ليلة القدر
لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ..
والقدر: هو مبلغ الشيء، والقدر: هو الحال والشأن، يقال قدَّر فلان هذا الأمر، أي عرف حالهوشأنه.
وقدَّر الإنسان خالقه أي: عرف عالي شأنه وعظيم جلاله وكماله.. ولكن كيف تكون معرفة الله ورؤية عظمته وجلاله؟. وكيف يقدِّر المخلوق خالقه حق قدره.
أقول: لا يصل الإنسان لهذه الحالة الرفيعة إلاَّ بعد شهوده عظمة الله، ورؤية كماله، فأنا لا أعرف قدرك إلاَّ إذا رأيتك،
أو إذا رأيتك على رأس عملك أو في حال ممارستك لشؤونك، أو إذا رأيت صفاتك التي تشهد لي بعلوِّ قدرك، وتنطق بسموِّ مكانتك وعظيم شأنك..
وكذلك النفس لا توقن بعظمة خالقها إلاَّ إذا شهدت عظمة ذلك المالك العظيم في ملكوته،قائماً بالتربية والإمداد على خلقه،
مفيضاً برَّه وإحسانه على سائر مخلوقاته،غامراً الكون برأفته وواسع رحمته.
فالإنسان بعد أن آمن بربه إيماناً غيبياً، وبعدأن أقرَّ بعظمة الخالق ورحمته إقراراً فكرياً، إذا هو استقام على أمر ربه،
ومَرِن على طاعة الله، فلم يخالفه، ولم يعصه في أمر من أوامره، فلا بدَّ له إذا هو استمرعلى هذا الحال من الاستقامة والطاعة،
وثابر على التقرُّب إلى الخالق بالإحسان إلى المخلوقات كافة؛ من ساعة يشهد فيها كمال الله سبحانه شهوداً نفسياً ولابد له من
حالة تنغمر فيها نفسه بذلك النور الإلهي، فترى عظمة خالقها وموجدها وتعاين حنانه تعالى عليها، وواسع عطفه ورحمته بها وبالمخلوقات جميعها،
وهنالك تعرف قدر ربِّها وتوقن برحمته وعطفه عليها.
وتلك الليلة العظيمة التي يشهد فيها الإنسان هذه المشاهدة النفسية، ويرى هذه الرؤية الذوقية، وتحصل له بها تلك المعرفة الشهودية،تلك الليلة هي ليلة القدر.
ولعظم هذه الليلة جعل الله سبحانه وتعالى لكل نبي ليلة حتى تكون كل الليالي إرهاصاً لمقدم ليلة القدر..
1 ـ لكل نبي من الأنبياء ليلة
فإبراهيم عليه السلام له ليلة: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ...)الأنعام : 76
ولوطاً عليه السلام له ليلة: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ }الحجر65
والأحقاف وهو اسم المنطقة التي سكنها قوم عاد وهم قوم نبي الله هود عليه السلام كانت له ولهم ليلة:
قال الله تعالى (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) الحاقة : 7
وموسى عليه السلام كانت له ليلة: (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ {7}
فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {8} يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {9})النمل: 7 ـ 9
(فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)القصص:29
ورسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له ليال..فكانت له ليلة الإسراء وليلة النصف من شعبان..
فالليالي كلها كانت إرهاصا وتقديما لليلة مباركة هي ليلة القدر ولعظم شأنها
أنزل الله سبحانه وتعالى فيها كتابه المجيد(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ)..(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ..
والليالي التي احتوتها نالها الشرف دونا عن سائر الليالي فأقسم الله سبحانه وتعالى بها فقال(وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ *)
فالليلي العشر هي العشر الأواخر من رمضان على خلاف بأنها العشر الأولى من ذي الحجة ...ولأن الحج عبادة نهارية فلا ينطبق عليها
هذا القول لأن رمضان عبادة ليلية وفيه قيام الليل.. قَالَ تَعَالَى : (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًاوَأَقْوَمُ قِيلًا )المزمل.. (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ)..
وَقَالَ : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا )الإنسان: 26.
طوبى لمن سهرت بالليل عيناه……. وبات في قلقٍ في حبِّ مولاه
وقام يرعى نجوم الليل منفـردًا……. شوقًا إليه وعين الله ترعـاه
لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ..
والقدر: هو مبلغ الشيء، والقدر: هو الحال والشأن، يقال قدَّر فلان هذا الأمر، أي عرف حالهوشأنه.
وقدَّر الإنسان خالقه أي: عرف عالي شأنه وعظيم جلاله وكماله.. ولكن كيف تكون معرفة الله ورؤية عظمته وجلاله؟. وكيف يقدِّر المخلوق خالقه حق قدره.
أقول: لا يصل الإنسان لهذه الحالة الرفيعة إلاَّ بعد شهوده عظمة الله، ورؤية كماله، فأنا لا أعرف قدرك إلاَّ إذا رأيتك،
أو إذا رأيتك على رأس عملك أو في حال ممارستك لشؤونك، أو إذا رأيت صفاتك التي تشهد لي بعلوِّ قدرك، وتنطق بسموِّ مكانتك وعظيم شأنك..
وكذلك النفس لا توقن بعظمة خالقها إلاَّ إذا شهدت عظمة ذلك المالك العظيم في ملكوته،قائماً بالتربية والإمداد على خلقه،
مفيضاً برَّه وإحسانه على سائر مخلوقاته،غامراً الكون برأفته وواسع رحمته.
فالإنسان بعد أن آمن بربه إيماناً غيبياً، وبعدأن أقرَّ بعظمة الخالق ورحمته إقراراً فكرياً، إذا هو استقام على أمر ربه،
ومَرِن على طاعة الله، فلم يخالفه، ولم يعصه في أمر من أوامره، فلا بدَّ له إذا هو استمرعلى هذا الحال من الاستقامة والطاعة،
وثابر على التقرُّب إلى الخالق بالإحسان إلى المخلوقات كافة؛ من ساعة يشهد فيها كمال الله سبحانه شهوداً نفسياً ولابد له من
حالة تنغمر فيها نفسه بذلك النور الإلهي، فترى عظمة خالقها وموجدها وتعاين حنانه تعالى عليها، وواسع عطفه ورحمته بها وبالمخلوقات جميعها،
وهنالك تعرف قدر ربِّها وتوقن برحمته وعطفه عليها.
وتلك الليلة العظيمة التي يشهد فيها الإنسان هذه المشاهدة النفسية، ويرى هذه الرؤية الذوقية، وتحصل له بها تلك المعرفة الشهودية،تلك الليلة هي ليلة القدر.
ولعظم هذه الليلة جعل الله سبحانه وتعالى لكل نبي ليلة حتى تكون كل الليالي إرهاصاً لمقدم ليلة القدر..
1 ـ لكل نبي من الأنبياء ليلة
فإبراهيم عليه السلام له ليلة: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ ...)الأنعام : 76
ولوطاً عليه السلام له ليلة: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ }الحجر65
والأحقاف وهو اسم المنطقة التي سكنها قوم عاد وهم قوم نبي الله هود عليه السلام كانت له ولهم ليلة:
قال الله تعالى (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) الحاقة : 7
وموسى عليه السلام كانت له ليلة: (إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ {7}
فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {8} يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {9})النمل: 7 ـ 9
(فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)القصص:29
ورسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له ليال..فكانت له ليلة الإسراء وليلة النصف من شعبان..
فالليالي كلها كانت إرهاصا وتقديما لليلة مباركة هي ليلة القدر ولعظم شأنها
أنزل الله سبحانه وتعالى فيها كتابه المجيد(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ)..(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ..
والليالي التي احتوتها نالها الشرف دونا عن سائر الليالي فأقسم الله سبحانه وتعالى بها فقال(وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ *)
فالليلي العشر هي العشر الأواخر من رمضان على خلاف بأنها العشر الأولى من ذي الحجة ...ولأن الحج عبادة نهارية فلا ينطبق عليها
هذا القول لأن رمضان عبادة ليلية وفيه قيام الليل.. قَالَ تَعَالَى : (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًاوَأَقْوَمُ قِيلًا )المزمل.. (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ)..
وَقَالَ : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا )الإنسان: 26.
طوبى لمن سهرت بالليل عيناه……. وبات في قلقٍ في حبِّ مولاه
وقام يرعى نجوم الليل منفـردًا……. شوقًا إليه وعين الله ترعـاه
2 ـ أخفاها الله سبحانه وتعالى مثل ما أخفى قيام الساعة جاء في الآية 15 من سورة طه( إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى)...
ومثل ما أخفى عز وجل أجل الإنسان..
وفي الأمور الحياتية يخفي المرء عن أهله الشيء الجلل ويكون أعظم ما يكون إذا كان الأمر نفسياً ,رأينا ذلك مع النبي يوسف عليه السلام
حينما اتهمه أخوته كذبا وزورا نلاحظ قوله سبحانه وتعالى: (فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ)يوسف: 77
فيوسف عليه السلام أسرّها بمعنى أخفاها لأن الإسرار في حد ذاته إخفاء لهم..
ولو لم يخبرنا الحق بما كان في نفس يوسف عليه السلام ما عرفنا عن ذلك الأمر من شيء..وحدث أمر مثله مع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قصة زواجه من السيدة زينب بنت جحش والقصة معروفة ولكن ما يعنيني هنا هو الألم النفسي
الذي عاشه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولولا أن الله عز وجل أخبرنا ما عرفنا عنه شيئاً (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ
زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) الأحزاب:37 ..
ومثل ما أخفى الله الشر فوضعه في موضع الخير..وأخفى الخير فوضعه في موضع الشر وفي كل خير..
(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)البقرة: 216.
(فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء: 19.
كذلك أخفى الله سبحانه وتعالى ليلة القدر..
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم
مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ) سورة القدر.
ولم يقل لنا سبحانه وتعالى في أي شهر..سواء من الشهور العربية أو العبرية أو القبطية أو الشمسية..وعليه ظل الصحابة
رضوان الله تعالى عليهم يترقبونها طول السنة..لأن الله سبحانه وتعالى قال عنها هي ليلة خير من ألف شهر..
في أي شهر هي ليلة القدر ..لم يقل رب العالمين..وظلوا يعبدون الله سبحانه وتعالى باهتمام طول السنة حتى ينالوا ليلة القدر..هبطت همتهم قليلاً..
فأراد الله سبحانه وتعالى تحفيز هممهم مرة أخرى فقال عز من قائل: (حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا
مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) سورة الدخان.
فإن ليلةَ القدرِ ليلةٌ كثيرةُ الخيرِ ، شريفةُ القدرِ ، عميمةُ الفضلِ ، متنوِّعةُ البركات . ولعظمها أنزل فيها القرآن العظيم( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) سورة الدخان :4.
فالله تعالى يقدّر فيها الأرزاق والآجال..والعمل فيها له قدرٌ عظيمٌ..وهي ليلة الحكم والفصل..
وعبدوا الله سبحانه وتعالى طول السنة بجدية وإخلاص..ثلاثة عشر سنة..والصحابة يبحثون عن ليلة القدر طول السنة في كل ليلة..
حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدنية وفرض الصيام..
ويوم أن فرض رب العالمين الصيام فرض أيضا الجهاد..وبعد ثلاثة عشر سنة من ترقب ليلة القدر وبعد فرض الجهاد أراد الله سبحانه وتعالى
أن يكافئ المسلمين فقال لهم أول مكافأة لكم على صيامكم وجهادكم أنني أقول لكم:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) فبعد ما كانت ليلة القدر يلتمسوها طوال العالم كله أصبح المسلم يجمع بين آيتين..
( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ)..( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)..
وقوله سبحانه وتعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)..إذن ليلة القدر في أي شهر؟..
في شهر رمضان..وهذا أمر لم يعرفه الصحابة إلا بعد ثلاثة عشر عاما..
فليلة القدر إذن هي ليلة من ليالي شهر رمضان..
ومع ذلك استصعب المسلمون الأمر فاستكثروا أن يلتمسوها على طول شهر رمضان فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم التخفيف..
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكفت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشر الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين فخطبنا،
وقال: (إنّي رأيت ليلة القدر ثم أُنسيتها ـ أو نسيتها ـ فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإنّي رأيت أنّي أسجد في ماء وطين،
فمن كان اعتكف معي فليرجع) ، فرجعنا، وما نرى في السماء قزعة، فجاءت سحابةٌ فمطرت حتى سال سقف المسجد،
وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته.
رواه البخاري (2/62-63) كتاب فضل ليلة القدر باب التماس ليلة القدر رقم (2016).
وبعد أن قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر)..إلا أن الأمر قد شق على المسلمين فراحوا يجتهدون
حتى حصروها في ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل..والأكثر من هذا أننا وجدنا من راح يحدد الساعة بالتمام..
والصحيح أن ليلة القدر لا أحد يعرف لها يوماً محدداً ، فهي ليلة متنقلة ، فقد تكون في سنة ليلة خمس وعشرين ،
وقد تكون في سنة ليلة إحدى وعشرين ، وقد تكون في سنة ليلة تسع وعشرين ، وقد تكون في سنة ليلة سبع وعشرين ،
ولقد أخفى الله تعالى علمها ، حتى يجتهد الناس في طلبها ، فيكثرون من الصلاة والقيام والدعاء في ليالي العشر من رمضان رجاء إدراكها ،
وهي مثل الساعة المستجابة يوم الجمعة .
وفي الجملة لقد أبهم الله سبحانه وتعالى هذه الليلة على هذه الأمة ليجتهدوا بالعبادة في ليالي رمضان طمعاً في إدراكها .
ولأن ليلة القدر ليلة عظيمة كانت هي الوعاء الذي يحتوي القرءان الكريم..فالقرءان الكريم لأنه قرءان ذو قدر نزل على قلب نبي ذي قدرلأمة ذات قدر
انزله سبحانه وتعالى في ليله القدر .هذه الليلة بعظمتها تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم.. فالملائكة على امتداد السنة كلها ينزلون بأمر الله جلّ علاه.
ومثل ما أخفى عز وجل أجل الإنسان..
وفي الأمور الحياتية يخفي المرء عن أهله الشيء الجلل ويكون أعظم ما يكون إذا كان الأمر نفسياً ,رأينا ذلك مع النبي يوسف عليه السلام
حينما اتهمه أخوته كذبا وزورا نلاحظ قوله سبحانه وتعالى: (فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ)يوسف: 77
فيوسف عليه السلام أسرّها بمعنى أخفاها لأن الإسرار في حد ذاته إخفاء لهم..
ولو لم يخبرنا الحق بما كان في نفس يوسف عليه السلام ما عرفنا عن ذلك الأمر من شيء..وحدث أمر مثله مع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قصة زواجه من السيدة زينب بنت جحش والقصة معروفة ولكن ما يعنيني هنا هو الألم النفسي
الذي عاشه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولولا أن الله عز وجل أخبرنا ما عرفنا عنه شيئاً (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ
زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) الأحزاب:37 ..
ومثل ما أخفى الله الشر فوضعه في موضع الخير..وأخفى الخير فوضعه في موضع الشر وفي كل خير..
(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)البقرة: 216.
(فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء: 19.
كذلك أخفى الله سبحانه وتعالى ليلة القدر..
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِم
مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ) سورة القدر.
ولم يقل لنا سبحانه وتعالى في أي شهر..سواء من الشهور العربية أو العبرية أو القبطية أو الشمسية..وعليه ظل الصحابة
رضوان الله تعالى عليهم يترقبونها طول السنة..لأن الله سبحانه وتعالى قال عنها هي ليلة خير من ألف شهر..
في أي شهر هي ليلة القدر ..لم يقل رب العالمين..وظلوا يعبدون الله سبحانه وتعالى باهتمام طول السنة حتى ينالوا ليلة القدر..هبطت همتهم قليلاً..
فأراد الله سبحانه وتعالى تحفيز هممهم مرة أخرى فقال عز من قائل: (حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا
مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) سورة الدخان.
فإن ليلةَ القدرِ ليلةٌ كثيرةُ الخيرِ ، شريفةُ القدرِ ، عميمةُ الفضلِ ، متنوِّعةُ البركات . ولعظمها أنزل فيها القرآن العظيم( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) سورة الدخان :4.
فالله تعالى يقدّر فيها الأرزاق والآجال..والعمل فيها له قدرٌ عظيمٌ..وهي ليلة الحكم والفصل..
وعبدوا الله سبحانه وتعالى طول السنة بجدية وإخلاص..ثلاثة عشر سنة..والصحابة يبحثون عن ليلة القدر طول السنة في كل ليلة..
حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدنية وفرض الصيام..
ويوم أن فرض رب العالمين الصيام فرض أيضا الجهاد..وبعد ثلاثة عشر سنة من ترقب ليلة القدر وبعد فرض الجهاد أراد الله سبحانه وتعالى
أن يكافئ المسلمين فقال لهم أول مكافأة لكم على صيامكم وجهادكم أنني أقول لكم:
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) فبعد ما كانت ليلة القدر يلتمسوها طوال العالم كله أصبح المسلم يجمع بين آيتين..
( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ)..( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)..
وقوله سبحانه وتعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)..إذن ليلة القدر في أي شهر؟..
في شهر رمضان..وهذا أمر لم يعرفه الصحابة إلا بعد ثلاثة عشر عاما..
فليلة القدر إذن هي ليلة من ليالي شهر رمضان..
ومع ذلك استصعب المسلمون الأمر فاستكثروا أن يلتمسوها على طول شهر رمضان فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم التخفيف..
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكفت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشر الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين فخطبنا،
وقال: (إنّي رأيت ليلة القدر ثم أُنسيتها ـ أو نسيتها ـ فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإنّي رأيت أنّي أسجد في ماء وطين،
فمن كان اعتكف معي فليرجع) ، فرجعنا، وما نرى في السماء قزعة، فجاءت سحابةٌ فمطرت حتى سال سقف المسجد،
وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته.
رواه البخاري (2/62-63) كتاب فضل ليلة القدر باب التماس ليلة القدر رقم (2016).
وبعد أن قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر)..إلا أن الأمر قد شق على المسلمين فراحوا يجتهدون
حتى حصروها في ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل..والأكثر من هذا أننا وجدنا من راح يحدد الساعة بالتمام..
والصحيح أن ليلة القدر لا أحد يعرف لها يوماً محدداً ، فهي ليلة متنقلة ، فقد تكون في سنة ليلة خمس وعشرين ،
وقد تكون في سنة ليلة إحدى وعشرين ، وقد تكون في سنة ليلة تسع وعشرين ، وقد تكون في سنة ليلة سبع وعشرين ،
ولقد أخفى الله تعالى علمها ، حتى يجتهد الناس في طلبها ، فيكثرون من الصلاة والقيام والدعاء في ليالي العشر من رمضان رجاء إدراكها ،
وهي مثل الساعة المستجابة يوم الجمعة .
وفي الجملة لقد أبهم الله سبحانه وتعالى هذه الليلة على هذه الأمة ليجتهدوا بالعبادة في ليالي رمضان طمعاً في إدراكها .
ولأن ليلة القدر ليلة عظيمة كانت هي الوعاء الذي يحتوي القرءان الكريم..فالقرءان الكريم لأنه قرءان ذو قدر نزل على قلب نبي ذي قدرلأمة ذات قدر
انزله سبحانه وتعالى في ليله القدر .هذه الليلة بعظمتها تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم.. فالملائكة على امتداد السنة كلها ينزلون بأمر الله جلّ علاه.
تعليق