السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد رواية عودة الذئب التي طرحتها أختنا ذات النطاقين من قبل وكانت تدور أحداثها في الشيشان ننتقل إلى فلسطين مع رواية أخرى للكاتبة نفسها : سامية أحمد
ملحوظة : قد أتصرف في الرواية بشكل يسير في بعض الأحيان
.~. قلب اللهب .~.
جرت أحداث هذه القصة في القرن الجديد
محمد ... محمد ... محمد ... محمد
اطلع من ورا الستارة ... أني عارف انك هنه
خرج الولد الصغير الهارب من بيت أبيه خوفا من بطشه إلى بيت جده الموجود في نفس الحي في إحدى قرى الشرقية والذي تجاوز عمره الثامنة ببضعة أشهر من وراء الستارة : جدي .... خبيني يا جدي
ضحك الجد بحنان : انت مش هاتبطل شقاوه يا محمد ...
يا ويلك من أبوك ... عملت ايه المره دي ؟
يلقي محمد بنفسه في حضن جده : والله ما عملت حاجه
الجد بحنان : كده طيب ... مانت كل مره مابتعملش حاجه أبدا
الله الوكيل أبوك هاينجن من عمايلك
يالله نتغدى الأول ... زمان ستك حضرت الغدا ... وبعدين نشوف أنهي عمله سوده عملتها
بعد الغداء جلس الجد مع حفيده في حجرة القعاد في انتظار فنجان القهوة اليومي الذي لا يشربه إلا من يد الجدة الحنون
ها ايه رأيك بقى ... أكملك حدوتة السلطان نعمان ؟
محمد : لا ... عاوز حدوته تانيه
الجد : هه ! حدوتة ايه ؟
أشار محمد بأصبعه إلى صورة شاب في أوائل العشرينات وسيم ذي شعر بني ناعم وعينين خضراوين وملامح أقرب للغربيي منها للشرقيي
محمد : حدوتة ده
الجد : يوه يا محمد ! ماني حكيتهالك ميت مره
محمد بعناد : ماليش دعوه أني عاوز الحدوته دي
دخلت الجده حاملي صينية عليها فنجان القهوي : أني هاحكيهالك يا محمد
وضعت الصينية على المنضده أمام الجد ووقفت تتأمل ملامح الشاب الذي في الصورة وقالت بحنان جارف :
دي حكاية محمد !
ثم غاصت نظراتها في العينين الخضراوين المتقدتين ببريق شديد يزيده انعكاس الضوء عليه توهجا
كما لو كانتا جمرتين مشتعلتين ... من ... قلب ... اللهب
........................ (1) ........................
... محمد ...
كانت منهمكة في تحضير طعام الإفطار
انتفضت بشدة مطلقة وشهقت بفزع عندما نزل فوق رأسها كالسهم قفزا من سلم السطوح في وسط الدار القديمة
محمد : صباح الخير يام محمد
الأم : بسم الله الرحمن الرحيم ...
كده يا محمد ؟ جعزتني يا وله
محمد بمرح : بعد الشر عليكي يا ست الكل (يقبل يدها) ... أجيب لك طاسة الخضه ؟
الأم : فايق ورايق ؟
دا جدك هايطينها على دماغك ... وامبارح قلب عليك البلد كلها ...كنت فين امبارح يا وله ؟
محمد : ماني قايلك امبارح يامه اني رايح الزقازيق
ياسلام يامه لو كنتي جيتي معايه ... وشوفتي المحافظ وهو بيسلمني مداليه البطوله
الأم : مدالية ايه يا عين أمك !
محمد : بطولة المحافظه يامه ابنك بطل المحافظه في الكنغ فو
الأم : آه لو جدك عرف !
محمد : لااا واني مجنون أقوله ... الله الوكيل ده كان يحدفني في الترعه ... هو كان بيدور عليا ليه امبارح ؟
الأم : عشان تروح معاه دار الخلايفه
محمد : ليه ؟
الأم : عشان يخطب لك زينب بنت سماعين خليفه
محمد : (بطريقة تمثيلية جدا ) ايه ... لا... لا ...
كده يامه ! عاوزين تخلصوا مني !
تعالالي يابا ... هايجوزووووووووني
الأم : يا وله عاوزين نفرح بيك
محمد : لا ... انتوا عاوزين تخلصوا مني ... مش عاوزين تصرفوا على علامي ... (يندمج في الفيلم الذي يمثله)
أني أول ما هاشوف جدي هاقوله أنا ...
يلتفت فيفاجأ بجده واقفا ينظر إليه بغضب
يكمل بمرح خائف : أنا المصري ... كريم ال...
يعتدل بجدية : احم ... صباح الخير يا جدي
الجد الغاضب : صباحك زي وشك ... طول عمري باقول عليك أراجوز ومشخصاتي ... من وانت عيل بتلعب مع العيال في الحاره كنت تعملهم أراجوز عشان تضحكهم
عمرك ما هاتبقى راجل
هربت امبارح من البلد كلها عشان ما تتجوزش ؟
محمد بخوف واحترام : ياااا ... جدي ... اني عاوز أكمل علامي
الجد بغضب : ياخي ان شالله ما عنك اتجوزت ... والله مانت فالح ... علام ايه يا وله ... بقى انت وش علام
مش كفايه العمله السوده اللي عملتها ؟
فيه حد في الدنيه يجيب 90 في الميه ويدخل الآداب ؟
أمال الطب عملوه لمين يا وله ؟ ماترد ...
لكن هاترد تقول ايه ؟ أحسن لك تسكت وتحط على خيبتك جله
تعالى هنا يا وله (يشده من شعره ليريه مجموعة من الصور معلقة على الحائط) بص للرجاله دول ... بص واتعلم منهم
محمد أي ... أي ... أي ... أييييييييييي
شفتهم ... شفتهم 80 مره يا جدي ... وعارف حكايتهم واحد واحد
الجد بغضب : لكن ماتعلمتش منهم حاجه ... هاتفضل طول عمرك عيل ... عمرك ما هاتبقى راجل
يخرج بغضب متكئا على عصاه : جتكوا نيله عيال ناقصه ربايه (تم حذف جملة سنينكوا السوده لأنه لا يجوز سب الدهر)
الأم : كده زعلت جدك ؟ يعني كان فيها إيه لما تدخل كليه قريبه بدل الغربه ياضنايه ؟
محمد : يامه اني عاوز اشوف مصر ... أم الدنيا
يسرح مع نفسه في الأحلام ...
يمكن يوسف شاهين يشوفني ويكتشفني .. يا سلام يا ولاد
داني ساعتها هامثل فى السيما ... الله الوكيل هابقى أجدع من حسين عبد العزيز ومحمود فهمي
الأم بغضب : بينك اتخبط في نافوخك ... يبقى جدك عنده حق ... والله مانت فالح
........................ (2) ........................
... أيام الجامعة ...
ضج مسرح الجامعة بالتصفيق الشديد للعرض المسرحي الرائع الذي قدمه طلبة الجامعة ومع دخول محمد لتحية الجمهور ازداد التصفيق بشدة وصحبه صفير وعبارات إعجاب انظلقت من جميع أنحاء المسرح
بعد العرض ...
فوزي صديق محمد : ايه ده، ايه يابني ده
دانت الليله بدعت، ده ما فيش حد إلا وعجبه دورك ... مع اإنه دور شرير، دور واحد يهودي
محمد بثقة : طبعا يابني، دي مسألة موهبة وقدرات، مش مهم الدور إيه، المهم بتأديه ازاي
فوزي : والدور ده محدش يقدر يعمله زيك
محمد : مفيش حد في الجامعه كلها يعرف ينطق اللغه زيي
فوزي : أيوه ... وكل ما يجيلهم دور واحد يهودي في مسرحيه محدش يمثله غيرك، بقيت أشهر يهودي في الجامعه
محمد : ده اسمه التقمص
فوزي : أيوه يا خويا مانت رحت خيبت نفسك ودخلتلي قسم لغات شرقية -عبري ...
والمصيبه، انك الأول على الكليه 3 سنين
دا أنا نفسي أسألك سؤال حارقني من زمان ... بعد ما تتخرج هاتشتغل ايه بالعبري بتاعك ده ؟
محمد : هاشتغل واحد يهودي
يضحك الاثنان معا : هاهاهاهاهاهاها
........................ (3) ........................
... الرحلة ...
ينزل الشباب من الحافلة لمشاهدة معالم سيناء وينتشرون في أرجاء المكان مستمتعين بالرحلة
فوزي ينادي بأعلى صوته : محمد ... محماااد
يا رجب ... مشفتش محمد ... ايه محدش شاف محمد ؟
يظل يبحث حتى وصل إلى محمد الواقف في الشمس وهو شارد تماما وإحدى ساقيه تستند على صخرة والأخرى تغوص في رمال سيناء
فوزي : ايه يابني انت دايما كده مدوخني وراك ؟ افتكرتك تهت
محمد : هه ... بتقول حاجه
فوزى : لااااااااا دانت مش هنا خالص ... سرحان في إيه ؟؟
محمد دون أن يحول عينيه عن السور السلكي الذي يبعد عنه مئآت الأمتار : في اللي ورا السور
ياعم احنا مالنا ومالهم، ماتخلينا في اللي قدام السور أحسن ...
بالحق، في ناس سألوني عنك امبارح، انت كنت فين ؟
محمد : كنت باخد درس خصوصي
فوزي : درس خصوصي ؟ فين ؟
محمد : في السفاره
فوزي : سفارة ايه ؟
محمد : لا دي حاجات كبيره عليك، مش للي في سنك
فوزي : والناس اللي سألوني عنك كذا مره ؟
محمد : يا عم أنا فاضيلهم ؟ أنا ورايا مذاكره
داحنا في سنه رابعه
فوزي : طول عمرك في حكاية البنات دي بالذات قفل مصوجر ...
والله مانت فالح
يالله ... يالله لاحسن الأتوبيس هايمشي
يسير محمد مع صديقه بضعة خطوات، ثم يلتفت ليلقي نظرة أخيرة على السور، وتتوهج عيناه الخضراوان ببريق عجيب ... وكأنما اشتعل فيهما اللهب
فوزي يشده : يالله يابني المشرف بينادي
........................ (4) ........................
... الأم ...
قضى محمد عطلة نصف العام في بيت جده ولم يخرج للتنزه في أي مكان على غير عادته حتى شارفت العطلة على الانتهاء
الأم : مالك يا ضنايا ؟
انت متغير بقالك مده واني مش عاوزه أكلمك
محمد : عشان قاعد في البيت يعني، أبدا يامه داني بس نفسي أقعد معاكي انتي وجدي، أصلكوا بتوحشوني قوي واني لوحدي هناك في مصر
الأم بحنان : يا ضنايا يابني ... تحب اجي اقعد معاك في مصر؟
محمد : ماينفعش يامه اني قاعد مع اصحابي، وبعدين هانت، كلها كام شهر وتلاقيني عندك هنا على طول
حضرتيلي الشنطه يامه ؟
الأم : طبعا يا عين أمك، وفيها شرز تقيل زي ما طلبت
ولو اني مش عارفه لازمته ايه ؟ دا الشتا قرب يخلص
محمد : لا ماهي الدنيا ساعات بتبرد بالليل في مصر
وقف محمد على باب البيت مودعا أمه مقبلا يديها
محمد : ادعيلي يامه ... ادعيلي جامد قوي
الأم تقول والدموع تحاول أن تهرب من عينيها : قلبي بيدعيلك في كل صلاة يا قلب أمك
محمد : لو غبت عليكي ماتقلقيش عليا ... أصلي ناوي أجيبلك هديه حلوه قوي معايا واني راجع ... أحلى هديه في الدنيا
الأم وقد غلبتها دموعها : أني هديتي انك تاخد بالك من صحتك ومذاكرتك وترجعلي بسرعه
محمد : ماتقلقيش عليا يامه، هارجعلك إن شاء الله ... هارجعلك بسرعه
ودعته الأم وهي تحاول التغلب على ذلك الشعور الغريب بالانقباض في صدرها وحاولت أن تطمئن نفسها
سافر محمد إلى القاهرة ...
بعد عدة أيام رن جرس التليفون في منزل الحاج طه حسن الشرقاوي
ردت الأم على التليفون، وكان المتحدث فوزي
أيوه يا خالتي أم محمد ... محمد عندك ؟ عاوز أكلمه
الأم بلوعة : ايه ! دا سافر مصر من كام يوم هو موصلش عندك
فوزي مذعورا : لا ماوصلش، راح فين المجنون ده ؟
دي الجامعه كلها مقلوبه عليه، بكره بطولة الكونغ فو والمدرب هايتجنن
الأم تبعد الهاتف بحدة شديدة وتنظر إلى إحدى الصور المعلقة على الجدار، تنظر إليها نظرة غريبة وكأنما تطلب منها المساعدة
..................................................
يُتبع إن شاء الله .....
بعد رواية عودة الذئب التي طرحتها أختنا ذات النطاقين من قبل وكانت تدور أحداثها في الشيشان ننتقل إلى فلسطين مع رواية أخرى للكاتبة نفسها : سامية أحمد
ملحوظة : قد أتصرف في الرواية بشكل يسير في بعض الأحيان
.~. قلب اللهب .~.
جرت أحداث هذه القصة في القرن الجديد
محمد ... محمد ... محمد ... محمد
اطلع من ورا الستارة ... أني عارف انك هنه
خرج الولد الصغير الهارب من بيت أبيه خوفا من بطشه إلى بيت جده الموجود في نفس الحي في إحدى قرى الشرقية والذي تجاوز عمره الثامنة ببضعة أشهر من وراء الستارة : جدي .... خبيني يا جدي
ضحك الجد بحنان : انت مش هاتبطل شقاوه يا محمد ...
يا ويلك من أبوك ... عملت ايه المره دي ؟
يلقي محمد بنفسه في حضن جده : والله ما عملت حاجه
الجد بحنان : كده طيب ... مانت كل مره مابتعملش حاجه أبدا
الله الوكيل أبوك هاينجن من عمايلك
يالله نتغدى الأول ... زمان ستك حضرت الغدا ... وبعدين نشوف أنهي عمله سوده عملتها
بعد الغداء جلس الجد مع حفيده في حجرة القعاد في انتظار فنجان القهوة اليومي الذي لا يشربه إلا من يد الجدة الحنون
ها ايه رأيك بقى ... أكملك حدوتة السلطان نعمان ؟
محمد : لا ... عاوز حدوته تانيه
الجد : هه ! حدوتة ايه ؟
أشار محمد بأصبعه إلى صورة شاب في أوائل العشرينات وسيم ذي شعر بني ناعم وعينين خضراوين وملامح أقرب للغربيي منها للشرقيي
محمد : حدوتة ده
الجد : يوه يا محمد ! ماني حكيتهالك ميت مره
محمد بعناد : ماليش دعوه أني عاوز الحدوته دي
دخلت الجده حاملي صينية عليها فنجان القهوي : أني هاحكيهالك يا محمد
وضعت الصينية على المنضده أمام الجد ووقفت تتأمل ملامح الشاب الذي في الصورة وقالت بحنان جارف :
دي حكاية محمد !
ثم غاصت نظراتها في العينين الخضراوين المتقدتين ببريق شديد يزيده انعكاس الضوء عليه توهجا
كما لو كانتا جمرتين مشتعلتين ... من ... قلب ... اللهب
........................ (1) ........................
... محمد ...
كانت منهمكة في تحضير طعام الإفطار
انتفضت بشدة مطلقة وشهقت بفزع عندما نزل فوق رأسها كالسهم قفزا من سلم السطوح في وسط الدار القديمة
محمد : صباح الخير يام محمد
الأم : بسم الله الرحمن الرحيم ...
كده يا محمد ؟ جعزتني يا وله
محمد بمرح : بعد الشر عليكي يا ست الكل (يقبل يدها) ... أجيب لك طاسة الخضه ؟
الأم : فايق ورايق ؟
دا جدك هايطينها على دماغك ... وامبارح قلب عليك البلد كلها ...كنت فين امبارح يا وله ؟
محمد : ماني قايلك امبارح يامه اني رايح الزقازيق
ياسلام يامه لو كنتي جيتي معايه ... وشوفتي المحافظ وهو بيسلمني مداليه البطوله
الأم : مدالية ايه يا عين أمك !
محمد : بطولة المحافظه يامه ابنك بطل المحافظه في الكنغ فو
الأم : آه لو جدك عرف !
محمد : لااا واني مجنون أقوله ... الله الوكيل ده كان يحدفني في الترعه ... هو كان بيدور عليا ليه امبارح ؟
الأم : عشان تروح معاه دار الخلايفه
محمد : ليه ؟
الأم : عشان يخطب لك زينب بنت سماعين خليفه
محمد : (بطريقة تمثيلية جدا ) ايه ... لا... لا ...
كده يامه ! عاوزين تخلصوا مني !
تعالالي يابا ... هايجوزووووووووني
الأم : يا وله عاوزين نفرح بيك
محمد : لا ... انتوا عاوزين تخلصوا مني ... مش عاوزين تصرفوا على علامي ... (يندمج في الفيلم الذي يمثله)
أني أول ما هاشوف جدي هاقوله أنا ...
يلتفت فيفاجأ بجده واقفا ينظر إليه بغضب
يكمل بمرح خائف : أنا المصري ... كريم ال...
يعتدل بجدية : احم ... صباح الخير يا جدي
الجد الغاضب : صباحك زي وشك ... طول عمري باقول عليك أراجوز ومشخصاتي ... من وانت عيل بتلعب مع العيال في الحاره كنت تعملهم أراجوز عشان تضحكهم
عمرك ما هاتبقى راجل
هربت امبارح من البلد كلها عشان ما تتجوزش ؟
محمد بخوف واحترام : ياااا ... جدي ... اني عاوز أكمل علامي
الجد بغضب : ياخي ان شالله ما عنك اتجوزت ... والله مانت فالح ... علام ايه يا وله ... بقى انت وش علام
مش كفايه العمله السوده اللي عملتها ؟
فيه حد في الدنيه يجيب 90 في الميه ويدخل الآداب ؟
أمال الطب عملوه لمين يا وله ؟ ماترد ...
لكن هاترد تقول ايه ؟ أحسن لك تسكت وتحط على خيبتك جله
تعالى هنا يا وله (يشده من شعره ليريه مجموعة من الصور معلقة على الحائط) بص للرجاله دول ... بص واتعلم منهم
محمد أي ... أي ... أي ... أييييييييييي
شفتهم ... شفتهم 80 مره يا جدي ... وعارف حكايتهم واحد واحد
الجد بغضب : لكن ماتعلمتش منهم حاجه ... هاتفضل طول عمرك عيل ... عمرك ما هاتبقى راجل
يخرج بغضب متكئا على عصاه : جتكوا نيله عيال ناقصه ربايه (تم حذف جملة سنينكوا السوده لأنه لا يجوز سب الدهر)
الأم : كده زعلت جدك ؟ يعني كان فيها إيه لما تدخل كليه قريبه بدل الغربه ياضنايه ؟
محمد : يامه اني عاوز اشوف مصر ... أم الدنيا
يسرح مع نفسه في الأحلام ...
يمكن يوسف شاهين يشوفني ويكتشفني .. يا سلام يا ولاد
داني ساعتها هامثل فى السيما ... الله الوكيل هابقى أجدع من حسين عبد العزيز ومحمود فهمي
الأم بغضب : بينك اتخبط في نافوخك ... يبقى جدك عنده حق ... والله مانت فالح
........................ (2) ........................
... أيام الجامعة ...
ضج مسرح الجامعة بالتصفيق الشديد للعرض المسرحي الرائع الذي قدمه طلبة الجامعة ومع دخول محمد لتحية الجمهور ازداد التصفيق بشدة وصحبه صفير وعبارات إعجاب انظلقت من جميع أنحاء المسرح
بعد العرض ...
فوزي صديق محمد : ايه ده، ايه يابني ده
دانت الليله بدعت، ده ما فيش حد إلا وعجبه دورك ... مع اإنه دور شرير، دور واحد يهودي
محمد بثقة : طبعا يابني، دي مسألة موهبة وقدرات، مش مهم الدور إيه، المهم بتأديه ازاي
فوزي : والدور ده محدش يقدر يعمله زيك
محمد : مفيش حد في الجامعه كلها يعرف ينطق اللغه زيي
فوزي : أيوه ... وكل ما يجيلهم دور واحد يهودي في مسرحيه محدش يمثله غيرك، بقيت أشهر يهودي في الجامعه
محمد : ده اسمه التقمص
فوزي : أيوه يا خويا مانت رحت خيبت نفسك ودخلتلي قسم لغات شرقية -عبري ...
والمصيبه، انك الأول على الكليه 3 سنين
دا أنا نفسي أسألك سؤال حارقني من زمان ... بعد ما تتخرج هاتشتغل ايه بالعبري بتاعك ده ؟
محمد : هاشتغل واحد يهودي
يضحك الاثنان معا : هاهاهاهاهاهاها
........................ (3) ........................
... الرحلة ...
ينزل الشباب من الحافلة لمشاهدة معالم سيناء وينتشرون في أرجاء المكان مستمتعين بالرحلة
فوزي ينادي بأعلى صوته : محمد ... محماااد
يا رجب ... مشفتش محمد ... ايه محدش شاف محمد ؟
يظل يبحث حتى وصل إلى محمد الواقف في الشمس وهو شارد تماما وإحدى ساقيه تستند على صخرة والأخرى تغوص في رمال سيناء
فوزي : ايه يابني انت دايما كده مدوخني وراك ؟ افتكرتك تهت
محمد : هه ... بتقول حاجه
فوزى : لااااااااا دانت مش هنا خالص ... سرحان في إيه ؟؟
محمد دون أن يحول عينيه عن السور السلكي الذي يبعد عنه مئآت الأمتار : في اللي ورا السور
ياعم احنا مالنا ومالهم، ماتخلينا في اللي قدام السور أحسن ...
بالحق، في ناس سألوني عنك امبارح، انت كنت فين ؟
محمد : كنت باخد درس خصوصي
فوزي : درس خصوصي ؟ فين ؟
محمد : في السفاره
فوزي : سفارة ايه ؟
محمد : لا دي حاجات كبيره عليك، مش للي في سنك
فوزي : والناس اللي سألوني عنك كذا مره ؟
محمد : يا عم أنا فاضيلهم ؟ أنا ورايا مذاكره
داحنا في سنه رابعه
فوزي : طول عمرك في حكاية البنات دي بالذات قفل مصوجر ...
والله مانت فالح
يالله ... يالله لاحسن الأتوبيس هايمشي
يسير محمد مع صديقه بضعة خطوات، ثم يلتفت ليلقي نظرة أخيرة على السور، وتتوهج عيناه الخضراوان ببريق عجيب ... وكأنما اشتعل فيهما اللهب
فوزي يشده : يالله يابني المشرف بينادي
........................ (4) ........................
... الأم ...
قضى محمد عطلة نصف العام في بيت جده ولم يخرج للتنزه في أي مكان على غير عادته حتى شارفت العطلة على الانتهاء
الأم : مالك يا ضنايا ؟
انت متغير بقالك مده واني مش عاوزه أكلمك
محمد : عشان قاعد في البيت يعني، أبدا يامه داني بس نفسي أقعد معاكي انتي وجدي، أصلكوا بتوحشوني قوي واني لوحدي هناك في مصر
الأم بحنان : يا ضنايا يابني ... تحب اجي اقعد معاك في مصر؟
محمد : ماينفعش يامه اني قاعد مع اصحابي، وبعدين هانت، كلها كام شهر وتلاقيني عندك هنا على طول
حضرتيلي الشنطه يامه ؟
الأم : طبعا يا عين أمك، وفيها شرز تقيل زي ما طلبت
ولو اني مش عارفه لازمته ايه ؟ دا الشتا قرب يخلص
محمد : لا ماهي الدنيا ساعات بتبرد بالليل في مصر
وقف محمد على باب البيت مودعا أمه مقبلا يديها
محمد : ادعيلي يامه ... ادعيلي جامد قوي
الأم تقول والدموع تحاول أن تهرب من عينيها : قلبي بيدعيلك في كل صلاة يا قلب أمك
محمد : لو غبت عليكي ماتقلقيش عليا ... أصلي ناوي أجيبلك هديه حلوه قوي معايا واني راجع ... أحلى هديه في الدنيا
الأم وقد غلبتها دموعها : أني هديتي انك تاخد بالك من صحتك ومذاكرتك وترجعلي بسرعه
محمد : ماتقلقيش عليا يامه، هارجعلك إن شاء الله ... هارجعلك بسرعه
ودعته الأم وهي تحاول التغلب على ذلك الشعور الغريب بالانقباض في صدرها وحاولت أن تطمئن نفسها
سافر محمد إلى القاهرة ...
بعد عدة أيام رن جرس التليفون في منزل الحاج طه حسن الشرقاوي
ردت الأم على التليفون، وكان المتحدث فوزي
أيوه يا خالتي أم محمد ... محمد عندك ؟ عاوز أكلمه
الأم بلوعة : ايه ! دا سافر مصر من كام يوم هو موصلش عندك
فوزي مذعورا : لا ماوصلش، راح فين المجنون ده ؟
دي الجامعه كلها مقلوبه عليه، بكره بطولة الكونغ فو والمدرب هايتجنن
الأم تبعد الهاتف بحدة شديدة وتنظر إلى إحدى الصور المعلقة على الجدار، تنظر إليها نظرة غريبة وكأنما تطلب منها المساعدة
..................................................
يُتبع إن شاء الله .....
تعليق