الشريعة وبركاتها و أحكامها بتطبيق النظام الشرعي المصغر داخل المساجد الكبرى على أيدي أهل العلم والحكمة فنغير ما بأنفسنا من الجهل بالشريعة ومنافعها المتعدية فيغير الله ما بقومنا من ذلة وصغار ، وذلك بتذكير المسلمين دائما بنصوص الوحي قرآنا وسنة فان لذلك أثرا بالغا في نفوس المسلمين ؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حدٌّ يُعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يُمطروا أربعين صباحاً" ، وقال تعالى : " وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا " ( الجن : 16) .
(( غنيمة مذنب ))
مصطفى الأشقر
[email protected]
27-2-2013
فتحسسوا حب الشريعة في قلوبكم ولا تايئسوا من روح الله انه لا ييئس من روح الله الا القوم الكافرون ... هذا كان عنوان المقال الاول من محاولة احياء الاحساس للفطرة المركوزة في جبلة الفرد المؤمن بحبه لمنهجه الرباني وشريعته الغراء ... غيرة منه على ما اختصه الله به من خيرية عن الامم أجمعين .......... عسى الله أن يعيدها علينا باليمن والبركات .
**الإحساس بالشريعة **
حين نسلك طريق الدعوة ونعرج على بعض منعطفاتها... ونخالط عمالقتها الذين عاشوا حياتهم مهمومين بقضية حاكمية الله في الأرض ونرى كيف كانت معايشتهم للغربة المعاصرة إحساسًا منهم بفقدان البشريةلطريق الفطرة وجهادًا في سبيل استرجاع العزة والكرامة ومجاهدةً للنفس عن الشهوات وصدقًا عند زيغات الحكماء ومدافعةً للباطل بأشكاله و ألوانه فإنَا نستصغر أنفسنا أمامهم كعمالقة ذهلوا عن أنفسهم فكان همهم دعوتهم فحسب ....ومن أولئك من صحبته في يوم سفركامل فما رأيت همه إلاَ أن يجد طريقًا يسيًرا يصل به إلى الناس في إحياء الإحساس بالشريعة تعظيمًا وامتثالًا من جهة وحبًا وترغيبًا في بركاتها ومنافعها من جهة أخرىلنصل إلى الإصابة...
*** حديث الاعاجيب ***
لقد حدثني رفيق سفري بواقعة مروية في الصحاح والسنن بها من الأعاجيب ما بها ... فحين سمعتها منه شعرت بقيمة هذا النص النص النبوي في الوصول الى قلوب المسلمين وغيرهم في بركات الشريعة وأفضالها .. هكذا كانت كلماته وتأوهاته وهو يردد الحديث ويستدل به على بركة الشريعة غير أني أراه (( الإحساس بالشريعة )) !!
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله هلكت ! قال : ما لك ؟ قال : وقعت على امرأتي ، وأنا صائم – وفي رواية : أصبتُ أهلي في رمضان - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تجد رقبة تعتقُها ؟ قال : لا . قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا . فقال : فهل تجد إطعامَ ستين مسكينا ؟ قال : لا . قال : فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أُتيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيه تمر - والعَرَق : المكتل - قال : أين السائل ؟ فقال : أنا . قال : خذ هذا ، فتصدّق به ، فقال الرجل : أعلى أفقرَ مِنِّي يا رسول الله ؟! فو الله ما بين لابتيها - يريد الحرّتين - أهلَ بيت أفقر من أهل بيتي ! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ، ثم قال : أطعمه أهلك .
الحرّة : والحرة هي الأرض التي تكثر فيها الجارة السود وهما حرتان حرة واقم وحرة بني قريظة .
*** غنيمة تائب ***
لقد وقع الرجل في أمر عظيم حين جامع امرأته عامدًا متعمدًا في نهار رمضان حين غلبته الشهوة في معركة دارت بساحة نفسه .. وراحت السكرة وبقيت الفكرة وظن الرجل نفسه قد أحاطت به خطيئته ووقع في حبائل الشيطان الذي راح يندمه كخطوة سابقة على التيئيس من رحمة ا لله ليظفر منه بما يريد وليتلاعب به تلاعب الأسماء بالأفعال ... فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي بدوره كصاحب الشريعة بيَن له الترتيب الآتي في الكفَارة :
( عتق رقبة ثم صوم شهرين متتابعين ثم إطعام ستين مسكينا فلم يستطع الرجل ذلك فأهداه الرسول صلى الله عليه وسلم بعَرَق تمر (( زنبيل أو قفة )) ليتصدق به الرجل حتى يعيش في جو الخلوص من الذنب ويستيقن أنه معزر بالكفارة يهذبه ربه لا يعذبه ) !!
ولكن الرجل وبعد هذا الفرج وهو يحمل هدية النبي عليه السلام عوناًً له على الكفارة يعتذر بشدة فقره وفاقته وحاجته وحاجة عياله لهذا العرق من التمر فيقره رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ويصحب إقراره ابتسامة على وجهه ترتسم معبرة عن الرضا ... بل ربما عن جمال الشريعة وروعتها !!!
لقد عاد الرجل الى بيته رابحًا في دينه كفارة الذنب العظيم " بالامتثال والتعظيم للشريعة " كما ربح في دنياه " مغانم الشريعة ومنافعها " بالامتثال لها مصيبًا حظه من بركاتها بعدما عاد بعرق تمر وقد كان مليئا بالنغص على ذنبه وهو غادٍ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و هذا ما جاء في قول ربنا على لسان أبي البشرية الثاني نوح عليه السلام : " فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا مالكم لا ترجون لله " ( سورة نوح ) .
**الإحساس بواجبنا العملي ***
ويقترح رفيق السفر دعوة المشايخ والعلماء والدعاة إلى إعادة تفعيل دور المسجد في القضاء بين الناس بشريعة الله تعالى لا لمجرد إشعارهم بجمالها وبركاتها وقدرتها على اختراق حواجز المشاكل والتوفيق بين الناس فحسب بل ليعيشوها واقعًا ملموسًا بين أيديهم ولندخل جميعًا في سنة الله الكونية الشرعية ، قال تعالى : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " فإن كان هناك من يطبقها في بعض الأنحاء فجزاهم الله عنا خيرًا !!
لقد عشت مع رفيقي هذه السفرة محلقًا في أجواء الشريعة المطهرة وانا أسأل الله أن يلهمنا الصواب في الطريق المؤدية إلى تحقيقها على أرض الاسلام وأن يستعملنا لها غير فاتنين ولا مفتونين بشبهات الباطل وشهوات النفس والدنيا ... انتهت سفرتنا باحساس عميق للشريع’وفكرة جوهرية في التنفيذ .
*** الطريق اإلى الشريعة من حيث بدأوا ***
الإحساس بالشريعة يلزمه الإحساس بالطريق ومزالقه وأشواكه وعقباته ، ولنتذكر التاريخ وكيف بدأت مراحل إقصاء الشريعة على يد الماسوني الكافر نابليون بونابرت عندما أنشأ محكمة القضايا وجعلها للتجار والمواريث ونصَب عليها قبطيا كرئيسا ل 24 تاجر نصفهم مسلمين ونصفهم نصارى وجعل لها فروعًا في دمياط ورشيد والأسكندرية ثم تتابعت الأدوار على يد مينو ومحمد علي 1806 وسعيد باشا 1856 ونوبار باشا الذي اقترح مشروع المحاكم المختلطة 1870 والتي استمدت قوانينها من القانون الفرنسي ثم جاء دور عبدالناصر 1952 الذي لم ينصره الله مرة بل عاجله بالفضح والعار فألغى المحاكم الشرعية تمامًا ليجهز على الرمق الأخير في روح الشريعة بمصر ؛ ومن حيث بدأ جنود إبليس في تنحية الشريعة يكون المنبت الأصيل بتربية الناس على فضل الشريعة وبركاتها و أحكامها بتطبيق النظام الشرعي المصغر داخل المساجد الكبرى على أيدي أهل العلم والحكمة فنغير ما بأنفسنا من الجهل بالشريعة ومنافعها المتعدية فيغير الله ما بقومنا من ذلة وصغار ، وذلك بتذكير المسلمين دائما بنصوص الوحي قرآنا وسنة فان لذلك أثرا بالغا في نفوس المسلمين ؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حدٌّ يُعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يُمطروا أربعين صباحاً" ، وقال تعالى : " وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا " ( الجن : 16) .