والسؤال الذي يطرح نفسه: هل نقبل هذه النظريات كما هي عليه في كشوف أصحابها؟ أليس من حقنا أن نحاول التعرف عليها على ضوء بناء هذا الوجود ؟!!
سنحاول سنحاول أن نجيب على هذا السؤال مستعينين بنظرية جديدة للعلامة محمد عنبر
إن الكلمة ـ أي كلمة ـ يقوم فيها ذلك القانون الوحيد الشامل الذي تجري أشياء الوجود وفاقا له ألا وهو قيام الزوجين النقيضين في الآخر من كل شيء من أشياء هذا الوجود..
لذا فيكون الأصل هو "الشيء في نقيضه" وهو بسط المتزاوج الذي يحكم الفكر والمادة في آن واحد. والشيء في نقيضه هو الذي يعرب عن كل متحرك في هذا الوجود، فكل حركة: هي هذا الشيء في نقيضه بحكم أنها تتألف من نهاية الخطوة السابقة وبداية الخطوة للاحقة كما تتألف كل من در و رد حيث تتألف (در) مثلا من الدال التي هي بدايتها من جهة ونهاية رد القائمة في ذاتها من جهة أخرى.
كما تتألف (رد) من الراء التي بدايتها من جهة ونهاية (در) القائمة في ذاتها من جهة أخرى ضرورة وبداهة ولئن قالت الفيزياء الحديثة (عالمنا عالم أزواج) فإن الاعتماد على مثل هذا القول إنما هو اعتماد لأنه موافق ومطابق للشيء في نقيضه الذي يتمثل في قيام كل من الزوجين في الآخر من كل شيء والذي يتمثل في كل لبنة من لبنات هذا الوجود كما يتمثل في كل صيغة صدرت فطرة وسليقة وطبعا على مثل ما هي عليه الحال في در و رد
إن الرد من المنع وان الدر من العطاء وقد يكون الامتناع والعطاء في لغة أخرى بحرفين آخرين أو أكثر غير الدال والراء، ولكن الشيء الذي يتحتم أن يكون نظام التعاقب الواحد، فيجب أن يكون الحرف المشابه للدال هو الأول في صيغة العطاء، وهو الآخر في صيغة المنع ولا يمكن أن يكون غير ذلك، لأن طبيعة تركيب الصيغة تقتضي ذلك, وهي واحدة في اتجاهها وإن قامت حروف مقام حروف في الصيغ: فليس مشروطا في اللغات الأولى والألفاظ الأولى وحدة الحروف بل المشروط وحدة الاتجاه وما الحروف إلا الثوب الذي ترتديه الوجهة التي تبقى واحدة وان تنوعت أثوابها. وحين تدرس الأصول الأولى في اللغات على الإمام الواحد تتجه إلى التلاقي تحت لوائه عن علم ودراية إضافة إلى التقائها فيه حسا وغريزة.
ولما كانت هذه النظرية جديدة لأول مرة في تاريخ العلوم وتصلح أن تكون معلما لبناء الوجود كما هي معلما للعلم والفلسفة فقد نقلنا منها مباحث( 48) وإن كانت قليلة مقارنة بحجم الكتب الشارحة لهذه النظرية. متيقنين أنها تضفي أنوارا على الثقافة العقدية الدينية باعتبارها منظومة مترابطة وشاملة.
ومن المصطلحات التي وقفت حجرة عثرة في البحث: النظر على وصف الشيء بأنه مادة، لا مجال عند بعضهم للشك فيه وقل مثل ذلك في قولهم بأنه عقل. والجميع إلى يوم الناس هذا لا يزالون يواصلون عما هي عليه المادة في ذاتها، وعما هو عليه العقل في ذاته؛ فكيف يمكن أن يكون وصفهم لأي منها قاعدة وأساسا ينبني عليه؟!
لقد وفق محمد عنبر بين العقل والمادة بإطلاقه لفظ (الشيء) الذي يشمل كل موجود إلى أن تصل الحضارة من أمرها إلى ما يكون أساسا للبناء عليه.
فالصوت: كلمة، ونعني بها تلك التي صدرت فطرة وسليقة من أي صائت في أي مكان من أي زمان. وفي أي لغة وأن تعاملنا معها كوسيلة من وسائل المعرفة وليس على أنها مجرد وسيلة للتفاهم بين الناس..
لقد خرجت اللغات من أصولها إلى هيئات وصور أخرى، وليس في الوسع أن تتعرف على تلك الأصول إلا بإصطناع منطق الجدل، في الثنائي كثيرا وفي الثلاثي قليلا: فحركة الجدل في الثنائيات أوضح وأجلى منها في الثلاثيات، فالثنائي هو الأصل في العربية، والخلية الأولى موطن التشابه الأول بين الأحياء.
أمالثلاثي فكأنه يؤرخ وجه الإنسانية فيها، فالألفاظ الثلاثية تعبر عن السمة الإنسانية السوية التي جاءت في أحسن تقويم، والثلاثي قائم على وجهة الثنائي الأصل، لم يخرج عليها، وقد اعتبره أهلها أصلا لكل ما يقبل التصريف فيها قال العلامة ابن مالك:
وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غَيرا
ولأنه قائم على فيزيائية وصفة حروف الصيغة حيث تخرج الحركة في (در) من الدال الشديدة التي تقوم بمثابة الشد أمام تمادي الراء المتمادي بالراء المتكررة المتمادية التي تأخذ بيد الصبغة إلى الانطلاق لأن الأمور بخواتمها ومع أن الأمور بخواتمها فإن صيغة «در» هذه تعلن أن الحركة فيها خرجت من حاجز الدال بالنسبة للراء لتمادي بالراء المتمادية ولهذا جاء الدر للخروج من الاحتباس إلى التمادي كخروج اللبن من احتباسه في ضرع البقرة مثلا بالدال إلى تماديه منطلقا بالراء المتكررة.
أي إن فيزيائية هذين الحرفين هي التي جعلت هذه الصيغة تؤرخ للاحتباس الذي تؤرخ للانطلاق الذي تؤرخ به الراء بحكم تماديها وانطلاقها.
ولئن وجدنا كلا من الزائد والناقص منفصلا عن الآخر فإن الشيء لا يزيد في حيز إلا إذا نقص من آخر والعكس بالعكس ضرورة وبداهة.
وكذلك فإنه لا وجود للسالب إلا بالموجب والعكس بالعكس ولا وجود للتجمع إلا بالتفرق ولا بالفعل إلا برد الفعل ضرورة وبداهة، ولئن جاءت الحرية بأزواج منفصلة فإن كلا من الزوجين في بنية الاتصال مع زوجه المناقض له الذي ينسجم ويتآلف معه، ولذا وجدنا
هروقليط يقول:
إن الصراع بين الأضداد ضرب من التوافق على عكس ما ذهب إليه أرسطو.
والتضاد هنا هو التناقض لو لا أنهم يستعملون كلا منهما مكان الآخر تجوزا.
ولئن استعمل الرياضيون الأعداد مطلقة فما ذلك إلا من قبل التجوز أيضا وقد سبب استعمالهم للقيمة المطلقة أن وجدوا أنفسهم يواجهون حلبن للمعادلة ولو نظرت إلى المعادلة 4 = 4 لما وجدت أن بالإمكان جمع طرفيها من طرف واحد إلا إذا غيرت من إشارة الطرف المنقول لتناقض إشارة الطرف المنقول إليه إذ يستحيل اجتماع الطرفين في طرف واحد إلا إذا كانا متناقضين.
وعليه تصبح المعادلة هي :
4 ـ 4 = 0. فماذا يعنى ذلك ؟ والجواب: انه يعني أن العدد أو أي شيء من هذا الوجود لا ينفصل من نقيضه القائم في ذاته إلا تجوزا.
وهذه المعادلة ليست في الواقع 4 ـ 4 = 0 وإنما هي أن الأربعة زائدة ناقضة وفي أن واحد أي أنها 4.
ولما كانت في حقيقتها كذلك فإن هذه الحقيقة هي التي جعلتنا نواجه في المعادلة الواحدة حلين أحدهما يرجع إلى الجانب الناقص والآخر يرجع إلى الجانب الزائد لأن كل شيء في واقعه قائم على التناقض فهو زائد ناقص، وموجب سالب في آن واحد
فالدر من در في صورة اللبن إذا (در) فهو يدر عن حيز متماديا لينجزر عن حيز منجزر، فهو متماد منجزر في كل حركة من حركاته وفي كل خطوة من خطواته ضرورة وبداهة. ولئن حار الواقفون على هذه الحلول المزدوجة في المعادلات فإن حيرتهم ناشئة عن عدم وقوفهم على ما هو عليه الشيء ـ أي شيء ـ في ذاته.
إن الكلمة صوت نجسد فيه أفكارنا، ولما كان جسد الشيء على مثال ما نجسده فيه، فان أجساد أفكارنا الصوتية إنما هي على مثال هذه الأفكار التي نجسدها فيها.
وإذا تبين لنا أن هناك ضابطا أو ضوابط تحكم أصواتنا التي هي أجساد أفكارنا فإن هذا الضابط أو هذه الضوابط تحكم الأفكار التي جسدت فيها أيضا.
إذا ضربت الكرة الأرض ردت الأرض على ضرب الكرة بمثله في الشدة والضعف، ولا فرق بين فعل الكرة وردة فعل الأرض إلا في الاتجاه. ففعل الكرة يتجه الى أسفل ورد فعل الأرض إلى أعلى. وفعل الكرة ورد فعل الأرض متصاحبان زمانا ومكانا, وكل منهما على مثال الآخر إلا في الاتجاه الذي يناقضه فيه.
ولو نظرت إلى الصوت ـ لفظ ـ الرد من (ردً) الذي يتجه إلى معنى الارتجاع في صورة البقرة ترد لبنها وتحبسه فى ضرعه وتمنعه من الانطلاق, والدًر المناقض لمقلوبه القائم في ذاته في صورة قفا له, وهو صوت ـ لفظ ـ الدر من (دَ َر) الذي يتجه إلى معنى المضي في صورة البقرة تطلق لبنها دارة به, وعلى هذا فالدر والرد من(د ر) و(رد) زوجان و(رد) هي (د ر) لولا أن كل منهما تناقض الأخرى وتعاكسها في الاتجاه وكل منهما مصاحبة للأخرى، وقائمة في ذاتها في صورة نقيض لها.
وعلى هذا فان علينا إذا أردنا أن نتعرف كلا من(در) و(رد) أن نتعرف كلا منهما من خلال نقيضها الذي يقوم في ذاتها في صورة مقلوب لها
ولما كان كل من الفعل ورد الفعل المصاحب له ضرورة يعرف الآخر ويفسره ويوضحه ويجليه فإن الصوت ـ اللفظ ـ يعرف برد فعله القائم في ذاته في صورة مقلوب له قائم في ذاته يفسره ويوضحه ويجليه، وعلى هذا فإن أي شيء نريد أن نتعرفه علينا أن نعرفه من خلال نقيضه القائم في ذاته.
بمعنى أن ليس في ذات (در) إلا زوجها المناقض لها (رد),وليس في ذات(رد) الا زوجها المناقض لها(در). أي ليس في ذات كل منهما إلا الأخرى ضرورة، وعلى هذا فالشيء القائم في ذات (در) ليس إلا مقلوبها (رد)، والشيء القائم في ذات (رد) ليس إلا مقلوبها (در) ولقد انقضى عمر البشرية إلى يوم الناس هذا دون أن تتنبه إلى ما هو الشيء في ذاته، أو ما هو الشيء بحد ذاته؟.
ولعل من أفضل السبل لمعرفة تاريخ الحرف ما يؤرخ به الحرف نفسه (فسُر كل شيء كامن فيه).
وما نعرفه من الألفاظ أنها هذا .....يتواصل
سنحاول سنحاول أن نجيب على هذا السؤال مستعينين بنظرية جديدة للعلامة محمد عنبر
إن الكلمة ـ أي كلمة ـ يقوم فيها ذلك القانون الوحيد الشامل الذي تجري أشياء الوجود وفاقا له ألا وهو قيام الزوجين النقيضين في الآخر من كل شيء من أشياء هذا الوجود..
لذا فيكون الأصل هو "الشيء في نقيضه" وهو بسط المتزاوج الذي يحكم الفكر والمادة في آن واحد. والشيء في نقيضه هو الذي يعرب عن كل متحرك في هذا الوجود، فكل حركة: هي هذا الشيء في نقيضه بحكم أنها تتألف من نهاية الخطوة السابقة وبداية الخطوة للاحقة كما تتألف كل من در و رد حيث تتألف (در) مثلا من الدال التي هي بدايتها من جهة ونهاية رد القائمة في ذاتها من جهة أخرى.
كما تتألف (رد) من الراء التي بدايتها من جهة ونهاية (در) القائمة في ذاتها من جهة أخرى ضرورة وبداهة ولئن قالت الفيزياء الحديثة (عالمنا عالم أزواج) فإن الاعتماد على مثل هذا القول إنما هو اعتماد لأنه موافق ومطابق للشيء في نقيضه الذي يتمثل في قيام كل من الزوجين في الآخر من كل شيء والذي يتمثل في كل لبنة من لبنات هذا الوجود كما يتمثل في كل صيغة صدرت فطرة وسليقة وطبعا على مثل ما هي عليه الحال في در و رد
إن الرد من المنع وان الدر من العطاء وقد يكون الامتناع والعطاء في لغة أخرى بحرفين آخرين أو أكثر غير الدال والراء، ولكن الشيء الذي يتحتم أن يكون نظام التعاقب الواحد، فيجب أن يكون الحرف المشابه للدال هو الأول في صيغة العطاء، وهو الآخر في صيغة المنع ولا يمكن أن يكون غير ذلك، لأن طبيعة تركيب الصيغة تقتضي ذلك, وهي واحدة في اتجاهها وإن قامت حروف مقام حروف في الصيغ: فليس مشروطا في اللغات الأولى والألفاظ الأولى وحدة الحروف بل المشروط وحدة الاتجاه وما الحروف إلا الثوب الذي ترتديه الوجهة التي تبقى واحدة وان تنوعت أثوابها. وحين تدرس الأصول الأولى في اللغات على الإمام الواحد تتجه إلى التلاقي تحت لوائه عن علم ودراية إضافة إلى التقائها فيه حسا وغريزة.
ولما كانت هذه النظرية جديدة لأول مرة في تاريخ العلوم وتصلح أن تكون معلما لبناء الوجود كما هي معلما للعلم والفلسفة فقد نقلنا منها مباحث( 48) وإن كانت قليلة مقارنة بحجم الكتب الشارحة لهذه النظرية. متيقنين أنها تضفي أنوارا على الثقافة العقدية الدينية باعتبارها منظومة مترابطة وشاملة.
ومن المصطلحات التي وقفت حجرة عثرة في البحث: النظر على وصف الشيء بأنه مادة، لا مجال عند بعضهم للشك فيه وقل مثل ذلك في قولهم بأنه عقل. والجميع إلى يوم الناس هذا لا يزالون يواصلون عما هي عليه المادة في ذاتها، وعما هو عليه العقل في ذاته؛ فكيف يمكن أن يكون وصفهم لأي منها قاعدة وأساسا ينبني عليه؟!
لقد وفق محمد عنبر بين العقل والمادة بإطلاقه لفظ (الشيء) الذي يشمل كل موجود إلى أن تصل الحضارة من أمرها إلى ما يكون أساسا للبناء عليه.
فالصوت: كلمة، ونعني بها تلك التي صدرت فطرة وسليقة من أي صائت في أي مكان من أي زمان. وفي أي لغة وأن تعاملنا معها كوسيلة من وسائل المعرفة وليس على أنها مجرد وسيلة للتفاهم بين الناس..
لقد خرجت اللغات من أصولها إلى هيئات وصور أخرى، وليس في الوسع أن تتعرف على تلك الأصول إلا بإصطناع منطق الجدل، في الثنائي كثيرا وفي الثلاثي قليلا: فحركة الجدل في الثنائيات أوضح وأجلى منها في الثلاثيات، فالثنائي هو الأصل في العربية، والخلية الأولى موطن التشابه الأول بين الأحياء.
أمالثلاثي فكأنه يؤرخ وجه الإنسانية فيها، فالألفاظ الثلاثية تعبر عن السمة الإنسانية السوية التي جاءت في أحسن تقويم، والثلاثي قائم على وجهة الثنائي الأصل، لم يخرج عليها، وقد اعتبره أهلها أصلا لكل ما يقبل التصريف فيها قال العلامة ابن مالك:
وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غَيرا
ولأنه قائم على فيزيائية وصفة حروف الصيغة حيث تخرج الحركة في (در) من الدال الشديدة التي تقوم بمثابة الشد أمام تمادي الراء المتمادي بالراء المتكررة المتمادية التي تأخذ بيد الصبغة إلى الانطلاق لأن الأمور بخواتمها ومع أن الأمور بخواتمها فإن صيغة «در» هذه تعلن أن الحركة فيها خرجت من حاجز الدال بالنسبة للراء لتمادي بالراء المتمادية ولهذا جاء الدر للخروج من الاحتباس إلى التمادي كخروج اللبن من احتباسه في ضرع البقرة مثلا بالدال إلى تماديه منطلقا بالراء المتكررة.
أي إن فيزيائية هذين الحرفين هي التي جعلت هذه الصيغة تؤرخ للاحتباس الذي تؤرخ للانطلاق الذي تؤرخ به الراء بحكم تماديها وانطلاقها.
ولئن وجدنا كلا من الزائد والناقص منفصلا عن الآخر فإن الشيء لا يزيد في حيز إلا إذا نقص من آخر والعكس بالعكس ضرورة وبداهة.
وكذلك فإنه لا وجود للسالب إلا بالموجب والعكس بالعكس ولا وجود للتجمع إلا بالتفرق ولا بالفعل إلا برد الفعل ضرورة وبداهة، ولئن جاءت الحرية بأزواج منفصلة فإن كلا من الزوجين في بنية الاتصال مع زوجه المناقض له الذي ينسجم ويتآلف معه، ولذا وجدنا
هروقليط يقول:
إن الصراع بين الأضداد ضرب من التوافق على عكس ما ذهب إليه أرسطو.
والتضاد هنا هو التناقض لو لا أنهم يستعملون كلا منهما مكان الآخر تجوزا.
ولئن استعمل الرياضيون الأعداد مطلقة فما ذلك إلا من قبل التجوز أيضا وقد سبب استعمالهم للقيمة المطلقة أن وجدوا أنفسهم يواجهون حلبن للمعادلة ولو نظرت إلى المعادلة 4 = 4 لما وجدت أن بالإمكان جمع طرفيها من طرف واحد إلا إذا غيرت من إشارة الطرف المنقول لتناقض إشارة الطرف المنقول إليه إذ يستحيل اجتماع الطرفين في طرف واحد إلا إذا كانا متناقضين.
وعليه تصبح المعادلة هي :
4 ـ 4 = 0. فماذا يعنى ذلك ؟ والجواب: انه يعني أن العدد أو أي شيء من هذا الوجود لا ينفصل من نقيضه القائم في ذاته إلا تجوزا.
وهذه المعادلة ليست في الواقع 4 ـ 4 = 0 وإنما هي أن الأربعة زائدة ناقضة وفي أن واحد أي أنها 4.
ولما كانت في حقيقتها كذلك فإن هذه الحقيقة هي التي جعلتنا نواجه في المعادلة الواحدة حلين أحدهما يرجع إلى الجانب الناقص والآخر يرجع إلى الجانب الزائد لأن كل شيء في واقعه قائم على التناقض فهو زائد ناقص، وموجب سالب في آن واحد
فالدر من در في صورة اللبن إذا (در) فهو يدر عن حيز متماديا لينجزر عن حيز منجزر، فهو متماد منجزر في كل حركة من حركاته وفي كل خطوة من خطواته ضرورة وبداهة. ولئن حار الواقفون على هذه الحلول المزدوجة في المعادلات فإن حيرتهم ناشئة عن عدم وقوفهم على ما هو عليه الشيء ـ أي شيء ـ في ذاته.
إن الكلمة صوت نجسد فيه أفكارنا، ولما كان جسد الشيء على مثال ما نجسده فيه، فان أجساد أفكارنا الصوتية إنما هي على مثال هذه الأفكار التي نجسدها فيها.
وإذا تبين لنا أن هناك ضابطا أو ضوابط تحكم أصواتنا التي هي أجساد أفكارنا فإن هذا الضابط أو هذه الضوابط تحكم الأفكار التي جسدت فيها أيضا.
إذا ضربت الكرة الأرض ردت الأرض على ضرب الكرة بمثله في الشدة والضعف، ولا فرق بين فعل الكرة وردة فعل الأرض إلا في الاتجاه. ففعل الكرة يتجه الى أسفل ورد فعل الأرض إلى أعلى. وفعل الكرة ورد فعل الأرض متصاحبان زمانا ومكانا, وكل منهما على مثال الآخر إلا في الاتجاه الذي يناقضه فيه.
ولو نظرت إلى الصوت ـ لفظ ـ الرد من (ردً) الذي يتجه إلى معنى الارتجاع في صورة البقرة ترد لبنها وتحبسه فى ضرعه وتمنعه من الانطلاق, والدًر المناقض لمقلوبه القائم في ذاته في صورة قفا له, وهو صوت ـ لفظ ـ الدر من (دَ َر) الذي يتجه إلى معنى المضي في صورة البقرة تطلق لبنها دارة به, وعلى هذا فالدر والرد من(د ر) و(رد) زوجان و(رد) هي (د ر) لولا أن كل منهما تناقض الأخرى وتعاكسها في الاتجاه وكل منهما مصاحبة للأخرى، وقائمة في ذاتها في صورة نقيض لها.
وعلى هذا فان علينا إذا أردنا أن نتعرف كلا من(در) و(رد) أن نتعرف كلا منهما من خلال نقيضها الذي يقوم في ذاتها في صورة مقلوب لها
ولما كان كل من الفعل ورد الفعل المصاحب له ضرورة يعرف الآخر ويفسره ويوضحه ويجليه فإن الصوت ـ اللفظ ـ يعرف برد فعله القائم في ذاته في صورة مقلوب له قائم في ذاته يفسره ويوضحه ويجليه، وعلى هذا فإن أي شيء نريد أن نتعرفه علينا أن نعرفه من خلال نقيضه القائم في ذاته.
بمعنى أن ليس في ذات (در) إلا زوجها المناقض لها (رد),وليس في ذات(رد) الا زوجها المناقض لها(در). أي ليس في ذات كل منهما إلا الأخرى ضرورة، وعلى هذا فالشيء القائم في ذات (در) ليس إلا مقلوبها (رد)، والشيء القائم في ذات (رد) ليس إلا مقلوبها (در) ولقد انقضى عمر البشرية إلى يوم الناس هذا دون أن تتنبه إلى ما هو الشيء في ذاته، أو ما هو الشيء بحد ذاته؟.
ولعل من أفضل السبل لمعرفة تاريخ الحرف ما يؤرخ به الحرف نفسه (فسُر كل شيء كامن فيه).
وما نعرفه من الألفاظ أنها هذا .....يتواصل