والعاقبة للمتقين
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه , خلقنا من عدم لعبادته وأرسل لنا رسلا يهدون اليه فله الحمد والمنة.
وصلاة وسلاما على من أراده الله أن يكون خاتما للأنبياء والرسل, وأن تكون رسالته ناسخة لما قبلها كافة لجميع الخلق الى قيام الساعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
أما بعد:-
قبل أن أكتب هذه الكلمات كنت أستمع الى سورة القصص وعندما شارفت السورة على الأنتهاء استوقفتني أية كريمة فجلست أتدبر في الأية الكريمة وما تحتوي عليه من ايجاز رائع في المعنى عميق في الدلالة قوي في الايضاح هذه الأية هي قوله تعالى ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) .
هذه الآية الكريمة عندما نتدبرها نجدها قد حددت شرطا لمن أراد أن يكون له نصيب في الدار الأخرة وهو أن يكون الشخص غير مفسدا في الأرض ولا متكبرا وأن تكون التقوى عنوانه , هذه هي الشروط التي حددتها الأية الكريمة بايضاح وايجاز شديدين .
والمتدبر للآية الكريمة يجد أن الله عزوجل قد ذكرها لنا بعد أن قص علينا قصتين مهمتين في السورة الكريمة وهما قصة موسى عليه السلام مع فرعون وقصة قارون .
أما عن قصة موسى عليه السلام مع فرعون فقد أرسل الله عزوجل موسى الى فرعون ليذكره بالله عزوجل ولينهاه عن التكبر والتجبر على الخلق فما كان من فرعون الا أن بغى وعاند وتكبر فكانت النتيجة أن أهلكه الله عزوجل , قال تعالى (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) ثم كان مصيرهم بعد ذلك الى النار قال تعالى (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ{41} وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِين )
بينما نجا الله موسى عليه السلام ومن معه كما حكى القرءان لنا لأنهم أطاعوا الله وجعلوا تقوى الله شعارهم .
أما القصة الثانية فهي قصة قارون فقد أتاه الله عزوجل ووهبه الأموال والكنوز فبغى وتكبر وأفسد في الأرض فنصحه أهل العلم من قومه وذكروه بالله عزوجل وأنه الذي أعطاه هذه الأموال وحذروه من الأفساد في الأرض فلم يستجب لهم بل أخذه الغرور وزعم أن المال من عنده وليس من عند الله , فكانت النتيجة أن أهلكه الله وخسف به الأرض أمام الناس قال تعالى (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِين . )
بينما نجا الله أصحاب العلم الذين لم تغرهم المظاهر والأموال وجعلوا تقوى الله شعارهم .
والمتدبر في الأية الكريمة يعلم لماذا أوردها الله في هذا المكان من السورة تحديدا بعد هاتين القصتين وكأنها رسالة من الله الى عباده بأن يعتبروا ويتعظوا ولا تغرهم الدنيا الخادعة البراقة ولا تنشغلوا بدنياكم عن أخرتكم فأن الدنيا الى زوال وما عند الله خير وأبقى .
قال تعالى (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً{18} وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً ) .
وأختم كلامي بهذه الأبيات من الشعر:-
غدا توفى كل نفس ما كسبت ___________ ويحصد الزارعون ما زرعوا
ان أحسنوا أحسنوا لأنفسهم ___________ وان أساءوا فبئس ما صنعوا
ان أحسنوا أحسنوا لأنفسهم ___________ وان أساءوا فبئس ما صنعوا
هذا وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
كتبه الراجي عفو ربه :-
دكتور أزهري
تعليق