الغلو ، وما أدراكم ما الغلو ، هذه المكيدة الشيطانية اللعينة التي يضل بها الشيطان عباد الرحمن وهم في غفلة ولا يعلمون !
إن الشيطان يشتمّ قلب العبد ويختبره ، فإن رأى فيه داعية للبدعة ، وإعراضا عن كمال الانقياد للسنة أخرجه عن الاعتصام بها ، وإن رأى منه حرصا على السنن ، وشدة طلب لها لم يفر به من باب اقتطاعه عنها ؛ فأمره بالاجتهاد ، والجور على النفس ، ومجاوزة حد الاقتصاد فيها قائلا : هذا خير وطاعة ، والزيادة فيها أكمل ، فلا تفتر مع أهل الفتور ، ولا تنم مع أهل النوم . فلا يزال يحثه ويحرضه ، حتى يخرجه عن الاقتصاد فيها ؛ فيخرج عن حدها . كما إن الأول خارج عن الحد ، فكذا هذا الآخر خارج عن الحد الخارج .
وهذا حال الخوارج، يحقر أهل الإستقامة صلاتهم مع صلاتهم ، وصيامهم مع صيامهم ، وقراءتهم مع قراءتهم ، وكلا الأمرين خروج عن السنة إلى البدعة ؛ لكن هذا إلى التفريط والإضاعة ، والآخر إلى بدعة المجاوزة والإسراف .
وقال بعض السلف : ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان : إما إلى تفريط ، وإما إلى مجاوزة ؛ وهي الإفراط ، ولا يبالي بأيهما ظفر ؛ زيادة أو نقصان . مدارج السالكين 2/ 107
ملامح الغالي والغلو :
1- يتعلق بفقه النصوص ، بتفسيرها تفسيرا متشددا يتعارض مع السمة العامة للشريعة ؛ فيشدد على نفسه وعلى الآخرين . أو يتعمق في معاني التنـزيل بما لم يكلَّف به .
2- في الأحكام ؛ بإلزام نفسه ، أو الآخرين بما لم يوجبه الله ؛ عبادةً وترهّباً . أو تحريم الطيبات التي أباحها الله تعبّدا ؛ كتحريمه أكل الحم ، أو ترك الضرورات ؛ كالنوم ، والنكاح.
3- أو يتعلق بالحكم على الآخرين من المدح الغالي الموصل إلى درجة العصمة ، أو الذم الغالي الموصل إلى المروق من الدين . ومن ذلك أن يأخذ رأيا متشددا ، ويصف الآخرين بالمروق من الدين .
يتبع .. من أشكال الغلو
تعليق