بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة :
الحمد لله الذي خلق الإنسان من علق وعلمه ما لم يكن يعلم ، الحمد لله الذي فضل الإنسان وكرمه فقال تعالى): ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) [ الإسراء:70] والصلاة والسلام على معلم البشرية جمعاء الخير المبعوث نوراً وهدى للعالمين .
فإن دعوة القرآن الكريم للتفكير والتدبر واستخدام العقـل والفكر لمعرفة الله حق المعرفة ، بمعرفة قدرته العظيمة ،ومعرفة الكون الذي نعيش فيه حق المعرفة لهي أكبر دليل على اهتمام الإسلام بالعقل وتقوية إمكاناته ، وبالتالي ذكاء الإنسان ، و من هذه الآيات القرآنية التي تحث على طلب العلم والتفكر في مخلوقات الله وفي الكون الفسيح.
قول الحق (أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا) [سبأ الآية : 46 ]
فهي دعوة للتفكير في الوحدة وفي الجماعة أيضاً ، ونظرا لأهمية موضوع الذكاء وارتباطه الوثيق بالتفكر ، وحصول الموهبة للإنسان فقد اخترت موضوع مفهوم الذكاء ،في هذا البحث، حيث تعرضت لتعريف الذكاء وتقسيم بعض العلماء له نحو فريمان حيث قسم تعريف الذكاء إلى أربعة أقسام، وكذلك تعريف سيرل بيرت ، وقمت بمناقشة مختصرة لهذه التعريفات ، وظهر من هذه التعريفات الكثيرة للذكاء اختلاف علماء النفس قديماً وحديثاً في تعريف الذكاء ، وكان لا بد من الوقوف عند مفهوم الذكاء عند بنيه لما له من إسهامات عظيمة في هذا المجال ، ثم بينت أنواع الذكاء مبيناً بعضها من خلال القرآن الكريم ، وإذا كان الذكاء مفهوم للقدرات العقلية فلا بد أن يكون له من المظاهر ما يدل عليه لذلك بينت بعض مظاهر الذكاء ، وأول مراحل الاهتمام بالذكاء وظهوره هي مرحلة الطفولة لذلك فقد تناولت الذكاء ومرحلة الطفولة ، وأخيراً تناولت الذكاء الوجداني حتى تتضح جميع جوانب الذكاء .
تعريف الذكاء
الذكاء مفهوم مجرد اختلف في تعريفه وتحديده علماء النفس والتربية ، ولكنه يدل على
"قابلية الفرد على حل المعضلات الفكرية" أو
"قابليته على التكيف تجاه المواقف الجديدة" أو
" قابليته على التفكير التجريدي والاستفادة من التجارب"
لو سالنا انفسنا سؤالا مفاده: ما هو الذكاء ؟ فهل تكون الإجابة سهلة ميسورة ؟
لقد شاع استخدام كلمة ( ذكاء ) بين الناس بحيث يستخدمها الخاص والعام والصغير والكبير وهي تعني عندهم : سرعة البديهة ، وحسن الحكم على الأشياء وسرعة الاستجابة .
" ولكن في الحقيقة : الذكاء ليس بذاك المفهوم الذي يمكن تعريفه بسهولة وهناك اختلاف حتى بين الأخصائيين ، حول كيفية تعريفه وتحديد صفاته ، وذلك لأن كلمة ( ذكاء ) هي اسم يستخدم للدلالة على شيء أو غرض له مواصفات أو ميزات محددة لكن الذكاء في الحقيقة هو : مفهوم مجرد عالي التعقيد ليس له صفات محددة كالطول أو القصر أو اللون أو الوزن (درويش ، 2000 : 48 ( .
" وهناك من يعرف الذكاء بأنه المقدرة الفعلية ، ومن هنا يحكم على الشخص الذي يحل مثلاً الكلمات المتقاطعة بسرعة أنه ذكي ، والذي يعجز عن حلها بنفس الأسلوب يصفه بأنه متدني الذكاء . وفي الحقيقة فهذا استنتاج غير دقيق أو أكيد ؛ لأن هناك أسباباً أخرى ربما تداخلت مع تصرف كل منهما لتحقيق تلك النتيجة . فالنتيجة المتدنية في اختبار الذكاء المباشر قد تعزى إلى شعور الشخص بالتعب أو قلة الاهتمام وقلة الإثارة ، و القلق لخوض الاختبار أو أي أسباب أخرى مما لا علاقة له بتدني الذكاء ( حسن : 13 ( .
ويعرف سيبرمان الذكاء بأنه القدرة على إدراك العلاقات وخاصة العلاقات الصعبة أو الخفية .
تقسيم فريمان للذكاء :
ويقسم فريمان تعريف الذكاء إلى أربعة أنواع :
النوع الأول : يهتم فيه التعريف بتكيف الفرد أو توافقه ، مع البيئة الكلية التي تحيط به ... ومن أمثلة هذا تعريف بنتنر pintner للذكاء بأنه قدرة الفرد على التكيف بنجاح مع ما يستجد في الحياة من علاقات .
النوع الثاني : يؤكد الذكاء باعتباره ( القدرة على التعلم ) ووفقاً لهذا التعريف يصبح ذكاء الفرد مرهون بمدى قابليته للتعلم ومن أمثلة هذا النوع تعريف ديربون dearborn للذكاء بأنه القدرة على اكتساب الخبرة والإفادة منها .
النوع الثالث : يعرف الذكاء بأنه القدرة على التفكير المجرد وهذا هو التعريف الذي قدمه لنا لويس ترمان ، غير أن هناك بعض الاعتراضات على هذا التعريف إذ أنه يتضمن أن الذكاء لا يمكن أن يظهر في المستوى العياني أو الحسي .
النوع الرابع : هذا النوع من التعريفات أكثر اتساعا في نظرته من الأنواع السابقة ومن أمثلته تعريف ويكسلر للذكاء بأنه ( القدرة الكلية لدى الفرد على التصرف الهادف والتفكير المنطقي والتعامل المجدي مع البيئة .( جابر ، 1975 : 40- 41)
وبالنظر للتعريفات السابقة نجد أنها متعددة وكل منها يتناول جهة معينة في تعريفه للذكاء ، وهو بطبيعة الحال يرجع إلى وجهة نظر صاحب التعريف ،
فسيبرمان يركز في تعريفه للذكاء بأنه القدرة على إدراك العلاقات ، وأما بنتنر pintner فإنه يتناول قدرة الفرد على التكيف بنجاح مع ما يستجد في الحياة من علاقات ، وأما ديربون dearborn فيؤكد بأنه القدرة على اكتساب الخبرة والإفادة منها .
وعرف ( سيرل بيرت ) الذكاء على أنه قدرة فطرية معرفية عامة .( عبد الغفار ؛ القريطي ، 1997 ، 282 ( .
وربما كان بهذا التعريف شيء من العمومية ومن هنا يكون الارتباط بين الذكاء والمقدرة المعرفية العامة .
وبنظرة سريعة إلى أنواع المعارف المختلفة في حياة الإنسان وحل مشاكله ، والنشاطات الفعلية المختلفة له نجد أنها تحتاج إلى القدرات العقلية من الإنسان . لكن ما من شك في اختلاف القدرات العقلية بين المرء والآخرين .
وإذا أردنا تعريف ( مصطلح المعرفة ) لنكون أكثر دقة في معرفة الارتباط بين الذكاء والمقدرة المعرفية العامة ، ففي تعريفه " ربما تقابلنا بعض الصعوبات في الوصول إلى مفهوم متفق عليه فيما تتضمنه هذه الكلمة ، فإنه يشير بوضوح إلى النشاط العقلي المتعلق بالتفكير ، بكلمة COGNITIVE فهي كلمة لاتينية وتعني التفكير ، متضمنة في المعرفة على مثل هذه الأشياء : مثل المعرفة بالواقع الخارجي ، عملية الفهم ، وحل المشكلة ، واستنباط العلاقات والارتباطات .( عبد الغفار ؛ القريطي ، 1997 ، 282( .
" نشرت ( صحيفة علم النفس التربوي ) نتائج ندوة حول " الذكاء وقياس الذكاء " عقدت سنة 1921 وضمت تعريفات 14 خبيراً حول الموضوع . ومن هذه التعريفات ثمانية هي الأقل غموضاً ويمكن اختصارها بما يلي :
- القدرة على القيام بالتفكير المجرد .
- القدرة على الاستجابة بشكل صحيح أو واقعي .
- القدرة على كبت الغرائز وعلى التحليل والمثابرة .
- القدرة على التعلم والاستفادة من التجربة .
- القدرة على اكتساب القدرات .
- القدرة على تكييف النفس مع ظروف المعيشة المستجدة .
- القدرة على تكييف النفس مع المحيط .
- سعة الاطلاع وحيازة المعرفة .
يمكن من مطالعة هذه التعريفات ملاحظة مدى التباعد بين بعضها ، ومدى التقارب بين بعضها الآخر . لكن المطالعة في العمق تبين لنا أن هناك عوامل ثلاثاً مشتركة بين معظم هذه التعريفات ، وهي الذكاء اللغوي ، وحل المسائل ، والذكاء العملي ( حسن : 14 (
مفهوم الذكاء عند بينيه
يرى كثير من علماء القياس بأن ( بينيه ) هو أول واضع لمقياس موضوعي ودقيق للذكاء وواحد من خبراء الطب العقلي القلائل . وقد قرر بينيه بأن :
ع ع : العمر العقلي
الذكاء = X 100 ع ز : العمر الزمني
وقرر بأنه :
1- يمكن وضع معايير لمستويات العمر المختلفة ومجموعة الأسئلة التي أجاب عنها طفل في سن 6 مثلا توضع في فئة السن 6 وهكذا . . . وهذه ملائمة لذكائه إذا أجاب عنها ( 60 – 75 %) من الأطفال في هذه السن .
2- أن العمر العقلي لدى بينيه يشير إلى ( مستوى القدرة العقلية ) للفرد بمقارنته بالأفراد الآخرين في مثل سنه ولكن المشكلة هو أننا لا نعرف هل الفرد هنا ذكر أم غبي ما لم نقارنه بين العمر العقلي والعمر الزمني .) ياسين ، 1981 : 34 (
ونرى كما يرى كثير من الباحثين والعلماء بأن ( بينيه ) كان واحداً من أولئك العظماء الذين ساهموا في ميدان القياس للقدرات العقلية بحدود عصرهم وظروفهم و يكفيه أنه كان من أوائل الأعمدة الكبرى الذين قاموا ببناء الصرح .
فإننا إذا دققنا النظر في اختبار بينيه نجد أنه يعطينا فعلاً تحديداً للعمر العقلي ونسبة الذكاء من خلال معادلته السابقة . لكنه لا يقدم لنا سوى ( درجة واحدة ( لدلالة على الذكاء فهو لا يعطي العناصر أو العمليات التي يتكون منها الذكاء (تفصيليا ) ( ياسين ، 1981 : 34 ( .
وقد تعرض مقياس بينيه لكثير من التعديلات لعل أشهرها تعديل لويس ترمان (1877 – 1956 ) والذي أطلق عليه مقياس ستانفرد – بينيه للذكاء .( أبو حطب ، 1996 : 337 ( . "
أنماط الذكاء
مما سبق يتضح لنا أن فكرة قياس حاصل الذكاء سيطرة على كثير ممن تعرضوا لتعريف الذكاء ، ومن هنا رأينا بعضهم يصف الذكي بأنه من يحل بعض المسائل الحسابية أو الألغاز اللغوية .
وهذه الفكرة يرى بعض العلماء أنها اختلفت بل يرى أنها أصبحت بالية نظرا لضيق أفقه ، لأنه يتعلق بالأدمغة التي تفكر بطريقة معينة فقط ، وهو نهج تحليلي كمي وليس نوعي .
لذا يرى الدكتور حسن مرضي في كتابه ( مدخل إلى فهم الذكاء ) أن هذا المنهج في طريقه إلى التغيير يقول : "فالمربون يسعون إلى توسيع إطار الاختبارات لتستوعب عدداً من الذكاءات وليس ذكاء واحدا أو اثنين . ( حسن : 109 (
ومما يوضح ذلك أن) هاورد جاردنر ) من كلية هارفرد للتربية يرى أن للذكاء ستة أنماط لدى معظم الناس ، ويكاد كل شخص يكون مبرزاً في واحد منها على الأقل وهي :
الذكاء اللغوي : ويتضمن البراعة في التعامل مع الكلمات المنطوقة أو المكتوبة .
الذكاء الموسيقي : هو القدرة على تذوق أو إبداع أنماط من النغم والإيقاع .
الذكاء المنطقي : وهو القدرة على التعامل مع سلسلة طويلة من الأفكار في آن .
الذكاء الحيزي : النحاتون والرسامون والمصممون يتمتعون .
الذكاء البدني : وهو القدرة المتقنة على التحكم بالحركة .
الذكاء الشخصي : وهو القدرة على فهم تصرفات الآخرين ومشاعرهم ودوافعهم وهذا الذكاء الشخصي الداخلي يظهر في مرحلة مبكرة من العمر . (حسن : 111 )
ويترتب على هذا التصور ضرورة أن تركز عمليات التنشئة والتعليم على مزيج الذكاء الفريد الخاص بكل طفل، وشديد التنوع في أي مجموعة من الأطفال. وهنا منشأ حتمية أن تتمركز عمليات التنشئة والتعليم على الطفل الفرد، إن كان للبشرية أن تتيح لكل إنسان حقه الجوهري في تحقيق الذات إلى أقصى حد ممكن، من خلال تنمية المواهب .
فالطفل الذي تبرز لـديه الاستعدادات الجسدية-الحركية مثلاً يجب أن يُشجع على تنميتها بدلا من العمل على حبس نمو الأطفال في إطار تنمية المهارات اللغوية والمنطقية فقط كما يحدث في أشكال التعليم التقليدية.
وجدير بالإشارة إلى أن أساليب حفز الذكاء تتنوع من صنف لآخر، وعليه، فإن طرائق التنشئة والتعليم لابد أيضاً أن تتنوع بما يتناسب مـع تنوع ذكاوات الأطفال. ولا فكاك، والحال كذلك، أن تفسح أساليب تقييم الذكاء والقدرات المجال لاعتبار صنوف الذكاء كافة.
فكل طفل يمتلك موهبة مـن نوع ما، يتوقف تبلورها، في النهاية ، أو كبتها، على ثراء استثارة محيطه الاجتماعي، في الأسر والمؤسسات التعليمية، لتكوين مخه وقدراته. ولذلك يختلف مدى، وتضاريس، خريطة بزوغ القدرات بين الأطفال من مجتمع بشرى لآخر.
ويفتح مفهوم تعدد الذكاوات باب الابتكار والإبداع في مجالات التنشئة والتعلم واسعاً. والواقع أن الإعجاب بالمفهوم والتعلق به يزداد بين المعلمين المخلصين لرسالة التعليم السامية والبارعين في القيام بها، حيث يعتبرونها المدخل الأساس فـي إنشاء علاقات وثيقة ومتميزة مع تلاميذهم تمهد لهؤلاء التلاميذ الطريق لاستكشاف قدراتهم الكامنة وتنميتها في سياق تعليمي محبب، ينهض على تنويع الأساليب التعليمية بما يناسب تنوع قدرات الأطفال، ويؤدي لزيادة حرصهم على التعلم، وتمتعهم به، بما يعمق من تبصرهم بمكنونات انفسهم ويمكنهم من تحقيق ذاتهم، ويرفع من ثم، مكانتهم في محيطهم العائلي والاجتماعي، ويصبح ، في النهاية، بالغ الجدوى لنجاحهم في الحياة، ولازدهار الحياة.
التعريف المختار للذكاء
الذكاء هو القدرة على التفكير السليم المنطقي واستنباط المعنى والاستفادة من الخبرات والحكم على الأمور ببعد نظر .
أنواع الذكاء
لقد وجهنا الله سبحانه في كثير من الآيات القرآنية إلى استخدام قدراتنا العقلية حتى نصل إلى اكتشاف الحقائق والأدلة والبراهين العقلية المؤيدة لحقيقة الكون الإلهي.
وعادة ما نطلق على مثل هذه القدرات تعبير ) الذكاء المجرد ) و( الذكاء التجريدي ). وهناك نوع آخر من الذكاء تناوله القرآن الكريم ألا وهو ما يسمى بالذكاء الاجتماعي بشكل مقبول ومعقول، وفق المعايير والأسـس المتفـق عليها، بالإضافة إلى القدرة على استخدام الخبرات المتعلمة في المواقف الجديدة.
هذا بصورة عامة، أما في حالة الحديث الاجتماعي بشكل خاص فإننا نجد بأن تعريف الاجتماعي لثورندايك يشير إلى أنه القدرة على فهم الآخرين وكيفية التعامل معهم .
وبالرغم من أن مفهوم (الذكاء الاجتماعي) يعتبر من المفاهيم حديثة العهد، إلا أن القرآن أشار إليه ووجه أنظار المسلمين تجاهه، بل ووضع لهم تعريفاً متكاملاً له:
) ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون ، ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم). (الحجرات : 4 (
وهكذا نرى في الآيات السابقة إشارة واضحة إلى الأساليب غير الاجتماعية في التعامل مع الآخرين والتي تتنافى مع مفهوم الذكاء الاجتماعي والتي يجب البعد عنها مع الحث على اتباع السلوك السليم الذي يدل على حسن استخدام الإنسان لقدراته العقلية بشكل اجتماعي مقبول ومفيد.
مظاهر الذكاء
الذكاء هو الوجه الآخر لمفهوم القدرات العقلية، إذ أنه وكما هو معروف، لا توجد آلة أو جهاز يمكن عن طريقه التعرف على ما لدى الفرد من قدرات عقلية أو التوصل إلى مستوى ذكائه. ولكن يمكن تقدير مستويات الذكاء نسبياً بشكل غير مباشر عن طريق ملاحظة السلوك العام أو بعض مظاهر السلوك أثناء تأدية الفرد لبعض النشاطات العقلية نظرية كانت أم عملية أم اجتماعية.
- فإذا ما استطاع الفرد أن يستخدم قدراته العقلية في التوصل من العام إلى الخاص مثلاً، فإن ذلك يعتبر مظهراً من مظاهر الذكاء، قال الله تعالى: (وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار افلا تعقلون ) (المؤمنون 80 (
- وقد تبدو مظاهر الذكاء في اتجاه الإنسان إلى التفكير في وجود السماوات والأرض وطبقات الجو وما خلق الله من إنسان ودواب وطيور وأشياء مادية أخرى، وفي نظام الكون وإحكام تدبيره، ونوع ما يؤدي به إلى التعرف على الحقائق واكتشاف ما خفي منها عن الأذهان، وهذا الموقف هو مغاير ومعاكس لموقف فرعون تماماً لأنه طعن وظن أنه إله فجحد وجود الخالق ودل على جهله وغبائه وقصور قدراته عن الاستدلال كما يفعل أصحاب العقول والأفكار والبصيرة.
جاء في محكم الكتاب المبين:
) َقال فرعون وما رب العالمين،قال رب السماوات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين،قال لمن حوله الا تستمعون ،قال ربكم ورب آبائكم الاولين ، قال ان رسولكم الذي ارسل اليكم لمجنون ، قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون) (الشعراء 23 – 28 (
- ومن مظاهر الذكاء القدرة على التصنيف. فعندما يرتفع مستوى الذكاء تتسع مدارك الإنسان فيصبح أكثر قدرة على تصنيف الأشياء بعدة طرق وأساليب متنوعة.
أما في حالة عدم تنمية القدرات العقلية فإن القدرة على التصنيف تصبح محدودة لدرجة تجعل من الصعب على الإنسان تصنيف الأشياء بشكل واسع، قال تعالى:
( وفي الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفصل بعضها على بعض في الاكل ان في ذلك لايات لقوم يعقلون) (الرعد4( .
4- ومن مظاهر الذكاء استخدام الإنسان للأدلة العلمية ومتابعة الأحداث ومقارنة الوقائع وفحص البراهين للتوصل إلى إقرار حقيقة علمية أو نفيها. فلقد أنكر الله سبحانه على اليهود والنصارى دعواهم بأن إبراهيم (عليه السلام) منهم، على الرغم من علمهم بأن زمنه كان سابقاً لهم. ولو أنهم استخدموا قدراتهم العقلية بشكل ذكي لعرفوا تلك الحقائق ولاكتشفوا خطأهم بأنفسهم دون عناء.قال تعالى:(يا اهل الكتاب لم تحاجون في ابراهيم وما انزلت التوراه والانجيل الا من بعده افلا تعقلون) (آل عمران 65(.
الذكاء ومرحلة الطفولة
إذا كان الذكاء هو القدرة على التفكير السليم المنطقي واستنباط المعنى والاستفادة من الخبرات والحكم على الأمور ببعد نظر فهل يقال إن الطفل الذكي دائماً طفل شقي .. فهل الذكاء موهبة خلقت مع الطفل منذ ولادته ويعبر عنها بالشقاوة الزائدة أم أن الذكاء تنمية لقدرات الطفل بعد ولادته واكتسابه له من خلال الاحتكاك بالحياة مع الآخرين ؟
إن الذكاء عادة ما يتحدد بالعامل الوراثي بنسبة 60 % إلى 65 % كما أن الذكاء يمكن أن يكون ذكاء اجتماعياً أو ذكاء حسابياً ، فالذكاء الاجتماعي هو القدرة على إقامة العلاقات الاجتماعية وعلى التصرف وسط الجماعة بتلقائية ونجاح، وهو الذي يأتي من خلال التنشئة الاجتماعية ومن خلال درجة الاختلاط بالبيئة المحيطة بالطفل ودرجة السماح له بالتعامل مع المتغيرات البيئية والقدرة على الاحتكاك الاجتماعي وزيادة المؤثرات التي تنمي قدراته العقلية وتظهر مواهبه .
أما الذكاء الحسابي فهو القدرة على حل المشاكل والقدرة على ربط الأشياء ببعضها واستنباط العلاقات التي تقاس بالاختبارات والمقاييس السيكولوجية التي تحدد قدرة الطفل على حل المشاكل عن طريق التفكير بينه وبين نفسه .
وعندما نتحدث عن الذكاء بصورة عامة سواء كان حسابياً أم اجتماعياً ، فمما لا شك فيه أن الطفل الثالث أو الرابع في الأسرة تكون فرصته أكبر في مستوى ذكائه كلما أتيحت له الظروف الملائمة وكانت خبرة الوالدين أعمق في التنشئة السليمة والاستفادة عن طريق تجنب أخطاء سابقة مع الطفل الأول أو الثاني.
وإذا كان العلماء اختلفوا في تعريف الذكاء ، وأعطوه أكثر من تفسير أو تعريف . من أهمها أن الذكاء يعني قدرة الإنسان على ربط العلاقة بين الأشياء ، أو أنه : هو القدرة على التفكير السليم والاستنباط ؛ بمعنى استنتاج المعنى من وراء أي كلمة أو مفهوم والاستفادة من الخبرات السابقة وبعد النظر في الحكم على الأمور ، أو أنه يعني القدرة على حل المشاكل بتلقائية دون الاستعانة بالخبرات المشابهة السابقة وأن الذكاء هو القدرة على إقامة العلاقات الاجتماعية مع القدرة على التصرف في وسط الجماعة .
الذكاء الوجداني
" الذكاء ليس شيئاً يوجد مباشرة في الطبيعة قد ننجح في عزله وقياسه ، فهو مفهوم نجده صالحاً لوصف سلوك الإنسان . ( ياسين ، 1981 : 49 ( . لذلك فإن هناك ذكاء من نوع آخر وهو ا لذكاء الوجداني emotional intelligence.
ويشير أنصار الذكاء الوجداني إلى أن الذكاء التقليدي، مقاساً بنسبة الذكاء، ليس قميناً بتحقيق النجاح في الحياة، حيث يحقق بعض محدودي الذكاء، بالمقياس التقليدي، نجاحات باهرة بينما يفشل بعض من مرتفعي نسبة الذكاء ذريعاً.
وتتفاعل في تكوين الذكاء الوجداني، بدوره، قدرات متعددة، بعضها نفساني والآخر اجتماعي، تشمل ضبط النفس، والتحكم في المزاج، والحماس، والمثابرة، وحفز الدافعية الذاتية، وإرجاء الإشباع، ومنع الإحباط من تعطيل القدرة على التفكير، وإعلاء الأمل، والتعاطف مع الآخرين.
وكل هذه القدرات يمكن اكتسابها إلى حد بعيد من خلال التنشئة والتعليم السليمين، الأمر الذي يمكِّن الأطفال، سعيدي الحظ في التنشئة والتعليم، من اكتساب مستوى مميز من الذكاء الوجداني.
وهناك مبرر للاهتمام بالذكاء الوجداني، ففي عالم يتسم التعامل فيه بين البشر بالوحشية بوتيرة دائبة التصاعد، تتوافر دلائل قوية على أن المواقف الأخلاقية السوية تنبع من الإمكانات الوجدانية الأساسية للأفراد. وعلى سبيل المثال، فإن التعاطف مع الآخرين هو منبت الإيثار بينما تنتج الأثرة من قلة الاهتمام بالغير.
من مزايا اختبارات الذكاء الفرديه :
_ تصلح للتطبيق على الشخص الذي لا يجيد القراءه والكتابه .
_ معرفه مدى تعاون المفحوص في اداء الاختبار ومدى انفعالاته .
_ امكانيه تشجيع المفحوص لبذل اقصى ما يمكنه من الجهد وملاحظه سلوكه .
_ ياخذ الباحث صوره شامله عن شخصيه المفحوص .
_ يصلح لقياس ضعاف العقول .
_ تحتاج الى شخص متدرب لاجرائها على المفحوصين .
الخلاصة
- اختلف علماء النفس والتربية قديماً وحديثاً في تحديد مفهوم الذكاء مفهوماً دقيقاً .
- عند التعرض لمفهوم الذكاء يكون ذلك من خلال عدة اتجاهات منها : ( تكييف الفرد مع البيئة – قدرة الفرد على التعلم – قدرة الفرد على التفكير المجرد – القدرة الكلية على التفكير المنطقي ( .
- كان ( بينيه ) واحداً من الذين ساهموا في ميدان القياس للقدرات العقلية وذلك بوضعه مقياساً موضوعياً دقيقاً للذكاء .
- الاتجاه الحديث هو توسيع إطار الاختبارات لتستوعب عدداً من الذكاءات وليس ذكاء واحداً
- ترجع أهمية مفهوم تعدد الذكاوات لفتح باب الابتكار والإبداع في مجالات التعلم والتنشئة .
- من أنواع الذكاء : الذكاء الاجتماعي ، وهو القدرة على فهم الآخرين وكيفية التعامل معهم .
- لا يقاس الذكاء بآلة أو جهاز ولكن يمكن تقدير مستويات الذكاء نسبياً بشكل غير مباشر عن طريق ملاحظة السلوك العام أو بعض مظاهر السلوك أثناء تأدية الفرد لبعض النشاطات العقلية نظرية كانت أم عملية أم اجتماعية.
_ الذكاء مفهوم فرضي لا يمكن تحديده ( ظاهره تفترض وجودها رغم عدم قدرتنا على تلمسها بشكل محسوس مباشر ، انما تفترض وجودها من خلال اثارها ومظاهرها الماثله امامنا .
_ نجد ان محتوى اختبار بنيه لا يثير اهتمام الراشدين أي ينقصها الصدق الظاهري . ومن ثم يصعب تكوين علاقه طيبه بين الفاحص والمفحوص الراشد.
معنى الصدق الظاهري : أي ان الفحص يبدو صادقا بالنسبه للمفحوص او لمن ينظر اليه .
_ كذلك نجد ان هذا المقياس يؤكد على عامل السرعه في معظم الاختبارات الامر الذي قد يقلل من مستوى الاداء الحقيقي للفرد .
_ لا يصلح مقياس بنيه لقياس القدره على الاستبصار والاصاله وتنظيم الافكار .
_ يتاثر اداء الشخص في هذا المقياس بشخصيته وكثيرا من عاداته الانفعاليه مثل الخجل من الغرباء ونقص الثقه في الذات والخوف من الوقوع في الخطا.
_ اهتمامه بالنواحي اللفظيه .
_ يصعب تطبيق هذا الاختبار على المكفوفين والصم .
_ نجد ايضا ان اختبارات الذكاء تعتمد على عنصر اللغه والقراءه بشكل اساسي .
_ وفي الذكاء الاجتماعي كان الاختلاف أكثر عمقاً لأن مفهوم الذكاء الاجتماعي أقل إثباتاً وتناوله أكثر من تخصص .
_تم تعرف الذكاء الاجتماعي بانه : _فهم الناس بكل ما يعنيه هذا الفهم من تفرعات أي فهم افكارهم واتجاهاتهم _ومشاعرهم وطبعهم ودوافعهم والتصرف السليم في المواقف الاجتماعية بناء _على هذا الفهم ،
ويعرفه اجرائياً بأنه ما يقيسه مقياس الذكاء الإجتماعي في هذا أن الذكاء الاجتماعي أكثر أهمية من القيم الاجتماعية بالنسبة للتوافق الاجتماعي .
- التطرف في القيم الاجتماعية والتي تعني الإهتمام الزائد أو غير المعتدل بالأخرين يقلل من التوافق الاجتماعي.
- تطبيق مقاييس واختبارات الذكاء الاجتماعي والتوافق النفسي والاجتماعي والقيم على الطلبة الراغبين في الإلتحاق في قسم علم النفس لما لهذه الخصائص من علاقة هامة بمهنة المرشد والأخصائي النفسي .
- عمل برامج ارشادية لدعم التوافق النفسي والاجتماعي
- بناء مقياس للقيم منطلقاً من الثقافة االعربية الإسلامية وعلى أسس علمية نفسية اجتماعية موضوعية .
_ يعكس هذا النوع من الذكاء قدرة الفرد على فهم وإدراك وملاحظة مشاعر الآخرين وحالاتهم المزاجية، واحتياجاتهم، وتنعكس هذه القدرة في مهارات تعامل الفرد مع الآخرين وتحفيزهم.
_ يتمتع بهذا النوع من الذكاء: المعالجون النفسيون، رجال المبيعات، المدرسون، المستشارون، مرشدو الشباب، العاملون في المجال الاجتماعي، رجال الدعوة، المدربون الرياضيون، مشرفو نشاط الأطفال...
مميزات الذكاء الاجتماعي :
يتميز من يتمتع بهذا الذكاء بالصفات التالية:
- يستمتع بصحبة الناس أكثر من الانفراد.
- يبدو قائدًا للمجموعة.
- يعطي نصائح للأصدقاء الذين لديهم مشكلات.
- يحب الانتماء للنوادي والتجمعات أو أي مجموعات منظمة.
- يستمتع بتعليم الآخرين بشكل كبير.
- لديه صداقة حميمة مع اثنين أو أكثر.
- يبدي تعاطفا واهتماما بالاخرين .
- الآخرون يبحثون عن تعاطفه أو اهتمامه وصحبته.
- يسعى الآخرون لمشورته وطلب نصحه.
- يفضل الألعاب والأنشطة والرياضات الجماعية.
- يسعى للتفكير في مشكلة ما بصحبة الآخرين أفضل مما يكون بمفرده.
- يبدو جذابا مشهورًا له شعبية.
- يعبر عن مشاعره وأفكاره واحتياجاته.
- يحب المناقشات الجماعية والاطلاع على وجهات نظر الآخرين وأفكارهم.
- يمكنه التعرف على مشاعر الآخرين، وتسميتها.
- يمكنه الانتباه لتغير الحالات المزاجية للآخرين.
- يحب الحصول على آراء الآخرين ويضعها في اعتباره.
- لا يخشى مواجهة الآخرين.
- يمكنه التفاوض.
- يمكنه التأثير في الآخرين.
- يمكنه عمل مناخ جيد أثناء وجوده.
- يمكنه تحفيز الآخرين ليقوموا بأفضل ما لديهم
المراجع:
1_ درويش ، أيمن سيد ، اختبر معدل الذكاء وضاعف قدراتك الذهنية ، الفرد مونزرت ، مترجم ، حلب ، سوريا ، شعاع للنشر والعلوم ، الطبعة الأولى 2000.
_2 حسن ، حسن مرضي ، مدخل إلى فهم الذكاء ، دمشق، سوريا ، الأولى للنشر والتوزيع ، بدون سنة طبع .
_3 جابر ، جابر عبد الحميد ، الذكاء ومقاييسه ، القاهرة ، دار النهضة العربية، دون تاريخ .
4_ عبد الغفار ، محمد عبد القادر ؛ القريطي ، عبد المطلب أمين ، مبادئ علم النفس ، القاهرة ، مكتبة النهضة ، 1997 .
_5 ياسين ، عطوف محمود ، اختبارات الذكاء والقدرات العقلية بين التطرف والاعتدال ، لبنان ، دار الأندلس ، 1981 .
6 _أبو حطب ، فؤاد ، القدرات العقلية ، القاهرة ، مكتبة الإنجلو المصرية ، الطبعة الخامسة ، 1996 .
7_ Thomas Armstrong (1994) Multiple Inteltigences in the Classroom. Virginia Association for Supervision Curriculum
بقلم سهير رفعت السلمان
الذكاء
المقدمة :
الحمد لله الذي خلق الإنسان من علق وعلمه ما لم يكن يعلم ، الحمد لله الذي فضل الإنسان وكرمه فقال تعالى): ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) [ الإسراء:70] والصلاة والسلام على معلم البشرية جمعاء الخير المبعوث نوراً وهدى للعالمين .
فإن دعوة القرآن الكريم للتفكير والتدبر واستخدام العقـل والفكر لمعرفة الله حق المعرفة ، بمعرفة قدرته العظيمة ،ومعرفة الكون الذي نعيش فيه حق المعرفة لهي أكبر دليل على اهتمام الإسلام بالعقل وتقوية إمكاناته ، وبالتالي ذكاء الإنسان ، و من هذه الآيات القرآنية التي تحث على طلب العلم والتفكر في مخلوقات الله وفي الكون الفسيح.
قول الحق (أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا) [سبأ الآية : 46 ]
فهي دعوة للتفكير في الوحدة وفي الجماعة أيضاً ، ونظرا لأهمية موضوع الذكاء وارتباطه الوثيق بالتفكر ، وحصول الموهبة للإنسان فقد اخترت موضوع مفهوم الذكاء ،في هذا البحث، حيث تعرضت لتعريف الذكاء وتقسيم بعض العلماء له نحو فريمان حيث قسم تعريف الذكاء إلى أربعة أقسام، وكذلك تعريف سيرل بيرت ، وقمت بمناقشة مختصرة لهذه التعريفات ، وظهر من هذه التعريفات الكثيرة للذكاء اختلاف علماء النفس قديماً وحديثاً في تعريف الذكاء ، وكان لا بد من الوقوف عند مفهوم الذكاء عند بنيه لما له من إسهامات عظيمة في هذا المجال ، ثم بينت أنواع الذكاء مبيناً بعضها من خلال القرآن الكريم ، وإذا كان الذكاء مفهوم للقدرات العقلية فلا بد أن يكون له من المظاهر ما يدل عليه لذلك بينت بعض مظاهر الذكاء ، وأول مراحل الاهتمام بالذكاء وظهوره هي مرحلة الطفولة لذلك فقد تناولت الذكاء ومرحلة الطفولة ، وأخيراً تناولت الذكاء الوجداني حتى تتضح جميع جوانب الذكاء .
تعريف الذكاء
الذكاء مفهوم مجرد اختلف في تعريفه وتحديده علماء النفس والتربية ، ولكنه يدل على
"قابلية الفرد على حل المعضلات الفكرية" أو
"قابليته على التكيف تجاه المواقف الجديدة" أو
" قابليته على التفكير التجريدي والاستفادة من التجارب"
لو سالنا انفسنا سؤالا مفاده: ما هو الذكاء ؟ فهل تكون الإجابة سهلة ميسورة ؟
لقد شاع استخدام كلمة ( ذكاء ) بين الناس بحيث يستخدمها الخاص والعام والصغير والكبير وهي تعني عندهم : سرعة البديهة ، وحسن الحكم على الأشياء وسرعة الاستجابة .
" ولكن في الحقيقة : الذكاء ليس بذاك المفهوم الذي يمكن تعريفه بسهولة وهناك اختلاف حتى بين الأخصائيين ، حول كيفية تعريفه وتحديد صفاته ، وذلك لأن كلمة ( ذكاء ) هي اسم يستخدم للدلالة على شيء أو غرض له مواصفات أو ميزات محددة لكن الذكاء في الحقيقة هو : مفهوم مجرد عالي التعقيد ليس له صفات محددة كالطول أو القصر أو اللون أو الوزن (درويش ، 2000 : 48 ( .
" وهناك من يعرف الذكاء بأنه المقدرة الفعلية ، ومن هنا يحكم على الشخص الذي يحل مثلاً الكلمات المتقاطعة بسرعة أنه ذكي ، والذي يعجز عن حلها بنفس الأسلوب يصفه بأنه متدني الذكاء . وفي الحقيقة فهذا استنتاج غير دقيق أو أكيد ؛ لأن هناك أسباباً أخرى ربما تداخلت مع تصرف كل منهما لتحقيق تلك النتيجة . فالنتيجة المتدنية في اختبار الذكاء المباشر قد تعزى إلى شعور الشخص بالتعب أو قلة الاهتمام وقلة الإثارة ، و القلق لخوض الاختبار أو أي أسباب أخرى مما لا علاقة له بتدني الذكاء ( حسن : 13 ( .
ويعرف سيبرمان الذكاء بأنه القدرة على إدراك العلاقات وخاصة العلاقات الصعبة أو الخفية .
تقسيم فريمان للذكاء :
ويقسم فريمان تعريف الذكاء إلى أربعة أنواع :
النوع الأول : يهتم فيه التعريف بتكيف الفرد أو توافقه ، مع البيئة الكلية التي تحيط به ... ومن أمثلة هذا تعريف بنتنر pintner للذكاء بأنه قدرة الفرد على التكيف بنجاح مع ما يستجد في الحياة من علاقات .
النوع الثاني : يؤكد الذكاء باعتباره ( القدرة على التعلم ) ووفقاً لهذا التعريف يصبح ذكاء الفرد مرهون بمدى قابليته للتعلم ومن أمثلة هذا النوع تعريف ديربون dearborn للذكاء بأنه القدرة على اكتساب الخبرة والإفادة منها .
النوع الثالث : يعرف الذكاء بأنه القدرة على التفكير المجرد وهذا هو التعريف الذي قدمه لنا لويس ترمان ، غير أن هناك بعض الاعتراضات على هذا التعريف إذ أنه يتضمن أن الذكاء لا يمكن أن يظهر في المستوى العياني أو الحسي .
النوع الرابع : هذا النوع من التعريفات أكثر اتساعا في نظرته من الأنواع السابقة ومن أمثلته تعريف ويكسلر للذكاء بأنه ( القدرة الكلية لدى الفرد على التصرف الهادف والتفكير المنطقي والتعامل المجدي مع البيئة .( جابر ، 1975 : 40- 41)
وبالنظر للتعريفات السابقة نجد أنها متعددة وكل منها يتناول جهة معينة في تعريفه للذكاء ، وهو بطبيعة الحال يرجع إلى وجهة نظر صاحب التعريف ،
فسيبرمان يركز في تعريفه للذكاء بأنه القدرة على إدراك العلاقات ، وأما بنتنر pintner فإنه يتناول قدرة الفرد على التكيف بنجاح مع ما يستجد في الحياة من علاقات ، وأما ديربون dearborn فيؤكد بأنه القدرة على اكتساب الخبرة والإفادة منها .
وعرف ( سيرل بيرت ) الذكاء على أنه قدرة فطرية معرفية عامة .( عبد الغفار ؛ القريطي ، 1997 ، 282 ( .
وربما كان بهذا التعريف شيء من العمومية ومن هنا يكون الارتباط بين الذكاء والمقدرة المعرفية العامة .
وبنظرة سريعة إلى أنواع المعارف المختلفة في حياة الإنسان وحل مشاكله ، والنشاطات الفعلية المختلفة له نجد أنها تحتاج إلى القدرات العقلية من الإنسان . لكن ما من شك في اختلاف القدرات العقلية بين المرء والآخرين .
وإذا أردنا تعريف ( مصطلح المعرفة ) لنكون أكثر دقة في معرفة الارتباط بين الذكاء والمقدرة المعرفية العامة ، ففي تعريفه " ربما تقابلنا بعض الصعوبات في الوصول إلى مفهوم متفق عليه فيما تتضمنه هذه الكلمة ، فإنه يشير بوضوح إلى النشاط العقلي المتعلق بالتفكير ، بكلمة COGNITIVE فهي كلمة لاتينية وتعني التفكير ، متضمنة في المعرفة على مثل هذه الأشياء : مثل المعرفة بالواقع الخارجي ، عملية الفهم ، وحل المشكلة ، واستنباط العلاقات والارتباطات .( عبد الغفار ؛ القريطي ، 1997 ، 282( .
" نشرت ( صحيفة علم النفس التربوي ) نتائج ندوة حول " الذكاء وقياس الذكاء " عقدت سنة 1921 وضمت تعريفات 14 خبيراً حول الموضوع . ومن هذه التعريفات ثمانية هي الأقل غموضاً ويمكن اختصارها بما يلي :
- القدرة على القيام بالتفكير المجرد .
- القدرة على الاستجابة بشكل صحيح أو واقعي .
- القدرة على كبت الغرائز وعلى التحليل والمثابرة .
- القدرة على التعلم والاستفادة من التجربة .
- القدرة على اكتساب القدرات .
- القدرة على تكييف النفس مع ظروف المعيشة المستجدة .
- القدرة على تكييف النفس مع المحيط .
- سعة الاطلاع وحيازة المعرفة .
يمكن من مطالعة هذه التعريفات ملاحظة مدى التباعد بين بعضها ، ومدى التقارب بين بعضها الآخر . لكن المطالعة في العمق تبين لنا أن هناك عوامل ثلاثاً مشتركة بين معظم هذه التعريفات ، وهي الذكاء اللغوي ، وحل المسائل ، والذكاء العملي ( حسن : 14 (
مفهوم الذكاء عند بينيه
يرى كثير من علماء القياس بأن ( بينيه ) هو أول واضع لمقياس موضوعي ودقيق للذكاء وواحد من خبراء الطب العقلي القلائل . وقد قرر بينيه بأن :
ع ع : العمر العقلي
الذكاء = X 100 ع ز : العمر الزمني
وقرر بأنه :
1- يمكن وضع معايير لمستويات العمر المختلفة ومجموعة الأسئلة التي أجاب عنها طفل في سن 6 مثلا توضع في فئة السن 6 وهكذا . . . وهذه ملائمة لذكائه إذا أجاب عنها ( 60 – 75 %) من الأطفال في هذه السن .
2- أن العمر العقلي لدى بينيه يشير إلى ( مستوى القدرة العقلية ) للفرد بمقارنته بالأفراد الآخرين في مثل سنه ولكن المشكلة هو أننا لا نعرف هل الفرد هنا ذكر أم غبي ما لم نقارنه بين العمر العقلي والعمر الزمني .) ياسين ، 1981 : 34 (
ونرى كما يرى كثير من الباحثين والعلماء بأن ( بينيه ) كان واحداً من أولئك العظماء الذين ساهموا في ميدان القياس للقدرات العقلية بحدود عصرهم وظروفهم و يكفيه أنه كان من أوائل الأعمدة الكبرى الذين قاموا ببناء الصرح .
فإننا إذا دققنا النظر في اختبار بينيه نجد أنه يعطينا فعلاً تحديداً للعمر العقلي ونسبة الذكاء من خلال معادلته السابقة . لكنه لا يقدم لنا سوى ( درجة واحدة ( لدلالة على الذكاء فهو لا يعطي العناصر أو العمليات التي يتكون منها الذكاء (تفصيليا ) ( ياسين ، 1981 : 34 ( .
وقد تعرض مقياس بينيه لكثير من التعديلات لعل أشهرها تعديل لويس ترمان (1877 – 1956 ) والذي أطلق عليه مقياس ستانفرد – بينيه للذكاء .( أبو حطب ، 1996 : 337 ( . "
أنماط الذكاء
مما سبق يتضح لنا أن فكرة قياس حاصل الذكاء سيطرة على كثير ممن تعرضوا لتعريف الذكاء ، ومن هنا رأينا بعضهم يصف الذكي بأنه من يحل بعض المسائل الحسابية أو الألغاز اللغوية .
وهذه الفكرة يرى بعض العلماء أنها اختلفت بل يرى أنها أصبحت بالية نظرا لضيق أفقه ، لأنه يتعلق بالأدمغة التي تفكر بطريقة معينة فقط ، وهو نهج تحليلي كمي وليس نوعي .
لذا يرى الدكتور حسن مرضي في كتابه ( مدخل إلى فهم الذكاء ) أن هذا المنهج في طريقه إلى التغيير يقول : "فالمربون يسعون إلى توسيع إطار الاختبارات لتستوعب عدداً من الذكاءات وليس ذكاء واحدا أو اثنين . ( حسن : 109 (
ومما يوضح ذلك أن) هاورد جاردنر ) من كلية هارفرد للتربية يرى أن للذكاء ستة أنماط لدى معظم الناس ، ويكاد كل شخص يكون مبرزاً في واحد منها على الأقل وهي :
الذكاء اللغوي : ويتضمن البراعة في التعامل مع الكلمات المنطوقة أو المكتوبة .
الذكاء الموسيقي : هو القدرة على تذوق أو إبداع أنماط من النغم والإيقاع .
الذكاء المنطقي : وهو القدرة على التعامل مع سلسلة طويلة من الأفكار في آن .
الذكاء الحيزي : النحاتون والرسامون والمصممون يتمتعون .
الذكاء البدني : وهو القدرة المتقنة على التحكم بالحركة .
الذكاء الشخصي : وهو القدرة على فهم تصرفات الآخرين ومشاعرهم ودوافعهم وهذا الذكاء الشخصي الداخلي يظهر في مرحلة مبكرة من العمر . (حسن : 111 )
ويترتب على هذا التصور ضرورة أن تركز عمليات التنشئة والتعليم على مزيج الذكاء الفريد الخاص بكل طفل، وشديد التنوع في أي مجموعة من الأطفال. وهنا منشأ حتمية أن تتمركز عمليات التنشئة والتعليم على الطفل الفرد، إن كان للبشرية أن تتيح لكل إنسان حقه الجوهري في تحقيق الذات إلى أقصى حد ممكن، من خلال تنمية المواهب .
فالطفل الذي تبرز لـديه الاستعدادات الجسدية-الحركية مثلاً يجب أن يُشجع على تنميتها بدلا من العمل على حبس نمو الأطفال في إطار تنمية المهارات اللغوية والمنطقية فقط كما يحدث في أشكال التعليم التقليدية.
وجدير بالإشارة إلى أن أساليب حفز الذكاء تتنوع من صنف لآخر، وعليه، فإن طرائق التنشئة والتعليم لابد أيضاً أن تتنوع بما يتناسب مـع تنوع ذكاوات الأطفال. ولا فكاك، والحال كذلك، أن تفسح أساليب تقييم الذكاء والقدرات المجال لاعتبار صنوف الذكاء كافة.
فكل طفل يمتلك موهبة مـن نوع ما، يتوقف تبلورها، في النهاية ، أو كبتها، على ثراء استثارة محيطه الاجتماعي، في الأسر والمؤسسات التعليمية، لتكوين مخه وقدراته. ولذلك يختلف مدى، وتضاريس، خريطة بزوغ القدرات بين الأطفال من مجتمع بشرى لآخر.
ويفتح مفهوم تعدد الذكاوات باب الابتكار والإبداع في مجالات التنشئة والتعلم واسعاً. والواقع أن الإعجاب بالمفهوم والتعلق به يزداد بين المعلمين المخلصين لرسالة التعليم السامية والبارعين في القيام بها، حيث يعتبرونها المدخل الأساس فـي إنشاء علاقات وثيقة ومتميزة مع تلاميذهم تمهد لهؤلاء التلاميذ الطريق لاستكشاف قدراتهم الكامنة وتنميتها في سياق تعليمي محبب، ينهض على تنويع الأساليب التعليمية بما يناسب تنوع قدرات الأطفال، ويؤدي لزيادة حرصهم على التعلم، وتمتعهم به، بما يعمق من تبصرهم بمكنونات انفسهم ويمكنهم من تحقيق ذاتهم، ويرفع من ثم، مكانتهم في محيطهم العائلي والاجتماعي، ويصبح ، في النهاية، بالغ الجدوى لنجاحهم في الحياة، ولازدهار الحياة.
التعريف المختار للذكاء
الذكاء هو القدرة على التفكير السليم المنطقي واستنباط المعنى والاستفادة من الخبرات والحكم على الأمور ببعد نظر .
أنواع الذكاء
لقد وجهنا الله سبحانه في كثير من الآيات القرآنية إلى استخدام قدراتنا العقلية حتى نصل إلى اكتشاف الحقائق والأدلة والبراهين العقلية المؤيدة لحقيقة الكون الإلهي.
وعادة ما نطلق على مثل هذه القدرات تعبير ) الذكاء المجرد ) و( الذكاء التجريدي ). وهناك نوع آخر من الذكاء تناوله القرآن الكريم ألا وهو ما يسمى بالذكاء الاجتماعي بشكل مقبول ومعقول، وفق المعايير والأسـس المتفـق عليها، بالإضافة إلى القدرة على استخدام الخبرات المتعلمة في المواقف الجديدة.
هذا بصورة عامة، أما في حالة الحديث الاجتماعي بشكل خاص فإننا نجد بأن تعريف الاجتماعي لثورندايك يشير إلى أنه القدرة على فهم الآخرين وكيفية التعامل معهم .
وبالرغم من أن مفهوم (الذكاء الاجتماعي) يعتبر من المفاهيم حديثة العهد، إلا أن القرآن أشار إليه ووجه أنظار المسلمين تجاهه، بل ووضع لهم تعريفاً متكاملاً له:
) ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون ، ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم). (الحجرات : 4 (
وهكذا نرى في الآيات السابقة إشارة واضحة إلى الأساليب غير الاجتماعية في التعامل مع الآخرين والتي تتنافى مع مفهوم الذكاء الاجتماعي والتي يجب البعد عنها مع الحث على اتباع السلوك السليم الذي يدل على حسن استخدام الإنسان لقدراته العقلية بشكل اجتماعي مقبول ومفيد.
مظاهر الذكاء
الذكاء هو الوجه الآخر لمفهوم القدرات العقلية، إذ أنه وكما هو معروف، لا توجد آلة أو جهاز يمكن عن طريقه التعرف على ما لدى الفرد من قدرات عقلية أو التوصل إلى مستوى ذكائه. ولكن يمكن تقدير مستويات الذكاء نسبياً بشكل غير مباشر عن طريق ملاحظة السلوك العام أو بعض مظاهر السلوك أثناء تأدية الفرد لبعض النشاطات العقلية نظرية كانت أم عملية أم اجتماعية.
- فإذا ما استطاع الفرد أن يستخدم قدراته العقلية في التوصل من العام إلى الخاص مثلاً، فإن ذلك يعتبر مظهراً من مظاهر الذكاء، قال الله تعالى: (وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار افلا تعقلون ) (المؤمنون 80 (
- وقد تبدو مظاهر الذكاء في اتجاه الإنسان إلى التفكير في وجود السماوات والأرض وطبقات الجو وما خلق الله من إنسان ودواب وطيور وأشياء مادية أخرى، وفي نظام الكون وإحكام تدبيره، ونوع ما يؤدي به إلى التعرف على الحقائق واكتشاف ما خفي منها عن الأذهان، وهذا الموقف هو مغاير ومعاكس لموقف فرعون تماماً لأنه طعن وظن أنه إله فجحد وجود الخالق ودل على جهله وغبائه وقصور قدراته عن الاستدلال كما يفعل أصحاب العقول والأفكار والبصيرة.
جاء في محكم الكتاب المبين:
) َقال فرعون وما رب العالمين،قال رب السماوات والارض وما بينهما ان كنتم موقنين،قال لمن حوله الا تستمعون ،قال ربكم ورب آبائكم الاولين ، قال ان رسولكم الذي ارسل اليكم لمجنون ، قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون) (الشعراء 23 – 28 (
- ومن مظاهر الذكاء القدرة على التصنيف. فعندما يرتفع مستوى الذكاء تتسع مدارك الإنسان فيصبح أكثر قدرة على تصنيف الأشياء بعدة طرق وأساليب متنوعة.
أما في حالة عدم تنمية القدرات العقلية فإن القدرة على التصنيف تصبح محدودة لدرجة تجعل من الصعب على الإنسان تصنيف الأشياء بشكل واسع، قال تعالى:
( وفي الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفصل بعضها على بعض في الاكل ان في ذلك لايات لقوم يعقلون) (الرعد4( .
4- ومن مظاهر الذكاء استخدام الإنسان للأدلة العلمية ومتابعة الأحداث ومقارنة الوقائع وفحص البراهين للتوصل إلى إقرار حقيقة علمية أو نفيها. فلقد أنكر الله سبحانه على اليهود والنصارى دعواهم بأن إبراهيم (عليه السلام) منهم، على الرغم من علمهم بأن زمنه كان سابقاً لهم. ولو أنهم استخدموا قدراتهم العقلية بشكل ذكي لعرفوا تلك الحقائق ولاكتشفوا خطأهم بأنفسهم دون عناء.قال تعالى:(يا اهل الكتاب لم تحاجون في ابراهيم وما انزلت التوراه والانجيل الا من بعده افلا تعقلون) (آل عمران 65(.
الذكاء ومرحلة الطفولة
إذا كان الذكاء هو القدرة على التفكير السليم المنطقي واستنباط المعنى والاستفادة من الخبرات والحكم على الأمور ببعد نظر فهل يقال إن الطفل الذكي دائماً طفل شقي .. فهل الذكاء موهبة خلقت مع الطفل منذ ولادته ويعبر عنها بالشقاوة الزائدة أم أن الذكاء تنمية لقدرات الطفل بعد ولادته واكتسابه له من خلال الاحتكاك بالحياة مع الآخرين ؟
إن الذكاء عادة ما يتحدد بالعامل الوراثي بنسبة 60 % إلى 65 % كما أن الذكاء يمكن أن يكون ذكاء اجتماعياً أو ذكاء حسابياً ، فالذكاء الاجتماعي هو القدرة على إقامة العلاقات الاجتماعية وعلى التصرف وسط الجماعة بتلقائية ونجاح، وهو الذي يأتي من خلال التنشئة الاجتماعية ومن خلال درجة الاختلاط بالبيئة المحيطة بالطفل ودرجة السماح له بالتعامل مع المتغيرات البيئية والقدرة على الاحتكاك الاجتماعي وزيادة المؤثرات التي تنمي قدراته العقلية وتظهر مواهبه .
أما الذكاء الحسابي فهو القدرة على حل المشاكل والقدرة على ربط الأشياء ببعضها واستنباط العلاقات التي تقاس بالاختبارات والمقاييس السيكولوجية التي تحدد قدرة الطفل على حل المشاكل عن طريق التفكير بينه وبين نفسه .
وعندما نتحدث عن الذكاء بصورة عامة سواء كان حسابياً أم اجتماعياً ، فمما لا شك فيه أن الطفل الثالث أو الرابع في الأسرة تكون فرصته أكبر في مستوى ذكائه كلما أتيحت له الظروف الملائمة وكانت خبرة الوالدين أعمق في التنشئة السليمة والاستفادة عن طريق تجنب أخطاء سابقة مع الطفل الأول أو الثاني.
وإذا كان العلماء اختلفوا في تعريف الذكاء ، وأعطوه أكثر من تفسير أو تعريف . من أهمها أن الذكاء يعني قدرة الإنسان على ربط العلاقة بين الأشياء ، أو أنه : هو القدرة على التفكير السليم والاستنباط ؛ بمعنى استنتاج المعنى من وراء أي كلمة أو مفهوم والاستفادة من الخبرات السابقة وبعد النظر في الحكم على الأمور ، أو أنه يعني القدرة على حل المشاكل بتلقائية دون الاستعانة بالخبرات المشابهة السابقة وأن الذكاء هو القدرة على إقامة العلاقات الاجتماعية مع القدرة على التصرف في وسط الجماعة .
الذكاء الوجداني
" الذكاء ليس شيئاً يوجد مباشرة في الطبيعة قد ننجح في عزله وقياسه ، فهو مفهوم نجده صالحاً لوصف سلوك الإنسان . ( ياسين ، 1981 : 49 ( . لذلك فإن هناك ذكاء من نوع آخر وهو ا لذكاء الوجداني emotional intelligence.
ويشير أنصار الذكاء الوجداني إلى أن الذكاء التقليدي، مقاساً بنسبة الذكاء، ليس قميناً بتحقيق النجاح في الحياة، حيث يحقق بعض محدودي الذكاء، بالمقياس التقليدي، نجاحات باهرة بينما يفشل بعض من مرتفعي نسبة الذكاء ذريعاً.
وتتفاعل في تكوين الذكاء الوجداني، بدوره، قدرات متعددة، بعضها نفساني والآخر اجتماعي، تشمل ضبط النفس، والتحكم في المزاج، والحماس، والمثابرة، وحفز الدافعية الذاتية، وإرجاء الإشباع، ومنع الإحباط من تعطيل القدرة على التفكير، وإعلاء الأمل، والتعاطف مع الآخرين.
وكل هذه القدرات يمكن اكتسابها إلى حد بعيد من خلال التنشئة والتعليم السليمين، الأمر الذي يمكِّن الأطفال، سعيدي الحظ في التنشئة والتعليم، من اكتساب مستوى مميز من الذكاء الوجداني.
وهناك مبرر للاهتمام بالذكاء الوجداني، ففي عالم يتسم التعامل فيه بين البشر بالوحشية بوتيرة دائبة التصاعد، تتوافر دلائل قوية على أن المواقف الأخلاقية السوية تنبع من الإمكانات الوجدانية الأساسية للأفراد. وعلى سبيل المثال، فإن التعاطف مع الآخرين هو منبت الإيثار بينما تنتج الأثرة من قلة الاهتمام بالغير.
من مزايا اختبارات الذكاء الفرديه :
_ تصلح للتطبيق على الشخص الذي لا يجيد القراءه والكتابه .
_ معرفه مدى تعاون المفحوص في اداء الاختبار ومدى انفعالاته .
_ امكانيه تشجيع المفحوص لبذل اقصى ما يمكنه من الجهد وملاحظه سلوكه .
_ ياخذ الباحث صوره شامله عن شخصيه المفحوص .
_ يصلح لقياس ضعاف العقول .
_ تحتاج الى شخص متدرب لاجرائها على المفحوصين .
الخلاصة
- اختلف علماء النفس والتربية قديماً وحديثاً في تحديد مفهوم الذكاء مفهوماً دقيقاً .
- عند التعرض لمفهوم الذكاء يكون ذلك من خلال عدة اتجاهات منها : ( تكييف الفرد مع البيئة – قدرة الفرد على التعلم – قدرة الفرد على التفكير المجرد – القدرة الكلية على التفكير المنطقي ( .
- كان ( بينيه ) واحداً من الذين ساهموا في ميدان القياس للقدرات العقلية وذلك بوضعه مقياساً موضوعياً دقيقاً للذكاء .
- الاتجاه الحديث هو توسيع إطار الاختبارات لتستوعب عدداً من الذكاءات وليس ذكاء واحداً
- ترجع أهمية مفهوم تعدد الذكاوات لفتح باب الابتكار والإبداع في مجالات التعلم والتنشئة .
- من أنواع الذكاء : الذكاء الاجتماعي ، وهو القدرة على فهم الآخرين وكيفية التعامل معهم .
- لا يقاس الذكاء بآلة أو جهاز ولكن يمكن تقدير مستويات الذكاء نسبياً بشكل غير مباشر عن طريق ملاحظة السلوك العام أو بعض مظاهر السلوك أثناء تأدية الفرد لبعض النشاطات العقلية نظرية كانت أم عملية أم اجتماعية.
_ الذكاء مفهوم فرضي لا يمكن تحديده ( ظاهره تفترض وجودها رغم عدم قدرتنا على تلمسها بشكل محسوس مباشر ، انما تفترض وجودها من خلال اثارها ومظاهرها الماثله امامنا .
_ نجد ان محتوى اختبار بنيه لا يثير اهتمام الراشدين أي ينقصها الصدق الظاهري . ومن ثم يصعب تكوين علاقه طيبه بين الفاحص والمفحوص الراشد.
معنى الصدق الظاهري : أي ان الفحص يبدو صادقا بالنسبه للمفحوص او لمن ينظر اليه .
_ كذلك نجد ان هذا المقياس يؤكد على عامل السرعه في معظم الاختبارات الامر الذي قد يقلل من مستوى الاداء الحقيقي للفرد .
_ لا يصلح مقياس بنيه لقياس القدره على الاستبصار والاصاله وتنظيم الافكار .
_ يتاثر اداء الشخص في هذا المقياس بشخصيته وكثيرا من عاداته الانفعاليه مثل الخجل من الغرباء ونقص الثقه في الذات والخوف من الوقوع في الخطا.
_ اهتمامه بالنواحي اللفظيه .
_ يصعب تطبيق هذا الاختبار على المكفوفين والصم .
_ نجد ايضا ان اختبارات الذكاء تعتمد على عنصر اللغه والقراءه بشكل اساسي .
_ وفي الذكاء الاجتماعي كان الاختلاف أكثر عمقاً لأن مفهوم الذكاء الاجتماعي أقل إثباتاً وتناوله أكثر من تخصص .
_تم تعرف الذكاء الاجتماعي بانه : _فهم الناس بكل ما يعنيه هذا الفهم من تفرعات أي فهم افكارهم واتجاهاتهم _ومشاعرهم وطبعهم ودوافعهم والتصرف السليم في المواقف الاجتماعية بناء _على هذا الفهم ،
ويعرفه اجرائياً بأنه ما يقيسه مقياس الذكاء الإجتماعي في هذا أن الذكاء الاجتماعي أكثر أهمية من القيم الاجتماعية بالنسبة للتوافق الاجتماعي .
- التطرف في القيم الاجتماعية والتي تعني الإهتمام الزائد أو غير المعتدل بالأخرين يقلل من التوافق الاجتماعي.
- تطبيق مقاييس واختبارات الذكاء الاجتماعي والتوافق النفسي والاجتماعي والقيم على الطلبة الراغبين في الإلتحاق في قسم علم النفس لما لهذه الخصائص من علاقة هامة بمهنة المرشد والأخصائي النفسي .
- عمل برامج ارشادية لدعم التوافق النفسي والاجتماعي
- بناء مقياس للقيم منطلقاً من الثقافة االعربية الإسلامية وعلى أسس علمية نفسية اجتماعية موضوعية .
_ يعكس هذا النوع من الذكاء قدرة الفرد على فهم وإدراك وملاحظة مشاعر الآخرين وحالاتهم المزاجية، واحتياجاتهم، وتنعكس هذه القدرة في مهارات تعامل الفرد مع الآخرين وتحفيزهم.
_ يتمتع بهذا النوع من الذكاء: المعالجون النفسيون، رجال المبيعات، المدرسون، المستشارون، مرشدو الشباب، العاملون في المجال الاجتماعي، رجال الدعوة، المدربون الرياضيون، مشرفو نشاط الأطفال...
مميزات الذكاء الاجتماعي :
يتميز من يتمتع بهذا الذكاء بالصفات التالية:
- يستمتع بصحبة الناس أكثر من الانفراد.
- يبدو قائدًا للمجموعة.
- يعطي نصائح للأصدقاء الذين لديهم مشكلات.
- يحب الانتماء للنوادي والتجمعات أو أي مجموعات منظمة.
- يستمتع بتعليم الآخرين بشكل كبير.
- لديه صداقة حميمة مع اثنين أو أكثر.
- يبدي تعاطفا واهتماما بالاخرين .
- الآخرون يبحثون عن تعاطفه أو اهتمامه وصحبته.
- يسعى الآخرون لمشورته وطلب نصحه.
- يفضل الألعاب والأنشطة والرياضات الجماعية.
- يسعى للتفكير في مشكلة ما بصحبة الآخرين أفضل مما يكون بمفرده.
- يبدو جذابا مشهورًا له شعبية.
- يعبر عن مشاعره وأفكاره واحتياجاته.
- يحب المناقشات الجماعية والاطلاع على وجهات نظر الآخرين وأفكارهم.
- يمكنه التعرف على مشاعر الآخرين، وتسميتها.
- يمكنه الانتباه لتغير الحالات المزاجية للآخرين.
- يحب الحصول على آراء الآخرين ويضعها في اعتباره.
- لا يخشى مواجهة الآخرين.
- يمكنه التفاوض.
- يمكنه التأثير في الآخرين.
- يمكنه عمل مناخ جيد أثناء وجوده.
- يمكنه تحفيز الآخرين ليقوموا بأفضل ما لديهم
المراجع:
1_ درويش ، أيمن سيد ، اختبر معدل الذكاء وضاعف قدراتك الذهنية ، الفرد مونزرت ، مترجم ، حلب ، سوريا ، شعاع للنشر والعلوم ، الطبعة الأولى 2000.
_2 حسن ، حسن مرضي ، مدخل إلى فهم الذكاء ، دمشق، سوريا ، الأولى للنشر والتوزيع ، بدون سنة طبع .
_3 جابر ، جابر عبد الحميد ، الذكاء ومقاييسه ، القاهرة ، دار النهضة العربية، دون تاريخ .
4_ عبد الغفار ، محمد عبد القادر ؛ القريطي ، عبد المطلب أمين ، مبادئ علم النفس ، القاهرة ، مكتبة النهضة ، 1997 .
_5 ياسين ، عطوف محمود ، اختبارات الذكاء والقدرات العقلية بين التطرف والاعتدال ، لبنان ، دار الأندلس ، 1981 .
6 _أبو حطب ، فؤاد ، القدرات العقلية ، القاهرة ، مكتبة الإنجلو المصرية ، الطبعة الخامسة ، 1996 .
7_ Thomas Armstrong (1994) Multiple Inteltigences in the Classroom. Virginia Association for Supervision Curriculum
بقلم سهير رفعت السلمان
تعليق