قالت والدموع فى عينيها وصوتها يكاد يختنق من البكاء : ولكن لم يفعلون ذلك؟
لم يرد عليها ..كان عقله فى مكان آخر, وروحه تحلق بعيداهناك
عمر ..أرى فى عينيك خوف وقلق
ابتسم عمر وقال : كيف أستطيع أن أخفى عنك شيئا؟ لديك كاشف للأسرار أعجز تماما عن خداعه
زهره بحنان : هيا . اعترف ..ماذا يقلقك الآن؟
اختفت ابتسامته وقال بأسف : أصدرت القياده أوامرها لنا بالإنسحاب من العاصمه وتركها للروس, لم يعد أهل البلاد المدنيين بقادرين على تحمل هذا الجحيم
لقد صبروا معنا طوال اشهر, فقدوا فيها كل شئ, وبقوا صامدين تحت الحصار فى أقسى ظروف يمكن أن يعيشها انسان, والآن, علينا الخروج
حتى لا تفنى جروزنى...
تنهد بأسى وهو يقول : لأشد ما يؤلمنى هو أننى سأضطر لتركك هنا أنت وأمك وأخويك وطفلتنا والرحيل مع المجاهدين
ابتسمت محاوله التخفيف عنه وقالت محاوله تغيير مجرى الحديث : مازلت مصرا أنها طفله وليس طفل !!
تعود لعمر ابتسامته وهو يقول : طفله أو طفل ..المهم أن يشبهك
زهره باصرار : ولكنى أريد ولدا يشبهك أنت
ينتفض عمر بطريقه طفوليه ويهتف : يفتح الله ..هارجع فى البيعه
مش كفايه واحد منى فى العيلة؟
ضحكت زهره بشده وقالت : لم تنسى أبدا اللهجه المصريه ..مازال يجرى فى دمائك حبك لمصر
ابتسم بحنين كبير وظهر فى وجهه عاطفه جياشه وهو يقول : وكيف أنسى أجمل سنوات عمرى ..ملاعب الطفوله والصبا ومراتع الفتوه ..
أمى فتحية وأبويا بسيونى,
قهوة عم جاد . القلعه . مسجد السلطان حسن ..بوابة المتولى..
الكره الشراب والطيارات الورق وهي مالية السما زى النجوم,
وشمس الأصيل ونسيم العصارى ونهر النيل
وريحة الورد البلدى ..
بحر اسكندريه وهواه
أغمض عينيه واستنشق الهواء بقوة وكأنما يستشعر طعم الهواء فى خياله وقال : كيف أنسى الدفء بلا حدود؟
ابتسمت زهره وقالت : لقد أحببت مصر دون أن أراها .. تصفها كأجمل ما تكون.. حقا أثرت شوقى لرؤياها
التفت اليها وقال بسعاده : حقا؟
هزت رأسها بالموافقه فأكمل بحماس : أعدك عندما أعود . ويخرج الروس من الشيشان . سأعمل كل جهدى لنزور مصر معا ..اتفقنا؟
هزت رأسها موافقه بسعاده, فجأة فقد ابتسامته وشرد بعيدا وقال : هذا ان عدت
هتفت بقوه ستعود ان شاء الله ...أعلم أنك ستعود .فيجب أن يعود الذئب مهما طال الزمن وقست الظروف
عدت لشرودك من جديد
ألا تسمعنى اخاطبك؟
أدار عمر رأسه ببطء تجاه كاترين التى أصابتها الدهشة من منظر عينيه الحزينتين الخاويتين وكأنما ينظر الى الماضى لا اليها
قالت بتعاطف كبير: كان الأمر بشعا..أليس كذلك؟
أكملت بأسف دون انتظار رده : وجروزنى هى دائما الأكثر معاناة
عجز عمر عن اخفاء الألم الممزوج بالغضب فى صوته وهو يقول : شهور تحت القصف الرهيب والحصار الحديدي
ثلاثة آلاف بالأسلحة الخفيفة, أكبرها الهاون 120مم، وقليل من القذائف التي نغنمها من الروس مقابل مائة ألف جندي أو يزيد تدعمهم
المدفعية والطائرات
جرّب الروس فيها كل الأسلحة المحرمة دوليا, القديمة والجديدة الكيماوية منها والعنقودية والفراغية
دمروا المدينة تماماً تقريباً وحتى الطرقات لدرجة أنهم عندما دخلوها لم تستطع الدبابات أن تمر فيها.
تنهد بمرارة كبيرة وقال : هل شاهدت يوما قنابل فراغية 9طن ؟
انها تقسم المبنى عشرة طوابق إلى قسمين حتى الملجأ السفلي،
قتل الكثير والكثير من المجاهدين والسكان العزل تحت الهدم ، ورغم هذا كان تقدم الروس في المدينة بطيئاً جداً
كل يوم وبعد معارك عنيفة فى مائة متر فقط ، يسوون البيوت بالأرض فيتراجع المجاهدون إلى المربع التالي بعد خسائر فادحة في الروس حتى
المستشفيات التي تحت الأرض قصفها الروس بشدة
وقلّت المؤن والذخيرة ولم يبق في المدينة مدينة ، حتى أن الروس عندما دخلوها بعد خروجنا لم يجدوا فيها مبنىً سليماً فقرروا أن يجعلوا مدينة
"جودرميس" العاصمة المؤقتة ،
كاترين بتفهم : ولهذا انسحبتم متسللين خارج العاصمة
التفت اليها بحدة وقال بغضب : لم نتسلل ابدا, أهذا هو ما يسوقه اعلامهم وترمى اليه صحافتهم؟
لقد اجتمع القادة وتشاورا وقرروا الخروج من جروزني بكامل أسلحتهم في اتجاه ممر"يرمولوفكا" المعروف والمحاط بالروس
وتقدم القادة في البداية يفتحون الطريق بأنفسهم وقد قتل وجرح معظمهم لكثرة الألغام والقصف المباشر ولم ينج منهم إلا قليل
واستمرت القافلة إلى أن وصلت إلى الجبال الجنوبية ورغم الجراح والمعاناة لم يجرؤ الروس على المواجهة المباشرة
كاترين بتأثر شديد : وماذا عن المدنيين؟ ماذا فعل بهم الروس عندما دخلوا المدينة
................
عندما ترك عمر جروزنى لم يكن يتوقع ابدا أنه سيعود اليها بهذه السرعه وبهذه الطريقة وقبل أن يخرج الروس منها
علم المجاهدون أن القوات الروسيه التى احتلت جروزنى قد اشترت بعض الخونه والعملاء وأغرتهم بالمال للإبلاغ عن أى معلومات عن
المجاهدين وأهليهم وأماكن بيوتهم
عندها جن جنونه وقرر العودة الى جروزنى ليلا ليرى زهره مهما كان الثمن ومهما كانت المجازفه وبرغم اعتراض القاده جميعا
الا أن أحد منهم لم يستطع الوقوف أمام اصراره الرهيب على العوده ليطمئن على زوجته فسمحوا له مضطرين بالعوده الى جروزنى ومعه اثنين
من المجاهدين لمساعدته على التسلل ليلا الى هناك
وبالفعل استطاع عمر التسلل الى جروزنى والوصول الى بيته الذى تهدم نصفه تقريبا.
دخل الى البيت دون أن يشعر به أحد فوجد البيت مظلم تماما
أخذ يدور فى أنحاء البيت بهدوء حتى وصل الى حجرة المعيشه ..وهناك وجد زهره تجلس فى مكانها المفضل بجوار المكتبه الكبيره وهى تقرأ
القرآن فى ضوء شمعه بجوارها وبقية الحجره غارقه فى الظلام تقرأ
أجفلت زهره متعوذه عندما فوجئت بشبح أسود يقف فى الظلام ..لكنها عرفته بسرعه وقالت بدهشه وهى تحتضنه بحب وشوق: عمر
كيف أتيت الى هنا, يجب أن ترحل عن جروزنى فأنت فى خطر محقق
خلع عمر لثامه الأسود عن وجهه
وقال بلهفه وهو يتمسك بها بقوة وكأنما يخشى أن تبتعد عنه : لايهمنى أى شئ..لقد أتيت من أجلك ....زهره ..يجب أن ترحلى عن هنا
فهناك خونه في جروزنى يرشدون الروس الى بيوت المجاهدين فى مقابل المال ..يجب أن ترحلى قبل أن يخبروا الروس عنكى
زهره : لا يمكننى الرحيل ..أنت تعلم أننى طبيبه والمستشفى بحاجه الى, لدينا نقص فظيع فى الأطباء وأعداد الجرحى كبير,لا يمكننى الرحيل
قال باصرار : اسمعينى .لو أبلغوا عنكى فستفقد المستشفى طبيبه أخرى الى الأبد, لا يمكنك أن
لم يرد عليها ..كان عقله فى مكان آخر, وروحه تحلق بعيداهناك
عمر ..أرى فى عينيك خوف وقلق
ابتسم عمر وقال : كيف أستطيع أن أخفى عنك شيئا؟ لديك كاشف للأسرار أعجز تماما عن خداعه
زهره بحنان : هيا . اعترف ..ماذا يقلقك الآن؟
اختفت ابتسامته وقال بأسف : أصدرت القياده أوامرها لنا بالإنسحاب من العاصمه وتركها للروس, لم يعد أهل البلاد المدنيين بقادرين على تحمل هذا الجحيم
لقد صبروا معنا طوال اشهر, فقدوا فيها كل شئ, وبقوا صامدين تحت الحصار فى أقسى ظروف يمكن أن يعيشها انسان, والآن, علينا الخروج
حتى لا تفنى جروزنى...
تنهد بأسى وهو يقول : لأشد ما يؤلمنى هو أننى سأضطر لتركك هنا أنت وأمك وأخويك وطفلتنا والرحيل مع المجاهدين
ابتسمت محاوله التخفيف عنه وقالت محاوله تغيير مجرى الحديث : مازلت مصرا أنها طفله وليس طفل !!
تعود لعمر ابتسامته وهو يقول : طفله أو طفل ..المهم أن يشبهك
زهره باصرار : ولكنى أريد ولدا يشبهك أنت
ينتفض عمر بطريقه طفوليه ويهتف : يفتح الله ..هارجع فى البيعه
مش كفايه واحد منى فى العيلة؟
ضحكت زهره بشده وقالت : لم تنسى أبدا اللهجه المصريه ..مازال يجرى فى دمائك حبك لمصر
ابتسم بحنين كبير وظهر فى وجهه عاطفه جياشه وهو يقول : وكيف أنسى أجمل سنوات عمرى ..ملاعب الطفوله والصبا ومراتع الفتوه ..
أمى فتحية وأبويا بسيونى,
قهوة عم جاد . القلعه . مسجد السلطان حسن ..بوابة المتولى..
الكره الشراب والطيارات الورق وهي مالية السما زى النجوم,
وشمس الأصيل ونسيم العصارى ونهر النيل
وريحة الورد البلدى ..
بحر اسكندريه وهواه
أغمض عينيه واستنشق الهواء بقوة وكأنما يستشعر طعم الهواء فى خياله وقال : كيف أنسى الدفء بلا حدود؟
ابتسمت زهره وقالت : لقد أحببت مصر دون أن أراها .. تصفها كأجمل ما تكون.. حقا أثرت شوقى لرؤياها
التفت اليها وقال بسعاده : حقا؟
هزت رأسها بالموافقه فأكمل بحماس : أعدك عندما أعود . ويخرج الروس من الشيشان . سأعمل كل جهدى لنزور مصر معا ..اتفقنا؟
هزت رأسها موافقه بسعاده, فجأة فقد ابتسامته وشرد بعيدا وقال : هذا ان عدت
هتفت بقوه ستعود ان شاء الله ...أعلم أنك ستعود .فيجب أن يعود الذئب مهما طال الزمن وقست الظروف
عدت لشرودك من جديد
ألا تسمعنى اخاطبك؟
أدار عمر رأسه ببطء تجاه كاترين التى أصابتها الدهشة من منظر عينيه الحزينتين الخاويتين وكأنما ينظر الى الماضى لا اليها
قالت بتعاطف كبير: كان الأمر بشعا..أليس كذلك؟
أكملت بأسف دون انتظار رده : وجروزنى هى دائما الأكثر معاناة
عجز عمر عن اخفاء الألم الممزوج بالغضب فى صوته وهو يقول : شهور تحت القصف الرهيب والحصار الحديدي
ثلاثة آلاف بالأسلحة الخفيفة, أكبرها الهاون 120مم، وقليل من القذائف التي نغنمها من الروس مقابل مائة ألف جندي أو يزيد تدعمهم
المدفعية والطائرات
جرّب الروس فيها كل الأسلحة المحرمة دوليا, القديمة والجديدة الكيماوية منها والعنقودية والفراغية
دمروا المدينة تماماً تقريباً وحتى الطرقات لدرجة أنهم عندما دخلوها لم تستطع الدبابات أن تمر فيها.
تنهد بمرارة كبيرة وقال : هل شاهدت يوما قنابل فراغية 9طن ؟
انها تقسم المبنى عشرة طوابق إلى قسمين حتى الملجأ السفلي،
قتل الكثير والكثير من المجاهدين والسكان العزل تحت الهدم ، ورغم هذا كان تقدم الروس في المدينة بطيئاً جداً
كل يوم وبعد معارك عنيفة فى مائة متر فقط ، يسوون البيوت بالأرض فيتراجع المجاهدون إلى المربع التالي بعد خسائر فادحة في الروس حتى
المستشفيات التي تحت الأرض قصفها الروس بشدة
وقلّت المؤن والذخيرة ولم يبق في المدينة مدينة ، حتى أن الروس عندما دخلوها بعد خروجنا لم يجدوا فيها مبنىً سليماً فقرروا أن يجعلوا مدينة
"جودرميس" العاصمة المؤقتة ،
كاترين بتفهم : ولهذا انسحبتم متسللين خارج العاصمة
التفت اليها بحدة وقال بغضب : لم نتسلل ابدا, أهذا هو ما يسوقه اعلامهم وترمى اليه صحافتهم؟
لقد اجتمع القادة وتشاورا وقرروا الخروج من جروزني بكامل أسلحتهم في اتجاه ممر"يرمولوفكا" المعروف والمحاط بالروس
وتقدم القادة في البداية يفتحون الطريق بأنفسهم وقد قتل وجرح معظمهم لكثرة الألغام والقصف المباشر ولم ينج منهم إلا قليل
واستمرت القافلة إلى أن وصلت إلى الجبال الجنوبية ورغم الجراح والمعاناة لم يجرؤ الروس على المواجهة المباشرة
كاترين بتأثر شديد : وماذا عن المدنيين؟ ماذا فعل بهم الروس عندما دخلوا المدينة
................
عندما ترك عمر جروزنى لم يكن يتوقع ابدا أنه سيعود اليها بهذه السرعه وبهذه الطريقة وقبل أن يخرج الروس منها
علم المجاهدون أن القوات الروسيه التى احتلت جروزنى قد اشترت بعض الخونه والعملاء وأغرتهم بالمال للإبلاغ عن أى معلومات عن
المجاهدين وأهليهم وأماكن بيوتهم
عندها جن جنونه وقرر العودة الى جروزنى ليلا ليرى زهره مهما كان الثمن ومهما كانت المجازفه وبرغم اعتراض القاده جميعا
الا أن أحد منهم لم يستطع الوقوف أمام اصراره الرهيب على العوده ليطمئن على زوجته فسمحوا له مضطرين بالعوده الى جروزنى ومعه اثنين
من المجاهدين لمساعدته على التسلل ليلا الى هناك
وبالفعل استطاع عمر التسلل الى جروزنى والوصول الى بيته الذى تهدم نصفه تقريبا.
دخل الى البيت دون أن يشعر به أحد فوجد البيت مظلم تماما
أخذ يدور فى أنحاء البيت بهدوء حتى وصل الى حجرة المعيشه ..وهناك وجد زهره تجلس فى مكانها المفضل بجوار المكتبه الكبيره وهى تقرأ
القرآن فى ضوء شمعه بجوارها وبقية الحجره غارقه فى الظلام تقرأ
أجفلت زهره متعوذه عندما فوجئت بشبح أسود يقف فى الظلام ..لكنها عرفته بسرعه وقالت بدهشه وهى تحتضنه بحب وشوق: عمر
كيف أتيت الى هنا, يجب أن ترحل عن جروزنى فأنت فى خطر محقق
خلع عمر لثامه الأسود عن وجهه
وقال بلهفه وهو يتمسك بها بقوة وكأنما يخشى أن تبتعد عنه : لايهمنى أى شئ..لقد أتيت من أجلك ....زهره ..يجب أن ترحلى عن هنا
فهناك خونه في جروزنى يرشدون الروس الى بيوت المجاهدين فى مقابل المال ..يجب أن ترحلى قبل أن يخبروا الروس عنكى
زهره : لا يمكننى الرحيل ..أنت تعلم أننى طبيبه والمستشفى بحاجه الى, لدينا نقص فظيع فى الأطباء وأعداد الجرحى كبير,لا يمكننى الرحيل
قال باصرار : اسمعينى .لو أبلغوا عنكى فستفقد المستشفى طبيبه أخرى الى الأبد, لا يمكنك أن
ابعدت رأسها عن كتفه لتنظر الى عينيه وتتأمل ملامحه على ضوء الشمعة وهى تهتف بأسي
: أنت لم تر ما وصل اليه الحال فى المستشفى
اننا نجرى العمليات الجراحية على ضوء المصابيح اليدوية ولمبات الغاز, والجرحى المساكين يقاسون البرد الشديد بالإضافة لآلامهم وجراحاتهم
بعد انقطاع الغاز بسبب الحرب ،
الطعام غير موجود حتى للأطباء والعاملين في المستشفى وان وجد فهو لا يكفى لتغذية المريض ، فالجرحى يتكفلون شراءه من خارج المستشفى
بالإضافة لشراء الدواء
كيف اشرح لك؟
النقص فظيع فى الدواء والأدوات الجراحية من غياب القفازات الجراحية التي يستخدمها الجراح في عمله ، وعدم وجود الشاش الذي لايمكن
إجراء أي عمليه أو حتى ضماد بسيط بدونه ، المريض الذي يريد أن يغير ضماد جرحه يأتى حاملا معه الضماد والمطهر والدواء
عمر..لا يمكننى المغادرة ابدا. فهم بحاجة ماسة الىّ
الوضع في المستشفيات أشبه بصراع بين طرفين أولهما صواريخ الروس وقنابلهم ،وثانيهما الطعام والدواء والكادر الطبي المحدود .
وإذا استمر هذا العدوان الوحشي وبقيت حالة العجز في المستشفيات فإن الشعب بأكمله معرض للإبادة الجماعية لا محالة
تأمل عمر وجهها بحب وفخر كبير وهمس قائلا : لهذا بقيت في المستشفي اكثر من ستين يوما ليل نهار مع الجرحى تحت القصف بالقنابل
الفراغية والعميقة التي تزلزل الأسس
وحتى عندما نقل مكان المستشفي ثلاث مرات لم تتخلفى عنه ابدا
أقدر تماما كل ما تفعلينه يا حبيبتى
ولكن الأمر مختلف تماما هذه المرة, فحيـ.....
لم يتم عمر الكلمة, فجأة صمت تماما وعقد حاجبيه بشدة وأصغى سمعه باهتمام ثم التفت اليها بحده وأمسك ذراعيها وقال بجزع :
انهم قادمون
انهم قادمون .أسمع صوت آلياتهم
أنصتت باهتمام وظهر فى وجهها الخوف وتشبثت به وهى تقول : انهم يقتربون, عمر . يجب أن ترحل فورا قبل أن يجدوك
ألقى عمر نظرة من النافذة,و عبر الظلام ومن خلف الستائر المسدلة, شاهد العربات المدرعة وهى تسير آمنة ببطء مستفز وكأنهم فى نزهة,
التفت اليها وقال بقلق : توقفوا هنا
تشبث بسلاحه بقوة وأسند ظهره للجدار بجوار الباب وبيده الأخرى أمسك بيد زهره وتشابكت أصابعهما بقوة وبدأ الرعب يدب فى قلبه
..وبرغم البرودة الشديدة وانقطاع الكهرباء وتعطل أجهزة التكييف بدأت حبات العرق تتراص علي جبينه وبدأت صورة قديمة مرعبة تقتحم
عقله ..صورة لم يراها بعينيه لكنه رآها بخياله
صورة أمه وأبيه واخوته الذين ذبحوا فى بيتهم بيد الإحتلال... ولم يستطع أني منع الخوف عن قلبه عندما سمع وقع أقدام الجنود الروس يقترب
بسرعة وضغط يد زهرة فى قوه ونظر فى عينيها وكأنه يستمد منهما الأمان وتسارعت دقات قلبه وصوت أقدام الجنود يقترب ويقترب
تعليق