ليْلةُ القَدْرِ .. أحْداثٌ وَدُروسٌ .

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أحمد. مسلم اكتشف المزيد حول أحمد.
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد.
    مشرف اللجنة العلمية

    حارس من حراس العقيدة
    • 30 يون, 2011
    • 6655
    • -
    • مسلم

    ليْلةُ القَدْرِ .. أحْداثٌ وَدُروسٌ .

    بسْم اللهِ الرحْمن الرحيم

    السَلامُ عليْكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه

    هذا بحثٌ قديمٌ لى كتبته منذُ ما يقربُ من سبع سنوات كنتُ حينها فى سنىِّ دِراستى الأولى فى الجامعة عن ليلة القدر .. وهو بحثٌ له مكانته ومنزلتُه عندى فهو أولُّ مُحاولة جدية لى للكتابةِ البحثيَّة .. ورغمَ ما امتلأ به هذا البحثُ من أخطاء وعيوب إلا أنَّ منزلتَه عندى باقيةٌ كما هى لِما بذلتُه فيه من جُهد ولصِدقِ نيَّتى حال كِتابته ولاستشعارى أهميَّة مُتعلقه وهو تلك الليلة الطاهرة المُباركة التى أُنزِل فيها القرآن هدى للنَّاس وبينات مِن الهُدى والفرقان .. ففى هذه الليلة الكريمة أنزلَ الله تعالى كِتابه إلى السماء الدُنيا وفيها بدء إرسالُ وحى السماء إلى أهل الأرض وفيها بدءَ اتصالُ أمينِ السماء بأمين الأرض وفيها يفرقُ الله تعالى كلَّ أمر حكيم وتتنزل فيها الملائكة والروح بإذنه سبحانه وتعمُّ فيها رحمته حتى تجعلها خيرا من ألفِ شهر .

    وكانت لكِتابتى هذا البحثَ ظروفٌ أثرَّت عليه فقد كان مطلوبا مِنِّى كتابتُه فى خمس وعشرين صفحة فحاولتُ كثيرا أن أختصره ولا أطيله وبرغم مُحاولاتى العديدة لذلك إلا أنَّه خرج فى حوالى خمس وأربعين صفحة من القطع الكبير .. ومع ذلك فلأنَّنى تناولت فيه جوانب مُتعددة ومسائل متنوعة فقد خرجَ مُخلا فى بعضِ مواضعه حيث لم أستطع لأجل حرصى على الكمِّ أن أهتمَّ حقَّ الاهتمام بالكيف فقصرتُ مثلا فى استخراج الدروس والآثار التى ترتبت عليه واكتفيت بذكر غيضٍ من فيضٍ منها مُطيلا النفس قدر الإمكان فيما تكلمتُ عنه فيها غافلا ما سواها .

    وكان من ظروفِ كتابته أيضا أنَّنى كان مطلوبا منِّى إنهاؤه فى وقتٍ قصير لم يُتح لى البحث عن المراجع الواجب النظرُ فيها عند كِتابة مثله لا سيَّما كتب الحديث الشريف وشروحاتها فاستعنتُ بالله واعتمدتُ على ما لدىَّ من مراجع على قلته واكتفيتُ من كُتب الحديث الشريف بصحيحى الشيخين البخارى ومسلم .. فظهر لأجل ذلك بعضُ الفقر فى مادته العلمية بما لا يجب أن يكون فى مثله .

    وكان من ظروفِ كِتابته أيضا قِلة علمى وحداثة سنِّى وانعدامُ خبرتى فى كِتابة البحوث واستقراءِ المراجع ونحو ذلك فظهرت فيه عيوبٌ مُتعلقة بالسياقِ وأسلوب الكتابة وما يحتمله المجال ومالا يحتمله من مسائل إلى غير ذلك من العيوب التى لا تخفى على أريبٍ .

    وكان لهذه الأسباب أنَّنى عندما أردتُ رفع البحثِ إلى مُنتدانا الطيِّب رفعتُه بتصرُّفٍ غير يسير فحذفتُ منه أشياء وغيَّرتُ منه أشياء وأضفتُ إليه أشياء .. إلا أنَّنى مع ذلك - ولأهميته عندى - لم أتصرَّف فيه إلى الدرجة التى تطغى على أصله فتنقله إلى صورة أخرى مغايرة تماما للصورة التى كان عليها مُحافظا قدر الإمكان على هذه الصورة الأولى رغم عدم اقتناعى بكثير مِمَّا تركته فيها .. غير أنَّ عدَم قناعتى هذه لا تمسُّ شيئا شرعيا ولا جوهريا وإلا كان واجب التغيير بلا شك .. فليعذرنى جميعُ إخوانى إن ظهرَ هذا البحثُ على غير المأمولِ أو كثُرت فيه العيوب فهو مُجرَّدُ مُحاولةٍ لشابٍّ غرير ليس أكثر .

    قامت بتنسيق هذا البحث ومراجعته لغويًّا الأختُ الكريمةُ حاملة اللواء .. جزاها الله تعالى كلَّ خير وجعله فى ميزان حسناتها .

    أسألُ الله تعالى أن يجعل هذا البحثَ خالصا لوجهه الكريم .. وأن يرزقنا فضل ليلة القدر وأن يصيبنا برحمته فيها هو سبحانه ولىُّ ذلك والقادر عليه .
    وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

    رحِمَ
    اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.
  • أحمد.
    مشرف اللجنة العلمية

    حارس من حراس العقيدة
    • 30 يون, 2011
    • 6655
    • -
    • مسلم

    #2
    [ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) ] ( القدر )



    [ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) ]
    ( الدخان )



    ( إذا دخل رمضان فُتحت أبواب السماء ، وغُلقت أبواب جهنم ، وسُلسلت الشياطين )



    ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشرُ أحيا الليل ، وأيقظ أهله ، وجدَّ ، وشدَّ المِئزر )



    ( مَن يَقم ليلة القدْر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه )

    وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

    رحِمَ
    اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

    تعليق

    • أحمد.
      مشرف اللجنة العلمية

      حارس من حراس العقيدة
      • 30 يون, 2011
      • 6655
      • -
      • مسلم

      #3
      َ

      إهداء ...

      إلى كلِّ صرْحٍ على هذى الأرضِ أذِن اللهُ تعالى أنْ يُرفَع ويُذكَر فيهِ اسمُه .
      إلى صرْحٍ أخرج للإسْلامِ رِجالا لا تُلهيهم تِجارَة ولا بيْعٌ عنْ ذِكر الله ، وإقامِ الصلاة ، وإيتاءِ الزَكاة ، يخافون يَومًا تتقلبُ فيه القلوبُ والأبْصارُ ، عملوا وسْعَهم وبذلوا جُهدَهم فى حِفظِ الإسْلامِ مِنَ الرِدَّة المشئومَة إلى عصور الجاهِليَّة والانحِطاط والشِرك .

      إلى الأزهرِ الشريفِ
      ورِجالِه

      وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

      رحِمَ
      اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

      تعليق

      • حاملة اللواء
        مشرفة شرف المنتدى
        عضو مجموعة الأخوات

        • 24 ديس, 2010
        • 1969
        • طاعة الله
        • مسلمة

        #4
        مُقَدِّمَة


        مُقَدِّمَة


        بسم الله الرحمن الرحيم


        الحمدُ لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة السلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله الغر الميامين، وعلى أصحابه الكرام والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد :

        يقولُ الله تبارك وتعالى مُمتَنًّا على نبيِّه صلى الله عليه وسلم : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) } [ الضحى ]، لقد كان هذا التحولُ من اليُتمِ إلى الأمانِ ومن الضَّلالِ إلى الهُدَى ومن العِيلَة إلى الغِنى هو النتيجةَ المباشرةَ لهذه الليلةِ المباركة التي أَوْرَثَتْ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم خوفَا ثُمَّ طمأنينةً ثُمّ بِشْرًا، فكانت بحقٍّ نُقطةَ التّحَوُّلِ الأهمَّ في حياة محمّدٍ راعي الغنَمِ ثُمَّ التّاجِر ثُمَّ النّبِي – صلوات ربِّي وسلامُه عليه -، كما كانَتْ نُقطةَ التّحولِ الأهمَّ في تاريخِ البَشريةِ على الأرضِ لمَّا وَجَدَ الله تعالى بيْن البَشَر مَن يَسْتحِقُّون كلامَه إليْهِم ونَظَرَهُ لَهُم فأَنْزَلَ عليْهم قُرآنَه وأَرْسَل لهُم نَبِيّه في ليْلةٍ هي عنده خَيْرٌ من ألْفِ شَهْر.

        وإنِّي لا أَزْعُمُ في نفْسي قُدْرةً على الإحَاطةِ بجَلالاتِ ليْلَةٍ جَمَعَها اللهُ تَبَارك وتعَالى في سُورَةٍ مِنْ خَمْسِ آياتٍ - تمامًا كمَا لا أَزْعُمُ في نفْسي قُدرةً على الإحاطةِ بمعَانِي حَرْفٍ واحِدٍ مِن حُروفِ كِتَابِ اللهِ الكريمِ - غير أنِّي أَمْلكُ في هذا المجالِ أنْ أُحاوِلَ وأُحاوِلَ عَلَّنِي أصِلُ إلى تلكَ القَطْرةِ التِّي تَعْلَقُ بالمِخْيَطِ إذا أُدْخِلَ البَحْرَ، وأقْصَى ما أَطْمَحُ إليْه ألاَّ يَلْفِظَ مُحيطُ العِلْم مِخْيَطَ المُبْحِرين الرَّفيعَ، وألا يَغْرَقَ مِخْيَطُ المُبْحِرين في مُحِيط العِلْم الواسِعِ.

        وقد وَفَّقَنِي الله عزّ وجلّ لتقسِيمِ هذا المَبْحَث الصّغير على ثلاثَةِ فُصولٍ :

        أوَّلُها / ما حَدَث في ليْلة القَدْر.
        ثانِيها / ما ليْلة القَدْر في الكِتَاب والسُّنّة ، وفيه ثلاثَةُ مَطَالِب :
        -- الأوَّل / ليْلةُ القَدْر في كِتَاب الله تعالى.
        -- الثَّاني / ليْلةُ القَدْر في السُّنَّة النّبَوِيّة المُطَهّرَة.
        -- الثّالِث / في دُرُوسِ ليْلة القَدِر.
        ثالثُها / آثارُ هذِه اللّيْلة، وفيه ثلاثةُ مَطَالبَ :
        -- الأوّل / آثارُها على رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
        -- الثّانِي / آثارُها على البَشَرِ أجْمَعين.
        -- الثّالثُ / أثرُها عنْد الله تعالى.

        وحِرْصًا علَى ألاّ يَلْفِظَني مُحِيط عِلْم العَليم الخَبِير وألاّ أَغْرَقَ في بحْرِه الواسعِ فإنِّي أَدْعو اللهَ عزّ وجلّ بِما عَلَّمَنيهِ في قَوْلِه لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم : { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) } [ طه ] فإنِّي أَدْعُوهُ سُبْحانَه أنْ يَهَبَنِي مِنَ العِلْم ما يُقَدِّرُني على خَوْضِ غِمَارِ أسْرَار هذِه اللّيْلة التِّي بَارَكَها في كِتَابه العزيزِ، وأنْ يَجْعَلَ لِي في صَدْرِي فُرْقَانًا يُجَنِّبُنِي الخطَأَ والقَوْل بغير عِلْمٍ فيها كمَا جَعَلَها عِنْدَه فُرْقَانًا يَفْرِقُ فيها كُلَّ أمْرٍ حكِيمٍ.

        هَذا ومَا كان من توْفِيقِي فمِن الله تعالَى وحْدَه لا شرِيكَ لهُ، وما كان من خَطأٍ أو سَهْو أو نِسْيان فمنَ الأمَّارَة بالسُّوء ووَسْواسِها الخَنَّاس، على هذا أَبْدَأُ وبتَوْفِيق اللهِ أَسِيرُ وبِحَمْده أَخْتِمُ فآخِرُ دَعْوَانا أنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين.
        التعديل الأخير تم بواسطة حاملة اللواء; 9 أغس, 2012, 10:11 ص.
        روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
        وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



        تعليق

        • حاملة اللواء
          مشرفة شرف المنتدى
          عضو مجموعة الأخوات

          • 24 ديس, 2010
          • 1969
          • طاعة الله
          • مسلمة

          #5
          الفصل الأول : مَا حَدَثَ في هذه اللَّيْلةِ مِنْ بَدْءِ الْوَحْيِ


          الفصل الأول
          مَا حَدَثَ في هذه اللَّيْلةِ مِنْ بَدْءِ الْوَحْيِ


          عن أُمِّ المُؤْمِنينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تعَالَى عنْها قَالَتْ : "أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم مِنَ الْوَحْي الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءَ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِي ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءَ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ : اِقْرَأْ‏.‏ قَالَ ‏: "‏مَا أَنَا بِقَارِئٍ"‏‏.‏ قَالَ : ‏"‏فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : اِقْرَأْ‏.‏ قُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ‏.‏ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : اِقْرَأْ‏.‏ فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ‏.‏ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : ‏{ ‏اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ‏ }‏ (1)"‏‏.‏ فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضِي اللهُ عنها فَقَالَ ‏: "‏زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي"‏‏.‏ فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ ‏: "‏لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي"‏‏.‏ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ : كَلاَّ وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ‏.‏ فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَل بْنِ أَسَد بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ. وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ. فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ : يَا ابْنَ عَمِّ اِسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ‏.‏ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ : يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى ؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَبَرَ مَا رَأَى‏.‏ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ : هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى صلى الله عليه وسلم يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏: "أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ"‏‏.‏ قَالَ : نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا‏.‏ ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ‏.‏" (2).




          --------------------


          1- العلق 1-3.
          2- التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح ، كتاب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ح ر 3 واللفظ له، ومختصر مسلم، كتاب الإيمان، باب ما بُدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي ح ر 73.
          روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
          وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



          تعليق

          • حاملة اللواء
            مشرفة شرف المنتدى
            عضو مجموعة الأخوات

            • 24 ديس, 2010
            • 1969
            • طاعة الله
            • مسلمة

            #6
            الفصل الثاني : ليلةُ القَدْر في الكتاب والسنة


            الفصل الثاني
            ليلةُ القَدْر في الكتاب والسنة



            نَبحثُ في هذا الفَصْلِ بإذن الله تعالى عن ليْلة القَدْر في كتَابِ اللهِ تعالى وسُنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم ؛ لنَعْرِفَ المزِيدَ عنْها ونَعْرِفَ لمَاذا لَمْ يتِمّ تحدِيدُها وما وقتُها وما علامتُها ونحو ذلك، ونَختِمُ بالحديث عن ندْرٍ يسيرٍ من دُروس هذه الليلة المُطهَّرة.



            المطلب الأول
            ليلة القَدْر في كتاب الله تعالى



            { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) } [ القدر ]

            { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }

            يَقولُ الإمامُ ابنُ كثِير في تفسيرِه لهذه الآيةِ : "يُخْبِرُ تعالى أنَّه أَنْزَل القُرآن ليْلة القَدْر وهي اللَّيلةُ المبارَكةُ التِي قالَ الله عزَّ وجلَّ عنها : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } (1) وهي ليلة القَدْر وهي من شهْرِ رَمضانَ كما قالَ تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } (2)" (3).

            ورُويَ عنْ عبْدِ اللهِ بْنِ عبَّاس رضِي اللهُ تعالى عنهما في قولِه تعالى : { فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } قولُه : "في ليلة الحُكْمِ والقَضَاءِ، ويُقالُ في ليلةٍ مُباركةٍ بالمغفرةِ والرَّحمةِ" (4).

            أقولُ، وهذا دليلٌ على أنَّ ليلةَ القَدْرِ هي ليلةُ سُورةِ الدُّخانِ المباركةُ التِي يُفرَقُ فيها كلُّ أمرٍ حكيمٍ، وأنها في شهْرِ رمضانَ خِلافًا لمن قال إنَّ ليلةَ القَدْرِ رُفِعَت رأسًا، أو إنها دائرةٌ في جميع السَّنَةِ، أو إنها ليلةُ النِّصفِ من شعبان، وأيضًا خلافًا لمن قال إنَّ الليلةَ المُباركةَ في سورةِ الدُّخانِ هي ليلة النِّصفِ من شعْبَان، والَّذِي عليه جُمْهورُ الفُقَهاءِ أنَّ اللَّيلةَ المباركةَ - في سُورةِ الدُّخانِ - هي ليلةُ القَدْرِ الكائِنةُ في العَشْرِ الأواخِرِ من رمضان كما دلَّ على ذلك كِتابُ اللهِ تعالى وأَخْبَرَت به الأَحاديثُ النَّبَويَّةُ المُطَهَّرةُ كما سيَأْتي.

            ويَقُولُ الإمامُ النَّسْفِيُّ في تفسيرِه : "رُوِيَ أنَّه أُنْزِل جُمْلةً في ليلةِ القَدْرِ من اللَّوْحِ المَحْفوظِ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، ثُمَّ كان يُنزِلُه جِبْريلُ على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في ثلاثٍ وعشْرينَ سَنَةً، ومعْنَى ليلةِ القَدْرِ ؛ ليلةُ تَقْديرِ الأُمورِ وقَضائِها، والقَدْرُ بمعنى التَّقْدِير" (5).

            { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ }

            قَالَ الإِمامُ النَّسْفِيُّ في تفسيرِه لهذه الآيَةِ : "ليْسَ فيها ليْلةُ القَدْرِ، وسَبَبُ ارتفاعِ فَضْلِها إلى هذه الغايَةِ ما يُوجَدُ فيها من تَنَزُّلِ الملائكةِ، والرُّوحِ، وفَصْلِ كُلِّ أمْرٍ حكيمٍ" (6).

            وقَالَ الإمامُ ابْنُ كَثِير : "وهو كقَوْلِه صلَّى الله عليه وسلَّم : ( رِبَاطُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ ) رواه أحْمَدُ" (7)، وفي سَبَبِ تخْصِيصِ الأَشْهُر الأَلْفِ قال عليه رحْمَةُ اللهِ : "عن عَلِي بْنِ عُرْوَةَ قال : ذَكَرَ رسُولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومًا أَربعةً مِنْ بَنِي إسْرائيلَ عَبَدُوا اللهَ ثمَانِينَ عامًا لَمْ يَعْصَوْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَذَكَرَ أَيُّوبَ وزكَرِيَّا وحِزْقيلَ بْنَ العَجُوزِ ويُوشَعَ بْنَ نُون، قال : فعَجِبَ أصحابُ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من ذلك، فأتاهُ جِبْريلُ فقال : ( يا مُحمَّد عَجِبَتْ أُمَّتُك من عبادةِ هؤلاءِ النَّفَرِ ثمانينَ سَنَةً لَمْ يَعْصَوْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فقد أَنْزَلَ الله خَيْرًا من ذلك، فقَرَأَ عَلَيْه : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } هذا أفْضَلُ مِمَّا عَجِبْتَ أَنْتَ وأُمَّتُك ) قال : فسُرَّ بذلك رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم والنَّاسُ معه" (8)، أقولُ، ولا يَجُوزُ تَصَوُّرُ أنَّ عِبَادَتَنا في هذه اللَّيلةِ أفضَلُ من عبادةِ هَؤُلاءِ النَّفَرِ عليهم السَّلامُ في هذا الزَّمنِ ؛ فإنهم أنبياءٌ وعبادتُهُم أصَحُّ من عبادةِ مَنْ عَدَاهُم، وإنَّما الخَيْرِيَّةُ في الزَّمَنِ ؛ فهذِهِ اللَّيلةُ المُطَهَّرةُ هي أفضَلُ وأكرَمُ من هذه الثمانين عامًا لما فيها من سِعَة رحمةِ الله تعالى وعَطائِه وفَضْلِه بما لا يَكُونُ في ألفِ شَهْرٍ ليس فيها مثلُها.

            وقال الإمامُ النَّسْفِيُّ : "وذُكِرَ في تخْصيصِ هذه المُدَّة أنَّ النَّبِي صلَّى الله عليه وسلَّم ذَكَرَ رجُلًا من بَنِي إسرائيلَ لَبِسَ السِّلاحَ في سبيلِ الله أَلْفَ شَهْرٍ، فعَجِبَ المُؤْمنونَ من ذلك وتَقَاصَرَت إليهم أعمالُهم، فأُعْطُوا ليلة هي خَيْرٌ من مُدَّة ذلك الغَازي" (9)، أقولُ، وأيًّا ما كان السَّبَبُ في تخصيصِ هذه المُدَّة فإن هذا التخصيصَ لا يَضَعُ تحديدًا حَصْريًّا لخَيْرِيَّتِها، فهي خيرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ ولا تَقْتَصِرُ خَيْرِيَّتُها على ذلك، فهذا السِّيَاقُ البديعُ يَجعَل من خَيْرِيَّة هذه الليلةِ المُبارَكةِ أمرًا يَستَقلُّ الله تعالى وحدَه بمعرفَتِه، فلله الحمدُ والمِنَّة.

            { تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ }

            قال الإمامُ ابنُ كَثِير في تفسيرِها : "أيْ يَكْثُر تَنَزُّل الملائكةِ في هذه اللَّيلةِ لكَثْرةِ بَرَكَتِها" (10)، وقال أيضًا : "فأمَّا الرُّوحُ فقِيلَ : المرادُ به ههنا جِبريلُ عليه السَّلامُ، فيَكُون من باب عَطْفِ الخاصِّ على العَامِّ، وقيلَ : هم ضَرْبٌ من الملائكةِ" (11).

            وقال الإمامُ النَّسْفِيُّ :"تَتَنَزَّلُ الملائكةُ إلى السَّماء الدُّنْيا أو إلى الأرضِ و"الرُّوحُ" جبريلُ، أو خَلْقٌ من الملائكةِ لا تَرَاهُم الملائكةُ إلا تلك الليلةِ، أو الرَّحمَة" (12)، أقولُ، ففي هذه الليْلةِ المُبارَكةِ يُفْرَقُ كلُّ أمرٍ حكيمٍ حيثُ الشياطين مُصَفَّدَةٌ، وأبوابُ النِّيرانِ مُغلَّقةٌ، وأبوابُ الجِنان مُفتَّحةٌ، والرُّوح والملائكة مُتَنَزِّلون برحمةٍ ربهم، فأنْعِم بها من ليلةٍ هذه الليلةُ، وحُقَّ لها والله أن تكون خيرا من ألف شهر.



            { حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) } [ الدخان ]

            { وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ }

            يقولُ الشيخ سُليمان الجَمَل عن المَقسومِ به في الآية الكريمة : "ويَجوزُ أن يكون القرآنَ، واقْتَصَر على ذلك البيضاويُّ وتَبِعَه الجَلالُ المحليُّ، وعلى هذا فقد أَقْسَم بالقرآنِ أنَّه أَنزَل القرآنَ في ليلة مُبارَكَة، وهذا النَّوع من الكلامِ يَدُلُّ على غايةِ تعظيمِ القُرآنِ" إلى أن قال : "وجاء في الحديثِ ( أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءًا عَلَيْكَ )" (13)، أقولُ، فهذا من غاية التعظيم لكِتاب الله تعالى أن يُقسِم به سبحانه على أنَّه سبحانه هو الذي أَنْزَلَه من عِنْده في هذه الليْلةِ المُبارَكة.

            { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ }

            وقد تَقدَّمَ أنَّها لَيلةُ القَدْرِ، وأنَّها في شهرِ رمضانَ، وأنَّ القُرآن نَزَلَ في ليلةِ القَدْر المُبارَكةِ جُملَةً واحدةً من اللَّوْح المَحفُوظِ إلى السَّماءِ الدُّنْيا ثُمَّ نَزَل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مُنَجَّمًا في ثلاثٍ وعشرينَ سَنَةً، ورُوِيَ عن عبدِ اللهِ بْنِ العَبَّاسِ رضِيَ الله تعالى عنهما في ذلك قولُهُ : "{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ } أَنْزَلنا جبريلَ بالقُرآن، ولهذا كان القسَمُ أَنْزَل الله جبريلَ إلى سماء الدُّنْيا حتى أَمْلَى القُرآنَ على الكَتَبَةِ وهم أهلُ سماء الدُّنيا، { فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } فيها الرحمةُ والمغفِرةُ والبَرَكةُ، وهي ليلةُ القَدْر" (14)، ولم يَجْزِم به الإمامُ السيوطيُّ حيثُ قال : "{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } هي ليلةُ القَدْر أو ليلة النِّصفِ من شعبان"، وقال الشَّيخُ سُليمانُ الجَمَل في الثاني : "قال النَّوَويُّ في بابِ صَوْم التَّطَوُّع من شرحِ مُسلِم أنَّه خَطَأٌ، والصَّوابُ وبه قال العُلماءُ أنَّها ليلة القَدْرِ، قال تعالى { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } وقال { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } فالآية الثانية بيان للأولى" (15).

            وقال الإمامُ النَّسْفِيُّ :"المُبارَكة : الكَثيرَةُ الخَيْرِ لِمَا يَنْزِلُ فيها من الخَيْرِ والبَرَكَة وما يُستجابُ من الدُّعاء، ولو لم يُوجَد فيها إلا إِنْزالُ القُرآنِ وحده لَكَفَى به بَرَكَةً" (16).

            { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ }

            قال الإمامُ ابْنُ كَثِير : "أيْ في ليلةِ القَدْر ؛ يُفصَل من اللَّوْحِ المَحْفوظِ إلى الكَتَبَةِ أَمْرُ السَّنَةِ وما يَكُونُ فيها من الآجَالِ والأَرْزاقِ وما يَكُونُ فيها إلى آخرها" (17)، وقال : "وقوله جلَّ وعلا { حَكِيمٍ } أيْ مُحكَم ؛ لا يُبدَّل ولا يتغَيَّر" (18).

            ورُوِيَ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : "{ فِيهَا } في ليلةِ القَدْر {
            يُفرَق } يُبيَّن { كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } كائن من سَنَة إلى سَنَة" (19).

            قال الإمامُ النَّسْفِيُّ :"كأنه قيل : وكان إنزالُنا إيَّاه في هذه الليلةِ خُصوصًا لأنَّ إِنزالَ القُرآنِ من الأمُورِ الحَكيمةِ، وهذه اللَّيلة مَفْرق كُلُّ أمرٍ حكيم" (20).

            { رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6) }

            وهذه الآيةُ الكريمةُ خيرُ آية نَخْتِمُ بها هذا المَطْلَبَ ؛ فليس إِنْزالُ القرآنِ في هذه الليْلةِ المُبارَكة على محمد صلَّى الله عليه وسلَّم، وليْسَت بَعْثَتُه بأبِي هو وأُمِّي إلى العالمين، وليسَتْ هِدايَتُنا إلى هذه الليْلةِ الطَّاهِرَة المُطَهَّرة إلَّا رَحمَةٌ من الله تعالى الذي وسِعَت رحمتُه سبحانه كلَّ شيءٍ، وهو سُبْحانه السَّميعُ لدُعائِنا العليمُ بأحْوالِنا .. فلِلَّه تعالى الحَمدُ والمِنَّة.




            -------------------------

            1- الدخان 3.
            2- البقرة 185.
            3- تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ج4 ص529.
            4- الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية، ص648 من تفسير ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
            5، 6- تفسير النسفي، ج4 ص370.
            7- تفسير ابن كثير، ج4 ص531.
            8- الموضع السابق، ص530.
            9- تفسير النسفي، ج4 ص370.
            10، 11- تفسير ابن كثير، ج4 ص531.
            12- تفسير النسفي، ج4 ص370.
            13- الفتوحات الإلهية، ص97.
            14- الفتوحات الإلهية، ص355 من تفسير ابن عباس.
            15- الفتوحات الإلهية، ص97 من تفسير الجلالين، ص98 من حاشية الجمل.
            16- تفسير النسفي، ج4 ص127.
            17، 18- تفسير ابن كثير، ج4 ص137، 138.
            19- الفتوحات الإلهية، ص355 من نفسير ابن عباس.
            20- تفسير النسفي، ج4 ص127.

            التعديل الأخير تم بواسطة حاملة اللواء; 11 أغس, 2012, 11:20 ص.
            روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
            وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



            تعليق

            • حاملة اللواء
              مشرفة شرف المنتدى
              عضو مجموعة الأخوات

              • 24 ديس, 2010
              • 1969
              • طاعة الله
              • مسلمة

              #7
              المطلب الثاني : ليلةُ القَدْر في سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم


              المطلب الثاني

              ليلةُ القَدْر في سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم



              كان لإخفاءِ ليلةِ القَدْر حِكمةٌ عظيمةٌ تَجَلَّت فيما نَراهُ اليومَ - بعد أربعةَ عشَرَ قَرْنًا من إخبار الله تعالى عنها - من اجتهاد المُؤمنين المُوَحِّدين وحِرْصِهم على إحياء عَشْر ليَالٍ كاملاتٍ على الأقلِّ في آخرِ رمضانَ من كُلِّ عامٍ كأنَّ كُلًّا منهنَّ ليلة القَدْر.

              وإذا كان إخفاؤُها خيرًا لنا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلا أنَّنا لا نَستطيعُ مع ذلك أن نُغْفِل سببَ إخفائها - فعن عُبادة بنِ الصَّامِت رضي الله تعالى عنه قال : "خَرَج النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ليُخبِرنا بليلة القَدْر فتَلاحَى رَجُلان من المسلمين، فقال : ( خَرَجْتُ أُخْبِرُكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ وَالسَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ )" (1).

              أمَّا تعيينُها بالزمن فجاءت فيه نصوصٌ كثيرةٌ، فكان تَعيِينُ الله تعالى في كِتابِه العزيزِ أنَّها ليلةٌ في شهرِ رمضانَ المُبارَك، قال الله تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ } ( البقرة من الآية 185 )، وقال سُبحانه : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) } ( القدر ).

              وعيَّنها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأنَّها في العَشْر الأواخِرِ من رمضان، قال بأبي هو وأمِّي صلى الله عليه وسلم : ( تَحَرُّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ) (2).

              وزادَ صلى الله عليه وسلم تعْيِينَها في موْضِعٍ آخَر أنَّها في الوتْرِ من العَشْر الأواخِرِ فقال : ( تَحَرُّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ) (3).

              وزادَ تعيينَها في موضِع آخر أنَّها في السَّبْع الأواخر فقال : ( تَحَرُّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ) (4).

              وأمَّا تعيينُ ليلتِها فقد وردَتْ فيه أحاديثٌ صِحاحٌ أنَّها ليلةُ سبْعٍ وعشرين، مِنها ما رواهُ الإمامُ مُسْلِم بسندِه عن زر بْنِ حُبيش رضي الله تعالى عنه أنَّه قال : "سألتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه فقلت : إنَّ أخاك ابْنَ مَسعُودٍ يَقُول : مَنْ يَقُم الحَوْلَ يُصِبْ ليلة القَدْر، فقال : رَحِمه الله أراد ألَّا يَتَّكِل النَّاسُ، أمَا إنَّه قدْ عَلِم أنَّها في رمضان، وأنَّها في العَشْر الأواخر، وأنَّها ليلةُ سَبْعٍ وعشرين، ثُمَّ حَلَفَ لا يَسْتثنِي أنَّها ليلةُ سَبْعٍ وعشرين، فقُلتُ : بأيِّ شيْء تَقُول ذلك يا أبَا المُنْذِر ؟ قال : بالعَلامَةِ أو بالآيةِ التِي أَخْبَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّها تَطْلُع يومَئِذٍ لا شُعاعَ لها" (5)، وما رواه أيضا بسنده عن زر بْنِ حُبيش قال : "قال أُبَيُّ في ليلة القَدْر : والله إنِّي لأَعْلَمُها، قال شُعبة : وا كبر علمي، هي اللَّيلة التي أَمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة سَبْع وعشرين" (6).

              وقال صاحبُ فِقْه السنَّة : "وأكْثَرُهم على أنَّها ليلةُ السَّابع والعشرين ؛ رَوَى أحمدُ بإسناد صحيح عن ابْنِ عُمَرَ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا لَيْلَةَ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ ) ورَوَى مُسلِم وأحمدُ وأبو داودَ والتِّرمِذيُّ وصَحَّحه عن أُبَيَّ بْنِ كعْبٍ أنَّه قال : "والله الذي لا إله إلا هو إنَّها لفي رمضان - يحلف ما يستثني - ووالله إنِّي لأعلمُ أيَّ ليلة هي ؛ هي الليلةُ التي أَمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامِها، هي ليلة سَبْعٍ وعشرين، وأمارَتُها أنْ تَطْلُع الشَّمسُ في صَبِيحَة يومِها بيضاءَ لا شُعاعَ لها" (7).

              وأمَّا علاماتُها فقد أخبرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلامتين لها :

              الأولى / أنْ يَطْلُعَ القمرُ ليلتَها مِثْل شقِّ جَفنَة : رَوى الإمام مُسلم في صحيحه بسنده عن أَبي هَرَيرةَ رضي الله عنه قال : "تذاكرنا ليلة القَدْر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : ( أَيُّكُمْ يَذْكُرُ حِينَ طَلَعَ الْقَمَرُ وَهُوَ مِثْلُ شقِّ جَفْنَةٍ )" (8).

              الثانية / أنْ تَطْلُع الشَّمس صبيحتَها بيضاءَ لا شُعاعَ لها : ففي حديث زر بن حُبيش السَّابق عن أُبَي بنِ كَعْب قال عنها : "بالعلامة أو بالآية التِي أَخْبَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّها تَطْلُعُ يومئذٍ لا شعاعَ لها" يعني الشمس.





              -------------------------
              1- فتح الباري بشرح صحيح البخارى، كتاب فضل ليلة القدر، باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس ح ر 1023 واللفظ له، ومختصر مسلم، كتاب الاعتكاف، باب التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ح ر 637 عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه بنحوه.
              2- فتح الباري، كتاب فضل ليلة القدر، باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ح ر 2020، وصحيح مسلم، كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر، كلاهما عن عائشة رضي الله تعالى عنها، ومالك في الموطأ، أبواب الصيام، باب ليلة القدر ح ر 376 عن هشام بن عروة عن أبيه، واللفظ له.
              3- فتح الباري، الموضع السابق ح ر 2017 عن عائشة واللفظ له، وصحيح مسلم، الموضع السابق عن سالم عن أبيه.
              4- مالك في الموطأ، الموضع السابق ح ر 375 عن ابن عمر واللفظ له، ورواه الشيخان، كلاهما بالسلسلة الذهبية عن مالك عن نافع عن ابن عمرَ أن رجالا أُرُوا ليلة القَدْر في المنام في السَّبعِ الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيًا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ ) انظر فتح الباري، كتاب فضل ليلة القدر، باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر ح ر 2015، وصحيح مسلم، كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر.
              5، 6- صحيح مسلم، الموضع السابق.
              7- فقه السنة، السيد سابق ج1 ص399.
              8- صحيح مسلم، الموضع السابق.

              التعديل الأخير تم بواسطة حاملة اللواء; 12 أغس, 2012, 09:57 م.
              روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
              وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



              تعليق

              • حاملة اللواء
                مشرفة شرف المنتدى
                عضو مجموعة الأخوات

                • 24 ديس, 2010
                • 1969
                • طاعة الله
                • مسلمة

                #8
                المطلب الثالث : في دروس ليلة القدر


                المطلب الثالث
                في دُروسِ ليْلةِ القَدْر



                الدرس الأول / عَدَمُ التَّلَاحِي


                وَضَعْنا فيما سَبَق الحَديثَ الذِي رَواهُ الإمامُ البُخارِيُّ في صحِيحِه في سَبَبِ رَفْعِ ليْلةِ القَدْر، بسَنَدِه عن عُبَادةَ بنِ الصَّامت رضي الله تعالى عنه من قَولِه : "خَرَجَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ليُخْبِرَنا بليْلةِ القَدْرِ فتَلاحَى رَجُلان من المُسلمين فقال : ( خَرَجْتُ أُخْبِرُكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، الْتَمِسُوهَا فِي التَّاسِعَةِ، وَالسَّابِعَةِ، وَالْخَامِسَةِ )"، وعِند مُسلمٍ عن أَبِي سَعيد الخُدرِيِّ رضي الله عنه قال : "اعْتَكفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم العَشْر الأَوْسَط من رمضان يَلْتمِسُ ليلة القَدْر في أنْ تُبانَ لَهُ، فلمَّا انْقَضَيْن أَمَر بالبِناء فأُعيدَ، ثُمَُ خَرَج على الناس فقال : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهَا كَانَتْ أُبِينَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَإِنِّي خَرَجْتُ أُخْبِرُكُمْ بِهَا فَجَاءَ رَجُلَانِ يَحْتَقَّانِ مَعَهُمَا الشَّيْطَانُ فَنُسِّيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ )" الحديث.

                فسببُ رفعِ ليلة القَدْر - أي نِسيانِ رسول الله صلى الله عليه وسلم موعِدَها - كان تَلَاحِي رَجُلَيْن مِن المُسلمين، فإن قيل : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ )، قلتُ : تَصادُفُ وجودِ الخَيْر لا يَنفي كونَ التَّلاحي شرًّا، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فَجَاءَ رَجُلَانِ يَحْتَقَّانِ مَعَهُمَا الشَّيْطَانُ ) وهو لا يَأتِي في الخيرِ.

                ويُلاحَظُ أنَّ تَلاحِي الصَّحابِيَّيْن لم يَكُن كما في زمانِنا هذا، وإنَّما كانا يَتطَالبان حقوقَهُما وإنْ دَاخَلَ ذلك الغضبُ والعصبيةُ، فما بالُنا نحنُ بما يحدُث بيننا من تلاحٍ قد يَصلُ في كثيرٍ من الأحيانِ إلى الدِّماء، ما بالُنا لا نَستحِي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) (1)، وقال بأبي هو وأمِّي : ( لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ) (2)، وقال : ( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ) (3)، وَقَالَ : ( سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوٌق وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ) (4)، وقال : ( لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاث ) (5).

                فأينَ نَحنُ من هذِه الآدابِ السَّاميةِ في أيامِ الفِتنِ هذه التِي أَخْبَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ! أينَ نحنُ من هذا الأصْلِ السَّامي في دينِ ربِّ العالمين، في مُعامَلاتِنا مع بعضِنا البعْضِ وأَخْذِنَا إِخْوانَنا باللِّينِ والرَّأْفةِ والرَّحمَةِ !

                قال الله تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ } [ الأنفال من الآية 1 ].

                وقال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) } [ الحجرات ].

                وقال تعالى : { وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) } [ الأنفال ].

                ونعلمُ أنَّ الله تعالى لا يُدخِلُ أهلَ الجَنَّةِ الجَنَّةَ إلَّا بعد أنْ يُطهِّر صُدورَهم فلا يَدخُلونَها إلَّا أصْفِياء أنْقِياء، قال الله تعالى : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) } [ الحجر ]، وقال الإمام بنُ كَثِير : "وقد رَوَى سَعيدٌ في تفسيرِه : حدَّثنا ابنُ فضالة عن لُقْمان عن أَبِي أُمامَة قال : لا يَدخُلُ الجَنَّة مُؤمِنٌ حتَّى يَنْزِع اللهُ ما في صَدْرِه من غِلٍّ، حتَّى يَنْزِع منه مِثْل السَّبْع الضَّاري. وهذا مُوافِقٌ لِمَا في الصَّحيحِ من رِوَايةِ قِتادةَ حدَّثنا أبو المُتَوَكِّل النَّاجي أنَّ أبا سَعِيد الخُدرِي حدَّثَهم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِم كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ)" (6)، وقال في تفسيرِ قَوْلِ الله تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ } : "أيْ واتَّقُوا الله في أمورِكم، وأصْلِحوا فيما بينَكم، ولا تَظَالَموا، ولا تَخَاصَموا، ولا تَشَاجَروا، فما آتاكُم اللهُ من العِلْم والهُدى خيرٌ مِمَّا تَختصِمون بسببه"، وقال : "ولْنَذكُر هَهُنا حديثًا أَورَدَه الحَافظُ أبو يَعْلى أَحْمدُ بنُ عَلِي بنِ المُثَنَّى المَوْصِلِي رحمَه اللهُ في مُسندِه، فإنَّه قال : حدَّثنا مُجاهِد بنُ موسَى حدَّثنا عبدُ الله بن بكير حدَّثنا عبَّاد بنُ شَيبة الحبطِي عن سَعيد بنِ أَنَس عن أَنَس رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحِك حتى بَدَت ثنايَاهُ، فقال عمَرُ : ما أضحَكَك يا رسولَ اللهِ، بأَبي أنْتَ وأمِّي ؟ فقال : ( رَجُلَانِ مِنْ أُمَّتِي جَثَيَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعِزَّةِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : يَا رَب، خُذْ لِي مَظْلَمَتِي مِنْ أَخِي، قَالَ اللهُ تَعَالَى : ( أَعْطِ أَخَاكَ مَظْلَمَتَهُ )، قَالَ : يَا رَب، لَمْ يَبْقَ لِي مِنْ حَسَنَاتِي شَيْءٌ، قَالَ [ المظلوم ] : رَبِّ فَلْيَحْمِلْ عَنِّي أَوْزَارِي )، قال [ الراوي ] ففَاضَت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبُكاء، ثمَّ قال : ( إِنَّ ذَلِكَ لَيَوْمٌ عَظِيمٌ ؛ يَوْمَ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى مَنْ يَتَحَمَّلُ عَنْهُمْ مِنْ أَوْزَارِهِمْ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ : ( اِرْفَعْ بَصَرَكَ، وَانْظُرْ فِي الْجِنَانِ )، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : يَا رَب، أَرَى مَدَائِنَ مِنْ فِضَّةٍ، وَقُصُورًا مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَةً بِالُّلؤْلُؤِ، لِأَيِّ نَبِيٍّ هَذَا ؟ لِأَيِّ صِدِّيقٍ هَذَا ؟ لِأَيِّ شَهِيدٍ هَذَا ؟ قَالَ : ( هَذَا لِمَنْ أَعْطَى ثَمَنَهُ )، قَالَ : يَا رَب، وَمَنْ يَمْلِكُ ثَمَنَهُ ؟ قَالَ : ( أَنْتَ تَمْلِكُهُ )، قَالَ : مَاذَا يَا رَب ؟ قَالَ : ( تَعْفُو عَنْ أَخِيكَ )، قَالَ : يَا رَب، فَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى : ( خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَادْخُلَا الْجَنَّةَ ) ) ثُمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُصْلِحُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )" (7).

                المُسلم لا يَحمِلُ بينَ جَنْبيْه رُوحا ضغَّانَة، بلِ الحَرِيُّ به أن يَكُون صاحِبَ رُوحٍ نقِية طاهرَة، يبيتُ ولا يحمِلُ ضغينةً على أَحد، كذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا كانت أخلاقُه بأبي هو وأمِّي وهو الذي خَطَب في المُسلمين قائلًا : ( فَمَنْ كُنْتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهْرًا فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقْدِ مِنْهُ، وَمَنْ كُنْتُ شَتَمْتُ لَهُ عِرْضًا فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقْدِ مِنْهُ، وَمَنْ أَخَذْتُ لَهُ مَالًا فَهَذَا مَالِي فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ،
                وَلَا يَخْشَ الشَّحْنَاءَ مِنْ قِبَلِي فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ شَأْنِي ) (8). فطُوبى لأقوامٍ تسَامت أرواحُهم وسَمَت أفئدتُهم حتى صَارت كأفئِدة الطَّيْر، ويا ضَيْعة من قَست أرواحُهم وتَحَجَّرت أفئدَتُهم حتَّى صارَت أقْسَى مِن الحِجارة.




                -------------------------
                1- التجريد، كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه ح ر 13 واللفظ له، ومختصر مسلم, كتاب الإيمان, باب ثلاث من كُنَّ فيه وجدَ حلاوة الإيمان ح ر 24 بنحوه، كلاهما عن أنس رضي الله تعالى عنه.
                2- التجريد، كتاب الأدب، باب إثم من لا يأمن جارُه بوائقَه ح ر 2022 بنحوه، عن أبي شريح رضي الله تعالى عنه، ومختصر مسلم، كتاب الإيمان، باب لا يدخل الجنَّة من لا يأمنُ جارُه بوائقَه ح ر 33 عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، واللفظ له.
                3- مختصر مُسلم، كتاب الإيمان، باب لا تدخلون الجنَّة حتى تؤمنوا ح ر 42، عن أبي هُريرة رضي الله تعالى عنه.
                4- التجريد، كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عملُه وهو لا يشعر ح ر 45، ومُختصر مُسلم، كتاب الإيمان، باب سباب المُسلم فسوق وقِتاله كفر ح ر 66، كلاهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
                5- التجريد، كتاب الأدب، باب ما يُنهى عن التحاسد والتدابر ح ر 2034، ومختصر مسلم، كتاب البرِّ والصِلة، باب النهي عن التَّحاسُد والتَّباغُض والتَّدابُر ح ر 1800 واللفظ له، كلاهما عن أنس رضي الله عنه، وفي التجريد، نفس الموضع ح ر 2035 عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا ) والتحسس والتجسس : هما البحثُ عن الشيء سِرٍّا، والتناجش : هو رفع قيمة الشيء بقصد صدِّ المُشتري عن شِرائه.
                6- تفسير ابن كثير، ج2 ص552.
                7- السابق، ص285.
                8- اتحاف الأنام بِخُطب رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، محمد خليل الخطيب، باب خطبته يطب مُطالبته بما عليه صلى الله عليه وسلم، ص356، وفقه السيرة، ص495.

                التعديل الأخير تم بواسطة حاملة اللواء; 16 أغس, 2012, 08:05 ص.
                روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
                وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



                تعليق

                مواضيع ذات صلة

                تقليص

                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                ابتدأ بواسطة العبادي محمد, 7 ماي, 2019, 10:59 م
                ردود 0
                85 مشاهدات
                0 ردود الفعل
                آخر مشاركة العبادي محمد
                ابتدأ بواسطة مسلم للأبد, 23 يون, 2017, 12:24 ص
                ردود 0
                253 مشاهدات
                0 ردود الفعل
                آخر مشاركة مسلم للأبد
                بواسطة مسلم للأبد
                ابتدأ بواسطة مسلم للأبد, 15 يون, 2017, 02:49 ص
                رد 1
                355 مشاهدات
                0 ردود الفعل
                آخر مشاركة فارس الميـدان
                ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 11 أكت, 2016, 12:57 م
                ردود 2
                997 مشاهدات
                0 ردود الفعل
                آخر مشاركة عاشق طيبة
                بواسطة عاشق طيبة
                ابتدأ بواسطة فارس الميـدان, 11 أكت, 2016, 03:01 ص
                ردود 0
                784 مشاهدات
                0 ردود الفعل
                آخر مشاركة فارس الميـدان
                يعمل...