مشكلة القومية في الحالتين الإيرانية والتركية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

sara94 مسلم اكتشف المزيد حول sara94
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • sara94
    2- عضو مشارك
    • 9 سبت, 2011
    • 220
    • طالبة
    • مسلم

    مشكلة القومية في الحالتين الإيرانية والتركية

    مشكلة القومية في الحالتين الإيرانية والتركية
    مع خضوع الدول العربية والإسلامية في مجملها لنموذج الدولة القومية العلمانية، بدرجات متفاوتة، أصبحت تلك الدول خاضعة للهيمنة الغربية بقيادة أمريكا، بصورة تنزع منها أي درجة من الاستقلال. وعندما بدأت بعض الدول تحاول الإفلات من الهيمنة الغربية، لم تجد أمامها إلا الدولة القومية كوعاء لحركتها. فبعد السقوط الكامل تحت الهيمنة الغربية، أصبحت محاولات الاستقلال أو حتى محاولات تحسين شروط العلاقة مع الغرب، لا تجد إلا النموذج القائم للدولة، حتى تتحرك من خلاله. وهي لحظة تشابه تلك اللحظة التي مرت بها أوطان الأمة عند محاولة تحقيق الاستقلال من الاستعمار العسكري الغربي، في منتصف القرن العشرين.

    الاستقلال..حلم لم يتحقق

    فمحاولة التحرر الأولى، قامت من خلال الفكرة الوطنية، والتي لم تكن في بدايتها بديلا عن الفكرة الإسلامية أو الجامعة الإسلامية، ولكنها أصبحت في نهايتها بديلا عنها. فقد تحركت قوى التحرر من داخل الإطار الوطني، حتى حققت الاستقلال من داخل الدولة القومية العلمانية، وأصبحت الوطنية والقومية هي الإطار الوحيد للهوية. ثم سقطت تلك الدول القومية واحدة بعد الأخرى داخل الهيمنة الغربية، حتى بات الاستقلال حلما لم يتحقق، وكل ما تغير هو نوع الاستعمار، فبعد سيادة الاستعمار المباشر، بدأ عصر الاستعمار غير المباشر.

    فلم تكن الوطنية كافية لتحقيق الاستقلال، ولم تستطع الدولة القومية العلمانية كنموذج تحقيق الاستقلال أو الحفاظ عليه. وبعد سيادة الهيمنة الغربية على الإقليم العربي والإسلامي، أصبحت الدولة القومية واقعا متحققا على الأرض، وأي حركة للتحرر من النموذج الغربي أو الهيمنة الغربية، سوف تبدأ ضمنا من داخل الإطار القومي للدولة، أي من خلال نموذج الدولة المستمد من التجربة الغربية، والذي يقوم على الهوية القومية.

    ولكن مسار تلك التجارب، قد يفضي إلى إعادة إنتاج النموذج القومي مرة أخرى، ومن ثم قد يمهد لامتداد الهيمنة الغربية، لأنها تعتمد على النموذج السياسي المستمد من تجربتها، كمعبر لفرض هيمنتها. وقد تؤدي تلك التجارب إلى الخروج من الهيمنة الغربية، وتصبح عملية التحرر في هذه المرة، تحدث من داخل الدولة القومية، ولكن بغرض تجاوزها إلى الدولة الحضارية الإسلامية، والقادرة على بناء نموذج مستقل، والقادرة أيضا على تحقيق الوحدة الإسلامية، والتي تعد السبيل الأساسي لبناء النهوض الإسلامي.

    إيران الإسلامية.. قومية

    حدث أول خروج كبير وجذري من الهيمنة الغربية في إيران، فقد كانت إيران أقرب إلى المحمية الغربية، المتحالفة مع المحور الأمريكي الإسرائيلي، فكانت تعد نموذجا للدولة القومية العلمانية التابعة. وعندما قامت الثورة الإسلامية، في عام 1979، قلبت تلك المعادلة مرة واحدة. وقد كان قيام الثورة الإيرانية سابقاً لجملة التحولات التي حدثت بعد ذلك في الإقليم العربي الإسلامي، خاصة بعد عام 2000، والذي شهد بداية الانتفاضة الثانية في فلسطين المحتلة. إذن يمكن القول: إن الثورة الإيرانية كانت تمردا مبكرا على الهيمنة الغربية، والأمريكية خاصة، وكان في الوقت نفسه تمردا كاملا.

    والثورة الإيرانية أقامت دولة إسلامية، مرة واحدة. وهي بهذا تمثل نموذجا ثوريا بامتياز، فقد أنهت الدولة العلمانية مرة واحدة، وأقامت بدلا منها دولة إسلامية. ولكن ظل التحدي القومي حاضرا، فهل تقييم الثورة الإسلامية في إيران دولة إسلامية، أم دولة قومية إسلامية؟

    والفرق بينهما كبير.. فالدولة الإسلامية تستند على المرجعية الإسلامية، كمرجعية عليا حاكمة، وتعتبر القوميات جزءاً من الهويات الفرعية المشكلة لبناء الأمة الإسلامية. وإيران بداخلها العديد من القوميات، فإذا أقامت دولة إسلامية، سوف تصبح تلك القوميات والمذاهب، جزءاً من التنوع الداخلي، في إطار المرجعية الإسلامية.

    أما إذا أقامت الثورة الإسلامية دولة قومية إسلامية، فإنها بهذا تصبح دولة مستندة على المرجعية القومية والمذهبية في آن واحد. ويصبح للمذهبية والقومية نفس أهمية المرجعية الإسلامية، في تعريف الهوية. وهكذا تستند الدولة على عرق ومذهب، كما تستند على الدين، وتصبح نموذجا يتخلص من العلمانية، ولكنه لا يتخلص من النزعة القومية، بل ويضيف لها البعد المذهبي، مما يقوي من التميز القومي.

    والدولة الإسلامية تستند للمرجعية الإسلامية فقط، وهي بهذا تلتزم بالقيم السياسية الإسلامية، دون أن تلتزم بمصالح قومية معينة أو مذهب معين. ويبدو أن تلك كانت إحدى مشكلات الهوية داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد الثورة. ففي الداخل الإيراني كان هناك تنوع عرقي ومذهبي، ولم تستطع إيران في كل الوقت، التعامل مع هذا التنوع داخل إطار القيم الإسلامية، وكانت في بعض الأوقات تتعامل معه في إطار قومي مذهبي. وفي نفس الوقت، كانت بعض الأقليات العرقية أو المذهبية، تتعامل مع الدولة الإيرانية على أساس أنها دولة قومية، وتحاول التمرد عليها، أو الانفصال عنها.

    البعد المذهبي

    وقد دخلت إيران في مواجهات مع الدول المجاورة، وكان البعد المذهبي حاضرا فيها، مثل علاقتها مع أفغانستان في فترة حكم طالبان. فقد حضر البعد المذهبي في تلك العلاقة، رغم أن كلاً منهما كان يرفع شعار الدولة الإسلامية. ثم ظهرت علاقة إيران بالعراق بعد الاحتلال الأمريكي له، في صورة مذهبية. رغم أن الصورة الأولى للثورة الإيرانية الإسلامية، والتي قامت على مبدأ تصدير الثورة، كانت تقدم مشهدا ثوريا إسلاميا، يهدف لتحقيق تحول إسلامي في النظم السياسية في البلاد العربية والإسلامية.

    ومنذ اليوم الأول، أعلنت إيران موقفها المساند لكامل الحق الفلسطيني، وساندت حركات المقاومة، وفي البداية ساندت إيران منظمة التحرير الفلسطينية، ثم ابتعدت عنها مع تحول المنظمة للعملية السلمية، ثم ساندت إيران حركات المقاومة، خاصة الحركات الإسلامية، مثل حركة حماس، وهي حركة سنية. وهنا تؤكد إيران على موقفها الإسلامي، المتجاوز للقومية والمذهبية.

    يضاف لهذا، أن الثورة الإيرانية قوبلت بالعداء من معظم الدول العربية والإسلامية، خاصة تلك الدول التي ترتبط بالحلف الغربي، تحت القيادة الأمريكية، لذا لم تكن العلاقة بين دولة إيران الإسلامية والدول المحيطة بها، تسمح بالتفاعل الإيجابي، والذي يمكن أن يقوي البعد الإسلامي، على حساب البعد القومي.

    فالمناخ المحيط بإيران كان يدفعها لتعظيم البعد القومي المذهبي على حساب البعد الإسلامي، في العديد من المراحل والمواقف. ومن جانب آخر، يلاحظ أن البعد المذهبي قد قوى من حضور البعد القومي. فالارتباط بين المذهبية والقومية جعل القومية تحضر من خلال المذهبية، والمذهبية حضرت من خلال البعد الإسلامي، لهذا كانت الهوية الإسلامية لإيران تظهر نفسها في الصورة المذهبية، فإذ بها تكتسب الصورة القومية في النهاية.

    لذا يمكن القول إن إيران خرجت من العباءة العلمانية بالكامل، وخرجت من التبعية الغربية، ولم تخرج بالكامل من النموذج القومي. مما يعني أن أي تحولات تحدث في الدول القائمة تمر بمرحلة تستمر فيها النزعة القومية، والتي لا يمكن التخلص بالكامل منها.

    وتبقى المشكلة تتمثل في تلك المرحلة البينية الجديدة، والتي تفصل بين الدولة القومية العلمانية الخاضعة للغرب والدولة الإسلامية المستقلة حضاريا والعابرة للقومية، وهي مرحلة الدولة القومية الجديدة التي تخرج من المظلة الغربية، وتواجه النزعة القومية أو حالة التفكك، ويكون عليها الخروج من تلك النزعة القومية التي أسست لتفكك الأمة، أو البقاء في تلك الحالة، فتعيد تكريس تفكك الأمة من جديد.

    تركيا القومية.. إسلامية

    مع التجربة الممتدة للتيار الإسلامي في تركيا، والتي حاول فيها اختراق الطبقة السياسية والوصول للحكم، تحت عناوين مختلفة ليس من بينها العنوان الإسلامي، لأنه مجرم بحكم العلمانية الطاغية، وصل حزب العدالة والتنمية التركي إلى الحكم بأغلبية مريحة في عام 2002، وتكررت تلك الأغلبية، مما سمح له بالوجود المستقر في الحكم.

    وحزب العدالة والتنمية، حاول تحويل تركيا المنعزلة والتابعة والضعيفة، إلى تركيا القوية والمؤثرة والفاعلة، ولكنه احتفظ بالنموذج القومي العلماني، واحتفظ أيضا بالعلاقات مع الغرب. وهنا نرى محاولة أخرى لتحقيق التغيير والإصلاح، من داخل النموذج القومي العلماني، بكل ما يعنيه من ارتباط بالدول الغربية.

    فلم يجد حزب العدالة والتنمية أي مفر يسمح له بالخروج من نموذج الدولة القومية، ولم يجد أيضا مهربا من المرجعية العلمانية، فأصبحت الدولة القومية العلمانية هي الممر لتحقيق التقدم وبناء الدولة القوية. ولكن حلم بناء الدولة القوية الحديثة من خلال النموذج القومي العلماني، هو نفس حلم حركات التحرر الوطني في منتصف القرن العشرين، ولكن حزب العدالة والتنمية لم يجد طريقا آخر. وكأن الإصلاح والتغيير لن يتحقق إلا من خلال الدولة القائمة أولا، حتى يمكن تجاوز نموذج الدولة القائمة، إلى نموذج آخر، يمهد لإعادة بناء النموذج الإسلامي للدولة.

    ولكن هذه التجربة قد تعني أيضا، أن عدم القدرة على استعادة الدولة الإسلامية، أصبحت مبررا لإعادة بناء الدولة القومية العلمانية ولكن بصورة ديمقراطية، وأكثر تقدما. وهنا نصبح بصدد محاولة لإعادة بناء النموذج الغربي للدولة، وهو النموذج الذي بناه الاستعمار في البلاد العربية والإسلامية، والذي سمح له بفرض هيمنته على المنطقة.

    دولة قومية وعلمانية

    ومرة أخرى نجد أنفسنا أمام نموذج يقوم على القومية، وأيضا على العلمانية، ويمثل مرحلة بينية، قد تعيد تكريس الوضع القائم قبلها، ولكن ربما بشروط أفضل، أي وضع الدول القومية المفككة الخاضعة للهيمنة الغربية، وقد تسمح بمرحلة انتقالية تمهد لبناء النموذج الإسلامي للدولة والقائم على الوحدة والعابر للقوميات.

    والمهم في تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا، أنه حاول تمرير سياسات ذات بعد إسلامي، أو مقبولة إسلاميا، من داخل الوعاء القومي العلماني، وهو بهذا قدم نموذجا مقابل النموذج الإيراني، الذي قام على الأسس الإسلامية، ومرر بعض السياسات القومية والمذهبية من خلال الوعاء الإسلامي. وفي مسار حزب العدالة والتنمية، سنجد موقفه من القضية الفلسطينية يمثل محاولة لتمرير سياسات مقبولة إسلاميا، ولكن من خلال دولة علمانية مرتبطة بالغرب، لا تستطيع الدفاع عن الحق الفلسطيني والعربي والإسلامي في كامل التراب الفلسطيني، ولكن تستطيع فضح الجرائم الإسرائيلية. وبهذا أصبحت التحولات يتم تمريرها من خلال الالتزام بالنموذج القومي العلماني للدولة التركية، مع تفكيك العلمانية المتطرفة والمؤسسات الحامية لها.

    وما زالت قومية

    إذن هذه محاولة أخرى لتحقيق قدر من التغيير في أوضاع الإقليم العربي الإسلامي، من خلال النموذج العلماني القومي القائم، وليس بالخروج عليه. وقد تعني تلك المحاولة، أن المرور إلى مرحلة تاريخية جديدة، يبدأ من داخل النموذج القائم لتغييره تدريجيا، حتى يتحول عن ما هو قائم، ويصبح نموذجا جديدا.

    وفي هذه الحالة، نكون بصدد مرحلة لإحياء أو تنشيط القومية، من أجل الخروج من الهيمنة الغربية. ولكن هذه المرحلة قد تطول، وتدخل المنطقة في مرحلة قومية جديدة، وقد تؤدي إلى المزيد من التفكك، وربما تشعل حروبا قومية، أو حروبا أهلية عرقية. وهذا يتوقف على مجمل القوى التي تدفع نحو الإصلاح، وتفاعلها مع القوى المهيمنة الخارجية والداخلية.

    فما زال النموذج القومي حاضرا، وهو النموذج الذي فكك الأمة، وكل محاولة للخروج منه، تبدأ من داخله وتبدأ به، وقد يؤدي هذا إلى انتكاسة تاريخية، أو يكون مرحلة بينية تؤدي إلى الخروج من النموذج القومي.

    منقول

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 2 أسابيع
رد 1
11 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
ردود 0
6 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 3 ديس, 2024, 02:18 ص
رد 1
15 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 3 ديس, 2024, 02:12 ص
رد 1
13 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 3 ديس, 2024, 02:04 ص
رد 1
16 مشاهدات
0 ردود الفعل
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
يعمل...