~.~ هَلَّا قُلْنَا لَهُمْ شُكْرًا ؟ ~.~
منذ فترة كنت أشاهد برنامجا على التلفاز وكانوا يتحدثون فيه عن كتاب - نوعا ما - ألَّفته شابة تعمل كأمينة صندوق في أحد المحلات مع أنها تَحمِل شهادة جامعية، ولمَّا لم تستطع العثور على عمل اضطرت إلى قبول هذه الوظيفة حتى تُعيل نفسها وأخاها الصغير.
تحدثت الفتاة خلال اللقاء الذي أُجري معها عن المعاملة التي تلقاها - والتي تكون سيئة في أحيان كثيرة - ومما أخبرت به مفعول إلقاء التحية عليها أو الابتسامة في وجهها.
قالت إنه إذا قيل لها صباح الخير أو شكرا تحس بالسعادة.
شيء بسيط جدا يدخل السعادة على قلبها.
هذا جعلني أفكر في كل الناس من حولنا الذين يعملون أعمالا قد نراها نحن ثانوية ويراها البعض مَهِينة كعامل النظافة والخادمة وغيرهم.
ربما لا ننظر نحن لهم بهذا الشكل لكن غيرنا يفعل بكل تأكيد.
البعض ينظر لهم نظرة دونية وهذا يجعلهم يخجلون من عملهم ويخبرون عنه إذا سئلوا على استحياء وكأنه جريمة أو شيء مخز.
مع أنها أعمال كسائر الأعمال، ومع أن البعض منهم قد يكون من حملة الشهادات العليا كما هو الحال بالنسبة للفتاة المذكورة.
وما الأفضل ؟ أَهذه الوظائف على بساطتها في نظر البعض أم مد اليد للغير أو التوجه للحرام من سرقة ونصب وغير ذلك ؟
شخص -سواء كان امرأة أو رجلا- اختار أن يكسب عيشه بعرق جبينه ومن طريق حلال ألا يستحق التشجيع والاحترام والتقدير ؟
وبغض النظر عن هذا فلنتخيل شوارعنا بدون عمال النظافة مثلا، كيف كانت ستكون ؟ ومن كان سينظفها ؟
من المؤكد أنها ستتحول لحاويات ضخمة من القمامة، أما الرائحة فلا تسأل عنها وهذا على سبيل المثال ليس إلا.
فلنتخيل شركاتنا وبعض بيوتنا بدون خادمات كيف كانت ستكون أحوالها ؟
فلنتخيل حياتنا بدون أصحاب هذه الأعمال التي لا نُقدر أهميتها في حياتنا، كيف كانت ستكون آنذاك ؟
لا شك أننا لا نستغني عنهم، فلنقل لهم شكرا إذًا.
شكرا لأنهم سدوا أماكن كانت لتكون فارغة لولاهم.
شكرا لأنهم يعطون ولا ينتظرون شكرانا.
والحمد لله أن ديننا لم يفرق بين البشر على أسس جائرة كالمكانة الاجتماعية والثقافية وغير ذلك بل كان المعيار تقوى العبد.
وقد أوصانا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بأن نبتسم في وجه إخوتنا قائلا : "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ"، فماذا يضيرنا لو ابتسمنا في وجه هذه الفئة حتى ندخل السعادة على قلوبهم.
وأمرنا بإفشاء السلام بيننا بقوله : "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ"، فماذا سنخسر لو سلمنا عليهم وسألنا عنهم.
وحثنا على شكر الناس في الحديث : "مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللهَ"، فلنشكرهم إذًا.
ومن هنا أوجه شكري وعرفاني لكل من يعمل كسائق أو خادمة أو عامل نظافة أو غيرهم من نفس مِثالهم.
شكرا لكم جميعا وجزاكم الله عنا خير الجزاء واعذرونا على التقصير.
تعليق