في عام 2000 أصدر المستشرق الألماني كريستوف لكسنبورغ كتابا بعنوان : ((The Syro-Aramaic reading of the Koran)) أي ((قراءة سريو-آرامية للقرآن)).. و لقد شدني هذا الكتاب الذي يحاول مؤلفه جاهداً الطعن في القرآن الكريم من حيث لغته و تشكيل حروفه فرأيت وجوب الرد على ما جاء في كتابه من أكاذيب.. و لقد صدر في عام 2004 ترجمة انجليزية لهذا الكتاب مع بعض الإضافات على الكتاب في لغته الألمانية الأصلية.. و سنعتمد الترجمة الإنجليزية للرد على أكاذيب هذا المتخفي.
و بإذن الله فإننا سنرد على بعض مزاعم هذا المستشرق و نضع كتابه على طاولة العلم و نكشف جميع أكاذيبه و افتراءاته...
يقول الله عز وجل: ((فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)) و يقول الله عز وجل في سورة الشورى : ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)) .
اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ...
و لقد أحببت قبل أن أبدأ الرد على مزاعم هذا المتوهم أن أكتب له رسالة قصيرة راجياً منه أن يلبي ما جاء فيها، و الله المستعان و عليه التكلان.
إن الإسلام يضع الكتاب الذي أنزله الله بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه . . يضع هذا الكتاب قاعدة للحياة البشرية ثم تمضي الحياة ... فإما اتفقت مع هذه القاعدة ، وظلت قائمة عليها ، فهذا هو الحق . وإما خرجت عنها وقامت على قواعد أخرى ، فهذا هو الباطل . . هذا هو الباطل ولو ارتضاه الناس جميعاً في فترة من فترات التاريخ . فالناس ليسوا هم الحكم في الحق والباطل وليس الذي يقرره الناس هو الحق ، وليس الذي يقرره الناس هو الدين . إن نظرة الإسلام تقوم ابتداء على أساس أن فعل الناس لشيء ، وقولهم لشيء ، وإقامة حياتهم على شيء . . لا تحيل هذا الشيء حقاً إذا كان مخالفاً للكتاب؛ ولا تجعله أصلاً من أصول الدين؛ ولا تجعله التفسير الواقعي لهذا الدين؛ ولا تبرره لأن أجيالاً متعاقبة قامت عليه . .
عزيزي كريستوف، قال ربي عز و جل في محكم تنزيله بلسان عربي مبين:
((وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ))
فتالله و الذي أنزل هذا الكتاب المبين؛ إنه يعلم من ( ضل عن سبيله ) و يعلم من اهتدى إلى كلام القوي المتين.
عزيزي كريستوف ؛ أطلب منك أن تستقل طائرة من بلادك "الأوروبية" و تلبي دعوتي إلى بلاد العرب ، و يا ليتك تحضر معك "إبرة" خياطة في حقيبة يدك.
لا تخف، فلا أريد هذه الإبرة حتى أخيط فمك و أسكتك، فهذه ليست من صفات المسلمين و ليست من شيم العرب الذين يمتلكون الحقيقة الساطعة على صحة معتقدهم، و كتابهم و رسولهم – فدته روحي– عليه الصلاة و السلام ...
أريد منك فور وصولك أن تسأل عن إحدى حدائق الحيوانات أو تذهب إلى أي مكان يتواجد فيه جملٌ.
لا أريد منك أن تركب الجمل، خوفا ً عليك و على سلامتك... فـربما يكون ركوب الجمال صعبا عليك !
لكني أريد منك أن تحاول إدخال إحدى الجمال في الإبرة "الألمانية" التي احضرتها !
فهل تقدر ؟؟
لا و الله إنك لن تقدر على إدخال الجمل في سم الإبرة التي أحضرتها !
قال ربي عز و جل:
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ
لن أعقّب على هذه الآية الكريمة، فأنت يا أستاذ اللغات السامية لعلك و كما يقولون ( تلقطها على الطاير ) !!
و الله إن هذا البحث قد أثبت لي -مع إيماني الراسخ- بالدليل القاطع أن القرآن الكريم هو كلام القوي المتين..... فأنت أيها "العالم الدكتور" أستاذ اللغات السامية، درست سنوات طوال في أفضل و أرقى جامعات العالم مستخدما ً عشرات المراجع و المعاجم في بحثك هذا... و لقد تعلمت اللغة العربية و الآرامية و العبرية – و إن لم تتقن هذه اللغات- و لقد قضيت عشرات السنوات في بحثك هذا حتى خرجت بهذا الكتاب.... و كل يومٌ تجلس خلف مكتبك الراقي في غرفتك الدافئة شتاءا الباردة صيفا ، و تأتيك (سكرتيرتك) بفنجان القهوة صباحا ً و أنت تعمل على "بحوثك" التي بائت بالفشل الذريع.....
و لقد اضطرك هذا البحث أن تخفي نفسك و تنشر كتابك باسم مستعار (كدعاية ترويجية لأكاذيبك) و لقد تُرجم كتابك إلى عدة لغات و انتشر على شبكة الإنترنت بسرعة كبيرة و أصبحت لك شهرة واسعة عند مدعي المحبة (النصارى) و العلم (الملاحدة).
فإني أسألك كيف عرف محمدٌ صلى الله عليه و سلم كل هذه اللغات ؟؟ فهل درس في أفضل جامعات برلين يا حضرة الدكتور ؟ هل نال رسول الإسلام درجة الدكتوراة في اللغات السامية في صحاري العرب ؟؟ تعّقل يا رجل!
فأنت يا عالمنا الكبير قد قضيت سنواتك هذه كلها و أنت تبحث حتى خرجت بهذا الكتاب و إنّي أفضّل أن أسميه "هلوسة لغوية"...
فماذا عن محمدٌ صلى الله عليه و سلم ؟؟
أريد أن أعقد معك صفقة عزيزي الدكتور كريستوف..
أريد منك أن تكتب كتابا ً مثل القرآن الكريم –مع ثقتي على عدم قدرتك على فعل ذلك-، لكن هناك بعض الشروط ... دعني أمليها عليك...
أريد منك أن تكون يتيماً... عربياً... أمياً... تسكن الصحاري...
أريد منك أن تكون أميناً صادقاً يشهد لك الجميع من اليهود و النصارى و الوثنيين و ليس لسنة أو لخمس سنين أو حتى عشر سنوات.. بل أريد أن تكون أميناً صادقاً يشهد لك الجميع لمدة أربعين سنة !
ثم أريد منك أن تبدأ الآن بحثك -بعد إعلانك أنك نبي الله- و بعدما حاربك أهلك من جهة و اليهود من جهة أخرى ..
أريد منك أن "تكتب" هذا الكتاب على مدة 23 سنة، و تبحث في اللغات التالية: اللغة الآرامية و النبطية و المصرية القديمة و الفارسية و الحبشية و اليونانية و العبرية و الأكادية و الكنعانية و غيرها من اللغات و عليك أن تدرس الكتاب المقدس بعهديه دراسة عميقة جدا ً ، و أن لا تكتفي بذلك، بل عليك أيضا أن تدرس التلمود و الأدب السرياني و الأدب العبري و اليوناني و الأناجيل المنحولة و المرفوضة من الكنيسة و أبوكريفا العهد القديم و الجديد ، و كل كتاب كُتب في اليهودية و النصرانية... و أريد منك أن تتقن تعريب الكلمات و الأسماء كذلك.. أو بالأحرى، أريد منك أن تلخص مكتبة كاملة من 3000 كتاب في كتاب واحد فقط بدون أن تناقض نفسك ..لا و بل أريدك أن تتكلم بأسلوبين، أحدها أكثر بلاغة من الآخر....و تذكر عليك أن لا تناقض نفسك!
ثم بعد ذلك، و أنت في وسط الحروب و المشاكل كلها و معاداة الجميع لك، عليك أن تنطق بكلام تتحدى به البشرية كلها، و تتحدى العرب أهل اللغة و الفصاحة ، تضع به كل بحوثك -التي قمت بها في خضم الحروب - ثم تقول أن هذا كلامٌ عربي مبين و تسأل صحابتك بأن يدّونوا ما نطق به لسانك على مدة 23 سنة... و كلما جاء حدثٌ معين نطقت بكلام تتحدى به الجميع..
حضرة الدكتور كريستوف، عندما تنجح في ولوج الجمل في سم الإبرة و عندما تحضر لي كتاب من مثل القرآن –و لن تستطيع- تستطيع الطعن أو حتى التشكيك في صحة الإسلام..!!
إن القرآن الكريم هو كالجبل الأشم الذي لا تستطيع لا أنت و لا غيرك زحزحته و لا الطعن فيه..
عزيزي كريستوف، لا يستحق كتابك أن أسطر له السطور و الصفحات، بل هو كتاب ساذج ينفع لتضحك به على عقول ضعفاء الإيمان.. لكن واجبي أن أهدم بحثك من أساسه بعدما وجدت تداول المواقع التبشيرية و الإلحادية و العلمانية لكتابك و كأنه حقيقة شبه مسلم بها!
لكن قبل ذلك، أحببت أن أعرض عليك كلام ربي، لعلك تهتدي إلى الإله الواحد القهار.
قال الحق سبحانه و تعالى :
((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)) آل عمران..
فلا شك بأنك تعلم مدى كذبك و تضليلك في بحثك هذا، و الجهد الجهيد الذي بذلته حتى تفتري على كلام ربي و الأكاذيب التي اختلقتها في محاولة فاشلة منك للطعن في القرآن الكلام.. و لا عجب منك أن تتبع إمامك إبليس عليه لعائن الله أجمعين.
اسمح لي أن أزف لك هذه البشرى يوم القيامة بالنبأ المخزي:
((وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))
و لا أجد أبلغ من هذه الآية الكريمة:
((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ))
عندما بحثت وراءك الكتب و المقالات وجدتك قد شرّقت و غرّبت في الكلام متحدياً المسلمين أجمعين بأنك قد اكتشفت سر القرآن و أن كتابك قد يضع المسلمين في مأزق يصعب عليهم الخروج منه..لا بل إن النصارى انخدعوا بهذه السذاجة و أقاموا تحديا مع المسلمين، و يا للأسف فإنهم لا يعلمون أنهم يتحدون أمة محمد التي سطعت الأدلة على صحة معتقدها في شرق الأرض و غربها و هم أمة (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ...
يقول عز و جل : (( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )) ، فحسبنا الله و نعم الوكيل بعدما اشتدت محاربة الغرب و المستشرقين للإسلام و القرآن الكريم، محاولين الطعن بالقرآن و بالرسول محمد صلى الله عليه و سلم بكل ما استطاعت أقلامهم أن تخط من أكاذيب.
قال عز من قال : ((قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَاد))
فلعلك تشغل نفسك في تدبر هذه الآية الكريمة.....
و أختم رسالتي بهذه الآية الكريمة قبل أن أبدأ الرد على أكاذيبك:
(إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
و يتبع بإذن الله على عدة أجزاء...
و الحمدلله رب العالمين..
و بإذن الله فإننا سنرد على بعض مزاعم هذا المستشرق و نضع كتابه على طاولة العلم و نكشف جميع أكاذيبه و افتراءاته...
يقول الله عز وجل: ((فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)) و يقول الله عز وجل في سورة الشورى : ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)) .
اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ...
و لقد أحببت قبل أن أبدأ الرد على مزاعم هذا المتوهم أن أكتب له رسالة قصيرة راجياً منه أن يلبي ما جاء فيها، و الله المستعان و عليه التكلان.
================================================== ==============
عزيزي كريستوف، إن الصراع بين الحق والباطل قديم قدم الحقِّ ، فيحاول أهل الباطل اتهام أهل الحق ، وتشكيكهم به ، حتى يتركوه قال تعالى : وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) [البقرة]
عزيزي كريستوف، إن الصراع بين الحق والباطل قديم قدم الحقِّ ، فيحاول أهل الباطل اتهام أهل الحق ، وتشكيكهم به ، حتى يتركوه قال تعالى : وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) [البقرة]
إن الإسلام يضع الكتاب الذي أنزله الله بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه . . يضع هذا الكتاب قاعدة للحياة البشرية ثم تمضي الحياة ... فإما اتفقت مع هذه القاعدة ، وظلت قائمة عليها ، فهذا هو الحق . وإما خرجت عنها وقامت على قواعد أخرى ، فهذا هو الباطل . . هذا هو الباطل ولو ارتضاه الناس جميعاً في فترة من فترات التاريخ . فالناس ليسوا هم الحكم في الحق والباطل وليس الذي يقرره الناس هو الحق ، وليس الذي يقرره الناس هو الدين . إن نظرة الإسلام تقوم ابتداء على أساس أن فعل الناس لشيء ، وقولهم لشيء ، وإقامة حياتهم على شيء . . لا تحيل هذا الشيء حقاً إذا كان مخالفاً للكتاب؛ ولا تجعله أصلاً من أصول الدين؛ ولا تجعله التفسير الواقعي لهذا الدين؛ ولا تبرره لأن أجيالاً متعاقبة قامت عليه . .
عزيزي كريستوف، قال ربي عز و جل في محكم تنزيله بلسان عربي مبين:
((وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ))
فتالله و الذي أنزل هذا الكتاب المبين؛ إنه يعلم من ( ضل عن سبيله ) و يعلم من اهتدى إلى كلام القوي المتين.
عزيزي كريستوف ؛ أطلب منك أن تستقل طائرة من بلادك "الأوروبية" و تلبي دعوتي إلى بلاد العرب ، و يا ليتك تحضر معك "إبرة" خياطة في حقيبة يدك.
لا تخف، فلا أريد هذه الإبرة حتى أخيط فمك و أسكتك، فهذه ليست من صفات المسلمين و ليست من شيم العرب الذين يمتلكون الحقيقة الساطعة على صحة معتقدهم، و كتابهم و رسولهم – فدته روحي– عليه الصلاة و السلام ...
أريد منك فور وصولك أن تسأل عن إحدى حدائق الحيوانات أو تذهب إلى أي مكان يتواجد فيه جملٌ.
لا أريد منك أن تركب الجمل، خوفا ً عليك و على سلامتك... فـربما يكون ركوب الجمال صعبا عليك !
لكني أريد منك أن تحاول إدخال إحدى الجمال في الإبرة "الألمانية" التي احضرتها !
فهل تقدر ؟؟
لا و الله إنك لن تقدر على إدخال الجمل في سم الإبرة التي أحضرتها !
قال ربي عز و جل:
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ
لن أعقّب على هذه الآية الكريمة، فأنت يا أستاذ اللغات السامية لعلك و كما يقولون ( تلقطها على الطاير ) !!
و الله إن هذا البحث قد أثبت لي -مع إيماني الراسخ- بالدليل القاطع أن القرآن الكريم هو كلام القوي المتين..... فأنت أيها "العالم الدكتور" أستاذ اللغات السامية، درست سنوات طوال في أفضل و أرقى جامعات العالم مستخدما ً عشرات المراجع و المعاجم في بحثك هذا... و لقد تعلمت اللغة العربية و الآرامية و العبرية – و إن لم تتقن هذه اللغات- و لقد قضيت عشرات السنوات في بحثك هذا حتى خرجت بهذا الكتاب.... و كل يومٌ تجلس خلف مكتبك الراقي في غرفتك الدافئة شتاءا الباردة صيفا ، و تأتيك (سكرتيرتك) بفنجان القهوة صباحا ً و أنت تعمل على "بحوثك" التي بائت بالفشل الذريع.....
و لقد اضطرك هذا البحث أن تخفي نفسك و تنشر كتابك باسم مستعار (كدعاية ترويجية لأكاذيبك) و لقد تُرجم كتابك إلى عدة لغات و انتشر على شبكة الإنترنت بسرعة كبيرة و أصبحت لك شهرة واسعة عند مدعي المحبة (النصارى) و العلم (الملاحدة).
فإني أسألك كيف عرف محمدٌ صلى الله عليه و سلم كل هذه اللغات ؟؟ فهل درس في أفضل جامعات برلين يا حضرة الدكتور ؟ هل نال رسول الإسلام درجة الدكتوراة في اللغات السامية في صحاري العرب ؟؟ تعّقل يا رجل!
فأنت يا عالمنا الكبير قد قضيت سنواتك هذه كلها و أنت تبحث حتى خرجت بهذا الكتاب و إنّي أفضّل أن أسميه "هلوسة لغوية"...
فماذا عن محمدٌ صلى الله عليه و سلم ؟؟
أريد أن أعقد معك صفقة عزيزي الدكتور كريستوف..
أريد منك أن تكتب كتابا ً مثل القرآن الكريم –مع ثقتي على عدم قدرتك على فعل ذلك-، لكن هناك بعض الشروط ... دعني أمليها عليك...
أريد منك أن تكون يتيماً... عربياً... أمياً... تسكن الصحاري...
أريد منك أن تكون أميناً صادقاً يشهد لك الجميع من اليهود و النصارى و الوثنيين و ليس لسنة أو لخمس سنين أو حتى عشر سنوات.. بل أريد أن تكون أميناً صادقاً يشهد لك الجميع لمدة أربعين سنة !
ثم أريد منك أن تبدأ الآن بحثك -بعد إعلانك أنك نبي الله- و بعدما حاربك أهلك من جهة و اليهود من جهة أخرى ..
أريد منك أن "تكتب" هذا الكتاب على مدة 23 سنة، و تبحث في اللغات التالية: اللغة الآرامية و النبطية و المصرية القديمة و الفارسية و الحبشية و اليونانية و العبرية و الأكادية و الكنعانية و غيرها من اللغات و عليك أن تدرس الكتاب المقدس بعهديه دراسة عميقة جدا ً ، و أن لا تكتفي بذلك، بل عليك أيضا أن تدرس التلمود و الأدب السرياني و الأدب العبري و اليوناني و الأناجيل المنحولة و المرفوضة من الكنيسة و أبوكريفا العهد القديم و الجديد ، و كل كتاب كُتب في اليهودية و النصرانية... و أريد منك أن تتقن تعريب الكلمات و الأسماء كذلك.. أو بالأحرى، أريد منك أن تلخص مكتبة كاملة من 3000 كتاب في كتاب واحد فقط بدون أن تناقض نفسك ..لا و بل أريدك أن تتكلم بأسلوبين، أحدها أكثر بلاغة من الآخر....و تذكر عليك أن لا تناقض نفسك!
ثم بعد ذلك، و أنت في وسط الحروب و المشاكل كلها و معاداة الجميع لك، عليك أن تنطق بكلام تتحدى به البشرية كلها، و تتحدى العرب أهل اللغة و الفصاحة ، تضع به كل بحوثك -التي قمت بها في خضم الحروب - ثم تقول أن هذا كلامٌ عربي مبين و تسأل صحابتك بأن يدّونوا ما نطق به لسانك على مدة 23 سنة... و كلما جاء حدثٌ معين نطقت بكلام تتحدى به الجميع..
حضرة الدكتور كريستوف، عندما تنجح في ولوج الجمل في سم الإبرة و عندما تحضر لي كتاب من مثل القرآن –و لن تستطيع- تستطيع الطعن أو حتى التشكيك في صحة الإسلام..!!
إن القرآن الكريم هو كالجبل الأشم الذي لا تستطيع لا أنت و لا غيرك زحزحته و لا الطعن فيه..
عزيزي كريستوف، لا يستحق كتابك أن أسطر له السطور و الصفحات، بل هو كتاب ساذج ينفع لتضحك به على عقول ضعفاء الإيمان.. لكن واجبي أن أهدم بحثك من أساسه بعدما وجدت تداول المواقع التبشيرية و الإلحادية و العلمانية لكتابك و كأنه حقيقة شبه مسلم بها!
لكن قبل ذلك، أحببت أن أعرض عليك كلام ربي، لعلك تهتدي إلى الإله الواحد القهار.
قال الحق سبحانه و تعالى :
((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)) آل عمران..
فلا شك بأنك تعلم مدى كذبك و تضليلك في بحثك هذا، و الجهد الجهيد الذي بذلته حتى تفتري على كلام ربي و الأكاذيب التي اختلقتها في محاولة فاشلة منك للطعن في القرآن الكلام.. و لا عجب منك أن تتبع إمامك إبليس عليه لعائن الله أجمعين.
اسمح لي أن أزف لك هذه البشرى يوم القيامة بالنبأ المخزي:
((وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))
و لا أجد أبلغ من هذه الآية الكريمة:
((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ))
عندما بحثت وراءك الكتب و المقالات وجدتك قد شرّقت و غرّبت في الكلام متحدياً المسلمين أجمعين بأنك قد اكتشفت سر القرآن و أن كتابك قد يضع المسلمين في مأزق يصعب عليهم الخروج منه..لا بل إن النصارى انخدعوا بهذه السذاجة و أقاموا تحديا مع المسلمين، و يا للأسف فإنهم لا يعلمون أنهم يتحدون أمة محمد التي سطعت الأدلة على صحة معتقدها في شرق الأرض و غربها و هم أمة (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ...
يقول عز و جل : (( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )) ، فحسبنا الله و نعم الوكيل بعدما اشتدت محاربة الغرب و المستشرقين للإسلام و القرآن الكريم، محاولين الطعن بالقرآن و بالرسول محمد صلى الله عليه و سلم بكل ما استطاعت أقلامهم أن تخط من أكاذيب.
قال عز من قال : ((قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَاد))
فلعلك تشغل نفسك في تدبر هذه الآية الكريمة.....
و أختم رسالتي بهذه الآية الكريمة قبل أن أبدأ الرد على أكاذيبك:
(إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
و يتبع بإذن الله على عدة أجزاء...
و الحمدلله رب العالمين..
تعليق