محمد بن عبد الله

تقليص

عن الكاتب

تقليص

شباب روش طحن اكتشف المزيد حول شباب روش طحن
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • شباب روش طحن
    1- عضو جديد
    • 25 أبر, 2007
    • 78

    محمد بن عبد الله

    قرأت في في صحيفة الوفد بقلم الأستاذ يوسف زيدان أن النبي كان أسمه قثم بن عبد اللات وكيف أن أبن الجوزي هو من روي هذا الموضوع وفي الحقيقة أستغل النصاري هذا المقال أسوء إستغلال فقالوا أن النبي غير أسمه إلي محمد وأحمد لتصدق عليه دعوة أنه هو النبي الذي تنبأ به كتابهم وفي الحقيقة قررت أن أعرض الأمر عليكم فأنتم أهل التخصص
    جزاكم الله كل خير
  • ahmedmuslimengineer
    2- عضو مشارك

    • 21 أغس, 2006
    • 245
    • لا شيىء
    • مسلم

    #2
    الرد الكافى بأذن الله:
    مع جعِيط وزعِيط ومعِيط ونطّاط الحيط!
    هل كان اسم الرسول قُثَم؟ أم هل كان اسمه محمّدا؟
    د. إبراهيم عوض
    رأت بأُخَرَة فى موقع "إسلام أون لاين.نت" مقالا للأستاذ محمد الحمروني بعنوان "باحث تونسي يزعم: الاسم الحقيقي لمحمد ‘قُثَم‘!"جاء فيه ما يلى: "لم يستبعد الباحث والمفكر التونسي الدكتور هشام جعيط في كتابه الأخير "تاريخية الدعوة المحمدية في مكة" أن تكون بعض العبارات والآيات زيدت في النص القرآني عند تدوينه، واعتبر أن التأثيرات المسيحية على القرآن لا يمكن إنكارها. وعن محمد صلى الله عليه وسلم قال إنه ولد في حدود سنة 580م، وإنه كان يُدْعَى "قُثَم" قبل بعثته، وتزوج وهو في الثالثة والعشرين وبُعِث في الثلاثين، وإنه لم يكن أبدا أميّا. وفي ندوة عُقِدت في تونس نهاية الأسبوع الماضي وعرض فيها لكتابه شدّد الكاتب على أن ما توصل إليه من نتائج هو ثمرة "عشرات السنوات من البحث والدراسة وفق مناهج علمية صارمة"، وأنه إذ ينشرها فلأنه على يقين بأن ما يورده من "حقائق ينشر لأول مرة". غير أن باحثا تونسيا أشار في معرض تعقيبه على الكتاب إلى أن الرؤى التي يطرحها سبق أن طرح معظمها مستشرق ألماني في القرن الـ19 الميلادى". ويمضى الكاتب قائلا إن جعيط قد أكد أن اسم والد النبى عليه الصلاة والسلام لم يكن "عبد الله"، بل الأرجح، حسب زعمه، أنه صلى الله عليه وسلم هو الذى أطلق عليه هذا الاسم. أما عن اسم النبى ذاته فنراه يدعى أنه لم يكن "محمدا" فى البداية، مستشهدا في ذلك بأن القرآن لم يسمّه باسم "محمد" إلا في السور المدنية: "محمد رسول الله والذين معه" (الفتح)، "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" (آل عمران). ويزعم الكاتب أن اسم "محمد" هو واحد من التأثيرات المسيحية فى الإسلام، وأنه نُقِل إلى العربية عن السريانية وأنه يعني في تلك اللغة "الأشهر والأمجد"، وأن صيغته الأولى هى "محمدان". أما الاسم الحقيقي للرسول فهو "قُثَم"، وقد سُمِّىَ به لأن أحد أبناء عبد المطلب كان اسمه "قُثَم" ومات على صِغَرٍ فسُمِّىَ النبي على اسم عمه المتوفَّى. كما زعم أن والده لم يكن يُدْعَى: "عبد الله"، بل الأرجح، حسبما ورد فى كلامه، أن النبى صلى الله عليه وسلم هو الذى أطلق عليه هذا الاسم.

    كما وجدتُ فى مجلة "كلمة تونس: Kalima Tunisie" المشباكية (العدد 52) كلمة للأمين محمد بعنوان "هشام جعيط يقدّم كتابه الجديد عن السيرة النبويّة" جاء فيها: "احتضن مدرج ابن خلدون بكلية 9 أفريل بتونس يوم 29 نوفمبر 2006 محاضرة قدم فيها الأستاذ هشام جعيط كتابه الجديد عن تاريخ الدعوة النبوية في إطار أبحاث في السيرة النبوية. وهو الجزء الثاني من مشروع ابتدأه بكتاب عن الوحي والنبوّة.

    وكانت المحاضرة مناسبة لعرض الجزء الأوّل من كتابه الجديد "تاريخية الدعوة النبويّة في مكة" سيتلوه لقاء آخر يوم 13 ديسمبر لعرض الجزء الثاني عن "تاريخية الدعوة النبويّة في المدينة". ولاحظ المحاضر أنّ بعض الأحداث التي تعرضها كتب السيرة تتناقض مع المنطق التاريخي وذلك للتفاوت بين زمن الأحداث وزمن التداول. واعتبر في هذا السياق أنّ النص القرآني وثيقة يمكن اعتمادها من قبل المؤرخ لمحايثة سيرة الرسول. وقال في هذا الشأن: "نحن محظوظون لوجود هذا النص الذي يمكن أن يلجأ إليه المؤرخ كمصدر تاريخي مهمّ يثبّت الوقائع. لكنّه اعتبر في نفس الوقت أنّ قراءة المؤمن لا زمنيّة وأنّ المؤرّخ مطالب بمقاربة موضوعية. واعتبر أنّه لا قيمة لما يحيل عليه بعض الباحثين من وجود نصوص قرآنية موازية: "المصاحف الضائعة" مثل "مصحف صنعاء" الذي يشتغل على تحقيقه فريق بحث تونسي بإشراف المنصف عبد الجليل وعبد المجيد الشرفي ورجاء بن سلامة. واعتبر أن لا قيمة علمية لذلك وأنّ الدراسات النقدية في هذا الشأن "من باب السخافة"، إذ لم يثبت وجود مسافة زمنية بين النطق بالقرآن وتدوينه كما لم يثبت أنّ القرآن تعرض لتبديل أو تغيير على مستوى نصوصه أثناء تدوينه أو جمعه. كما أشار إلى أنّ منطق القرآن ومعجمه وأسلوبه خاص به ولا يقارن بأيّ نصّ لاحق شعرا أو نثرا. وفي دراسته النقدية لكتب السيرة ذكر أنّ نصوص السيرة الأولى اقتبست منهج التأليف من إنجيل يوحنّا، إذ اطّلع ابن إسحاق على هذا الإنجيل بالسريانية. فالسيرة، حسب تعبيره، هي أناجيل المسلمين، وتقدّم تصوّرا لشخص النبيّ ينتمي بعضه إلى الخيال وإن حافظ على النسق التاريخي العام. وفي سياق آخر اعتبر جعيط أنّ لفظة "محمّد" كنية للرسول وليس اسما وأنّ أصلها سرياني: محمّدان، ورجّح أن يكون اسمه التاريخي "قُثَم"، فوالده كان يسمّى: أبو قثم. ولكنّ القرآن أضفى عليه لقبا دينيّا هو محمد الذي يتسمّى به العرب. وتساءل جعيط: لماذا محمد؟ ولماذا في ذلك الزمن؟ واعتبر أنّ هذا السؤال أنثروبولوجي. لذلك اختار المقاربة الأنثروبولوجية لينتهي إلى أنّ الرسول كان يتحرك في قلب الثقافة القديمة، وبحسّ سياسيّ متميّز. لم يكن فيه عالة على قبيلته بني هاشم، الذين كانوا فرعا خاملا وكان دورهم هامشيّا ضخّم منه كتّاب السير في العصر العباسي. وقد حافظ الرسول على الكثير من الطقوس والأعراف القديمة مع تغيير معناها. وفي آخر محاضرته نبّه هشام جعيط إلى أنّه يتعامل مع نصوص إخبارية ضمن منطق علميّ تاريخي موضوعي وأنّه حسب قوله ليس ‘مع الإسلاميين أو العلمانيين ولا مع التقاة أو الكفّار‘".

    وأهم ما يلفت النظر فى هذا الكلام المجعَّط الممخَّط هو دعوى المنهجية العلمية الصارمة. وأرجو أن يتنبه القارئ إلى هذه الدعوى، فهى ليست "المنهجية" فقط، ولا "المنهجية العلمية" فحسب، بل "المنهجية العلمية الصارمة" بتعطيش الجيم وتغليظ الصاد من فضلك إلى أقصى مدى. بل إنه ليزعم أنه أنفق فى الوصول إلى هذه النتائج عشرات السنين. يا ساتر، استر! ولا أدرى ماذا كان يفعل أثناء تلك السنين التى تعد بالعشرات، إذ إن السطو على آراء المستشرقين وأذنابهم ممن قالوا قبله هذا الكلام واتبعوا ذات "المنهجية العلمية الصارمة" (والمصرومة أيضا، أو المشرومة: لا فرق) لا يمكن أن يستغرق كل هذا الوقت. ولكن ما على الكلام ضريبة، فليقل الرجل ما يريد، وليس عليه من بأس، فهذا عصر الهجوم على الإسلام بكل وسيلة وبكل طريق وبكل كلام وبكل سطو وبكل بجاحة، ومن فاته الهجوم الآن فلربما لا تتاح له الفرصة مرة أخرى.

    وسوف نتناول فى هذه الدراسة الدعوى المتعلقة باسم النبى وأبيه دون بقية الدعاوى الأخرى التى سبق أن عالجناها وعالجها غيرنا فى كتب ودراسات كثيرة. ونبدأ أولا بالموضوع الخاص باسم الرسول وهل كان فعلا "قُثَم" كما يقول جعيط، الذى يذكرنى اسمه بــ"زعِيط ومعِيط ونطّاط الحِيط"، فنقول وبالله التوفيق، وخيبة الله على كل تافه فارغ العقل والقلب والضمير يظن أنه بترديد كلام أعداء الدين الذى ينتمى إليه رسميا من شأنه أن يجعل منه شيئا ذا قيمة، وهيهات، اللهم إلا إذا استطاع أن يرى قفاه أو حتى حلمة أذنه، نقول إن كلام جعيط فى الشقشقة بالمنهجية العلمية الصارمة لا يساوى بصلة، حتى لو كانت بصلة مصنّنة. كيف؟ إن هذا السخف الذى يدعى جنابه أنه استنفد منه عشرات السنين، ولا أدرى كيف، اللهم إلا إذا كان قد ضُرِب على أذنيه فى كهف الضياع وفقدان الذاكرة والعقل سنين عددا، هذا السخف قد تكررت إثارته من قبل مرات حتى أصبح ماسخًا مَسَاخَةَ من يقولونه، فضلا عمن يكررونه من أحلاس الاستشراق والتبشير من كل منتفخ تافه فارغ من العلم ومن الكرامة ومن المنهجية على السواء.

    وجعيط يعرف جيدا أنه يخرّف، وهو يفعل هذا عن عمد، وغايته إشاعة الاضطراب فى كل شىء حتى يشك المسلم فى كل أمور دينه ولا يطمئن إلى أى منها ويسلم مفاتيح عقله وضميره إلى سادة جعيط المتربصين وراء الستار. وهذه خطة قديمة جرى عليها كثير من المستشرقين والمبشرين وأذنابهم، وقد فضحتُ عددا من هؤلاء وأكاذيبهم فى كتبى، وكل ما قاله جعيط قاله هؤلاء قبله، وهو يقلدهم بأمر منهم لا اتباعا لمنهج علمى صارم ولا يحزنون، وكلهم يقول هذا عن منهجه، مع أن كل ما يكتبون هو كلامٌ بزرميط لا أصل له ولا فصل. والمقصود أن يتولى كِبْرَ التشكيك فى الإسلام وكتابه وسيرة نبيه ناسٌ من بين أَظْهُرنا من بنى جلدتنا. ذلك أنه إذا كان اسم الرسول الأصلى هو "قُثَم"، فلماذا غيّره يا ترى، وهو اسم يدل على الكرم وكثرة العطاء، ومن ثم فهو مدح لا ذم؟ ولماذا لم نسمع أحدا من المشركين فى مكة أو من اليهود والمنافقين فى المدينة أو من المرتدين بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم أو من نصارى العرب أو من الروم أو الفرس يذكر هذا؟ لقد اتهمه المشركون بكل نقيصة فقالوا عنه: ساحر ومجنون وكذاب ويكتتب أساطير الأولين، وحاولوا النيل من قدره بقولهم: لقد كان ينبغى أن ينزل القرآن على رجل من مكة أو الطائف عظيم (أى غنى ذى سلطان وسطوة) لا على محمد، كما كانوا يسمونه على سبيل التنقص بــ"ابن أبى كبشة" إشارةً إلى أحد أجداده الأولين، وكان ينكر عبادة الأصنام ويعيبها ويطعن على أهلها، وكان يكنى: "أبا كبشة"، فشبهوا النبي صلى الله عليه وسلم به على ما ذكره البلاذرى عند ترجمته لعبد الله بن عبد المطلب والد الرسول عليه السلام فى "أنساب الأشراف". وفى المدينة رأينا المنافقين يقولون عن الرسول والمهاجرين من أتباعه المخلصين: سَمِّنْ كلبك يأكلْك! وأشاعوا الإفك على زوجته الشريفة العفيفة الكريمة، وتآمروا على قتله. كما كان اليهود يعترضون على كل شىء فى دينه، حتى لقد كانوا يتهكمون بالصلاة والأذان ويتخذونهما هُزُوًا ولَعِبًا، ويسخرون من دعوة القرآن إلى إقراض الله قرضا حسنا قائلين: "إن الله فقير ونحن أغنياء"، ويجدّفون فى حقه سبحانه واصفين إياه بأن يده مغلولة. بل لقد ذهبوا أبعد من ذلك فقالوا لأهل مكة المشركين إن وثنيتهم خير من التوحيد الذى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم! فهل تراهم كانوا يسكتون لو أن الرسول غير اسمه من "قُثَم" إلى "محمد" كما يهرف "جعيطنا"، وبخاصة أن من يقولون هذا إنما يرمون إلى الزعم بأنه قد فعله كى يطابق اسمُه الاسمَ المبشَّر به فى الإنجيل؟ بل لماذا لم يذكر هو نفسه أنه يسمَّى أيضا: "قُثَم" إلى جانب تسميته: "محمدا"، على الأقل من باب الاستكثار من الأسماء المدحية، وقد ذكر عن نفسه ألقابا أخرى متعددة كالحاشر والماحى والعاقب وما إلى ذلك؟ صحيح أن هناك رواية تقول بأن "قثم" صفة من الصفات التى كان يتسمى بها عليه السلام، بَيْدَ أنها رواية غير وثيقة، إذ لا وجود لها بين الأحاديث الصحيحة. وحتى لو كانت رواية صحيحة إن الأسماء التى وردت فيها إنما هى ألقاب مدحية عُرِف صلى الله عليه وسلم بها بعد النبوة، بل بعد الهجرة، ولم يُعْرَف بشىء منها قبل أن يبعثه الله رسولا، اللهم إلا لقب "الأمين" على ما هو معروف. وهناك شاعر وصفه عليه السلام بأنه "قُثَم" بهذا المعنى المدحى، أى بأنه معطاء كريم لا بمعنى أن هذا هو اسمه، بدليل أنه ساقه فى سياق صفات مدحية أخرى لا علاقة لها بالتسميات، وهو الصرصرى الشاعر البغدادى الأعمى الذى قتله التتار يوم دخولهم بغداد (عام 656هـ):

    هُوَ أَحمَدُ الهادي البَشيرُ مُحَمَّد* قَتّالُ أَهلِ الشِّركِ وَالطُّغيانِ
    هُوَ شاهِدٌ مُتَوَكِّلٌ هُوَ مُنذِرٌ * وَمُبَشِّرُ الأَبرارِ بِالرّضوانِ
    هُوَ فاتِحٌ هُوَ خاتَمٌ هُوَ حاشِر* هُوَ عاقِبٌ هُوَ شافِعٌ لِلجاني
    قُثمٌ ضَحوكٌ سَيِّدٌ ماحٍ مَحى* بِالنورِ ظُلمَةَ عابِدي الأَوثانِ
    وَهوَ المُقَفّى وَالأَمينُ المُصطَفى الـــــ أُمِّيُّ أَكرَمُ مُرسَلٍ بِبَيانِ
    وَهوَ الَّذي يُدعى نَبِيّ مَلاحِمٍ* وَمَراحِمٍ وَمَثاب ذي عِصيانِ
    وَهوَ اِبنُ عَبدِ اللَهِ صَفوَة شَيْبَة الــــــحَمْدِ بن هاشِمٍ الذَبيح الثاني
    أَصلُ الدِياتِ فِداؤُهُ مِن ذَبحِهِ الـــــــمَنذورِ إِذا هُوَ عاشِرُ الأخوانِ
    وَالأَبيَضُ البَضُّ المُعَظَّمُ جَدُّهُ* شَيخُ الأَباطِحِ سَيِّدُ الحمسانِ

    وهناك أيضا أبيات يمدح بها صاحبها (الشاعر سليمانُ بن قتة أو داودُ بن سلم) قُثَمَ بن العباس، ولو كان اسم الرسول "قثم" لكانت هذه فرصة ليمدحه كذلك بأنه سميّه عليه السلام:

    نَجَوْتِ مِن حِلٍّ ومِن رِحْلَةٍ* يا ناقَ إِنْ قَرّبْتِنِي مِن قُثَمْ
    إِنَّكِ إِنْ بَلَّغْتِنِيهِ غدا* عاشَ لنا اليُسْرُ وماتَ العَدَمْ
    في باعِهِ طُولٌ، وفي وَجْهِهِ* نُورٌ، وفي العِرْنِين مِنْه شَمَمْ
    لَمْ يَدْرِ مالاً، و"بَلَى" قد دَرَى* فَعافَها، واعْتاضَ عَنْها "نَعَمْ"
    أَصَمُّ عن ذِكْرِ الخَنا سَمْعُهُ* وما عن الخبر بهِ مِن صَمَمْ

    ثم إن الموجود فى كتب التاريخ والسيرة والأشعار والقرآن والأحاديث العربية والأجنبية أنه "محمد"، وأنه كان يستعمل هذا الاسم فى معاهداته مع أعدائه من المشركين واليهود. ألم يوقع معاهدة الصحيفة مع هؤلاء غِبَّ هجرته مباشرة إلى يثرب بهذا الاسم؟ وهذه هى السطور الأولى من تلك الصحيفة كما نقلها ابن هشام عن ابن إسحاق: "قال ابن إسحاق: وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادَعَ فيه يهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم: "بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم. إنهم أمة واحدة من دون الناس: المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم، وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو جُشَم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين. وإن المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل...". ولنلاحظ أن النبى، حسب الزعم السخيف التافه بأنه غيّر اسمه فى القرآن المدنى، لم يفعل هذا إلا بعد سنوات من هجرته إلى المدينة، إذ إن الوحى المشار إليه فى هذا الصدد ينتمى إلى تاريخ متأخر عن ذلك، فآية "آل عمران": "وما محمد إلا رسول قد خَلَتْ من قبله الرسل..."، وهى أقدم نص قرآنى يذكر اسم "محمد"، إنما نزلت بعد غزوة أُحُد، ومعلوم أن هذه الغزوة لم تقع إلا بعد ثلاث سنوات من الهجرة، على حين أن معاهدة الصحيفة قد كُتِبَتْ تَوّ هجرته صلى الله عليه وسلم على ما نعرف جميعا. ودعنا من آية سورة "الفتح": "محمد رسول الله والذين معه أشدّاء على الكفار رحماءُ بينهم..."، التى لم تنزل إلا بعد الحُدَيْبِيَة، وهى متأخرة عن أُحُد كثيرا. وبمناسبة الحديبية ألم يوقع عليه السلام معاهدتها مع كفار قريش بذلك الاسم أيضا على ما هو معروف؟ جاء مثلا فى "المغازى النبوية" لابن شهاب الزهرى أن رسول الله لما أملى على كاتب المعاهدة كلمة "بسم الله الرحمن الرحيم" اعترض سهيل بن عمرو مفاوض المكيين واقترح أن يكتب بدلا من ذلك "باسمك اللهم"، مثلما اقترح صيغة "محمد بن عبد الله" بدلا من "محمد رسول الله" ("المغازى النبوية" لابن شهاب الزهرى/ تحقيق د. سهيل زكار/ دار الفكر بدمشق/ 1401هـ- 1981م/ 54- 55، وغيرها من كتب السيرة). فلو كان اسم الرسول "قثم" لكانت فرصة لسُهَيْل كى يلقن النبى والمسلمين درسا لا ينساه الناس مدى الدهر ولأصر على أن تكون الصيغة التى ينبغى إثباتها فى الاتفاقية هى "قُثَم بن عبد الله"، لا بل "قُثَم بن عبد اللات" حسب الكلام الذى يقوله علماء آخر زمن!

    وبالمثل كان يستعمل اسم "محمد" فى رسائله إلى الملوك والزعماء من حوله قائلا فى ديباجة الخطاب: "من محمد رسول الله إلى قيصر مثلا أو كسرى..."، فكيف لم يعترض أى من هؤلاء على ذلك التغيير، وبخاصة أنه إنما بعث لهم بتلك الرسائل كى يدعوهم إلى دينه؟ يقينا لو أن الأمر على ما يدَّعى هذا الجعيط لما سكت أولئك الملوك والزعماء ولأشبعوه تهكما وتشنيعا! ولقد كان أبو سفيان حاضرا مجلس العاهل البيزنطى الذى نوقشت فيه رسالة النبى له يدعوه إلى الإسلام، تلك الرسالة التى تبدأ كالعادة بقوله: "من محمد رسول الله...". فلو كان اسمه صلى الله عليه وسلم "قُثَم" لاهتبلها الزعيم القرشى الذى كانت بينه وبين الرسول فى ذلك الوقت ثارات وحروب وكان قلبه يتلظى نحوه بالأحقاد الشنيعة، ولفضحه قائلا: إنه لا يُدْعَى: "محمدا" حسبما يزعم فى رسالته لك، بل "قُثَم"، ولكانت تلك حقا لمحمد قاصمة الدهر. فكيف نتنكب هذا كله ونذهب فنسميه: "قُثَم" دون أى أساس يقوم عليه؟ أهذا هو المنهج العلمى الصارم؟ طيب فماذا كنت فاعلا لو لم تتبع منهجا علميا صارما؟

    وهذا هو الخبر كما رواه البخارى، والكلام فيه لأبى سفيان نفسه: "انطلقت في المدة التي كانت بيني وبين رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم، ‏قال: فبينا أنا ‏بالشأم ‏ ‏إذ جيء بكتاب من النبي ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏إلى هرقل. ‏قال: وكان ‏دِحْيَة الكلبي جاء به فدفعه إلى ‏ ‏عظيم بصرى، ‏فدفعه ‏ ‏عظيم ‏بصرى ‏ ‏إلى هرقل. ‏قال: فقال هرقل: ‏هل ها هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقالوا: نعم. قال: فدُعِيتُ في نفر من ‏ ‏قريش فدخلنا على هرقل، ‏فأجلسنا بين يديه فقال: أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال‏ ‏أبو سفيان: فقلت: أنا. فأجلسوني بين يديه وأجلسوا أصحابي خلفي. ثم دعا بترجمانه فقال: قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، فإن كذَبني فكذِّبوه. قال ‏أبو سفيان: ‏وَايْمِ الله لولا أن يُؤْثِروا عليّ الكذب لكَذَبْت. ثم قال لترجمانه: سَلْه كيف حَسَبُه فيكم. قال: قلت: هو فينا ذو حسب. قال: فهل كان من آبائه ملك؟ قال: قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: أيتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ قال: قلت: بل ضعفاؤهم. قال: يزيدون أو ينقصون؟ قال: قلت: لا بل يزيدون. قال: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سِخْطَةً له؟ قال: قلت: لا. قال: فهل قاتلتموه؟ قال: قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: قلت: تكون الحرب بيننا وبينه سجالا: ‏يصيب منا ونصيب منه. قال: فهل يغدر؟ قال: قلت: لا، ونحن منه في هذه المدة لا ندري ما هو صانع فيها. قال: والله ما أمكنني من كلمة أُدْخِل فيها شيئا غير هذه. قال: فهل قال هذا القول أحد قبله؟ قلت: لا. ثم قال لترجمانه: قل له إني سألتك عن حَسَبه فيكم فزعمت أنه فيكم ذو حسب، وكذلك الرسل تُبْعَث في أحساب قومها. وسألتك هل كان في آبائه ملك فزعمتَ أن لا، فقلت: لو كان من آبائه ملك قلتُ: رجل يطلب ملك آبائه. وسألتك عن أتباعه: أضعفاؤهم أم أشرافهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم. وهم أتباع الرسل. وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله. وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطةً له فزعمت أن لا، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب. وسألتك هل يزيدون أم ينقصون فزعمت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم. وسألتك هل قاتلتموه فزعمت أنكم قاتلتموه فتكون الحرب بينكم وبينه ‏سجالا ‏ينال منكم وتنالون منه، وكذلك الرسل تُبْتَلَى ثم تكون لهم العاقبة. وسألتك هل يغدر فزعمت أنه لا يغدر، وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك هل قال أحد هذا القول قبله فزعمت أن لا فقلت: لو كان قال هذا القول أحد قبله قلتُ: رجلٌ ائتمّ بقولٍ قيل قبله. قال: ثم قال: بم يأمركم؟ قال: قلت: يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف. قال: إنْ يَكُ ما تقول فيه حقا فإنه نبي. وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أَكُ أظنّه منكم. ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه. ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه. وليبلغنّ ملكه ما تحت قدمي. قال: ثم دعا بكتاب رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏فقرأه، فإذا فيه: ‏بسم الله الرحمن الرحيم. ‏من‏ ‏محمد ‏رسول الله إلى هرقل ‏عظيم ‏ ‏الروم. ‏سلامٌ على من اتّبع الهدى. أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام: أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وأَسْلِمْ يُؤْتِك الله أجرك مرتين. فإن توليتَ فإن عليك إثم الأريسيين. و"يا أهل الكتاب تعالَوْا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله... إلى قوله: اشهدوا بأنا مسلمون". فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط، وأمر بنا فأُخْرِجْنا. قال: فقلت لأصحابي حين خرجنا: لقد أَمِرَ أمر‏ ‏ابن أبي كبشة.‏ ‏إنه ليخافه مَلِك ‏بني الأصفر. ‏فما زلت موقنا بأمر رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أنه سيظهر حتى أدخل الله عليّ الإسلام. قال ‏الزهري: ‏فدعا ‏هرقل ‏عظماء ‏الروم ‏فجمعهم في دار له فقال: يا معشر ‏الروم، ‏هل لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد وأن يثبت لكم ملككم؟ قال: فحاصُوا حَيْصَةَ حُمُر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غُلِّقَتْ. فقال:عليَّ بهم. فدعا بهم فقال: إني إنما اختبرت شدتكم على دينكم، فقد رأيت منكم الذي أحببتُ. فسجدوا له ورَضُوا عنه".وهذه القصة موجودة أيضا فى كتاب "مغازى رسول الله صلى الله عليه وسلم" لعروة بن الزبير (جمع وتحقيق د. محمد مصطفى الأعظمى/ مكتب التربية العربى لدول الخليج/ الرياض/ 1401هـ- 1981م/ 196- 197) وكتاب "المغازى النبوية" لابن شهاب الزهرى (ص 58- 61) وغيرها من كتب السيرة.

    كذلك ففى "الفاضل فى اللغة والأدب" مثلا للمبرد: "حدثني علي بن القاسم الهاشمي قال: كانت سمات أربعة من ولد العباس: عبد الله الحَبْر، وعبيد الله الجواد، ومَعبد الشهيد، وقُثَم الشبيه. وتأويل ذلك أن قُثَم بن العباس كان كثير المشابهة برسول الله صلى الله عليه، وكان العباس يُرقِّصه ويقول:
    أيا قُثَمْ أيا قُثَم* أيا شبيهَ ذي الكرمْ
    شبيه ذي الأنف الأشمّ
    صلى الله عليه"، فلو كان اسم النبى الأصلى "قُثَم" لقد كانت هذه فرصة لذكر مزيد من أوجه الشبه بين قُثَم الصغير والنبى الكريم. وفى "الكشكول" لبهاء الدين العاملى هذا النص الذى يدل على أن قُثَم بن العباس كان يشبه النبى صلى الله عليه وسلم: "للشيخ فتح الدين بن سيد الناس الحافظ في جماعة كانوا شبيهين بالنبي صلى الله عليه وسلم:
    لخمسة شبه المختار من مضر* يا حسن ما خولوا من شبه الحسن
    كجعفر وابن عم المصطفى قثم* وسائب وأبي سفيان والحسن"
    ثم ما وجه الغرابة فى أن يكون اسم النبى هو فعلا "محمدا" كما نعرف جميعا وكما تقول الروايات ويقول الناس كلهم ويقول القرآن ويقول الرسول نفسه؟ إن مثل هذه الأمور لا ينبغى أن تخضع لنزوة كل نازٍ، بل ينبغى أن تحكمها المنهجية العلمية الصارمة كما يزعم جعيط كذبا وادعاء أنه فعل. أما استناده إلى أن القرآن لم يسمه: "محمدا" إلا فى السور المدنية، فالرد عليه بأن القرآن لم يسمه: "قثما" لا فى المدنية ولا فى المكية، بل لم يسمه أى اسم آخر فيهما غير "محمد" (و"أحمد" فى بشارة عيسى به عليهما السلام)، أما الباقى فصفات مثل "المزمل" و"المدثر" و"النبى" و"الرسول"، فماذا هو قائل إذن؟ ألا يرى القارئ معى تهافت منطق هذا الجعيط؟ ألا يرى أنه لا فرق بين منطقه ومنطق نطاط الحيط؟ بلى، فكلاهما يتقافز موهما إيانا أنه يأتى عملا مفيدا، على حين أنه لا يعرف إلا حركات البهلوانات "النِّصْف كُمّ"، وهى حركات لا تقدم ولا تؤخر، وليس لها أى تأثير فى عالم الواقع سوى أنها تضحكنا على من يأتونها!

    جاء فى "الوافى بالوفيات" لصلاح الدين الصفدى، فى "باب محمد" وتحت عنوان "الـمُسَمَّوْن بمحمد في الجاهلية": " كان النصارى وبعض العرب يخبرون بظهور نبي اسمه "محمد" من العرب وكانوا يسمون أبناءهم: "محمدا" رجاء أن تكون النبوة فيه: فمنهم محمد بن سفين بن مجاشع بن دارم التميمي، ومحمد بن وثر أخو بني عوارة من بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، ومحمد بن أُحَيْحَة بن الجلاح الأوسي أخو بني جحجبا، ومحمد بن خزاعي السامي، ومحمد بن حمران بن مالك الجعفي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري أخو بني حارثة". ثم يمضى الصفدى قائلا إن "أول من سُمِّىَ: "محمدا" من أبناء المهاجرين محمد بن جعفر بن طالب، وُلِدَ بالحبشة في الهجرة الأولى، ثم محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، ثم محمد بن عبيدة الله التيمي، ثم محمد بن أبي بكر الصديق، ثم محمد بن علي بن أبي طالب، ووُلِد من الأنصار محمد بن الحرّ بن قيس من الخزرج، ثم محمد بن ثابت بن قيس بن شماس من الخزرج، ثم محمد بن عمرو بن حزم من بني النّجار، ثم محمد بن فضالة، وُلِدَ عام حّجة الوداع". فإذا كان اسم "محمد" معروفا للعرب فى الجاهلية، فما وجه الغرابة، ولا نقول: ما وجه الاستحالة، فى أن يكون اسم النبى "محمدا"؟ ولقد كان هذا أساسا ارتكن إليه كاتب مادة "محمد" فى "دائرة المعارف الإسلامية" الاستشراقية فى طبعتها الأولى، وهو المستشرق الدانماركى بوهل المبغض للإسلام، فى الرد على من يزعمون أن اسمه عليه السلام فى البداية كان شيئا آخر غير "محمد"، إذ كان رأيه أن هذا الاسم قد ورد عند العرب من قبل كما جاء عند ابن دُرَيْدٍ وابن سعد، وعلى ذلك فليس من الضرورى القول بأن اسم "محمد" هو لقب اتخذه النبى فى فترة متأخرة من حياته صلى الله عليه وسلم (Shorter Encyclopaedia of Islam, Edited by Gibb & Kramers, Brill, Leiden, 1953, P. 391 left column). كذلك فإن حرص جعفر بن أبى طالب مثلا أثناء مُقَامه بالحبشة فى المرة الأولى على تسمية ابنه الذى وُلِد له هناك: "محمدا" يمكن أن يكون دليلا إضافيا على أن النبى كان معروفا بهذا الاسم قبل هجرته إلى المدينة، فأغلب الظن أن جعفرا قد فعل ما فعل حبا منه للنبى وتشرفا باسمه الكريم، ومعروف أن الهجرة الحبشية كانت قبل الهجرة اليثربية.

    ويمضى الصفدى فيذكر بعد قليل أسماءه صلى الله عليه وسلم فيقول: "روى البخاري والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم؟ يشتمون "مُذَمَّمًا"، ويلعنون "مذمما"، وأنا "محمد". قال السخاوي في "سفر السعادة": قيل لعبد المطلب: بم أسميت ابنك؟ فقال: بــ"محمد". فقالوا له: ما هذا من أسماء آبائك! فقال: أردت أن يُحْمَد في السماء والأرض. و"أحمد" أبلغ من "محمَّد"، كما أن "أحمر" و"أصفر" أبلغ من "محمر" و"مصفر". وروى البخاري ومسلم والترمذي عن جبير بن مطعم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحْشَر الناس على قدمي، وأنا العاقب. والعاقب الذي ليس بعده نبيّ. وقد سماه الله: رؤوفا رحيما... وقد قال حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه:
    فشَقَّ له من اسمـه لـيُجِـّلـه* فذو العرش محمودٌ، وهذا محمَّدُ
    ومن أسمائه المقفى، ونبي التوبة، ونبي المرحمة. وفي صحيح مسلم: ونبي الملحمة. ومن أسمائه طه، ويس، والمزَّمِّل، والمدَّثِّر، وعَبْدٌ في قوله تعالى: "بعبده ليلاً"، و"عبد الله" في قوله تعالى: "وأنه لما قام عبد الله يدعوه"، و"مُذَكِّر" في قوله تعالى: "إنما أنت مذكِّر". وقد ذكر غير ذلك".
    وقد كتب النويرى صاحب "نهاية الأرب" تحت عنوان "أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكُنَاه" ما نصه: "وأسماؤه صلى الله عليه وسلم كثيرة، منها ما جاء بنص القران، ومنها ما نُقِل إلينا من الكتب السالفة والصحف المنزلة، ومنها ما جاء في الأحاديث الصحيحة، ومنها ما اشتهر على ألسنة الأئمة من الأمة رضوان الله عليهم. روى عن جبير بن مطعم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب. قيل: لأنه عَقَبَ غيره من الأنبياء. وروى عنه عليه السلام: لي عشرة أسماء، فذكر الخمسة هذه، قال: وأنا رسول الرحمة، ورسول الراحة، ورسول الملاحم، وأنا المقفى: قفيت النبيين، وأنا قَيِّم. قال القاضي عياض: والقيِّم: الجامع الكامل. قال: كذا وجدته ولم أروه، وأرى صوابه: "قُثَم" بالثاء. وروى النقاش عنه عليه الصلاة والسلام: لي في القرآن سبعة أسماء: محمد، وأحمد، ويس، وطه، والمدَّثِّر، والمزَّمِّل، وعبد الله. وفي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه كان عليه السلام يسمى لنا نفسه أسماء فيقول: أنا محمد، وأحمد، والمقفى، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الملحمة، ويروى المرحمة، والرحمة... وقد جاءت من ألقابه وأسمائه صلى الله عليه وسلم في القرآن عدةٌ كثيرةٌ سوى ما ذكرناه، منها "النور" لقوله تعالى: "قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وكتابٌ مُبِينٌ"، و"السراج المنير"، و"الشاهد"، و"المبشر"، و"النذير"، و"داعي الله". قال الله تعالى "يأيُّهَا النَّبيّ إنا أرْسَلْناكَ شاهِدًا ومُبَشِّرًا ونَذِيرًا ودَاعِيًا إلى الله بإذْنِهِ وسِرَاجًا مُنِيرًا"، و"البشير" لقوله تعالى: "وبَشِّر المُؤْمِنِين"، و"المنذر" لقوله: "إِنَّمَا انتَ مُنِذْرُ مَنْ يَخْشَاهَا"، و"المذكِّر" لقوله تعالى: "إِنمَا أنتَ مُذَكِّرٌ"، و"الشهيد" لقوله: "وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهيدًا"، و"الخبير" لقوله تعالى: "الرَّحْمنُ فأسْألْ بِه خَبِيرًا". قال القاضي بكر بن العلاء: المأمور بالسؤال غير النبي صلى الله عليه وسلم، والمسؤول الخبير هو النبي صلى الله عليه وسلم. و"الحق المبين" لقوله تعالى: "حَتَّى جَاءَهُمْ الْحَقُّ ورَسُولٌ مُبِينٌ"، وقوله: "وقُلْ إِني أنا النَّذِير المبينُ"، وقوله: "قَدْ جَاءَكُم الْحَقُّ مِن رَّبِّكُم"، وقوله: "فَقَد كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُم". قيل: محمد، وقيل: القرآن. و"الرءوف الرحيم" لقوله تعالى: "بالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ"، و"الكريم"، و"المكين"، و"الأمين" لقوله تعالى: "إِنهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوةٍ عِندَ ذِي العَرْشِ مَكِينٍ* مُطَاعٍ ثَمَّ أمِين"، و"الرسول"، و"النبيّ الأميّ" لقوله: "الذينَ يَتَّبِعُون الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيِّ"، و"الوليّ" لقوله تعالى: "إنمَا وَلِيُّكُم اللَهُ وَرَسُولُه"، و"الفاتح" لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء عن ربه تعالى: "وجعلتُك فاتِحا وخاتِما"، و"قدم الصدق"، قال الله تعالى: "وَبَشِّر الذيِنَ آمَنُو أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِم". قال قتادة والحسن وزيد بن أسلم: "قَدَم صِدْق" هو محمد صلى الله عليه وسلم. و"العروة الوثقى"، قيل: محمد، وقيل: القران. و"الهادي" لقوله تعالى: "وَإنكَ لتَهْدِى إلى صِراطٍ مُسْتَقِيم".

    كما كتب تحت عنوان "تسميته محمدا وأحمد، ومن تسمى بمحمد قبله صلى الله عليه وسلم من العرب، واشتقاق ذلك" ما يلى: "أما اشتقاق هذه التسمية، فـ"محمد" اسمٌ علم، وهو منقول من صفةٍ، من قولهم: رجلٌ محمَّد، وهو الكثير الخصال المحمودة. و"المحمَّد" في لغة العرب: هو الذي يُحْمَد حمدا بعد حمد مرةً بعد مرة. قال السهيلي: لم يكن "محمَّد" حتى كان "أحمد". حمد ربه فنبّأه وشرّفه، فلذلك تقدم اسم "أحمد" على الاسم الذي هو "محمد" فذكره عيسى عليه السلام باسمه: "أحمد". وهو صلى الله عليه وسلم أول من سُمِّىَ بـ"أحمد"، ولم يُسَمَّ به أحد قبله من سائر الناس. وفي هذا حكمة عظيمة باهرة لأن عيسى عليه السلام قال: "ومبشِّراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد"، فمنع الله تعالى بحكمته أن يسمَّى أحدٌ به ولا يُدْعَى به مَدْعُوٌّ قبله، حتى لا يدخل لَبْسٌ على ضعيف القلب. وأما "محمد" فالله تعالى حمى أن يسمَّى به أحدٌ من العرب ولا من غيرهم إلى أن شاع قبل وجوده وميلاده صلى الله عليه وسلم أن نبيًّا يُبْعَث اسمه "محمد" قد قرب مولده، فسمَّى قوم من العرب أبناءهم. قال أبو جعفر محمد بن حبيب: وهم ستة لا سابع لهم: محمد بن سفيان بن مجاشع جد الفرزدق الشاعر، وهو أول من سُمِّىَ: محمدا، ومحمد بن أُحَيْحَة بن الجلاح الأوسي، ومحمد بن حسان الجعفي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومحمد بن براء البكري، ومحمد بن خزاعي السلمي، وذكر فيهم أيضا محمد بن اليحمدي من الأزد، واليمن تقول: انه أول من تسمى بمحمد. وذكر أبو الخطاب بن دحية فيهم: محمد بن عتوارة الليثي الكناني، ومحمد بن حرماز بن مالك التميمي المعمري. وقال أبو بكر بن فورك: لا يُعْرَف في العرب من تسمى قبله بمحمد سوى محمد بن سفيان، ومحمد بن أحيحة، ومحمد بن حمران. وآباء هؤلاء الثلاثة وفدوا على بعض الملوك، وكان عنده علم من الكتاب الأول، فأخبرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم وباسمه، وكان كل واحدٍ منهم قد خلّف امرأته حاملا، فطمع في ذلك فنذر كل واحد منهم إذا وُلِد له ولد ذكر أن يسميه: محمدا. وذكر ابن سعد فيهم محمد الجشمي. وقال ابن الأثير: محمد بن عدي بن ربيعة بن سعد بن سواد بن جشم بن سعد، عداده في أهل المدينة. وروى عبد الملك بن أبي سويد المنقري عن جد أبيه خليفة، قال: سألت محمد بن عدي: كيف سماك أبوك: محمدا؟ فضحك ثم قال: أخبرني أبي عدي بن ربيعة، قال: خرجت أنا وسفيان بن مجاشع، ويزيد بن ربيعة بن كنانة بن حرقوص بن مازن، وأسامة بن مالك بن العنبر نريد ابن جفنة، فلما قربنا منه نزلنا إلى شجرات وغدير، فأشرف علينا ديراني فقال: إني لأسمع لغة ليست لغة أهل هذه البلاد. فقلنا: نعم ! نحن من مُضَر. فقال: أي الـمُضَرَيْن؟ قلنا: خندف. فقال: إنه يبعث وشيكًا نبي منكم، فخذوا نصيبكم منه تسعدوا. قلنا: ما اسمه؟ قال: محمد. فأتينا ابن جفنة، فلما انصرفنا وُلِد لكل منا ابن فسماه: محمدا. وقال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن علي عن مسلمة عن علقمة عن قتادة بن السكن، قال: كان في بني تميم محمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد الجشمي في بني سواد، ومحمد الأسيدي، ومحمد الفقيمي، سمَّوْهم طمعًا في النبوة. ثم حمى الله تعالى كل من تسمى بمحمد أن يدَّعى النبوة، أو يدَّعيها أحد له، أو يظهر عليه سبب يشكك أحدا في أمره، حتى تحقق ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع. ومن أسمائه في الكتب المنزلة "العظيم": وقع في أول سِفْرٍ من التوراة عن إسماعيل: وسيلد عظيما لأمة عظيمة. و"الجبار": سُمِّىَ بذلك في كتاب داود عليه السلام، فقال: تقلَّد أيها الجبار سيفك، فناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك. قالوا: ومعناه في حق النبي صلى الله عليه وسلم: إما لإصلاحه الأمة بالهداية والتعليم، أو لقهره أعداءه، أو لعلوّ منزلته على البشر وعظيم خطره. ونفى الله عز وجل عنه جبرية التكبر في القرآن فقال: "وما أنتَ عليهمْ بجبّار". ومن أسمائه فيها: المتوكل، والمختار، ومقيم السنة، والمقدس، وروح الحق، وهو معنى "البارقليط" في الإنجيل. وقال ثعلب: "البارقليط" الذي يفرق بين الحق والباطل. ومنها ماذ ماذ، ومعناه طيب طيب، وحمطايا، والخاتم. حكاه كعب الأخبار. قلت: فالخاتم الذي خُتِم به الأنبياء، والخاتم أحسن الأنبياء خُلُقًا وخَلْقًا، ويسمى بالسريانية: مشفج والمنحمنا. واسمه أيضا في التوراة: "أحيد". وروى ذلك عن ابن سيرين رحمه الله".

    ثم يستمر قائلا: "ومن أسمائه ونعوته عليه لسلام التي جرت على ألسنة أئمة الأمة: المصطفى، والمجتبي، والحبيب، ورسول رب العالمين، والشفيع المشفع، والمتقي، والمصلح، والطاهر، والمهيمن، والصادق، والضحوك، والقتال، وسيد ولد آدم، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغُرّ المحجَّلين، وحبيب الله، وخليل الرحمن، وصاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والشفاعة والمقام المحمود، وصاحب الوسيلة والفضيلة، والدرجة الرفيعة، وصاحب التاج والمعراج والقضيب، وراكب البراق والناقة والنجيب، وصاحب الحجة والسلطان، والخاتم والعلامة والبرهان، وصاحب الهراوة والنعلين صلى الله عليه وسلم. قالوا: ومعنى صاحب القضيب: السيف. وقع ذلك مفسرا في الإنجيل، قال: معه قضيب من حديدٍ يقاتل به، وأمته كذلك. وأما الهراوة التي وُصِف بها فهي في اللغة: العصا، ولعلها القضيب الممشوق الذي انتقل إلى الخلفاء. وأما صاحب التاج، فالمراد به العمامة، ولم تكن حينئذٍ إلا للعرب. وكانت كنيته المشهورة أبا القاسم. وعن أنسٍ أنه لما وُلِد له إبراهيم جاءه جبريل فقال: السلام عليك يا أبا إبراهيم". ومن الواضح أن الكلام يطول فى باب أسمائه صلى الله عليه وسلم وأنها كلها، ما عدا "محمدا" و"أحمد"، ألقاب شرفية نص الحديث على عددٍ جِدّ قليلٍ منها، ثم أضاف المسلمون إليها الكثير مما لم يُسْمَع من النبى عليه السلام حتى لقد بلغ بها بعضهم ألفا. وهذه خلاصة الحقيقة فى الموضوع ليس غير! أما اسم والده صلى الله عليه وسلم وأنه لم يكن "عبد الله" فلسنا نفهم على أى أساس نفى جعيط أن يكون "عبد الله"، ولا على أى أساس آخر رجّح أن يكون النبى هو الذى سماه بهذا الاسم. إن كانت هذه هى المنهجية العلمية الصارمة فقل: على الدنيا العفاء! إذ معنى ذلك أن أى إنسان يستطيع أن يقول أى كلام يطقّ فى رأسه دون أن يخشى شيئا ما دامت المسائل تعالج بهذه الطريقة المضحكة! وعلى أية حال سوف نعالج هذه النقطة بالتفصيل لاحقا.

    وممن ذهب أيضا مذهب جعيط وقال ذلك الكلام الذى لا معنى له فى دنيا العلم والفكر، وإن كان له فى دُنًا أخرى معانٍ كثيرة، د. يوسف زيدان، الذى كتب مقالا بصحيفة "الوفد" فى الحادى والثلاثين من أكتوبر لعام 2006م عنوانه: "قُثَم" قال فيه: "صاح صاحبي غاضبا، ونفض ذراعيه في الهواء اعتراضا علي ما ذكرتُه خلال كلامي معه عن الأسماء العربية من أن نبينا كان اسمه "قثم بن عبد اللات" قبل محمد وأحمد ومحمود، وأنه حمل هذا الاسم: "قثم" إلى أن بلغ من عمره ما يزيد علي الأربعين عاما. زعق صاحبي بما معناه أن كلامي غير صحيح، لأنه لم يسمع بذلك من قبل، وبالتالي فهو غير صحيح. فسألته إن كان قد سمع من قبل أن النبي له عم كان اسمه هو الآخر "قثم"، وهي كلمة عربية قديمة تعني "المعطي"، وتعني "الجَمُوع للخير"، كما أنها اسم الذَّكَر من الضِّبَاع. فاحتقن وجه صاحبي غيظا، واتهمني بأن كل ما قلته غير صحيح، وأنه لا يوجد أصل يؤكده ولا أي مرجع. تناولت من رفوف مكتبتي كتاب الإمام الجليل أبو الفرج بن الجوزى الذي عنوانه "المدهش"، وفتحت لصاحبي الصفحات ليرى أن ما قلته له مذكور قبل تسعة قرون من الزمان، وشرحت له أن ابن الجوزي هو أحد أهم العلماء في تاريخ الإسلام، وأنه فقيه حنبلي لم يكن في زمانه مثله، ومؤرخ مشهور وخطيب كان الخليفة يحرص علي سماع دروسه. حار صاحبي لدقائق، ثم اهتدي لفكرة ملخصها أنه لن يقبل كلام ابن الجوزي أيضا، وأنه لن يقتنع إلا بأول كتاب وأقدم كتاب في سيرة النبى. فأخبرته أنه يطلب كتاب "السيرة لابن إسحاق"، وهو كتاب مفقود منذ أمد بعيد، ولم نعثر له علي أي مخطوطة حتى الآن في أي مكان في العالم. تنهد صاحبي مرتاحا، وهو يقول ما معناه: إذن، فلا شيء مما تقوله صحيح! راح صاحبي لينام، ورحت أفكر فينا وفي هذا العنف الكامن بداخلنا، وفي تلك الثورة الجاهزة للإعلان عن نفسها، وللتصدير أيضا لأتفه الأسباب، خاصة تلك التي لم نعتد عليها. وتذكرت ابن النفيس، وحزنت عليه وعلينا، فقد قال لنا هذا الرجل، وهو أيضا عالم وفقيه شافعي لم يكن في زمانه مثله، قبل ثمانية قرون من الزمان هذه العبارة التي لم نلتفت أبدا إليها. وهي بالمناسبة، ولكي لا يكذبني أحد، موجودة في كتابه الذي لم يزل مخطوطا لم ينشر: "شرح معاني القانون". تقول العبارة التي أرجو أن نقرأها بهدوء: "وربما أوجب استقصاؤنا النظر عُدولاً عن المشهور والمتعارَف، فمن قَرَع سمعَه خلافُ ما عَهِده، فلا يبادرنا بالإنكار، فذلك طيش. فرب شُنْعٍ حقٌّ، ومألوفٍ محمودٍ كاذبٌ، والحق حق في نفسه، لا لقول الناس له". ولنذكر دوما قولهم: إذا تساوت الأذهان والهمم، فمتأخر كل صناعة خير من متقدمها".

    والناظر فى هذا الكلام يجد الدكتور زيدان يتمحك هو كذلك فى المنهجية العلمية ويستشهد بكلام لابن النفيس يشهد عليه لا له لأن ابن النفيس يريد منا أن نتحرز تمام التحرز قبل قبول أية فكرة أو رفضها وألا نبالى بمن قالها ولا بكثرة تكرارها بل بصحتها فى نفسها، وأين ذلك أو شىء من ذلك فى كلام زيدان؟ لقد نسب إلى ابن الجوزى كلاما لم يقله الرجل البتة، بل كل ما قاله رحمه الله، ولا رحم من يفترى الباطل على العلماء الكرام المخلصين، أن من بين أسماء النبى اسم "قثم"، بل إنه قد ذكره آخِرًا، ولم يقل قط إن اسمه الشريف عليه الصلاة والسلام كان "قُثَم" ثم تغير إلى "محمد" أو "أحمد"، فضلا عن أن يَكْذِب ابن الجوزى هذا الكذب الفاجر فيزعم أن اسم والد الرسول كان "عبد اللات". وهذا نص ما قاله ابن الجوزى فى تسميات الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد أورده تحت عنوان "ذكر أسمائه": "هو محمد، وأحمد، والماحي، والحاشر، والعاقب، والمقفي، ونبي الرحمة، ونبي التوبة، ونبي الملاحم، والشاهد، والبشير، والنذير، والضحوك، والقتال، والمتوكل، والفاتح، والخاتم، والمصطفى، والرسول، والنبي، والأمي، والقثم. فـ"العاقب" آخر الأنبياء، و"المقفي" تبع الأنبياء، و"الضحوك" صفته في التوراة لأنه كان طيب النفس فكها، و"القُثَم" من "القَثْم"، وهو الإعطاء". أما أن ابن الجوزى العالم الجليل الذى لا يعرف الكذب ولا شغل الثلاث ورقات قد قال إن والد الرسول كان يسمى: "عبد اللات" فكلاّ ثم كلاّ. والكتاب بين أيدينا فليرنا زيدان أين نجد هذا الذى يتقوله على عالمنا الجليل، فقد بحثت عن هذا الاسم عنده فلم أعثر عليه، بل إن كلمة "اللات" ذاتها لا وجود لها فى كتابه. أما الموجود فيه فهو أن والد الرسول كان اسمه "عبد الله"، وهذا هو النص الذى ورد فيه ذلك الاسم، ويجده القارئ فى الباب الثالث فى أول الفصل الذى عنوانه: "في ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم- ذكر نسبه": "هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن زيد بن يقدر بن يقدم بن الهميسع بن النبت بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن سارغ بن أرغوة بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يزد بن مهلايل بن قينان بن أنوش بن شيت بن آدم. وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب".

    وعندنا أبو عبد الله، وهو عبد المطلب جد الرسول، وكان اسمه الأصلى: "عامرا" أو "شَيْبَة الحمد" على ما جاء فى "السيرة الحلبية"، ولم يمنع هذا المؤرخين وكتاب السيرة من أن ينصوا على اسمه الذى اشتهر به، وهو "عبد المطلب" على ما فى هذه التسمية مما يسىء إليه، فلماذا يستنكفون أن يذكروا الاسم الأصلى لوالد الرسول؟ يقول الحلبى: "وقيل له: عبد المطلب، لأن عمه المطلب لما جاء به صغيرا من المدينة أردفه خلفه، وكان بهيئةٍ رَثّةٍ، أي ثيابٍ خَلِقة، فصار كل من يسأل عنه ويقول: من هذا؟ يقول: عبدي، أي حياءً أن يقول: ابن أخي. فلما دخل مكة أحسن من حاله وأظهر أنه ابن أخيه وصار يقول لمن يقول له عبد المطلب: ويحكم! إنما هو شيبة ابن أخي هاشم. لكنْ غلب عليه الوصف المذكور فقيل له: عبد المطلب. أي وقيل: لأنه تربى في حجر عمه المطلب، وكان عادة العرب أن تقول لليتيم الذي يتربى في حجر أحد: هو عبده... وقيل: إنما سمي شيبةُ الحمد: "عبدَ المطلب" لأن أباه هاشما قال للمطلب الذي هو أخو هاشم وهو بمكة حين حضرته الوفاة: أدرك عبدك، يعني "شيبة الحمد" بيثرب". وبالمثل لم يمنعهم إجلالهم الرسول عليه الصلاة والسلام من ذكر نذر جده هذا أن يضحى بابنه عبد الله (الذى سيصبح والد الرسول) إنْ نرزقه الله عشرة أبناء يكبرون ويقومون على حمايته، واحتكامه فى ذلك إلى الكهان حين وجب عليه أن يضحى به وفاء لذلك النذر. كما كان لعبد الله والد النبى أخوان أحدهما يسمى: "عبد العُزَّى"، وهو أبو لهب، والآخر "عبد مناف"، وهو أبو طالب، فهل منعت عمومتُهما للنبى عليه السلام كتّابَ السيرة من أن يذكروا اسميهما الوثنيين؟ أم هل منعهم تبجيلهم للرسول من النص على أن اسم جد أبيه هو "عبد مناف" أيضا؟ أم هل منعت عمومةُ أبى طالب له وحمايتُه إياه من الاضطهاد القرشى معظمَ علماء المسلمين من القول بأنه مات دون أن يؤمن بدين ابن أخيه رغم وقوفه معه إلى آخر المدى فى وجه ذلك الاضطهاد حتى إنه لما مات سُمِّىَ عام موته: "عام الحزن"؟ فهذا مثل هذا، لكن بعض الناس يغرمون غراما مرضيا بالعكّ الأزلى المثير للغثيان، ويؤثرونه على منطق العقل والعلم والتفكير المستقيم!

    ولا أدرى كيف جرؤ الدكتور زيدان على التقول على ذلك العالم الجليل بهذا الشكل؟ أيظن أن أحدا لن يكتشف هذا العبث؟ ثم من ذلك الصاحب المناكف ذو الرأس المتحجرة الذى لم يشأ أن يصدقه فيما نقله عن ابن الجوزى، والذى هو محق تماما فى هذا التكذيب؟ كنت أرجو أن يذكر اسمه لنا الدكتور زيدان، فهو (أى ذلك الصاحب ذو الدماغ الناشفة الذى لا أظن أن له أى وجود فى عالم الوقائع والحقائق) رجل عاقل تمام العقل حقا وصدقا وعين اليقين، ويستأهل لا بوسة واحدة بل مليون بوسة على يده وعلى خده أيضا، إذ ليس من المعقول أن يقول ابن الجوزى شيئا من ذلك، كما لا يمكن أن يستبدل ابن النفيس باسمه الكريم الشريف اسم "ابن الخسيس" ويذهب فيبارك الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم تشويها له وتلطيخا لخلقه واتهاما له وللقرآن بتغيير الحقائق لغرض فى نفس يعقوب! ثم لماذا يفتح زيدان هذا الموضوع الآن؟ وما أهمية ابن الجوزى فى مثل هذا الأمر، وهو المتأخر عن عصر النبى قرونا، إن كان قد قال فعلا ذلك الكلام السفيه؟ ولقد رأينا بأم أعيننا أنه رحمه الله لم يقله بتاتا، بل كل ما قاله أن "قثم" هو مجرد اسم من أسمائه صلى الله عليه وسلم، بمعنى أنه صفة من صفاته، كما ذكره آخر شىء من تلك الصفات! أما لو أصر الدكتور زيدان رغم ذلك كله على ما زعم فليقل لنا: أين نجد فى كتاب "المدهش" أن أباه صلى الله عليه وسلم كان يسمَّى: "عبد اللات" وأنه هو كان يُدْعَى: "قُثَم" لمدة أربعين سنة حتى بُعِث؟ ومن الذى غيّر اسمه يا ترى؟ وما العلة فى ذلك، وبخاصة أنه قد تم بعد المبعث؟ نعم نرجو أن يتكرم الدكتور زيدان بالإجابة على هذه الاستفسارات، فلربما فاتنا التنبه إلى ذلك فى كتاب "المدهش". ونحن لا ندعى لأنفسنا عصمة ولا عبقرية ولا يقظة دائمة، بل نقبل أن ينبهنا أى إنسان إلى ما يكون قد فاتنا! ومن هنا فإننا ننتظر من يوسف زيدان أن يوافينا بما يدل على أن ما قاله ليس زعما من بنيّات خياله لأمر ما من الأمور، بل هو كلام ابن الجوزى فعلا.

    وإننا لمنتظرون! على أن المسرحية لما تنته فصولا، فقد أكد زيدان أن كتاب ابن إسحاق هو أول كتاب فى السيرة النبوية، وطبعا هذا عند الدكتور كلام علمى تمام العلمية، ومنهجى إلى أقصى حدود المنهجية، مع أن الحقيقة التى تفقأ عين كل مكابر جهول تقول بملء فيها إنّ هناك كتّاب سيرة قبل ابن إسحاق ( ت 151هـ)، منهم أبان بن عثمان بن عفان (ت 110هـ)، وعروة بن الزبير بن العوام (ت 94هـ)، وعامر بن شراحيل الشعبى (ت 103هـ)، وله كتاب "المغازى"، وعاصم بن عمر بن قتادة (ت 119هـ)، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهرى (ت 124هـ)، وموسـى بـن عقبـة (ت 140هـ)، وكلهم محدِّثُون ثِقَات. وبعض ما خلّفه هؤلاء فى السيرة قد طُبِعَ، مثل كتاب عروة بن الزبير وكتاب الزهرى. كما أنّ كتاب ابن إسحاق نفسه مطبوعٌ نحو نصفه خالصًا غير مَشُوب، فضلا عن أنه موجود كاملاً فيما يسمى بــ"سيرة ابن هشام"، مع بعض التغييرات الطفيفة التى أحدثها فيه ابن هشام كحذف قصيدة أو إسقاط عدد من أبياتها، وإضافة بعض التعليقات هنا وهناك تنبيها إلى ما كان يتركه أحيانا مما لا صلة له بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا مما يعرفه كل مشتغل بالعلم على سُنّة ابن النفيس لا سنة ابن الخسيس. فلم يا ترى كل هذا التنفج منا بالعلم والمنهج العلمى، مع أن بضاعتنا من هذا وذاك محدودة؟

    وبالمناسبة فابن إسحاق، الذى يعده الدكتور زيدان أول من كتب فى السيرة النبوية ويلمح إلى أن كتابه هو الكتاب المعتمد فى ذلك المجال لولا فقدانه قد صرح أن الرسول سُمِّىَ من قبل مولده: "محمدا" وأن السماء هى التى ألهمت أمه أن تسميه بهذا الاسم. أى أنه لا "قُثَم" ولا يحزنون كما يزعم زيدان، بغض النظر عن مدى مصداقية التفاصيل الأخرى المصاحبة لتلك الرواية أو لا. وهذا نص كلام ابن إسحاق: "كانت آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدث أنها أُتِيَتْ حين حملت محمدا صلى الله عليه وسلم فقيل لها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع إلى الأرض فقولي: أعـيذه بـالــواحـــد، من شـر كـل حـاسـد، في كـل بـر عـابـــد، وكـل عــبـــد رائد، نزول غــــــير زائد، فإنه عبد الحميد المـاجـد، حتى أراه قد أتى المشاهد. فإن آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بصرى من أرض الشام. فإذا وقع فسميه: "محمدا"، فإن اسمه في التوراة "أحمد"، يحمده أهل السماء وأهل الأرض، واسمه في الفرقان "محمد"، فسميه بذلك. فلما وضعته، بعثت إلى عبد المطلب جاريتها (وقد هلك أبوه عبد الله وهي حبلى، ويقال إن عبد الله هلك والنبي صلى الله عليه وسلم ابن ثمانية وعشرين شهرا، فالله أعلم أي ذلك كان)، فقالت: قد ولد لك الليلة غلام فانظر إليه، فلما جاءها، أخبرته خبره، وحدثته بما رأت حين حملت به، وما قيل لها فيه، وما أمرت أن تسميه... إلخ". وهذا غير الأشعار الكثيرة التى أوردها ابن إسحاق فى كتابه وسُمِّىَ فيها النبى: "محمدا". كما عَدَّ رحمه الله أيضا أبناء عبد المطلب (عند كلامه عن نذره التضحية بأحد أولاده ورغبته فى الوفاء بذلك النذر) على النحو التالى: "الحارث، والزبير، وحجل، وضرار، والمقوم، وأبو لهب، والعباس، وحمزة، وأبو طالب، وعبد الله"، ذاكرا أن اسم والد الرسول، كما نلاحظ فى آخر القائمة، هو "عبد الله" لا "عبد اللات". كذلك يورد ابن إسحاق، أثناء روايته خبر الطعام الذى صنعه بحيرا للقافلة القرشية التى كان فيها الرسول، قول أحد القرشيين حين رأى زملاءه قد أهملوا محمدا فلم يصطحبوه إلى طعام الراهب: "واللات والعزى إن هذا للؤم بنا! يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب عن الطعام من بيننا؟"، فسماه: "ابن عبد الله". وبالمثل نسمع جبريل ينادى رسول الله أول ما ظهر له فى الأفق بـ"يا محمد". وهذه مجرد أمثلة ثلاثة لا غير! أَوَلاَ يرى القارئ الخزى الذى يسربل تلك المزاعم الماسخة الطعم؟

    وهناك دليل صاعق لكل مشكك فى تاريخ محمد وذمته ودينه، ألا وهو الأشعار التى نظمها المشركون المعادون لسيد البشر عليه الصلاة والسلام، تلك الأشعار التى يذكرون فيها اسمه صلى الله عليه وسلم فإذا به دائما "محمد"! شف يا أخى الفصول الباردة التى يعملها الشعراء لإحباط سخف السخفاء! عجائب! ففى "السيرة النبوية" لابن هشام نقرأ: "قال ابن إسحاق: وقالت قتيلة بنت الحارث أخت النضر بن الحارث تبكيه:

    يا راكباً إن الأثيل مظنّةٌ* من صبح خامسةٍ، وأنتَ موفَّقُ
    أبلغ بها مَيْتًا بأن تحيةً* ما إنْ تزال بها النجائب تخفق
    مني إليك وعَبْرَةٌ مسفوحةٌ* جادت بواكفها، وأخرى تخنق
    هل يسمعنّي النضر إن ناديته* أم كيف يسمع ميت لا ينطق؟
    أمحمدٌ يا خير ضِنْءِ كريمةٍ* في قومها، والفحل فحلٌ مُعْرِقُ
    ما كان ضَرَّك لو مننتَ، وربما* مَنَّ الفتى وهو المغيظ المـُحْنَقُ
    أو كنت قابلَ فديةٍ فلينفقنْ* بأعزّ ما يغلو به ما ينفق
    فالنضر أقرب من أَسَرْتَ قرابة* وأحقّهم إن كان عتقٌ يعتق
    ظلت سيوف بني أبيه تنوشُه* لله أرحامٌ هناك تَشَقَّقُ
    صبرًا يقاد إلى المنية متعَبًا* رَسْفَ المقيد وهو عانٍ موثَقُ

    قال ابن هشام: فيقال والله أعلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه هذا الشعر قال: لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه. قال ابن إسحاق: وكان فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر في عقب شهر رمضان أو في شوال".
    وفى "طبقات فحول الشعراء" لابن سلامٍ الـجُمَحِىّ:
    "وكان أبو عزة شاعرا، وكان مُمْلِقًا ذا عيال، فأُسِر يوم بدر كافرا، فقال: يا رسول الله، إني ذو عيال وحاجة قد عرفتها، فامْنُنْ علىَّ، صلى الله عليك. فقال: على أن لا تعين على! (يريد شعره). قال: نعم. فعاهده وأطلقه، فقال:

    أَلا أَبْلِغَا عَنِّي النبيَّ مُحَّمدا* بأَنَّك حَقٌ، والمَلِيكَ حَمِيدُ
    وأنْتَ اُمْرُؤٌ تَدْعُو إلى الرُّشْد والتُّقَى* عَلَيْكَ من الّلهِ الكَرِيم شَهِيدُ
    وأنتَ امرُؤٌ بُوِّئْتَ فينا مَبَاءَةً* لها دَرَجَاتٌ سَهْلَةٌ وصُعُودُ
    وإنّك مَنْ حَارَبْتَهُ لَمُحَارَبٌ* شَقِيٌّ، ومَنْ سَالَمْتَهُ لسَعِيُد
    ولكنْ إذا ذُكِّرْتُ بَدْراً وأَهْلَها* تَأَوَّبُ ما بي حسرةٌ وتَعُودُ

    فلما كان يوم أُحُد، دعاه صفوان بن أمية بن خلف الجُمَحِيّ، وهو سيدهم يومئذ، إلى الخروج، فقال: إن محمدا قد منّ على وعاهدته أن لا أعين عليه. فلم يزل به، وكان محتاجا، فأطعمه، والمحتاج يطمع. فخرج فسار في بني كنانة فحرضهم، فقال:
    يَا بَني عَبْدِ مَنَاةَ الرُّزَّامْ * أَنْتُمْ حُمَاةٌ وأبُوكمْ حامْ
    لا تَعِدُوني نَصْرَكم بَعْدَ العَامْ* لاَ تُسْلِمُوني لاَ يَحل إسْلامْ
    أنا أبو خليفة، أنا ابن سلام، قال، حدثني أبان بن عثمان، وهو قول ابن إسحاق، أن أبا عزة أسر يوم أحد، فقال: يا رسول الله من على! فقال النبي عليه السلام: لا يُلْسَع المؤمن من جحرٍ مرتين. وقال أبان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمسح عارضيك بمكة تقول: خدعت محمدا مرتين! فقتله".
    ويقول ابن هشام أيضا فى "السيرة النبوية" عن أبى سفيان بن الحارث حين أسلم عام الفتح: "وأنشد أبو سفيان بن الحارث قوله في إسلامه واعتذر إليه مما كان مضى منه فقال:

    لعمرك إني يوم أحمل راية* لتغلب خيلُ اللات خيلَ محمدِ
    لكالمدلج الحيران أظلم ليله* فهذا أواني حين أهدي وأهتدي
    هدانيَ هادٍ غير نفسي ونالني* مع الله من طَرَّدْتُ كل مُطَرَّد
    أصد وأنأى جاهدا عن محمد* وأُدْعَى وإن لم أنتسب من محمد
    همُ ما همُ من لم يقل بهواهم * وإن كان ذا رأي يُلَمْ ويُفَنَّدِ
    أريد لأُرْضِيَهم ولست بلائطٍ* مع القوم ما لم أهد في كل مقعد
    فقل لثقيف: لا أريد قتالها* وقل لثقيف تلك: غَيْرِيَ أَوْعِدِي
    فما كنت في الجيش الذي نال عامرا* وما كان عن جَرّا لساني ولا يدي
    قبائل جاءت من بلاد بعيدة* نزائع جاءت من سهامٍ وسردد

    ... قال ابن إسحاق: فزعموا أنه حين انشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "ونالني مع الله من طَرّدْتُ كلّ مُطَرَّد" ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: أنت طرّدْتَني كل مُطَرَّد؟".
    وهناك كتاب "نسب قريش"، وفيه يقول مؤلفه مصعب الزبيرى عن هُبَيْرَة بن أبى وَهْب الشاعر والفارس القرشى المشهور: "كان من فرسان قريش وشعرائهم، ومات كافرا هاربا بنجران. وكانت عنده أم هانئ ابنة أبي طالب، فأسلمت عام الفتح. وهرب هبيرة من الإسلام إلى نجران، حتى مات بها كافرا. وقال حين بلغه إسلام أم هانئ:

    أشاقتك هند أم نآك سؤالها؟* كذاك النوى أسبابها وانفتالها
    وقد أرِقَتْ في رأس حصن ممنَّعٍ* بنجرانَ يسري بعد نومٍ خيالها
    فإن كنتِ قد تابعتِ دين محمد* وعطّفت الأرحامَ منك حبالُها
    فكوني على أعلى سَحُوقٍ بهضبة* ممنَّعة لا يستطاع بلالها
    وإن كلام المرء في غير كنهه* لكالنبل تهوي ليس فيها نصالها".

    ويمكننا أيضا الاستشهاد بالأبيات التالية التى قالها عبد الله بن الحارث السهمى أثناء إقامته بالحبشة مهاجرا مع غيره من المسلمين، وتكمن أهميتها فى أنها نُظِمت قبل الهجرة إلى المدينة، أى قبل تغيير النبى الكريم اسمه من "قثم" إلى "محمد" حسب الادعاء الرقيع الذى تحول إلى موضة هذه الأيام:

    فتلك قريش تجـحـد الـلـهَ حقـَّه* كما جَحَدَتْ عادٌ ومدينُ والحِجـْرُ
    فـإن أنا لم أبـرق فـلا يسـعـنني* من الأرض بَرٌّ ذو فضـاءٍ ولا بحـرُ
    بأرضٍ بها عبـد الإلـه مـحـمـد* أبيّن ما في النفس إذ بلغ الثغر

    وهذا الشعر منقول عن "سيرة ابن إسحاق" بالمناسبة.
    وأخيرا لقد كنا نحب أن نعرف مظاهر ذلك "العنف الكامن بداخلنا، وتلك الثورة الجاهزة للإعلان عن نفسها، وللتصدير أيضا لأتفه الأسباب" اللذين تحدث عنهما الدكتور زيدان واتهم محدثه المسكين بهما، والرجل (الذى لا أظن أن له وجودا حقيقيا على الإطلاق!) لم يفعل شيئا بشهادة زيدان نفسه سوى أنه نفض ذراعيه فى الهواء وصاح معترضا على الكلام العجيب الذى زعمه ثم تنهد مرتاحا لأنه لم يستطع أن يأتيه بدليل على ما يقول! ترى أهذا تعريف للإرهاب جديد؟ أما يكفينا تعريف الأمريكان له؟ إن الأمريكان لم يقولوا يوما إن "نفض الذراعين والمطالبة بالدليل والتنهد بارتياح" هو مظهر من مظاهر العنف والثورة، فكيف تواتى زيدان نفسه على القول بهذا؟ أَمَا إن هذا لغريب! ومع ذلك فإنى أرجو القراء، من باب الاحتياط وسد الذرائع، أن يتنبهوا جيدا وهم يتحدثون مع الآخرين، وبالذات إذا كان هؤلاء الأخيرون من عينة الدكتور زيدان، فلا يلوحوا بأذرعهم ولا يتنهدوا ببنت شفة ولا بابنها حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون الزيدانى وتصبح طامّتهم أسود من قرن الخروب! والأفضل أن يضعوا أيديهم فى جيوبهم أو يشبكوها خلف ظهورهم، ويا حبذا لو ربطوها أيضا بحبلٍ أو غُلٍّ حتى لا يسهوا فيلوّحوا بها فى الهواء دون قصد فتكون الكارثة الكبرى!

    وحتى يتيقن القراء الكرام إلى أن كل ما يقال من هذا السخف الساخف الخاص باسم "قثم" هو كلام ينبغى سحقه تحت الحذاء أن أيًّا من أعداء الإسلام ورسوله الكريم من الرومان المعاصرين له عليه الصلاة والسلام أو الآتين بعده بقليل لم يُشِرْ قط إلى حكاية "قُثَم" تلك التى تحولت فى أيامنا هذه إلى "موضة" وصار كل من هب ودب يدعى أنه مكتشفها وأنه قد اكتشفها بــ"منهجية علمية صارمة"، اسم النبى حارسه وصائنه، وخمسة وخميسة فى عين العدو! وهذا نص ما كتبه فى هذا الصدد، فى دراسة له منشورة على المشباك بعنوان "The Quest of the Historical Muhammad"، المستشرق الأمريكى آرثر جفرى (Arthur Jeffery) المعروف بكراهيته لدين محمد والباحث دوما فى الأركان والزوايا المظلمة التى يخيم عليها العنكبوت عن أى شىء يمكن اتخذاه متكأ للتشكيك فيه، وقد وضعه تحت عنوان جانبى هو "EARLY CHRISTIAN ACCOUNTS": "The earliest reference to Muhammad in Christian literature is apparently that in the Armenian "Chronicle of Sebeos," written in the seventh century, and which says little more than that he was an Ishmaelite, who claimed to be a Prophet and taught his fellow countrymen to return to the religion of Abraham. In the Byzantine writers we have little of any value, though it must be admitted that this source has not been thoroughly examined by Islamic scholars. Nicetas, of Byzan¬tium, wrote a "Refutatio Mohammadis" (Migne P.G. cv), and Bartholomew, of Edessa, a treatise "Contra Mohammadem" (Migne P.G. civ), which may be taken as samples of this work, which grew out of the contact with Islamic power in the wars that robbed the Byzantine Empire of one after . another of its fair Eastern Provinces"

    والحديث فيه عن "الرِّوايات المسِّيحيّةُ المبكِّرة"، وترجمته: "إن أقدم إشارة إلى مُحَمَّدٍ في الكتابات المسِّيحيّة هى، فيما يبدو، تلك المتمثلة في "تاريخ سيبوس" الأرمنى الذى تم تأليفه في القرن السّابع الميّلادي، وفيه أن مُحَمَّدًا رجلٌ إسماعيليٌّ ادّعى النُّبوَّة وعلّم مواطنيه العودة إلى دين إبراهيم. إنّ قيمة ما كتبه الكُتَّاب البيزنطيون ضيئلة، لكن لا بد من الاعتراف بأنَّ هذا المصدر لم يُفْحَص كما ينبغى من قِبَل دارسي الإسلام. كما وضع نيسيتاس البيزنطي كتابًا اسمه: "تخطئة محمد: "Refutatio Mohammadis"، (Migne P.G. cv)، وبالمثل كتب أرتولوميو الإيديسى رسالة بعنوان "الرد على محمد: "Contra Mohammadem"، وهاتان الرسالتان يمكن النظر إليهما بوصفهما عملين ناشئين عن الاحتكاك بالقوة الإسلامية في الحروب التي انتزعت من الإمبراطوريّة البيزنطيّة أقاليمها الشّرقيّة الجميلة الواحدة تلو الأخرى". وهناك أيضا وثائق سريانية تعود إلى القرنين السابع والثامن الميلاديين تذكر اسم النبى "محمد" دون أى تلجلج: (هكذا: "ماهومت، مؤامد"). ويجد القارئ إشارة إلى تلك الوثائق فى دراسة لنبيل فياض ملحقة بنص عنوانه: "في ذلك اليوم" من تحرير برنارد لويس، وهو النص الثانى من نصين منشورين معا على المشباك بعنوان "نصان يهوديان حول بدايات الإسلام" . فمن الواضح تماما من هذه النصوص أن اسمه عليه السلام فى أقدم المصادر النصرانية، وبعضها معاصر له، هو "محمد" لا "قثم"، ولو كان اسمه الأصلى "قُثَم" ثم غيّره عليه السلام ليطابق ما جاء فى الإنجيل من بشارة بمحمد لما سكت هؤلاء الأعداء الألداء ولشنعوا عليه وجعلوه أضحوكة الأضاحيك وكانت فضيحة بجلاجل لا يتوقف صليلها أبد الدهر. ولم تتوقف الحملة على الإسلام قط منذ بزوغ نوره، فرأينا أعداءه يدأبون على وضع الكتب والرسائل فى حربه وتخطتئه والتشنيع على رسوله والعمل على إيهام الناس بأنه صلى الله عليه وسلم نبى زائف. ومن هؤلاء ابن النغريلة وابن كمونة وعبد المسيح بن إسحاق الكندى وريموند لل ومراتشى وسيل وهاشم العربى... إلخ إن كان لهذا من آخر، ومع ذلك كله لم يقل أحد من هؤلاء يومًا إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان اسمه "قُثَم"، على شدة ما كان فى قلوبهم من ضغنٍ عليه وعلى دينه ورغبةٍ حارقةٍ فى طمس نور الإسلام وتشويه صورة النبى الذى حمل رسالته العظيمة إلى العالم! ببساطة لأنه عليه السلام لم يكن اسمه "قُثَم"، وإلا لما فاتهم ذلك الأمر. وهذا برهان ساطع على تهافت الموضة الجديدة التى يزعجنا بها كل من هب ودب وأمسك قلما فى يده!

    ويا فرحة المتخلف صاحب الموقع المتخلف مثله "عزت أندراوس" بهذا الكلام، إذ سرعان ما نقله فى موسوعته المتخلفة المحشوة بالخرافات ظنا منه أنه وقع على صيد ثمين، غير دارٍ أن ما نقله ليس له أية قيمة علمية على الإطلاق وأنه لا يزيد عن كلام المصاطب الذى كان فلاحو قريتنا وكل القرى المصرية قبل أن تُلْغَى المصاطب فيها يَهْرِفون به ساعة العصارى، وهم متسلطنون منتشون، على حين أنهم فى الواقع مساكينُ جِدُّ مساكين ليس لديهم أية فكرة عن التمرهندى! كتب هذا المعتوه، فَضَّ الله فاه، وجعل وجهه محل قفاه، "أن محمد ليس هو الإسم الحقيقى لصاحب الشريعة ألإسلامية لأن أولاً: أن أسم محمد لم يكن شائعا بين العرب. وثانيًا: محمد غير أسماء الناس والأماكن، أنه ما أن قويت شوكته حتى قام بتغيير كثير من أسماء الناس والأماكن مثل يثرب غيرها إلى المدينة. وقد أورد الشيخ خليل عبد الكريم كثير من الأسماء والأماكن فى "الجذور التاريخية"، وليس لنا بحاجة لذكرها هنا. وقد قام صاحب الشريعة الإسلامية أيضا بتغير أسمه وقد كان "قثم". وأسم صاحب الشريعة الإسلامية الحقيقيى الذى أطلقته عليه أمه هو "قثــــم"، وقد ظل يعرف بإسم "قُثَـــم" أكثـــر من 40 سنة حتى أدعى أنه رأى وحيا فقام بتغيير أسمه... وقام صاحب الشريعة الإسلامية بتغيير أسمه "قثــم"، الذى أطلقته عليه أمه وعُرِف به لمدة أربعين سنة إلى أسماء عديدة وإتخذ لنفسه صفات حميدة حتى يحسّن صورته بعد أن ذموه أهل قريش لأعماله كأسم له. والأسماء التالية هى أسمائه بما فيهم أسمه الحقيقى "قثم": أحمد، ومحمد، ومصطفى، ومحمود، وطه، يس، الحاشر، الحافظ، الحاكم، الحاتم، حامد، حامل لواء الحمد، حبيب الرحمن، حبنطى (يقول المسلمون بدون دليل أن هذا الأسم في الإنجيل، وتفسيره: الذي يفرق بين الحق والباطل)، الحجة، الحجازي، الرحيم، حرز الأميين، الحريص، الحسيب، قثــم، القرشى، الأمين، الهاشمى، والضحوك، القتال... وغيرها. ولكن كل هذه الأسماء ليست أسم صاحب الشريعة الإسلامية الحقيقى إلا أسم "قثم"، والباقى اسماء مستعارة. فمثلاً من المعروف أن فيل أبرهة الذى كان يركبه للهجوم على مكة عندما قابله الطير الأسطورى أبابيل كان اسم هذا الفيل "محمود" فأطلقة صاحب الشريعة الإسلامية على نفسه. كان محمد أسمه "قثم" أو "قوثامة" أي (أبي قوثامة = 666)، ثم أبدل من بعد وصار "محمد" ليتسني وضع الآية: "ومبشِّرًا برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد" إشارة إلي ما جاء في الإنجيل عن النبي الذي يجئ بعد عيسي (راجع كتاب حياة محمد – الدكتور محمد حسين هيكل ص39). وفى جريدة الوفد بتاريخ الثلاثاء 31 أكتوبر 2006 م كتب يوسف زيدان أن اسم محمد الذى أطلق عليه بعد ولادته كان "قثم" فقال : "صاح صاحبي غاضبا، ونفض ذراعيه في الهواء اعتراضا علي ما ذكرته خلال كلامي معه عن الأسماء العربية من أن نبينا كان اسمه "قثم بن عبد اللات" قبل محمد وأحمد ومحمود، وأنه حمل هذا الاسم "قثم" إلى أن بلغ من عمره ما يزيد علي الأربعين عاما. زعق صاحبي بما معناه أن كلامي غير صحيح، لأنه لم يسمع بذلك من قبل، وبالتالي فهو غير صحيح. فسألته إن كان قد سمع من قبل أن النبي له عم كان اسمه هو الآخر "قثم"، وهي كلمة عربية قديمة تعني "المعطي"، وتعني "الجموع للخير"، كما أنها اسم الذكر من الضِّبَاع. فاحتقن وجه صاحبي غيظا، واتهمني بأن كل ما قلته غير صحيح، وأنه لا يوجد أصل يؤكده ولا أي مرجع. تناولت من رفوف مكتبتي كتاب الإمام الجليل أبو الفرج بن الجوزى الذي عنوانه "المدهش" وفتحت لصاحبي الصفحات ليرى أن ما قلته له مذكور قبل تسعة قرون من الزمان، وشرحت له أن ابن الجوزي هو أحد أهم العلماء في تاريخ الإسلام، وأنه فقيه حنبلي لم يكن في زمانه مثله، ومؤرخ مشهور وخطيب كان الخليفة يحرص علي سماع دروسه. حار صاحبي لدقائق، ثم اهتدي لفكرة ملخصها أنه لن يقبل كلام ابن الجوزي أيضا، وأنه لن يقتنع إلا بأول كتاب وأقدم كتاب في سيرة النبى. فأخبرته أنه يطلب كتاب "السيرة لابن إسحاق"، وهو كتاب مفقود منذ أمد بعيد، ولم نعثر له علي أي مخطوطة حتى الآن في أي مكان في العالم. تنهد صاحبي مرتاحا، وهو يقول ما معناه: إذن، فلا شيء مما تقوله صحيح". وذكرت مجلة "الخليج" الأماراتية أسماء صاحب الشريعة الأسلامية وقالت أنه من ضمن أسمائة "قثم"، وذكرت تحتها أن "يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أتاني ملك فقال: أنت قُثَم، وخلقك قُثَم، ونفسك مطمئنة". و"قثم" أي مجتمع الخلق، وله معنيان: احدهما من القثم، وهو الاعطاء، فسمي بذلك لجوده وعطائه. والثاني من القثم وهو الجمع. يقال للرجل الجموع للخير: قَثُوم وقُثَم. وكان صلى الله عليه وسلم جامعا لخصال الخير والفضائل والمناقب كلها". وجاء فى كتاب "غريب الحديث في بحار الانوار"، باب القاف مع الثاء: "قثم: من أسمائه (ص): "القُثَم"، وله معنيان: أحدهما من القَثْم، وهو الإعطاء، لأنّه كان أجود بالخير من الريح الهابّة... والوجه الآخر أنّه من القثم، وهو الجمع. يقال للرجل الجموع للخير: قَثُوْم وقُثَم... قال ابن فارس: والأوّل أصحّ وأقرب: 16/118. ومنه عن عمر بن الخطّاب في أمير المؤمنين (ع): "الهِزَبْر القُثَم ابن القُثَم": 20/52، أي الكثير العطاء، والجموع للخير (المجلسي: 20/67). وينسب المسلمين نبى الأسلام إلى عبد المطلب وقُصَىّ هكذا: "هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النظر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان". ويقول المسلمون عن عبد الله بن عبد المطلب: هو والد الرسول، ويكنى: أبا قثم. ولقد خرج أبوه عبد المطلب يريد تزويجه حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة، وهو يومئذ سيد بني زهرة، فزوجه ابنته آمنة، وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش. وكان تزويج عبد الله من آمنة بعد حفر بئر زمزم بعشر سنين. ولم يولد لعيد الله وآمنه غير رسول الله محمد. ولم يتزوج عبد الله غير آمنة، ولم تتزوج هي غيره. وبعد زواجه من آمنة بقليل خرج من مكة قاصدا الشام في تجارة، ثم لما أقبل من الشام نزل في المدينة وهو مريض، وفيها أخواله بني النجار، فأقام عندهم شهرا وهو مريض، وتوفي لشهرين من الحمل بابنه محمد، ودفن في دار النابغة وله خمس وعشرون. (و) عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أبو قُثَم الهاشمي القرشي، الملقب بـ"الذبيح" هو والد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولد بمكة، وهو أصغر أبناء عبد المطلب. وكان أبوه قد نذر لئن وُلِد له عشرة أبناء وشبوا في حياته لينحرن أحدهم عند الكعبة، فشبَّ له عشرة، فذهب بهم إلى هُبَل (أكبر أصنام الكعبة في الجاهلية) فضُرِبت القداح بينهم، فخرجت على عبد الله، وكان أحبهم إليه ففداه بمئة من الإبل، فكان يُعْرَف بالذبيح. وزوّجه آمنة بنت وهب، فحملت بالنبي صلى الله عليه وسلم ورحل في تجارة إلى غزة، وعاد يريد مكة، فلما وصل إلى المدينة مرض ومات بها. وقيل: مات بالأبواء بين مكة والمدينة. راجع سورة "المسد" آية رقم 1 تفسير القرطبى: "فلما سمعت امرأة أبى لهب ما نزل في زوجها وفيها من القرآن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر رضي الله عنه، وفي يدها فهر من حجارة . فلما وقفت عليه أخذ الله بصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ترى إلا أبا بكر. فقالت: يا أبا بكر، إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني. والله لو وجدته لضربت بهذا الفِهْر فاه. والله إني لشاعرة: مُذَمَّمًا عصينا، وأَمْرَه أَبَيْنا، ودينَه قَلَيْنا. ثم انصرفت. فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ قال: ما رأتني. لقد أخذ الله بصرها عني. وكانت قريش إنما تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مذمَّما"، يسبّونه. وكان يقول: ألا تعجبون لما صرف الله عني من أذى قريش؟ يسبون ويهجون مذمما، وأنا محمد...". ومما يثبت أن اسمه الحقيقى "قثم" أن أهل مكة أستقبلوا محمد صاحب الشريعة الأسلامية قائلين: "طلع القمر علينا"، و"قثم" أسم من أسماء القمر. وهناك أيضا أسم من أسماء القمر أطلقة على نفسه، وهو "يس". ويقول أهل الشام أن أسمه كان "محمل" أو"معمد". وقد يكون رأيهم هو الأرجح، وقد يكون هو الأسم الذى أطلق عليه بعد تنصره لأنهم ينسجون حول أسمه قصة أخرى لولادته غير القصة التى ذكرتها الأحاديث وإنتسابه لعبد الله وعلاقة محمد ببحيرة الراهب. إلا أنه ليست لقصتهم مراجع تاريخية ولكنها لا تخلوا فى نفس الوقت من دلائل قوية تجبر سامعها من تصديقها. ولكننا نجد فى نفس الوقت أنه من الأقوال المتواترة التى يسلمها الاباء إلى الأبناء فى جميع البلاد العربية أن أبو محمد الحقيقى هو بحيرة الراهب بدليل انه عرفه من وحمة الميلاد التى على كتفه والتى يقول المسلمون أنها ختم النبوة. وقد ذكرناها للعلم بالشئ فقط لا غير".

    هذا ما قاله المعتوه "عزت أندراوس"، وواضح أن المكان الطبيعى لأمثاله هو مستشفى العباسية. وبالمناسبة لقد بحثت عن الحديث التالى المنسوب للنبى عليه السلام: "أتاني ملك فقال: أنت قُثَم، وخلقك قُثَم، ونفسك مطمئنة" فلم أجده لا فى الأحاديث الصحاح ولا فى الأحاديث الضعاف. إنه حديث موضوع ركيك ليس عليه سيما الأسلوب النبوى البليغ. كما أن عضّ الكلب المدعوّ: "أندراوس" بأنيابه على ما يقال زورا وبهتانا من أن كُنْيَة والد الرسول هى "أبو قثم" برهان إضافى على عتهه، إذ كيف يكنَّى أبو الرسول باسم طفل له لم يكن قد ولد بعد، بل لم يكتب له أن يولد فى حياته، بل لم يكن يُعْرَف أهو ولد أم بنت؟ أترك هذه الفزورة للقراء ليتَسَلَّوْا بحلها ولَعْن ذلك الوثنى المتخلف أعمى القلب والبصر! ثم ما معنى ما يهرف به عبد الخارئ من أن "المسلمين" (المسلمين: هكذا بإطلاق) يقولون كذا أو كذا عن الرسول وعن أبيه؟ ترى من هم أولئك المسلمون؟ إن المعتوه الأبله يضع الكلام بين علامتى تنصيص، ومع هذا لا يذكر المرجع الذى أخذ منه هذا الكلام. بل لقد بلغت به البجاحة والكذب أن ينسب إلى الدكتور محمد حسين هيكل أنه يقول فى كتابه: "حياة محمد" إن "قثم" هو اسم الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، مع أن هيكلا إنما ينفى تماما ذلك السخف ويرمى به تحت حذائه كما سنرى بعد قليل! وهذه شنشنة أندراوس، إذ ضبطتُه من قبل يزعم أن ماركو بولو وألفرد بتلر وسميكة باشا يؤكدون طيران جبل المقطم بسبب صلاة النصارى، فلما رجعتُ إلى ما قاله الثلاثة تيقنت أننى وقعت على كذابٍ وقحٍ قرارىٍّ لا يعرف الخجل ولا الخوف من الله، فماركو بولو إنما يتحدث عن بغداد لا عن مصر، وبتلر إنما يروى القصة كما سمعها فقط، أما رأيه فيها فقد ذكر مرات متعددة أنها قصة خرافية، وسميكة باشا يعلن بملء فمه فى صحيفة "الأهرام" أنه لا يصدق حرفا واحدا منها. كما أن الجاهل المتخلف يكذب بغشمٍ أبله زاعما أن معنى "القثم" هو القمر، ولا أدرى من أى جانب من جوانب استه المتقيحة المنتنة نتانةَ اسْت القمص المنكوح ذى الدبر المقروح قد استمد ذلك الكلام، مثلما لا أدرى من أى جانب آخر من جوانب تلك الاست الكريهة المنظر والرائحة والتى ذابت من كثرة ما اعتدى عليه فيها رهبان الظلام وهو غلام، قد حصل على ما قاله من أن الدليل الذى يثبت أن اسم الرسول الحقيقى "قثم" هو "أن أهل مكة استقبلوا محمد صاحب الشريعة الأسلامية قائلين: "طلع القمر علينا"!". ترى متى وأين استقبل المكيون النبى قائلين: "طلع القمر علينا"، وهم الذين أخرجوه من دياره وتآمروا على قتله فكانت الهجرة الشريفة إلى المدينة؟ إن أهل يثرب هم الذين فعلوا ذلك حسبما تقول بعض الروايات، لكنهم لم يكونوا بلهاء جهلاء كأندراوس فيقولوا: "طلع القمر علينا"، بل تقول جميع الروايات التى وردت فى هذا الصدد: "طلع البدر علينا". كما أن "ثنية الوداع"، حسبما جاء فى "الروض المعطار في خبر الأقطار" لعبد المنعم الحميرى، تقع "عن يمين المدينة. أحسب أنه كان الخارج من المدينة يودعه المشيع من هناك. ولما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في الهجرة لقيته نساء الأنصار يقلن:
    طلع البدر علينا* من ثنيات الوداع
    وجب الشكر علينا* ما دعا للـه داع".
    وفى "معجم ما استعجم" لأبى عبيد البكرى أن "ثَنِيَّةُ الوَدَاع، بفتح أوله، عن يمين المدينة أو دونها. والثنيّة: طريق في الجبل مخلوق، فاذا عولج وسل فهو نقب. قال الشاعر:
    طَلَع البدْرُ علينا* من ثَنِياتِ الوَدَاع
    وَجَبَ الشكْرُ علينا* ما دَعَا الله داع".
    وفى "معجم البلدان" لياقوت الحموى أنها "ثنيّة مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة، وقيل: "الوداع" وادٍ بالمدينة". وفى "آثار المدينة المنورة" لعبد القدوس الأنصارى أن "في المدينة ثَنِيَّتَيْ وداع". والواقع أن ما يقوله أندراوس يذكرنى بالجهل المضحك الذى تحتوى عليه دعوى جمال الغيطانى فى روايته التافهة: "الزينى بركات" من أن اليهود قد استقبلوا النبى عليه الصلاة والسلام بالحجارة يرمونه بها من فوق أسوار الطائف. الله أكبر! هذا هو العلم، وإلا بلاش! علاوة على المقدار الهائل من الأخطاء الإملائية واللغوية والتركيبية التى تدل على تخلف أندراوس الشنيع وعتهه البشيع حتى فى استعمال اللغة والتى قمت بتصحيح عدد منها غير قليل مع ذلك، مع ترقيم النص كى أسهل مطالعته على القارئ، ودعنا من نطاعته وإطلاقه الاتهامات والتدليسات ذات اليمين وذات الشمال، من مثل زعمه أن عَلَم مصر، الذى ظل يستعمل رسميا من سنة 1923م حتى 1953م وظل يستعمل شعبيا حتى سنة 1958م كما يقول، إنما يمثل الله إله القمر الوثنى وبناته الثلاث: اللات والعزى ومناة، وأن علم مصر الحالى يشتمل على صورة "صقر قريش والقمر والنجوم الثلاثة"، يريد أن يقول إن علم مصر الآن هو أيضا علم وثنى. بل إنه ليمضى أبعد من ذلك حين يشير إلى أن رمز "الهلال" الذى ظهر مع صورة الرئيس مبارك أيام الانتخابات الرئاسية هو كذلك رمز وثنى... وما إلى ذلك من مخزون عقله المتخلف المعتوه.

    أما اسم "مُذَمَّم"، الذى كتبه ذلك الأبله المتخلف بالزاى وصححته له مع كثير من التصحيحات الأخرى التى لم تستطع أن تعمل شيئا مع خِلْقَته العَكِرة فظلت سطوره مفعمة بالأخطاء الرهيبة التى تدل على تخلف عقلى وفكرى ميؤوس من صلاحه، فهو دليل على عكس ما يريد، إذ ذكر المستشرق البريطانى ألفرد جِيُّوم فى أحد هوامشه على ترجمته لسيرة ابن هشام، فيما أذكر اعتمادا على رجوعى لتلك الترجمة منذ سنوات، ما معناه أن الشعراء الكفار الذين كانوا يهجون الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا يستعملون له اسم "مذمَّم" فيأتى المسلمون إلى الصيغة المحرفة ويعيدونها إلى أصلها كرة أخرى قائلين: "محمد". كما أنه قد علق على عبارة "يا أهل الجباجب، هل لكم في مذمَّم والصُّبَاة معه قد اجتمعوا على حربكم؟" (وهى العبارة التى قيل إن الشيطان قد صرخ بها ليلة العقبة كى يلفت انتباه المشركين إلى ما كان يدور بين الرسول واليثربيين من اتفاق حول هجرته إلى بلادهم فيُفْشِلوه) بأن كلمة "مذمَّم" من الممكن أن تكون قد استعملت هنا باعتبارها طِبَاقًا لاسم النبى "محمَّد" (The Life of Muhammad: A translation of Ibn Ishaq's Sirat Rasul Allah, by A. Guillaume, Oxford University Press, 1980, 205, n.1). وواضح أن الكفار لم يكونوا يقولون له: "مُذَمَّم" (وهو نفس الاسم الذى استعملته له أيضا أم جميل زوجة عمه أبى لهب كما نقل هذا الحمار الحساوى المسمى: "أندراوس" دون فهم) إلا لأنه على نفس الوزن الذى عليه اسم "محمد" مع مناقضته لمعناه تماما، مما يدل على أن اسمه الذى لم يكن له اسم عندهم سواه هو "مُحَمَّد". ثم إن المتخلف يقول إن أبا الرسول الحقيقى هو بحيرا (الذى يكتبه بطريقته المعتوهة مثله: "بحيرة") الراهب، وكأن الرهبان يتزوجون، وكأن من الممكن، لو كان محمد هو ابنه فعلا (ولا أدرى فى هذه الحالة من أية امرأة أنجبه)، أن يأخذه بنو هاشم عَنْوَة أو يسرقوه منه فى زحمة سوق الخميس فلا يحرك ساكنا، وحين يتعرف على الوحمة التى كانت فى ظهره فإنه يكفأ على الخبر ماجورا ولا يكلف نفسه حتى أن يأخذه فى حضنه يبل به شوق السنين وينزل عليه قبلات ونهنهات ودموعا وتمخّطات كما تفعل الآباء والأمهات فى مثل تلك الحالات فى السينما المصرية فى الأربعينات والخمسينات.

    إننى لا أرد على هذا الهراء، بل ألفت النظر فقط إلى العته الحيسى الذى يُشِلّ عقل هذا الحيوان ويطمس عليه فلا يترك له شيئا يمارس به وظيفة التفكير! وطبعا يريد منا هذا المعتوه الأبله أن نصدق بأن العرب، تلك الأمة التى كانت تقدس الأنساب ولا تقبل أن يأتى أولادها من مواقعة المعترفات فى ظلام المعابد وأمام الآلهة الحجرية العمياء الصماء البكماء كما يحدث لأتباع بعض الديانات، يمكن أن تترك مثل هذا "الولد" يرفع رأسه بينها، فضلا عن أن يدعوها إلى دين جديد ويسفه عقولها وعقول آبائها ويحتقر آلهتها! أما قوله إن أمه قد سمته: "قثم" فلا أقبله إلا إذا أثبت لنا أندراوس أن أمه هو كانت داية تشرف على توليد نساء العرب وتسمية أولادهن وأنها من ثم عرفت أن اسمه عليه السلام كان قثم وأخبرت ذلك الحيوان بذلك. فهل هو فاعلٌ، ذلك المفعول به وفيه؟

    تقول الموسوعة البريطانية فى مادة "The Life of Muhammad" عن موضوع الأنساب عند العرب قديما، وعن نسب النبى محمد عليه السلام بوجه خاص: "Both before the rise of Islam and during the Islamic period, Arab tribes paid great attention to genealogyand guarded their knowledge of it with meticulous care. In fact, during Islamic history a whole science of genealogy ('ilm al-ansab) developed that is of much historical significance. In the pre-Islamic period, however, this knowledge remained unwritten, and for that very reason it has not been taken seriously by Western historians relying only on written records. For Muslims, however, the genealogy of Muhammad has always been certain. They trace his ancestry to Isma'il (Ishmael) and hence to the prophet Abraham. This fact was accepted even by medieval European opponents of Islam but has been questioned by modern historians. "
    أما قول الكلب العضاض أندراوس إن النبى عليه الصلاة والسلام قد غير اسمه إلى "محمد" لكى يطابق بينه وبين البشارة التى فى الإنجيل عن رسول يُبْعَث من العرب، فهو قول يدل على أن قائله معتوه بالثلث. كيف؟ إن ذلك الحيوان الأبله المتخلف يجهل، مثل كل حيوان أبله متخلف مثله ممن يزعمون المزاعم على سيدنا رسول الله، أن القرآن المكى الذى يتخذون من خُلُوّه من اسم "محمد" دليلا على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن اسمه فى البداية "محمدا" بل "قثم"، هذا القرآن المكى قد تحدث عن ورود البشارة به لا فى الإنجيل فحسب، بل فى الإنجيل والتوراة جميعا، إذ نقرأ فى سورة "الأعراف" المكية قوله تعالى: "وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)". أى أن الرسول عليه السلام لم ينتظر إلى أن يهاجر للمدينة حتى يعلن أنه مبشَّر به عند أهل الكتاب! كذلك لست أفهم كيف أن كلمة "يس" تعنى "القمر"، وهى فى الحقيقة مجرد حرفين مقطعين من الحروف التى تبدأ بها بعض السور القرآنية مثل "طس" و"طه" و"حم"، ولا كيف يقول الوغد المتخلف إن الرسول عليه الصلاة والسلام قد تنصَّر، وهو الذى قصمت دعوته ديانة النصرانية فتحول أتباعها بمئات الملايين إلى توحيده النقى الكريم، فكان هذا البغض السام الذى يتلظى أندراوس فى جحيمه ويهترئ به قلبه هو ومن على شاكلته. وأخيرا وليس آخرا فإن ذلك الحيوان الأمى المتخلف المسمَّى: "أندراوس" لا يستطيع أن يكتب "قثامة"، بل يحرفها إلى "قوثامة"، وقد أخطأ فيها مرتين اثنتين لا مرة واحدة، وفى جملةٍ قصيرةٍ جِدّ قصيرة!

    وعودةً إلى موضوعنا نقول: وممن ردد قبل جعيط أيضا هذا الكلام الممخَّط عن أن اسم النبى الكريم هو "قثم": المنتحر المغرور التافه إسماعيل أدهم. نعم التافه رغم كل الطنطنات التى كان يطنطنها عن نفسه ويطنطنها عنه من صنعوه ولمعوه! لقد زعم هذا المغرور غير المأسوف على انتحاره، فى مقدمة كتابه: "من مصادر التاريخ الإسلامى"، أنه عكف لمدة غير يسيرة على السيرة النبوية وأحاديث الرسول عليه السلام وتاريخ تلك الفترة وما يليها وتتبع تقريبا كل ما كُتِب عنها فى التراث وفى دراسات المستشرقين بكل اللغات وفى كل المدن الأوربية والأفريقية والآسيوية، وأنه انتهى من كتابة خمسمائة صفحة فى هذا الموضوع، وقدّر أن بإمكانه الوصول بهذه الصفحات إلى رقم الثلاثة الآلاف. ثم ننظر فيما نشره من هذا كله فنجده لا يزيد على خمسين صفحة! فتأمل أيها القارئ الكريم مدى الفرق الشاسع بين شطحات الرجل المحلقة فى سماوات الخيالات والخبالات والأوهام وبين واقعه البائس التعبان. مسكين! علاوة على أن دعواه قراءة كل ما كتب عن السيرة بكل اللغات وفى كل المدن الأفريقية والآسيوية والأوروبية هى دعوى منفلتة من كل قيود العقل والمنطق، وليس ثَمّ من باب يسعها إلا باب الجنون المطبق. ثم نأخذ فيما قاله فى تلك الدراسة فنسمعه يشكك فى أن يكون اسم النبى هو "محمد"، مؤكّدًا، على الضد من ذلك، أنه كان يسمَّى: "قُثَم" أو "قُثَامة" (من مصادر التاريخ الإسلامى/ مطبعة صلاح الدين الكبرى/ القاهرة/ 7)، وهى بالضبط طريقة المستشرقين والمبشرين المداورة التى تشكك فى كل ما لا يعجبها فتذهب وراء الفروض الغريبة التى ينكرها العقل إنكارا وتتعارض مع النصوص الوثيقة تعارضا شديدا. ومن حق كل واهم أو موهوم، وكل خائل أو مختال، أن يقول ما يشاء فيما يشاء على النحو الذى يشاء، لكنْ عليه أيضا، إذا أراد منا أن نلقى بالا إلى ما يقول، أن يكون هذا الذى يقوله متسقا، على الأقل، بعضه مع بعض لا متناقضا من سطر إلى سطر، ومن جملة إلى أخرى، وإلا افتقر الكلام إلى المنهجية العلمية. كيف ذلك؟

    لقد صدّعَنا أدهم فى ذلك الكتاب بتأكيده أن القرآن هو وحده المصدر الإسلامى الذى يمكن الاطمئنان له من جهة التاريخ، أما الحديث وأما السيرة فلا يصلحان على الإطلاق لاعتماد المؤرخين والدارسين عليهما. عظيم جدا جدا، فتعال إذن يا سُمْعَة يا أبا السباع وأعطنى أذنك وعقلك: فأنت تقول إن القرآن هو المصدر الوحيد الذى يمكن الاستناد إليه والتصديق بما جاء فيه عن حوادث التاريخ الإسلامى الأول، أليس كذلك؟ فكيف فاتك إذن يا نابغة الدهر الأول والأخير، بل يا نابغة كل الدهور والعصور، أن القرآن الذى لا تطمئن إلا له قد ذكر أن اسمه عليه الصلاة والسلام هو "محمد" لا "قثم" ولا "قثامة"؟ ألم يكن العقل والمنطق وسلامة المنهج تقتضيك أن تصدّق بما أتى فى القرآن وترفض ما عداه من الروايات التى تقول إن اسمه لم يكن "محمدا" بل "قثم" أو "قثامة"؟ أم أنت ممن يحُلِوّنه عاما ويُحَرّمونه عاما على مقتضى نزواتهم وشهواتهم؟ ألا بئس هذا منهجا وتفكيرا! أما إذا كنت قد رجَعْتَ عن رفضك لما عدا القرآن من مصادر التاريخ الإسلامى (وهو ما لا يمكن أن يكون، لأنك قلت ما قلت عن اسم رسول الله عقب إعلانك مباشرة أنك لا تثق بغير القرآن أىّ مقدار من الثقة)، فكيف تترك الاسم الذى تضافرت عليه الروايات ولا يعرف المسلمون سواه؟ وهذا كله لو لم يكن هناك قرآن ينص على أن اسمه هو "محمد". وبطبيعة الحال لا يمكن أن يقال إن القرآن قد لفّقَ له ذلك الاسم، لأنه لو كان هذا صحيحا ما سكت الكفار ولا المنافقون ولا اليهود ولا النصارى ولا حتى الصحابة، ولشنّع الأربعة الأولون على القرآن والرسول، وأبدى الأخيرون دهشتهم واستغرابهم وكان بينهم وبينه سِينٌ وجِيمٌ، ولسَجَّلَتْ ذلك كلَّه الرواياتُ كالعادة. علاوة على أنك قد أعلنت وثوقك بالقرآن، وبالقرآن وحده، وثوقا مطلقا، فلا فكاك لك من أن تسلّم بما قاله فى هذا السبيل! من هنا يتجلى لكل ذى عقل أن صاحبنا لا يحسن التفكير واستنباط النتائج من المقدمات، ولا يستطيع أن يكون متسقًا مع المبدإ الذى وضعه هو بنفسه لنفسه.

    وفى مقدمة الطبعة الثانية من كتابه: "حياة محمد" يقول الدكتور محمد حسين هيكل رحمه الله إنه قد وردت إليه ملاحظات من هنا وههنا على ما قاله فى الطبعة الأولى من ذلك الكتاب، ومن بينها رسالة أتته من كاتب مصرى مسلم ذكر أنها ترجمة عربية لمقال بعث به إلى مجلة المستشرقين الألمانية نقدا لكتابه هذا، وخلاصتها أن كتابه عن "حياة محمد" ليس بحثا علميا بالمعنى الحديث لأنه رجع فيه، كما يقول، إلى المصادر العربية وحدها ولم يراجع ما كتبه المستشرقون أو يأخذ بالنتائج التى وصلوا إليها، بل عد القرآن وثيقة تاريخية لا تقبل الريب رغم أنه خضع للتحريف والتبديل بعد وفاة النبى عليه الصلاة والسلام... إلخ. ومن بين ما قاله صاحب الرسالة الذى لم يذكر الدكتور هيكل اسمه للأسف أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن اسمه فى الاصل "محمدا" بل "قثم" أو "قثامة"، ثم أُبْدِل من بعد ذلك ليتسنى وضع الآية التى تقول: "ومبشرا برسول من بعدى اسمه أحمد" (انظر "حياة محمد" للدكتور هيكل/ مكتبة الأسرة/ 1997م/ 38)، وهو ما يعنى أن القرآن من وضع النبى عليه السلام وأنه صلى الله عليه وسلم كان كذابا، أو فى أحسن الأحوال: واهما مخدوعا فى أمره كله، وهذا كلام خطير. لا أقصد أنه ليس من حق أحد أن يقوله، فكل إنسان حر فيما يقول وفيما يعتقد، والمهم أن يقدم الدليل، أما الهلس والهجس فكل حيوان بشرى يحسنه لا مشقة فى ذلك! بل أقصد أن مثل هذه الطريقة فى الزعم ورمى الكلام على عواهنه تهدد المنهجية العلمية وتطعنها فى الصميم وتملى لكل جهول سخيف العقل والتفكير أن يجرى مع نزواته على راحته ويتقايأ بما فى نفسه المشوهة دون حسيب أو رقيب ودون أن يأخذ فى اعتباره أى مبدإ أو قيمة. ويغلب على ظنى أن صاحب الرسالة هو إسماعيل أدهم، الذى كان متصلا بدوائر المستشرقين ودائم المباهاة بعلاقته بهم وترديد مقولاتهم والكتابة عندهم، فضلا عن أنه كان يعرف الألمانية، ويزعم أن اسم النبى عليه السلام هو "قُثَم" حسبما رأينا. لكن صاحب الرسالة، حسبما يقول هيكل، قد أنكر عليه أن يتخذ من القرآن وثيقة يُطْمَأَنّ إليها، وهو ما يختلف فيه مع أدهم، الذى رأينا قبل قليل أنه لا يعترف بمصدر وثيق للسيرة إلا القرآن الكريم، وإن كان من الميسور الرد على هذا بأن أدهم لم يكن متسق الفكر كما شاهدنا بأنفسنا أيضا، وبالذات فى مسألة تسميته صلى الله عليه وسلم بــ"قُثَم". فمن الممكن أن يقول الشىء ونقيضه طبقا لما يعنّ له فى اللحظة التى يكون فيها دون أى اعتبار لمنطق أو منهج رغم كثرة تشدقه بذلك. وعلى أية حال فسواء كان أدهم هو صاحب الرسالة أو لم يكن، فالمهم أن القول بأن الاسم الحقيقى للنبى عليه الصلاة والسلام "قُثَم" لا "محمد" ليس بالأمر الجديد الذى يخوّل لجعيط أو زعيط أو معيط أو أى نطاط للحيط الزعم بأنه ابن بَجْدَته، إذ هو كلام من كلام أحلاس المصاطب الاستشراقية والتبشيرية مما يعرفه كل أحد منهم ويتلقاه الخالف عن السالف، ومن ثم فلا معنى للجعجعة الجعيطية الزعيطية المعيطية عن المهلبية العلمية التى ليست صارمة بل مصرومة، ومشرومة فوق ذلك مخرومة!

    وإذا كان مَنْ عَرَضْنا لهم حتى الآن قد أنكروا أن يكون اسمه عليه السلام هو "محمدا"، وأكدوا بدلا من ذلك أنه كان يُدْعَى: "قُثَم"، فإن فيليب حِتِّى قد اكتفى بالتشكيك فى قدرتنا على معرفة الاسم الذى سمته به أمه عند ولادته، قائلا إن هذا الاسم قد يظل غير متيقَّنٍ منه إلى أبد الآبدين، مضيفا مع ذلك أن قومه قد لقبوه بـ"الأمين" على سبيل التشريف فيما يبدو، أما الصيغة التى عُرِف بها فى القرآن فهى: "محمد"، إلى جانب "أحمد" مرة واحدة، وأما فى الاستعمال الشعبى فهو "محمد". هكذا قال حِتِّى، ومن الجَلِىّ البيّن أنه لا يستند إلى أى أساس، اللهم إلا الرغبة فى بذر بذور الريبة حول هذه المسألة التى ترتبط بها مسائل أخرى كثيرة، مجافيا بهذا المنهج العلمى الذى يفرض علينا ألا نرفض شيئا هكذا من الباب للطاق دون أن يكون هناك ما يبعث على الاسترابة فيه، أو يثير فينا عدم الاطمئنان إليه على الأقل، وهو ما لا يتوفر فى قضيتنا التى بين أيدينا، وإلا فلماذا لم يعرض بواعث الشك الذى عنده إن كان لديه مثل هذه البواعث؟ وفى الهامش رقم 2 من ذات الصفحة نجده يكتب أن اسم "محمد" قد تم العثور عليه فى أحد النقوش اليمنية. "History of the Arabs, Macmillan & Co. Ltd, London, 1963, P. 111". طيب يا دكتور حِتِّى، ما دام اسم "محمد" كان موجودا لدى عرب الجاهلية، فلماذا التشكيك فى أن يكون هو اسم النبى المصطفى؟ وقد رد على تشكيكات الدكتور حِتِّى التعسفية التى لا معنى لها، المرحوم محمد جميل بيهم مؤكدا أن الذى سماه: "محمدا" إنما هو جده عبد المطلب، وكان ذلك فى اليوم السابع كعادة العرب حينذاك حسبما قال (فلسفة تاريخ محمد صلى الله عليه وسلم/ تقديم د. حسان حلاق/ الدار الجامعية للطباعة والنشر/ بيروت/ 110). وسواء كان جده هو الذى سماه كما كتب بيهم أو كانت أمه هى التى فعلت ذلك حسبما يقول بعض كتاب السيرة الآخرين كابن إسحاق فى "السيرة النبوية" وعلى بن برهان الدين الحلبى فى "إنسان العيون" مثلا، فالمهم أنه سُمِّىَ: "محمدا" منذ اللحظة الأولى، لا ريب فى هذا.

    [email protected]
    http://awad.phpnet.us/
    http://ibrahimawad.net.tf
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 09:53 ص.
    لا اله الا الله محمد رسول الله

    وليس في إسلامنا ما نخجل منه، وما نضطر للدفاع عنه، وليس فيه ما نتدسس به للناس تدسساً، أو ما نتلعثم في الجهر به على حقيقته ،ونحن لا ندعو الناس إلى الإسلام لننال منهم أجراً. ولا نريد علوّاً في الأرض ولا فساداً. ولا نريد شيئاً خاصاً لأنفسنا إطلاقاً، وحسابنا وأجرنا ليس على الناس. إنما نحن ندعو الناس إلى الإسلام لأننا نحبهم ونريد لهم الخير، مهما آذونا..

    تعليق

    • ahmedmuslimengineer
      2- عضو مشارك

      • 21 أغس, 2006
      • 245
      • لا شيىء
      • مسلم

      #3
      إسلام أون لاين.نت – محمد الحمروني
      تونس- لم يستبعد الباحث والمفكر التونسي الدكتور هشام جعيط في كتابه الأخير “تاريخية الدعوة المحمدية” أن تكون بعض العبارات والآيات زيدت في النص القرآني عند تدوينه.

      واعتبر أن التأثيرات المسيحيةعلى القرآن لا يمكن إنكارها. وعن محمد -صلى الله عليه وسلم- قال: إنه ولد في حدود سنة 580م، وإنه كان يدعى “قثم” قبل بعثته، وتزوج وهو في الثالثة والعشرين، وبعث في الثلاثين، وأنه لم يكن أبدا أميّا.

      وفي ندوة عقدت في تونس نهاية الأسبوع الماضي وعرض فيها لكتابه، شدد الكاتب على أن ما توصل إليه من نتائج هو ثمرة “عشرات السنوات من البحث والدراسة وفق مناهج علمية صارمة”، وأنه إذ ينشرها فلأنه على يقين بأن ما يورده من “حقائق ينشر لأول مرة”.

      غير أن باحثا تونسيا أشار في معرض تعقيبه على الكتاب إلى أن الرؤى التي يطرحها سبق أن طرح معظمها مستشرق ألماني في القرن الـ19 الميلادي.

      الكتاب كما يقدمه صاحبه

      يقول جعيطمقدما كتابه “تاريخية الدعوة المحمدية”: إنه “عنوان يشير إلى وضع الدعوة في تاريخيتها الخاصة، في وسطها الداخلي والخارجي وبين البشر”.

      وهو الجزء الثاني من مشروع للباحث يتناول فيه السيرة النبوية، وصدر الجزء الأول منه تحت عنوان” الوحي والقرآن”. وحسبالكاتب فإن مبحثه في هذا الكتاب يتناول مسار محمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة من ولادته إلى الهجرة بما في ذلك المناخان المحلي والعالمي اللذان ظهر فيهما الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- ودعا فيهما إلى دعوته.

      وهي دراسة تاريخية وضعية بحتة، التزم خلالها أن يضع بين قوسين قناعاته العقائدية؛ فهو “يتناول الحقائق الدينية بالوصف والتحليل بالبحث في التأثيرات والتطورات، ويضعها في لحظتها التاريخية من دون الالتزام بالمعطى الإيماني”.

      المنهج المعتمد

      اعتمد الدكتور -كما قال- في كتابه على علم التاريخ الذي يرى أنه بلغ درجة من المصداقية قربته كثيرا من العلوم الصحيحة، وهو يستعمل علم التاريخ بالتداخل مع مجموعة أخرى من العلوم والمعارف مثل الأنثروبولوجيا(علم الأجناس)، والفيلولوجيا(علم اللغة).

      ويلخص جعيط-كما جاء في الجزء الأخير من مقدمة الكتاب- منهجه في التعامل مع هذا الموضوع بقوله: “إنه استقراء الماضي متسلحا بمعرفة دقيقة بالمصادر والمراجع وبالتعاطف اللازم مع موضوعه وبرحابة صدر وثقابة الفكر…”. وأضاف: “ما سنحاوله هنا هو إعطاء نظرة أنثروبولوجيةللثقافة العربية قبل الإسلام أولا، واستقراء للنص القرآني وتتبع التأثيرات الخارجية والنظر النقدي في المصادر التاريخية والبيوجرافية”.

      وعن غرض الكتاب يقول جعيط: إنه إنما ألف كتابه عن السيرة؛ لأنه “أراد أن يوثق خلاصة بحوثه التي توصل إليها خلال مرحلة تدريسه بالجامعة التونسية”. كماشدد على أنه “لو لم يكن فيما توصل إليه جديد ما كان لينشر هذا الكتاب”.

      وشدد المؤلف في ندوة جمعته نهاية الأسبوع الماضي بثلة من الباحثين والأساتذة الجامعيين وهو يشرح دواعي تناوله لهذا الموضوع على أنه “ليس هناك أفضل من الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- لتسليط الأضواء على حياته وسيرته بشكل علمي”؛ لأن ما غلب على دراسات السيرة هو الرؤية الدينية الصرفة. وهذا ما لا يطمئن إليه الباحث الذي عليه أن “يضع اعتقاداته بين قوسين”، كما قال.

      وفيما يخص ما كتب عن حياة الرسول اعتبر أن المصادر التاريخية مثل سيرة ابن إسحاق أو ابن هشام أو غيرهما “لا تعطي إجابات علمية دقيقة؛ نظرا لتأخر تدوين هذه السير ولغلبة النزعة الوعظية عليها”.

      أما الكتابات الحديثة فقد اعتبر أن “أغلبها لا يرقى حتى إلى ما كتبه القدامى من حيث القيمة العلمية”، واستثنى من هذا الحكم كتاب “حياة محمد” لمحمد حسين هيكل الذي اعتبره “آخر الكتابات المحترمة”.

      وأكد على أن غرض الباحث دائما هو “مناقشة المسلمات”، وأن “المعرفة التاريخية تبقى نسبية ومتغيرة بتغير المصادر والوثائق”، كما أشار إلى أن هناك نقاط استفهام عديدة تطرح حول معرفتنا عن تلك الحقبة؛ لأن هناك نقصا في هذه الوثائق، وهو نقص أدركه كل من اشتغل بالشأن الديني أيا كان هذا الدين. إلاأن وجود هذه الصعوبات لا ينفي إمكانية إنشاء معرفة تاريخية عن الدين مستقلة ومختلفة عن الأبحاث الفقهية.

      نتائج البحث

      وينتهي البحث إلى جملة من النتائجتتعلق بالقرآن والنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والدعوة بصفة عامة.

      بالنسبة للقرآن، يشدد الكاتب في بداية الجزء المخصص للقرآن على أن الباحث في الإسلاميات محظوظ؛ لأن “النص المتضمن على محتوى الرسالة، أي القرآن، طويل ومديد قياسا بما احتفظ بهلنا من قبل، مثل ما يتعلق بزرادشتوبوذا والمسيح”.

      وشدد على أن القرآن “منغمس في تاريخية الدعوة؛ لأن النبي أفصح بهإلى محيطه في مكة في فترة معينة من الزمان؛ لذلك فالقرآن يتخذ طابعا موضوعيا تاريخيا، وهذا بغض النظر عن كون القرآن كلاما منزلا على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أو هو مجرد كلام النبي معتقدا أنه وحي”، ويخلص بالتالي إلى أن “اللجوء إلى القرآن كمصدر تاريخي مهم جدا لأنه يعطي تفاصيل عن الأحداث التي يثبتها فيجعلنا نتحقق من وجودها”.

      ويثبت الكاتب بالنسبة للقرآن أنه جمع في عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنه سهر شخصيا على جمعه وكتابته. غير أن هذا لم يمنعه من إيراد احتمال أن تكون هناك آيات أو كلمات سقطت من القرآن وأخرى زيدت فيه. ويضرب مثلا على ذلك بقوله تعالى: “وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ” (38-الشورى)، ويرى جعيطأنها لا تنسجم مع نسق الآية التي وضعت فيها، إضافة إلى أن “أَمْرُهُمْ” أي حكم المسلمين لأنفسهم في زمن النبي عن طريق الشورى غير مقبول، “فاعتماد مبدأ الشورى يكون مقبولا بعد النبي، أما في حياته فلا؛ لأنه هو ولي الأمر حينها”. كمااستغرب الكاتب أن يرد الخطاب بصيغة الغائب في حين أن الرسول كان بينهم.

      محمد.. قثم!

      وبالنسبة لشخص الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول الكاتب إنه ولد سنة 580م، وأن كل حديث عن ميلاده -صلى الله عليه وسلم- سنة 570 أو 571م “لا يصمد أمام الفحص”.

      وهو يرى أن ربط تاريخ ميلاد النبي بهجمة أبرهة على العرب “زيادة على أنه مخالف لما وجد في بعض النقوش، والذي يجعل تاريخ الهجمة في حدود سنة 547م؛ فهو لا يعدو أن يكون علامة زمنية، ذلك أن عام الفيل أصبح أداة للتأريخ وليس له بعد غيبي يعطي لتاريخ ميلاده أي رمزية دينية”.

      وحسب جعيط، فإن الرسول بُعث وهو في الثلاثين من عمره باعتبار أن تاريخ الميلاد هو سنة 580 وليس 570؛ ولأن سن الأربعين سن الشيخوخة؛ لذلك فهو يستغرب كيف يقرر القرآن أنها – أي الأربعين- هي السن التي يبلغ فيها الإنسان أشده. ويخلص مبحثه في هذه المسألة بالقول: “رأيي أن محمدا بعث في الثلاثين أو حتى قبل ذلك، ولم يولد إلا حوالي سنة 580 ميلاديا، ولم يعش إلا خمسين سنة”.

      وقال عن والده -صلى الله عليه وسلم-: إن اسمه لم يكن عبد الله، والأرجح حسب رأيه هو أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- هو من أطلق عليه هذا الاسم. أما عن اسمه -صلى الله عليه وسلم- فقال الكاتب: إنه لم يكن محمدا منذ الولادة، مستشهدا في ذلك بأن القرآن لم يسمه باسم محمد إلا في السور المدنية “مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ” (29-الفتح)، “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ” (144-آل عمران)، واعتبر الكاتب أن اسم محمد هو واحد من التأثيرات المسيحية، وأنه نقل إلى العربية عن السريانية، وأنه يعني في تلك اللغة “الأشهر والأمجد”، وأن صيغتها الأولى كانت “محمدان”.

      أما الاسم الحقيقي للرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو “قثم”، وسمي بهذا الاسم لأن أحد أبناء عبد المطلب كان اسمه “قثم”، ومات على صغر فسمي النبي على اسم عمه المفقود. بحسب رؤية الكاتب.

      ويضيف الكاتب جملة أخرى من الاستنتاجات التي توصل إليها بخصوص النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- منها أن والده توفي بعد ولادته، وأن زواجه -صلى الله عليه وسلم-من خديجة -رضي الله عنها- كان في سن 23، وأن عمرها حين تزوجها النبي كان 28 سنة.

      التأثيرات المسيحية

      ويرى الكاتب في هذا الخصوص أن خروج محمد -صلى الله عليه وسلم- للتجارة في اليمن والشام فتح له المجال واسعا للاطلاع بدقة على التراثينالمسيحي واليهودي؛ وهو ما تعكسه التوافقات الكبيرة بين الكتاب المقدس بعهديه والكتب المنحولة وبين القرآن، وأن “كل ما قيل عن ثقافة محمد -صلى الله عليه وسلم- القائمة على السماع أو بالاطلاع المتدرج غير صحيحة، كما نفى قصة تشجيع ورقة بن نوفل للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لأن “ما قاله ورقة لا معنى له”. ويضيف “قصة ورقة ابتدعت لإضفاء صبغة الحقيقة لما أتى به النبي في الأول”.

      وأشار إلى أن الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- لا بد أن يكون قد تلقى بعض التأثيرات المسيحية حتى قبل أن يبدأ رحلاته للشام حيث تعمقت تلك المعارف، وما ساعده على ذلك هو أنه كان يعرف السريانية؛ وهو ما ينفي -حسب رأيه- فكرة أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كان أميا. وأما”الله” عند محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو اسم الإله الواحد عند مسيحيي الشام، كما أن “رحمن” هي تسمية الإله الأب عند مسيحيي اليمن.

      ويخلص الكاتب بعد أن أمعن في محاولة تبيين مواطن التشابه بين القرآن وعدد من الكتب المقدسة التي سبقته إلى القول: “كمؤرخين يجب أن نقر بتأثير المسيحية السورية على إسكاتولوجيا(العلم الأخروي) القرآن، وعلى قسط وافر من الأفكار والتعبيرات، وأن القرآن كنص من القرن السابع الميلادي ووثيقة من هذه الفترة قد أخذ من موروثهاببراعة فائقة”.

      ويضيف: “فالإسلام ملأ ثغرة لمن كان يتوق إلى التنصر… ومعنى ذلك أن الإسلام الأولي في منبعه متأصل جدا في المسيحية”، وهو ما يؤكده تشابه بعض التعبيرات القرآنية واللغة السريانية، فسبحانك تقابلها في السريانية شبحالك، وتباركت تقابلها بريك أت.

      إلى جانب هذه النتائج التي يقول الكاتب إنه توصل لها، يعرض جملة أخرى من الاستنتاجات، منها مثلا أن معنى الكفر لم يتبلور في معناه العقائدي إلا في المرحلة المدنية، أما في المرحلة المكية فلم يكن هناك تفريق بين المؤمنين والكافرين بهذا التوصيف، ومنها تشكيك في بعض الروايات عن تاريخ إسلام عمر رضي الله عنه بالنسبة لتاريخ الدعوة المحمدية.

      على نهج المستشرقين

      ويقول مراسل “إسلام أونلاين.نت”: إنه برغم أهمية وخطورة ما جاء في الكتاب، فلم يسجل له صدى يذكر لا في الشارع التونسي ولا بين النخبة التونسية، كما أن وسائل الإعلام لم تهتم بهإلا فيما ندر.

      الدكتور سامي براهم -وهو من القلائل الذين ردوا على الكتاب- شدد في مقالة صحفية بعنوان “العقل الوضعي دارسا للإسلام” على أن “الكتاب الأخير للدكتور جعيطامتداد للأفق النظري الذي يتحرك فيه الاستشراقالمعاصر عموما رغم نقده الشديد والصريح لترهات الكثير من المستشرقين، لكن تبقى -حسب رأيه- المقاربة الوضعية قاسما مشتركا بين أعمال الدكتور جعيطوأعمال المستشرقين”.

      وأكد براهم على “أن الصدور عن مسلمات العقل الوضعي في مبحث تاريخ الأديان الكتابية، ولا سيماالإسلام، يوهم بأن الانطلاق من الإقرار بألوهيةالنص المؤسس يستحيل معه إنتاج معرفة علمية موضوعية عن الدين، وهو حكم تفنّده الحركة العلمية التي نشأت حول النص تستكشف بنيته اللغوية والحجاجيةوالمفهوميةوتستفهم معانيه ودلالاته لتنتهي -بعيدا عن سياق الحجاج الدّيني العقائدي- إلى فرادته وانسجامه الداخلي.

      واعتبر براهم أن ما ذهب إليه الدكتور جعيطلا يخرج عما جاء في كتابات المستشرقين فقال: “ولا نجد فيما ورد في كتاب الدكتور جعيط خروجا عن هذا السياق النظري والمفهوميوالمنهجي لما جاء في بحوث المستشرق الألماني تويودورنولدكه(1836/ 1930م)”.

      وضرب أمثلة لما قاله المستشرق الألماني في مؤلفه الضخم “تاريخ القرآن” الذي أصدره سنة 1860م حيث قال: “الإسلام في جوهره دين يقتفي آثار المسيحية، أو بعبارة أخرى: إن الإسلام هو الصيغة التي دخلت بهاالمسيحية إلى بلاد العرب كلها”.

      اعتبر هذا المستشرق أن أفضل ما في الإسلام أنه نشأ على منوال التعاليم اليهودية والمسيحية وقال: “إن محمدا حمل طويلا في وحدته ما تسلّمه من الغرباء وجعله يتفاعل وتفكيرَه ثم أعاد صياغته بحسب فكره حتى أجبره أخيرا الصوت الداخلي الحازم على أن يبرز لبني قومه…”.

      وذهب براهم إلى أن الكثير من الاستنتاجات بنيت على معلومات ناقصة؛ لأن “مبحث النص يتطلّب معرفة لغوية تعصمهمن الوقوع في زلات وهنات بدأت مع دراسات المستشرقين والتقطها الباحثون المعاصرون على اعتبار أن المقاربة الوضعية بنسختها الاستشراقيةهي الصراط المستقيم لإنتاج المعارف العلمية”.

      تناقضات.. جعيط

      من جانبه، اعتبر الباحث في الحضارة العربية سمير ساسيأن “ما يلفت الانتباه في بحث الدكتور جعيطهو إقراره بأن المؤرخ الموضوعي عليه أن يتوقف عن كل بحث إذا لم يقر بتأثير المسيحية على القرآن، أي إذا أقر بألوهيةالقرآن”.

      وأكد أن استغراب الكاتب من اعتبار القرآن سن الأربعين سن الرشد أو “الأشُدّ” ليس له أي سند علمي أو موضوعي، واعتبر ما جاء في البحث عن معدل الأعمار زمن النبي واعتبار أن سن الأربعين سن الشيخوخة لا يصمد أمام أدنى بحث أو تدقيق، واستشهد بالبيت الشهير لزهير بن أبي سلمى الذي قال فيه:

      سئمت تكاليف الحياة ومن يعش** ثمانين حولا لا أبا لكيسأم

      وأضاف لـ”إسلام أونلاين.نت”: “ناهيك عما ذكره الباحث عن وقوع جعيطفي تناقضات أخرى صارخة وغير مقبولة مثل إقراره في بداية الكتاب بأن القرآن هو الذي أوجد التجريد المفاهيميفي اللغة العربية ليعود ويقول في مواطن أخرى: إن اللغة العربية لا تعرف إلا الحسي”.

      جملة أخرى من الأسئلة طرحها الباحث ساسي، وهي: هل فعلا هناك جديد في كتاب الدكتور؟ وهل كان وفيا لمنهجه ولمبدأ الصرامة العلمية اللذينقال إنه سيعتمدهما؟.

      ويجيب الباحث بأن “ما ورد في الكتاب ليس جديدا بالمرة بل هو منتشر في كتب المستشرقين، وحتى في مواقع الإنترنت التابعة لبعض الأقليات المسيحية في العالم الإسلامي. كما أنه لم يلتزم الصرامة العلمية التي وعد بهافي بداية كتابه، فأغلب استنتاجاته لم تكن مدعومة أو مبرهنا عليها لا بالوثائق كما قال، ولا بالبرهنة العقلية السليمة”.

      ويقع الكتاب في 352 صفحة من الحجم المتوسط، طبعة أولى لدار الطليعة.

      والدكتور هشام جعيط: باحث ومفكر تونسي، تخرج في فرنسا في بدايات استقلال تونس، كتب في الشأن التاريخي أطروحته “الكوفة ونشأة المدينة الإسلامية”، و”تأسيس المغرب الإسلامي”، وكتابه الأشهر: “الفتنة: جدلية الديني والسياسي في الإسلام المبكر”. كما كتب في الشأن الفكري والفلسفي”الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي” و”أوروبا والإسلام”، إضافة إلى الكثير من المؤلفات باللغة الفرنسية.
      لا اله الا الله محمد رسول الله

      وليس في إسلامنا ما نخجل منه، وما نضطر للدفاع عنه، وليس فيه ما نتدسس به للناس تدسساً، أو ما نتلعثم في الجهر به على حقيقته ،ونحن لا ندعو الناس إلى الإسلام لننال منهم أجراً. ولا نريد علوّاً في الأرض ولا فساداً. ولا نريد شيئاً خاصاً لأنفسنا إطلاقاً، وحسابنا وأجرنا ليس على الناس. إنما نحن ندعو الناس إلى الإسلام لأننا نحبهم ونريد لهم الخير، مهما آذونا..

      تعليق

      • شباب روش طحن
        1- عضو جديد
        • 25 أبر, 2007
        • 78

        #4
        جزاك الله كل خير علي هذا الرد فالحقيقة هو رد متكامل علي كل من يريد أن يحرف سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 09:52 ص.

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 2 أسابيع
        ردود 0
        117 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة أحمد الشامي1
        بواسطة أحمد الشامي1
        ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 3 أسابيع
        ردود 0
        24 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة أحمد الشامي1
        بواسطة أحمد الشامي1
        ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 14 أكت, 2024, 04:41 ص
        ردود 0
        240 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة أحمد الشامي1
        بواسطة أحمد الشامي1
        ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 27 سبت, 2024, 09:29 م
        ردود 0
        118 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة أحمد الشامي1
        بواسطة أحمد الشامي1
        ابتدأ بواسطة الشهاب_الثاقب, 13 أغس, 2024, 06:03 ص
        ردود 3
        118 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة الشهاب_الثاقب
        يعمل...