بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى جميع الآل والصحب، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
لقد تميّز جيل الصحابة والتابعين وتابعيهم بصفاء الروح، وصدق الإرادة، والإخلاص، وقوة اليقين، فكانت نفوسهم متجرّدة من الأهواء والشكوك، متقبلة للحق عاملة به، فصنعوا بذلك تاريخاً مجيداً يروج عبقه وأريجه مادامت السماوات الأرض.
وصدق فقيه الصحابة وقارؤهم عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حين وصف الجيل الأول فقال: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.
وفي زماننا مع كثرة الدروس وتفصيل الأصول والفروع واستخراج الفرائد والفوائد، والترف العلمي، وحب البروز والظهور، وكثرة الألقاب والتسميات، نجد أن أكثر العلماء وطلبة العلم –إلا من رحم الله- لديهم البراعة في تفصيل مسائل العلم واستحضار الدلائل والشواهد، مع التحقيق والتدقيق، والتنقيح والترجيح.
ولكن عند تطبيق تلك الامور على أرض الواقع والعمل بها، نجدهم من أشد الناس حيرة وريباً وتقهقراً، ليس في المسائل الاجتهادية التي تحتاج إلى سعة علم واطلاع وفهم، إنما في أصول الدين ومسلّماته، وليس هذا ضرب من الخيال أو من التُّهم الجوفاء، بل هي شهادة نُسأل عنها أمام الله سبحانه وتعالى.
ولن أتركك في حيرة أخي القارئ، فسوف أضرب لك مثالاً، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، وفهمها لا يحتاج منك إلا تجرداً وانصافاً وتفكّراً.
على العلماء أن يخضعوا وينقادوا للأدلة ويعملوا بها ويُفتوا بما يوافقها وبما تدلّ عليه.
وعلى طلبة العلم وعامة الناس أن يسألوا أهل العلم فيما أشكل عليهم وما يجهلونه من أحكام الدين.
ولكن لماذا اليوم طلبة العلم والعوام يسألون عن حكم ما يعلمون.
لماذا يسألون عن أمور لا يجهلها أحدهم؟
هل انسلخت قدسية الأدلة عن النفوس؟
هل طرأ الشك والريب في الأدلة الشرعية؟
كلنا يعلم معنى الأخوة الدينية، والولاية الإيمانية.
كلنا يعلم النصوص الشرعية في وجوب محبة المؤمنين وولايتهم ونصرتهم وإغاثتهم ورفع ودفع الظلم عنهم.
كلنا يعلم قول الله تعالى: {ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً}.
كلنا يعلم قول الله:{يا أيها الذين ءامنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل، إلا تنفروا يُعذّبكم عذاباً أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير}
كلنا يعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)
وقوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وشبّك بين أصابعه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ولا يُسلمه).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوما).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يخذل مسلما في موطن ينتهك فيه من عرضه ويُنتقص فيه من كرامته إلا خذله الله في موطن يُحبّ فيه نُصرته)..
يا مسلمون ويا طلبة العلم: هل أنتم في شك من هذه النصوص؟
إذاً فلماذا تسألون؟
في كل يوم يهراق دم المسلمين، وتغتصب الحرائر الطاهرات، وتنتهك الحرمات، وتدنس المقدسات.
في كل يوم يُيتم الأطفال، وترمّل النساء، وتثكل الأمهات.
والمسلمون وطلبة العلم يسألون؟
عن ماذا تسألون؟
عن نصرة دين الله؟ هل يجوز أو لا يجوز؟
عن الدفاع عن مقدسات المسلمين؟ هل يجوز أو لا يجوز؟
عن نصرة المظلومين، هل يجوز أو لا يجوز؟
عن اغاثة العفيفات هل يجوز أو لا يجوز؟
عن حكم من تسألون؟ عن حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟
أم عن حكم الرجال وآرائهم؟
إن كنتم تسألون عن حكم الله أفلا تكفيكم نصوص القرآن؟
إن كنتم تسألون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفلا يكفيكم قوله وفعله؟
فلماذا تسألون؟
ومن تسألون؟
هل تسألون العلماء عن حكمهم؟ أم تسألونهم عن حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟
إن كنتم تسألونهم عن حكم الله ورسوله، أفلا تكفيكم الأدلة؟
لقد كان السلف رحمهم الله إذا بلغتهم الأدلة سارعوا إلى العمل بها وتطبيقها، وإذا قال أحد قولاً عرضوه على الأدلة فإن وافقها أخذوا به وإلا تركوه.
قال عبدالله بن عباس : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر!
أما اليوم: يقول العلماء فيُقلَّدون ويُتبعون ولو كان قولهم مصادماً للدليل، وإذا جاءت النصوص الشرعية يُتوقف فيها حتى تعرض على العلماء!
فيا سبحان الله، شتّان بين السلف والخلف.
قال الله تعالى:{يا أيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحييكم واعلموا أن الله يَحول بين المرءِ وقلبه وأنّه إليه تُحشرون، واتّقوا فتنة لا تُصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أنّ الله شديد العقاب}
وقال تعالى:{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}
قال الإمام أحمد رحمه الله: أتدري ما الفتنة ، الفتنة الشرك لعله إذا ردّ بعض قوله -أي بعض قول الرسول صلى الله عليه وسلم- أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك
اللهم اهدنا للحق والعمل به يا رب العالمين
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى جميع الآل والصحب، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
لقد تميّز جيل الصحابة والتابعين وتابعيهم بصفاء الروح، وصدق الإرادة، والإخلاص، وقوة اليقين، فكانت نفوسهم متجرّدة من الأهواء والشكوك، متقبلة للحق عاملة به، فصنعوا بذلك تاريخاً مجيداً يروج عبقه وأريجه مادامت السماوات الأرض.
وصدق فقيه الصحابة وقارؤهم عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حين وصف الجيل الأول فقال: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.
وفي زماننا مع كثرة الدروس وتفصيل الأصول والفروع واستخراج الفرائد والفوائد، والترف العلمي، وحب البروز والظهور، وكثرة الألقاب والتسميات، نجد أن أكثر العلماء وطلبة العلم –إلا من رحم الله- لديهم البراعة في تفصيل مسائل العلم واستحضار الدلائل والشواهد، مع التحقيق والتدقيق، والتنقيح والترجيح.
ولكن عند تطبيق تلك الامور على أرض الواقع والعمل بها، نجدهم من أشد الناس حيرة وريباً وتقهقراً، ليس في المسائل الاجتهادية التي تحتاج إلى سعة علم واطلاع وفهم، إنما في أصول الدين ومسلّماته، وليس هذا ضرب من الخيال أو من التُّهم الجوفاء، بل هي شهادة نُسأل عنها أمام الله سبحانه وتعالى.
ولن أتركك في حيرة أخي القارئ، فسوف أضرب لك مثالاً، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، وفهمها لا يحتاج منك إلا تجرداً وانصافاً وتفكّراً.
على العلماء أن يخضعوا وينقادوا للأدلة ويعملوا بها ويُفتوا بما يوافقها وبما تدلّ عليه.
وعلى طلبة العلم وعامة الناس أن يسألوا أهل العلم فيما أشكل عليهم وما يجهلونه من أحكام الدين.
ولكن لماذا اليوم طلبة العلم والعوام يسألون عن حكم ما يعلمون.
لماذا يسألون عن أمور لا يجهلها أحدهم؟
هل انسلخت قدسية الأدلة عن النفوس؟
هل طرأ الشك والريب في الأدلة الشرعية؟
كلنا يعلم معنى الأخوة الدينية، والولاية الإيمانية.
كلنا يعلم النصوص الشرعية في وجوب محبة المؤمنين وولايتهم ونصرتهم وإغاثتهم ورفع ودفع الظلم عنهم.
كلنا يعلم قول الله تعالى: {ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً}.
كلنا يعلم قول الله:{يا أيها الذين ءامنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل، إلا تنفروا يُعذّبكم عذاباً أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير}
كلنا يعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)
وقوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وشبّك بين أصابعه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ولا يُسلمه).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوما).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يخذل مسلما في موطن ينتهك فيه من عرضه ويُنتقص فيه من كرامته إلا خذله الله في موطن يُحبّ فيه نُصرته)..
يا مسلمون ويا طلبة العلم: هل أنتم في شك من هذه النصوص؟
إذاً فلماذا تسألون؟
في كل يوم يهراق دم المسلمين، وتغتصب الحرائر الطاهرات، وتنتهك الحرمات، وتدنس المقدسات.
في كل يوم يُيتم الأطفال، وترمّل النساء، وتثكل الأمهات.
والمسلمون وطلبة العلم يسألون؟
عن ماذا تسألون؟
عن نصرة دين الله؟ هل يجوز أو لا يجوز؟
عن الدفاع عن مقدسات المسلمين؟ هل يجوز أو لا يجوز؟
عن نصرة المظلومين، هل يجوز أو لا يجوز؟
عن اغاثة العفيفات هل يجوز أو لا يجوز؟
عن حكم من تسألون؟ عن حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟
أم عن حكم الرجال وآرائهم؟
إن كنتم تسألون عن حكم الله أفلا تكفيكم نصوص القرآن؟
إن كنتم تسألون عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفلا يكفيكم قوله وفعله؟
فلماذا تسألون؟
ومن تسألون؟
هل تسألون العلماء عن حكمهم؟ أم تسألونهم عن حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟
إن كنتم تسألونهم عن حكم الله ورسوله، أفلا تكفيكم الأدلة؟
لقد كان السلف رحمهم الله إذا بلغتهم الأدلة سارعوا إلى العمل بها وتطبيقها، وإذا قال أحد قولاً عرضوه على الأدلة فإن وافقها أخذوا به وإلا تركوه.
قال عبدالله بن عباس : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر!
أما اليوم: يقول العلماء فيُقلَّدون ويُتبعون ولو كان قولهم مصادماً للدليل، وإذا جاءت النصوص الشرعية يُتوقف فيها حتى تعرض على العلماء!
فيا سبحان الله، شتّان بين السلف والخلف.
قال الله تعالى:{يا أيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحييكم واعلموا أن الله يَحول بين المرءِ وقلبه وأنّه إليه تُحشرون، واتّقوا فتنة لا تُصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أنّ الله شديد العقاب}
وقال تعالى:{ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}
قال الإمام أحمد رحمه الله: أتدري ما الفتنة ، الفتنة الشرك لعله إذا ردّ بعض قوله -أي بعض قول الرسول صلى الله عليه وسلم- أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك
اللهم اهدنا للحق والعمل به يا رب العالمين
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.