العلمانية أخطر تحديات المشروع الإسلامي
الدكتور راغب السرجاني
أوضح فضيلة الدكتور راغب السرجاني أن أهم التحديات التي تواجه المشروع الإسلامي هي المشاريع المضادة والتي من أخطرها ما يسمى بالعلمانية؛ فالعلمانية أخطر تحديات المشروع الإسلامي.الدكتور راغب السرجاني
وقال الدكتور راغب السرجاني: إن العلمانية هي أخطر المشاريع المناوئة للمشروع الإسلامي، وذكر فضيلته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصر هذا المشروع، فهو مشروع موجود من قديم الزمان.
وأوضح فضيلته أن أخطر ما في العلمانية هي الآلة الإعلامية العلمانية التي تروج لأفكارها في برامج التوك شو وغيرها على الفضائيات، والتي تنمق العلمانية وتجمل أهدافها وأفكارها.
وقال الدكتور راغب السرجاني -خلال كلمته في مؤتمر قويسنا الجمعة الموافق 15 يوليو 2011م والذي كان تحت عنوان "المشروع الإسلامي والتحديات المعاصرة"-: إن العلمانيين لا يسعدون بحال بمشروعهم العلماني وإن كانوا يعيشون في رفاهية، فهناك فرق بين السعادة والرفاهية؛ لذلك قال الله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125]. فمن يَعِشْ في الإسلام يعش سعيدًا وبشوش الوجه حتى وإن كان فقيرا، ومن يعش في غير الإسلام يعش كئيبًا عبوس الوجه، وإن كان غنيًّا وملك الدنيا كلها.
وذكر الدكتور راغب السرجاني أن من أهم التحديات التي تواجه المشروع الإسلامي كذلك هي تحديات داخل الصف المسلم نفسه ومكوناته المختلفة من الجماعات الإسلامية، وقال فضيلته: آن الأوان أن ننسف هذه الخلافات، وأن نضع نقطة من أول السطر، وأن يضع الأخ يده في يد أخيه مخلصًا ومتجردًا لله عز وجل.
وحذر الدكتور راغب السرجاني من كثرة الخلافات الداخلية بين الجماعات الإسلامية، بل في الجماعة الواحدة، وذلك مع الانفتاح وكثرة المغريات.
وعن أهم خصائص ومميزات المشروع الإسلامي، أوضح الدكتور راغب السرجاني أن المشروع الإسلامي فيه الخير للعالم أجمع، وليس للمسلمين فقط؛ لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة"[1]، وفي وصف الله تعالى لأمة الإسلام قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]. فالإسلام خير للناس قاطبة، لا فرق في ذلك بين جنس أو لون أو شعب.
وأوضح الدكتور راغب السرجاني أن هذه الشهادة للمشروع الإسلامي لم تكن من قبل المسلمين، بل شهد الكثير من المستشرقين المنصفين للحضارة الإسلامية، ومنهم جوستاف لوبون الذي قال في كتابه حضارة العرب: "إن تأثير العرب في الغرب عظيم أيضًا، وإن أوربا مَدِينَةٌ للعرب بحضارتها"[2].
وقال الدكتور راغب السرجاني: إن المسلمين ما كانوا يحتفظون بعلومهم ولا بقصورهم ولا بأخلاقهم ولا بإمكانياتهم لأنفسهم فقط، وإنما كانوا يفيضون بها على العالم أجمع، وهذا مخالف لكل المشاريع الأخرى؛ فمشروع الدولة الرومانية كان يهدف إلى إعزاز الدولة الرومانية فقط، وليس لديه داع أن يمصَّ دماء العالم أجمع مقابل أن يقيم دولته، وكذلك مشروع الدولة الفارسية والفراعنة ومشروع الدول الصليبية وأمريكا والنازية والصهيونية".
وقال فضيلته: إن فشل المشروع الإسلامي يعني تعاسة العالم أجمع؛ فالزمن الذي يشهد تخلف المسلمين وضعفهم يعاني الناس فيه جميعًا من الكوارث والمصائب.
وذكر الدكتور راغب السرجاني صورًا من هذه الكوارث، ومنها أن هناك أربعة أخماس الأرض يعبدون "شيئًا" من دون الله تعالى ويشركون به؛ أي إن 80% من سكان الأرض لا يعرفون الله عز وجل. ويتساءل فضيلته قائلاً: من يبلغ هؤلاء أن الله واحد؟ ومن يعلِّمهم أننا واقفون أمامه يحسبنا على أفعالنا؟ ومن يعرفهم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومن يعظِّم في قلوبهم حب القرآن الكريم؟ ومن يعرِّف هؤلاء عظمة الإسلام؟
وكل هذا بلا شك من مهمة المسلمين، فمن لهؤلاء البشر إن نكص المسلمون أو قصروا في أداء مهمتهم التي بيَّنها الصحابي الجليل ربعي بن عامر -رضي الله عنه- بقوله لرستم قائد الفرس عندما سأله: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فقال ربعي: اللَّهُ ابْتَعَثْنَا لِنُخْرِجَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إلى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَمِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إلى سِعَتِهَا، وَمِنْ جَوْرِ الأَدْيَانِ إلى عَدْلِ الإِسْلامِ[3].
فتلك هي مهمة المسلمين في الأرض، وهي تعبيد الناس لله عز وجل.
وأوضح الدكتور راغب السرجاني أن من خصائص المشروع الإسلامي أنه المشروع الوحيد الذي يحقق سعادة الدارين الدنيا والآخرة، فمن الخطأ أن يظن بعض الناس أن المشروع الإسلامي يهدف لدخول الجنة فقط، فهو وإن كان كذلك -بلا شك- إلا أنه يهدف لتجميل حياة الناس وإسعادهم على الأرض كذلك، وذلك مصداقًا لقوله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 123-126]. فالمشروع الإسلامي -بحق- هو الذي يُصلِح لنا الدنيا بالدين، ويحقق لنا السمو والرفعة والفوز يوم القيامة.
وذكر فضيلته أن هذه حقيقة يشهدها الواقع، فقد شهد الواقع فشل كل المناهج والمشاريع غير الإسلامية، وكان نصيبها الفشل.