في قصة فرعون و موسى عليه السلام, لماذا لم يؤمن فرعون؟ لماذا لم يؤمن فرعون مع كل هذه المعجزات التي أجراها الله على يد موسى عليه السلام؟ لماذا لم يؤمن فرعون مع أن مطالب سيدنا موسى كانت بسيطة؟
فلم يطلب موسى من فرعون سوى الإيمان بالله و وحدانيته و إرسال بني إسرائيل معه و عدم تعذيبهم, و لو وافق فرعون على مطلبه لما زال ملكه؟
((104 وَقَالَ مُوسَىٰ يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ 105 حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ))
إن مطالب سيدنا موسى عليه السلام كانت بسيطة جدا فأول الطلبين سهل و ميسور و الثاني كان كذلك لو لو آمن فرعون بالله ربا و بموسى نبيا.
سجل لنا القرآن الكريم نهاية فرعون بين أمواج البحر و هو ينطق بكلمات الإيمان الذي لطالما دعاه موسى له: ((وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) و لكنه آمن بعد فوات الآوان فقال ربنا سبحانه و تعالى : ((آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)) فإن الله جل في علاه يقبل توبة العبد ما لم يغرغر : ((وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ)).
لكن دعوني أتسائل..!
ماذا لو آمن فرعون قبل غرقه؟ ما النتائج المترتبة على إيمان فرعون بموسى؟ لو آمن فرعون قبل خروج بني إسرائيل بيوم واحد لغيّر التاريخ الإنساني بأكمله! إي و الله !
فإن أول ما كان سيحصل هو إندماج بنو إسرائيل بالشعب المصري و ذوبان كل بني إسرائيل في المجتمع المصري و لما واجه العالم بعد ذلك اليوم الجنس اليهودي اللعين!
لو آمن فرعون لآمنت معه الأمة المصرية كاملة! و لأصبح الفراعنة هم حملة مشعل الرسالة الدينية إلى الدنيا, و لما تخبطت الامة المصرية القديمة في ظلمات الوثنية بين إله الشمس و إله الأفعى و من بعدها النصرانية حتى تعرفت على النور الحق "الإسلام".
إن تأخر نطق فرعون بكلمة الوحدانية عن موعدها كلف البشرية تضحيات جسيمة و وضعها أمام الأخطار التي ذاقتها من كل ما صنع اليهود من مكائد و أشعلوا من فتن , صدق ربي القائل: ((كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ))
الشاهد من كلامي هذا؛ لقد كانت كلمة "الوحدانية" حلا لكل المشكلات, و لكن إرادة الله مضت كما شاء,,فكلمات فرعون لو جاءت في موعدها لأحدثت ما لا يتقبله العقل الإنساني الآن و لكنها تأخرت فأحدثت بتأخرها ما شقيت به الإنسانية...
كان فرعون و قومه يعرفون ما يترتب على إيمانهم؛ بل إنهم ساوموا سيدنا موسى عليه السلام به :((وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ ۖ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ)) ... و لكنهم نكثوا بالعهد بعدما كشف الله عنهم الرجز :((فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ))
إن التوحيد هو أساس حل المشكلات.....و لو استغلت الشعوب الفرصة لما شقيت مما بعد ذلك...لو وافق فرعون على مطالب موسى لربما بقي هو و ذريته يحكمون مصر لفترة طويلة جدا, و لما مات فرعون بهذه الميتة و لما شقيت البشرية من بعد ذلك من أفعال بني إسرائيل....!!
ببساطة...إن كلمات فرعون "البسيطة" و مطالب سيدنا موسى عليه السلام "الميسورة"...كتبت "تاريخ البشرية" بأكمله حسب مشيئة الله سبحانه و تعالى...
إنها الكلمة..."صانعة التاريخ"....
إن فرعون عندما كان يغرق لم يقل أنني وافقت على ما تطلبه مني يا موسى! بل آمن بإله موسى و سلّم لله فقال :((وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ))...ففرعون يقدم لك الحل...الإسلام هو الحل!..
فرعون لو نطق بكلمات التوحيد لتغير التاريخ الإنساني بأكمله و لكنه استكبر و عندما أراد التوبة...كان قد فات الآوان...فهل سيفوت الأوان على المسلمين في أيامنا هذه أم سيعرفون الحل مبكرا؟
ملحوظة: كلامي لا يوجد له أي خلفية سياسية حول "الإسلام هو الحل".
و الحمدلله رب العالمين !
تعليق