تويت
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله, أما بعد :
فهذا بحث كان كتبه أبو رائد محمد عنان رحمه الله ردا على ما يثار من شبهات حول حديث سحر النبي صلى الله عليه و سلم من النصارى و من الشيعة.
ولما كان ابو رائد رحمه الله معتادا أن ينشر مقالا في المدونة في عيد الفطر , فآثرت نشر هذا البحث اليوم , استمرارا لتلك العادة.
أرجو من الله أن يجعله في ميزانه و أن يحتسبه له صدقة جارية.
الرد على شبهة سحر النبي
حديث سحر النبي صلى الله عليه و سلم
الشبهة :
إن في حديث سحر النبي قد أنكرته المعتزلة واحتارت فيه الشيعة الإمامية الاثنا عشرية بين إثبات وإنكار واستخدمته النصرانية وسيلة للطعن في الدين والرسول والسنة المشرفة ، أما أهل السنة فأثبتوا الحديث وقالوا بأن هذا السحر الذي وقع للنبي لا يتعدى أن يكون مرضا من الأمراض وأنه بشر رسول، أما الحديث فهو ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه.
قال البخاري: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَحَرَ رَسُولَ اللَّه ص رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ حَتَّى كَانَ رَسُولُ ص يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ - أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ - وَهُوَ عِنْدِي لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ:" يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ أَتَانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟فَقَالَ مَطْبُوبٌ([1]) ، قَالَ مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، قَالَ فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ([2]) طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَر،ٍ قَالَ وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ([3])" فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ([4]) الْحِنَّاءِ أَ وْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ([5])"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا اسْتَخْرَجُـَهُ؟ قَالَ: "قَدْ عَافَانِي اللَّهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا" فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ:"فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ"، يُقَالُ: الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ، وَالْمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ([6]).
وأخرجه البخاري رحمه الله أيضاً من حديث عروة عن عائشة قَالَتْ :فَقُلْتُ أَفَلَا أَيْ تَنَشَّرْتَ([7]) فَقَالَ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِي وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ شَرًّا([8]).
وأخرجه البخاري رحمه الله أيضاً من حديث عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ قَالَ لَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِيَ اللَّهُ وَشَفَانِي وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ([9]).
وهذا الحديث صحيح ثابت سندا ومتنا بل هو في أعلى درجات الصحة بعد القرآن الكريم حيث اتفق على روايته الإمامان الجليلان البخاري ومسلم، وما حاوله المبتدعة من الطعن في صحة هذا الحديث بشبههم الواهية فنذكرها هنا بتمامها.
وأقوال الطاعنين في هذا الحديث من المبتدعة :
الأولى : أن هذا الحديث يصدق قول المشركين الذين إتهموا النبي ص بأنه رجل مسحور قال تعالى: S أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلا مَّسْحُورًا R الفرقان: ٨
الثانية : عدم جواز سحر النبي ص عقلاً،لأن وقوع السحر عليه يزيل الثقة بالنبي ص وبما جاء به فإن جاز أن يسحر وأن يُخيل إليه أنه يفعل الأمر – وهو لم يفعله – أمكن أن يُخيل إليه أنه أوحي إليه وهو لم يوح إليه، أو إنه بلغ ما أُوحي إليه، وهو لم يبلغه.
الثالثة: أن السحر من عمل الشياطين، وهؤلاء لا يتسلطون إلا على ضعاف الإيمان من غفل عن ذكر الله.
وهذه الشبهات الثلاث قد حاول النصارى ومن تبعهم من أهل الأهواء إستخدامها للطعن في القرآن الكريم وفي الوحي([10]) مستخدمين في ذلك ما قاله بعض الشيعة الإمامية الاثنا عشرية([11]) في تضعيف ونفي وقوع هذه الحادثة.
كما استعانوا بتلك الهفوة التي وقع فيها الإمام محمد عبده – رحمه الله – عندما أنكر هذا الحديث([12]) ، واتخذوا كلامه مطية لهم ليطفئوا نور الله بأفواههم، ومازالوا يحاولون أن يقنعوا الناس أن هذا هو ما يجب أن يعتقده أهل السنة.
وقبل أن نشرع في المقصود في تفنيد هذه الشبهة بتوفيق الله وعونه فنجعلها هباءً منثوراً – بإذن الله – نسأل أهل العقل والحلم :
هل تعلم أحدا من علماء المسلمين قد طعن في إسناد هذا الحديث؟
والجواب الأكيد هو: لا.
فنقول له ولأمثاله من الطاعنين لما كانت هذه الشبهة لا تعدو أن تخرج عن إحدى تلك الثلاث ،فنقول لك لو تكلفت وقرأت كتب أهل العلم لوجدت الرد متاحاً وقد أطنب العلماء في بيانه وتقريبه للعقول ولكن صدق قوله تعالى قال تعالى: Sوَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ R الأعراف: ١٧٩ ، بل إن القارئ لتبويب الإمام البخاري – رحمه الله تعالى – عندما وضع هذا الحديث في كتاب الطب ، وإيراده للروايات الدالة على انه نوع من المرض قد أصاب النبي وقد شفاه الله منه ما يغني كل أحد ويشفي صدره.
والجواب عن تلك الشبهات نقول وبالله التوفيق :
أولاً : أن قول الكافرين والظالمين عن محمد ص والأنبياء من قبله أنهم بشر وأنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وأنهم فقراء وأنهم أكثر منهم أموالاً وأولادا وأنهم سحرة بل قالوا أن الذي خلق السموات والأرض هو الله فهل نكذبهم في هذا ؟ اللهم لا ، فمجرد قولهم أنه مسحور يناقض قولهم أنه ساحر ،فما أرادوا بقولهم هذا إلا أن يشككوا في الوحي وقد ثبت عند المسلمين كافة أن الله تعالى قد عصم كتابه العزيز من التغيير والتحريف والتبديل قال تعالى: S إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ R الحجر: ٩ فبطل قولكم بوجوب تكذيب قول الكافرين بأنه مسحور.
ثانياً : أما قولكم أن سحر النبي – يؤدي إلى إنتفاء العصمة – فنقول :
ما هو الدليل على أن وقوع السحر على المسحور ينافي العصمة؟
هل لديك دليل على وقوع تبديل أو تغيير في الوحي لما وقعت حادثة سحر النبي؟ والدليل قد قام على عصمته بصريح القرآن وصحيح السنة النبوية.
ما الدليل على تعارض السحر مع ما ثبت عن حفظ الله لوحيه المنزل على رسول الله؟
فلما كنتم بلا دليل – سقطت حجتكم.
ثالثاً : أما قولكم -أن السحر من عمل الشيطان وهو لا يتسلط إلا على الضعفاء من العباد والأنبياء معصومون منه- ، فهذا يناقض صريح القرآن بأن الأنبياء بشر يسري عليهم ما يسري على غيرهم، ولنقرأ ما قاله موسى عليه السلام كما قال تعالى: S قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا R الكهف: ٦٣. بل وقد خاف موسى عليه السلام كما قال تعالى: قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى - فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى R طه: ٦٦ - ٦٧.، وأيضاً تسلط الشيطان على آدم وزوجه في الجنة كما قال تعالى: S فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ R البقرة: ٣٦ بل لقد قتل موسى ص رجل بوسوسة الشيطان كما قال تعالى: S دَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ R القصص: ١٥. وعلى أيوب عليه السلام اقرأ ما قاله الله تعالى في كتابه العزيز : S وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ R ص: ٤١ فهل تنكر نبوة موسى وأيوب وآدم عليهم السلام ؟ وهل انتفت عصمتهم عليهم السلام بهذا ؟
ونقول لك ما قاله الله تعالى عن الشيطان - حتى لا توسوس إليك نفسك – فاقرأ قوله تعالى : S إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا R النساء: ٧٦ ، وعلاج الأمر كما قال تعالى: S وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ R فصلت: ٣٦
أما إغواء الشيطان فيكون في أمور الدنيا كما في قوله تعالى: قال تعالى: S قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ R الحجر: ٣٩ - ٤٠ ، فما يقع للأنبياء والصالحين من عباد الله فهو من باب الابتلاء ورفع الدرجات ،أما أمور الوحي والتبليغ وما هو من الفسق وخوارم المروءة فهم المعصومون بحفظ الله –عز وجل – لهم.
وقد أجمع علماء المسلمين قاطبة ولم يخالف منهم في هذا إلا - المعتزلة وبعض الشيعة الإمامية – على وقوع السحر للنبي ص ونحن نعرض لكم أقوالهم عسى الله أن يهدينا وإياكم الى الخير بإذنه :
حقيقة السحر ووجوده من عدمه وأنواعه :
وقال الإمام المازري: أهل السنة وجمهور العلماء من الأمة على إثبات السحر، وأن له حقيقة كحقائق غيره من الأشياء الثابتة، خلافا لمن أنكره ونفى حقيقته وأضاف ما يتفق منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها. وقد ذكر الله – سبحانه – في كتابه العزيز، وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما يشير إلى أنه مما يكفر به، وأنه يفرق به بين المرء وزوجه، وهذا كله لا يمكن أن يكون فيما لا حقيقة له. وهذا الحديث أيضاً فيه إثباته وأنه أشياء دفنت وأخرجت وهذا كله يبطل ما قالوه([13]).
وقال الإمام القرطبي : هذا الحديث يدل على أن السحر موجود، وأن له أثرا في المسحور. وقد دل على ذلك مواضعُ كثيرة من الكتاب والسٌنة بحيث يحصل بذلك القطع بأن السحر حقُ ؛ وأنه موجودُ، وأن الشرع قد أخبر بذلك، كقصة سحرة فرعون، وبقوله تعالى فيها قال تعالى: S قَالَ أَلْقُواْ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاؤُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ R الأعراف: ١١٦ و قال تعالى: S قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى R طه: ٦٦ وبالجملة : فهو أمر مقطوعُ به بإخبار الله تعالى ورسوله ص عن وجوده، ووقوعه.
والسحر عند علمائنا : حيل صناعية يُتوصل إليها بالتعلم، والإكتساب ؛ غير أنها لخفائها ودقتها لا يتوصل إليها إلا أحاد الناس، فيندر وقوعها، وتستغرب أثارُها لندورها. ومادًتُه الوقوف على خواصِ الأشياء، وبالعلم بوجوه تركيبها، وأزمان ذلك. وأكثره تخييلات لا حقيقة لها، وإيهامات لا ثبوت لها؛ فتعظم عند من لا يعرفها وتشتبه على من لا يقف عليها. ولذلك قال الله تعالى : S يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى R طه: ٦٦. مع أنه كان في عين الناظر إليه عظيماً. وعن ذلك عبر الله تعالى بقوله: فيها S وَجَاؤُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ R الأعراف: ١١٦. لأن الحبال والعصي لم تخرج عن حقيقتها وذلك بخلاف عصا موسى؛ فإنها إنقلبت ثعباناً مبيناً خرقاً للعادة، وإظهاراً للمعجزة. ولا ينكر أن السحر له تأثير في القلوب بالحٌب ، والبغض، وبإلقاء الشرور حتى يٌفرق الساحرُ بين المرء وزوجه، ويحول بين المرء وقلبه، وبإدخال الآلام، وعظيم الأسقام؛ إذ كل ذلك مدرك بالمشاهدة، وإنكارُه معاندةُ([14]).
وقال الكرماني: وقال أكثر الأمم من العرب، والروم، والهند، والعجم بأنه ثابت وحقيقته موجودة وله تأثير، ولا إستحالة في العقل في أن الله تعالى يخرق العادة عند النطق بكلام معلق أو تركيب أجسام ونحوه على وجه لا يعرفه كل أحد([15]).
وقال القسطلاني : والصحيح وهو الذي عليه الجمهور أن له حقيقة وعلى هذا فهل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعاً من الأمراض أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيواناً مثلا وعكسه، فالذي عليه الجمهور هو الأول([16]).
ونقل هذا الإجماع ابن حجر عن النووي بقوله : قال النووي : والصحيح أن له حقيقة وبه قطع الجمهور وعليه عامة العلماء ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة ([17]).
وقال بدر الدين العيني : وأما تعريف السحر فهو أمر خارق للعادة صادر عن نفس شريرة لا يتعذر معارضته، وأنكر قوم حقيقيه وأضافوا ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقيقة لها، وهو إختيار أبي جعفر الاستراباذي من الشافعية وأبو بكر الرازي من الحنفية وإبن حزم الظاهري، والصحيح قول كافة العلماء يدل عليه الكتاب والسنة. فإن قلت : ما وجه إيراد : باب السحر، في كتاب الطب؟ قلت: لا شك أن السحر نوع من المرض وهو يمرض المسحور، ولهذا ذكر النبي "أما والله لقد شفاني"([18])
وقال ابن بطال: وقال ابن القصار : ذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي إلى أن السحر له حقيقة، وقد يمرض من يفعل به ويموت / ويتغير عن طبعه ([19]).
وقال ابن حجر : قال الراغب وغيره: السحر يطلق على معان : أحدها ما لطف ودق، ومنه سحرت الصبي خادعته واستملته، وكل من استمال شيئا فقد سحره، .. والثاني ما يقع بخداع وتخييلات لا حقيقة لها، نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده.. والثالث ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم.. الرابع ما يحصل بمخاطبة الكواكب واستنزال روحانيتها بزعمهم([20]).
نوع السحر الذي وقع للنبي وأنه نوع من الأمراض التي يصاب بها البشر:
وقال المازري([21]):: وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْض الْمُبْتَدِعَة هَذَا الْحَدِيث من طريق ثابتة ، وزعموا أَنَّهُ يَحُطّ مَنْصِب النُّبُوَّة ، وَيُشَكِّك فِيهَا ،وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل ، وزعموا أَنَّ تَجْوِيز هذا يعدم الثِّقَة بما شرعوا من الشرائع، ولعله يتخيل إليه جبريل عليه السلام وليس ثم ما يراه أو أنه أوحي إليه وما أوحي إليه وهَذَا الَّذِي قالوه بَاطِل ؛ وذلك أَنَّ الدليل قد قَامْ عَلَى صِدْقه فيما يبلغه عن الله سبحانه وعلى عصمته فيه، وَالْمُعْجِزَة شَاهِدَة بصدقه
وقال ابن الجوزي ([22]): وقد أنكر قوم من المتكلمين صحة هذا الحديث وقالوا: لو جاز أن يؤثر السحر في رسول الله لم يؤمن أن يؤثر ذلك في الوحي إليه فيقع ضلال والجواب: أما نقل الحديث فلا يرتاب بصحته وقد نطق القرآن بالسحر وأمر بالتعويذ من النفاثات في العقد ورتب الفقهاء أحكاما في حق الساحر والأنبياء بشر يجري عليهم ما يجري على البشر إلا أن ما يتعلق بالوحي محفوظ وهم محفوظون فيه قال تعالى: S مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا R الجن: ٢٧ والمعنى أنه يحفظ الوحي من استراق الشياطين لئلا يلقوه إلى الكهنة فيتكلموا به قبل النبي.
واحتج ابن بطال([23]) بهذا الحديث على وقوع السحر بقوله : قال ابن القصار : والحجة على هذه المقالة حديث عائشة وهو نص لا يحتمل التأويل، لأنهم سحر النبي حتى وصل المرض إلى بدنه، لأنه قال لما حل السحر : إن الله شفاني. والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض، وأيضا قوله تعالى قال تعالى: S مَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ R البقرة: ١٠٢. فنفى الله السحر عن سليمان وأضافه للشياطين وأخبر أنهم يفعلونه ويعلمونه الناس، ولو لم يكن له حقيقة لم يكن تعليمه ولأ أخبر تعالى أنهم يعلمونه الناس.
وقد روى هذا الحديث واحتج به علماء الشيعة الإمامية الاثنا عشرية :
وقد رواه الفيض الكاشاني في تفسير الصافي (1091هـ) حيث قال في طب الأئمة عنه عليه السلام : ان جبرئيل اتى النبي وآله فقال يا محمد قال لبيك يا جبرئيل قال إن فلانا سحرك وجعل السحر في بئر بني فلان . الحديث .. و وفي رواية أن جبرئيل وميكائيل أتيا النبي وآله فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله فقال جبرئيل لميكائيل ما وجه الرجل فقال ميكائيل هو مطبوب فقال جبرئيل ومن طبه قال لبيد ابن أعصم اليهودي ثم ذكر الحديث([24]).
وكذلك الحاج سلطان محمد الجنابذي في كتابه بيان السعادة في مقامات العبادة فقد روى الحديث بتمامه محتجا به على أنه من أسباب نزول المعوذتين([25])
وروى هذا الحديث آية الله آقا حسين الطباطبائي البروجردي 32134(9) الدعائم 138ج(2)- روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي صلوات الله عليهم قال سحر لبيد بن الأعصم اليهودي وأم عبدالله اليهودية رسول الله في عقد خيوط من أحمر وأصفر ... الحديث([26])
ورواه أبو القاسم فرات الكوفي – من أعلام الغيبة الصغرى – في تفسير سورة الفلق قال : سحر لبيد بن أعصم اليهودي وأم عبد الله اليهودية رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فعقدوا له في عقد من قز أحمر وأخضر وأصفر فعقدوه في احدى عشرة عقدة ثم جعلوه في جف من طلع ..الحديث([27]).
أما المجلسي فتناقض فبعد أن روى هذا الحديث قال : إن صح هذا الخبر فليتأول وإلا فليطرح([28]) ثم باب تأثير السحر والعين قال : أما تأثير السحر في النبي فالظاهر عدم وقوعه وإن لم يقم برهان على امتناعه إذا لم ينته إلى حد يخل بغرض البعثة، كالتخبيط والتخليط، ... ثم قال : فأي استحالة على أن يقدروا على فعل يؤثر فيهم هما ومرضا؟([29])
.
أما الحاقدون من النصارى فقد أوردوا هذا لحديث ومرادهم الطعن في الدين والقرآن والسنة فنرد عليهم بكتابهم من باب العدل والإنصاف، فهم لا يؤمنون بالقرآن ولكنهم يؤمنون بكتابهم المقدس – المكون من العهد القديم والعهد الجديد – فكما ورد فيه : (كل الكتاب هو موحى به من الله)([30])
فنقول لهم أن ينظروا بعين الحق ولا يكونوا كالأعور يريد أن ينظر بعين واحده ونطلب منهم أن يقرأوا كتابهم الذ ورد فيه : (يا مرائي ، أخرج أولا الخشبة من عينك ،وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك) ([31]) فها هو كتابكم قد ملئ بالخزي والعار على أنبياء الله ورسله ونعوذ بالله أن يكونوا كذلك ولكن نورده هنا من باب إقامة الحجة على الخصم.
فالسحر عندكم كما تقولون ينافي العصمة – إذ لابد من أن يكون النبي أو الرسول معصوما – فلما كان النبي قد سحر فلا عصمة له ! وبذلك تنتفي عنه النبوة – كذا قلتم ...
فلنقرأ معاً هذا النص كما ورد بالكتاب المقدس (فخرج الشيطان من حضرة الرب وضرب أيوب بقرح رديء من باطن قدمه إلى هامته.) ([32])
فهل تدري من هو أيوب ؟
وكيف تسلط عليه الشيطان ؟
وكيف أصابه الشيطان بالمرض الذي أصابه من قدمه إلى رأسه ؟
وهل انتفت النبوة عن أيوب نتيجة هذا التسلط الشيطاني عليه ؟
هيهات أن تفر ...
أما النص الذي جعلته آخر المقال فهو نص عجيب غريب. وهو نص تسلط الشيطان ليس على البشر ولا أبناء البشر ولكن تسلط الشيطان على الرب نفسه – نعوذ بالله من ذلك – ولكن هذا ما يقوله الكتاب المقدس ، افتح معي واقرأ يا هداك الله
"ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة وأوقفه على جناح الهيكل، وقال له: «إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل لأنه مكتوب: أنه يوصي ملائكته بك فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك»([33]).
أما كيف أخذه الشيطان إلى المدينة المقدسة وأوقفه على جناح الهيكل ،فليس من الضروري أن يكون قد انتقل من مكانه وإنما تجسد المنظر المعقول حتى أنه يكون طبق الأصل من الحقيقة. ويقال إن من هذا المكان طرح اليهود يعقوب أخا الرب وقتلوه، فهو المكان المحبب إلى الشيطان، حيث صور للمسيح كيف أن نزوله في الهواء من هذا العلو الشاهق سيكون معجزة تثبت أنه ابن الله وتقنع الناس للإيمان به([34]).
وتفسير آخر : جرى هذا العمل حقيقة، إذ سمح الرب يسوع لإبليس أن يأخذه من البرية موضع التجربة الأولى إلى جناح الهيكل في أورشليم. وكان قصد المجرب من قوله «اطرح نفسك إلى أسفل» أن يغوي الرب يسوع على أن يمتحن صدق كلمة الله ، ليرى هل الله صادق أم لا([35]).
وتابع معنا قراءة نفس الإنجيل
"ثم أخذه أيضا إبليس إلى جبل عال جدا وأراه جميع ممالك العالم ومجدها، وقال له: «أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي»([36]).
وهذه الحركة أيضا هي المنظر بالمعقول أي يراها الإنسان كما هي حقيقة ولكن بالمنظر المعقول الذي يكشف المستورات دون حركة الجسد. وهذه هي إحدى مواهب الإنسان التي تكون نشطة عند بعض الناس أو يستخدمها الله لتوضيح الخفبات لذهن الإنسان، حيث واسطة الرؤيا لا تكون العين بل العقل، لأن العين لا ترى شيئاً إذا إرتفع الإنسان إلى مسافة عالية، فالضباب وبخار السماء والسحب المتكاثفة لا تعطي فرصة للعين أن ترى شيئاً. ( كانت علي يد الرب وأتى بي إلى هناك. في رؤى الله أتى بي إلى أرض إسرائيل ووضعني على جبل عال جدا, عليه كبناء مدينة من جهة الجنوب.) ([37]) هكذا تُحسب الرؤيا هنا حقيقة كاشفة بقوة فائقة. فالمسيح في التجربة كان يرى بالفعل ممالك العالم لأنه يحمل قوى فائقة على الرؤيا العقلية توضح حقائق الأمور. والذي يثبت أنها رؤية بالمنظر المعقول بمعنى أن العقل يكون نشطاً وواعياً قول الآية إنه أراه مجدها، وهنا المجد لايُرى كشئ ولكن كموضوع يحتاج إلى الفكر ليحيط به وليس مجرد عين تبصر. ثم تقول الآية المقابلة في إنجيل ق. لوقا إن هذا حدث في لحظة من الزمان، والتي تكشف عن إختطاف العقل Rapture. ثم بعدها يقول له هذه كلها أعطيك ثمنا لسجدة واحدة أمامي، لأنها في واقعها الدنيوي هي في حوزة الشيطان رئيس هذا العالم " لأنه إلي قد ٌدفع وأنا أعطيه لمن ُأريد" (لوقا 6:4) ولكن ليحذر القارئ فالعالم الذي في حوزة الشيطان ليس هو عالم الخير والصلاح والحياة الحرة الجميلة، بل عالم الخطية والإثم والرذيلة وعصيان الله والشهوات الحرام ومجد الفساد([38]).
وقد تعمدنا أن نورد النص بكامله حتى لا نتهم باقتطاع النص ، وهل رأيت أن إبليس يملك العالم – يا مسكين – هذا إبليس يملك العالم ويعرضه على يسوع إلهك ؟؟ الله أكبر ... هل تريد تسلطا أكبر من هذا ؟ ، نعوذ بالله من الخذلان.
أما علماء النصرانية الأخرون فخرجوا علينا بتفسير آخر وهو : هل كان للشيطان السلطان أن يعطي يسوع ممالك العالم؟ أليس لله خالق العالم السلطان عليها؟ لعل الشيطان كان يكذب من جهة قوته المزعومة، أو لعله كان يعني سلطته الوقتية وإمساكه بزمام الأرض بسبب الطبيعة البشرية الخاطئة. كانت التجربة تعني تولي السلطة. كان الشيطان يحاول أن يحول يسوع عن هدفه، بجعله يركز بصره على السلطة العالمية وليس على خطط الله([39]).
أما الآخر فيقول : في التجربتين السابقتين لم يظهر إبليس كخصم مضاد لله مضادة علنية أو مكشوفة. بل ظهر أوًلا كأنه يطلب فقط من المسيح برهانًا على كونه ابن الله. وثانيًا، كأنه يحمله إلى إثبات صدق الله. أما في هذه التجربة الثالثة، فقد انكشف أنه العدو، طالبًا، إن أمكنه، أن يفسد الإنسان الثاني، إذ أنه بكيفية عجيبة لا ندركها أراه في لحظة ممالك العالم ومجدها([40]).
وكما قال القدّيس جيروم: [أراه مجد العالم على قمّة جبل، هذا الذي يزول، أمّا المخلّص فنزل إلى الأماكن السفليّة ليهزم إبليس بالتواضع.] كما يقول: [يا لك من متعجرف متكبّر! فإن إبليس لا يملك العالم كلّه ليعطي ممالكه وإنما كما تعلم أن الله هو الذي يهب الملكوت لكثيرين!] ([41]).
أما القديس بولس الذي اشتكي أن ابليس قد تسلط عليه وانه دعا الله أن يخلصه منه فماذا تقولون فيه :
(ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات، أعطيت شوكة في الجسد، ملاك الشيطان، ليلطمني لئلا أرتفع - من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني) ([42]).
فيقول المفسرون : لا نعلم على وجه اليقين ماذا كانت تلك "الشوكة في الجسد" لأنه لم يذكرها لنا، وقد ظن البعض أنها الملاريا أو الصرع أو مرض في العينيين ، ولكن مهما كان الأمر فإن تلك الشوكة كانت مشكلة جسمانية مزمنة تعوقه في بعض الأحيان عن العمل([43])
القديس مقاريوس الكبير:يرى العلامة ترتليان أنها ألم في الأذن، والقديس يوحنا الذهبي الفم أنها صداع، والشهيد كبريانوس آلام جسدية كثيرة وخطيرة. ([44])
ويقول القديس أغسطينوس: ولكن اللَّه الصالح القدير يُخرج أمورًا كثيرة صالحة من مكر إبليس. ([45])
فهاهو أهم رجل في المسيحية والذي أعلن دين المسيحية الذي لم يعلنه المسيح نفسه قد تسلط عليه ابليس !!
أقول لك يا هدانا الله وإياك، إنك بطعنك في عصمة نبينا محمد ، فالطعن فيمن زعتم أنه إلهك أولى ،وإن كان تسلط الشيطان على نبينا يذهب عصمته، فطلب الشيطان من الرب أن يسجد له هو أكبر طعن فيمن تعبد، وإن كان إيرادك هذا الحديث طلباً للعلم فقد رددنا عليك بأقوال أهل العلم ونذكرك مرة أخرى بقول الله تعالى قال تعالى: S بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ R الأنبياء: ١٨
( 1 ) يعني مسحور واستخدمت مطبوب استبشاراً بالشفاء.
( 2 ) وعاء طلع النخل وهو الغشاء الذي يكون عليه ويطلق على الذكر والأنثى.
( 3 ) بئر بالمدينة في بستان بني زريق.
( 4 ) الماء الذي ينقع فيه الحناء.
( 5 ) سمجة الشكل ومستقبحة الصورة.
( 6 ) باب السحر من كتاب الطب تحت رقم 5763 والامام مسلم في كتاب السلام برقم 2189
( 7 ) إستخرجت السحر وحرقته.
( 8) باب السحر تحت رقم 5765
(9 ) باب السحر تحت رقم 5766
(10) التبيان في تفسير القرآن – شيخ الطائفة الطوسي – دار إحياء التراث العربي – الجزء العاشر – صفحة 434
(11) المجهول في حياة الرسول – الدكتور المقريزي –كتاب متاح على الشبكة العنكبوتية في كل الصفحات النصرانية
(12) الأعمال الكاملة – دار الشروق – تحقيق د. محمد عمارة – 1993 – الجزء الخامس – صفحة 543
( 12 ) المعلم بفوائد مسلم للإمام أبي عبدالله المازري – الجزء الثالث – صفحة 158.
( 13 ) المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم – الجزء الخامس – صفحة 568 وما بعدها.
( 14) الكواكب الدراري شرح صحيح أبي عبد الله البخاري – باب السحر– الجزء الحادي والعشرون – صفحة 36 .
( 15) ارشاد الساري شرح صحيح البخاري – القسطلاني – الجزء الثامن – صفحة 401 .
( 16) فتح الباري شرح صحيح البخاري – بن حجر العسقلاني – الجزء العاشر – صفحة 233 .
( 17) عمدة القاري شرح صحيح البخاري – بدر الدين العيني – الجزء الحادي والعشرون – صفحة 412
( 18) شرح صحيح البخاري – بن بطال – الجزء التاسع - صفحة 440 و 441
( 19) فتح الباري شرح صحيح البخاري – بن حجر – الجزء العاشر – صفحة 232 بتصرف
( 20) المعلم بفوائد مسلم – الجزء الثالث - صفحة 159
( 21) كشف المشكل من حديث الصحيحين – بن الجوزي – الجزء الرابع – صفحة 339
( 22) شرح صحيح البخاري – بن بطال – الجزء التاسع - صفحة 440 و 441
( 23 )مؤسسة الاعلمي - الجزء الخامس – الطبعة الثانية 1982 – صفحة 396
( 24 ) منشورات مؤسسة الأعلمي – الطبعة الثانية – 1988 - المجلد الرابع – تفسير سورة الفلق- صفحة 287
( 25) جامع أحاديث الشيعة - المجلد الثاني والعشرون – الطبعة : المهر – قم – طبعة 1378 هـ ش - الصفحة 296
( 26 ) تفسير فرات الكوفي – مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والارشاد – الطبعة الأولى - صفحة 620
( 26 ) بحار الانوار – دار احياء التراث – الطبعة الثالثة – الجزء 38 - صفحة 303
( 26 ) بحار الانوار – دار احياء التراث – الطبعة الثالثة – الجزء 60 - صفحة 41
(25) في الرسالة الثانية الى تيموثاوس الإصحاح 3 – العدد 16
(26) إنجيل متى الإصحاح7 – العدد 5
(27) سفر أيوب الإصحاح2 – العدد 7
(27) إنجيل متى الإصحاح4 – العدد 5و6
(28) تفسير إنجيل متى – الأب متى المسكين – مطبعة دير القديس أنبا مقا ر – الطبعة الأولى – صفحة 190
(29) تفسير إنجيل متى – بنيامين بنكرتن
(30) إنجيل متى متى الإصحاح4 – العدد 8و9
(32) سفر حزقيال الإصحاح 40 – العدد1و2
(33) تفسير إنجيل متى – الأب متى المسكين – مطبعة دير القديس أنبا مقا ر – الطبعة الأولى : 1999 صفحة : 191
(34) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس
(35) تفسير إنجيل متى – بنيامين بنكرتن
(36) تفسير إنجيل متى – تادرس يعقوب ملطي
(30) الرسالة الثانية الى اهل كورنثوس – الاصحاح 12 – العدد 7و8
(30) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس
(30) تفسير الأباء الأولين – تادرس يعقوب ملطي – صفحة 312
(30) تفسير الأباء الأولين – تادرس يعقوب ملطي – صفحة 314
فهذا بحث كان كتبه أبو رائد محمد عنان رحمه الله ردا على ما يثار من شبهات حول حديث سحر النبي صلى الله عليه و سلم من النصارى و من الشيعة.
ولما كان ابو رائد رحمه الله معتادا أن ينشر مقالا في المدونة في عيد الفطر , فآثرت نشر هذا البحث اليوم , استمرارا لتلك العادة.
أرجو من الله أن يجعله في ميزانه و أن يحتسبه له صدقة جارية.
الرد على شبهة سحر النبي
حديث سحر النبي صلى الله عليه و سلم
الشبهة :
إن في حديث سحر النبي قد أنكرته المعتزلة واحتارت فيه الشيعة الإمامية الاثنا عشرية بين إثبات وإنكار واستخدمته النصرانية وسيلة للطعن في الدين والرسول والسنة المشرفة ، أما أهل السنة فأثبتوا الحديث وقالوا بأن هذا السحر الذي وقع للنبي لا يتعدى أن يكون مرضا من الأمراض وأنه بشر رسول، أما الحديث فهو ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه.
قال البخاري: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَحَرَ رَسُولَ اللَّه ص رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ حَتَّى كَانَ رَسُولُ ص يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ - أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ - وَهُوَ عِنْدِي لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ:" يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ أَتَانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟فَقَالَ مَطْبُوبٌ([1]) ، قَالَ مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، قَالَ فِي أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ([2]) طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَر،ٍ قَالَ وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ([3])" فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ص فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ([4]) الْحِنَّاءِ أَ وْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ([5])"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا اسْتَخْرَجُـَهُ؟ قَالَ: "قَدْ عَافَانِي اللَّهُ فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا" فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ. تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ وَابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ وَقَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ:"فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ"، يُقَالُ: الْمُشَاطَةُ مَا يَخْرُجُ مِنْ الشَّعَرِ إِذَا مُشِطَ، وَالْمُشَاقَةُ مِنْ مُشَاقَةِ الْكَتَّانِ([6]).
وأخرجه البخاري رحمه الله أيضاً من حديث عروة عن عائشة قَالَتْ :فَقُلْتُ أَفَلَا أَيْ تَنَشَّرْتَ([7]) فَقَالَ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِي وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ شَرًّا([8]).
وأخرجه البخاري رحمه الله أيضاً من حديث عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ قَالَ لَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِيَ اللَّهُ وَشَفَانِي وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ([9]).
وهذا الحديث صحيح ثابت سندا ومتنا بل هو في أعلى درجات الصحة بعد القرآن الكريم حيث اتفق على روايته الإمامان الجليلان البخاري ومسلم، وما حاوله المبتدعة من الطعن في صحة هذا الحديث بشبههم الواهية فنذكرها هنا بتمامها.
وأقوال الطاعنين في هذا الحديث من المبتدعة :
الأولى : أن هذا الحديث يصدق قول المشركين الذين إتهموا النبي ص بأنه رجل مسحور قال تعالى: S أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلا مَّسْحُورًا R الفرقان: ٨
الثانية : عدم جواز سحر النبي ص عقلاً،لأن وقوع السحر عليه يزيل الثقة بالنبي ص وبما جاء به فإن جاز أن يسحر وأن يُخيل إليه أنه يفعل الأمر – وهو لم يفعله – أمكن أن يُخيل إليه أنه أوحي إليه وهو لم يوح إليه، أو إنه بلغ ما أُوحي إليه، وهو لم يبلغه.
الثالثة: أن السحر من عمل الشياطين، وهؤلاء لا يتسلطون إلا على ضعاف الإيمان من غفل عن ذكر الله.
وهذه الشبهات الثلاث قد حاول النصارى ومن تبعهم من أهل الأهواء إستخدامها للطعن في القرآن الكريم وفي الوحي([10]) مستخدمين في ذلك ما قاله بعض الشيعة الإمامية الاثنا عشرية([11]) في تضعيف ونفي وقوع هذه الحادثة.
كما استعانوا بتلك الهفوة التي وقع فيها الإمام محمد عبده – رحمه الله – عندما أنكر هذا الحديث([12]) ، واتخذوا كلامه مطية لهم ليطفئوا نور الله بأفواههم، ومازالوا يحاولون أن يقنعوا الناس أن هذا هو ما يجب أن يعتقده أهل السنة.
وقبل أن نشرع في المقصود في تفنيد هذه الشبهة بتوفيق الله وعونه فنجعلها هباءً منثوراً – بإذن الله – نسأل أهل العقل والحلم :
هل تعلم أحدا من علماء المسلمين قد طعن في إسناد هذا الحديث؟
والجواب الأكيد هو: لا.
فنقول له ولأمثاله من الطاعنين لما كانت هذه الشبهة لا تعدو أن تخرج عن إحدى تلك الثلاث ،فنقول لك لو تكلفت وقرأت كتب أهل العلم لوجدت الرد متاحاً وقد أطنب العلماء في بيانه وتقريبه للعقول ولكن صدق قوله تعالى قال تعالى: Sوَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ R الأعراف: ١٧٩ ، بل إن القارئ لتبويب الإمام البخاري – رحمه الله تعالى – عندما وضع هذا الحديث في كتاب الطب ، وإيراده للروايات الدالة على انه نوع من المرض قد أصاب النبي وقد شفاه الله منه ما يغني كل أحد ويشفي صدره.
والجواب عن تلك الشبهات نقول وبالله التوفيق :
أولاً : أن قول الكافرين والظالمين عن محمد ص والأنبياء من قبله أنهم بشر وأنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وأنهم فقراء وأنهم أكثر منهم أموالاً وأولادا وأنهم سحرة بل قالوا أن الذي خلق السموات والأرض هو الله فهل نكذبهم في هذا ؟ اللهم لا ، فمجرد قولهم أنه مسحور يناقض قولهم أنه ساحر ،فما أرادوا بقولهم هذا إلا أن يشككوا في الوحي وقد ثبت عند المسلمين كافة أن الله تعالى قد عصم كتابه العزيز من التغيير والتحريف والتبديل قال تعالى: S إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ R الحجر: ٩ فبطل قولكم بوجوب تكذيب قول الكافرين بأنه مسحور.
ثانياً : أما قولكم أن سحر النبي – يؤدي إلى إنتفاء العصمة – فنقول :
ما هو الدليل على أن وقوع السحر على المسحور ينافي العصمة؟
هل لديك دليل على وقوع تبديل أو تغيير في الوحي لما وقعت حادثة سحر النبي؟ والدليل قد قام على عصمته بصريح القرآن وصحيح السنة النبوية.
ما الدليل على تعارض السحر مع ما ثبت عن حفظ الله لوحيه المنزل على رسول الله؟
فلما كنتم بلا دليل – سقطت حجتكم.
ثالثاً : أما قولكم -أن السحر من عمل الشيطان وهو لا يتسلط إلا على الضعفاء من العباد والأنبياء معصومون منه- ، فهذا يناقض صريح القرآن بأن الأنبياء بشر يسري عليهم ما يسري على غيرهم، ولنقرأ ما قاله موسى عليه السلام كما قال تعالى: S قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا R الكهف: ٦٣. بل وقد خاف موسى عليه السلام كما قال تعالى: قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى - فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى R طه: ٦٦ - ٦٧.، وأيضاً تسلط الشيطان على آدم وزوجه في الجنة كما قال تعالى: S فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ R البقرة: ٣٦ بل لقد قتل موسى ص رجل بوسوسة الشيطان كما قال تعالى: S دَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ R القصص: ١٥. وعلى أيوب عليه السلام اقرأ ما قاله الله تعالى في كتابه العزيز : S وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ R ص: ٤١ فهل تنكر نبوة موسى وأيوب وآدم عليهم السلام ؟ وهل انتفت عصمتهم عليهم السلام بهذا ؟
ونقول لك ما قاله الله تعالى عن الشيطان - حتى لا توسوس إليك نفسك – فاقرأ قوله تعالى : S إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا R النساء: ٧٦ ، وعلاج الأمر كما قال تعالى: S وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ R فصلت: ٣٦
أما إغواء الشيطان فيكون في أمور الدنيا كما في قوله تعالى: قال تعالى: S قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ R الحجر: ٣٩ - ٤٠ ، فما يقع للأنبياء والصالحين من عباد الله فهو من باب الابتلاء ورفع الدرجات ،أما أمور الوحي والتبليغ وما هو من الفسق وخوارم المروءة فهم المعصومون بحفظ الله –عز وجل – لهم.
وقد أجمع علماء المسلمين قاطبة ولم يخالف منهم في هذا إلا - المعتزلة وبعض الشيعة الإمامية – على وقوع السحر للنبي ص ونحن نعرض لكم أقوالهم عسى الله أن يهدينا وإياكم الى الخير بإذنه :
حقيقة السحر ووجوده من عدمه وأنواعه :
وقال الإمام المازري: أهل السنة وجمهور العلماء من الأمة على إثبات السحر، وأن له حقيقة كحقائق غيره من الأشياء الثابتة، خلافا لمن أنكره ونفى حقيقته وأضاف ما يتفق منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها. وقد ذكر الله – سبحانه – في كتابه العزيز، وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما يشير إلى أنه مما يكفر به، وأنه يفرق به بين المرء وزوجه، وهذا كله لا يمكن أن يكون فيما لا حقيقة له. وهذا الحديث أيضاً فيه إثباته وأنه أشياء دفنت وأخرجت وهذا كله يبطل ما قالوه([13]).
وقال الإمام القرطبي : هذا الحديث يدل على أن السحر موجود، وأن له أثرا في المسحور. وقد دل على ذلك مواضعُ كثيرة من الكتاب والسٌنة بحيث يحصل بذلك القطع بأن السحر حقُ ؛ وأنه موجودُ، وأن الشرع قد أخبر بذلك، كقصة سحرة فرعون، وبقوله تعالى فيها قال تعالى: S قَالَ أَلْقُواْ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاؤُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ R الأعراف: ١١٦ و قال تعالى: S قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى R طه: ٦٦ وبالجملة : فهو أمر مقطوعُ به بإخبار الله تعالى ورسوله ص عن وجوده، ووقوعه.
والسحر عند علمائنا : حيل صناعية يُتوصل إليها بالتعلم، والإكتساب ؛ غير أنها لخفائها ودقتها لا يتوصل إليها إلا أحاد الناس، فيندر وقوعها، وتستغرب أثارُها لندورها. ومادًتُه الوقوف على خواصِ الأشياء، وبالعلم بوجوه تركيبها، وأزمان ذلك. وأكثره تخييلات لا حقيقة لها، وإيهامات لا ثبوت لها؛ فتعظم عند من لا يعرفها وتشتبه على من لا يقف عليها. ولذلك قال الله تعالى : S يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى R طه: ٦٦. مع أنه كان في عين الناظر إليه عظيماً. وعن ذلك عبر الله تعالى بقوله: فيها S وَجَاؤُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ R الأعراف: ١١٦. لأن الحبال والعصي لم تخرج عن حقيقتها وذلك بخلاف عصا موسى؛ فإنها إنقلبت ثعباناً مبيناً خرقاً للعادة، وإظهاراً للمعجزة. ولا ينكر أن السحر له تأثير في القلوب بالحٌب ، والبغض، وبإلقاء الشرور حتى يٌفرق الساحرُ بين المرء وزوجه، ويحول بين المرء وقلبه، وبإدخال الآلام، وعظيم الأسقام؛ إذ كل ذلك مدرك بالمشاهدة، وإنكارُه معاندةُ([14]).
وقال الكرماني: وقال أكثر الأمم من العرب، والروم، والهند، والعجم بأنه ثابت وحقيقته موجودة وله تأثير، ولا إستحالة في العقل في أن الله تعالى يخرق العادة عند النطق بكلام معلق أو تركيب أجسام ونحوه على وجه لا يعرفه كل أحد([15]).
وقال القسطلاني : والصحيح وهو الذي عليه الجمهور أن له حقيقة وعلى هذا فهل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعاً من الأمراض أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيواناً مثلا وعكسه، فالذي عليه الجمهور هو الأول([16]).
ونقل هذا الإجماع ابن حجر عن النووي بقوله : قال النووي : والصحيح أن له حقيقة وبه قطع الجمهور وعليه عامة العلماء ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة ([17]).
وقال بدر الدين العيني : وأما تعريف السحر فهو أمر خارق للعادة صادر عن نفس شريرة لا يتعذر معارضته، وأنكر قوم حقيقيه وأضافوا ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقيقة لها، وهو إختيار أبي جعفر الاستراباذي من الشافعية وأبو بكر الرازي من الحنفية وإبن حزم الظاهري، والصحيح قول كافة العلماء يدل عليه الكتاب والسنة. فإن قلت : ما وجه إيراد : باب السحر، في كتاب الطب؟ قلت: لا شك أن السحر نوع من المرض وهو يمرض المسحور، ولهذا ذكر النبي "أما والله لقد شفاني"([18])
وقال ابن بطال: وقال ابن القصار : ذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي إلى أن السحر له حقيقة، وقد يمرض من يفعل به ويموت / ويتغير عن طبعه ([19]).
وقال ابن حجر : قال الراغب وغيره: السحر يطلق على معان : أحدها ما لطف ودق، ومنه سحرت الصبي خادعته واستملته، وكل من استمال شيئا فقد سحره، .. والثاني ما يقع بخداع وتخييلات لا حقيقة لها، نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده.. والثالث ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم.. الرابع ما يحصل بمخاطبة الكواكب واستنزال روحانيتها بزعمهم([20]).
نوع السحر الذي وقع للنبي وأنه نوع من الأمراض التي يصاب بها البشر:
وقال المازري([21]):: وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْض الْمُبْتَدِعَة هَذَا الْحَدِيث من طريق ثابتة ، وزعموا أَنَّهُ يَحُطّ مَنْصِب النُّبُوَّة ، وَيُشَكِّك فِيهَا ،وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل ، وزعموا أَنَّ تَجْوِيز هذا يعدم الثِّقَة بما شرعوا من الشرائع، ولعله يتخيل إليه جبريل عليه السلام وليس ثم ما يراه أو أنه أوحي إليه وما أوحي إليه وهَذَا الَّذِي قالوه بَاطِل ؛ وذلك أَنَّ الدليل قد قَامْ عَلَى صِدْقه فيما يبلغه عن الله سبحانه وعلى عصمته فيه، وَالْمُعْجِزَة شَاهِدَة بصدقه
وقال ابن الجوزي ([22]): وقد أنكر قوم من المتكلمين صحة هذا الحديث وقالوا: لو جاز أن يؤثر السحر في رسول الله لم يؤمن أن يؤثر ذلك في الوحي إليه فيقع ضلال والجواب: أما نقل الحديث فلا يرتاب بصحته وقد نطق القرآن بالسحر وأمر بالتعويذ من النفاثات في العقد ورتب الفقهاء أحكاما في حق الساحر والأنبياء بشر يجري عليهم ما يجري على البشر إلا أن ما يتعلق بالوحي محفوظ وهم محفوظون فيه قال تعالى: S مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا R الجن: ٢٧ والمعنى أنه يحفظ الوحي من استراق الشياطين لئلا يلقوه إلى الكهنة فيتكلموا به قبل النبي.
واحتج ابن بطال([23]) بهذا الحديث على وقوع السحر بقوله : قال ابن القصار : والحجة على هذه المقالة حديث عائشة وهو نص لا يحتمل التأويل، لأنهم سحر النبي حتى وصل المرض إلى بدنه، لأنه قال لما حل السحر : إن الله شفاني. والشفاء إنما يكون برفع العلة وزوال المرض، وأيضا قوله تعالى قال تعالى: S مَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ R البقرة: ١٠٢. فنفى الله السحر عن سليمان وأضافه للشياطين وأخبر أنهم يفعلونه ويعلمونه الناس، ولو لم يكن له حقيقة لم يكن تعليمه ولأ أخبر تعالى أنهم يعلمونه الناس.
وقد روى هذا الحديث واحتج به علماء الشيعة الإمامية الاثنا عشرية :
وقد رواه الفيض الكاشاني في تفسير الصافي (1091هـ) حيث قال في طب الأئمة عنه عليه السلام : ان جبرئيل اتى النبي وآله فقال يا محمد قال لبيك يا جبرئيل قال إن فلانا سحرك وجعل السحر في بئر بني فلان . الحديث .. و وفي رواية أن جبرئيل وميكائيل أتيا النبي وآله فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله فقال جبرئيل لميكائيل ما وجه الرجل فقال ميكائيل هو مطبوب فقال جبرئيل ومن طبه قال لبيد ابن أعصم اليهودي ثم ذكر الحديث([24]).
وكذلك الحاج سلطان محمد الجنابذي في كتابه بيان السعادة في مقامات العبادة فقد روى الحديث بتمامه محتجا به على أنه من أسباب نزول المعوذتين([25])
وروى هذا الحديث آية الله آقا حسين الطباطبائي البروجردي 32134(9) الدعائم 138ج(2)- روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي صلوات الله عليهم قال سحر لبيد بن الأعصم اليهودي وأم عبدالله اليهودية رسول الله في عقد خيوط من أحمر وأصفر ... الحديث([26])
ورواه أبو القاسم فرات الكوفي – من أعلام الغيبة الصغرى – في تفسير سورة الفلق قال : سحر لبيد بن أعصم اليهودي وأم عبد الله اليهودية رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فعقدوا له في عقد من قز أحمر وأخضر وأصفر فعقدوه في احدى عشرة عقدة ثم جعلوه في جف من طلع ..الحديث([27]).
أما المجلسي فتناقض فبعد أن روى هذا الحديث قال : إن صح هذا الخبر فليتأول وإلا فليطرح([28]) ثم باب تأثير السحر والعين قال : أما تأثير السحر في النبي فالظاهر عدم وقوعه وإن لم يقم برهان على امتناعه إذا لم ينته إلى حد يخل بغرض البعثة، كالتخبيط والتخليط، ... ثم قال : فأي استحالة على أن يقدروا على فعل يؤثر فيهم هما ومرضا؟([29])
.
أما الحاقدون من النصارى فقد أوردوا هذا لحديث ومرادهم الطعن في الدين والقرآن والسنة فنرد عليهم بكتابهم من باب العدل والإنصاف، فهم لا يؤمنون بالقرآن ولكنهم يؤمنون بكتابهم المقدس – المكون من العهد القديم والعهد الجديد – فكما ورد فيه : (كل الكتاب هو موحى به من الله)([30])
فنقول لهم أن ينظروا بعين الحق ولا يكونوا كالأعور يريد أن ينظر بعين واحده ونطلب منهم أن يقرأوا كتابهم الذ ورد فيه : (يا مرائي ، أخرج أولا الخشبة من عينك ،وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك) ([31]) فها هو كتابكم قد ملئ بالخزي والعار على أنبياء الله ورسله ونعوذ بالله أن يكونوا كذلك ولكن نورده هنا من باب إقامة الحجة على الخصم.
فالسحر عندكم كما تقولون ينافي العصمة – إذ لابد من أن يكون النبي أو الرسول معصوما – فلما كان النبي قد سحر فلا عصمة له ! وبذلك تنتفي عنه النبوة – كذا قلتم ...
فلنقرأ معاً هذا النص كما ورد بالكتاب المقدس (فخرج الشيطان من حضرة الرب وضرب أيوب بقرح رديء من باطن قدمه إلى هامته.) ([32])
فهل تدري من هو أيوب ؟
وكيف تسلط عليه الشيطان ؟
وكيف أصابه الشيطان بالمرض الذي أصابه من قدمه إلى رأسه ؟
وهل انتفت النبوة عن أيوب نتيجة هذا التسلط الشيطاني عليه ؟
هيهات أن تفر ...
أما النص الذي جعلته آخر المقال فهو نص عجيب غريب. وهو نص تسلط الشيطان ليس على البشر ولا أبناء البشر ولكن تسلط الشيطان على الرب نفسه – نعوذ بالله من ذلك – ولكن هذا ما يقوله الكتاب المقدس ، افتح معي واقرأ يا هداك الله
"ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة وأوقفه على جناح الهيكل، وقال له: «إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل لأنه مكتوب: أنه يوصي ملائكته بك فعلى أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك»([33]).
أما كيف أخذه الشيطان إلى المدينة المقدسة وأوقفه على جناح الهيكل ،فليس من الضروري أن يكون قد انتقل من مكانه وإنما تجسد المنظر المعقول حتى أنه يكون طبق الأصل من الحقيقة. ويقال إن من هذا المكان طرح اليهود يعقوب أخا الرب وقتلوه، فهو المكان المحبب إلى الشيطان، حيث صور للمسيح كيف أن نزوله في الهواء من هذا العلو الشاهق سيكون معجزة تثبت أنه ابن الله وتقنع الناس للإيمان به([34]).
وتفسير آخر : جرى هذا العمل حقيقة، إذ سمح الرب يسوع لإبليس أن يأخذه من البرية موضع التجربة الأولى إلى جناح الهيكل في أورشليم. وكان قصد المجرب من قوله «اطرح نفسك إلى أسفل» أن يغوي الرب يسوع على أن يمتحن صدق كلمة الله ، ليرى هل الله صادق أم لا([35]).
وتابع معنا قراءة نفس الإنجيل
"ثم أخذه أيضا إبليس إلى جبل عال جدا وأراه جميع ممالك العالم ومجدها، وقال له: «أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي»([36]).
وهذه الحركة أيضا هي المنظر بالمعقول أي يراها الإنسان كما هي حقيقة ولكن بالمنظر المعقول الذي يكشف المستورات دون حركة الجسد. وهذه هي إحدى مواهب الإنسان التي تكون نشطة عند بعض الناس أو يستخدمها الله لتوضيح الخفبات لذهن الإنسان، حيث واسطة الرؤيا لا تكون العين بل العقل، لأن العين لا ترى شيئاً إذا إرتفع الإنسان إلى مسافة عالية، فالضباب وبخار السماء والسحب المتكاثفة لا تعطي فرصة للعين أن ترى شيئاً. ( كانت علي يد الرب وأتى بي إلى هناك. في رؤى الله أتى بي إلى أرض إسرائيل ووضعني على جبل عال جدا, عليه كبناء مدينة من جهة الجنوب.) ([37]) هكذا تُحسب الرؤيا هنا حقيقة كاشفة بقوة فائقة. فالمسيح في التجربة كان يرى بالفعل ممالك العالم لأنه يحمل قوى فائقة على الرؤيا العقلية توضح حقائق الأمور. والذي يثبت أنها رؤية بالمنظر المعقول بمعنى أن العقل يكون نشطاً وواعياً قول الآية إنه أراه مجدها، وهنا المجد لايُرى كشئ ولكن كموضوع يحتاج إلى الفكر ليحيط به وليس مجرد عين تبصر. ثم تقول الآية المقابلة في إنجيل ق. لوقا إن هذا حدث في لحظة من الزمان، والتي تكشف عن إختطاف العقل Rapture. ثم بعدها يقول له هذه كلها أعطيك ثمنا لسجدة واحدة أمامي، لأنها في واقعها الدنيوي هي في حوزة الشيطان رئيس هذا العالم " لأنه إلي قد ٌدفع وأنا أعطيه لمن ُأريد" (لوقا 6:4) ولكن ليحذر القارئ فالعالم الذي في حوزة الشيطان ليس هو عالم الخير والصلاح والحياة الحرة الجميلة، بل عالم الخطية والإثم والرذيلة وعصيان الله والشهوات الحرام ومجد الفساد([38]).
وقد تعمدنا أن نورد النص بكامله حتى لا نتهم باقتطاع النص ، وهل رأيت أن إبليس يملك العالم – يا مسكين – هذا إبليس يملك العالم ويعرضه على يسوع إلهك ؟؟ الله أكبر ... هل تريد تسلطا أكبر من هذا ؟ ، نعوذ بالله من الخذلان.
أما علماء النصرانية الأخرون فخرجوا علينا بتفسير آخر وهو : هل كان للشيطان السلطان أن يعطي يسوع ممالك العالم؟ أليس لله خالق العالم السلطان عليها؟ لعل الشيطان كان يكذب من جهة قوته المزعومة، أو لعله كان يعني سلطته الوقتية وإمساكه بزمام الأرض بسبب الطبيعة البشرية الخاطئة. كانت التجربة تعني تولي السلطة. كان الشيطان يحاول أن يحول يسوع عن هدفه، بجعله يركز بصره على السلطة العالمية وليس على خطط الله([39]).
أما الآخر فيقول : في التجربتين السابقتين لم يظهر إبليس كخصم مضاد لله مضادة علنية أو مكشوفة. بل ظهر أوًلا كأنه يطلب فقط من المسيح برهانًا على كونه ابن الله. وثانيًا، كأنه يحمله إلى إثبات صدق الله. أما في هذه التجربة الثالثة، فقد انكشف أنه العدو، طالبًا، إن أمكنه، أن يفسد الإنسان الثاني، إذ أنه بكيفية عجيبة لا ندركها أراه في لحظة ممالك العالم ومجدها([40]).
وكما قال القدّيس جيروم: [أراه مجد العالم على قمّة جبل، هذا الذي يزول، أمّا المخلّص فنزل إلى الأماكن السفليّة ليهزم إبليس بالتواضع.] كما يقول: [يا لك من متعجرف متكبّر! فإن إبليس لا يملك العالم كلّه ليعطي ممالكه وإنما كما تعلم أن الله هو الذي يهب الملكوت لكثيرين!] ([41]).
أما القديس بولس الذي اشتكي أن ابليس قد تسلط عليه وانه دعا الله أن يخلصه منه فماذا تقولون فيه :
(ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات، أعطيت شوكة في الجسد، ملاك الشيطان، ليلطمني لئلا أرتفع - من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني) ([42]).
فيقول المفسرون : لا نعلم على وجه اليقين ماذا كانت تلك "الشوكة في الجسد" لأنه لم يذكرها لنا، وقد ظن البعض أنها الملاريا أو الصرع أو مرض في العينيين ، ولكن مهما كان الأمر فإن تلك الشوكة كانت مشكلة جسمانية مزمنة تعوقه في بعض الأحيان عن العمل([43])
القديس مقاريوس الكبير:يرى العلامة ترتليان أنها ألم في الأذن، والقديس يوحنا الذهبي الفم أنها صداع، والشهيد كبريانوس آلام جسدية كثيرة وخطيرة. ([44])
ويقول القديس أغسطينوس: ولكن اللَّه الصالح القدير يُخرج أمورًا كثيرة صالحة من مكر إبليس. ([45])
فهاهو أهم رجل في المسيحية والذي أعلن دين المسيحية الذي لم يعلنه المسيح نفسه قد تسلط عليه ابليس !!
أقول لك يا هدانا الله وإياك، إنك بطعنك في عصمة نبينا محمد ، فالطعن فيمن زعتم أنه إلهك أولى ،وإن كان تسلط الشيطان على نبينا يذهب عصمته، فطلب الشيطان من الرب أن يسجد له هو أكبر طعن فيمن تعبد، وإن كان إيرادك هذا الحديث طلباً للعلم فقد رددنا عليك بأقوال أهل العلم ونذكرك مرة أخرى بقول الله تعالى قال تعالى: S بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ R الأنبياء: ١٨
( 1 ) يعني مسحور واستخدمت مطبوب استبشاراً بالشفاء.
( 2 ) وعاء طلع النخل وهو الغشاء الذي يكون عليه ويطلق على الذكر والأنثى.
( 3 ) بئر بالمدينة في بستان بني زريق.
( 4 ) الماء الذي ينقع فيه الحناء.
( 5 ) سمجة الشكل ومستقبحة الصورة.
( 6 ) باب السحر من كتاب الطب تحت رقم 5763 والامام مسلم في كتاب السلام برقم 2189
( 7 ) إستخرجت السحر وحرقته.
( 8) باب السحر تحت رقم 5765
(9 ) باب السحر تحت رقم 5766
(10) التبيان في تفسير القرآن – شيخ الطائفة الطوسي – دار إحياء التراث العربي – الجزء العاشر – صفحة 434
(11) المجهول في حياة الرسول – الدكتور المقريزي –كتاب متاح على الشبكة العنكبوتية في كل الصفحات النصرانية
(12) الأعمال الكاملة – دار الشروق – تحقيق د. محمد عمارة – 1993 – الجزء الخامس – صفحة 543
( 12 ) المعلم بفوائد مسلم للإمام أبي عبدالله المازري – الجزء الثالث – صفحة 158.
( 13 ) المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم – الجزء الخامس – صفحة 568 وما بعدها.
( 14) الكواكب الدراري شرح صحيح أبي عبد الله البخاري – باب السحر– الجزء الحادي والعشرون – صفحة 36 .
( 15) ارشاد الساري شرح صحيح البخاري – القسطلاني – الجزء الثامن – صفحة 401 .
( 16) فتح الباري شرح صحيح البخاري – بن حجر العسقلاني – الجزء العاشر – صفحة 233 .
( 17) عمدة القاري شرح صحيح البخاري – بدر الدين العيني – الجزء الحادي والعشرون – صفحة 412
( 18) شرح صحيح البخاري – بن بطال – الجزء التاسع - صفحة 440 و 441
( 19) فتح الباري شرح صحيح البخاري – بن حجر – الجزء العاشر – صفحة 232 بتصرف
( 20) المعلم بفوائد مسلم – الجزء الثالث - صفحة 159
( 21) كشف المشكل من حديث الصحيحين – بن الجوزي – الجزء الرابع – صفحة 339
( 22) شرح صحيح البخاري – بن بطال – الجزء التاسع - صفحة 440 و 441
( 23 )مؤسسة الاعلمي - الجزء الخامس – الطبعة الثانية 1982 – صفحة 396
( 24 ) منشورات مؤسسة الأعلمي – الطبعة الثانية – 1988 - المجلد الرابع – تفسير سورة الفلق- صفحة 287
( 25) جامع أحاديث الشيعة - المجلد الثاني والعشرون – الطبعة : المهر – قم – طبعة 1378 هـ ش - الصفحة 296
( 26 ) تفسير فرات الكوفي – مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والارشاد – الطبعة الأولى - صفحة 620
( 26 ) بحار الانوار – دار احياء التراث – الطبعة الثالثة – الجزء 38 - صفحة 303
( 26 ) بحار الانوار – دار احياء التراث – الطبعة الثالثة – الجزء 60 - صفحة 41
(25) في الرسالة الثانية الى تيموثاوس الإصحاح 3 – العدد 16
(26) إنجيل متى الإصحاح7 – العدد 5
(27) سفر أيوب الإصحاح2 – العدد 7
(27) إنجيل متى الإصحاح4 – العدد 5و6
(28) تفسير إنجيل متى – الأب متى المسكين – مطبعة دير القديس أنبا مقا ر – الطبعة الأولى – صفحة 190
(29) تفسير إنجيل متى – بنيامين بنكرتن
(30) إنجيل متى متى الإصحاح4 – العدد 8و9
(32) سفر حزقيال الإصحاح 40 – العدد1و2
(33) تفسير إنجيل متى – الأب متى المسكين – مطبعة دير القديس أنبا مقا ر – الطبعة الأولى : 1999 صفحة : 191
(34) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس
(35) تفسير إنجيل متى – بنيامين بنكرتن
(36) تفسير إنجيل متى – تادرس يعقوب ملطي
(30) الرسالة الثانية الى اهل كورنثوس – الاصحاح 12 – العدد 7و8
(30) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس
(30) تفسير الأباء الأولين – تادرس يعقوب ملطي – صفحة 312
(30) تفسير الأباء الأولين – تادرس يعقوب ملطي – صفحة 314
تعليق