بسم الله الرحمن الرحيم
الأرقام بين المسيحية والإسلام
الأرقام بين المسيحية والإسلام
ربما يستغرب البعض أن يكون هناك بين المسيحية والإسلام أي خلاف في الأرقام والأعداد
بل ربما كان هذا الخلاف هو الخلاف الأعظم بين الديانتين
كيف ذلك ؟
بداية لا يغيب عن أي إنسان عاقل أن لكل رقم قيمة عددية ، ولو وضعت بعض الأمثلة لسخر مني الجاهل قبل العالم ، وذلك لأن الأمر مفروغ منه من وجهة نظر الجميع ، وكل الناس متفقون على اننا عندما نقول واحد نقصد شخصا واحدا ذكرا أو نقصد عددا مجردا أو غير ذلك وكذلك هو الحال مع باقي الأرقام
وهذا هو شأن الإسلام في التعامل مع الأرقام أي أنه عند سماع القرآن يقول ( وإلهكم إله واحد ) يتبادر إلى المسلم أن الله ربنا رب واحد وليس أكثر من واحد
وبما أن الإسلام لا ينفك عن اللغة العربية ولا ينسلخ عنها – فالقرآن نزل بلسان عربي مبين ومحمد صلى الله عليه وسلم عربي النشأة واللغة وقد جاء أثره بلغتة العربية التي يتذوقها أهلها ، فيعشق بلاغتها الفصحاء ويتغنى بها الشعراء ، ومن فيض معينها ومعانيها ينهل العلماء ، لذلك فإن العربي لا يصرف معنى الأرقام عن مقصدها مطلقا وقد بلغ بالعربي عند سماع ( قل هو الله أحد ) أن يعتقد أن الله واحدا أحدا وأن كلمة أحد التي وصف الله بها ذاته في اللغة مجردة من كل تابع - كالزوجة أو الإبن أو البنت أوالشريك أو الوزير أو الصاحب أو المستشار أوالمرافق أو الحارس أو العبد أو الأجير أو السائس أو السائق - كما أن من حكمة إختيار الله لكلمة أحد في وصف ذاته أن هذه الكلمة لا تقبل التثنية أيضا ، فنحن نقول كلمة واحد وفي التثنية اثنان أما كلمة أحد فليس لها في اللغة مثنى ، فلا نستطيع أن نثني أحد ( بأحدان )
لكل ذلك فإن القرآن عندما يذكر الأعداد والأرقام لا يقصد إلا قيمتها العددية المعروفة للجميع
أما في المسيحية فالوضع مختلف
فالمسيحية تتفق مع الإسلام ومع باقي البشر أن هناك قيمة عددية للأرقام ولكن في الرياضيات فقط أما في ما يخص العقيدة المسيحية فليس بالضرورة أن تكون القيمة العددية مساوية للرقم المذكور في الإنجيل
وعلى سبيل المثال لو أن أحدهم شاهد خمسين عصفورا وثلاث حمامات في إحدى الحقول فاخبرك أنه شاهد عصفورا واحدا كان صادقا ، والسبب في ذلك التشابه بين العصافير والحمامات وأن الرقم واحد من الممكن أن تعني به أكثر من واحد
{ قد يتهمني البعض بالتجني والإفتراء على المسيحية ولكن على العاقل أن يطالبني بالدليل وسأسوق له ما يثبت له أنني محايدا ، ولربما إتهمني البعض الآخر بمحاباة المسيحيين وتبسيط وجهة نظرهم في عقيدتهم }
على رأس هذه الشواهد التي سوف أسوقها للمكذب ما جاء على لسان المسيح عليه السلام في إنجيل مرقس 12/29
( الرب إلهنا رب واحد )
ففي العقيدة المسيحية الرب الإله هو واحد في العدد ولكنه ثلاثة في القيمة العددية وحسب مفهوم العقيدة المسيحية أن ( الآب والإبن وروح القدس إله واحد آمين )
وبناء على ذلك تستطيع أن تتبع الأرقام المذكورة في الإنجيل والتي دونت فيه تلك الأرقام والأعداد بواسطة الكتبة وهم مساقون بروح القدس ، وستجد أن الكثير من الأرقام لا تساوي العدد المقصود والمعروف
فالثلاثة أيام التي قضاها يسوع في باطن الأرض طبقا للحساب غير صحيحة مطلقا، ولكن حسب فلسفة العقيدة المسيحية فهي ثلاثة أيام كاملة ، بالرغم من أنها أقل من يومين { فالمدة لا تزيد عن جزء يسير من يوم الجمعة ويوم السبت كاملا على أكثر تقدير وذلك أن مريم المجدلية جاءت إلى القبر قبل طلوع فجر يوم الأحد ولم تجد في القبر شيئا }
( وفي اول الاسبوع جاءت مريم المجدلية الى القبر باكرا والظلام باق فنظرت الحجر مرفوعا عن القبر. ) يوحنا 20/1
وفي الإنجيل هنا شاهد آخر على عدم الإكتراث للقيمة العددية في المسيحية وذلك أن عدد من جاء إلى القبر حسب يوحنا امراة واحدة بالرغم من انهن حسب إنجيل مرقس ثلاثة نساء ( مريم المجدلية ومريم ام يعقوب وسالومة ) مر 16/2
أما حسب إنجيل لوقا فقد كان العدد كبيرا حيث اتت النساء ومعهن اناس آخرون ربما كانوا رجالا ( ثم في اول الاسبوع اول الفجر أتين الى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهنّ اناس ) 24/1
كما ترى لو أن للعدد قيمة في المسيحية لما ساق روح القدس كتبة الإنجيل أن يكتبوا هذا التباين ولجعلهم متفقين على عدد الذين جاءوا وعلى أسمائهم
وهذا شاهد آخر أسوقه لمن لم يدرك الأول ، فحسب لوقا ومرقس كان عدد المجانين الذين ستقبلوا يسوع واحدا فقط وحسب متى كانوا اثنان ولربما لو ان يوحنا ذكر قصة المجانين لجعل عددهم بعدد قطيع الخنازير التي دخلتها الشياطين فاندفعت بها إلى البحر
( ولما خرج من السفينة للوقت استقبله من القبور انسان به روح نجس ) مرقس 5/2
( ولما جاء الى العبر الى كورة الجرجسيين استقبله مجنونان خارجان من القبور هائجان جدا حتى لم يكن احد يقدر ان يجتاز من تلك الطريق ) متى 8/28
حتى الجحش الواحد الذي سرقه التلاميذ وأركبا عليه يسوع تبين انه أتان وجحش إبن أتان وأن يسوع قد ركب عليهما معا
( واتيا به الى يسوع وطرحا ثيابهما على الجحش واركبا يسوع ) لوقا 19/35
( فاتيا بالجحش الى يسوع والقيا عليه ثيابهما فجلس عليه ) مرقس 11/7
( واتيا بالاتان والجحش ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما ) متى 21/7
ربما يظن البعض أن هذا التباين ينطبق على الأعداد البسيطة فقط أما الأعداد الكبيرة فحالها يختلف ؟
أطمئن من ظن ذلك أن الوضع في الجميع سيان ، وان علاقة روح القدس مع الأرقام في العهد الجديد هي نفس علاقته بها في العهد القديم ، فهذا أخزيا عندما أصبح ملكا كان عمره يتراوح بين اثنتين وعشرين سنة واثنتين واربعين لذلك ذكر عمره بالرقمين
( وكان اخزيا ابن اثنتين وعشرين سنة حين ملك وملك سنة واحدة في اورشليم.واسم امه عثليا بنت عمري ملك اسرائيل ) ملوك2 8/26
( كان اخزيا ابن اثنتين واربعين سنة حين ملك وملك سنة واحدة في اورشليم واسم امه عثليا بنت عمري ) أخبار الأيام 2 22/2
وكذلك الثماني مئة ألف رجل في صموئيل أصبحت أكثر من مليون رجل في سفر الأخبار وتساوت الخمس مئة مع الأربع مئة وسبعين
( فدفع يوآب جملة عدد الشعب الى الملك فكان اسرائيل ثمان مئة الف رجل ذي بأس مستل السيف ورجال يهوذا خمس مئة الف رجل ) صم2 24/9
( فدفع يوآب جملة عدد الشعب الى داود فكان كل اسرائيل الف الف ومئة الف رجل مستلّي السيف ويهوذا اربع مئة وسبعين الف رجل مستلّي السيف ) أخبار1 21/5
وكذلك الحال عندما أصبح يهوياكين ملكا وهو أبن ثمان سنين التي هي ثماني عشرة سنة ولا قيمة للعشرة أيام
(كان يهوياكين ابن ثماني سنين حين ملك وملك ثلاثة اشهر وعشرة ايام في اورشليم ) أخبار 2 36/9
( كان يهوياكين ابن ثماني عشرة سنة حين ملك وملك ثلاثة اشهر في اورشليم ) مل2 24/8
كما أن عدد الذين قتلهم رئيس الثالوث عندما هز رمحه ثلاث مئة التي تنطبق تماما على الثمان مئة
( وهذا هو عدد الابطال الذين لداود .يشبعام بن حكموني رئيس الثوالث.هو هزّ رمحه على ثلاث مئة قتلهم دفعة واحدة ) أخبار 1 11/11
(هو هزّ رمحه على ثمان مئة قتلهم دفعة واحدة ) صم2 23/8
حتى الأعداد الزوجية لا تختلف عن الأعداد المفردة أيضا ، وجميعها في القيمة سواء
( ومن كل حيّ من كل ذي جسد اثنين من كلّ تدخل الى الفلك لاستبقائها معك.تكون ذكرا وانثى ) تك 6/19
( من جميع البهائم الطاهرة تأخذ معك سبعة سبعة ذكرا وانثى ) تك 7/2
وكذلك السبع مئة فارس هي السبعة الاف
( فاخذ داود منه الفا وسبع مئة فارس وعشرين الف راجل ) صم2 8/4
( واخذ داود منه الف مركبة وسبعة آلاف فارس وعشرين الف راجل ) اخبار1 18/4
حتى المذاود لا تختلف الأربعة آلاف في جنسها عن الأربعون ألفا
( وكان لسليمان اربعة آلاف مذود خيل ومركبات واثنا عشر الف فارس ) أخبار2 9/ 25
( وكان لسليمان اربعون الف مذود لخيل مركباته واثنا عشر الف فارس ) ملوك1 4/26
وفي الملوك تتساوى الثلاث مئة مع الستة مئة في الأخبار
( ما عدا رؤساء الوكلاء لسليمان الذين على العمل ثلاثة آلاف وثلاث مئة المتسلطين على الشعب العاملين العمل ) ملوك1 5/16
( واحصى سليمان سبعين الف رجل حمّال وثمانين الف رجل نحّات في الجبل ووكلاء عليهم ثلاثة آلاف وست مئة) أخبار2 2/2
لا أريد أن أطيل أكثر من ذلك فحمامات سليمان وبنو فحث وبنو زتو وبنو عزجد وبنو عادين وبنو حشوم ورجال بيت ايل وعاي والمغنين والمغنيات والذين ماتوا بالوباء والسنوات التي عاشها سام وغير ذلك من الأرقام والأعداد لا تتفق إلا بجنس المعدود وبذلك تكون الأرقام والأعداد بمفهوم العقيدة المسيحية مختلفة في القيمة ولكنها متجانسة ومتساوية
هذا ما توصلت إليه بقصور علمي بينما الباحثين والدارسين والمتتبعين لا يقرون برأيي ويعتبرون الأمثلة التي ذكرتها لا تندرج إلا تحت باب التناقضات التي تفضي إلى أن روح القدس إما أن يكون شديد النسيان بحيث يملي على هذا الكاتب خلاف ما أملاه على ذاك أو أن يكون كتبة الإنجيل لا علاقة لهم بروح القدس ولم يسوقهم ولم يلهمهم شيئا من ذلك
عندها يكون الخطأ خطأ الكتبة فيتبرأ روح القدس منها وهذا ما أميل إليه
بعد كل هذا أقول ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ؟
كذلك أكون شاكرا لمن يصوبني إن كنت مخطئا فليس أحد صالح إلا واحد وهو الله والحق أحق أن يتبع
هذا والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل
أخوكم أبو عماد في حراس العقيدة - أبو طارق في أتباع المرسلين
كذلك أكون شاكرا لمن يصوبني إن كنت مخطئا فليس أحد صالح إلا واحد وهو الله والحق أحق أن يتبع
هذا والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل
أخوكم أبو عماد في حراس العقيدة - أبو طارق في أتباع المرسلين
تعليق