بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب
التوفيق بين العدل و الرحمة والغباء العظيم ..(رحلة لتقصى الحقائق)
بداهةً يمكن التوفيق بين شيئين في حالة واحدة فقط وهى اذا تم الوصول إلى منزلة وسط بينهما , والمنزلة الوسط من الطبيعى ان يُشترط فيه عدم وصول أيٍّ منهما إلى الكمال كتأثير سلبي ناتج عن هذا التوفيق .. ( قسمة البلد نصفين).
كل ذلك سوف يصب في النهاية في مصلحة من تم من اجله هذا التوفيق متمثلا في التخفيف من حدة الشيء المريع الذي كان يمكن ان يلقى على عاتقه بكامله لو لم يحدث، دون الرمى بكل الثوابت (كالعدل والمساواة ) عرض الحائط ..
و من الطبيعى ان يكون إرضاء جميع الغايات والإطراف مرهون ببعض التنازلات من كلا الطرفين .
اذن حدوث توفيق بين شيئين يستوجب بقاء كلٍّا الشيئين
لكن بشدة اقل ..
وبالتالى لا يمكننى عند وجود ارادة للتوفيق بين اشعال النار من طرف وإخمادها في ان واحد بناء على ارادة طرف اخر إشعالها في مكان اخر بدلا من اخفاتها بعض الشيء لأصل إلى حل وسط يجمع بين الإشعال تماشيا مع إرادة الطرف الأول وبين الإخماد تماشيا مع إرادة الطرف الثاني لكن بصورة جزئية غير كاملة لكلا الفعلين مع عدم الاقتصار على فعل شىء واحد لانه لا يمكن الجمع بين متضادين كالإشعال والإخماد في موضع واحد فلا يكون هناك إلا الاخفات كحل وسط .
بقياس معتقد النصارى على ذلك سوف نجد ان الحل الوسط يتمثل فى تخفيف العقاب مع بقائه لان الاخفات استلزم بقاء النار ولكن بشدة اقل وعلى ذلك يستلزم حال التوفيق بين العدل والرحمة بقاء مطلق العقاب ولكن بصورة اقل أو بمعنى اخر يمكننا القول التوفيق سوف يكون ملعبه الحجم فقط أو الكم دون المساس بمطلق الحدوث ..
مما ينتج عنه بالتالى عقاب جزئى بدلا من العقاب الكلى , وعدل جزئى بدلا من العدل الكلى , و رحمة جزئية بدلا من الرحمة التامة ولكن من حيث كون العدل مطلق , فهل يمكن ان يقبل ذلك ؟ ... فى الحقيقة العدل المطلق لا يمكن ان يقبل التقليص او التحجيم بسبب طلاقته هذا من ناحية ..
ومن ناحية اخرى :
اى تقليص او استقطاع من للعدل سوف يصب فى الجانب المقابل (الظلم) لان العدل من العدل ان يكون كاملا وتاما لا يعتريه اى نقص او تقصير ..
فالعدل من الاشياء المطلقة..
لا يجزأ ولا يمكن ان يقبل الزيادة أو النقصان ..
واذا لم يقبل الزيادة ..
حيث إن اى زيادة لن تكون من جنسة ولكنها سوف تدخل فى مفهوم اخر وهو مفهوم البذل والعطاء ..
فكيف يقبل النقصان ..
وبوجه عام اى شيئين متضادين أو متقابلين النقص فى احدهما يجب ان يصب فى مصلحة الاخر ..
وافضل مثال على ذلك هو تداخل ساعات الليل والنهار كلا منهما فى الاخر مع كون مجموعهما واحد طوال العام ..
فاى زيادة فى ساعات الليل تكون على حساب ساعات النهار واى زيادة فى ساعات النهار تكون على حساب ساعات الليل ..
واذا اقتضى العدل إن يعطى انسان الف دينار فاعطى تحت مسمى التوفيق خمس مائه دينار فقط فسوف يصبح مظلوما فى باقى المبلغ المستحق له هذا على الاقل إن لم يكون مظلوما بوجه عام لان وصف الظلم يكفية مطلق الفعل المؤدى اليه بدون توصيف لهذا الفعل وبذلك سوف يحسب هذا الإنسان على المظلومين لو نقص من حقه درهم واحد المهم إن النقص فى الحق قد حدث وبذلك لا يمكن إن يقبل العدل التوفيق مع شىء اخر حتى ولو كان الرحمة ..
تعليق