(ولهذا يعتبر الحج عرضة سنوية للملة، يرجع إليها الفضل في نقائها وأصالتها، وفى بقاء هذا الدين، بعيدا عن التحريف والغموض والالتباس، وفى بقاء هذه الأمة، بعيدة عن الانقطاع عن الأصل، والمصدر والأساس، محفوظة من المؤامرات والمغالطات التي وقعت أمم كثيرة فريستها في الزمن الماضي، وعن طريق هذه المؤسسة العظيمة الحكيمة، تبقى هذه الأمة العظيمة الخالدة محتفظة بطبيعتها الإبراهيمية الولوع الحنون، العطوف الرؤوف، الثائرة القوية الحنفية السمحة، وتتوارثها جيلا بعد جيل، فكأنها القلب الحي القوي الفياض الذي يوزع الدم إلى عروق الجسم وشرايينه، وبها تستعرض هذه الأمة مجموعها في صعيد واحد، فينفى بذالك علماؤها وزعماؤها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وخرافة المخرفين، ويردونها إلى الأصل الإبراهيمي الحنيفى، وإلى الشرعة المحمدية(الصافية)، وبها تستطيع هذه الأمة أن تحافظ على وحدتها الدينية والعقلية والثقافية، وتعتصم على أن تؤثر فيها الإقليمية والمحلية تأثيرا يفقدها الوحدة الحنفية الإبراهيمية، والصيغة الإسلامية المحمدية، كما كان شأن الديانات السابقة الكثيرة، والأمم الدينية العديدة(482) وإلى الدين الخالص دين الفطرة، المركوز في نفس الإنسان الذي يبحث عن شيء يراه بعينه، فيوجه إليه أشواقه، ويقضى به حنينه، ويشبع به رغبته الملحة، في التعظيم والدنو. لأن اليقين والاطمئنان لطف سماوي ينبغي أن يغمر بنوره ليس بعض النفوس المؤمنة المنتخبة والمصطفاة، بل كل الأجساد والأرواح القلقة التواقة إلى الراحة الأرضية والنعيم الرباني. والحمد لله الذي هدانا إلى هذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
المرابط ولد محمد لخديم الشنقيطى
انواكشوط : الأحد ،التاسع ذي الحجة 1429هجرية.
لموافق: 7 ديسمبر 2008 م.
ولله من وراء القصد
ماذا قيل فيه :
كلمة الناشر:
Islamic Fiqh Academy INDIA
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: أهنيء موريتانيا والعالم الإسلامي على تأليف هذا الكتاب القيم الذافر والعامر بالجواهر الفكري واللآلي العلمية، والمليء بجودة الاستدلال والاستنباط العقلي المتميز بقوة إنارة الطريق وإضاءة النور وإزالة الشكوك والشبهات عن المعتقدات الأساسية المتصف بالأسلوب السهل الرشيق.
ثانياً: أهنئكم على إعداد وترتيب هذا التأليف الجيد المؤثر المتميز بالاستدلالات العقلية فهو خير نموذج علمي وأحسن مثال.
ثالثاً: إن المنهج البحثي الذي اختاره المؤلف في تبيين وتوضيح المراد إنما هو منهج علمي جديد ولذا لا ينتقل ذهن القاري والباحث في المرحلة الأولى إلى المصداقية والمدلول لأن المنهج يتجه إلى التفكير الدقيق.
رابعاً: إن هذا الكتاب يحتوي على محاور فكرية متنوعة الأطراف متعددة الجهات وإذا أصبح كتاباً يستحق العناية من جهة الباحثين ورجال الدراسات العلمية كما يستحق مؤلف الكتاب كامل التقدير والتحسين والشكر والاعتراف بخدمته العلمية من جهة العلماء والمفكرين الذين لهم إلمام ورسوخ في العلوم الشرعية والإنسانية معاً.
خامساً: الكتاب المذكور المشار فيما أعلاه يشتمل على بحوث فكرية وعلمية ويستحق الدراسة والتحقيق والبحث حول ما يحتوي عليه هذا الكتاب القيم.
سادساً: أشكر الله عز وجل بأنه آتاكم ومنحكم هذه الفرصة الطيبة لأداء المسئولية الدينية والواجب العلمي. أكرر شكري وتقديري واحترامي لعلماء ومفكري دولة موريتانية وهي أرض العلم والفكر والعربية والإسلام.
عن اللجنة التنفيذية بمجمع الفقه الإسلامي نيودلهي الهند
سماحة الشيخ الدكتور أمين العثماني
Address :
Post Box No. 9746, 161-F, Joga Bai, Jamia Nagar, New Delhi-110025
Phone : 0091 11 - 26981779, Tele/Fax : 0091 11 - 26981779
Regd. : 4695/4/7017/90 Email : [email protected]
قدم له الأستاذ الدكتور محمد المختار ولد أباه بقوله:
لقد روي عن الإمام علي بن أبي طالب قوله في معاني القرآن الكريم إنه حمال لوجوه، وقد تعددت وجوه المعاني في قوله تعالى ﴿فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ فمن المفسرين من اعتبر المعنى اللغوي الذي يعني بدء الخليقة، ومنه ما ورد في قوله تعالى حكاية عن الذي يدافع عن إيمانه، ويقول ﴿ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون﴾ ويقول جل وعلا ﴿الحمد لله فاطر السموات والأرض﴾. ومنهم من رأى في هذا السياق أن الفطرة تعني ملة الإسلام لأنه هو الدين القيم.
معنى ثالث يجمع بين الاحتمالين، وهو الذي في حديثه عليه السلام أن كل مولود يولد على الفطرة، ويمكن تفسيره بملكة الإنسان لتلقي المقومات التربوية التي يمليها توجيه الوالدين، فهما اللذان يهودان ابنهما أو ينصرانه، بعد أن خرج من بطن أمه وهو لا يعلم شيئا، ثم لا يلبث أن يرى سلوك عائلته ويسمع تعاليمها، فيعقل بفؤاده ما رأى وسمع، فتتجه عقيدته الأولى على نحو ما أراد أهله.
وبعد مرحلة الفطرة وتأثير البيئة الأبوية، تتاح الفرصة للإنسان لتعميق التفكير، والمقارنة بين القيم التي يعرضها الواقع على ذهنه.
ولكن حينما يزن أمور الحياة بميزان العقل السليم، وتتاح له الفرصة لمعرفة دين الحنفية السمحة، يدرك أن دين الفطرة الإسلامية هو الدين القويم، يراعي الفطرة البشرية للإنسان في العبادة والمعاملة.
وارتباط الدين الإلهي بالفطرة البشرية تتمثل في مراعاة الوسطية في الدين الذي لا يشادّه أحد إلا غلبه. والباري جل وعلا لا يكلف نفسا إلا وسعها، فأناط التكليف بالقدرة والعلم.
وبما أن إدراك العلم لا يتم إلا بمعايير فكرية تساعد على استيعاب براهين الإيمان، وتؤكد حقائقه في ذهن الإنسان، فإن استثمار المعارف العلمية، والحجج العقلية دعا الأستاذ الباحث لمرابط ولد محمد لخديم إلى تناول أدلة دين الفطرة من النواحي اللغوية والفلسفية والعلمية.
ولقد قام الباحث في عرض هذه البراهين بجهد مشكور وقدم مباحث اتسمت بالجدية والتعمق، وهو بذلك يتابع أعماله الفكرية السابقة في مجال العلم وقضايا التوحيد.
فنرجو له دوام العطاء والتوفيق.
أ. د. محمد المختار ولد أباه
رئيس جامعة شنقيط العصرية
وكذالك الداه لد ممون أستاذ الفيزياء أستاذ الفيزياء بكلية العلوم والتقنيات جامعة نواكشوط حيث يقول:
L’auteur dans son ouvrage essaie de démontrer si la réalité "scientifique" est un indice de la vérité ? A-t-elle un point de vue particulier ou sa valeur, est-elle indépendante des données ?: Il souligne qu'un sujet à conscience de lui-même alors qu'on ne connaît une chose que de l'extérieur. Le "je" sujet de l'action dispose d'une volonté qui n'est pas une force vitale, mais une force "hyperorganique", de nature spirituelle. Elle apparaît avant tout sur le plan psychologique. Sur des exemples il revient sur le fait que des branches de la science ont à bien des égards dépassé la vision du monde mécaniste. Depuis des années, le cosmos tout entier ressemble davantage à un organisme en développement qu'à une machine, un organisme en croissance constante, qui, ce faisant, élabore en son sein de nouveaux schémas d'organisation. Il revient sur le déterminisme rigide de la physique à l'ancienne mode qui a laissé place à la reconnaissance d'une spontanéité innée dans la nature - par le biais de l'indéterminisme au niveau quantique, de non-équilibres thermodynamiques et des perspectives ouvertes par les théories de la complexité et du chaos'. Dans le domaine de la cosmologie, la découverte de la « matière noire », dont la nature reste entièrement obscure, mais qui semble cependant représenter de 90 à 99 % de toute la matière de l'univers, a conduit à admettre l'existence d'une sorte d'inconscient inné. Il reprend, la théorie des quanta qui dévoile des aspects étranges et paradoxaux de la nature, notamment le phénomène de non-localité ou de non-séparabilité, par lequel les systèmes ayant antérieurement appartenu à un tout plus vaste restent mystérieusement liés, même à des kilomètres de distance. L’ouvrage riche en exemples essaie une approche basée sur un ensemble d’éléments relatifs aux fondements de la connaissance et à bien des égards sur l’inné et l’acquis en matière de savoir
Dr Dah ould Memoune
Professeur de Physique à la Faculté
des Sciences et Techniques de l’Université de Nouakchott
وكتب الحسين ولد محنض المدير الناشر لجريدة الأمل الجديد الواسعة الانتشار في موريتانيا ما يلي :
ما الغاية من هذا الوجود؟ من أين جئنا وإلى أين المصير؟ لماذا نشتغل بالعيش ونخوض غمار الحياة؟ أسئلة كبرى يتذكرها الإنسان أحيانا ويغفل عنها أحايين كثيرة، ومع ذلك فهي لب كل ما عرفه التاريخ من ديانات ومعتقدات ومذاهب وحضارات وفلسفات وضعية أو متفرعة عن المعارف الإلهية.
وعندما أشرق على الناس صوت العلم الحديث منذ ثلاثة قرون، ولف الأرض ضجيج الحضارة المعاصرة، تهاوت الخرافة وأصبح العقل سيد المعارف، وانبهر الناس بتتالي الاكتشافات وتطورت الحياة وتعقدت، وازدهرت الماديات، وأطلق الإنسان العنان لنفسه حتى قال البعض إن "الدين أفيون الشعوب" وإنه "لا إله والحياة مادة"..
ورغم تطور العلم ورقي الإنسان تباعدت في تناقض عجيب المسافة بينه وبين كل ما لا يوجد من حوله أو تحكمه قوانين العلم المنظور، ونسي أو تناسى الأسئلة الكبرى التي كان عليه أن يستفيد من العلم ونهضته للحصول على أجوبة شافية لها.
ولم تعد الديانات والفلسفات المسكونة بالخرافة قادرة على إسماع صوتها في عالم بهره العلم وشغلته المادة، وانشغلت الديانات الكبرى العتيقة بنفسها: البوذية بالفناء الكلي عن الماديات، واليهودية بالعودة إلى أرض الميعاد، والمسيحية بالصراع بين قوة الكنيسة والقوة العلمانية. أما المسلمون فانكفأوا بين منسلخ من جلده منبهر بما وصل إليه الآخر الغربي من حضارة ورقي، وجامد بل متجمد على منهجه التقليدي في الدفاع عن دينه ومعتقده بأدوات وأساليب لم يعد العصر قادرا على سماعها. وتباعد الهوة مع الزمن بين ما يقدمه المسلمون للعالم وما يمكنهم أن يقدموا له علما وعقلا وفلسفة وقيما وحضارة.
ولأن الله يابى إلا أن يتم نوره، ولأنه يقيض لهذه الأمة كل قرن من يجدد لها ما اندرس من دينها أو ينشئ لها ما تحتاجه من علوم ومناهج تنافح به كيانها وسبيلها، فقد ظل الإسلام نقيا قويا، طريا رغم تبدل الأزمان، صلبا رغم ما يعتريه أحيانا من هوان. وكان مما أتحف الله به العالم في هذا العصر، وأمد به الإسلام في كل مصر كتاب بديع لمسلم عبقري استنطق مكنون مناهج الحضارة الغربية بلسانها، وغزا هذه الحضارة في عقر دارها، وكشف خباياها وأنار طريق المعرفة فيها بذات السلاح الذي يستخدمونه هم للسيطرة على عقول الناس وقلوبهم، فأما الكتاب فهو "دين الفطرة استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة إنسانية" وأما المؤلف فهو المرابط ولد محمد لخديم.
ولا يمكن ان يقدر هذا الكتاب حق قدره إلا من اطلع عليه، بل لا يستطيع أن يصل إلى أغواره العميقة إلا الراسخون في العلم، فمن يمكنه أن يناقش ويستوعب أطروحات مثل "من خلال الشيء ونقيضه"، أو يستوعب دلالة "قيام الزوج في زوجه"، أو يجول في متاهات مباحث "العلم وإمكانية جعله أساسا للتفكير" أو "إنسانية الحرف" أو "فساد نظام الحروف في اللفظ" أو "قانون تناقض الاختلاف" أو "الكشف عن حركة الوجود من خلال اللفظ"، أو "كيف يجيء الوجود من العدم؟" أو "تمييز الضد بضده" أو "سير الأضداد" أو "فردية العقل وجماعية الرغبة" أو "معنى الضغط على أزرار المصعد" أو اشتراك المادة الواحدة بين الضدين" أو "العدل في التعاقب بين الموجودات" أو "أين توجد بؤرة اليقين؟" أو "السر المختبئ في التجارب الذرية" أو "الترابط بين النقيضين" أو "أسس الميكانيكا والديناميكا" أو "ما هو فوق الطاقة" أو "طور العقل" أو"كيف نعقل الأشياء" إلى آخره فليست هذه سوى نماذج من عشرات الموضوعات المتناهية في الدقة والأهمية تناولها المؤلف في نحو خمسمائة صفحة تحت ما يقارب مائة عنوان.
ولو كان مؤلف هذا الكتاب غربيا للقي من الحفاوة والتكريم ما تعجز عنه الأذهان، لكنه كان مع الأسف عربيا، ولكي لا يذكره ذاكر ولا يزوره زائر فقد كان فوق ذلك موريتانيا، مع أنه يحق للعالم الإسلامي اليوم أن يفخر بأنه أنتج مثل هذا العمل الفريد الذي أتاحت له الأكاديمية الهندية أن يطبع في آلاف النسخ، وما زلنا نحتاج إلى أن يترجم إلى كل اللغات الحية كي يخاطب الآخر بلغته. وذلك كي يدرك المسلمون أن دينهم قادر أيضا على الدفاع عن هويته وصدقيته حتى بلغة الرياضيات والفيزياء التي يصد بها أرباب الحضارة الغربية عن الله وعن دينه.
الحسين بن محنض