بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه ومن اتبع هداه
أما بعد ,
من فضل الله على أمة الاسلام ان اختصها عن سائر الامم بخصائص عظيمه وجليله وأفردها وميزها عن بقية الامم فكانت أفضل الامم ورسولها افضل الرسل ودينها أحسن الاديان فالاسلام دين الوسطيه والسماحه واليسر أراد الله عز وجل أن يضع عن هذه الأمة الآصار والأغلال التي كانت في الأمم السابقة فلقد كانت بنو إسرائيل إذا تنجس جسده أوثوبه يقرضه بالمقراض. ولما عبدت طائفة منهم العجل كانت توبتهم بأن يقتلوا أنفسهم فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [البقرة:54] لكن نحن يقول لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (الندم توبة) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) حتى المشرك بالله عز و جل لم يغلق باب التوبه في وجهه بل يقبل الله توبته بمجرد علم الله عز وجل صدق نيته ... فبعد ان ذكر الله عز و جل كفر من قال (( ان الله ثالث ثلاثه ... )) اتبعها بقوله تعالى (( أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) سورة المائدة
فمن خصائص أمة الاسلام أن جاءت شريعتها بالتيسير على العباد ورفع الحرج والمشقة والعنت عنهم وإنما تجيء تشريعاتها العامة بما يناسب حال العامة، وتلك واحدة من سمات سماحة هذا الدين وقد دل على هذه القاعدة المقررة كثير من أدلة الكتاب الحكيم والسنه المطهره :-
قال الله تعالى : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ }(البقرة : 185}
وقال الله تبارك وتعالى: ( يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا } (النساء : 28}
قال الله عز وجل) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} (الحج :78}
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إنكم أمة أُريد بكم اليُسْر]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى رضي لهذه الأمة اليسر، وكره لها العسر).
وقال ايضا نبينا صلى الله عليه وسلم " إن خير دينكم أيسره ، إن خير دينكم أيسره " .
فالتيسير والتخفيف سمة أصيلةٌ في دين الله وهي واضحة في الصيام وفي سائر العبادات والتكليفات فرفع الحرج واليسر في الإسلام ليس غاية في ذاته وإنما هو وسيلة واقعة في طريق الامتثال لأوامر الله تعين على تحقيق الغاية التي من أجلها خلقنا الله فالإسلام هو الاستسلام لأوامر الله والانصياع لشرعه، والمطلوب هو الطاعة وتحقيق العبودية لله وحده .
قال سماحة الشيخ صالح بن حميد في خطبة له جامعة عن اليُسْر : التيسير مقصد من مقاصد هذا الدِّين ، وصفة عامة للشريعة في أحكامها وعقائدها ، وأخلاقها ومعاملاتها ، وأصولها وفروعها ؛ فربُّنا بمنِّه وكرمه لم يكلِّف عباده بالمشاقّ ، ولم يردعنا كالناس ، بل أنزل دينه على قصد الرِّفق والتيسير .
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله وأدخله فسيح جناته في قوله تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ) : ({يريد} أي يحب؛ فالإرادة شرعية؛ والمعنى: يحب لكم اليسر؛ وليست الإرادة الكونية؛ لأن الله سبحانه وتعالى لو أراد بنا اليسر كوناً ما تعسرت الأمور على أحد أبداً؛ فتعين أن يكون المراد بالإرادة هنا الشرعية؛ ولهذا لا تجد -والحمد لله- في هذه الشريعة عسراً أبداً
وهنا سؤال كيف قال (بكم)... ولم يقل (لكم)، وذلك فإنه لو قال: (يريد الله لكم اليُسر) دلّ ذلك على انفصال اليُسر عنّا وأنه لم يحل بنا فأراده الله لنا دلت الباء على المُصاحبة وكأنه يقول سبحانه أنّه يريد أن يكون اليُسر مصاحباً لنا لا ينفكّ عنّا.. وكذلك نفى العسر عنّا بنفس الطريقة مستخدماً لفظة (بكم) إشارة إلى أنه لا يريد التصاق العُسر بنا أو مصاحبته لنا، وهذا مبالغة في نفي العسر عن الخلق..
(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) سبحان من جعل اسمه في كفة اليُسر، فكيف يكون اسمه سبحانه في كفة وترجح بها أو تعادلها كفة أخرى؟! كيف يكون اسمه الأعظم بجلاله وعظمته ورحمته وارتفاعه في كفة اليُسر ويبقى للعُسر وجود من الأصل.. إنّ اسمه الأعظم (الله) إشارة إلى جميع أسمائه العليّة، وهذا إشارة إلى أنّ اليُسر من الله نفسه يدبّره ويسهّله كيف يشاء بأسبابه وحده وتيسيره.. وإنّه سبحانه من بليغ رأفته بنا ومن عظيم حبّه لنا لم يُقدّم اليسر علينا، فلم يقل: (يريد الله اليُسر بكم) بل قدّمنا على اليُسر إشارة منه جلّ جلاله إلى أنّ مصلحتنا مقدّمة عنده وسابقة لتيسيره لدرجة أنه لم يفصل بيننا وبينه بل وصلنا به بباء الصلة (بكم) وهذا دليل أنه ليس بيننا وبينه حجاب سبحانه.
إنّ الكاف في لفظة (بكم) هي كاف المخاطب، فإنه سبحانه يشير إلى أنّ هذا الفضل هو لأهل الخطاب من عباده، وهم الذين يتوجّهون إليه ويدعونه ويعبدونه حق عبادته، فكونوا من هؤلاء تحلّ عليكم بركات اليُسر الواردة في هذه الآية
يتبع ....
أما بعد ,
من فضل الله على أمة الاسلام ان اختصها عن سائر الامم بخصائص عظيمه وجليله وأفردها وميزها عن بقية الامم فكانت أفضل الامم ورسولها افضل الرسل ودينها أحسن الاديان فالاسلام دين الوسطيه والسماحه واليسر أراد الله عز وجل أن يضع عن هذه الأمة الآصار والأغلال التي كانت في الأمم السابقة فلقد كانت بنو إسرائيل إذا تنجس جسده أوثوبه يقرضه بالمقراض. ولما عبدت طائفة منهم العجل كانت توبتهم بأن يقتلوا أنفسهم فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [البقرة:54] لكن نحن يقول لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (الندم توبة) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) حتى المشرك بالله عز و جل لم يغلق باب التوبه في وجهه بل يقبل الله توبته بمجرد علم الله عز وجل صدق نيته ... فبعد ان ذكر الله عز و جل كفر من قال (( ان الله ثالث ثلاثه ... )) اتبعها بقوله تعالى (( أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) سورة المائدة
فمن خصائص أمة الاسلام أن جاءت شريعتها بالتيسير على العباد ورفع الحرج والمشقة والعنت عنهم وإنما تجيء تشريعاتها العامة بما يناسب حال العامة، وتلك واحدة من سمات سماحة هذا الدين وقد دل على هذه القاعدة المقررة كثير من أدلة الكتاب الحكيم والسنه المطهره :-
قال الله تعالى : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ }(البقرة : 185}
وقال الله تبارك وتعالى: ( يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا } (النساء : 28}
قال الله عز وجل) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} (الحج :78}
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إنكم أمة أُريد بكم اليُسْر]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى رضي لهذه الأمة اليسر، وكره لها العسر).
وقال ايضا نبينا صلى الله عليه وسلم " إن خير دينكم أيسره ، إن خير دينكم أيسره " .
فالتيسير والتخفيف سمة أصيلةٌ في دين الله وهي واضحة في الصيام وفي سائر العبادات والتكليفات فرفع الحرج واليسر في الإسلام ليس غاية في ذاته وإنما هو وسيلة واقعة في طريق الامتثال لأوامر الله تعين على تحقيق الغاية التي من أجلها خلقنا الله فالإسلام هو الاستسلام لأوامر الله والانصياع لشرعه، والمطلوب هو الطاعة وتحقيق العبودية لله وحده .
قال سماحة الشيخ صالح بن حميد في خطبة له جامعة عن اليُسْر : التيسير مقصد من مقاصد هذا الدِّين ، وصفة عامة للشريعة في أحكامها وعقائدها ، وأخلاقها ومعاملاتها ، وأصولها وفروعها ؛ فربُّنا بمنِّه وكرمه لم يكلِّف عباده بالمشاقّ ، ولم يردعنا كالناس ، بل أنزل دينه على قصد الرِّفق والتيسير .
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله وأدخله فسيح جناته في قوله تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ) : ({يريد} أي يحب؛ فالإرادة شرعية؛ والمعنى: يحب لكم اليسر؛ وليست الإرادة الكونية؛ لأن الله سبحانه وتعالى لو أراد بنا اليسر كوناً ما تعسرت الأمور على أحد أبداً؛ فتعين أن يكون المراد بالإرادة هنا الشرعية؛ ولهذا لا تجد -والحمد لله- في هذه الشريعة عسراً أبداً
وهنا سؤال كيف قال (بكم)... ولم يقل (لكم)، وذلك فإنه لو قال: (يريد الله لكم اليُسر) دلّ ذلك على انفصال اليُسر عنّا وأنه لم يحل بنا فأراده الله لنا دلت الباء على المُصاحبة وكأنه يقول سبحانه أنّه يريد أن يكون اليُسر مصاحباً لنا لا ينفكّ عنّا.. وكذلك نفى العسر عنّا بنفس الطريقة مستخدماً لفظة (بكم) إشارة إلى أنه لا يريد التصاق العُسر بنا أو مصاحبته لنا، وهذا مبالغة في نفي العسر عن الخلق..
(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) سبحان من جعل اسمه في كفة اليُسر، فكيف يكون اسمه سبحانه في كفة وترجح بها أو تعادلها كفة أخرى؟! كيف يكون اسمه الأعظم بجلاله وعظمته ورحمته وارتفاعه في كفة اليُسر ويبقى للعُسر وجود من الأصل.. إنّ اسمه الأعظم (الله) إشارة إلى جميع أسمائه العليّة، وهذا إشارة إلى أنّ اليُسر من الله نفسه يدبّره ويسهّله كيف يشاء بأسبابه وحده وتيسيره.. وإنّه سبحانه من بليغ رأفته بنا ومن عظيم حبّه لنا لم يُقدّم اليسر علينا، فلم يقل: (يريد الله اليُسر بكم) بل قدّمنا على اليُسر إشارة منه جلّ جلاله إلى أنّ مصلحتنا مقدّمة عنده وسابقة لتيسيره لدرجة أنه لم يفصل بيننا وبينه بل وصلنا به بباء الصلة (بكم) وهذا دليل أنه ليس بيننا وبينه حجاب سبحانه.
إنّ الكاف في لفظة (بكم) هي كاف المخاطب، فإنه سبحانه يشير إلى أنّ هذا الفضل هو لأهل الخطاب من عباده، وهم الذين يتوجّهون إليه ويدعونه ويعبدونه حق عبادته، فكونوا من هؤلاء تحلّ عليكم بركات اليُسر الواردة في هذه الآية
يتبع ....
تعليق