نداء لنصرة نبي الأمة صلى الله عليه وسلم
الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعـده، وعلى آله وصحبه، أما بعد :
فمما يؤسف القلب و يدمع العين أن يؤذى النبي صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي- و نحن نيام رسول الإنسانية - الذي علم البشرية كيف تعبد ربها - يؤذى و يسب و نحن أحياء و لم نحرك ساكنا للإساءة إليه .
أفيقوا أيها المسلمون ماذا ننتظر من الكفار بعد أن أساؤوا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ؟!! و متى نستيقظ من سباتنا و نغضب لنبينا صلى الله عليه وسلم ؟!!! أرضينا بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل؟!!
إلى كل من يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي-إلى كل من يغار على رسول الله صلى الله عليه وسلم و يفديه بالأب و الولد كيف يسب النبي صلى الله عليه وسلم و أنت حي أهكذا يثار المحب لإيذاء حبيبه هل لو كان أبوك أو أمك هو الذي أسيء به ماذا كنت فاعلا أيكفي مجرد الاستنكار ؟!!
عظم وشناعة سب النبي صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه :
أيها الإخوة و الأخوات إن سب النبي صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه جريمة شنعاء قد زلزلت الأرض من تحتها, وهزت معها مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ،ومما لاشك فيه عند المسلمين أن سب النبي صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه من أعظم المنكرات و الكبائر و الكفر ، والإساءة إليه ليست إساءة له وحده بل إساءة لله الذي أرسله و لدين الله الذي يبلغه و لمعتنقي دين الله الذين أرسل إليهم .
يقول الدكتور وسيم فتح الله: «إنَّ سبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جناية وجريمة فوق باقي الجنايات، وإن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم جريمة زائدة على جريمة الردة والكفر والحراب، وبدايةً لا بد من تحرير أوجه الحقوق المتعلقة بسب الرسول صلى الله عليه وسلم وقد حرر ذلك ابن تيمية رحمه الله تحريراً نفيساً فقال:" إن سب النبي صلى الله عليه وسلم تعلق به عدة حقوق:
1. حق الله سبحانه: من حيث كفرَ - أي الساب - برسوله، وعادى أفضل أوليائه، وبارزه بالمحاربة، ومن حيث طعن في كتابه ودينه، فإن صحتهما موقوفةٌ على صحة الرسالة، ومن حيث طعن في ألوهيته؛ فإن الطعن في الرسول طعنٌ في المرسِل، وتكذيبه تكذيبٌ لله تبارك وتعالى، وإنكارٌ لكلامه وأمره وخبره وكثيرٍ من صفاته.
2. حق جميع المؤمنين من هذه الأمة ومن غيرها من الأمم: فإن جميع المؤمنين مؤمنون به خصوصاً أمته، فإن قيام أمر دنياهم ودينهم وآخرتهم به، بل عامة الخير الذي يصيبهم في الدنيا والآخرة بواسطته وسِفارته، فالسب له أعظم عندهم مِن سبِّ أنفسهم وآبائهم وأبنائهم وسب جميعهم، كما أنه أحبُّ إليهم من أنفسهم وأولادهم وآبائهم والناس أجمعين.
3. حق رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث خصوص نفسه: فإن الإنسان تؤذيه الوقيعةُ في عِرضه أكثر مما يؤذيه أخذ ماله، وأكثر مما يؤذيه الضرب، بل ربما كانت عنده أعظم من الجرح ونحوه، خصوصاً من يجب عليه أن يظهرَ للناس كمالُ عِرضه وعلو قدره لينتفعوا بذلك في الدنيا والآخرة، فإن هتك عرضه قد يكون أعظم عنده مِن قتله، فإن قتلَه لا يقدح عند الناس في نبوته ورسالته وعلو قدره، كما أن موته لا يقدح في ذلك، بخلاف الوقيعة في عِرضه فإنها قد تؤثر في نفوس بعض الناس من النُفره عنه وسوء الظن به ما يُفسد عليهم إيمانهم ويوجب لهم خسارة الدنيا والآخرة.
فعُلم بذلك أن السب فيه من الأذى لله ولرسوله ولعباده المؤمنين ما ليس في الكفر والمحاربة، وهذا ظاهرٌ إن شاء الله تعالى»[1] .
وقد جعل الله سبحانه و تعالى مشاقته ومشاقة رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه : ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللهَ وَرَسُولَهُ ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب﴾[2]
وجعل الله سبحانه و تعالى محادته ومحادة رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أولئك في الأذلين﴾[3]
وجعل الله سبحانه و تعالى معصيته ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه: ﴿ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين﴾[4]
وجعل الله سبحانه و تعالى إيذائه و إيذاء رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾[5]
حكم سب النبي صلى الله عليه وسلم و الإساءة إليه:
و قد أجمع المسلمون أن سب النبي أو إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم كفر و ردة قال إسحاق بن راهويه : « أجمع المسلمون على أن من سَبَّ اللهَ، أو سب رسولَه صلى الله عليه وسلم ، أو دَفَعَ شيئاً مما أنزل الله عز وجل، أو قَتل نبياً من أنبياء الله عز وجل، أنه كافر بذلك و إن كان مُقِرّاً بكل ما أنزل الله »[6] .
و قال محمد بن سحنون أحد فقهاء المالكية : « أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المنتقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر »[7]
و قال ابن تيمية : «إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهراً أو باطناً، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلاً له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل »[8].
ومن الآيات القرانية الدالة على كفر الساب للنبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: ﴿ ولَئِن سَألْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخوُضُ ونَلْعَبُ قُلْ أَبالله وآياتِهِ وَرَسُولهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرتُمْ بَعْدَ إيْمَانِكُمْ ﴾[9] و الآية الكريمة نص في أن الإساءة و الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفر ، و يدخل في معنى الآية السب بطريق الأولى
و من الأحاديث الدالة على كفر الساب للنبي صلى الله عليه وسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ [سيف قصير] فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا. فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ. فَقَامَ الْأَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَ اتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ ) [10].
قال الخطابي :«وفيه بيان أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل وذلك أن السب منها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ارتداد عن الدين ولا أعلم أحداً من المسلمين اختلف في وجوب قتله ولكن إذا كان الساب ذمياً فقد اختلفوا فيه فقال مالك بن أنس من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قتل إلاّ أن يسلم وكذلك قال أحمد بن حنبل، وقال الشافعي يقتل الذمي إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم وتبرأ منه الذمة »[11].
وجوب قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم:
و قد أجمع أهل العلم على وجوب قتل من سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله ، أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب له و الإزراء عليه أو التحقير لشأنه
فحكم من أتى بذلك أن يقتل بلا استتابة ؛ لأنه آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يستوجب إهدار دمه إن كان مسلما، ونقض عهده وقتله إن كان ذميا كل ذلك حماية لعرضه صلى الله عليه وسلم وصونا لمكانته ومنزلته[12].
قال ابن عثيمين رحمه الله :«من سب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإننا نقبل توبته إذا تاب ولكن نقتله لحق الرسول صلى الله عليه وسلم إنما في هذه الحال نقتله على أنه مسلم فنغسله ونكفنه ونصلى عليه وندفنه مع المسلمين فإن قال قائل كيف تقولون لا نقتل من سب الله إذا تاب ونقتل من سب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن المعلوم أن حق الله أعظم من حق الرسول وحرمة الله أعظم من حرمة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالجواب أن الله تعالى أخبرنا عن نفسه أنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وهو حقه عز وجل و قد عفا عنه أما الرسول عليه الصلاة والسلام فإننا لا نعلم أيعفو عمن سبه أو لا و قد سبه أناس في حياته و عفا عنهم و لكن بعد موته لا ندري أيعفو أم لا فنقتله أخذاً لثأر الرسول صلى الله عليه وعلى آله و سلم»[13].
و يجب أن ننتبه لأمر هام ألا وهو أن تنفيذ حد القتل لمن سب الرسول صلى الله عليه وسلم يكون لجهات الاختصاص من قبل أولى الأمر في كل بلد وليس لعموم الناس, مما تكون مفسدته أعظم.
[1]- إسعاف المؤمنين بنصرة خاتم المرسلين الدكتور وسيم فتح الله 58-59
[2]- الأنفال الآية 13
[3] - المجادلة الآية 20
[4]- النساء الآية 14
[5]- الأحزاب الآية 57
[6]- الصارم المسلول لابن تيمية ص 12
[7]- الشفا للقاضي عياض ص 429 .
[8] - الصارم المسلول لابن تيمية ص 451
[9]- التوبة الآية 65-66
[10]- الحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود حديث رقم 3655
[11] - معالم السنن للخطابي 3/296
[12]- محبة الرسول بين الإتباع والابتداع لعبد الرءوف محمد عثمان ص 82
[13]- فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين 2/19
الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعـده، وعلى آله وصحبه، أما بعد :
فمما يؤسف القلب و يدمع العين أن يؤذى النبي صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي- و نحن نيام رسول الإنسانية - الذي علم البشرية كيف تعبد ربها - يؤذى و يسب و نحن أحياء و لم نحرك ساكنا للإساءة إليه .
أفيقوا أيها المسلمون ماذا ننتظر من الكفار بعد أن أساؤوا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ؟!! و متى نستيقظ من سباتنا و نغضب لنبينا صلى الله عليه وسلم ؟!!! أرضينا بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل؟!!
إلى كل من يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي-إلى كل من يغار على رسول الله صلى الله عليه وسلم و يفديه بالأب و الولد كيف يسب النبي صلى الله عليه وسلم و أنت حي أهكذا يثار المحب لإيذاء حبيبه هل لو كان أبوك أو أمك هو الذي أسيء به ماذا كنت فاعلا أيكفي مجرد الاستنكار ؟!!
عظم وشناعة سب النبي صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه :
أيها الإخوة و الأخوات إن سب النبي صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه جريمة شنعاء قد زلزلت الأرض من تحتها, وهزت معها مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ،ومما لاشك فيه عند المسلمين أن سب النبي صلى الله عليه وسلم والإساءة إليه من أعظم المنكرات و الكبائر و الكفر ، والإساءة إليه ليست إساءة له وحده بل إساءة لله الذي أرسله و لدين الله الذي يبلغه و لمعتنقي دين الله الذين أرسل إليهم .
يقول الدكتور وسيم فتح الله: «إنَّ سبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جناية وجريمة فوق باقي الجنايات، وإن سب رسول الله صلى الله عليه وسلم جريمة زائدة على جريمة الردة والكفر والحراب، وبدايةً لا بد من تحرير أوجه الحقوق المتعلقة بسب الرسول صلى الله عليه وسلم وقد حرر ذلك ابن تيمية رحمه الله تحريراً نفيساً فقال:" إن سب النبي صلى الله عليه وسلم تعلق به عدة حقوق:
1. حق الله سبحانه: من حيث كفرَ - أي الساب - برسوله، وعادى أفضل أوليائه، وبارزه بالمحاربة، ومن حيث طعن في كتابه ودينه، فإن صحتهما موقوفةٌ على صحة الرسالة، ومن حيث طعن في ألوهيته؛ فإن الطعن في الرسول طعنٌ في المرسِل، وتكذيبه تكذيبٌ لله تبارك وتعالى، وإنكارٌ لكلامه وأمره وخبره وكثيرٍ من صفاته.
2. حق جميع المؤمنين من هذه الأمة ومن غيرها من الأمم: فإن جميع المؤمنين مؤمنون به خصوصاً أمته، فإن قيام أمر دنياهم ودينهم وآخرتهم به، بل عامة الخير الذي يصيبهم في الدنيا والآخرة بواسطته وسِفارته، فالسب له أعظم عندهم مِن سبِّ أنفسهم وآبائهم وأبنائهم وسب جميعهم، كما أنه أحبُّ إليهم من أنفسهم وأولادهم وآبائهم والناس أجمعين.
3. حق رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث خصوص نفسه: فإن الإنسان تؤذيه الوقيعةُ في عِرضه أكثر مما يؤذيه أخذ ماله، وأكثر مما يؤذيه الضرب، بل ربما كانت عنده أعظم من الجرح ونحوه، خصوصاً من يجب عليه أن يظهرَ للناس كمالُ عِرضه وعلو قدره لينتفعوا بذلك في الدنيا والآخرة، فإن هتك عرضه قد يكون أعظم عنده مِن قتله، فإن قتلَه لا يقدح عند الناس في نبوته ورسالته وعلو قدره، كما أن موته لا يقدح في ذلك، بخلاف الوقيعة في عِرضه فإنها قد تؤثر في نفوس بعض الناس من النُفره عنه وسوء الظن به ما يُفسد عليهم إيمانهم ويوجب لهم خسارة الدنيا والآخرة.
فعُلم بذلك أن السب فيه من الأذى لله ولرسوله ولعباده المؤمنين ما ليس في الكفر والمحاربة، وهذا ظاهرٌ إن شاء الله تعالى»[1] .
وقد جعل الله سبحانه و تعالى مشاقته ومشاقة رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه : ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللهَ وَرَسُولَهُ ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب﴾[2]
وجعل الله سبحانه و تعالى محادته ومحادة رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أولئك في الأذلين﴾[3]
وجعل الله سبحانه و تعالى معصيته ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه: ﴿ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين﴾[4]
وجعل الله سبحانه و تعالى إيذائه و إيذاء رسوله صلى الله عليه وسلم بمنزلة واحدة فقال سبحانه : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ﴾[5]
حكم سب النبي صلى الله عليه وسلم و الإساءة إليه:
و قد أجمع المسلمون أن سب النبي أو إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم كفر و ردة قال إسحاق بن راهويه : « أجمع المسلمون على أن من سَبَّ اللهَ، أو سب رسولَه صلى الله عليه وسلم ، أو دَفَعَ شيئاً مما أنزل الله عز وجل، أو قَتل نبياً من أنبياء الله عز وجل، أنه كافر بذلك و إن كان مُقِرّاً بكل ما أنزل الله »[6] .
و قال محمد بن سحنون أحد فقهاء المالكية : « أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المنتقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر »[7]
و قال ابن تيمية : «إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهراً أو باطناً، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلاً له، أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل »[8].
ومن الآيات القرانية الدالة على كفر الساب للنبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: ﴿ ولَئِن سَألْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخوُضُ ونَلْعَبُ قُلْ أَبالله وآياتِهِ وَرَسُولهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرتُمْ بَعْدَ إيْمَانِكُمْ ﴾[9] و الآية الكريمة نص في أن الإساءة و الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفر ، و يدخل في معنى الآية السب بطريق الأولى
و من الأحاديث الدالة على كفر الساب للنبي صلى الله عليه وسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقَعُ فِيهِ، فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ [سيف قصير] فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا. فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ. فَقَامَ الْأَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا صَاحِبُهَا، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَ اتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ ) [10].
قال الخطابي :«وفيه بيان أن ساب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل وذلك أن السب منها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ارتداد عن الدين ولا أعلم أحداً من المسلمين اختلف في وجوب قتله ولكن إذا كان الساب ذمياً فقد اختلفوا فيه فقال مالك بن أنس من شتم النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قتل إلاّ أن يسلم وكذلك قال أحمد بن حنبل، وقال الشافعي يقتل الذمي إذا سب النبي صلى الله عليه وسلم وتبرأ منه الذمة »[11].
وجوب قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم:
و قد أجمع أهل العلم على وجوب قتل من سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله ، أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب له و الإزراء عليه أو التحقير لشأنه
فحكم من أتى بذلك أن يقتل بلا استتابة ؛ لأنه آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يستوجب إهدار دمه إن كان مسلما، ونقض عهده وقتله إن كان ذميا كل ذلك حماية لعرضه صلى الله عليه وسلم وصونا لمكانته ومنزلته[12].
قال ابن عثيمين رحمه الله :«من سب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإننا نقبل توبته إذا تاب ولكن نقتله لحق الرسول صلى الله عليه وسلم إنما في هذه الحال نقتله على أنه مسلم فنغسله ونكفنه ونصلى عليه وندفنه مع المسلمين فإن قال قائل كيف تقولون لا نقتل من سب الله إذا تاب ونقتل من سب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن المعلوم أن حق الله أعظم من حق الرسول وحرمة الله أعظم من حرمة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالجواب أن الله تعالى أخبرنا عن نفسه أنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وهو حقه عز وجل و قد عفا عنه أما الرسول عليه الصلاة والسلام فإننا لا نعلم أيعفو عمن سبه أو لا و قد سبه أناس في حياته و عفا عنهم و لكن بعد موته لا ندري أيعفو أم لا فنقتله أخذاً لثأر الرسول صلى الله عليه وعلى آله و سلم»[13].
و يجب أن ننتبه لأمر هام ألا وهو أن تنفيذ حد القتل لمن سب الرسول صلى الله عليه وسلم يكون لجهات الاختصاص من قبل أولى الأمر في كل بلد وليس لعموم الناس, مما تكون مفسدته أعظم.
[1]- إسعاف المؤمنين بنصرة خاتم المرسلين الدكتور وسيم فتح الله 58-59
[2]- الأنفال الآية 13
[3] - المجادلة الآية 20
[4]- النساء الآية 14
[5]- الأحزاب الآية 57
[6]- الصارم المسلول لابن تيمية ص 12
[7]- الشفا للقاضي عياض ص 429 .
[8] - الصارم المسلول لابن تيمية ص 451
[9]- التوبة الآية 65-66
[10]- الحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود حديث رقم 3655
[11] - معالم السنن للخطابي 3/296
[12]- محبة الرسول بين الإتباع والابتداع لعبد الرءوف محمد عثمان ص 82
[13]- فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين 2/19
تعليق