تعريف القرآن.. أسماؤه وصفاته ، والفرق بينه وبين الكتب السماوية الأخرى.

تقليص

عن الكاتب

تقليص

solema مسلم اكتشف المزيد حول solema
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • solema
    مشرفة قسم
    الإعجاز العلمي والنبؤات

    • 7 يون, 2009
    • 4518
    • طبيبة
    • مسلم

    تعريف القرآن.. أسماؤه وصفاته ، والفرق بينه وبين الكتب السماوية الأخرى.

    تعريف القرآن.. أسماؤه وصفاته ، والفرق بينه وبين الكتب السماوية الأخرى.



    د إسماعيل صديق عثمان إسماعيل
    أستاذ العقيدة والأديان المقارنة


    إن الديانات السماوية جميعها تتحد في جوهرها وأصلها ، و أن جوهرها وأصلها هو التوحيد الخالص ، وبذلك يصوغ لنا على هذا الأساس أن نعتبر الكتب السماوية جميعاً من حيث ما تتضمنه من المبادئ الدينية الأساسية و المثل الأخلاقية كتاباً واحداً تتعدد أبوابه ولكن تتوحد أهدافه ومراميه ، وتختلف الأساليب في فصوله ولكن تتفق دلالاته ومعانيه ،
    وقد حدثنا القرآن الكريم عن الأسس التي أقام عليها الأنبياء السابقين دعواتهم ، وذكر لنا أخباراً عن الكتب التي أنزلها عليهم وأهمها التوراة و الإنجيل ، ولكنه أخبرنا – القرآن- عن ما وقع فيهما من تحريف وتزييف طغى على جوهرهما الأصيل ومسخ الحقيقة وبدلها ، من ما جعل الكتابان لا يلتقيان مع القرآن الكريم مع أن منزلهما واحد ، وسنحاول الوقوف على الفرق بين القرآن الكريم وبين غيره من الكتب السماوية في هذا المقام .


    معنى (
    القرآن). (قرأ) : تأتى بمعنى الجمع و الضم ، والقراءة :ضم الحروف و الكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل ، والقرآن في الأصل كالقراءة : مصدر قرأ وقرآناً . قال تعالى :( إن علينا جمعه وقرءانه فإذا قرأناه فاتبع قرانه ) ، أي قرأته فهو مصدر على وزن (فُعلان) بالضم . وقد خص القرآن بالكتاب الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم . والقرآن يتعذر تحديده بالتعاريف المنطقية ذات الأجناس و الخواص ، بحيث يكون تعريفه حداً حقيقياً، و الحد الحقيقي هو استحضاره معهوداً في الذهن أو مشاهداً بالحس كأن تشير إليه مكتوباً في المصحف أو مقروءا باللسان ، فتقول : هو ما بين هاتين الدفتين ، أو تقول : هو من (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين) إلي قوله( من الجنة والناس)


    ويذكر العلماء تعريفاً له يقرب معناه إلى الأذهان ويميزه عن غيره ، فيعرفونه بأنه : (كلام الله ، المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، المتعبد بتلاوته) .
  • solema
    مشرفة قسم
    الإعجاز العلمي والنبؤات

    • 7 يون, 2009
    • 4518
    • طبيبة
    • مسلم

    #2

    أسماؤه وأوصافه : قد سماه الله بأسماء كثيرة منها :


    (القرآن)...(الكتاب) ...(الفرقان) ... (الذكر)... (التنزيل) إلى غير ذلك مما ورد في القرآن الكريم غير أن الغالب من أسمائه : القرآن و الكتاب وقد وصف الله ـ تعالى ـ القرآن بأوصاف كثيرة نذكر منها :


    أنه (نور)... وأنه ... (هدى وشفاء ورحمة وموعظة) ... ووصفه أنه مبارك ... وأنه لبشرى ... وأنه عزيز... ومجيد. وكذلك من صفاته انه بشير ونذير ، إلى غير ذلك مما يعد وصفاً للقرآن الكريم .


    إعجاز القرآن : قد ظهر صدق النبي صلى الله عليه وسلم في دعوى الرسالة بإظهار عجز العرب عن معارضته في معجزته الخالدة القرآن بعد أن تحداهم النبي صلى الله عليه وسلم على مراحل ثلاث :

    تحداهم بالقرآن كله في أسلوب عام يتناولهم ويتناول غيرهم من الأنس و الجن تحدياً يظهر على طاقاتهم مجتمعين ، بقوله تعالى : (
    قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القران لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )

    ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور مثله ،، وفى المرحلة الأخيرة تحداهم أن يأتوا بسوره واحدة منه في قوله
    (أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين ) .

    وظل هذا التحدي شامخاً أنفه إلى يومنا هذا ، إلى جانب تحديه وإعجازه في معانية وكشف الستار عن الحقائق الإنسانية و الكونية في العلوم و المعارف التي أثبتها العلم الحديث وقد كانت مغيبة .


    يقول ناصر المنشاوي :(والقرآن ليس معجزاً بلغته فقط وأن كان قمة الإعجاز اللغوي لأهل العربية فى كل العصور ، مسلمهم وغير مسلمهم على السواء ، و لكنه معجز بكل اللغات لأنه معجز بموضوعه ، معجز بمعانيه ، معجز بهيمنته على ما سبقه من الكتب وكلها غير عربى ، يصدقها فيصدق ويخالفها فيصدق هو ، وهو معجز بقائله ، أى بصدوره مباشرةً من الله تعالى ، فهو سبحانه فى كل القرآن المخاطب المحدث الراوي .) .


    وقد أنزل الله كتابه العزيز القرآن الكريم متمماً ومكملاً ومهيمناً على كل ما سبقه من كتب ورسالات ، كتاب حجه وإقناع ختمت به الرسالات ، ثم صدق الله وعده في حفظه ـ دون سائر الكتب ـ نبراساً هادياً إلى آخر الزمان ومعجزة حية باقية للأجيال المتعاقبة من البشر .

    ودون غيره من الكتب أحتوى القرآن الكريم على كثير من الإشارات العلمية التي تنبه الأذهان وتلفت الأنظار إلى ما في الكون من آيات ودلائل تشير إلى ما في خلق الله من الإعجاز في الصنعة و في القدرة ، وفي تتابع الليل و النهار. وفى المطر و الزراعة .


    كما أشتمل القرآن الكريم إشارات علمية عامة لقوانين الوجود ودورات الحياة وفى الكون وتماسكه وأبعاده وتحدث عن الشمس و القمر و الشهب والأرض وشكلها وحركتها حول الشمس فقال ـ جل جلاله ـ في ذلك )
    ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلي اجل مسمى ) ثم الجبال ووظائفها وأنواع السحاب و البحار وعالم الحيوان و النمل و النحل وعسله ، وحدثنا عن خلق الإنسان وأطواره ، وقد جاء إعجاز القرآن أيضاً في النبوءات المستقبلية وفى تحديد أن يأتي البشر ـ كل البشر أفراداً ومجتمعين ـ بما يضاهى البيان القرآني وتنبأ بعجزهم جيل بعد جيل ، ومازال البشر يكتشفون أسراره والتي لن تنقضي .

    كما أن القرآن الكريم هو المهيمن على ما في الأديان الأخرى ...وهو الحاكم العادل على ما في الكتب التي يعتمد عليها أصحاب هذه الأديان وذلك لعدة أسباب:


    أولا : أن هذه الكتب قد حرفت عن نصها الأصلي ، أما القرآن الكريم فقد بقى رطباً كما أنزل لا تحريف فيه ولا زيغ ولا زيادة ولا نقصان .

    ثانياً : إن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أنزل عليه القرآن هو آخر المرسلين ، و أحق الناس يتبين ما جاء به أخوانه المرسلون الذين بشروا برسالته الخاتمة .

    تميز القرآن عن غيره من الكتب السماوية


    ففي مجال النقد التاريخي يتميز القرآن بأنه :

    • هو الكتاب الوحيد الموروث بلغته الأصلية التي نزل بها … وهذا لم يتحقق فى التوراة و الإنجيل.

    • أنه الكتاب الوحيد الذي دون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ... ولم يدون كتاب آخر في عهد الرسول الذي جاء به .

    • نال القرآن عناية في الحفظ و التدوين و التحقيق العلمي فقد أجمعت عليه الأمة ولم يختلف عليه أحد ... وهذا ما لم نره في غير القرآن .

    وعليه فالمسلم أذا وجد ما يخالف صريح القرآن الكريم فهو يرفضه وينكره ولا يؤمن به ، ولا يثق به ولا يجد حرجاً في التنبيه على كذبه وزوره ومثل ذلك ما يرد في الأناجيل عن المسيح بأنه أبن الله أو أنه صلب كما يزعمون .

    تعليق

    • solema
      مشرفة قسم
      الإعجاز العلمي والنبؤات

      • 7 يون, 2009
      • 4518
      • طبيبة
      • مسلم

      #3
      ومن الفروق ألعامه بين القرآن وسائر الكتب الأخرى أن القرآن جاء بالآتي :

      • الأيمان بوجود الله ووحدانيته وبكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء خيره وشره وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، كل ذلك بوضوح تام جلي دون لبس أو غموض .

      • التحرر من عبادة أي من خلق الله الذي لا شريك له ولا ند ولا مثل .
      • لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق مهما بلغ هذا المخلوق .

      • العدل أساس الملك، وأن الله حرم على نفسه الظلم فهو حرام على الناس فيما بينهم.
      • مال الإنسان وعرضه ودمه حرام ومحمى ومصون ولما يملك عصمة .
      • للمجتمع الحق في مال الغنى وقدرة القادر .

      • كل ما كان عدلاً في ظاهره أو باطنه فهو من الإسلام ، لأن الله عز وجل يأمر به
      فرق القرآن عن غيره من الكتب السماوية

      من الفروق بين القرآن وغيره من الكتب الأخرى أن الشبهات التي قد أحدثها خصوم الإسلام في العصور المتأخرة ليس بينها شبهه واحده ترجع إلى عصر البعثة و الوحي و التنزيل ، فأغلب هذه الشبهات تحاول الزعم بوجود تناقضات واختلافات بين آيات القرآن الكريم ... وإذا كان القرآن قد تحدى خصومه منذ لحظة نزوله ليس فقط بالإتيان بشئ من مثله ، وإنما بالعثور على أي تناقض فيه ، وذلك عندما قال :(
      أفلا يتدبرون ولو كان من عند غير لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ). ولما لم يؤثر عن أحد من خصوم الإسلام وأعداء القرآن ـ الذين تحداهم ـ أنه قال بوجود أي تناقض فأن جميع هذه الشبهات إذا طارئة .


      ومن أعظم الفروق بين القرآن وما يسمونه بالكتاب المقدس عند المقارنة بين حفاظ الوحي وكتبة القرآن الكريم ، حيث يظهر لنا جلياً صدق هؤلاء و إخلاصهم في إبلاغ كلام الله إلى البشرية ، لذلك فقد وفقهم الله وسددهم وهيأ لهم أسباب حفظ كلامه وجعل عليهم الأمر يسيراً بعكس كتبة الكتاب المقدس وإذا عقدنا المقارنة فنجد:

      • كتبة القرآن هم الصحابة رضي الله عنهم الذين زكاهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فعدالتهم موثقه بأعلى درجات التوثيق وسيرتهم معروفة بأعلى مراتب التواتر، أما كتبة الكتاب المقدس ـ فلا يعلم من هم ؟ وما هي سيرتهم ؟ و أحوالهم وعدالتهم مجهولة تماماً ، ولم يثبت معاشرتهم للأنبياء الذين نقلوا سيرتهم ، ولا توثيق الأنبياء لهم ، بل زمهم الرب في مواضع كثيرة : (
      كيف تدعون أنكم حكماء ولديكم شريعة الرب بينما حولها قلم الكتبة المخادع إلى أكذوبة) سفر إرمياء : إصحاح رقم (8 :8) .


      • ألصحابه رضي الله عنهم أخذوا القرآن من شفتيه صلى الله عليه وسلم وكتبوه بين يديه (عليه أفضل الصلوات) وكانوا يتعبدون به معه يومياً، وهو محفوظ في الصدور والسطور ، وذلك بعكس الكتاب المقدس وكتبته الذين كتبوه بعد مئات السنين من وقوع الحدث اعتمادا على الإشاعات و الأقاويل ، دون تمحيص ولا تدقيق فجاء ما كتبوه مختلفاً ولم يخطر على بالهم أنه وحى أو كلام ألهى .

      • قال زيد بن ثابت وهو يصور ويوضح قداسة جمع القرآن الكريم : (والله لو كلفوني بنقل جبل من مكانه لكان أهون على مما أمروني به من جمع القرآن) . فجمع زيد بشهادات الصحابة على أنهم سمعوا هذه الآيات من فم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، لكن حرصه (رضي الله عنه) على أن يكون الأمر معلناً هو الذي دعاه إلى ذلك رغم أنه هو ومن معه كانوا أحفظ لكتاب الله من غيرهم وقد شهد لهم النبى صلى الله عليه وسلم بذلك .

      • ثبت بموجب نصوص ما يسمى ـ الكتاب المقدس ـ وحاصل ما وقفت عليه من أقوال الباحثين و النقاد ، أن أجزاء منه لا علاقة لها بالوحي ، وإنما هي من كلام المؤرخين و القصاصين ونحوهم ، ومن المستحيل أن يكون الله قد تكلم في أجزاء من الكتاب وأنه يحتاج إلى أكمال في الأجزاء المتبقية بكلام المخلوقين ، فالكتاب إما أن يكون كله من عند الله أو يكون كله من صنع البشر ،
      وقد جاء في المدخل لبعض إصدارات كتاب النصارى المقدس ما نصه : (أسفار الكتاب المقدس هي عمل مؤلفين و محررين عرفوا بأنهم لسان حال الله فى وسط شعبهم) أنظر :الكتاب المقدس للرهبانية اليسوعية .

      وهو ما يعنى ويؤكد بكل صراحة أن الوحي الألهى ليس المصدر الحقيقي لهذا الكتاب ، ذلك وبالمقابل فقد ثبتت نسبة القرآن الكريم إلى محمد صلى الله عليه وسلم بطريق القطع و التواتر مع السند المتصل إليه ، لا بمجرد الظن والإدعاء ، ولذلك فقد سلم من التناقض و الاختلاف سواء في التعليم أو في الأخبار ، وأحتوى على ما يحتاج إليه الخلق في أمور دينهم ودنياهم ، سواء فيما يتعلق بتوحيد الله عز وجل وكيفية عبادته أو ما يتعلق بالسلوك والأخلاق و المعاملات وما إليها.

      ونقرأ في القرآن الكريم أمراً للرسول صلى الله عليه وسلم أن: (
      قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاءئ نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إلي).

      وذلك يدخل في صياغته بأسلوب جديد أو مختلف ، فأسلوب القرآن الكريم يخالف مخالفة تامة أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا رجعنا إلى كتب الحديث التي جمعت أقوال النبي صلى الهل عليه وسلم ، وقارناها بالقرآن الكريم لرأينا الفرق واضحاً والتباين ظاهراً في كل شئ في التعبير و الموضوعات ، فأحاديث النبي صلى الهع عليه وسلم يغلب عليها التعليم و الخطابة ، وتتجلى منها لغة المحادثة و التفهيم بخلاف أسلوب القرآن الذي لا يعرف له شبيهه في أساليب العرب باعتراف من عاصروه ، كما أن محمداً صلى الهي عليه وسلم كان يعاتب في القرآن في مواضع كثيرة منها سورة كاملة بعنوان (عبس) وكذلك في صورة التوبة.

      وغير ذلك في مواطن عديدة من القرآن ، ولا يعقل بحال من الأحوال أن يؤلف محمد صلى الها عليه وسلم الكتاب ثم يوجه اللوم والعتاب إلى نفسه .

      قد فصل القرآن الكريم ما ورد في تلك الأسفار مختصراً وأوضح ما كان غامضاً ، وذكر أخبار لم ترد فيها وصحح ما حرفه المحرفين ، فهو كتاب حاكم على ما قبله من الكتب ، فأتى شاملاً وعظيماً وكاملاً جمع محاسن ما قبله وزاد عليها من الكمالات ما ليس في غيره ، وتكفل الله بحفظه وحمايته ، وما أجمل قول الشاعر :

      الله أكبـر أن دين محمـــد وكتابه أقوى وأقوم قيــلا
      طلعت به شمس الهداية للورى وأبى له نجم الكمـال أفولا
      لا تذكروا الكتب السوالف عنـده طلع الصباح فأطفئ القنديلا


      فالقرآن الكريم نص صراحة على أنه وحى الله بوساطة جبريل . وإدراك هذه الحقيقة وشواهدها المتعاضدة الدلالة كثيرة لا تحتاج إلى كثير بحث ولا إلى غوص في فنون علم المنطق وبراهينه ، بل تهدى العاقل إليها وقائع الوحي وحقائقه الثابتة بالمعارف اليقينية من أول صفحات القرآن الكريم إلى آخره ، وهى تدل كلها بدلائل اليقين أن جميع تنزيلات الوحي كانت مستقلة تماماً عن شخصية النبي صلى الهك عليه وسلم خارجة عن إرادته بل كانت مهيمنة على شخصيته وإرادته ، ولا يستطيع كائن من كان أن يورد أدله معقولة على ما يخالف حقائق القرآن فهو الشاهد المؤتمن الحاكم .


      اختلاف منهج القصص في القرآن عن المنهج القصصي في التوراة والإنجيل
      يختلف المنهج القرآني عن المنهج القصصي في التوراة والإنجيل من عدة جوانب منها :


      1ـ مصدر القصص ، حيث أن الذي يقص في القرآن هو الله تبارك وتعالى ، فهو المتكلم بالكلمة القرآنية :( نحن نقص عليك أحسن القصص).

      2ـ الخيال القصصي ، القرآن لا يعرف الخيال القصصي طريقاً إلى مادة مروياته وهو يطالب قارئ قصصه بتلمس دلائل واقعيتها وصدقها التاريخي في آثارها الماثلة للعيان ، وقد وقف الأثريون على آثار القصص القرآني الشاهدة على الصدق التاريخي مثل آثار سيل العرم الذي هدم سد مأرب باليمن ، فلا زالت آثار الجنتين الواقعتين عن يمين السد وشماله ماثله حتى اليوم تؤكد صحة قصة سبأ. وكذلك أكتشف العلماء آثار النقوش الثمودية في أرض تبوك ومدائن صالح ولا زالت مزاراً سياحياً حتى اليوم .

      ذلك بينما يقوم الخيال القصصي في التوراة والإنجيل بأكبر الأدوار في صياغة وتأليف قصصهما وهو ما كشفت عنه دراسات حديثة تعد مرجعيات في هذا الباب أنظر مثلاً : جيمس فريزر ، الفلكلور في العهد القديم ، ترجمة : نبيلة إبراهيم ، الهيئة المصرية ألعامه للكتاب ، 1973م ، وكذلك : زينون كاسيد وفسكى ، الحقيقة و الأسطورة في التوراة ، الأبجدية للنشر ، دمشق 1990م . ، كما يتميز القرآن في سرده للقصص بالتشخيص البياني ، وهو التعبير بالصورة المحسوسة المتخيلة عن المعاني الذهنية و الحالات الشعورية و المشاهدات و الأحداث الحقيقية وفى ذلك يقول سيد قطب : (أن التعبير القرآني يتناول القصة بريشة التصوير المبدعة التي يتناول بها جميع المشاهدات و المناظر التى يعرضها فتستحيل القصة حادثاً يقع ومشهداً يجرى لا قصة تروى ولا حادثاً قد مضى) .

      كما يمتاز المنهج القرآني في القصة بالتجريد ألزماني و المكاني ، حيث لا يحدد القرآن زمن الحدث أو مدته أو مكانه ، إلا ما كان محورياً في الحدث أو مسرحاً له كمصر في قصة يوسف ، أو المسجد الحرام و المسجد الأقصى فى قصة الإسراء و المعراج ، أو مدة رسالة نوح ، أو مدة لبث أهل الكهف في نومهم أو المدة التي أماتها الله للمار على القرية الخاوية ، وترجع أسباب ذلك إلى عناية القصة بالحدث وتقرير الحقائق الدائمة المستقلة عن الأشخاص ، فما الأشخاص في القصص القرآني و الحال كذلك إلا أمثله لتلك الحقائق المقصودة لذاتها.


      ثم من مما يميز القصص القراني تحقيق الإيجاز غير المخل ، كما يختم القرآن عادة قصصه في شكل عبرة أو عظة أو حكمة .، وتباين أهداف القصة في القرآن الكريم وفى الكتاب المقدس ، حيث أن الأخير يعتبرها تسجيلاً تاريخياً لحياة الشعب الإسرائيلي و النصراني ،بل وتسجيلاً للسير الذاتية كما في خطابات بولس لأصدقائه وهو ما يجعل القارئ غير متأثر وجدانياً أو متشوق لها ، أما أهداف القصص القرآني فتجئ لتحقيق غايات كثيرة منها الاستدلال على التوحيد وتثبيت الرسول صلى الهز عليه وسلم والمؤمنين على الحق و العظة والعبرة ، حيث يقول تعالى :(
      لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) ، ويلاحظ كذلك بقصص الكتاب المقدس (إحصاءات شهوانية داعرة لطبائع الرجال الشهوانيين المشهورين بالفسق و الفجور، ومع كل هذا ما زال منعوتاً بأنه كلمة مقدسة) ، هذا مع خلو القرآن من أمثال ذلك وتنزهه من قصص الفسق .

      شهد للقرآن ويشهد الأعداء قبل الأصدقاء و الكثير من العلماء الغربيون والمستشرقون مثل الفرنسي موريس بوكاي الذي قال : (صحة النص القرآني المنزل على محمد لا تقبل الجدل ، وتعطى النص مكانة خاصة بين كتب التنزيل ، ولا يشترك مع نص القرآن فى هذه الصحة لا العهد القديم ولا العهد الجديد ، وسبب ذلك أن القرآن قد دون في عصر النبي صلى الهل عليه وسلم ، ولم يتعرض النص القرآني لأي تحريف من يوم أن أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا).

      ويقول وهو يتحدث عن نصوص القرآن وتاريخيتها ومدى تطابقها مع معطيات العلم الحديث ، وأصالتها وانسجامها مع الحقائق العلمية : (أن لأصالة النص القرآني مكانة منفردة بين كتب الوحي لا ينازعه فيها العهد القديم ولا الجديد) .

      هذا إلى جانب مئات الشهادات التي شهد بها الباحثون المنصفون الغربيون على عظمة هذا القرآن وإعجازه وانه ليس من كلام البشر ، وقد آمن الكثير منهم بعد ما وقف على ذلك .
      وقد ميز الله تعالى القرآن بأن تكفل بحفظه وبقائه إلى يوم القيامة دون تحريف أو تبديل :(
      أنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ، فهو محفوظ لا يستطيع أحد أن يبدله ولا يزيد فيه آية او جملة مستقلة بل ولا حرف واحد ، فصار معجزاً بحفظة كما كان معجزاً بنبواته ، (فقد تنبأ القرآن باستمرار الدعوة ألناشئه في أحلك الظروف وبفتح مكة ودخول الكعبة وتطهيرها من الأصنام ، وتنبأ بهزيمة الفرس وهى من النبوءات التاريخية .

      وصور لنا القرآن الكريم مشاهد يوم القيامة وأحداثه ووصفها لنا صفات تقربها إلى الأذهان .
      أما بخصوص عيسى بن مريم(عليه السلام) ، ومعجزاته : (يصعب على كل الناس مجتمعين في عصرنا الحالي أو في غيره من العصور أن يأتوا بعبارة واحدة من حيث قوة البلاغة وجمال التركيب و الصياغة توازى قوة العبارة التي نقلها محمد بن عبد الله عن ربه فى بيان معجزات عيسى (عليه السلام) ، ولعل هذا كذلك من أعظم الفروق بين الأناجيل و القرآن الكريم حيث تحدث القرآن عن نبي الله عيسى (عليه السلام) بأفضل مما تحدثت عنه الأناجيل مجتمعة ، ويظهر ذلك جلياً بمجرد مقارنة النصوص الواردة في كتب النصارى مع القرآن .


      وبالنسبة للتوراة فأن الأسفار الخمسة المنسوبة إلى نبي الله موسى (عليه السلام) ، لم يكتبها هو ولا أمر بكتابتها ، ولم تكتب فى حياته و إنما كتبها بعده بزمن طويل جداً أكثر من شخص ويترجح أن ذلك كان بعد عودة اليهود من السبي.

      هذا إلى جانب أن الكتاب المقدس يؤصل للقواعد العنصرية بصورة غير مسبوقة لم يجد الباحث لها مثيلاً ، فهو يمتلئ حقداً على الجنس العربي : ففي سفر التكوين : نقرأ ما ملخصه : (أن نوح شرب الخمر وسكر وتعرى فأخبر حام أبنه وكان صغيراً أخبر أخويه الذين سترا أبوهما . فلعن نوح حام وجعله عبداً لإخوته وبارك سام) ...


      وحام أبو العرب (الكنعانيون) ، أما القديس سام فهو أبو الجنس العالي ، اليهود والنصارى و الأوربيون
      . وفى سفر عزرا : نقرأ : تحريم الزواج من الأجنبيات و اعتباره رجس ونجس وخطيئة كبرى لاختلاط الزرع المقدس بشعوب الأراضي النجسة !! وهذا لا يمكن أن يصدر من كتاب سماوي ، ففي القرآن التزكية ليست للجنس ولا للون إنما للتقوى .


      وأخيراً فمن الفروق بين القرآن والكتاب المقدس هو قوة اعتقاد المسلمين في القرآن ، ولأن النصارى و اليهود يعلمون ذلك فهم يعملون جاهدين على سلب المسلمين هذا السلطان ، يقول غلادستون ـ وزير المستعمرات البريطاني 1895م ورئيس الوزراء : (
      لن تحقق بريطانيا شيئاً من غاياتها فى العرب ، إلا إذا سلبتهم سلطان هذا الكتاب ، أخرجوا سر هذا الكتاب ـ القرآن ـ مما بينهم تتحطم أمامكم جميع السدود).


      وهم بذلك يعرفون أن القرآن مصدر قوة المسلمين لذلك أعلنوا الحرب عليه ، ومما يؤسف له أنه قد تحقق لهم الكثير من ذلك حيث عزل الكتاب عن التحكيم بين الناس ، وأستبدل بقانون الغرب وصرنا نسمع نداءاتهم في أجهزة الإعلام بضرورة تغيير المناهج الدراسية ومحو الآيات القرآنية التي تدعوا للعنف ، ولكن هيهات أن يتم لهم ذلك فالقران محفوظ بحفظ الله منزله .

      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, 14 أكت, 2024, 04:59 ص
      ردود 0
      29 مشاهدات
      0 ردود الفعل
      آخر مشاركة الفقير لله 3
      بواسطة الفقير لله 3
      ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, 3 أكت, 2024, 11:34 م
      رد 1
      19 مشاهدات
      0 ردود الفعل
      آخر مشاركة الفقير لله 3
      بواسطة الفقير لله 3
      ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, 28 سبت, 2024, 02:37 م
      رد 1
      26 مشاهدات
      0 ردود الفعل
      آخر مشاركة الفقير لله 3
      بواسطة الفقير لله 3
      ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, 28 سبت, 2024, 12:04 م
      ردود 0
      19 مشاهدات
      0 ردود الفعل
      آخر مشاركة الفقير لله 3
      بواسطة الفقير لله 3
      ابتدأ بواسطة مُسلِمَة, 5 يون, 2024, 04:11 ص
      ردود 0
      63 مشاهدات
      0 ردود الفعل
      آخر مشاركة مُسلِمَة
      بواسطة مُسلِمَة
      يعمل...