تويت
السلام عليكم ورحمة الله
يزعم بعض النصارى والملحدين أن الله قد شرع الحجاب - أو النقاب - لأهداف عنصرية وتمييزيه بين الأمة والحرة ، ولا دخل للعفة والطهارة في ذلك ، ومنهم من يزعم انتهاء فرضه بإنتهاء الرق والرقيق ،
ويستدلون على ذلك بما ورد في كتب التفسير من أسباب نزول قوله تعالى :
(يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) الأحزاب : 59
وبحديث ضرب عمر رضي الله عنه للأمة التي تحجبت ..
وطبعاً كعادتهم - في إخفاء مايكشف تدليسهم - يتجنبون عرض بقية آيات الحجاب وأقوال من استشهدوا بهم من المفسرين عليها ، وكذلك الأحاديث النبوية وأقوال العلماء ..
وللرد على هذه الشبهات نقول :
أولاً :
فرض الله تعالى الحجاب على نساء المؤمنين لحكم كثيرة ومنها :
1- أن ذلك أطهر لقلوب النساء والرجال، قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ{الأحزاب:53}.
2- أنه أغض للبصر وأحفظ للفرج لكل من الرجال والنساء ، قال الله تعالى :
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)
ثم قال تعالى بعد هذه الآية مباشرة :
" وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ...." الآية
إذاً كما هو واضح من الآيتين الكريمتين الأمر بغض البصر وحفظ الفرج لكل من الرجال والنساء ، وكذلك النهي عن إبداء زينة النساء إلا مالايمكن إخفاءه منها (الثياب والرداء الخارجي) ، ونهى عن إبداء الزينة لغير المحارم.
ومن يتأمل في الآية السابقة يجد أن الله تعالى أتبع أمره للنساء بغض أبصارهن وحفظ فروجهن بأمره لهن بإخفاء زينتهن ، فدل هذا على أن الحكمة الأساسية للحجاب وهي العفة وحفظ البصر والفرج مترتبه على حفظ زينة المرأة من نظرات الرجال ، ولا شك أن جمال المرأة وفتنتها في وجهها.
3- خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها
- قال تعالى :
( وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
في هذه الآية أباح الله للعجائز اللاتي لا يرجون نكاحاً (لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن) أن يضعن الحجاب بشرط ألا يتبرجن بزينة ، فإذا كان النهي لكبيرة السن في حال خلع حجابها إلا أن يكون بزينة حتى لايكون هناك فتنة ، فمن باب أولى الشابة التي ترجو النكاح لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أن يظهر جمالها ويتطلع الرجال لها وتحصل الفتنة.
فالنهي هنا لمنع حدوث الفتنة وقفل بابها ، وليس للإماء هنا أي دخل.
- وقال تعالى : ( ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يُخفين من زينتهن ) يعني لا تضرب المرأة برجلها ليُعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرِّجْـل ، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف وجهها ؟!
فأيهما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم إمرأة لايدري ماهي وما جمالها ؟ ولايدري أشابة هي أم عجوز ؟ ولايدري أشوهاء هي أم حسناء ؟ أو ينظر إلى وجه جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها ؟؟؟؟؟
سوآل للنصارى (هل حرم الله على نساء المؤمنين ضرب أرجلهن - ليعلم ما عليهن من زينة- بسبب سد الذرائع أمام كل مايدعو إلى الفتنة ، أم للتفريق بين الأمة والحرة عن طريق إخفاء صوت الخلاخل وعليه إخفاء حالتها الإجتماعية (حرة أو أمة) ؟!!
4- ما ذكره بعض المفسرين بأنه تميز الحرائر عن الإماء كما ذكروا في سبب نزول آية الأحزاب.
هذه هي أبرز الحكم عن مشروعية الحجاب ، فإذا انتفت بعض الحكم (كالرابعه) فإن البعض الآخر باق ، والباقي هو الأصل لتصريح القرآن به (ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن)
ثانياً :
لايصح ولا يستوي القول بأن الحجاب فرض لأجل تمييز الحرة عن الأمة ، وذلك لأن الأمة يجب عليها الحجاب إذا خيف الإفتتان بها ،
- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك : "إنَّ الإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، وإن كُنَّ لا يحتجبن كالحرائر؛ لأن الفتنة بهنَّ أقلُّ، فَهُنَّ يُشبهنَ القواعدَ مـن النِّساء اللاتي لا يرجون نكاحاً ، قـال تعالى فيهن: (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ) النور ،
وأما الإماء التركيَّات الحِسَان الوجوه، فهذا لا يمكن أبداً أن يَكُنَّ كالإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، ويجب عليها أن تستر كلَّ بدنها عن النَّظر، في باب النَّظر" اهـ
- ويقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- تعليقاً على قول ابن تيمية السابق :
"وعلَّل ذلك بتعليل جيِّدٍ مقبولٍ، فقال: إن المقصود من الحجاب هو ستر ما يُخاف منه الفِتنة بخلاف الصَّلاة، ولهذا يجب على الإنسان أن يستتر في الصَّلاة، ولو كان خالياً في مكان لا يطَّلع عليه إلا الله. لكن في باب النَّظر إنما يجب التَّستر حيث ينظر الناس. قال: فالعِلَّة في هذا غير العِلَّة في ذاك، فالعِلَّة في النَّظر: خوف الفتنة، ولا فرق في هذا بين النِّساء الحرائر والنِّساء الإماء. وقوله صحيح بلا شكٍّ، وهو الذي يجب المصير إليه." اهــ
- ويقول ابن المنذر: "ثبت أن عمر قال لأمة رآها متقنعة: اكشفي رأسك، ولا تشبهي بالحرائر، وضربها بالدرة. فإن كانت جميلة حرم النظر إليها، كما يحرم إلى الغلام خشية الفتنة. قال أحمد في الأمة إذا كانت جميلة: تنقبت" اهـ
- ويقول الشيخ هاني بن عبدالله الجبير -قاضي بمحكمة مكة المكرمة- :
"وقد ورد أن عمر كان ينهى الإماء عن التقنع (وهو تغطية الرأس) ويقول: إنما القناع للحرائر، وضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة، وقال: اكشفي رأسك ولا تشبهي بالحرائر. (سنن البيهقي 3305) وصححه . وهذا اشتهر في الصحابة ولم ينكر، كما أن ذلك يظهر عادة عن الخدمة والتقليب للشراء، وأما في خارج الصلاة فإن خشيت الفتنة بهن كالإماء الحسان؛ فيجب عليهن ستر جميع بدنهن فإن المقصود من الحجاب هو ستر ما يخاف منه الفتنة بخلاف الصلاة. وإن لم تخش الفتنة كما كان الإماء في الصدر الأول، وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فليس عليهن حجاب كحجاب الحرائر، وهن كالقواعد من النساء قال تعالى فيهن:"ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة" [النور:60]، هذا هو الظاهر لي، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو" اهــ
- ويقول الدكتور علي بن عبد الله الصّياح في كتابه (إشكالية وجواب) :
"ولا يخفى أنّ الإماء يفارقن الحرائر بأحكام كثيرة -فلا يخلو باب من أبواب الفقه - في الغالب - من ذكر الفروق بين الحرائر والإماء-، فملامسة الأمة أخف من ملامسة الحرائر، وكذلك النظر إليها وغير ذلك من الأحكام، وتبقى الحرائر على الأصل في تحريم المس.
قَالَ ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الصلوات، في الأمة تصلي بغير خمار (2/41) حدثنا وكيعُ بنُ الجراح، قَالَ:حدثنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن أنس قَالَ: رأى عُمرُ أمةً لنا متقنعة فضربها وَقَالَ: لا تشبهي بالحرائر، وهذا إسنادٌ صحيح ،
قَالَ شيخُ الإسلامِ:"غناءُ الإماءِ الذي يسمعه الرجلُ قد كَانَ الصحابة يسمعونه في العرسات كما كانوا ينظرونَ إلى الإماء لعدم الفتنة في رؤيتهن و سماع أصواتهن" اهــ
ولهذا لو كان التفريق هو سبب التشريع لما وجب على الأمة تغطية رأسها إذا كان يؤدي إلى فتنة .. وإنما وجب عليها ذلك لأن الاصل في الحجاب هو الستر والعفة والطهارة ..
ثالثاً :
السبب الحقيقي في عدم فرض الحجاب على الأمة هو تخفيف وتيسير من الله لهن ، إذ أن النفوس السوية لا تتشوف غالبا إلى الإماء كالحرائر ولأن الفتنة بالإماء أقل بكثير من الفتنة بالحرائر ، وكذلك لمّا كانت الإماء تكثرُ إليهن الحاجة في الاستخدام وأمورِ المهنة وكنّ مبتذلاتٍ بكثرة الذهاب والمجيء، وكان فرضُ الحجاب عليهن مما يشقُ مشقةً بالغة ، كان من رحمة الله بعباده أنه لم يفرض عليهن الحجاب كما فرضه على الحرائر ..
رابعاً :
أي عاقل هذا الذي يظن أن التمييز - لو كان هدفاً - سيكون بالتغطية الكاملة لرأس فئة من النساء ليعلم أنهن أحرار ، مقابل كشف رأس الفئة الأخرى ليعلم أنهن إماء !!
فالتمييز لو كان هدف في ذاته لأمر الشارع الحرة بلبس لون معين والأِمة لون آخر ، أو لأمرت إحداهما أن تضع علامة على رأسها ، أو غير ذلك من عشرات الطرق التي يمكن بها بساطة تحقيق هذا الهدف ..
والحمد لله رب العالمين ..
يزعم بعض النصارى والملحدين أن الله قد شرع الحجاب - أو النقاب - لأهداف عنصرية وتمييزيه بين الأمة والحرة ، ولا دخل للعفة والطهارة في ذلك ، ومنهم من يزعم انتهاء فرضه بإنتهاء الرق والرقيق ،
ويستدلون على ذلك بما ورد في كتب التفسير من أسباب نزول قوله تعالى :
(يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) الأحزاب : 59
وبحديث ضرب عمر رضي الله عنه للأمة التي تحجبت ..
وطبعاً كعادتهم - في إخفاء مايكشف تدليسهم - يتجنبون عرض بقية آيات الحجاب وأقوال من استشهدوا بهم من المفسرين عليها ، وكذلك الأحاديث النبوية وأقوال العلماء ..
وللرد على هذه الشبهات نقول :
أولاً :
فرض الله تعالى الحجاب على نساء المؤمنين لحكم كثيرة ومنها :
1- أن ذلك أطهر لقلوب النساء والرجال، قال الله تعالى: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ{الأحزاب:53}.
2- أنه أغض للبصر وأحفظ للفرج لكل من الرجال والنساء ، قال الله تعالى :
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)
ثم قال تعالى بعد هذه الآية مباشرة :
" وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ...." الآية
إذاً كما هو واضح من الآيتين الكريمتين الأمر بغض البصر وحفظ الفرج لكل من الرجال والنساء ، وكذلك النهي عن إبداء زينة النساء إلا مالايمكن إخفاءه منها (الثياب والرداء الخارجي) ، ونهى عن إبداء الزينة لغير المحارم.
ومن يتأمل في الآية السابقة يجد أن الله تعالى أتبع أمره للنساء بغض أبصارهن وحفظ فروجهن بأمره لهن بإخفاء زينتهن ، فدل هذا على أن الحكمة الأساسية للحجاب وهي العفة وحفظ البصر والفرج مترتبه على حفظ زينة المرأة من نظرات الرجال ، ولا شك أن جمال المرأة وفتنتها في وجهها.
3- خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها
- قال تعالى :
( وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
في هذه الآية أباح الله للعجائز اللاتي لا يرجون نكاحاً (لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن) أن يضعن الحجاب بشرط ألا يتبرجن بزينة ، فإذا كان النهي لكبيرة السن في حال خلع حجابها إلا أن يكون بزينة حتى لايكون هناك فتنة ، فمن باب أولى الشابة التي ترجو النكاح لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أن يظهر جمالها ويتطلع الرجال لها وتحصل الفتنة.
فالنهي هنا لمنع حدوث الفتنة وقفل بابها ، وليس للإماء هنا أي دخل.
- وقال تعالى : ( ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يُخفين من زينتهن ) يعني لا تضرب المرأة برجلها ليُعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرِّجْـل ، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف وجهها ؟!
فأيهما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم إمرأة لايدري ماهي وما جمالها ؟ ولايدري أشابة هي أم عجوز ؟ ولايدري أشوهاء هي أم حسناء ؟ أو ينظر إلى وجه جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها ؟؟؟؟؟
4- ما ذكره بعض المفسرين بأنه تميز الحرائر عن الإماء كما ذكروا في سبب نزول آية الأحزاب.
هذه هي أبرز الحكم عن مشروعية الحجاب ، فإذا انتفت بعض الحكم (كالرابعه) فإن البعض الآخر باق ، والباقي هو الأصل لتصريح القرآن به (ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن)
ثانياً :
لايصح ولا يستوي القول بأن الحجاب فرض لأجل تمييز الحرة عن الأمة ، وذلك لأن الأمة يجب عليها الحجاب إذا خيف الإفتتان بها ،
- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك : "إنَّ الإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، وإن كُنَّ لا يحتجبن كالحرائر؛ لأن الفتنة بهنَّ أقلُّ، فَهُنَّ يُشبهنَ القواعدَ مـن النِّساء اللاتي لا يرجون نكاحاً ، قـال تعالى فيهن: (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ) النور ،
وأما الإماء التركيَّات الحِسَان الوجوه، فهذا لا يمكن أبداً أن يَكُنَّ كالإماء في عهد الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام، ويجب عليها أن تستر كلَّ بدنها عن النَّظر، في باب النَّظر" اهـ
- ويقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- تعليقاً على قول ابن تيمية السابق :
"وعلَّل ذلك بتعليل جيِّدٍ مقبولٍ، فقال: إن المقصود من الحجاب هو ستر ما يُخاف منه الفِتنة بخلاف الصَّلاة، ولهذا يجب على الإنسان أن يستتر في الصَّلاة، ولو كان خالياً في مكان لا يطَّلع عليه إلا الله. لكن في باب النَّظر إنما يجب التَّستر حيث ينظر الناس. قال: فالعِلَّة في هذا غير العِلَّة في ذاك، فالعِلَّة في النَّظر: خوف الفتنة، ولا فرق في هذا بين النِّساء الحرائر والنِّساء الإماء. وقوله صحيح بلا شكٍّ، وهو الذي يجب المصير إليه." اهــ
- ويقول ابن المنذر: "ثبت أن عمر قال لأمة رآها متقنعة: اكشفي رأسك، ولا تشبهي بالحرائر، وضربها بالدرة. فإن كانت جميلة حرم النظر إليها، كما يحرم إلى الغلام خشية الفتنة. قال أحمد في الأمة إذا كانت جميلة: تنقبت" اهـ
- ويقول الشيخ هاني بن عبدالله الجبير -قاضي بمحكمة مكة المكرمة- :
"وقد ورد أن عمر كان ينهى الإماء عن التقنع (وهو تغطية الرأس) ويقول: إنما القناع للحرائر، وضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة، وقال: اكشفي رأسك ولا تشبهي بالحرائر. (سنن البيهقي 3305) وصححه . وهذا اشتهر في الصحابة ولم ينكر، كما أن ذلك يظهر عادة عن الخدمة والتقليب للشراء، وأما في خارج الصلاة فإن خشيت الفتنة بهن كالإماء الحسان؛ فيجب عليهن ستر جميع بدنهن فإن المقصود من الحجاب هو ستر ما يخاف منه الفتنة بخلاف الصلاة. وإن لم تخش الفتنة كما كان الإماء في الصدر الأول، وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فليس عليهن حجاب كحجاب الحرائر، وهن كالقواعد من النساء قال تعالى فيهن:"ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة" [النور:60]، هذا هو الظاهر لي، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو" اهــ
- ويقول الدكتور علي بن عبد الله الصّياح في كتابه (إشكالية وجواب) :
"ولا يخفى أنّ الإماء يفارقن الحرائر بأحكام كثيرة -فلا يخلو باب من أبواب الفقه - في الغالب - من ذكر الفروق بين الحرائر والإماء-، فملامسة الأمة أخف من ملامسة الحرائر، وكذلك النظر إليها وغير ذلك من الأحكام، وتبقى الحرائر على الأصل في تحريم المس.
قَالَ ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الصلوات، في الأمة تصلي بغير خمار (2/41) حدثنا وكيعُ بنُ الجراح، قَالَ:حدثنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن أنس قَالَ: رأى عُمرُ أمةً لنا متقنعة فضربها وَقَالَ: لا تشبهي بالحرائر، وهذا إسنادٌ صحيح ،
قَالَ شيخُ الإسلامِ:"غناءُ الإماءِ الذي يسمعه الرجلُ قد كَانَ الصحابة يسمعونه في العرسات كما كانوا ينظرونَ إلى الإماء لعدم الفتنة في رؤيتهن و سماع أصواتهن" اهــ
ولهذا لو كان التفريق هو سبب التشريع لما وجب على الأمة تغطية رأسها إذا كان يؤدي إلى فتنة .. وإنما وجب عليها ذلك لأن الاصل في الحجاب هو الستر والعفة والطهارة ..
ثالثاً :
السبب الحقيقي في عدم فرض الحجاب على الأمة هو تخفيف وتيسير من الله لهن ، إذ أن النفوس السوية لا تتشوف غالبا إلى الإماء كالحرائر ولأن الفتنة بالإماء أقل بكثير من الفتنة بالحرائر ، وكذلك لمّا كانت الإماء تكثرُ إليهن الحاجة في الاستخدام وأمورِ المهنة وكنّ مبتذلاتٍ بكثرة الذهاب والمجيء، وكان فرضُ الحجاب عليهن مما يشقُ مشقةً بالغة ، كان من رحمة الله بعباده أنه لم يفرض عليهن الحجاب كما فرضه على الحرائر ..
رابعاً :
أي عاقل هذا الذي يظن أن التمييز - لو كان هدفاً - سيكون بالتغطية الكاملة لرأس فئة من النساء ليعلم أنهن أحرار ، مقابل كشف رأس الفئة الأخرى ليعلم أنهن إماء !!
فالتمييز لو كان هدف في ذاته لأمر الشارع الحرة بلبس لون معين والأِمة لون آخر ، أو لأمرت إحداهما أن تضع علامة على رأسها ، أو غير ذلك من عشرات الطرق التي يمكن بها بساطة تحقيق هذا الهدف ..
والحمد لله رب العالمين ..
أوْجَبَ عَلَيْها الخِمارَ إذا تَزَوَّجَتْ،
"لابسه نقاب
فهو يعرف قدره وقدرهن 
تعليق