الشيشان جرح ينزف .. متجدد إن شاء الله

تقليص

عن الكاتب

تقليص

حاملة اللواء مسلمة اكتشف المزيد حول حاملة اللواء
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حاملة اللواء
    مشرفة شرف المنتدى
    عضو مجموعة الأخوات

    • 24 ديس, 2010
    • 1969
    • طاعة الله
    • مسلمة

    الشيشان جرح ينزف .. متجدد إن شاء الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




    الشيشان جرح ينزف .. 1 - الموقع الجغرافي







    جمهورية الشيشان من البلدان الإسلامية التي ضمتها الجمهورية الروسية قسرًا إليها عام 1920م، ورغم شهرتها إلا أن الشيشان ذات مساحة محدودة تبلغ (17.000 كم2)، تقع في منطقة جبال (القوقاز) - التي تمتد بطول 60 ميلاً ما بين البحر الأسود غربًا وبحر قزوين شرقًا - وهي في الجنوب إلى موسكو (بحوالي 1000 ميل)، ويحدها كل من داغستان وجورجيا وجنوب أوسيتا من الجنوب، وداغستان وروسيا شمالا، وأوسيتا الشمالية وأنجوشيا غربًا، ويسكن الشيشانيون شمال القوقاز منذ أمدٍ بعيد، وكانوا يعرفون باسم (يناخ) ، وسماهم الرومان شعوب الكيست Kist.

    وترجع تسمية الشيشان بهذا الاسم إلى القرية الشيشانية (تشتشن) الواقعة على (نهر الأرجون) جنوب شرق العاصمة (جروزني)، وكان الروس أول من استعمله عام 1708م.



    عرف شعب الشيشان الإسلام قبل ألف عام عن طريق التجار العرب، ويغلب على معظمهم النزعة الصوفية؛ فهم شعبٌ مسلم سنّي في معظمه يتبع المذهب الشافعي، كما تتمتع الحركات الصوفية بنفوذ كبير في بلاد القوقاز بصفة عامة.


    يقدر سكان الشيشان عام 2002م بحوالي 1.103.700 (مليون ومائة وثلاثة آلاف وسبعمائة)، ويدخل في سكان الشيشان عروق أخرى مثل الروس، و الأنجوش، و الداغستان، و الأرمن، وغيرهم من التتر والترك واليهود. وتمثل القومية الشيشانية كبرى القوميات (85% من السكان).


    عاصمة الشيشان :


    عاصمة الشيشان هي (جروزني)، وأنشئت عام 1817م, وهي كلمة شيشانية تعني المرعب، وتستأثر بحوالي ثلث سكان الشيشان، وهي مدينة محصنة تقع على رابية حول نهر السونج، يحيط بها مجموعة محصنة من القلاع أشهرها قلعة بريجرادني، وتعد جروزني مركزًا تجاريًا صناعيًا سياسيًا مهمًا، ويذكر أن الرئيس الشيشاني أصلان مسخادوف قد غير اسمها إلى "جوهر" تيمنًا بالقائد (جوهر دوداييف) الذي أعلن استقلال الشيشان عن روسيا.


    ومن المدن الهامة الأخرى في الشيشان :مدينة (جودرميس)، وتعد ثاني مدينة في الشيشان من حيث الأهمية السياسية و الاقتصادية، وكذلك مدينة (أوروس مارتان)، و(أرجون)، و(شالي).

    وقد اشتهر سكان منطقة القوقاز منذ القدم بلغاتهم الأصلية، وتتميز اللغة الشيشانية من بينها بعدة لهجات، وظلت اللغة الشيشانية تكتب بالحروف العربية حتى أواسط العشرينيات من القرن العشرين، ثم استبدلت بالحروف الكيريلية الروسية.


    يتميز الشيشانيون بطولهم ونحافتهم و قوة بنيانهم، كما يتمتعون بالشجاعة وكرم الضيافة.

    المصدر : موقع قصة الإسلام
    روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
    وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



  • حاملة اللواء
    مشرفة شرف المنتدى
    عضو مجموعة الأخوات

    • 24 ديس, 2010
    • 1969
    • طاعة الله
    • مسلمة

    #2
    الشيشان جرح ينزف .. 2 - الموارد الاقتصادية والاستراتيجية للشيشان

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الموارد الاقتصادية والاستراتيجية للشيشان

    برغم المساحة الصغيرة لجمهورية الشيشان فإن مواردها الاقتصادية والاستراتيجية تجعلها محور اهتمام كبير من روسيا.




    الموارد الاقتصادية للشيشان :



    يعتمد الاقتصاد الشيشاني على البترول، الذي تتركز عمليات استخراجه وتكريره ومصانعه في المنطقة الواقعة بين جروزني العاصمة ومدينة جودرميس، ويقع أكبر مصنع لتكريره في العاصمة جروزني، ولا شك أن تدفق النفط في منطقة بحر قزوين يجعل روسيا مستعدة لدفع أي ثمن في سبيل إبقاء كافة الأراضي في الجنوب تحت سيطرتها، خاصة في ظل التوغل الأمريكي الأوربي في القوقاز وآسيا الوسطى.


    الموارد الاستراتيجية للشيشان :



    الشيشان جزء من إقليم القوقاز؛ ذلك الإقليم الجبلي الذي يقع بين البحر الأسود في الغرب وبحر قزوين في الشرق والذي تتقاسمه أربع دول هي: (روسيا، وجورجيا، وأذربيجان، وأرمينيا).
    ويتفق الباحثون على تقسيم القوقاز سياسيًّا إلى قسمين هما : القوقاز الشمالي ويشمل ست جمهوريات خاضعة للسيادة الروسية وهي: (الشيشان، وداغستان، وأوسيتيا الشمالية، وقبردين - بلغاريا، وقارتشي- شيركيسيا، والأديغة).

    والقوقاز الجنوبي ويشمل ثلاث جمهوريات هي : (أذربيجان، وأرمينيا، وجورجيا). وكانت خاضعة هي الأخرى حتى عهد قريب للإمبراطورية السوفييتية التي حكمت القوقاز الموحد شماله وجنوبه.

    ورغم الأهمية المطلقة لإقليم القوقاز فإن وزنه النسبي قد اختلف بتغير خريطة روسيا الجغرافية - السياسية؛ على النحو التالي :

    أولاً : قبيل تفكك الاتحاد السوفيتي كانت المناطق الإسلامية في القوقاز تقع داخل البيت الروسي ذاته وبعيدة نسبياً عن الحدود الروسية التركية والروسية الإيرانية بوجود كل من أرمينيا وأذربيجان وجورجيا كمناطق تخوم داخل البيت السوفيتي، أما الآن فإن الشيشان وداغستان وغيرهما من جمهوريات القوقاز الشمالي في جنوب روسيا باتت تمثل الحدود الدولية لروسيا مع الجيران، ومع أن الشيشان جمهورية صغيرة لا تصل مساحتها إلى 0.5 % من إجمالي مساحة روسيا، ولا يزيد سكانها عن 0.7 % من إجمالي سكان روسيا، إلا أن فكرة عودتها صاغرة إلى البيت الروسي غير واردة، كما أن مفهوم الأمن القومي الروسي يضع كل شبر في الجنوب القوقازي في بؤرة اهتماماته؛ لأنه يمثل أحد أهم مناطق الصراع الدولي بعد الشرق الأوسط وإيران والعراق.

    ثانياً : كما أن التاريخ الحربي الروسي مولع بالوصول إلى المياه المفتوحة، خاصة البحر الأسود، وإذا كانت روسيا تطل على 12 بحراً يتعرض معظمها للتجمد في فصل الشتاء، فإن الأهمية الجيواستراتيجية لموقع القوقاز الشمالي، الذي تترامى فيه جمهورية الشيشان وأخواتها فيما بين البحر الأسود وبحر قزوين -والذي يسبح فوق بحر من البترول- لا يدع مجالاً للاعتقاد بإمكانية تخلي روسيا عن الشيشان طواعيةً أبدًا.

    ومع الحرمان الروسي من النوافذ الساحلية التي فقدتها مع استقلال أوكرانيا وجورجيا وأذربيجان وأرمينيا، صارت الشيشان ذات أهمية خاصة لروسيا، وروسيا غير مستعدة للتضحية بأي قدم بحري حتى ولو كان على بحر مغلق كبحر قزوين أو بحر شبه مغلق كالبحر الأسود.
    ثالثًا : إن تدفق النفط في منطقة بحر قزوين يجعل روسيا مستعدة في سبيل إبقاء كافة الأراضي في الجنوب تحت سيطرتها لدفع أي ثمن.

    رابعاً : أفضت أحداث الحادي عشر من سبتمبر -التي اتخذتها الولايات المتحدة ذريعة لحربها في أفغانستان- إلى وصول القواعد العسكرية الأمريكية إلى أطراف البيت الروسي، وصارت الشيشان وباقي جمهوريات القوقاز على مرمى حجر من هذه القوات التي تتوغل رويداً رويداً في جمهوريات آسيا الوسطى. وإن كانت روسيا -لأسباب متعددة- لا تعارض التوغل الأمريكي؛ إلى الحد الذي أعلن فيه في مطلع شهر يوليو 2002م عن قيام عمليات عسكرية روسية أمريكية جورجية مشتركة على حدود الشيشان في منطقة وادي بنكيسي للبحث عن مقاتلي القاعدة.

    خامساً : تتمحور الخطط الاستراتيجية الروسية -على المستوى الإقليمي- على تدعيم تماسك الدولة الروسية وتأكيد الاتحاد الروسي.

    المصدر موقع قصة الإسلام
    روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
    وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



    تعليق

    • حاملة اللواء
      مشرفة شرف المنتدى
      عضو مجموعة الأخوات

      • 24 ديس, 2010
      • 1969
      • طاعة الله
      • مسلمة

      #3
      الشيشان جرح ينزف .. 3 - تاريخ الصراع الشيشاني الروسي

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



      تاريخ الصراع الشيشاني الروسي





      الصراع الشيشاني الروسي له تاريخ طويل وبدأ منذ فترات طويلة.


      1- روسيا القيصرية والشيخ منصور الشيشاني :

      لم تخمد حركة المقاومة الوطنية الإسلامية في المنطقة منذ محاولات روسيا القيصرية وحتى اليوم، ويعود الفضل في ذلك إلى رموز وطنية وإسلامية أدركت أهمية الدين في توحيد الفصائل والعشائر، وكان الشيخ منصور أوشورم علامة بارزة في هذا الشأن؛ وهو صوفي جمع حوله عشرات الآلاف من المريدين، وأعلن الجهاد ضد الروس في عام 1785م, واستثار الحمية الإسلامية في نفوس القوقازيين. وكان ذلك بداية حرب جديدة، لم يألفها الروس من قبل، وهي حرب الجهاد المقدس. وسرعان ما تجاوب مع الشيخ منصور شعوب داغستان، والقبارطاي، والنوغاي، بالإضافة إلى الشيشان. وتجمع لديه جيش ضخم، استطاع أن يلحق بالروس هزائم متكررة في شمالي القوقاز.

      خاض الشيخ منصور الشيشاني معارك عدة مع الروس، بعد أن تجمع لديه جيش ضخم، من المجاهدين، في شمالي القوقاز، ورغم أن "كاترين" الإمبراطورة الروسية (1729 ـ 1796)، لم تكترث في بادئ الأمر بالشيخ منصور، وحركته في بلاد الشيشان، فإن هزيمة الكولونيل بيري، الذي أرسله بوتمكين، للقضاء على الشيخ منصور، جذبت اهتمام كاترينا لهذا الخطر، الذي ظهر، فجأة، في شمال القوقاز. وتمكن الشيشان وحلفاؤهم الداغستان، من قتل الكولونيل بيري، ومعه سبعة ضباط آخرين، إضافة إلى ستمائة جندي، وغنموا الأسلحة التي كانت بحوزتهم، ومن ضمنها اثنا عشر مدفعاً. وبعد توالي انتصارات الشيخ منصور في بلاد الشيشان، والداغستان، ازداد تعلق الشراكس بالشيخ، وتدافعوا للانضمام إلى حركته وجهاده.

      عندما بدأت بوادر الحرب تلوح بين روسيا وتركيا عام 1787م، استنجد الأتراك بالشيخ منصور فلبى النداء، وظهر فجأة بين الشراكسة في الغرب، الذين التفوا حوله، وقاموا بمهاجمة القوات الروسية من الخلف، وفي الذكرى السنوية لمعركة "تتار توب"، هاجم الشيخ، ومعه الشراكسة، ثلاثة أفواج من فوزاق الدون وأبادوهم. وفي سبتمبر عام 1787م، هاجم الروس قلعة "أنابا" على ساحل البحر الأسود، فقام الشيخ منصور بالهجوم على الروس من الخلف، في منطقة "أوبون"، وقتل ثلاثة آلاف جندي روسي في هذه المعركة. وإثر هذه الهزيمة، عُزل الجنرال توكالي، وحل محله بيبكوف، وأيقن الروس أن احتلال "أنابا" لن يتم إلا بهزيمة الشيخ منصور أولاً. وكان الأتراك قد أرسلوا حسين باشا "بطال باشا"، للدفاع عن أنابا، على رأس جيش قوامه ثلاثون ألف رجل، مزودين بالمدافع والذخيرة والمؤن. وفور وصوله لأنابا قام بطال باشا بمعاملة الشيخ منصور، ومتطوعيه من الشيشان والشراكسة، بجفاء وعجرفة، عندما قدموا للترحيب به. ونتيجة لهذه المعاملة، غير اللائقة، غادر الشيخ منصور ومتطوعوه أنابا، بعد أن أرسلوا شكوى إلى السلطان العثماني ضد تصرفات بطال باشا.
      فخاف بطال باشا من السلطان العثماني, وأخذ 800 كيس من الذهب، وهرب منه، وانضم لأعداء الدين. ونتيجة لإلحاح السلطان العثماني والشراكسة، عاد الشيخ منصور لأنابا للدفاع عنها، وفشل الجنرال بيبكوف في احتلال أنابا، وتم استبداله بالجنرال بيلمان. وبتنسيق مع الأتراك، خرج الشيخ منصور من حصن أنابا، ومعه مقاتلوه، لمهاجمة قوات الجنرال جيرمانيين، أحد مساعدي بيلمان، وجرت معركة "كوبيروسكوي" والتي اضطر الشيخ للانسحاب منها، لأن القوات التركية لم ترسل التعزيزات التي كان قد اتُّفِقَ على إرسالها أثناء المعركة، ولكن الشيخ منصور عاد ثانية إلى أرض المعركة، واضطر الجنرال جيرمانيين للانسحاب. وبعد مسلسل الفشل الروسي في احتلال أنابا، قامت الإدارة الروسية بتعيين الجنرال غوردوفيتش، لقتال الأتراك والشيخ منصور، وأرسلت له تعزيزات كثيرة، من السلاح والجنود. وبعد وصولها، قام غوردو فيتش بالهجوم على أنابا، في 21/6/1791، وتمكنت القوات الروسية من دخولها في اليوم التالي، بعد أن فاوض الأتراك الروس، وبعد دفاع أسبوعين، قبلوا الاستسلام، بالرغم من احتجاج الشيخ منصور ومتطوعيه، وحثهم القائد التركي على المقاومة لآخر رجل. وخلال المعارك في المدينة سقط الشيخ منصور جريحاً، فأسره الروس، ونقلوه إلى الإمبراطورة كاترينا، التي رغبت في رؤية هذا الشيشاني، الذي كان مصدر إزعاج دائم لها منذ عام 1785م. ثم أودع السجن في شليسبرغ، وهناك قُتل، بعد أن قتل الجندي المسئول عن حراسته[1].

      وبذلك سقط الشيخ منصور الشيشاني شهيداً (إن شاء الله)، في 13 أبريل 1794م، بعد تسع سنوات من الجهاد المتواصل. وبسقوط أنابا، واستشهاد الشيخ منصور انتهت المقاومة الإسلامية في شمالي القوقاز، لكن لتعود ثانية، وبشكل أقوى وأعنف وأشمل، في الربع الأول من القرن التاسع عشر.

      وبعد موت منصور باشا وانتهاء الأمر بمريديه إلى اللجوء للجبال، ظهر "الإمام شامل" الذي ينتمي إلى النقشبندية، وهو الذي أسس دولة إسلامية في الشيشان وداغستان، لكنها لم تمتد طويلا بعد أن قُبض عليه وأُعدم في 1859م، وفَرّ أتباعه إلى الجبال وإلى مكة والمدينة وتركيا، وانتهى عصر النقشبندية ليأتي دور القادرية، والتي دخلت القوقاز في عام 1861م على يد "حاجي كونتا كشييف".
      وفي عام 1864م قام الروس بقتل 4000 شيشاني في منطقة "سالي" وانتفض الشيشانيون في الفترة ما بين (1865- 1890م)، وامتدت الانتفاضة مع الثورة البلشفية (1917م) كذلك، وقادها الحاج "أذن" ولمدة ثماني سنوات حتى أعلن (إمارة شمال القوقاز)، وكان الحاج أذن لا يرى فرقًا بين القياصرة والملاحدة، وتوعّد من ينسى اللغة العربية أو يتعمّد الكتابة من اليسار إلى اليمين قائلاً : "أيما مهندس أو تلميذ أو أي أحد على العموم يكتب من اليسار إلى اليمين فسوف يتم شنقه".

      وفي عام 1925م تم سحق الانتفاضة وأعلنت الحرب على الشيشانيين والمتصوفة، واعتقلت السلطات السوفيتية أنصار الشيخ والمريدين واستمرت المحنة حتى بداية الحرب العالمية الثانية، ولجأ الأتباع مرة أخرى إلى الجبال ليعيدوا تنظيم أنفسهم من جديد.

      2- ستالين وخرتشوف وسياسة الإبعاد للشيشانيين :




      لم يكن الروس ليرضوا بهذا النوع من المقاومة المستمرة، والتي لم تشهد لحظات فتور أو قبول بالأمر الواقع، وما إن سنحت الفرصة مرة أخرى في عصر ستالين وفي الحرب العالمية الثانية حتى اتهمهم بأنهم خونة وعملاء لألمانيا وحلفاء لها، والواقع يقول بأن فصيلاً من الشيشانيين راهنوا على انتصار الألمان الذين احتلوا شمال القوقاز بين عامي (1942- 1943م) ووعدهم بالحرية إذا ما أيدوهم، لكن بقية الشعب وبالرغم من تاريخ الكراهية الممتد مع الروس إلا أنهم كانوا على قناعة أن الألمان لو انتصروا فلن يمنحوهم حقهم في الاستقلال؛ لأن الألمان يرون شعوب العالم دونهم عرقيًا !! وفي عام 1944م بدأ طريق الإبعاد عن الشيشان بل والقوقاز، فقد قامت قوات ستالين في (23 فبراير 1944م) بإبعاد قرابة مليون مسلم من ست جنسيات قوقازية من بينهم الشيشان والداغستان والبلكار ومشدين والأتراك والأكراد إلى وسط آسيا.
      هذا وقد تم تهجير وتشريد الشعب الشيشاني مرتين : المرة الأولى عام 1850م إلى تركيا ومنها انتشروا في المناطق المجاورة من بلاد الشام؛ وكان ذلك بسبب مطالبتهم بالإفراج عمن سجنوا من أئمتهم . وبدأ التهجير الثانى في فبراير 1944م بزعامة ستالين، إلى سيبريا التي تصل درجة الحرارة فيها إلى 50 تحت الصفر، بعد أن حُشروا في عربات قطارات البضائع دون طعام ولا ماء، وتحت تهديد السلاح، فمات 50% منهم. وعندما أذن لباقي الأحياء بالعودة عام 1956م في عهد خرتشوف، لم يرجع سوى 30% فقط ليجدوا الروس قد احتلوا كل شيء، وأغلقوا 800 مسجد، وأكثر من 400 مدرسة لتعليم الدين واللغة العربية، ولكن شيئًا من ذلك لم يثن عزيمتهم، يقول الشاعر الروسي سولجينتيسن : "إن ما حدث كان له أكبر الأثر في تقوية الوازع الديني للمهاجرين في المنفى، وإن غياب المساجد أو هدمها أو إغلاق المدارس لم يكن عائقًا أمام استكمال التعليم الديني الذي عاد على شكل حلقات ودروس خاصة".

      أما أهل الجبال وأصحاب العزائم الشديدة فقد جُمعوا في إسطبلات الخيول وسكب عليهم البترول وأحرقوا أحياء، كما أحرق الروس أهل (قرية خيباخى) جميعًا، شيوخًا ونساءً وأطفالاً، وكانوا ألف نفس بشرية.

      حرب الشيشان الأولى :



      على مدار الفترة (1957- 1990م) موعد إعلان الاستقلال، لم يكن هناك ما يعكر الهدوء، كما أن روسيا رفضت أن تعترف بجريمتها في الشيشان، بل رفضت فتح الملف نهائيًا، ورغم ذلك بقيت ذكريات تلك الأيام ماثلة في أذهان الشيشانيين.

      وفي التاسع من يونيو عام 1991م عقد المجلس الوطني الشيشاني جلسة أقر فيها قرار الاستقلال ودعا إلى الانفصال، لكن الصراع بين جورباتشوف ويلتسين كان طاغيًا على الساحة، ولم يلتفت الروس إلى الشيشان آنذاك، وربما كان ذلك ترتيبًا ذكيًا من يلتسين الذي بدا كديمقراطي يرفض كل مساوئ الشيوعية، والذي حاز على 80 من أصوات الناخبين الشيشان في الانتخابات التي جرت في 12 يونيه 1991م.

      لم يكن الروس في وضعية تؤهلهم لخوض الحرب في الشيشان؛ فالأمور الداخلية تتسارع بشكل كبير، وتفكك الاتحاد السوفيتي جعل من البحث عن ميراثه أولوية روسية، ولظنهم أن (جوهر دوداييف) يمكن أن يكون حليفًا يوما ما، فهو رافض للشيوعية مثله في ذلك مثل يلتسين، ولكن دوداييف استثمر الفترة (1991- 1994م) في ترسيخ الانفصال وتأكيد هوية الدولة الجديدة؛ فقام بحل أجهزة الأمن والمخابرات التابعة لروسيا، كما قامت قواته بالسيطرة على مخازن الأسلحة والذخيرة، وطرد القوات الروسية التي تركت خلفها 80 % من أسلحتها الثقيلة، وفي مارس 1992م تم إقرار الدستور.
      وفي 29 نوفمبر 1994م بدأت الحرب الشيشانية الأولى : وذلك عقب عملية عسكرية فاشلة في (26 نوفمبر 1994م) إثر كمين نصبه الشيشانيون لرتل من الدبابات الروسية وتم أسر 60 جنديًا روسيًا، أعلن بعدها مجلس الأمن القومي الروسي قراره بإرسال قوات إلى الشيشان وأطلق يلتسين يومها إنذاره الشهير والذي طالب فيه الشيشانيين بالاستسلام في ظرف يومين امتد إلى سنتين!!!

      ورغم محاولات الروس إيجاد حكومة بديلة لحكومة المقاتلين الشيشان إلا أنهم اضطروا في النهاية إلى التفاوض مع ممثلين عنهم كان من بينهم "أصلان مسخدوف" والذي وقع اتفاقية الأطر الحاكمة للعلاقات الروسية الشيشانية (نوفمبر 1996م) مع فيكتور تشرنوميندين رئيس وزراء روسيا.
      ثم انتهى الأمر بتوقيع اتفاقية معاهدة السلام مع روسيا في 12 مايو 1997م، وهي اتفاقية تمنح الاستقلال الفعلي للشيشان، وإن لم تمنحه لها بشكل قانوني إلا أن نصوص الاتفاقية تمثل فرصة قانونية أمام الشيشان لإثبات استقلاليتهم عن الروس.


      آثار الحرب الشيشانية الروسية :

      واجهت الدولة الشيشانية بعد اتفاقية 1996م سوء حظ كمن في هذه الوثيقة نفسها التي تضمنت : تأجيل اتخاذ قرار في وضع الشيشان حتى 2001م، كما واظب الروس على أن تبقى الحكومة الشيشانية أسيرة الحرمان التشريعي، غير قادرة على الحصول على اعتراف دولي، ولا تستطيع السعي للحصول على تعويض من المحتل السابق. ولم يرحب أحد باستقبال بعثات دبلوماسية شيشانية لها وضع دبلوماسي كامل غير أفغانستان وجمهورية شمال قبرص التركية. وحتى اليوم لم تعترف بها أي دولة عربية ولا إسلامية.

      ونتيجة لما ألحقه الروس بالشيشان من دمار هائل؛ انحسرت الحياة الاقتصادية في الشيشان، وانهارت البنية التحتية والصناعية بفعل الحرب، كما تم اختلاس الأموال التي خصّصتها موسكو لإعادة الإعمار -بشكل روتيني- قبل أن تصل إلى أماكنها؛ فمثلاً في 1997م أبدى يلتسين دهشته من أن (130 مليون دولار) أرسلت إلى بنك الشيشان الوطني بينما الذي وصل فعلاً كان حوالي (20 مليون دولار) فقط. ولم يبق من بين 44 منشأة صناعية كبيرة كانت تعمل في 1994م، غير 17 منشأة فقط في 1999م؛ وهو العام الذي حقق فيه الإنتاج الشيشاني معدل (4- 8%) من مستويات الإنتاج قبل الحرب.
      وفي 1998م، وصلت البطالة إلى (80%)، وكانت مصادر الدخل الشرعية لا تكفي ثلث حد الفقر. في هذه الظروف، أصبحت المقايضة وقطع الأخشاب واستخراج المعادن وسائل هامة من وسائل البقاء. وانتعشت الجريمة، وشاع الاختطاف، وعصابات البترول صغيرة الحجم, وتمت سرقة البترول من أنابيب النقل، كما نشطت تجارة السلاح في جروزني، وانهار الضمان الاجتماعي، وكاد التعليم أن ينهار، وبلغ معدل وفيات الأطفال إلى 10%.


      3- حرب بوتين في الشيشان :





      بعد شهر من تولي بوتين رئاسة الوزارة الروسية، بدأ الحرب على الشيشان، والتي كانت أهم وسائله في الصعود إلى الرئاسة في مارس 2002م. واتصفت حرب بوتين في الشيشان منذ بدايتها بالاستخدام المفرط؛ حيث زاد عدد القوات من (24 ألف جندي) إلى (100 ألف جندي)، واستمر القصف الجوي عدة أسابيع حتى سوى كل شيء في شمال جروزني بالأرض، ثم استولى عليها.

      خطا بوتين خطواته الرزينة نحو النصر في الانتخابات وعين أحمد قاديروف حاكمًا، وظلت قوات المقاومة الشيشانية تقوم بعمليات حرب العصابات واصطياد القوافل العسكرية ودوريات الحراسة ليلاً، متخذة من الغابات حصنًا وملاذًا آمنًا.
      انخفض عدد سكان جروزني إلى حوالي 200 ألف مواطن -نصف عدد السكان في 1989م-، وطبقًا لأرقام هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فقد بقي 160 ألف شيشاني في مناطقهم رغم الحرب حتى عام 2002م، بينما يعيش 160 ألفًا آخرين في معسكرات اللاجئين في أنجوشيا، ويقدر تقرير أطباء بلا حدود عدد الباقين في معسكرات اللاجئين في أنجوشيا بحوالي 50 ألف لاجئ؛ ويعود ذلك إلى سياسة الكرملين بإغلاق معسكرات اللاجئين ومنع بناء المزيد هناك، وإجبار اللاجئين على العودة ليعيشوا على حافة المجاعة، ويتحركون من ملجأ إلى آخر؛ يتحاشون الإرهاب الروتيني للقوات الخاصة ونقاط التفتيش ورجالها الملثمين، حيث يجب على المرأة أن تدفع حوالي (10 دولارات) لتفادي اغتصاب بناتها، كما يؤخذ الرجال من سن 15 حتى 65 إلى معسكرات الاعتقال أو يختفون.
      وتؤكد منظمة ميموريال لحقوق الإنسان في روسيا، والتي تغطي فقط ثلث أراضي الشيشان، في تقريرها عن الفترة (يناير 2002 - أغسطس 2004م)، أن أعداد المختطفين بواسطة القوات الفيدرالية بلغت 1254 شيشانيًا، منهم 757 ما زالوا مفقودين.
      انخرطت القوات الروسية في السرقة والابتزاز ومبيعات الأسلحة، وإعادة جثث القتلى الشيشانيين في مقابل رسوم، وقد لعبت وسائل الإعلام الروسية دورًا رئيسيًّا في نقل القليل عن أهوال الحرب؛ ومن ثم استبدلت السلطات الروسية هيئة التحرير في كل من قناتي (قناة NTV، وقناة TV6) لاعتبارهما من أكثر مصادر الأنباء انتقادًا للسلطة.
      ووصل الخطاب الرسمي الروسي إلى فهم مغلوط، مؤداه أن الإرهاب والشيشان باتا أمرًا واحدًا؛ الأمر الذي انعكس على المجتمع الروسي، فصار يبغبض الشيشان والعرق القوقازي كله، ولكن بدأت مؤخرًا بعض التحركات على هذه الجبهة؛ حيث قامت منظمات حقوق الإنسان بمظاهرة في ميدان بوشكين بموسكو في (23 أكتوبر 2004م) ضمت نحو 2000 متظاهر، كما عقدت لجان أمهات الجنود مؤتمرها التأسيسي من أجل حزب سياسي جديد في (6، 7 نوفمبر 2004م)، وإن كانت تلك المعارضة تركز بالأساس على وحشية الحرب أكثر من تركيزها على جذورها السياسية.
      ـــــــــــــــــــــ

      [1] ثورات الشيشان في القرن التاسع عشر - موقع منارة الشيشان.

      منقول بتصرف يسير من موقع قصة الإسلام


      روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
      وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



      تعليق

      • حاملة اللواء
        مشرفة شرف المنتدى
        عضو مجموعة الأخوات

        • 24 ديس, 2010
        • 1969
        • طاعة الله
        • مسلمة

        #4
        الشيشان جرح ينزف .. 4- الشخصية الشيشانية

        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


        الشخصية الشيشانية


        يقول الكاتب الروسي الشهير (سولجنستين) عن موقف الشيشان مما فعله ستالين بالشيشان في معسكرات الإبعاد الجماعي والسجون في وسط آسيا: "إن شيشانيًا واحدًا لم نره يخضع للحكم الروسي. بل كانوا يُظهرون عداءهم للروس بشجاعة".


        وشعار النشيد الوطني الشيشاني "الموت أو الحرية"، ومن كلماته :
        لن نستكين أو نخضع لأحد إلا الله
        فإنه إحدى الحسنيين نفوز بها
        الشهادة أو النصر
        لا إله إلا الله
        ومن كلمات النشيد الوطني أيضًا :

        إذا حاولوا تجويعنا سنأكل جذور الأشجار
        وإذا منع عنا الماء سنشرب ندى النبات
        فنحن في ليلة مولد الذئب خرجنا إلى الدنيا
        ونحن دائماً سنبقى مطيعين
        لله ثم الوطن وهذه الأمة
        لا إله إلا الله

        فكلمات الوطن والتراب، والموت والحرية والنذر وتلبية النداء كلها تنم عن النبل والشجاعة والتمسك بالأرض وعشق الحرية؛ فالحرية لدى الشيشان مقدسة، ومستخدمة في الحديث اليومي؛ فيقول بعضهم لضيفه مرحبًا به : "إذا دخلت هذا البيت تمتع بالحرية والسلام والعطف". وكلما مر أحدهم بالآخر يقول : "صحبتك الحرية"، وفى حالة تمنى الصحة يقول : "ليمنحك الله الحرية" … والأرض والتراب مقدس تقديس الدين؛ حتى أنهم ليرمون بالكفر من يخون بلاده ولا يحافظ على ترابها.

        ولأنهم شجعان فقد اختاروا الذئب رمزًا لهم ؛ فيقولون: "لقد ولدنا في الليل والذئب يعوي"، وهم يرون أن الذئب وإن لم يكن الأقوى إلا أنه الأنبل فهو لا يُقاتل إلا الأقوياء، ولا يفترس الضعفاء، وإذا أرادوا وصف أحدهم بالشجاعة يطلقون عليه اسم الذئب ويقولون للفتى إذا أظهر شجاعة لقد تربّى في أحضان الذئاب.


        فالشجاعة أحد مقومات الشخصية الشيشانية التي قد تُهزم ولكنها لا تستسلم أبدا.. والشيشان عُرفوا بأنهم مقاتلون أشداء أقوياء؛ ومع ذلك فشجاعتهم مقرونة بنبل أخلاقهم حتى في الحروب! ولقد شهد الأسرى الروس بذلك في حرب (1994- 1996م)، ويكفى أن الشيشان استدعوا ذوى الأسرى من الروس ومن العملاء لكي يسلموهم أبناءهم.

        وكما عُرف عن الشيشان صلابة البأس في القتال، والقتال حتى الرمق الأخير وهذا شعارهم في الحرب؛ فالشيشاني يفضل الموت على الحياة، ففي حرب 1994م حاصر الروس إحدى القرى وأشعلوا النيران ببيوتها، وضيقوا الخناق على مجموعة من المقاتلين … وبينما المكان يشتعل نارًا ويستحيل إلى دخان أسود كثيف خرج مقاتل شيشاني متفحم يرفع منديلاً أبيض؛ فلما اقترب من الجندي الروسي قال له وهو يلفظ الرمق الأخير: "إن كان لي رجاء قبل الموت فهو أن تبلغ أهلي أننا متنا شجعانًا ولم نستسلم.. ثم مات".

        يصفهم المؤرخ الروسى (أوسمانوف) قائلاً : "الضيف عندهم مقدس.. من لم ينزل بجبالهم ضيفًا، لم يعرف كرمهم وإن سمع عنه.. يحترمون الصداقة.. ويحترمون المرأة.., العطف.. والشرف.. والحب بإخلاص من أهم مميزاتهم، عادة ما يكتمون أحزانهم وأفراحهم ولا يعبرون عن أسفهم بسهولة..".


        أعلام المقاومة الشيشانية :

        القائد شامل باسييف


        حيثما تطأ قدمك داغستان تطالعك في كل بيت وفي كل سوق صورة رجل يملأ عينيك مهابة، إنه "محمد شامل"؛ الذي قاد أشهر حركة للجهاد الإسلامي في محاولة -شبه مستحيلة- لوقف الزحف الروسي على أراضي مسلمي القوقاز.

        لم يولد محمد شامل لأسرة معدمة سقته فقرًا وحرمانًا؛ حتى يفسر البعض جهاده نحو الحرية بأنه جهاد الفقراء المسحوقين؛ فبينما كان ملايين الفلاحين في روسيا يئنون من الاستعباد، في نهاية القرن الثامن عشر، كان "عليّ بن ديغنو" -والد الإمام شامل- فلاحًا من الأحرار، أما أمه فهي ابنة سيد "الآفار"؛ إحدى أهم القوميات في داغستان.

        ولد شامل عام 1797م طفلاً مريضًا شاحبًا حاملاً اسم علي، وعندما بلغ الثامنة من عمره غيّر أبوه اسمه إلى شامل -يعني السعيد- أملاً في أن يتعافى الصبي. وكانت سنوات الطفولة والساعات الطوال التي قضاها مشتغلا بالرعي عند جبال القوقاز فرصة ليطبق ما تعلمه في المسجد من دروس في التفسير والحديث وقواعد اللغة العربية والشريعة الإسلامية. كما كانت هذه الساعات الطوال سببا في الارتباط الشديد بجغرافية المكان الذي سيدافع عنه فيما بعد، ويعمل على رده من المغتصبين.

        تفتحت عيناه على مناهج الطرق الصوفية، وتتلمذ على أيدي علماء الطريقة النقشبندية التي حملت راية الجهاد في القوقاز وآسيا الوسطى. وكان هدير الجهاد يدوي في سماء داغستان. وحينما انضم جنديا إلى قوات المريدين أمضى قطاعا مهما من شبابه في خيام القادة العسكريين يتعلم سبل مواجهة هجوم أو شن غزوة من الغزوات. ويعتبر الباحث الفنلندي ليتزنجر في كتابه "القوقاز.. تحالف غير مقدس" أن شامل أقرب نماذج الرجال الذين عاشوا لتنفيذ أوامر الله؛ منحته الصوفية قدرًا وافرًا من ضبط النفس، والقدرة على التحليل والتعلم من الماضي، والاعتقاد بدور الكاريزما في تسيير الشعوب، واليقين بأن الإسلام دين فوق القوميات.

        في نهاية القرن 15 كانت الشيشان وداغستان وباقي الأراضي بين البحر الأسود وبحر قزوين تداعب مخيلة القيصر الروسي إيفان الثالث، فاتفق مع قبائل القوزاق الموالية للدولة الروسية الوليدة بالغزو التدريجي لأراضي المسلمين في إقليم القوقاز. وأدى القوزاق المهمة بنجاح، فأقاموا أول مخفر أمامي على نهر تيرك، وصار هذا المخفر مدينة جروزني العاصمة الشيشانية فيما بعد. وخلال حكم إيفان الرابع -منتصف القرن 16- قام القوزاق ببناء مجموعة من الحصون في شمال داغستان والشيشان، عاقدين تحالفات مع بعض شعوب الإقليم. ومع بداية القرن 18 كانت آلاف الأسر القوزاقية قد تجمعت في الإقليم، وامتزجت مع القبائل المحلية، وتزاوجوا منهم وإن احتفظوا بالمسيحية دينا وبالروسية لغة.

        وفي عام 1722م-خلال حكم بطرس الأكبر- وقع أول صدام بين القوات الروسية والشيشانيين الذين كسبوا المعركة أمام قوة فتية مستكشفة. وسرعان ما انتظمت صفوف المقاومة تحت زعامة الإمام منصور -الذي ولد عام 1732م- فاستطاع بفهمه العميق للقرآن أن يحول شيوخ القبائل إلى الإسلام، ونظم عبر مجالس الصوفية الطريقة النقشبندية حركة من الأتباع والمريدين لمواجهة التوغل الروسي في القوقاز. وحقق مجموعة من الانتصارات حتى أوقع به الروس ومات في الأَسر سنة 1794م. غير أن المسرح الشيشاني لم يهدأ بعد موت الإمام منصور إلا لعقدين من الزمان، بعدها صار "الغازي مولا" قائدًا للمريدين؛ حيث بدأ جهاده عام 1829م فحرك شعوب الجبال لمواجهة روسيا، وإن عرف عنه عدم مشاركته في المعارك، بل اشتهر بقدرته في التأثير على جنوده بسحر الكلمة وبلاغتها، كما قطع شوطًا كبيرًا في إرسال الدعاة من داغستان إلى سكان الجبال الشيشانية لتحويلهم من الوثنية إلى الإسلام.

        وأمام تماسك قوة المريدين اتخذ الروس أسلوب حرق الدور على ساكنيها لإجبار المقاومين على الخروج؛ فسقط الغازي مولا في معركة غمري بين جثث آلاف المريدين، ولم ينجُ من هذه المعركة إلا القليل، وفر اثنان أحدهما "شامل" بعدما أصيب إصابة قاتلة.

        وبعد مقتل الغازي مولا وجرح شامل اختير "حمزة بيه" قائدًا للمريدين بعد تزكية كبار الشيوخ. وظل حمزة لعامين يرتب الصفوف ويدعم الجيش، لكنه هزم، ثم اغتاله العملاء وهو يؤم المصلين في المسجد الجامع بمعقل المقاومة في هونزا بداغستان.

        وهنا جاء دور شامل في قيادة المريدين عام 1834م، فأعاد شامل تنظيم جيش المريدين على نمط أعدائه القوزاق، وبشكل يشبه التنسيق الفيدرالي الحديث. كما نظم البريد في دولته، ونسق الإنفاق على الجيش من ريع الأراضي الزراعية التي ضُمّت إلى المساجد، كما نظم جمع الزكاة لتجهيز الجيش، وطرد الدراويش، ولم يقبل عودتهم إلا كجند في جيشه.

        وفى دولة الإمام شامل -التي ارتكزت على الشيشان وداغستان، وامتدت من قزوين في الشرق إلى البحر الأسود في الغرب- كان السعي دءوبا للمساواة بين القوميات، بغض النظر عن اللغة والعرق والطبقة، في الوقت الذي سادت فيه العبودية روسيا. واستمد شامل من القوانين الإسلامية المنهج الذي نظم به الحياة الاجتماعية، وبصفة خاصة شؤون القصاص والعقاب في الجرائم المدنية، بل أخذ بالحكم الأشد في بعض القوانين؛ رغبة منه في الحفاظ على أركان دولته.

        كما استفاد من الأسرى الروس وممن كانوا يتعاونون مع الروس، في تطوير قدراته العسكرية على نمط أوروبي حديث. وحاول شامل أن يستفيد من القوى الدولية لمساعدته، غير أن عزلة الميدان الذي يقاتل فيه حالت دون ذلك؛ ففي منتصف القرن التاسع عشر سعى شامل لفتح قناة اتصال مع كل من تركيا وإنجلترا وفرنسا لدعمه عسكريًّا ضد روسيا. وكان محمد علي باشا قد أرسل خطابًا فى عام 1840م، يفوض فيه شامل بقيادة سكان الإقليم، ويَعد بوصول الجيش المصري المتوغّل في الأراضي التركية إليهم لتقديم العون العسكري في مواجهة الروس، غير أن فشل مشروع محمد علي في تركيا، بدد آمال المريدين في وصول مدد مصري، وكانت روسيا قد قدمت لعدوتها تركيا قطعًا بحرية، وشاركت بجزء من أسطولها في البحر الأسود لضرب الأسطول المصري.

        واستمرت المقاومة بقيادة شامل، إلى أن نفذ انسحابا تكتيكا إلى داخل الجبال، مغريا الروس بالتوغل خلفه عبر الغابات الكثيفة، مستعينًا بقارع طبل روسي أسير في حث الروس على التقدم، ثم انقض عليهم المريدون من جهات مختلفة فقتلوا أكثر من نصف ضباط الحملة. وتوالت الهجمات على الجيش الروسي المرتبك؛ ففقد أربعة مدافع من خمسة. ويقدر المؤرخون نتاج معارك الغابات التي استمرت أربع سنوات بنحو 10 آلاف قتيل روسي؛ إذ تمكن شامل بالمدافع الأربعة التي اغتنمها من الهجوم على حصون الروس، فأسقط آلاف القتلى، واغتنم 14 مدفعًا في سنتين فبدا وكأنه جيش جديد يبنى للمريدين.

        وكتب أحد الجنرالات الروس في مذكراته مشيرًا إلى عظم كارثة الروس : "يا لها من مصيبة مفجعة إن الرجال الذين تناثرت أشلاؤهم هنا كان بمقدورهم فتح بلاد تمتد من اليابان في الشرق إلى أوكرانيا في الغرب".

        وحينما رصدت روسيا 45 ألف روبل للإيقاع به, كتب شامل خطابًا إلى الجنرال الروسي على خط المواجهة، يقول فيه : "كم كانت سعادتي حين علمت أن رأسي تساوي هذا الثمن الضخم، ولكنك لن تكون سعيدًا حينما أخبرك أن رأسك بل رأس القيصر ذاته لا تساوي لدي كوبيكا واحد".

        وقع كفاح الإمام شامل ضحية التسويات الدولية ففي عام 1856م انتهت الحرب التركية الروسية، وهو ما سمح لروسيا بالتركيز بقوة على الجبهة القوقازية 20 ألف رجل، وأوكلت المهمة إلى الجنرال الشاب بريتانسكي في وقت كان شامل قد تخطى الستين من عمره.

        وعكف بريتانسكي طويلا على دراسة الجغرافية العسكرية لمعارك الإمام شامل، وخلص إلى أن أهم الانتصارات التي حققها شامل لم تكن في أرض مفتوحة بل حينما كان يحتمي بالغابة والجبل. واختار سياسة أكثر حنكة عمن سبقوه فتقرب إلى الأهالي وأحسن معاملتهم ومنع التعرض للنساء ولغير المقاتلين فضمن عدم انقلابهم عليه في حربه الفاصلة مع الإمام.

        وضغط بريتانسكي على قوات شامل حتى ألجأه إلى الغابات، ثم سخّر فرقة عسكرية بأكملها لقطع أشجار الغابات، فأزال بريتانسكي مساحات واسعة من غابات داغستان والشيشان على طول الطرق بين القلاع والحصون الروسية وفشل جيش شامل في مهاجمة القلاع الروسية التي صارت أكثر حذرًا، وبخطوات واثقة زحفت قوات بريتانسكي على مناطق نفوذ شامل واستمال عشرات القبائل التي أنهكتها الحرب وبدأت في لوم شامل على ما أصابهم من فقر وتشرد.


        ووقعت عقلية شامل العسكرية المسنة في الخطأ القاتل؛ فتوقع الهجوم الروسي من مصدر محدد، في الوقت الذي تمسك الروس فيه بسرية المعلومات، وحركوا جزءًا من جيشهم فتوهم شامل أنهم ما زالوا في منتصف الطريق، بينما انقضّوا عليه من اتجاه آخر في حرب خاطفة؛ فأسر الإمام شامل، ونقل في رحلة طويلة إلى موسكو في موكب كبير وفي استعراض عسكري من ستافربول إلى موسكو، التي ظل بها حتى 1869م، حينما استجيب لطلبه أداء فريضة الحج؛ فرحل من موسكو إلى كييف، ثم إلى القسطنطينية ومنها إلى المدينة المنورة حيث لقي ربه هناك في 1871م.

        وبقي (شامل) حيًّا في التراث الشعبي القوقازي والقصص البطولية إلى اليوم رمزًا للكفاح، موقنًا بسمو رسالته، معتقدًا أن النصر آت لا محالة مهما تأخر، ولعله يأتي على يد جيل من الأحفاد. ولم يخب ظن الإمام شامل فتوالت الأجيال حتى اليوم تسعى إلى الحرية التي ستأتي ولو بعد حين.


        سليم خان يندرباييف


        لم يكن مقتل الرجل مفاجأة لشعبه! فقد اختار بنفسه الطريق وعرف نهايته، وسبقه إلى نفس المصير عشرات من الرفاق، وعشرات الآلاف من أبناء الوطن. وإن كانت مأساة أن يُحرم الرجل من أن يدفن في ثرى الأرض التي جاهد من أجلها وعاش على حلم تحررها.

        وكغيره من أبناء ذلك الجيل الذي نفى ستالين آباءه إلى أواسط آسيا في منتصف القرن العشرين، طُردت عائلة يندرباييف مع مئات الأسر الشيشانية إلى كازاخستان. وفي المنفى يولد سليم خان عام 1952م، ثم تلتقي عيناه الوطن عام 1958م بعد أن حُرم الميلاد به. ويكمل سليم خان دراسته للأدب السوفيتي والوطني في الفترة (1960- 1985م)، ويسارع مع إخوانه بتأسيس حزب ديمقراطي كان من المشاركين بفاعلية في استقلال الشيشان في 1991م. وأهلته أفكاره الوطنية وخبرته بالنفس ودرايته بالروس لأن يتدرج في المراتب السياسة ليصبح في 1993م نائبًا لأول رئيس للشيشان : الجنرال جوهر دوداييف.

        وبعد ثلاث سنوات من الرفقة يلقى دوداييف ربه شهيدًا؛ حيث تم اغتياله في إبريل 1996م. وقبل أن يلملم سليم خان أحزانه كان عليه أن يجلس في مقعد صديقه المغتال لعشرة أشهر يلتقي في نهايتها بالرئيس الروسي يلتسين ويوقع معه اتفاقًا للتمهيد لاعتراف روسيا باستقلال الشيشان. وتجرى الانتخابات الرئاسية في الشيشان ويفوز فيها أصلان مسخادوف في مطلع 1997م.

        وسرعان ما أدرك سليم خان أن الشعب الشيشاني رأى في مسخادوف كاريزما تحتاجها المرحلة التالية كما أدرك أن لعبة التسوية وحلول الوسط وخلافات القيادة لا تتحملها نفسه ووجدت طباعه الصارمة مناخا مناسبا لدى رفاق الجناح الراديكالي في القيادة الشيشانية الذي سعى إلى ضم داغستان إلى الشيشان وإعلانها دولة إسلامية موحدة في سبتمبر 1999م. وهنا افترق الجمع في خلاف على المنهج غير أن روسيا لم تترك الوقت لتسوية الخلافات الأيديولوجية وغزت الشيشان بعد أقل من شهر.

        وفي عام 2000م يرتحل يندرباييف إلى باكستان ليوثق علاقته برفاقه في أفغانستان غير أن موسكو تضغط على إسلام آباد فيضطر إلى الرحيل إلى الإمارات ومنها إلى تركيا، ثم تكون الدوحة محطته الأخيرة حيث تم اغتياله على يد عملاء المخابرات الروسية.


        ألف يندرباييف خمسة عشر كتابا، نصفها تقريبًا دواوين شعرية. ويؤكد بعض المثقفين الشيشان في المنفى أن يندرباييف -بعد خلافه مع قادة المقاومة- اعتزل السياسة وتفرغ لتأليف الكتب والقيام بدور ثقافي، والعزوف عن المشاركة السياسية في ظل قيود شديدة على تحركاته.

        وتقوم أفكار يندرباييف على أربعة أعمدة رئيسية هي :
        1 -الإيمان بأن لدى الشيشان مقومات الدولة المستقلة ولا عجب في ذلك فقد وقّع بنفسه في نهاية 1996م مع رئيس روسيا الأسبق بوريس يلتسين على اتفاقية للتحضير للاستقلال بعد 5 سنوات ويعتقد يندرباييف أنه: "ليس من الحكمة أن تصر على أن يتحقق حلمك في حياتك! فيمكن أن تتخيله متحققا في أيدي أبنائك وأحفادك"، ويؤكد بحزم : "إذا ما استمرت الحرب عشرًا أو مائة أو ألف سنة، حتى آخر رجل، فإننا على حق وسنظل ندافع عن حريتنا وحرية وكرامة المسلمين. أما إذا كان المسلمون يريدون منا أن نعيش تحت أقدام الروس، فنحن نتبرأ من هؤلاء المسلمين، نحن نريد ونحتاج إلى مسلمين أحرارًا".
        2- عدم الوثوق بالجانب الروسي المتلاعب بكل الأوراق. ويكفي أن السبب الأساسي لغزو الشيشان في خريف 1999م جاء انتقامًا لتفجير البنايات السكنية في موسكو التي سقط بسببها مئات القتلى. وقد سمح القدر لأن يشهد يندرباييف قبل اغتياله بثلاثة أشهر صدور كتاب لضابط المخابرات الروسي أليكسندر ليتفينينكا كشف فيه أن هذه التفجيرات صناعة زملائه في جهاز المخابرات ولا علاقة للشيشانيين بها.
        3- ضرورة تقديم الذات إلى الغرب الذي يقبل ما تروجه روسيا دون تمحيص؛ وهو ما يفسر سعي يندرباييف للتنقل بين عواصم العالم لبيان وجهة النظر الشيشانية، وعقد لقاءات صحفية تفرق بين الضحية والجلاد، كما آمن يندرباييف بالتكاتف الإسلامي وضرورة مشاطرة المسلمين إخوانهم حيث كانوا.

        أصلان مسخادوف



        ساهم أصلان مسخادوف -عندما كان رئيسا لأركان القوات الشيشانية- مساهمة عظيمة في الحرب الشيشانية الروسية في الفترة (1994- 1996م)، ونجح في التنسيق بين عدد كبير من القادة الميدانيين الشيشانيين، رغم قسوة الظروف التي عمل فيها، كما نجح أيضا في تحويل جيشه المحدود العدد والعدة إلى جيش يمكنه مواجهة الدبابات الروسية وسلاح الطيران والمدفعية، وقاد محادثات السلام (1995- 1996م)، واستطاع بتفكيره العملي الهادئ كسب ثقة المفاوضين الروس.

        انتخب رئيسًا للشيشان عام 1997م بسبب سجله العسكري، وبعد أن تعهد بمستقبل يسود فيه السلام على عكس الوعود التي قطعها غيره من المرشحين الأكثر شبابا أو منافسيه الأكثر راديكالية، وقد أصر على ضرورة استقلال الشيشان، إلا أنه كان مستعدا لقبول علاقة خاصة مع روسيا. ورفضت روسيا عرضه لإجراء محادثات السلام حتى فبراير 2005م، وعرضت السلطات الروسية تقديم (10 ملايين دولار) لمن يدلي بمعلومات تقود إلى مسخادوف وشامل باسييف، بعد أن سيطر المتمردون على مدرسة في بلدة بيسلان شمال أوسيتيا في سبتمبر 2004م مما أدى إلى مقتل أكثر من 300 شخص. وقد تجاهل الروس الإدانة العلنية التي وجهها مسخادوف للهجوم الدموي على المدرسة؛ معلنًا أن القوات التي تعمل تحت إمرته لا شأن لها بالهجوم، ودعا إلى تقديم باسييف للمحاكمة.

        ولد مسخادوف في المنفى لأسرة غادرت الشيشان عام 1944م، ثم عادت عام 1957م، ثم أصبح ضابطا في سلاح المدفعية في الجيش السوفيتي، وخدم في المجر، وشارك في قمع الجيش السوفيتي للحركة الوطنية لاستقلال ليتوانيا عام 1991م، وهو ما ندم عليه فيما بعد، ثم أصبح رئيسًا لأركان حرب الجيش الشيشاني في العام التالي؛ عام انفصال الشيشان عن روسيا. وتميز مسخادوف بالانضباط العسكري والمحافظة على الرداء العسكري في كل الأوقات حتى فترة هربه من الجيش الروسي.

        ولم يحقق مسخادوف نجاحًا سياسيًّا كالذي حققه شامل باساييف وغيره من القادة العسكريين الذين حجبوا زعامته؛ فقد كان باساييف خصمه الرئيسي في انتخابات 1997م، فلما فاز حرص على توحيد الجبهة الداخلية، فعين باساييف نائبًا لرئيس أركان الجيش ثم نائبًا لرئيس الوزراء، إلا أن باساييف انضم عام 1998م إلى القادة الميدانيين المعارضين؛ فعمت الفوضى الشيشان، وتعرض مسخادوف لمحاولتي اغتيال بسيارتين ملغومتين، بل هدده بعض مرءوسيه السابقين بالقتل، ووقع عدد من عمليات الاختطاف لعمال الإغاثة والمبعوثين الروس عامي (1989- 1999م)، إلى جانب سقوط مئات الضحايا والمطالبة بدفع فديات مالية، ولم يستطع مسخادوف وحكومته فعل شيئ لإطلاق سراح المختطفين، وكان مسخادوف إسلاميًّا محافظًا، شجع إعادة بعث التقاليد الشيشانية الدينية، لكنه في الوقت نفسه حاول حظر الحركة السلفية، لكنه لم ينجح في ذلك.


        وعندما تدفقت القوات الروسية على الشيشان سنة 1999م، اتحد مسخادوف مع القادة الميدانيين مرة أخرى، ولكن بعد أن فقد دوره القيادي؛ حيث تدفق الدعم المالي من الدول الإسلامية إلى القادة الميدانيين والعرب الذين يقاتلون معهم ولم يصل إليه شيء، ووصف مسخادوف المسلحين الذين يقتلون المدنيين، والذين هاجموا مدرسة بيسلان بالمجانين الذين فقدوا عقولهم؛ للفظائع التي ارتكبتها القوات الروسية، وظل حتى النهاية يدين قتل المدنيين.


        ويختزل البعض حياة مسخادوف في جملة واحدة تقول: "هو رجل وقف في منتصف الطريق، فلم تصل جرأته إلى التعاون مع عدوه لرسم مستقبل الشيشان ضمن حدود الدولة الروسية، ولم يصل به خياله ليرمي بنفسه وراء حلم الدولة الإسلامية المستقلة الكبرى التي تمتد من البحر إلى البحر (بحر قزوين والبحر الأسود)"؛ والسبب في هذا أن مسخادوف ترك نفسه لمن حوله، فظنه البعض ضعيفا يسهل قيادته، ورآه آخرون حريصًا على رفقاء القضية حتى لو لم يكن مقتنعا بأساليبهم، وظل كذلك حتى اغتيل في 8 مارس 2004م.

        لم يعرف العالم شخصية مسخادوف إلا من خلال ثلاثة مواقف :

        الأول : انتخابه رئيسا للجمهورية بنسبة نجاح 60%، متفوقًا على يندرباييف، وتوقيعه اتفاقية الترتيب لاستقلال الشيشان مع الرئيس الروسي يلتسين عام 1997م.
        الثاني : رفضه تفجير القطارات واحتجاز الرهائن في المسارح والمدارس وغيرها، واعتبارها تشوه سمعة المقاومة الشيشانية، ولكنه كان يؤكد عقب كل حادثة أن روسيا هي المسئولة عن هذه العمليات بإخضاعها الشيشان تحت سيطرتها رغمًا عنها.
        الثالث : مناداته -على مدى سنوات- باستعداده للتفاوض والحوار؛ لإيقاف نزيف الدم الشيشاني، ونجاح وزير ثقافته أحمد زكاييف، في إيقاظ الوعي الشعبي الأوربي حول ما يجري في الشيشان.

        وباغتيال مسخادوف يكون الشيشان قد شهد اغتيال أربعة رؤساء في عشر سنين (1996- 2005م)، هم جوهر دوداييف، وبيندرباييف، وقاديروف، ومسخادوف.

        منقول بتصرف يسير من موقع قصة الإسلام

        روى الإمام أحمد من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال : سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كَنَز الناس الذهب والفضة فاكْنِزوا هؤلاء الكلمات : اللهم إني أسألك الثبات على الأمر ، والعزيمة على الرُّشْد ، وأسألك شُكر نعمتك ، وأسألك حُسْن عبادتك ، وأسألك قلباً سليماً ، وأسألك لِساناً صادقاً ، وأسألك من خير ما تَعْلَم ، وأعوذ بك من شر ما تَعْلَم ، وأستغفرك لِما تَعْلَم إنك أنت علام الغيوب".
        وفي رواية له قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا ، أو قال : في دُبُر كل صلاة.



        تعليق

        • قلب ينبض بحب الله
          مشرفة عامة

          • 24 سبت, 2010
          • 3429
          • طاعة الله
          • مسلمة

          #5
          رد: الشيشان جرح ينزف .. متجدد إن شاء الله

          للرفع والتذكرة بإذن الله
          وَريحُ يوسفَ لا تَأتي نَسائمُها
          إِلا لِقلبٍ كانَ هواهُ يَعقوبا



          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة Black pearl, 24 ماي, 2024, 03:24 م
          ردود 3
          115 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة *اسلامي عزي*
          بواسطة *اسلامي عزي*
          ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 19 فبر, 2023, 10:23 م
          ردود 0
          50 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة د.أمير عبدالله
          ابتدأ بواسطة سيف الكلمة, 20 سبت, 2021, 07:32 م
          ردود 3
          98 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة *اسلامي عزي*
          بواسطة *اسلامي عزي*
          ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 21 أبر, 2021, 03:16 ص
          ردود 0
          129 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة *اسلامي عزي*
          بواسطة *اسلامي عزي*
          ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 11 أبر, 2021, 12:20 م
          ردود 0
          86 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة د.أمير عبدالله
          يعمل...