الحقيقة أن الإسلام يواجه حملة عنيفة هذه الأيام تتزايد كلما مر الوقت و إذا توافق ذلك مع صمت للمسملين فإن الحملة ستزداد شراسة ولذلك وجب علينا أن نرد وندع لأصحاب العقول الكلمة الأخيرة في تقرير أي الفريقين أهدي سبيلا ومن القضايا التي بدأت تثار في الأونة الأخيرة بشدة هي قضية الإعجاز العلمي في القرأن حيث يدعي البعض أنها خدعة الهدف منها إخفاء الأخطاء العلمية في الإسلام علي حد زعمهم أو إظهار الإعجاز في القرأن بلوي عنق الكلمات حتي توافق المراد العلمي أو تزوير الحقيقة العلمية حتي تتوافق مع المراد القرأني والحقيقة أنا شاهدت العديد من الكتاب الذين تحدثوا في هذه القضية وهناك العديد من القضايا الإعجازية المطروحة للنقاش منها مثلا قضية يخرج من بين الصلب و الترائب التي تحدثت عنها من قبل ولكن أنا الأن سأتحدث عن موضوع أخر في نفس السلسلة وهي إبعاد الشبهات التي تثار حول الإعجاز العلمي في القرأن وهو موضوع كروية الأرض حيث قمت بإجراء بحث موجز عن هذا الموضوع وأبدأ أولا بسرد الحقائق التاريخية عن كروية الأرض وكيف تطور المفهوم البشري عن الأرض لينتقل من مفهوم تسطيح الأرض إلي مفهوم تكويرها
1- أول من قال بكروية الأرض فلاسفة الحضارة العراقية القديمة المعروفة باسم حضارة مابين النهرين في حدود سنة2000 ق.م وعنهم أخذ فلاسفة اليونان ومنهم فيثاغورس الذي نادي بها في منتصف القرن السادس ق.م مؤكدا أن الشكل الكروي هو أكثر الأشكال الهندسية انتظاما لكمال انتظام جميع أجزاء الكرة, بالنسبة إلي مركزها, وعلي ذلك فإن الأرض وجميع أجرام السماء لابد وأن تكون كروية الشكل
2- وظل هذا الرأي شائعا في الحضارة اليونانية القديمة حتي القرن الرابع ق.م إلي أن عارضه أرسطو فشاع بين الناس الاعتقاد باستواء الارض بلا أدني انحناء
3-
وفي عهد الخليفتين العباسيين الرشيد والمأمون في القرن الهجري الثاني وأوائل الثالث) نادي عدد من علماء المسلمين ومنهم البيروني وابن سينا والكندي والرازي وغيرهم بكروية الارض التي استدلوا عليها بعدد من الظواهر الطبيعية التي منها مايلي:
(1) استدارة حد ظل الأرض حين يقع علي سطح القمر في أوقات خسوفه
(2) اختلاف ارتفاع النجم القطبي بتغير مكان الراصد له قربا من خط الاستواء او بعدا عنه.
(3) تغير شكل قبة السماء من حيث مواقع النجوم وتوزيعها فيها باقتراب الراصد لها من أحد القطبين.
(4) رؤية الأفق دوما علي هيئة دائرة تامة الاستدارة واتساع دائرته بارتفاع الرائي علي سطح الأرض.
(5) ظهور قمم الجبال البعيدة قبل سفوحها بتحرك الرائي إليها, واختفاء أسافل السفن قبل اعاليها في تحركها بعيدا عن الناظر إليها.
وقام علماء المسلمين في هذا العصر الذهبي بقياس محيط الأرض بدقة فائقة, وبتقدير مسافة درجة الطول في صحراء العراق وعلي طول ساحل البحر الأحمر, وكانوا في ذلك سابقين للحضارة الغربية بتسعة قرون علي الأقل, فقد اعلن الخليفة المأمون لأول مرة في تاريخ العلم أن الأرض كروية ولكنها ليست كاملة الاستدارة
وقال فقال ابن رستة المتوفي سنة03ه"إن الله عز وجل وضع الفلك مستديرا كاستدارة الكرة أجوف دوارا والأرض مستديرة أيضا كالكرة مصمتة في جوف الفلك" وأتي بالبراهين علي ذلك فقال"والدليل علي ذلك أن الشمس والقمر وسائر الكواكب لا يوجد طلوعها ولا غروبها علي جميع من في الأرض في وقت واحد بل يري طلوعها علي المواضع المشرقية قبل غيبوبتها عن المغربية ويتبين ذلك من الأحداث التي تعرض في العلو فإنه يري وقت الحدث الواحد مختلفا في نواحي الأرض مثل كسوف القمر فإنه إذا رصد بين بلدين متباعدين بين المشرق والمغرب فوجد وقت كسوفه في البلد الشرقي منهما علي ثلاث ساعات من الليل مثلا-أقول وجد ذلك الوقت في البلد الغربي علي أقل من ثلاث ساعات بقدر المسافة بين البلدين ....إلخ" ويقول المسعودي في كتابه مروج الذهب "إن الشمس إذا غابت في هذه الجزائر-أي جزائر الأقيانوس-كان طلوعها في أقصي الصين وذلك نصف دائرة الأرض
ثم في بدأت الكشوف العلمية الحديثة في عهد كولمبوس وأصبح العلم بكروية الأرض ليس عليه غبار طب لماذا وضعت أنا هذا التسلسل للكشوف العلمية للأكد أن الفترة التي نزل فيها القرأن علي النبي لم يكن هناك أي مصدر علمي يقول بأن الأرض كروية فكما نري فقول أرسطو بأن الأرض مسطحة بلا أدني إنحناء ظل سائد حتي عصر الدولة العباسية لإذن ففليس الأمر كما قيل في أحد المواقع النصرانية أن العلم بكروية الأرض كان حقيقة علمية ثابتة في عصر النبي والحقيقة أن كلما رأيته في هذا المجال مجرد الرد علي هذه الأيه " والأرض بعد ذلك دحاها " وقولهم أن معني كلمة دحاها هو البسط والتمديد وهنا نقول نعم سنفرض أن معني هذا الكلمة هو المد ولكن هل هذه الأيه هي الدليل الوحيد علي أن القرأن سبق العالم في الحديث عن كروية الأرض بدون أي مصدر علمي ومن المعروف أن عرب شبه الجزيرة لم تكن لديهم أي معارف علمية تمكنهم من إجراء تجارب علمية فما معني أن يقول أحدهم قول علمي دقيق أن هناك أمر خارق وهناك وحي من رب العالمين وفيما يلي سأسوق الأدلة علي أن العلماء أتفقوا جميعا علي أن القرأن قال بكروية الأرض
علماء التفسير استنبطوا كروية الأرض من آيات القرآن الكريم حيث قال تعالى: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وفي قوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا}، ومن هاتين الآيتين يُعرف أن الليل والنهار يجريان في تتابع لا يسبق أحدهما الآخر، وعليه فإما أن يكون التتابع في خط مستقيم أو في خط دائري، ولكن لو كان التتابع في خط مستقيم على وجه الأرض فإنه لن يحدث إلا ليل واحد أو نهار واحد، إذن فلا بد أن يكون على شكل دائري. وقد أخبر تعالى بأن الليل لا يسبق النهار، وهذا المعنى القرآني لا يتحقق إلا إذا كان الليل والنهار يوجدان معاً في وقت واحد على الأرض، وهذا لا يحدث إلا إذا كانت الأرض كروية وكذلك قال علماء التفسير في قوله تعالى: : {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} بأن كور العمامة هو إدارتها واستدارتها حول الرأس، والتكوير لا يكون إلا على سطح كروي والتكوير في اللغة هو طرح الشيء بعضه على بعض، ولعل هذا يوضح الحكمة في قوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} حيث لم يقل يكور الليل ثم يكور النهار، فإن الليل والنهار موجودان معاً على الأرض الكروية نصفها ليل ونصفها نهار، فالليل والنهار يكوران على بعضهما على سطح كروي هو الأرض.
وفي قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} إشارة أخرى إلى أن الليل والنهار يقلبان والتقليب يعني الدورة بشكل دائري فلزم أن تكون الأرض كروية.
ومما يؤكد كل ذلك قول الله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} وقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} فالآيتان تدلان على كروية الأرض، وكيف ذلك؟
· أولاً: إنه سبحانه وتعالى قرن المشرق بالمغرب أو المشارق بالمغارب مباشرة ولم يقل (رب المشرق ورب المغرب) أو (رب المشارق ورب المغارب) وذلك لأن الشروق والغروب يتمان في وقت واحد وهذا لا يمكن أن يكون إلا على سطح كروي.
· ثانياً: تشير الآية الثانية إلى أن كل بلد له مشرق ومغرب ولا يوجد مشرق واحد ومغرب واحد لأية دولة في العالم وإنما هي مشارق ومغارب وهذا يطابق تماماً مع ما اكتشفه علم الفلك الحديث، حيث وجد العلماء أن في كل جزء من الثانية نجد مشرقاً تشرق فيه الشمس على مدينة ما وتغيب عن أخرى، حيث أن زاوية الشروق تتغير من موقع لآخر وكذلك زاوية الغروب، وهذا ما يدل على كروية الأرض.
وهنا لا بد لنا من تسليط الضوء على أمر مهم، وهو قول الله تعالى في الآيات التالية: {وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} وقوله تعالى: {وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}، و {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ مَهْدًا} و{ وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} و {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا} و {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} و {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطًا} و {أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَادًا}، التي قد يعترض أحد ما أن المعاني المستفادة من هذه الآيات لا تدل على معنى الكروية وأن هناك تعارض في آيات القرآن.
إن هذه المعاني لا تناقض دعوى أن الأرض كروية، بل إنها تشير بوضوح جلي إلى ثبوتها، فقد نص أئمة التفسير على أنه لا منافاة بين الآيات الآنفة الذكر وما هو ثابت في قضية كروية الأرض.
قال الإمام فخر الدين الرازي (606 هـ) -رحمه الله تعالى- مجيباً على الاعتراض بنحو قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ} [الرعد: 3]: "الأرض جسم عظيم، والكرة إذا كانت في غاية الكبر كأن كل قطعة منها تشاهد كالسطح". (التفسير الكبير 19/3 و 170) وقال في تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ مَهْدًا} [طه: 53]: "المراد من كون الأرض مهداً أنه تعالى جعلها بحيث يتصرف العباد وغيرهم عليها بالقعود والقيام والنوم والزراعة وجميع وجوه المنافع". (22/68).
وقال العلامة القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر الشهير بالبيضاوي (685 هـ) –رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا}: "أي مهيّأة لأن يقعدوا ويناموا عليها، كالفراش المبسوط. وذلك لا يستدعي كونها مسطحة، لأن كروية شكلها مع عظم حجمها لا يأبى الافتراش عليها". من (أنوار التنزيل 1/16). وقال الإمام الأصولي أحمد بن جُزّيّ الكلْبي (741 هـ) –رحمه الله تعالى- مبيناً عدم المنافات بين المد والتكوير: "وقد يترتب لفظ البسط والمد مع التكوير، لأن كل قطعة من الأرض ممدودة على حدتها وإنما التكوير لجملة الأرض" من (التسهل لعلوم التنزيل 2/130). وقال العلامة محمد بن محمد المولى أبو السعود العمادي (982 هـ) –رحمه الله تعالى- موضحاً أن الفراش لا ينافي التكوير: "وليس من ضرورة ذلك –أي: وصف الأرض بالفراش- كونها مسطحاً حقيقياً، فإن كرية شكلها مع عظم جرمها مصطحة لافتراشها" من (إرشاد العقل السليم 1/61).
وقال العلامة شهاب الدين محمود بن عبد الله الآلوسي (1270 هـ) –رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا} [البقرة: 22]: "ولا ينافي كرويتها كونها فراشاً، لأن الكرة إذا عظمت كان كل قطعة منها كالسطح في افتراشه كما لا يخفى" من (روح المعاني 187/1) ومثله في (25/67). وقال في تفسير قوله تعالى: {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}: "المراد بسطها وتوسعتها ليحصل بها الانتفاع لمن حلّها ولا يلزم من ذلك نفي كرويتها، لما أن الكرة العظيمة لعظمتها ترى كالسطح المستوي" (14/28) ومثله في (53/17) و (176/26).
وقال في تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطًا} [نوح: 19]: "وليس فيه دلالة على أن الأرض مبسوطة غير كرية، لأن الكرة العظيمة يرى كل من عليها ما يليه مسطحاً" (76/29).
وقال –أيضاً- في تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا} [النبأ: 6]: "لا دلالة في الآية على ما ينافي كريتها كما هو المشهور من عدة مذاهب" (6/30)
1- أول من قال بكروية الأرض فلاسفة الحضارة العراقية القديمة المعروفة باسم حضارة مابين النهرين في حدود سنة2000 ق.م وعنهم أخذ فلاسفة اليونان ومنهم فيثاغورس الذي نادي بها في منتصف القرن السادس ق.م مؤكدا أن الشكل الكروي هو أكثر الأشكال الهندسية انتظاما لكمال انتظام جميع أجزاء الكرة, بالنسبة إلي مركزها, وعلي ذلك فإن الأرض وجميع أجرام السماء لابد وأن تكون كروية الشكل
2- وظل هذا الرأي شائعا في الحضارة اليونانية القديمة حتي القرن الرابع ق.م إلي أن عارضه أرسطو فشاع بين الناس الاعتقاد باستواء الارض بلا أدني انحناء
3-
وفي عهد الخليفتين العباسيين الرشيد والمأمون في القرن الهجري الثاني وأوائل الثالث) نادي عدد من علماء المسلمين ومنهم البيروني وابن سينا والكندي والرازي وغيرهم بكروية الارض التي استدلوا عليها بعدد من الظواهر الطبيعية التي منها مايلي:
(1) استدارة حد ظل الأرض حين يقع علي سطح القمر في أوقات خسوفه
(2) اختلاف ارتفاع النجم القطبي بتغير مكان الراصد له قربا من خط الاستواء او بعدا عنه.
(3) تغير شكل قبة السماء من حيث مواقع النجوم وتوزيعها فيها باقتراب الراصد لها من أحد القطبين.
(4) رؤية الأفق دوما علي هيئة دائرة تامة الاستدارة واتساع دائرته بارتفاع الرائي علي سطح الأرض.
(5) ظهور قمم الجبال البعيدة قبل سفوحها بتحرك الرائي إليها, واختفاء أسافل السفن قبل اعاليها في تحركها بعيدا عن الناظر إليها.
وقام علماء المسلمين في هذا العصر الذهبي بقياس محيط الأرض بدقة فائقة, وبتقدير مسافة درجة الطول في صحراء العراق وعلي طول ساحل البحر الأحمر, وكانوا في ذلك سابقين للحضارة الغربية بتسعة قرون علي الأقل, فقد اعلن الخليفة المأمون لأول مرة في تاريخ العلم أن الأرض كروية ولكنها ليست كاملة الاستدارة
وقال فقال ابن رستة المتوفي سنة03ه"إن الله عز وجل وضع الفلك مستديرا كاستدارة الكرة أجوف دوارا والأرض مستديرة أيضا كالكرة مصمتة في جوف الفلك" وأتي بالبراهين علي ذلك فقال"والدليل علي ذلك أن الشمس والقمر وسائر الكواكب لا يوجد طلوعها ولا غروبها علي جميع من في الأرض في وقت واحد بل يري طلوعها علي المواضع المشرقية قبل غيبوبتها عن المغربية ويتبين ذلك من الأحداث التي تعرض في العلو فإنه يري وقت الحدث الواحد مختلفا في نواحي الأرض مثل كسوف القمر فإنه إذا رصد بين بلدين متباعدين بين المشرق والمغرب فوجد وقت كسوفه في البلد الشرقي منهما علي ثلاث ساعات من الليل مثلا-أقول وجد ذلك الوقت في البلد الغربي علي أقل من ثلاث ساعات بقدر المسافة بين البلدين ....إلخ" ويقول المسعودي في كتابه مروج الذهب "إن الشمس إذا غابت في هذه الجزائر-أي جزائر الأقيانوس-كان طلوعها في أقصي الصين وذلك نصف دائرة الأرض
ثم في بدأت الكشوف العلمية الحديثة في عهد كولمبوس وأصبح العلم بكروية الأرض ليس عليه غبار طب لماذا وضعت أنا هذا التسلسل للكشوف العلمية للأكد أن الفترة التي نزل فيها القرأن علي النبي لم يكن هناك أي مصدر علمي يقول بأن الأرض كروية فكما نري فقول أرسطو بأن الأرض مسطحة بلا أدني إنحناء ظل سائد حتي عصر الدولة العباسية لإذن ففليس الأمر كما قيل في أحد المواقع النصرانية أن العلم بكروية الأرض كان حقيقة علمية ثابتة في عصر النبي والحقيقة أن كلما رأيته في هذا المجال مجرد الرد علي هذه الأيه " والأرض بعد ذلك دحاها " وقولهم أن معني كلمة دحاها هو البسط والتمديد وهنا نقول نعم سنفرض أن معني هذا الكلمة هو المد ولكن هل هذه الأيه هي الدليل الوحيد علي أن القرأن سبق العالم في الحديث عن كروية الأرض بدون أي مصدر علمي ومن المعروف أن عرب شبه الجزيرة لم تكن لديهم أي معارف علمية تمكنهم من إجراء تجارب علمية فما معني أن يقول أحدهم قول علمي دقيق أن هناك أمر خارق وهناك وحي من رب العالمين وفيما يلي سأسوق الأدلة علي أن العلماء أتفقوا جميعا علي أن القرأن قال بكروية الأرض
علماء التفسير استنبطوا كروية الأرض من آيات القرآن الكريم حيث قال تعالى: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وفي قوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا}، ومن هاتين الآيتين يُعرف أن الليل والنهار يجريان في تتابع لا يسبق أحدهما الآخر، وعليه فإما أن يكون التتابع في خط مستقيم أو في خط دائري، ولكن لو كان التتابع في خط مستقيم على وجه الأرض فإنه لن يحدث إلا ليل واحد أو نهار واحد، إذن فلا بد أن يكون على شكل دائري. وقد أخبر تعالى بأن الليل لا يسبق النهار، وهذا المعنى القرآني لا يتحقق إلا إذا كان الليل والنهار يوجدان معاً في وقت واحد على الأرض، وهذا لا يحدث إلا إذا كانت الأرض كروية وكذلك قال علماء التفسير في قوله تعالى: : {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} بأن كور العمامة هو إدارتها واستدارتها حول الرأس، والتكوير لا يكون إلا على سطح كروي والتكوير في اللغة هو طرح الشيء بعضه على بعض، ولعل هذا يوضح الحكمة في قوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} حيث لم يقل يكور الليل ثم يكور النهار، فإن الليل والنهار موجودان معاً على الأرض الكروية نصفها ليل ونصفها نهار، فالليل والنهار يكوران على بعضهما على سطح كروي هو الأرض.
وفي قوله تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} إشارة أخرى إلى أن الليل والنهار يقلبان والتقليب يعني الدورة بشكل دائري فلزم أن تكون الأرض كروية.
ومما يؤكد كل ذلك قول الله تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} وقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} فالآيتان تدلان على كروية الأرض، وكيف ذلك؟
· أولاً: إنه سبحانه وتعالى قرن المشرق بالمغرب أو المشارق بالمغارب مباشرة ولم يقل (رب المشرق ورب المغرب) أو (رب المشارق ورب المغارب) وذلك لأن الشروق والغروب يتمان في وقت واحد وهذا لا يمكن أن يكون إلا على سطح كروي.
· ثانياً: تشير الآية الثانية إلى أن كل بلد له مشرق ومغرب ولا يوجد مشرق واحد ومغرب واحد لأية دولة في العالم وإنما هي مشارق ومغارب وهذا يطابق تماماً مع ما اكتشفه علم الفلك الحديث، حيث وجد العلماء أن في كل جزء من الثانية نجد مشرقاً تشرق فيه الشمس على مدينة ما وتغيب عن أخرى، حيث أن زاوية الشروق تتغير من موقع لآخر وكذلك زاوية الغروب، وهذا ما يدل على كروية الأرض.
وهنا لا بد لنا من تسليط الضوء على أمر مهم، وهو قول الله تعالى في الآيات التالية: {وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} وقوله تعالى: {وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}، و {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ مَهْدًا} و{ وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} و {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا} و {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} و {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطًا} و {أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَادًا}، التي قد يعترض أحد ما أن المعاني المستفادة من هذه الآيات لا تدل على معنى الكروية وأن هناك تعارض في آيات القرآن.
إن هذه المعاني لا تناقض دعوى أن الأرض كروية، بل إنها تشير بوضوح جلي إلى ثبوتها، فقد نص أئمة التفسير على أنه لا منافاة بين الآيات الآنفة الذكر وما هو ثابت في قضية كروية الأرض.
قال الإمام فخر الدين الرازي (606 هـ) -رحمه الله تعالى- مجيباً على الاعتراض بنحو قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ} [الرعد: 3]: "الأرض جسم عظيم، والكرة إذا كانت في غاية الكبر كأن كل قطعة منها تشاهد كالسطح". (التفسير الكبير 19/3 و 170) وقال في تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ مَهْدًا} [طه: 53]: "المراد من كون الأرض مهداً أنه تعالى جعلها بحيث يتصرف العباد وغيرهم عليها بالقعود والقيام والنوم والزراعة وجميع وجوه المنافع". (22/68).
وقال العلامة القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر الشهير بالبيضاوي (685 هـ) –رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا}: "أي مهيّأة لأن يقعدوا ويناموا عليها، كالفراش المبسوط. وذلك لا يستدعي كونها مسطحة، لأن كروية شكلها مع عظم حجمها لا يأبى الافتراش عليها". من (أنوار التنزيل 1/16). وقال الإمام الأصولي أحمد بن جُزّيّ الكلْبي (741 هـ) –رحمه الله تعالى- مبيناً عدم المنافات بين المد والتكوير: "وقد يترتب لفظ البسط والمد مع التكوير، لأن كل قطعة من الأرض ممدودة على حدتها وإنما التكوير لجملة الأرض" من (التسهل لعلوم التنزيل 2/130). وقال العلامة محمد بن محمد المولى أبو السعود العمادي (982 هـ) –رحمه الله تعالى- موضحاً أن الفراش لا ينافي التكوير: "وليس من ضرورة ذلك –أي: وصف الأرض بالفراش- كونها مسطحاً حقيقياً، فإن كرية شكلها مع عظم جرمها مصطحة لافتراشها" من (إرشاد العقل السليم 1/61).
وقال العلامة شهاب الدين محمود بن عبد الله الآلوسي (1270 هـ) –رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشًا} [البقرة: 22]: "ولا ينافي كرويتها كونها فراشاً، لأن الكرة إذا عظمت كان كل قطعة منها كالسطح في افتراشه كما لا يخفى" من (روح المعاني 187/1) ومثله في (25/67). وقال في تفسير قوله تعالى: {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}: "المراد بسطها وتوسعتها ليحصل بها الانتفاع لمن حلّها ولا يلزم من ذلك نفي كرويتها، لما أن الكرة العظيمة لعظمتها ترى كالسطح المستوي" (14/28) ومثله في (53/17) و (176/26).
وقال في تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ بِسَاطًا} [نوح: 19]: "وليس فيه دلالة على أن الأرض مبسوطة غير كرية، لأن الكرة العظيمة يرى كل من عليها ما يليه مسطحاً" (76/29).
وقال –أيضاً- في تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا} [النبأ: 6]: "لا دلالة في الآية على ما ينافي كريتها كما هو المشهور من عدة مذاهب" (6/30)
تعليق