تعقيباً على كلام الأخت ابنة صلاح الدين فيما يتعلق بذهابه إلى أورشليم أو ذهابه إلى العربية ، نقول:
وفقاً لرواية كتاب أعمال الرسل فإن بولس قد رأى رؤياه المزعومة، و بعدها "مباشرةً" بدأ بالتبشير في كنيس اليهود في دمشق. لقد بنى سمعته من خلال تبشيره الشجاع الذي أذهل الكثيرين، و أربك اليهود في دمشق. و بعد عدة أيام، حاول اليهود قتله فهرب إلى أورشليم. و هناك قابل برنابا الذي قدّمه للتلاميذ و عرفهم به لأول مرة. لقد كانوا جميعاً مذعورين منه، إلا أن برنابا أقنعهم بقبوله. و عندها ذهب بولس و جميع التلاميذ في حملة تبشيرية داخل أورشليم و خارجها و تكلم بشجاعة باسم يسوع.
[أعمال الرسل 9: 19-29]
أعمال الرسل 26: 19-21]
إلا أنه وفقاً للرواية في الرسالة إلى أهل غلاطية، فإن بولس قد رأى رؤياه المزعومة و لم يستشر بشراً "حينها" و لم يذهب إلى أورشليم ليرى التلاميذ، بل سافر إلى بلاد العرب و من ثم إلى دمشق. لم يذكر نشاطاً تبشيرياً في أي من هذه الأماكن. و بعد ثلاث سنوات على الأقل ذهب إلى أورشليم للمرة الأولى و قابل من التلاميذ بطرس و يعقوب فقط. و مكث معهم خمسة عشر يوماً، و مرةً أخرى لا يذكر أي حملة تبشيرية سواء مع كافة التلاميذ أو بعضهم أو بمفرده. و لم يكن قد ذهب إلى هناك من قبل و لم يقم بأي حملة تبشيرية فيها في الماضي باعتبار أنه وجه جديد بالنسبة لهم و أنهم "سمعوا فقط" عن اعتناقه المزعوم للمسيحية.
[غلاطية 1: 15-23]
بالإشارة إلى النصين الأولين، يقول ريفرند ديفيس Reverend Dr. Davies في كتابه ‘المسيحي الأول The First Christian‘: ((إن هذه التأكيدات لا تتوافق مع بعضها البعض بل تهدم بعضها بعضاً لسببٍ آخر: إنها تتناقض مع ما كتبه بولس نفسه في رسالته إلى أهل غلاطية في الإصحاح الأول و الثاني)). و يلفت ريفرند ديفيس انتباهنا إلى قسم بولس "ويَشهَدُ اللهُ أنِّي لا أكذِبُ في هذا الّذي أكتبُ بِه إلَيكُم" مما يجعل من كتابته هذه شهادة تحت القسم. ثم يتابع فيقول:
"بالنسبة للرواية في أعمال الرسل فإن ذلك التناقض بمثابة كارثة. لم يكن هنالك أبداً أي حملة تبشيرية في أورشليم و بلاد اليهودية [أعمال الرسل 26: 20]. إن كان بولس معروفاً بالنسبة للجماعات اليهودية كما يقول فإنه لم يأخذ على عاتقه أي مهمة عندهم. في الحقيقة فإنه لم يشترك أبداً بالحركة اليهودية و لم يحاول حتى أن يشارك بها. و قد قابل الملقب بالصخرة (بطرس أو شمعون) و يعقوب أخو عيسى. حتى باقي التلاميذ فلم يذكر منهم إلا مؤمنون عاديون و يعترف فيقول: ((وما رَأَيتُ غَيرَهُ مِنَ الرُّسُلِ)). و بدلاً من أن ((يَروحُ ويَجيءُ معَ التَّلاميذِ في أُورُشليمَ، يُبَشِّرُ بِشجاعةٍ باَسمِ الرَّبِّ)) فإن الناس في أورشليم لم تكن تعلم حتى أنه كان هناك. يقول لنا أنهم ((سَمِعوا أنَّ الّذي كان يَضطَهدُنا هوَ الآنَ يُبَشِّرُ بالإيمانِ الّذي كانَ يُريدُ أنْ يُدَمِّرَهُ))، و لكنهم لم يسمعوا أنه كان يبشّر في بلاد اليهودية إطلاقاً."
يستنتج ريفرند ديفيس Rev. Davies أنه:
"إن كان هناك أي جزء في العهد الجديد محل ثقة، فإنه سيكون رسالة بولس إلى أهل غلاطية. و إن لم يكن بمقدورنا أن نثق في هذه الرسالة، فإننا لا يمكننا أن نثق بشيء و لنا أن نغلق تحقيقنا هذا، و لكننا في الحقيقة يمكننا الاعتماد عليها. إن هذه الرسالة هي من بولس نفسه و قد أظهرت أصوليتها بعد كل اختبار."
المسيحي الأول – بوول ديفيس، فاررار ستراوس و كوديه، ص 30-31
“The First Christian,” A Powell Davies, Farrar Straus & Cudahy, pp. 30-31
نورد بعض التناقضات:
1- يدعي كاتب غلاطية أنه بعد الرؤيا المزعومة، بولس لم يتحدث إلى بشر "مباشرةً"، بل سافر إلى بلاد العرب و منها إلى دمشق. لذا لم يقم "من فوره" بالتبشير بشجاعة في دمشق كما يدعي كاتب أعمال الرسل – هذا إن قام بالتبشير أصلاً (كم من الوقت يلزم للسفر من دمشق إلى بلاد العرب مع العودة؟ هل يستطيع أن يباشر تبشيره "فوراً" على الرغم من سفره إلى هناك و عودته؟).
2- وفقاً لرواية غلاطية، فإن بولس لم يذهب إلى أورشليم حيث يوجد التلاميذ. بل ذهب إلى بلاد العرب و من ثم إلى دمشق. و بعد ثلاث سنوات على الأقل (ليسوا أياماً كثيرة!!) ذهب إلى أورشليم. تذكر الرواية بوضوح ((ولا صَعِدتُ إلى أُورُشليمَ لأرى الّذين َ كانوا رُسُلاً قَبلي)). إذاً فإن تلك هي زيارته الأولى إلى أورشليم بعد رؤياه المزعومة كما يقول. هذه الزيارة الأولى يزعم أنها حدثت بعد ثلاث سنوات على الأقل بعد رؤيا بولس المزعومة. إلا أن كتاب أعمال الرسل يقول أنه بعد عدة أيام من رؤياه سافر إلى أورشليم و قام بحملة تبشيرية ملؤها الشجاعة مع جميع التلاميذ. كما أن أعمال الرسل لا يذكر أي توسط لرحلة إلى بلاد العرب.
3- وفقاً لغلاطية، و فور وصول بولس لأورشليم قابل من التلاميذ بطرس و يعقوب فقط. لا يمكن أن يكون قد قابل أي من التلاميذ في أورشليم قبل ذلك بسبب قوله أنه بعد رؤياه مباشرةً ((لا صَعِدتُ إلى أُورُشليمَ لأرى الّذينَ كانوا رُسُلاً قَبلي)). بل يقول أنه ذهب إلى أورشليم للمرة الأولى بعد " ثلاثِ سَنواتٍ "على الأقل من رؤياه المزعومة. و من ناحية أخرى فإن كتاب أعمال الرسل يقول أنه قابل التلاميذ لأول مرة بعد عدة أيام من رؤياه المزعومة حيث قابل هناك جميع التلاميذ. إن هذا هو لقاءه الأول معهم باعتبار أنهم جميعهم فزعوا منه. لاحظ الكلمات ((فكانوا كُلُّهُم يَخافونَ مِنهُ)). لن تكون حالهم كذلك لو أن بطرس و يعقوب قابلوه من قبل، و على فرض أنهم لم يذكروه أمام التلاميذ الآخرين فعلى الأقل لن يخافه بطرس و يعقوب أنفسهم. لاحظ أيضاً أن برنابا هو الوحيد الذي وقف في صفه و لم يقل (برنابا و بطرس و يعقوب).
4- يقول كتاب أعمال الرسل أنه بعد زيارة بولس الأولى لأورشليم، خاف منه جميع التلاميذ ثم أقنعهم برنابا لقبوله و ذهبوا جميعاً يداً بيد وبدأ ((يَروحُ ويَجيءُ معَ التَّلاميذِ في أُورُشليمَ)) و يبشّر ((بِشجاعةٍ)) بين اليهود. إلا أن رسالة غلاطية تقول أن زيارته الأولى لأورشليم كانت بعد ثلاث سنوات و في هذه الزيارة الأولى قابل يعقوب و بطرس فقط. لم يزعم كاتب الرسالة بأنه ذهب مع بطرس و يعقوب في حملة تبشيرية داخل و خارج أورشليم، و لا يمكن أن يكون قد فعل ذلك سابقاً مع جميع التلاميذ على اعتبار أنه لم يكن ((مَعروفَ الوَجهِ عِندَ كنائِسِ المَسيحِ في اليَهودِيَّةِ)) و أنهم ((سَمِعوا)) فقط باعتناقه المسيحية، و لكنهم كانوا شهود عيان على حملته الشجاعة مع جميع التلاميذ بأمّ أعينهم.
إذا كان مؤلف غالبية كتب العهد الجديد لا يستطيع حتى أن يحافظ على نفس الرواية فيما يتعلق بـ"خلاصه"، فكيف لنا أن نثق فيه و بكلامه بعد كل ذلك؟
وفقاً لرواية كتاب أعمال الرسل فإن بولس قد رأى رؤياه المزعومة، و بعدها "مباشرةً" بدأ بالتبشير في كنيس اليهود في دمشق. لقد بنى سمعته من خلال تبشيره الشجاع الذي أذهل الكثيرين، و أربك اليهود في دمشق. و بعد عدة أيام، حاول اليهود قتله فهرب إلى أورشليم. و هناك قابل برنابا الذي قدّمه للتلاميذ و عرفهم به لأول مرة. لقد كانوا جميعاً مذعورين منه، إلا أن برنابا أقنعهم بقبوله. و عندها ذهب بولس و جميع التلاميذ في حملة تبشيرية داخل أورشليم و خارجها و تكلم بشجاعة باسم يسوع.
[أعمال الرسل 9: 19-29]
أعمال الرسل 26: 19-21]
إلا أنه وفقاً للرواية في الرسالة إلى أهل غلاطية، فإن بولس قد رأى رؤياه المزعومة و لم يستشر بشراً "حينها" و لم يذهب إلى أورشليم ليرى التلاميذ، بل سافر إلى بلاد العرب و من ثم إلى دمشق. لم يذكر نشاطاً تبشيرياً في أي من هذه الأماكن. و بعد ثلاث سنوات على الأقل ذهب إلى أورشليم للمرة الأولى و قابل من التلاميذ بطرس و يعقوب فقط. و مكث معهم خمسة عشر يوماً، و مرةً أخرى لا يذكر أي حملة تبشيرية سواء مع كافة التلاميذ أو بعضهم أو بمفرده. و لم يكن قد ذهب إلى هناك من قبل و لم يقم بأي حملة تبشيرية فيها في الماضي باعتبار أنه وجه جديد بالنسبة لهم و أنهم "سمعوا فقط" عن اعتناقه المزعوم للمسيحية.
[غلاطية 1: 15-23]
بالإشارة إلى النصين الأولين، يقول ريفرند ديفيس Reverend Dr. Davies في كتابه ‘المسيحي الأول The First Christian‘: ((إن هذه التأكيدات لا تتوافق مع بعضها البعض بل تهدم بعضها بعضاً لسببٍ آخر: إنها تتناقض مع ما كتبه بولس نفسه في رسالته إلى أهل غلاطية في الإصحاح الأول و الثاني)). و يلفت ريفرند ديفيس انتباهنا إلى قسم بولس "ويَشهَدُ اللهُ أنِّي لا أكذِبُ في هذا الّذي أكتبُ بِه إلَيكُم" مما يجعل من كتابته هذه شهادة تحت القسم. ثم يتابع فيقول:
"بالنسبة للرواية في أعمال الرسل فإن ذلك التناقض بمثابة كارثة. لم يكن هنالك أبداً أي حملة تبشيرية في أورشليم و بلاد اليهودية [أعمال الرسل 26: 20]. إن كان بولس معروفاً بالنسبة للجماعات اليهودية كما يقول فإنه لم يأخذ على عاتقه أي مهمة عندهم. في الحقيقة فإنه لم يشترك أبداً بالحركة اليهودية و لم يحاول حتى أن يشارك بها. و قد قابل الملقب بالصخرة (بطرس أو شمعون) و يعقوب أخو عيسى. حتى باقي التلاميذ فلم يذكر منهم إلا مؤمنون عاديون و يعترف فيقول: ((وما رَأَيتُ غَيرَهُ مِنَ الرُّسُلِ)). و بدلاً من أن ((يَروحُ ويَجيءُ معَ التَّلاميذِ في أُورُشليمَ، يُبَشِّرُ بِشجاعةٍ باَسمِ الرَّبِّ)) فإن الناس في أورشليم لم تكن تعلم حتى أنه كان هناك. يقول لنا أنهم ((سَمِعوا أنَّ الّذي كان يَضطَهدُنا هوَ الآنَ يُبَشِّرُ بالإيمانِ الّذي كانَ يُريدُ أنْ يُدَمِّرَهُ))، و لكنهم لم يسمعوا أنه كان يبشّر في بلاد اليهودية إطلاقاً."
يستنتج ريفرند ديفيس Rev. Davies أنه:
"إن كان هناك أي جزء في العهد الجديد محل ثقة، فإنه سيكون رسالة بولس إلى أهل غلاطية. و إن لم يكن بمقدورنا أن نثق في هذه الرسالة، فإننا لا يمكننا أن نثق بشيء و لنا أن نغلق تحقيقنا هذا، و لكننا في الحقيقة يمكننا الاعتماد عليها. إن هذه الرسالة هي من بولس نفسه و قد أظهرت أصوليتها بعد كل اختبار."
المسيحي الأول – بوول ديفيس، فاررار ستراوس و كوديه، ص 30-31
“The First Christian,” A Powell Davies, Farrar Straus & Cudahy, pp. 30-31
نورد بعض التناقضات:
1- يدعي كاتب غلاطية أنه بعد الرؤيا المزعومة، بولس لم يتحدث إلى بشر "مباشرةً"، بل سافر إلى بلاد العرب و منها إلى دمشق. لذا لم يقم "من فوره" بالتبشير بشجاعة في دمشق كما يدعي كاتب أعمال الرسل – هذا إن قام بالتبشير أصلاً (كم من الوقت يلزم للسفر من دمشق إلى بلاد العرب مع العودة؟ هل يستطيع أن يباشر تبشيره "فوراً" على الرغم من سفره إلى هناك و عودته؟).
2- وفقاً لرواية غلاطية، فإن بولس لم يذهب إلى أورشليم حيث يوجد التلاميذ. بل ذهب إلى بلاد العرب و من ثم إلى دمشق. و بعد ثلاث سنوات على الأقل (ليسوا أياماً كثيرة!!) ذهب إلى أورشليم. تذكر الرواية بوضوح ((ولا صَعِدتُ إلى أُورُشليمَ لأرى الّذين َ كانوا رُسُلاً قَبلي)). إذاً فإن تلك هي زيارته الأولى إلى أورشليم بعد رؤياه المزعومة كما يقول. هذه الزيارة الأولى يزعم أنها حدثت بعد ثلاث سنوات على الأقل بعد رؤيا بولس المزعومة. إلا أن كتاب أعمال الرسل يقول أنه بعد عدة أيام من رؤياه سافر إلى أورشليم و قام بحملة تبشيرية ملؤها الشجاعة مع جميع التلاميذ. كما أن أعمال الرسل لا يذكر أي توسط لرحلة إلى بلاد العرب.
3- وفقاً لغلاطية، و فور وصول بولس لأورشليم قابل من التلاميذ بطرس و يعقوب فقط. لا يمكن أن يكون قد قابل أي من التلاميذ في أورشليم قبل ذلك بسبب قوله أنه بعد رؤياه مباشرةً ((لا صَعِدتُ إلى أُورُشليمَ لأرى الّذينَ كانوا رُسُلاً قَبلي)). بل يقول أنه ذهب إلى أورشليم للمرة الأولى بعد " ثلاثِ سَنواتٍ "على الأقل من رؤياه المزعومة. و من ناحية أخرى فإن كتاب أعمال الرسل يقول أنه قابل التلاميذ لأول مرة بعد عدة أيام من رؤياه المزعومة حيث قابل هناك جميع التلاميذ. إن هذا هو لقاءه الأول معهم باعتبار أنهم جميعهم فزعوا منه. لاحظ الكلمات ((فكانوا كُلُّهُم يَخافونَ مِنهُ)). لن تكون حالهم كذلك لو أن بطرس و يعقوب قابلوه من قبل، و على فرض أنهم لم يذكروه أمام التلاميذ الآخرين فعلى الأقل لن يخافه بطرس و يعقوب أنفسهم. لاحظ أيضاً أن برنابا هو الوحيد الذي وقف في صفه و لم يقل (برنابا و بطرس و يعقوب).
4- يقول كتاب أعمال الرسل أنه بعد زيارة بولس الأولى لأورشليم، خاف منه جميع التلاميذ ثم أقنعهم برنابا لقبوله و ذهبوا جميعاً يداً بيد وبدأ ((يَروحُ ويَجيءُ معَ التَّلاميذِ في أُورُشليمَ)) و يبشّر ((بِشجاعةٍ)) بين اليهود. إلا أن رسالة غلاطية تقول أن زيارته الأولى لأورشليم كانت بعد ثلاث سنوات و في هذه الزيارة الأولى قابل يعقوب و بطرس فقط. لم يزعم كاتب الرسالة بأنه ذهب مع بطرس و يعقوب في حملة تبشيرية داخل و خارج أورشليم، و لا يمكن أن يكون قد فعل ذلك سابقاً مع جميع التلاميذ على اعتبار أنه لم يكن ((مَعروفَ الوَجهِ عِندَ كنائِسِ المَسيحِ في اليَهودِيَّةِ)) و أنهم ((سَمِعوا)) فقط باعتناقه المسيحية، و لكنهم كانوا شهود عيان على حملته الشجاعة مع جميع التلاميذ بأمّ أعينهم.
إذا كان مؤلف غالبية كتب العهد الجديد لا يستطيع حتى أن يحافظ على نفس الرواية فيما يتعلق بـ"خلاصه"، فكيف لنا أن نثق فيه و بكلامه بعد كل ذلك؟
تعليق