دين الفطرة: استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة انسانية (الحلقة الرابعة)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

لخديم مسلم اكتشف المزيد حول لخديم
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • لخديم
    1- عضو جديد

    • 22 أغس, 2009
    • 30
    • مؤلف باحث/ المدير الناشر لآفاق فكرية
    • مسلم

    دين الفطرة: استنطاق الرياضيات والفيزياء بلغة انسانية (الحلقة الرابعة)



    خاتمة الكتاب:

    إن أي باحث تخلص من الأخطاء السابقة وعرف واقع العقل وقدرته الإنتاجية وطريقته التفكيرية العلمية المنصفة كما فصلنا في هذا الكتاب آنفا سيوقن لا محالة بوجود تشريع سماوي منزل من عند الله سبحانه وتعالى, وبعرف أن هذا العقل هو الذي اهتدى إليه, وانه لا يمكنه أن يستقل بمعرفة الله ولا أن يهتدي إليه إلا إذا صحبه في تطوافه إلى تلك الغاية قلب, يتلقى عنه كل مدركاته فيحيلها عواطف وأحاسيس تشيع في النفس روعة وجمالا.
    و أن الإنسان عقل وعاطفة، فليس هو عاطفة فحسب ولا عقل فقط، بل هو الإثنان معا. والعاطفة هي المحرك، والعقل هو الموجه.. وهذا ما يقتضيه منهج الفطرة.
    وقد سلكنا في هذا جميع الطرق الفكرية المؤدية إلى معرفة هذه الفطرة المركوزة في النفس البشرية والغريب أن هذه الفطرة التي فطر عليها الإنسان، بما عنده من غرائز وحاجات عضوية، دافعة إلى البحث والتنقيب عن الوسائل التي تروي وتشبع حاجاته وغرائزه، في فقه طبيعته أو عليه أن يفقهها..
    و العقلاء من الناس لايجدون صعوبة في رؤية مركوزية الفطرة من خلال أحوال الناس وسلوكهم، فالمريض الذي أضناه المرض، ويئس من الحصول على الشفاء، إلى من يلجأ ؟ والفقير الذي لايجد مايكفيه، ممن يطلب حاجته؟ والمكروب الذي ضاقت به الدنيا على سعتها،ممن يسأل الفرج؟
    هؤلاء وغيرهم ممن انقطعت بهم السبل إذا نظرت إليهم وقد تعلقت أبصارهم بالسماء ولسان حالهم يخبرك بما يختلج في صدورهم من صدق التعلق بالمحبوب كمشاعر داخلية عميقة تنزع بهم إلى اللجوء إلى من هو أقوى منهم..
    وتتبعنا هذه المشاعر الداخلية بالملاحظة الدقيقة ووجدنا أن أقواها الإحساس بوجود الله تعالى والرغبة في الخضوع له وكأنها أمر جبلي فطر عليه.
    وتوصلنا إلى هذه الحقيقة بالبرهان واستطعنا أن نحل هذه العقدة الكبرى، لأنه بحلها تحل جميع العقد عند الإنسان. وأن مسالة حل هذه العقدة الكبرى فيها ناحيتان:
    احدهما: الناحية العقلية، أي المتعلقة بالعقل، في نفس التفكير الذي يجري..
    والثانية: متعلقة بالطاقة الحيوية التي في الإنسان، أي بما يتطلب الإشباع، فالتفكير يجب أن يتوصل إلى إشباع الطاقة الحيوية بالفكر. وإشباع الطاقة بالفكر يجب أن يأتي عن طريق التفكير بنقل الواقع بواسطة الحواس إلى الدماغ.
    وأنه اذا جاء الإشباع بالتخيلات والفروض، أو بتعبير ما هو واقع محسوس، فإن الطمأنينة لا تحصل، والحل لا يوجد.
    وإذا جاء التفكير بما لا يوجد الإشباع أي بما لا يتفق مع الفطرة، فإنه يكون مجرد فروض او مجرد إحساس، فلا يوصل إلى حل تطمئن إليه النفس، ويوجد الإشباع. فحتى يكون الحل حلا صحيحا للعقدة الكبرى، يجب أن يكون نتيجة تفكير حسب الطريقة العقلية وان يشبع الطاقة الحيوية وان يكون جازما بحيث لا يترك مجالا لعودة التساؤلات: من أنا؟ وما هذا الوجود؟ والى أين المصير؟.
    وبهذا يوجد الحل الصحيح. ويوجد الاطمئنان الدائم لهذا الحل ومن هنا كان من أهم أنواع التفكير: التفكير بالكون والإنسان والحياة، أي التفكير بحل العقدة الكبرى حلا يتجاوب مع الفطرة الذي يحصل به إشباع الطاقة الحيوية، ويكون جازما بحيلولته دون رجوع التساؤلات السابقة..
    وقد تحل العقدة الكبرى حلا خاطئا إذا ترك للطاقة الحيوية وحدها أن تقرر.
    فالإنسان بشعوره بالعجز فانه يحاول إشباع ما يتطلبه الإشباع ويملأ أجوبة التساؤلات المصيرية. ولكن هذا الطريق غير مأمون العواقب، وغير موصل إلى تركيز، فغريزته قد توجد في دماغه تخيلات أو فروضا لا تمت إلى الحقيقة بصلة.
    وهي وإن أشبعت الطاقة الحيوية ولكنها قد تشبعها إشباعا شاذا كعبادة الأصنام، أو تشبعها إشباعا خاطئا كتقديس الأولياء.
    ولذلك لا يصح أن يترك للطاقة الحيوية، أن تحل العقدة الكبرى أو تجيب على التساؤلات؟ بل لا بد أن يجري التفكير في الإنسان والكون والحياة للإجابة على التساؤلات السابقة... إلا أن هذه الإجابة يجب أن تتجاوب مع الفطرة، حتى يتم بها إشباع الطاقة الحيوية وأن تكون بشكل جازم لا يتطرق إليه شك.
    واكتشفنا أن هذه الفطرة شيء نحس به في داخلنا ولكننا لا نفهم كنهه، وأننا لا نستطيع أن نصل إلى هذه الحقيقة التي تبدأ معنا عندما نولد وتبدأ عملها مبكرا قبل الحواس.
    وانه من بين جميع الديانات والمصطلحات الفلسفية والعقدية نجد دين واحد هو الذي عرفنا على هذه الحقيقة وأنها مرتبطة به ارتباطا عضويا متدافعة إليه تدافع الماء إلى منحدره. بدليل قوله تعالى﴿إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون﴾ في قوله تعالى" تذكروا" دلالة على أن ما تذكروه مركوز في فطرتهم، وان غفلتهم أمر عارض سببه إغواء الشيطان. وإذا تأملت بداية الآية "إن الذين اتقوا"علمت ما الذي تذكروه؟ وما هو مركوز في فطرتهم. إنه خالقهم، ومحبوبهم وكل عمل يقربهم إليه.
    وإهتداء الإنسان إلى هذه الحقيقة أي إلى فطرته ليس كسبا رخيصا بل كبير، وغنم عظيم فيه يعيش المرء في سلام ووئام مع نفسه، ومع فطرة الوجود الكبير من حوله.
    والحقيقة أن في فطرة الإنسان فراغا لا يملأه علم ولا ثقافة ولا فلسفة، وإنما يملأه الإيمان بالله الواحد الأحد جل شأنه.
    وستظل الفطرة الإنسانية تحس بالتوتر والجوع والظمأ حتى تجد الله, وتؤمن به وتتوجه إليه, فتحس بالهداية بعد الحيرة والاستقرار بعد التخبط, والاطمئنان بعد القلق.
    وفي هذا المعنى يقول ابن القيم: [ في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله, وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله, وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته, وفيه قلق لا يسكنه إلا الإجماع عليه والفرار إليه] (469).
    ولقد مثل القرءان الكريم فطرة الخلق السليمة في معرفة الله وثبوت وحدانيته وربوبيته وانه لا اله إلا هو بعد أن غرس ذلك في نفوسهم وفطرهم عليها بقوله سبحانه وتعالى ﴿وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا... أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين﴾ (470).وكيف يغفل المرء عن الله وفيه هذه الغريزة المتطلعة إلى لله المتشوقة إليه.
    ففي الوقت الذي أضفى القرآن الكريم على حقيقة الذات الإلهية من الصفات أضاف إليها من النعوت ما يميزها عن سائر الموجودات، ويجعلها في متناول الإدراكات الإنسانية، وفي دائرة ما يعرف بالعقل والوجدان قال تعالى﴿ فأعلم أنه لا اله إلا لله﴾(471)، بل يجعلها أجلى ما يعرف وأسمى واجل ما يعلم لذوي الفطر السليمة والعقول المستقيمة، لذا يرفض القرآن الكريم فكرة المشبه والمجسمة كلية.
    فالإله لا حاجة له أن يلبس حاجة البشر، كما انه منزه عن صفات البشر واخصها التجسد ويشير القرءان الكريم في سورة الإخلاص إلى جانب التنزيه بقوله تعالى ﴿قل هو الله أحد﴾ فبهذه الأحدية تقتضي التفرد والتنزيه عن المشابهة والمماثلة للحوادث، كما يشير إلى جانب الكمال والتأثير بقوله ﴿الله الصمد﴾ وهو المقصود للناس جميعا، الصمدية تقتضي اتصافه عز وجل بكل صفات التأثير التي هي صفات الكمال، ولم يكن أحد مكافئا ومماثلا له في شيء من صفاته كما يشير إليه قوله تعالى ﴿ولم يكن له كفؤا أحد﴾(472) فالله في عقيدة الإسلام ليس إلا الموجود الأسمى المتفرد بكل صفات الكمال الحائز لكل معاني العزة والجلال، المهيمن على كل ما سواه ومن عداه، إليه تستند وجودات الأشياء ومنه تنبثق ما فيها من قوة وحياة وعنه وبإرادته تصدر كل ما فيها من حركات وكل ما يلحقها من تغيرات، وهو القاهر للخلق جميعا بما له من منطلق الأمر والنهي(473) قال تعالى ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" (474).
    وقوله جل شأنه ﴿ قل هو الله أحد * الله الصمد* لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" (475).
    على ضوء ما أسلفنا في هذه المحاولة المتواضعة من أدلة وبراهين يمكننا أن نفهم قوله تعالى: ﴿ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون﴾ (476).
    ويبقى الإنسان ذلك المجهول والكون ذلك المبهم الذين يحتاجان معا إلى,,,,,,يتواصل

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 9 أغس, 2023, 11:28 م
ردود 0
68 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة د.أمير عبدالله
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 17 أكت, 2022, 01:16 م
ردود 112
230 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
ابتدأ بواسطة اسلام الكبابى, 30 يون, 2022, 04:29 م
ردود 3
48 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عاشق طيبة
بواسطة عاشق طيبة
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 28 أكت, 2021, 02:21 م
ردود 0
145 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 01:31 م
ردود 3
104 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
يعمل...